You are on page 1of 13

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫سورة النساء ( امسها‪ ،‬عدد آياهتا‪ ،‬مكان نزوهلا‪ ،‬أسباب نزوهلا‪ ،‬فضلها‪ ،‬موضوعاهتا وحماورها)‬

‫الدرس الرابع ‪:‬‬

‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ‬ ‫ﭽ‬

‫ﮁﮂ ﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈ ﮉﮊﮋ‬

‫ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ‬

‫ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ‬

‫ﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ‬

‫ﮰﮱﯓﯔ ﯕﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛ ﭑ ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬

‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬

‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ‬

‫ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ‬

‫ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ‬

‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬

‫ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ‬

‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑ‬

‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ‬

‫ﭼ‬ ‫ﭥﭦﭧﭨ‬

‫‪1‬‬
‫أهداف الدرس ‪:‬‬

‫‪ _1‬معرفة معاني المفردات‪.‬‬

‫‪ _2‬القدرة على االستدالل باآليات على األحكام‪.‬‬

‫‪ _3‬القدرة على استنباط األحكام من اآليات‪.‬‬

‫‪ _4‬اإللمام بالمعنى اإلجمالي لآليات‪.‬‬

‫‪ _5‬استنباط الفوائد والعبر من اآليات‪.‬‬

‫قال الشوكاين رمحه اهلل ‪:‬‬

‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ‬ ‫ﭽ‬

‫ﮁﭼ‬

‫قوله ‪ { :‬والَ تَ ِ‬
‫نك ُحواْ َما نكح ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء } نهى عما كانت عليه الجاهلية من نكاح نساء آبائهم إذا‬ ‫َ‬
‫ماتوا ‪ ،‬وهو شروع في بيان من يحرم نكاحه من النساء ومن ال يحرم ‪.‬‬
‫أخرج ابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬والطبراني ‪ ،‬والبيهقي في سننه في قوله تعالى ‪ { :‬والَ تَ ِ‬
‫نك ُحواْ َما نَ َك َح‬ ‫َ‬
‫ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء } أنها نزلت لما أراد ابن أبي قيس بن األسلت أن يتزوج امرأة أبيه بعد موته‪.‬‬

‫ثم بين سبحانه وجه النهي عنه ‪ ،‬فقال ‪ { :‬إِنَّهُ َكا َن فاحشة َوَم ْقتاً َو َساء َسبِيالً } هذه الصفات الثال ث تدل‬
‫على أنه من أش ّد المحرمات وأقبحها ‪ ،‬وقد كانت الجاهلية تسميه نكاح المقت ‪.‬‬
‫قال ثعلب‪ :‬سألت ابن األعرابي‪ ،‬عن نكاح المقت‪ ،‬فقال‪ :‬هو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها‪ ،‬أو مات‬
‫عنها‪.‬‬
‫ف } هو استثناء منقطع أي ‪ :‬لكن ما قد سلف فاجتنبوه ودعوه‪.‬‬ ‫قوله ‪ { :‬إَالَّ َما قَ ْد َسلَ َ‬
‫وأخرج ابن المنذر ‪ ،‬عن الضحاك ‪ { :‬إَالَّ َما قَ ْد َسلَ َ‬
‫ف } إال ما كان في الجاهلية ‪.‬‬
‫قوله ‪َ { :‬و َساء َسبِيالً } هي جارية مجرى بئس في الذم ‪ ،‬والعمل ‪ ،‬والمخصوص بالذم محذوف ‪ ،‬أي ‪ :‬ساء‬
‫سبيالً سبيل ذلك النكاح ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﭽ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌﮍ‬

‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬

‫ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ‬

‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ‬

‫ﭼ‬ ‫ﯗﯘﯙﯚ‬

‫يحل ‪ ،‬وما يحرم‬


‫نكاحهن ‪ ،‬وقد بين اهلل سبحانه في هذه اآلية ما ّ‬
‫ّ‬ ‫ت َعلَْي ُك ْم أمهاتكم } أي ‪:‬‬
‫قوله ‪ُ { :‬ح ّرَم ْ‬
‫فحرم سبعاً من النسب ‪ ،‬وستاً من الرضاع ‪ ،‬والصهر ‪ ،‬وألحقت السنة المتواترة تحريم الجمع‬
‫من النساء ‪ّ ،‬‬
‫بين المرأة وعمتها ‪ ،‬وبين المرأة وخالتها ‪ ،‬ووقع عليه اإلجماع ‪.‬‬
‫فالسبع المحرمات من النسب‪ :‬األمهات‪ ،‬والبنات‪ ،‬واألخوات‪ ،‬والعمات‪ ،‬والخاالت‪ ،‬وبنات األخ‪ ،‬وبنات‬
‫األخت‪.‬‬
‫والمحرمات بالصهر‪ ،‬والرضاع‪ :‬األمهات من الرضاعة‪ ،‬واألخوات من الرضاعة‪ ،‬وأمهات النساء‪ ،‬والربائب‪،‬‬
‫وحالئل األبناء‪ ،‬والجمع بين األختين‪ ،‬فهؤالء ست‪ ،‬والسابعة منكوحات اآلباء‪ ،‬والثامنة الجمع بين المرأة‬
‫وعمتها‪.‬‬
‫وقد أخرج البخاري ‪ ،‬وغيره عن ابن عباس قال ‪ :‬حرم من النسب سبع ‪ ،‬ومن الصهر سبع ‪ ،‬ثم قرأ ‪{ :‬‬
‫ات األخت } هذا من النسب ‪ .‬وباقي اآلية من الصهر ‪ ،‬والسابعة‬
‫ت َعلَْي ُك ْم أمهاتكم } إلى قوله ‪َ { :‬وبَنَ ُ‬ ‫ُح ّرَم ْ‬
‫‪ { :‬والَ تَ ِ‬
‫نك ُحواْ َما نَ َك َح ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء } ‪.‬‬ ‫َ‬
‫منهن باإلجماع إال أمهات‬
‫قال الطحاوي ‪ :‬وكل هذا من المحكم المتفق عليه ‪ ،‬وغير جائز نكاح واحدة ّ‬
‫أزواجهن ‪ ،‬فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن األم تحرم بالعقد على االبنة ‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫بهن‬
‫النساء اللواتي لم يدخل ّ‬
‫تحرم االبنة إال بالدخول باألم ‪.‬‬
‫وأم األب ‪ ،‬وج ّداته ‪ ،‬وإن علون؛ ألن كلهن أمهات‬
‫وجداتهن ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أمهاتهن ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واعلم أنه يدخل في لفظ األمهات‬
‫لمن ولده من ولدته ‪ ،‬وإن سفل ‪ .‬ويدخل في لفظ البنات بنات األوالد ‪ ،‬وإن سفلن ‪ ،‬واألخوات تصدق على‬
‫األخت ألبوين ‪ ،‬أو ألحدهما ‪ ،‬والعمة اسم لكل أنثى شاركت أباك ‪ ،‬أو ج ّدك في أصليه ‪ ،‬أو أحدهما ‪.‬‬
‫األم ‪ .‬والخالة اسم لكل أنثى شاركت أمك في أصليها أو في‬
‫وقد تكون العمة من جهة األم وهي أخت أب ّ‬
‫أحدهما ‪ ،‬وقد تكون الخالة من جهة األب ‪ ،‬وهي أخت أم أبيك ‪ ،‬وبنت األخ اسم لكل أنثى ألخيك عليها‬
‫والدة بواسطة ومباشرة وإن بعدت ‪ ،‬وكذلك بنت األخت ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قوله { وأمهاتكم الْالَّتِى أ َْر َ‬
‫ض ْعنَ ُك ْم } هذا مطلق مقيد بما ورد في السنة من كون الرضاع في الحولين إال في‬
‫مثل قصة إرضاع سالم مولى أبي حذيفة ‪ ،‬وظاهر النظم القرآني أنه يثبت حكم الرضاع بما يصدق عليه‬
‫مسمى الرضاع لغة وشرعاً ‪ ،‬ولكنه قد ورد تقييده بخمس رضعات في أحاديث صحيحة‪.‬‬
‫قوله‪{ :‬وأخواتكم ّم َن الرضاعة } األخت من الرضاع هي التي أرضعتها أمك بلبان أبيك سواء أرضعتها معك ‪،‬‬
‫أو مع من قبلك ‪ ،‬أو بعدك من اإلخوة واألخوات‪ ،‬واألخت من األم هي التي أرضعتها أمك بلبان رجل آخر ‪.‬‬

