You are on page 1of 35

‫املقدمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على خامت املرسلني‪ ،‬نبينا دمحم‪ ،‬وعلى آله وصبحه أمجعني‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذا «شرح نواقض اإلسالم» لفضيلة الشيخ سليمان بن انصر العلوان ‪ -‬حفظه هللا من كل سوء‬
‫‪ ،-‬أماله يف سجن الطرفية عرب فتحة يف اجلدار عام ‪ 1411‬هـ(‪ ،)1‬وقد كانت بداية إلقاء الشرح يوم‬
‫األربعاء املوافق ‪ 1411/2/82‬هـ‪ ،‬حىت يوم االثنني ‪ 1411/9/5‬هـ‪.‬‬
‫وقد جعلنا ملحقا يف آخر الكتاب ابلفوادد واألسئلة اليت ألقيت على الشيخ عقب الشرح‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫كتبه‬
‫دار العلوان‬

‫‪‬‬

‫(‪ )1‬ما كان بني معكوفتني فهو زايدةٌ من الدار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫شرح نو اقض إلاسالم‬

‫قوله‪( :‬اعلم) من العلم وهو معرفة الشيء على ما هو عليه‪.‬‬


‫قوله‪( :‬نواقض اإلسالم عشرة) حيتمل هذا أحد أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن هذه العشرة شاملةٌ لغريها‪ ،‬وغريها يرجع إليها‪ ،‬وهذا االحتمال فيه نظر؛ ألن هناك‬
‫نواقض ال ترجع إىل هذه العشرة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن الشيخ دمحم بن عبد الوهاب رمحه هللا ذكر النواقض املشهورة يف عصره وانتخبها من‬
‫مئات النواقض لتلطخ كث رري من اخللق يف عصره هبذه النواقض‪ ،‬وهذا أصح‪.‬‬
‫ونواقض اإلسالم كثرية‪ ،‬وضابطه أن كل قول أو فعل أو اعتقاد يناقض أصل اإلميان فهو كفر‪،‬‬
‫ومعرفة النواقض من املهمات؛ لكي يتجنبها املسلم وحيذرها؛ ألن من مل يعرف الشر يقع فيه‪ ،‬وأكثر ما‬
‫حيول بني الناس وبني هذه النواقض هو عدم تصور الواقع حتت هذه النواقض‪.‬‬
‫دور يف حجب هذه النواقض‪ ،‬خاصة إرجاء اجلهمية الذين يسميهم شيخ‬ ‫واإلرجاء كذلك له ٌ‬
‫اإلسالم ابن تيمية (اجلهمية اإلانث)‪ ،‬فهؤالء حيصرون النواقض يف االستحالل واجلحود واالعتقاد‪،‬‬
‫وهذا الفكر قد أعمى حني انتشر وكان عادقا عن فهم النواقض‪.‬‬
‫وقد تكلم شيخ اإلسالم يف كتابه «الصارم املسلول على شامت الرسول ^» على من قيد كفر‬
‫ساب الرسول ^ ابالستحالل‪ ،‬وبني أن هذه زلةٌ عظيمة‪ ،‬وبني أن هذا مذهب اجلهمية اإلانث‪،‬‬
‫والسلف متفقون على تضليل هؤالء وأهنم جهمية‪ ،‬وهم كثريون يف هذا العصر مثل الذين يسمون‬
‫أنفسهم «السلفية» اليوم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪8‬‬
‫الناقض ألاول‬

‫(الشرك يف عبادة هللا وحده ال شريك له‪ ،‬ومنه‪ :‬الذبح لغري هللا كمن يذبح للجن أو للقرب)‬
‫بدأ الشيخ رمحه هللا هبذا الناقض ألنه أهم النواقض وأكثرها وقوعا وانتشارا وأغلظها ذنبا‪.‬‬
‫يف غري جامع‪.‬‬ ‫والشرك‪ :‬هو تسوية غري هللا ابهلل فيما هو من خصادص هللا‪ .‬وهذا تعر ٌ‬
‫وقال بعضهم‪( :‬الشرك‪ :‬هو دعوة غريه معه)‪ ،‬وهذا تفسريٌ للشرك ببعض أفراده‪.‬‬
‫مانع من‬
‫جامع إال أنه ليس ٌ‬ ‫يف ٌ‬ ‫وقالت طادفة‪( :‬هو صرف العبادة املأمور هبا لغري هللا)‪ ،‬وهذا تعر ٌ‬
‫كل وجه‪ ،‬وال أعلم تفسريا جامعا مانعا له‪ ،‬ولكن التفسري األخري هو أحسنها‪ ،‬واملقصود هبذه التعاريف‬
‫هو تعريف الشرك يف العبادة؛ ألن هناك شركا يف الربوبية وشركا يف األمساء والصفات وشركا يف العبادة‪،‬‬
‫واحلديث اليوم هو يف شرك العبادة؛ ألنه هو األكثر و قوعا‪.‬‬
‫والشرك نوعان‪:‬‬
‫األول‪ :‬شرك أكرب‪ :‬وهذا ال يغفره هللا إال ابلتوبة‪ ،‬ومن لقي هللا به فهو خمل ٌد يف النار؛ لقوله تعاىل‪:‬‬
‫شاءُ﴾ [النساء‪ ،]42:‬أي‪ :‬أن هللا ال يغفر‬ ‫ك لِ َم ْن يَ َ‬
‫اَّللَ َال يَغْ ِف ُر أَ ْن يُ ْش َر َك بِ ِه َويَغْ ِف ُر َما ُدو َن ذَلِ َ‬
‫﴿إِ َّن َّ‬
‫الشرك األكرب‪ ،‬ومن لقي هللا به مل تنفعه شفاعة الشافعني ومل تنفعه صالته وال صيامه وال حجه؛ لقوله‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه ا ْْلَنَّةَ﴾ [املاددة‪ ،]28:‬وحني ذكر هللا تعاىل يف سورة‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬إِنَّه من ي ْش ِر ْك ِِب َِّ‬
‫َّلل فَ َق ْد َح َّرَم َّ‬ ‫ُ َْ ُ‬
‫ِ‬
‫دليل على‬‫األنعام األنبياء قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ ْو أَ ْش َرُكوا َلَب َ َع ْن ُم ْم َما َكانُوا يَ ْم َملُو َن﴾ [األنعام‪ ،]22:‬وفيه ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ورا﴾‬ ‫ط لألعمال‪ ،‬كما قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وقَد ْمنَا إ ََل َما َعملُوا م ْن َع َم ٍل فَ َج َملْنَاهُ َهبَ ً‬
‫اء َم ْن ثُ ً‬ ‫أن الشرك حمب ٌ‬
‫ت‬ ‫ين ِم ْن قَ ْبلِ َ‬
‫ك لَئِ ْن أَ ْش َرْك َ‬ ‫َّ ِ‬
‫ك َوإِ ََل الذ َ‬
‫[الفرقان‪ ،]81:‬وقال تعاىل يف سورة الزمر‪﴿ :‬ولََق ْد أ ِ‬
‫ُوح َي إِلَْي َ‬ ‫َ‬
‫ك﴾ [الزمر‪.]55:‬‬
‫لَيَ ْحبَطَ َّن َع َملُ َ‬
‫قوله‪( :‬ومنه‪ :‬الذبح لغري هللا) ذكر املؤلف رمحه هللا أن من أنواع الشرك‪ :‬الذبح لغري هللا‪ ،‬كالذبح‬
‫للجن‪ ،‬سواء قال‪ :‬بسم اجلن‪ .‬أو‪ :‬بسم هللا‪ .‬وقصد اتقاء اجلن أو دفع ضرر اجلن‪.‬‬
‫والشرك يف الذبح نوعان‪:‬‬
‫شرك يف التسمية‪.‬‬
‫األول‪ٌ :‬‬
‫شرك يف القصد‪ ،‬كمن أخذ هبيمة وذبح عند قرب البدوي تقراب إليه‪ ،‬أو قال‪ :‬بسم البدوي‪.‬‬ ‫الثاين‪ٌ :‬‬
‫شرك أكرب‪.‬‬
‫فهذا ٌ‬
‫شرك أصغر‪ ،‬وهذا صاحبه حتت املشيئة يف قول مجاهري العلماء‪ ،‬وأمجعوا أنه ال خيلد‬‫النوع الثاين‪ٌ :‬‬

‫‪1‬‬
‫يف النار‪.‬‬
‫والشرك األصغر‪ :‬هو ما مساه الشارع شركا أو كان وسيلة إىل الشرك األكرب ومل يصل إىل الشرك‬
‫األكرب‪ ،‬مثل‪ :‬احللف بغري هللا أو قول‪ :‬ما شاء هللا وشئت‪ .‬وقد يرتقي إىل األكرب‪.‬‬
‫وهناك نوعٌ اثلث للشرك‪ ،‬وهو‪ :‬الشرك اخلفي‪ ،‬ذكره طادفةٌ من العلماء وفيه تفصيل‪ ،‬فمن جعله‬
‫دون الشرك األصغر فهذا غلط‪ ،‬وهذا يف كتب كث رري من املتأخرين‪ ،‬ومن جعله قسما اثلثا وجعله‬
‫قسمني أكرب وأصغر فهذا صواب‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪4‬‬
‫الناقض الثاني‬

‫قوله‪( :‬من جمل بينه وبني هللا وسائ يدعوهم ويسأهلم الشفاعة ويتوكل عليمم كفر إمجاعاً)‬
‫أفرد املؤلف هذا الناقض ألمهيته وكثرة املتلبسني به وإال فهو داخل حتت الناقض األول‪.‬‬
‫فمن استغاث ابألموات يف كشف الكرابت وقضاء الديون وطلب الشفاعة وتفريج اهلموم ومعافاة‬
‫ذوي البليات فقد أشرك شركا أكرب‪ ،‬وهذا املدعو ال يستطيع دفع الضر عن نفسه فكيف يدفعه عن‬
‫غريه؟! قال تعاىل‪َ ﴿ :‬والَّ ِذي َن تَ ْدعُو َن ِم ْن ُدونِِه َما َيَْلِ ُكو َن ِم ْن قِط ِْم ٍري﴾ [فاطر‪ ]11:‬اآلية‪ ،‬واألصل يف‬
‫امليت أنه ال يسمع إال ما ثبت بدليل‪ ،‬وهذا املدعو يوم القيامة يكفر مبن أشرك به‪.‬‬
‫قبيح يف العقول‪ ،‬ولو تُرك الناس وشأهنم دون تلبيس امللبسني لبقي الناس‬ ‫قبيح يف الفطر ٌ‬ ‫والشرك ٌ‬
‫على الفطرة‪ ،‬قال رسول هللا ^‪( :‬كل مولود يولد على الفطرة‪ ،)...‬أي‪ :‬يستجيب للتوحيد وال‬
‫متفق على صحته‪.‬‬
‫جيحده ويُقر به وال يَكفره‪ ،‬واحلديث ٌ‬
‫وذكر شيخ اإلسالم يف «كتاب الزايرة» أن الطلب من امليت ثالثة أقسام‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن أتيت إىل قرب امليت فتطلب منه الشفاء أو النصرة أو إغاثة اللهفات وكشف الكرابت‬
‫شرك أكرب ابإلمجاع‪ ،‬وهذا مقطوعٌ به‪ ،‬ومن لقي هللا به فهو خمل ٌد يف النار‪.‬‬
‫وقضاء الديون‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫الثاين‪ :‬أن أتيت إىل امليت فال تدعوه إمنا تطلب منه أن يدعو لك ربك‪ ،‬مثل‪ :‬اي رسول هللا‪ :‬ادع‬
‫شرك‬
‫وحمرم ابالتفاق‪ ،‬وشيخ اإلسالم ال يرى أن هذا ٌ‬ ‫هللا يل‪ .‬فهذا بدعةٌ على ما قال شيخ اإلسالم ٌ‬
‫أكرب وحيكي االتفاق على ذلك‪.‬‬
‫شرك أكرب ومل يفصل فهو‬ ‫كل‪ :‬فمن حيث العموم يقال أنه شرك‪ ،‬ومن قال أن طلب امليت ٌ‬ ‫وعلى ر‬
‫مصيب‪ ،‬والتفصيل إمنا حنتاجه يف تكفري املعني‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬من سأل هللا جباه امليت فهذا بدعة‪ ،‬وال جيوز السؤال جباه أحد‪ ،‬إمنا تسأل هللا بعملك‬
‫جادز ابلكتاب والسنة واإلمجاع‪ ،‬أما سؤال هللا جباه دمحم ^ وغريه فهذا ليس من‬
‫الصاحل‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫عملك‪.‬‬
‫قوله‪( :‬كفر إمجاعا) هذا ذكره شيخ اإلسالم يف «التوسل والوسيلة» وذكر حنوه يف «كتاب‬
‫الزايرة»‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪5‬‬
‫‪1. Islam jaheri amol er nam‬‬
‫‪2. Iman bateni amol er nam‬‬

