Professional Documents
Culture Documents
الشهادة لغة واصطلاحاً (استرداد)
الشهادة لغة واصطلاحاً (استرداد)
بحث مبسط عن مدى أهمية التطرق لموضوع شهادة المرأة وكيف اجتهد
العلماء في بيان أهمية المرأة وأهمية وجودها واالدالء بشهادتها في بعض
المواقف ,وجاء هذا البحث استكماال لخطة مساق " الثقافة اإلسالمية"
.في جامعة البوليتكنك فلسطين
1
أهداف البحث
جاء هذا البحث بعنوان " شهادة النساء" ضمن مساق " الثقافة اإلسالمية" في
جامعة البوليتكنك فلسطين لعام 2020بحيث يناقش مواضيع تتعلق بكيفية
اهتمام اإلسالم واجتهاد العلماء المسلمين بشهادة المرأة في عدة مواضع تستعدي
ذلك ،وهذه المواضيع كالتالي:
ماهية الشهادة ومشروعيتها.
حكمة تشريع الشهادة
شروط الشاهد
صيغة الشهادة
هل شهادة المرأة أصل يعتمد عليه أم بظل يُصار اليه عند الضرورة ؟
القضاء بشهادة النساء.
الفروق الطبيعية بين الرجل والمرأة المؤثرة بالشهادة.
شبهات مزعومة حول شهادة النساء.
الشهادة تكليف ال تشريف.
ومع تعدد معاني الشهادة ،إال أنها ترجع بأكملها إلى أصول ثالثة فقط ،وهي( :الحضور والعلم
2
واإلعالم)
شهد ب /شهد على /مصدر َش ِهد من الشهود ،وهي بمعنى الحضور ،ومـأخـوـذةـ منـ اـلعـلمـ "أشـهدـ"ـ، ِ
3
ْ َ َ ْ ُ
ضرـهـ وـمنـهـ قوـلهـ تعـالـىـ " ِإنَّ ق ْرآنَ الف ْج ِر كانَ َمش ُهودً ا".
ونـقوـلـ شهـدـ اـلحـفلـ أيـ ح ـِ
4
ال َّشهَادَة اصطالحا ً:
ـي
ضاءـ) ِه َـ ش َهـاـ َـدةـ ا ْلـ َبـ ِّيـ َنـةِ ( ،فـيـ ا ْلـ َـق َـَأنـ يـخبـرـ ِبـ َـماـ رـأىـ َـوَأن يقـرـ ِبـ َـماـ علـمـ وـمجـموـعـ َمـاـ ي ْدـرـكـ بـالـحسـ َـوالـ َّـ
ـرةـ ُمـ َقـاـبلـ َـعالـمـ اْــل َـغْـيبـ َـوفِـيـ ـظاـ ِه َـَأ ْق َــوالـ اـل ُّشـ ُهـودـ َأ َمـاـمـ ِجـ َهـةـ قـضاـئيـة،ـ وعـالـمـ اـل َّشـ َهـا ـَدةـ َعاـلمـ األـكـواـن ال َّـ
5
الـَّـت ْنـ ِزـيـلـ ا ْلـ َعـ ِزـيـزـ { َو َس ُت َردُّونَ إلى َعال ِِم ا ْل َغ ْي ِب َوال َّش َها َد ِة}.ـ
عرّ فها الشافعية بأنها "إخبار بحق للغير على الغير بلفظ أشهد".
مشروعية ال َّشهادة:
الـشهـادـةـ مـشرـوعـةـ بـنصـ اـلقرـآنـ اـلكـريـمـ واـلسـنةـ الـنبـويـةـ اـلشـريـفة،ـ وـإجـماـعـ األـمـة أمـاـ اـلقرـآنـ اـلكـريـم،ـ
Eن َي ْكEُ Eت ْEم َEهاَ EفِEإ َّEن ُه EآثِEٌ Eم َق ْلُ EبEُ Eه" ،أـماـ اإلـجـماـع،ـ فهـوـ منـعقـدـ علـى فيـقوـلـ هللاـ عزـ وـجلـ " َوEاَل َت ْكُ Eتُ EمEوEا اEل َّ
شَ EهEا َEد َةEَ Eو َم ْE
مشـروـعيـةـ اـلشـهاـدةـ ،واـستـحبـاـبهـا،ـ وـلمـ يـخاـلفـ بـذلـكـ أـحدـ مـن الEعلEماEء E،أمEا اEلسنEة الEنبوEية اEلشEريفEة E،فما EروEاهE
اإلEمEام EمEسلEم – EرضEي Eهللا EعنEه E-عEن اEألEشعEث Eبن Eقيس E-رضي Eهللا Eعنه E-قال E:EكEان EبينEي وبيEن رجEل خصEومة EفيE
6بئر EفاختصEمنا EإلEى رسEول Eهللا - EصEلى هللا EعلEيه وEسلEم - EفقاEل(E( E:شEاهEداEك EأEو EيميEنه))E
3
والح َكمـ المرجوة ،وهي:
َ شرع هللا لعباده الشهادة؛ لتحقـق األهـداف المنشودة،
-1فصـلـ الـخصـومـاتـ وـالـمنـازـعاـتـ بيـن الـناـس،ـ عنـدـ تـعذـرـ إـقاـمةـ الـحجـة اـلمـوجـبـةـ لـلعـلـمـ فـيـ كــل
- 2يـدفـعـ هللاـ عن الـناـس بهـاـ وـباـلشـهـودـ إرـاقـةـ اـلدـماـء،ـ وـانـتهـاكـ اـألـعرـاض،ـ فـالـشهـوـدـ حـجة اإلـمــاـم،ـ
ت ض لَّ َف َ
س َد ِ ض ُهم ِب َب ْع ٍ وبـقوـلهـمـ تـنفـذ األـحـكاـم،ـ وبـهمـ قوـامـ اـلعـالـمـ فـيـ الـدنـياـ؛ـ لقـولـ اهللاـ "َ Eولَ ْواَل دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ
اس َب ْع َ
ض َو ٰلَكِنَّ هَّللا َ ُذو َف ْ
ض ٍل َعلَى ا ْل َعالَمِين" اَأْل ْر ُ
وبـوجـهـ عامـ ،الـحكـمةـ منـ تـشرـيعـ اـلشـهاـدةـ صيـانـةـ اـلحقـوقـ،ـ وـإثـباـتهـا،ـ فلـوـ لـمـ تـشرـعـ الـشهـادـةـ ألـمـكنـ أنـ
يضـيعـ كـثيـرـ مـن الـحقوـق،ـ ويـتعـذـرـ إـثبـاتـهاـ ألـصحـابـهاـ.1
أركان الشهادة
اخـتلـفـ اـلعـلمـاءـ فيـ ركـنـ الـشهـادـةـ إـلىـ قوـليـن:ـ
2
( ١الـقوـل األـوـل:ـ ذهـب الـحنـفيـة إـلىـ أن ركـن الـشهـادـةـ اـلصـيغـة فقـط.ـ
( ٢الـقوـل الـثاـنيـ:ـ ذهـب الـشاـفعـيةـ إلـىـ أنـ أـركـانـ اـلشـهاـدةـ خمـسةـ وـهيـ:ـ شـاهـد،ـ ومـشهـوـدـ له،ـ وـمشـهوـدـ
عليـه ،ومـشهـوـدـ به،ـ وـصيـغةـ.ـ وـحسـبـ أدـلة جمـهوـرـ اـلعـلمـاءـ الـ نجـدـ فـيهـاـ نصـاًـ صـريـحاًـ يسـتوـجبـ
االـقـتصـاـرـ علـىـ لفـظـ (أـشهـد)ـ عـندـ تـأدـيةـ اـلشـاهـدـ لشـهاـدتـهـ أـماـمـ اـلقاـضيـ،ـ فأـدلـتهـمـ تـأمـرـ بـأدـاءـ الـشهـادـةـ
3
ولـكنـهاـ الـ تفـيدـ وجـوبـ أـداـئهـاـ بـلفـظـ أـشهـد.ـ
صيغة الشهادة
يجب ان تؤديـ الشهادة شفاها ً امام المحكمة او القاضي مباشرة وجها ً لوجه ،النه اذا كذب اللسان او
سكت حيث يجب الكالم فان هيئة المرء وحالته وطريقة شهادته قد تنم عن الحقيقة او تساعد على
تقدير الشهادة ،ويجب ايضا ً ان ال يعتمد الشاهد في شهادته اال على ذاكرته ،وال يصح ان يسمح له
1ص - 211كتاب الفقه المنهجي على مذهب اإلمام الشافعي -الشهادات -المكتبة الشاملة الحديثة ،وجدت الكترونية من خالل هذا الرابط
https://al-maktaba.org/book/32558/1716#p12
4
بتالوة شهادة من ورقة مكتوبة او يستعين باية مذكرة اال اذا كانت شهادته على امر معقد او لمعرفة
ارقام وتواريخ مثالً بعد اذن المحكمة او القاضي حيث تسوغ ذلك طبيعة الدعوى.ويجب ايضا ً ان
تؤدي الشهادة في حضورـ الخصوم وإال كانت باطلة ،وال يخفى ان لكل خصم في الدعوى الحق في
سؤال الشاهد ومناقشته.
