You are on page 1of 69

‫الفصل األول‪:‬المفهوم القانوني للزواج والخطبة‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف مدونة األسرة لعقد الزواج‬


‫عرفت مدونة األسرة الزواج في المادة الرابعة بأنه‪ " :‬ميثاق تراض وترابط شرعي‬
‫بين رجل وامرأة على وجه الدوام‪ ،‬غايته اإلحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة‪ ،‬برعاية‬
‫الزوجين طبقا ألحكام هذه المدونة"‪.‬‬

‫من خالل تحليل هذا التعريف نتبين النتائج التالية‪:‬‬

‫إن الزواج ميثاق تراض وترابط اقتباسا من القرآن الكريم " وأخذنا منكم ميثاقا‬ ‫‪-‬‬
‫غليظا" أي أنه عهد وثيق التماسك بين الرجل والمرأة على وجه الدوام وهو ليس تعاقدا على‬
‫مصلحة وال مال بل تعهد باالندماج بين الزوجين لبناء األسرة وتحمل أعبائها‪.‬‬
‫هذا الميثاق يرتكز على الرضى في تأسيس الزواج والموافقة الصريحة ويهدف‬ ‫‪-‬‬
‫إلى مقاصد تتمثل في العفاف واإلحصان وتأسيس أسرة مستقرة‪.‬‬
‫الحرص في هذه المدونة على المسؤولية المشتركة بين الزوجين لبيت الزوجية‬ ‫‪-‬‬
‫واألوالد‪ ،‬وذلك استجابة لما اقتضته الظروف المعاصرة نتيجة التغييرات العميقة التي همت‬
‫التكوين األسري والنظام االجتماعي سواء على المستوى المعرفي أو المادي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الخطبة‬


‫عرفت مدونة األسرة الخطبة في المادة ‪ 5‬كالتالي‪ " :‬الخطبة تواعد رجل وامرأة على‬
‫الزواج‪ .‬وتتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأية وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج‪،‬‬
‫ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا"‪.‬‬
‫وأهم ما يمكن تسجيله بالنسبة للتعريف القانوني للخطبة وفق منظور مدونة األسرة‬
‫الحالية أنها " تواعد" وليس وعدا فقط من جانب دون آخر وبذلك تتكرس المساواة حتى على‬
‫‪1‬‬
‫مستوى الخطبة التي تتم باالتفاق بين الخطيب وخطيبته ويتواعدان على إنشاء رسم الزواج في‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط الخطبة‬


‫تتمحور شروط جواز الخطبة في شرطين جوهريين ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬يجب أن تكون المرأة صالحة ألن يعقد عليها في وقت الخطبة‪.‬‬
‫وعلى هذا ال يجوز خطبة‪:‬‬
‫المرأة المحرمة على الرجل‪ :‬سواء كانت محرمة تحريما مؤبدا كاألم واألخت‬ ‫‪)1‬‬
‫والبنت‪ ...‬أو محرمة تحريما مؤقتا كامرأة في عصمة زوج آخر أو مشركة‪...‬‬
‫المرأة المعتدة‪ :‬ويقصد بها التي في فترة العدة بسبب وفاة الزوج أو بسبب‬ ‫‪)2‬‬
‫الطالق رجعيا كان أو بائنا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يجب أن ال تكون المرأة مخطوبة للغير‪ :‬فإذا كانت مخطوبة ال يجوز لخاطب آخر‬
‫خطبتها ودليل ذلك قوله "ص"المؤمن أخ المؤمن‪،‬فال يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه‪ ،‬وال‬
‫يخطب على خطبت أخيه حتى يذر"‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العدول عن الخطبة و الحقوق المرتبطة به‬


‫باعتبار الخطبة تواعد بين طرفين فانه من حيث األصل‬
‫ال يترتب أي أثر عن هذا العدول‪ ،‬لكن هناك بعض الحقوق ترتبط بهذا األخير وتتجلى‬
‫أساسا في ثالثة أمور مهمة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الحق في استرجاع الهدايا‬

‫‪2‬‬
‫طبقا للمادة الثامنة من مدونة األسرة‪ ،‬فإن لكل من الخاطب والمخطوبة الحق في استرداد‬
‫ما سبق أن دفعه من هدايا للطرف اآلخر بعينه أو بقيمته حسب األحوال‪ ،‬بشرط أن ال يكون‬
‫مقدم الهدايا هو الذي عدل عن الخطبة‪.‬‬
‫وبهذا تكون المدونة قد أخذت بالرأي المشهور في مذهب اإلمام مالك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحق في استرجاع الصداق المعجل‬
‫تعرضت مدونة األسرة لحكم الصداق الذي قد يقدمه الخاطب لخطيبته قبل كتابة رسم‬
‫الزواج ويقع العدول عن الخطبة‪ ،‬فنصت في المادة التاسعة على ما يفيد أن للخاطب الحق في‬
‫استرجاع ما قد يكون عجله من صداق ثابت‪ ،‬ألن الصداق ال يجب إال بالعقد وما دام العقد لم‬
‫يوجد فال تستحق المخط وبة شيئا من الصداق سواء كان العدول منه أو منها أو منهما معا‪،‬‬
‫ويتعين عليها رد المهر إما بعينه إن كان قائما أو بمثله إن كان من المثليات أو بقيمته يوم التسلم‬
‫إذا لم يكن من المثليات‪.‬‬
‫كما يحق لورثة الخاطب المتوفى في فترة الخطوبة استرداد الصداق المقدم قبل إبرام‬
‫العقد‪.‬‬
‫وتعرضت المادة التاسعة في فقرتها الثانية لحالة تصرف الخطيبة في مبلغ الصداق كما‬
‫إذا اشترت فراشا أو أجهزة منزلية أو لباسا أو حليا أوغيرها من األمور التي تتجهز بها قبل‬
‫الزفاف ثم يحصل العدول عن الخطبة‪ ،‬وتم تقرير األحكام التالية‪:‬‬
‫‪ -‬للخطيبة إرجاع المبل غ المقبوض من الصداق واالحتفاظ باألشياء التي اشترتها به‪.‬‬
‫‪ -‬إذا رفضت الخطيبة االحتفاظ بما حول إليه مبلغ الصداق‪ ،‬أمكن للخطيب حيازته بالمبلغ‬
‫الذي أنفق في شرائه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا رفض الخطيبان معا تسلم الجهاز بالمبلغ الذي أنفق فيه‪ ،‬وبيع بمبلغ أقل تحمل المتسبب‬
‫في فسخ الخطبة الفرق بين المبلغين‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحق في التعويض‬

‫‪3‬‬
‫إن العدول عن الخطبة يعتبر حقا يجوز لكل من الخطيبين استعماله متى شاء‪ ،‬ومن‬
‫يستعمل حقه بدون تعسف ال تجوز مقاضاته ومطالبته بالتعويض عن أي ضرر يكون قد لحق‬
‫الغير نتيجة استعمال هذا الحق‪ .‬لكن إذا كان للعادل عن الخطبة دخل في الضرر الذي أصاب‬
‫الطرف اآلخر بسبب العدول أمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض طبقا للقواعد العامة‪ ،‬كما لو‬
‫طالب خطيب خطيبته باالنقطاع عن الدراسة أو االستقالة من الوظيفة‪ ،‬أو تطلب المخطوبة من‬
‫خطيبها إعداد مسكن لبيت الزوجية أو االنتقال من مكان آلخر‪ ...‬ثم يحصل العدول في كلتا‬
‫الحالتين منه أو منها‪.‬‬
‫وهذا المقتضى أي الحق في التعويض مستجد جاءت به مدونة األسرة وسدت الفراغ‬
‫القانوني الذي كان موجودا في مدونة األحوال الشخصية السابقة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أركان وشروط عقد الزواج‬
‫المبحث األول‪ :‬أركان عقد الزواج‬
‫يبرم عقد الزواج بحصول التراضي بين طرفيه أي توافر اإليجاب والقبول الذي يطابقه‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف باإليجاب والقبول‬


‫ال يتصور وجود عقد زواج مطلقا بدون زوجة وزوج وهو ما أكد عليه المشرع في‬
‫المادة ‪ 4‬من م‪ .‬أ‪.‬‬

‫عقد الزواج ال ينعقد إال بتراضي طرفيه الزوج والزوجة على إبرامه‪ ،‬وهذا التراضي‬
‫يظهر من خالل صيغة واضحة تدل عليه ويتحلل التراضي في الواقع من األمر إلى إيجاب‬
‫وقبول مطابق له يمثل رضا كل طرف بالزواج من اآلخر‪ ،‬ولذلك جرى الفقه الحديث على‬
‫تعريف العقد بأنه تطابق إرادتين من أجل إحداث أثر قانوني معين إعماال له‪ ،‬ويتمثل األثر‬
‫القانوني هنا في إنشاء العالقة الزوجية المشروعة بين رجل وامرأة طبقا ل م‪.‬أ‪.‬‬

‫اإل يجاب هو ما صدر أوال من أحد العاقدين للداللة على إرادة إنشاء عقد الزواج ورضاه‬
‫به‪ .‬والقبول هو ما صدر ثانيا من العاقد اآلخر للداللة على موافقته ورضاه بما أوجبه األول‪.‬‬
‫فقد ي كون الموجب هو الزوج أو وليه أو وكيله‪ ،‬كأن يقول الرجل للمرأة تزوجتك أو أريد الزواج‬
‫بك‪ ،‬فتقول له قبلت‪ ،‬وقد يكون الموجب هو الزوجة أو وليها أو وكيلها‪ ،‬وهنا يكون القابل هو‬
‫الزوج أو وليه أو وكيله‪ ،‬كما لو قالت المرأة للرجل زوجت لك نفسي فيقول لها قبلت ذلك‪.‬‬
‫واألصل في اإليجاب والقبول أن يكونا باللفظ‪ ،‬وعند العجز عن النطق لمرض أو لعاهة‬
‫تقوم الكتابة مقام اللفظ‪ ،‬وإذا كان المتعاقد عاجزا عنهما فإن العقد ينعقد باإلشارة المفهومة من‬
‫الطرف اآلخر ومن الشاهدين ( الفقرة الثانية من المادة ‪.)10‬‬

‫‪5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط اإليجاب والقبول‬
‫الفقرة األولى‪ :‬يجب أن يكون اإليجاب والقبول متطابقين وفي مجلس‬
‫واحد‬

‫في عقد الزواج يجب أن يتوافق القبول مع اإليجاب أي أن يعلن القابل موافقته على‬
‫اإليجاب كما عرضه الموجب دون رفض أو زيادة أو نقصان‪ ،‬وإذا خالف القبول اإليجاب لم‬
‫ينعقد الزواج‪ ،‬مثال ذلك إذا أبدا رجل رغبته في الزواج بامرأة شريطة االنقطاع عن العمل‪،‬‬
‫فجاء القبول بالزواج مع رفض شرط االنقطاع عن العمل الذي يعد إيجابا جديدا يحتاج إلى‬
‫قبول‪ ...‬وهكذا‪.‬‬
‫أما المجلس الواحد فيتحقق بالحيز المكاني الواحد الذي يجتمع فيه الطرفان ويقدم أحدهما‬
‫إيجابه والثاني قبوله أمام الشاهدين العدلين ودون أن يفصل بينهما ما يعتبر في العرف إعراضا‬
‫عن اإليجاب ورفضا له‪ ،‬كالخوض بين اإليجاب والقبول في حديث أجنبي عنهما‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬يجب أن يكون اإليجاب والقبول باتين غير مقيدين بأجل‬
‫أو شرط واقف أو فاسخ‬

‫أوال‪ :‬عدم التعليق على أجل أو شرط‬


‫يشترط في اإليجاب والقبول عدم اإلضافة إلى زمن مستقبل وعدم التعليق على شرط‬
‫غير واقع في الحال‪ ،‬فعقد الزواج إما أن ينجز حاال أو ال يتحقق أصال‪.‬‬
‫ذلك أن األجل والشرط الواقفان أو الفاسخان من الشروط المخالفة ألحكام عقد الزواج‬
‫تبطل عند وجودها ويصح العقد‪ ،‬و كل الشروط المخالفة ألحكام العقد ومقاصده تعتبر باطلة‬
‫والعقد صحيحا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شرط التأبيد في الزواج‬

‫‪6‬‬
‫نصت المادة الرابعة من المدونة على أن " الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين‬
‫رجل و امرأة على وجه الدوام‪ "..‬فالصيغة جاءت مؤبدة غير مؤقتة ألن جمهور الفقهاء أفتوا‬
‫بتحريم زواج المتعة والزواج المؤقت‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإليجاب والقبول المشوبين بعيب من عيوب‬


‫الرضى‬
‫نصت المادة ‪ 63‬من المدونة على ما يلي‪":‬يمكن للمكره أو المدلس عليه من الزوجين‬
‫بوقائع كان التدليس بها هو الدافع إلى قبول الزواج أو اشترطها صراحة في العقد‪ ،‬أن يطلب‬
‫فسخ الزواج قبل البناء وبعده خالل اجل ال يتعدى شهرين من يوم زوال اإلكراه‪ ،‬ومن تاريخ‬
‫العلم بالتدليس مع حقه في طلب التعويض"‬
‫أوال‪ :‬اإلكراه‬
‫عرفه الفصل ‪ 46‬من قانون االلتزامات والعقود بأنه" إجبار يباشر من غير أن يسمح به‬
‫القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون رضاه"‪.‬‬
‫وفي مجال الزواج والطالق يرى الفقهاء عدم جواز إكراه أحد الزوجين لآلخر على‬
‫الزواج به أو إكراهه على توقيع الطالق عليه استنادا لحديث الرسول "ص" "رفع عن أمتي‬
‫الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"‪.‬‬
‫وبهذا أخذت مدونة األسرة‪ ،‬بحيث سمحت للطرف المتضرر من اإلكراه أن يطلب من‬
‫المحكمة فسخ عقد الزواج خالل شهرين من تاريخ زوال مصدر اإلكراه مع إمكانية المطالبة‬
‫بالتعويض عن األضرار التي قد تنجم عن هذا اإلكراه ( المادة ‪ 63‬من المدونة)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التدليس‬
‫هو استعمال الطرق االحتيالية بقصد إيقاع المتعاقد اآلخر في غلط يدفعه إلى التعاقد‪.‬‬
‫ويطلق عليه أيضا اسم التغرير"‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫والتدليس الذي يمارسه أحد الزوجين إلخفاء عيب عن الزوج اآلخر يخول للطرف‬
‫المتضرر من التدليس حق المطالبة بفسخ عقد الزواج‪ -‬كما تقضي بذلك مدونة األسرة في المادة‬
‫‪ 12‬التي تحيل على المادتين ‪ 63‬و ‪ -66‬داخل أجل شهرين من تاريخ العلم بالتدليس مع إمكانية‬
‫المطالبة بالتعويض كما هو الحال بالنسبة لعيب اإلكراه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شروط عقد الزواج‬


‫حددت المادة ‪ 13‬من مدونة األسرة خمسة شروط من الواجب توافرها في عقد الزواج‬
‫سنذكرها في المطالب التالية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األهلية في عقد الزواج‬


‫المشرع حدد سنا معينة للزواج واشترط في الزوجين ملكة العقل كقاعدة لكن أورد على‬
‫هذه األخيرة استثناءات‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهلية إبرام عقد الزواج‬

‫يشترط المشرع لصحة عقد الزواج أن يكون كل من طرفي العقد وهما الزوج والزوجة‬
‫عاقال وبالغا سن الرشد كما حددته المادة ‪ 209‬م‪.‬أ‪ ،‬وفائدة ذلك أن الزواج عقد خطره يقتضي‬
‫من المقدم عليه أن يعقل ذلك الخطر‪.‬‬

‫فالزواج هو تصرف قانوني له أهمية خاصة قبل كل شيء وهو تصرف يحمل الزوج‬
‫تبعات مالية هامة‪ ،‬ألنه يلزمه بدفع مبلغ الصداق‪ ،‬وتجهيز بيت الزوجية‪ ،‬واإلنفاق على الزوجة‬
‫بعد البناء بها مباشرة‪ ،‬والقاعدة في التشريع أن من لم يبلغ سن الرشد أي ‪ 18‬سنة يحجز عليه‬
‫من الناحية المالية بسبب صغر سنه‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وعلى أن الزواج يحمل الزوجين مسؤوليات أخرى ال عالقة لها بالمال تفرض عليهما‪،‬‬
‫على األقل أن يكونا راشدين‪ ،‬يدركان معنى الزواج يفهمان آثاره والمسؤوليات التي تترتب‬
‫عليه‪ ،‬بل ويقومان بها على الوجه المطلوب شرعا وقانونا‪.‬‬

‫وحدت مدونة األسرة سن الزواج في ‪ 18‬سنة للفتى والفتاة مع إمكانية النزول عن هذه‬
‫السن إذا دعت الضرورة إلى ذلك تحت مراقبة القضاء‪ ،‬خالفا لمدونة األحوال الشخصية السابقة‬
‫التي كانت تميز بين أهلية زواج الفتى المحددة في ‪ 18‬سنة و بين أهلية زواج الفتاة التي كانت‬
‫بتمام ‪ 15‬سنة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الزواج دون سن األهلية‬

‫طبقا للمادة ‪ 20‬من مدونة األسرة‪ ،‬يجوز زواج الفتى أو الفتاة دون سن ‪ 18‬سنة‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 19‬إذا توافرت الشروط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬موافقة وإذن قاضي األسرة بزواج الفتى أو الفتاة‬
‫ثانيا‪ :‬يتعين على القاضي بيان األسباب الداعية إلى السماح بهذا الزواج كالخوف من‬
‫الوقوع في الرذيلة أو وجود مصلحة عائلية أو مالية أو ‪...‬الخ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يتعين على قاضي األسرة قبل اإلذن بالزواج دون السن القانونية أن يستمع ألبوي‬
‫القاصر أو نائبه الشرعي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬يتعين على قاضي األسرة أن يأمر بإجراء خبرة طبية للتأكد من مدى قدرة الفتى‬
‫أو الفتاة على تحمل األعباء المادية والمعنوية الناجمة عن الزواج أو إجراء بحث إجتماعي‪.‬‬
‫إن قرار القاضي بالزواج دون ال سن القانونية قابل للتنفيذ بمجرد صدوره وال يقبل أي طعن‪،‬‬
‫أما القرار بالرفض فيكون قابال للطعن طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬زواج المصاب بإعاقة ذهنية‬

‫أجازت مدونة األسرة زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية طبقا للمادة ‪ 23‬إذا توافرت‬
‫الشروط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬يجب أن يأذن قاضي األسرة المكلف بالزواج بذلك حتى ولو كان الفتى أو الفتاة‬
‫المصابة باإلعاقة الذهنية قد تجاوز سن ثمان عشرة سنة ما دامت أهليته ناقصة وفق المادة ‪.19‬‬
‫ثانيا‪ :‬يجب أن يبني قاضي األسرة إذنه بالزواج على وجود تقرير طبي يحدد نوعية‬
‫اإلعاقة ودرجة خطورتها مع بيان إمكانية زواجه من عدمها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يجب على القاضي عرض هذا التقرير على الطرف اآلخر الذي يجب بالضرورة‬
‫أن يكون راشدا وكامل األهلية قصد االطالع عليه‪.‬‬
‫راب عا‪ :‬يجب صدور موافقة الطرف اآلخر الغير المصاب باإلعاقة بشكل صريح وفي‬
‫وثيقة رسمية دالة على الموافقة والرضى بالزواج بالطرف المصاب باإلعاقة مع تضمين ذلك‬
‫في محضر رسمي يتم التوقيع عليه‪ ،‬وذلك تفاديا ألي منازعة أو ادعاء بعدم العلم بالحالة‬
‫المرضية‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬األهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي‬

‫من مستجدات مدونة األسرة ما نصت عليه المادة ‪ 22‬حيث أعطت الحق للفتى والفتاة‬
‫المأذون لهما بالزواج دون سن الثامنة عشر في اكتساب األهلية لممارسة الحقوق وااللتزامات‬
‫الناجمة عن عقد الزواج بمجرد إبرام العقد‪ ،‬بحيث إن هذه األهلية تخول لهما رفع دعاوى‬
‫قضائية بالنسبة لكل القضايا المتعلقة باآلثار الناجمة عن عقد الزواج من حقوق والتزامات‪.‬‬
‫يمكن للمحكمة بطلب من أحد الزوجين المأذون له بالزواج أن تبت في دعوى النفقة أو‬
‫طريقة أدائها ( كتقدير النفقة الشهرية أو السنوية‪ )...‬دون أن تتمسك‪-‬المحكمة‪ -‬بالسن القانوني‬
‫للزوج المأذون له‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عدم االتفاق على إسقاط الصداق في عقد‬
‫الزواج‬
‫اعتبرت المادة ‪ 13‬من بين شروط عقد الزواج عدم االتفاق على إسقاط الصداق كان‬
‫يشترط الزوج عدم أدائه بصفة نهائية‪ ،‬ألن الصداق كما يرى بعض الفقهاء من النظام العام ال‬
‫يجوز لألفراد االتفاق على مخالفته‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية الصداق‬

