You are on page 1of 3

‫‪.

‬االمرية‪ ،‬سياسية الثانية ‪ ،‬أصول‬


‫شروط الزواج باألمة وعقوبة فاحشتها‬
‫سورة النساء‪ :‬آية ‪125‬‬
‫ت َوهَّللا ُ‬‫ت المؤمنات فمن ما ملكت أيما ُن ُك ْم مِنْ َف َت َياتِ ُك ُم ْالمُْؤ ِم َنا ِ‬ ‫ومن لم يستطع منكم طوالً أن تلك المُحْ َ‬
‫ص َنا ِ‬
‫ت َوال‬ ‫ت غير مُسافِحا ٍ‬ ‫ص َنا ٍ‬ ‫ف مُحْ َ‬ ‫ُورهُنَّ ِب ْال َمعْ ُرو ِ‬ ‫ُأ‬
‫ض َفان ِك ُحوهُنَّ بإذن أهلين َوآ ُتوهُنَّ ج َ‬ ‫َأعْ لَ ُم بِِإي َمانِ ُك ْم َبعْ ُ‬
‫ض ُك ْم مِنْ َبعْ ٍ‬
‫ك لِ َمنْ َخشِ َي‬ ‫ب َذلِ َ‬ ‫ت م َِن ْال َع َذا ِ‬ ‫ص َنا ِ‬ ‫متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن بصف ما على المُحْ َ‬
‫‪.‬العنت ِم ْن ُك ْم َوَأنْ َتصْ ِبرُوا َخ ْي ٌر لَ ُك ْم َوهللا َغفُو ٌر َرحِي ٌم (‪)25‬‬
‫‪:‬المفردات‬
‫‪.‬يستطع االستطاعة كون الشيء في طوعك‪ ،‬ال يتعاصى عليك‪ ،‬طوال‪ :‬زيادة وفضال في المال أو الحال‬
‫‪.‬المحصنات والمراد هنا‪ :‬الحرائر‪ ،‬مُسافحات‪ :‬زانيات‪ .‬أخدان جمع خدن‪ :‬وهو الصاحب أو الرفيق الذي يزني سرا‬
‫‪.‬بفاحشة بفعلة قبيحة وهي الزنا‪ .‬الغنت أصله‪ :‬كسر العظم بعد الجبر ‪ ،‬ثم استعير لكل مشقة وضرر‬
‫‪:‬المناسبة‬
‫هذه اآلية تابعة لما قبلها‪ ،‬تبين حكم التزوج باإلماء وحكم عقوبتهن عند ارتكاب الفاحشة‪ ،‬بعد أن بينت اآلية‬
‫المتقدمة إباحة الزواج بكل النساء األجنبيات غير المحرمات‪ ،‬فلما بين هللا من ال يحل من النساء ومن يحل‬
‫منهن‪ ،‬بين لنا هنا فيمن يح ّل أنه متى يحل‪ ،‬وعلى أي وجه يحل؟‬
‫التفسير والبيان‬
‫ومن لم يجد لديه زيادة في المال والسعة ليتمكن من الزواج بالحرائر‪ ،‬فله أن يتزوج باإلماء‪ ،‬وعبر عنهن بالفتيات‬
‫تكريما لهن وإرشادا لمناداة األمة والعبد بلفظ الفتاة والفتى‬
‫‪:‬روى البخاري أنه صلى هللا عليه وسلّم قال‪« :‬ال يقولن أحدكم عبدي أمتي‪ ،‬وال يقل المملوك‪ :‬ربي‪ ،‬ليقل المالك‬
‫‪».‬فتاي وفتاتي‪ ،‬وليقل المملوك‪ :‬سيدي وسيدتي‪ ،‬فإنكم المملوكون‪ ،‬والزب‪ :‬هو هللا ع ّز وج ّل‬
‫والمراد بالمحصنات هذا الحرائر بدليل مقابلتهن بالمملوكات‪ ،‬وشأن الحزة اإلحصان‪ ،‬كما أن شأن األمة البغاء‬
‫لذا قالت هند للنبي صلى هللا عليه وسلّم على سبيل التعجب أو تزني الحرة؟‬
‫‪:‬وظاهر اآلية يدل على أن زواج اإلماء مشروط بشروط ثالثة‬
‫األول أال يجد الزوج صداق الحزي‬
‫الثاني أن يخشى العنت أي الوقوع في الزنا‬
‫‪.‬الثالث‪ -‬أن تكون األمة المتزوج بها مؤمنة غير كافرة‬