1
شروط الشاهد
اإلسالم :اشترط جمهور العلماء إسالم الشاهد ،وخالف الحنابلة والظاهرية في الشهادة في -1
السفر على الوصية وقالواُ :تقبل 2شهادة الكافر على المسلم في السفر لقوله تعالى في سورة
ان َذ َوا َعدْ ٍل ِّمن ُك ْم َأ ْو
ض َر َأ َح َد ُك ُم ا ْل َم ْوتُ حِينَ ا ْل َوصِ َّي ِة ا ْث َن ِ المائدة " َيا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا َ
ش َها َدةُ َب ْينِ ُك ْم ِإ َذا َح َ
ان مِنْ َغ ْي ِر ُك ْم" . َ
آخ َر ِ
البلوغ :اشترط جمهور العلماء البلوغ في أداء الشهادة لقول اهللا تعالى في سورة البقرة "و استشهدوا -2
شهيدين من رجالكم " فالصبي ليس من الرجال ألن الصبي ال يقبل إقراره على نفسه فشهادته على غيره
باألولى.
-العقل :اتفق جمهور العلماء على أن غير العاقل ال تقبل شهادته وليست له شهادة أصال .فال تصح
ً -3
شهادة غير العاقل إجماعاً ،ألنه ال يعرف الشهادة E،فكيف يقدر على أدائها ،وألنه ال يأثم بكذبه وال يتحرز
منه.
-النطق :ذهب جمهور العلماء إلى أن شهادة األخرس ال تقبل مستدلين بأن األخرس ال شهادة له ،ذلك بأن لفظة
ُ -4
الشهادة شرط لصحة أدائها وال عبارة لألخرس أصالً فال شهادة له.
البصر :ذهب اإلمام أبي حنيفة ومحمد إلى عدم قبول شهادة األعمى مطلقا ً وحجتهم في ذلك أنه البد من -5
معرفة المشهود له ،واإلشارة إليه عند الشهادة فإذا كان أعمى عند التحمل ال يعرف المشهود له من
غيره فال يقدر على أداء الشهادة.
أال يكون محدوداً في قذف :ومن شروط األداء التي تعود إلى الشاهد أال يكون محدودا في قذف لقوله
ً -6
ت لُ ِع ُنوا فِي ال ُّد ْن َيا َواآْل خ َِر ِة َولَ ُه ْم َع َذ ٌ
اب َعظِ ي ٌم".. ت ا ْل ُمْؤ ِم َنا ِ
ت ا ْل َغافِاَل ِ تعالى " ِإنَّ الَّذِينَ َي ْرمُونَ ا ْل ُم ْح َ
ص َنا ِ
الضبط وحسن السماع :فال تقبل شهادة المغفل وال المعروف بكثرة الغلط والسهو ألنه ال تحصل الثقة -7
3
بقوله وال يغلب على الظن صدقه.
العدل :هو ما اجتنب الكبائر ،ولم يصر على الصغائر ،وغلب صوابه ،واجتنب األفعال الخسيسة كاألكلE -8
في الطريق العام والبول ونحو ذلك وشرط الشاهد أن يكون عدالً لقول اهللا تعالى و أشهدوا ذوي عدل
منكم" ،والعدالة شرط لقبول الشهادة عند جمهور العلماءE.
1المصدر :رسالة ماجستيرـ بعنوان " رد شهادة العدل وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية في قطاع غزة " ألسامة أحمد عبدالرزاق ،
صفحة 23
2المغني البن قدامه
3د .مريم عبدالسالم بكر "شهادة النساء من منظور فقهي " ،العدد الثاني والثالثون ،الجزء الثالث ،صفحة ، 1020انظر الرابط
https://mksq.journals.ekb.eg/article_7752_b4bbfc33a0a06287990086043f6fc493.pdf
5
د .أن يكون مأمونا عند الغضب.
شهادة المرأة أصل ُيعتمد عليه أم بدل يصار إليه عند الضرورة؟
الرأي األول :األصل في شهادة النساء ال َقبول؛ لوجود ما تبتنى عليه أهلية الشهادة وهو :المشاهدة
والضبط واألداء ،ولكن تعتريها ُ
شبهة البدلية الشكلية ال الحقيقية؛ لقيامها مقام شهادة الرجال مع
إمكان العمل بشهادتهم؛ وألن البدل الحقيقي ال يُصار إليه مع القدرة على األصل غالبـاً ،فلـو كانت
حقيقية لكان العمل بها عند عدم وجود الرجال ،وليس األمر كما زعم علماء المالكية ،أن ظاهر
اآلية يقتضي أن ال تجوز شهادة النساء إال عند عدم شهادة الرجال ،بل إن النص يتناول حالة وجود
الرجال وعدم وجودهمـ وفي النص امر ألصحاب الحقوق بما يحفظون به حقوقهم.ـ فهوـ سبحانه
أرشدهم إلى أقوىـ الطـرق ،فـإن لم يقدروا على أقواها انتقلوا إلى ما دونها ،فإن شهادة الرجل الواحد
أقوى من شهادة المرأتين؛ ألن النساء يتعذر غالبا حضورهن مجالس الحكام ،وحفظهن وضبطهن
دون حفظ الرجال وضبطهم.ـ ف َقبول شهادتهما لم يكن لمعنى في الرجل ،بل لمعنى فيهماـ وهو العدالة
والضبط ،فـالمرأة العـدل كالرجل في الصدقـ واألمانة والديانة.
الرأي الثاني :شهادة النساء مع الرجال وشهادتهن منفردات شهادة ضرورة ال أصل ،فهي بـدل تقوم
مقام شهادة الرجل للضرورة؛ فاألصل فيها عدم ال َقبول؛ لذا ال ُتقبل شهادتهن في الحـدود ،وإنما
قبلت في األموال وتوابعها للضرورة ؛ ألن النساء -كما قيـل -يتصفن بنقصان العقل وقصورـ الوالية
واختالل الضبط ،فال يصلحن ألداء الشهادة ذات المرتبـة الرفيعة والمكانة العالية .وهذا ما ذهب إليه
الشافعية والمالكية وأخذت به الزيدية.
وسلك قانون اإلثبات السوداني مسلك ليس ببعيد عن هذا ،فقد نص على َقبـول شـهادة النساء عند
الضرورة ،سواء ُكنّ مع الرجال أو وحدهن .وذلك فيما حظره الـشرع أال وهـو الحدود .فقد جاء في
المادة 77من القانون المزعوم الصادر عام() 1983انه" :تثبت جريمة الزنا بشهادة أربعة رجال
1
عدول ،ويؤخذ عند الضرورة شهادة غيرهم"(يعني شهادة النساء).
