You are on page 1of 9

‫‪No.

‬‬ ‫‪Pembahasan‬‬ ‫‪Mahasiswa‬‬
‫‪1.‬‬ ‫معنى الطالق‪ :‬الطالق لغة‪ ،‬حل القيد واإلطالق‪ ،‬ومنه ناقة طالق‪ ،‬أي‬
‫مرسلة بال قيد‪ ،‬وأسير مطلق‪ ،‬أي حل قيده وخلي عنه‪ ،‬لكن العرف‬
‫خص الطالق بحل القيد المعنوي‪ ،‬وهو في المرأة‪ ،‬واإلطالق في حل‬
‫القيد الحسي في غير المرأة‪.‬‬
‫وشرعاً‪ :‬حل قيد النكاح‪ ،‬أو حل ع ْقد النكاح بلفظ الطالق ونحوه‪ .‬أو‬
‫رفع قيد النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص‪ .‬فحل رابطة‬
‫الزواج في الحال يكون بالطالق البائن‪ ،‬وفي المآل أي بعد العدة‬
‫يكون بالطالق الرجعي‪ .‬واللفظ المخصوص‪ :‬هو الصريح كلفظ‬
‫الطالق‪ ،‬والكناية كلفظ البائن والحرام واإلطالق ونحوها‪ .‬ويقوم مقام‬
‫اللفظ‪ :‬الكتابة واإلشارة المفهمة‪ =،‬ويلحق بلفظ الطالق لفظ «الخلع»‬
‫وقول القاضي‪« :‬فرقت»= في التفريق للغيبة أو الحبس‪ ،‬أو لعدم‬
‫اإلنفاق أو لسوء العشرة‪ .‬وقد أخرج باللفظ المخصوص‪ :‬الفسخ‪ ،‬فإنه‬
‫يحل رابطة الزواج في الحال‪ ،‬لكن بغير لفظ الطالق ونحوه‪ ،‬والفسخ‬
‫كخيار البلوغ‪ ،‬وعدم الكفاءة‪ ،‬ونقصان المهر‪ ،‬والردة‪.‬‬
‫وال يصح الرجوع في الطالق أو العدول عنه كسائر األيمان‪ ،‬لقوله‬
‫صلّى هللا عليه وسلم‪« :‬ال قيلولة في الطالق»‪.‬‬
‫‪2.‬‬ ‫مشروعيته‪ :‬الطالق مشروع بالكتاب والسنة واإلجماع‪:‬‬
‫أما الكتاب‪ :‬فقول هللا تعالى‪{ :‬الطالق مرتان‪ ،‬فإمساك= بمعروف أو‬
‫تسريح بإحسان} [البقرة‪ ]2 /229:‬وقوله تعالى‪{ :‬يا أيها النبي إذا‬
‫طلَّقتم النساء‪ =،‬فطلقوهن لعدتهن} َّ‬
‫[الطالق‪.]65 /1:‬‬
‫وأما السنة‪ :‬فقوله صلّى هللا عليه وسلم‪« :‬إنما الطالق لمن أخذ‬
‫بالساق» وقوله عليه الصالة والسالم‪« :‬أبغض الحالل إلى هللا‪:‬‬
‫الطالق»‪ .‬وقال عمر‪« :‬طلق النبي صلّى هللا عليه وسلم حفصة‪ ،‬ثم‬
‫راجعها»‪».‬‬
‫وأجمع الناس على جواز الطالق‪ ،‬والمعقول يؤيده‪ ،‬فإنه ربما فسدت‬
‫الحال بين الزوجين‪ ،‬فيصير بقاء الزواج مفسدة محضة‪ ،‬وضرراً‬
‫مجرداً‪ ،‬بإلزام الزوج والنفقة والسكنى‪ ،‬وحبس المرأة مع سوء‬
‫العشرة‪ ،‬والخصومة الدائمة من غير فائدة‪ ،‬فاقتضى ذلك شرع ما‬
‫يزيل الزواج‪ ،‬لتزول المفسدة الحاصلة منه‪.‬‬
‫‪3.‬‬ ‫حكمة تشريع الطالق‪ :‬تظهر حكمة تشريع الطالق من المعقول‬
‫السابق‪ ،‬وهو الحاجة إلى الخالص من تباين األخالق‪ ،‬وطروء‬
‫البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود هللا تعالى‪ ،‬فكان تشريعه رحمة منه‬
‫سبحانه وتعالى‪ .‬أي أن الطالق عالج حاسم‪ ،‬وحل نهائي أخيراً لما‬
‫استعصى حله على الزوجين وأهل الخير والحكمين‪ ،‬بسبب تباين‬
‫األخالق‪ ،‬وتنافر الطباع‪ ،‬وتعقد مسيرة الحياة المشتركة بين‬
‫الزوجين‪ ،‬أو بسبب اإلصابة بمرض ال يحتمل‪ ،‬أو ُع ْقم ال عالج له‪،‬‬
‫مما يؤدي إلى ذهاب المحبة والمودة‪ ،‬وتوليد الكراهية والبغضاء‪،‬‬
‫فيكون الطالق منفذاً متعينا ً للخالص من المفاسد والشرور الحادثة‪.‬‬
‫الطالق إذن ضرورة لحل مشكالت= األسرة‪ ،‬ومشروع للحاجة ويكره‬
‫عند عدم الحاجة‪ ،‬للحديث السابق‪« :‬ليس شيء من الحالل أبغض إلى‬
‫هللا من الطالق» وحديث‪« :‬أيما امرأة سألت زوجها الطالق في غير‬
‫ما بأس‪ ،‬فحرام عليها رائحة الجنة»‪ .‬ومن أسبابه المبيحة له طاعة‬
‫الوالدين فيه‪ ،‬قال ابن عمر‪« :‬كانت تحتي امرأة أحبها‪ ،‬وكان أبي‬
‫فذكر ذلك للنبي صلّى هللا عليه‬ ‫فأبيت‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫يكرهها‪ ،‬فأمرني أن أطلِّقها‬
‫وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬يا عبد هللا بن عمر‪ :‬طلِّق امرأتك» وصرح الحنابلة‪ :‬أنه‬
‫ال يجب على الرجل طاعة أبويه ولو عدلين في طالق أو منع من‬
‫تزويج‪.‬‬

‫‪4.‬‬ ‫وما قد يترتب على الطالق من أضرار‪ ،‬وبخاصة األوالد‪ ،‬يحتمل في‬