‫سائِ ُك ْم } والمحرمات بالمصاهرة أربع ‪ّ :‬أم المرأة ‪ ،‬وابنتها ‪ ،‬وزوجة األب ‪ ،‬وزوجة االبن ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قوله ‪ { :‬وأمهات ن َ‬
‫قوله ‪َ { :‬وَربَائِبُ ُك ُم } الربيبة بنت امرأة الرجل من غيره؛ سميت بذلك؛ ألنه يربيها في حجره ‪.‬‬
‫قال القرطبي ‪ :‬واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل باألم ‪ ،‬وإن لم تكن الربيبة في‬
‫حجره ‪ ،‬وش ّذ بعض المتقدمين ‪ ،‬وأهل الظاهر ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ال تحرم الربيبة إال أن تكون في حجر المتزوج ‪ ،‬فلو‬
‫كانت في بلد آخر ‪ ،‬وفارق األم ‪ ،‬فله أن يتزوج بها‪.‬‬
‫أمهاتهن تحت حماية أزواجهن ‪ ،‬كما هو الغالب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والحجور جمع حجر ‪ .‬والمراد ‪ :‬أنه ّن في حضانة‬
‫وقيل المراد بالحجور ‪ :‬البيوت ‪ ،‬أي ‪ :‬في بيوتكم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫دل عليه‬ ‫قوله ‪ { :‬فَِإن ل ْم تَ ُكونُواْ َد َخلْتُ ْم ب ِه َّن فَالَ ُجنَ َ‬
‫اح َعلَْي ُك ْم } أي ‪ :‬في نكاح الربائب ‪ ،‬وهو ‪ :‬تصريح بما ّ‬
‫مفهوم ما قبله ‪.‬‬
‫وقد اختلف أهل العلم في معنى الدخول الموجب لتحريم الربائب ‪:‬‬
‫فروي عن ابن عباس أنه قال ‪ :‬الدخول ‪ :‬الجماع ‪.‬‬
‫كما أخرجه ابن جرير‪ ،‬وابن المنذر‪ ،‬وابن أبي حاتم‪ ،‬والبيهقي في سننه‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬الدخول الجماع‪.‬‬
‫األم لشهوة ح ّرمت‬
‫وقال مالك ‪ ،‬والثوري ‪ ،‬وأبو حنيفة ‪ ،‬واألوزاعي ‪ ،‬والليث ‪ ،‬والزيدية ‪ :‬إن الزوج إذا لمس ّ‬
‫عليه ابنتها ‪ ،‬وهو أحد قولي الشافعي ‪.‬‬
‫تحرم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها‪،‬‬
‫قال الطبري‪ :‬وفي إجماع الجميع أن خلوة الرجل بامرأته ال ّ‬
‫ومباشرتها ‪ ،‬وقبل النظر إلى فرجها بالشهوة ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫وهكذا حكى االجماع القرطبي ‪ ،‬فقال ‪ :‬وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها ‪ ،‬أو ماتت‬
‫حل له نكاح ابنتها ‪.‬‬
‫قبل أن يدخل بها ّ‬

‫‪4‬‬
‫والذي ينبغي التعويل عليه في مثل هذا الخالف هو ‪ :‬النظر في معنى الدخول شرعاً أو لغة ‪ ،‬فإن كان خاصاً‬
‫بالجماع ‪ ،‬فال وجه إللحاق غيره به من لمس ‪ ،‬أو نظر ‪ ،‬أو غيرهما ‪ ،‬وإن كان معناه أوسع من الجماع بحيث‬
‫يصدق على ما حصل فيه نوع استمتاع كان مناط التحريم هو ذلك ‪.‬‬

