Professional Documents
Culture Documents
الأسبوع الرابع
الأسبوع الرابع
سورة النساء ( امسها ،عدد آياهتا ،مكان نزوهلا ،أسباب نزوهلا ،فضلها ،موضوعاهتا وحماورها)
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﭽ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ
ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ
ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ
ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑ
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ
ﭼ ﭥﭦﭧﭨ
1
أهداف الدرس :
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﭽ
ﮁﭼ
قوله { :والَ تَ ِ
نك ُحواْ َما نكح ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء } نهى عما كانت عليه الجاهلية من نكاح نساء آبائهم إذا َ
ماتوا ،وهو شروع في بيان من يحرم نكاحه من النساء ومن ال يحرم .
أخرج ابن المنذر ،وابن أبي حاتم ،والطبراني ،والبيهقي في سننه في قوله تعالى { :والَ تَ ِ
نك ُحواْ َما نَ َك َح َ
ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء } أنها نزلت لما أراد ابن أبي قيس بن األسلت أن يتزوج امرأة أبيه بعد موته.
ثم بين سبحانه وجه النهي عنه ،فقال { :إِنَّهُ َكا َن فاحشة َوَم ْقتاً َو َساء َسبِيالً } هذه الصفات الثال ث تدل
على أنه من أش ّد المحرمات وأقبحها ،وقد كانت الجاهلية تسميه نكاح المقت .
قال ثعلب :سألت ابن األعرابي ،عن نكاح المقت ،فقال :هو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها ،أو مات
عنها.
ف } هو استثناء منقطع أي :لكن ما قد سلف فاجتنبوه ودعوه. قوله { :إَالَّ َما قَ ْد َسلَ َ
وأخرج ابن المنذر ،عن الضحاك { :إَالَّ َما قَ ْد َسلَ َ
ف } إال ما كان في الجاهلية .
قوله َ { :و َساء َسبِيالً } هي جارية مجرى بئس في الذم ،والعمل ،والمخصوص بالذم محذوف ،أي :ساء
سبيالً سبيل ذلك النكاح .
2
ﭽ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌﮍ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ
ﭼ ﯗﯘﯙﯚ
سائِ ُك ْم } والمحرمات بالمصاهرة أربع ّ :أم المرأة ،وابنتها ،وزوجة األب ،وزوجة االبن . ِ
قوله { :وأمهات ن َ
قوله َ { :وَربَائِبُ ُك ُم } الربيبة بنت امرأة الرجل من غيره؛ سميت بذلك؛ ألنه يربيها في حجره .
قال القرطبي :واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل باألم ،وإن لم تكن الربيبة في
حجره ،وش ّذ بعض المتقدمين ،وأهل الظاهر ،فقالوا :ال تحرم الربيبة إال أن تكون في حجر المتزوج ،فلو
كانت في بلد آخر ،وفارق األم ،فله أن يتزوج بها.
أمهاتهن تحت حماية أزواجهن ،كما هو الغالب .
ّ والحجور جمع حجر .والمراد :أنه ّن في حضانة
وقيل المراد بالحجور :البيوت ،أي :في بيوتكم .
ِ َّ
دل عليه قوله { :فَِإن ل ْم تَ ُكونُواْ َد َخلْتُ ْم ب ِه َّن فَالَ ُجنَ َ
اح َعلَْي ُك ْم } أي :في نكاح الربائب ،وهو :تصريح بما ّ
مفهوم ما قبله .
وقد اختلف أهل العلم في معنى الدخول الموجب لتحريم الربائب :
فروي عن ابن عباس أنه قال :الدخول :الجماع .
كما أخرجه ابن جرير ،وابن المنذر ،وابن أبي حاتم ،والبيهقي في سننه ،عن ابن عباس قال :الدخول الجماع.
األم لشهوة ح ّرمت
وقال مالك ،والثوري ،وأبو حنيفة ،واألوزاعي ،والليث ،والزيدية :إن الزوج إذا لمس ّ
عليه ابنتها ،وهو أحد قولي الشافعي .
