You are on page 1of 10

‫حبث مصغر مقدم ملادة اجلديث لقسم الرشسعة املس توى السادس‬

‫خطبة النساء وأخكامها‬


‫الإعداد‪ :‬ليىل بنت أيب بكر الغفاري ‪42‬‬
‫ا إلرشاف‪ :‬ادلكتور محمد العجوز أبو معاذ حفظه هللا ورعاه‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف اخلطبة‪ ،‬وبيان ومشروعيتها‪ ،‬وحكمتها‪ ،‬وما يرتتب عليها‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬األسس اليت وضعها الختيار الزوجني‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أحكام اخلطبة وآداهبا‬

‫املطلب الرابع‪ :‬النظر إىل املرأة املخطوبة‬


‫املطلب األول‪ :‬تعريف اخلطبة‪ ،‬وبيان ومشروعيتها‪ ،‬وحكمتها‪ ،‬وما يرتتب عليها‪.‬‬

‫تعريف اخلطبة‪:‬‬

‫تعريف اخلطبة لغة‪ :‬خطبت على املنرب ُخطبة ابلضم وخطبت املرأة ِخطبة ابلكسر وهي مأخوذة‬
‫من اخلطاب وهو الكالم أو احلديث أو التلفظ‪ ،‬وإما أن تكون مأخوذة من اخلَطُب وهو األمر املهم أو الشأن‬
‫املهم‪.‬‬

‫أما اصطالحا‪ :‬فيمكن تعريف اخلِطبة ابلكسر أبحد التعريفات التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬طلب يد املرأة للتزوج هبا‪.‬‬


‫‪ .2‬التماس النكاح ممن يعترب منه‪.‬‬
‫‪ .3‬إظهار الرغبة يف النكاح وإعالم املرأة وويل أمرها بذلك‬

‫هل ذكرت اخلِطبة ‪-‬ابلكسر‪ -‬يف القرآن؟‬

‫ذكرت اخلطبة يف القرآن أثناء احلديث عن املرأة املعتدة من الوفاة تعريضاً ال تصرحياً ففي سورة البقرة قوله تعاىل‪:‬‬
‫ضتُ ْم بِِه ِم ْن ِخطْبَ ِة النِ َس ِاء}‪ 1‬فهذه اآلية خطاب ملن أراد الزواج ابملرأة املعتدة والتعريض‬
‫اح َعلَْي ُك ْم فِ َيما َعَّر ْ‬
‫{وال ُجنَ َ‬
‫َ‬
‫‪2‬‬
‫هو اإلمياء وهو خالف التصريح وهو جائز يف عدة الوفاة‪.‬‬

‫مشروعية اخلطبة‪:‬‬

‫وقد ثبت مشروعية اخلطبة ابلكتاب والسنة‪:‬‬

‫ضتُ ْم بِِه ِم ْن ِخطْبَ ِة النِ َس ِاء أ َْو أَ ْكنَ ْن تُ ْم ِيف أَنْ ُف ِس ُك ْم‬
‫اح َعلَْي ُك ْم فِ َيما َعَّر ْ‬
‫• من الكتاب‪ ،‬قوله تعاىل‪َ { :‬وَال ُجنَ َ‬
‫اح‬‫وه َّن ِسًّرا إَِّال أَ ْن تَ ُقولُوا قَ ْوًال َم ْع ُروفًا َوَال تَ ْع ِزُموا ُع ْق َد َة النِ َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وَنُ َّن َولَك ْن َال تُ َواع ُد ُ‬ ‫َعلِ َم َّ‬
‫اّللُ أَنَّ ُك ْم َستَ ْذ ُك ُر َ‬
‫ِ ‪3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اّللَ َغ ُفور َحليم}‬ ‫اّللَ يَ ْعلَ ُم َما ِيف أَنْ ُفس ُك ْم فَ ْ‬
‫اح َذ ُروهُ َو ْاعلَ ُموا أ ََّن َّ‬ ‫َجلَهُ َو ْاعلَ ُموا أ ََّن َّ‬
‫اب أ َ‬ ‫َح َّّت يَْب لُ َغ الْكتَ ُ‬

