You are on page 1of 7

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫سورة النساء ( امسها‪ ،‬عدد آياهتا‪ ،‬مكان نزوهلا‪ ،‬أسباب نزوهلا‪ ،‬فضلها‪ ،‬موضوعاهتا وحماورها)‬

‫الدرس الثالث ‪:‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬ ‫ﭽ‬

‫ﭟﭠﭡ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ‬

‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ‬

‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒ‬

‫ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮠﮡﮢﮣ‬

‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬

‫ﯘﯙﯚﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨ‬

‫ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑ ﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬

‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧ‬

‫ﭼ‬ ‫ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ‬

‫أهداف الدرس ‪:‬‬

‫‪ _1‬معرفة معاني المفردات‪.‬‬

‫‪ _2‬القدرة على االستدالل باآليات على األحكام‪.‬‬

‫‪ _3‬القدرة على استنباط األحكام من اآليات‪.‬‬

‫‪ _4‬اإللمام بالمعنى اإلجمالي لآليات‪.‬‬

‫‪ _5‬استنباط الفوائد والعبر من اآليات‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫قال الشوكاين رمحه اهلل ‪:‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬ ‫ﭽ‬

‫ﭼ‬ ‫ﭟﭠﭡ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧ‬

‫هن مع‬
‫إليهن‪ ،‬وميراث ّ‬
‫صدقاتهن ّ‬
‫ّ‬ ‫المناسبة‪ :‬لما ذكر سبحانه في هذه السورة اإلحسان إلى النساء‪ ،‬وإيصال‬
‫لهن ترك التعفف ‪.‬‬
‫عليهن فيما يأتين به من الفاحشة لئال يتوهمن أنه يسوغ ّ‬
‫ّ‬ ‫الرجال‪ ،‬ذكر التغليظ‬
‫{ والالتى } جمع (التي) بحسب المعنى دون اللفظ ‪ ،‬وفيه لغات ‪ :‬الالتي بإثبات التاء ‪ ،‬والياء ‪ ،‬والالت‬
‫بحذف الياء ‪ ،‬وإبقاء الكسرة لتدل عليها ‪ ،‬والالئي بالهمزة والياء ‪ ،‬والالء بكسر الهمزة ‪ ،‬وحذف الياء ‪،‬‬
‫ويقال في جمع الجمع اللواتي ‪ ،‬واللوائي ‪ ،‬واللوات ‪ ،‬واللواء ‪.‬‬
‫والفاحشة‪ :‬الفعلة القبيحة‪ ،‬والمراد بها هنا‪ :‬الزنا خاصة‪ ،‬وإتيانها فعلها‪ ،‬ومباشرتها‪.‬‬
‫سائِ ُك ُم } المسلمات ‪ ،‬وكذا { ّمن ُك ْم } المراد به المسلمون ‪.‬‬
‫والمراد بقوله ‪ّ { :‬من نِّ َ‬
‫وه َّن فِى البيوت} كان هذا في أول اإلسالم‪ ،‬ثم نسخ بقوله تعالى‪ { :‬الزانية والزانى فاجلدوا }‬ ‫قوله‪{ :‬فَأ َْم ِس ُك ُ‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى أن الحبس المذكور ‪ ،‬وكذلك األذى باقيان مع الجلد ‪ ،‬ألنه ال تعارض بينها بل‬
‫الجمع ممكن ‪.‬‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫وقد أخرج البزار ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬والطبراني ‪ ،‬عن ابن عباس في قوله ‪ { :‬والالتى يَأْت َ‬
‫الفاحشة } قال ‪ :‬كانت المرأة إذا فجرت حبست في البيوت ‪ ،‬فإن ماتت ماتت ‪ ،‬وإن عاشت عاشت ‪ ،‬حتى‬
‫لهن سبيالً ‪ .‬فمن عمل شيئاً‬
‫نزلت اآلية في سورة النور ‪ { :‬الزانية والزانى فاجلدوا } [ النور ‪ ] 2 :‬فجعل اهلل ّ‬
‫جلد وأرسل ‪.‬‬
‫قوله ‪ { :‬أو يَ ْج َع َل اهلل لَ ُه َّن َسبِيالً } هو ما في حديث عبادة الصحيح من قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬خذوا‬
‫لهن سبيالً ‪ ،‬البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام » الحديث ‪.‬‬ ‫عني قد جعل اهلل ّ‬

