‫الزواج‪،‬‬ ‫(إحتاف املخطوابت واخلطَّاب‪َّ :‬‬

‫بصحة اشرتاط املرأة عدم َّ‬

‫وأنَّه ال خيالف قوله تعاىل‪{ :‬فانكحوا ما طاب})‬
‫الرحيم‬
‫الرمحن َّ‬
‫بسم هللا َّ‬
‫السالم على رسول هللا‪َّ .‬أما بعد‪.‬‬
‫الصالة و َّ‬
‫احلمد هلل‪ ،‬و َّ‬
‫فقد اختلف العلماء يف حكم اشرتاط املرأة على خطيبها َّأَّل َّ‬
‫يتزوج عليها على قولني مشهورين‪:‬‬
‫األول‪:‬‬
‫القول َّ‬
‫ذهب مجهور العلماء من احلنفيَّة(‪ ،)1‬واملالكيَّة(‪ ،)2‬والشَّافعيَّة(‪ ،)3‬والظَّاهريَّة(‪ )4‬إىل أنَّه َّل جيوز للمرأة‬
‫الزوج َّأَّل َّ‬
‫يتزوج عليها‪.‬‬ ‫أن تشرتط على َّ‬
‫األول‪:‬‬
‫أدلة القول َّ‬
‫األول‪:‬‬
‫الدَّليل َّ‬
‫كل شرط ليس يف كتاب هللا فهو ابطل‪ ،‬وإن كان مائة شرط"(‪.)5‬‬
‫قال ‪ُّ " :‬‬
‫ويف لفظ‪" :‬من اشرتط شرطًا ليس يف كتاب هللا فهو ابطل"‪.‬‬
‫وشرط عدم التَّزويج شرط ابطل‪ ،‬ليس يف شرع هللا تعاىل‪.‬‬
‫يرد هذا الشَّرط أو يبطله‪َّ ،‬‬
‫ألن املراد بقوله‪" :‬ليس يف كتاب هللا"‪.‬‬ ‫ونوقش‪ :‬أبنَّه َّل يوجد يف الشَّرع ما ُّ‬
‫أي ليس يف حكم هللا وشرعه‪ ،‬وهذا شرط صحيح مشروع(‪.)6‬‬
‫الدَّليل الثَّاين‪:‬‬
‫أحل حر ًاما"(‪.)7‬‬
‫حالال أو َّ‬
‫حرم ً‬‫قال ‪" :‬املسلمون على شروطهم َّإال شرطًا َّ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬خمتصر اختالف الفقهاء للجصاص (‪ ،)310/2‬تبيني احلقائق (‪.)149/2‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املدونة (‪ ،)75/2‬البيان والتحصيل (‪.)482/4‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬املهذب (‪ ،)465/2‬روضة الطالبني (‪.)265/7‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬احمللى (‪.)126-124/9‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه البخاري (‪ ،)2729( )2563( )2168( )2155‬ومسلم (‪ .)1504‬من حديث عائشة‪.‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬املغين (‪.)485/9‬‬
‫(‪ )7‬حسن بشواهده‪.‬‬