‫الناقض الثالث‬

‫إمجاعا) حكى ابن‬


‫ً‬ ‫قوله‪( :‬من مل يُكفر املشركني أو شك يف كفرهم أو صحح مذهبمم كفر‬
‫تيمية يف كتابه «الزايرة» اإلمجاع على أن من مل يكفر اليهود والنصارى واملشركني فإنه كافر‪.‬‬
‫ومقصود األدمة يف هذا‪ :‬الكفار املقطوع بكفرهم من األصليني أو املرتدين‪ ،‬أما املختلف يف كفرهم‬
‫من النوع والعني فال يكفر من مل يكفرهم‪ ،‬فال يزال األدمة يف كل عصر خيتلفون يف بعض الطوادف‬
‫والفرق ويف بعض األعيان‪ ،‬ومل يكن يُكفر بعضهم بعضا‪ ،‬بل ومل يبدعوا بعضهم بعضا‪ ،‬واختلف‬
‫الصحابة والتابعون واألدمة يف كفر اخلوارج‪ ،‬واختلف األدمة يف كفر املعتزلة والرافضة ومل يكفر بعضهم‬
‫بعضا‪ ،‬وكذلك اختلف التابعون يف كفر احلجاج‪ ،‬فكان ابن سريين ال يرى كفره‪ ،‬وكان احلسن وجماهد‬
‫وعمر بن عبد العزيز يذهبون إىل كفره‪ ،‬ومل يكن هؤالء األدمة يُكفر بعضهم بعضا وال يضلل بعضهم‬
‫خمتلف فيها‪.‬‬
‫بعضا؛ ألن هذه املسألة ٌ‬
‫وقد يتفق العلماء على تكفري النوع وخيتلفون يف تكفري العني‪.‬‬
‫وعلى هذا‪ :‬إذا خالف أح ٌد يف العني فإنه ال يُكفَّر وال يُبدَّع إذا كان مصدر كالمه عن عل رم‬
‫واجتهاد‪ ،‬وأما من مل يُكفر املقطوع بكفره من الكفار األصليني من اليهود والنصارى واملشركني وغريهم‪،‬‬
‫ين قَالُوا إِ َّن‬ ‫َّ ِ‬
‫مكذب هلل ولرسوله ^‪ ،‬فإن هللا تعاىل يقول يف كتابه‪﴿ :‬لََق ْد َك َف َر الذ َ‬ ‫ٌ‬ ‫فهذا كافر؛ ألنه‬
‫ث ثََالثٍَة﴾ [املاددة‪ ،]21:‬فقد حكم هللا جل وعال على هؤالء ابلكفر‪ ،‬وقال هللا تعاىل‪﴿ :‬إِ َّن َّ‬
‫اَّللَ‬ ‫اَّللَ ََثلِ ُ‬
‫َّ‬
‫ْكتَ ِ‬‫َع َّد َهلُم س ِمريا﴾ [األحزاب‪ ،]54:‬وقال تعاىل‪﴿ :‬إِ َّن الَّ ِذين َك َفروا ِمن أ َْه ِل ال ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ين َوأ َ ْ َ ً‬ ‫لَ َم َن الْ َكاف ِر َ‬
‫ين فِ َيما﴾ [البينة‪.]5:‬‬ ‫والْم ْش ِركِني ِيف ََن ِر جمن ِ ِ‬
‫َّم َخالد َ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫وكذلك من مل يكفر األعيان املقطوع بكفرهم كفرعون وهامان وأيب جهل وأيب هلب وأيب طالب‬
‫وحنو هؤالء ممن ثبت كفرهم ابلكتاب والسنة وأمجع املسلمون على ذلك وقطعوا به‪ ،‬فإنه يَكفر؛ ألنه‬
‫يكون مكذاب هلل ولرسوله ^‪.‬‬
‫وكثريٌ من املتأخرين يفهمون هذه القاعدة وهذا الناقض على غري وجهه‪ ،‬فينزلون التكفري على من‬
‫ط كبريٌ وزلةٌ عظيمة؛ فإن األدمة ال يزالون خيتلفون وال يُكفر‬
‫مل يوافقهم يف املختلف فيه‪ ،‬وهذا غل ٌ‬
‫ر‬
‫معروف يف أهل السنة‪ ،‬بل هو‬ ‫بعضهم بعضا‪ ،‬والتعجل يف التكفري أو التكفري ابلظنون والشبهات غري‬
‫معروف عند الروافض واخلوارج‪ ،‬وقد قال النيب ^‪( :‬من قال ألخيه‪ :‬اي كافر‪ .‬فقد ابء هبا أحدمها‪ ،‬إن‬
‫ٌ‬

‫‪5‬‬
‫متفق عليه من حديث ابن عمر واللفظ ملسلم‪ ،‬وقد أمجع العلماء على‬
‫كان كما قال وإال رجعت إليه) ٌ‬
‫ني مل خيرج إال بيقني مثله‪ ،‬فال جيوز إخراجه ابلشك أو الشبهة أو الظن‬‫أنه من دخل اإلسالم بيق ر‬
‫احملتمل‪ ،‬وهذه املسألة من أهم املسادل وأكربها‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Fahua Kafir‬‬ ‫الناقض الرابع‬

‫(من اعتقد أن غري هدي النيب ^ أكمل من هديه أو أن حكم غريه أحسن من حكمه‪)...‬‬
‫متعلق ابألقوال واالعتقادات‪ ،‬فإن من اعتقد بقلبه أن حكم غري هللا أحسن من حكم هللا‬ ‫هذا الناقض ٌ‬
‫انقض إال وله مناط‪ ،‬وهذا املناط قد يكون اعتقاداي‪،‬‬ ‫كان كافرا‪ ،‬وكفره من جهة االعتقاد؛ ألنه ما من ر‬
‫وقد يكون قوليا‪ ،‬وقد يكون فعليا‪ ،‬وكذلك من قال أن حكم غري هللا أحسن من حكم هللا‪ ،‬كان كافرا‪،‬‬
‫ومناط كفره القول‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ولََق ْد قَالُوا َكلِ َمةَ الْ ُك ْف ِر َوَك َف ُروا بَ ْم َد إِ ْس َال ِم ِم ْم﴾ [التوبة‪.]24:‬‬
‫ومن هذا‪ :‬قول من قال أن القوانني الوضعية العصرية أحسن للناس من األحكام الشرعية‪.‬‬
‫ومن قال أن القوانني الوضعية أصلح للناس يف معاشهم ومعادهم‪https://youtu.be/Mmd .‬‬
‫‪LgYrxpEo?t=2776‬‬
‫ومن قال أبن القوانني العصرية أرفق ابلناس من الشرعية‪Tagut [tugiyani] --- kono manuske tar level .‬‬
‫‪theke bariye deya‬‬
‫‪1. Allahor ibadat 2. nobir s. itoat‬‬ ‫ومن هذا‪ :‬من قال أن القوانني العصرية أنسب للعصر احلاضر من الشرعية‪.‬‬
‫فضل حكم غري هللا على حكم هللا‪ ،‬سواء قال هذا بلفظه أو‬ ‫فهذه نواقض‪ ،‬ومناط الكفر‪ :‬أنه قد َّ‬
‫اَّلل ُح ْك ًما لَِق ْوٍم يُوقِنُو َن﴾‬ ‫اهلِيَّ ِة ي ب غُو َن ومن أَحسن ِمن َِّ‬
‫ََ ْ ْ َ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫اعتقده بقلبه‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬أَفَح ْكم ا ْْل ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫[املاددة‪.]55:‬‬
‫طاعن يف الشرع‬ ‫ٌ‬ ‫ب هلل ولرسوله‬ ‫فضل األحكام الوضعية على األحكام الشرعية فهو ُمكذ ٌ‬ ‫ومن َّ‬
‫حمآد هلل ولرسوله‪ ،‬وكفر هذا ال ُخيتلف فيه‪ ،‬وهو من املقطوع به يف اإلسالم‪.‬‬ ‫و ٌ‬
‫ومع هذا؛ يوجد يف هذا العصر من يشكك يف كفر هؤالء‪ ،‬وهم يقولون يف اإلعالم والصحف‪:‬‬
‫(ال نريد حكم اإلسالم‪ ،‬وال نريد إال األحكام الوضعية فإهنا أنفع وأرقى وأعدل)! وهؤالء يعارضون‬
‫القطعيات!‬
‫شرع لعباد هللا ما مل أيذن به هللا‬ ‫وأما من استحل احلكم بغري ما أنزل هللا أو بدل شريعة هللا أو َّ‬
‫حكام أخرى نذكرها ونشرحها على التفصيل‪ ،‬فإن هللا تعاىل يقول‪َ ﴿ :‬وَم ْن َملْ َْي ُك ْم َِمَا أَنْ َل َ َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫فهذه أ ٌ‬
‫ك ُه ُم الْ َكافِ ُرو َن﴾ [املاددة‪ ،]55:‬والكفر إذا عرف ابأللف والالم فإنه ال حيتمل إال األكرب ما مل‬ ‫فَأُولَئِ َ‬
‫تدل قرينة على أن املراد األصغر‪.‬‬
‫وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن عبد هللا بن طاووس عن أبيه عن عبد هللا بن عباس يف قوله‬
‫ك ُه ُم الْ َكافِ ُرو َن﴾ [املاددة‪ ]55:‬اآلية‪ ،‬قال‪( :‬هي به كفر)‪،‬‬ ‫اَّللُ فَأُولَئِ َ‬
‫تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن َملْ َْي ُك ْم َِمَا أَنْ َل َ َّ‬
‫أي‪ :‬أن اآلية على إطالقها‪ ،‬وأن هذا خار ٌج عن شريعة اإلسالم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وهؤالء أقسام‪:‬‬
‫كافر مقطوعٌ بكفره ابإلمجاع‪.‬‬
‫‪ .1‬من استحل احلكم بغري ما أنزل هللا‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫كافر ابإلمجاع‪ ،‬وقد كان‬
‫‪ .8‬من زعم أنه خمريٌ بني احلكم مبا أنزل هللا وبني القوانني الوضعية‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫ختبط من هذا‪ ،‬وبال ريب أن‬‫املرجئة األُول يقولون بكفر هذا والذي قبله‪ ،‬ومرجئة العصر يف ر‬
‫مرجئة العصر اليوم أبعد عن شريعة هللا وأغلظ بدعة وأعظم ضالال من مرجئة األمس‪.‬‬
‫‪ .1‬من بدل شريعة هللا وجعل عوض القصاص‪ :‬السجن‪ ،‬أو جعل عوض قطع اليد‪ :‬غرامة مالية‪،‬‬
‫كافر ابإلمجاع‪ ،‬حكاه ابن تيمية وابن‬
‫وجعل هذا شرعا للناس‪ ،‬وجعلهم يتحاكمون إليه‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫كثري وآخرون من األمة‪ ،‬قال شيخ اإلسالم يف «الفتاوى» اجمللد الثالث‪( :‬واإلنسان مىت حلل‬
‫كافر مرت ٌد‬
‫احلرام اجملمع عليه‪ ،‬أو حرم احلالل اجملمع عليه‪ ،‬أو بدل الشرع اجملمع عليه‪ ،‬فإنه ٌ‬
‫ابتفاق الفقهاء)‪.‬‬
‫‪ .4‬التشريع‪ ،‬وهو غري التبديل‪ ،‬وذلك أبن يُشرع لعباد هللا أحكاما مبا مل أيذن به هللا‪.‬‬
‫وجعله بعض العلماء من التبديل‪ ،‬وهذا فيه نظر‪ ،‬فإن املبدل مشرع‪ ،‬وال يلزم من املشرع أن‬
‫يكون مبدال‪ ،‬وقد يكون التشريع مرتبطا ابلتبديل‪ ،‬وقد ال يكون‪ ،‬والتشريع مراتب‪:‬‬
‫ات مفروضات‪.‬‬ ‫شرع للمسلمني قبلة أو زايدة صلو ر‬‫كفر أكرب‪ ،‬كما لو َّ‬
‫منه‪ٌ :‬‬
‫ومنه‪ :‬ما هو دون ذلك‪ ،‬كبعض البدع اليت حيدثها بعض أهل األهواء‪.‬‬
‫ولكن جنس التشريع كفر‪ ،‬والتفصيل يكون يف املفردات والصور‪ ،‬وطغاة العصر قد مجعوا بني‬
‫التبديل والتشريع واالستحالل والتفضيل‪ ،‬فهؤالء خارجون عن شريعة اإلسالم من وجوهر كثريةر‬
‫وليس وجها واحدا‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يُعطل شرع هللا ابلكلية وال يُبدل وال يشرع‪ ،‬وإمنا ميتنع وال يلتزم أحكام هللا‪ ،‬فهذا إذا كان‬
‫كافر كفرا أكرب‪.‬‬
‫غالبا فإنه ٌ‬
‫قضية عيني رة دون أن يستحل ذلك‪ ،‬مثل‪ :‬أن يكون قاضيا أو‬ ‫‪ .5‬أن حيكم بغري ما أنزل هللا يف ر‬
‫يب له فيحابيه فيسقط عنه احلد أو القصاص دون أن يبدل شريعة هللا أو‬ ‫حاكما فيأتيه قر ٌ‬
‫كفر دون كفر‪ ،‬وهذا ما ورد عن السلف‬ ‫جيعله قانوان يتحاكم إليه الناس أو جيعله نظاما‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫يف آية املاددة‪ ،‬وهذا يف القضية العينية كما نص عليه ابن تيمية وابن القيم‪ ،‬وال أعلم يف هذه‬
‫كفر دون كفر‪.‬‬
‫الصورة نزاعا‪ ،‬فكل ما وقفت عليه من كالم األدمة يف هذه الصورة أنه ٌ‬