‫أوال‪ :‬تعريف الصداق والدليل على وجوبه‬


‫طبقا للمادة ‪ 26‬من مدونة األسرة الصداق هو " ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة‬
‫في عقد الزواج وإنشاء أسرة مستقرة‪ ،‬وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين‪ ،‬وأساسه‬
‫الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية وليس قيمته المادية"‪.‬‬
‫وفقا لهذه المادة‪ ،‬المهر ليس ثمنا لحل االستمتاع وال عوضا كما ذهب إلى ذلك بعض‬
‫الفقهاء‪ ،‬وإنما هو عطاء وبذل يتكرم به الزوج على زوجته‪.‬‬
‫والدليل على وجوب الصداق قوله تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن ‪ "....‬أي عطية من‬
‫هللا للنساء بدون مقابل‪ ،‬وقوله تعالى " وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير‬
‫مسافحين فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة" وهذا دليل على وجوب الصداق‪.‬‬
‫أما في السنة فق د ورد أن النبي " ص" تزوج وزوج بناته على الصداق ولم يتركه في‬
‫النكاح مع أن هللا أباح له الزواج بدون مهر‪ ،‬وقد قال للرجل الذي أراد الزواج وليس معه مال‪":‬‬
‫التمس ولو خاتما من حديد"‪.‬‬
‫وكذلك انعقد إجماع المسلمون على أن المهر حق للزوجة على زوجها‪.‬‬
‫اختلف أئمة الفقه اإل سالمي حول حكم الصداق‪ ،‬فبينما اعتبره الملكية والظاهرية شرط‬
‫صحة بالنسبة لعقد الزواج ال يصح إال باإلتفاق عليه‪ ،‬اعتبره الجمهور آثرا من آثار ذلك‬
‫العقد فقط‪ ،‬وينتج عن ذلك أن الزواج عندهم يقع صحيحا مرتبا لكل آثاره‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫حيث تستحق المرأة صداق المثل بعد أن ينبني وقد التزم المشرع رأي المالكية بالنسبة‬
‫لشرط الصداق عندما نص الفصل ‪ 5‬من م ح ش الملغاة على أنه" البد من تسمية مهر‬
‫الزوجة وال يجوز العقد على إسقاطه"‪.‬‬
‫وربما رفعا للحرج الذي يشعر به بعض الراضيين في الزواج من ذوي الدخل المحدود‪.‬‬
‫اكتفى المشرع بالنص على وجوب "عدم االتفاق على إسقاطه" ومعنى ذلك من الناحية‬
‫القانونية أن سكوت الزوجين عن الصداق ال يفسد عقد الزواج وإنما الذي يفسده من‬
‫الناحية القانونية هو التفاق صراحة على الزواج بدون صداق‪ ،‬ويؤكد المشرع موقفه‬
‫هذا عندما نص ثانية في المادة ‪ 67‬من م‪.‬أ على أن عقد الزواج يتضمن ما يلي"‪ :‬مقدار‬
‫الصداق في حال تسميته مع بيان المعجل منه والمؤجل‪ ،‬وهل قبض عيانا أو اعترافا"‬
‫وتفيد عبارة حال تسميته أنه قد ال يسبق في الرسم الذي يتضمن عقد الزواج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقدار الصداق‬
‫حث النبي "ص" على عدم المغاالة في المهر‪ ،‬وال أدل على ذلك أن الرسول ص قال‬
‫" أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة"‪ ،‬كما أن عمر بن الخطاب "ض" عندما أراد أن يحدد أعلى‬
‫مهر قال " ال تغالوا في صدقات النساء"‬
‫فهذه األحاديث تحث على عدم المغاالة في الصداق وفي نفس الوقت تؤكد على أنه ال‬
‫حد أدنى وال أقصى للصداق‪ ،‬وهذا ما أخذت به المدونة حيث جعلت أساسه الشرعي في قيمته‬
‫المعنوية أو الرمزية وليس قيمته المادية(المادة‪.)26‬‬
‫ثالثا‪ :‬ما يصلح أن يكون صداقا‬
‫استنادا إلى المادة ‪ 28‬من مدونة األسرة التي جاءت كالتالي " كل ما صح التزامه شرعا‬
‫صلح أن يكون صداقا" فان األشياء التي تصلح بأن تكون مهرا في عقد الزواج هي‪:‬‬
‫األمول‪ :‬يقصد بها األشياء المادية التي لها قيمة اقتصادية كالنقود والذهب‪ ،‬أو كان عقارا‬ ‫‪-1‬‬
‫كقطعة أرضية أو منزل أو كان منقوال كسيارة أو قطيع من الغنم‪...‬‬

‫‪12‬‬
‫كما يقصد باألموال الخدمات والحقوق المعنوية المقومة بالمال‪ .‬مثل استعمال سيارة الزوج أو‬
‫استغالل أرض أو منزل باإليجار‪ ،‬أو يتولى الدفاع عنها في قضية أمام القضاء‪...‬‬
‫المنافع التي ال تقدر بمال‪ :‬كأن يجعل الزوج مهر زوجته بأن ال يتزوج عليها او بأن‬ ‫‪-2‬‬
‫تبقى مع أهلها وما شابه ذلك‪ ،‬فهذه المنافع ال تصلح بأن تكون مهرا عند جمهور الفقهاء ألنها‬
‫ال تقدر بمال وإن كانت تشكل منفعة للزوجة‪ ،‬لكن مدونة األسرة نصت في المادة ‪ 28‬على أن‬
‫مثل هذه ا لمنافع يصح أن تكون مهرا وإن كانت ال تقوم بمال ما دام يصح االلتزام بها شرعا‪.‬‬

‫وعليه ال يصلح أن يكون مهرا كل ما ال يتقوم بمال في ذاته كالميتة أو كان ماال ولكنه غير‬
‫متقوم في حق المسلم كالخمر‪ ،‬وال يصح المهر أيضا إذا كان غير مقدور على تسليمه كالضائع‬
‫وما ليس في الحيازة كالطير في الهواء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع الصداق‬

‫أوال‪ :‬الصداق المسمى‬


‫هو الذي اتفق عليه الطرفان في العقد نقودا أو ذهبا أو منفعة شيء أو ما إلى ذلك من‬
‫األشياء التي تصلح أن تكون صداقا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬صداق المثل‬
‫يقصد به الصداق الذي يدفع للمرأة التي تماثل الزوجة من أسرة أبيها‪ ،‬أو ما يدفع عادة‬
‫صداقا لمثيالتها من نساء أهلها‪ .‬ويؤخذ في هذه المماثلة بعين االعتبار السن والجمال والتدين‬
‫والتعليم والعقل وكونها ولودا أو عقيما‪ ...‬الخ‪ .‬فا ن لم توجد من تماثلها في أسرة أبيها في‬
‫األوصاف اعتبر مهر المثل مهر امرأة من أهل بلدها تماثل أسرة أبيها‪.‬‬
‫ويجب مهر المثل للزوجة في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا سمي للزوجة صداق مما ال يصح االلتزام به شرعا كالخمر أو كان مما ال يصح‬
‫االنتفاع به شرعا‪ ،‬فإذا حصل الدخول بالزوجة فإنها تستحق صداق المثل‪ ،‬وقبل‬
‫الدخول يفسخ العقد وال تستحق الزوجة شيئا من الصداق‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ -‬في حالة نكاح التفويض‪ ،‬ويكون التفويض عندما يخول الطرفان المتعاقدان مسالة تحديد‬
‫المهر ألحدهما أو للغير‪ ،‬فإذا فوضت الزوجة أو الولي للزوج تقدير الصداق وتعسف‬
‫في التقدير وأعطى لها صداقا يقل عن صداق أمثالها‪ ،‬فإن الزوجة تستحق حتما صداق‬
‫المثل‪.‬‬
‫‪ -‬حالة السكوت ع ن الصداق أثناء إبرام العقد وعدم التعرض له نهائيا‪ ،‬حيث تستحق‬
‫الزوجة صداق المثل‪ ،‬فالذي يفسد الزواج هو االتفاق على إسقاط الصداق‪ ،‬أما السكوت‬
‫فال يضر وهو أمر جائز في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬أحوال الصداق ( متى تستحق الصداق)‬

‫طبقا للمادة ‪ 32‬من م‪.‬أ إما ان تستحق الزوجة الصداق كله أو تستحق نصف الصداق أو‬
‫ال تستحق شيئا حسب األحوال التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬استحقاق الزوجة الصداق كله‬
‫تستحق الزوجة الصداق كله بالبناء أو الموت قبلها‪.‬‬
‫‪ -1‬استحقاق الزوجة للصداق كامال‪:‬‬
‫أ‪ -‬بالدخول الحقيقي‪:‬‬
‫ويقصد بالدخول أو البناء الحقيقي االتصال الزوجي الذي يعبر عنه الفقه بمصطلح‬
‫"المسيس"‪.‬فبمجرد أن يجامع الزوج زوجته بعد العقد ولو قبل إقامة حفل الزفاف يجب‬
‫عليه الصداق كامال لقوله تعالى"فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن فريضة"‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدخول الحكمي‪:‬‬
‫هي الخلوة الصحيحة وهي تقوم مقام الدخول ‪ -‬طبقا لما أقره الحنفية والحنابلة‪ -‬وتؤكد‬
‫وجوب الصداق بأكمله على الزوج في الزواج الصحيح سواء وقع االستمتاع حقيقة أم لم‬
‫يقع‪ .‬أما اإلمام مالك يرى بأن الخلوة الصحيحة ال يتأكد بها وجوب الصداق كله للزوجة‬
‫فهي تستحق فقط نصفه‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -2‬موت أحد الزوجين‬
‫يعد موت أحد الزوجين سببا الستحقاق المهر كله‪ ،‬سواء كان العقد صحيحا أو فاسدا وسواء‬
‫تم البناء أو لم يتم‪ ،‬فإذا مات الزوج أخذت الزوجة الصداق كله ويبدأ بتسديد الصداق عند‬
‫توزيع التركة ألنه يعتبر من الديون‪ .‬وإذا ماتت الزوجة قبل زوجها أخذ ورثتها ذلك المهر‪،‬‬
‫ويأخذ الزوج نصيبه منه ألنه وارث ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬استحقاق الزوجة لنصف الصداق‬
‫تستحق الزوجة نصف الصداق في حالة واحدة وهي طالق الزوج لزوجته قبل‬
‫الدخول اختيارا وكان الزوج قد فرض لها صداقا مسمى معلوما‪ ،‬وكان عقد الزواج صحيحا‪.‬‬
‫فإن الزوجة في هذه الصورة تستحق نصف الصداق لقوله تعالى " وإن طلقتموهن من قبل أن‬
‫تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم استحقاق الزوجة للصداق‬
‫ال تستحق الزوجة أي صداق في الحاالت الثالث اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا طلقها الزوج قبل الدخول وقبل أن يسمي لها صداقا‪.‬‬
‫‪ -‬إذا طلقها الزوج قبل الدخول وكان الطالق بغير اختيار الزوج‪ ،‬كما إذا اتضح له بان‬
‫الزوجة فيها عيب يعطيه الحق في الرد أو ردته هي لعيب فيه قبل الدخول‪.‬‬
‫‪ -‬إذا فسخ النكاح قبل الدخول‪ ،‬ويقصد بالفسخ كل فراق يراد به نقض العقد إما لسبب‬
‫قديم أو لسبب طارئ يمنع بقاءه كما إذا تزوج الشخص بأخته من الرضاع‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬تعجيل الصداق وتأجيله‬

‫الصداق المعجل هو الذي يتفق الطرفان على أدائه عند العقد أو قبل الدخول‪ ،‬ويسمى‬
‫بمقدم الصداق‪ ،‬كما يطلق عليه الفقهاء " النقد"‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أما الصداق المؤجل فهو الذي اتفق الطرفان على أدائه بعد الدخول‪ ،‬ويسمى أيضا‬
‫بمؤخر الصداق أو الكالئ‪.‬‬
‫وقد تطرقت المدونة إلى حكم هذين النوعين من الصداق وذلك في المادة ‪ 30‬كالتالي‪:‬‬
‫" يجوز االتفاق على تعجيل الصداق أو تأجيله إلى أجل مسمى كال أو بعضا"‪ ،‬فتعجيل الصداق‬
‫قبل الدخول هو حق للمرأة يجوز لها التنازل عنه(المادة‪.)29‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬اختالف الزوجين حول الصداق‬

‫قد تنكر الزوجة أنها تسلمت الصداق بكامله أو تدعي أن جزءا منه الزال في ذمة‬
‫الزوج كمؤخر الصداق‪ ،‬وهذا النزاع حول قبض الصداق من عدمه قد يكون قبل البناء أو بعده‪،‬‬
‫والمادة ‪ 33‬من المدونة ميزت بين الصداق المعجل والصداق المؤجل‪ ،‬فبالنسبة للمعجل القول‬
‫قول الزوجة قبل البناء‪ ،‬والقول قول الزوج بعد البناء‪ ،‬وأساس هذا الحكم في الحالتين هو أن‬
‫الغالب أداء الصداق قبل البناء‪ ،‬وهذا الغالب هو الذي يؤيد ادعاء الزوجة في الحالة األولى‪،‬‬
‫وادعاء الزوج في الحالة الثانية‪ ،‬لكن يمكن للمحكمة اعتماد قرائن أخرى قد تراها مفيدة سواء‬
‫كانت لصالح الزوجة أو الزوج‪.‬‬
‫أ ما االختالف في قبض الصداق المؤجل فإن عبء اإلثبات يقع على الزوج بحيث‬
‫تستحق الزوجة الصداق المؤجل بمجرد عجز الزوج عن إثبات أدائه‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬موافقة الولي على زواج القاصر ( الوالية)‬


‫تطلق الوالية في االصطالح الفقهي على السلطة الشرعية التي تجعل لصاحبها القدرة‬
‫على مباشرة وإنشاء العقود والتصرفات ونفاذها سواء في حق نفسه أو في حق غيره‪.‬‬
‫والوالية قسمان‪ :‬والية على المال ووالية على النفس‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وموضوع دراستنا هو الوالية على النفس ألنها هي التي تتصل بالزواج‪ ،‬وهذه الوالية‬
‫على نوعين‪ :‬والية اإلجبار وهي التي تخول الولي الحق في أن يزوج المولى عليه دون أخذ‬
‫رضاه وموافقته‪ ،‬ووالية اختيار أو استجابة وهي التي ال اجبار فيها‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من الوالية على المرأة‬


‫لقد اختلف الفقهاء في ثبوت والية البالغة على نفسها وعلى غيرها‪ ،‬وينحصر هذا‬
‫االختالف الفقهي في رأيين أساسيين‪:‬‬
‫الرأي األول للجمهور‪ :‬ويذهب إلى القول بأن المرأة ال يجوز لها أن تبرم عقد الزواج‬
‫لنفسها وال لغيرها مطلقا‪ ،‬بكرا كانت أو ثيبا‪ ،‬وإذا أبرمت العقد فهو فاسد يفسخ قبل الدخول‬
‫وبعده‪ ،‬واستدل الجمهور بالكتاب والسنة‪ .‬ودليلهم من الكتاب قوله تعالى" وأنكحوا األيامى منكم‬
‫والصالحين من عبادكم وامائكم" ووجه االستدالل في اآلية أن الخطاب موجه إلى الرجال وهم‬
‫األولياء‪ ،‬فيكون الخطاب مقتصرا عليهم دون سواهم‪.‬‬
‫أما من السنة فهناك أحاديث كثيرة وردت في هذا الموضوع منها‪ ،‬قوله ص " ال تزوج‬
‫المرأة المرأة وال تزوج المرأة نفسها‪ ،‬فان الزانية هي التي تزوج نفسها"‪.‬‬
‫الرأي الثاني لألحناف‪ :‬ذهب إلى القول بان المرأة البالغة العاقلة يحق لها أن تباشر عقد‬
‫الزواج لنفسها‪ ،‬كما أن لها أن تتولى عقد زواج غيرها سواء كانت بكرا أو ثيبا‪ ،‬واستدل الحنفية‬
‫على ما ذهبوا إليه بالكتاب والسنة‪ .‬ودليلهم من الكتاب قوله تعالى " فإن طلقها فال تحل له من‬
‫بعد حتى تنكح زوجا غيره" ووجه االستدالل أن هللا تعالى أسند النكاح إلى المرأة‪ ،‬واألصل في‬
‫الفعل أن يكون لل فاعل الحقيقي دون التوقف على إذن الولي وال مباشرته للعقد‪.‬‬
‫وأما دليلهم من السنة قوله " ص" " االيم أحق بنفسها من وليها‪ ،‬والبكر تستأذن في‬
‫نفسها وإذنها صماتها"‬

‫‪17‬‬
‫يتبين من مناقشة األدلة التي اعتمد عليها كل فريق انها ال تفيد قطعا وجود حكم ثابت‬
‫للوالية في الزواج بس بب عدم وجود نص صريح في القرآن أو حديث ثابت عن الرسول "ص"‬
‫يقرر حكم الوالية بعبارة واضحة ال تقبل التأويل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تطور والية الزواج في التشريع المغربي‬


‫كانت مدونة األحوال الشخصية لسنة ‪ 1957‬جد متأثرة بمذهب اإلمام مالك بالنسبة‬
‫لموضوع الوالية في الزواج‪ ،‬بحيث ال تباشر المرأة العقد ولكن تفوض لوليها بأن يعقد الزواج‬
‫أمام الشاهدين العدلين‪ ،‬وهكذا كان الفصل ‪ 12‬من المدونة يشترط الوالية على المرأة في الزواج‬
‫سوا كانت بكرا أو ثيبا‪ ،‬رشيدة أو غير رشيدة لها أب أم ال أب لها‪ ...‬الخ‪ .‬وكان يأخذ بوالية‬
‫اإلجبار في الحالة الت ي يخاف على المرأة من الفساد إذ أجاز المشرع للولي استصدار أمر من‬
‫القاضي بتزويجها رغما عنها عندما يتأكد هذا األخير من ادعاءات الولي ومن كفاءة الزوج‪.‬‬
‫وفي تعديل ‪ ،1993‬ألغت مدونة األحوال الشخصية صراحة والية اإلجبار وحاولت‬
‫أن تجعل من الوالية في الزواج مسالة شكلية ليس إال‪ ،‬إذ ال يكتب الشاهدان العدالن وثيقة‬
‫الزواج إال بعد التأكد من حصول رضاها وموافقتها‪ ،‬كما أنها توقع على ملخص عقد الزواج‬
‫حيث تتطلع على بنوده‪.‬‬
‫واستثناء أجازت المدونة وفقا لتعديل ‪ 1993‬للمرأة الرشيدة‪ ،‬وال أب لها أن تبرم عقد‬
‫زواجها بنفسها دون حاجة إلى ولي أو أن توكل من تشاء من األولياء‪.‬‬
‫أما مدونة األسرة فقد نصت في المادة ‪ 24‬على أن " الوالية حق للمرأة تمارسه الراشدة‬
‫حسب اختيارها ومصلحتها"‪.‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 25‬على أنه‪ " :‬للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها‪ ،‬أو تفوض ذلك ألبيها‬
‫أو ألحد أقاربها"‪.‬‬
‫ولعل من أهم التعديالت الجوهرية التي عرفتها مدونة األسرة هو أن الوالية أصبحت‬
‫حقا للمرأة بقوة القانون‪ ،‬وذلك بمجرد بلوغها سن الرشد وأصبحت كالرجل تمارس هذه الوالية‬

‫‪18‬‬
‫حسب اختيارها ومصلحتها ودون الخضوع ألي مراقبة أو موافقة‪ ،‬فلها أن تعقد على نفسها أو‬
‫تفوض ذلك ألبيها أو أحد أقاربها دون تحديد لدرجته‪.‬‬
‫لكن الوالية تبقى مفروضة في حالة زواج القاصر‪ ،‬إذ تشترط المادة ‪ 21‬من المدونة‬
‫موافقة النائب الشرعي المحدد في المادة ‪،230‬وفي حالة امتناعه عن تزويج القاصر الذي هو‬
‫تحت واليته‪ ،‬فان لهذا األخير رفع طلب اإلذن له بالزواج مباشرة إلى قاضي األسرة المكلف‬
‫بالزواج والذي عليه أن يبت فيه وفق اإلجراءات المنصوص عليها في المادة‪ .20‬كما أن زواج‬
‫الفتى و الفتاة دون السن القانونية للزواج يقتضي االستماع ألبوي القاصر أو النائب الشرعي‬
‫من طرف قاضي األسرة‪ ،‬ومن تم يمكن للقاضي أن يستأنس فقط بأقوال الوالدين وان ال يأخذ‬
‫برأيهما إذا رجح مصلحة القاصر في الزواج‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الوكالة في مدونة االسرة‬