‫‪ 1‬البقرة اآلية ‪135‬‬


‫‪2‬انظر الكتاب‪ :‬مقدمات النكاح (دراسة مقارنة) املؤلف‪ :‬حممد بن عبد العزيز السديس الناشر‪ :‬اجلامعة االسالمية ابملدينة املنورة‬
‫الطبعة‪ :‬العدد ‪ -128‬السنة ‪1425 -37‬ه‬
‫‪ 3‬البقرة اآلية ‪235‬‬
‫• من السنة‪:‬‬
‫أ‪ .‬قال رسول هللا ﷺ‪( :‬إذا خطب أجدكم امرأة‪ ،‬فقدر أن يرى منها ما يدعو إىل نكاحها‪،‬‬
‫فليفعل) رواه أمحد و أبو داود‪.‬‬
‫ب‪ .‬ويف حديث آخر‪( :‬انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)‪ .‬رواه النسائي‪.‬‬
‫ت‪ .‬ومن السنة الفعلية أن رسول هللا خطب بعض زوجاته حفصة‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وأم سلمة رضوان هللا‬
‫ب َعائِ َشةَ إِ َىل أَِِب بَ ْك ٍر‪،‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫َِّب َ َّ‬
‫صلى هللاُ َعلَْيه َو َسل َم َخطَ َ‬ ‫عليهن أمجعني‪ ،‬فقد روي َع ْن ُع ْرَوةَ‪ ،‬أ ََّن النِ َّ‬
‫‪4‬‬
‫اّللِ َوكِتَابِِه‪َ ،‬وِه َي ِيل َحالَل»‪.‬‬ ‫ت أ َِخي ِيف ِدي ِن َّ‬ ‫ال‪« :‬أَنْ َ‬ ‫وك‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ال لَهُ أَبُو بَ ْك ٍر‪ :‬إََِّّنَا أ َََن أ ُ‬
‫َخ َ‬ ‫فَ َق َ‬

‫حكمة مشروعية اخلطبة‪:‬‬

‫اخلِطبة من مقدمات النكاح وقد شرعها هللا قبل عقد النكاح حّت ال يُقدم أحد الزوجني على صاحبه‬
‫إال بعد املعرفة التامة بصاحبه‪ ،‬فيكون اإلقدام حينئذ على هدى ومعرفة وبصرية‪ ،‬وقد قَال أهل العلم أن النكاح‬
‫جائز بغري خطبة‪.‬‬

‫ما الَّ ِذي يرتتب على اخلطبة‪:‬‬

‫اخلطبة هي جمرد طلب أو تقدم للزواج ميكن قبوله أو رده وليست بزواج‪ ،‬وإَّنا الزواج ال يتم إال بشروطه‬
‫وأركانه‪ ،‬فاخلِطبة إذاً ال يرتتب عليها شيء‪ ،‬واملرأة املخطوبة امرأة أجنبية كغريها من األجنبيات ال جيوز اخللوة وال‬
‫السفر هبا‪ ،‬وال استدامة النظر إليها كما هو واقع يف حال كثري من األسر يف هذا الزمان‪ ،‬ومعلوم خطورة اخللوة‪،‬‬
‫ويف احلديث‪( :‬أال ال خيلون رجل ابمرأة إال كان اثلثهما الشيطان) رواه الرتمذي ويف رواية عن ابن عباس رضي‬
‫هللا عنهما عن النِب صلى هللا عليه وسلم قَال‪( :‬ال خيلو رجل ابمرأة إال مع ذي حمرم) رواه البخاري‪.‬‬

‫‪ 4‬صحيح البخاري كتاب النكاح ابب تزويج الصغار من الكبار رقم‪5081‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬األسس اليت وضعها الختيار الزوجني‬

‫ال شك أن املرأة هي أساس البيت وعماده فإذا كانت املرأة صاحلة صلح البيت‪ ،‬وإذا كانت فاسدة‬
‫فسد البيت‪ ،‬وهلذا جيب على الرجل أن يفكر طويالً يف اختيار الزوجة‪ ،‬وأن حيكم العقل ال جمرد العاطفة بل ال‬
‫بد من التأين والروية يف اختيار الزوجة‪ ،‬ومعلوم أن أكثر املشاكل واخلالفات الزوجية تعود إىل سوء اختيار الزوجة‬
‫وإىل سوء اختيار الزوج فما هي األسس اليت وضعها الشارع احلكيم يف هذا األمر‪.‬‬

‫نبدأ أوالً ابألسس اليت تراعى عند اختيار الزوجة هي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن تكون الزوجة ذات دين‪ ،‬متدينة‪ ،‬متمسكة بدينها‪ ،‬وقد رسم لنا النِب صلى هللا عليه وسلم وبني لنا هذا‬
‫الطريق بقوله يف احلديث املتفق عليه‪ ( :‬تنكح املرأة ألربع‪ ،‬ملاهلا وجلماها وحلسبها ولدينها فاظفر بذات الدين‬
‫تربت يداك) رواه البخاري يف كتاب النكاح ابب األكفاء يف الدين‪.‬‬