‫‪1‬‬

‫تضى المفهومين عدم اإلباحة إذا اختل الشرط أو عدمت الصفة‪ ،‬وعدم اإلباحة أعم من ثبوت الحرمة أو‬
‫الكراهة‪ ،‬فيجوز أن يكون المراد ثبوت الكراهة عند فقدان الشريط‪ ،‬كما يجوز ثبوت الحرمة‪ ،‬ولكن الكراهة أقل في‬
‫مخالفة العمومات فتعينت وأما قوله تعالى هللا ذلك لمن خشي الغنت لكم فليس بشرط‪ ،‬وإنما هو إرشاد‬
‫لإلصالح العموم مقتضى اآليات‬
‫وأجاب الشافعية بأن هذه العمومات ال تعارض هذه اآلية إال معارضة العام للخاص والخاص مقدم على‬
‫العام والخلفية خصصوا عموم اآليات فيمن لم يكن عنده حزة صونا المولد عن االرقاق‪ ،‬وهذا المعنى يقتضي‬
‫التخصيص أيضا بما إذا لم يكن لديه مهر الحرة‪ ،‬وخاف العلت‪ .‬ثم إن اآلية أباحث نكاح األمة لضرورة من‬
‫‪.‬خشي العنت وفقد مهر الحرة‪ ،‬بشرط كون األمة مسلمة‪ ،‬وفيما عدا ذلك يرجع إلى األصل وهو المنع من النكاح‬
‫ض فهو أنكم أيها المؤمنون مكلفون بظواهر األمور وهللا‬ ‫وأما معنى قوله‪َ ﴿ :‬وهللا َأعْ لَ ُم بِِإي َمانِ ُك ْم َبعْ َ‬
‫ض ُك ْم مِنْ َبعْ ٍ‬
‫يتولى السرائر‪ ،‬فاعملوا على الظاهر في اإليمان واإليمان الظاهر في األمة كاف‪ ،‬وال يشترط العلم باإليمان يقينا‬
‫إذ ال سبيل لكم إليه‪ .‬وأنتم مع اإلماء إما من جنس واحد وهو البشرية والرجوع إلى أصل واحد وهو آدم‪ ،‬وإما أنكم‬
‫مشتركون مع اإلماء في اإليمان واإليمان أعظم الفضائل فال تأئقوا نكاح اإلماء عند الضرورة‪ .‬وهذا رفع من‬
‫‪.‬شأن اإلماء وتسوية بينهن وبين الحرائر‬
‫ثم أعاد هللا تعالى األمر بنكاح اإلماء لزيادة الترغيب‪ ،‬وجعل نكاحهن مثل الحرائر بكونه بإذن أي رضا أهلين‬
‫واألهل‪ :‬المولى‪ ،‬أو المالك لين ألن اإليمان رفع من قدرهن‬
‫واتفق الفقهاء على أن نكاح األمة والعبد مشروط بإذن السيد لهذه اآلية ولحديث ابن ‪ .‬ابن ماجه‪« :‬ايما‬
‫‪».‬عبد تزوج بغير إذن مواله فهو عاهر‬
‫فإذا لم يتوافر اإلذن‪ ،‬كان النكاح في رأي الشافعي باطال غير صحيح‪ ،‬وموقوفا غير نافذ كعقد الفضولي في رأي‬
‫‪.‬الفقهاء اآلخرين‬
‫ومهر‬
‫واألمة كالمرة أيضا في وجوب المهر لها‪ ،‬لقوله تعالى والوهن أجورهن بالمعروف‪ :‬أي أذوا البين مهورهن‬
‫‪.‬بالمعروف بينكم في حسن التعامل ومهر المثل وإذن األهل‬
‫األمة عند الجمهور (أكثر األئمة) للسيّد ألنه وجب عوضا عن منافع البضع المملوكة للسيد‪ ،‬وهو الذي‬
‫ب‬‫ض َر َ‬
‫أباحها للزوج بالنكاح‪ ،‬فوجب أن يكون هو المستحق لبدلها ‪ ،‬وألن الرقيق ال يملك شيئا أصال لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫هللا مثال عبداً مملوكا ً ال يقدر على شي ٍء النحل (‪ ، ]7516‬وقوله صلى هللا عليه وسلّم‪« :‬العبد وما في يده‬
‫‪.‬الموالده‬