6
وجود الرجال معهن ،وفي أي الحاالت ممكن َقبول شهادتهن وحدهن ،وهل يشترط
العدد ،أم تجـيز امرأة واحدة في ذلك1؟ إلجابة هذه األسئلة تم اعداد البحث.
قُ ّس مت الحاالت التي يجوز القضاء فيها بشهادة النساء ،إلى أربعة أقسام وهي على
النحو التالي:
رجل. وهي أن يؤدي الشهادة في محضر القاضي عدد من النساء ليس معهن
اتفق الفقهاء على ثبوت الدعوى أمام القضاء ،فيما ال يطلع عليه الرجـال ،كـالحيض والوالدة
والبكارة والثيوبة ،وما يخفى على الرجال من عيـوب النـساء ،بـشهادة النـساء وحدهن ،وقال
الرسول عليه السالم "شهادة النساء جائزة فيما ال يستطيعـ الرجال النظر إليه" ، 2وقدـ عل ّل الفقهاء
َقبول شهادة النساء منفردات فيما ال يطلع عليه الرجال بما يلي :
"حديث غريب رواه ابن أبي شيبة" ،من كتاب شهادة النساء د .علي أبو البصل ،ص155
7
-1أن الرجال ال يباشرون األمور الخاصة بالنساء في الغالب ،وألنهمـ ال يطلعون عليها ،ذهب إلى
هذا القول الحنفية.
-2عدم حضورـ الرجال لمثل هذه األمورـ الخاصة بالنساء ،هـذا مـا ذهـب إليـه الـشافعية والمالكية،
ما روي عن الزهري أنه قال" :مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما ال يطلع عليـه غيرهن ،من
والدات النساء وعيوبهن".
إن األمورـ الخاصة بالنساء ال يحضرهاـ الرجال غالبا ،وال يطلعون عليها في العادة ،فكان ال بد من
ثبوت هذه األحكام ،فوجب َقبول شهادة النساء على االنفراد؛ للـضرورة تحـصيالً للمصلحة؛ ألن
الحُجة إلثبات الحقوق مشروعة بحسب اإلمكان ،فلو لم تقبل شهادة النـساء في هذه األحوال لضاع
كثير من الحقوق ،وكما أن نظر الجنس إلى جنسه أخف ،فسقطت الذكورة في هذه الحاالت؛ ليخف
النظر منهم إلى عورات النساء ،لذلك تقبل فيه شهادتهن منفردات ،ألنها أشياء تراها بعينها ،أو
تلمسها بيدها ،أو تسمعهاـ بأذنها ،من غير توقف على عقل ،كالوالدة واالستهالل واالرضاعـ
والحيض وغيرها ،فإن مثل هـذا ال ينسى في العادة ،وال تحتاج معرفته إلى إعمال عقل؛ لذلك تقبل
شهادة النساء وحدهن.
الرأي الراجح 1:بعد عرض كل األدلة التي درات مناقشتها بين المذاهب األربعة ،فإن مـا ذهـب إلیـه
أصــحاب الــرأي األول القائــل :بجــوازـ قبــول شــهادة النــساء فــي كــل مــاال یطلــع علیــه
الرجــال مطلقاً ،سـواء كـان فـي :الرضـاعة ،أو االسـتهالل ،أو الـوالدة ،هـو األولـى بـالقبول؛ ألن
قبـول شـهادتهن علـى انفـراد تقـرر بأصـل الـشرع للـضرورة ،والـضرورة داعیة لقبول شهادتهن
فیها؛ ألن االستهالل والرضاعـ یقع دوما ً أمام أعینهن وسمعهن ،فكانـت درایتهن بحدوثهما أكیدة،
لهذا كانت الحاجة ماسة لقبول شهادتهن ،باإلضــافة إلــى أن األحنــاف أنفــسهم لــم یتفقــوا علــى
رأي واحــد فــي هــذه المــسألة ،فجــاء الخـالف فیهـا بـین الـصاحبین-أبـي یوسـف ومحمـد -وأبـي
حنیفة ،وهـذا یؤكـد مـا ذهبنـا إلیـه مـن قبول شهادتهن في االستهالل والرضاع،ـ واهللا أعلم.
الرَّ ضاع :شهادة النساء منفردات في الرضاع جائزة ،وتقع الفرقة بين الزوجين على إثـر ب-
شهادة النساء باإلرضاع ،واستدل اإلمام الشافعي لذلك بحديث عقبة بن الحارث ،حيث
شهدت امرأة واحدة أن عقبة وزوجته أخوين في الرضاعـ ،2ف َك ِره النبي لعقبة االستمرار
د .محمد زيدان زيدان "اإلثبات بشهادة النساء منفردات " ص 80مجلة جامعة األزهر ,غزة ,مجلة العلوم االنسانية 1
8
بعقد النكـاح بقولهـا ،وذلك ورعا ال حكماً ،كما قال اإلمام الشافعي-رحمه اهللا ،-ويستنبط من
الحديث أنه تجب على الرجل المفارقة .ولكن هناك رأي اخر :أن الرضاعـ مما يجوز أن
يطلع عليه الرجال من ذوي األرحام ،فال ضرورة ل َقبـول شـهادة النساء فيه على االنفراد؛
ألن َقبولـ شهادتهن بانفرادهن في أصول الشرع للضرورة ،وهي عـدم اطالع الرجال على
المشهود به ،فإذا جاز االطالع عليه من قبل الرجال ،لم تتحقق الضرورة ،بخالف الوالدة
التي ال يجوزـ ألحد فيها من الرجال ان يطلع عليها فدعت الضرورة للقبول بشهاداتهن
وحدهن.1
االستهالل :يقال :استهل الصبي بالبكاء :أي رفع صوته وصاح عند الوالدة ،فاالستهـالل هو ت-
الشيء الذي يُعلم به حياة الولد عند والدتـه كصوتـه وحركتـه وأمثالهما،ـ لكن إذا ا ّدعت
المرأة التي مات ولدها أثناء الوضع :أن ولدها وُ ضِ َع حيا ً حتى أنه بكى ،فطلبت حصة من
حصته الموروثة عن أبيه المتوفى ،فال تجوز شهادة النساء منفردات ،ال يقبل في ذلـك أقل
من رجلين أو رجل وامرأتين.
والطرد من الخير ،واللِّعان والمالعنة :اللَّعن بين َّ شهادات اللعان :اللَّعن في اللغة :اإلبعاد ث-
اثنين فصاعدا واللِّعان في االصطالح :هو ما شرعه القرآن بين الزوجين حينما يقذف
الرجل زوجه بالزنـا وال شهودـ لديه ،فيقسم أربع مرات باهلل إنه صادق في قذفه لها،
والخامسة أن لعنة هللا عليه إن كـان من الكاذبين .وإذا أرادت أن تبرئ نفسها ،وترد عنها
والحد أقسمت أربع مرات باهلل أنه كاذب ،والخامسة أن غضب اهللا عليها إن كان من َ التهمة
َ هَّللا
ض َب ِ َعل ْيها َ َأ َ
ِسة نَّ غ َ َ ْ َ ْ َ َّ هَّلل
ت ِبا ِ ِإن ُه لمِنَ الكاذِبِينَ َوالخام َ َ َأ ْ َ َأ
الصادقين ،لقوله تعالى " نْ تش َه َد ْر َب َع ش َها َدا ٍ
ِإنْ َكانَ مِنَ ال َّ
صا ِدقِينَ ".2
كانت هناك قوانين قديمـة في بعـض مقاطعات الهند تمنع النساء من دخول ساحة المحكمة ،وتكتفي
بأن توقفهن على عتبة الجلسة ألداء الشهادة .ومنها من لم تقبل النساء أصالً للشهادة .أما قانون مانو
" 3"Manouفقد كان يكتفي بشهادة رجل واحد ويفضلها على أي شهادة ألي عدد كان من النساء
مهما كن فاضالت .بينما طرحت القوانين الحديثة جانبا ً هذه التقاليد القديمة ،وسوت بين الرجل
والمرأة في قيمة الشهادة كمبدأ عام تاركة للقاضي حرية َقبولـ الشهادة وردها.