تحرم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها،
قال الطبري :وفي إجماع الجميع أن خلوة الرجل بامرأته ال ّ
ومباشرتها ،وقبل النظر إلى فرجها بالشهوة ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع .انتهى .
وهكذا حكى االجماع القرطبي ،فقال :وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها ،أو ماتت
حل له نكاح ابنتها .
قبل أن يدخل بها ّ
4
والذي ينبغي التعويل عليه في مثل هذا الخالف هو :النظر في معنى الدخول شرعاً أو لغة ،فإن كان خاصاً
بالجماع ،فال وجه إللحاق غيره به من لمس ،أو نظر ،أو غيرهما ،وإن كان معناه أوسع من الجماع بحيث
يصدق على ما حصل فيه نوع استمتاع كان مناط التحريم هو ذلك .
5
ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡﭢﭣﭤ ﭽ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴ
ﭼ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ
6
وحرمت عليكم المحصنات من النساء ،أي:
ومعنى اآلية _ واهلل أعلم_ واضح ال سترة به ،أي ّ :
تحل ،
منهن ،أما بسبي ،فإنها ّ
يكن مسلمات ،أو كافرات إال ما ملكت أيمانكم ّ
أعم من أن ّ
المزوجات ّ
تحل ،ولو كانت متزوجة ،وينفسخ النكاح الذي كان عليها بخروجها
ولو كانت ذات زوج ،أو بشراء ،فإنها ّ
زوجها .
عن ملك سيدها الذي ّ
وسيأتي ذكر سبب نزول اآلية إن شاء اهلل :وهو :ما أخرجه أحمد ،ومسلم ،وأبو داود ،والترمذي ،
والنسائي ،وغيرهم ،عن أبي سعيد الخدري :أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعث يوم حنين جيشاً إلى
النبي صلى
أوطاس ،فلقوا عدواً ،فقاتلوهم ،فظهروا عليهم ،وأصابوا لهم سبايا ،فكأن ناساً من أصحاب ّ
اهلل عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين ،فأنزل اهلل في ذلك { :والمحصنات
ِم َن النساء إِالَّ َما َملَ ْك َ
ت أيمانكم } يقول :إال ما أفاء اهلل عليكم .
واالعتبار بعموم اللفظ ال بخصوص السبب .
قوله { :كتاب اهلل َعلَْي ُك ْم } منصوب على المصدرية ،أي :كتب اهلل ذلك عليكم كتاباً .
وقال الزجاج ،والكوفيون :إنه منصوب على اإلغراء ،أي :الزموا كتاب اهلل ،أو عليكم كتاب اهلل .
ت َعلَْي ُك ُم } إلى آخر اآلية .وهو إشارة إلى التحريم المذكور في قوله ُ { :ح ّرَم ْ
وأحل}على البناء للمجهول. ِ ِ
قولهَ {:وأُح َّل لَ ُك ْم َّما َوَراء ذَل ُك ْم} قرأ حمزة ،والكسائي ،وحفص عن عاصمّ { ،
وقرأ الباقون على البناء للمعلوم عطفاً على الفعل المق ّدر في قوله { :كتاب اهلل َعلَْي ُك ْم } وقيل على قوله { :
ت َعلَْي ُك ُم } وال يقدح في ذلك اختالف الفعلين .ُح ّرَم ْ
وفيه داللة على أنه يحل لهم نكاح ما سوى المذكورات ،وهذا عام مخصوص بما صح عن النبي صلى اهلل
عليه وسلم من تحريم الجمع بين المرأة ،وعمتها ،وبين المرأة وخالتها .