‫‪2‬‬

‫ن اإلمام مالك‪ :‬المهر حق اللزوجة على الزوج‪ ،‬ومهر األمة لها‪ ،‬عمال بظاهر اآلية‪ ،‬ورد الجمهور بأن المراد‬
‫باآلية‪ :‬وأتومن مهورهن بإذن أهلين‪ ،‬أو أن المراد وأنوا أهلين ‪.‬مهورهن وإنما أضاف إبناء المهور إليهن لتأكيد‬
‫‪.‬إيجاب المهر‬
‫لكن شرط استحقاق اإلماء المهور أن يكن عقائف متزوجات منكن‪ ،‬ال مستأجرات للبغاء جهرا وهن المسافحات‬
‫وال سراً وهن متخذات األخدان‬
‫وهكذا كان عرف الجاهلية في قسمة الزنى نوعين‪ :‬علني وهو السفاح‪ ،‬وسري وهو اتخاذ األخدان‪ ،‬وقد حرم هللا‬
‫النوعين بقوله ‪ ( :‬وال تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن (األنعام ‪ ، ]1516‬وقوله‪ :‬قُل‪ِ ﴿ :‬إ َّن َما َحرَّ َم َربِّي‬
‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن [األعراف ‪1337‬‬
‫فالمراد بالمحصنات هنا‪ :‬العفائف والمرأة المسافحة‪ :‬هي التي تواجر نفسها مع أي رجل أرادها‪ ،‬والتي تتخذ‬
‫‪.‬الخدن‪ :‬هي التي تتخذ صاحبا معينا‬
‫والسبب في اشتراط كون األمة محصلة مصونة في السر والجهر إذا أراد الحز التزوج بها هو أن الرني كان‬
‫غالبا في الجاهلية على اإلماء‪ ،‬وكانوا يشترونهن لالكتساب ببغائين‪ ،‬حتى إن عبد هللا بن أبي كان يكره إماءه‬
‫ض ْال َح َيا ِة‬
‫على البغاء بعد أن أسلمن‪ ،‬فنزل في ذلك وال تكرهوا فتيات ُكم على البغاء إن أردن شخصاً‪ ،‬لِ َت ْب َت ُغوا َع َر َ‬
‫ال ُّد نيا ‪ .‬النور ‪33/24‬‬
‫ثم أبان هللا تعالى عقوبة الح ّد على الزانية األمة‪ ،‬فجعل عقوبتها نصف عقوبة الحرة‪ ،‬وذلك بقوله‪َ ﴿ :‬فِإذا َأحْ صن‬
‫فإن أتين بفاحشة ‪ ...‬أي أن اإلماء إذا زنين بعد إحصائين بالزواج‪ ،‬فحدهن نصف حد الحرائر‪ ،‬وإذا كان حد‬
‫الز انِي َفاجلِدُوا ُك ّل واح ٍد منهما مائة َج ْل َد ٍة فحد األمة هو خمسون جلدة‬ ‫الز انِ َي َة َو َّ‬
‫‪.‬الحزة مائة جلدة بقوله تعالى‪َّ ﴿ :‬‬
‫هذا ما دل عليه القرآن‪ ،‬فال رجم لإلماء ألن الرحم ال يتنصف‪ ،‬ودلت السئلة على حد األمة غير المتزوجة‪ ،‬روى‬
‫‪:‬الشيخان عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى هللا عليه وسلم سئل عن األمة إذا زنت ولم تحصن؟ فقال‬
‫‪».‬اجلدوها‪ ،‬ثم إن زنت فاجلدوها‪ ،‬ثم إن زنت فاجلدوها‪ ،‬ثم بيعوها ولو بضفير‬
‫والسبب في تصدير اآلية بقوله‪ :‬فإذا أخصنُ هو دفع توهم أن التزوج يزيد في حدهن‪ ،‬فيو قيد لم يجر مجرى‬
‫‪.‬الشرط‪ ،‬فال معهوم له‬
‫ثم ذكر هللا تعالى بقوله‪ :‬ذلك لِ َمنْ َخشي الغنت مل ُكم شرطا آخر إلباحة نكاح اإلماء وهو الخوف من الزني‪ ،‬وهذا‬
‫‪.‬ما أخذ به الشافعي رضي هللا عنه‪ ،‬أما أبو حنيفة فلم يجعل ذلك شرطا‪ ،‬وإنما ‪ ،‬هو إرشاد لألصلح‬