‫‪9‬‬
‫وقد خلط كثريٌ من املتأخرين فسحبوا على حكم هذه الصورة حكم املبدل وجعلوا املبدل كمن‬
‫كافر ابإلمجاع خار ٌج عن‬
‫حكم بغري ما أنزل هللا يف صورة عينية‪ ،‬وهذه زلةٌ عظيمة! فاملبدل ٌ‬
‫شريعة اإلسالم كما بيَّنه ابن تيمية وابن كثري يف «البداية والنهاية» يف قصة جنكيز خان‪.‬‬

‫وذكر ابن حزم يف «اإلحكام» (أن من التزم التوراة واإلجنيل ومل يلتزم أبحكام القران فإنه ٌ‬
‫كافر‬
‫مشرك ال خيتلف فيه اثنان من املسلمني)‪ ،‬ونقل هذا اإلمجاع ابن القيم يف «أحكام أهل‬
‫ٌ‬

‫الذمة» ومل يتعقبه بشيء‪ ،‬و َّ‬


‫أقره يف موضع آخر‪.‬‬
‫فإذا كان امللتزم أبحكام هللا املنسوخة مثل التوراة واإلجنيل ومل يلتزم أبحكام القرآن أحكام أهل‬
‫مشرك مرت ٌد ابإلمجاع‪ ،‬فكيف ال يكون امللتزم ابألحكام الوضعية كافرا‬ ‫كافر ٌ‬ ‫اإلسالم فهو ٌ‬
‫مرتدا؟!!‬
‫وهذه املسألة واضحةٌ عند العلماء املتقدمني‪ ،‬ومل يكونوا متنازعني يف حكم املبدل‪ ،‬وإمنا انزع يف‬
‫ذلك أهل اإلرجاء ومن أتثر هبم‪.‬‬
‫واعلم أن من كانت أصوله أصول أهل السنة واجلماعة وغلط يف هذه املسألة وما شاهبها وقال‬
‫بقول املرجئة فإنه ال يكون مرجئا وال يسمى مرجئا‪ ،‬إمنا يسمى مرجئا إذا قال ر‬
‫أبصل من أصول املرجئة‬
‫أو كثرت هفواته‪.‬‬
‫وكذلك من قال مبسألة من مسادل اخلوارج أو وافقهم يف مسألة فإنه ال يكون خارجيا وال ينسب‬
‫إليهم‪.‬‬
‫فيقال يف األول‪ :‬وافق املرجئة‪.‬‬
‫ويف الثاين‪ :‬وافق اخلوارج‪.‬‬
‫مرجئ قح‪ ،‬وهذا مذهب‬ ‫وأما من قيد النواقض العملية يف اإلسالم ابجلحود واالستحالل فهذا ٌ‬
‫ابطل ابإلمجاع‪.‬‬
‫اجلهمية اإلانث‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫كافر ابإلمجاع‪ ،‬وإن قال‪ :‬أان ال‬
‫فإذا قال قادل‪ :‬إن هللا اثلث ثالثة‪ .‬قاصدا للقول غري مكره‪ ،‬فإنه ٌ‬
‫أعتقد هذا‪ ،‬وإمنا أريد هبذا اسرتضاء النصارى ألجل املال أو الوظيفة ومثل هذا‪.‬‬
‫وكذلك من استهزأ ابلدين فإنه يكفر‪ ،‬وال ينظر إىل اعتقاده‪.‬‬
‫ر‬
‫حمتملة‬ ‫والنواقض العملية ال تقيد ابجلحود واالستحالل وال ابالعتقاد إال يف مسادل معين رة تكون‬

‫‪15‬‬
‫وهي ذات وجهني‪ ،‬أما املسادل الظاهرة غري احملتملة وذات الوجه الواحد فال تقيد ابالعتقاد‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪11‬‬
‫الناقض الخامس‬ ‫‪1. You need four things to be a mu'min.‬‬
‫‪manar pore moner vitor kono biddes ba karahat thakle se‬‬
‫‪'Kafir" hobe.‬‬

‫قوله‪( :‬من أبغض شيئًا مما جاء به النيب ^ ولو عمل به‪ ،‬كفر ً‬
‫إمجاعا) املقصود ابلبغض‪ :‬بغض‬
‫الدين والكراهية للرسول ^‪.‬‬
‫وال يدخل يف هذا‪ :‬الكره الطبعي‪ ،‬ككره املرأة للجوار وكره اإلنسان للقتال‪ ،‬وقد قال هللا تعاىل‪:‬‬
‫﴿ ُكتِب َعلَْي ُكم ال ِْقتَا ُ و ُهو ُكرهٌ لَ ُكم﴾ [البقرة‪ ،]815:‬فهذا كره طبعي وليس كره ر‬
‫نفاق وكفر‪.‬‬ ‫ٌ ٌ‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وكره الكفر‪ :‬هو أن يكون العبد كارها للتشريع مبغضا له‪ ،‬ال حيبه وال يريده‪ ،‬ويرى أن غريه أفضل‬
‫َحبَ َ أَ ْع َما َهلُ ْم﴾ [دمحم‪ ]9:‬اآلية‪ ،‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫ك ِِبَنَّ ُم ْم َك ِرُهوا َما أَنْ َل َ َّ‬
‫اَّللُ فَأ ْ‬ ‫منه‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ذَلِ َ‬
‫َحبَ َ أَ ْع َما َهلُ ْم﴾ [دمحم‪ ]82:‬اآلية‪.‬‬ ‫اَّللَ َوَك ِرُهوا ِر ْ‬
‫ض َوانَهُ فَأ ْ‬ ‫َس َخ َ َّ‬ ‫ك ِِبَنَّ ُم ُم اتَّبَ مُوا َما أ ْ‬‫﴿ذَلِ َ‬
‫فمن كره شيئا مما جاء به الرسول ^ مما ثبت به النص فهذا فيه شبهٌ من املنافقني الذين يكرهون‬
‫شرعة هللا ويكرهون ما جاء به الرسول ^‪ ،‬وقد كان طادفةٌ منهم يكرهون الدين ويكتمون ذلك‪ ،‬وقد‬
‫كان يظهر منهم يف حلن القول‪.‬‬
‫والعلمانيون املعاصرون إخوان املنافقني األولني؛ فهم يلمزون الشرادع‪ ،‬ويكرهون الثوابت‪ ،‬واترة‬
‫يطعنون يف محلة اإلسالم بغضا يف اإلسالم‪ ،‬ويطعنون يف محلة الشريعة بغضا للشريعة‪ ،‬فيجب احلذر‬
‫منهم وكشف ضاللتهم!‬
‫وهذا الكره من النواقض االعتقادية‪ ،‬فإذا صرح به وظهر على فلتات لسانه صار من النواقض‬
‫القولية‪.‬‬
‫وأسباب هذا البغض‪:‬‬
‫‪ .1‬النفاق‪ ،‬فإن املنافقني ال حيبون هللا وال رسوله‪ ،‬وابلتايل‪ :‬ال حيبون ما جاء يف الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وكثريٌ من الناس يف هذا العصر الذين يطعنون يف بعض املسادل قد ال يصرحون حقيقة أن‬
‫مشكلتهم مع اإلسالم ذاته كما يصرحون أن مشكلتهم مع شباب اإلسالم‪ ،‬وحقيقة أمرهم أن‬
‫مشكلتهم مع اإلسالم ذاته‪ ،‬وأيتون بذلك حتت مسمى أن (هذا ليس من اإلسالم) وأن (اإلسالم منزهٌ‬
‫عن ذلك)‪ ،‬فيأتون مبثل هذه احلمالت‪.‬‬
‫‪ .8‬مواالة الكفار‪ ،‬فمن واالهم فسيجره حتما ذلك إىل بغض ما جاء به الرسول ^‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ت من القيم والشرادع‪ ،‬وهذا‬ ‫‪ .1‬تعظيم القوانني الوضعية وما يسمونه بـ«احلرية»‪ ،‬وحقيقتها‪ :‬أهنا تفل ٌ‬
‫أدى هبم إىل التقليل من اإلسالم والتنقص من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ذَلِ َ‬
‫ك ِِبَنَّ ُم ْم‬
‫هم أو حز ٌن‬ ‫َحبَ َ أَ ْع َما َهلُ ْم﴾ [دمحم‪ ]9:‬اآلية‪ ،‬وهؤالء إذا أصاب املسلمني ٌ‬ ‫َك ِرُهوا َما أَنْ َل َ َّ‬
‫اَّللُ فَأ ْ‬
‫أو مصيبةٌ يرفع هللا هبا درجاهتم جتد أهنم يسرهم ما يصيب املسلمني من املصادب واحلزن‬
‫ويستبشرون بذلك ويعتقدون أن هذا هناية املسلمني! وقد كانوا يقولون‪﴿ :‬غَ َّر َه ُؤَال ِء ِدينُ ُم ْم﴾‬
‫[األنفال‪.]49:‬‬
‫غمهم ذلك وأحزهنم؛ ألهنم ال‬ ‫متكني َّ‬
‫وظهور و ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وإذا أصاب املسلمني عزةٌ ورفعةٌ وإقامة دو رلة‬
‫يريدون لإلسالم وال حلملة اإلسالم خريا‪ ،‬ويرون أن إقامة اإلسالم إابدةٌ مللذاهتم وشهواهتم‪،‬‬
‫ويرون بقادهم ببقاء الباطل وأهله‪ ،‬لذلك جتد أهنم يصوتون للباطل وأهله وال يضمون أصواهتم‬
‫للحق وأهله‪.‬‬
‫وقد ذكر هللا شيئا كثريا من صفات الذين حياربون اإلسالم ويستهدفون أهله ومحلته من‬
‫الداخل؛ ألن استهداف محلة اإلسالم إابدةٌ لإلسالم‪ ،‬وقد أبقى هللا هلم ما يسوؤهم! فاإلسالم‬
‫ابق ما بقي الليل والنهار! فقد قال ^‪( :‬ال تلا طائفة من أميت على الق منصورين‪ ،‬ال‬ ‫ر‬