‫فهذا أمر من النِب صلى هللا عليه وسلم ابختيار ذات الدين وأن من ظفر بذات الدين فليتمسك هبا وال يعدل‬
‫عنها‪ ،‬ألن املرأة الصاحلة تقوم بواجبها خري قيام من تربية أوالدها‪ ،‬والقيام حبقوق زوجها‪ ،‬فاملرأة راعية يف بيت‬
‫زوجها ومسؤولة عن رعيتها‪ ،‬وكما يف احلديث‪( :‬الدنيا متاع وخري متاع الدنيا املرأة الصاحلة) رواه مسلم كتاب‬
‫الرضاع ابب خري متاع الدنيا‪.‬‬

‫ومعىن تربت يداك مبعىن التصقتا ابلرتاب وهي كناية عن الفقر وهو خرب مبعىن الدعاء لكن ال يراد به حقيقته‪،‬‬
‫فهي من أمساء األضداد حيث تطلق أيضاً على الغىن‪ .‬وقد أتول العلماء معىن «تربت يداك» بعدة أتويالت‪:‬‬

‫‪- 1‬أن هذا كناية عن شدة الفقر اليت تعرتي اإلنسان الَّ ِذي مل يظفر بذات الدين واخللق‪.‬‬

‫‪- 2‬استغنت يداك إذا ظفرت بذات الدين‪.‬‬

‫‪- 3‬أن مثل هذا الكالم جرى جمرى املخاطبة‪ ،‬ال يقصد به ذماً وال مدحاً‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬أن تكون املرأة كرمية األصل‪ ،‬ومعناه‪ :‬أن تكون املرأة من أسرة معروفة ابلصالح واملروءة والشهامة والكرم‬
‫ذات خلق وعقل حّت تقف املرأة جبانب زوجها وتشد من أزره فإن اإلنسان يف هذه احلالة تعرتيه الصعوابت‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬أن تكون املرأة ولوداً وهذا يعرف أبقارهبا‪ ،‬من أخواهتا وعماهتا وخالتها وبنات جنسها‪ ،‬وذلك ألن هذه‬
‫املرأة تنجب األوالد وتربيهم تربية صحيحة‪ ،‬فيكثر النسل‪ ،‬وبه يتحقق مباهاة النِب صلى هللا عليه وسلم أبُمته يوم‬
‫القيامة وذلك بقوله‪( :‬تزوجوا الودود الولود فإين مكاثر بكم األمم يوم القيامة)‬

‫رابعا‪ :‬أن تكون املرأة بكراً والبكر هي اليت ال تعرف الرجال وال يعرفوَنا خبالف الثيب‪ ،‬فالزواج ابألبكار أدعى‬
‫إىل االستقرار ودوام احلياة الزوجية‪ ،‬وقد جاء يف حديث جابر أن النِب صلى هللا عليه وسلم قَال له‪" :‬أتزوجت‬
‫اي جابر"؟ قَال‪ :‬نعم‪ ،‬قَال‪" :‬أثيباً أم بكرًا"‪ ،‬قَال‪ :‬بل ثيباً‪ ،‬فقال النِب صلى هللا عليه وسلم‪" :‬فهال جارية تالعبها‬
‫وتالعبك" متفق عليه‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أن تكون الزوجة بعيدة عن الرجل‪ ،‬أي أَنا ليست من أسرة الرجل وبيئته وأقاربه‪ ،‬وذلك ألن لكل أسرة‬
‫من األسر خصائص ومميزات تتميز هبا عن األخرى فإذا كانت املرأة بعيدة اكتسب األوالد خصائص األسرتني‬
‫وال شك أن خصائص األسرتني أقوى من خصائص أسرة واحدة‪ ،‬ويكون الولد أجنب وهلذا يقال اغرتبوا ال‬
‫تضووا‪ ،‬يعين انكحوا الغرائب كي ال يضعف أوالدكم‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أن يكون هناك مثة تقارب بني الزوجني من حيث املستوى واملعيشة والعمر‪ ،‬ومن الناحية االجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية‪ ،‬ألن التقارب أدعى إىل االستمرار‪ ،‬وابتعاد املستوى يؤدي إىل التنافر والقطيعة‪.‬‬

