You are on page 1of 46

UNIVERSITE CADI AYYAD

-------- ------
Faculté des Sciences
Juridiques
Economiques et Sociales
------ --------
Marrakech - Maroc
-

2020-2019
‫الف�صل الثاين‬
‫�شهادات املحررات العدلية وبياناتها‬
‫� إن ال�شهادات الواردة يف املحررات العدلية لي�ست على �شكل واحد‪ ،‬بل ثمة �أنواع‬
‫خمتلفة‪ .‬فهي تق�سم � إما ح�سب مو�ضوعها �أو ح�سب طبيعتها‪ .‬فمن حيث املو�ضوع تنق�سم‬
‫� إىل نوعني ‪� :‬شهادة �أ�صلية‪ ،‬و�أخرى ا�سرتعائية‪ .‬ومن حيث الطبيعة تنق�سم � إىل �شهادة‬
‫عدلية و�أخرى لفيفية‪ .‬وهذه الأ نواع التي ذكرناها تخ�ضع لبيانات و�شروط ثارة تت�شابه‬
‫فيما بينها‪ ،‬وثارة �أخرى تختلف وتتباين‪ .‬وهذه البيانات منها ما يتعلق باملتعاقدين و�شهود‬
‫اللفيف‪ ،‬ومنها ما يتعلق بامل�شهود فيه لتحديده و�ضبطه بكل دقة‪ ،‬ومنها ما يتعلق بتاريخ‬
‫املحرر نظرا للدور املهم الذي يلعبه �أحيانا يف ح�سم النزاع‪ ،‬بالإ�ضافة � إىل بيانات �أخرى‬
‫تتعلق مب�ستندات املحرر وتوقيعات العدول وخطاب قا�ضي التوثيق‪.‬‬
‫وعلى هذا الأ �سا�س �سنقوم ببحث هذا الف�صل يف فرعني ‪:‬‬
‫الفرع الأ ول ‪� :‬شهادات املحررات العدلية‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬بيانات املحررات العدلية‪.‬‬

‫الفرع الأ ول‬


‫�شهادات املحررات العدلية‬
‫� إن ال�شهادة لي�ست على �شكل واحد بل يرد عليها تق�سيمان‪ ،‬الأ ول يعتمد على مو�ضوعها‬
‫ويق�سمها � إىل �أ�صل وا�سرتعاء‪ ،‬ففي ال�شهادة الأ �صلية يكون م�صدر املعرفة هو امل�شهود‬
‫عليه �أو امل�شهود عليهم‪� ،‬أما ال�شهادة اال�سرتعائية فهي ال�شهادة مبا يف علم ال�شاهد‪،‬‬
‫وهذا الأ خري � إما �أن يكون عدال ي�شهد مبا يف علمه �أو �شخ�صا عاديا‪ .‬ولال�سرتعاء مفهوم‬
‫�آخر يطلق عليه «�شهادة اال�ستحفاظ» يلج أ� � إليها ال�شخ�ص عندما يكون مكرها على‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫�أما التق�سيم الثاين الذي يعتمد على طبيعة ال�شهادة‪ ،‬ف�إنه يجعلها على نوعني ‪� :‬شهادة‬
‫عدلية و�أخرى لفيفية‪ .‬فالنوع الأ ول قد يكون �شهادة عدلية �أ�صلية‪ ،‬حيث ي�شهد العدول‬
‫مبا مت االتفاق عليه �أمامهم �أو وقع مبح�ضرهم‪ ،‬و�شهادة العدول العلمية وهي التي يلج أ�‬
‫� إليها العدول بحكم ما لهم من علم �شخ�صي بواقعة معينة‪� .‬أما النوع الثاين‪� ،‬أي �شهادة‬
‫اللفيف‪ ،‬فقد ظهرت نتيجة احلاجة وال�ضرورة كما �سرنى‪ ،‬وهي �شهادة جمموعة من‬
‫الأ �شخا�ص العاديني مبا لهم من علم على واقعة ما بحكم املجاورة واملخالطة واالطالع‬
‫على الأ حوال‪ ،‬وال ي�شرتط فيهم العدالة و� إمنا �سرت احلال ال �أكرث‪ .‬وعليه �سنق�سم هذا‬
‫الفرع � إىل مبحثني ‪:‬‬
‫املبحث الأ ول ‪ :‬تق�سيم ال�شهادة من حيث مو�ضوعها‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬تق�سيم ال�شهادة من حيث طبيعتها‪.‬‬

‫املبحث الأ ول‬


‫تق�سيم ال�شهادة من حيث مو�ضوعها‬
‫تنق�سم ال�شهادة من حيث املو�ضوع الذي تت�ضمنه � إىل �شهادة �أ�صلية و�أخرى ا�سرتعائية‪.‬‬
‫ففي النوع الأ ول يقوم العدول بكتابة وتدوين ما يتفق عليه الأ طراف بح�ضورهم‪ ،‬وما يتم‬
‫�أمامهم من وقائع كت�سليم وقب�ض الثمن‪.‬‬
‫�أما ال�شهادة اال�سرتعائية‪ ،‬فهي �شهادة مبا يعلمه ال�شهود على واقعة معينة يعلمونها‬
‫�شخ�صيا‪ ،‬وهي � إما �شهادة ا�سرتعائية عدلية حيث يكون ال�شهود من العدول‪� ،‬أو �شهادة‬
‫ا�سرتعائية لفيفية حيث يكون ال�شهود من عامة النا�س‪ .‬ويوجد � إىل جانب هذين النوعني‬
‫من اال�سرتعاء نوع ثالث وهو اال�سرتعاء مبفهومه ال�ضيق �أو �شهادة اال�ستحفاظ‪ .‬و�سنق�سم‬
‫هذا املبحث � إىل مطلبني ‪:‬‬
‫املطلب الأ ول ‪ :‬ال�شهادة الأ �صلية‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬ال�شهادة اال�سرتعائية‪.‬‬

‫املطلب الأ ول‬


‫ال�شهادة الأ �صلية‬
‫� إن ال�شهادة الأ �صلية ت�أخذ دائما �شكل �شهادة عدلية‪ ،‬ويكون مو�ضوعها ت�صرفا‬
‫قانونيا‪ ،‬وم�صدر املعرفة يف هذه ال�شهادة هو امل�شهود عليه �أو امل�شهود عليهم‪ .‬ك�أن يقول‬
‫‪149‬‬
‫املتعاقد للعدل ‪ :‬ا�شهد علي ب�أنني اقرت�ضت مبلغ كذا من النقود من فالن على �أن �أ�سدده‬
‫له يوم كذا من �شهر كذا � إلخ‪.‬‬
‫فال�شهادة الأ �صلية � إذن هي االتفاق الذي ميليه الأ طراف على العدول‪ ،‬لكي يح�صلوا‬
‫على حجة كتابية تبقى �شاهدة على ما مت بينهما وحتول دون قيام نزاع حوله يف‬
‫امل�ستقبل‪.‬‬
‫واملالحظ �أن طريقة كتابة ال�شهادة الأ �صلية تختلف يف وقتنا احلا�ضر عنه يف القدمي‪.‬‬
‫فعلى �سبيل املثال � إذا �أخذنا عقد �صلح احلديبية الذي مت بني امل�سلمني و�أهل قري�ش(‪،)1‬‬
‫نالحظ �أن ال�شهود ا�ستقوا معرفتهم مبو�ضوع ال�شهادة من امل�شهود عليهما وهما الر�سول‬
‫� و�سهيل بن عمرو‪.‬‬
‫كما �أن الكلمات الواردة يف هذا العقد هي من �صياغة امل�شهود عليهما‪ ،‬مما ي�شكل‬
‫قمة الأ �صالة يف ال�شهادة‪ .‬فدور علي بن �أبي طالب انح�صر يف تدوين ما �أماله عليه‬
‫الر�سول � و�سهيل بن عمرو(‪.)2‬‬
‫�أما يف وقتنا احلا�ضر‪ ،‬فقد تغريت طريقة كتابة هذه ال�شهادة الأ �صلية‪ .‬ف� إذا �أخذنا‬
‫على �سبيل املثال وثيقة التنازل عن ال�شفعة للم�شرتي‪ ،‬وهي كالتايل ‪« :‬احلمد هلل �أ�شهد‬
‫فالن الفالين ال�ساكن ب‪� ....‬أنه تنازل عن حق ال�شفعة الواجب له يف الواجب الذي‬
‫ا�شرتاه فالن الفالين املذكور يف الر�سم �أعاله امل�ؤرخ بـ‪ ...‬وامل�سجل يوم‪ ...‬وامل�ضمن بعدد‬
‫� إلخ من فالن الفالين يف جميع مثقال الدار رقم‪ ...‬املذكورة واملحدودة بالر�سم امل�شار‬
‫(‪ )1‬جاء يف عقد �صلح احلديبية ما يلي ‪:‬‬
‫«با�سم اللهم‬
‫هذا ما �صالح عليه حممد بن عبد اهلل �سهيل بن عمرو‪.‬‬
‫ا�صطلحا على و�ضع احلرب عن النا�س ع�شر �سنني‪ ،‬ي�أمن فيهن النا�س ويكف بع�ضهم على بع�ض‪ ،‬على �أن من‬
‫�أتى حممدا من قري�ش بغري � إذن وليه‪ ،‬رده عليهم ومن جاء قري�شا ممن مع حممد مل يرده عليه‪.‬‬
‫و�أن بيننا عيبة مكفوفة‪ ،‬و�أنه ال �أ�سالل‪ ،‬وال �أغالل و�أنه من �أحب �أن يدخل يف عقد حممد وعهده‪ ،‬دخل فيه‬
‫ومن �أحب �أن يدخل يف عقد قري�ش وعهدهم دخل فيه‪ .‬و� إنك ترجع عنا عامك هذا‪ ،‬فال تدخل علينا مكة‪،‬‬
‫و�أنه � إذا كان عام قابل‪ ،‬خرجنا عنك فدخلتها ب�أ�صحابك‪ ،‬ف�أقمت فيها ثالث‪ ،‬معك �سالح الراكب‪ ،‬ال�سيوف‬
‫يف القرب ال تدخلها بغريها»‪.‬‬
‫كتب هذا العقد علي بن �أبي طالب‪ ،‬و�شهد من امل�شركني مكرز بن حف�ص و�شهد من امل�سلمني �أبو بكر ال�صديق‬
‫وعمر بن اخلطاب وعبد الرحمان بن عوف‪.‬‬
‫هذا العقد وارد يف كتاب حممد احلبيب التجكاين ‪ :‬النظرية العامة للق�ضاء والإثبات يف ال�شريعة الإ�سالمية‬
‫مع مقارنات القانون الو�ضعي ‪� ،1985‬ص‪.235 .‬‬
‫(‪ )2‬حممد احلبيب التجكاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.237,‬‬

‫‪150‬‬
‫� إليه وقدره الربع «مثال» بعد علمه بوجود البيع املذكور وقدر الثمن و�أنه حال كله (�أو‬
‫م�ؤجل بع�ضه) تنازال تاما‪.‬‬
‫عرف قدره �شهد به عليه ب�أمته وعرفه �أو عرف به �أو بنعته‪ ...‬ويف‪ .)1(»...‬عبد ربه‬
‫العدل الأ ول – عبد ربه العدل الثاين‪.‬‬
‫خطاب القا�ضي ‪« :‬احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها»‪.‬‬
‫نالحظ من خالل هذه الوثيقة �أن العدل �أ�صبح يف الوقت احلا�ضر كاتبا و�شاهدا‪،‬‬
‫والكلمات والتعابري الواردة يف هذه الوثيقة هي �صادرة من العدول الذين �أ�صبحوا‬
‫يختمون �شهاداتهم الأ �صلية بالعبارة التالية عرف قدره �شهد به عليه ب�أمته وعرفه (�أو‬
‫عرف به �أو بنعته) فماذا يق�صد بهذه العبارة ؟‬
‫� إن عبارة عرف قدره‪ ،‬يق�صد بها يف عقد الدين مثال �أن الدائن واملدين عرفا‬
‫قدر امل�شهود به عليهما(‪ .)2‬وهذا ما �سار عليه املوثقون فيما يكتبون من وثائق الهبات‬
‫وال�صدقات والأ حبا�س‪ ،‬حيث ينبغي على الواهب‪ ،‬وامل�صدق واملحب�س �أن يعرفوا قدر ما‬
‫�أقدموا عليه‪ .‬و� إذا خلت الوثيقة من ذلك‪ ،‬وكانت مما ال يجوز فيها اجلهل كوثيقة البيع‬
‫مثال‪ ،‬وادعى �أحد املتعاقدين اجلهل بذلك فال ينبغي ت�صديقه‪ ،‬وال يحق له �أن يوجه‬
‫اليمني � إىل املتعاقد الآخر‪ � ،‬إال � إذا ادعى ب�أنه كان يعلم جهله حيث ي�سوغ له ذلك(‪ .)3‬ويف‬
‫نازلة عر�ضت على الفقيه ابن حمدين �أفتى فيها �أنه � إذا كان البائع ال يعلم قدر ما باع‪،‬‬
‫وكان جاهال به‪ ،‬ف� إن البيع ال يقوم(‪.)4‬‬
‫�أما عبارة �شهد به عليهما ب�أمته‪ ،‬فتعني �أن العدلني �شهدا على ما مت بني املتعاقدين‬
‫من اتفاقات وهما يف حالة �صحة ور�شد وطوع(‪ .)5‬وقد بني الف�شتايل الهدف املتوخى من‬
‫ذكر الأ متية‪ ،‬وهو االحرتاز من املر�ض والإكراه والوالية(‪.)6‬‬
‫�أما عبارة عرفه �أو عرفهم‪ ،‬فيق�صد بها �أن العدلني عرفا املتعاقدين ذاتا وا�سما‬
‫ون�سبا(‪� .)7‬أما عرف به‪ ،‬ف� إن ال�شاهد � إذا مل يكن يعرف امل�شهود عليه ف�إنه يطلب التعريف‬
‫به من قبل الغري‪.‬‬
‫(‪ )1‬هذه الوثيقة واردة يف كتاب التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.339 .‬‬
‫(‪ )2‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.329 .‬‬
‫(‪ )3‬وثائق حممد بناين ‪� :‬شرح الهواري‪� ،‬ص‪.28 .‬‬
‫(‪ )4‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.29,‬‬
‫(‪ )5‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.355 .‬‬
‫(‪ )6‬وثائق حممد بناين ‪� :‬شرح الهواري‪� ،‬ص‪.29,‬‬
‫(‪ )7‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.312 .‬‬

‫‪151‬‬
‫واملالحظ �أنه � إذا كانت كلمات الوثائق ت�صدر حاليا عن العدول عك�س ما ر�أيناه يف‬
‫وثيقة �صلح احلديبية‪ ،‬ف� إن الوثائق املتعلقة بالأ حوال ال�شخ�صية ال ت�صدر ال عن امل�شهود‬
‫عليه‪ ،‬وال عن العدول‪ .‬ذلك �أنه نظرا للتنظيمات اجلديدة التي �صدرت يف هذا امليدان‪،‬‬
‫فقد كانت وزارة العدل قد تبنت كتاب الوثائق العدلية وفق مدونة الأ حوال ال�شخ�صية‬
‫لل�سيد حماد العراقي‪ ،‬وطلبت من العدول ا�ستعمال وثائقه مبا مياثلها وي�شابهها من‬
‫العقود وال�شهادات‪ ،‬حتى ت�ساير هذه املحررات التطور الذي عرفه هذا امليدان‪ ،‬وت�أتي‬
‫وا�ضحة الداللة‪ ،‬خالية من كل لب�س �أو غمو�ض‪� ،‬ساملة من كل نق�ص �أو خلل من �ش�أنهما‬
‫امل�س بقيمة املحرر‪ ،‬ويعر�ض حقوق �أ�صحابه لل�ضياع(‪.)1‬‬
‫نخل�ص مما �سبق �أنه رغم االختالفات التي ذكرناها بالن�سبة للوثيقتني ال�سابقتني‪،‬‬
‫ف� إنهما يعتربان من ال�شهادات الأ �صلية‪ ،‬لأ ن مو�ضوع ال�شهادة فيهما قد مت ا�ستقا�ؤه من‬
‫امل�شهود عليه‪ ،‬وذلك بخالف ال�شهادة التي يكون م�صدرها العلم ال�شخ�صي للعدول �أو‬
‫جمموعة من الأ �شخا�ص العاديني‪ ،‬حيث نكون هنا �أمام �شهادة ا�سرتعائية‪ ،‬وهي التي‬
‫�سنتناولها بالبحث يف املطلب الثاين‪.‬‬
‫املطلب الثاين‬
‫ال�شهادة اال�سرتعائية‬
‫عرف الفقيه الت�سويل اال�سرتعاء ب�أنه كل فعل كان يف ال�صدر والإعجاز م�ضافا � إىل‬
‫ال�شاهد(‪.)2‬‬
‫وخالفا لل�شهادة الأ �صلية‪ ،‬ف� إن مو�ضوع �شهادة اال�سرتعاء قد يكون واقعة قانونية‪،‬‬
‫�أو واقعة مادية‪ ،‬فهي �شهادة ال�شاهد مبا يف علمه‪ ،‬وال�شاهد هنا � إما �أن يكون عدال‪،‬‬
‫فيكون اال�سرتعاء عدليا‪ ،‬و� إما �أن يكون �شخ�صا عاديا‪ ،‬فيكون اال�سرتعاء يف هذه احلالة‬
‫لفيفيا‪.‬‬
‫(‪ )1‬من�شور وزارة العدل عدد ‪� 61-49‬صادر بتاريخ ‪ 30‬نونرب ‪ 1961‬وقد جاء فيه ما يلي ‪:‬‬
‫«‪ ...‬ت�سهيال على املوثقني وكتاب ال�ضبط ورفعا ملا قد يعر�ض لبع�ضهم من احلرية والبلبلة واالرتباك‪ ،‬وتب�سيطا‬
‫للتوثيق واجنازا للتطبيق‪ ،‬وتوحيدا للمنهج املتبع تبنت الوزارة جمموعة الوثائق العدلية وفق مدونة الأ حوال‬
‫ال�شخ�صية ل�صاحبها حماد العراقي املحامي العام لدى املجل�س الأ على‪ .‬بعدما كلفت جلنة من رجال الفقه‬
‫والقانون والإدارة ب� إفراغها يف القالب النهائي‪ ،‬فجاءت م�شتملة على غالب �أنواع ال�شهادات والعقود الكثرية‬
‫يف املعامالت بني النا�س‪ ،‬ومنوذجا �صاحلا لأ ن يطبقه املوثقون والكتاب يف الوقائع والنوازل الطارئة عليهم‪.‬‬
‫فت�سهل مهمتهم وتكون �أعمالهم م�ستوفية لل�شروط متنا�سقة ال�شكل‪.»...‬‬
‫(‪ )2‬البهجة يف �شرح التحفة‪ ،‬اجلزء الأ ول‪� ،‬ص‪.62 .‬‬