‫تحل مع الزوج حيث ح ّل‬ ‫ِ‬


‫قوله‪{ :‬وحالئل أَبْ نَائ ُك ُم } الحالئل‪ :‬جمع حليلة‪ ،‬وهي الزوجة‪ ،‬سميت بذلك؛ ألنها ّ‬
‫وذهب الزجاج ‪ ،‬وقوم إلى أنها من لفظة الحالل ‪ ،‬فهي حليلة بمعنى محللة ‪.‬‬
‫يحل إزار صاحبه ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬ألن كل واحد منهما ّ‬
‫وقد أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه اآلباء على األبناء‪ ،‬وما عقد عليه األبناء على اآلباء سواء كان مع‬
‫نك ُحواْ َما نَ َك َح ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء } وقوله‪ { :‬وحالئل أَبْ نَائِ ُك ُم }‪.‬‬ ‫العقد وطء‪ ،‬أو لم يكن‪ ،‬لقوله تعالى‪{ :‬والَ تَ ِ‬
‫َ‬
‫قوله ‪ { :‬الذين ِم ْن أصالبكم } وصف لألبناء ‪ ،‬أي ‪ :‬دون من تبنيتم من أوالد غيركم ‪ ،‬كما كانوا يفعلونه في‬
‫ج فِى أَ ْزَو ِ‬
‫اج‬ ‫ِ‬
‫الجاهلية ‪ ،‬ومنه قوله تعالى { فَ لَ َّما قضى َزيْ ٌد ّم ْن َها َوطَراً زوجناكها ل َك ْى الَ يَ ُكو َن َعلَى المؤمنين َح َر ٌ‬
‫ض ْواْ ِم ْن ُه َّن َوطَراً } [ األحزاب ‪ ] 33 :‬ومنه قوله تعالى ‪َ { :‬وَما َج َع َل أَ ْد ِعيَاء ُك ْم أَبْ نَاء ُك ْم }‬
‫أَ ْد ِعيَائِ ِه ْم إِذَا قَ َ‬
‫وأما زوجة االبن من الرضاع ‪ ،‬فقد ذهب الجمهور إلى أنها تحرم على أبيه ‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬إنه إجماع مع أن‬
‫االبن من الرضاع ليس من أوالد الصلب ‪ .‬ووجهه ما صح عن النبي صلى اهلل عليه وسلم من قوله ‪ " :‬يحرم‬
‫من الرضاع ما يحرم من النسب "‬
‫وال خالف أن أوالد األوالد ‪ ،‬وإن سفلوا بمنزلة أوالد الصلب في تحريم نكاح نسائهم على آبائهم ‪.‬‬
‫وحرم عليكم أن تجمعوا بين األختين ‪ ،‬وهو يشمل الجمع بينهما‬
‫قوله ‪َ { :‬وأَن تَ ْج َمعُواْ بَ ْي َن األختين } أي ‪ّ :‬‬
‫بالنكاح ‪ ،‬والوطء بملك اليمين ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬إن اآلية خاصة بالجمع في النكاح ال في ملك اليمين ‪ ،‬وأما في الوطء بالملك ‪ ،‬فالحق بالنكاح ‪،‬‬
‫وقد أجمعت األمة على منع جمعهما في عقد نكاح ‪.‬‬
‫وأخرج ابن المنذر ‪ ،‬عن ابن عباس في قوله ‪َ { :‬وأَن تَ ْج َمعُواْ بَ ْي َن األختين } قال يعني في النكاح ‪.‬‬
‫واختلفوا في األختين بملك اليمين ‪ ،‬فذهب كافة العلماء إلى أنه ال يجوز الجمع بينهما في الوطء بالملك ‪،‬‬
‫وأجمعوا على أنه يجوز الجمع بينهما في الملك فقط ‪.‬‬
‫ف } يحتمل أن يكون معناه معنى ما تق ّدم من قوله تعالى ‪ { :‬والَ تَ ِ‬
‫نك ُحواْ َما نَ َك َح‬ ‫قوله ‪ { :‬إَالَّ َما قَ ْد َسلَ َ‬
‫َ‬
‫ف } ويحتمل معنى آخر ‪ ،‬وهو جواز ما سلف وأنه إذا جرى الجمع في‬ ‫ءابَا ُؤُك ْم ّم َن النساء إِالَّ َما قَ ْد َسلَ َ‬
‫األول ‪.‬‬
‫الجاهلية كان النكاح صحيحاً ‪ ،‬وإذا جرى في اإلسالم خير بين األختين ‪ .‬والصواب االحتمال ّ‬

‫‪5‬‬
‫ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡﭢﭣﭤ‬ ‫ﭽ‬

‫ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭴ‬

‫ﭼ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ‬

‫المحرمات المذكورات ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قوله ‪ { :‬والمحصنات ِم َن النساء } عطف على‬


‫وأصل التحصن التمنع ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬لِتُ ْح ِ‬
‫صنَ ُك ْم ّمن بَأ ِْس ُك ْم } [ األنبياء ‪ ] 08 :‬أي ‪ :‬لتمنعكم ‪،‬‬
‫ومنه الحصان بكسر الحاء للفرس؛ ألنه يمنع صاحبه من الهالك ‪ .‬والحصان بفتح الحاء ‪ :‬المرأة العفيفة‬
‫لمنعها نفسها ‪ ،‬ومنه قول حسان ‪:‬‬
‫حصان رزان ما تز ّن بريبة ‪ ...‬وتصبح غرثى من لحوم الغوافل‬
‫والمراد بالمحصنات هنا ‪ :‬ذوات األزواج ‪ .‬وقد ورد اإلحصان في القرآن لمعان ‪ ،‬هذا أحدها ‪.‬‬
‫نك َح المحصنات } [ النساء ‪:‬‬ ‫والثاني‪ :‬يراد به الحرة ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬ومن لَّم يستَ ِطع ِمن ُكم طَوالً أَن ي ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ َ ْ ْ ْ ْ‬ ‫ّ‬
‫‪ ] 25‬وقوله‪ {:‬والمحصنات ِم َن المؤمنات والمحصنات ِم َن الذين أُوتُواْ الكتاب ِمن قَ ْبلِ ُك ْم } [ المائدة ‪] 5:‬‬
‫ين‬ ‫ِِ‬
‫والثالث‪ :‬يراد به ‪ :‬العفيفة ومنه قوله تعالى ‪ { :‬محصنات غَْي َر مسافحات } [ النساء ‪ُّ { ، ] 25 :‬م ْحصن َ‬
‫غَْي َر مسافحين } [ النساء ‪ ، 24 :‬المائدة ‪. ] 5 :‬‬
‫ُح ِ‬
‫ص َّن } ‪.‬‬ ‫والرابع‪ :‬المسلمة ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬فَِإذَا أ ْ‬
‫ت أيمانكم }‬ ‫وقد اختلف أهل العلم في تفسير هذه اآلية ‪ ،‬أعني قوله ‪ { :‬والمحصنات ِم َن النساء إِالَّ َما َملَ ْك َ‬
‫فقال ابن عباس ‪ ،‬وأبو سعيد الخدري ‪ ،‬وأبو قالبة ‪ ،‬ومكحول ‪ ،‬والزهري ‪ :‬المراد بالمحصنات هنا ‪:‬‬
‫محرمات عليكم إال ما ملكت أيمانكم بالسبي من أرض الحرب ‪،‬‬
‫هن ّ‬‫المسبيات ذوات األزواج خاصة‪ ،‬أي ‪ّ :‬‬
‫فإن تلك حالل ‪ ،‬وإن كان لها زوج ‪ ،‬وهو قول الشافعي ‪ :‬أي ‪ :‬أن السباء يقطع العصمة ‪ ،‬وبه قال ابن وهب‬
‫‪ ،‬وابن عبد الحكم ‪ ،‬وروياه عن مالك ‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة ‪ ،‬وأصحابه ‪ ،‬وأحمد ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وأبو ثور ‪.‬‬
‫وقالت طائفة ‪ :‬المحصنات في هذه اآلية العفائف ‪ ،‬وبه قال أبو العالية ‪ ،‬وعبيدة السلماني ‪ ،‬وطاوس ‪،‬‬
‫وسعيد بن جبير ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬ورواه عبيدة ‪ ،‬عن عمر ‪ .‬ومعنى اآلية عندهم ‪ :‬كل النساء حرام إال ما ملكت‬
‫عصمتهن بالنكاح ‪ ،‬وتملكون الرقبة بالشراء ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيمانكم ‪ ،‬أي ‪ :‬تملكون‬
‫وحكى ابن جرير الطبري أن رجالً قال لسعيد بن جبير ‪ :‬أما رأيت ابن عباس حين سئل عن هذه اآلية ‪ ،‬فلم‬
‫يقل فيها شيئاً؟ فقال ‪ :‬كان ابن عباس ال يعلمها ‪ .‬وروى ابن جرير أيضاً عن مجاهد أنه قال ‪ :‬لو أعلم من‬
‫يفسر لي هذه اآلية لضربت إليه أكباد اإلبل ‪.‬انتهى ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وحرمت عليكم المحصنات من النساء ‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ومعنى اآلية _ واهلل أعلم_ واضح ال سترة به ‪ ،‬أي ‪ّ :‬‬
‫تحل ‪،‬‬
‫منهن ‪ ،‬أما بسبي ‪ ،‬فإنها ّ‬
‫يكن مسلمات ‪ ،‬أو كافرات إال ما ملكت أيمانكم ّ‬
‫أعم من أن ّ‬
‫المزوجات ّ‬
‫تحل ‪ ،‬ولو كانت متزوجة ‪ ،‬وينفسخ النكاح الذي كان عليها بخروجها‬
‫ولو كانت ذات زوج ‪ ،‬أو بشراء ‪ ،‬فإنها ّ‬
‫زوجها ‪.‬‬
‫عن ملك سيدها الذي ّ‬
‫وسيأتي ذكر سبب نزول اآلية إن شاء اهلل‪ :‬وهو‪ :‬ما أخرجه أحمد ‪ ،‬ومسلم ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬والترمذي ‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،‬وغيرهم ‪ ،‬عن أبي سعيد الخدري ‪ :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعث يوم حنين جيشاً إلى‬
‫النبي صلى‬
‫أوطاس ‪ ،‬فلقوا عدواً ‪ ،‬فقاتلوهم ‪ ،‬فظهروا عليهم ‪ ،‬وأصابوا لهم سبايا ‪ ،‬فكأن ناساً من أصحاب ّ‬
‫اهلل عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين ‪ ،‬فأنزل اهلل في ذلك ‪ { :‬والمحصنات‬
‫ِم َن النساء إِالَّ َما َملَ ْك َ‬
‫ت أيمانكم } يقول ‪ :‬إال ما أفاء اهلل عليكم ‪.‬‬
‫واالعتبار بعموم اللفظ ال بخصوص السبب ‪.‬‬