‫أخرجه البخاري تعلي ًقا –بصيغة اجلزم‪ -‬يف (كتاب اإلجارة‪-‬ابب أجر السمسرة) (‪ ،)92/3‬ووصله أبو داود‬
‫يف (‪ ،)3594‬وابن اجلارود (‪ ،)637‬والطرباين (‪ ،)30(/22‬والدارقطين (‪ ،)2890‬واحلاكم (‪،)49/2‬‬
‫والبيهقي (‪ .)11539‬من حديث أيب هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫انظر‪ :‬تغليق التعليق (‪ ،)282-281/3‬إرواء الغليل (‪.)143/5‬‬
‫‪1‬‬
‫حيرم احلالل‪ ،‬وألنَّه ليس من مصلحة‬ ‫وشرط عدم التَّزويج َّل يلزم الوفاء به‪ ،‬فهو ابطل؛ ألنَّه شرط ِّ‬
‫مردودا(‪.)8‬‬ ‫ِّ‬
‫للرجل أن يعدد مثىن وثالث ورابع‪ ،‬فكان شرطًا ً‬ ‫العقد‪ ،‬فاهلل أابح َّ‬
‫أبن هذا الشَّرط فيه مصلحة للمرأة‪ ،‬فيلزم الوفاء به‪ ،‬فالتَّعدد جيلب هلا الغرية‪ ،‬وهي تعلم‬ ‫ونوقش‪َّ :‬‬
‫الزوجات ضرائر‪ ،‬فاملرأة مل تعتدي‬ ‫من نفسها َّأَّنا َّل تصرب ويقع عليها ضرر‪ ،‬ومن هنا مسَّى الن ُّ‬
‫َّيب ‪َّ ‬‬
‫يتزوج أكثر من واحدة وأسقطه‪،‬‬ ‫الزوج هو الَّذي أسقط حقَّه‪ ،‬فإذا كان له ُّ‬
‫احلق يف أن َّ‬ ‫على أحد‪ ،‬و َّ‬
‫فما املانع من صحة هذا الشَّرط؟!(‪.)9‬‬
‫الدَّليل الثَّالث‪:‬‬
‫تزوج امرأة على عهد عمر بن اخلطَّاب ‪-‬رضي هللا عنه‪-‬‬ ‫رجال َّ‬
‫أن ً‬‫السباق َّ‬
‫عن سعيد بن عبيد بن َّ‬
‫وشرط هلا أن َّل خيرجها فوضع عنه عمر بن اخلطَّاب الشَّرط‪ ،‬وقال‪ :‬املرأة مع زوجها(‪.)10‬‬
‫حجة‪.‬‬ ‫ونوقش‪ :‬أبنَّه أثر ضعيف‪َّ ،‬ل ُّ‬
‫يصح وَّل تقوم به َّ‬
‫الرابع‪:‬‬
‫الدَّليل َّ‬
‫يتسرى‪ ،‬وَّل ينقلها إىل‬
‫تزوج امرأة وشرط أن َّل ينكح عليها‪ ،‬وَّل َّ‬
‫رجال َّ‬
‫أن ً‬‫عن حيىي بن أيب كثري‪َّ ،‬‬
‫وتسريت‪ ،‬وخرجت هبا إىل أهلك(‪.)11‬‬‫أهله‪ ،‬فبلغ ذلك عمر‪ ،‬فقال‪ :‬عزمت عليك َّإَّل نكحت عليها‪َّ ،‬‬
‫حجة‪.‬‬ ‫ونوقش‪ :‬أبنَّه أثر ضعيف‪َّ ،‬ل ُّ‬
‫يصح وَّل تقوم به َّ‬
‫الدَّليل اخلامس‪:‬‬
‫ط هللا قبل شرطهم‪ ،‬مل‬
‫تزوج امرأة‪ ،‬وشرط هلا دارها قال‪ :‬شر ُ‬
‫ُرفع إىل عن علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬رجل َّ‬
‫يره شيئًا(‪.)12‬‬