‫سبيل دفع ضرر أشد وأكبر‪ ،‬عمالً بالقاعدة‪« :‬يختار أهون الشرين»‪.‬‬
‫لكن رغب الشرع األزواج في الصبر وتحمل خلق الزوجة‪ ،‬فقال‬
‫تعالى‪{ :‬وعاشروهن بالمعروف‪ ،‬فإن كرهتموهن‪ ،‬فعسى أن تكرهوا‬
‫شيئاً‪ ،‬ويجعل هللا فيه خيراً كثيرا} [النساء‪ ]4 /19:‬وقوله صلّى هللا‬
‫يفركْ مؤمن مؤمنة‪ ،‬إن كره منها خلُقاً‪ ،‬رضي منها‬ ‫عليه وسلم‪« :‬ال َ‬
‫آخر»‬
‫وشرع الشرع طرقا ً ودية لحل ما يثور من نزاع بين الزوجين‪ ،‬من‬
‫وعظ وإرشاد‪ ،‬وهجر في المضجع وإعراض‪ ،‬وضرب‪ ،‬وإرسال‬
‫حكمين من قبل القاضي إذا عجز الزوجان عن اإلصالح وإزالة‬
‫الشقاق الذي بينها‪ ،‬وقد بينت ذلك في بحث حقوق الزوجين‪ ،‬وهي‬
‫كلها مأخوذة من آيات ثالث هي‪{ :‬وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً‬
‫أو إعراضاً‪ ،‬فال جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً‪ ،‬والصلح‬
‫خير‪ ،‬وأحضرت األنفس الشح‪ ،‬وإن تحسنوا وتتقوا‪ ،‬فإن هللا كان بما‬
‫تعملون خبيراً} [النساء‪{ ]4 /128:‬وإن خفتم شقاق بينهما‪ ،‬فابعثوا‬
‫حكما ً من أهله‪ ،‬وحكما ً من أهلها‪ ،‬إن يريدا إصالحا ً يوفق هللا بينهما‪،‬‬
‫إن هللا كان عليما ً خبيراً} [النساء‪{ ]4 /35:‬والالتي تخافون نشوزهن‬
‫فعظوهن‪ ،‬واهجروهن في المضاجع‪ ،‬واضربوهن‪ ،‬فإن أطعنكم فال‬
‫تبغوا عليهن سبيالً‪ ،‬إن هللا كان عليا ً كبيراً} [النساء‪.]4 /34:‬‬
‫‪5.‬‬ ‫السبب في جعل الطالق بيد الرجل‪:‬‬
‫جعل الطالق بيد الزوج ال بيد الزوجة بالرغم من أنها شريكة في‬
‫العقد حفاظا ً على الزواج‪ ،‬وتقديراً لمخاطر إنهائه بنحو سريع غير‬
‫متئد؛ ألن الرجل الذي دفع المهر وأنفق على الزوجة والبيت يكون‬
‫عادة أكثر تقديراً لعواقب األمور‪ ،‬وأبعد عن الطيش في تصرف‬
‫يلحق به ضرراً كبيراً‪ ،‬فهو أولى من المرأة بإعطائه حق التطليق‬
‫ألمرين‪:‬‬
‫األول ـ إن المرأة غالبا ً أشد تأثراً بالعاطفة من الرجل‪ ،‬فإذا ملكت‬
‫التطليق‪ ،‬فربما أوقعت الطالق ألسباب بسيطة ال تستحق هدم الحياة‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫الثاني ـ يستتبع الطالق أموراً مالية من دفع مؤجل المهر‪ ،‬ونفقة‬
‫العدة‪ ،‬والمتعة‪ ،‬وهذه التكاليف المالية من شأنها حمل الرجل على‬
‫التروي في إيقاع الطالق‪ ،‬فيكون من الخير والمصلحة جعله في يد‬
‫من هو أحرص على الزوجية‪ .‬وأما المرأة فال تتضرر ماليا ً بالطالق‪،‬‬
‫فال تتروى في إيقاعه بسبب سرعة تأثرها وانفعالها‪.‬‬
‫ثم إن المرأة قبلت الزواج على أن الطالق بيد الرجل‪ ،‬وتستطيع أن‬
‫تشرطه لنفسها إن رضي الرجل منذ بداية العقد‪ ،‬ولها أيضا ً إن‬
‫تضررت بالزوج أن تنهي‬
‫‪6.‬‬ ‫ركن الطالق‪ :‬قال الحنفية‪ :‬ركن الطالق‪ :‬هو اللفظ الذي جعل داللة‬
‫على معنى الطالق لغة‪ :‬وهو التخلية واإلرسال‪ ،‬ورفع القيد في‬
‫الصريح‪ ،‬وقطع الوصلة ونحوه في الكناية‪ ،‬أو شرعاً‪ :‬وهو إزالة‬
‫الحل؛ أو ما يقوم مقام اللفظ من اإلشارة‪.‬‬
‫وقال غير الحنفية‪ :‬للطالق أركان‪ ،‬علما ً بأن كلمة «ركن الطالق»‬
‫مفرد مضاف‪ ،‬فيعم‪ ،‬فيصح اإلخبار عنه بالمتعدد‪ ،‬فيقال‪ :‬أركانه‬
‫أربعة مثالً‪ .‬والمراد بالركن عند الجمهور‪ :‬ما تتحقق به الماهية‪ ،‬ولو‬
‫لم يكن داخالً فيها‪.‬‬
‫أما المالكية فقالوا‪ :‬أركان الطالق أربعة‪ :‬أهل له‪ :‬أي موقعه من زوج‬
‫أو نائبه أو وليه إن كان صغيراً‪ ،‬وقصد‪ :‬أي قصد النطق باللفظ‬
‫الصريح والكناية الظاهرة‪ ،‬ولو لم يقصد حل العصمة بدليل صحة‬
‫طالق الهازل‪ .‬ومحل‪ :‬أي عصمة مملوكة‪ ،‬ولفظ صريح أو كناية‪.‬‬
‫وعدها ابن جزي ثالثة‪ :‬هي المطلِّق‪ ،‬والمطلَّقة‪ ،‬والصيغة‪ :‬وهي اللفظ‬
‫وما في معناه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫وأما الشافعية والحنابلة فقالوا‪ :‬أركان الطالق خمسة‪ :‬مطلق‪ ،‬وصيغة‪،‬‬
‫ومحل‪ ،‬ووالية‪ ،‬وقصد‪ ،‬فال طالق لفقيه يكرره‪ ،‬وحاكٍ ولو عن نفسه‪.‬‬