أحل
وأحل لكم ما ّ حرم ّ ، حرم عليكم ما ّقوله { :أَن تَ ْبتَ غُواْ بأموالكم } في محل نصب على العلة ،أي ّ :
أحلهن اهلل لكم ،وال تبتغوا بها الحرام ،فتذهب حال كونكم :
ّ ألجل أن تبتغوا بأموالكم النساء الالتي
ين } أي :متعففين عن الزنا { :غَْي َر مسافحين } أي :غير زانين . ِِ
{ ُّم ْحصن َ
ين غَْي َرِِ
وأخرج عبد بن حميد ،وابن جرير ،وابن المنذر ،وابن أبي حاتم ،عن مجاهد في قوله ُّ { :م ْحصن َ
مسافحين } قال غير زانين.
والسفاح :الزنا ،وهو مأخوذ من سفح الماء ،أي :صبه وسيالنه ،فكأنه سبحانه أمرهم بأن يطلبوا بأمولهم
النساء على وجه النكاح ،ال على وجه السفاح .
7
وأراد سبحانه باألموال المذكورة ما يدفعونه في مهور الحرائر وأثمان اإلماء .
ِ
ُجوَرُه َّن } : قوله { :فَ َما استمتعتم بِ ِه م ْن ُه َّن فَ ئَاتُ ُ
وه َّن أ ُ
وقد اختلف أهل العلم في معنى اآلية :فقال الحسن ،ومجاهد ،وغيرهما :المعنى فما انتفعتم ،وتلذذتم
مهورهن .
ّ بالجماع من النساء بالنكاح الشرعي { فآتوهن أجورهن } أي :
وأخرج ابن جرير ،وابن المنذر ،وابن أبي حاتم ،عن ابن عباس في قوله { :فآتوهن أجورهن } يقول :إذا
تزوج الرجل منكم المرأة ،ثم نكحها مرة واحدة ،فقد وجب صداقها كله ،واالستمتاع هو :النكاح ،وهو
قوله َ { :وءاتُواْ النساء صدقاتهن } [ النساء . ] 4 :
أبي بن
وقال الجمهور :إن المراد بهذه اآلية :نكاح المتعة الذي كان في صدر اإلسالم ،ويؤيد ذلك قراءة ّ
ِِ
كعب ،وابن عباس ،وسعيد بن جبير " :فَ َما استمتعتم بِه م ْن ُه َّن إلى أ َ
َج ٍل ُّم َ
س ًّمى فآتوهن أجورهن } ثم نهى
علي قال :نهى النبي صلى اهلل عليه وسلم ،عن
صح ذلك من حديث ّ
عنها النبي صلى اهلل عليه وسلم ،كما ّ
نكاح المتعة ،وعن لحوم الحمر األهلية يوم خيبر ،وهو في الصحيحين وغيرهما ،
وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني ،عن النبي صلى اهلل عليه وسلم :أنه قال يوم فتح مكة
حرم ذلك إلى يوم القيامة ،فمن كان
" يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في االستمتاع من النساء ،واهلل قد ّ
آتيتموهن شيئاً "
ّ فليخل سبيلها ،وال تأخذوا مما
ّ منهن شيء ،
عنده ّ
وفي لفظ لمسلم أن ذلك كان في حجة الوداع ،فهذا هو الناسخ .
وقالت عائشة ،والقاسم بن محمد :تحريمها ،ونسخها في القرآن ،وذلك قوله تعالى { :والذين ُه ْم
ِ لُِفر ِ
ين } [ المؤمنون ] 6 ، 5 : ت أيمانهم فَِإنَّ ُه ْم غَْي ُر َملُوم َ
وج ِه ْم حافظون إِالَّ على أزواجهم أ َْو َما َملَ َك ْ ُ
وليست المنكوحة بالمتعة من أزواجهم ،وال مما ملكت أيمانهم ،فإن من شأن الزوجة أن تر ث ،وتور ث ،
وليست المستمتع بها كذلك .
وقد قال بجوازها جماعة من الروافض ،وال اعتبار بأقوالهم .