لكن اتفق الفقهاء المسلمين على جواز شهادة النساء مع الرجال ،عمال بقوله سبحانه وتعالىـ "
شهَدَ اءِ َأنْ َتضِ ل َّ ِإ ْح َدا ُه َما َف ُت َذك َر
ِّ ض ْونَ مِنَ ال ُّ ام َرَأ َت ِ
ان ِممَّنْ َت ْر َ ش ِهيدَ ْي ِن مِنْ ِر َجالِ ُك ْم َفِإنْ لَ ْم َي ُكو َنا َر ُجلَ ْي ِن َف َر ُجل ٌ َو ْ
ش ِهدُوا َ
اس َت ْ
َو ْ
ِإ ْحدَ ا ُه َما اُأْل ْخ َرى" ،ولكنهم اختلفوا في تحديد الحقوق التي تثبت بشهادة النساء مع الرجال ،من حيث
شهادة النساء في الحدود والقصاص ،وشهادتهن في الحقوق المدنية .
1د .محمد زيدان زيدان "اإلثبات بشهادة النساء منفردات " ص ,71مجلة جامعة األزهر ,غزة ,مجلة العلوم االنسانية
2سورة النور ,اية 6
3هو العقيدة الدينية للهنود القدماء ،وضع في القرن الثالث عشر قبل الميالد ،إلرشاد فئة البراهمة في السلوك اإلنـساني ،مـن حياتهم إلى مماتهم وهو عبارة
عن أبيات شعرية بلغت ( 2685بيتا ً) ،تتعلق بأمور الدين واألخالق واالقتصاد .لم يهـدف إلى تحقيق المساواة ،بل قسّم المجتمع إلى أربع طبقات ،طبقة
البراهمة (الكهنة) وطبقة المحاربين وطبقة الزراع والتجار وطبقة العمال .قانون مانو ،جوريسبيديا ،موسوعة القانون المشارك، .،
https://ar.jurispedia.org/index.php?title
9
شهادة النساء في الحدود 1والقصاص 2وفيه قولين
القول األول :قال بعدم قبول شهادة النساء في الحدود والقصاص ،وهذا القول لجمهور الفقهاء من
الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ،وجاء في المدونة" أرأيت شهادة رجل وامرأتين أتجوز
على شهادة رجل في القصاص قال ال تجوز شهادة النساء في الحدود وال في القصاص" ،3وأيضا
اجلِدُو ُه ْم َث َمانِينَ َج ْلدَ ًة َواَل َت ْق َبلُوا لَ ُه ْم َ
ش َهادَ ًة ت ُث َّم لَ ْم َيْأ ُتوا ِبَأ ْر َب َع ِة ُ
ش َه َدا َء َف ْ قوله تعالى " َوالَّذِينَ َي ْر ُمونَ ا ْل ُم ْح َ
ص َنا ِ
َأ َب ًدا ۚ وأولئك ُه ُم ا ْل َفاسِ قُونَ " ، 4وجه الداللة هنا تنصيص الحق سبحانه وتعالىـ على عدم ثبوت الزنا إال ً
بشهادة أربعة شهداء ،كما أن داللة اللغة تدل على مخالفة العدد المعدود تذكيراـ وتأنيث ، ،فهذا يدل
على اعتبار المذكر في هذه الشهادة دون المؤنث ولو كانت شهادة النساء مقبولة لكان النص (بأربع
5
شهداء).
القول الثاني :قالوا بجواز شهادة النساء في كل الحقوق على اإلطالق سواء مع الرجال أم منفردات
وهذا القول للظاهرية ،وقال ابن حزم " وال يجوزـ أن يقبل في الزنى أقل من أربعة رجال عدول
مسلمين ،أو مكان كل رجل امرأتان مسلمتان عدلتان ،فيكون ذلك ثالثة رجال وامرأتين ،أو رجلين
وأربع نسوة ،أو رجال واحدا وست نسوة ،أو ثمان نسوة فقط" .
القول الثاني :شهادة النساء في المال وما يقصد به المال ،ال خالف بين الفقهاء على قبول شهادة
النساء في المال كالبيع ،واإلقالة ،والحوالة ،والضمان ،والرهن ،بوجودـ رجل وامرأتين.
شهادة ال ُخنثى
وتخنث أي ت َثنى وت َكسر ،واالنخ ُ
ِناث :التثني والت َكسر.ـ َ ال ُخنثى في اللغة :يقال :خ َ
ِنث
اصطالحً ا :هو من له ذكر الرجال وفرج النساء .وسمي بال ُخنثى؛ ألن حاله تنقص عن حـال
الرجال ،ويفوق حال النساء.
الحدود هي عقوبة مقدرة شرعها هللا لحماية االنسان واألموال واألعراض ،ومقاديرها محددة من هللا وال يمكن تغييرهاـ . 1
القصاص ان يعاقب الجاني بمثل فعله بالمجني عليه فيقتل كما قتل ويجرح كما جرح وهي عقوبة مقدرة ال يمكن تغييرها. 2
3
التفريع في فقه اإلمام مالك بن انس 2-1ج ، 2انظر الرابط ?https://books.google.ps/books
id=JV9wDwAAQBAJ&pg=PT242&lpg=PT242&dq
4سورة النور ،اية 4
5شهادة النساء في الفقه اإلسالمي للدكتور علي أبو البصل صفحة 150
6شهادة النساء في الفقه اإلسالمي للدكتور علي أبو البصل صفحة 153
10
وال ُخنثى على قسمين مشكل وواضح ،فمن له اآللتان إن ظهرت فيه عالمات الرجـال حكم
بذكوريته ،وإن ظهرت فيه عالمات النساء حكم بأنوثته ،ويسمى من ظهرت فيه إحدى العالمتين
واضحا ،وإن وجدت فيه العالمات واستوت فيه فهو مشكل.
ويقع اإلشكال في األحكام الشرعية الواجبة له وعليه ،والذي نحن بصدده من األحكام الخاصة
بال ُخنثى ،الشهادة ،هل تقبل شهادته في جميع المواضع ملحقا بالرجال ،أم يلحق بالنـساء فتقبل
شهادته في بعض المواضع دون بعض.
اتفق العلماء أن األصل في شهادة ال ُخنثى المشكل الجواز؛ ألنه رجل أو امرأة ،وشـهادة الجنسين
جائزة بالنص ،وذلك إذا شهد مع رجل وامرأة ،فلو شهد مع رجل واحـد أو امـرأة واحدة ال تقبل إال
إذا زال اإلشكال بظهورـ ما يحكم به بأنه رجل أو امرأة ،فقد أخذ العلمـاء باألحوطـ في هذه المسألة،
ويتجلى وجه ذلك أن ال تقبل شهادة ال ُخنثى المشكل إال في األمـوال ،وحكمه في الشهادة في هذا
الموضع حكم المرأة.
قررت النصوص الشرعية بصراحة ووضوح تام ،أن طبيعة المرأة من طبيعة الرجل تماما ،وأن
النساء والرجال من جنس واحد منذ وجدت البشرية ،ويكمل بعضهما بعض فالبشرية جميعا تدين
بوجودهاـ للذكر واألنثىـ معا ،وال فضل ألحـدهما علـى اآلخر إال بالتقوى فإذا كان اإلسالم قد اعتبر
إنسانية المرأة مساوية إلنسانية الرجل ،فما باله فضّل الرجل عليها في بعض المواقفـ واألحوال،
وجعل شهادة المرأة على النصف من شهادته؟
الواقع أن تمييز الرجل عن المرأة في الشهادة ،ليس ألن جنس الرجل أكرم عند اهللا وأقرب إليه من
جنس المرأة ،فإن أكرم الناس عند اهللا أتقاهم ،رجالً كان أو امرأة .ولكن هذا التمييـز والتفاوت بين
الجنسين ،اقتضته الفوارقـ الطبيعية التي ال مناص منها بين الرجل والمرأة ،والوظيفة التي
خصصتها الفطرة السليمة لكل منهما ،ومدى استعداد كل منهما لتحمل تبعات معينـة ،ومدىـ قدرته
على إعطاء أفضل النتائج في بعض الشؤون ،من غير أن يؤثر شيء من هذا على األهلية الكاملة،
والشخصية المستقلة لكل منهما .وال يغيب عنا أن شهادة المرأة ليست منتقصة لمجرد أنثوية
صاحبتها ،فإن ما يخرم شهادة المرأة من عيوب تكون في صاحبتهاـ قد كسبتهاـ على نفسها أو جرتها
على دينها هو بنفس القدر الذي يخرم شهادة الرجل لو جره على نفسه ،مما هو من فعل اإلنسان،
وليس مما فطره اهللا عليـه وال يملك هو تغييره .فالمسألة ال تعلق لها بكرامة المرأة ،إذ ليس المراد
11
االنتقاص من كرامتها ،أو التقليل مـن شأن أهليتها ،بل المراد صيانة الشاهد والمشهود عليه ،والتأكد
1
من تذكر ما وقع من أحـداث ،ومطابقته للوقائع.