‫ويالحظ أن الوالية أدخلها المالكية في الركن األول وهو األهلية‪.‬‬
‫وزاد الشافعية والحنابلة على المالكية ركن المحل‪.‬‬
‫‪7.‬‬ ‫حكم الطالق‪ :‬ذهب الحنفية على المذهب‪ :‬إلى أن إيقاع الطالق مباح‬
‫إلطالق اآليات‪ ،‬مثل قوله تعالى‪{ :‬فطلقوهن لعدتهن} [الطالق‪/1:‬‬
‫‪{ ]65‬ال جناح عليكم إن طلقتم النساء} [البقرة‪ ]2 /236:‬وألنه صلّى‬
‫هللا عليه وسلم طلق حفصة‪ ،‬ال لريبة (أي ظن الفاحشة) وال كبر‪،‬‬
‫وكذا فعله الصحابة‪ ،‬والحسن بن علي رضي هللا عنهما استكثر‬
‫النكاح والطالق‪ .‬وأما حديث «أبغض الحالل إلى هللا الطالق»‬
‫فالمراد بالحالل‪ :‬ما ليس فعله بالزم‪ ،‬ويشمل المباح والمندوب‬
‫والواجب والمكروه‪ ،‬وقال ابن عابدين‪ :‬إن كونه مبغوضا ً ال ينافي‬
‫كونه حالالً‪ ،‬فإن الحالل بهذا المعنى يشمل المكروه‪ ،‬وهو مبغوض‪.‬‬
‫وقال الكمال بن الهمام‪ :‬األصح حظر الطالق أي منعه‪ ،‬إال لحاجة‬
‫كريبة وكبر‪ .‬ورجح ابن عابدين هذا الرأي‪ ،‬وليست الحاجة مختصة‬
‫بالكبر والريبة‪ ،‬بل هي أعم‪.‬‬
‫وذكر الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة)‪ :‬أن الطالق من حيث‬
‫هو جائز‪ ،‬واألولى عدم ارتكابه‪ ،‬لما فيه من قطع األ لُفة إال لعارض‪،‬‬
‫وتعتريه األحكام األربعة من حرمة‪ ،‬وكراهة‪ ،‬ووجوب‪ ،‬وندب‪،‬‬
‫واألصل أنه خالف األولى‪.‬‬
‫فيكون حراما ً‪ :‬كما لو علم أنه إن طلق زوجته وقع في الزنا لتعلقه‬
‫بها‪ ،‬أو لعدم قدرته على زواج غيرها‪ ،‬ويحرم الطالق البدعي وهو‬
‫الواقع في الحيض ونحوه كالنفاس وطهر وطئ فيه‪.‬‬
‫‪8.‬‬ ‫ويكون مكروها ً‪ :‬كما لو كان له رغبة في الزواج‪ ،‬أو يرجو به نسالً‬
‫ولم يقطعه بقاء الزوجة عن عبادة واجبة‪ ،‬ولم يخش زنا ً إذا فارقها‪.‬‬
‫ويكره الطالق من غير حاجة إليه‪ ،‬للحديث السابق عن ابن عمر‪:‬‬
‫«أبغض الحالل إلى هللا تعالى الطالق»‪.‬‬
‫ويكون واجباً‪ :‬كما لو علم أن بقاء الزوجة يوقعه في محرم من نفقة‬
‫أو غيرها‪ .‬ويجب طالق المولي (حالف يمين اإليالء) بعد انتظار‬
‫أربعة أشهر من حلفه إذا لم يفئ‪ ،‬أي يطأ‪.‬‬
‫ويكون مندوبا ً أو مستحباً‪ :‬إذا كانت المرأة بذيِّة اللسان يخاف منها‬
‫الوقوع في الحرام لو استمرت عنده‪ .‬ويستحب الطالق في الجملة‬
‫لتفريط الزوجة في حقوق هللا الواجبة‪ ،‬مثل الصالة ونحوها‪ ،‬وال‬
‫يمكنه إجبارها على تلك الحقوق‪ ،‬ويستحب الطالق أيضا ً في حال‬
‫مخالفة المرأة من شقاق وغيره ليزيل الضرر‪ ،‬أوإذا كانت غير‬
‫عفيفة‪ ،‬فال ينبغي له إمساكها؛= ألن فيه نقصا ً لدينه‪ ،‬وال يأمن إفسادها‬
‫فراشه‪ ،‬وإلحاقها= به ولداً من غيره‪.‬‬
‫ويستحب الطالق أيضا ً لتضرر الزوجة ببقاء النكاح لبغض أو غيره‪،‬‬
‫ويستحب كون الطالق طلقة واحدة؛ ألنه يمكنه تالفيها‪ ،‬وإن أراد‬
‫الطالق الثالث‪َّ ،‬فرق الطلقات في كل طهر طلقة ليخرج من الخالف‪،‬‬
‫فإن عند أبي حنيفة ال يجوز جمعها‪ =،‬وألنه يسلم من الندم‪.‬‬
‫‪9.‬‬ ‫شروط الركن األول وهو المطلِّق‪ :‬يشترط أن يكون زوجا ً مكلفا ً (بالغا ً‬
‫عاقالً) مختاراً باالتفاق‪ ،‬وأن يكون عند المالكية مسلماً‪ ،‬وأن يعقل‬
‫الطالق عند الحنابلة‪.‬‬
‫فال يصح الطالق من غير زوج‪ ،‬وال من صبي مميز أو غير مميز‪،‬‬
‫وأجاز الحنابلة طالق مميز يعقل الطالق ولو كان دون عشر سنين‪،‬‬
‫بأن يعلم أن زوجته تبين منه وتحرم عليه إذا طلقها‪ ،‬ويصح توكيل‬
‫المميز في الطالق وتوكله فيه؛ ألن من صح منه مباشرة شيء‪ ،‬صح‬
‫أن يوكل وأن يتوكل فيه‪ .‬وال يصح عند الفقهاء أن يطلِّق الولي على‬
‫الصبي أو المجنون بال عوض‪ ،‬ألن الطالق ضرر‪.‬‬
‫طالق المجنون والمدهوش‪ :‬وال يصح طالق المجنون‪ ،‬ومثله المغمى‬
‫عليه‪ ،‬والمدهوش‪ :‬وهو الذي اعترته حال انفعال ال يدري فيها ما‬
‫يقول أو يفعل‪ ،‬أو يصل به االنفعال إلى درجة يغلب معها الخلل في‬
‫أقواله وأفعاله‪ ،‬بسبب فرط الخوف أو الحزن أو الغضب‪ ،‬لقوله صلّى‬