يضةً } منتصب على المصدرية المؤكدة ،أو على الحال ،أي :مفروضة . قوله { :فَ ِر َ
اض ْيتُ ْم بِ ِه ِمن بَ ْع ِد الفريضة } أي :من زيادة ،أو نقصان في المهر ،فإن
يما تَ َر َ ِ
اح َعلَْي ُك ْم ف َ
قوله َ { :والَ ُجنَ َ
ذلك سائغ عند التراضي ،هذا عند من قال بأن اآلية في النكاح الشرعي .
وأما عند الجمهور القائلين بأنها في المتعة ،فالمعنى التراضي في زيادة م ّدة المتعة ،أو نقصانها ،أو في
زيادة ما دفعه إليها إلى مقابل االستمتاع بها ،أو نقصانه .
8
ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌ ﮍﮎﮏﮐ ﭽ
ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣ ﭼ
األول هو المطابق لمعنى اآلية ،وال يخلو ما عداه عن تكلف ،فال يجوز للرجل أن يتزوج باألمة إال
والقول ّ
إذا كان ال يقدر على أن يتزوج بالحرة لعدم وجود ما يحتاج إليه في نكاحها من مهر وغيره .
وأخرج ابن جرير ،وابن المنذر ،وابن أبي حاتم ،والبيهقي في سننه عن ابن عباس َ { :وَمن لَّ ْم يَ ْستَ ِط ْع
ِمن ُك ْم طَْوالً } يقول :من لم يكن له سعة { أَن يَنكِ َح المحصنات } يقول الحرائر { :فمن ما ملكت أيمانكم
من فتياتكم المؤمنات } فلينكح من إماء المؤمنين { محصنات غَْي َر مسافحات } يعني عفائف غير زواني في
ُح ِ ات أَ ْخ َد ٍ
َّخ َذ ِسر وال عالنية { والَ مت ِ
ص َّن } ثم إذا تزوجت حراً ،ثم زنت { فَ َعلَْي ِه َّن ان } يعني أخالء { فَِإ َذا أ ْ َ ُ
ك لِ َم ْن َخ ِش َى العنت ِم ْن ُك ْم } هو :الزنا ،
ف َما َعلَى المحصنات ِم َن العذاب } قال :من الجلد { َذلِ َ نِ ْ
ص ُ
صبِ ُرواْ } عن
فليس ألحد من األحرار أن ينكح أمة إال أن ال يقدر على حرة ،وهو يخشى العنت { َوأَن تَ ْ
نكاح اإلماء { فَ ُه َو َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم } .
استدل بقولهّ { :من فتياتكم المؤمنات } على أنه ال يجوز نكاح األمة الكتابية ،وبه قال أهل الحجاز ،
ّ وقد
وجوزه أهل العراق.
ّ
9
الحر أن
وقوله ّ { :من فتياتكم المؤمنات } في محل نصب على الحال ،فقد عرفت أنه ال يجوز للرجل ّ
الحرة .
يتزوج بالمملوكة إال بشرط عدم القدرة على ّ
يحل للفقير ِ ِ والشرط الثاني ما سيذكره اهلل سبحانه آخر اآلية من قوله { :ذَلِ َ ِ
ك ل َم ْن َخش َى العنت م ْن ُك ْم } فال ّ
أن يتزوج بالمملوكة إال إذا كان يخشى على نفسه العنت .
والمراد هنا :األمة المملوكة للغير ،وأما أمة اإلنسان نفسه ،فقد وقع اإلجماع على أنه ال يجوز له أن
يتزوجها ،وهي تحت ملكه لتعارض الحقوق واختالفها .
يقولن
والفتيات جمع فتاة ،والعرب تقول للمملوك فتى ،وللمملوكة فتاة .وفي الحديث الصحيح « :ال ّ
أحدكم عبدي ،وأمتي ،ولكن ليقل فتاي ،وفتاتي »
قوله { :واهلل أَ ْعلَ ُم بإيمانكم } فيه تسلية لمن ينكح األمة إذا اجتمع فيه الشرطان المذكوران ،أي :كلكم
بنو آدم ،وأكرمكم عند اهلل أتقاكم ،فال تستنكفوا من الزواج باإلماء عند الضرورة .فربما كان إيمان بعض
اإلماء أفضل من إيمان بعض الحرائر .