‫‪3‬‬

‫أوصى هللا تعالى في نكاح اإلماء بوصية أدبية خلقية عامة فقال‪ :‬وأن تصبرُوا َخ ْي ٌر لَ ُك م ‪ :‬أي أن صبركم‬
‫عن نكاح اإلماء خير لكم من نكاحين‪ ،‬وإن أبيح لكم ذلك للضرورة بشروط‪ ،‬لما فيه من أضرار ‪ :‬بتعريض الوك‬
‫للزق‪ ،‬وألنهن ممتهنات مبتذالت‪ ،‬خراجات والجات‪ ،‬وذلك ذل ومهانة يرته الواد منهن‪ ،‬وألن حق المولى في اإلماء‬
‫‪.‬أقوى من حق الزوجية‪ ،‬فله الحق باستخدامهن والسفر بهن وبيعهن‪ ،‬وفي ذلك مشقة عظيمة على األزواج‬
‫جاء في مسند التيلمي عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلّم‪« :‬الحرائر‪ :‬صالح البيت‬
‫واإلماء‪ :‬هالك البيت»‪ ،‬وأخرج عبد الرزاق عن عمر رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬إذا نكح العبد الحزة فقد اعتق‬
‫‪».‬نصفه‪ ،‬وإذا نكح األمة فقد أرق نصفه‬
‫َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َرحِي ٌم أي وهللا واسع المغفرة كثيرها‪ ،‬فيغفر لمن لم يصبر عن نكاحين‪ ،‬وفي ذلك تنفير عنه‪ ،‬ويغفر‬
‫لمن صدرت منه هفوات كاحتقار اإلماء المؤمنات‪ ،‬وهو واسع الرحمة كثيرها إذ رخص في نكاح اإلماء وأبان‬
‫‪.‬أحكام الشريعة‬
‫‪ :‬من هداية اآليتين‬
‫جواز نكاح المملوكة باليمين وإن كان زوجها حيا ً في دار الحرب إذا أسلمت ‪ ،‬ألن اإلسالم فصل بينهما ‪-1‬‬
‫‪ .‬وجوب المهور ‪ ،‬وجواز إعطاء المرأة من مهرها لزوجها شيئا ً ‪2-‬‬
‫‪ .‬جواز التزوج من المملوكات لمن خاف العنت وهو عادم للقدرة على الزواج من الحرائر ‪-‬‬
‫‪ .‬وجوب إقامة الحد على من زنت من اإلماء إن أحصن بالزواج واإلسالم ‪-4‬‬
‫‪.‬الصبر على العزوبة خير من الزواج باإلماء إلرشاد هللا تعالى إلى ذلك ‪5-‬‬

‫‪4‬‬

You might also like