‫ال وكالة هي أن ينيب الشخص غيره في القيام بتصرف ممكن مشروع‪ ،‬وعليه فالوكالة‬
‫في الزواج يقصد بها إنابة من صاحب الشأن في الزواج لغيره ليتواله بدال عنه‪ ،‬كان يقول‬
‫شخص ألخر وكلتك في إبرام عقد الزواج‪ .‬والمادة ‪ 17‬من المدونة تناولت أحكام الوكالة في‬
‫الزواج بشكل أكثر تنظيما مما كان عليه الحال في المدونة الملغاة‪ ،‬ونصت على أن األصل هو‬
‫انعقاد الزواج بحضور طرفيه أي الزوج والزوجة ولكن استثناء يمكن التوكيل عليه إذا توافرت‬
‫الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬وجود ظروف خاصة ال يتأتى معها للموكل مباشرة إبرام عقد الزواج بنفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬تحرير وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن يكون الوكيل راشدا أي بالغا سن الرشد القانوني ‪ 18 -‬سنة‪ -‬ومتمتعا بكامل‬
‫أهليته المدنية‪ ،‬وفي حالة توكيله من الولي يجب أن تتوفر فيه شروط الوالية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -4‬يجب أن يعين الموكل في عقد الوكالة اسم الزوج اآلخر‪ ،‬ومواصفاته وجميع‬
‫المعلومات األخرى المتعلقة بهويته وكذا جميع البيانات والمعلومات األخرى التي‬
‫من شأنها نفي أي جهالة بالنسبة للزوج اآلخر تفاديا ألي نزاع محتمل‪.‬‬
‫‪ -5‬يجب أن تتضمن الوكالة مبلغ الصداق‪ ،‬وعند االقتضاء المعجل منه والمؤجل‪.‬‬
‫‪ -6‬يجب على الموكل أن يحدد الشروط التي يود إدراجها في صلب عقد الزواج في‬
‫عقد الوكالة‪.‬‬
‫‪ -7‬يجب أن يؤشر قاضي األسرة على الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط‬
‫المطلوبة والمذكورة سابقا‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬اإلشهاد على عقد الزواج ( سماع العدلين‬


‫اإليجاب والقبول)‬
‫أوال‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من اإلشهاد على عقد الزواج‬
‫اختلف الفقهاء حول ما إذا كان اإلشهاد شرط صحة في الزواج أم ال‪.‬‬
‫‪ -‬رأي الجمهور ( الشافعية‪ ،‬الحنفية والحنابلة)‪ :‬اإلشهاد عندهم شرط صحة في عقد‬
‫الزواج‪ ،‬وحجة هذا الرأي قوله " ص" " ال نكاح إال بشهود"‪.‬‬
‫‪ -‬رأي اإلمام مالك‪ :‬الراجح عنده أن اإلشهاد شرط في الزواج انتهاء ال ابتداء‪ ،‬أي أن‬
‫اإلمام يتبنى رأي الجمهور في اشتراط الشهادة‪ ،‬إال أنه إذا لم يقع اإلشهاد عند العقد‬
‫فيجب أن يقع عند الدخول‪ ،‬ودليلهم قول الرسول " ص" " أعلنوا النكاح ولو بالدف"‪.‬‬
‫وإذا تم الدخول بال إشهاد وجب فسخ العقد ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف مدونة األسرة من إشهاد العدلين على اإليجاب والقبول في عقد الزواج‬

‫‪20‬‬
‫تشترط المادة ‪ 13‬من مدونة األسرة في البند الرابع"سماع العدلين التصريح باإليجاب‬
‫و القبول من الزوجين و توثيقه"‪،‬والعدلين الذين تتحدث عنهما المدونة هما موثقين اثنين من‬
‫العدول الذين تعينهم وزارة العدل وتسند إليهم مهمة توثيق العقود والحقوق وفقا للقانون المنظم‬
‫لخطة العدالة‪،‬ومن ثم يتعين إبرام عقد الزواج بإيجاب وقبول شفويين في مجلس واحد أمام‬
‫عدلين من العدول المعينين لتوثيق العقود‪.‬‬

‫والشاهدين العدلين لن يستمعا إلى اإليجاب والقبول إال بعد الحصول على إذن قاضي‬
‫األسرة المكلف بالزواج بحيث يأذن للعدلين بتوثيق العقد بعدما أن يكون الراغب في الزواج قد‬
‫تقدم بطلب إلى قاضي األسرة لفتح ملف لدى كتابة الضبط يضم الوثائق المشار إليها في المادة‬
‫‪ ،65‬والذي يعد شرطا جوهريا هو سماع اإليجاب والقبول من قبل الشاهدين العدلين‪ ،‬وليس‬
‫من طرف قاضي األسرة بدليل البند الرابع من المادة ‪ ،13‬وأن مهمة قاضي األسرة المكلف‬
‫بالزواج هو فتح ملف خاص الزواج وحفظه بكتابة الضبط لدى قسم قضاء األسرة والتأكد من‬
‫صحة الوثائق المقدمة والمتعلقة باإلجراءات اإلدارية والشكلية إلبرام عقد الزواج والمنصوص‬
‫عليها في المادة ‪.65‬‬

‫من المستجدات التي جاءت بها المدونة‪ ،‬أن إبرام عقد الزواج يسبقه لزوما تهيئ ملف‬
‫عقد الزواج الذي يتضمن العديد من الوثائق والذي يحفظ بكتابة الضبط‪ ،‬وقد تم تحديد مضمونه‬
‫بالمادة ‪ 65‬من المدونة التي جاء فيها‪:‬‬

‫" أوال‪ :‬يحدث ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء األسرة لمحل‬
‫إبرام العقد ويضم الوثائق اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬مطبوع خاص بطلب اإلذن بتوثيق الزواج يحدد شكله بطرف من وزير العدل‪.‬‬

‫‪ -2‬نسخة من رسم الوالدة ويشير ضبط الحالة المدنية في هامش العقد بسجل الحالة‬
‫المدنية إلى تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -3‬شهادة إدارية لكل واحد من الخطبين تحدد بيناتها بقرار مشترك لوزيري العدل‬
‫والداخلية‪.‬‬

‫‪ -4‬شهادة طبية لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدراها بقرار‬
‫مشترط لوزيري العدل والصحة‪.‬‬

‫‪ -5‬اإلذن بالزواج في الحاالت اآلتية وهي‪:‬‬

‫‪ -‬الزواج دون سن األهلية‪.‬‬


‫‪ -‬التعدد في حالة توفر شروطه المنصوص عليها في هذه المدونة‪.‬‬
‫‪- -‬زواج معتنقي اإلسالم واألجانب‪.‬‬
‫‪ -‬شهادة الكفاءة بالنسبة لألجانب أو ما يقوم مقامها‪.‬‬
‫‪ -‬شهادة األهلية ‪ certifiat de capacité‬وهي شهادة مكتوبة تصدر عن القنصلية تفيد‬
‫أم الشخص المعني باألمر له األهلية الكاملة إلبرام عقد الزواج‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يؤشر قاضي األسرة المكلف بالزواج قبل األخذ على ملف المستندات‪ ،‬ويحفظ‬
‫برقمه الترتيبي في كتابة الضبط‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬يأذن هذا األخير العدلين بتوثيق عقد الزواج‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬يضمن العدالن في عقد تصريح كل واحد من الخطبين هل سبق له أن تزوج أم‬
‫ال؟ وفي حالة وجود زواج سابق يرفق التصريح بما يثبت الوضعية القانونية إزاء العقد‬
‫المزمع إبرامه"‪.‬‬
‫يتبين بأن هذا المقتضى المضمن في المادة ‪ 65‬فرضته مصلحة األسرة باألساس‪،‬‬
‫بحيث من خالله يتم ضبط الوضعية اإلدارية للزوجين‪ ،‬والتحقق من هويتهما الكاملة‬
‫ومن سالمتهما الجسدية حفاظا على صحتهما وعلى صحة نسلهما والتأكد من وضعية‬
‫الزوجة بخصوص العدة‪ ،‬ومن وضعية الزوج بخصوص التعدد‪ ،‬إضافة إلى التأكد من‬

‫‪22‬‬
‫سالمة الكفاءة أو إسالم من يدعي اعتناقه له‪ ،‬كما يمكن الرجوع إلى ملف الزواج لكل‬
‫غاية مفيدة‪ ،‬كما لو نسي العدالن أن يضمنا عقد الزواج أحد البيانات الجوهرية‪ ،‬حث‬
‫يتم تصحيحه بناء على تلك البيانات ‪.‬‬
‫‪ -1‬إن أول عمل يقوم به قاضي األسرة المكلف بالزواج بعد إطالعه على مكلف الزواج‬
‫والوثائق المضمنة به هو التأشير عليها بعد التأكد من صحتها ومن سالمتها‪.‬‬
‫‪ -2‬إن ثاني عمل يقوم به قاضي األسرة المكلف بالزواج بعد التأشير هو إصدار إذن‬
‫العدلين المنتصبين اإلشهاد على عقد الزواج وتوثيقه‪.‬‬
‫لكن منح اإلذن من القاضي بتوثيق عقد الزواج ال يعني مطلقا أن عقد الزواج قد أبرم‪،‬‬
‫فما تزال المرحلة إدارية سابقة على اإلبرام أن تهيئ ملف الزواج هو مقدمة للحصول‬
‫على إذن صادر من القاضي اإلشهاد على إبرام عقد الزواج‪ ،‬ثم توثيقه أمام العدلين‬
‫المنتصبين إلشهاد قبل المخاطبة عليه‪.‬‬
‫غير أن هذا األخذ – بعد الحصول عليه‪ -‬ال يقيد الخاطب الذي حصل عليه وبالتالي‬
‫يمكنه دائما أن يتراجع عنه ما دام أن الخطوبة تصرف قانوني غير ملزم حسب م ‪6‬‬
‫من م‪ .‬أ‪ ،‬وإذا تقدم من حصل على اإلذن يطلب التراجع عن الزواج لدى القاضي فيجب‬
‫أن يرفق طلبه هذا بأصل اإلذن المسلم له‪ ،‬حيث ترجع إليه وثائقه متى طلبها بعد تحرير‬
‫بذلك‪ ،‬وإذا احتاج المعني باألمر إلى شهادة حفظ ملفه تسلمه‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬انتفاء الموانع الشرعية‬


‫من شروط الزواج أال تكون المرأة محرمة على الرجل الذي يريد الزواج بها تحريما‬
‫مؤبدا أو مؤقتا‪ ،‬وموانع الزواج على نوعين‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موانع الزواج المؤبدة‬

‫ال يجوز الزواج بالمحرمات من النساء أصال وهذه الحرمة ال ترفع مستقبال كاألمومة‬
‫والبنوة واألخوة فسبب التحريم ال يزول أبدا‪ ،‬ومدونة األسرة حصرتها في ثالثة أنواع من‬
‫المحرمات وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المحرمات بالقرابة‬
‫األصناف المحرمة كما نصت عليها المادة ‪ 36‬من المدونة هي أربعة أصناف‬
‫من النساء‪.‬‬
‫‪ -‬األصول‪ :‬أصول الرجل من النساء وإن علون وهن األم والجدات من جهة األب‬
‫والجدات من جهة األم‪ ،‬ودليل التحريم قوله تعالى" حرمت عليكم أمهاتكم"‪.‬‬
‫‪ -‬الفروع‪ :‬أو كما سمته المد ونة بالفصول‪ ،‬هن بنات الرجل وبنات أبنائه وبنات بناته‬
‫مهما نزلت درجتهن‪ .‬والدليل على ذلك قوله تعالى" وبناتكم "‪.‬‬
‫‪ -‬فروع األصول‪ :‬أي فروع األبوين من النساء وهن األخوات سواء كن شقيقات أو ألب‬
‫أو ألم‪ ،‬وبنات اإلخوة واألخوات وفروعهن مهما نزلن‪.‬‬
‫‪ -‬أول فصل من كل أصل‪ :‬أي الفروع المباشرة لألجداد والجدات وإن علوا بشرط‬
‫انفصالهن بدرجة واحدة‪ ،‬وهن‪ :‬العمات والخاالت سواء كن عمات للشخص نفسه أو‬
‫خاالت له أو عمات ألبيه أو أمه أو أحد أجداده وجداته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المحرمات بالمصاهرة‬
‫المصاهرة هي القرابة التي تنشأ بسبب الزواج وتنحصر المحرمات بسبب المصاهرة‬
‫حسب المادة ‪ 37‬من المدونة‪ -‬في أصناف أربعة‪:‬‬
‫‪ -‬أصول الزوجة‪:‬‬
‫ويتعلق األمر بأم الزوجة وجداتها من أي جهة كن‪ ،‬سواء من جهة األب أو من جهة‬
‫األم‪ ،‬والدليل على ذلك قوله تعالى " وأمهات نسائكم " وهو معطوف على قوله تعالى " حرمت‬

‫‪24‬‬
‫عليكم أمهاتكم " وتكون أصول الزوجة محرمة على زوجها بمجرد العقد عليها ولو لم يدخل‬
‫بها‪ ،‬ولذلك قال الفقهاء‪ " :‬العقد على البنات يحرم األمهات والدخول باألمهات يحرم البنات"‪.‬‬
‫‪-‬فروع الزوجة‪:‬‬
‫ويقصد بهذا الصنف بنات الزوجة‪ ،‬وبنات بناتها وبنات أبنائها مهما نزلن‪ ،‬ولكن ال‬
‫يتحقق التحريم إال بشرط أساسي هو أن يدخل الزوج بزوجته‪ ،‬فإذا لم يدخل بها فال تحرم عليه‬
‫بمجرد العقد‪ ،‬كما إذا طلقها قبل الدخول أو ماتت فيجوز له أن يتزوج ببنتها‪ ،‬والدليل على ذلك‬
‫قوله تعالى‪ " :‬وربائبكم الالتي في حجوركم من نسائكم الالتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم‬
‫بهن فال جناح عليكم"‪.‬‬
‫‪ -‬زوجات األصول‪ :‬وهؤالء المحرمات هن‪ :‬زوجة األب وزوجة الجد وإن عال سواء‬
‫كان الجد من جهة األب أو كان من جهة األم‪ ،‬وسواء دخل األب أو الجد بالزوجة أم لم‬
‫يدخل بها والدليل على هذا التحريم قوله تعالى‪ " :‬وال تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء‬
‫إال ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيال"‪.‬‬
‫‪ -‬زوجات الفروع‪ :‬أي زوجة االبن‪ ،‬وزوجة ابن االبن‪ ،‬وزوجة ابن البنت وإن نزلوا‪،‬‬
‫سواء دخل بها أو لم يدخل‪ ،‬ذلك ألن زوجة االبن تنزل منزلة البنت فال تحل لألب الذي‬
‫هو والد الزوج‪ ،‬والدليل على ذلك قوله تعالى‪ " :‬وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المحرمات بسبب الرضاع‬
‫الرضاع هو تناول شخص مخصوص من ثدي مخصوص في وقت مخصوص‪.‬‬
‫والدليل على ثبوت التحريم بالرضاع قوله تعالى‪ " :‬وأمهاتكم الالتي أرضعنكم وأخواتكم من‬
‫الرضاعة"‪ ،‬أما الدليل من السنة فقد وردت أحاديث كثيرة منها قوله "ص" " إن هللا حرم من‬
‫الرضاع ما حرم من النسب"‪.‬‬
‫ومدونة األسرة نصت في الفقرة األولى من المادة ‪ 38‬على أنه " يحرم من الرضاع ما‬
‫يحرم من النسب والمصاهرة"‪.‬‬
‫‪ -1‬أنواع المحرمات بسبب الرضاع‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب والمصاهرة‪ ،‬فتكون المحرمات بالرضاع ثمانية‬
‫أصناف على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬أصول الشخص من الرضاع‪ :‬تحرم على الشخص أمه رضاعا وجدته رضاعا مهما‬
‫علت سواء كانت من جهة األب أو من جهة األم‪.‬‬
‫‪ -‬فروع الشخص من الرضاع‪ :‬وهن بنته رضاعا وابنتها وإن نزلت وبنت ابنه رضاعا‬
‫وابنتها وإن نزلت‪.‬‬
‫‪ -‬فروع أول األصول من الرضاع‪ :‬يحرم على الرجل أن يتزوج أخته من الرضاعة‬
‫وبنات األخ وبنات األخت من الرضاع مهما نزلت سواء كانت صلتهم من جهة األب‬
‫أو من جهة األم والدليل " وأخواتكم من الرضاعة"‬
‫‪ -‬أول فرع من كل أصل من الرضاع أي فروع الجد والجدة من الرضاع بشرط‬
‫انفصالهن ب درجة واحدة‪ ،‬سواء كن من جهة األب أو األم وهن العمات والخاالت‬
‫رضاعا‪.‬‬
‫‪ -‬أصول الزوجة من الرضاع‪ :‬إذا كانت زوجة الرجل قد رضعت في صغرها من امرأة‪،‬‬
‫تكون هذه المرأة أما لهذه الزوجة من الرضاع‪ ،‬وأمها جدة من الرضاع فيحرم على‬
‫الزوج أن يتزوج بأم زوجته رضاعا‪ ،‬وأم أمها رضاعا وإن علت‪ ،‬سواء دخل بها أي‬
‫بزوجته أو لم يدخل بها‪.‬‬
‫‪ -‬فروع الزوجة من الرضاع‪ :‬أي بنت الزوجة من الرضاع وبنات بناتها وبنات أبنائها‬
‫رضاعا مهما نزلن‪ ،‬إذا دخل بهذه الزوجة ألن الدخول باألمهات يحرم البنات في النسب‬
‫وكذلك في الرضاع‪.‬‬
‫‪ -‬زوجة األصل من الرضاع‪ :‬يقصد به زوجة األب والجد من الرضاع وإن عال سواء‬
‫دخل األب أو الجد بها أو لم يدخل‪.‬‬
‫‪ -‬زوجة الفرع من الرضاع‪ :‬تحرم على الرجل زوجة االبن وابن االبن وابن البنت من‬
‫الرضاع وإن نزلوا‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك حاالت ال تترتب الحرمة عليها من جهة الرضاع وتترتب‬
‫عليها من جهة النسب‪ ،‬لذلك نجد الفقرة الثانية من المادة ‪ 38‬من المدونة تنص على أنه‬
‫" يعد الطفل الرضيع خاصة دون إخوته وأخواته ولدا للمرضعة وزوجها" وتطبيقا لما‬
‫سبق فإن أم األخ أو األخت من الرضاع يحل الزواج بهما وال يجوز من جهة النسب‬
‫ألن أم أخيه من النسب هي أمه أو زوجة أبيه‪.‬‬
‫وأيضا يحل للرجل أن يتزوج أخت ولده من الرضاع وال يجوز له ذلك في النسب ألنها‬
‫بنته أو ربيبته‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط الرضاع المحرم‬
‫‪ -‬أن يتحقق من وصول اللبن إلى جوف الرضيع أي معدته‪.‬‬

‫وقد اختلف الفقهاء حول مقدار الرضاعة الذي يثبت به التحريم‪ ،‬أما مدونة األسرة لم‬
‫تحدد كمية اللبن الذي يرتب التحريم بل جاء النص عاما في المادة ‪ ،38‬مسايرة بذلك رأي‬
‫جمهور الفقهاء ومتخلية عن الخمس رضعات المشبعات التي كانت مدونة األحوال الشخصية‬
‫لسنة ‪ 1957‬تشترطها لتحريم الزواج من الرضاع‪.‬‬

‫‪ -‬يجب أن يكون الرضاع في مدة اإلرضاع‪ ،‬وهو حسب المادة ‪ 38‬من المدونة داخل‬
‫السنتين‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يبقى اللبن على صفاته‪ :‬وصفات اللبن هي لونه وطعمه وريحه‪ ،‬فإذا خلط‬
‫اللبن بغيره وأعطي للطفل‪ ،‬فإنه يتعين النظر إلى كمية اللبن المخلوط فإذا كان اللبن هو‬
‫الغالب أو مساو للسائل أو المخلوط به يثبت به التحريم لبقاء صفة اللبن‪ ،‬وإذا كان اللبن‬
‫غير غالب فال تثبت الحرمة لزوال صفته‪.‬‬
‫‪ -3‬إثبات الرضاع‪:‬‬