‫قوله ‪ { :‬كتاب اهلل َعلَْي ُك ْم } منصوب على المصدرية ‪ ،‬أي ‪ :‬كتب اهلل ذلك عليكم كتاباً ‪.‬‬
‫وقال الزجاج ‪ ،‬والكوفيون ‪ :‬إنه منصوب على اإلغراء ‪ ،‬أي ‪ :‬الزموا كتاب اهلل ‪ ،‬أو عليكم كتاب اهلل ‪.‬‬
‫ت َعلَْي ُك ُم } إلى آخر اآلية ‪.‬‬‫وهو إشارة إلى التحريم المذكور في قوله ‪ُ { :‬ح ّرَم ْ‬
‫وأحل}على البناء للمجهول‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوله‪َ {:‬وأُح َّل لَ ُك ْم َّما َوَراء ذَل ُك ْم} قرأ حمزة‪ ،‬والكسائي‪ ،‬وحفص عن عاصم‪ّ { ،‬‬
‫وقرأ الباقون على البناء للمعلوم عطفاً على الفعل المق ّدر في قوله ‪ { :‬كتاب اهلل َعلَْي ُك ْم } وقيل على قوله ‪{ :‬‬
‫ت َعلَْي ُك ُم } وال يقدح في ذلك اختالف الفعلين ‪.‬‬‫ُح ّرَم ْ‬
‫وفيه داللة على أنه يحل لهم نكاح ما سوى المذكورات ‪ ،‬وهذا عام مخصوص بما صح عن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم من تحريم الجمع بين المرأة ‪ ،‬وعمتها ‪ ،‬وبين المرأة وخالتها ‪.‬‬
‫أحل‬
‫وأحل لكم ما ّ‬ ‫حرم ‪ّ ،‬‬ ‫حرم عليكم ما ّ‬‫قوله ‪ { :‬أَن تَ ْبتَ غُواْ بأموالكم } في محل نصب على العلة ‪ ،‬أي ‪ّ :‬‬
‫أحلهن اهلل لكم ‪ ،‬وال تبتغوا بها الحرام ‪ ،‬فتذهب حال كونكم ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ألجل أن تبتغوا بأموالكم النساء الالتي‬
‫ين } أي ‪ :‬متعففين عن الزنا ‪ { :‬غَْي َر مسافحين } أي ‪ :‬غير زانين ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫{ ُّم ْحصن َ‬
‫ين غَْي َر‬‫ِِ‬
‫وأخرج عبد بن حميد ‪ ،‬وابن جرير ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬عن مجاهد في قوله ‪ُّ { :‬م ْحصن َ‬
‫مسافحين } قال غير زانين‪.‬‬
‫والسفاح ‪ :‬الزنا ‪ ،‬وهو مأخوذ من سفح الماء ‪ ،‬أي ‪ :‬صبه وسيالنه ‪ ،‬فكأنه سبحانه أمرهم بأن يطلبوا بأمولهم‬
‫النساء على وجه النكاح ‪ ،‬ال على وجه السفاح ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وأراد سبحانه باألموال المذكورة ما يدفعونه في مهور الحرائر وأثمان اإلماء ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ُجوَرُه َّن } ‪:‬‬ ‫قوله ‪ { :‬فَ َما استمتعتم بِ ِه م ْن ُه َّن فَ ئَاتُ ُ‬
‫وه َّن أ ُ‬
‫وقد اختلف أهل العلم في معنى اآلية ‪ :‬فقال الحسن ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬وغيرهما ‪ :‬المعنى فما انتفعتم ‪ ،‬وتلذذتم‬
‫مهورهن ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالجماع من النساء بالنكاح الشرعي { فآتوهن أجورهن } أي ‪:‬‬
‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬عن ابن عباس في قوله ‪ { :‬فآتوهن أجورهن } يقول ‪ :‬إذا‬
‫تزوج الرجل منكم المرأة ‪ ،‬ثم نكحها مرة واحدة ‪ ،‬فقد وجب صداقها كله ‪ ،‬واالستمتاع هو ‪ :‬النكاح ‪ ،‬وهو‬
‫قوله ‪َ { :‬وءاتُواْ النساء صدقاتهن } [ النساء ‪. ] 4 :‬‬