‫‪152‬‬
‫وبالإ�ضافة � إىل هذين النوعني‪ ،‬يطلق الفقهاء اال�سرتعاء على ال�شهادة التي يتم‬
‫� إيداعها عند عدلني على �سبيل ال�سر‪ ،‬وهو ما يطلق عليه �شهادة اال�ستحفاظ‪.‬‬
‫وهكذا �سنعالج هذا املطلب يف الفقرات التالية ‪:‬‬
‫الفقرة الأ وىل ‪ :‬اال�سرتعاء العديل‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اال�سرتعاء اللفيفي‬
‫الفقرة الثالثة ‪� :‬شهادة اال�ستحفاظ‪.‬‬
‫الفقرة الأ وىل ‪ :‬اال�سرتعاء العديل‬
‫اال�سرتعاء العديل هو �شهادة تبتدئ وتنتهي بكالم �صادر عن عدلني ب�صفتهما‬
‫�شاهدين‪ .‬ويتم هذا اال�سرتعاء � إما من قبلهما مبا�شرة حيث يدونان �شهادتهما على‬
‫الواقعة حمل الإ�شهاد‪ ،‬و� إما �أن يقوما ب� إمالئها على عدلني �آخرين يدونانها يف �شكل‬
‫ر�سوم‪ .‬وال بد هنا من ذكر م�صدر علم العدلني بالواقعة‪ ،‬كاملجاورة واملخالطة واالطالع‬
‫التام على الأ حوال‪.‬‬
‫وحتى نقف على كيفية كتابة هذا النوع من اال�سرتعاءات‪ ،‬ن�سوق هنا مثاال متعلقا‬
‫بالإراثة‪.‬‬
‫«احلمد هلل الوا�ضع �شكله عقب تاريخه يعرف فالنة بنت فالن الفالين معرفة تنبغي‬
‫يف حقها �شرعا ومعها ي�شهد ب�أنها توفيت هذه مدة من نحو ع�شرة �أعوام �سلفت فورثها‬
‫زوجها فالن الفالين و�أمها فالنة بنت فالن الفالين و�أوالدها من زوجها املذكور فالن‪،‬‬
‫وفالن وفالن ثم تويف الزوج املذكور هذه مدة من نحو عامني �سلفت فع�صبه �أوالده‬
‫املذكورون ثم تويف الولد فالن املذكور هذه مدة من نحو عام �سلف فورثته جدته من جهة‬
‫الأ م املذكورة وع�صبه �شقيقاه املذكوران ال وارث ملن ذكرت وفاته �أوال و�أخريا �سوى من‬
‫ذكر يف علمه‪ .‬ويعرف الورثة املذكورين مثل معرفة موروتيهم املذكورين كل مبا يجب يف‬
‫حقه �شرعا‪ ،‬وكلهم ر�شداء مغاربة وم�س�ألتهم ت�صح من ‪ 612‬جزء‪ .‬فللجدة ‪ 46‬ولكل �أخ‬
‫�شقيق ‪ 85‬جزء‪.‬‬
‫كل ذلك يف علمه وم�ستنده املجاورة واالطالع التام ومتام اخلربة والفح�ص الأ كيد‬
‫وبه قيدت �شهادته م�س�ؤولة منه ل�سائلها يف يوم‪.)1(»...‬‬
‫(‪ )1‬وثائق حممد بن �أحمد بن حمدون بناين ‪� :‬شرح الهواري‪� ،‬ص‪.153 .‬‬
‫‪ -‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الأ ول‪� ,‬ص‪.178 .‬‬

‫‪153‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اال�سرتعاء اللفيفي‬
‫اال�سرتعاء اللفيفي هو �شهادة جمموعة من الأ فراد لي�سوا منت�صبني للإ �شهاد‪ ،‬على‬
‫واقعة يعلمونها �شخ�صيا بحكم املجاورة واملخالطة واالطالع على الأ حوال‪ .‬ويبلغ عدد‬
‫ه�ؤالء ال�شهود يف الغالب ‪� 12‬شاهدا ما مل يكن الأ مر يتعلق بالر�شد �أو ال�سفه حيث يلزم‬
‫رفع العدد � إىل ‪� 18‬شاهدا‪ ،‬لأ ن الأ مر هنا يتطلب اال�ستفا�ضة للت�أكد من احلالتني‪ .‬وهذا‬
‫ما �أ�شار � إليه ناظم العمل الفا�سي ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وزد لكالــر�شد و�ضـ ــد �أكث ـ ــر‬ ‫وقــدره يف الغالــب � إثنا ع�ش ــر‬
‫و�شهادة اال�سرتعاء اللفيفي‪ ،‬بخالف اال�سرتعاء العديل تبتدئ وتنتهي بكالم �صادر‬
‫عن ال�شهود العاديني ال عن العدول‪ .‬وللوقوف عن كيفية كتابة هذا النوع من اال�سرتعاءات‪،‬‬
‫ن�سوق مثاال يتعلق ب� إثبات الوفاة وعدة الورثة‪.‬‬
‫«احلمد هلل �شهوده املو�ضوعة ا�سما�ؤهم عقب تاريخه يعرفون فالنا الفالين املعرفة‬
‫التامة الكافية �شرعا بها ومعها ي�شهدون ب�أنه تويف عفا اهلل عنا وعنه ف�أحاط ب�إرثه زوجه‬
‫فالنة بنت فالن الفالين و�أوالده منها فالن وفالن ال وارث ملن ذكرت وفاته �سوى من‬
‫ذكر يف علمهم‪ .‬ويعرفون الورثة املذكورين مثل معرفة موروثهم املذكور كل ذلك يف‬
‫علمهم و�صحة يقينهم واالطالع عليهم باملخالطة واملجاورة ومب�ضمنه قيدت �شهادتهم‬
‫م�س�ؤولة منهم ل�سائلها يف كذا‪.»..‬‬
‫ثم يذكر �أ�سماء ال�شهود الإثني ع�شر ويرتك �سطر �أبي�ض يكتب فيه قا�ضي التوثيق‬
‫عبارته امل�أثورة ‪:‬‬
‫«�شهدوا لدى من قدم لذلك مبوجبه فثبت»‪.‬‬
‫ثم يذكر بعد ذلك ر�سم الت�سجيل‪� ،‬أي ال�شهادة على القا�ضي بالثبوت وهو كالتايل ‪:‬‬
‫«احلمد هلل �أ�شهد الفقيه الأ جل العامل الأ ف�ضل قا�ضي مدينة كذا وهو �أعزه اهلل تعاىل‬
‫وحفظه بثبوت الر�سم �أعاله عنده الثبوت التام لديه بواجبه‪ ،‬وهو �أعزه اهلل تعاىل بحيث‬
‫يجب له ذلك من حيث ذكر ويف التاريخ �أعاله»(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬املجموع الكامل للمتون – املرجع ال�سابق – �ص‪.573 .‬‬
‫(‪ )2‬وثائق حممد بن �أحمد بن حمدون بناين ‪� :‬شرح الهواري‪� ،‬ص‪.252 .‬‬

‫‪154‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪� :‬شهادة اال�ستحفاظ‬
‫يق�صد ب�شهادة اال�ستحفاظ � إيداع ال�شهادة عند عدلني ف�أكرث على �سبيل ال�سر‪،‬‬
‫عندما يكون فيها ال�شخ�ص مكرها على التعاقد‪ .‬والفقه الإ�سالمي �أخذ بهذا النوع من‬
‫اال�سرتعاءات‪ ،‬واعتربه حيلة �شرعية تنقد �صاحبها من �ضياع حقه‪ ،‬حيث يلج أ� ال�شخ�ص‬
‫املكره � إىل العدول‪ ،‬ويطلب منهم حترير ا�سرتعاء مبوجبه ي�شهد ب�أن البيع الذي �سيربمه‬
‫مع فالن غري ملزم له(‪.)1‬‬
‫وقد �أجازه ابن عرفة حيث جاء يف �شرح العمل الفا�سي ما ن�صه ‪« :‬ذكر الربزيل‬
‫�أنه �أراد الرحيل من القريوان � إىل تون�س ف�أبت زوجته �أن ترحل معه � إال �أن يجعل بيدها‬
‫طالق من تزوج عليها‪ .‬فا�سرتعى �أن كل ما يكتب لها من ذلك غري ملزم به‪ ،‬وانتقل بعد‬
‫ذلك � إىل تون�س فكتب له ال�شيخ ابن عرفة يف ذلك �أن اال�سرتعاء املذكور عامل ح�سبما‬
‫ن�ص عليه املتقدمون واملت�أخرون‪ ،‬ثم � إن الربزيل تزوج ف�أخرجت املر�أة ما بيدها ف�أبطله‬
‫احلاكم مبا يف يده»‪.‬‬
‫ولقيام هذا اال�سرتعاء تطلب الفقه الإ�سالمي توافر جملة من ال�شروط وهي ‪:‬‬
‫‪ � - 1‬إثبات �سبب اال�سرتعاء ؛‬
‫‪� - 2‬أن يكون تاريخ اال�سرتعاء �سابقا عن تاريخ العقد املعيب ؛‬
‫‪� - 3‬أن يطالب امل�سرتعي � إبطال العقد املعيب خالل �سنة من يوم زوال �سبب‬
‫اال�سرتعاء(‪.)2‬‬
‫و� إذا كان لل�شخ�ص املكره على التعاقد احلق يف اللجوء � إىل هذه احليلة ال�شرعية‬
‫للحفاظ على حقوقه‪ ،‬ف� إن الطرف الآخر بدوره ميكنه التخل�ص من نتائج هذا اال�سرتعاء‪،‬‬
‫ب�أن يطلب من املتعاقد معه املكره � إ�سقاط ا�سرتعائه‪ ،‬بيد �أن الفقه الإ�سالمي جعل لهذا‬
‫املتعاقد املكره و�سيلة �أخرى متكنه من �ضمان حقه حتى ولو �صرح ب� إ�سقاط ا�سرتعائه‪،‬‬
‫وهي اال�سرتعاء يف اال�سرتعاء‪ .‬واملق�صود به �أن ي�شهد ال�شخ�ص املكره على التعاقد‬
‫العدول على �أنه � إذا �صرح �أمامهم ب�إ�سقاط ا�سرتعائه �أثناء التعاقد مع خ�صمه‪ ،‬ف�إنه ال‬
‫يلتزم بهذا الإ�سقاط‪ .‬ويف هذه احلالة يبقى اال�سرتعاء الثاين قائما ومنتجا لآثاره وال‬
‫يكون املتعاقد يف حاجة ال�سرتعاء ثالث‪.‬‬
‫(‪ )1‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.709 .‬‬
‫(‪ )2‬التدريب على حترير الوثائق العدلية – اجلزء الثاين‪� -‬ص‪.710 .‬‬

‫‪155‬‬
‫� إال �أن الذي ميكنه �أن يبطل اال�سرتعاء واال�سرتعاء يف اال�سرتعاء‪ ،‬هو ت�صريح املتعاقد‬
‫املكره �أمام العدلني‪ ،‬ب�أن كل احلجج التي ميلكها �ضد العقد الذي �سيربمه مع املتعاقد‬
‫معه باطله وغري نافذة(‪.)1‬‬
‫وجتدر الإ�شارة � إىل �أن امل�شرع املغربي منع هذا النوع من اال�سرتعاءات‪� ،‬أي �شهادة‬
‫اال�ستحفاظ‪ .‬وهذا ما ن�ص عليه الف�صل ‪ 422‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يف فقرته الثانية كالتايل ‪:‬‬
‫«تعترب �أي�ضا باطلة وك�أن مل تكن الورقة الر�سمية التي تت�ضمن حتفظا �أو ا�سرتعاء»‪.‬‬
‫وهذا ما �أكده الق�ضاء(‪.)2‬‬
‫بيد �أن امل�شرع وهو مينع هذا اال�سرتعاء‪ ،‬ف�إنه مل يحرم الأ �شخا�ص من احلماية‬
‫القانونية حيث منح لكل من تعيب ر�ضاه بالإكراه حق طلب � إبطال العقد � إذا توفر‬
‫ال�شرطان املطلوبان مبقت�ضى الف�صل ‪ 37‬من ق‪.‬ل‪.‬ع(‪.)3‬‬
‫وهذا ما ق�ضت به حمكمة اال�ستئناف بالرباط يف قرارها ال�صادر بتاريخ ‪ 9‬يرباير‬
‫‪.)4(1942‬‬
‫املبحث الثاين‬
‫تق�سيم ال�شهادة من حيث طبيعتها‬
‫تطرقنا يف املبحث ال�سابق � إىل التق�سيم الوارد على ال�شهادة من حيث املو�ضوع‪،‬‬
‫و�أ�شرنا � إىل �أنها تنق�سم � إىل �شهادة �أ�صلية و�أخرى ا�سرتعائية‪ ،‬وبينا �أن هذه الأ خرية‬
‫تتنوع � إىل ا�سرتعاء عديل‪ ،‬و�آخر لفيفي‪ ،‬وحتدثنا �أي�ضا عن �شهادة اال�ستحفاظ‪.‬‬

‫(‪ )1‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.710,‬‬


‫(‪ )2‬املحكمة االبتدائية بالدار البي�ضاء‪ ،‬حكم �صادر بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ ،1930‬من�شور مبجلة املحاكم املغربية ‪،1930‬‬
‫عدد ‪� ،423‬ص‪.339 .‬‬
‫(‪ )3‬الف�صل ‪ 37‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ين�ص على ما يلي ‪:‬‬
‫«الإكراه ال يخول � إبطال االلتزام � إال ‪:‬‬
‫‪ � - 1‬إذا كان هو ال�سبب الدافع � إليه‪.‬‬
‫‪ � - 2‬إذا قام على وقائع من طبيعتها �أن حتدث ملن وقعت عليه � إما �أملا ج�سميا �أو ا�ضطرابا نف�سيا �أو اخلوف من‬
‫تعري�ض نف�سه �أو �شرفه �أو �أمواله ل�ضرر كبري مع مراعاة ال�سن والذكورة �أو الأ نوثة وحالة الأ �شخا�ص ودرجة‬
‫ت�أثرهم»‪.‬‬
‫(‪ )4‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط‪� ،‬صادر بتاريخ ‪ 9‬يرباير ‪ ،1942‬من�شور مبجلة املحاكم املغربية ‪،1943-1942‬‬
‫عدد ‪.102‬‬

‫‪156‬‬
‫�أما التق�سيم الذي �سنعر�ض � إليه يف هذا املبحث‪ ،‬فريى ال�شهادة من حيث طبيعتها‪،‬‬
‫ويق�سمها من هذه الزاوية � إىل �شهادة عدلية‪ ،‬و�شهادة لفيف‪ .‬والنوع الأ ول ينق�سم بدوره‬
‫� إىل �شهادة عدلية �أ�صلية‪ ،‬و�شهادة العدول العلمية‪� .‬أما النوع الثاين �أي �شهادة اللفيف‬
‫فنتحدث عنها ب�شيء من التف�صيل مبينني تاريخ ظهورها والأ �سا�س الذي اعتمده الفقهاء‬
‫للأ خذ بها يف ميدان الإثبات‪ .‬وهكذا �سنتعر�ض لهذا املبحث يف مطلبني ‪:‬‬
‫املطلب الأ ول ‪ :‬ال�شهادة العدلية‬
‫املطلب الثاين ‪� :‬شهادة اللفيف‪.‬‬

‫املطلب الأ ول‬


‫ال�شهادة العدلية‬
‫تنق�سم ال�شهادة العدلية �أو �شهادة العدول � إىل نوعني ‪� :‬شهادة العدول الأ �صلية‪ ،‬وهي‬
‫التي تتم بوا�سطة عدلني ي�شهدان فيها على ت�صرف قانوين مت �أمامهما حيث يقت�صر‬
‫دورهما على تدوين ما �سمعاه من الأ طراف وما عايناه‪ .‬ففي عقد البيع مثال يح�ضر كل‬
‫من البائع وامل�شرتي �أمام عدلني وي�شهداهما على ما مت بينهما من اتفاق وعلى واقعة‬
‫ت�سليم الثمن للبائع‪.‬‬
‫و�سن�سوق هنا وثيقة تتعلق بالإقرار بالدين لنبني كيف يكتب هذا النوع من‬
‫ال�شهادات ‪:‬‬
‫«احلمد هلل �أ�شهد فالن الفالين �أن قبله ويف ماله وذمته لزوجته فالنة بنت فالن‬
‫الفالين كذا وكذا درهما قب�ضها منها باعرتافه على وجه ال�سلف والإح�سان والتو�سعة‬
‫ي�ؤديها ذلك حلوال ال يربيه � إال الواجب مبوافقتها على ذلك عرفا قدره �شهد به عليهما‬
‫ب�أكمله وعرفهما ويف كذا»(‪.)1‬‬
‫�أما النوع الثاين فهو �شهادة العدول العلمية‪ ،‬وهي بخالف الأ وىل ال تتلى على العدلني‬
‫من قبل الأ طراف‪ ،‬بل يتعلق الأ مر هنا ب�شهادة تكتب بوا�سطتهما حول واقعة معينة لهما‬
‫معرفة �شخ�صية بها‪ ،‬كـ�أن ي�شهدان ب� إثبات ملك معني ل�شخ�ص من الأ �شخا�ص ‪:‬‬
‫(‪ )1‬تتعلق هذه الوثيقة ب� إقرار �صادر من زوج لزوجته بدين لها عليه‪ .‬وهي واردة يف كتاب ‪ :‬وثائق �سيدي حممد‬
‫بناين‪� ،‬شرح الهواري‪� ،‬ص‪.252 .‬‬

‫‪157‬‬
‫«احلمد هلل وحده يعرف الوا�ضع �شكله عقب تاريخه ال�سيد فالن بن فالن الفالين‪..‬‬
‫ال�ساكن‪ ..‬مهنته‪ ..‬بطاقته الوطنية رقم‪ ..‬بتاريخ‪ ..‬املعرفة الكافية بها ومعها ي�شهد‬
‫ب�أن له وبيده ويف ملكه ماال من ماله وملكا تاما من جملة �أمالكه جميع قطعة �أر�ضية‬
‫ت�سمى‪ ...‬الكائنة‪ ...‬يحدها قبلة‪ ..‬وغربا‪ ..‬وميينا‪ ..‬و�شماال‪ ...‬م�ساحتها التقريبية‪..‬‬
‫يت�صرف فيها ت�صرف املالك يف ملكه وذي املال ال�صحيح يف ماله ين�سبها لنف�سه والنا�س‬
‫ين�سبونها � إليه هذه مدة من‪ ...‬عاما �سلفت عن تاريخه من غري علم منازع له يف ذلك وال‬
‫معار�ض له طيلة املدة املذكورة وال يعلمون �أنه باعها وال وهبها وال �صدقها وال فوتها وال‬
‫فوتت عنه وال خرجت عن ملكه بوجه من الوجوه و�أ�سباب التفويت كلها وا�ستمر ت�صرفه‬
‫فيها � إىل الآن وحتى الآن كل ذلك يف علمه و�صحة يقينه علم ذلك باملجاورة واالطالع‬
‫على الأ حوال ومب�ضمنه قيد �شهادته م�س�ؤولة منه ل�سائلها وحرر يف‪..‬‬
‫عبد ربه‪ ...‬عبد ربه‬
‫خطاب قا�ضي التوثيق «احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها»‬
‫واملالحظ �أن هذه ال�شهادة العلمية � إن كانت قد لعبت دورا مهما يف القدمي‪ ،‬حيث‬
‫كانت العدالة والوازع الديني يف �أوجهما‪ ،‬فقد انتقدت يف الوقت احلا�ضر من طرف‬
‫فقهاء القانون الذين طالبوا بتجريدها من كل قيمة � إثباتية(‪.)1‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫�شهادة اللفيف‬
‫� إذا كان الأ �صل يف الإثبات هو �شهادة العدول‪ ،‬فقد جرى العمل يف املغرب منذ عهد‬
‫بعيد على الأ خذ ب�شهادة اللفيف على وجه اال�ستثناء‪ ،‬ل�سد النق�ص الذي كان يعاين منه‬
‫ميدان الإ�شهاد يف تلك الفرتة‪ .‬وهي �شهادة جمموعة من الأ فراد مبا يعلمونه بحكم‬
‫املجاورة واملخالطة واالطالع على الأ حوال‪ .‬وهم لي�سوا منت�صبني للإ �شهاد بني النا�س‪.‬‬
‫لهذا فال ت�شرتط فيهم العدالة‪ ،‬بل �سرت احلال فقط‪ ،‬ومن مت فال يقدح فيهم � إال بالعداوة‬
‫والقرابة وال�صداقة وال�سكر واملجاهرة بالف�سق والقمار‪.‬‬

‫(‪ )1‬من ه�ؤالء الأ �ستاذ �أحمد اخلملي�شي يف مقاله حتت عنوان ‪« :‬يف قيمة اللفيف الإثباتية»‪ ،‬من�شور مبجلة املحاماة‪،‬‬
‫ال�سنة ‪� 11‬أكتوبر ‪ ،1978‬العدد ‪� ،13‬ص‪.71 .‬‬

‫‪158‬‬
‫وعدد �شهود هذه ال�شهادة هم يف الغالب � إثنى ع�شر رجال‪ ،‬ولي�س لهذا العدد �أ�صل‬
‫يف ال�شرع الإ�سالمي‪ ،‬و� إمنا العربة مبا يح�صل به العلم‪ .‬ويرفع الفقهاء هذا العدد � إىل‬
‫ثمانية ع�شر �شاهدا � إذا تعلقت ال�شهادة بالر�شد وال�سفه‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء امل�سلمون حول تاريخ بدء العمل ب�شهادة اللفيف‪ ،‬كما اختلفوا يف‬
‫�أ�سا�س ظهور هذه ال�شهادة يف ميدان الإثبات فمنهم من جعل هذا الأ �سا�س هو التواتر‪،‬‬
‫ومنهم من جعله احلاجة وال�ضرورة‪ .‬وهكذا �سندر�س هذا املطلب يف ثالث فقرات ‪:‬‬
‫الفقرة الأ وىل ‪ :‬تاريخ ظهور �شهادة اللفيف‬
‫الفقرة الثانية ‪� :‬أ�سا�س �شهادة اللفيف‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬موقف الفقه والق�ضاء ال�سابقني من �شهادة اللفيف‪.‬‬