‫هللا عليه وسلم‪« :‬ال طالق في إغالق» واإلغالق‪ :‬كل ما يسد باب‬
‫اإلدراك والقصد والوعي‪ ،‬لجنون أو شدة غضب أو شدة حزن‬
‫ونحوها‪.‬‬
‫‪10.‬‬ ‫ودليل اشتراط البلوغ والعقل‪ :‬حديث «كل طالق جائز إال طالق‬
‫الصبي والمجنون» وحديث «رفع القلم عن ثالثة‪ :‬عن الصبي حتى‬
‫يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن المجنون حتى يُفيق»‪ ،‬وألن‬
‫الطالق تصرف يحتاج إلى إدراك كامل وعقل وافر‪ ،‬وهذا ال يتوافر‬
‫في الصبي والمجنون‪ ،‬وألن الطالق تصرف ضار‪ ،‬فال يملكه الصبي‬
‫ولو كان مميزاً أو أجازه الولي‪.‬‬
‫لكن الحنابلة أنفذوا طالق المميز ولو دون عشر‪ ،‬لعموم الحديث‬
‫المتقدم‪« :‬إن الطالق لمن أخذ بالساق» وحديث «كل الطالق جائز‬
‫إال طالق المعتوه‪ ،‬والمغلوب على عقله» وعن علي‪« :‬اكتموا‬
‫الصبيان النكاح» فيفهم منه أن فائدته أال يطلقوا‪ ،‬وألنه طالق من‬
‫عاقل صادف محل الطالق‪ ،‬فوقع كطالق البالغ‪.‬‬
‫طالق الغضبان‪ :‬يفهم مما ذكر أن طالق الغضبان ال يقع إذا اشتد‬
‫الغضب‪ ،‬بأن وصل إلى درجة ال يدري فيها ما يقول ويفعل وال‬
‫يقصده‪ .‬أو وصل به الغضب إلى درجة يغلب عليه فيها الخلل‬
‫واالضطراب في أقواله وأفعاله‪ ،‬وهذه حالة نادرة‪ .‬فإن ظل الشخص‬
‫في حالة وعي وإدراك لما يقول فيقع طالقه‪ ،‬وهذا هو الغالب في كل‬
‫طالق يصدر عن الرجل؛ ألن الغضبان مكلف في حال غضبه بما‬
‫يصدر منه من كفر وقتل نفس وأخذ مال بغير حق وطالق وغيرها‪.‬‬
‫‪11.‬‬ ‫طالق السكران‪ :‬السكران الذي وصل إلى درجة الهذيان وخلط‬
‫الكالم‪ ،‬وال يعي بعد إفاقته ما صدر منه حال سكره‪ ،‬ال يقع طالقه‬
‫باتفاق المذاهب إن سكر سكراً غير حرام ـ وهو نادر ـ كشرب مسكر‬
‫للضرورة‪ ،‬أو لإلكراه‪ ،‬أو ألكل بنج ونحوه ولو لغير حاجة عند‬
‫الحنابلة؛ ألنه ال لذة فيه‪ ،‬فيعذر لعدم اإلدراك والوعي لديه‪ ،‬فهو‬
‫كالنائم‪.‬‬
‫أما السكران بطريق محرَّ م ـ وهو الغالب ـ بأن شرب الخمر عالما ً‬
‫به‪ ،‬مختاراً لشربه‪ ،‬أو تناول المخدر من غير حاجة أو ضرورة عند‬
‫الجمهور غيرا لحنابلة‪ ،‬فيقع طالقه في الراجح في المذاهب األربعة‪،‬‬
‫عقوبة وزجراً عن ارتكاب المعصية‪ ،‬وألنه تناوله باختياره من غير‬
‫ضرورة‪.‬‬
‫وقال زفر والطحاوي من الحنفية‪ ،‬وأحمد في رواية عنه‪ ،‬والمزني‬
‫من الشافعية= وعثمان وعمر بن عبد العزيز‪ :‬ال يقع طالق السكران‪،‬‬
‫لعدم توافر القصد والوعي واإلرادة الصحيحة لديه‪ ،‬فهوزائل العقل‬
‫كالمجنون‪ ،‬والنائم فاقد اإلرادة كالمكره‪ ،‬فتصبح عبارته ملغاة ال قيمة‬
‫لها‪ ،‬وللسكر عقوبة أخرى هي الحد‪ ،‬فال مسوغ لضم عقوبة أخرى‬
‫عليه‪ ،‬قال عثمان رضي هللا عنه‪ :‬ليس لمجنون وال لسكران طالق‪،‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬طالق السكران والمستكره ليس بجائز‪ ،‬وقال علي‪:‬‬
‫كل الطالق جائز إال طالق المعتوه‪.‬‬
‫‪12.‬‬ ‫طالق غير المسلم‪ :‬يقع طالق غير المسلم كالمسلم عند الجمهور؛‬
‫ألنه عند غير الحنفية مكلف بفروع الشريعة‪ .‬وقال المالكية‪ :‬ال يصح‬
‫الطالق من كافر‪ ،‬ويشترط اإلسالم لنفاذ طالق المطلِّق‪.‬‬
‫طالق المرتد‪ :‬طالق المرتد بعد الدخول موقوف‪ ،‬فإن أسلم في العدة‬
‫تبينا وقوعه‪ ،‬وإن لم يسلم حتى انقضت العدة أو ارتد قبل الدخول‬
‫فطالقه باطل؛ النفساخ النكاح قبله‪ ،‬باختالف الدين‪.‬‬
‫طالق السفيه‪ :‬ينفذ طالق السفيه المحجور إذا كان بالغا ً باتفاق‬
‫المذاهب ولو بغير إذن وليه؛ ألن موضع الحجر هو التصرفات‬
‫المالية‪ ،‬والطالق وأثره ليس من التصرفات المالية‪ ،‬والرشد ليس‬
‫شرطا ً لوقوع الطالق‪.‬‬
‫والسفيه‪ :‬هو خفيف العقل الذي يتصرف في ماله على خالف مقتضى‬
‫العقل السليم‪ .‬وقال الشيعة اإلمامية وعطاء‪ :‬يتوقف طالق السفيه على‬
‫إذن الولي؛ ألنه تصرف ضار ضرراً محضاً‪.‬‬
‫طالق المكره‪ :‬ال يقع عند الجمهور طالق المكره؛ ألنه غير قاصد‬