فمن مهام هذه الدراسة أن تبحث في الفوارق الطبيعية بين الجنسين من خالل المباحث التالية:
جعل اهللا لك ٍّل من الذكر واألنثىـ خصائص تميزه عن اآلخر في التكـوين البـدني والهرمونيـ
والعصبي ،ونتج عن ذلك اختالف في تأدية الوظائف ،فالقاعـدة العلميـة تقـول" :اختالف التركيب
العضوي ينتج عنه اختالف الوظيفة" ،واختالف في التكاليف الشرعية لك ٍّل من الرجل والمرأة،
ويتجلى هذا االختالف في:
- 2اشتغال بدنها بالدورة الشهرية ،وما يصاحب ذلك من مشاعر نفسية تتناسب مـع تلـك الحاالت
البدنية
-3القوة البدنية في الرجل ،والتخلي البدني عن تبعات النسل ،بما يؤهله لالشتغال باألعمال ذات
الطبيعة الخشنة التي تتطلب سعيا ،ومزاحمة وقوة شكيمة إلنجازها.
وانطال ًقاـ من هذه األسس القرآنية وغيرها ،استنبط الباحثون اختالفات كثيرة جليـة في جسمي المرأة
والرجل ،سواء كانت بيولوجية أو فسيولوجية فقد ذكروا بـصفة عامة أن المرأة بتكوينها البيولوجي
أضعف مقاومة من الرجل ،وأقل جلدا بالنسبة لتبعات الحياة - ،وهذا ال ينافي تحمل المرأة لمشاق
ُأخر وصبرها على ذلـك وطرحوا مثالين لبيان مدى التأثير على شهادة المرأة وحسن أدائها لها:
12
-1الحيض عند النساء :مما ال شك فيه أن خسارة أي كمية من الدم تضعف الجسم عموما .ناهيك
عن اآلالم التي تعانيها المرأة أثناء فترة الحيض ،وتصاحبها توترات عصبية ونفسية شديدة ،مما
يجعلـها ال تدرك إدراكا دقيقا بعض ما يحدث أمامها .ومن النساء من تصاب بالصداع النصفي قرب
بداية الحيض ،وتكـون اآلالم مبرحـة ،وتصحبهاـ زغللة في الرؤية ،فتكون حالتها الفكرية والعقلية
1
في أدنى مستوىـ لها؛ لذلك خفـف التشريع الرباني التكليف عن المرأة في حال حيضها
-2الحمل والوالدة والرضاع :إن هذه المراحل الثالث لها بالغ األثر في إضعاف جـسم المرأة
وتغيير مسرىـ حياتها ،فال يغرب على البال ما تقاسيه المرأة عـادة في حملـها ووالدتهـا،ـ وإرضاع
طفلها ،من آالم جسمية تصحب األدوار الثالثة الدقيقة هذه ،والتأثرـ النفسي الشديد من خوف وقلق
وانـزعاج على صحتها وصحة طفلها ،وسهر على هذا الطفل ،واستيقاظ في الليل إلرضاعه أو
للسهر على مرضه وتمريضه ،كل هذه التهيجات النفسية تزيـد في مـصيبة اآلالم الجسمية ،فتزيد
في إضعاف جسم المرأة عموما.
-3االختالف في تكوين المخ :إن دراسة المخ ومقارنة مخ المرأة بمخ الرجل لها عالقة كبرى بتقرير
حقيقة المـرأة؛ ألن المخ هو المركزـ األصلي للعقلية اإلنسانية ،بل هو المحطة الرئيسية لشعورـ
ونفسية اإلنسان فمقارنة المخ عند المرأة والرجل ،تساعد كثيرا على فهم عظمة الجهازين الخاصيَّن
بكل حركة وعاطفـة وشعورـ وإحساس وتمييز عند المرأة والرجل ،وعلى تقدير تفوق كل منهما على
اآلخر.
إثباتات علمية تؤكد مدى االختالف العقلي بين الرجل والمرأة حيث أثبت الطب الحديث ،وعلم
وظائف األعضاء :االختالف بين الرجل والمرأة من الناحية العقلية والسلوكية ،ولقد أدرك العلماء
والباحثون عمق الفروق ،فوجدواـ أن الطفل الرضـيع يختلـف سلوكه على حسب جنسه ،فمن هذه
االختالفات:
أن البنت بعد والدتها بأيام تنتبه إلى األصوات وخاصة صوت األم ،بينما الولد ال يكتـرث -1
لذلك.
األوالد يمتازون بكثرة الحركة والتنقل والعنف ،وال يبالون باألمور الجمالية الدقيقة بعكس -2
البنات ،فإن يملن إلى الهدوء واالهتمام بالمظاهر الجمالية ويتصفن بالرقة والنعومة.
مع ذلك يرى علماء البحث العلمي الغربيون :وجودـ فروق دقيقة في صورة المخ عند الرجل
البالغ والمرأة البالغة من حيث:
أن مخ المرأة ما بين سن العشرين والستين ،يقل عن مخ الرجل في نفس هذه السن بمقدار -3
يختلف ما بين 126غراما إلى 164غراما .وأن مخ المرأة ما بين الستين والتسعين ،يقل
عن مخ الرجل في نفس هذه السن بمقدار يختلف ما بين 123غراما إلى 158غراما.
أن مخ اإلناث يقل عن مخ الذكور من أول لحظة يبدأ فيها الجنين في النمو .أما بعد الوالدة -4
فينقص مخ الطفلة في وزنه عن مخ الطفل بمقدار 46غراما.
13
-أن التعاريج واالرتفاعات واالنخفاضاتـ التي على سطح مخ الطفلة قليلة ،بينما نجدها على -5
سطح مخ الطفل متعددة ،وأكثر جدا مما هي عند الطفلة .وقيل :إن هذه التعاريج عالمة
مميـزة ألنواع المخ الراقي ،فكلما كثرت وتعددت ،كلما كان نوع المخ أرقى.ـ
ومع هذا فقد توصل أحد الباحثين الغربيين :أنه لم تقم حتى اآلن أدلة كافية على تقرير
منـزلة المرأة من حيث نسبة قواها العقلية إلى قوى الرجل العقلية وهذا االعتقاد السائد بأن
الذكور يفوقون اإلناث في القدرات العقلية ،يعود سـببه إلى تفوق اإلنتاج العقلي للرجال عنه
لدى النساء ،وأرجع بعض الباحثين هذا التفوق إلى الظـروفـ البيئية ودورها في بيئة
الفرص المناسبة للرجال ،وبدرجة أقل للنساء .والمقصود بالظروف البيئية تلك التي تتحد
وبالدرجة األولى بفرص التعليم والعمل ،إضافة إلى ظروف المرأة التي تفرض عليها أعباء
معينة.
-1نسيان ما يجب تذكره إذا ما استدعيت للشهادة؛ لذلك جاء الحكم الـشرعي باستـشهاد امرأتين في
األموال؛ لتذكر الواحدة األخرى إذا نسيت.