‫األسس اليت ينبغي مراعاهتا عند اختيار الزوج‪:‬‬

‫جيب على ويل املرأة أن خيتار لكرميته ووليته الرجل الكفء‪ ،‬أي الرجل الصاحل‪ ،‬صاحب الدين والكرم‬
‫والشهامة‪ ،‬إىل آخر الصفات‪ ،‬ألن الرجل الصاحل ال يظلم املرأة يف الغالب‪ ،‬وإَّنا يعاملها ابحلسىن‪ ،‬فهو إن عاشرها‬
‫‪5‬‬
‫عاشرها ابملعروف‪.‬‬

‫‪ 5‬نقلته من الكتاب‪ :‬مقدمات النكاح (دراسة مقارنة) املؤلف‪ :‬حممد بن عبد العزيز السديس الناشر‪ :‬اجلامعة االسالمية ابملدينة‬
‫املنورة الطبعة‪ :‬العدد ‪ -128‬السنة ‪1425 -37‬ه ‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أحكام اخلطبة وآداهبا‬

‫‪ .1‬حترم خطبة املسلم على خطبة أخيه الذي أجيب لطلبه ولو تعريضاً‪ ،‬وعلم الثاين إبجابة األول؛ لقوله‬
‫ﷺ‪( :‬ال خيطب الرجل على خطبة أخيه حّت ينكح أو يرتك) رواه البخاري؛ وذلك ملا يف التقدم للخطبة‬
‫من اإلفساد على األول‪ ،‬وإيقاع العداوة‪.‬‬
‫ضتُ ْم بِِه ِم ْن ِخطْبَ ِة‬ ‫ِ‬
‫يما َعَّر ْ‬
‫اح َعلَْي ُك ْم ف َ‬
‫‪ .2‬حيرم التصريح خبطبة املعتدة البائن؛ لقوله تعاىل‪َ ( :‬وَال ُجنَ َ‬
‫اء) [البقرة‪ ]235 :‬فيجوز له التعريض‪ ،‬كأن يقول‪ :‬وددت أن ييسر هللا يل امرأة صاحلة‪ ،‬أو‪ :‬إين‬ ‫النِس ِ‬
‫َ‬
‫أريد الزواج‪ ،‬فنَ ْفي احلرج عن ِ‬
‫املعرض ابخلطبة يدل على عدم جواز التصريح‪ ،‬فقد حيملها احلرص على‬
‫الزواج على اإلخبار ابنقضاء عدهتا قبل انقضائها‪ .‬وأما املعتدة الرجعية‪ ،‬فيحرم حّت التعريض؛ ألَنا يف‬
‫حكم الزوجات‪.‬‬
‫‪ .3‬من استشري يف خاطب أو خمطوبة وجب عليه أن يذكر ما فيهما من حماسن ومساوئ‪ ،‬وال يكون ذلك‬
‫‪6‬‬
‫من الغيبة‪ ،‬بل من النصيحة املرغب فيها شرعاً‪.‬‬
‫‪ .4‬ال الفقهاء‪" :‬ويباح ملن أراد خطبة امرأة وغلب على ظنه إجابته‪ :‬نظر ما يظهر غالبا‪ ،‬بال خلوة‪ ،‬إن‬
‫أمن من الفتنة" انتهى‪ .‬ويف حديث جابر‪" :‬فكنت أختبأ هلا‪ ،‬حّت رأيت منها بعض ما دعاين إىل‬
‫نكاحها"‪.‬‬
‫فدل ذلك على أنه ال خيلو هبا‪ ،‬وال تكون هي عاملة بذلك‪ ،‬وأنه ال ينظر منها إال ما جرت العادة‬
‫بظهوره من جسمها‪ ،‬وأن هذه الرخصة ختتص مبن غلب على ظنه إجابته إىل تزوجها‪ ،‬فإن مل يتيسر‬
‫النظر إليها؛ بعث إليها امرأة ثقة تتأملها مث تصفها له؛ ملا روى‪" :‬أن النِب صلى هللا عليه وسلم بعث أم‬
‫‪7‬‬
‫سليم تنظر امرأة"‪ ،‬رواه أمحد‪.‬‬