‫الفقرة الأ وىل ‪ :‬تاريخ ظهور �شهادة اللفيف‬


‫� إذا كان الأ �صل يف � إثبات الوقائع والت�صرفات القانونية عند الفقهاء امل�سلمني هو‬
‫� إ�شهاد العدول‪ ،‬نظرا ملا كان يت�صف به الأ �شخا�ص يف القرون الأ وىل من الإ�سالم من‬
‫عدالة وا�ستقامة‪ ،‬ف� إن مرور الزمن وتوايل القرون‪ ،‬وات�ساع الأ م�صار �أدى � إىل نق�صان‬
‫هاتني ال�صفتني‪ ،‬مما دفع اخللفاء � إىل التدخل النتقاء الأ �شخا�ص الذين تتوفر فيهم‬
‫ال�صفتان املذكورتان‪ ،‬و� إعادة النظر يف ال�شهود املتواجدين‪ ،‬حيث مت تقلي�ص قائمة‬
‫ال�شهود يف فا�س من �أربعة وت�سعني � إىل خم�سة ع�شر عدال وذلك �سنة ‪693‬هـ‪ ،‬وح�صر عدد‬
‫ال�شهود يف مكنا�س يف ع�شرة عدول فقط ومنع الآخرين من مهمة الإ�شهاد‪ .‬وكان لهذا‬
‫الإجراء دوره يف ظهور �شهادة اللفيف‪ ،‬نظرا للفراغ الذي لوحظ يف ميدان ال�شهادة‪،‬‬
‫وكان ذلك حوايل منت�صف القرن التا�سع(‪.)1‬‬
‫وقد �أ�شار ال�شيخ العربي الفا�سي � إىل �أن �شهادة اللفيف ظهرت عند املت�أخرين نتيجة‬
‫عدم وجود العدول‪ ،‬حفاظا على م�صالح النا�س وحقوقهم من ال�ضياع(‪.)2‬‬
‫ونقل بع�ض �شراح الالمية عن القا�ضي �أبي �سامل � إبراهيم اجلياليل فيما يخ�ص ظهور‬
‫�شهادة اللفيف ما ن�صه ‪:‬‬
‫(‪ )1‬حممد احلبيب التجكاين ‪ :‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.263,‬‬
‫(‪ )2‬العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.362 .‬‬

‫‪159‬‬
‫«وقد �أدركنا الكبار من �شيوخنا منعوا من قبول �شهادة اللفيف يف املعامالت ف�ضال‬
‫عن الأ نكحة حتى ا�شتكى النا�س �ضياع الأ موال واحلقوق‪ ،‬فانتقلوا � إىل جوازها فيما يتفق‬
‫حدوثه دون ح�ضور العدول‪ ،‬في�ضطر � إىل اللفيف �أداء كما ي�ضطر � إىل �شهادتهم حتمال‬
‫يف بلد ال عدول فيه‪� ،‬أو ال يتفق ح�ضور العدول ليال تهدر دماء‪ ،‬وت�ضيع حقوق»(‪ .)1‬وهذا‬
‫ما �أ�شار � إليه �أي�ضا ال�شيخ العربي الفا�سي(‪.)2‬‬
‫واملالحظ �أن الفقهاء مل يتمكنوا من حتديد تاريخ ظهور اللفيف بتدقيق‪ .‬فال�شيخ‬
‫العربي الفا�سي ذكر يف ر�سالة اللفيف �أنه �أدرك العمل يجري بهذه ال�شهادة وكان ذلك‬
‫حوايل �سنة �ألف هجرية‪ ،‬ومل يدر متى بد أ� العمل به قبل ذلك التاريخ(‪ .)3‬وقد �سئل �أبو‬
‫احل�سن ال�صغري املتوفى �سنة ‪ 719‬هجرية عن ر�سم ت�ضمن �أحد وثالثني رجال هل هذا‬
‫العدد كاف �أم البد من عدلني‪ ،‬ف�أجاب بوجوب توافر عدلني �أو ي�صل عدد الرجال � إىل‬
‫حد التواتر الذي يفيد العلم القطعى‪ .‬وهذا يعني �أن �أبا احل�سن ال�صغري مل يكن يجيز‬
‫اللفيف(‪ )4‬وهذا ما �أ�شار � إليه �أحد الأ �ساتذة الفرن�سني املهتمني بالدرا�سات الإ�سالمية(‪.)5‬‬
‫ويرى �أحد الأ �ساتذة يف هذا ال�ش�أن‪� ،‬أن �شهادة اللفيف ظهرت يف املغرب حوايل منت�صف‬
‫القرن التا�سع الهجري وتطورت بعد ذلك � إىل �أن �أ�صبحت لها قواعد و�أحكام خا�صة‪.‬‬
‫نخل�ص مما �سبق �أن تاريخ ظهور �شهادة اللفيف غري معروف على وجه التدقيق‪،‬‬
‫لكن انطالقا من �آراء الفقهاء ال�سابقني‪ ،‬ميكن القول ب�أن اللفيف مل يكن معروفا يف‬
‫القرن الثامن‪ ،‬بل ظهر يف منت�صف القرن التا�سع الهجري دون معرفة هذا التاريخ‬
‫بالتحديد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪� :‬أ�سا�س �شهادة اللفيف‬


‫اختلف الفقهاء يف حتديد �أ�سا�س �شهادة اللفيف‪ ،‬فمنهم من جعله التواتر‪ ،‬ومنهم من‬
‫جعله احلاجة وال�ضرورة‪ .‬فمن بني �أ�صحاب االجتاه الأ ول نذكر الأ �ستاذ لوي�س ميو الذي‬
‫(‪� )1‬أحمد �أمغار ‪� :‬شهادة اللفيف واعتمادها كحجة � إثبات‪ ،‬مقال من�شور مبجلة رابطة الق�ضاة‪ ،‬ال�سنة ‪ ،22‬عدد‬
‫‪ 17-16‬مار�س ‪� ،1986‬ص‪.21 .‬‬
‫(‪ )2‬العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.362 .‬‬
‫(‪ )3‬عبد ال�سالم الع�سري ‪ :‬نظرية ال�ضرورة واحلاجة يف املذهب املالكي وتطبيقها على �شهادة غري العدول‪ ،‬مقال‬
‫من�شور مبجلة دار احلديث احل�سنية‪ ،‬ال�سنة ‪ ،1984‬العدد ‪� ،4‬ص‪.21 .‬‬
‫(‪ )4‬العمل الفا�سي ‪ :‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.363 .‬‬
‫‪(5) Recueil de jurisprudence chérifienne, Louis Milliot, Tome 1, p. 119.‬‬

‫‪160‬‬
‫�أ�شار � إىل �أن م�ؤ�س�سة التواتر التي كانت �سائدة قدميا‪ ،‬قد مت حتديدها وتنظيمها بوا�سطة‬
‫الق�ضاء‪ ،‬ف�أخذت بعد ذلك ت�سمية �شهادة اللفيف‪ ،‬فال توجد � إذن م�ؤ�س�ستان خمتلفتان‪،‬‬
‫بل م�ؤ�س�سة واحدة مت ت�سميتها ح�سب تطورها التاريخي بت�سميتني خمتلفتني(‪.)1‬‬
‫وبالرجوع � إىل العمل الفا�سي‪ ،‬جند ال�شيخ العربي الفا�سي ي�شري يف هذا ال�ش�أن � إىل‬
‫�أن هذه ال�شهادة عرفت وجهني ‪ :‬الأ ول �شهادة جمموعة من النا�س غري عدول على �سبيل‬
‫التواتر املفيد للعلم‪ ،‬وهذا النوع كان يعرف عند املتقدمني‪� .‬أما الوجه الثاين فهو الذي‬
‫نراه حاليا ويطلق عليه �شهادة اللفيف وقد �أخذ به املت�أخرون من الفقهاء امل�سلمني نتيجة‬
‫عدم وجود العدول حتى ال ت�ضيع حقوق الأ فراد(‪.)2‬‬
‫� إال �أن هذا الر�أي الذي جعل التواتر �أ�سا�سا ل�شهادة اللفيف ي�ؤخذ عليه �أنه �سوى بني‬
‫اللفيف والتواتر من حيث قوة الإثبات‪ ،‬يف حني ال ت�صل �شهادة اللفيف � إىل هذه الدرجة‪،‬‬
‫لأ نها قد تكون �أحيانا كاذبة وم�ضللة(‪ .)3‬ف�شتان � إذن بني حجية التواتر وحجية اللفيف‪،‬‬
‫لذا ال ينبغي اعتبار التواتر �أ�سا�سا لها‪.‬‬
‫�أما االجتاه الآخر الذي جعل �أ�سا�س اللفيف هو احلاجة وال�ضرورة فيعترب اجتاها‬
‫معقوال ومطابقا للواقع‪ .‬ف�أمام نق�صان عدد ال�شهود العدل‪ ،‬وخوفا من �ضياع حقوق‬
‫الأ فراد‪ ،‬وجد النا�س �أنف�سهم م�ضطرين للأ خذ بهذا النوع من ال�شهادات‪ .‬ون�شري هنا‬
‫� إىل �أن الفقه املالكي قبل �شهادات �أخرى غري �شهادة العدول للحاجة وال�ضرورة منها‬
‫�شهادة ال�صبيان بع�ضهم على بع�ض يف الدماء قبل تفرقهم(‪.)4‬‬
‫بيد �أنه � إذا �سمح ب�شهادة اللفيف عند احلاجة وال�ضرورة‪ ،‬فينبغي �أن ال يلج أ� � إليها‬
‫� إال عند تعذر � إ�شهاد العدول‪ .‬لأ ن ال�ضرورة ينبغي �أن تقدر بقدرها‪ .‬واللجوء � إىل �شهادة‬
‫‪(1) Recueil de jurisprudence chérifienne Louis Milliot, Tome 1, p. 119.‬‬
‫(‪ )2‬العمل الفا�سي ‪ :‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.362 .‬‬
‫(‪ )3‬عر�ضت على �أنظار الق�ضاء املغربي العديد من الق�ضايا تتعلق بهذا النوع من ال�شهادات التي توبع �شهودها‬
‫بالزور‪ .‬ونذكر على �سبيل املثال ق�ضية عر�ضت على �أنظار غرفة اجلنايات مبحكمة اال�ستئناف مبراك�ش تتعلق‬
‫ب�إراثة حيث ات�ضح لهذه املحكمة �أن الت�صريحات املدىل بها من طرف ال�شهود كاذبة وال �أ�سا�س لها من‬
‫ال�صحة ومتت معاقبتهم‪.‬‬
‫قرار رقم ‪ 190‬بتاريخ ‪ - 17-6-1988‬رقم الق�ضية بالغرفة اجلنائية ‪ ،827‬قرار غري من�شور‪.‬‬
‫‪ -‬كما عر�ضت على نف�س املحكمة ق�ضية تتعلق ب�إراثة عوقب �شهودها لأ نهم �شهدوا زورا بوفاة �شخ�ص يف حني‬
‫�أنه اليزال على قيد احلياة‪.‬‬
‫حمكمة اال�ستئناف مبراك�ش – الغرفة اجلنائية ‪ -‬ق�ضية رقم ‪ 109‬بتاريخ ‪ - 1980/6/17‬رقمها بالغرفة‬
‫املذكورة ‪ 827-‬قرار غري من�شور‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد ال�سالم الع�سري ‪ :‬املقال ال�سابق‪� ،‬ص‪.269,‬‬

‫‪161‬‬
‫اللفيف رغم وجود العدول يعترب ريبة ظاهرة(‪ .)1‬وهذا ما جاء يف قرار ملجل�س اال�ستئناف‬
‫ال�شرعي بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪.)2(1917‬‬
‫وهذا الطابع اال�ستثنائي ل�شهادة اللفيف �أ�شار � إليه املجل�س الأ على يف قراره ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 1971‬والذي جاء فيه ما يلي ‪:‬‬
‫«� إن اللجوء � إىل �شهادة اللفيف غري ممكن � إال � إذا تعذر احل�صول على �شهادة عدلية‪،‬‬
‫و� إال �أ�صبحنا �أمام �شهادة م�سرتابة نظرا للعدول عن العدول»(‪.)3‬‬
‫ويف هذا ال�صدد قام ال�شيخ العربي الفا�سي ب� إعطاء �أمثلة عن حاالت ال�ضرورة لتكون‬
‫معيارا تقا�س عليه احلاالت الأ خرى‪ ،‬وهذه الأ مثلة هي ‪:‬‬
‫‪ -‬وقوع حادث مل يح�ضره العدول‪ ،‬وال ق�صد � إح�ضارهم‪.‬‬
‫‪ -‬وقوع �أمور ونوازل ال يق�صد النا�س يف العادة حت�صينها لدى العدول‪ ،‬ثم يحدث ما‬
‫يحوج � إىل � إقامة احلجة مبا حدث‪ ،‬فال توجد ال�شهادة بذلك � إال عند غري العدول(‪.)4‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬موقف الفقه والق�ضاء ال�سابقني من �شهادة اللفيف‬
‫� إذا كانت �شهادة اللفيف جاءت ل�سد النق�ص الذي عرفه ميدان الإ�شهاد‪ ،‬ف� إن هذا‬
‫املربر مل يحل دون تعر�ضها النتقادات �شديدة من قبل بع�ض الفقهاء امل�سلمني‪ ،‬حيث‬
‫اعتربوها خروجا عن الأ �صل‪ .‬فكيف تعامل فقهاء ال�شريعة الإ�سالمية مع �شهادة اللفيف‪،‬‬
‫وما هو موقف الق�ضاة من ذلك ؟‬
‫لقد حر�ص الفقهاء امل�سلمون على �ضبط �أحكام وقواعد هذه اللفيفيات‪ ،‬حتى ال تغدو‬
‫و�سيلة لقلب احلقائق وحتريفها‪ .‬لهذا الغر�ض ا�ستلزم موالي املهدي الوزاين يف نوازله‬

‫(‪ )1‬العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.364 .‬‬


‫(‪ )2‬قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي �صادر بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ .1917‬ا�ستئناف عدد ‪ 164‬وقد جاء فيه �أن اللجوء � إىل‬
‫�شهادة اللفيف رغم وجود العدول يجعل ال�شهادة م�سرتابة وغري ذات مفعول‪.‬‬
‫قرار وارد ب ‪:‬‬
‫‪Recueil de jurisprudence chérifienne. Louis Millot, Tome 2, P.88.‬‬
‫(‪ )3‬قرار املجل�س الأ على �صادر بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ ,1971‬من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على عدد ‪ 25‬يناير ‪،1980‬‬
‫�ص‪.128 .‬‬
‫(‪ )4‬العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.363-364 .‬‬
‫«�أحمد �أمغار» املقال ال�سابق‪� ،‬ص‪.21 .‬‬

‫‪162‬‬
‫�أن يتم �أداء ال�شهود �شهادتهم �أمام القا�ضي �أما �أدا�ؤهم عند املقدم لذلك فال عربة‬
‫به(‪ .)1‬وهذا ما �أ�شار � إليه كذلك ناظم العمل الفا�سي يف نوازله(‪ .)2‬و� إذا مت �أداء ال�شهادة‬
‫�أمام القا�ضي‪ ،‬فال ينبغي � إعادة �أدائها مرة �أخرى � إال عندمــا‬
‫يكون ثمة غمو�ض �أو � إجمال‪ .‬وهذا ما �أ�شار � إليه ال�شيخ التاودي حيث قال ‪:‬‬
‫«� إذا �أدى ال�شاهد �شهادته ال يلزم ب�أن يعيد �أدائها مرة �أخرى ال عند القا�ضي الأ ول‪،‬‬
‫وال عند غريه‪ ،‬لأ نه �ضرر واهلل تعاىل يقول يف هذا ال�ش�أن «وال ي�ضار كاتب وال �شهيد» � إال‬
‫�أن يكون يف الر�سم � إجمال(‪.)3‬‬
‫واملالحظ �أن القا�ضي يف القدمي كان يجمع بني وظيفة الف�صل يف املنازعات‬
‫ووظيفة التوثيق‪ ،‬وهذا ما جعله ينيب عنه بع�ض العدول يف تلقي ال�شهادات وتدوينها‪،‬‬
‫وقد بقي احلال على ما كان عليه رغم الف�صل الذي مت بني ق�ضاة احلكم وق�ضاة‬
‫التوثيق(‪.)4‬‬
‫هذه الطريقة يف � إقامة �شهادة اللفيف �أ�صبحت تفتقر � إىل ال�ضمانات الالزمة‬
‫ل�صحتها‪ ،‬خ�صو�صا وقد توقف العمل بنظام التزكية الذي كان يلج أ� � إليه القا�ضي‬
‫للوقوف عما � إذا كان ال�شاهد عدال �أم ال‪ .‬مما دفع القا�ضي الف�شتايل � إىل ابتكار ما ي�سمى‬
‫(‪ )1‬يقول موالي املهدي الوزاين يف هذا ال�ش�أن ‪:‬‬
‫«ففي �شهادة اللفيف البد �أن ي�ؤدي ال�شهود عند القا�ضي �أمام �أدا�ؤهم عند املقدم لذلك فقط‪ ،‬فال عربة به‬
‫� إذ الأ داء املعترب � إمنا يكون عند القا�ضي وذلك الآخر � إمنا هو نقل �شهادة‪ ،‬وال يخفى على �أحد �أن القا�ضي ال‬
‫يبني حكمه على هذا»‪.‬‬
‫النوازل الكربى ‪ :‬موالي املهدي الوزاين‪ ،‬اجلزء التا�سع‪ ،‬ط‪ .‬حجرية‪� ،‬ص‪.266 .‬‬
‫(‪ )2‬جاء يف نوازل �سيدي عبد القادر القا�سي ‪� :‬أما �شهادة اللفيف فالبد �أن ي�شهدوا وي�ؤدوا عند القا�ضي و�أما‬
‫�أدا�ؤهم عند املقدم لذلك فقط فال عربة به � إذ الأ داء املعترب � إمنا يكون عند القا�ضي»‪ .‬العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬مطبعة حجرية‪� ،‬ص‪.276 .‬‬
‫‪ -‬وجاء يف العمل الفا�سي �أي�ضا ‪:‬‬
‫«� إن الأ داء املعترب � إمنا يكون عند القا�ضي وذلك الآخر � إمنا هو نقل �شهادتهم وال يخفى على �أحد �أن القا�ضي‬
‫ال يبني حكمه على هذه ال�شهادة لأ ن نقل ال�شهادة له �شروط مقررة يف حملها»‪.‬‬
‫العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.406,‬‬
‫(‪ )3‬موالي املهدي الوزاين ‪ :‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء التا�سع‪� ،‬ص‪.267 .‬‬
‫(‪� )4‬أ�صدرت وزارة العدل من�شورا بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ 1957‬مبقت�ضاه مت الف�صل بني ق�ضاة التوثيق وق�ضاة احلكم‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫باال�ستف�سار‪ ،‬وهكذا �أ�صبح هذا الأ خري يقوم مقام التزكية يف �شهادة اللفيف ح�سب �شارح‬
‫العمل الفا�سي‪ .‬ويق�صد باال�ستف�سار ح�سب ال�شيخ العربي الفا�سي ا�ستفهام ال�شهود عما‬
‫�شهدوا به‪ ،‬ويطلق عليه �أي�ضا اال�ستف�صال(‪.)1‬‬
‫وجاء عن الفقيه �أبو حممد عبد اهلل العبدو�سي ‪ �« :‬إن اال�ستف�سار هو �س�ؤال ال�شاهد عن‬
‫�شهادته التي �أداها �أمام القا�ضي كيف �أداها ف� إن �أتى ب�شهادته ن�صا �أو معنى و� إن اختلف‬
‫اللفظ �صحت و� إال بطلت»(‪ .)2‬واال�ستف�سار لي�س مب�ؤ�س�سة تقليدية لأ نها خارجة عن الأ �صل‬
‫كما يقول ابن هارون فهو � إجراء مت ابتكاره لدفع ما يحوم حول ال�شهادة من �شك(‪ .)3‬فقد‬
‫مت �إحـداثه من قبـل القا�ضي الف�شتايل املتـوفى يف ع�شرة الثمانني بعد �سبعمائة‪ ،‬ومل يكن‬
‫معروفا قبل ذلك ومل يجر به العمل(‪.)4‬‬
‫وهذا االبتكار مل ينج من معار�ضة بع�ض الفقهاء امل�سلمني‪ ،‬حيث اعتربوه خروجا‬
‫عن الأ �صل‪ ،‬ومن ه�ؤالء ال�شيخ �أبو احل�سن ال�صغري(‪ ،)5‬وكذلك الون�شري�سي موثق املغرب‬
‫العربي الكبري الذي قال يف هذا ال�ش�أن ‪:‬‬
‫«�أما دفعه ال�شاهدين ي�ستف�سرانه بعد الأ داء التام بني يديه‪ ،‬فا�ستظهار على‬
‫ال�شارع‪ ،‬و� إ�ضرار بال�شاهد وامل�شهود له‪ ،‬لأ ن امل�ستفهم له امل�ستف�سر من �أهل ال�سماط‪،‬‬
‫ورمبا ا�ستدرجوا امل�ستف�سر عن �شهادته على الرجوع ب�شيء من احلطام ال ي�سمن وال‬
‫(‪« )1‬اللفيف عند من �أعمله وقال به مدخول فيه على غري العدالة ولأ جل ذلك مل يكلف امل�شهود له بتزكية ال�شهود‬
‫وجعل متكني امل�شهود عليه من اال�ستف�سار قائما مقام الإعذار له يف العدالة‪� .‬أي جرى العمل يف بينة اللفيف‬
‫ح�سب �شارح العمل الفا�سي باالكتفاء عن التزكية املطلوبة �شرعا باال�ستف�سار لل�شهود»‪.‬‬
‫العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.366 .‬‬
‫ويقول ناظم العمل الفا�سي يف هذا ال�ش�أن ‪:‬‬
‫فيها كفى ا�ستف�سارها عن تزكية‬ ‫بينـ ـ ـ ـ ــة اللفي ـ ــف منهـ ــا باديـ ــة‬
‫�شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.262 .‬‬
‫(‪� )2‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.393 .‬‬
‫(‪� )3‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.395-394 .‬‬
‫‪(1) Louis Milliot : Recueil de jurisprudence chérifienne tome 1, p. 153.‬‬
‫(‪� )4‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.397,‬‬
‫(‪ )5‬قال يف الدر النثري �سيدي ابن هالل �أفاد يعني ال�شيخ �أبا احل�سن بجوابه هذا منع اال�ستف�صال املحدث ل�شهود‬
‫اال�سرتعاء ي�س�ألهم عدالن بعد �أدائهم عن كيفية �شهادتهم ف� إن ن�صوها على ما يف الوثيقة �أعملت‪ ،‬و� إن زادوا‬
‫�أو نق�صوا منها �ألغيت وهذا �أمر مل يكن قدميا و� إنه �أحدث يف ع�شرة الثمانني بعد �سبعمائة واملحدث له بفا�س‬
‫الفقيه الف�شتايل ثم اتبع على ذلك»‪� .‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.394 .‬‬