‫للطالق‪ ،‬وإنما قصد دفع األذى عن نفسه‪ ،‬ولقوله صلّى هللا عليه‬
‫وسلم‪« :‬إن هللا تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا‬
‫عليه» وقوله عليه الصالة والسالم‪« :‬ال طالق في إغالق» معناه في‬
‫إكراه‪ .‬وهذا هو الراجح لقوة دليله‪.‬‬
‫ورأى الحنفية‪ :‬أن طالق المكره واقع؛ ألنه قصد إيقاع الطالق وإن لم‬
‫يرض باألثر المترتب عليه‪ ،‬كالهازل‪ ،‬فإن طالقه يقع لحديث‪« :‬ثالث‬
‫ِجدّهن ِج ّد‪ ،‬وهزلهن جد‪ :‬النكاح والطالق والرجعة»‪.‬‬
‫‪13.‬‬ ‫ما يشترط في الركن الثاني للطالق وهو القصد‪:‬‬
‫يشترط باالتفاق القصد في الطالق‪ :‬وهو إرادة التلفظ به‪ ،‬ولو لم ينوه‪،‬‬
‫أي إرادة لفظ الطالق لمعناه‪ ،‬بأال يقصد بلفظ الطالق غير المعنى‬
‫الذي وضع له‪ ،‬واليشترط في هذا الركن إال تحقيق المراد به‪ ،‬فال يقع‬
‫طالق فقيه يكرره‪ ،‬وال طالق حاكٍ عن نفسه أو غيره؛ ألنه لم يقصد‬
‫معناه‪ ،‬بل قصد التعليم والحكاية‪ ،‬وال طالق أعجمي لُ ِّقن لفظ الطالق‬
‫بال فهم منه لمعناه‪ .‬وال يقع طالق مرَّ بلسان نائم أو من زال عقله‬
‫بسبب لم يعص به‪ ،‬ويلغو‪ ،‬وإن قال بعد إفاقته أو استيقاظه‪ :‬أجزته أو‬
‫أوقعته للحديث المتقدم‪« :‬رفع القلم عن ثالث‪ ،‬ومنها‪ :‬النائم حتى‬
‫يستيقظ» والنتفاء القصد‪.‬‬
‫وال تشترط عند الحنابلة النية للطالق في حال الخصومة أو في حال‬
‫الغضب‪.‬‬
‫طالق الهازل‪ :‬الهازل هو من قصد اللفظ دون معناه‪ ،‬والالعب‪ :‬هو‬
‫من لم يقصد شيئاً‪ ،‬كأن تقول الزوجة في معرض دالل أو مالعبة‬
‫أواستهزاء‪ :‬طلقني‪ ،‬فيقول لها العبا ً أو مستهزئاً‪ :‬طلقتك‪ ،‬ومثله من‬
‫خاطبها بطالق وهو يظنها أجنبية عنه وليست زوجته‪ ،‬بسبب ظلمة‬
‫أو من وراء حجاب‪ .‬والحكم أن يقع طالق هؤالء جميعاً؛ ألن كالً من‬
‫الهازل والالعب أتى باللفظ عن قصد واختيار‪ ،‬وإن لم يرض‬
‫بوقوعه‪ ،‬فعدم رضاه بوقوعه‪ ،‬لظنه أنه ال يقع‪ :‬ال أثر له لخطأ ظنه‪.‬‬
‫والدليل كما ذكر الحنابلة وغيرهم هو الحديث المتقدم‪« :‬ثالث جدهن‬
‫جد‪ ،‬وهزلهن جد‪ :‬النكاح‪ ،‬والطالق‪ ،‬والرجعة»‬
‫‪14.‬‬ ‫طالق المخطئ أو من سبق لسانه‪ :‬وهو الذي يريد أن يتكلم بغير‬
‫الطالق‪ ،‬فز َّل لسانه‪ ،‬ونطق بالطالق من غير قصد أصالً‪ ،‬بأن أراد‬
‫أن يقول‪ :‬طاهر أو أنت طالبة‪ ،‬فقال خطأ‪ :‬أنت طالق‪.‬‬
‫وحكمه‪ :‬ال يقع طالقه عند الشافعية‪ =،‬لعدم القصد‪.‬‬
‫وقال الحنفية والمالكية والحنابلة‪ :‬ال يقع طالقه في الفتوى والديانة‪،‬‬
‫أي فيما بينه وبين هللا تعالى‪ ،‬ويقع في القضاء‪ .‬لكن قيد المالكية‬
‫وقوعه قضاء بأن لم يثبت سبق لسانه بالبينة‪ ،‬وإال فال يلزمه في‬
‫فتوى وال في قضاء‪.‬‬

‫وسبب التفرقة بين الهازل والمخطئ‪ :‬أن الهازل قصد اللفظ‪ ،‬فاستحق‬
‫العقوبة والزجر عن اللعب بأحكام الدين‪ ،‬وأما المخطئ فال قصد له‬
‫أصالً‪ ،‬فلم يستحق العقوبة والزجر‪ ،‬حتى يحكم بوقوع طالقه‪.‬‬
‫ما يشترطه في الركن الثالث ـ محل الطالق أو من يقع عليه الطالق‪:‬‬
‫المرأة هي التي يقع عليها الطالق‪ ،‬إذا كانت في حال زواج صحيح‬
‫قائم فعالً‪ ،‬ولو قبل الدخول‪ ،‬أو في أثناء العدة من طالق رجعي؛ ألن‬
‫الطالق الرجعي ال تزول به رابطة الزوجية إال بعد انتهاء العدة‪.‬‬
‫فإن كانت المرأة معتدة من طالق بائن بينونة كبرى‪ ،‬فال يلحقها‬
‫طالق آخر في أثناء العدة‪ ،‬الستنفاد حق الزوج في الطالق‪ .‬ألنه ال‬
‫يملك أكثر من ثالث طلقات‪ ،‬فال تكون هناك فائدة من الطالق‪.‬‬
‫‪15.‬‬ ‫وإن كانت معتدة من طالق بائن بينونة صغرى‪ .‬فال يلحقها أيضا ً‬
‫طالق آخر عند الجمهور غير الحنفية‪ ،‬النتهاء رابطة الزوجية‬
‫بالطالق البائن‪ ،‬فال تكون محالً للطالق‪ .‬ويلحقها طالق آخر في رأي‬
‫الحنفية في أثناء العدة‪ ،‬لبقاء بعض أحكام الزواج من وجوب النفقة‪،‬‬
‫والسكنى في بيت الزوجية‪ ،‬وعدم حل زواجها برجل آخر في العدة‪،‬‬