‫يضرهم من خذهلم وال من خالفمم حىت أييت أمر هللا)‪ ،‬واملقصود بـ(أمر هللا)‪ :‬الريح اليت هتب‬
‫فتقبض روح كل مؤمن‪ ،‬وال تقوم الساعة حىت ال يبقى على األرض من يقول‪( :‬هللا هللا)‪ ،‬وال‬
‫تقوم الساعة إال على شرار اخللق‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪11‬‬
‫الناقض السادس‬
‫قوله‪( :‬من استملأ بش ٍ‬
‫يء من دين الرسو ^ أو ثواب هللا أو عقابه‪ ،‬كفر) االستهزاء من‬
‫بغض وعن ر‬
‫حسد للمسلمني‪.‬‬ ‫النواقض القولية‪ ،‬واالستهزاء يصدر عن ر‬
‫نفاق وعن ر‬
‫واالستهزاء نوعان‪:‬‬
‫‪ .1‬استهزاءٌ ابهلل وآبايته وبرسوله ^ وأحكام اإلسالم الثابتة املتواترة‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫كفر ابإلمجاع‪ ،‬على‬
‫أن يكون صرحيا فإذا كان صرحيا وجب مقاضاته على لفظه أو كتابته‪.‬‬
‫‪ .8‬استهزاءٌ غري صريح‪ ،‬فهذا ال يعامل معاملة األول‪ ،‬وإن كان قد يكون يف الباطن شرا من‬
‫األول‪.‬‬
‫وحنن معاشر املسلمني مطالبون شرعا مبحاكمة الناس على صريح ألفاظهم وأقواهلم وأفعاهلم‪،‬‬
‫فمن ظهر عنه شيءٌ من هذا وجبت عقوبته على حسب استهزاده‪ ،‬واالستهزاء ابهلل وآايته‬
‫ورسوله ^ من صفات أهل النفاق‪ ،‬وحني رجع رسول هللا ^ من غزوة تبوك قال بعض‬
‫الناس‪( :‬ما رأينا مثل قرادنا هؤالء ‪ -‬يعين‪ :‬الرسول ^ وأصحابه ‪ -‬أرغب بطوان وال أكذب‬
‫آَيتِِه َوَر ُسولِ ِه ُك ْن تُ ْم تَ ْستَ ْم ِلئُو َن * َال‬ ‫ِ‬
‫ألسنا وال أجنب عند اللقاء‪ ،‬فأنزل هللا تعاىل ﴿أ َِِب ََّّلل َو َ‬
‫تَ ْمتَ ِذ ُروا قَ ْد َك َف ْرُُْت بَ ْم َد إَِيَانِ ُك ْم﴾ [التوبة‪ ،)]55-55:‬رواه احلافظ ابن جرير مطوال من حديث‬
‫ابن عمر ر‬
‫بسند جيد‪.‬‬
‫كفار مبا تلفظوا به بعد أن كانوا مؤمنني‪ ،‬فكان يف هذا داللةٌ‬
‫وقد حكم هللا على هؤالء أبهنم ٌ‬
‫صرحيةٌ على أن مناط كفرهم هو اللفظ ال االعتقاد‪ ،‬وأن الناس حماسبون على ألفاظهم‬
‫وللقلوب عالم الغيوب‪.‬‬
‫يح يناقض أصل اإلسالم وال جيتمع معه‬ ‫وفيه‪ :‬داللةٌ ملذهب أهل السنة أنه من جاء ر‬
‫بقول صر ر‬
‫أنه يكفر دون النظر إىل عقيدة قلبه‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬من سب هللا عز وجل سبا صرحيا فإنه يكفر ابإلمجاع‪ ،‬فإذا اتب اتب هللا عليه‪ ،‬وخيلى‬
‫سبيله إذا ثبتت توبته‪.‬‬
‫أما إذا سب الرسول ^ واستهزأ به أو احتقره واستنقصه فإنه يكفر إبمجاع علماء املسلمني ولو مل‬
‫يستحل ذلك‪ ،‬ولو ادعى أنه طيب القلب وأن بقلبه خالف ذلك‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وذهب أكثر األدمة إىل وجوب قتله ولو اتب؛ ألن التوبة متنع عنه الكفر ولكن ال تُسقط حق‬
‫الرسول ^‪ ،‬وحق الرسول ^ ال يسقط إال إبسقاطه‪ ،‬وحني تويف ال ينوب عنه يف ذلك أحد‪.‬‬
‫وذهبت طادفةٌ إىل أنه إذا اتب يسقط عنه القتل كما لو سب هللا تعاىل‪ ،‬وهذا فيه نظر‪،‬‬
‫والصواب‪ :‬قول اجلمهور‪ ،‬وأن من سب الرسول ^ سبا صرحيا مث اتب فإن التوبة تنفعه بينه وبني هللا‬
‫ولكن ال تُسقط عنه القتل؛ ألن حق الرسول ^ ال يسقط‪ ،‬وليس من حق ر‬
‫أحد أن يسقطه‪ ،‬فإنه‬
‫^ مل يفوض يف ذلك أحد‪.‬‬
‫كافر ابإلمجاع‪ ،‬وإذا كان‬
‫مسألة‪ :‬من استهزأ ابإلسالم وأهله أو ثوابت الشريعة املقطوع هبا فهو ٌ‬
‫االستهزاء عن طريق الصور أو ما يسمى «الكركاتري»؛ فإن هذا ال خيتلف عن االستهزاء اللفظي‬
‫الصريح‪ ،‬وجيب حماكمة فاعله ومقاضاته كاللفظ الصريح‪ ،‬ويعد أنه جاء بناقض‪ ،‬فيستتاب‪ ،‬فإن اتب‬
‫وإال قتل مرتدا؛ لقوله ^‪( :‬من بدل دينه فقتلوه) رواه البخاري من حديث ابن عباس‪.‬‬
‫فعل أو ا ر‬
‫عتقاد يناقض أصل اإلميان‪ ،‬فمن كان منه شيءٌ من هذا‬ ‫والكفر‪ :‬هو اجمليء ر‬
‫بقول أو ر‬
‫استتيب ثالثة أايم يف أصح قويل العلماء‪ ،‬وهو مذهب عمر بن اخلطاب ‪ ،‬واختاره أمحد؛‬
‫لعله يراجع احلق ويتوب‪ ،‬فإذا مل يراجع احلق وجب قتله‪.‬‬
‫والردة نوعان‪:‬‬
‫‪ .1‬التحول عن دين اإلسالم إىل اليهودية أو النصرانية أو اجملوسية‪.‬‬
‫بناقض صريح وقد قامت عليه احلجة وانتفت عنه الشبهة‪ ،‬وهذا فاددة اإلمهال‬ ‫ر‬ ‫‪ .8‬اجمليء‬
‫واالستتابة‪ :‬حىت ال يكون له عذر‪.‬‬
‫وقد اتفق العلماء على أن املرتد أغلظ كفرا من الكافر األصلي‪ ،‬وأمجع العلماء على أن للمسلم أن‬
‫يتزوج كتابية‪ ،‬وليس له أن يتزوج مرتدة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ze etate raji‬‬
‫‪hoy seo‬‬ ‫الناقض السابع‬
‫‪kafer‬‬
‫قوله‪( :‬السحر ومنه الصرف والمطف‪ ،‬فمن فمله أو رضي به كفر) السحر‪ :‬هو عبارةٌ عن ما‬
‫خفي ولطف سببه‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬هو عزادم ورقى وعقد تؤثر يف القلب والبدن فيُمرض ويقتل ويفرق بني املرء وزوجه‪،‬‬
‫وله حقيقة‪ ،‬ولو مل يكن له حقيقة مل أيمر هللا ابالستعاذة منه‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وِم ْن َش ِر الن َّ‬
‫َّف َاَث ِ‬
‫ت ِيف‬
‫الْمُ َق ِد﴾ [الفلق‪ ،]4:‬يعين‪ :‬السواحر الاليت يعقدن يف سحرهن وينفثن يف عقدهن‪.‬‬
‫وقد قالت طادفة من أهل البدع أنه ليس للسحر حقيقة‪ ،‬وإمنا هو ختيل‪ ،‬وهذا ضعيف‪ ،‬والصواب‬
‫أن منه ما هو ختيل‪ ،‬ومنه ما هو حقيقة‪ ،‬ولو مل يكن له حقيقةٌ مل أيمر هللا ابالستعاذة منه‪.‬‬
‫ومن السحر‪:‬‬
‫‪ ‬الصرف‪.‬‬
‫‪ ‬والعطف‪.‬‬
‫‪ .1‬الصرف‪ :‬هو صرف من حيب إىل بغضه‪.‬‬
‫‪ .8‬العطف‪ :‬هو عطف من يبغضه إىل حبه‪.‬‬
‫حمرم يف كل شريعة وكل ملة‪ ،‬وهو من املقطوع حبرمته‪ ،‬واتفق األنبياء واملرسلون على حربه‬ ‫والسحر ٌ‬
‫وحرب أهله‪.‬‬
‫شرك أو‬‫واختلف العلماء وأدمة الدين يف كفر الساحر‪ ،‬وقد اتفقوا على أن السحر إذا كان معه ٌ‬
‫انقض من نواقض اإلسالم‪ ،‬وإمنا اختلف العلماء يف ذات السحر هل يكفر به أو ال؟‬ ‫كفر أنه ٌ‬‫ٌ‬
‫على قولني‪:‬‬
‫‪ .1‬أن السحر كفر‪ ،‬وهذا مذهب مجاهري العلماء من األحناف واملالكية واحلنابلة؛ لعموم قوله‬
‫وال إِ ََّّنَا ََْن ُن فِ ْت نَةٌ فَ َال تَ ْك ُف ْر﴾ [البقرة‪ ،]158:‬فدلت‬
‫َح ٍد َح َّىت يَ ُق َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫تعاىل‪َ ﴿ :‬وَما يُ َمل َمان م ْن أ َ‬
‫فعل للشرك؛ ألن من‬ ‫اآلية على أن من عمل السحر فإنه كافر‪ ،‬دون ربط ذلك ابستحالل أو ر‬
‫كفر فإنه يكفر ولو مل يسحر‪ ،‬ويكون كفره للشرك ال للسحر‪ ،‬فما‬ ‫شرك أو ٌ‬‫كان يف سحره ٌ‬
‫املعىن من تقييد كفر الساحر ابلشرك وقد قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ولََق ْد َعلِ ُموا لَ َم ِن ا ْشتَ َراهُ َما لَهُ ِيف‬
‫ْاْل ِخ َرةِ ِم ْن َخ َال ٍق﴾ [البقرة‪]158:‬؟! وهذه اآلية صرحيةٌ يف كفره وأنه ليس له عند هللا خالق‪،‬‬
‫ويدل على ذلك ما بعدها فقد قال تعاىل‪﴿ :‬ولَو أَنَّمم آمنُوا واتَّ َقوا لَمثُوبةٌ ِمن ِع ْن ِد َِّ‬
‫اَّلل‬ ‫َ ْ ُْ َ َ ْ َ َ ْ‬