‫‪164‬‬
‫يغني من جوع‪ ،‬وهذا من املفا�سد التي الخفاء بها»(‪ .)1‬كما عار�ضه �أي�ضا �أبو �سامل‬
‫اليزنا�سي(‪.)2‬‬
‫وقد �أ�شار الفقيه موالي العربي الفا�سي يف �سنة ‪ � 1052‬إىل الأ �سباب التي حددها‬
‫الفقهاء لال�ستف�سار وذلك كالتايل ‪:‬‬
‫‪ -‬البحث يف م�ضمون ال�شهادة‪ ،‬فقد يحدث �أن يقوم الكاتب بتحريف قول ال�شاهد‪،‬‬
‫وهذه هي الغاية التي اعتمدها لال�ستف�سار �أبو احل�سن ال�صغري‪.‬‬
‫‪ � -‬إزالة ما قد ي�شوب ال�شهادة �أحيانا من � إجمال فيبينه واحتمال فيعينه‪ ،‬وهذه هي‬
‫الغاية التي �أعطاها �أبو الف�ضل العقباين لال�ستف�سار‪.‬‬
‫�أما الفقيه ابن لب فريى �أن �سبب ا�ستف�سار ال�شهود بوا�سطة عدلني هو تربئة القا�ضي‬
‫من عهدة االنفراد بالأ داء الأ ول الذي مت �أمامه(‪.)3‬‬
‫واملالحظ �أن هذا اال�ستف�سار ال ينبغي �أن يتم بوا�سطة نف�س العدلني ال�شاهدين يف‬
‫الر�سم و� إال كان باطال‪ ،‬وهذا ما ق�ضى به جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي يف قراره ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪� 18‬أبريل ‪.)4(1917‬‬
‫و�شهود اللفيف هنا � إما �أن يعيدوا �شهادتهم كما �أدوها لأ ول مرة بدون زيادة �أو نق�صان‪،‬‬
‫فت�صبح �صحيحة وميكن للقا�ضي االعتداد بها‪ ،‬و� إما �أن يتناق�ضوا يف �شهادتهم فتبعد‬
‫هذه الأ خرية من دائرة الإثبات‪ .‬وهذا ما �أفتى به ال�سيد عبد اهلل العبدو�سي كالتايل ‪:‬‬
‫«معنى اال�ستف�سار �س�ؤال ال�شاهد عن �شهادته التي �أداها عند القا�ضي كيف �أداها ف� إن‬
‫�أتى ب�شهادته ن�صا �أو معنى و� إن اختلف اللفظ �صحت و� إال بطلت»(‪ .)5‬وهذا ما �سار عليه‬
‫�أي�ضا جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي حيث حكم ببطالن �شهادة لفيف لأ ن �شهودها تناق�ضوا‬
‫عند ا�ستف�سارهم(‪.)6‬‬
‫(‪ )1‬موالي املهدي الوزاين ‪ :‬النوازل الكربى‪ ،‬اجلزء التا�سع‪ ،‬طبعة فا�س احلجرية‪� ،‬ص‪.271 .‬‬
‫(‪ )2‬قال �أبو �سامل اليزنا�سي يف جواب له «اال�ستف�صال الذي يبيحه الق�ضاة ال �أدري م�ستندهم فيه بل املفهوم من‬
‫الفقه عدم التعر�ض لل�شاهد وعدم م�ضارته‪.»....‬‬
‫�شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.395 .‬‬
‫(‪� )3‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.393,‬‬
‫(‪ )4‬قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي‪� ،‬صادر بتاريخ ‪� 18‬أبريل ‪.1917‬‬
‫‪Recueil Milliot, tome 2, p. 17.‬‬
‫(‪� )5‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.395 .‬‬
‫(‪ )6‬قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي �صادر بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪.1918‬‬
‫‪Recueil Milliot, tome 2, p. 57.‬‬

‫‪165‬‬
‫وينبغي الت�سا�ؤل هنا حول من له احلق يف طلب اال�ستف�سار‪ ،‬هل هو حق مق�صور على‬
‫القا�ضي وحده‪� ،‬أم يحق للم�شهود عليه �أي�ضا طلب هذا اال�ستف�سار‪� ،‬أم لهما معا احلق يف‬
‫ذلك ؟‬
‫اختلفت �آراء الفقهاء يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬فح�سب الفقيه �أبو الف�ضل العقباين‪ ،‬ف� إن احلق‬
‫يف اال�ستف�سار يخت�ص به القا�ضي دون امل�شهود عليه(‪ .)1‬ونف�س الر�أي ذهب � إليه الفقيه‬
‫�أبو احل�سن ال�صغري(‪� .)2‬أما الفقيه ابن لب فريى �أن احلق يف اال�ستف�سار هو للم�شهود‬
‫عليه‪ ،‬وهذا ما جرى به العمل بفا�س‪ ،‬حيث كان ال يتم ا�ستف�سار ال�شهود � إال � إذا طلب ذلك‬
‫امل�شهود عليه‪� .‬أما الفقيه ال�سجلما�سي �شارح العمل الفا�سي‪ ،‬فذهب � إىل القول ب�أن احلق‬
‫يف اال�ستف�سار هو للخ�صم والقا�ضي معا‪ ،‬وقد ينفرد به �أحدهما �أحيانا(‪.)3‬‬
‫و�سواء مت طلب اال�ستف�سار من قبل القا�ضي �أو امل�شهود عليه‪ ،‬فالهدف املتوخى من‬
‫هذا الإجراء واحد هو الت�أكد من �صحة و�صدق �أقوال �شهود اللفيف‪.‬‬
‫وقد نبه الفقيه عبد الكرمي اليازغي � إىل خطورة الق�ضاء باللفيفيات دون ا�ستف�سارها‬
‫حيث قال ‪:‬‬
‫«الذي يجب يف هذا الزمان �أنه ال يق�ضى ب�شهادة بينة اللفيف � إال بعد اال�ستف�سار‪،‬‬
‫ح�ضر ال�شهود �أو غابوا‪ ،‬قربت غيبتهم �أو بعدت‪ � .‬إذ كثريا ما ينكر الواحد منهم ال�شهادة‬
‫ر�أ�سا �أو يقول خالف ما قاله �أوال‪.‬‬
‫فال يجوز للقا�ضي �أن يحكم ببينة اللفيف قبل اال�ستف�سار وقد ن�ص �سيدي احل�سن بن‬
‫رحال على �أن القا�ضي � إذا حكم بالبينة قبل اال�ستف�سار غرم ما حكم به لتعدية»(‪.)4‬‬
‫وجتدر الإ�شارة � إىل �أن اال�ستف�سار يف القدمي كان يتم بوا�سطة القا�ضي‪ ،‬متى ظهر‬
‫له �أن ثمة � إجمال �أو � إبهام يف ال�شهادة‪ ،‬ومل يكن ي�سمح للعدول بذلك فقد جاء يف العمل‬
‫الفا�سي ‪� « :‬أما ا�ستفهام ال�شهود عند املربزين فال يجوز للقا�ضي �أن يبيحه البتة‪ � ،‬إذ لي�س‬
‫هو الأ داء املعترب و� إمنا نقل �شهادة ومن �شروط النقل تعذر �أداء الأ �صل والقا�ضي هنا‬
‫متمكن من ا�ستفهام ال�شاهد عما �أبهم بنف�سه فيبطل اعتماده على املربز‪ .‬ولي�س ذلك‬
‫(‪� )1‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.395,‬‬
‫(‪� )2‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.396,‬‬
‫(‪� )3‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.396,‬‬
‫(‪ )4‬موالي املهدي الوزاين ‪ :‬النوازل الكربى‪ ،‬اجلزء التا�سع‪� ،‬ص‪.286 .‬‬

‫‪166‬‬
‫نيابة عن القا�ضي و� إال الختار له �شخ�صا معينا والواقع عدم التعيني فكان نقال‪.)1(»...‬‬
‫وهذا بخالف ما نراه حاليا يف ميدان الإ�شهاد حيث �أ�صبح العدول ي�ستف�سرون �شهود‬
‫اللفيف‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء يف الوقت الذي ينبغي �أن يتم فيه اال�ستف�سار‪ .‬فبع�ض ق�ضاة فا�س‬
‫قدميا‪ ،‬كانوا مينعون من � إعطاء ن�سخة من الر�سم � إذا مرت �ستة �أ�شهر من تاريخ الأ داء‪.‬‬
‫بحيث كان القا�ضي يحكم به دون حاجة � إىل ا�ستف�سار �شهوده(‪ .)2‬وقد جاء يف العمل‬
‫الفا�سي �أي�ضا �أن ق�ضاة املغرب كانوا ي�ستح�سنون عدم اللجوء � إىل اال�ستف�سار بعد مرور‬
‫�ستة �أ�شهر من �أداء ال�شاهد �شهادته‪ ،‬لأ ن هـذه املـدة م�ضنة ن�سيـان ال�شهادة وقد عرب‬
‫الناظم عن ذلك يف البيت التايل ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫البينـ ـ ـ ــات قالـ ــه يف املعيـ ــار‬ ‫و�ستة الأ �شهــر حــد ا�ستف�ســار‬
‫ويقول ابن هارون يف هذا ال�ش�أن �أن مدة �ستة �أ�شهر تلزم ال�شخ�ص الذي يكون على‬
‫علم بالبينة التي �أقيمت عليه‪� ،‬أما � إذا مل يكن يعلمها فتمنح له ن�سخة من الر�سم من‬
‫�أجل ا�ستف�سار �شهودها‪ .‬و»�سئل �سيدي علي بن هارون هل يجوز � إعطاء ن�سخة الر�سم‬
‫لال�ستف�سار بعد م�ضي ثمانية �أعوام وع�شرة �أم ال ؟ ف�أجاب «تعطى الن�سخة � إذا كان ملن‬
‫قامت عليه البينة عذر من كونه حمجورا �أو غائبا �أو ما �أ�شبه ذلك‪ .‬واحلا�ضر العامل احلد‬
‫فيه �ستة �أ�شهر على ما جرى به العمل قطعا وح�سما للمبطلني‪ .)4(»...‬ويربر ال�سجلما�سي‬
‫ذلك ب�أنه �سيكون من ال�سهل جدا �أن نقيم لفيفيات ونرتكها حتى متر مدة �ستة �أ�شهر‬
‫لكي ي�ضيع حق املحتج بها عليه يف طلب اال�ستف�سار‪� .‬أما � إذا بقي �ساكتا رغم علمه بها‬
‫وبدون مربر حتى مرت فرتة �ستة �أ�شهر‪ ،‬ف� إن ذلك يعترب تنازال منه على حقه يف طلب‬
‫اال�ستف�سار(‪.)5‬‬
‫ونرى �أن ثمة تعار�ضا بني الر�أي الذي يقول بجواز اللجوء � إىل اال�ستف�سار حتى بعد‬
‫مرور املدة املحددة � إذا كان املحتج عليه بالبينة ال يعلمها‪ ،‬وبني الأ �سا�س املعتمد عليه يف‬
‫(‪� )1‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.394,‬‬
‫(‪ )2‬موالي املهدي الوزاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء التا�سع‪� ،‬ص‪.269 .‬‬
‫(‪� )3‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.398 .‬‬
‫(‪� )4‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.401 .‬‬
‫(‪� )5‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.402 .‬‬
‫‪Recueil de Jurisprudence chérifienne. Louis Milliot, Tome 1, p. 154.‬‬

‫‪167‬‬
‫حتديد �أجل اال�ستف�سار يف مدة �ستة �أ�شهر وهو م�ضنة ن�سيان ال�شهادة‪ ،‬حيث �سيطالب‬
‫ال�شهود باال�ستف�سار حتى بعد فوات هذه املدة‪.‬‬
‫وقد انتقد الون�شري�سي الأ �سا�س الذي اعتمد يف جعل حق طلب اال�ستف�سار حم�صورا‬
‫داخل �ستة �أ�شهر‪ ،‬و�أ�شار � إىل ذلك كالتايل ‪:‬‬
‫«جرى عمل ق�ضاة املغرب يف هذا الزمان با�ستح�سان ترك اال�ستف�صال بعد �ستة‬
‫�أ�شهر من �أداء ال�شاهد �شهادته معتال ب�أن هذه م�ضنة ن�سيان ال�شهادة واحلق خالف هذا‬
‫كله»(‪.)1‬‬
‫هكذا يت�ضح لنا من خالل هذه الدرا�سة �أن الفقه الإ�سالمي احتاط كثريا يف الق�ضاء‬
‫بهذه اللفيفيات‪ ،‬وقول القا�ضي ابن �سودة يبني لنا ذلك حيث �أ�شار � إىل ما يلي ‪:‬‬
‫«ال�سيما و�شهادة اللفيف يف زماننا هذا �صار ثقل ال�شهادة على �أهله خفيفا ال ينبغي‬
‫�أن يعول عليها الق�ضاة واحلكام � إال بعد �س�ؤال �شهوده عن م�ستند علمهم فيها وتوثيق يف‬
‫ال�س�ؤال و� إحكام‪ ،‬و�أمر احلاكم بها والإقدام على متليك �أقوام ما بيد غريهم مبجردها‬
‫مما حذر النا�س منه يف القدمي واحلديث � إال بعد الك�شف عن حال �شهوده والتق�صي يف‬
‫ذلك والفح�ص احلثيث � إذ رمبا حملتهم حمية �أو داعية ككونهم من قبيل �أو ا�ستناد � إىل‬
‫خرب �أو ت�ساند وذلك كله �ضاللة و� إ�ضالل عن ال�سبيل»(‪.)2‬‬
‫ويقول ناظم العمل الفا�سي ‪:‬‬
‫من �ستــر حالهم على املعــروف‬ ‫البــد يف ال�شهـ ــود يف اللف ـي ـ ــف‬
‫ويق�صد بهذا البيت �أن �شهود اللفيف حيث مل ت�شرتط فيهم العدالة‪ ،‬البد �أن يكونوا‬
‫م�ستوري احلال ولي�سو ظاهري اجلرح‪ .‬وقال ال�شيخ العربي الفا�سي ‪:‬‬
‫«انه ي�شرتط يف اجلماعة يعني اللفيف �أن يكونوا ممن تتو�سم فيهم املروءة‪� ،‬أو كونهم‬
‫�أمثل من يوجد وال �أقل من كونه غري ظاهر اجلرحة»(‪.)3‬‬
‫وقد ثبت عن القا�ضي ابن �سودة �أنه حلف �شهود اللفيف وهذا ما �أ�شار � إليه ناظم‬
‫العمل ‪:‬‬

‫(‪ )1‬الون�شري�سي‪ ،‬املعيار املعرب واجلامع املعرب‪ ،‬اجلزء العا�شر‪� ،‬ص‪.174 .‬‬
‫(‪ )2‬موالي املهدي الوزاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء التا�سع‪� ،‬ص‪.278 .‬‬
‫(‪� )3‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬طبعة فا�س احلجرية‪� ،‬ص‪.367 .‬‬

‫‪168‬‬
‫من اللفيـ ــف لفجـ ــور زي ـ ـ ــدا‬ ‫وحلـ ــف ابن �سـ ــودة ال�شه ــود‬
‫� إذا ا�سرتابـة بــدت و�صرفـ ــوا‬ ‫وقيل رمب ــا الع ــدول �أحلف ـ ــوا‬
‫ويراد بالبيت الأ ول ح�سب �شارح العمل �أن القا�ضي ابن �سودة رحمه اهلل عمل على‬
‫حتليف اللفيف نظرا لزيادة الفجور يف �أهل الزمان‪� ،‬أما البيت الثاين فرياد به �أنه ميكن‬
‫للقا�ضي حتليف العدول � إذا ظهرت له ريبة فيما �شهدوا به‪ ،‬ف� إن حلفوا قبل �شهادتهم و� إن‬
‫امتنعوا رف�ضها(‪.)1‬‬
‫ون�شري بخ�صو�ص البيت الثاين � إىل ما جاء عن ابن فرحون �أنه قال ‪ �« :‬إن قا�ضي‬
‫الق�ضاة ابن ب�شري قا�ضي اجلماعة بقرطبة حلف �شهودا يف تزكية باهلل تعاىل �أن ما‬
‫�شهدوا به حلق‪.‬‬
‫وروي عن ابن و�ضاح �أنه قال ‪� :‬أرى لف�ساد الزمان �أن يحلف احلاكم ال�شهود‪ ،‬وابن‬
‫و�ضاح ممن �أخذ عن �سحنون(‪.»)2‬‬
‫لهذا كان املطلوب عند القا�ضي للحكم ب�شهادة اللفيف هو غلبة الظن ب�صدق‬
‫�شهودها‪ ،‬فمتى عار�ضتها تهمة � إال و�سقطت ومت � إبعادها من ميدان الإثبات(‪.)3‬‬
‫وينبغي �أي�ضا لكي يعتد القا�ضي بهذه ال�شهادة �أال تكون ثمة �صداقة خا�صة �أو قرابة‬
‫بني �شهودها وامل�شهود له‪� ،‬أو عداوة بني امل�شهود عليه وال�شاهد‪ ،‬حتى ال يغتنم هذا الأ خري‬
‫الفر�صة في�شهد �ضده ت�شفيا وانتقاما‪ ،‬ويف هذا ال�ش�أن �أفتى اللبار يف � إحدى النوازل مبا‬
‫يلي ‪:‬‬
‫«� إنه البد يف اللفيف من ا�شرتاط ال�سالمة من حلوق التهمة فيما �شهدوا به من‬
‫�صداقة خا�صة وقرابة مع امل�شهود له‪ ،‬وعداوة مع امل�شهود عليه و� إال فال تقبل �شهادتهم‬
‫اتفاقا»(‪.)4‬‬
‫(‪� )1‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.374,‬‬
‫(‪ )2‬النوازل اجلديدة الكربى‪ ،‬للمهدي الوزاين‪ ،‬اجلزء التا�سع‪ ،‬ط‪ .‬فا�س احلجرية‪� ،‬ص‪.260 .‬‬
‫(‪ )3‬الون�شري�سي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء العا�شر‪� ،‬ص‪.194 .‬‬
‫(‪ )4‬الون�شري�سي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء العا�شر‪� ،‬ص‪.194,‬‬
‫‪ -‬موالي املهدي الوزاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء التا�سع‪� ،‬ص‪.263 .‬‬
‫‪� -‬شرح الزرقاين يف خمت�صر ال�شيخ خليل‪ ،‬اجلزء ال�سابع‪� ،‬ص‪.160 .‬‬
‫‪ -‬ابن فرحون‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء الأ ول‪� ،‬ص‪.178 .‬‬
‫‪ -‬ال�سرخ�سي ‪ :‬املب�سوط‪ ،‬اجلزء ‪ ،16‬مطبعة ال�سعادة‪ ،‬م�صر‪� ،‬ص‪.121 .‬‬
‫‪ -‬ابن قدامة ‪ :‬املغنى‪ ،‬اجلزء العا�شر‪� ،‬ص‪.173 .‬‬