‫أبي بن‬
‫وقال الجمهور ‪ :‬إن المراد بهذه اآلية ‪ :‬نكاح المتعة الذي كان في صدر اإلسالم ‪ ،‬ويؤيد ذلك قراءة ّ‬
‫ِِ‬
‫كعب ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ " :‬فَ َما استمتعتم بِه م ْن ُه َّن إلى أ َ‬
‫َج ٍل ُّم َ‬
‫س ًّمى فآتوهن أجورهن } ثم نهى‬
‫علي قال ‪ :‬نهى النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬عن‬
‫صح ذلك من حديث ّ‬
‫عنها النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬كما ّ‬
‫نكاح المتعة ‪ ،‬وعن لحوم الحمر األهلية يوم خيبر ‪ ،‬وهو في الصحيحين وغيرهما ‪،‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني ‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬أنه قال يوم فتح مكة‬
‫حرم ذلك إلى يوم القيامة ‪ ،‬فمن كان‬
‫" يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في االستمتاع من النساء ‪ ،‬واهلل قد ّ‬
‫آتيتموهن شيئاً "‬
‫ّ‬ ‫فليخل سبيلها ‪ ،‬وال تأخذوا مما‬
‫ّ‬ ‫منهن شيء ‪،‬‬
‫عنده ّ‬
‫وفي لفظ لمسلم أن ذلك كان في حجة الوداع ‪ ،‬فهذا هو الناسخ ‪.‬‬
‫وقالت عائشة ‪ ،‬والقاسم بن محمد ‪ :‬تحريمها ‪ ،‬ونسخها في القرآن ‪ ،‬وذلك قوله تعالى ‪ { :‬والذين ُه ْم‬
‫ِ‬ ‫لُِفر ِ‬
‫ين } [ المؤمنون ‪] 6 ، 5 :‬‬ ‫ت أيمانهم فَِإنَّ ُه ْم غَْي ُر َملُوم َ‬
‫وج ِه ْم حافظون إِالَّ على أزواجهم أ َْو َما َملَ َك ْ‬ ‫ُ‬
‫وليست المنكوحة بالمتعة من أزواجهم ‪ ،‬وال مما ملكت أيمانهم ‪ ،‬فإن من شأن الزوجة أن تر ث ‪ ،‬وتور ث ‪،‬‬
‫وليست المستمتع بها كذلك ‪.‬‬
‫وقد قال بجوازها جماعة من الروافض ‪ ،‬وال اعتبار بأقوالهم ‪.‬‬
‫يضةً } منتصب على المصدرية المؤكدة ‪ ،‬أو على الحال ‪ ،‬أي ‪ :‬مفروضة ‪.‬‬ ‫قوله ‪ { :‬فَ ِر َ‬
‫اض ْيتُ ْم بِ ِه ِمن بَ ْع ِد الفريضة } أي ‪ :‬من زيادة ‪ ،‬أو نقصان في المهر ‪ ،‬فإن‬
‫يما تَ َر َ‬ ‫ِ‬
‫اح َعلَْي ُك ْم ف َ‬
‫قوله ‪َ { :‬والَ ُجنَ َ‬
‫ذلك سائغ عند التراضي ‪ ،‬هذا عند من قال بأن اآلية في النكاح الشرعي ‪.‬‬
‫وأما عند الجمهور القائلين بأنها في المتعة ‪ ،‬فالمعنى التراضي في زيادة م ّدة المتعة ‪ ،‬أو نقصانها ‪ ،‬أو في‬
‫زيادة ما دفعه إليها إلى مقابل االستمتاع بها ‪ ،‬أو نقصانه ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮋﮌ ﮍﮎﮏﮐ‬ ‫ﭽ‬

‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬

‫ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ‬

‫ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣ ﭼ‬

‫قوله ‪ { :‬ومن لَّم يستَ ِطع ِمن ُكم طَوالً أَن ي ِ‬


‫نك َح المحصنات المؤمنات } الطول ‪ :‬الغنى والسعة ‪ ،‬قاله ابن‬‫َ‬ ‫ََ ْ َ ْ ْ ْ ْ‬
‫عباس ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ ،‬والس ّدي ‪ ،‬وابن زيد ‪ ،‬ومالك ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬وأحمد ‪ ،‬وإسحاق ‪ ،‬وأبو‬
‫ثور ‪ ،‬وجمهور أهل العلم ‪.‬‬
‫ومعنى اآلية ‪ :‬فمن لم يستطع منكم غنى ‪ ،‬وسعة في ماله يقدر بها على نكاح المحصنات المؤمنات ‪،‬‬
‫فلينكح من فتياتكم المؤمنات‪.‬‬
‫وقال قتادة ‪ ،‬والنخعي ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬والثوري ‪ :‬إن الطول الصبر ‪ .‬ومعنى اآلية عندهم أن من كان يهوى أمة حتى‬
‫صار لذلك ال يستطيع أن يتزوج غيرها ‪ ،‬فإن له أن يتزوجها إذا لم يملك نفسه ‪ ،‬وخاف أن يبغي بها ‪ ،‬وإن‬
‫كان يجد سعة في المال لنكاح حرة ‪.‬‬

‫األول هو المطابق لمعنى اآلية ‪ ،‬وال يخلو ما عداه عن تكلف ‪ ،‬فال يجوز للرجل أن يتزوج باألمة إال‬
‫والقول ّ‬
‫إذا كان ال يقدر على أن يتزوج بالحرة لعدم وجود ما يحتاج إليه في نكاحها من مهر وغيره ‪.‬‬

‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬وابن المنذر ‪ ،‬وابن أبي حاتم ‪ ،‬والبيهقي في سننه عن ابن عباس ‪َ { :‬وَمن لَّ ْم يَ ْستَ ِط ْع‬
‫ِمن ُك ْم طَْوالً } يقول ‪ :‬من لم يكن له سعة { أَن يَنكِ َح المحصنات } يقول الحرائر ‪ { :‬فمن ما ملكت أيمانكم‬
‫من فتياتكم المؤمنات } فلينكح من إماء المؤمنين { محصنات غَْي َر مسافحات } يعني عفائف غير زواني في‬
‫ُح ِ‬ ‫ات أَ ْخ َد ٍ‬
‫َّخ َذ ِ‬‫سر وال عالنية { والَ مت ِ‬
‫ص َّن } ثم إذا تزوجت حراً ‪ ،‬ثم زنت { فَ َعلَْي ِه َّن‬ ‫ان } يعني أخالء { فَِإ َذا أ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ك لِ َم ْن َخ ِش َى العنت ِم ْن ُك ْم } هو ‪ :‬الزنا ‪،‬‬
‫ف َما َعلَى المحصنات ِم َن العذاب } قال ‪ :‬من الجلد { َذلِ َ‬ ‫نِ ْ‬
‫ص ُ‬
‫صبِ ُرواْ } عن‬
‫فليس ألحد من األحرار أن ينكح أمة إال أن ال يقدر على حرة ‪ ،‬وهو يخشى العنت { َوأَن تَ ْ‬
‫نكاح اإلماء { فَ ُه َو َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم } ‪.‬‬
‫استدل بقوله‪ّ { :‬من فتياتكم المؤمنات } على أنه ال يجوز نكاح األمة الكتابية ‪ ،‬وبه قال أهل الحجاز ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وقد‬
‫وجوزه أهل العراق‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪9‬‬
‫الحر أن‬
‫وقوله ‪ّ { :‬من فتياتكم المؤمنات } في محل نصب على الحال ‪ ،‬فقد عرفت أنه ال يجوز للرجل ّ‬
‫الحرة ‪.‬‬
‫يتزوج بالمملوكة إال بشرط عدم القدرة على ّ‬
‫يحل للفقير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشرط الثاني ما سيذكره اهلل سبحانه آخر اآلية من قوله ‪ { :‬ذَلِ َ ِ‬
‫ك ل َم ْن َخش َى العنت م ْن ُك ْم } فال ّ‬
‫أن يتزوج بالمملوكة إال إذا كان يخشى على نفسه العنت ‪.‬‬
‫والمراد هنا ‪ :‬األمة المملوكة للغير ‪ ،‬وأما أمة اإلنسان نفسه ‪ ،‬فقد وقع اإلجماع على أنه ال يجوز له أن‬
‫يتزوجها ‪ ،‬وهي تحت ملكه لتعارض الحقوق واختالفها ‪.‬‬
‫يقولن‬
‫والفتيات جمع فتاة ‪ ،‬والعرب تقول للمملوك فتى ‪ ،‬وللمملوكة فتاة ‪ .‬وفي الحديث الصحيح ‪ « :‬ال ّ‬
‫أحدكم عبدي ‪ ،‬وأمتي ‪ ،‬ولكن ليقل فتاي ‪ ،‬وفتاتي »‬
‫قوله ‪ { :‬واهلل أَ ْعلَ ُم بإيمانكم } فيه تسلية لمن ينكح األمة إذا اجتمع فيه الشرطان المذكوران ‪ ،‬أي ‪ :‬كلكم‬
‫بنو آدم ‪ ،‬وأكرمكم عند اهلل أتقاكم ‪ ،‬فال تستنكفوا من الزواج باإلماء عند الضرورة ‪ .‬فربما كان إيمان بعض‬
‫اإلماء أفضل من إيمان بعض الحرائر ‪.‬‬
‫ض ُكم ّمن بَ ْع ٍ‬
‫ض } مبتدأ وخبر ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬أنهم متصلون في األنساب؛ ألنهم جميعاً بنو آدم ‪ ،‬أو‬ ‫وقوله ‪ { :‬بَ ْع ُ‬
‫متصلون في الدين؛ ألنهم جميعاً أهل ملة واحدة ‪ ،‬وكتابهم واحد ونبيهم واحد ‪.‬‬
‫والمراد بهذا ‪ :‬توطئة نفوس العرب؛ ألنهم كانوا يستهجنون أوالد اإلماء ‪ ،‬ويستصغرونهم ‪ ،‬ويغضون منهم‪.‬‬
‫ِ ِ‬
‫منافعهن لهم ال يجوز لغيرهم أن ينتفع بشيء منها‬
‫ّ‬ ‫{ فانكحوهن بِِإ ْذن أ َْهل ِه َّن } أي ‪ :‬بإذن المالكين ّ‬
‫لهن؛ ألن‬
‫إال بإذن من هي له ‪.‬‬
‫ورهن بما هو بالمعروف في الشرع ‪.‬‬
‫إليهن مه ّ‬
‫أدوا ّ‬‫قوله ‪ { :‬وآتوهن أجورهن بالمعروف } أي ‪ّ :‬‬
‫وقد استدل بهذا من قال ‪ :‬إن األمة أح ّق بمهرها من سيدها ‪ ،‬وإليه ذهب مالك ‪ ،‬وذهب الجمهور إلى أن‬
‫لكونهن ماله ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إليهن تأدية إلى سيدهن‬
‫إليهن؛ ألن التأدية ّ‬
‫المهر للسيد ‪ ،‬وإنما أضافها ّ‬
‫قوله ‪ { :‬محصنات } أي ‪ :‬عفائف ‪ .‬وقرأ الكسائي « محصنات » بكسر الصاد في جميع القرآن إال في‬
‫قوله ‪ { :‬والمحصنات ِم َن النساء } وقرأ الباقون بالفتح في جميع القرآن ‪.‬‬
‫قوله ‪ { :‬غَْي َر مسافحات } أي ‪ :‬غير معلنات بالزنا ‪.‬‬
‫سراً‪،‬‬
‫واألخدان‪ :‬األخالء‪ ،‬والخدن‪ ،‬والخدين المخادن‪ ،‬أي‪ :‬المصاحب‪ ،‬وقيل ذات الخدن هي التي تزني ّ‬
‫فهو مقابل للمسافحة وهي التي تجاهر بالزنا‪ ،‬وقيل‪ :‬المسافحة‪ ،‬المبذولة‪ ،‬وذات الخدن ‪ ،‬التي تزني بواحد ‪.‬‬
‫وكانت العرب تعيب اإلعالن بالزنا ‪ ،‬وال تعيب اتخاذ األخدان ‪ ،‬ثم رفع اإلسالم جميع ذلك ‪ ،‬قال اهلل ‪:‬‬
‫{ َوالَ تَ ْق َربُواْ الفواحش َما ظَ َه َر ِم ْن َها َوَما بَطَ َن } [ األنعام ‪. ] 151 :‬‬