‫(‪ )8‬انظر‪ :‬األم (‪ ،)79/5‬أعالم احلديث (‪.)1980-1979/3‬‬

‫(‪ )9‬انظر‪ :‬الشرح املمتع (‪.)167/12‬‬
‫(‪ )10‬ضعيف‪ .‬سعيد بن عبيد السباق مل يدرك عمر رضي هللا عنه‪.‬‬
‫أخرجه سحنون كما يف املدونة (‪ ،)131/2‬وسعيد بن منصور (‪ ،)670‬ومن طريقه البيهقي (‪.)14549‬‬
‫تنبيه‪ :‬مل يتنبه اإلمام األلباين رمحه هللا إىل االنقطاع بني سعيد وعمر رضي هللا عنه‪ ،‬فقال يف اإلرواء (‪:)304/6‬‬
‫(وإسناده صحيح‪ ،‬وجوده احلافظ يف "الفتح")‪ .‬قلت‪ :‬مل جيود احلافظ إسناده إىل عمر‪ ،‬إمنا جود إسناده إىل‬
‫سعيد بن عبيد‪ ،‬فقال يف الفتح (‪( :)218/9‬فروى بن وهب إبسناد جيد عن عبيد بن السباق)‪.‬‬
‫(‪ )11‬ضعيف‪ .‬حيىي بن أيب كثري مل يسمع أح ًدا من الصحابة‪ ،‬وهو يرسل ويدلس‪ .‬أخرجه عبد الرزاق (‪.)10609‬‬
‫(‪ )12‬ضعيف‪ .‬فيه عباد بن عبد هللا األسدي‪.‬‬
‫أخرجه عبد الرزاق (‪ ،)10624‬وسعيد بن منصور (‪ ،)667‬وابن أيب شيبة (‪ ،)16456‬وابن سعدان يف‬
‫جزئه (‪ ،)147‬ومن طريقه البيهقي (‪.)14551‬‬
‫‪2‬‬
 ‫حجة‪.‬‬ ‫ونوقش‪ :‬أبنَّه أثر ضعيف‪َّ ،‬ل ُّ‬
‫يصح وَّل تقوم به َّ‬
‫السادس‪:‬‬
‫الدَّليل َّ‬
‫َّل فرق بني اشرتاط املرأة طالق أختها‪ ،‬وبني هذا وبني اشرتاطها أن َّل يتزوج عليها‪.‬‬
‫الزوجة من اإلضرار هبا وكسر قلبها وخراب بيتها ومشاتة‬‫ونوقش‪ :‬الفرق بينهما أن يف اشرتاط طالق َّ‬
‫أعدائها ما ليس يف اشرتاط عدم نكاحها ونكاح غريها‪ ،‬وقد فرق النَّص بينهما‪ ،‬فقياس أحدمها على‬
‫اآلخر فاسد(‪.)13‬‬
‫القول الثَّاين‪:‬‬
‫(‪)16‬‬
‫إىل أنَّه جيوز للمرأة وألهلها أن‬ ‫ذهب احلنابلة(‪ ،)14‬وهو قول الليث بن سعد(‪ ،)15‬وإسحاق‬
‫يتزوج عليها‪ ،‬وانتصر هلذا القول‪ :‬ابن تيمية(‪ ،)17‬وابن القيم(‪ ،)18‬وابن سعدي(‪ ،)19‬وابن‬
‫يشرتطوا أَّل َّ‬
‫ابز(‪ ،)20‬وابن عثيمني(‪.)21‬‬
‫األول‪:‬‬
‫أدلة القول َّ‬
‫األول‪:‬‬
‫الدَّليل َّ‬
‫َّ ِ‬
‫آمنُوا أ َْوفُوا‬ ‫ين َ‬ ‫النُّصوص العامة الَّيت أتمر ابلوفاء ابلعهود والعقود‪ ،‬كقوله تعاىل‪{ :‬اي أَيُّ َها الذ َ‬
‫عاه ُدوا}‪ .‬وقوله تعاىل‪َ { :‬وأ َْوفُوا ِابل َْع ْه ِد إِ َّن ال َْع ْه َد‬ ‫ِ‬
‫ود}‪ .‬وقوله تعاىل‪َ { :‬وال ُْموفُو َن بِ َع ْه ِده ْم إِذا َ‬
‫ِابلْع ُق ِ‬
‫ُ‬
‫وال}‪.‬‬ ‫َكا َن َم ْسئُ ً‬
‫نصا‬ ‫الصحة‪ ،‬وَّل حيرم منها ويبطل إَّل ما َّ‬
‫دل الشَّرع على حترميه وإبطاله ًّ‬ ‫فاألصل يف الشُّروط اجلواز و َّ‬
‫قياسا(‪.)22‬‬
‫أو ً‬
‫الدَّليل الثَّاين‪:‬‬