ان اهللا لم يخلق بني آدم على نمط واحد في التفكير والتدبير ،بينما جعل التباين بـين الجنس الواحد،
فال غرابة أن نجد فروقاـ شاسعة بين الجنسين ،الرجل والمرأة ،سواء كان في الحالة العقلية أو
النفسية التي تمتزج في شخصية كل منهما لذلك سنجد كثيرا من التباين بين شخصية الرجل
وشخصية المرأة من الناحية النفسية ،وسيظهر من خالل اآلراء التالية:
أ -عاطفة المرأة أقوى من عاطفة الرجل -ويرجع سبب تفوق عاطفة المرأة على عاطفة الرجل
لعوامل منها:
-1أن المرأة بحكم تكوينها ستتعرض لمهمة تتطلب العاطفة قبل العقل ،والرجل سيتعرض لمهمة
تتطلب العقل قبل العاطفة ،فمن هنا كان حنو المرأة على أوالدها ،وعلى أبويها وإخوتهاـ أكثر من
حنو الرجل ،أو أكثر ظهورا .
-2أن قلب المرأة ضعيف يتأثر بسرعة ،ويتأثر إلى حد االضطراب ،ويتفاعل وهو أكثر نبضا من
قلب الرجل ،لذلك ترى المرأة أكثر تهورا في عملها ،تندفع تحت أي مؤثر من المؤثرات الخارجية
إلى الصخب وإلى التـهور ،والنـسوة في مجموعهن يفزعن ألي خطب وينـزعجن من الشيء البسيط
أكثر من الرجال.
14
عر َفت النساء -كما ظهر ساب ًقا -أنهن سريعات االنفعال بحكم طبيعتـهن ب -الضعف في الخصومةِ :
الحـساسة ،والعاطفية وتغلُّب صفة الحنان والتأثر؛ لذا فإن يضعفن عند الخصومة ويفقـدن الحُجَّ ـة،
وال يستطعن مجاراة الخصوم،ـ فلو نوقشتـ المرأة أو خولفت أو نيل من صفة من صفاتها َ
الخلقية أو
ال ُخلقية ،غضبت وثارت أسرع مما يفعل الرجل ؛ لذلك قد تكون المرأة متـسرعة في إصـدار حكمها
على اآلخر ،وقد تستعمل المرأة عند استجوابا لهجة هجومية كي تتخلص منه ،كما تبدي مهـارة
كبيرة في الدفاع عن رأيها .وقد تنهار في بعض الظروف فتلجأ إلى البكاء الذي يتيح لها في بعض
المواقف وقتاـ للتفكير والتدبرـ حينما تحاول إخفاء الحقيقة وتلفيق األدلة .إال أن البكاء مع ذلك قد
يكون وسيلة لتصعيد بعض الدوافع النفسية المكبوتة ،وإضعافـ أثرها على المرأة ،وعندئذ يكون
االستجواب أكثر نجاحا.
جـ حياء المرأة أشد من حياء الرجل تمتاز المرأة عن الرجل بشدة حيائها الذي أصبح جزءًا من
طبيعتها وتكوينها النفـسي ،فهي بحكم أنوثتها وفطرـتها النقية الصافية مجبولة على الحياء ،وهي من
أجمل الصفات التي تتحلى بها المرأة ،ألن هذا الخلق يضفي عليها رقة وجماالً ،وقدـ يفضي بها
األمر إلى االنقبـاض وحـتى االنـزواء بصفة الحياء ،مما يفوت عليها حقائق كثيرة فيما إذا وقع
أمامها حدث ما يستدعي عدم النظر إليه بدافع الحياء 1،فقد يمنعها حياؤها من أن تنظـرـ بتفحص إلى
جريمة خلُقية ترتكب ،فإذا وقع بصرها عرضا على مثل ذلك ،فإنهاـ وبطبيعتهاـ النقية تنأى ببصرها
عن أن يقع على ما فيه خدش حيائها.
شبهة ،شبهة من المُسلّم به أن الحدود تدرأ بالشبهات ،وشهادة المرأة في القتل وأشباهه تحيط بها ال ُ
عدم إمكان تثبتها من وصفـ الجريمة كما هي لحالتها النفسية عند وقوعهاـ ؛ لـذلك اسـتبعد العلماء
شهادة المرأة في الخصومات الجنائية التي قد تثير عاطفتها سلبا ،أو إيجابا ،مثال ذلك :أن المرأة في
جرائم القصاص إذا أبصرت اثنين يتضاربان بالسالح ارتاعت ووجلت ،فتثيرـ هـذه االنفعاالت
عاطفتها ،وقد تذهلها وتوقفها عن متابعة عاقبة األمر ،فتغيب عنها حقائق قد تكون مهمة للغاية في
مجريات التحقيق في الدعوى ومالبساتها تمهيدا للحكم فيها .وكثيراً ما تغمض عينيها في مثل هذه
الجرائم ،وتهوبـ صائحة مولولة ،ويصعب عليها أن تصف هذه الجرائمـ بدقة ووضوح؛ ألن
أعصابهاـ ال تحتمل التدقيقـ في مثل هذه الحال ،هذا إن لم تفر من هذه المشاهد ،فإن لم تستطع إلى
ذلك سبيال ،فاألرجح أنها تقع في غيبوبة قد تفقدها الوعي.
قد تؤديـ هذه العاطفة عند بعض النساء إلى كتم الشهادة أمام القضاء حتى ال ينال طرفـ من أ-
األطراف سوء.
-ويخشىـ عند أخذ شهادة المرأة أن تتأثر بشخصية المحقق فتحاول اإلطالة في إجابتها بذكر ب-
بعض التفاصيل التي ال داعي لها ،وبصفة خاصة في حالة إبداء األقوال الكاذبة الـتي تـؤدي
مشكالت المرأة المسلمة المعاصرة ،ص.37 1
15
إلى التناقض في الشهادة .وهنا يجب تحذيرها من ذكر التفاصيل التي ال تهم حتى ال تتمادى
في هذا األمر .ومما يُؤخذ على شهادة المرأة بوجه عام ،أنها تميل إلى إطالة الحـديث،
والخـروج عـن الموضوع لفترة بسيطة ثم تعود إليه لعدم وضوح الرؤيا لديها ،ويمكنها إضافة
الكذب بطريقـة أسهل وأكثر من الرجل .وإن كانت بعض النساء لديهن سمة الرجال ،وبعض
الرجال لديهم سمة النساء ،إال أن هذا التشابه قليل ومحدود.
ويُالحظ أن جانب العاطفة واالنفعال قد يؤثر بالمرأة إلى أن تتفانى في الدفاع عمن تحـب ت-
بقصد تضليل العدالة .وإذا كان الحب ال يتوارىـ ومن السهل اكتشافه إال أن الخطورة تكمن في
الشهادة التي تكون الكراهية محورها ،ألن من يكره ال يفصح عما يك ُنه لالخر فإذا مـا واتتـه
الفرصة ألداء شهادة ضد من يكرهه فسوفـ يصب فيها سمومه في االتجاه المؤيد لالتهام.
فإن قوة عاطفة المرأة تجعلها تطغىـ أحيانا على ما وصـل إلى إدراكهـا ،وتمتزج بعناصره، ث-
فتشكله صورة أخرى ،وتغير كثيرا من حقيقته من حيث ال تشعر هي بذلك ،فاقتضت العدالة
أن يُتخذ شيء من االحتياط حيال شهادتها،ـ فاس ُتبعدت شهادتها في األمور المؤدية إلى نتائج
خطيرة كالشهادة على الزنا ولم يعتد بشهادتهاـ منفردة عن الرجـال إال في األمـور النسائية
الخالصة التي ال يعرفها غير النساء ،وجُعلت شهادة المرأتين فيما عدا هذا وذاك معادلـة
لشهادة رجل واحد ،على شرط أن يشهد معهما رجل بما شهدتا به.
