Professional Documents
Culture Documents
1
تضى المفهومين عدم اإلباحة إذا اختل الشرط أو عدمت الصفة ،وعدم اإلباحة أعم من ثبوت الحرمة أو
الكراهة ،فيجوز أن يكون المراد ثبوت الكراهة عند فقدان الشريط ،كما يجوز ثبوت الحرمة ،ولكن الكراهة أقل في
مخالفة العمومات فتعينت وأما قوله تعالى هللا ذلك لمن خشي الغنت لكم فليس بشرط ،وإنما هو إرشاد
لإلصالح العموم مقتضى اآليات
وأجاب الشافعية بأن هذه العمومات ال تعارض هذه اآلية إال معارضة العام للخاص والخاص مقدم على
العام والخلفية خصصوا عموم اآليات فيمن لم يكن عنده حزة صونا المولد عن االرقاق ،وهذا المعنى يقتضي
التخصيص أيضا بما إذا لم يكن لديه مهر الحرة ،وخاف العلت .ثم إن اآلية أباحث نكاح األمة لضرورة من
.خشي العنت وفقد مهر الحرة ،بشرط كون األمة مسلمة ،وفيما عدا ذلك يرجع إلى األصل وهو المنع من النكاح
ض فهو أنكم أيها المؤمنون مكلفون بظواهر األمور وهللا وأما معنى قولهَ ﴿ :وهللا َأعْ لَ ُم بِِإي َمانِ ُك ْم َبعْ َ
ض ُك ْم مِنْ َبعْ ٍ
يتولى السرائر ،فاعملوا على الظاهر في اإليمان واإليمان الظاهر في األمة كاف ،وال يشترط العلم باإليمان يقينا
إذ ال سبيل لكم إليه .وأنتم مع اإلماء إما من جنس واحد وهو البشرية والرجوع إلى أصل واحد وهو آدم ،وإما أنكم
مشتركون مع اإلماء في اإليمان واإليمان أعظم الفضائل فال تأئقوا نكاح اإلماء عند الضرورة .وهذا رفع من
.شأن اإلماء وتسوية بينهن وبين الحرائر
ثم أعاد هللا تعالى األمر بنكاح اإلماء لزيادة الترغيب ،وجعل نكاحهن مثل الحرائر بكونه بإذن أي رضا أهلين
واألهل :المولى ،أو المالك لين ألن اإليمان رفع من قدرهن
واتفق الفقهاء على أن نكاح األمة والعبد مشروط بإذن السيد لهذه اآلية ولحديث ابن .ابن ماجه« :ايما
».عبد تزوج بغير إذن مواله فهو عاهر
فإذا لم يتوافر اإلذن ،كان النكاح في رأي الشافعي باطال غير صحيح ،وموقوفا غير نافذ كعقد الفضولي في رأي
.الفقهاء اآلخرين
ومهر
واألمة كالمرة أيضا في وجوب المهر لها ،لقوله تعالى والوهن أجورهن بالمعروف :أي أذوا البين مهورهن
.بالمعروف بينكم في حسن التعامل ومهر المثل وإذن األهل
األمة عند الجمهور (أكثر األئمة) للسيّد ألنه وجب عوضا عن منافع البضع المملوكة للسيد ،وهو الذي
بض َر َ
أباحها للزوج بالنكاح ،فوجب أن يكون هو المستحق لبدلها ،وألن الرقيق ال يملك شيئا أصال لقوله تعالىَ ﴿ :
هللا مثال عبداً مملوكا ً ال يقدر على شي ٍء النحل ( ، ]7516وقوله صلى هللا عليه وسلّم« :العبد وما في يده
.الموالده
2
ن اإلمام مالك :المهر حق اللزوجة على الزوج ،ومهر األمة لها ،عمال بظاهر اآلية ،ورد الجمهور بأن المراد
باآلية :وأتومن مهورهن بإذن أهلين ،أو أن المراد وأنوا أهلين .مهورهن وإنما أضاف إبناء المهور إليهن لتأكيد
.إيجاب المهر
لكن شرط استحقاق اإلماء المهور أن يكن عقائف متزوجات منكن ،ال مستأجرات للبغاء جهرا وهن المسافحات
وال سراً وهن متخذات األخدان
وهكذا كان عرف الجاهلية في قسمة الزنى نوعين :علني وهو السفاح ،وسري وهو اتخاذ األخدان ،وقد حرم هللا
النوعين بقوله ( :وال تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن (األنعام ، ]1516وقوله :قُلِ ﴿ :إ َّن َما َحرَّ َم َربِّي
الفواحش ما ظهر منها وما بطن [األعراف 1337