‫يثبت الرضاع بالشهادة أو اإلقرار‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬الشهادة‪ :‬اختلف الفقهاء حول إثبات الرضاع بالشهادة فالشافعية والحنابلة الرضاع‬
‫عندهم يثبت بشهادة أربع نسوة‪.‬‬
‫أما األحناف يرون بأن الرضاع يثبت بشهادة رجل وامرأتين معروفتين بالعدالة إن لم‬
‫تكن شهادة رجلين‪.‬‬
‫والمذهب المالكي يقبل في إثبات الرضاع شهادة امرأتين من التقيات شريطة أن يذيع‬
‫أمر الرضاع بين الناس‪.‬‬
‫‪ -‬اإلقرار‪ :‬يثبت الرضاع أيضا باإلقرار‪ ،‬ويكون باعتراف المقبلين على الزواج أو‬
‫أحدهما بوجود الرضاع بينهما حيث يحرم الزواج بينهما‪ ،‬وإذا وقع اإلقرار بعد الزواج‬
‫فرق بينهما القاضي إذا لم تتم الفرقة اختيارا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موانع الزواج المؤقتة‬

‫المحرمات بصورة مؤقتة هن الالواتي يكون سبب التحريم بالنسبة إليهن مؤقتا‪ ،‬فإذا‬
‫زال ذلك السبب زالت الحرمة‪ .‬وقد تعرضت مدونة األسرة لموانع الزواج المؤقتة‪ ،‬في المادة‬
‫‪ 39‬وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الجمع بين األختين أو بين المرأة وعمتها أو خالتها‬
‫يحرم على الرجل أن يجمع في عصمته بين أختين نسبا أو رضاعا‪ ،‬وسواء كانت‬
‫األخت شقيقة لها أو كانت أختا من جهة األب أو األم‪ .‬والدليل على ذلك قوله تعالى" وأن تجمعوا‬
‫بين األختين إال ما قد سلف"‪ .‬وكما يحرم الجمع بين األختين يحرم الجمع بين المرأة وعمتها‪،‬‬
‫وبين المرأة وخالتها بدليل قول الرسول "ص" " ال تنكح المرأة على عمتها وال على خالتها‬
‫وال على ابنة أخيها وال على ابنة أختها فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحريم الجمع بين أكثر من أربع زوجات‬
‫ال يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات في وقت واحد‪ ،‬فليس له أن يتزوج‬
‫بالخامسة حتى يفترق عن إحداهن بالطالق أو الوفاة‪ ،‬فإذا تم ذلك جازت له المراد الزواج بها‬

‫‪28‬‬
‫لزوال مانع الزواج الذي هو مانع مؤقت‪ ،‬وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 39‬من مدونة األسرة" يمنع الزيادة في الزوجات على القدر المسموح به شرعا"‪.‬‬
‫‪ -1‬موقف الشريعة اإلسالمية من نظام تعدد الزوجات‬
‫إن اإلسالم لم ينشئ نظام تعدد الزوجات ولم يدع إليه‪ ،‬وإنما وجده فأبقاه وزاد فنظمه‪،‬‬
‫وحدد عدد الزوجات المسموح بهن شرعا‪ ،‬وجعل للتعدد حدا أعلى ال يمكن تجاوزه وهو أربع‬
‫زوجات‪.‬‬
‫والدليل على جواز الجمع بين األربع زوجات في الشريعة اإلسالمية و تحريم ما زاد‬
‫على ذلك قوله تعالى " وإن خفتم أال تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى‬
‫وثالث ورباع‪ ،‬فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أال تعولوا"‪.‬‬
‫وهناك أحاديث نبوية كثيرة تشهد كلها بأن عدد النساء الالتي يمكن للزوج أن يجمعهن‬
‫في عصمته أربع نساء‪ ،‬منها ما روي عن قيس بن الحارث األسدي قال‪ " :‬أسلمت وعندي ثمان‬
‫نسوة فأتيت النبي "ص" فقال‪ " :‬اختر منهن أربعا"‪.‬‬
‫وقد قيد هللا سبحانه وتعالى إباحة تعدد الزوجات بقيدين أساسيين وهما‪ :‬العدل بين‬
‫الزوجات‪ ،‬والقدرة على اإلنفاق‪.‬‬
‫أ‪ -‬العدل بين الزوجات‪ :‬الدليل على ذلك قوله تعالى‪ ":‬فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة أو‬
‫ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أال تعولوا"‪ ،‬و العدل المطلوب الذي جعله الشارع الحكيم‬
‫شرطا في إباحة التعدد هو العدل الذي يستطيعه اإلنسان ويقدر عليه‪ ،‬كالمساواة في‬
‫اإلنفاق والمبيت وحسن المعاشرة‪...‬الخ‪ ،‬فهذه أمور تدخل في قدرة اإلنسان‪ .‬أما‬
‫العدل الذي ال يستطيعه هذا األخير وال يقدر عليه هو الميل العاطفي‪ ،‬فإنه ال يدخل‬
‫في نطاق العدل الواجب شرعا‪ ،‬ألن مثل هذه األمور وجدانية تخرج عن إطار‬
‫الضبط والتحكم فيه‪ ،‬لذلك فاهلل عز وجل قال " ال يكلف هللا نفسا إال وسعها"‪ .‬كما‬
‫روى البخاري ومسلم عن عائشة "ض" قالت‪ :‬كان رسول هللا "ص"‪ " :‬يقسم فيعدل‬
‫ويقول‪ :‬اللهم هذا قسمي فيما أملك‪ ،‬فال تلمني فيما تملك وال أملك"‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ب‪ -‬القدرة على اإلنفاق‪ :‬هو شرط في الزواج بصفة عامة فمن كانت عنده زوجة واحدة‬
‫وال قدرة له باإلنفاق على زوجة أخرى‪ ،‬حرم عليه التزوج بالثانية وهو شرط‬
‫استنبطه الفقهاء من قوله تعالى" وليستعفف الذين ال يجدون نكاحا حتى يغنيهم هللا‬
‫من فضله"‪ .‬وكذلك نصت السنة صراحة على شرط القدرة على اإلنفاق في قوله‬
‫"ص" " يا معشر الشباب من استطاع الباءة منكم فليتزوج" والمقصود بالباءة القدرة‬
‫على القيام بأعباء الزواج‪.‬‬
‫‪ -2‬التطور التشريعي للتعدد في قانون األسرة المغربي‬
‫أ‪ -‬تعدد الزوجات في مدونة األحوال الشخصية‬
‫كانت هذه المدونة لسنة ‪ 1957‬ال تجيز للرجل العقد على الزوجة الثانية إال بعد‬
‫إحاطتها علما بأنه متزوج بأخرى وأنها الزالت في عصمته‪ ،‬كما أعطت للزوجة الحق في أن‬
‫تشترط في عقد الزواج بأن ال يتزوج عليها زوجها‪ ،‬وأنه إذا لم يف بهذا االلتزام يبقى لها الحق‬
‫في طلب فسخ ال عقد‪ .‬إضافة إلى هذا قيدت مدونة األحوال الشخصية التعدد بشرط العدل بين‬
‫الزوجات‪ ،‬إذ ال يجوز للراغب في التعدد‪ ،‬التزوج بامرأة أخرى إذا كان هناك خوف من عدم‬
‫تحقيق العدل‪ ،‬لكن المشرع لم يرتب أي جزاء أو أي أثر نتيجة مخالفة هذه المقتضيات‪ ،‬وكان‬
‫ذلك محل انتقاد‪ ،‬حيث اعتبر بعض الفقه المغربي هذا المقتضى مجرد من عنصر اإللزام‬
‫القانوني‪ ،‬مادام الشخص الراغب في اتخاذ زوجة أخرى هو الذي سيقرر لنفسه ما إذا كان قادرا‬
‫على تحقيق العدل بين زوجاته أم ال‪.‬‬
‫وتدخل المشرع بموجب ظهير ‪ 10‬شتنبر ‪ 1993‬لوضع بعض القيود على التعدد‬
‫وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬يجب عل ى الزوج الذي يرغب في التعدد أن يخبر الزوجة األولى برغبته في الزواج‬
‫بالثانية‪ ،‬وأن يخبر هذه األخيرة بأنه متزوج بامرأة أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬للزوجة الحق في أن تشترط في عقد الزواج بان ال يتزوج عليها زوجها‪ ،‬وإذا لم يف هذا‬
‫األخير بما التزم به أعطى المشرع للزوجة حق الخيار بين البقاء معه رغم مخالفة الشرط‬

‫‪30‬‬
‫أو التحلل من الرابطة الزوجية‪ ،‬فاألمر يصبح بيدها علما بان النص القديم كان يمنح لها‬
‫حق طلب فسخ النكاح‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة الحصول على إذن القاضي بالتعدد‪ ،‬وهذا هو الجديد الذي حمله تعديل ‪ 1993‬في‬
‫هذا المجال بحيث أن النص السابق قبل التعديل لم يكن يشترط الحصول على إذن القاضي‪.‬‬
‫لكن إضافة إذن القاضي بالتعدد ومنحه للزوج على أساس قدرته على إقامة العدل‬
‫وحرمان آخر منه على أساس عدم قدرته على ذلك مسألة في غاية الصعوبة‪ ،‬لعدم وجود معيار‬
‫يعتمد عليه القاضي في المنح أو الرفض‪ ،‬ومن تم يصعب على هذا األخيرالجزم بأن هذا قادر‬
‫وذاك غير قادر‪.‬‬
‫ب‪ -‬موقف مدونة األسرة من التعدد‬
‫أولت المدونة لموضوع تعدد الزوجات أهمية خاصة من خالل تخصيص خمس مواد‬
‫منظمة ألحكامه‪ ،‬ويرجع السبب ألهمية الموضوع وما آثاره من خالفات ومناقشات متعددة‪.‬‬
‫‪ -1‬حاالت عدم إذن المحكمة بالتعدد‪:‬‬
‫بمقتضى المادتين ‪ 40‬و ‪ 41‬من المدونة فإن المحكمة ال تعطي اإلذن بالتعدد‬
‫في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أو في اتفاق الحق عدم التزوج عليها‪.‬‬
‫‪ -‬إذا توفرت قرائن يخاف معها عدم العدل بين الزوجات‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يثبت الزوج األسباب والمبررات الموضوعية واالستثنائية التي اضطرته إلى‬
‫طلب اإلذن بالتعدد‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يثبت الراغب في التعدد توفره على الموارد المالية الكافية للوفاء بالتكاليف المادية‬
‫الع ادية إلعالة أسرتين في النفقة والسكن والقدرة على المساواة بينهما في جميع أوجه‬
‫الحياة‪.‬‬
‫يتضح بأن المشرع منع التعدد في عدة حاالت انتصارا للرأي الذي يقول بأن األصل‬
‫هو االقتصار على زوجة واحدة تحقيقا لقوله تعالى‪ ":‬فإن خفتم أال تعدلوا فواحدة‪ "...‬وقوله عز‬

‫‪31‬‬
‫وجل "و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم‪ "...‬وأن التعدد ال يسمح به القاضي‬
‫إال إذا كانت هناك دواعي حقيقية موضوعية واستثنائية كما إذا أصيبت الزوجة بالعقم والزوج‬
‫راغب في النسل‪ ،‬أو ال يتأتى لها أداء الوظيفة الجنسية لمرض أو غيره‪ ...‬فإذا عجز الزوج‬
‫عن إثبات مثل هذه المبررات ال تمنح المحكمة اإلذن بالتعدد‪ ،‬كما أن الشرط الصريح المضمن‬
‫في عقد الزواج أو في أي ا تفاق آخر يجعل القاضي أمام عقد يتعين احترامه وعدم مخالفة بنوده‬
‫وفقا للقواعد العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬مسطرة الحصول على اإلذن بالتعدد‬
‫‪ -‬بناء على نص المادة ‪ 42‬من مدونة األسرة‪ ،‬يجب على الراغب في التعدد أن يقدم طلبا‬
‫إلى قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية المختصة مكانيا يعرب فيه عن رغبته في‬
‫التزوج بثانية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يوضح في الطلب جميع األسباب الموضوعية وليست الشخصية‪ ،‬وكذا جميع‬
‫المبررات التي يرى فائدة في إيرادها لتدعيم طلبه إلقناع المحكمة‪ .‬كما يجب أن يقدم‬
‫كل ما يثبت وضعيته المالية ( شهادة تثبت دخله أو رقم معامالته التجارية أو حجز‬
‫ممتلكاته)‪ .‬لتحدد المحكمة بعد ذلك ما إذا كانت هذه الوضعية تسمح للراغب في التعدد‬
‫بفتح بيت آخر وقدرته على المصاريف الناجمة عن ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬تنطلق اإلجراءات المرتبطة باإلذن بالتعدد باستدعاء الزوجة المراد الزواج عليها وفق‬
‫المسطرة المنصوص عليها في المادة ‪ 43‬من المدونة والتي جاء فيها‪" :‬تستدعي‬
‫المحكمة الزوجة المراد التزوج عليها للحضور‪ ،‬فإذا توصلت شخصيا ولم تحضر أو‬
‫امتنعت من تسلم االستدعاء توجه إليها المحكمة عن طريق عون كتابة الضبط إنذارا‬
‫تشعرها فيه بأنها إذا لم تحضر في الجلسة المحدد تاريخها في اإلنذار‪ ،‬فسيبث في طلب‬
‫هذا الزوج في غيابها‪.‬‬
‫كما يمكن البت في الطلب في غيبة الزوجة المراد التزوج عليها إذا أفادت النيابة العامة‬
‫تعذر الحصول على موطن أو محل إقامة يمكن استدعاؤها فيه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫إذا كان سبب عدم توصل الزوجة باالستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج بسوء نية لعنوان‬
‫غير صحيح أو تحريف في اسم الزوجة‪ ،‬تطبق على الزوج العقوبة المنصوص عليها‬
‫في الفصل ‪ 361‬من القانون الجنائي وذلك بطلب من الزوجة المتضررة"‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين إجراء مناقشة القضية في غرفة المشورة بحضور الزوج والزوجة األولى‬
‫واالستماع إلى الشهود ومحاولة اإلصالح بينهما وذلك في سرية تامة حفاظا على‬
‫أسرار األسرة‪ .‬وفي حالة تغيب الزوجة عن هذه المناقشة فإن المحكمة تصرح بتعذر‬
‫إجراء محاولة الصلح بين الزوجين ثم تبحث في توفر الطالب على الشروط التي قيد‬
‫بها المشرع التعدد وخاصة المبرر الموضوعي االستثنائي والقدرة على اإلنفاق فإذا‬
‫ثبت لها ذلك تأذن بالتعدد‪ .‬وفي هذه الحالة ‪ -‬اإلذن بالتعدد‪ -‬فإنه ال يتم العقد على المراد‬
‫التزوج بها إال بعد إشعارها من طرف القاضي بأن الراغب في الزواج بها متزوج‬
‫بغيرها‪ ،‬ويضمن هذا اإلشعار و رضا المعنية في محضر رسمي ( المادة ‪.)46‬‬
‫كما أن اإلذن بالتعدد يكون بمقرر معلل يشار فيه إلى األسباب الداعية إليه مراعيا جميع‬
‫اإلجراءات والشروط المطلوبة قانونا‪ .‬وهذا المقرر المقدم من طرف المحكمة غير قابل‬
‫ألي طعن ( الفقرة الثانية من المادة ‪.)44‬‬
‫‪ -‬تضمن المحكمة حقوق الزوجة واألطفال ذات الطابع المالي‪ ،‬فإذا أصرت الزوجة‬
‫األولى على المطالبة بالتطليق‪ ،‬فإن المحكمة تلزم الزوج بإيداع المبلغ المحدد داخل‬
‫أجل سبعة أيام‪ ،‬وعدم إيداع هذا المبلغ داخل هذا األجل يعتبر تراجعا عن طلب اإلذن‬
‫بالتعدد‪ ،‬وفي المقابل تستجيب المحكمة لطلب الزوجة األولى بالتطليق بمجرد إيداع‬
‫المبلغ المالي ويعتبر هذا الحكم نهائيا غير قابل ألي طعن في جزئه المتعلق بإنهاء‬
‫العالقة الزوجية‪.‬‬
‫‪ -‬يحق للزوجة المراد التزوج عليها بأن تلتجئ إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في‬
‫المواد من ‪ 94‬إلى ‪ 97‬من المدونة إذا اختلفت مع زوجها في التعدد بحيث لم تقبل به‬
‫بينما أصر هو على طلبه‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ثالثا‪ :‬المطلقة ثالثا قبل أن تتزوج غيره‬
‫أباحت الشريعة اإلسالمية للرجل بأن يطلق زوجته مرتين ويجوز للزوج أن يراجعها‬
‫أثناء العدة إذا كان الطالق رجعيا‪ ،‬وله أن يعقد عليها عقدا جديدا إذا انتهت عدتها من الطالق‬
‫الرجعي أو كان الطالق بائنا بينونة صغرى‪ ،‬واألصل في ذلك قوله تعالى‪ ...":‬وبعولتهن أحق‬
‫بردهن في ذلك إن أرادوا إصالحا" ويمكن أن يتكرر هذا الوضع مرتين تطبيقا لآلية الكريمة‬
‫" الطالق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" ولكن إذا طلق الزوج زوجته بعد‬
‫المرتين فهذا دليل على أن العشرة الزوجية بينهما ال يمكن أن تستقر‪ ،‬لذلك اقتضت حكمة‬
‫اإلسالم في مثل هذه الحالة بأن ال تحل له زوجته بعد أن طلقها للمرة الثالثة‪ ،‬وتكون الحرمة‬
‫مؤقتة إذ تزول بانتهاء عدتها منه وتزوجها بزوج آخر ودخوله بها دخوال حقيقيا ثم يطلقها أو‬
‫يموت عنها وتنقضي عدتها من هذا األخير‪ ،‬وأصل هذا الحكم قوله تعالى " فإن طلقها فال تحل‬
‫له من بعد حتى تنكح زوجا غيره‪"...‬‬
‫وقد نصت المدونة على هذا المانع المؤقت في المادة ‪ 39‬عندما اعتبرت من المحرمات‬
‫حرمة مؤقتة أن يتزوج امرأة طلقها ثالث مرات متتابعة إال بعد انقضاء عدتها من زوج آخر‬
‫دخل بها دخوال يعتد به شرعا‪.‬‬
‫وهذا التحريم المؤقت تظهر حكمته قبل إيقاع الطالق المكمل للثالث وبعده‪ ،‬فقبل‬
‫إيقاعه للمرة الثالثة تنبيه للزوجين معا للعمل على بذل الجهد للمحافظة على الرابطة الزوجية‬
‫وكيان األسرة من التمزق ألن مثل هذه الفرقة تكاد تكون أبدية‪ .‬أما بعد الطالق‪ ،‬يعد هذا التحريم‬
‫بمثابة العقوبة الشديدة لمن تسرع في إيقاعه للمرة الثالثة ألنه بعد حصوله يمنع على الزوج‬
‫إرجاع زوجته حتى يتزوج بها غيره ويدخل بها ثم يطلقها أو يموت عنها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬زواج المسلمة بغير المسلم والمسلم بغير الكتابية‬
‫‪ -1‬زواج المسلمة بغير المسلم‪ :‬أجمع المسلمون على أنه يحرم على المرأة المسلمة بأن‬
‫تتزوج رجال غير مسلم سواء كان مشركا أو كتابيا‪ ،‬والدليل على ذلك قوله تعالى "‬
‫يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن‪ ،‬هللا أعلم بإيمانهن فإن‬

‫‪34‬‬
‫علمتموهن مؤمنات فال ترجعوهن إلى الكفار ال هن حل لهم وال هم يحلون لهن"‪،‬‬
‫والحكمة من هذا التحريم هو المحافظة على مصلحة األسرة بصفة عامة ومصلحة‬
‫الزوجة بصفة خاصة‪ ،‬فعقد الزواج يستتبع بأن يكون للرجل حق الطاعة والقوامة‬
‫على زوجته‪ ،‬واإلسالم يأبى أن يكون المسلم تحت سلطان الكافر مصداقا لقوله‬
‫تعالى" ولن يجعل هللا للكافرين على المؤمنين سبيال"‪ ،‬ويخشى أيضا من زواج غير‬
‫المسلم بأن تترك الزوجة دينها مرضاة لزوجها‪ .‬باإلضافة إلى أن األوالد يتبعون‬
‫آباهم في الدين والنسب‪ ،‬وفي مثل هذا الزواج تعريض أبناء المسلمة للكفر باهلل‬
‫تعالى‪ ...‬وقد اعتبرت مدونة األسرة في البند الرابع من المادة ‪ 39‬هذا المانع مؤقتا‬
‫ألنه قابل للزوال وذلك بإعالن الرجل غير المسلم إلسالمه‪ ،‬فإذا تم ذلك زال المانع‬
‫وحق له التزوج بالمسلمة‪.‬‬
‫‪ -2‬زواج المسلم بغير ذات الدين‪ :‬لقد حرمت الشريعة اإلسالمية على الرجل المسلم‬
‫الزواج بامرأة ال تدين بدين سماوي كالمشركة‪ -‬التي تشرك في عبادتها مع هللا غيره‪-‬‬
‫اوالمرأة الملحدة ‪ -‬التي تنكر األديان كلها‪ -‬فكل امرأة على هذا الشكل ال يجوز للمسلم‬
‫أن يتزوجها مصداقا لقوله تعالى" وال تنكحوا المشركات حتى يومن وألمة مؤمنة‬
‫خير من مشركة ولو أعجبتكم‪ "...‬فاآلية الكريمة تنهى عن الزواج بالمشركات‬
‫"سنوا بهم سنة‬ ‫والنهي يقتضي التحريم‪ .‬وقد قال النبي "ص" في شأن المجوس‬
‫أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم وال آكلي ذبائحهم"‪.‬‬
‫والحكمة من هذا التحريم تكمن في التنافر الكبير بين الرجل المؤمن والمرأة‬
‫المشركة اذ من اهم مقاصد الزواج المودة المتبادلة بين الزوجين‪ ،‬وهذه ال تتحقق‬
‫مع تباينهما في العقيدة تباينا كبيرا‪ ،‬كما أن المشركة ال تخاف هللا سبحانه وتعالى‬
‫فيكون ذلك سبيال إلى الخيانة الزوجية‪.‬‬
‫إذا كان هللا عز وجل قد حرم على المسلم أن يتزوج بالمشركة أو الملحدة‪ ،‬فإنه‬
‫سبحانه أباح له أن يتزوج بالمرأة الكتابية التي تدين بدين سماوي وتؤمن بنبي من‬