‫(‪ )13‬زاد املعاد (‪.)98/5‬‬

‫(‪ )14‬انظر‪ :‬مسائل أيب داود (‪ ،)233‬مسائل حرب مسائل النكاح (‪ ،)257/1‬مسائل الكوسج (‪.)1528/4‬‬
‫(‪ )15‬انظر‪ :‬مسائل الكوسج (‪ ،)1528/4‬جامع الرتمذي (‪.)426/3‬‬
‫(‪ )16‬انظر‪ :‬التمهيد (‪.)426/11‬‬
‫(‪ )17‬انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)119/33( )165/32‬‬
‫(‪ )18‬انظر‪ :‬زاد املعاد (‪ ،)98/5‬وإعالم املوقعني (‪ ،)108/2‬إغاثة اللهفان (‪.)694/2‬‬
‫(‪ )19‬انظر‪ :‬منهج السالكني (‪.)200‬‬
‫(‪ )20‬انظر‪ :‬فتاوى نور على الدرب (‪.)299/20‬‬
‫(‪ )21‬انظر‪ :‬الشرح املمتع (‪.)167/12‬‬
‫(‪ )22‬انظر‪ :‬القواعد النورانية (‪.)261‬‬
‫‪3‬‬
 ‫أحق ما أوفيتم من ُّ‬
‫الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"(‪.)23‬‬ ‫َّيب ‪ُّ " :‬‬
‫قال الن ُّ‬
‫نص يف مثل هذه‬ ‫أحق ابلوفاء من غريه‪ ،‬وهذا ٌّ‬
‫َّيب ‪ ‬ما يستحل به الفروج من الشُّروط ُّ‬ ‫فجعل الن ُّ‬
‫الصداق كتأجيله أو غري نقد البلد أو زايدة على مهر املثل ِّلزم‬
‫الشُّروط‪ ،‬فهم جممعون على شرط َّ‬
‫الزوجة َّأَّل َّ‬
‫يتزوج عليها يدخل يف هذا احلديث(‪.)24‬‬ ‫الوفاء ابلشَّرط‪ ،‬فاشرتاط َّ‬
‫الدَّليل الثَّالث‪:‬‬
‫إن علي بن أيب طالب خطب ابنة أيب جهل على فاطمة‬ ‫عن املسور بن خمرمة ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬قال‪َّ :‬‬
‫فسمعت رسول هللا ‪ ‬خيطب النَّاس يف ذلك على منربه هذا‪ ،‬وأان يومئذ حمتلم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬رضي هللا عنها‪-‬‬
‫صهرا له من بين عبد مشس‪ ،‬فأثىن‬‫أختوف أن تفنت يف دينها"‪ .‬مثَّ ذكر ً‬ ‫إن فاطمة ِِ‬
‫مين‪ ،‬وأان َّ‬ ‫فقال‪َّ " :‬‬
‫حالال‪ ،‬وال‬
‫أحرم ً‬ ‫وإين لست ِِ‬ ‫عليه يف مصاهرته َّإايه‪ .‬قال‪" :‬حدَّثين فصدقين‪ ،‬ووعدين َّ‬
‫فوَّف يل‪ِِ ،‬‬
‫أحل حر ًاما‪ ،‬ولكن وهللا ال جتتمع بنت رسول هللا ‪ ‬وبنت عدو هللا أب ًدا"(‪.)25‬‬ ‫ُّ‬
‫(ووجه تضمن احلديث لذلك أنه ‪ ‬أخرب أن ذلك يؤذي فاطمة ويريبها‪ ،‬وأنَّه يؤذيه ‪ ‬ويريبه‪،‬‬
‫زوجه فاطمة ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬على أن َّل يؤذيها وَّل يريبها وَّل يؤذي أابها‬ ‫قطعا أنَّه ‪َّ ‬إَّنا َّ‬
‫ومعلوم ً‬
‫‪ ‬وَّل يريبه‪ ،‬وإن مل يكن هذا مشرتطًا يف صلب العقد‪ ،‬فإنَّه من املعلوم ابلضَّرورة أنَّه َّإَّنا دخل عليه‪،‬‬
‫ويف ذكره ‪ ‬صهره اآلخر‪ ،‬وثناءه عليه أبنَّه حدَّثه فصدقه‪ ،‬ووعده فوىف له تعريض بعلي ‪-‬رضي هللا‬
‫عنه‪ -‬وهتييج له على اَّلقتداء به‪ ،‬وهذا يشعر أبنَّه جرى منه وعد له أبنَّه َّل يريبها وَّل يؤذيها‪ ،‬فهيَّجه‬
‫على الوفاء له‪ ،‬كما َّ‬
‫وىف له صهره اآلخر)(‪.)26‬‬
‫الرابع‪:‬‬
‫الدَّليل َّ‬
‫عن عبد الرمحن بن غنم قال‪ :‬شهدت عمر بن اخلطَّاب واختصم إليه يف امرأة شرط هلا زوجها أن َّل‬
‫خيرجها من دارها‪ ،‬قال عمر‪ :‬هلا شرطها‪ ،‬قال رجل‪ :‬لئن كان هكذا َّل تشاء امرأة تفارق زوجها إَّل‬
‫فارقته‪ ،‬فقال عمر‪ :‬املسلمون عند مشارطهم‪ ،‬عند مقاطع حدودهم(‪.)27‬‬
‫الدَّليل اخلامس‪:‬‬