‫‪169‬‬
‫وقد جاء كذلك يف حتفة احلكام �أنه ال تقبل �شهادة �شخ�ص على �آخر � إذا كانت بينهما‬
‫عداوة دنيوية ال دينية(‪ .)1‬والعداوة الدنيوية كما ذهب � إىل ذلك ابن قدامة �أن ي�شهد‬
‫املقدوف على القاذف‪ ،‬والزوج على امر�أته بالزنا(‪.)2‬‬
‫وقد بني ناظم حتفة احلكام يف �أبيات ثالثة من ترد �شهادته للتهمة كالتايل ‪:‬‬
‫ووال ــدي زوج ــة �أو زوج ـ ــة �أب‬ ‫والأ ب البنـ ــه وعك�س ـ ـ ــه من ـ ــع‬
‫ويف ابن زوجة وعكـ�س ذا اتبـع‬ ‫كحالـ ـ ــة الع ـ ــدو وال�ضـ ــني ـ ــن‬
‫واخل�صـم والو�صــي واملديـ ـ ــن‬ ‫وحيتمـا التهم ــة حاله ــا غ ــلب‬
‫فمن خالل هذه الأ بيات ال جتوز �شهادة الأ ب البنه‪ ،‬و�شهادة االبن لأ بيه‪ ،‬و�شهادة‬
‫الرجل لوالدي زوجته �أو زوجة �أبيه‪ .‬وحيث يغلب حال التهمة � إال وينبغي � إبعاد ال�شهادة‬
‫كحالة العدو يف �شهادته على عدوه‪ ،‬وال�ضنني‪ ،‬و�شهادة اخل�صم على خ�صمه‪ ،‬والو�صي‬
‫ملحجوره‪ ،‬واملدين لدائنه(‪.)3‬‬
‫وقد �أفتى ال�سيد العربي الزرهوين يف لفيف �شهد �شهوده مل�ست�أجرهم الذي له عليهم‬
‫دين‪� ،‬شهدوا بدين بذمة رجل �آخر حيث قال ‪:‬‬
‫«� إن الأ جري ال تقبل �شهادته مل�ست�أجره � إال � إذا كان مربزا ومل يكن من عياله‪ ،‬وكذا‬
‫�شهادة من عليه الدين وهو مع�سر لرب الدين‪ ،‬وهذا خمافة التحيز لرب الدين حتى‬
‫يرفق به‪.)4(»..‬‬
‫هكذا يتبني لنا مما �سبق �أن الفقه الإ�سالمي � إذا كان قد �أجاز �شهادة اللفيف للحاجة‬
‫وال�ضرورة‪ ،‬فقد �أدرك يف نف�س الوقت مدى خطورة هذا النوع من ال�شهادات مما جعله‬
‫يتطلب �سالمة �شهودها من الأ و�صاف الرذيلة‪ ،‬و�أال يكون بينهم وبني امل�شهود له �أو عليه‬
‫قرابة �أو عداوة‪� ،‬سعيا يف احل�صول على �شهود يتحلون باخل�صال احلميدة‪ ،‬ويت�صفون‬
‫بال�ضمري اليقظ‪ ،‬حتى يرتاح القا�ضي ل�شهادتهم‪ ،‬ويتخذها �أ�سا�سا للف�صل فيما يعر�ض‬
‫عليه من منازعات‪.‬‬

‫(‪� )1‬شرح ميارة على حتفة احلكام‪ ،‬املجلة الأ ول‪� ،‬ص‪.48 .‬‬
‫(‪ )2‬ابن قدامة‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء العا�شر‪� ،‬ص‪.168,‬‬
‫(‪� )3‬شرح ميارة على التحفة‪ ،‬املجلد الأ ول‪� ،‬ص‪.58 .‬‬
‫(‪ )4‬موالي املهدي الوزاين‪ ،‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء التا�سع‪� ،‬ص‪.275 .‬‬

‫‪170‬‬
‫الفرع الثاين‬
‫بيانات املحررات العدلية‬
‫لقد ا�شرتط امل�شرع �أن ت�أتي املحررات العدلية م�ستوفية جلملة من البيانات حتى‬
‫تكون و�سيلة ناجعة يف الإثبات‪ ،‬وت�ساعد القا�ضي على الف�صل يف الق�ضايا املعروفة عليه‪.‬‬
‫وهذه البيانات منها ما يتعلق باملتعاقدين و�شهود اللفيف حتى تكون هويتهم ثابتة‪ ،‬ومنها‬
‫ما يتعلق بامل�شهود فيه حتى يكون حمددا حتديدا كافيا‪ ،‬ومنها ما يخ�ص تاريخ املحرر‪،‬‬
‫ومنها ما يتعلق مب�ستندات املحرر العديل‪ ،‬و�أخريا ثمة بع�ض البيانات املتعلقة بتوقيعات‬
‫العدول وخطاب قا�ضي التوثيق على ال�شهادة امل�ؤداة‪ ،‬والتعريف بال�شهادة غري امل�ؤداة‪.‬‬
‫و�سندر�س هذه البيانات يف �ستة مباحث كالتايل ‪:‬‬
‫املبحث الأ ول ‪ :‬البيانات املتعلقة باملتعاقدين و�شهود اللفيف‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬البيانات املتعلقة بامل�شهود فيه‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬البيانات املتعلقة بتاريخ املحـرر العدلـي‪.‬‬
‫املبحث الرابع ‪ :‬البيانات املتعلقة مب�ستندات املحـرر العديل‪.‬‬
‫املبحث اخلام�س ‪ :‬البيانات املتعلقة بتوقيعات العدول واملخاطبة على ال�شهادة‬
‫امل�ؤداة‪.‬‬
‫املبحث ال�ساد�س ‪ :‬البيانات املتعلقة بالتعريف بال�شهادة غري امل�ؤداة‪.‬‬

‫املبحث الأ ول‬


‫البيانات املتعلقة باملتعاقدين و�شهود اللفيف‬
‫ينبغي على العدول �أن يبينوا يف حمرراتهم احلالة املدنية الكاملة للمتعاقدين �أي‬
‫بذكر �أ�سمائهم وتاريخ ومكان ازديادهــم وجن�سيتهم‪ ،‬وكذلك مهنتهم وعنوانهم الكامل‬
‫(‪)1‬‬
‫ورقم بطاقتهم الوطنية وتاريخها‪� ،‬أو �أي وثيقـة � إدارية �أخرى تفيـد يف التعريف باملتعاقد‬
‫وكذلك بالن�سبة ل�شهود اللفيف(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬الفقرة الثانية من املادة ‪ 25‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪.2008‬‬
‫(‪ )2‬الفقرة الأ وىل من الف�صل الأ ول من من�شور ‪ .14714‬وقد جاء فيها ما يلي ‪:‬‬
‫«يتعني على العدول �أن يبينوا يف دفاتر اجليب ويف الر�سوم �أ�سماء املتعاقدين واللفيف و�أ�سماء �آبائهم‬
‫و�أجدادهم مع ذكر اال�سم العائلي ان كان �أو اللقب املميز مبن ا�شتهر به»‪.‬‬
‫الفقرة الثانية من الف�صل الأ ول من من�شور ‪: 14714‬‬
‫=‬ ‫«يتعني كذلك ذكر مهنة املتعاقدين واللفيف وحالتهم املدنية»‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫غري �أنه يف احلالة التي ال يكون فيها ال�شخ�ص مالكا لإحدى الوثائق املثبتة للهوية‪ ،‬ف� إنه‬
‫يتم التعريف به بوا�سطة �شاهدين يعرفانه جيدا ويتوفران على بطاقتيهما ال�شخ�صية‪،‬‬
‫مع تنبيههما ملا قد يتعر�ضان له من متابعة يف حالة عدم �صدق ت�صريحاتهما يف هذا‬
‫ال�ش�أن‪ .‬وقد كان الفقهاء يطلبون من املوثقني الت�أكد من هوية الأ طراف وال�شهود قبل‬
‫حترير �شهاداتهم‪ ،‬وهكذا �أ�شار الفقيه ابن فرحون يف تب�صرته � إىل ما يلي ‪:‬‬
‫«ال ينبغي الإ�شهاد على من ال يعرف � إال بعد معرفة ا�سمه وعينه ون�سبه فكذلك ينبغي‬
‫للموثق االحرتاز منه فقد يح�ضر � إىل املوثق رجل يدعي �أن ا�سمه كذا وي�س�أله �أن يكتب‬
‫عليه م�سطورا ب�ألف درهم لفالن فلعل ذلك قد ت�سمى با�سم غريه ثم بعد م�ضي زمان‬
‫يخرج املكتوب ويدعي به على �صاحب اال�سم‪ .‬ولعل الكاتب قد ن�سي �أو مات ومات ال�شهود‬
‫وثبت ذلك باخلط فيحكم على ذلك املدعى با�سمه وهو بريئ فال ينبغي �أن يكتب � إال ملن‬
‫عرف ا�سمه وعينه معرفة تامة»(‪.)1‬‬
‫وقد كان املوثقون يذكرون يف حمرراتهم �أو�صافا دقيقة للم�شهود له �أو عليه متييزا‬
‫لهما(‪ .)2‬لهذا ينبغي على العدول احرتام هذا االلتزام‪ ،‬والتحقق من هوية الأ طراف درءا‬
‫لكثري من امل�شاكل الناجتة عن انتحال �أ�سماء الآخرين‪.‬‬
‫=الفقرة الثالثة من نف�س الف�صل من املن�شور ‪:‬‬
‫«يتعني الن�ص على ورقة التعريف لكل من املتعاقدين واللفيف بذكر رقمها وتاريخها واملركز الذي �سجلت‬
‫به»‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة من نف�س الف�صل من املن�شور»‪.‬‬
‫«يتعني ذكر عناوين املتعاقدين واللفيف بكيفية تامة»‪.‬‬
‫(‪ )1‬ابن فرحون اليعمري املالكي ‪ :‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء الأ ول‪� ،‬ص‪.190 .‬‬
‫(‪ )2‬يقول ابن فرحون يف تب�صرته ‪ �« :‬إذا احتاج الكاتب � إىل ذكر نعوت امل�شهود عليه �أو له فينبغي �أن يذكر من‬
‫�صفاته �أ�شهرها كال�صمم والعمى والعرج والبيا�ض �أعني الرب�ص و�آثار اجلدري والنم�ش فيقول يف وجهه �آثار‬
‫جدري �أو من�ش وان كان فيه خال ذكرته وذكرت مو�ضعه وتذكر قطع الأ نامل �أو ع�ضو مما هو م�شهور ظاهر‬
‫يف الوجه �أو اجل�سد وتذكر مع ذلك ا�سمه ون�سبه و�صناعته وقبيلته وحتليه حلية جيدة ال تخل باملق�صود منها‬
‫ف�إذا كان املنعوت غليظ ال�شفتني فهو �أفوه واملر�أة فوهاء و� إن كان الفم غائرا فهو �أفقم واملر�أة فقماء‪ ،‬و� إن كان‬
‫الأ نف طويال مع نتوء يف و�سطه فهو �أقنى واملر�أة قنواء‪ .‬و� إن كان طرفه عري�ضا فهو �أفط�س واملر�أة فط�ساء و� إن‬
‫كان قائما منت�صبا معتدال فهو �أ�شم واملر�أة �شماء و� إذا كان ق�صريا بني ال�شمم والفط�س فهو �أخن�س واملر�أة‬
‫خن�ساء‪ .‬ويقال يف ق�صرية الأ نف خلفاء و� إذا كان اخلد م�ستطيال فهو �أ�سيل اخلذ واملر�أة ا�سيلة اخلد‪ ،‬و� إذا كان‬
‫العنق طويال فهو �أغيد واملر�أة غيداء و� إذا كان العنق ق�صريا فهو �أوق�ص واملر�أة وق�صاء‪ ،‬و� إذا كان يف العينني‬
‫غور فهو غائر العينني واملر�أة غائرة العينني‪ ،‬و� إذا برزتا فهو جاحظ العينني وهي جاحظة العينني‪.»...‬‬
‫ابن فرحون ‪ :‬املرجع ال�سابق‪ ،‬اجلزء الأ ول‪� ،‬ص‪.192 .‬‬

‫‪172‬‬
‫كما �ألزمهم املن�شور عدد ‪ 14714‬بذكر الأ متية يف حق املتعاقدين واللفيف‪� ،‬أي ما‬
‫يفيد �أنهم كانوا �أثناء � إقامة الر�سم يف �صحة‪ ،‬وطوع وجواز‪ .‬فلم يكن �أحدهم يعاين من‬
‫مر�ض يفقده التمييز‪� ،‬أو مكرها على التعاقد‪ ،‬وعدم ورود هذا البيان يف بع�ض الر�سوم‬
‫التي يتطلب فيها امل�شرع ال�صحة �سي�ؤدي � إىل ف�سادها كما هو احلال بالن�سبة لعقد الزواج‬
‫والطالق(‪.)1‬‬
‫فبخ�صو�ص هذا البيان املتعلق بالأ متية‪ ،‬نالحظ �أن املجل�س الأ على يف قراره ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪ 25‬دجنرب ‪ 1982‬كان قد �أ�ضفى ال�صفة الر�سمية على هذا البيان‪ ،‬حيث جعله‬
‫يكت�سي حجية قاطعة ب�أن البائع مل يكن �أثناء البيع مري�ضا مر�ض املوت(‪.)1‬‬
‫وهذا املوقف الذي �سار فيه املجل�س الأ على مل يكن �صائبا‪ ،‬لأ ن م�س�ألة مر�ض �أو عدم‬
‫مر�ض املتعاقد ودرجة هذا املر�ض ومدى ت�أثريه على � إدراكه ومتييزه هي م�س�ألة من‬
‫اخت�صا�ص الطب‪ ،‬وال ميكن للعدول اجلزم فيها مبجرد و�ضع كلمة ب�أمته‪.‬‬
‫ولقد كانت حمكمة التمييز التون�سية على �صواب حني ق�ضت يف قرارها ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪� 30‬أبريل ‪ 1958‬مبا يلي ‪ �« :‬إ�شهاد العدلني على �أن البائع كان وقت البيع مري�ضا‬
‫ولكنه بحالة متييز و� إدراك يفهم ما يقول وما يقال له هو يف احلقيقة خارج عن نطاق‬
‫الإ�شهاد ووظيفة امل�أمور احلكومي‪ .‬وبذلك ميكن معار�ضته بجميع و�سائل الإثبات‬
‫وبالأ خ�ص ب�شهادة �أهل اخلربة وهم الأ طباء يف �صورة احلال � إذ � إليهم وحدهم املرجع‬
‫يف تقدير حالة املر�ض»(‪.)3‬‬
‫واملالحظ حاليا �أن موقف املجل�س الأ على قد تغري بهذا اخل�صو�ص‪ .‬ويت�ضح ذلك‬
‫من خالل قرارين‪ ،‬القرار الأ ول �صدر بتاريخ ‪ 16‬مار�س ‪ 2005‬جاء فيه ‪« :‬الأ متية التي‬
‫ي�ضمنها العدالن يف الر�سم � إمنا تتعلق ب�صحة املتعاقد ظاهريا وال تثبت عدم � إ�صابة‬
‫املت�صدق مبر�ض املوت الذي ميكن اال�ستعانة بالأ طباء املخت�صني لإثباته»(‪.)4‬‬
‫(‪ )1‬الفقرة ال�سابعة من نف�س الف�صل ‪:‬‬
‫«يتعني ذكر الأ متية يف حق املتعاقدين واللفيف وهي عبارة عن ال�صحة والطوع واجلواز ملا يرتتب عن � إ�سقاطها‬
‫من ف�ساد بع�ض الوثائق التي ت�شرتط ال�صحة فيها مثل النكاح والطالق»‪.‬‬
‫(‪ )2‬قرار املجل�س الأ على رقم ‪ 809‬بتاريخ ‪ 25‬دجنرب ‪ - 1982‬من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على ‪ 1983‬عدد ‪31‬‬
‫‪� -‬ص‪.45 .‬‬
‫(‪ )3‬قرار وارد يف كتاب �آدم وهيب النداوي – دور احلاكم املدين يف الإثبات‪ -‬ر�سالة ماج�ستري‪ -‬الطبعة الأ وىل‬
‫‪ - 1976‬الدار العربية للطباعة والن�شر بغداد هام�ش ال�صفحة ‪.266‬‬
‫(‪ )4‬قرار املجل�س الأ على عدد ‪ 165‬بتاريخ ‪ - 2005/3/16‬من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على عدد ‪65-64‬‬
‫‪� -‬ص‪.155 .‬‬

‫‪173‬‬
‫والثاين �صدر بتاريخ ‪ 7‬يونيو ‪ 2006‬جاء فيه ‪:‬‬
‫«� إن ما تثبته ال�شهادة الطبية ال ميكن دح�ضه فقط مبا �شهد به العدالن من �أمتية‬
‫البائع‪ ،‬وهي �أمتية ال تعني انتفاء حالة املر�ض التي �أ�شار � إليها الف�صل ‪ 54‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫ك�سبب لإبطال الت�صرف مما �شكل تطبيقا خاطئا للف�صل ‪ 54‬امل�شار � إليه»(‪.)1‬‬
‫نالحظ من خالل هذين القرارين �أن املجل�س الأ على مل يعد ي�ضفي ال�صفة الر�سمية‬
‫على هذا البيان‪ ،‬ومل يعد مينحه احلجية القاطعة كما كان يفعل �سابقا‪ .‬بل �أ�صبح يعتربه‬
‫جمرد بيان ي�شهد فيه العدالن بظاهر احلال فقط‪ ،‬وميكن � إثبات ما يخالفه باخلربة‬
‫الطبية‪ ،‬بل نالحظ �أحيانا �أن الق�ضاء املغربي �أ�صبح يعتمد على ال�شهادة الطبية يف هذا‬
‫ال�ش�أن‪ ،‬وال يعري اهتماما لبيان الأ متية الوارد يف الوثيقة العدلية كما ذهبت � إىل ذلك‬
‫حمكمة اال�ستئناف بالقنيطرة(‪.)2‬‬
‫� إن هذا املوقف اجلديد الذي �سار فيه املجل�س الأ على‪ ،‬لي�س � إال تطبيقا للجزاء املرتتب‬
‫عن عدم احرتام قواعد االخت�صا�ص النوعي يف جمال التوثيق‪ .‬فالعدل هنا �سقطت‬
‫�أهليته لأ نه جتاوز نطاق هذا االخت�صا�ص للإ �شهاد يف �أمور يعود �أمر البت فيها للأ طباء‪،‬‬
‫مما يجعل البيان الذي و�ضعه و�شهد فيه ب�أمتية املتعاقد من الناحية ال�صحية‪ ،‬هو جمرد‬
‫بيان عادي ال يكت�سي ال�صفة الر�سمية‪ ،‬وميكن � إثبات ما يخالفه بكافة و�سائل الإثبات مبا‬
‫فيها اخلربة الطبية‪.‬‬