‫‪35‬‬
‫األنبياء كاليهودية والنصرانية‪ ،‬واألصل في مشروعية زواجها قوله تعالى" اليوم‬
‫أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات‬
‫من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التزوج بامرأة في عصمة آخر أو في عدة أو استبراء‬
‫المانع الخامس من موانع الزواج المؤقتة والتي نصت عليها مدونة األسرة في المادة‬
‫‪ 39‬هو كون المرأة في عصمة رجل آخر أو في فترة عدة من زواج سابق أو في فترة استبراء‬
‫من زواج باطل‪.‬‬
‫‪ -‬زوجة الغير‪ :‬الشريعة اإلسالمية ال تبيح للرجل بأن يتزوج زوجة غيره‪ ،‬والدليل على‬
‫ذلك قوله تعالى" والمحصنات من النساء"‪ ،‬والمحصنات هن المتزوجات وهو‬
‫معطوف‪ ،‬على قوله تعالى" حرمت عليكم أمهاتكم" فتكون المحصنات من النساء‬
‫محرمات كاألمهات إال أن التحريم مؤقت وليس أبدي‪.‬‬
‫‪ -‬المعتدة من الوفاة والطالق‪ :‬ال يجوز للرجل أن يتزوج المرأة المتوفى عنها زوجها ما‬
‫لم تنق ض عدتها وهي أربعة أشهر وعشرة أيام إذا لم تكن حامال‪ ،‬ووضع الحمل إذا‬
‫كانت كذلك‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن‬
‫بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا" وقوله تعالى" وأوالت األحمال أجلهن أن يضعن‬
‫حملهن"‪ ،‬وال يجوز للرجل أن يتزوج بامرأة في عدتها من طالق‪ ،‬وهذه العدة هي ثالثة‬
‫قروء إن كانت من اللواتي يحضن أو ثالثة أشهر إذا كانت صغيرة أو يائسة من‬
‫الحيض‪.‬‬
‫‪ -‬االستبراء‪ :‬يكون في الزواج الباطل طبقا للمادتين ‪ 57‬و ‪ 58‬من مدونة األسرة‪ ،‬ويكون‬
‫كذلك في حالة ما إذا زنا رجل بامرأة برغبتها أو مكرهة‪ ،‬و أيضا في الوطء بشبهة‬
‫كمن جامع امرأة معتقدا أنها زوجته‪.‬‬
‫وعليه ال يجوز التزوج بهذه المرأة حتى تنتهي مدة االستبراء‪ ،‬ومدته ثالثة قروء إذا‬
‫كانت تحيض‪ ،‬وثالثة أشهر إذا كانت غير ذلك‪ ،‬ووضع الحمل إذا كانت حامال‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الشروط الخاصة بزواج المغاربة بالخارج‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط إبرام عقد الزواج بالخارج‬


‫استنادا إلى المادة ‪ 14‬من مدونة األسرة‪ ،‬يمكن إبرام عقد زواج المغاربة بالخارج إذا‬
‫توافرت الشروط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬احترام اإلجراءات اإلدارية المحلية لبلد اإلقامة‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬ضرورة توافر أركان عقد الزواج المنصوص عليها في المادة ‪ 10‬من مدونة‬
‫األسرة وهي اإليجاب والقبول مع التطابق بينهما‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ضرورة توافر شروط عقد الزواج والمنصوص عليها في المادة ‪ 13‬من مدونة‬
‫األسرة وهي‪:‬‬
‫‪ -‬توفر الزوج والزوجة على األهلية الكاملة أي أن يكونا عاقلين بالغين سن الزواج الذي‬
‫هو ‪ 18‬سنة شمسية كاملة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن ال يتم االتفاق على إسقاط الصداق‪.‬‬
‫‪ -‬يجب موافقة الولي عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ -‬انتفاء الموانع الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى حضور شاهدين مسلمين مجلس العقد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن المشرع رتب في المواد من ‪ 56‬إلى ‪ 61‬بطالن العقد أو فساده‬
‫عند اإلخالل ببعض المقتضيات فقط من المادة ‪ 14‬وهي اإليجاب والقبول وانتفاء‬
‫الموانع وعدم إسقاط الصداق‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات تنظيم وضبط وثيقة الزواج‬
‫لقد فرضت المادة ‪ 15‬من مدونة األسرة‪ ،‬مجموعة من اإلجراءات التي يتعين على‬
‫المغاربة الذين قاموا بإبرام عقود زواجهم بالخارج القيام بها وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬يتعين إيداع نسخة من رسم الزواج الذي أبرم وفقا للقانون المحلي لبلد اإلقامة لدى‬
‫المصالح القنصلية المغربية التابع لها محل إبرام عقد الزواج داخل أجل ثالثة أشهر من‬
‫تاريخ كتابة العقد وذلك قص د توجيهها إلى ضابط الحالة المدنية لمحل والدة الزوجين‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬في حالة عدم وجود المصالح ال قنصلية في بلد اإلقامة فإنه يتعين على الزوجين‬
‫إرسال نسخة من عقد الزواج في أجل أقصاه ثالثة أشهر إلى الوزارة المكلفة بالشؤون‬
‫الخارجية بالمغرب والتي تتولى إرسال هذه النسخة إلى ضابط الحالة المدنية وإلى قسم‬
‫قضاء األسرة لمحل والدة الزوجين‪.‬‬
‫إذا لم يكن للزوجين أو ألحدهما محل والدة بالمغرب‪ ،‬فإن النسخة توجه إلى قسم قضاء‬
‫األسرة وإلى وكيل الملك بالمحكمة االبتدائية بالرباط‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬اآلثار القانونية الناتجة عن زواج‬


‫صحيح‬
‫إذا استجمع عقد الزواج الصحيح جميع أركانه وشروط صحته وانتفت فيه الموانع المؤبدة‬
‫والمؤقتة‪ ،‬بحيث ينتج مثل هذا الزواج جميع آثاره من الحقوق والواجبات التي رتبتها الشريعة‬
‫بين الزوجين واألبناء واألقارب‪ ،‬إذ بإنشائه يثبت نسب األبناء وتترتب حرمة المصاهرة‪،‬‬
‫وتستحق الزوجة الصداق وتجب النفق ة بالبناء أو الدعوة إليه‪ ،‬وإذا كانت م ح ش الملغاة قد‬
‫تناولت اآلثار القانونية لعقد الزواج الصحيح وقسمت هذه اآلثار إلى ‪ 3‬أنواع ‪:‬‬
‫حقوق ووجبات متبادلة بين الزوجين وهي مشتركة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حقوق خاصة الزوجة على زوجها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪38‬‬
‫حقوق خاصة للزوج على زوجته‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فإن م األسرة انتقلت بالنوع األول الذي هو الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين‪ ،‬كما‬
‫أن م‪.‬أ أولت عناية هامة لألطفال بالتنصيص في المادة ‪ 54‬على مجموعة من الحقوق تجاه‬
‫األبوين‪ ،‬باإلضافة إلى الحقوق الخاصة باألقارب‪ ،‬ومن الحقوق الثابتة للزوجة والناتجة عن‬
‫الزواج الصحيح حقها في النفقة‪.‬‬

‫مطلب األول‪ :‬الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين‬


‫أوال‪ :‬أنواع الحقوق والواجبات المتبادلة‬
‫استنادا إلى المادة ‪ 51‬من م‪ .‬أ يمكن ذكر هذه الحقوق والواجبة كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المساكنة الشرعية‪ :‬يقصد بها استقرار الزوجين معا في مقر واحد وهي بيت الزوجية‬
‫باإلضافة إلى حق استمتاع كل من الزوجين باآلخر باالتصال الزوجي‪.‬‬
‫ا‪ -‬المقر المشترك ‪ :‬بمقتضى المساكنة الشرعية يجب أن يكون للزوجين بيت مشترك وهو‬
‫بيت الزوجية‪ ،‬ويجب على الزوج أن يقوم بإ عداده وتهييئه على حسب إمكانياته المادية ألنه‬
‫من مشموالت النفقة‪.‬‬
‫واعتبار المساكنة من الحقوق المشتركة من الزوجين يقتضي بالضرورة من الزوجين معا‬
‫عدم مغادرة بيت الزوجية إال للضرورة بحيث يكون ذلك مؤقتا مع وجود المبرر الشرعي‪ ،‬أو‬
‫يعتبر مبررا شرعيا لمغادرة بيت الزوجية مغادرة الزوج له بقصد العمل سواء داخل المغرب‬
‫أو خارجه كما هو الشأن بالنسبة للعمال الذين يهاجرون إلى أوربا من أجل الكسب‪.‬‬
‫ولكن يجب على المهاجر الرجوع إلى بيت الزوجية خالل عطلته السنوية على األقل‪ ،‬للقيام‬
‫بواجب المساكنة نحو زوجته‪ ،‬ومن حقه أن يصاحب زوجته إلى حيث يقيم وإذا غاب الزوج‬
‫دون مبرر وأن طال غيابه فمن حق الزوجة أن تطالب بالتطليق‪ ،‬كما يمكن لها متابعة الزوج‬
‫بجريمة إهمال األسرة إذا توفرت شروطها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وبالمقابل ال يحق للزوجة مغادرة بيت الزوجية وأن ال تخرج منه إال بإذن زوجها أو إذا كان‬
‫لها عذر في الخروج‪.‬‬
‫وإذا غادرت الزوجة بيت الزوجية فإنه يجوز للزوج أن يطالبها بالرجوع إلى بيت الزوجية‬
‫تحت تهديد وقف النفقة طبقا للمادتين‪ 195‬و ‪ 196‬م‪ .‬أ بل يمكن الزوج متابعتها بجريمة إهمال‬
‫األسرة طبقا للمادة ‪ 479‬ق‪.‬ج إذا توافرت شروط هذه الجريمة ‪.‬‬

‫ب ‪-‬حق االستمتاع‪ :‬من الحقوق الثابتة لكل من الزوج الزوجة حق االستمتاع ببعضهما البعض‬
‫وذلك من أجل حفظ النوع البشري ودوام ووجوده‪ ،‬وقد شرع هللا الزواج الذي يعتبر الوسيلة‬
‫الوحيدة لتنظيم العالقة الجنسية حتى يتمكن كل واحد منهما تحقيق هذه الرغبة و إشباعها‬
‫بالطرق الشرعية دون شذوذ أو انحراف‪ ،‬لقوله تعالى" والذين لفروجهم حافظون إال على‬
‫أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأوالئك هم العادون"‪.‬‬

‫إن حق االستمتاع من الحقوق المشتركة بين الزوجين في اإلسالم فلو منع أحد الطرفين‬
‫صاحبه من هذا الحق دون عذر شرعي كان أثما لما يسببه من ضرر منتهى عنه‪ ،‬فإذا كان‬
‫يتعين على الزوجة تلبية طلب زوجها إذا دعاها إلى ذلك‪ ،‬فإنه يجب على الزوج كذلك االستجابة‬
‫لرغبة الزوجة إذا دعته إلى ذلك‪ ،‬فالرسول عليه السالم حث الزوج على عدم الشروع بقضاء‬
‫شهوته قبل أن تقضي شهوتها منه‪.‬‬
‫والمدونة الحالية اعتبرت اإلحصان ولزوم العفة وصيانة العرض والنسل مشاركا بين‬
‫الرجل والمرأة ألنه من أهم الواجبات الملقاة على كاهل الرجل والمرأة على حد سواء بأن‬
‫يكون كل منهما عفيفا محافظ على عرضه وشرفه‪ ،‬وأن يبتعد من الفاحشة والزنا لما فيه من‬
‫أضرار وأخطار جسيمة على الفرد واألسرة والمجتمع‪ ،‬لذلك حرمه اإلسالم بنصوص قاطعة‬
‫من القرآن والسنة لقوله تعالى " وال تقربوا الزنا إنه كان فاحش وساء سبيال"‪.‬‬
‫وكذلك فإن عقوبة الزنا في اإلسالم عقوبة شديدة سواء كان الفاعال لرجال أو امرأة" الزانية‬
‫والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وال تأخذه بهما في دين هللا" وفي حديث للرسول‬

‫‪40‬‬
‫"ص" " ال يزني الزاني وهو مؤمن"‪ .‬من خالل هذه النصوص الشرعية يتبين أن اإلسالم قد‬
‫جعل اإلحصان من الواجبات الملزم بها الزوجان معا‪.‬‬

‫‪-2‬حسن المعاشرة وتبادل االحترام‬

‫يقتضي هذا المبدأ ابتعاد الزوجين معا من كل ما من شأنه أن ينفر الطرف اآلخر من بيت‬
‫الزوجية‪ ،‬بل ومن عالقة الزواج نفسها في أحيانا كثيرة‪ ،‬يقول هللا تعالى" وعاشرهن‬
‫بالمعروف"‪.‬‬

‫والخطاب القرآني في اآلية الكريمة‪ ،‬ورغم أنه موجه للرجال إذ في الغالب أن اإلضرار‬
‫بالزوجات يكون من جانبهم‪ ،‬فإنه في الواقع موجه إلى النساء كذلك والالتي عليهن معاشرة‬
‫أزواجهن بالمعروف‪ .‬واآلية تحمل طابع األمر على اعتبار أن العالقة الزوجية مبنية في أساسها‬
‫على التراحم قبل بنائها على بنود تعاقدية ويمنع على كل من الطرفين أن يهين اآلخر أو يهين‬
‫أقارب أو أن يحمله ما ال طاقة له به‪ ،‬والمرأة في ذلك مثل الرجل لقوله تعالى" وولهم مثل الذي‬
‫عليهن بالمعروف والرجال عليهن درجة" وقد قال ابن عباس بشأن" وللرجال عليهن درجة"‬
‫"الدرجة إشارة إلى حض ا لرجال على حسن العشرة والتوسع للنساء في المال والخلق"‪.‬‬

‫ومن باب المعاشرة بالمعروف أن يكتم سرها وتكتم سره " فقد ورد في صحيح مسلم أن‬
‫الرسول ص قال " إن من شر الناس عند هللا منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي‬
‫إليه‪ ،‬ثم ينشر سرها"‬

‫ومن حيث الواقع كثيرا ما يعتبر حسن المعاشرة بين الزوجين قرينة قوية على نجاح الحياة‬
‫الزوجية واستقرارها‪ ،‬ولها أثر ايجابي على شخصية األوالد وعلى سلوكهم داخل األسرة‬
‫وخارجها‪.‬‬

‫‪ -3‬تحمل الزوجين مسؤولية تسيير رعاية شؤون البيت واألطفال‬

‫‪41‬‬
‫يترجم هذا االلتزام في حقيقته المساواة بينه الزوجين المنصوص عليها في المادة الرابعة من‬
‫المدونة‪ ،‬والمقصود بتحمل الزوجة مسؤولية تدبير البيت الزوجية‪ ،‬السهر على رعاية األسرة‬
‫وذلك باعتبارها طرفا وشريكا للرجل في الحقوق والواجبات‪ ،‬ولذلك أصبحت هناك في ظل‬
‫المدونة مساواة في الحقوق والواجبات بين الزوج والزوجة ومن ثم التخلي عن مفهوم "طاعة‬
‫الزوجة لزوجها" وعن مفهوم إشراف المرأة على البين وتنظيم شؤونه" وتظهر المسؤولية‬
‫المشتركة في تسيير ورعاية شؤون األسرة في التشاور بينهما في اتخاذ القرارات المتعلقة‬
‫ببيت الزوجية حيث ال يستبد أحدهما باتخاذ قرار ال يوافق عليه الطرف اآلخر‪ ،‬ألن الزواج‬
‫كما جاء في المادة ‪ 4‬من م أ ميثاق تراضي ورابط أسرة مستقرة برعاية الزوجين معا‪ ،‬ومن‬
‫ثم فالرعاية المشتركة لشؤون البيت عماد األسرة األساسي‪.‬‬

‫‪-4‬حسن معاملة كل منهما ألبوي األخر ومحارمه واحترامهم‬

‫جعلت المدونة جعلت هذا الحق مشتركا بين الزوجين بدل اعتباره حقا الزوج وحده تجاه زوجته‬
‫في ظلم ج ش السابقة‪ .‬وهكذا يجب على الزوجة احترام والدي الزوج وأقاربه بالمعروف وأن‬
‫تحسين معاملتهم‪ ،‬كما يتعين بالمقابل على الزوج أن يحترم والدي الزوجة وأقاربها كاإلخوة‬
‫واألعمام وا ألخوال وغيرهم وأن يحسن معاملتهم واستقبالهم كما قال هللا عز وجل "قضي ربكم‬
‫أال تعبدوا إال أيه وبالوالدين إحسانا"‪ ،‬والمستفاد من الواقع المعيش أن تحسين عالقة الزوج مع‬
‫أبوي الزوج اآلخر‪ ،‬قد يفيد كثيرا على مستوى استقرار األسرة وعلى مستوى فض بعض‬
‫النزاعات التي قد تطرأ بين الزوجين أو على األقل تقي وقوعها‪.‬‬

‫وتندرج في إطار المعاملة زيارة اآلباء والمحارم من جهة األزواج ولذلك وجب على الزوج‬
‫أن يساعد الزوج اآلخر ويهيئ له الظروف المادية والمعنوية من أجل القيام بهذا الواجب ذي‬
‫الطبيعة اإلنسانية والدينية كما قال عز وجل"واتقوا هللا الذي تساءلون به واألرحام" غير أن‬
‫زيارة اآلباء والمحارم يجب أن تتم بالمعروف فال يقتر فيها الزوج على الزوجة إلى حد المنع‬

‫‪42‬‬
‫وال تسرف فيها الزوجة كثيرا لدرجة اإلضرار باألسرة مثال‪ ،‬وما قبل عن الزوج يصح كذلك‬
‫بالنسبة للزوجة الت ي يجب عليها بدورها أن تراعي هذا الواجب ألنه حق وواجب مشترك بين‬
‫الطرفين في وقت واحد‪.‬‬

‫‪-5‬حق التوازن بين الزوجين‬

‫التوازن بين الزوجين حق لكل منهما‪ ،‬إذا كانت القرابة سببا للتوارث بين األقارب‪،‬‬
‫فالزوجية كذلك يثبت بها نفس الحق في حالة وفاة أحدهما أثناء قيام الزوجية الحقيقية‪ ،‬أو‬
‫كانت الزوجة في عدة من طالق رجعي أما الطالق ؟؟ فينبغي حق التوازن فورا‪ ،‬ويستثني‬
‫اإلمام مالك الطالق الذي يوقعه الزوج في مرض الموت شريطة أن ينتهي المرض بالوفاة‬
‫فعال حيث تستحق الزوجة الميراث ولو تزوجت غيره‪ ،‬ألن طالق الزوج في هذه الحالة‬
‫كان يقصد حرمان المرأة من الميراث فوجب معاملته بنقيض قصيده ولو انفصلت زوجيتها‬
‫بالطالق البائن أو بانقضاء عدة الطالق الرجعي‪ ،‬والزوجة ترث في زوجها وتأخذ ربع‬
‫التركة إذا لم يكن للزوج ولد سواء كان منها أو من غيرها‪ ،‬وتأخذ الثمن من التركة إذا‬
‫كان له ولد منها أو من غيرها‪.‬‬

‫وإذا ماتت الزوجة أخذ الزوج نصف تركتها إذا لم يكن لها ولد سواء منها أو من غيره‪،‬‬
‫ويأخذ الربع إن كان لها ولد منه أو من غيره‪ ،‬وإذا توفي الزوج وترك أكثر من واحدة‬
‫فإنهن يقتسمن الربع أو الثمن‪.‬‬