‫(‪ )23‬أخرجه البخاري (‪ .)5151( )2721‬من حديث عقبة بن عامر رضي هللا عنه‪.‬‬
‫(‪ )24‬انظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪ ،)165/32‬إعالم املوقعني (‪ ،)60/3‬منهج السالكني (‪.)201-200‬‬
‫(‪ )25‬أخرجه البخاري (‪ ،)5230( )3767( )3729( )3110‬ومسلم (‪.)2449‬‬
‫(‪ )26‬زاد املعاد (‪.)108-107/5‬‬
‫(‪ )27‬صحيح‪.‬‬
‫أخرجه عبد الرزاق (‪ ،)10610( )10608‬وسعيد بن منصور (‪ ،)663( )662‬وابن أيب شيبة (‪.)16449‬‬
‫‪4‬‬
‫عن أيب عبيدة بن عبد هللا بن مسعود قال‪ :‬أيت معاوية ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬يف امرأة شرط هلا زوجها‪:‬‬
‫أن هلا دارها‪ ،‬فسأل عمرو بن العاص ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬فقال‪ :‬أرى أن يفي هلا بشرطها(‪.)28‬‬
‫صح عن عمر وسعد(‪ )29‬ومعاوية‪ ،‬وَّل خمالف‬
‫الصحابة ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬فإنَّه َّ‬ ‫فظهر َّ‬
‫أن هذا (إمجاع َّ‬
‫عامة التَّابعني وقال به أمحد‪ ،‬وخالف يف ذلك الثَّالثة فأبطلوا الشَّرط‬
‫الصحابة‪ ،‬وإليه ذهب َّ‬
‫هلم من َّ‬
‫ومل يوجبوا الوفاء به)(‪.)30‬‬
‫الدَّليل السادس‪:‬‬
‫َّلزما‪ ،‬كما لو شرطت عليه‬ ‫ِّ‬
‫وألنَّه شرط للمرأة فيه منفعة‪ ،‬فال مينع املقصود من النكاح‪ ،‬فكان شرطًا ً‬
‫زايدة يف املهر أو أن يدفع املهر بعملة غري عملة البلد(‪.)31‬‬
‫الرتَّجيح‪:‬‬
‫الَّذي يظهر رجحانه أنَّه جيوز للمرأة عند العقد أن تشرتط أَّل َّ‬
‫يتزوج عليها؛ ألنَّه ليس يف ذلك الشَّرط‬
‫الرجل‬
‫ضرر على أحد‪ ،‬وفيه منفعة هلا‪َّ ،‬أما منفعتها فظاهر‪ ،‬و َّأما أنَّه َّل ضرر فيه على أحد؛ فألن َّ‬
‫ليس له زوجة‪ ،‬وهلذا لو اشرتطت أن يطلِّق زوجته الَّيت معه فهذا الشَّرط حرام وَّلغ(‪.)32‬‬

‫احملمدي‬
‫عرفات بن حسن َّ‬
‫املدينة النبويَّة‬
‫قبل مغرب مشس االثنني ‪1445/5/20‬ه‬

‫(‪ )28‬صحيح‪ .‬أخرجه عبد الرزاق (‪ ،)10612‬وسعيد بن منصور (‪ ،)664‬وابن أيب شيبة (‪.)16452‬‬
‫(‪ ) 29‬أثر سعد بن أيب وقاص‪ ،‬أخرجه ابن أيب الدنيا يف جمايب الدعوة (‪ ،)35‬ويف احملتضرين (‪ .)256‬ويف إسناده‬
‫أم قيس ومل يوثقها معترب‪.‬‬
‫(‪ )30‬إغاثة اللهفان (‪.)694/2‬‬
‫(‪ )31‬انظر‪ :‬املغين (‪.)485/9‬‬
‫(‪ )32‬فتاوى نور على الدرب (‪.)206/10‬‬
‫‪5‬‬