ض ُكم ّمن بَ ْع ٍ
ض } مبتدأ وخبر ،ومعناه :أنهم متصلون في األنساب؛ ألنهم جميعاً بنو آدم ،أو وقوله { :بَ ْع ُ
متصلون في الدين؛ ألنهم جميعاً أهل ملة واحدة ،وكتابهم واحد ونبيهم واحد .
والمراد بهذا :توطئة نفوس العرب؛ ألنهم كانوا يستهجنون أوالد اإلماء ،ويستصغرونهم ،ويغضون منهم.
ِ ِ
منافعهن لهم ال يجوز لغيرهم أن ينتفع بشيء منها
ّ { فانكحوهن بِِإ ْذن أ َْهل ِه َّن } أي :بإذن المالكين ّ
لهن؛ ألن
إال بإذن من هي له .
ورهن بما هو بالمعروف في الشرع .
إليهن مه ّ
أدوا ّقوله { :وآتوهن أجورهن بالمعروف } أي ّ :
وقد استدل بهذا من قال :إن األمة أح ّق بمهرها من سيدها ،وإليه ذهب مالك ،وذهب الجمهور إلى أن
لكونهن ماله .
ّ إليهن تأدية إلى سيدهن
إليهن؛ ألن التأدية ّ
المهر للسيد ،وإنما أضافها ّ
قوله { :محصنات } أي :عفائف .وقرأ الكسائي « محصنات » بكسر الصاد في جميع القرآن إال في
قوله { :والمحصنات ِم َن النساء } وقرأ الباقون بالفتح في جميع القرآن .
قوله { :غَْي َر مسافحات } أي :غير معلنات بالزنا .
سراً،
واألخدان :األخالء ،والخدن ،والخدين المخادن ،أي :المصاحب ،وقيل ذات الخدن هي التي تزني ّ
فهو مقابل للمسافحة وهي التي تجاهر بالزنا ،وقيل :المسافحة ،المبذولة ،وذات الخدن ،التي تزني بواحد .
وكانت العرب تعيب اإلعالن بالزنا ،وال تعيب اتخاذ األخدان ،ثم رفع اإلسالم جميع ذلك ،قال اهلل :
{ َوالَ تَ ْق َربُواْ الفواحش َما ظَ َه َر ِم ْن َها َوَما بَطَ َن } [ األنعام . ] 151 :
11
وأخرج ابن جرير ،عن ابن عباس قال :المسافحات المعلنات بالزنا ،والمتخذات أخدان :ذات الخليل
يحرمون ما ظهر من الزنا ،ويستحلون ما خفي ،فأنزل اهلل َ { :والَ تَ ْق َربُواْ
الواحد .قال :كان أهل الجاهلية ّ
الفواحش َما ظَ َه َر ِم ْن َها َوَما بَطَ َن } [ األنعام . ] 151 :
ص َّن } قرأ عاصم ،وحمزة ،والكسائي بفتح الهمزة ،وقرأ الباقون بضمها . ُح ِقوله { :فَِإذَا أ ْ
وزر
والمراد باإلحصان هنا :اإلسالم .روي ذلك عن ابن مسعود ،وابن عمر ،وأنس ،واألسود بن يزيد ّ ،
دي ،وروي عن عمر بن الخطاب
بن حبيش ،وسعيد بن جبير ،وعطاء ،وإبراهيم النخعي ،والشعبي ،والس ّ
،بإسناد منقطع ،وهو الذي نص عليه الشافعي ،وبه قال الجمهور .