‫وقد ورد النص على هذا الحق المشترك في قواله تعالى" ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم‬
‫يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن‬
‫الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم‪"...‬‬

‫إال أن قاعدة التوارث بين الزوجين ترد عليها بعض االستثناءات من ذلك ما جاء في المادة‬
‫‪ 332‬م‪.‬أ "ال توارث بين مسلم وغير مسلم وال بين من نفى الشرع نسبه"‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫إذا كان المشرع قد منع اإلرث في هذه الحاالت فهو لم يمنع الوصية مطلقا ويرتفع المنع من‬
‫اإلرث إذا أسلمت الزوجة مثال أو أقر األب بنسب الولد الذي العن أمه ألجل نفي نسبه‪ ،‬حيث‬
‫يتحول في هذه الحالة األخيرة إلى وارث‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 333‬م‪ .‬أ فتنص على التالي " من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث‬
‫من ماله‪ ،‬وال ديته وال يحجب وارثا‪ ،‬من قتل مورثه خطأ ورث من المال دون الدية‬
‫وحجب"‪.‬‬

‫وحتى ال يقع تحايل على إرث الزوجة بالخصوص‪ ،‬فإن اإلمام مالك قد ورثها ولو طلقت‬
‫طالقا بائنا في مرض الموت بل وهي ترث في هذه لحالة ولو انقضت عدتها وتزوجت من‬
‫رجل آخر‪ ،‬معاملة لمطلقها بنقيض قصده‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حالة اإلخالل بالواجبات والحقوق‬

‫في حالة إخالل أحد الزوجين بالحقوق والواجبات المتبادلة المنصوص عليها في المادة ‪51‬‬
‫م‪.‬أ كما لو انفرد الزوج باتخاذ قرار لهم شؤون ألسرة دون مشاورة مع زوجته فإن ذلك‬
‫يشكل خرقا صريحا للقانون لذلك يجوز للطرف المتضرر اللجوء إلى القضاء لحمل‬
‫الطرف المخل بالتزاماته بالتراجع عن قراره أو بالتنفيذ العيني إن كان ممكنا‪ ،‬وذلك طبقا‬
‫للمادة ‪ 52‬من م‪.‬أ وفي حالة اإلضرار على االمتناع فإنه يمكن اللجوء إلى مسطرة الشقاق‬
‫وفق المواد من ‪ 94‬إلى ‪ 97‬م‪.‬أ‪.‬‬

‫وإذا قام أحد الزوجين بإخراج اآلخر من بيت الزوجية دون مبرر‪ ،‬تدخلت النيابة العامة‬
‫من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حاال مع اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بحمايته‬
‫(المادة ‪ 53‬م أ)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫فمتى علمت النيابة العامة بحالة الطرد‪ ،‬لها أن تستعين الشرطة القضائية الموضوعة تحت‬
‫إشرافها إلرجاع المطرود إلى بيت الزوجية‪ ،‬ألن حاالت الطرد كانت تطال إلى عدة‬
‫زوجات في ظل المدونة السابقة وكانت مسطرة الرجوع إلى بيت الزوجية جد طويلة بحيث‬
‫تبقى الزوجة خارج البيت مشردة مع أبنائها وقد تدخل المشرع بمقتضى المادة ‪ 53‬م‪.‬أ‬
‫لحل هذا المشكل تماشيا مع المستجدات التي وردت في ق‪.‬م الجنائية ومنها إرجاع الحالة‬
‫إلى ما كانت عليه‪ ،‬فالغاية من تدخل النيابة العامة هو العرض على حماية المطرود ومن‬
‫أجل ذلك تتخذ جميع الوسائل الكفيلة بهذه الحماية أن تقوم بكل التصرفات التي تكون في‬
‫مصلحة األسرة‪.‬‬

‫وتدخل النيابة العامة إلرجاع المطرود مشروط بكون الطرد كان دون مبرر‪ ،‬وبمفهوم‬
‫المخالفة إذا كا ن الطرد بمبرر فإن النيابة العامة لن تتدخل وحتى إذا تدخلت فليس لصالح‬
‫الزوج المطرود بل لتزكية الطرد ح تى يتم البت في جوهر النزاع‪ ،‬وتبقى مسألة الطرد‬
‫المبرر مسألة جد خطيرة ألن كل زوج أقدم م ثال على طرد زوجته قد يدعي أمام النيابة‬
‫العامة بأن طرده للزوجة كان مبررا في نظره واألجدر أن يعتبر المشرع المبرر المشروع‬
‫للطرد وغير المشروع له خاضع لتق ييم النيابة العامة بكيفية موضوعية‪ ،‬وأن أي طرد‬
‫للزوجة في الليل يجب اعتباره طردا غير مبرر ولو كانت هناك أسباب موضوعية عند‬
‫الزوج ألن ذلك يعرضها ألخطار عدة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حقوق األطفال‬

‫استنادا إلى المادة ‪ 54‬من المدونة يتعين على الوالدين العناية بأوالدهما منذ الحمل إلى‬
‫بلوغ سن الرشد القانوني وما يتبع ذلك من حرص على السالمة البدنية والتعليم والمراقبة‬
‫والتوجيه والتربية السليمة واإلنفاق عليهم إلى حين بلوغهم سن الرشد أو إتمام الخامسة‬
‫والعشرون لمن يتابع دراسته أما البنت فتبقى نفقتها على والديها إلى حين توفرها على‬

‫‪45‬‬
‫الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها‪ ،‬هذا باإلضافة إلى حق األوالد في الرضاعة وتسمية‬
‫للولد باسم حسن فهو أهم رمز يميزه في الوسط الذي يعيش فيه‪ ،‬كما أن العدل مطلوب في‬
‫كل شيء بين األوالد حتى ال تنشأ بينهم الكراهية وينقلبوا على اآلباء‪ ،‬ومن باب العدالة‬
‫عدم التمييز بين الذكور واإلناث من قبل اآلباء‪.‬‬

‫كما نصت المدونة على مسؤولية األبوين في زرع القيم الدينية واجتنبا التطرف والعنف‪،‬‬
‫وكذا عدم استغالل األطفال والزوج بهم في سوق العمل واحتراف المهن الشاقة أو المخلة‬
‫بالكرامة اإلنسانية كالسياحة الجنسية‪ ،‬جل مقتضيات المادة ‪ 54‬م‪.‬أ مقتسبة من اتفاقية حقوق‬
‫الطفل التي صادق عليها المغرب سنة ‪ 1993‬ما عدا المادة ‪ 12‬من هذه االتفاقية التي تقول‬
‫بحرية الطفل في االنتماء للدين الذي يريده اعتبار أن المغرب دولة إسالمية ينص دستورها‬
‫على أن دين الدولة هو إلسالم ومن ثم ال تعطي الحرية لألطفال في اعتناق دين آخر‪.‬‬

‫كما أولت مدونة األسرة عناية للطفل المعاق إذا نصت على أن تولي هذه الشريحة رعاية‬
‫خاصة فيما يهم التعليم والتأهيل بهدف اإلدماج في المجتمع‪.‬‬

‫ونجد ان المادة ‪ 54‬م‪.‬أ قد حملت الدولة مسؤولية اتخاذ كل التدابير الالزمة للسهر على‬
‫تنفيذ هذه المقتضيات بغاية حماية األطفال وجعلت مراقبة تنفيذ مقتضيات هذه المادة من‬
‫اختصاص النيابة العامة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬حقوق األقارب‬

‫عقد الزواج الصحيح يرتب آثارا تمتد إلى أقارب الزوجين طبقا للمادة ‪ 55‬من المدونة‬
‫ينشئ عقد الزواج آثارا تمتد إلى أقارب الزوجين كموانع الزواج الراجحة إلى المصاهرة‬
‫والرضاع والجمع"‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫بقراءة هذا النص يتبين أنه ليس جامع بل أعطى بعض األمثلة كموانع الزواج الناتجة عن‬
‫المصاهرة والرضاع والجمع بين المرأة وأختها‪ ،‬والنفقة على األقارب وحسن المعاملة‬
‫األقارب والمواريث‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حق الزوجة في النفقة‬


‫أوال‪ :‬التعريف بالنفقة‬

‫اسم لما يصرفه اإلنسان على زوجته وأبنائه وأقاربه من طعام وكسوة ومسكن وخدمة‪.‬‬

‫والمقصود بالنفقة الزوجية ما يلزم الزوجة لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن مناسب‬
‫وعالج وكل ما به مقومات الحياة في الحدود المشروعة حسن إمكانية الزوج‪ ،‬وهي واجبة‬
‫للزوجة على زوجها ولو كانت غنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أصل وجوب النفقة‬

‫من الكتاب لينفقه ذوسعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه هللا‪ "...‬وقوله تعالى"‬
‫وعلى المولود رزقهن وكسوتهن بالمعروف من السنة هناك أحاديث كثيرة منها" اتقوا هللا‬
‫في النساء فإنهن عندكم أخذ تموهن بأمانة هللا واستحللكم فروجهن بكلمة هللا‪ ...‬ولهن عليكم‬
‫رزقهن وكسوتهن بالمعروف"‪ ،‬وكذلك ما روي عن عائشة ض أن هندا زوجة أبي سفيان‬
‫قالت يا رسول هللا إن يا سفيان رجل و؟؟ وليس يعطيني ما يدعيني وولدي إما ما أخذت‬
‫منه وهو ال يعلم فقال" خذي ما ؟؟ وولدك بالمعروف" فلو لم تكن النفقة واجبة على زوجها‬
‫ما آمرها الرسوال أخذها من ماله‪.‬‬

‫واألدلة المنطقية تقضي بأن عقد الزواج يستلزم أن تكون الزوجة محتسبة ألجل الظزوف‬
‫متفرغة لشؤون البيت‪ ،‬ومن القواعد المقررة في اإلسالم ؟أن من حبس لحق غيره فنفقته‬
‫واجبة على ذلك الغير مثل الولي والقاضي وسائر العاملين في الدولة فإنهم حبسوا أنفسهم‬
‫‪47‬‬
‫للعمل لدولتهم فكانت نفقتهم واجبة عليها‪ ،‬كذلك الزوجة لما حبست نفسها على األسرة فقد‬
‫استحقت النفقة على زوجها‪.‬‬

‫ثالث‪ :‬بدء استحقاق النفقة‬

‫أخذ المشرع برأي المالكية فيما يتعلق بأسباب استحقاق الزوجة للنفقة حيث نصت المادة‬
‫‪ 194‬م‪.‬أ على أنه" تجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء وكذا إذا دعته للبناء بعد‬
‫أن يكون قد عقد عليها"‪.‬‬

‫تبعا لهذا النص يشترط لوجوب النفقة ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون عقد الزواج صحيحا‪ ،‬فإذا كان العقد فاسدا فال تستحق الزوجة بسببه النفقة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يتم الدخول بالزوجة فإذا لم يحصل ذلك لوجود عارض كمرض أو غيره فقد قال الحنفية‬
‫ال تجب لها النفقة‪ ،‬وذهب المالكية إلى أنه يجب لها النفقة‪ ،‬ونجد المدونة تنص على أـن مجرد‬
‫دعوة الزوجة زوجها للبناء بها تستحق بمقتضى هذه الدعوة النفقة‪ ،‬وقد حكم القضاء بأن رفع‬
‫دعوى النفقة من قبل الزوجة غير المدخول بها يمثل دعوة إلى لدخول تستحق به النفقة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مشموالت النفقة‬


‫طبقا للمادة ‪ 189‬م‪.‬أ تشمل النفقة ‪ ،‬السكن‪ ،‬الطعام‪ ،‬والكسوة‪ ،‬والعالج‬
‫بالنسبة للمسكن‪ :‬م‪.‬أ لم تشر إلى المسكن كجزء من مشتمالت النفقة على خالف م‪.‬ج‪.‬ش‬ ‫•‬
‫السابقة‪ ،‬ولعل السبب في حذف المسكن هو أن المشرع جعل السكن عنصرا مستقال بذاته ال‬
‫يدخل في عناصر النفقة حيث نصت المادة ‪ 168‬على أن سكن المحضون تكاليفه مستلقة في‬
‫تقديرها على النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما‪ ،‬لكن مسكن الزوجية غير مسكن المحضون‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫فالسكن الزوجي يجب اعتباره من مشتمالت النفقة بصرف النظر عن موضوع الحضانة‬
‫باعتبار المسكن من أهم الحقوق التي يجب أن يوفرها الزوج لزوجته ‪.‬‬
‫الطعام والكسوة والعالج ‪ :‬تباين الفقه اإلسالمي حول تحديد مقادير الطعام وعدد المرات‬ ‫•‬
‫التي تكسي المرأة خاللها في السنة‪ ،‬ولم تحدد المدونة كمية الطعام وال كيفية العالج وال الكسوة‬
‫تاركا ذلك عند النزاع لما جرى عليه العرف‪ ،‬ويدخل في النفقة عالج الزوجة المريضة رغم‬
‫أن ج مهور الفقهاء يرون أن الزوج غير ملزم بدفع أجرة الطبيب وثمن الدواء ألن هذا يتعلق‬
‫بالبدن نفسه‪.‬‬
‫واستحسنوا ذلك فقط ألنه يدخل في إطار المعاشرة الطيبة وإذا انتهت الزوجية بطالق فال يسقط‬
‫حقها في النفقة إذا كان رجعيا‪ ،‬وإذا كان بائنا فلها حق السكنى إلى انتهاء العدة‪ ،‬وإذا كانت‬
‫حامال تستمر النفقة عليها إلى أن تضع حملها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تقدير النفقة‬
‫إن النصوص الشريعة التي أوجبت النفقة الزوجية لم تتعرض لبيان مقدارها وال لكيفية تقدريها‬
‫ألن النفقة يختلف مقدارها باختالف الزمان والمكان واألعراف السائدة وحال الناس من فقر‬
‫وغنى‪ ،‬وال يطالب أحد بأن ينفق أكثر من استطاعته وقد حددت المادة ‪( 189‬فق ‪ )2‬م‪.‬أ المعايير‬
‫التي يتعين على قضاء األسرة أخذها بعين االعتبار عند المنازعة حول النفقة إلى جانب المادة‬
‫‪ 190‬من م‪.‬أ وهذه المعايير هي‪:‬‬

‫‪-‬التوسط عند تقدير النفقة‬

‫‪-‬دخل الملزم بالنفقة ارتفاعا وانخفاضا‬

‫‪-‬مراعاة حال مستحق النفقة‪ :‬الزوجة ‪ ،‬األوالد‪ ،‬اآلباء‪.‬‬

‫‪-‬مراعاة مستوى األسعار والتقلبات التي تعتريها‬

‫‪-‬مراعاة األعراف السائدة والعادات في الوسط الذي تفرض فيه النفقة‬


‫‪49‬‬
‫‪-‬االعتماد على تصريحات الطرفين (الزوجان)‬

‫‪-‬التثبت من الحجج المقدمة كدخل الملزم بالنفقة مهما كان هذا الدخل‬

‫‪-‬استعانة المحكمة بالخبراء عند االقتضاء‪.‬‬

‫وال يقبل طلب الزيادة في النفقة المتفق عليها أو المقررة قضائيا أو التخفيظ منها قبل مضي‬
‫سنة اال في ظروف استثنائية‪ ،‬ويمكن للزوجة المطالبة بالزيادة في النفقة كما يمكن للزوج‬
‫أن يطلب إعادة النظر في النفقة إذا أصبحت وضعيته المادية غير قادرة على تحمل أعباء‬
‫تلك النفقة وإعادة النظر في طلب الزيادة في النفقة بالزيادة أو النقصان يخضع لسلطة‬
‫القاضي التقديرية‪.‬‬
‫ولإلشارة‪ ،‬إذا كان الملزم بالنفقة غير قادر على دفعها لكل من يلزمه القانون باإلنفاق عليه فإن‬
‫المدونة حددت المستحقين بالتسلسل‪ :‬الزوجة‪ ،‬األوالد الصغار ذكورا أو إناثا ثم البنات ثم‬
‫الذكور من األوالد ثم األم‪ ،‬ثم األب وألن النفقة تتوقف عليها حياة األشخاص فالمشرع‬
‫ألزم البت في قضاياها في أجل أقصاه شهر واحد‪.‬‬
‫يتعين على الزوج أن يؤدي النفقة الواجبة عليه قانونا لزوجته‪ ،‬وإذا امتنع عن اإلنفاق يجوز‬
‫للزوجة رفع دعوى النفقة أمام القضاء كما أجاز لها المشرع رفع دعوى التطليق لعدم‬
‫اإلنفاق ‪ ،‬ويذهب جمهور الفقهاء إلى أن النفقة متى وجبت على الزوج ولو يؤديها كانت‬
‫دينا ال يسقط إال باألداء وبهذا الرأي أخذت م‪.‬أ حيث اعتبرت دين النفقة ال يسقط بالتقادم‪.‬‬
‫كما يعتبر الدين الناتج عن النفقة دينا محموال وغير مطلوب أي أن الزوج يطالب بأدائه للزوجة‬
‫في المكان الذي تتواجد فيه‪ ،‬كما أن دين النفقة ال يقبل الصلح على حق النفقة‪.‬‬
‫وإسقاط النفقة عن الزوجة ال يمكن إال في حالة استثنائية وهي عدم مثالها لحكم المحكمة‬
‫القاضي بالرجوع إلى بيت الزوجية‪ ،‬وإصرارها على عدم الرجوع إليه في الطالق‬

‫‪50‬‬
‫الرجعي تستحق النفقة حتى ولو خرجت من بيت عدة دون موافقة الزوج أو دونه عذر‬
‫مقبول ويسقط حقها في المسكن‪.‬‬
‫أما المطلقة طالقا بائنا فاألصل أنها ال تستحق النفقة وال السكن لكن إذا ثبت أنها حامل فإن‬
‫النفقة تستمر إلى وضع الحمل‪ ،‬أما إذا لم تكن كذلك فال نفقة لها ويبقى لها حق السكن في‬
‫بيت الزوجية أثناء العدة‪.‬‬
‫والزوجة التي تخرج من بيت الزوجية دون رضى الزوج هي زوجة ناشزة‪ ،‬والزوجة الناشزة‬
‫هي التي خرجت عن طاعة زوجها بدون مبرر شرعي‪ ،‬وهي ال تستحق النفقة حسب‬
‫جمهور الفقه‪ ،‬والنشوز يشمل خروج الزوجة من بيت الزوج بدون حق متى كان خروجها‬
‫بغير إذن كما يشمل امتناع الزوجة االنتقال إلى منزل الزوج بدون سبب مشروع بعدما أن‬
‫دعاها إلى االنتقال إليه وقام بإعداد المسكن اإلعداد الضروري للحياة الزوجية‪ ،‬فإن كان‬
‫هناك مبرر شرعي كعدم صالحية بيت الزوجية المعد لها للسكن أو كان خروجها لضرورة‬
‫ملحة فال تعد ناشزا‪.‬‬
‫غير ان المشرع المغربي تبنى الرأي الذي يرى بأن نفقة الزوجة ال تسقط ألي حال ما دام العقد‬
‫صحيحا وهو الرأي الذي يأخذ به الفقه الطاهري ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪:‬انحالل ميثاق الزوجية(الطالق)‬


‫لقد عرف الفقهاء الطالق بأنه"حل رابطة الزوجية الصحيحة من جانب الزوج بلفظ‬
‫مخصوص‪ ،‬أو ما يقوم مقامه في الحال أو المال"‪.‬‬
‫أما مدونة األسرة فقد عرفته في المادة ‪ 78‬بأنه"حل ميثاق الزوجية يمارسه الزوج و‬
‫الزوجة كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا ألحكام هذه المدونة"‪.‬‬
‫و الحكمة من تشريع الطالق تتمثل في كونه مخرجا وعالجا ينهي الخالف ويقضي‬
‫على أسباب النزاع ويطفئ نار العداوة بين الزوجين‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫والطالق مشروع بآيات قرآنية كريمة عدة منها"يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن‬
‫لعدتهن واحصوا العدة" وكذلك بالسنة القولية إذ هناك أحاديث كثيرة عن الطالق إلى جانب‬
‫السنة الفعلية حيث إن الرسول "ص" في حياته طلق السيدة حفصة"ض"ثم راجعها‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬أنواع الطالق‬


‫الطالق قد يكون رجعيا وقد يكون بائنا‪ ،‬كما قد يكون نتيجة مطالبة المرأة زوجها‬
‫بالطالق مقابل قدر مالي وهو طالق الخلع‪،‬وقد يكون نتيجة لتراضيهما على االفتراق أو بدون‬
‫شرط‪ ،‬وقد يكون صادرا عن الزوجة لتمليك الزوج لهذه االخيرة حق ايقاع الطالق‪.‬وعليه‬
‫سنخصص المطلب األول للطالق الرجعي والبائن والثاني للطالق االتفاقي و الخلع والتمليك‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطالق الرجعي والطالق البائن‬