‫املبحث الثاين‬
‫البيانات املتعلقة بامل�شهود فيه‬
‫نظرا للأ همية التي يكت�سيها امل�شهود فيه‪ ،‬وجب ذكر عدة بيانات لتحديد نوعه‪،‬‬
‫و�أو�صافه حتديدا كافيا‪.‬‬
‫ف� إذا كان امل�شهود فيه �أر�ضا غري حمفظة‪ ،‬وجب عليه �أن ي�صف �شكلها و�أن يذكر نوع‬
‫�أر�ضها كما ت�شري � إىل ذلك الفقرة الأ وىل من الف�صل الثاين من من�شور ‪ 14714‬والتي‬
‫جاء فيها ‪:‬‬
‫(‪ )1‬قرار املجل�س الأ على رقم ‪ 1902‬بتاريخ ‪ – 1006-6-7‬من�شور مبجلة املعيار عدد ‪ - 37‬ال�صفحة ‪ 36‬و‪.37‬‬
‫(‪ )2‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالقنيطرة رقم ‪ - 114‬غرفة العقار والأ حوال ال�شخ�صية ‪� -‬صادر بتاريخ ‪2004/3/17‬‬
‫‪ -‬من�شور مبجلة احلقوق املغربية‪ -‬ال�سنة الثالثة ‪ -‬العدد اخلام�س ‪� -‬ص‪.262 .‬‬

‫‪174‬‬
‫«يتعني و�صف امل�شهود فيه و�صفا تاما وذكر نوعه بتدقيق‪ ،‬ف� إذا كان �أر�ضا زراعية‬
‫مثال و�صف �شكلها وذكر نوع �أر�ضها هل هو من الرت�س �أو الرملي �أو احلمري �أو غري‬
‫ذلك‪ ،‬و� إن كانت بي�ضاء �أو �سوداء عني ذلك باللفظ‪ ،‬وعني نوع ال�شجر وعدده و� إن كانت‬
‫بورا �أو �سقويا فكذلك‪.»...‬‬
‫وينبغي بالإ�ضافة � إىل حتديد نوع الأ ر�ض‪� ،‬أن يحدد العدل �أي�ضا م�ساحتها حتديدا‬
‫كافيا‪ .‬وهذا ما تطرقت � إليه الفقرة الثالثة من الف�صل الرابع من كنا�ش اجليب عدد‬
‫‪ 5134‬حيث جاء فيها ‪:‬‬
‫«وفيما يرجع للر�سوم العقارية وبالأ خ�ص ما يتعلق منها بتفويت امللكية‪ ،‬يتعني ذكر‬
‫موقع العقار وم�ساحته بالهكتار �أو بغريه من املقايي�س امل�صطلح عليها يف الناحية التي‬
‫يقع البيع فيها وذكر حدوده بكل بيان ونوع �أر�ضه»‪.‬‬
‫كما ينبغي �أن ي�شار يف وثيقة البيع � إىل حدود العقار بكل �ضبط‪ ،‬وهذا ما ن�صت عليه‬
‫الفقرة الثانية من الف�صل الثاين من من�شور عدد ‪ 14714‬حيث جاء فيها ‪:‬‬
‫«يتعني ذكر احلدود بكل �ضبط وب�صفة وا�ضحة‪ � ،‬إما بذكر ما يدل عليها من الأ �شياء‬
‫الطبيعية �أو احلادثة بحيث ال ميكن الرتدد فيها‪ ،‬وال ي�سوغ للعدول �أن يقت�صروا على‬
‫الإ�شارة � إىل حدود مذكورة يف ر�سوم �سابقة �أو قدمية»‪.‬‬
‫و� إذا كان العقار حمفظا �أوجب مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪ 2008‬تعيينه بالإ�شارة � إىل ا�سمه‬
‫ورقم �صكه العقاري‪ ،‬و� إن كان العقار يف طور التحفيظ ينبغي ذكر رقم مطلبه وهنا يجب‬
‫بيان �صفاته وم�ساحته وقيمته وموقعه وحدوده‪.‬‬
‫و ح�سب هذا املر�سوم يجب �أن تكون املعلومات املذكورة يف ال�شهادة تتطابق متاما ملا‬
‫هو مذكور يف ال�صك العقاري �أو يف مطلب التحفيظ‪.‬‬
‫ويجب �أن حتدد بالأ رقام واحلروف امل�ساحات التي يجب تعيينها باملقايي�س الر�سمية‬
‫�أو امل�صطلح عليها وكذا الأ مر بالن�سبة للمبالغ املالية(‪.)1‬‬
‫و� إذا كان امل�شهود فيه دارا وجبت الإ�شارة يف الوثيقة � إىل عــدد الطوابق واملر�آب‬
‫وال�سطح واملرافق الأ �صلية والثانوية امل�شتملة عليها(‪.)2‬‬
‫(‪ )1‬الفقرة الرابعة واخلام�سة وال�ساد�سة من املادة ‪ 19‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪.2008‬‬
‫(‪ )2‬الدكتور عبد الرحمان بلعكيد – وثيقة البيع بني النظر والعمل ‪ -‬الطبعة الأ وىل ‪ - 1989‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة الدار البي�ضاء‪� -‬ص‪.135 .‬‬
‫‪ -‬جمعة حممد الزريقي – دور املحافظ العقاري يف حتقيق امللكية‪ -‬درا�سة مقارنة بني النظام العقاري يف‬
‫املغرب وليبيا‪� -‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون اخلا�ص‪ -‬كلية احلقوق بالدار البي�ضاء‪1993-1992 -‬‬
‫اجلزء الأ ول – �ص‪.102 .‬‬

‫‪175‬‬
‫و� إذا تعلق الأ مر ببيع �شقة تخ�ضع لنظام امللكية امل�شرتكة‪ ،‬وجب على العدل �أن ي�شري‬
‫� إىل اجلزء املفرز واملتمثل يف ال�شقة‪ ،‬والن�سبة املئوية من الأ جزاء امل�شرتكة والبد من‬
‫الرجوع يف هذا ال�ش�أن � إىل ر�سوم امللكية والر�سوم العقارية والت�صاميم الهند�سية(‪.)1‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫لبيانات املتعلقة بتاريخ املحرر العديل‬
‫يعترب التاريخ من البيانات الأ �سا�سية‪ ،‬ولهذا يجب �أن تت�ضمن ال�شهادة تاريخ التلقي‬
‫بال�ساعة واليوم وال�شهر وال�سنة باحلروف والأ رقام وفق التقومي الهجري مع بيان ما‬
‫يوافقه من التقومي امليالدي(‪ )2‬و�أن يتم ذلك يوما فيوما بتتابع ال�شهادات ح�سب �ساعات‬
‫وتواريخ تلقيها(‪.)3‬‬
‫وقد ثار نقا�ش بخ�صو�ص حتديد تاريخ املحرر العديل هل هو تاريخ التلقي �أم تاريخ‬
‫ت�سجيل ال�شهادة يف �سجل املحكمة ؟ للوقوف على ذلك يجب التمييز بني فرتتني زمنيتني‪.‬‬
‫فرتة ما قبل ظهري ‪ 7‬يوليوز املتعلق بتنظيم الق�ضاء ال�شرعي‪ ،‬وفرتة ما بعده‪.‬‬
‫ففي الفرتة الأ وىل كان املحرر العديل يتم ت�أريخه يف اللحظة التي كان يتلقى فيها‬
‫العدالن ال�شهادة‪ .‬وهذه الطريقة � إن كانت معقولة ومطابقة للواقع‪ ،‬فقد مت ا�ستغاللها‬
‫بتحريف تاريخ املحرر نظرا ملا كانت تعاين منه اخلطة �آنذاك من فو�ضى‪.‬‬
‫�أما يف الفرتة الثانية‪ ،‬فقد ا�شرتط امل�شرع مبقت�ضى الفقرة الأ وىل من الف�صل الرابع‬
‫من ظهري ‪ 7‬يوليوز ‪ 1914‬ذكر تاريخ تلقي الإ�شهاد بال�سنة وال�شهر واليوم‪ .‬وجاءت الفقرة‬
‫الثالثة من نف�س الف�صل للن�ص على �ضرورة ت�سجيل املحررات العدلية يف �سجالت‬
‫املحكمة‪ ،‬ون�ص الف�صل ال�ساد�س من نف�س الظهري على �ضرورة ذكر تاريخ هذا الت�سجيل‬
‫يف املحرر‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه املقت�ضيات‪ ،‬فقد �أ�صبح الق�ضاء املغربي مييز بني حالتني فيما‬
‫يخ�ص التاريخ الذي ينبغي االعتداد به‪.‬‬
‫‪ -‬احلالة الأ وىل‪ ،‬وهي املتعلقة بالتاريخ الذي ينبغي االحتجاج به فيما بني الأ طراف‬
‫حيث جعله تاريخ تلقي الإ�شهاد‪.‬‬
‫(‪ )1‬الدكتور عبد الرحمان بلعكيد – املرجع ال�سابق – �ص‪.137 .‬‬
‫(‪ )2‬املادة ‪ 25‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪.2008‬‬
‫(‪ )3‬الفقرة الثانية من املادة ‪ 19‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪.2008‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ -‬احلالة الثانية هي املتعلقة بالتاريخ الذي ينبغي االحتجاج به على الغري‪ ،‬حيث جعله‬
‫تاريخ ت�سجيل املحرر العديل يف �سجالت املحكمة‪ ،‬وهذا ما �سار عليه الق�ضاء يف العديد‬
‫من �أحكامه(‪.)1‬‬
‫وللتاريخ �أهمية كربى لأ نه يعتمد عليه يف بع�ض الأ حيان لرتتيب بع�ض الآثار القانونية‬
‫ونذكر منها على �سبيل املثال ‪:‬‬
‫ما جاء يف الف�صل ‪ 314‬من ق‪.‬ل‪.‬ع من �أن دعوى الإبطال تنق�ضي بالتقادم يف جميع‬
‫احلاالت مبرور خم�س ع�شرة �سنة من تاريخ العقد‪.‬‬
‫وكذلك ما جاء يف الف�صل ‪ 531‬من ق‪.‬ل‪.‬ع املتعلق بدعوى ف�سخ العقد ودعوى � إنقا�ص‬
‫الثمن �أو تكملته حيث ا�شرتط امل�شرع �أن متار�س داخل �أجل �سنة من تاريخ العقد � إذا مل‬
‫يحدد يف هذا الأ خري تاريخ �آخر لالنتفاع �أو للت�سليم‪.‬‬
‫كما �أن الف�صل ‪ 579‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ي�شري � إىل احلالة التي مينح فيها امل�شرتي �أجل لأ داء‬
‫الثمن حيث يبد أ� �سريانه من تاريخ العقد ما مل يتفق على غري ذلك‪.‬‬
‫وبرجوعنا � إىل مدونة التجارة ال�صادرة يف فاحت �أغ�سط�س ‪ 1996‬جند الف�صل ‪681‬‬
‫ي�شري � إىل ما يلي ‪:‬‬
‫«يعترب باطال كل عقد بدون مقابل قام به املدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع‪.‬‬

‫(‪ )1‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط �صادر بتاريخ ‪ 24‬يونيو ‪ .1931‬جاء فيه �أن املحررات العدلية يحتج بها على‬
‫الغري ابتداء من تاريخ تقييدها يف �سجالت املحكمة‪.‬‬
‫من�شور مبجلة املحاكم املغربية عدد ‪� ،474-1931‬ص‪.356 .‬‬
‫‪ -‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط‪� ،‬صادر بتاريخ ‪ 12‬دجنرب ‪ ,1934‬من�شور مبجموعة قرارات حمكمة‬
‫اال�ستئناف بالرباط ‪� ،1936-1935‬ص‪.235 .‬‬
‫املحكمة االبتدائية بالدار البي�ضاء‪ ،‬حكم �صادر بتاريخ ‪ 7‬فرباير ‪ 1938‬وقد جاء فيه �أن املحررات العدلية‬
‫املثبتة حلقوق عقارية ال ميكن االحتجاج بها على الغري � إال من يوم تدوينها يف �سجالت القا�ضي‪ ،‬جملة‬
‫املحاكم املغربية عدد ‪� ،1938-768‬ص‪.109 .‬‬
‫‪ -‬قرار املجل�س الأ على‪ ،‬الغرفة املدنية‪ ،‬قرار عدد ‪� 54‬صادر بتاريخ ‪ 24‬دجنرب ‪ 1958‬جاء فيه ‪ � :‬إن العقود التي‬
‫يتلقاها العدول تكت�سب تاريخا �صحيحا وميكن �أن تكون حجة على الغري من تاريخ ت�سجيلها بدفاتر املحكمة»‬
‫جملة الق�ضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪� ،21‬ص‪.833 .‬‬
‫‪ -‬قرار املجل�س الأ على عدد ‪� 527‬صادر بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪ .1982‬وقد جاء فيه �أن �سريان �أمد التقادم بالن�سبة‬
‫لبطالن عقد البيع الذي مت بني الطرفني يبد أ� ال من تاريخ تدوين املحرر العديل ب�سجالت املحكمة‪ ،‬بل من‬
‫تاريخ الإ�شهاد‪.‬‬
‫ق�ضاء املجل�س الأ على العدد ‪ - 31‬ال�سنة الثامنة مار�س ‪� ،1983‬ص‪.52 .‬‬

‫‪177‬‬
‫ميكن كذلك للمحكمة �أن تبطل العقود بدون مقابل املربمة يف ال�ستة �أ�شهر ال�سابقة‬
‫لتاريخ التوقف عن الدفع»‪.‬‬
‫فانطالقا من هذا الف�صل‪ ،‬يكون الت�صرف باطال � إذا كان بغري مقابل ومت بعد التوقف‬
‫عن الدفع‪ .‬كما ميكن للمحكمة �أن تبطل الت�صرفات التي تكون بغري مقابل‪ � ،‬إذا متت‬
‫خالل ال�ستة �أ�شهر ال�سابقة عن تاريخ التوقف عن الدفع‪ ،‬وال ميكننا الوقوف على ذلك‬
‫� إال بالرجوع � إىل تواريخ العقود‪.‬‬
‫ويف امليدان ال�ضريبي‪ ،‬جند امل�شرع حدد للأ �شخا�ص �أجال لأ داء واجبات الت�سجيل‬
‫يحت�سب من تاريخ � إبرام العقد‪ .‬وعليه ف� إن الإدارة تعتمد على هذا التاريخ يف فر�ض‬
‫الغرامات الالزمة على الذين مل يحرتموا الأ جل املحدد(‪.)1‬‬
‫كما �أن للتاريخ دورا مهما يف الرتجيح بني البينات‪ ،‬فقد �أ�شار الفقيه الزرقاين يف‬
‫�شرحه ملخت�صر ال�شيخ خليل � إىل �أنه � إذا ح�صل تعار�ض بني بينتني وكانت � إحداهما‬
‫فقط م�ؤرخة قدمت على التي ال تاريخ لها‪� .‬أما � إذا كانتا معا م�ؤرختني فتقدم �أ�سبقهما‬
‫تاريخا(‪.)2‬‬
‫وي�شري اللخمي بدوره � إىل تقدمي البينة الأ �سبق تاريخا حتى ولو كانت البينة الأ خرى‬
‫�أعدل(‪.)3‬‬
‫ف�إذا بيع امللك الواحد ل�شخ�صني خمتلفني‪ ،‬وادعى كل منهما ملكيته‪ ،‬وجب الرجوع‬
‫� إىل تاريخ الر�سمني حيث يكون �صاحب الر�سم الأ �سبق تاريخا هو املالك(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬على �سبيل املثال جند الفقرة ‪ 1‬من املادة ‪ 5‬من مدونة الت�سجيل والتنرب تن�ص على ما يلي ‪:‬‬
‫«تخ�ضع للت�سجيل ولأ داء الواجبات داخل �أجل ثالثني (‪ )30‬يوما‬
‫�ألف ابتداء من تاريخ � إن�شائها ‪:‬‬
‫‪ -‬املحررات واالتفاقات‪.»...‬‬
‫(‪� )2‬شرح الزرقاين على خمت�صر ال�شيخ خليل – اجلزء ال�سابع ‪ -‬دار الفكر بريوت‪� -‬ص‪.209 .‬‬
‫(‪ )3‬حممد بن �أحمد ميارة الفا�سي – �شرح الأ رجوزة امل�سماة حتفة احلكام للقا�ضي �أبي بكر حممد بن عا�صم‬
‫الأ ندل�سي الغرناطي‪ -‬اجلزء الأ ول‪ -‬دار الفكر بريوت ‪� -‬ص‪.92 .‬‬
‫(‪� )4‬أبو العبا�س �أحمد بن يحيى الون�شري�سي – املنهج الفائق واملنهل الرائق واملعنى الالئق ب�أداب املوثق و�أحكام‬
‫الوثائق‪ -‬درا�سة وحتقيق لطيفة احل�سني‪ -‬طبع وزارة الأ وقاف وال�ش�ؤون الإ�سالمية‪ - 1977 -‬مطبعة ف�ضالة‬
‫املحمدية �ص‪.375 .‬‬

‫‪178‬‬
‫وقد جاء يف هذا ال�ش�أن عن �سمرة عن النبي � �أنه قال ‪�« :‬أميا امر�أة زوجها وليان‬
‫فهي للأ ول منهما‪ ،‬و�أميا رجل باع بيعا من رجلني فهو للأ ول منهما»‪� .‬أخرجه الرتمذي‬
‫يف �سننه(‪.)1‬‬
‫ونظرا ملا للتاريخ من �أهمية‪ ،‬حيث يعول عليه يف ترجيح البينات عند تعار�ضها‪ ،‬ن�سوق‬
‫بع�ض الأ مثلة التي تبني لنا ذلك‪.‬‬
‫عندما يدعي رجالن على امر�أة �أنهما تزوجاها‪ ،‬ويخرج كل منهما ر�سم �صداق‪ ،‬هنا‬
‫يرجع � إىل الر�سمني للحكم ب�أنها زوجة �صاحب الر�سم الأ �سبق تاريخا(‪.)2‬‬
‫وكذلك ال�ش�أن عندما يقع �شراء على ملك واحد‪ ،‬ولكل من امل�شرتين بينته‪ ،‬فالبد هنا‬
‫من الرجوع � إىل تاريخ البينات‪ ،‬للحكم ب�أن امللك هو ل�صاحب البينة الأ �سبق تاريخا(‪.)3‬‬
‫وثمة ر�سوم ت�ستوجب ذكر �ساعة التلقي‪ ،‬كما هو ال�ش�أن فيما يخ�ص وفاة �أحد‬
‫الأ �شخا�ص عندما يكون له قريب غائب تويف بدوره يف نف�س اليوم‪ ،‬فهنا البد من الرجوع‬
‫� إىل �ساعة الوفاة لنقرر من يرث منهما الآخر‪ .‬كما �أن التعار�ض قد يح�صل �أحيانا بني‬
‫بينتني م�ؤرختني ت�شهدان باحليازة ل�شخ�صني خمتلفني‪ ،‬هنا البد من اللجوء � إىل الرتجيح‬
‫بينهما على �أ�سا�س قدم التاريخ كما ق�ضى بذلك جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي الأ على يف‬
‫نازلة عر�ضت عليه(‪ .)4‬فما املق�صود هنا بقدم التاريخ ؟ لنفرت�ض �أننا �أمام بينتني الأ وىل‬
‫حررت بتاريخ ‪ 1995‬ت�شهد ل�صاحبها �أنه يحوز منذ ‪ ،1984‬والثانية حررت يف ‪ 1994‬ت�شهد‬
‫ب�أن �صاحبها يحوز منذ ‪ 1985‬فما هي البينة الأ رجح هنا ؟‬
‫نالحظ �أن البينة الأ وىل رغم �أن تاريخ حتريرها الحقا لتاريخ البينة الثانية ف�إنها هي‬
‫الأ رجح‪ ،‬لأ ن تاريخ بدء حيازة �صاحبها الذي هو ‪� 1984‬أقدم من التاريخ املتواجد بالبينة‬
‫الثانية الذي هو ‪ � .1985‬إذن فالعربة ال بقدم تاريخ حترير البينة ولكن بقدم تاريخ بدء‬
‫احليازة‪.‬‬

‫(‪ )1‬اجلامع ال�صحيح – �سنن الرتمذي‪ -‬لأ بي عي�سى حممد بن عي�سى بن �صورة‪ -‬حتقيق وتخريج وتعليق حممد‬
‫ف�ؤاد عبد الباقي‪ -‬اجلزء الثالث‪ -‬دار الفكر للطباعة والن�شر والتوزيع‪ -‬بدون تاريخ �ص‪.418 .‬‬
‫(‪ )2‬وثائق �سيدي حممد بناين ‪� :‬شرح الهواري‪� ،‬ص‪.32 .‬‬
‫(‪ )3‬حممد بن معجوز ‪ :‬و�سائل الإثبات يف الفقه الإ�سالمي‪� ،‬ص‪.337 .‬‬
‫(‪ )4‬احلكم عدد ‪ 152‬بتاريخ ‪ 26‬جمادي الثانية ‪ - 1344‬ق�ضية رقم ‪ - 737‬من�شور باملجلد الأ ول للأ حكام ال�صادرة‬
‫عن جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي الأ على‪ -‬مطبعة ف�ضالة ‪� - 1999‬ص‪.592 .‬‬