‫فتكون محالً للطالق إذ هي زوجة حكماً‪ .‬وعبارة الحنفية فيه‪:‬‬
‫«الصريح يلحق الصريح‪ ،‬ويلحق البائن بشرط العدة‪ ،‬والبائن يلحق‬
‫الصريح»‪.‬‬
‫فإن كان الزواج فاسداً‪ ،‬أو انتهت عدة المرأة مطلقاً‪ ،‬فال يقع عليها‬
‫طالق آخر‪ ،‬حتى ولو كان معلقا ً بانتهاء العدة‪ ،‬كأن يقول لها‪ :‬إذا‬
‫انتهيت من عدتك‪ ،‬فأنت طالق‪ ،‬فال يقع به طالق‪.‬‬
‫ونص القانون السوري (م ‪ )86‬على محل الطالق فيما يأتي‪« :‬محل‬
‫الطالق‪ :‬المرأة التي في نكاح صحيح‪ ،‬أو المعتدة من طالق رجعي‪،‬‬
‫وال يصح على غيرهما الطالق‪ ،‬ولو كان معلقاً»‪.‬‬
‫وإذا طلقت المرأة قبل الدخول والخلوة‪ ،‬فال عدة عليها‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫{إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن‪ ،‬فما لكم‬
‫عليهن من عدة تعتدونها} [األحزاب‪ ]33 /49:‬ويكون الطالق بائناً‪.‬‬
‫ويرى الحنفية‪ :‬أنه ال يلحقها طالق آخر‪ ،‬فلو قال الرجل لزوجته التي‬
‫لم يدخل ولم يختل بها‪« :‬أنت طالق‪ ،‬أنت طالق‪ ،‬أنت طالق» ال تقع‬
‫إال طلقة واحدة؛ ألنها بالطالق األول‪ ،‬صارت بائنة من زوجها‪،‬‬
‫وأصبحت أجنبية‪ ،‬فال يلحقها آخر‪ .‬وهذا رأي الشافعية أيضاً‪ ،‬فإنهم‬
‫قالوا‪ :‬إذا قال ذلك لغير المدخول بها فتقع طلقة واحدة بكل حال؛ ألنها‬
‫تبين باألولى فال يقع ما بعدها‪.‬‬
‫‪16.‬‬ ‫إضافة الطالق إلى بعض أجزاء المرأة أو جزء الطلقة‪:‬‬
‫إذا أضاف الرجل الطالق للزوجة بأن قال‪ :‬أنت طالق‪ ،‬أو طلقتك‪،‬‬
‫وقع الطالق اتفاقاً‪.‬‬
‫ً‬
‫ويقع الطالق أيضا في الجملة إذا أضاف الطالق إلى بعض أجزاء‬
‫المرأة على التفصيل التالي‪:‬‬
‫قال الحنفية‪ :‬يقع الطالق أيضا ً إذا أضافه الرجل إلى ما يعبر به عن‬
‫كل المرأة أو ذاتها‪ ،‬كالرقبة والعنق والروح والبدن والجسد‪،‬‬
‫واألطراف جميعا ً (وهي اليدان والرجالن) والفرج (القُبُل) والوجه‬
‫والرأس واألست (العجز)‪ ،‬أو أضافه إلى جزء شائع من المرأة‬
‫كنصفها وثلثها إلى عشرها؛ ألن الطالق ال يتجزأ‪.‬‬
‫وال يقع الطالق إذا أضافه إلى البُضْ ع (الفرج) والدبر‪ ،‬إذ ال يعبر‬
‫بهما عن الكل‪ ،‬بخالف األست والفرج‪ ،‬فإنه يعبر بهما عن الكل‪.‬‬
‫وال يقع لو أضافه إلى اليد إال بنية المجاز‪ ،‬أي إطالق البعض على‬
‫الكل إذا لم يكن مشتهراً‪ ،‬فلو اشتهر ال حاجة إلى نية المجاز‪ ،‬وكاليد‪:‬‬
‫الرجل والشعر واألنف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان‬
‫واألذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والعرق والثدي والدم؛‬
‫ألنه ال يعبر به عن الجملة‪ .‬فال يقع الطالق لو قال‪ :‬يدك طالق أو‬
‫رجلك طالق‪ ،‬ونحوهما‪.‬‬
‫ويقع الطالق بإضافته إلى جزء الطلقة كالسدس والربع والنصف‪،‬‬
‫ولو من ألف جزء‪ ،‬بأن يقول‪ :‬أنت طالق جزءاً من ألف طلقة؛ ألن‬
‫الطالق ال يتجزأ‪.‬‬
‫‪17.‬‬ ‫ومذهب المالكية‪ :‬لو أضاف الطالق إلى نصف المرأة أو سدسها‪ =،‬أو‬
‫ثلثها‪ ،‬أو عضو من أعضائها‪ ،‬نفذ‪ ،‬ولو قال‪ :‬نصف طلقة أو ربع‬
‫طلقة كملت عليه‪ ،‬فهم كالحنفية‪ .‬واختلف المالكية على رأيين في‬
‫إضافته إلى شعر المرأة وكالمها وروحها وحياتها‪ ،‬والراجح أنه يلزم‬
‫الطالق إذا أضيف لما يعد من محاسن المرأة‪ ،‬مثل شعرك أو كالمك‬
‫أو ريقك طالق‪ ،‬وال يلزم بما ال يعد من المحاسن‪ ،‬نحو بُصاق ودمع‬
‫وسعال‪.‬‬
‫ورأى الشافعية= أنه يقع الطالق إن طلق جزءاً من المرأة‪ ،‬كقوله‪ :‬يدك‬
‫أو رجلك طالق أو نحو ذلك من أعضائها المتصلة بها‪ ،‬ولو من غير‬
‫نية المجاز خالفا ً للحنفية‪ ،‬وكقوله‪ :‬ربعُك أو بعضُك أو جزؤك أو‬
‫شعرك أو ظفرك طالق‪ ،‬وكذا دمُك على المذهب؛ ألن الطالق ال‬
‫وع َرق وبول‪ ،‬وكذا ال‬‫يتبعض‪ ،‬وال يقع إن أضافه إلى فضلة كريق َ‬
‫يقع إن أضافه إلى مني ولبن في األصح؛ ألنها غير متصلة بها‬
‫اتصال خلقة‪.‬‬
‫ولو قال لمقطوعة يمين‪ :‬يمينك طالق‪ ،‬لم يقع على المذهب‪ ،‬لفقدان‬