‫‪11‬‬
‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬عن ابن عباس قال ‪ :‬المسافحات المعلنات بالزنا ‪ ،‬والمتخذات أخدان ‪ :‬ذات الخليل‬
‫يحرمون ما ظهر من الزنا ‪ ،‬ويستحلون ما خفي ‪ ،‬فأنزل اهلل ‪َ { :‬والَ تَ ْق َربُواْ‬
‫الواحد ‪ .‬قال ‪ :‬كان أهل الجاهلية ّ‬
‫الفواحش َما ظَ َه َر ِم ْن َها َوَما بَطَ َن } [ األنعام ‪. ] 151 :‬‬
‫ص َّن } قرأ عاصم ‪ ،‬وحمزة ‪ ،‬والكسائي بفتح الهمزة ‪ ،‬وقرأ الباقون بضمها ‪.‬‬ ‫ُح ِ‬‫قوله ‪ { :‬فَِإذَا أ ْ‬
‫وزر‬
‫والمراد باإلحصان هنا ‪ :‬اإلسالم ‪ .‬روي ذلك عن ابن مسعود ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وأنس ‪ ،‬واألسود بن يزيد ‪ّ ،‬‬
‫دي ‪ ،‬وروي عن عمر بن الخطاب‬
‫بن حبيش ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وإبراهيم النخعي ‪ ،‬والشعبي ‪ ،‬والس ّ‬
‫‪ ،‬بإسناد منقطع ‪ ،‬وهو الذي نص عليه الشافعي ‪ ،‬وبه قال الجمهور ‪.‬‬
‫وقال ابن عباس ‪ ،‬وأبو الدرداء ‪ ،‬ومجاهد ‪ ،‬وعكرمة ‪ ،‬وطاوس ‪ ،‬وسعيد بن جبير ‪ ،‬والحسن ‪ ،‬وقتادة ‪،‬‬
‫وغيرهم ‪ :‬إنه التزويج ‪ .‬وروي عن الشافعي ‪.‬‬
‫األول ال ح ّد على األمة الكافرة ‪ .‬وعلى القول الثاني ال ح ّد على األمة التي لم تتزوج ‪.‬‬
‫فعلى القول ّ‬
‫وقال القاسم وسالم ‪ :‬إحصانها ‪ :‬إسالمها ‪ ،‬وعفافها ‪ .‬وقال ابن جرير ‪ :‬إن معنى القراءتين مختلف ‪ ،‬فمن قرأ‬
‫أحصن } بضم الهمزة ‪ ،‬فمعناه التزويج ‪ ،‬ومن قرأ بفتح الهمزة ‪ ،‬فمعناه اإلسالم ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫{‬
‫وقال قوم ‪ :‬إن اإلحصان المذكور في اآلية هو ‪ :‬التزوج ‪ ،‬ولكن الح ّد واجب على األمة المسلمة إذا زنت‬
‫تتزوج بالسنة ‪ ،‬وبه قال الزهري ‪.‬‬
‫قبل أن ّ‬
‫عز وجل يقتضي أنه ال ح ّد على األمة ‪ ،‬وإن كانت مسلمة إال بعد التزويج ‪،‬‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬ظاهر قول اهلل ّ‬
‫ثم جاءت السنة بجلدها ‪ ،‬وإن لم تحصن ‪ ،‬وكان ذلك زيادة بيان ‪.‬‬
‫قال القرطبي‪ :‬ظهر المسلم حمى ال يستباح إال بيقين‪ ،‬وال يقين مع االختالف لوال ما جاء في صحيح السنة‬
‫من الجلد‪.‬‬
‫قال ابن كثير في تفسيره ‪ :‬واألظهر ‪ ،‬واهلل أعلم أن المراد باإلحصان هنا ‪ :‬التزويج؛ ألن سياق اآلية يدل عليه‬
‫ُح ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص َّن فَِإ ْن أَتَ ْي َن بفاحشة فَ َعلَْي ِه َّن‬ ‫حيث يقول سبحانه ‪َ { :‬وَمن لَّ ْم يَ ْستَط ْع من ُك ْم طَْوالً } إلى قوله ‪ { :‬فَِإ َذا أ ْ‬
‫ف َما َعلَى المحصنات ِم َن العذاب } فالسياق كله في الفتيات المؤمنات ‪ ،‬فتعين أن المراد بقوله ‪ { :‬فَِإذَا‬ ‫ص ُ‬‫نِ ْ‬
‫ص َّن } أي ‪ :‬تزوجن ‪ ،‬كما فسره به ابن عباس ‪ ،‬ومن تبعه‪.‬‬ ‫ُح ِ‬
‫أْ‬

‫ف َما َعلَى المحصنات } أي ‪ :‬الحرائر‬ ‫قوله ‪ { :‬فَِإ ْن أَتَ ْي َن بفاحشة } الفاحشة هنا الزنا ‪ { :‬فَ َعلَْي ِه َّن نِ ْ‬
‫ص ُ‬
‫عليهن‬
‫ّ‬ ‫المزوجات؛ ألن‬
‫األبكار؛ ألن الثيب عليها الرجم ‪ ،‬وهو ال يتبعض ‪ ،‬وقيل المراد بالمحصنات هنا ‪ّ :‬‬
‫عليهن من الجلد ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عليهن نصف ما‬
‫ّ‬ ‫الجلد ‪ ،‬والرجم ‪ ،‬والرجم ال يتبعض ‪ ،‬فصار‬

‫‪11‬‬
‫ألنهن أضعف ‪.‬‬
‫والمراد بالعذاب هنا ‪ :‬الجلد ‪ ،‬وإنما نقص ح ّد اإلماء عن ح ّد الحرائر؛ ّ‬
‫ولم يذكر اهلل سبحانه في هذه اآلية العبيد ‪ ،‬وهم الحقون باإلماء بطريق القياس ‪.‬‬
‫كما يكون على اإلماء ‪ ،‬والعبيد نصف الح ّد في الزنا ‪ ،‬كذلك يكون عليهم نصف الح ّد في القذف والشرب‬
‫ك لِ َم ْن َخ ِش َى العنت ِم ْن ُك ْم } إلى نكاح اإلماء ‪ .‬والعنت ‪ :‬الوقوع في اإلثم ‪.‬‬‫واإلشارة بقوله ‪ { :‬ذَلِ َ‬
‫وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال ‪ :‬العنت ‪ :‬الزنا ‪.‬‬
‫نكاحهن يفضي‬
‫ّ‬ ‫نكاحهن ‪ ،‬أي ‪ :‬صبركم خير لكم؛ ألن‬
‫ّ‬ ‫صبِ ُرواْ } عن نكاح اإلماء { َخ ْي ٌر لَّ ُك ْم } من‬ ‫{ َوأَن تَ ْ‬
‫والغض من النفس ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى إرقاق الولد ‪،‬‬
‫ﭽ ﯥﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﭼ‬