‫‪6‬نقلته من الكتاب ‪ :‬الفقه امليسر يف ضوء الكتاب والسنة املؤلف ‪ :‬جمموعة من املؤلفني الناشر ‪ :‬جممع امللك فهد لطباعة‬
‫املصحف الشريف سنة الطبع ‪1424 :‬ه ‪.‬‬
‫‪7‬انظر‪ :‬الكتاب‪ :‬امللخص الفقهي املؤلف‪ :‬صاحل بن فوزان بن عبد هللا الفوزان الناشر‪ :‬دار العاصمة‪ ،‬الرايض‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية الطبعة‪ :‬األوىل‪1423 ،‬ه‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬النظر إىل املرأة املخطوبة‬

‫النظر إىل املرآة ينقسم غلى قسمني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النظر بغري سبب‪:‬‬

‫ال يصح للرجل أن ينظر إىل املرأة األجنبية منه‪ ،‬والنظر إليها ال خيلو إما أن يكون لغري سبب فهذا‬
‫صا ِرِه ْم} سورة النور اآلية ‪ .30‬فهذا َني عن إطالق‬ ‫ممنوع وحمرم‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬قُل لِْلم ْؤِمنِني ي غُ ُّ ِ‬
‫ضوا م ْن أَبْ َ‬ ‫ْ ُ َ َ‬
‫صا ِرِه َّن} النور اآلية ‪ .30‬فدل على‬
‫ض َن م ْن أَبْ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ات ي ْغض ْ ِ‬
‫{وقُ ْل ل ْل ُم ْؤمنَ َ ُ‬
‫النظر‪ ،‬مث أمر هللا النساء مبا أمر به الرجال َ‬
‫منع النظر بغري سبب‪ .‬ويف حديث جرير بن عبد هللا سألت النِب صلى هللا عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرين‬
‫أن أصرف بصري‪ .‬رواه مسلم كتاب اآلداب ابب نظر الفجأة‪ .‬ويف حديث علي‪" :‬ايعلي ال تتبع النظرة النظرَة‬
‫فإن لك ألوىل وليست لك اآلخرة" رواه أمحد يف املسند‪ .‬هذه النصوص وما شاهبها دليل على حترمي النظر بدون‬
‫سبب‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬النظر بسبب‪:‬‬

‫وأما أن يكون النظر بسبب؛ فهذا ينقسم إىل أقسام ثالثة‪:‬‬

‫‪ .1‬إذا كان للضرورة‪ ،‬وذلك مثل الطبيب املعاجل‪ ،‬ينظر إىل موضع احلاجة وال يتعداه إىل غريه ألن الضرورة‬
‫تقدر بقدرها‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كان النظر ملصلحة‪ :‬وذلك مثل حتمل الشهادة‪ ،‬وكذلك يف حال املبايعة‪.‬‬
‫‪ .3‬النظر إىل املرأة املخطوبة‪ ،‬فإنه جيوز للرجل أن ينظر إىل املرأة املخطوبة‪،‬‬
‫• كما يف حديث جابر بن عبد هللا قوله صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إذا خطب أحدكم امرأة فإن‬
‫استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إىل نكاحها فليفعل" قَال جابر‪ :‬فخطبت امرأة فكنت أختبأ‬
‫هلا حّت نظرت منها ما دعاين إىل نكاحها فتزوجتها‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫• وحديث املغرية بن شعبة‪ :‬أنه خطب امرأة‪ ،‬فقال له النِب صلى هللا عليه وسلم‪" :‬انظر إليها‬
‫فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أي أدعى إىل اجلمع بني قلبيكما‪.‬‬
‫• وحديث أِب هريرة أن رجالً خطب امرأة من األنصار‪ ،‬فقال له النِب صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫"أنظرت إليها"‪ ،‬قَال‪ :‬ال‪ ،‬فقال له النِب صلى هللا عليه وسلم‪" :‬اذهب فانظر إليها فإن يف أعني‬
‫األنصار شيئاً"‪ .‬ويف رواية‪" :‬هل نظرت إليها فإن يف عيون األنصار شيئاً" رواه مسلم‪ .‬واختلف‬
‫يف املراد بقوله‪ :‬شيئاً‪ ،‬فقيل‪ :‬صفر وقيل‪ :‬زرقة وقيل‪ :‬عمش‪.‬‬
‫• وحديث سهل بن سعد الساعدي يف املرأة الواهبة نفسها‪ ،‬فنظر إليها النِب صلى هللا عليه‬
‫وسلم فصعد النظر وصوبه‪ ،‬أما صعد ابلتشديد أي رفع‪ ،‬وأما صوب ابلتشديد أي خفض‪.‬‬
‫واملراد أنه نظر أعالها وأسفلها‪.‬‬
‫فهذه النصوص دلت على جواز النظر إىل املرأة املخطوبة‪.‬‬