‫ﭼ‬ ‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭱ ﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷﭸ‬ ‫ﭽ‬

‫قوله ‪ { :‬واللذان يأتيانها ِمن ُك ْم } اللذان تثنية الذي ‪.‬‬


‫وقرأ ابن كثير ‪ « :‬اللذان » بتشديد النون‪ ،‬وقرأ الباقون بتخفيف النون ‪.‬‬
‫والمراد باللذان هنا ‪ :‬الزاني ‪ ،‬والزانية تغليباً ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وقيل‪ :‬اآلية األولى في النساء خاصة محصنات وغير محصنات ‪ ،‬والثانية في الرجال خاصة ‪ ،‬وجاء بلفظ‬
‫التثنية لبيان صنفي الرجال من أحصن ‪ ،‬ومن لم يحصن ‪ ،‬فعقوبة النساء الحبس ‪ ،‬وعقوبة الرجال األذى ‪،‬‬
‫واختار هذا النحاس ‪ ،‬ورواه عن ابن عباس ‪ ،‬ورواه القرطبي ‪ ،‬عن مجاهد ‪ ،‬وغيره ‪ ،‬واستحسنه ‪.‬‬
‫معهن الرجال المحصنون ‪،‬‬
‫وقال السدي ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬وغيرهما اآلية األولى في النساء المحصنات ‪ ،‬ويدخل ّ‬
‫واآلية الثانية في الرجل والمرأة البكرين ‪ ،‬ورجحه الطبري‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬كان اإلمساك للمرأة الزانية دون الرجل ‪ ،‬فخصت المرأة بالذكر في اإلمساك ‪ ،‬ثم جمعاً في اإليذاء ‪،‬‬
‫قال قتادة ‪ :‬كانت المرأة تحبس ويؤذيان جميعاً ‪.‬‬
‫السب ‪ ،‬والجفاء من دون تعيير ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واختلف المفسرون في تفسير األذى ‪ ،‬فقيل التوبيخ ‪ ،‬والتعيير ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫وقيل ‪ :‬النيل باللسان ‪ ،‬والضرب بالنعال ‪ ،‬وقد ذهب قوم إلى أن األذى منسوخ كالحبس ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬ليس بمنسوخ كما تق ّدم في الحبس ‪.‬‬

‫قوله ‪ { :‬فَِإن تَابَا } أي ‪ :‬من الفاحشة { َوأ ْ‬


‫َصلَ َحا } العمل فيما بعد { فَأَ ْع ِر ُ‬
‫ضواْ َع ْن ُه َما } أي ‪ :‬اتركوهما وكفوا‬
‫عنهما األذى وهذا كان قبل نزول الحدود على ما تق ّدم من الخالف ‪.‬‬

‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ‬ ‫ﭽ‬

‫ﮍﮎ ﭼ‬

‫قوله ‪ { :‬إِنَّ َما التوبة َعلَى اهلل } استئناف لبيان أن التوبة ليست بمقبولة على االطالق ‪ ،‬كما ينبىء عنه قوله ‪:‬‬
‫{ تَ َّواباً َّرِحيماً } بل إنما تقبل من البعض دون البعض ‪ ،‬كما بينه النظم القرآني ها هنا ‪،‬‬
‫ِِ‬
‫فقوله ‪ { :‬إِنَّ َما التوبة } مبتدأ خبره قوله ‪ { :‬للَّذ َ‬
‫ين يَ ْع َملُو َن السوء بجهالة } ‪.‬‬
‫وقوله ‪َ { :‬علَى اهلل } أي ‪ :‬إنما التوبة على فضل اهلل ورحمته بعباده‬