‫قوله ‪ { :‬يُ ِري ُد اهلل لِيُبَ يّ َن لَ ُك ْم } الالم هنا هي الم كي التي تعاقب ‪ :‬أن‪.‬‬
‫يحل لكم ‪ ،‬وما يحرم عليكم ‪.‬‬ ‫ومعنى اآلية ‪ :‬يريد اهلل ليبين لكم مصالح دينكم ‪ ،‬وما ّ‬
‫{ َويَ ْه ِديَ ُك ْم ُسنَ َن الذين ِمن قَ ْبلِ ُك ْم } أي ‪ :‬طرقهم ‪ ،‬وهم األنبياء ‪ ،‬وأتباعهم لتقتدوا بهم‪.‬‬
‫وب َعلَْي ُك ْم } أي ‪ :‬ويريد أن يتوب عليكم فتوبوا إليه ‪ ،‬وتالفوا ما فرط منكم بالتوبة يغفر لكم ذنوبكم ‪.‬‬ ‫{ َويَتُ َ‬
‫ﭼ‬ ‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ‬ ‫ﭽ‬

‫وب َعلَْي ُك ْم } المتق ّدم ‪.‬‬ ‫{ واهلل يُ ِري ُد أَن يَتُ َ‬


‫وب َعلَْي ُك ْم } هذا تأكيد لما قد فهم من قوله ‪َ { :‬ويَتُ َ‬
‫األول معناه لإلرشاد إلى الطاعات ‪ ،‬والثاني فعل أسبابها ‪.‬‬
‫وقيل ‪ّ :‬‬
‫وقيل ‪ :‬إن الثاني لبيان كمال منفعة إرادته سبحانه ‪ ،‬وكمال ضرر ما يريده الذين يتبعون الشهوات ‪ ،‬وليس‬
‫المراد به ‪ :‬مجرد إرادة التوبة حتى يكون من باب التكرير للتأكيد ‪.‬‬
‫قيل ‪ :‬هذه اإلرادة منه سبحانه في جميع أحكام الشرع ‪ .‬وقيل ‪ :‬في نكاح األمة فقط ‪.‬‬
‫واختلف في تعيين المتبعين للشهوات ‪ ،‬فقيل ‪ :‬هم الزناة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬اليهود والنصارى ‪ .‬وقيل ‪ :‬اليهود خاصة ‪.‬‬
‫واألول أولى ‪.‬‬
‫وقيل هم المجوس؛ ألنهم أرادوا أن يتبعهم المسلمون في نكاح األخوات من األب ‪ّ .‬‬
‫والميل ‪ :‬العدول عن طريق االستواء ‪.‬‬
‫حرمه الشرع دون ما أحله ‪.‬‬
‫والمراد بالشهوات هنا ‪ :‬ما ّ‬
‫ﭼ‬ ‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ‬ ‫ﭽ‬

‫مر من الترخيص لكم ‪ ،‬أو بكل ما فيه تخفيف عليكم ‪.‬‬ ‫قوله ‪ { :‬يُ ِري ُد اهللُ يُ َخ ّف َ‬
‫ف َع ْن ُك ْم } بما ّ‬

‫‪12‬‬
‫{ َو ُخلِ َق اإلنسان َ‬
‫ض ِعيفاً } عاجزاً غير قادر على ملك نفسه ‪ ،‬ودفعها عن شهواتها ‪ ،‬وفاء بحق التكليف ‪،‬‬
‫فهو محتاج من هذه الحيثية إلى التخفيف ‪ ،‬فلهذا أراد اهلل سبحانه التخفيف عنه ‪.‬‬

‫هن خير‬ ‫وأخرج ابن جرير ‪ ،‬والبيهقي في الشعب ‪ ،‬عن ابن عباس قال ‪ :‬ثماني آيات نزلت في سورة النساء ّ‬
‫لهن ‪ { :‬يُ ِري ُد اهلل لِيُبَ يّ َن لَ ُك ْم َويَ ْه ِديَ ُك ْم ُسنَ َن الذين ِمن‬ ‫لهذه األمة مما طلعت عليه الشمس ‪ ،‬وغربت ‪ّ :‬أو ّ‬
‫وب َعلَْي ُك ْم َويُ ِري ُد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم } [ النساء ‪ ، ] 26 :‬والثانية ‪ { :‬واهلل يُ ِري ُد أَن يَتُ َ‬ ‫يم َحك ٌ‬ ‫وب َعلَْي ُك ْم واهلل َعل ٌ‬
‫قَ ْبل ُك ْم َويَتُ َ‬
‫ف‬ ‫الذين يَتَّبِعُو َن الشهوات أَن تَ ِميلُواْ َم ْيالً عظيماً } [ النساء ‪ ، ] 23 :‬والثالثة ‪َ { :‬ع ِظيماً يُ ِري ُد اهلل أَن يُ َخ ّف َ‬
‫ض ِعيفاً } [ النساء ‪ ، ] 20 :‬والرابعة ‪ { :‬إِن تَ ْجتَنِبُواْ َكبَائَِر َما تُ َنه ْو َن َع ْنهُ نُ َك ّف ْر َع ْن ُك ْم‬ ‫َع ْن ُك ْم َو ُخلِ َق اإلنسان َ‬
‫ال َذ َّرةٍ } [ النساء‬ ‫سيئاتكم َونُ ْد ِخ ْل ُك ْم ُّم ْد َخالً َك ِريماً } [ النساء ‪ ، ] 31 :‬والخامسة ‪ { :‬إِ َّن اهلل الَ يَظْلِ ُم ِمثْ َق َ‬
‫سهُ ثُ َّم يَ ْستَ ْغ ِف ِر اهلل } [ النساء ‪ ] 118 :‬اآلية ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫‪ ] 48 :‬اآلية ‪ ،‬والسادسة ‪َ { :‬وَمن يَ ْع َم ْل ُسوءاً أ َْو يَظْل ْم نَ ْف َ‬
‫ءامنُواْ باهلل َوُر ُسلِ ِه‬ ‫ِ‬
‫والسابعة ‪ { :‬إِ َّن اهلل الَ يَغْف ُر أَن يُ ْش َر َك بِه } [ النساء ‪ ] 116 :‬اآلية ‪ ،‬والثامنة ‪ { :‬والذين َ‬
‫ِ‬
‫ورُه ْم َوَكا َن اهلل } للذين عملوا من الذنوب { غَ ُفوراً َّرِحيماً }‬ ‫ك سو َ ِ‬
‫ف يُ ْؤتي ِه ْم أ ُ‬
‫ُج َ‬
‫ِ‬ ‫ولَم ي َفرقُواْ ب ين أ ٍ‬
‫َحد ّم ْن ُه ْم أ ُْولَئ َ َ ْ‬
‫َ ْ ُ ّ َْ َ َ‬
‫[ النساء ‪. ] 152 :‬‬

‫‪13‬‬

You might also like