‫الذي يسري منه الطالق إلى الباقي‪ .‬ولو قال‪ :‬أنت طالق بعض طلقة‪،‬‬
‫وقعت طلقة؛ ألن الطالق ال يتبعض‪.‬‬
‫وأضاف الشافعية= أن الرجل في خطاب المرأة لو حذف المفعول كأن‬
‫قال‪« :‬طلقت» أو حذف المبتدأ‪« :‬أنتِ» أو حذف حرف النداء «يا»‬
‫فلم يقل‪« :‬يا طالق» لم يقع الطالق‪ ،‬كما هو ظاهر كالمهم‪.‬‬
‫‪18.‬‬ ‫والحنابلة قالوا‪ :‬تطلق إن أضاف الطالق إلى جزء من المرأة مثل‬
‫قوله‪ :‬يدك أو دمك أو أصبعك أو رأسك طالق؛ ألنه أضافه إلى جزء‬
‫ثابت استباحه بعقد النكاح‪ ،‬فأشبه اإلضافة إلى الجزء الشائع مثل‬
‫نصفك وثلثك‪ .‬أما لو قال‪ :‬لعديمة اإلصبع أو اليد‪ :‬أصبعك طالق‪ ،‬أو‬
‫يدك طالق‪ ،‬لم تطلق‪.‬‬
‫وال تطلق لو قال لها‪ :‬شعرك أو ظفرك أو سنك أو لبنك أو منيك‬
‫طالق؛ ألن تلك األجزاء تنفصل عنها مع السالمة‪ ،‬فال تطلق بإضافة‬
‫الطالق إليها كالحمل‪ ،‬فهم خالفوا الشافعية في غير اللبن والمني‪.‬‬
‫وال تطلق أيضا ً إن قال‪ :‬سوادك أو بياضك طالق؛ ألنه أمر عارض‪.‬‬
‫وال إن قال‪ :‬ريقك أو دمعك أو عرقك طالق؛ ألن المذكور ليس جزءاً‬
‫منها‪ ،‬وال إن قال‪ :‬روحك طالق؛ ألن الروح ليست عضواً وال شيئا ً‬
‫يستمتع به‪ ،‬فأشبهت= السواد والبياض‪ .‬وال إن قال‪ :‬حملك طالق؛ ألنه‬
‫عرض كالبياض والسواد‪.‬‬
‫وأما لو قال‪ :‬حياتك طالق‪ ،‬فتطلق؛ ألنه ال بقاء لها بدونها‪ ،‬فأشبه ما‬
‫لو قال‪ :‬رأسك طالق‪.‬‬
‫وجزء الطلقة كالطلقة‪ ،‬فإذا قال‪ :‬أنت طالق نصف طلقة أو ثلثها‬
‫ونحوه‪ ،‬طلقت طلقة؛ ألن الطالق ال يتبعض‪.‬‬
‫والخالصة‪ :‬اتفق الفقهاء على أن جزء الطلقة طلقة‪ ،‬واختلفوا في‬
‫إضافة الطالق إلى بعض أجزاء المرأة‪ .‬وال يقع الطالق عند جمهور‬
‫الحنفية فيما ال يعبر به عن جملة المرأة كاليد والرجل واإلصبع‬
‫والدبر‪ ،‬ويقع بها عند زفر ومالك والشافعي وأحمد‪.‬‬
‫‪19.‬‬ ‫شرط الركن الخامس ـ الصيغة أو ما يقع به الطالق‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء على أن الزواج ينتهي بالطالق بالعربية أو بغيرها‪،‬‬
‫سواء باللفظ أم بالكتابة أم باإلشارة‪.‬‬
‫واللفظ إما صريح أو كناية‪:‬‬

‫الطالق الصريح‪ :‬هو اللفظ الذي ظهر المراد منه وغلب استعماله‬
‫عرفا ً في الطالق‪ ،‬كاأللفاظ المشتقة من كلمة (الطالق) مثل‪ :‬أنت‬
‫طالق‪ ،‬ومطلقة‪ ،‬وطلقتك وعلي الطالق‪ .‬ومنه قول الرجل‪« :‬أنت‬
‫علي حرام أو حرمتك أو محرمة»؛ ألنه وإن كان في األصل كناية‪،‬‬
‫فقد غلب استعماله بين الناس في الطالق‪ ،‬فصار من األلفاظ‬
‫الصريحة فيه‪ .‬هذا مذهب الحنفية‪ .‬وصريح الطالق عند الحنابلة‪ :‬لفظ‬
‫الطالق وماتصرف منه‪ ،‬الغير‪ ،‬أما لفظ الفراق والسراح فهو كناية‪.‬‬
‫وقال المالكية‪ :‬الكناية الظاهرة لها حكم الصريح‪ ،‬وهي التي جرت‬
‫العادة أن يطلق بها في الشرع أو في اللغة كلفظ التسريح والفراق‪،‬‬
‫وكقوله‪ :‬أنت بائن أو بتة أو بتلة وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫وقال الشافعية والظاهرية‪ :‬إن صريح الطالق ثالثة ألفاظ‪ :‬الطالق‬
‫والفراق والسرح‪ ،‬لورودها في القرآن‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬الطالق مرتان‪،‬‬
‫فإمساك= بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة‪ ]2 /229:‬وقال‪:‬‬
‫{فأمسكوهن بمعروف} [البقرة‪ ]2 /231:‬وقال‪{ :‬وإن يتفرقا يغن هللا‬
‫كالً من سعته} [النساء‪ ]4 /130:‬وقال سبحانه‪{ :‬فتعالين أمتعكن‬
‫وأسرحكن سراحا ً جميالً} [األحزاب‪ ]33 /28:‬ولو اشتهر لفظ‬
‫للطالق مثل الحالل أو حالل هللا علي حرام‪ ،‬فاألصح كما قال النووي‬
‫أنه كناية‪ ،‬ثم أصبح قول الرجل (علي حرام) من باب الطالق‬
‫الصريح كما أفتى به ابن حجر وغيره‪.‬‬
‫‪20.‬‬ ‫يفهم مما ذكر أنه يشترط إليقاع الطالق ما يأتي‪:‬‬
‫‪ - 1‬استعمال لفظ يفيد معنى الطالق لغة أو عرفاً‪ ،‬أو بالكتابة أو‬