وقال ابن عباس ،وأبو الدرداء ،ومجاهد ،وعكرمة ،وطاوس ،وسعيد بن جبير ،والحسن ،وقتادة ،
وغيرهم :إنه التزويج .وروي عن الشافعي .
األول ال ح ّد على األمة الكافرة .وعلى القول الثاني ال ح ّد على األمة التي لم تتزوج .
فعلى القول ّ
وقال القاسم وسالم :إحصانها :إسالمها ،وعفافها .وقال ابن جرير :إن معنى القراءتين مختلف ،فمن قرأ
أحصن } بضم الهمزة ،فمعناه التزويج ،ومن قرأ بفتح الهمزة ،فمعناه اإلسالم .
ّ {
وقال قوم :إن اإلحصان المذكور في اآلية هو :التزوج ،ولكن الح ّد واجب على األمة المسلمة إذا زنت
تتزوج بالسنة ،وبه قال الزهري .
قبل أن ّ
عز وجل يقتضي أنه ال ح ّد على األمة ،وإن كانت مسلمة إال بعد التزويج ،
قال ابن عبد البر :ظاهر قول اهلل ّ
ثم جاءت السنة بجلدها ،وإن لم تحصن ،وكان ذلك زيادة بيان .
قال القرطبي :ظهر المسلم حمى ال يستباح إال بيقين ،وال يقين مع االختالف لوال ما جاء في صحيح السنة
من الجلد.
قال ابن كثير في تفسيره :واألظهر ،واهلل أعلم أن المراد باإلحصان هنا :التزويج؛ ألن سياق اآلية يدل عليه
ُح ِ ِ ِ
ص َّن فَِإ ْن أَتَ ْي َن بفاحشة فَ َعلَْي ِه َّن حيث يقول سبحانه َ { :وَمن لَّ ْم يَ ْستَط ْع من ُك ْم طَْوالً } إلى قوله { :فَِإ َذا أ ْ
ف َما َعلَى المحصنات ِم َن العذاب } فالسياق كله في الفتيات المؤمنات ،فتعين أن المراد بقوله { :فَِإذَا ص ُنِ ْ
ص َّن } أي :تزوجن ،كما فسره به ابن عباس ،ومن تبعه. ُح ِ
أْ
ف َما َعلَى المحصنات } أي :الحرائر قوله { :فَِإ ْن أَتَ ْي َن بفاحشة } الفاحشة هنا الزنا { :فَ َعلَْي ِه َّن نِ ْ
ص ُ
عليهن
ّ المزوجات؛ ألن
األبكار؛ ألن الثيب عليها الرجم ،وهو ال يتبعض ،وقيل المراد بالمحصنات هنا ّ :
عليهن من الجلد .
ّ عليهن نصف ما
ّ الجلد ،والرجم ،والرجم ال يتبعض ،فصار
11
ألنهن أضعف .
والمراد بالعذاب هنا :الجلد ،وإنما نقص ح ّد اإلماء عن ح ّد الحرائر؛ ّ
ولم يذكر اهلل سبحانه في هذه اآلية العبيد ،وهم الحقون باإلماء بطريق القياس .
كما يكون على اإلماء ،والعبيد نصف الح ّد في الزنا ،كذلك يكون عليهم نصف الح ّد في القذف والشرب
ك لِ َم ْن َخ ِش َى العنت ِم ْن ُك ْم } إلى نكاح اإلماء .والعنت :الوقوع في اإلثم .واإلشارة بقوله { :ذَلِ َ
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال :العنت :الزنا .
نكاحهن يفضي
ّ نكاحهن ،أي :صبركم خير لكم؛ ألن
ّ صبِ ُرواْ } عن نكاح اإلماء { َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم } من { َوأَن تَ ْ
والغض من النفس . ّ إلى إرقاق الولد ،
ﭽ ﯥﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﭼ
قوله { :يُ ِري ُد اهلل لِيُبَ يّ َن لَ ُك ْم } الالم هنا هي الم كي التي تعاقب :أن.