‫وقد اتفقت األمة على أن التوبة فرض على المؤمنين لقوله تعالى ‪َ { :‬وتُوبُواْ إِلَى اهلل َج ِميعاً أَيُّهَ المؤمنون }‬
‫[ النور ‪ ] 31 :‬وذهب الجمهور إلى أنها تصح من ذنب دون ذنب‪.‬‬
‫والسوء هنا ‪ :‬العمل السيىء ‪.‬‬
‫وقوله ‪ { :‬بِ َج َهالَ ٍة } أي ‪ :‬يعملونها متصفين بالجهالة ‪ ،‬أو جاهلين ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وقد حكى القرطبي‪ ،‬عن قتادة أنه قال‪ :‬أجمع أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على أن كل معصية‪،‬‬
‫فهي بجهالة عمداً كانت أو جهالً ‪.‬‬
‫ونصه ‪( :‬وأخرج عبد الرزاق ‪ ،‬وابن جرير ‪ ،‬عن قتادة قال ‪ :‬اجتمع أصحاب محمد صلى اهلل عليه وسلم فرأوا‬
‫أن كل شيء عصى به ‪ ،‬فهو جهالة عمداً كان أو غيره ‪).‬‬
‫وحكى عن الضحاك ‪ ،‬ومجاهد أن الجهالة هنا ‪ :‬العمد‪.‬‬
‫ِ‬
‫وقال عكرمة ‪ :‬أمور الدنيا كلها جهالة ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬إِنَّ َما الحياة الدنيا لَع ٌ‬
‫ب َولَ ْه ٌو } [ محمد ‪] 33 :‬‬
‫وقال الزجاج ‪ :‬معناه بجهالة اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية ‪.‬‬
‫يب } معناه قبل أن يحضرهم الموت ‪ ،‬كما يدل عليه قوله ‪ { :‬حتى إِذَا َح َ‬
‫ض َر‬ ‫قوله ‪ { :‬ثُ َّم يَتُوبُو َن ِمن قَ ِر ٍ‬
‫َح َد ُه ُم الموت }‬
‫أَ‬
‫وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‪ { :‬ثُ َّم يَتُوبُو َن ِمن قَ ِر ٍ‬
‫يب } قال ‪ :‬في الحياة ‪ ،‬والصحة ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬قبل المعاينة للمالئكة ‪ ،‬وغلبة المرء على نفسه ‪.‬‬
‫وقيل معناه ‪ :‬قبل المرض ‪ ،‬وهو ضعيف ‪ ،‬بل باطل لما قدمنا ‪ ،‬ولما أخرجه أحمد ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وحسنه ‪،‬‬
‫وابن ماجه ‪ ،‬والحاكم وصححه ‪ ،‬والبيهقي في الشعب ‪ ،‬عن ابن عمر ‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" إن اهلل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر "‬
‫ب اهلل َعلَْي ِه ْم } هو وعد منه سبحانه بأنه يتوب عليهم بعد بيانه أن التوبة لهم مقصورة‬ ‫قوله ‪ { :‬فَأ ُْولَئِ َ‬
‫ك يَتُو ُ‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫ﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ‬ ‫ﭽ‬

‫ﭼ‬ ‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬
‫ِِ‬ ‫وقوله ‪ { :‬ولَْي ِ‬
‫ست التوبة للَّذ َ‬
‫ين يَ ْع َملُو َن السيئات } تصريح بما فهم من حصر التوبة فيما سبق على من عمل‬ ‫َ َ‬
‫السوء بجهالة ‪ ،‬ثم تاب من قريب ‪.‬‬
‫َح َد ُه ُم الموت } حضور الموت‪ :‬حضور عالماته‪ ،‬وبلوغ المريض إلى حالة السياق ‪،‬‬ ‫قوله ‪ { :‬حتى إِذَا َح َ‬
‫ض َر أ َ‬
‫ومصيره مغلوباً على نفسه مشغوالً بخروجها من بدنه ‪ ،‬وهو وقت الغرغرة المذكورة في الحديث السابق ‪،‬‬
‫وهي بلوغ روحه حلقومه ‪.‬‬
‫ت اآلن } أي ‪ :‬وقت حضور الموت ‪.‬‬‫ال إِنّى تُ ْب ُ‬
‫وقوله ‪ { :‬قَ َ‬