‫الفقرة األولى‪:‬الطالق الرجعي‬

‫أوال‪:‬التعريف‬
‫الطالق الرجعي هو الطالق الذي يستطيع الزوج فيه إعادة زوجته إلى عصمته قبل‬
‫انتهاء عدتها‪ ،‬حيث تستأنف الحياة الزوجية بينهما دون حاجة إلى عقد جديد‪ ،‬ويمكن أن يتكرر‬
‫هذا مرتين‪ ،‬إما في المرة الثالثة فان الطالق يفصل العالقة الزوجية حاال ونهائيا‪ .‬فالشريعة‬
‫اإلسالمية حريصة على بقاء الرابطة الزوجية حتى في حالة صدور الطالق حيث يتأتى‬
‫استئناف الحياة الزوجية من جديد عن طريق المراجعة‪ ،‬وقد تقرر هذا المبدأ بنص القران‬
‫الكريم في قوله تعالى"والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء وال يحل لهن أن يكتمن ما خلق‬
‫هللا في أرحامهن إن كن يؤمن باهلل واليوم األخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا‬
‫إصالحا"‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحاالت التي يكون فيها الطالق رجعيا‬
‫طبقا للمادتين ‪ 122‬و ‪ 123‬فان الطالق الرجعي يكون في األحوال التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬طالق الرجل زوجته باللفظ أو ما يقوم مقامه بعد البناء الحقيقي‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان الطالق في غير مقابل عوض مالي(طالق الخلع)‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا لم يكن مكمال للثالث‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا تم بناء على حكم قضائي بسبب عدم اإلنفاق على الزوجة أو بسبب االيالء و‬
‫الهجر‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اآلثار المترتبة عن الطالق الرجعي‬

‫تترتب عن الطالق الرجعي آثار هامة سواء أثناء فترة العدة أو بعدها‪.‬‬
‫‪ -1‬آثار الطالق الرجعي خالل فترة العدة‬
‫جميع آثار العالقة الزوجية تبقى قائمة أثناء فترة العدة عندما يكون الطالق رجعيا‪.‬‬
‫ومن ثم تبين المرأة بانقضاء عدتها من الطالق الرجعي طبقا للمادة ‪ 125‬من المدونة‪ .‬وإجماال‬
‫تترتب في هذه الفترة اآلثار اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬يجوز للزوج أن يعيد زوجته إلى عصمته في الطالق الرجعي بدون ان يبرم‬
‫عقد زواج جديد أثناء فترة العدة‪.‬‬
‫‪ -2‬تقضي المطلقة عدتها في بيت الزوجية حيث تستحق السكن‪ ،‬ولكن يمنع على‬
‫الزوج والزوجة المساكنة والمعاشرة الزوجية عند المالكية‪ ،‬خالف األحناف‬
‫الذين يجيزون االستمتاع ويعتبرون ذلك بمثابة الرجعة‪ .‬وأمام عدم وجود‬
‫نص في المدونة فإنه يتعين تطبيق مقتضيات المادة ‪ 400‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -3‬وجوب النفقة طيلة فترة العدة‪ ،‬ذلك أن الزوجة المطلقة بطالق رجعي تجب‬
‫نفقتها وسكناها على زوجها المطلق ما دامت العدة لم تنقض ويسقطان بانتهاء‬
‫العدة‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 196‬من مدونة األسرة على أن " المطلقة رجعيا‬
‫يسقط حقها في السكن دون النفقة إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة‬
‫زوجها أو دون عذر مقبول" وذلك تطبيقا لقوله تعالى" وبعولتهن أحق‬
‫بردهن في ذلك إن أرادوا إصالحا‪ ،‬ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف‪،‬‬
‫وللرجال عليهن درجة‪ ،‬وهللا عزيز حكيم"‪.‬‬
‫‪ -4‬يثبت حق التوارث بين الزوجين المطلقين ما دامت العدة سارية المفعول ما‬
‫لم يوجد بينهما سبب من األسباب التي تمنع اإلرث‪.‬‬
‫‪ -5‬ال تجوز خطبة المطلقة رجعيا داخل العدة ال تصريحا وال تعريضا باتفاق‬
‫الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -6‬تحتسب الطلقة الرجعية ضمن الطلقات الثالث التي يملكها الرجل على‬
‫المرأة فتبين منه بمجرد استنفاذها بينونة كبرى‪.‬‬
‫‪ -7‬يجوز للزوج أن يطلق زوجته رجعيا مرة أخرى أثناء العدة ما لم يراجع‬
‫المطلق زوجته قبل انقضاء عدتها‪.‬‬
‫‪ -2‬أثار الطالق الرجعي بعد العدة‬

‫إذا لم يراجع الرجل زوجته خالل العدة من طالق رجعي فإنها تصبح بائنة منه بينونة‬
‫صغرى و تصبح أجنبية عنه‪ ،‬وتترتب اآلثار التالية‪:‬‬

‫‪ -4‬يجوز للمرأة أن تتزوج بأي رجل أخر‪ ،‬وإذا شاء زوجها السابق يجوز له‬
‫خطبتها والعقد عليها بتوافر كافة األركان و الشروط المتطلبة في عقد الزواج‪.‬‬
‫‪ -5‬يجوز للمطلق أن يتزوج من هي محرم من مطلقته كأختها أو خالتها مثال‪،‬‬
‫ويحل له أن يعقد على الرابعة إذا كان متزوج بثالث‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫رابعا‪ :‬اإلشهاد على الرجعة‬

‫طبقا للمادة‪ 124‬من مدونة األسرة يجب اإلشهاد على الرجعة من طرف عدلين من‬
‫أجل توثيقها وإثباتها ووضع حد لكل الخالفات التي قد تنشا بسبب الرجعة‪ ،‬ويتعين على العدلين‬
‫إخبار القاضي فورا باإلشهاد‪ ،‬ويجب على هذا األخير قبل الخطاب على وثيقة الرجعة استدعاء‬
‫الزوجة إلخبارها و االستماع إليها فيما إذا كانت تقبل بهذه الرجعة وتستأنف الحياة الزوجية‬
‫بما يحقق مصلحة األطفال حال وجودهم‪ ،‬أو ترفض الرجوع إلى بيت الزوجية ألنها ال ترى‬
‫فائدة في ذلك‪ ،‬وفي هذه الحالة خول لها المشرع االلتجاء لمسطرة الشقاق طبقا للمادة ‪ 94‬من‬
‫المدونة‪.‬‬

‫الطالق البائن‬
‫أوال‪ :‬التعريف‬
‫الطالق البائن هو الذي يجعل حدا للعالقة الزوجية في الحال بمجرد صدوره‪ ،‬وهو‬
‫ينقسم إلى بائن بينونة صغرى وبائن بينونة كبرى‪ ،‬فاألول هو الطالق البائن دون الثالث والذي‬
‫يزيل الزوجية حاال وال يمنع من تجديد عقد الزواج (م ‪ ،)126‬والثاني ال يستطيع المطلق بعده‬
‫إرجاع المطلقة إلى عصمته إال بعد أن تتزوج برجل آخر زواجا صحيحا‪ ،‬ويدخل بها دخوال‬
‫حقيقيا‪ ،‬ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه(المادة‪.)127‬‬
‫ثانيا‪ :‬حاالت الطالق البائن‬
‫‪ -1‬الطالق الرجعي الذي تنتهي فيه العدة دون أن يراجع الزوج مطلقته‬
‫خاللها حيث يصبح هذا الطالق بائنا بينونة صغرى‪.‬‬
‫‪ -2‬الطالق قبل البناء الحقيقي ولو مسبوقا بخلوة صحيحة‪ ،‬لقول هللا تعالى "‬
‫يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المومنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن‬
‫فمالكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميال"‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -3‬الطالق الذي توقعه الزوجة بناء على التمليك فهذا الطالق يعتبر بائنا‬
‫بينونة صغرى‬
‫‪ -4‬طالق الخلع يكون بائنا بينونة صغرى بحيث ال يمكن للزوج أن يتزوجها‬
‫إال بعقد جديد إذا تراضيا على ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬الطالق الذي يقع بحكم قضائي هو بائن باستثناء حالتي التطليق لإليالء‬
‫وعدم اإلنفاق(المادة‪) 122‬‬
‫‪ -6‬الطالق المكمل للثالث‪ ،‬قال هللا تعالى " الطالق مرتان‪ ،‬فإمساك‬
‫بمعروف أو تسريح بإحسان" حيث يكون الطالق بائنا بينونة كبرى‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أثار الطالق البائن‬

‫نميز بالنسبة لآلثار المترتبة عن الطالق البائن بين آثار الطالق البائن بينونة صغرى‬
‫وآثار الطالق البائن بينونة كبرى‪.‬‬

‫‪ -1‬آثار الطالق البائن بينونة صغرى‬


‫استنادا إلى المادة ‪ 126‬من مدونة األسرة‪ ،‬فإن الطالق البائن بينونة صغرى تنتج عنه‬
‫اآلثار التالية‪:‬‬
‫ال يجوز للمطلق أن يستمتع بزوجته المطلقة بأي نوع من أنواع االستمتاع‬ ‫‪-1‬‬
‫ويجوز العقد عليها مرة أخرى أثناء عدتها منه أو بعد انقضاء العدة‪.‬‬
‫ين قص به عدد الطلقات التي يملكها الزوج‪ ،‬فإذا كان قد سبق له طلقة بائنة وسبق‬ ‫‪-2‬‬
‫له أن طلقها طلقة أخرى لم يبق له إال طلقة واحدة‪.‬‬
‫يلزم الزوج بمؤخر الصداق بمجرد وقوع الطالق البائن‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫يمنع التوارث بين الزوجين‪ ،‬فإذا توفي أحد الزوجين بعد الطالق البائن فال‬ ‫‪-4‬‬
‫توارث بينهما بسبب الزوجية وإن كانت المطلقة ال تزال في العدة إال إذا كان الطالق في حالة‬

‫‪56‬‬
‫المرض مرض الموت وقامت قرائن على أن الزوج قصد حرمان الزوجة من الميراث‪ ،‬فإنها‬
‫ترثه إذا مات وهي في فترة العدة معاملة له بنقيض قصيده‪.‬‬
‫ال تجب نفقة المطلقة طالقا بائنا على الزوج المطلق أثناء العدة‪،‬إال إذا كانت‬ ‫‪-5‬‬
‫حامال فتستمر نفقتها إلى أن تضع حملها‪ ،‬أما حقها في السكن فيظل قائما إلى أن تنتهي عدتها‬
‫حتى وإن لم تكن حامال‪ ،‬وهذا الحكم أوردته المادة ‪ 196‬من المدونة تطبيقا لآلية الكريمة‪ ''،‬ال‬
‫تخرجوهن من بيوتهن وال يخرجن إال أن يا تين بفاحشة مبينة''وقوله تعالى''أسكنوهن من حي‬
‫سكنتم من وجدكم وال تضاروهن لتضيقوا عليهن''‪،‬وهو حكم شامل لجميع المطلقات بائنا أو‬
‫رجعيا‪.‬‬

‫‪ -2‬آثار الطالق البائن بينونة كبرى‬


‫تترتب على هذا الطالق نفس اآلثار المترتبة عن الطالق البائن بينونة صغرى باستثناء ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ال يمكن أن يعقد عليها إال بعد الزواج بآخر زواجا صحيحا وأن يدخل بها‪ ،‬ثم يطلقها أو‬
‫يموت عنها وتنتهي عدتها‪.‬‬
‫‪ -‬ال محل إليقاع المزيد من الطلقات‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطالق االتفاقي والخلع والتمليك‬


‫الفقرة األولى‪ :‬الطالق باالتفاق‬
‫أوال‪ :‬تعريفه وسنده الشرعي‬
‫استنادا إلى المدونة ‪ 114‬من مدونة األسرة فإن الطالق االتفاقي هو اتفاق الزوجين على‬
‫إنهاء العالقة الزوجية دون شرط أو بشروط ال تتنافى مع أحكام المدونة وال تضر بمصالح‬
‫األطفال‪ ،‬والطالق االتفاقي مقتضى جديد لم يرد عليه النص في مدونة األحوال الشخصية‬
‫الملغاة‪ .‬وسنده الشرعي من القرآن قوله تعالى''فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" وفي قوله‬
‫تعالى" وإن يتفرقا يغن هللا كال من سعته‪ ،‬وكان هللا واسعا حكيما"‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ثانيا‪:‬شروط الطالق االتفاقي‬
‫‪ -1‬يجب أن يكون االتفاق صحيحا غير مخالف للقواعد العامة في التعاقد‪ :‬يتعين على‬
‫الزوجين التعبير عن إرادة واعية متوفرة على اإلدراك والتمييز وهذه اإلرادة‬
‫المعبرة عن االتفاق على توقيع الطالق يجب أن ال تعترضها عوارض تؤثر عليها‬
‫كاإلكراه والتدليس مثال‪.‬‬
‫يجب أن يكون الطالق االتفاقي غير مناف لمقتضيات مدونة األسرة‪،‬لذلك يتعين‬ ‫‪-2‬‬
‫على الز وجين الراغبين في إنهاء عالقتهما الزوجية باالتفاق‪،‬عدم تضمين االتفاق ما يتعارض‬
‫مع نصوص مدونة األسرة وقواعدها المبنية على المرجعية اإلسالمية كأن يشترط أحد‬
‫الزوجين على اآلخر بأن ال يتزوج مطلقا‪ ،‬أو استمرارهما في العيش معا بعد الطالق‪.‬‬
‫إن كل شرط يخالف األحكام الشرعية يعد شرطا غير صحيحا ويتعين على القاضي‬
‫رفضه لقوله صلى هللا عليه وسلم "المسلمون عند شروطهم اال شرطا أحل حراما وحرم‬
‫حالال"‪ .‬فالمحكمة ال تمنح اإلذن بتوثيق الطالق االتفاقي الذي يخالف القواعد والثوابت‬
‫المضمنة في مدونة األسرة‪ ،‬وقد تطلب المحكمة بتعديل االتفاق وحذف الشروط المخلة‬
‫بأحكام الشريعة‪ ،‬ومتى تم التعديل تستكمل اإلجراءات بشكل طبيعي‪ ،‬وإذا أصر احد‬
‫الطرفين على تضمين مثل هذه الشروط فإن المحكمة ترفض اإلذن باإلشهاد على‬
‫الطالق‪ ،‬ولكن الشروط الصحيحة والتي ال تخالف المقتضيات السابقة تعد شروطا‬
‫معتبرة يتعين الوفاء بها طبقا للقواعد العامة‪ ،‬فقد تقبل الزوجة التنازل عن مستحقاتها‬
‫أو جزء منها فقط‪ ،‬ويعتبر مثل هذا التنازل صحيحا وهو أغلب حاالت الطالق االتفاقي‪.‬‬
‫‪ -3‬يحب أال يضر الشرط بمصالح األطفال‪ :‬يتعين على الزوجين المتفقين على الطالق‬
‫عدم المساس بمصالح أطفالهما وللمحكمة دور حاسم في مراقبة هذا االتفاق من أجل‬
‫التأكد من عدم مساسه بهذه المصالح‪.‬‬
‫‪ -4‬يجب تقديم طلب للمحكمة من أجل اإلذن بالطالق‪ :‬بعد حصول االتفاق على إنهاء‬
‫الرابطة الزوجية بين الزوجين فإنه يتعين عليهما أو احدهما تضمين هذا االتفاق في‬

‫‪58‬‬
‫عقد رسمي أو عرفي أو حتى بواسطة التصريح الشفوي أمام المحكمة‪.‬‬
‫ويقدم الطلب وفق اإلجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية إلى قسم‬
‫قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية وخاصة الفصلين‪31‬و‪ 32‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬باإلضافة إلى ما سبق يتعين أن يرفق الطلب المقدم للمحكمة إلنهاء الزواج‬
‫باالتفاق بين الزوجين بكل الوثائق والمستندات كرسم الزوجية‪ ،‬وعقد االتفاق المبرم‬
‫بينهما والمتضمن للتراضي على الطالق موقع من الطرفين ومصادق عليه‪.‬‬
‫‪ -5‬إجراء الصلح بين الزوجين قبل اإلذن بتوثيق الطالق‪ :‬استنادا إلى المادة ‪ 114‬من‬
‫المدونة تحاول المحكمة اإلصالح بين الزوجين حفاظا على كيان األسرة خاصة مع‬
‫وجود األطفال وتتكرر المحاولة الصلحية مرتين‪ ،‬تفصل بينهما مدة ال تقل عن ‪30‬‬
‫يوما وعند تعذر اإلصالح بينهما فإن المحكمة تأذن باإلشهاد على الطالق وتوثيقه‬
‫من طرف عدلين منتصبين لذلك ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬طالق الخلع‬


‫أوال‪ :‬تعريف الخلع وبيان سنده الشرعي‬
‫‪-1‬التعريف‪ :‬استنادا إلى المادة ‪ 115‬من مدونة األسرة‪ ،‬الخلع هو طالق يقع في مقابل‬
‫عوض تبذله الزوجة للزوج بناء على التراضي بينهما وال يحصل من جانب واحد ‪.‬‬
‫‪ -2‬السند الشرعي للخلع‪:‬‬
‫األصل في الخلع قول هللا عزوجل ''وال يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إال‬
‫أن يخافا أال يقيما حدود هللا‪ ،‬فإن خفتم أال يقيما حدود هللا فال جناح عليهما فيما افتدت‬
‫به''‪ .‬وفي السنة النبوية روى اإلمام البخاري عن أبي عباس أنه'' جاءت امرأة ثابت‬
‫بن قيس رسول هللا صلى هللا عليه سلم فقالت يا رسول هللا أني ما اعتب عليه في‬
‫خلق وال دين ولكني أكره الكفر في اإلسالم‪ ،‬فقال الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫أتردين عليه حديقته‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم اقبل الحديقة‬
‫وطلقها تطليقة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط الخلع‬
‫‪ -1‬يجب أن يقع الخلع حال قيام الزوجية الصحيحة بين المتخالعين‪ ،‬أو في فترة عدة‬
‫من طالق رجعي‪ ،‬ويصح الخلع ولو لم يحصل الدخول‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن يكون الزوج متمتعا بأهلية تامة إذ ال يصح الخلع إذا كان الزوج صغيرا أو‬
‫مجنونا أو معتوها‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن تكون الزوجة عاقلة راشدة‪ ،‬فالراشدة تخالع عن نفسها وإذا كانت عاقلة‬
‫ولكنها لم تبلغ بعد سن الرشد القانوني يقع طالقها صحيحا غير أن الزوجة ال تلتزم‬
‫ببذل الخلع إال بموافقة نائبها الشرعي‪.‬‬
‫‪ -4‬يجب أن يكون الخلع اختياريا من الزوجة بغير إكراه وال ضرر‪ ،‬فإذا استعمل الزوج‬
‫أساليب الضغط على الزوجة م ن أجل أن تدفع له الفدية مقابل الطالق فإن الطالق‬
‫يقع بائنا دون التزام الزوجة ببذل الخلع إن كانت لم تؤده إليه وإذا أدته ثبت لها الحق‬
‫في استرداده منه‪.‬‬
‫‪ -5‬للزوجين أن يتراضيا على الطالق الخلعي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬العوض الذي يقع به الخلع وحماية األوالد‬
‫‪ -1‬العوض الذي يقع به الخلع‬
‫يشترط في العوض الذي يقع به الخلع أن يكون مما يصح االلتزام به شرعا‪ ،‬وبناء على‬
‫هذا يمكن أن يكون البذل في الخلع من األشياء المادية كالنقود والمنقول والعقار‪ ،‬وال‬
‫يستثنى من ذلك إلى األشياء المحرمة شرعا كالخمر والخنزير‪..‬كما يمكن أن يكون البذل‬
‫حقوقا وخدمات تقوم بالمال‪ ،‬كأن تتعهد الزوجة بالدفاع عنه في قضية أمام المحكمة إذا‬
‫كانت محامية أو التنازل عن أصل تجاري إذا كانت مالكة له‪...‬الخ‪ ،‬لكن يجب أن يكون‬
‫هذا البذل في الخلع دون تعسف وال مغاالة‪.‬‬
‫‪ -2‬الخلع وحماية حقوق األوالد‬