شبهات وأباطيل من قبل خصومه والحاقدين عليه ،فهاجواـ وماجواـ وصاحواـ أن تحوم حول اإلسالم ُ
اإلسالم لم يسو بين الرجل والمرأة في القيمة اإلنسانية؛ ذلك ألن اإلسـالم جعـل شهادة الرجل بشهادة
امرأتين واعتبر المرأة ناقصة عقل ودين وسنفي هذه ال ُ
شبهات بهذا البحث:
حاول المغرضون ويحاولون إثارة المرأة ضد التشريع اإلسالمي ،وقد غرسوا بذور اإلثارة في قلبها
ضد إسالمها وتشريعاته بما صوروه لها من أن اإلسالم يعاملها معاملة اإلنقاص من القدر والمنـزلة،
إذ هو قد جعل شهادتهاـ في اإلثبات على النصف من شهادة الرجل ،فهذا يعني أنهـا تساوي نصف
الرجل ،وقد تركوا القضية هكذا على مصراعيها من غير بيان أو تحديد وهذا شأن ذوي اإلشاعات
ومهما بلغت المحاوالت في الطعن في أحكام اهللا ،وإقناع المرأة بأنها مضطهدة تحت ظـل الشرع
اإلسالمي ،إال أن اهللا سيظهر دينه ،ويحق الحق بكلماته ،وال يظلم ربك أحدا .قام اإلسالم على
توفيرـ كل الضمانات الممكنة في الشهادة ،سواء كانت الشهادة لصالح المتهم أو ضده .فقد راعى
اإلسالم الظروف الخاصة للمرأة بتكوينها الجسماني وما يصيبها من هـزات نفسية ،فينتابها إرهاق
حسي ،وتعب جسدي بسبب الدورة الشهرية ،وحالة الحمل والرضاع -كما سبق بيانه
16
النسيان ،فإن مدلول عبارة اآلية القرآنيـة "فإن َتضِ َّلِ إحْ دَا ُه َماَ ف ُت َذ ِّك َرِ إحْ دَا ُه َما اُأْل ْخ َر ٰى -1
"واضح في أن المراد من كونهما امرأتين هو التذكير بما قد تنسى المرأة الواحـدة لعدم
ممارستهاـ ما شهدت عليه وهذا إنما يكون فيما يكون فيه الضالل في العادة ،وهو النسيان
وعدم الضبط ،فما كان من الشهادات ال يُخاف فيه الضالل في العادة ،لم تكن فيه على
نصف رجل
المرأة بفطرتها واختصاصها ال تشتغل عادة باألمورـ المالية والمعامالت المدنية ،وليس من -2
الواجب عليها االحتكاك بجمهرة الناس لتشهد هذه األمور ،فمن هنا تكون ذاكرتها فيها
ضعيفة ،وال تكون كذلك في األمور المنـزلية التي هي شغلها ،فإنها فيها أقوىـ ذاكرة من
الرجل ،ومـن طبع البشر عامة أن يقوى تذكرهم لألمور التي تهمهم ويمارسوها ،ويكثرـ
اشتغالهم بهـا ،فقلة ممارسة المرأة لجانب المعامالت قد يفقدها االستيعاب الكامل لجوانب
الموضـوع ،وبالتاليـ قد تنقص شيًئ ا من الحق فيما تشهد به ،فكان ال بد من إضافة امـرأة
أخـرى إليهـا الستدراكـ ذلك النقص.
الوجدان ،فقد أخذ اإلسالم بعين االعتبار طبيعة المرأة العاطفية السريعة االنفعال ،الـتي ال -3
تملك معها من ضبطـ النفس ما يملكه الرجل ،فكانت مظنة أن تتأثر بمالبسات القضية فتضل
عن الحقيقة؛ لذلك يحتاط القاضي -حتى ال يظلم أحداً -أن يكثر من الشهود إلثبات الحق
شبهات ،وإزهاقـ الباطل.ودفـع ال ُ
أن النساء أعرف بمكر بعضهن ،وحيلهن عن غيرهن من الرجال؛ ألنهن أخـبر بنفـوس -4
بعضهنّ ،والمرأة تستطيعـ أن تسفر للمرأة عما يحيك بصدرها ،ويجول بداخلـها ،ومهمـا
أوتي الرجل من القدرة على الفهم ،واالستنباط فال يمكن أن يسبر غورهن أو يجلو باطن
أمرهن.
الشبهة الثانية :وصف النبي النساء بنقصان العقل والدين ،إهانة للمرأة.
"روى أبو سعيد الخدري" :خرج رسول اهللا في أضحى أو فطر إلى المصلى ،فمر على
من إحداكن ،قلن :وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول اهللا؟ قال :أليس شهادة المرأة مثل نـصف
شهادة الرجل؟ قلن :بلى ،قال :فذلك من نقصان عقلها ،أليس إذا حاضت لم تص ِّل ولم تـصم؟
الح ُّط من قدر النساء؛ ألنه لم يرد بنقص العقل أن المرأة مجنونة أو شبه مجنونة،
يرد النبي قط َ
فلم ِ
بل المراد اإلشارة إلى درجة التفاوت في العقل بينهن وبين الرجال من حيث المجموع ال من حيث
األفراد ،لذلك سنبين حقيقة نقصان العقل والدين من وجهة نظر اإلسالم ؟
17
-1العقل يعني :التقييد واإلمساكـ ،1المراد بالعقل في اللغة :الربط والتقييد واإلمساك.ـ فبما أن المرأة
سريعة االنفعال الـذي يصاحبه الذهول وشرود الذهن غالباً ،حيث يؤثر على مدى استيعابهاـ لألمور،
ومن ثم ال يستطيعـ عقلها إمساك العلم التفصيلي كما يجب ،فعلى هذا المعنى يكون عقل المرأة ناقصا ً
في الدرجة عن عقل الرجل؛ ولهذا كانت شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل .وليس هذا
طعنا بالمرأة؛ ألن نقصان العقل ال يعني نقصان المخ ،وبالتاليـ ال يعني نقصان الذكاء وعدم القدرة
ً
ضبطا كامالً كما على التفكير ،وإنما يعني عدم المقدرة على عقل المعلومة ،أي تثبيتها وضبطهاـ
ينبغي؛ لتحقيق العدالة ورفع الظلم.
-3الفروق الفسيولوجية :أكد العلم الحديث أن ما يعبر عنه "بنقصان العقل" لدى النـساء -يفـسر
بـالفروق الفسيولوجية بين المرأة والرجل -فقد أكدت دراسات المعهد البريطاني للطب العقلي ،أن
معدل وزن مخ اإلناث يقل عن معدله عند الذكور ،وأن التركيب الجسماني للمرأة غـير التركيـب
الجسماني للرجل .والمرأة على اختالفها في كثير من أعضاء الجسم ،أثبت الطـب أن تركيبـهاـ يقرب
من تركيب الطفل؛ ولذلك فهي مثله (في طفولته) أي أنها ذات إحساس بالغ الحدة ،تنقاد مثله بسرعة
مذهلة ،وتتقلب بين صورـ من الشعورـ تقلبا غير متزن في الفرح والحـزن ،والكـره والحب ،وغير
ذلك من أحاسيس ومشاعر ،مما ينقص من تعقلها لألمور ،ونظراـ لها في منطـق وروية ،مما جعلها
بالتالي شديدة التردد ،كثيرة التحول والتقلب.
قصورـ البيان عند النساء :وهو عدم القدرة على إبداء الحجة وإظهارـ الحق والتعبيرـ باللسان -5
عما في الجنان ،وهو ما يُعبر عنه "بقصور البيان" ،وهذا يعني أن المرأة إذا وقفت في
موقف الخصومة لتبين الحق وتبطـل الباطل ،فإنها تقصر عن الكمال في البيان ،ولعلها
تتكلم ساعات متواصلة ،غير أنهـا تفتقـر إلى الصياغة المتقنة والحجة الدامغة.