‫‪4‬‬
‫ِِ‬
‫ار } معطوف على الموصول في قوله ‪ { :‬للَّذ َ‬
‫ين يَ ْع َملُو َن السيئات } أي ‪:‬‬ ‫قوله ‪َ { :‬والَ الذين يَ ُموتُو َن َو ُه ْم ُك َّف ٌ‬
‫ليست التوبة ألولئك ‪ ،‬وال للذين يموتون ‪ ،‬وهم كفار مع أنه ال توبة لهم رأساً ‪ ،‬وإنما ذكروا مبالغة في بيان‬
‫عدم قبول توبة من حضرهم الموت ‪ ،‬وأن وجودها كعدمها ‪.‬‬
‫وأخرج عبد بن حميد ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬عن أبي العالية في قوله ‪ { :‬إِنَّ َما التوبة َعلَى اهلل }‬
‫ِِ‬ ‫اآلية قال ‪ :‬هذه للمؤمنين وفي قوله ‪ { :‬ولَْي ِ‬
‫ين يَ ْع َملُو َن السيئات } قال ‪ :‬هذه ألهل النفاق‬ ‫ست التوبة للَّذ َ‬
‫َ َ‬
‫ار } قال ‪ :‬هذه ألهل الشرك ‪.‬‬ ‫{ َوالَ الذين يَ ُموتُو َن َو ُه ْم ُك َّف ٌ‬

‫ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ‬ ‫ﭽ‬

‫ﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪﯫﯬﯭ ﯮ‬

‫ﭼ‬ ‫ﯯ‬

‫عنهن ‪.‬‬
‫هذا متصل بما تقدم من ذكر الزوجات ‪ ،‬والمقصود نفي الظلم ّ‬
‫والخطاب لألولياء‪.‬‬
‫ومعنى اآلية يتضح بمعرفة سبب نزولها ‪ :‬وهو ما أخرجه البخاري ‪ ،‬وغيره ‪ ،‬عن ابن عباس في قوله ‪ { :‬يَأَيُّ َها‬
‫ءامنُواْ الَ يَ ِح ُّل لَ ُك ْم أَن تَ ِرثُواْ النساء َك ْرهاً } قال ‪ :‬كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أح ّق بامرأته ‪ ،‬إن‬
‫الذين َ‬
‫شاء بعضهم تزوجها ‪ ،‬وإن شاءوا زوجوها ‪ ،‬وإن شاؤوا لم يزوجوها ‪ ،‬فهم أحق بها من أهلها ‪ ،‬فنزلت ‪.‬‬
‫ترد إليه‬
‫وفي لفظ ألبي داود عنه في هذه اآلية ‪ :‬كان الرجل يرث امرأة ذي قرابته ‪ ،‬فيعضلها حتى يموت ‪ ،‬أو ّ‬
‫صداقها ‪.‬‬
‫فمعنى قوله ‪ { :‬الَ يَ ِح ُّل لَ ُك ْم أَن تَ ِرثُواْ النساء َك ْرهاً } أي ‪ :‬ال يحل لكم أن تأخذوهن بطريق اإلرث ‪ ،‬فتزعمون‬
‫وه َّن } عن أن يتزوجن‬
‫ضلُ ُ‬
‫أنكم أحق بهن من غيركم ‪ ،‬وتحبسونهن ألنفسكم { َوالَ } يحل لكم أن { تَ ْع ُ‬
‫غيركم لتأخذوا ميراثهن إذا متن ‪ ،‬أو ليدفعن إليكم صداقهن إذا أذنتم لهن بالنكاح ‪.‬‬