‫مقدار النظر إىل املرأة املخطوبة‪:‬‬

‫اختلف الفقهاء يف مقدار النظر إىل املرأة املخطوبة على أقوال‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬جيوز النظر إىل مجيع بدن املرأة‪ ،‬وهذا مذهب داود‪ ،‬واستدل على ذلك حبديث املغرية بن شعبة‪:‬‬
‫"انظر إليها" وغريه من األحاديث‪ ،‬فهو جاء بلفظ عام مطلق حيث أطلق النظر‪ ،‬وعند اإلطالق يشمل مجيع‬
‫البدن‪.‬‬

‫قَال النووي‪ :‬وهذا خطأ ظاهر منابذ ألصول السنة واإلمجاع‪.‬‬

‫القول الثاين‪ :‬ينظر إىل الوجه فقط‪ ،‬وهذه إحدى الروايتني عند اإلمام أمحد‪ ،‬وعللوا‪:‬‬

‫أبن النظر إىل املرأة حمرم‪ ،‬وأبيح يف حال اخلطبة للحاجة فقط‪ ،‬وتندفع هذه احلاجة ابلنظر إىل الوجه فقط‪ ،‬ألن‬
‫الوجه مكمل اجلمال وجممع احلسن‪ ،‬فبالنظر إليه يستطيع أن يتعرف على مجاهلا‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬ينظر إىل الوجه والكفني فقط‪ ،‬وهذا هو مذهب الشافعية واملالكية‬

‫{ما ظَ َهَر ِمْن َها} ابلوجه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ين ِزينَ تَ ُه َّن إال َما ظَ َهَر مْن َها}‪ ،‬فقد جاء يف تفسري َ‬
‫{وال يُْبد َ‬
‫واستدلوا بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫والكفني‪.‬‬

‫كما استدلوا حبديث جابر السابق ‪" :‬فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إىل نكاحها فليفعل"‪ ،‬فقالوا‪ :‬النظر‬
‫إىل الوجه والكفني يكفي‪ ،‬ألن الوجه موضع حسن‪ ،‬والنظر إىل الكفني يعرف منه نعومة املرأة ولينها وخصوبتها‪.‬‬

‫القول الرابع‪ :‬ينظر إىل الوجه والكفني والقدمني وهو قول احلنفية‬
‫وعللوا أبن النظر إىل هذه األشياء فيه زايدة إيضاح ابلنسبة للمرأة‪ ،‬فالوجه يتبعه الشعر‪ ،‬ويتبع الكفني الذراعني‪،‬‬
‫ويتبع القدمني الساقني‪.‬‬

‫ين ِزينَ تَ ُه َّن‬ ‫ِ‬


‫{وال يُْبد َ‬
‫االقول اخلامس‪ :‬نقل عن األوزاعي‪ ،‬ينظر إىل مواضع اللحم‪ ،‬واستدل على ذلك بقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫إِال َما ظَ َهَر ِمْن َها ‪ .} ...‬الَّ ِذي يظهر من املرأة غالبا مواضع اللحم مثل الكفني والفخذين والساقني‪.‬‬

‫القول السادس‪ :‬وهو املذهب عند احلنابلة‪ :‬أن يُنظر إىل ما يظهر من املرأة غالبا أي ما ينظر إليه احملارم أو ما‬
‫يظهر من املرأة أثناء عملها‪.‬‬

‫وعللوا هذا أبن األحاديث اليت جاء اإلذن فيها تفيد أن ينظر إىل ما يظهر غالبا من غري حتديد إذ ال ميكن إفراد‬
‫الوجه ابلنظر فقط دون غريه‪ ،‬والنصوص مل تنص على شيء معني‪ ،‬وال ميكن ختصيص الوجه فقط‪ ،‬فدل على أن‬
‫ين ِزينَ تَ ُه َّن إِال َما ظَ َهَر ِمْن َها} أي ما ظهر منها‬ ‫ِ‬
‫{وال يُْبد َ‬
‫ينظر إىل ما يظهر عادة ويؤيد هذا قول هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫‪8‬‬
‫عادة‪ ،‬فيباح النظر إليه كذوات احملارم‪.‬‬

‫قلت‪ :‬والذي يرتجح عندي هو النظر إىل الوجه والكفني فقط‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪ 8‬املرجع السابق‬

You might also like