‫‪179‬‬
‫نخل�ص مما ذكر �أن للتاريخ �أهمية كربى يف ف�ض الكثري من النزاعات‪ ،‬لهذا جند‬
‫امل�شرع يف املر�سوم الأ خري ا�ستوجب ذكــره‬
‫بال�ساعة واليوم وال�شهر وال�سنة‪ ،‬بالتقومي الهجري وامليالدي‪ ،‬و�أن يكتب باحلروف‬
‫والأ رقام‪.‬‬
‫املبحث الرابع‬
‫البيانات املتعلقة مب�ستندات املحررات العدلية‬
‫تقوم املحررات العدلية على بع�ض امل�ستندات واملوجبات التي ينبغي ذكرها مع حتديد‬
‫بياناتها بكل تدقيق‪.‬‬
‫فقد ن�صت الفقرة الأ وىل من املادة ‪ 18‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪ 2008‬بهذا اخل�صو�ص‬
‫على ما يلي ‪:‬‬
‫« يتعني على العدل عند تلقي ال�شهادات مراعاة ال�شروط املقررة‪ ،‬وكذا ا�ستح�ضار‬
‫امل�ستندات الالزمة‪».‬‬
‫ف� إذا �أخذنا على �سبيل املثال ر�سم الزواج‪ ،‬وجب ذكر البيانات املتعلقة بال�شهادة‬
‫الإدارية‪ ،‬وورقة التعريف الوطنية‪ ،‬وال�شهادة الطبية‪ ،‬والإذن � إذا كانت احلالة تقت�ضي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫و� إذا تعلق الأ مر بعقار غري حمفظ‪ ،‬وجب الإ�شارة � إىل الر�سوم املثبتة لأ �صل امللكية‬
‫ومطالبة البائع با�ستح�ضار �شهادة � إدارية ت�شري � إىل �أن العقار لي�س ملكا جماعيا �أو‬
‫حب�سيا ولي�س من �أمالك الدولة(‪.)1‬‬
‫وعندما يتم الإ�شارة � إىل امل�ستندات‪ ،‬ينبغي على العدول ذكر رقمها وتاريخها والدائرة‬
‫التي �أقيمت فيها ومراجع الت�سجيل(‪.)2‬‬
‫ونظرا ملا لر�سوم الإراثة من �أهمية فقد �أوجب امل�شرع على العدول ذكر الورثة‬
‫الرا�شدين واملحجورين مع �ضرورة الإ�شارة � إىل موجب الإي�صاء �أو التقدمي‪ ،‬وذكر عدده‬
‫وتاريخه‪ ،‬وا�سم املحكمة التي حرر بها حتى ي�سهل الرجوع � إليه عند االقت�ضاء(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬الفقرة الثانية من املادة ‪ 18‬من مر�سوم ‪� 28‬أبريل ‪.2008‬‬
‫(‪ )2‬الفقرة ال�سابعة من املادة ‪ 19‬من مر�سوم ‪� 28‬أبريل ‪.2008‬‬
‫(‪ )3‬الفقرة ال�ساد�سة من الف�صل اخلام�س من املن�شور‪ ،‬عدد ‪.14714‬‬

‫‪180‬‬
‫نخل�ص مما �سبق‪� ،‬أن املحررات العدلية لكي تكون �صحيحة‪ ،‬ينبغي �أن تت�ضمن كافة‬
‫امل�ستندات التي ي�ستلزمها امل�شرع‪ ،‬مع ذكر بياناتها بكل دقة‪ .‬و�أي تق�صري بهذا ال�ش�أن‬
‫�سيعر�ض العدل للم�س�ؤولية‪.‬‬

‫املبحث اخلام�س‬
‫البيانات املتعلقة بتوقيعات العدول‬
‫واملخاطبة على ال�شهادة امل�ؤداة‬
‫من البيانات التي يتطلبها امل�شرع ل�صحة الوثيقة‪ ،‬توقيع العدلني اللذين قاما بتلقي‬
‫ال�شهادة وحتريرها‪ ،‬وخطاب قا�ضي التوثيق عندما يكون العدالن قد �أديا �شهادتهما‬
‫عنده‪ ،‬وعليه �سندر�س هذا املبحث يف مطلبني كالتايل ‪:‬‬
‫املطلب الأ ول ‪ :‬توقي ــع العدليـن‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬املخاطبة على ال�شهادة امل�ؤداة‬

‫املطلب الأ ول‬


‫توقيع العدلني‬
‫لقد �أوجب امل�شرع على العدول و�ضع �شكلهم الكامل واملخت�صر لدى كتابة �ضبط‬
‫قا�ضي التوثيق الذي �سيمار�سون مهمة الإ�شهاد داخل دائرة نفوذه‪.‬‬
‫وقد ن�صت الفقرة الثالثة من املادة العا�شرة من قانون ‪ 16.03‬على ما يلي ‪:‬‬
‫«يتعني عليه مبجرد �أداء اليمني‪� ،‬أن ي�ضع �شكله الكامل واملخت�صر مبلفه الإداري‬
‫وب�سجل معد لذلك بكتابة �ضبط القا�ضي املكلف بالتوثيق الذي عني بدائرة نفوذه مع‬
‫الإدالء بن�سخة مطابقة للأ �صل من حم�ضر �أداء اليمني وبالعنوان الكامل ملقر املكتب‬
‫الذي �سيعمل به»‪.‬‬
‫ول�صحة الوثيقة البد �أن تت�ضمن توقيع عدليها وقد تعر�ض امل�شرع � إىل هذا الإجراء‬
‫حيث ن�ص يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 33‬من قانون ‪ 16.03‬على ما يلي‪.‬‬
‫«تذيل الوثيقة بتوقيع عدليها مقرونا با�سميهما مع التن�صي�ص دائما على تاريخ‬
‫التحرير»‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫وينبغي على العدلني عند و�ضع توقيعيهما �أن يكتب ا�سمه الكامل بخط وا�ضح(‪.)1‬‬
‫واملالحظ �أنه بالرجوع � إىل بع�ض املحررات‪ ،‬جند �أن بع�ض العدول ال يحرتمون هذه‬
‫املقت�ضيات � إذ غالبا ما يتم ذلك بطريقة خمتزلة وغام�ضة‪ ،‬ال ت�ستجيب للغاية التي‬
‫توخاها امل�شرع من وراء ا�شرتاط كتابة �أ�سماء العدول بو�ضوح‪ ،‬والتي هي ت�سهيل معرفة‬
‫�أوالئك الذين تلقوا ال�شهادة وحرروها‪ .‬لهذا نقرتح يف هذا ال�ش�أن �أن ي�ستعمل كل عدل‬
‫خامتا يت�ضمن ا�سمه بالكامل و�صفته وعنوان مكتبه‪.‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫املخاطبة على ال�شهادة امل�ؤداة‬
‫كانت الوثائق العدلية قبل �صدور ظهري ‪ 7‬يوليوز ‪ 1914‬املتعلق بتنظيم الق�ضاء ال�شرعي‬
‫يف بالدنا ت�أتي خالية من خطاب القا�ضي‪ � ،‬إال �أن الفقرة الثالثة من الف�صل الرابع من‬
‫اجلزء الثالث من هذا الظهري �أوجبت هذا الإجراء وجعلت كل وثيقة خالية منه بعد‬
‫�صدوره غري تامة وال ميكن االحتجاج بها(‪.)2‬‬
‫ويتم اخلطاب ح�سب املادة ‪ 38‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪ 2008‬بال�صيغة التالية ‪« :‬احلمد‬
‫هلل �أعلم ب�أداءها ومراقبتها» وحتى يتمكن القا�ضي من املخاطبة على الر�سوم البد �أن‬
‫ت�ؤدى ال�شهادات عنده‪.‬‬
‫فالأ داء ي�أتي بني مرحلتني‪ ،‬مرحلة حترير ال�شهادة ومرحلة املخاطبة عليها‪ .‬ف� إذا‬
‫مل تتم عملية الأ داء تبقى هذه ال�شهادة ال قيمة لها‪ ،‬و� إذا متت من قبل العدلني‪ ،‬ف� إن‬
‫ال�شهادة متر � إىل مرحلة املخاطبة التي ت�ضفي عليها ال�صفة الر�سمية‪.‬‬
‫واخلطاب ح�سب الفقرة الأ وىل من املادة ‪ 38‬ال�سابقة الذكر يجب �أن يتم مبداد �أ�سود‬
‫غري قابل للمحو و�أن ي�ضع قا�ضي التوثيق توقيعه مقرونا با�سمه مع و�ضع الطابع والإ�شارة‬
‫(‪ )1‬كانت الفقرة اخلام�سة والع�شرون من الف�صل التا�سع من املن�شور عدد ‪ 14714‬تن�ص يف هذا ال�ش�أن على ما يلي ‪:‬‬
‫«يجب على كل عدل بعد و�ضع عالمته يف ال�صك �أو يف كنا�ش جيبه �أو يف كنا�ش رفيقه �أن يحل عالمته وذلك‬
‫بكتابة ا�سمه وا�سم �أبيه وجده ولقبه �أو ن�سبه �أ�سفل العالمة بخط وا�ضح»‪.‬‬
‫(‪ )2‬تن�ص هذه الفقرة على ما يلي ‪:‬‬
‫«‪ ...‬مت يعلم القا�ضي على العقد ومي�ضيه وي�ضع خامته وي�ضمنه بكنا�ش املحكمة بظرف ثالثة �أيام من يوم‬
‫ترجيع الر�سم ل�صاحبه من طرف املوظف الذي قب�ض الأ داء‪.»...‬‬

‫‪182‬‬
‫� إىل تاريخ اخلطاب(‪ )1‬وذلك خالل �أجل ال ينبغي �أن يتعدى �ستة �أيام من تاريخ الت�ضمني‬
‫كما ينبغي �أن يكتب اخلطاب بخط يد قا�ضي التوثيق‪ ،‬ف� إذا جاء بخط �شخ�ص �آخر كان‬
‫الق�ضاء يق�ضي ببطالنه‪ ،‬ون�شري يف هذا ال�ش�أن � إىل قرار �صدر عن حمكمة اال�ستئناف‬
‫بالرباط بتاريخ ‪� 22‬أبريل ‪ 1936‬حيث �أبعدت ر�سم ملكية لكون عبارة اخلطاب كتبت بنف�س‬
‫اخلط الذي كتب به م�ضمون الر�سم مما يدل على �أنها متت بوا�سطة �شخ�ص �آخر غري‬
‫القا�ضي(‪.)2‬‬
‫و� إذا كان الأ �صل �أن ي�أتي اخلطاب يف الر�سم نف�سه‪ ،‬فما هو احلل عندما ي�ستغرق‬
‫االتفاق الر�سم بكامله ؟‬
‫يجوز يف هذه احلالة كتابة اخلطاب على ورقة �أخرى‪ � ،‬إال �أنه ينبغي اتخاذ االحتياطات‬
‫الالزمة حتى ال يتم � إل�صاق هذا اخلطاب بر�سم �آخر غريب‪ .‬لهذا يجب �أن ي�شار يف‬
‫الورقة امل�ضافة � إىل ما يثبت الر�سم الذي من �أجله مت هذا اخلطاب‪.‬‬
‫ويف هذا ال�ش�أن �أبعد جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي يف قراره ال�صادر بتاريخ ‪ 19‬نونرب‬
‫‪ 1916‬ر�سم ملكية من دائرة الإثبات لأ ن اخلطاب مل يرد يف نف�س الر�سم‪ ،‬بل مت على ورقة‬
‫�أل�صقت بالر�سم ومل تت�ضمن � إ�شارة � إىل الر�سم الذي من �أجله و�ضع هذا اخلطاب(‪.)3‬‬

‫املبحث ال�ساد�س‬
‫البيانات املتعلقة بالتعريف‬
‫بال�شهادة غري امل�ؤداة‬
‫كانت الر�سوم ال�صادرة قبل ظهري ‪ 7‬يوليوز ‪ 1914‬غري م�ؤداة عند القا�ضي‪ ،‬لأ ن‬
‫اخلطاب مل يكن مفرو�ضا �آنذاك‪ .‬وكانت هذه الر�سوم تعر�ض على �أنظار املحاكم‬
‫لالحتجاج بها بعد �صدور الظهري املذكور‪ ،‬فكيف تعامل الق�ضاء مع هذه الو�ضعية ؟‬
‫(‪� )1‬سئل القا�ضي �أبو عبد اهلل املكنا�سي عن حكم ر�سم ا�ستظهر به � إن�سان وعليه خطاب غري م�ؤرخ‪ ،‬و�أن القا�ضي‬
‫املخاطب مات معزوال‪ ،‬فادعى املحتج عليه بهذا الر�سم �أن اخلطاب مت بعد العزل‪ ،‬يف حني �صرح املدعى �أنه‬
‫مت قبل العزل‪ .‬فكان جواب هذا القا�ضي �أنه � إذا مل يكن للخطاب تاريخ يعلم به قدمه على عزله مل يعمل به‬
‫وال يلتفت � إليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬قـرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط �صادر بتاريخ ‪� 22‬أبريل ‪ ،1936‬من�شور مبجلة املحاكم املغربية رقم ‪.695‬‬
‫(‪ )3‬قرار جمل�س اال�ستئناف ال�شرعي �صادر بتاريخ ‪ 19‬نونرب ‪ 1916‬من�شور يف ‪:‬‬
‫‪Recueil de Jurisprudence chérifienne. Louis Milliot, Tome II, p. 181.‬‬

‫‪183‬‬
‫�صدر عن حمكمة اال�ستئناف بالرباط قراران يعك�سان موقفها من هذا املو�ضوع‪.‬‬
‫ففي قرارها ال�صادر بتاريخ ‪ 22‬نونرب ‪ 1927‬جندها �سارت يف اجتاه ال يخلو من خطورة‪،‬‬
‫حيث ق�ضت ب�إبعاد حمرر عديل غري خماطب عليه رغم � إنه مت قبل �صدور ظهري ‪ 7‬يوليوز‬
‫‪ .)1(1914‬وهذا االجتاه من �ش�أنه �أن يحرم العديد من الأ فراد من ر�سوم كانوا يعولون‬
‫عليها يف � إثبات حقوقهم‪ ،‬ويتنافى مع مقت�ضيات العدالة والإن�صاف‪ ،‬وغاية التوثيق التي‬
‫هي حفظ احلقوق و�صونها‪.‬‬
‫وبعد مرور ‪� 12‬سنة تقريبا من �صدور القرار ال�سابق‪ ،‬تراجعت حمكمة اال�ستئناف‬
‫بالرباط عن موقفها‪ ،‬وق�ضت يف قرارها ال�صادر بتاريخ ‪ 27‬دجنرب ‪ ،1939‬ب�أن الر�سوم‬
‫التي متت قبل �صدور ظهري ‪ 7‬يوليوز ‪ ،1914‬واملوقع عليها من طرف عدلني‪ ،‬تكون �صحيحة‬
‫رغم عدم املخاطبة عليها � إذا مت التعريف بتوقيعي العدلني(‪ .)2‬وانطالقا من هذا القرار‬
‫الأ خري‪� ،‬أ�صبحت مقت�ضيات الظهري ال�سابق ال تطبق � إال على املحررات العدلية التي متت‬
‫بعد �صدوره‪ ،‬ومل يكن الق�ضاء املغربي يرتدد يف � إبطال كل حمرر جاء خاليا من خطاب‬
‫القا�ضي‪ ،‬وهذا ما ق�ضى به املجل�س الأ على يف قرارين له‪ ،‬الأ ول �صادر بتاريخ ‪ 11‬مار�س‬
‫‪ ،)3(1970‬والثاين يف ‪ 2‬يوليوز ‪.)4(1985‬‬
‫لهذا ف� إن الر�سوم القدمية التي متت قبل �صدور الظهري املذكور والتي مل تكن حتمل‬
‫خطاب القا�ضي البد لالعتداد بها من التعريف بخطوط و�أ�شكال عدولها‪.‬‬
‫وعليه �سنق�سم هذا املبحث � إىل ثالثة مطالب نخ�ص�ص الأ ول مل�سطرة التعريف‬
‫باخلطوط والأ �شكال عند املوثقني ال�سابقني‪ ،‬والثاين مل�سطرة التعريف بالعدول‬
‫املن�صو�ص عليها يف املادة ‪ 21‬من مر�سوم ‪ ،2008‬ونخ�ص�ص الثالث لنموذجني للتعريف‬
‫بالعدول‪.‬‬

‫(‪ )1‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط �صادر بتاريخ ‪ 22‬نونرب ‪ 1927‬من�شور مبجلة املحاكم املغربية عدد ‪.298‬‬
‫(‪ )2‬قرار حمكمة اال�ستئناف بالرباط عدد ‪� 259‬صادر بتاريخ ‪ 27‬دجنرب ‪ ،1939‬وارد يف مقال هرني برينو ال�سابق‪،‬‬
‫�ص‪.136 .‬‬
‫(‪ )3‬قرار مدين عدد ‪� 45‬صادر بتاريخ ‪ 11‬مار�س ‪ 1970‬من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على عدد ‪ ،16‬ال�سنة الثانية‪،‬‬
‫�أبريل ‪� ،1970‬ص‪.40 .‬‬
‫(‪ )4‬قرار عدد ‪� 920‬صادر بتاريخ ‪ 2‬يوليوه ‪ - 1985‬من�شور مبجلة ق�ضاء املجل�س الأ على‪ -‬ال�سنة الثانية ع�شرة‪،‬‬
‫دجنرب ‪ - 1987‬العدد ‪� ،40‬ص‪.140 .‬‬

‫‪184‬‬
‫املطلب الأ ول‬
‫م�سطرة التعريف باخلطوط‬
‫والأ �شكال عند املوثقني ال�سابقني‬
‫حظي مو�ضوع التعريف باخلطوط والأ �شكال من قبل ه�ؤالء املوثقني باهتمام كبري‪،‬‬
‫ويف هذا ال�ش�أن قال املتيطي ‪:‬‬
‫«ال تقبل ال�شهادة على اخلط � إال من الفطن العارف باخلطوط وممار�ستها‪ ،‬وال‬
‫ي�شرتط فيه �أن يكون �أدرك ذا اخلط‪.)1(»...‬‬
‫وعندما ال يكون ال�شاهد قد عا�صر �صاحب اخلط ومل يكن يعرفه وتعرف عن خطه‬
‫فقط‪ ،‬فال ينبغي عليه عندما يحرر ر�سم التعريف �أن ي�شري ب�أنه كان بو�سم العدالة وقبول‬
‫ال�شهادة‪ ،‬وهذا ما �أ�شار � إليه ناظم العمل الفا�سي ‪:‬‬
‫م ــوت بو�س ــم ما علي ــه ع ـ ـ ــدال‬ ‫و�شــاع يف الرفــع ال�شه ــادة على‬
‫بجهله فاخلــط يكفــي �شاهـ ــده‬ ‫وذاك مم ــا لي ــ�س فيه فائـ ـ ــدة‬
‫(‪)2‬‬
‫نعرف من �أحوالهم ما جهـال‬ ‫ف� إنن ــا نـ ـع ـ ــرف خط ـهـ ـ ـ ــم وال‬
‫وقال القا�ضي ابن �سودة رحمه اهلل بهذا ال�ش�أن ‪:‬‬
‫«علم حال ال�شاهد وقت �شهادته من عدالة وجرحة واال�ستمرار على ذلك من املتعذر‪،‬‬
‫وقد جرى العمل بالتنبيه عليه‪ ،‬و� إن مل يعلم ف�إننا ن�شهد على خط من قبلنا وال ندري هل‬
‫كان عدال حني ال�شهادة وهل ا�ستمر على ذلك � إىل املمات �أم ال مع حتقق خطه‪ .‬فال�شهادة‬
‫بذلك مع جهله مما ال فائدة له»‪.‬‬
‫وقال ابن فرحون � إن الإ�شارة يف وثيقة التعريف � إىل �أن ال�شاهد كان بو�سم العدالة‬
‫وقبول ال�شهادة يف تاريخ ال�شهادة املذكورة وبقي على ذلك � إىل �أن تويف �أو � إىل �أن غاب‬
‫يكون مطلوبا � إذا كان ال�شاهد يعلم عدالة �صاحب اخلط‪� ،‬أما � إذا مل يكن يعلم ذلك �أي‬
‫بعدالة �صاحب اخلط واال�ستمرار على ذلك � إىل حني تاريخ ال�شهادة فعليه �أن ميتنع عن‬
‫ذلك‪ ،‬و�أ�شار �أي�ضا � إىل �أن النا�س �أ�صبحوا يت�ساهلون يف ذلك ويكتبون ذلك يف وثائقهم‬