‫قال الزهري‪ :‬كان من عاداتهم إذا مات الرجل ‪ ،‬وله زوجة ألقى ابنه من غيرها ‪ ،‬أو أقرب عصبته ثوبه على‬
‫المرأة ‪ ،‬فيصير أحق بها من نفسها ‪ ،‬ومن أوليائها ‪ ،‬فإن شاء تزوجها بغير صداق إال الصداق الذي أصدقها‬
‫الميت ‪ ،‬وإن شاء زوجها من غيره ‪ ،‬وأخذ صداقها ‪ ،‬ولم يعطها شيئاً ‪ ،‬وإن شاء عضلها لتفتدي منه بما ورثت‬
‫من الميت ‪ ،‬أو تموت ‪ ،‬فيرثها ‪ ،‬فنزلت اآلية ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مهورهن ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إرثهن ‪ ،‬أو يفتدين ببعض‬
‫حبسوهن مع سوء العشرة طمعاً في ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقيل ‪ :‬الخطاب ألزواج النساء إذا‬
‫للولي‬ ‫واختاره ابن عطية ‪ .‬قال ‪ :‬ودليل ذلك قوله ‪ { :‬إِالَّ أَن يأْتِين بَِف ِ‬
‫اح َ ٍ‬
‫شة } إذا أتت بفاحشة ‪ ،‬فليس ّ‬ ‫َ َ‬
‫حبسها حتى تذهب بمالها إجماعاً من األمة ‪ ،‬وإنما ذلك للزوج ‪.‬‬
‫واألولى أن يقال إن الخطاب في قوله ‪ { :‬الَ يَ ِح ُّل لَ ُك ْم } للمسلمين ‪ ،‬أي ‪ :‬ال يحل لكم معاشر المسلمين‬
‫يحل لكم معاشر المسلمين أن تعضلوا أزواجكم ‪ ،‬أي‬
‫أن ترثوا النساء كرهاً ‪ ،‬كما كانت تفعله الجاهلية ‪ ،‬وال ّ‬
‫آتيتموهن من المهر يفتدين به من‬‫ّ‬ ‫فيهن ‪ ،‬بل لقصد أن تذهبوا ببعض ما‬ ‫‪ :‬تحبسوهن عندكم مع عدم رغبتكم ّ‬
‫ش ٍة ُّمبَ يّ نَ ٍة } جاز لكم‬ ‫الحبس ‪ ،‬والبقاء تحتكم ‪ ،‬وفي عقدتكم مع كراهتكم لهن ‪ { :‬إِالَّ أَن يأْتِين بَِف ِ‬
‫اح َ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫آتيتموهن ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مخالعتهن ببعض ما‬
‫ّ‬
‫ش ٍة ُّمبَ يّ نَ ٍة } قال ‪ :‬البغض ‪ ،‬والنشوز‪.‬‬ ‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬عن ابن عباس في قوله ‪ { :‬إِالَّ أَن يأْتِين بَِف ِ‬
‫اح َ‬ ‫َ َ‬
‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬عن الحسن قال الفاحشة هنا ‪ :‬الزنا‪.‬‬
‫قوله‪ُّ {:‬مبَ يّ نَ ٍة } قرأ نافع‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬وابن عامر‪ ،‬وحفص‪ ،‬وحمزة‪ ،‬والكسائي بكسر الياء ‪.‬والباقون بفتحها ‪.‬‬
‫وه َّن بالمعروف } أي ‪ :‬بما هو معروف في هذه الشريعة ‪ ،‬وبين أهلها من حسن المعاشرة ‪،‬‬ ‫قوله ‪ { :‬و َع ِ‬
‫اش ُر ُ‬ ‫َ‬
‫وهو خطاب لألزواج ‪ ،‬أو لما هو أعم‪.‬‬
‫وذلك يختلف باختالف األزواج في الغنى ‪ ،‬والفقر ‪ ،‬والرفاعة ‪ ،‬والوضاعة ‪.‬‬
‫وه َّن } لسبب من األسباب من غير ارتكاب فاحشة ‪ ،‬وال نشوز‪.‬‬ ‫{ فَِإن َك ِرْهتُ ُم ُ‬
‫سى } أن يؤول األمر إلى ما تحبونه من ذهاب الكراهة ‪ ،‬وتبدلها بالمحبة ‪ ،‬فيكون في ذلك خير كثير‬
‫{ فَ َع َ‬
‫من استدامة الصحبة ‪ ،‬وحصول األوالد ‪ ،‬فيكون الجزاء على هذا محذوفاً مدلوالً عليه بعلته ‪ ،‬أي ‪ :‬فإن‬
‫كرهتموهن ‪ ،‬فاصبروا ‪ { :‬فعسى أَن تَ ْك َرُهواْ َش ْيئاً َويَ ْج َع َل اهلل فِ ِيه َخ ْيراً َكثِيراً } ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬عن ابن عباس قال ‪ :‬الخير الكثير أن يعطف عليها ‪ ،‬فترزق ولدها ‪،‬‬
‫ويجعل اهلل في ولدها خيراً كثيراً ‪.‬‬

‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬ ‫ﭽ‬

‫ﭟﭠﭡﭢ ﭼ‬

‫قوله ‪ { :‬وآتيتم إحداهن قنطاراً } المراد به هنا ‪ :‬المال الكثير ‪ ،‬فال تأخذوا منه شيئاً ‪.‬‬
‫أخرج سعيد بن منصور ‪ ،‬وأبو يعلى ‪ .‬قال السيوطي بسند جيد ‪ :‬أن عمر نهى الناس أن يزيدوا النساء في‬
‫صدقاتهن على أربعمائة درهم ‪ ،‬فاعترضت له امرأة من قريش فقالت ‪ :‬أما سمعت ما أنزل اهلل يقول ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫{ وآتيتم إحداهن قنطاراً } فقال ‪ :‬اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ‪ ،‬فركب المنبر ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أيها الناس‬
‫أحب ‪.‬‬
‫صدقاتهن على أربعمائة درهم ‪ ،‬فمن شاء أن يعطي من ماله ما ّ‬
‫ّ‬ ‫إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في‬
‫قوي ‪ ،‬وقد رويت هذه‬
‫قال أبو يعلى ‪ :‬وأظنه قال ‪ :‬فمن طابت نفسه ‪ ،‬فليفعل ‪ .‬قال ابن كثير ‪ :‬إسناده جيد ّ‬
‫القصة بألفاظ مختلفة ‪ ،‬هذا أحدها ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬هي محكمة ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬هي منسوخة بقوله تعالى في سورة البقرة ‪ { :‬وال تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إال أن يخافا أالَّ يقيما‬
‫حدود اهلل } [ البقرة ‪] 222 :‬‬
‫واألولى أن الكل محكم ‪ ،‬والمراد هنا ‪ :‬غير المختلعة ال يحل لزوجها أن يأخذ مما آتاها شيئاً ‪.‬‬

‫ْخ ُذونَهُ بهتانا َوإِثْماً ُّمبِيناً} االستفهام لإلنكار والتقريع‪ .‬والجملة مقررة للجملة األولى المشتملة على‬
‫قوله‪{ :‬أَتَأ ُ‬
‫النهي‪.‬‬
‫ﭼ‬ ‫ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ‬ ‫ﭽ‬

‫ْخ ُذونَهُ } إنكار بعد إنكار مشتمل على العلة التي تقتضي منع األخذ ‪ ،‬وهي ‪ :‬اإلفضاء ‪.‬‬
‫ف تَأ ُ‬
‫وقوله ‪َ { :‬وَك ْي َ‬
‫قال الهروي ‪ :‬وهو إذا كانا في لحاف واحد ‪ ،‬جامع ‪ ،‬أو لم يجامع ‪.‬‬
‫وقال الفراء ‪ :‬اإلفضاء ‪ ،‬أن يخلو الرجل والمرأة ‪ ،‬وإن لم يجامعها ‪.‬‬
‫وقال ابن عباس ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬والسدي ‪ :‬اإلفضاء في هذه اآلية ‪ :‬الجماع ‪.‬‬
‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬عن ابن عباس قال ‪ :‬اإلفضاء هو الجماع ‪ ،‬ولكن اهلل‬
‫يكني ‪.‬‬
‫وأصل اإلفضاء في اللغة ‪ :‬المخالطة‪.‬‬
‫قوله ‪َ {:‬وأَ َخ ْذ َن ِمن ُكم ميثاقا غَلِيظاً } معطوف على الجملة التي قبله ‪ ،‬أي ‪ :‬والحال أن قد أفضى بعضكم‬
‫إلى بعض ‪ ،‬وقد أخذن منكم ميثاقاً غليظاً ‪ ،‬وهو عقد النكاح ‪ ،‬ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬فإنكم‬
‫ذتموهن بأمانة اهلل ‪ ،‬واستحللتم فروجهن بكلمة اهلل »‬ ‫ّ‬ ‫أخ‬
‫ٍ‬
‫يح بإحسان } [ البقرة ‪] 222 :‬‬ ‫اك بِ َم ْع ُروف أ َْو تَ ْس ِر ٌ‬
‫سٌ‬ ‫ِ‬
‫وقيل ‪ :‬هو قوله تعالى ‪ { :‬فَإ ْم َ‬
‫وقيل ‪ :‬هو األوالد ‪.‬‬
‫َخ ْذ َن ِمن ُكم ميثاقا غَلِيظاً } قال ‪ :‬الغليظ ‪:‬‬
‫وأخرج ابن أبي شيبة ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬عن ابن عباس في قوله ‪َ { :‬وأ َ‬
‫إمساك بمعروف ‪ ،‬أو تسريح بإحسان ‪.‬‬
‫‪7‬‬

You might also like