‫‪15‬‬
‫َخ ْي ٌر لَ ْو َكانُوا يَ ْملَ ُمو َن﴾ [البقرة‪ ،]151:‬ويف قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ ْو أَنَّ ُم ْم َ‬
‫آمنُوا﴾ [البقرة‪ ،]151:‬داللةٌ‬
‫على كفرهم وأن السحر من نواقض اإلسالم‪.‬‬
‫بسند صحيح‪ ،‬وورد‬‫وقد قال ابن مسعود‪( :‬إن الرقى والتمادم والتولة شرك) رواه أمحد وغريه ر‬
‫مرفوعا وموقوفا‪ ،‬واملوقوف أصح‪.‬‬
‫وقد كان أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب يبعث إىل عماله يف األمصار (أن اقتلوا كل ساحر)‪ ،‬رواه‬
‫أبو داود وغريه‪ ،‬ولو مل يكن كافرا مل جيز قتله؛ لقول النيب ^‪( :‬ال حيل دم امر رئ مسلم إال إبحدى‬
‫متفق على صحته‪.‬‬
‫ثالث‪ :‬الثيب الزاين‪ٌ )...‬‬
‫ومل يعارض أمري املؤمنني أح ٌد من الصحابة‪.‬‬
‫وقد صح عن حفصة ‪ ‬وجندب قتل الساحر‪ ،‬وجزم غري و ر‬
‫احد من األدمة أبن السحر ال‬
‫كفر وانقض‪ ،‬وهذا ظاهر األدلة وظاهر املنقول عن‬ ‫يكون بدون شرك‪ ،‬وسواءٌ ثبت هذا أو مل يثبت فهو ٌ‬
‫الصحابة‪.‬‬
‫‪ .8‬وذهب بعض األدمة إىل أن الساحر ال يكفر‪ ،‬وهذا القول الثاين يف املسألة‪ ،‬وهو قول‬
‫الشافعي وأمحد يف رواية‪ ،‬إال إذا فعل ما يوجب كفرا‪ ،‬واختاره أبو دمحم بن حزم‪.‬‬
‫والقول األول أصح وأظهر‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬ال جيوز الذهاب إىل السحرة لغري اإلنكار عليهم‪ ،‬وحيرم التداوي عندهم‪ ،‬وال جيوز حل‬
‫السحر ابلسحر؛ ألن الساحر مبنزلة الكاهن وأشد وأعظم من الكاهن‪ ،‬وقد قال النيب ^‪( :‬من أتى‬
‫عرافا فسأله عن ر‬
‫شيء مل تقبل له صالة أربعني يوما) رواه مسلم‬
‫مسألة‪ :‬من أعان الساحر على سحره وصار له مبنزلة العبد عند سيده فهو مثله‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬جيب قتل الساحر سواء قتل بسحره أو مل يقتل؛ ألن الصحابة كانوا يقتلون السحرة‪ ،‬وقد‬
‫أمر عمر بن اخلطاب بقتلهم‪ ،‬وهذا دليل ردهتم‪ ،‬وجاء يف البخاري عن ابن عباس عن النيب ^ أنه‬
‫قال‪( :‬من بدل دينه فقتلوه)‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬حيرم مشاهدة ألعاب السحرة عرب الشاشات ولو كان يقصد التفرج‪ ،‬وال جيوز مثل هذا إال‬
‫بقصد كشف حقيقتهم وكذهبم ودجلهم‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪12‬‬
‫الناقض الثامن‬

‫قوله‪( :‬مظاهرة املشركني ومماونتمم على املسلمني) املظاهرة‪ :‬هي املعاونة واملناصرة‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ك ظَ ِمريٌ﴾ [التحرمي‪ ،]4:‬أي‪ٌ :‬‬
‫عوين‬ ‫اه َرا َعلَْي ِه﴾ [التحرمي‪ ،]4:‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وال َْم َالئِ َكةُ بَ ْم َد َذلِ َ‬ ‫﴿ َوإِ ْن تَظَ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ريا﴾ [الفرقان‪ ،]55:‬أي‪ :‬عوينا ونصريا‪.‬‬ ‫ونصري‪ ،‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وَكا َن الْ َكاف ُر َعلَى َربه ظَ ِم ً‬
‫فمن أعان مباله أو بنفسه وانصرهم على املسلمني فقد ارتكب انقضا من نواقض اإلسالم ولو مل‬
‫يستحل ذلك؛ لقوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَتَ َوَّهلُ ْم ِم ْن ُك ْم فَِإنَّهُ ِم ْن ُم ْم﴾ [املاددة‪.]51:‬‬
‫وأعظم أنواع التويل‪ :‬هو مناصرة الكفار على املسلمني‪ ،‬فإنه مبناصرهتم يعني على ذهاب اإلسالم‬
‫ومحلته ورجاالته‪ ،‬وهذا عني الكفر‪ ،‬وقد قال أبو دمحم بن حزم‪( :‬صح يف أن قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَتَ َوَّهلُ ْم‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حق ال خيتلف‬ ‫كافر من مجلة الكفار‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫م ْن ُك ْم فَإنَّهُ م ْن ُم ْم﴾ [املاددة‪ ،]51:‬إمنا هو على ظاهره؛ أبنه ٌ‬
‫فيه اثنان من املسلمني) ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫سبُوا﴾‬ ‫ِ‬ ‫ني فِئَ تَ ْ ِ‬
‫ني َو َّ‬ ‫ِِ‬
‫وأحد القولني يف قوله تعاىل‪﴿ :‬فَ َما لَ ُك ْم ِيف ال ُْمنَافق َ‬
‫س ُم ْم َمَا َك َ‬
‫اَّللُ أ َْرَك َ‬
‫كافر خار ٌج عن‬ ‫[النساء‪ ،]22:‬أهنا فيمن أعان الكفار على املسلمني‪ ،‬فال ينبغي أن ُخيتلف يف أنه ٌ‬
‫اإلسالم؛ ألنه انصر الكفار على املسلمني وانصر ملة املشركني على ملة املوحدين‪ ،‬وهذا العمل يناقض‬
‫أصل اإلميان وال جيتمع معه‪.‬‬
‫وقد مساه هللا كافرا يف قوله تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَتَ َوَّهلُ ْم ِم ْن ُك ْم فَِإنَّهُ ِم ْن ُم ْم﴾ [املاددة‪.]51:‬‬
‫َن َهلُم َع َذاِب أَلِيما * الَّ ِذين ي ت ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّخ ُذو َن‬ ‫َ َ‬ ‫ً ً‬ ‫ني ِِب َّ ْ‬ ‫ومساه تعاىل منافقا يف قوله تعاىل‪﴿ :‬بَش ِر ال ُْمنَافق َ‬
‫الْ َكافِ ِرين أَولِياء ِمن د ِ ِ‬
‫ني﴾ [النساء‪.]112:‬‬ ‫ون ال ُْم ْؤمنِ َ‬ ‫َ ََْ ْ ُ‬
‫ومساه هللا تعاىل فاسقا يف قوله تعاىل‪﴿ :‬ولَو َكانُوا ي ْؤِمنُو َن ِِب َِّ‬
‫َّيب َوَما أُنْ ِل َ إِلَْي ِه َما َّاَّتَ ُذ ُ‬
‫وه ْم‬ ‫َّلل َوالنِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫اس ُقو َن﴾ [املاددة‪.]21:‬‬ ‫أَولِياء ولَ ِك َّن َكثِريا ِم ْن مم فَ ِ‬
‫ً ُْ‬ ‫َََْ‬
‫ريا‬ ‫ِ‬
‫وأخرب هللا يف كتابه أبنه تعاىل سخط على هؤالء وأهنم خملدون يف النار‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬تَ َرى َكث ً‬
‫اب ُه ْم‬‫اَّللُ َعلَْي ِم ْم َوِيف ال َْم َذ ِ‬ ‫س ُم ْم أَ ْن َس ِخ َ َّ‬ ‫س َما قَ َّد َم ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َهلُ ْم أَنْ ُف ُ‬ ‫ين َك َف ُروا لَب ْئ َ‬
‫م ْن ُم ْم يَتَ َول ْو َن الذ َ‬
‫َخالِ ُدو َن﴾ [املاددة‪.]25:‬‬
‫وأهل العلم يفرقون بني أن يعني الكفار على املسلمني وأن يستعني به الكفار على املسلمني وبني‬
‫أن يستعني ابلكفار على املسلمني‪:‬‬
‫انقض من النواقض بال خالف؛ ألنه يناقض أصل اإلميان وال جيتمع معه‪.‬‬
‫فاألول ٌ‬

‫‪12‬‬
‫والقسم اآلخر مراتب‪:‬‬
‫‪ ‬منه‪ :‬مباح‪.‬‬
‫‪ ‬ومنه‪ :‬حرام‪.‬‬
‫‪ ‬ومنه‪ :‬كفر‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬اجلاسوس للكفار على املسلمني هذا يعترب مظاهرا للكفار على املسلمني وحكمه حكم‬
‫من وقف يف صفوف الكفار بنفسه؛ ألن هذا العمل خيانةٌ هلل ولرسوله ^ وللمؤمنني‪ ،‬وألن التجسس‬
‫قد يكون أعظم من القتال ابلنفس وأخطر‪ ،‬وهذا العمل ال يصدر من ر‬
‫رجل يؤمن ابهلل واليوم اآلخر‪.‬‬
‫طادفة من أهل العلم‪ ،‬وذهب‬‫والتجسس من أنواع املظاهرة‪ ،‬وال يصدر إال عن نفاق‪ ،‬وهذا قول ر‬
‫بعض األدمة إىل أنه ال يكفر‪ ،‬وهذا ضعيف‪ ،‬ويستدلون بقصة حاطب‪ ،‬وهذا غلط؛ ألن حاطبا‬
‫‪ ‬مل يفعل أكثر من كونه كشف سر النيب ^‪ ،‬وكان يف صفوف املسلمني ويف صف النيب‬
‫ر‬
‫حاطب‬ ‫^‪ ،‬ومل يكن كالشاة العادرة ال إىل هؤالء وال إىل هؤالء‪ ،‬ومع هذا اختلف العلماء يف فعل‬
‫كفر وعذر ابلتأويل؟ أو أنه كبرية؟ على قولني‪.‬‬
‫‪ ‬هل هو ٌ‬
‫حاطب على أن من كشف سر املسلمني وجب قتله‪ ،‬وأن املانع من قتل‬ ‫ر‬ ‫وأيضا دلت قصة‬
‫ر‬
‫حاطب شهوده بدرا‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬ال يصح تنظري مسألة اجلاسوس على قصة حاطب‪ ،‬فإن حاطبا ‪ ‬مل يكن‬
‫جاسوسا للكفار‪ ،‬ومل يفعل أكثر من كشفه سر النيب ^ مصانعة للمشركني‪ ،‬وكان قد أتول يف هذا‪.‬‬
‫ومنافق وكاد ٌد لإلسالم وأهله‪ ،‬وكفره‬
‫ٌ‬ ‫وخادن‬
‫ٌ‬ ‫عميل‬
‫والتجسس أعظم من كشف السر‪ ،‬فاجلاسوس ٌ‬
‫مغلظ‪ ،‬وقتله متعني‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬من قال أبن معاونة الكفار ومناصرهتم على املسلمني ليست كفرا واستدل على هذا بقصة‬
‫حاطب‪ ،‬لزم من هذا أن قتل النيب ^ ومناصرة املشركني عليه ومعونتهم على قتله وقتل الصحابة‬
‫وإابدهتم ليس بكفر‪ ،‬وهذا معىن االستدالل بقصة حاطب‪ ،‬وال يصح االستدالل ابلقصة إال على معىن‬
‫جهمي جلد! فإن‬
‫ٌ‬ ‫أنه انصر املشركني على رسول هللا ^ وصحابته فلم يكفر‪ ،‬ومن التزم هبذا فهو‬
‫أدمة املسلمني وأهل السنة أمجعني ال خيتلفون أبن من قتل نبيا أو أعان عدوه على قتله أنه كافر‪ ،‬ومن‬
‫مل يلتزم هبذا بطل استدالله بقصة حاطب‪ ،‬وبقيت األدلة يف كفر من أعان الكفار على املسلمني نقية‬