‫(‪ )1‬النوازل اجلديد الكربى ملوالي املهدي الوزاين‪ ،‬ج‪ .‬التا�سع‪� ،‬ص‪.184 .‬‬
‫(‪ )2‬املجموع الكامل للمتون‪ ،‬املرجع ال�سابق �ص ‪.572‬‬

‫‪185‬‬
‫حتى ولو مل يكونوا يعلمون بعدالة �صاحب اخلط ولهذا ينبغي اعتبار ذلك من قبيل‬
‫التلفيف الذي يجب �أن يلغى من الوثيقة(‪.)1‬‬
‫ويجب �أن ي�شهد على اخلط �أو ال�شكل عدالن‪ ،‬وهذا ما ن�صت عليه حتفة ابن‬
‫عا�صم ‪:‬‬
‫فــيه بعـ ــدلني ويف املال اقتفـ ــى‬ ‫وخط عدل مات �أو غاب اكتفى‬
‫(‪)2‬‬
‫يف كل �شــيء وبـه الآن العمــل‬ ‫واحلب�س �أن يقدم وقيل يعتم ــل‬
‫وما جاء �أي�ضا يف العمل الفا�سي ‪:‬‬
‫عا�صر �أو �سواه من �أهل الزمن‬ ‫ورفع عــدلني على خط ــوط من‬
‫(‪)3‬‬
‫من الر�س ــوم وتال�شــت بفنــا‬ ‫وعـ ـ ــدم احلكـم بــما قد عين ـ ــا‬
‫وهذا ما �أفتى به �أبو احل�سن ال�صغري(‪ )4‬وما ذهب � إليه ال�شيخ �أبو ال�شتاء بن احل�سن‬
‫العازي احل�سيني(‪.)5‬‬
‫ولهذا ف� إذا حرر العدل ال�شهادة وو�ضع �شكله عليها‪ ،‬لكن حال مانع من املوانع دون‬
‫�أدائها عند القا�ضي للخطاب عليها ب�أن مات �أو غاب �أو عزل‪ ،‬ف�إن �شهادته هذه ال تكون‬
‫لها قيمة � إال � إذا مت التعريف بها من قبل عدلني اثنني‪.‬‬
‫وبالإ�ضافة � إىل ما �سبق يجب �أن ي�ضع العدالن �شكليهما على وثيقة الرفع‪ ،‬مع ذكر‬
‫ا�سميهما حتى ميكن للخ�صم الإعذار فيهما عند االقت�ضاء(‪.)6‬‬
‫كما يجب �أن يكون الرافع على اخلط ذا فطنة ونباهة(‪ )7‬و�أن يكون له خربة ودراية‬
‫ب�أ�شكال العدول وخطوطهم(‪ .)8‬ويف هذا ال�ش�أن ن�شري � إىل ما جاء عن ال�شيخ � إبراهيم‬
‫(‪� )1‬شرح العمل الفا�سي ملحمد ال�سجلما�سي الرباطي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.308 .‬‬
‫(‪ )2‬املجموع الكامل للمتون‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.486 .‬‬
‫(‪ )3‬املجموع الكامل للمتون‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.572 .‬‬
‫(‪� )4‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.315,‬‬
‫(‪ )5‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪� -‬أبو ال�شتاء بن احل�سن الغازي احل�سبي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.712 .‬‬
‫(‪ )6‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.454 .‬‬
‫(‪� )7‬شرح الزرقاين يف خمت�صر ال�شيخ خليل‪ ،‬اجلزء ال�سابع‪� ،‬ص‪.184 .‬‬
‫(‪ )8‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.453 .‬‬

‫‪186‬‬
‫بن هالل يف الدر النثري عن ابن عرفة �أن القا�ضي ابن عبد ال�سالم منع �أحد ال�شهود‬
‫من الرفع على خط �شاهد متوفى‪ ،‬ف�أخربه ب�أن �سبب منعه من ذلك لي�س لأ نه مل يدرك‬
‫�صاحب هذا اخلط املراد التعريف به‪ ،‬بل لكونه ال معرفة له باخلطوط(‪.)1‬‬
‫ويجب على الرافع على اخلط �أن يعرف اخلط معرفة تامة‪ ،‬ويت�أكد من �أنه غري مزور‬
‫عليه‪.‬‬
‫و�أخريا ينبغي �أن يكون �سبب التعريف باخلط �أو ال�شكل هو وفاة ال�شاهد �أو غيبته‬
‫غيبة بعيدة �أو عزله من اخلطة(‪.)2‬‬
‫وقبل االنتهاء من احلديث عن موقف املوثقني ال�سابقني من عملية التعريف باخلطوط‬
‫والأ �شكال‪ ،‬ن�شري � إىل �أن الأ ئمة اختلفوا يف حتديد جمال � إعمال ال�شهادة على اخلط‪،‬‬
‫فح�سب مطرف وابن ماج�شون ف� إنها ال جتوز � إال يف الأ موال‪ .‬وقال ابن �سهل ال جتوز هذه‬
‫ال�شهادة � إال يف الأ حبا�س‪� ،‬أما ابن ر�شد ف�أجازها يف الأ حبا�س وما جرى جمراها(‪ .)3‬وقال‬
‫ابن زرب ‪« :‬ال�شهادة على اخلط جائزة يف مذهب مالك رحمه اهلل يف جميع الأ �شياء»(‪.)4‬‬
‫وقال البع�ض يعمل ب�شهادة العدلني على اخلط يف كل �شيء حتى يف النكاح والطالق‬
‫واحلدود وهذا ما جرى به العمل(‪.)5‬‬
‫املطلب الثاين‬
‫م�سطرة التعريف بالعدل‬
‫وفق املادة ‪ 21‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪2008‬‬

‫ن�صت املادة ‪ 21‬من مر�سوم ‪� 28‬أكتوبر ‪ 2008‬ما يلي ‪:‬‬


‫«� إذا تويف عدل �أو زالت عنه ال�صفة �أو انتقل �أوفقد �أهليته �أو عاقه عائق �أخر عن‬
‫الأ داء بعد �أن تلقى �شهادة ب�صفة قانونية و�أثبتها يف كنا�ش اجليب املعمول به �سابقا‬
‫�أو يف مذكرة احلفظ ؛ كلف القا�ضي املكلف بالتوثيق‪ -‬بناء على طلب يقدم � إليه من‬
‫(‪� )1‬شرح العمل الفا�سي‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.318,‬‬
‫(‪ )2‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.453 .‬‬
‫(‪ )3‬التدريب على حترير الوثائق العدلية‪ ،‬اجلزء الثاين‪� ،‬ص‪.712 .‬‬
‫(‪� )4‬أبو احل�سن بن عبد اهلل بن احل�سن النباهي املالقي الأ ندل�سي ‪ -‬تاريخ ق�ضاة الأ ندل�س ‪ -‬املكتب التجاري‬
‫للطباعة والن�شر والتوزيع – بريوت لبنان‪ -‬بدون تاريخ ‪� -‬ص‪.205 .‬‬
‫(‪� )5‬أحكام الأ حكام على حتفة احلكام ‪ :‬حممد بن يو�سف الكايف على منظومة �أبي بكر حممد بن حممد بن عا�صم‬
‫الأ ندل�سي الغرناطي‪ ,‬الطبعة الثالثة ‪ ،1981‬دار الفكر‪� ،‬ص‪.32 .‬‬

‫‪187‬‬
‫ذوي امل�صلحة – عدلني للتعريف به مع � إدراج ن�ص ال�شهادة مو�ضوع التعريف يف مذكرة‬
‫احلفظ لأ حد العدلني املعرفني �ضمن �شهادة التعريف ثم يحرر ر�سم بذلك وي�ضمن‬
‫ب�سجل الت�ضمني يعترب ر�سم التعريف بعد اخلطاب عليه مبثابة �أ�صل‪.»...‬‬
‫�أ�شارت هذه املادة � إىل احلالة التي تلقى فيها العدل ال�شهادة بكيفية قانونية و�أدرجها‬
‫يف كنا�ش اجليب �أويف مذكرة احلفظ ووقع عليها ثم توفى �أو زالت عنه �صفة االنت�صاب‬
‫� إىل اخلطة �أو انتقل �أو فقد �أهليته �أو عاقه عائق �آخر عن �أداء ال�شهادة عند قا�ضي‬
‫التوثيق‪ .‬ولقد و�ضع امل�شرع لهذه احلالة م�سطرة للتعريف بهذا العدل وهي كالتايل ‪:‬‬
‫‪ - 1‬يجب على �صاحب امل�صلحة �أن يقدم طلبا � إىل قا�ضي التوثيق‪ ،‬يعرب فيه عن‬
‫رغبته يف احل�صول على ر�سم ب�شهادته التي مل ت�ؤد �أمامه‪.‬‬
‫‪ - 2‬يقوم قا�ضي التوثيق باالطالع على هذه ال�شهادة املدونة يف مذكرة احلفظ‪ ،‬للت�أكد‬
‫من كونها تتوفر على جميع ال�شروط املطلوبة مبا فيها توقيع العدلني‪.‬‬
‫‪ - 3‬يف حالة كون ال�شهادة �صحيحة‪ ،‬يكلف قا�ضي التوثيق عدلني للقيام بالتعريف‬
‫بالعدل �صاحب ال�شهادة غري امل�ؤداة‪.‬‬
‫واملالحظ هنا �أن امل�شرع يف املادة ‪ 21‬ا�ستعمل تعبري «التعريف بالعدل» عو�ض ما كان‬
‫ي�ستعمله الفقهاء واملوثقون ال�سابقون «التعريف بخطوط و�أ�شكال العدول» وهذا راجع‬
‫� إىل كون اخلطة قدميا مل تكن منظمة كما هو ال�ش�أن حاليا‪ .‬فلم يكن العدول يعينون‬
‫بقرار من وزير العدل‪ ،‬ومل يكونوا ي�ضعون �أ�شكالهم بكتابة �ضبط املحكمة ومل تكن‬
‫لهم مذكرات حفظ‪ ،‬ومل تكن هناك �سجالت لت�ضمني ال�شهادات‪ ،‬وهذا كله جعل مهمة‬
‫التعريف بال�شهادات �سابقا مهمة �صعبة‪ ،‬وا�ستدعى نوعا من االحتياط حتى ال يت�سبب‬
‫هذا التعريف يف �ضياع حقوق النا�س و�أموالهم‪ .‬لهذا جند املعرف بال�شهادة يبحث �أوال‬
‫يف ال�شاهد هل كان فعال بو�سم العدالة وقبول ال�شهادة وا�ستمر على هذه احلال � إىل‬
‫تاريخ � إيقاع �شهادته‪ .‬ثم يت�أكد بعد ذلك من كون اخلط الذي كتب به الر�سم هو خطه‪،‬‬
‫وال�شكل املو�ضوع �أ�سفل ال�شهادة هو �شكله‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للحالة التي �أ�شارت � إليها املادة ‪ ،21‬ف�إن م�سطرة التعريف بالعدل املطلوبة‬
‫لي�ست �صعبة‪ ،‬وهذا راجع � إىل التنظيم الدقيق الذي �أ�صبحت تعرفه خطة العدالة‪.‬‬
‫فعملية التعريف هذه ال تن�صب على العدل نف�سه طاملا �أنه معني بقرار من وزير العدل‪،‬‬
‫وال تن�صب على خط ال�شاهد لأ ن ال�شهادة ال تكتب دائما بخطه يف مذكرة احلفظ‪ ،‬فقد‬
‫تكتب بخط زميله يف مذكرة حفظه ويقت�صر دوره هو يف التوقيع على هذه ال�شهادة يف‬
‫‪188‬‬
‫احلالة التي يكون فيها التلقي قد مت من قبل العدلني معا يف �آن واحد‪ ،‬بل تن�صب عملية‬
‫التعريف على توقيع هذا العدل وهذا لي�س �أمرا �صعبا لأ ن توقيعه موجود يف مذكرات‬
‫حفظه‪ ،‬وكذلك يف كتابة �ضبط القا�ضي املكلف بالتوثيق الذي كان معينا بدائرة نفوذه‪.‬‬
‫ومن بني الإجراءات التي ينبغي على العدلني القيام بها طبقا للمادة ‪ 21‬من املر�سوم‬
‫املذكور ‪:‬‬
‫‪ � -‬إدراج �شهادة التعريف يف مذكرة �أحد العدلني املعرفني‪ ،‬وهذه ال�شهادة يجب‬
‫الن�ص فيها على ال�شهادة املراد التعريف بها‪.‬‬
‫‪ -‬حترير ر�سم يت�ضمن �شهادة التعريف‪.‬‬
‫‪ -‬ت�ضمني ر�سم التعريف ب�سجل الت�ضمني‪.‬‬
‫‪ -‬تقدمي ر�سم التعريف لقا�ضي التوثيق للمخاطبة عليه‪.‬‬
‫‪ -‬ت�سليم هذا الر�سم املعترب مبثابة الأ �صل � إىل املعني بالأ مر‪.‬‬

‫املطلب الثالث‬
‫منوذجان للتعريف بالعدول‬
‫حتى يتم الوقوف على كيفية حترير ر�سوم التعريف‪ ،‬ن�سوق هنا منوذجني يتعلق الأ ول‬
‫بالتعريف بعدل من خالل ر�سم‪ ،‬والثاين بالتعريف بعدل من خالل مذكرة احلفظ‪،‬‬
‫وذلك يف فقرتني ‪:‬‬
‫الفقرة الأ وىل ‪ :‬منوذج للتعريف بعدل من خالل ر�سم‬
‫احلمد هلل يف ال�ساعة‪ ...‬من يوم‪ ...‬وبعد التكليف ال�صادر عن قا�ضي التوثيق حتت‬
‫عدد‪ ...‬بتاريخ‪ ....‬بناء على طلب ال�سيد‪ ....‬باعتباره طرفا يف ال�شهادة‪ ،‬تلقينا مبكتبنا‬
‫طلب � إ�شهاد بالتعريف املدرج مبذكرة احلفظ للعدل الأ ول رقم‪ ...‬عدد‪� ...‬صحيفة‪ ...‬ن�ص‬
‫الر�سم املل�صق �أعاله يليه ن�صه ‪:‬‬
‫«احلمد هلل وحده مبقطع عدد‪ ...‬عن � إذن من يجب �سدده اهلل بعدد‪ ...‬يعرف الوا�ضع‬
‫�شكله عقب تاريخه ال�سيد‪ ...‬ال�ساكن بكذا‪ ...‬املعرفة الكافية بها ومعها ي�شهد ب�أن له‬
‫وبيده ويف ملكه ماال من ماله وملكا تاما من جملة �أمالكه جميع قطعة �أر�ضية ت�سمى‪...‬‬
‫الكائنة‪ ...‬يحدها قبلة‪ ...‬وغربا‪ ...‬وميينا‪ ....‬و�شماال‪ ...‬م�ساحتها التقريبية‪....‬‬

‫‪189‬‬
‫يت�صرف فيها ت�صرف املالك يف ملكه وذي املال ال�صحيح يف ماله‪ .‬كان ين�سبها لنف�سه‬
‫والنا�س ين�سبونها � إليه هذه مدة من‪� ...‬سنة �سلفت عن تاريخه‪ .‬من غري منازع نازعة‬
‫فيها طوال املدة املذكورة وال يعلمه باعها وال وهبها وال ت�صدق بها وال فوتها وال خرجت‬
‫عن ملكه بناقل �شرعي � إىل الآن كل ذلك يف علمه و�صحة يقينه علم ذلك باملجاورة وبه‬
‫قيد �شهادته م�س�ؤولة منه ل�سائلها وحرر يف‪....‬‬
‫وعبد ربه ب�شكله‪.‬‬ ‫عبد ربه ب�شكله‪.‬‬
‫احلمد هلل اخلط والعالمة الأ وىل هي للعدل‪ ....‬والعالمة الثانية العاطفة عليه هي‬
‫للعدل‪ ...‬كالهما كانا يف التاريخ املذكور من العدول املنت�صبني لل�شهادة بدائرة املحكمة‬
‫االبتدائية‪ � ...‬إىل �أن تويف الأ ول رحمه اهلل وغاب الثاين غيبة توجب الرفع على خطه‪.‬‬
‫�شهد بذلك عارفاهما معرفني بهما وحرر بتاريخ‪...‬‬
‫عبد ربه ب�شكله‬ ‫عبد ربه ب�شكله‬
‫احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬منوذج للتعريف بعدل من خالل مذكرة احلفظ‬


‫احلمد هلل وحده يف ال�ساعة‪ ...‬من يوم‪ ....‬من �شهر‪ ....‬من عام‪ ....‬وبعد التكليف‬
‫ال�صادر عن قا�ضي التوثيق‪ ....‬حتت عدد‪ ...‬بتاريخ بناء على طلب ال�سيد‪ ....‬باعتباره‬
‫طرفا يف ال�شهادة‪ ،‬تلقينا مبكتبنا طلب التعريف املدرج مبذكرة احلفظ للعدل الأ ول‪...‬‬
‫عدد‪� ...‬صحيفة‪ ...‬ن�ص ال�شهادة ‪« :‬احلمد هلل وحده يف ال�ساعة‪ ...‬من يوم‪ ...‬تلقى‬
‫العدالن ال�سيد‪ ....‬وال�سيد‪ ....‬التابعان لق�سم التوثيق باملحكمة االبتدائية‪ ......‬الإ�شهاد‬
‫الآتي املدرج مبذكرة احلفظ رقم‪ ...‬لكاتبه حتت عدد‪� ...‬صحيفة‪ ...‬ن�صه‪ ....‬ا�شرتى‬
‫بحول اهلل وقوته ال�سيد‪ ....‬املغربي اجلن�سية واملزداد‪ ....‬مهنته‪� ....‬سكناه‪ ...‬بطاقته‬
‫الوطنية رقم‪ ...‬بتاريخ‪ ....‬من البائع له ال�سيد‪ .....‬املغربي اجلن�سية واملزداد بتاريخ‪....‬‬
‫مهنته‪� ....‬سكناه‪ ....‬بطاقته الوطنية رقم‪ ....‬بتاريخ‪ ....‬جميع قطعة �أر�ض الكائنة‪....‬‬
‫م�ساحتها التقريبية‪ ....‬يحدها قبلة‪ ....‬وجنوبا‪ ....‬و�شماال‪ ....‬وغربا‪ ....‬اململوكة للبائع‬
‫مبقت�ضى ر�سم ملكية م�ضمن بعدد‪� ....‬صحيفة‪� ....‬سجل الأ مالك رقم‪ ...‬بتاريخ‪...‬‬
‫بتوثيق‪ ....‬ا�شرتاء �صحيحا تاما جائزا ناجزا دون �شرط يف�سده وال ثنيا وال خيار بثمن‬
‫قدره‪ ....‬حازه البائع اعرتافا وابر�أه منه فربئ ومتلك امل�شرتي م�شرتاه املذكور متلكا‬
‫‪190‬‬
‫تاما على ال�سنة يف ذلك واملرجع بالدرك بعد التقليب والر�ضى واحلوز من اجلانبني كما‬
‫يجب عرفا قدره �شهد عليهما وهما ب�أمته وعرفهما وحرر يف‪....‬‬
‫وعبد ربه ب�شكله»‬ ‫عبد ربه ب�شكله‬
‫احلمد هلل اخلط الذي �أدرجت به ال�شهادة يف مذكرة احلفظ رقم‪ ..‬والعالمة الأ وىل‬
‫هما للعدل‪ ...‬والعالمة الثانية العاطفة عليه هي للعدل‪ ...‬كالهما كان يف تاريخ ال�شهادة‬
‫من العدول املنت�صبني لل�شهادة بدائرة املحكمة االبتدائية‪ � ...‬إىل �أن توفيا رحمهما اهلل‬
‫�شهد بذلك عارفاهما معرفني بهما وحرر يف‪....‬‬
‫عبد ربه ب�شكله‬ ‫عبد ربه ب�شكله‬
‫احلمد هلل �أعلم ب�أدائها ومراقبتها‬

‫‪191‬‬
"
."
:
27 1 -
98 93 -
118 115 -
. 171 -

You might also like