‫اإلشارة المفهمة‪.‬‬
‫المطلق فاهما ً معناه‪ ،‬ولو بلغة أعجمية‪ ،‬فإذا استعمل‬‫ِّ‬ ‫‪ - 2‬أن يكون‬
‫األعجمي صريح الطالق‪ ،‬وقع الطالق منه بغير نية‪ ،‬وإن كانت كناية‬
‫احتاج إلى نية‪ .‬ولو لُ ِّقن رجل صيغة الطالق بلغة ال يعرفها‪ ،‬فتلفظ‬
‫بها‪ ،‬وهو ال يدري معناها‪ ،‬فال يقع عليه شيء‪.‬‬
‫‪ - 3‬إضافة الطالق إلى الزوجة‪ ،‬أي إسناده إليها لغة‪ ،‬بأن يعينها بأحد‬
‫طرق التعيين‪ ،‬كالوصف‪ ،‬أو االسم المسماة= به‪ ،‬أو اإلشارة والضمير‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬امرأتي طالق‪ ،‬أو فالنة طالق‪ ،‬أو يشير إليها بقوله‪ :‬هذه‬
‫طالق‪ ،‬أو أنت طالق‪ ،‬أو يقول‪ :‬هي طالق‪ ،‬في أثناء حديث عنها؛ أو‬
‫إسناده إليها عرفا ً مثل‪ :‬علي الطالق أو الحرام إن أفعل كذا‪ ،‬أو‬
‫الطالق يلزمني إن لم أفعل كذا‪ ،‬فالطالق هنا مضاف إلى المرأة في‬
‫المعنى‪ ،‬وإن لم يضف إليها في اللفظ‪ ،‬وذلك خالفا ً للحنابلة‪.‬‬
‫‪ - 4‬أال يكون مشكوكا ً في عدد الطالق أو في لفظه‪ .‬ويقع الطالق‬
‫الصريح ولو باأللفاظ المصحفة‪ ،‬نحو طالغ‪ ،‬وتالغ‪ ،‬وطالك‪،‬‬
‫وتالك‪ ،‬أو بأحرف الهجاء‪ :‬ط‪ ،‬ا‪ ،‬ل‪ ،‬ق‪.‬‬
‫حكم الطالق الصريح‪:‬‬
‫يقع الطالق باللفظ الصريح بدون حاجة إلى نية أو دالة حال‪ ،‬فلو قال‬
‫الرجل لزوجته‪ :‬أنت طالق‪ ،‬وقع الطالق‪ ،‬وال يلتفت الدعائه أنه ال‬
‫يريد الطالق‪.‬‬
‫‪21.‬‬ ‫طالق الكناية‪:‬‬
‫هو كل لفظ يحتمل الطالق وغيره‪ ،‬ولم يتعارفه الناس في إرادة‬
‫الطالق‪ .‬مثل قول الرجل لزوجته‪ :‬الحقي بأهلك‪ ،‬اذهبي‪ ،‬اخرجي‪،‬‬
‫أنت بائن‪ ،‬أنت ب ّتة‪ ،‬أنت خلية‪ ،‬برية‪ ،‬اعتدي‪ ،‬استبرئي رحمك‪ ،‬أمرك‬
‫بيدك‪ ،‬حبلك على غاربك أي خليت سبيلك كما يخلى البعير في‬
‫الصحراء‪ ،‬وزمامه على غاربه‪ ،‬ونحوها من األلفاظ التي لم توضع‬
‫للطالق‪ ،‬وإنما يفهم الطالق منها بالقرينة أو داللة الحال‪ :‬وهي حالة‬
‫مذاكرة الطالق‪ ،‬أو الغضب‪.‬‬
‫ومن الكناية في أصل المذهب عند الشافعية والحنابلة‪ :‬أنت علي حرام‬
‫أو حرَّ متك‪ ،‬فإن نوى طالقا ً أو ظهاراً حصل‪ ،‬وإن نواهما تخير وثبت‬
‫ما اختاره‪ .‬لكن ‪-‬كما أفتى ابن حجر ‪ -‬أصبح لفظ (علي الحرام) من‬
‫الطالق الصريح في العرف والعادة الجارية‪ .‬وقد حصر المالكية‬
‫الكناية بالكناية المحتملة مثل‪ :‬الحقي بأهلك واذهبي وابعدي عني وما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬أما الكناية الظاهرة فلها حكم الصريح‪ ،‬كما بينا مثل لفظ‬
‫التسريح والفراق‪ ،‬وأنت بائن أو بتة أو بتلة وما أشبهها‪.‬‬
‫‪22.‬‬ ‫حكم الطالق بالكناية‪:‬‬
‫قال الحنفية والحنابلة‪ :‬ال يقع قضاء= الطالق بالكناية إال بالنية‪ ،‬أو‬
‫داللة الحال على إرادة الطالق‪ ،‬كأن يكون الطالق في حالة الغضب‪،‬‬
‫أو في حالة المذاكرة بالطالق‪.‬‬
‫صل الحنفية في وقوع الطالق قضاء بألفاظ الكنايات‪ ،‬فقالوا‪ :‬في‬ ‫وف َّ‬
‫حالة الرضا المجرد عن مذاكرة الطالق وطلبه ال يحكم بوقوع‬
‫الطالق بأي لفظ كنائي إال بالنية‪ ،‬وفي حالة الرضا ومذاكرة الطالق‬
‫وطلبه‪ :‬يقع الطالق من غير توقف على نية في لفظ (اعتدي) وألفاظ‬
‫(بائن‪ ،‬بتة‪ ،‬خلية‪ ،‬برية) وأما ألفاظ (اذهبي‪ ،‬اخرجي‪ ،‬قومي‪ ،‬اغربي‪،‬‬
‫تقنعي) فتحتاج إلى نية‪ .‬وأما في حالة الغضب فيقع الطالق بلفظ‬
‫(اعتدي) من غير نية‪ ،‬وأما األلفاظ األخرى فتحتاج إلى نية‪.‬‬
‫ورأى المالكية والشافعية‪ :‬أن الكناية ال يقع بها الطالق إال بالنية‪ ،‬وال‬
‫عبرة بداللة الحال‪ ،‬فال يلزمه الطالق إال إن نواه‪ ،‬فإن قال‪ :‬إنه لم ينو‬
‫الطالق‪ ،‬قبل قوله في ذلك بيمينه‪ ،‬فإن حلف أنه ما أراد باللفظ‬
‫الطالق‪ ،‬لم يقع‪ ،‬وإن امتنع عن اليمين حكم عليه بالطالق‪.‬‬
‫واشترط الشافعية= في نية الكناية اقترانها بكل اللفظ‪ ،‬فلو قارنت أوله‪،‬‬
‫وغابت عنه قبل آخره‪ ،‬لم يقع طالق‪.‬‬

You might also like