‫‪60‬‬
‫استنادا إلى المادة ‪ 119‬من مدونة األسرة الخلع ال يجوز أن يمس بحقوق األوالد‪ ،‬ومن‬
‫تم تستطيع الزوجة أن تخالع زوجها بالحقوق المالية ألوالدها كالنفقة وأجرة الحضانة‬
‫والسكن‪ ...‬ما دامت الزوجة موسرة‪ ،‬وإذا كان الزوج عالما عند الخلع أن زوجته معسرة‬
‫ومع ذلك رضي بالخلع على نفقة األوالد‪ ،‬فإن الطالق يمضي ويبقى الزوج مسؤوال عن‬
‫النفقة كذلك إذا كانت الزوجة غير معسرة وتحملت بنفقة األوالد مقابل الطالق ثم عجزت‬
‫أثناء المدة ولوفي بدايتها على تلك النفقة وثبت عجزها فعال‪ ،‬فإنه يتعين على األب أن‬
‫ينفق على األوالد مع االحتفاظ بحقه في الرجوع عليها فيما بعد إذا أصبحت موسرة‪.‬‬
‫‪ -3‬اختالف الزوجين حول مقابل الخلع‬
‫إذا حصل اال تفاق بين الزوجين على مبدأ الخلع ولكنهما اختلفا في المقابل الذي تدفعه الزوجة‬
‫يتعين رفع األمر إلى المحكمة لمحاولة الصلح بينهما‪ ،‬وإذا تعذر الصلح حكمت المحكمة‬
‫بنفاذ الخلع بعد تقدير مقابله مراعية في ذلك مبلغ الصداق وفترة الزواج وأسباب طالق الخلع‬
‫والحالة المادية للزوجة‪ .‬إذا أصرت هذه األخيرة على طلب الخلع ولم يستجب لها الزوج‬
‫يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطالق المملك‬


‫للزوج أن يتنازل عن حقه في الطالق المخول له شرعا لفائدة زوجته فيملكها هذا الحق‬
‫سواء كان ذلك عند إبرام عقد الزواج أو بعده ‪.‬‬
‫وتمليك الطالق للزوجة يجد سنده الشرعي في قوله تعالى '' يا أيها النبي قل ألزواجك إن كنتن‬
‫تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميال‪ ،‬وان كنتن تردن هللا‬
‫ورسوله والدار اآلخرة فإن هللا اعد للمحسنات منكن أجرا عظيما"‪ ،‬إذا شكت زوجاته "ص"‬
‫من قلة النفقة وضيق المعيشة‪ ،‬فأمر هللا الرسول صلى هللا عليه وسلم أن يخيرهن بين البقاء‬
‫في عصمته واالقتناع بما يجدنه من نفقة وبين أن يطلقن أنفسهن ويذهبن بحثا عن العيش‬
‫الرغيد‪ ،‬وقد ثبت أنه صلى هللا عليه وسلم خيرهن فعال فاخترن كلهن البقاء في عصمته‪.‬‬
‫وقد ميز الفقه بين التمليك والتوكيل في الطالق ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -6‬التمليك‪ :‬هو أن يجعل الزوج أمر زوجته بيدها بحيث تصبح مالكة لعصمتها‬
‫ولها الحق في آن توقع الطالق متى شاءت‪ ،‬وال يجوز للزوج أن يرجع في‬
‫ذلك‪ ،‬وعند ما يطلع القاضي على هذا التمليك يأمر الزوجة بأن تصرح فورا‬
‫بموقفها إما الفراق وإما البقاء في عصمة الزوج‪ ،‬فإن لم تصرح يحكم القاضي‬
‫بسقوط حقها في التمليك‪.‬‬
‫‪ -7‬التوكيل في الطالق‪ :‬يقصد به أن يفوض الرجل لزوجته في أن توقع الطالق‬
‫على نفسها نيابة عنه‪ ،‬وبصفتها وكيال عنه في ذلك‪ ،‬ويحق للزوج أن يتراجع‬
‫عن هذه اإلنابة متى شاء قبل توقيع الطالق‪ ،‬إال في حالة واحدة ال يجوز فيها‬
‫للزوج عزل زوجته عن هذه الوكالة‪ ،‬وهي إذا صرح هذا األخير عند ابرام‬
‫ال زواج أنه يوكلها على تطليق نفسها إذا تزوج عليها‪ ،‬وأنه إن فعل فلها أن‬
‫تطلق نفسها‪.‬‬
‫استنادا إلى المادة ‪ 89‬من مدونة األسرة التي حددت إجراءات الطالق بالتمليك يتعين‬
‫على الزوجة إتباع المسطرة بتقديم الطلب إلى المحكمة لتتأكد هذه األخيرة من توفر شروط‬
‫التمليك المتفق عليها بين الزوجين‪ ،‬ثم تعمل على اإلصالح بينهما تبعا لمقتضيات المادتين‬
‫‪81‬و‪ ،82‬وإذا تعذر اإلصالح تأذن المحكمة باإلشهاد على الطالق لدى عدلين منتصبين للشهادة‬
‫بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو التي أبرم فيها عقد‬
‫الزواج مع ضمان حقوق الزوجة واألبناء‪ .‬وعزل الزوج زوجته في ممارسة التمليك الذي‬
‫ملكها إياه غير ممكن ألن الزواج قد يكون مرتبطا بهذا الشرط ما لم يتعلق األمر بعقد وكالة‬
‫ألن األصل فيها الموكل يمكنه عزل الوكيل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التطليق القضائي‬


‫التطليق القضائي هو الذي يصدر به حكم من المحكمة بناء على طلب أحد الزوجين أو طلب‬
‫الزوجة بعد تعذر محاولة الصلح بينهما‪ ،‬وتقدير مستحقات الزوجة واألطفال واألمر بإيداعها‬
‫في صندوق المحكمة‪ ،‬ويعد الطالق تحت مراقبة القضاء من مستجدات مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطليق بطلب من أحد الزوجين بسبب الشقاق‬
‫الفقرة األولى‪:‬تعريف الشقاق‬
‫لم تحدد مدونة األسرة مفهوم الشقاق‪ ،‬ولكن يمكن القول بأن المقصود منه هو '' الخالف العميق‬
‫والمستمر بين الزوجين لدرجة يتعذر معها استمرار العالقة الزوجية"‬
‫والشقاق يجد سنده الشرعي في قوله تعالى ''وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من‬
‫أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا يوفق هللا بينهما‪،‬إن هللا كان عليما خبيرا"‬
‫أما السند القانوني للتطليق بسبب الشقاق يتمثل في المواد من ‪ 94‬إلى ‪ 97‬من مدونة‬
‫األسرة وهي المواد المنظمة له حيث تعتبر هذه المواد مسطرة أصلية يمكن االلتجاء إليها بشكل‬
‫مباشر لطلب التطليق‪ ،‬أو أن يكون الشقاق مسطرة تابعة بمعنى أن اللجوء إليه الحق على‬
‫مسطرة سابقة‪ ،‬كما إذا لم تستطع الزوجة إثبات الضرر وأصرت على طلب التطليق (المادة‬
‫‪ )100‬أو إذا تمسك الزوج بطلب اإلذن بالتعدد ولو توافق المراد التزوج عليها‪ ،‬ولم تطلب‬
‫التطليق (المادة ‪.)45‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬مسطرة الشقاق‬


‫تنطلق دعوى التطليق بسبب الشقاق بمقال افتتاحي يرفعه أحد الزوجين أو هما معا‪ .‬كما يمكن‬
‫أن تلجأ إليه المحكمة تلقائيا بالتبعية إلجراءات قانونية تمارسها كما هو الحال بالنسبة لعدم قبول‬
‫الزوجة للتعدد وعدم تمسكها بالتطليق‪.‬‬
‫وأول إجراء تقوم به المحكمة هو استدعاء الزوجين إلجراء محاولة الصلح بينهما فتقوم‬
‫المحكمة من أجل ذلك‪ ،‬بانتداب حكمين لبذل جهدهما قصد استقصاء أسباب الخالف بين‬
‫الزوجين‪ ،‬إذا توصال إلى الصلح يحرر الحكمان تقريرا يتضمن نتائج تحقيقاتها في النزاع‬
‫وأسبابه والحلول المتفق علي ها إلنهائه‪ .‬ثم يوقع هذا التقرير من قبل الحكمان والزوجان ويرفع‬
‫إلى المحكمة حيث يتم اإلشهاد على ذلك مع تسليم كل واحد من الزوجين نسخة من التقرير‪،‬‬
‫وتحفظ النسخة الثالثة بملف النزاع‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫وفي حالة اختالف الحكمان في مضمون التقرير أو تحديد المسؤولية أو لم يقدماه خالل األجل‬
‫المحدد لهما‪ ،‬أمكن للمحكمة أن تجري بح ثا إضافيا بالوسيلة التي تراها مالئمة (المادة‪،)96‬‬
‫وفي حالة تعذر اإلصالح واستمرار الشقاق تثبت المحكمة ذلك في محضر وتحكم بالتطليق‬
‫وبالمستحقات‪.‬‬
‫ولإلشارة فان المادة ‪ 97‬من المدونة تحمل المسؤولية للطرف المتعسف في المطالبة بإنهاء‬
‫الرابطة الزوجية للشقاق حين يتضح للمحكمة بأن طالب التطليق للشقاق لم تكن لديه مبررات‬
‫معقولة لهذا الطلب‪ ،‬ويمكن للمحكمة االستئناس في ذلك بتقرير الحكمان‪ ،‬وكذا باالستماع من‬
‫طرف المحكمة لطالب الشقاق وتكوين قناعة القاضي بمدى وجاهة األسباب من عدمها وبالتالي‬
‫الحكم بالتعويض أو عدمه لفائدة الطرف اآلخر‪ ،‬ويمكن للمحكمة كذلك أن تحكم لصالح الزوجة‬
‫طالبة إنهاء الزواج للشقاق إذا كان الزوج متعسفا ‪.‬‬
‫ومسطرة الشقاق تبت فيها المحكمة بمقتضى حكم نهائي غير قابل للطعن في ظرف ستة أشهر‬
‫من تاريخ رفع الدعوى‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التطليق بطلب من الزوجة‬


‫الفقرة األولى‪ :‬التطليق للضرر‬
‫إستنادا إلى المادة ‪ 99‬من المدونة وهي المنظمة ألحكام التطليق للضرر يمكن أن نجمل‬
‫القول في التالي‪:‬‬
‫المشرع توسع في تحديد مفهوم الضرر المبرر لمطالبة الزوجة بتطليقها من‬ ‫‪-1‬‬
‫زوجها‪ ،‬إذ أصبح من حقها أن تطلب التطليق بسبب عدم التزامه بشرط من الشروط التي‬
‫تضمنها عقد الزواج كأن تشترط عليه أال تنتقل معه إلى مقر عمل جديد بعيدا عن وطنه األصلي‬
‫أو أن تكمل دراستها‪ ...‬إلخ فإذا اخل الزوج بأحد هذه الشروط يعتبر هذا اإلخالل ضررا يبرر‬
‫للمرأة طلب التطليق‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫أعطت هذه المادة بعض األمثلة لألضرار التي تجعل االستمرار في العالقة‬ ‫‪-2‬‬
‫الزوجية غير مقدور عليه‪ ،‬وذلك بالنص على كل تصرف أو سلوك مشين أو مخل باألخالق‬
‫الحميدة سواء كانت اإلساءة مادية كالضرب أو معنوية كالسب و القذف والخيانة الزوجية‪......‬‬
‫اعتبرت المدونة الضرر الم برر لطلب التطليق أمام المحكمة هو ذلك الصادر‬ ‫‪-3‬‬
‫من الزوج وحده دون غيره‪ ،‬والضرر قد يصدر بكيفية مباشرة من الزوج وقد يصدر بإيعاز‬
‫ور غبة من هذا األخير دون أن يحرك ساكنا كما إذا صدر من أفراد عائلته أو بعض أصدقائه‬
‫فالسب واإلهانة بحضور الزوج قرينة على قبوله لألذى الذي لحق بزوجته ينبغي تمكين الزوجة‬
‫من مطالبة التطليق بسببه‪.‬‬
‫في ظل مدونة األسرة ال يشترط لطلب التطليق للضرر تكرار هذا األخير‪ ،‬أو‬ ‫‪-4‬‬
‫أن يكون الضرر ما زال مستمرا وغير منقطع وإثبات عدم مشروعية سبب الضرر ‪.‬‬
‫واقعة الضرر في ظل المدونة الحالية يمكن إثباتها بجميع وسائل اإلثبات بما فيها‬ ‫‪-5‬‬
‫شهادة الشهود‪ ،‬وإذا لم تستطع الزوجة إثبات الضرر وأصرت على طلب التطليق‪ ،‬فإن الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 100‬خولت لها إمكانية طلب التطليق بسلوك مسطرة الشقاق ‪.‬‬
‫من مستجدات المدونة‪ ،‬إقرارها تعويض الزوجة المتضررة التي حكم لها‬ ‫‪-6‬‬
‫بالتطليق سواء كان الضرر ماديا او معنويا الى جانب استحقاقها للمتعة الذي يعد حقا ثابتا‬
‫للمطلقة عموما‪.‬‬
‫التعويض عن الضرر ال يدخل ضمن المستحقات االخرى التي يمكن الحكم بها‬ ‫‪-7‬‬
‫نتيجة التطليق وال يحكم بهذا التعويض تلقائيا‪ ،‬بل يتعين على المتضررة المطالبة به‪ ،‬أما تقدير‬
‫قيمة التعويض فالمحكمة لها سلطة تقديرية تراعي في تحديدها مدى الضرر الحاصل وتأثيره‬
‫على شخص المطلقة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التطليق لعدم اإلنفاق‬


‫النفقة حق للزوجة على زوجها ما دامت الزوجية قائمة بينهما‪ ،‬وإذا امتنع الزوج عن‬
‫اإلنفاق جاز للزوجة رفع دعوى أمام المحكمة للمطالبة بها أو تطليقها من زوجها‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫واستنادا إلى المادة ‪ 102‬من مدونة األسرة وهي المحددة لألحكام الخاصة بالتطليق لعدم‬
‫اإلنفاق يمكن أن نجمل القول فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أجازت المدونة للزوجة أن تقاضي زوجها من اجل اإلنفاق عليها‪ ،‬كما أجازت لها‬
‫أن ترفع دعوى التطليق لعدم اإلنفاق‪ ،‬والمحكمة تقرر الوسيلة المناسبة لتنفيذ نفقة‬
‫الزوجة عليه‪ ،‬إذا كان له مال ظاهر يمكن استخالص مبلغ النفقة منه كان يكون‬
‫موظفا ذو اجر شهري‪ ،‬وفي هذه الحالة ال تستجيب المحكمة لطلب التطليق ما دامت‬
‫الزوجة تستلم مبلغ النفقة‪.‬‬
‫‪ -2‬في حالة ثبوت عجز الزوج عن اإلنفاق تحدد له المحكمة أجال ال يتعدى شهرا لينفق‬
‫خالله وإال طلقت عليه زوجته‪ ،‬في حين أن مدونة األحوال الشخصية كانت تمهل‬
‫الزوج ثالثة أشهر‪ ،‬وتعجيل المدونة الحالية بالنفقة تقتضيها طبيعة هذه األخيرة‬
‫الحالة التي ال تحتمل االنتظار‪.‬‬
‫‪ -3‬يعتبر التطليق لعدم اإلنفاق طالقا رجعيا‪ ،‬حيث يجوز للزوج مراجعة زوجته بعد‬
‫أن يثبت يسره واستعداده لإلنفاق‪ ،‬والمادة ‪ 122‬تعتبر كل طالق قضت به المحكمة‬
‫بائنا إال في حالتي التطليق لاليالء ولعدم اإلنفاق‪.‬‬
‫‪ -4‬تطبق أحكام المادة ‪ 102‬نفسها على الزوج الغائب في مكان معلوم بعد توصله بمقال‬
‫الدعوى (المادة‪ .)103‬أما إذا كان محل غيبة الزوج مجهوال لعدم وجود عنوانه فان‬
‫المحكمة بمساعدة النيابة العامة تعمل على التأكد بأنه فعال غائب في مكان مجهول‪،‬‬
‫كما تتأكد من مدى صحة دعوى الزوجة الرامية إلى التطليق لعدم اإلنفاق‪ ،‬ثم تبت‬
‫المحكمة في الدعوى على ضوء نتيجة البحث‪.‬‬
‫أما إذا كان الزوج الغائب مجهول العنوان فإن المحكمة تستعين بالنيابة العامة التي تعتمد‬
‫في ذلك على ضابطة الشرطة القضائية والسلطة المحلية من أجل تبليغ دعوى الزوجة ق‬
‫التطليق للغيبة‪ ،‬واإلعالن عبر اإلذاعة الوطنية مع تعين يتم عنه حتى يتأتى له الحضور‬

‫‪66‬‬
‫قبل إصدار الحكم بالتطليق وإذا لم يحضر رغم كل اإلجراءات المذكورة لإلقامة مع زوجته‬
‫أو نقلها إليه قضت المحكمة هذه األخيرة طلقة بائنة‪.‬‬
‫ومن مستجدات هذه المدونة أيضا‪ ،‬تطليق الزوجة بسبب حبس زوجها أو سجنه‪ ،‬إذا‬
‫كان القضاء المغرب في ظل المدونة السابقة تارة يستجيب لطلب الزوجة معتمدا على الضرر‬
‫كأساس قبول دعوى التطليق بسببه سجن الزوج وتارة أخرى كان هذا القضاء يرفض طلب‬
‫الزوجة باعتبار السجن غير كافي لخلق الضرر‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 106‬من المدونة الحالية فقد حسمت الخالف نهائيا التطليق‪ ،‬ويشترط لسماع‬
‫الدعوى مرور مدة سنة من االعتقال وفي جميع األحوال يمكن للزوجة تقديم الطلب بعد مرور‬
‫سنتين مت تاريخ اعتقاله سواء صدر حكم أو لم يصدر‪.‬‬

‫الفهرس‬
‫الفصل األول‪:‬المفهوم القانوني للزواج والخطبة ‪1.....................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف مدونة األسرة لعقد الزواج ‪1............................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الخطبة ‪1...................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط الخطبة ‪2...................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العدول عن الخطبة و الحقوق المرتبطة به ‪2.................................‬‬
‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أركان وشروط عقد الزواج ‪5...........................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أركان عقد الزواج ‪5..................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعريف باإليجاب والقبول ‪5.....................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط اإليجاب والقبول ‪6........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬يجب أن يكون اإليجاب والقبول متطابقين وفي مجلس واحد ‪6.............‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬يجب أن يكون اإليجاب والقبول باتين غير مقيدين بأجل أو شرط واقف‬
‫أو فاسخ ‪6...............................................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإليجاب والقبول المشوبين بعيب من عيوب الرضى ‪7...........................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شروط عقد الزواج ‪8....................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األهلية في عقد الزواج‪8.............................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أهلية إبرام عقد الزواج ‪8..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الزواج دون سن األهلية ‪9..........................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬زواج المصاب بإعاقة ذهنية ‪10...................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬األهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي ‪10..................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عدم االتفاق على إسقاط الصداق في عقد الزواج ‪11.......................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ماهية الصداق ‪11...................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع الصداق ‪13....................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أحوال الصداق ( متى تستحق الصداق) ‪14.....................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬تعجيل الصداق وتأجيله ‪15....................................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬اختالف الزوجين حول الصداق ‪16............................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬موافقة الولي على زواج القاصر ( الوالية) ‪16..............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه اإلسالمي من الوالية على المرأة ‪17.............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطور والية الزواج في التشريع المغربي ‪18...................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الوكالة في مدونة االسرة‪19........................................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬اإلشهاد على عقد الزواج ( سماع العدلين اإليجاب والقبول) ‪20..........‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬انتفاء الموانع الشرعية ‪23........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬موانع الزواج المؤبدة‪24...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موانع الزواج المؤقتة ‪28...........................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الشروط الخاصة بزواج المغاربة بالخارج ‪37..................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شروط إبرام عقد الزواج بالخارج ‪37................................................‬‬
‫‪68‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات تنظيم وضبط وثيقة الزواج ‪38.........................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬اآلثار القانونية الناتجة عن زواج صحيح ‪38....................................‬‬
‫مطلب األول‪ :‬الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين ‪39.....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حق الزوجة في النفقة ‪47...........................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬انحالل ميثاق الزوجية(الطالق) ‪51....................................................‬‬
‫المبحث األول‪:‬أنواع الطالق ‪52..........................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطالق الرجعي والطالق البائن‪52.............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬الطالق الرجعي ‪52..................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطالق االتفاقي والخلع والتمليك‪57...............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطالق باالتفاق ‪57.................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬طالق الخلع ‪59.......................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطالق المملك ‪61....................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التطليق القضائي ‪62..................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التطليق بطلب من أحد الزوجين بسبب الشقاق ‪63..............................‬‬
‫الفقرة األولى‪:‬تعريف الشقاق ‪63....................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬مسطرة الشقاق ‪63....................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التطليق بطلب من الزوجة ‪64......................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التطليق للضرر ‪64.................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التطليق لعدم اإلنفاق ‪65.............................................................‬‬
‫الفهرس ‪67...................................................................................................‬‬

‫‪69‬‬

You might also like