‫‪19‬‬
‫وال معارض هلا‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪85‬‬
‫الناقض التاسع‬

‫قوله‪( :‬من اعتقد أن بمض الناس يسمه اخلروج عن شريمة دمحم ^) قد أمجع العلماء أنه جيب‬
‫اتباع الكتاب والسنة‪ ،‬وعلى وجوب متابعة الرسول ^ ظاهرا وابطنا‪ ،‬وأمجعوا على أنه ليس ر‬
‫ألحد أن‬
‫خيرج عن الشرع‪ ،‬وأن من عبد هللا واتبع الكتاب والسنة مث ترك ذلك واستغىن عنهما بغريمها كان كافرا‪،‬‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء﴾ [األعراف‪ ،]1:‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫قال تعاىل‪﴿ :‬اتَّبمُوا َما أُنْ ِل َ إِلَْي ُك ْم م ْن َرب ُك ْم َوَال تَتَّبمُوا م ْن ُدونه أ َْوليَ َ‬
‫اَّلل وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الر ُسو َ ﴾ [النساء‪ ،]59:‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَ ْب تَ ِغ غَْي َر‬ ‫َطيمُوا َّ‬ ‫آمنُوا أَطيمُوا ََّ َ‬ ‫ين َ‬‫﴿ ََي أَيُّ َما الذ َ‬
‫اْلخرةِ ِمن ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين﴾ [آل عمران‪.]25 :‬‬ ‫اخلَاس ِر َ‬ ‫ا ِإل ْس َالِم ديناً فَ لَ ْن يُ ْقبَ َل م ْنهُ َو ُه َو ِيف َ َ‬
‫وقد جاء يف البخاري عن أيب هريرة عن النيب ^ قال‪( :‬كل أميت يدخل اجلنة إال من أىب) قالوا‪:‬‬
‫ومن أيىب اي رسول هللا؟ قال‪( :‬من أطاعين دخل اجلنة ومن عصاين فقد أىب)‪.‬‬
‫وقد بعث هللا حممدا ^ إىل مجيع الثقلني اجلن واإلنس‪ ،‬وافرتض هللا على اخللق طاعته‪ ،‬وأخذ‬
‫َخ َذ َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫العهد على األنبياء عليهم السالم أن من أدركه منهم ليؤمنن به ولينصرنه‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِ ْذ أ َ‬
‫ص ِد ٌق لِ َما َم َم ُك ْم لَتُ ْؤِمنُ َّن بِ ِه‬
‫اء ُك ْم َر ُسو ٌ ُم َ‬
‫ِ ِ ٍ ِ ٍ‬
‫ني لَ َما آتَ ْي تُ ُك ْم م ْن كتَاب َوح ْك َمة ُُثَّ َج َ‬ ‫ميثَا َق النَّبِيِ َ‬
‫ِ‬
‫ص ِري قَالُوا أَق َْرْرََن قَا َ فَا ْش َم ُدوا َوأ َََن َم َم ُك ْم ِم َن‬ ‫ِ‬
‫َخ ْذ ُُْت َعلَى َذل ُك ْم إِ ْ‬
‫ص ُرنَّهُ قَا َ أَأَق َْرْرُُْت َوأ َ‬
‫َولَتَ ْن ُ‬
‫ني﴾ [احلجر‪ ،]99:‬أي‪ :‬املوت‪.‬‬ ‫ك ح َّىت أيْتِي َ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ك الْيَق ُ‬‫ين﴾ [آل عمران‪ ،]21:‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وا ْعبُ ْد َربَّ َ َ َ َ‬ ‫الشاهد َ‬
‫فمن ختلى عن الشريعة حمتجا بقصة اخلضر مع موسى مل ينفعه ذلك ومل يقبل منه‪ ،‬وال يعترب أتويله‬
‫سادغا‪ ،‬وحيكم عليه ابلكفر إمجاعا‪.‬‬
‫مث إن اخلضر مل يكن من قوم موسى ‪ ‬فخرج عن شريعته‪ ،‬ومل يكن موسى مبعواث إىل‬
‫اخلضر‪ ،‬ومل يكن على اخلضر اتباع موسى‪ ،‬وقد بُعث موسى ‪ ‬إىل بين إسراديل‪ ،‬وقد كان كل‬
‫ن ريب يُبعث إىل قومه خاصة إال نبينا حممدا ^‪ ،‬فقد بُعث إىل الناس كافة وإىل مجيع الثقلني‪ ،‬وقد‬
‫افرتض هللا طاعته على مجيع الثقلني‪ ،‬فكل من خرج عن شريعة هللا ومل يلتزم الكتاب والسنة فهو كافر‪.‬‬
‫ويدخل يف هذا‪ :‬أصحاب القوانني الوضعية‪ ،‬فهم خارجون عن شريعة هللا ومل يلتزموا الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬قال ابن كثري رمحه هللا يف «البداية والنهاية»‪( :‬فمن ترك الشرع احملكم املنزل على دمحم بن عبد‬
‫هللا ^ خامت األنبياء وحتاكم إىل غريه من الشرادع املنسوخة كفر‪ ،‬فكيف مبن حتاكم إىل الياساق‬

‫‪81‬‬
‫وقدمها على الكتاب والسنة؟! فمن فعل هذا كفر إبمجاع املسلمني)‪.‬‬
‫ومن هذا‪ :‬من زعم أن له أن يتبع حممدا ^ وله أن يتبع غريه‪ ،‬فهو كافر أيضا‪ ،‬وكذلك من ظن‬
‫ر‬
‫مرحلة من العلم أو العمر ومعه عقله سقطت عنه التكاليف ومل جيب عليه اتباع‬ ‫أنه إذا وصل إىل‬
‫كافر ابإلمجاع‪.‬‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬فإنه ٌ‬
‫طادفة امتنعت عن الدخول يف طاعة هللا وطاعة رسوله ^ وامتنعت عن شر ر‬
‫يعة من‬ ‫مسألة‪ :‬كل ر‬

‫شرادع اإلسالم الظاهرة املتواترة فإنه جيب قتاهلا ابتداء حىت يكون الدين كله هلل‪ ،‬فإن امتنعوا عن بعض‬
‫الصلوات املفروضة أو الزكاة أو الصوم أو احلج أو عن التزام حترمي الدماء أو األموال أو الراب أو امليسر‬
‫أو نكاح ذوات احملارم أو امتنعوا عن التزام جهاد الكفار أو معاداهتم أو عن األمر ابملعروف والنهي عن‬
‫املنكر فإنه جيب قتال هؤالء ابإلمجاع ولو تكلموا ابلشهادتني حىت يلتزموا شرادع اإلسالم فيأتوا‬
‫ابلواجبات ويكفوا عن احملرمات‪.‬‬
‫أما غري املمتنعني من أهل داير اإلسالم فيجب إلزامهم ابلواجبات والكف عن احملرمات‪ ،‬ومن‬
‫امتنع منهم عن شي رء فرتك الواجب أو فعل احملرم فإنه يعاقب على قدر ذنبه‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪88‬‬
‫‪1. Jaruriyate din‬‬
‫)‪2. deep knowledge of deen (ulama‬‬
‫الناقض العاشر‬

‫ت‬‫قوله‪( :‬اإلعراض عن دين هللا ال يتملمه وال يممل به‪ ،‬والدليل‪﴿ :‬ومن أَظْلَم ِممَّن ذُكِر ِِبَي ِ‬
‫ََ ْ ُ ْ َ َ‬
‫ني ُم ْن تَ ِق ُمو َن﴾ [السجدة‪ )]88 :‬اإلعراض أنواع‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َربِه ُُثَّ أَ ْع َر َ‬
‫ض َع ْن َما إِ ََّن م َن ال ُْم ْج ِرم َ‬
‫ين َك َف ُروا َع َّما أُنْ ِذ ُروا‬ ‫َّ ِ‬
‫النوع األول‪ :‬إعراض الكفار األصليني عن اإلسالم‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬والذ َ‬
‫ضو َن﴾ [األحقاف‪ ،]1:‬وقال تعاىل‪﴿ :‬ومن أَظْلَم ِممَّن ذُكِر ِِبَي ِ ِ‬
‫ض َع ْن َما﴾ [السجدة‪:‬‬ ‫ت َربِه ُُثَّ أَ ْع َر َ‬ ‫ََ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫ُم ْم ِر ُ‬
‫‪ ،]88‬وهذه اآلية تشمل املعرضني عن السماع واملعرضني عن العمل‪.‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬إعراض بعض املسلمني عن تعلم بعض ما أوجب هللا عليهم وما حرم عليهم مما ال‬
‫حمرم وال يكفر صاحبه‪.‬‬
‫يرتتب على ترك الواجب وال فعل احملرم ُكفر‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫النوع الثالث‪ :‬إعراض املنتسب إىل اإلسالم عن أصل الدين إعراض مس رع أو إعراض فه رم‬
‫واستجابة‪ ،‬مثل‪ :‬أن يعرض بسمعه وقلبه عن الكتاب والسنة ال يصغي إىل ما فيهما البتة‪ ،‬فأورثه هذا‬
‫انقض صريح من نواقض اإلسالم‪.‬‬ ‫فعل الشرك أو ترك أصل الدين أو الوقوع يف ر‬
‫وهذا هو مقصود املؤلف يف هذا الناقض‪ ،‬وهذا ال يُعذر صاحبه بشيء‪ ،‬كغالة الرافضة والدروز‬
‫والنصرييني واملناصرين ألعداء هللا على املسلمني‪ ،‬وكالكهان والسحرة واملستهزدني ابلدين والطاعنني يف‬
‫الذات اإلهلية والوالغني يف عرض الرسول ^‪ ،‬فهؤالء ال يعذرون ويعدون معرضني عن تعلم أصل‬
‫دينهم‪ ،‬وهؤالء يعرفون دنياهم وال يعرفون أصل دينهم‪ ،‬ويبحثون عن طرق رفع معاشهم ووظادفهم وال‬
‫يبحثون عن طرق رفع اجلهل عنهم‪ ،‬ويعرفون حقوق سلطاهنم وال خيطئون عليه وال يعرفون حقوق‬
‫َّاللَةُ إِنَّ ُم ُم‬
‫خالقهم‪ ،‬ويَلغون يف حرمات هللا تعاىل‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬فَ ِري ًقا َه َدى َوفَ ِري ًقا َح َّق َعلَْي ِم ُم الض َ‬
‫سبُو َن أَنَّ ُم ْم ُم ْمتَ ُدو َن﴾ [األعراف‪.]15:‬‬ ‫ون َِّ‬‫ني أَولِياء ِمن ُد ِ‬ ‫َّاَّتَ ُذوا َّ ِ‬
‫اَّلل َوَْي َ‬ ‫الشيَاط َ ْ َ َ ْ‬
‫قال ابن القيم رمحه هللا تعاىل يف كتاب «مدارج السالكني»‪( :‬إن حجة هللا قامت على العبد‬
‫إبرسال الرسول وإنزال الكتاب‪ ،‬وبلوغ ذلك إليه ومتكنه من العلم به سواء علم ذلك أو جهل‪ ،‬فكل‬
‫من متكن من معرفة ما أمر هللا به وهنى عنه فقصر عنه ومل يعرفه فقد قامت عليه احلجه‪ ،‬وهللا تعاىل ال‬
‫يعذب أحدا إال بعد قيام احلجة عليه)‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪81‬‬
‫خاتمة املتن‬