يحل لكم ،وما يحرم عليكم . ومعنى اآلية :يريد اهلل ليبين لكم مصالح دينكم ،وما ّ
{ َويَ ْه ِديَ ُك ْم ُسنَ َن الذين ِمن قَ ْبلِ ُك ْم } أي :طرقهم ،وهم األنبياء ،وأتباعهم لتقتدوا بهم.
وب َعلَْي ُك ْم } أي :ويريد أن يتوب عليكم فتوبوا إليه ،وتالفوا ما فرط منكم بالتوبة يغفر لكم ذنوبكم . { َويَتُ َ
ﭼ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭽ
مر من الترخيص لكم ،أو بكل ما فيه تخفيف عليكم . قوله { :يُ ِري ُد اهللُ يُ َخ ّف َ
ف َع ْن ُك ْم } بما ّ
12
{ َو ُخلِ َق اإلنسان َ
ض ِعيفاً } عاجزاً غير قادر على ملك نفسه ،ودفعها عن شهواتها ،وفاء بحق التكليف ،
فهو محتاج من هذه الحيثية إلى التخفيف ،فلهذا أراد اهلل سبحانه التخفيف عنه .
هن خير وأخرج ابن جرير ،والبيهقي في الشعب ،عن ابن عباس قال :ثماني آيات نزلت في سورة النساء ّ
لهن { :يُ ِري ُد اهلل لِيُبَ يّ َن لَ ُك ْم َويَ ْه ِديَ ُك ْم ُسنَ َن الذين ِمن لهذه األمة مما طلعت عليه الشمس ،وغربت ّ :أو ّ
وب َعلَْي ُك ْم َويُ ِري ُد ِ ِ ِ
يم } [ النساء ، ] 26 :والثانية { :واهلل يُ ِري ُد أَن يَتُ َ يم َحك ٌ وب َعلَْي ُك ْم واهلل َعل ٌ
قَ ْبل ُك ْم َويَتُ َ
ف الذين يَتَّبِعُو َن الشهوات أَن تَ ِميلُواْ َم ْيالً عظيماً } [ النساء ، ] 23 :والثالثة َ { :ع ِظيماً يُ ِري ُد اهلل أَن يُ َخ ّف َ
ض ِعيفاً } [ النساء ، ] 20 :والرابعة { :إِن تَ ْجتَنِبُواْ َكبَائَِر َما تُ َنه ْو َن َع ْنهُ نُ َك ّف ْر َع ْن ُك ْم َع ْن ُك ْم َو ُخلِ َق اإلنسان َ
ال َذ َّرةٍ } [ النساء سيئاتكم َونُ ْد ِخ ْل ُك ْم ُّم ْد َخالً َك ِريماً } [ النساء ، ] 31 :والخامسة { :إِ َّن اهلل الَ يَظْلِ ُم ِمثْ َق َ
سهُ ثُ َّم يَ ْستَ ْغ ِف ِر اهلل } [ النساء ] 118 :اآلية ، ِ
] 48 :اآلية ،والسادسة َ { :وَمن يَ ْع َم ْل ُسوءاً أ َْو يَظْل ْم نَ ْف َ
ءامنُواْ باهلل َوُر ُسلِ ِه ِ
والسابعة { :إِ َّن اهلل الَ يَغْف ُر أَن يُ ْش َر َك بِه } [ النساء ] 116 :اآلية ،والثامنة { :والذين َ
ِ
ورُه ْم َوَكا َن اهلل } للذين عملوا من الذنوب { غَ ُفوراً َّرِحيماً } ك سو َ ِ
ف يُ ْؤتي ِه ْم أ ُ
ُج َ
ِ ولَم ي َفرقُواْ ب ين أ ٍ
َحد ّم ْن ُه ْم أ ُْولَئ َ َ ْ
َ ْ ُ ّ َْ َ َ
[ النساء . ] 152 :
13