فالمراد بالمحصنات هنا :العفائف والمرأة المسافحة :هي التي تواجر نفسها مع أي رجل أرادها ،والتي تتخذ
.الخدن :هي التي تتخذ صاحبا معينا
والسبب في اشتراط كون األمة محصلة مصونة في السر والجهر إذا أراد الحز التزوج بها هو أن الرني كان
غالبا في الجاهلية على اإلماء ،وكانوا يشترونهن لالكتساب ببغائين ،حتى إن عبد هللا بن أبي كان يكره إماءه
ض ْال َح َيا ِة
على البغاء بعد أن أسلمن ،فنزل في ذلك وال تكرهوا فتيات ُكم على البغاء إن أردن شخصاً ،لِ َت ْب َت ُغوا َع َر َ
ال ُّد نيا .النور 33/24
ثم أبان هللا تعالى عقوبة الح ّد على الزانية األمة ،فجعل عقوبتها نصف عقوبة الحرة ،وذلك بقولهَ ﴿ :فِإذا َأحْ صن
فإن أتين بفاحشة ...أي أن اإلماء إذا زنين بعد إحصائين بالزواج ،فحدهن نصف حد الحرائر ،وإذا كان حد
الز انِي َفاجلِدُوا ُك ّل واح ٍد منهما مائة َج ْل َد ٍة فحد األمة هو خمسون جلدة الز انِ َي َة َو َّ
.الحزة مائة جلدة بقوله تعالىَّ ﴿ :
هذا ما دل عليه القرآن ،فال رجم لإلماء ألن الرحم ال يتنصف ،ودلت السئلة على حد األمة غير المتزوجة ،روى
:الشيخان عن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى هللا عليه وسلم سئل عن األمة إذا زنت ولم تحصن؟ فقال
».اجلدوها ،ثم إن زنت فاجلدوها ،ثم إن زنت فاجلدوها ،ثم بيعوها ولو بضفير
والسبب في تصدير اآلية بقوله :فإذا أخصنُ هو دفع توهم أن التزوج يزيد في حدهن ،فيو قيد لم يجر مجرى
.الشرط ،فال معهوم له
ثم ذكر هللا تعالى بقوله :ذلك لِ َمنْ َخشي الغنت مل ُكم شرطا آخر إلباحة نكاح اإلماء وهو الخوف من الزني ،وهذا
.ما أخذ به الشافعي رضي هللا عنه ،أما أبو حنيفة فلم يجعل ذلك شرطا ،وإنما ،هو إرشاد لألصلح
3
أوصى هللا تعالى في نكاح اإلماء بوصية أدبية خلقية عامة فقال :وأن تصبرُوا َخ ْي ٌر لَ ُك م :أي أن صبركم
عن نكاح اإلماء خير لكم من نكاحين ،وإن أبيح لكم ذلك للضرورة بشروط ،لما فيه من أضرار :بتعريض الوك
للزق ،وألنهن ممتهنات مبتذالت ،خراجات والجات ،وذلك ذل ومهانة يرته الواد منهن ،وألن حق المولى في اإلماء
.أقوى من حق الزوجية ،فله الحق باستخدامهن والسفر بهن وبيعهن ،وفي ذلك مشقة عظيمة على األزواج
جاء في مسند التيلمي عن أبي هريرة قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلّم« :الحرائر :صالح البيت
واإلماء :هالك البيت» ،وأخرج عبد الرزاق عن عمر رضي هللا عنه أنه قال :إذا نكح العبد الحزة فقد اعتق
».نصفه ،وإذا نكح األمة فقد أرق نصفه
َوهَّللا ُ َغفُو ٌر َرحِي ٌم أي وهللا واسع المغفرة كثيرها ،فيغفر لمن لم يصبر عن نكاحين ،وفي ذلك تنفير عنه ،ويغفر
لمن صدرت منه هفوات كاحتقار اإلماء المؤمنات ،وهو واسع الرحمة كثيرها إذ رخص في نكاح اإلماء وأبان
.أحكام الشريعة
:من هداية اآليتين
جواز نكاح المملوكة باليمين وإن كان زوجها حيا ً في دار الحرب إذا أسلمت ،ألن اإلسالم فصل بينهما -1
.وجوب المهور ،وجواز إعطاء المرأة من مهرها لزوجها شيئا ً 2-
.جواز التزوج من المملوكات لمن خاف العنت وهو عادم للقدرة على الزواج من الحرائر -
.وجوب إقامة الحد على من زنت من اإلماء إن أحصن بالزواج واإلسالم -4
.الصبر على العزوبة خير من الزواج باإلماء إلرشاد هللا تعالى إلى ذلك 5-
4