‫قوله‪( :‬وال فرق يف مجيع النواقض بني اهلاز واْلاد واخلائف) املعىن‪ :‬أنه ال خيتلف حكم‬
‫املتلبس ر‬
‫بشيء من هذه النواقض العشرة بني اهلازل واجلاد واخلادف‪.‬‬
‫واهلازل‪ :‬هو القاصد للفظ العامل مبعناه‪ ،‬ولكنه قد يكون ال يعتقد ذلك بقلبه‪ ،‬وهذا ال يعذر بقول‬
‫الكفر؛ ألن هللا تعاىل مل يعذر املستهزدني به وآبايته وبرسوله ^‪ ،‬وهم كانوا مؤمنني قالوا كالما على‬
‫وجه املزح‪ ،‬فمن استهزأ ابلدين أو هللا أو رسوله ^ أو ر‬
‫شيء من ثوابت الدين فإنه يكفر ولو كان‬
‫مازحا‪.‬‬
‫واملزح ليس مانعا من التكفري ما دام أنه يقول اللفظ بشعور منه وبدون إكراه‪.‬‬
‫ت َِّ‬
‫اَّلل‬ ‫َّخ ُذوا آَي ِ‬ ‫واملزح واهلزل غري ساد رغ يف أمور الدين وال يقبل من أحد‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬وَال تَت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ٌل * َوَما ُه َو ِِب ْهلَْلِ ﴾ [الطارق‪ ،]14-11:‬وجتب الرباءة‬ ‫ُه ُلًوا﴾ [البقرة‪ ،]811:‬وقال تعاىل‪﴿ :‬إِنَّهُ لََق ْو ٌ فَ ْ‬
‫ين َّاَّتَ ُذوا ِدينَ ُك ْم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا َال تَ تَّخ ُذوا الذ َ‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫من هؤالء وعداوهتم وبغضهم؛ لقوله تعاىل‪ََ ﴿ :‬ي أَيُّ َما الذ َ‬
‫اء﴾ [املاددة‪.]52:‬‬ ‫ْكتاب ِمن قَ بلِ ُكم والْ ُك َّف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫ار أ َْوليَ َ‬
‫ين أُوتُوا ال َ َ ْ ْ ْ َ َ‬ ‫ُه ُلًوا َولَمبًا م َن الذ َ‬
‫وأما اجلاد‪ :‬فهو القاصد للفظ املريد للمعىن‪ ،‬فهذا ال يُعذر ابإلمجاع‪ ،‬وسواء كان احلامل له طمعا‬
‫دنيواي أو خبثا عقداي أو مداراة ألحد‪.‬‬
‫وأما اخلادف‪ :‬فاملقصود به اخلادف على منصبه أو جاهه أو على نقص ماله أو رتبته أو وظيفته‪،‬‬
‫فهذا ال يُعذر بشيء؛ ألن هللا تعاىل مل يعذره ومل يعذره رسوله ^‪ ،‬وألن أدمة الكفر يف العصور املاضية‬

‫ك ِِبَنَّ ُم ُم ْ‬
‫استَ َحبُّوا ا ْلَيَاةَ‬ ‫قد تركوا احلق حفاظا على دنياهم ورايساهتم ومل يعذروا‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ذَلِ َ‬
‫ين﴾ [النحل‪ ،]152:‬وقال تعاىل عن أدمة الكفر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َال يَ ْمدي الْ َق ْوَم الْ َكاف ِر َ‬ ‫الدنْ يَا َعلَى ْاْل ِخ َرةِ َوأ َّ‬
‫َن َّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َِّ‬ ‫﴿ا ْشتَ روا ِِبَي ِ‬
‫اء َما َكانُوا يَ ْم َملُو َن﴾ [التوبة‪.]9:‬‬ ‫ص ُّدوا َع ْن َسبيله إِنَّ ُم ْم َس َ‬ ‫اَّلل ََثَنًا قَل ًيال فَ َ‬ ‫َْ َ‬
‫ِِ‬
‫وهللا تعاىل مل يعذر إال املكره‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬م ْن َك َف َر ِِب ََّّلل م ْن بَ ْم ِد إَِيَانِِه إَِّال َم ْن أُ ْك ِرَه َوقَ لْبُهُ‬
‫ان﴾ [النحل‪ ،]155:‬فلم يعذر هللا تعاىل إال املكره‪ ،‬بشرط‪ :‬أن يكون قلبه مطمئنا ابإلميان؛‬ ‫مطْمئِ ٌّن ِِب ِْإلَيَ ِ‬
‫ُ َ‬
‫ألن عقيدة القلب ال يكره عليها أحد‪.‬‬
‫استَ َحبُّوا ا ْلَيَاةَ ُّ‬
‫الدنْ يَا َعلَى‬ ‫واإلكراه ال يكون إال ابلقول أو الفعل‪ ،‬وقد قال تعاىل‪﴿ :‬ذَلِ َ‬
‫ك ِِبَنَّ ُم ُم ْ‬
‫ين﴾ [النحل‪ ،]152:‬أي‪ :‬أن الكفر مل يكن بسبب االعتقاد أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َال يَ ْمدي الْ َق ْوَم الْ َكاف ِر َ‬
‫َن َّ‬‫ْاْل ِخ َرةِ َوأ َّ‬

‫‪84‬‬
‫البغض للدين أو حمبة الكفر‪ ،‬إمنا سببه أن له حظا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين قال ^‪:‬‬
‫(ابدروا ابألعمال فتنا كقطع الليل املظلم‪ ،‬يصبح الرجل مؤمنا وميسي كافرا‪ ،‬وميسي مؤمنا ويصبح كافرا‪،‬‬
‫يبيع دينه ر‬
‫بعرض من الدنيا)‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬وكلما من أعظم ما يكون خطرا) أي‪ :‬أن هذه النواقض العشرة املنتخبة من نواقض عديدةر‬
‫ً‬
‫ر‬
‫ومسلمة أن يتعلموا ذلك وحيفظوها‬ ‫فحري بكل مسل رم‬ ‫هي أخطر النواقض وأكثرها وقوعا من اخللق‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ر‬
‫بشيء من ذلك‪ ،‬وحىت َحيذروا أهلها‪ ،‬فإن املرتد جيب معاداته وبغضه والرباءة‬ ‫حىت يتَّقوها وال يتلبسوا‬
‫منه‪ ،‬وكفره أغلظ من كفر الكفار األصليني‪ ،‬فال جتوز مناكحته‪ ،‬وال تقبل منه اجلزية‪ ،‬وهو بني خيارين‪:‬‬
‫إما أن يعود إىل اإلسالم ويتربأ مما عمله‪ ،‬أو يُقتل بعد استتابته‪.‬‬
‫مهمة وكبريةر وكثريٌ من اخللق يغلطون فيها‪ :‬وهي أن املنتسب لإلسالم إذا جاء‬ ‫مسألة ر‬‫ر‬ ‫وأُنبه على‬
‫بناقض وثبتت ردته ال يدخل يف اإلسالم مبجيئه ابلشهادتني؛ ألنه مل جيحدمها ومل يزل بنطق هبما‪ ،‬وألنه‬ ‫ر‬
‫قد يكون يعتقد أن اإلسالم هو ما هو عليه‪ ،‬وال يكون مثل هذا مسلما حىت يتربأ مما جاء به ويرتكه‪،‬‬
‫بشرك وجب عليه تركه والرباءة منه‪ ،‬وإن جاء بسب هللا وجب عليه التوبة من هذا‪ ،‬وإن جاء‬ ‫فإن جاء ر‬
‫مبعونة الكفار على املسلمني لزمه التخلي عن ذلك والرباءة من ذلك الفعل‪.‬‬
‫وأما اذا كانت ردته بتحليل احلرام املقطوع به فإن توبته ال تكون بدون اعتقاد التحرمي‪.‬‬
‫قر مبا جحده وأييت‬ ‫وإذا كانت ردته جبحد إحدى الشهادتني فإنه ال يكون مسلما حىت يُ َّ‬
‫ابلشهادتني‪.‬‬
‫حممد ^ أكمل من هديه ^ فإنه مرت ٌد وال يدخل يف اإلسالم بقول‬ ‫ومن اعتقد أن هدي غري ر‬

‫الشهادتني‪ ،‬فإنه يقوهلما ومل يرتكهما‪ ،‬وقد يكون مصليا وصادما‪ ،‬فهذا ال يكون مسلما حىت يتربأ مما‬
‫حممد ^ خري هدي‪.‬‬ ‫جاء به ويقر أن هدي ر‬

‫الزم لكل مسل رم ومسلمة‪ ،‬فإن من خاف من الشيء‬ ‫قوله‪( :‬فينبغي للمسلم أن يذرها) وهذا ٌ‬
‫شيء من ذلك مهلكةٌ وخسارةٌ يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬وذلك هو اخلسران‬ ‫اتقاه وحذره‪ ،‬وألن الوقوع يف ر‬
‫املبني‪ ،‬وكلما كان اإلنسان حريصا على دينه وعقيدته خاف عليه وحذر مما ينافيه أو يدنسه‪ ،‬قال تعاىل‬
‫ام﴾ [إبراهيم‪.]15:‬‬‫َصنَ َ‬ ‫اجنُ ْب ِِن َوبَِ َّ‬
‫ِن أَ ْن نَ ْمبُ َد ْاْل ْ‬ ‫حاكيا عن خليله إبراهيم ‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫حاالت دون حاالت‪ ،‬وجيوز يف مواض رع دون مواضع‪ ،‬ويف‬ ‫ر‬ ‫مسألة‪ :‬اإلكراه له شروط‪ ،‬ويعترب يف‬
‫حمرم على التأبيد‪ ،‬كقتل‬ ‫نو ر‬
‫اقض دون نواقض‪ ،‬وقد أمجع العلماء على أن اإلكراه ال يصح فيما هو ٌ‬
‫‪85‬‬
‫النفس بغري احلق‪ ،‬وعلى هذا‪ :‬ال تقبل دعوى اإلكراه يف مظاهرة الكفار على املسلمني وقتاهلم‪.‬‬
‫وقد ذكر الفقهاء شروطا لإلكراه‪:‬‬
‫عاجز عن دفع ذلك‪.‬‬ ‫‪ .1‬أن يكون فاعله قادرا على إيقاع ما يـُ َهدد به‪ ،‬واملأمور ٌ‬
‫‪ .8‬أن يغلب على الظن أنه إذا امتنع أوقع به ذلك‪.‬‬
‫ر‬
‫مدافعة وحماولة التخلص مما أكره عليه‪.‬‬ ‫‪ .1‬أن يُظهر املأمور الكراهية وال يبدي املوافقة دون‬
‫مسألة‪ :‬األخذ ابلعزمية أفضل من األخذ ابلرخصة‪ ،‬فمن اختار الضرب واهلوان والقتل على الكفر‬
‫أو قول الباطل أفضل عند هللا وأزكى له وأرفع لذكره‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬األفضل للقدوات والعلماء واملتـَّبَعني األخذ ابلعزمية‪ ،‬كما فعل اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬وهذا‬
‫ضرر على املسلمني‪.‬‬
‫اجب يف حالة أن يندرس فيها احلق‪ ،‬أو يكون فيها ٌ‬ ‫و ٌ‬
‫وتشجيع للمسلمني على‬
‫ٌ‬ ‫إظهار له ومراغمةٌ للطغاة‬
‫واألخذ ابلعزمية فيه إبقاءٌ هليبة احلق و ٌ‬
‫التضحيات واإلقدام وختلي ٌد للمواقف احملمودة واملساعي املشكورة وختلي ٌد لذكره‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪ ،‬واحلمد هلل والصالة والسالم على رسوله وآله وصحبه ومن وااله‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪85‬‬
‫ملحق‬

‫‪ .1‬فاددة‪ :‬مسألة االعتقاد يف النواقض على قسمني‪:‬‬


‫‪ .1‬النواقض الصرحية‪ ،‬فإنه ال ينظر إىل قصد فاعلها‪ ،‬مثل‪ :‬سب الرسول ^ والطعن فيه طعنا‬
‫ظاهرا ال حيتمل التأويل‪ ،‬مثل‪ :‬لعنه أو تشبيهه ابحلمار‪ ،‬فهذا حكى شيخ اإلسالم اإلمجاع‬
‫على كفره‪ ،‬وال ينظر إىل مقصده هل استحل أم ال؟ أم قصد أو ال؟‬
‫واجلهمية اإلانث يربطون النواقض الصرحية ابملقاصد‪ ،‬وهذا ابطل‪.‬‬
‫‪ .8‬النواقض الغري صرحية ينظر إىل مقصد فاعلها ‪ -‬األمور اليت حتتمل وجهني ينظر إىل مقصد‬
‫الفاعل ‪ ،-‬مثل‪ :‬السجود لشخص‪ ،‬فينظر إىل مقصده‪ :‬إن كان تعظيما كفر‪ ،‬وإن كان حتية‬
‫[فـ]هذه بدعة وحمرم‪ ،‬ومل يكفر‪.‬‬
‫‪ .8‬السؤال‪ :‬من قال‪ :‬حبق دمحم؟‬
‫اجلواب‪ :‬إن كان يقصد إبميانه مبحمد فهذا صحيح‪ ،‬أي‪ :‬ابلعمل الصاحل‪.‬‬
‫‪ .1‬السؤال‪ :‬مناصرة الطواغيت ومعاونتهم هل يكفر هبا أم ال؟‬
‫اجلواب‪ :‬أوال‪ :‬ينظر إىل الطاغوت هل هو من املقطوع به أم ال؟ وينظر إىل املناصرين هل‬
‫لديهم شبهةٌ أم ال؟‬
‫فإن انصرهم على أم ر مقطوع به يكفر‪ ،‬وإن كان األمر خمتلفا فيه فال يكفر‪.‬‬
‫‪ ‬أتباع مسيلمة من املرتدين املقطوع بكفرهم‪.‬‬
‫‪ ‬اخلوارج ممن مل يقطع بكفرهم‪.‬‬
‫‪ .4‬مسألة التحاكم إىل هيئة األمم املتحدة‪ :‬أنه ال يسمح له ابلتحاكم إليها إال إذا كان عضوا‬
‫فيها‪ ،‬وال يكون عضوا فيها إال إذا وافق على بنودها‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬املوافقة على تعطيل اجلهاد‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬املوافقة على بعض البنود اليت جترم من خالف البند األول‪ ،‬فتجرم من مل يعطل اجلهاد‪،‬‬
‫وجترم من أقام اجلهاد‪.‬‬
‫وغري هذا من البنود‪.‬‬
‫طاغوت مقطوع به‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهي‬
‫وعليه‪ :‬فإن من حتاكم إليها فهو كافر‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ .5‬مسألة‪ :‬من أكثر من احلكم بغري ما أنزل هللا يف مسادل معينة وهو ال يستحل ذلك؟‬
‫هذا حيكم عليه ابلغالب‪ ،‬فإن غلب عليه احلكم بغري ما أنزل هللا كفر‪.‬‬
‫‪ .5‬مسألة‪ :‬األعراف القبلية ؟‬
‫األعراف القبلية إذا مل حتلل حراما أو حترم حالال فإهنا جادزة‪ ،‬فإن بعض األعراف القبلية مما‬
‫حث عليها الشرع‪ ،‬واألعراف اليت ختالف الشرع فبعضها مما يناقض أصل اإلميان وبعضها معاص‪.‬‬
‫‪ .2‬مسألةٌ من األعراف القبلية‪ :‬منهم من يقول‪ :‬تريد حكم هللا أو حكم القبيلة؟ فهذا حتت النوع‬
‫الثاين الذي يظن أنه خمريٌ بني حكم هللا وحكم غريه‪.‬‬
‫انقض وهو كفر؛ ألنه‬
‫‪ .2‬مسألة‪ :‬حوار األداين إذا كان تذويبا لإلسالم يف الدايانت األخرى فهو ٌ‬
‫ومسخ للوالء والرباء‪ ،‬وال جيوز‬
‫ٌ‬ ‫مسخ لإلسالم‬
‫ال تقريب بني األداين أصال؛ ألن التقريب ٌ‬
‫ظ شرعي‪ ،‬أما التقريب فال أصل له‬ ‫حضور مثل هذا؛ ألن املسلم يدعو وال يدعى‪ ،‬واحلوار لف ٌ‬
‫حىت مع أهل البدع‪.‬‬
‫اسخ يف العقيدة فال أبس بذلك‪ ،‬وأما إذا‬ ‫وأما إذا كانت الدعوة إىل احلوار قادمة على عارمل ر ر‬
‫ط حمض‪ ،‬وال جيوز اإلقرار به‪.‬‬
‫كان رجال منحرفا فهذا غل ٌ‬
‫خمتلف فيه‪ ،‬وقد قال طادفةٌ أنه كفر‪.‬‬
‫حاطب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ .9‬مسألة حاطب‪ :‬ذات الفعل الذي فعله‬
‫حاطب الكفر هو التأويل الذي أتوله حاطب‪.‬‬ ‫ر‬ ‫والذي دفع عن‬
‫ويف مثل هذه املسألة إذا كان التأويل قواي واملسألة حمتملةٌ قبل التأويل‪ ،‬ويلتفت يف هذا التأويل‬
‫ألهل العلم والصالح ال ألهل الضالل والطغاة‪ ،‬وقد ذكر اإلمام الذهيب حنوا من هذا يف «سري‬
‫أعالم النبالء» يف ترمجة قتادة رمحه هللا‪.‬‬
‫ر‬
‫حاطب الكفر؛ ألن الطاعات ال تدفع الكفر‪ ،‬وإمنا دفع عن‬ ‫وأما شهود بدر فإنه مل يدفع عن‬
‫حاطب القتل لكونه كشف السر؛ ألن كاشف السر يقتل مهما كان قصده‪ ،‬ويقتل لكشفه السر‬
‫املقتضي للمواالة‪ ،‬وكاشف السر إذا كان قاصدا متعمدا كفر وقتل‪.‬‬
‫ر‬
‫حاطب إذا وجد التأويل كان القتل حدا‪ ،‬وإن مل يوجد التأويل كان القتل ردة‪.‬‬ ‫ويف مثل قصة‬
‫حاطب على أن من وقف يف صفوف الكفار مقاتل‬ ‫ر‬ ‫وقد استدل كثري من املعاصرين بقصة‬
‫ضد املسلمني أنه ال يكفر؛ ألن حاطبا مل يكفر‪ ،‬وهذا من أقبح االستدالالت! ألن حاطبا مل يفعل‬
‫أكثر من كونه كشف السر‪ ،‬ويلزم على هؤالء أن من أعان على قتل النيب ^ مل يكفر؛ ألهنم قالوا‬

‫‪82‬‬
‫أبن حاطبا أعان على قتل املسلمني ومل يكفر‪ ،‬فإن التزموا بذلك كانوا جهمية ضالني‪ ،‬وإن مل‬
‫يلتزموا به بطل االستدالل بقصة حاطب‪ ،‬وبقيت ردته على ما قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وَم ْن يَتَ َوَّهلُ ْم ِم ْن ُك ْم‬
‫فَِإنَّهُ ِم ْن ُم ْم﴾ [املاددة‪.]51:‬‬
‫أما جاسوس الكفار الذي يتجسس لصاحلهم على املسلمني ففيه خالف‪:‬‬
‫فقيل‪( :‬ليس بكافر‪ ،‬ويعزر)‪.‬‬
‫وقيل‪( :‬ليس بكافر‪ ،‬ويقتل)‪.‬‬
‫وقيل‪( :‬كافر ويقتل على الكفر)؛ ألنه مل يقل عن العسكري واجلندي‪ ،‬وقد يكون أنكى‬
‫وأشد‪ ،‬وهذا روايةٌ عن أمحد‪ ،‬وهو قول ابن القاسم من املالكية‪ ،‬وهو الصحيح‪.‬‬
‫كفر‬
‫ومسألة اجلاسوس هي من املفردات املختلف فيها يف مسألة املظاهرة؛ ألن جنس املظاهرة ٌ‬
‫كفر وردة‪ ،‬أما املفردات فتبقى أحكامها على حدة‪،‬‬
‫وردة‪ ،‬واإلمجاع منعق ٌد على أن جنس املظاهرة ٌ‬
‫جممع عليها مثل‪ :‬الوقوف يف صفوف الكفار‪ ،‬واملعونة ابملال‪ ،‬واملشورة‪ ،‬وبعض‬‫فبعض املفردات ٌ‬
‫خمتلف فيها مثل‪ :‬اجلاسوس‪.‬‬
‫املفردات ٌ‬
‫ر‬
‫حاطب‬ ‫ولكن مما ينبغي معرفته أن حاطبا ليس جباسوس! وتنظري مسألة اجلاسوس على قصة‬
‫غلط!‬
‫‪ .15‬مسألة‪ :‬الرافضة ثالث وسبعون فرقة‪ ،‬وكل فرقة يعطون حقها‪ ،‬فالذين عندان درسوا يف مدارسنا‬
‫وعاشوا بني املسلمني وقامت عليهم احلجة فليس هلم عذر‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪89‬‬
‫الفهرس‬

‫املقدمة ‪1 .................................................................................‬‬
‫شرح نواقض اإلسالم‪8 .....................................................................‬‬
‫الناقض األول ‪1 ...........................................................................‬‬
‫الناقض الثاين ‪5 ...........................................................................‬‬
‫الناقض الثالث ‪5 ..........................................................................‬‬
‫الناقض الرابع ‪2 ...........................................................................‬‬
‫الناقض اخلامس ‪18 .......................................................................‬‬
‫الناقض السادس ‪14 .......................................................................‬‬
‫الناقض السابع ‪15 ........................................................................‬‬
‫الناقض الثامن ‪12 .........................................................................‬‬
‫الناقض التاسع ‪81 ........................................................................‬‬
‫الناقض العاشر ‪81 ........................................................................‬‬
‫خامتة املنت ‪84 ............................................................................‬‬
‫ملحق ‪82 ................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪15 ..............................................................................‬‬

‫‪‬‬

‫‪15‬‬

You might also like