الكيد والكذب :والذي يتصف بضعف الحجة وغلبة خصمه عليه -رجالً كان أو امرأة -ال -6
بد وأن يميل إلى الكذب ،تعويضا عن النقص الحاصل في إبداء الحجة ،وغلبة الخصم ،فكان
مـن مستلزماتـ قصورـ البيان عند النساء ،الكيد والكذب .وقدـ يشهد على هذا الكالم ،ما جاء
من كيد امرأة العزيز ليوسف تأمل قوله تعالى " َو َر َاودَ ْت ُه الَّتِي ه َُو فِي َب ْيتِ َها َعن َّن ْفسِ ِه َو َغلَّ َق ِ
ت
الظالِ ُمون،" ولما انكشف اي ۖ ِإ َّن ُه اَل ُي ْفلِ ُح َّ اب َو َقالَتْ َه ْيتَ لَ َك ۚ َقال َ َم َعا َذ هَّللا ِ ۖ ِإ َّن ُه َر ِّبي َأ ْح َ
سنَ َم ْث َو َ اَأْل ْب َو َ
ص ُه قُ َّد مِنْأمرها لزوجهاـ رمت العفيف البريء بالفاحشة ،قال هللا تعالى في ذلك " َفلَ َّما َرَأ ٰى َقمِي َ
ُد ُب ٍر َقالَ ِإ َّن ُه مِنْ َك ْي ِد ُكنَّ ۖ ِإنَّ َك ْي َد ُكنَّ َعظِ ي ٌم".
حيث وال بد من التأكيد أن هذا الكيد ليس وق ًفا على غير الصالحات من النساء ،بل صـدر
ويصدرـ عن كثير من الصالحات القانتات ،ولكن سرعان ما يعصمهن دينهن عـن التمـادي
- 1جبر ،هل هن ناقصات عقل ودين ،ص.6
2جبر ،هل هن ناقصات عقل ودين ،ص9
18
في الكيد ،واإلصرارـ على الكذب وال كمال للعقل هنا ،ولعل خير نساء األمة على اإلطالق
هن نساء رسول اهللا ،فإذا ثبت أن قد أخذن حظا مما وصفـ به رسول اهللا عامة النساء،
فذلك أحرى أن يلحق غيرهن من النساء وينلن حظا من نقصان العقل والدين عن عائشة
قالت" :كان الـنبي يشرب عسالً عند زينب بنت جحش ،ويمكث عندها ،فتواطأت أنا
وحفص ُة على :أيتنا دخ َل عليها ،فلتقل له :أكلت مغافير1؟ إني أجد منك ريح مغافيرـ قال :ال
ولكني كنت أشرب عسالً عند زينب بنت جحش ،فلن أعود له ،وقد حلفت ال تخبري بذلك
أحدا.
ما ورد في هـذه القصة وما سبقها يؤكد أن غلبة عاطفة المرأة وغيرها قد ينسياها ما
تقتضيه األمانـة والـصدقـ وحسن الخلق ،فتلجأ إلى الكيد المستلزم للكذب ،وال تبالي في حال
ثورة غضبها أو غيرانها بمـا يترتب على كيدها من أضرار وأوزار ،فكمال الدين والعقل
يعصم اإلنسان -بإذن اهللا -مـن الزلل وإتيان ما ال يليق وال ينبغي ،وبقدر تمام الدين والعقل
تكون العصمة واالستقامة وال كمال للعقل هنا ،فاقتضىـ األمر تنصيفـ شهادة المرأة مع
الرجل ،من غير أن يكون في ذلك إهانة للمرأة أو انتقاص من مكانتها ،كما يدعي أعداء
اإلسالم .وهذا ما أنبأ عنه الحديث الشريفـ بصورة علمية موجزة.
قلة التكليفات السلوكية لسبب ما ،وال شك أنها ليست مسؤولية المكلف ،أيا ً كان السبب. -1
فالطفل أو المراهق الذي لم يصل سن البلوغ بعد ،يوصف بأنه ناقص الدين ،وال يعني ذلك
أنـه يتحمل أي تقصير ،بل ربما كان كثير القيام بالواجبات والفرائض والنوافـلـ سريعا ً إليها
نشيطا في أدائها أكثر من الرجل البالغ ،غير أنه يوصف مع ذلك بنقصان الدين ،نظراً إلى ً
أنه لم يكلف بعد بشيء من مبادئه وأحكامه فهو يوصفـ بنقصان الدين بنا ًء على هذا المعنى.
التهاون أو التقصير الذي يتلبس به المكلف بمسؤولية واختيارـ منه .فاإلنسان المتهاون -2
بأوامر اهللا يوصفـ أيضا بنقصان الدين ،ولكنه هنا يعني التقصير في االلتزام بمبادئ الدين
بعزم منه واختيار ،فهو يتحمل جريـرة تقصيره والمسؤولية المترتبة على نقصان دينه ،فهو
يوصف ًإذا بنقصان الدين بنا ًء على هذا المعنى.
إذا تبين هذا فإن الوصفـ الذي وصفـ به رسول اهللا المرأة من النقصان في الدين ،إنما
يصدق بالمعنى األول ،فالنبيـ يعني أن المرأة خفف اهللا عنها بعض الوظائفـ الدينية
وأسـقطها عنها ،فهي ال ُت َكلَّف بالصالة أثناء المحيض والنفاس ،وال ُت َكلَّف بقضاء شيء منها
بعـد ذلـك ،ولكن دون أن ينقص شيء من أجرها بسبب ذلك .بل أجرها على تحمل المعاناة
في هذه األيـام الشدائد على نفسها وجسدها.ـ فاألمرـ ليس عائدا إلى تقصير منها ولكنه عائد
إلى تخفيف من اهللا عنها .
َ 1غافير صم ٌغ يسيل من شجر العرفط غير َأن رائحته ليست بطيبة
19
اذاً بعد هذا التوضيح قد نستطيع القول أن الحديث يدل على أن نقص المرأة نقص فيما ال
ُتحسِ نه ،مما ال يتصل بحياتها التي تقتضي عدم مخالطة الرجل ،ونقص في العبادة لما قدر
اهللا تعالى لها منذ األزل أن تحيض وتنفس فتمنع من الصالة والصيام أثناءهما .ولو كان
األمر نقصا ً في حقيقة الدين ونور اليقين -وليس هو كذلك -لكان المريض والمسافرـ من
الرجال تاركيـ الصيام ،ناقصين في الدين .والفقير يعجز عن الزكاة والمريض يعجز عن
الجهاد كل منهما ناقص الدين ،ولم يقل ذا أحد من المسلمين.
بعد البحث في وجوه إعجاز حديث النبي ،من المستبعد جداً أن تكون شهادة المرأة وحدها
خالية من النقص أو من المراوغة - ،إال من رحم ربي -لهذا كانت شهادة امرأتين مقابل
شهادة رجل .ونقصان الدين والعقل المؤدي إلى سلوك غير قويم ،ليس وق ًفا على النساء
وحدهن ،فما أكثر الرجال من هذا الصنف ،وإنما المقصود غلبة النقص على النساء عند
المقابلة ،وهذا كما إذا قلنا :الرجال أطول من النساء ،والنساء أطول عمراً من الرجال ،فهذه
المقولة صحيحة ال شـك فيها ،غير أن صحتها ال تستلزم العموم ،فهناك من النساء من تفوق
الرجال طوال ،ومنهن مـن تقل عن الرجال عمرها وقد ميَّز اهللا تعالى المرأة عن الرجل
بإسناد وظيفة األمومة لها ،وما كـان ليـسندها إال إلنسان سويَّ ،وما كان للرجال أن يأمنوا
على أبنائهم في كنف إنسان عـاجز مختـل العقـل والدين .فإن أعظم العباقرة يتصاغر أمام
أبسط األمهات ،وال يستطيعـ أعظم قادة الـدنيا مـن الرجال أن يفعل ما تفعله أبسط النساء
وأجهلهن ،إنه ال يستطيع أن ينجب طفالً ويحمله في بطنه تسعة أشهر ،كما أنه ال يمكنه
إرضاعه وتربيته مهما كان له من العبقرية والنبوغ.ـ
مما تجدر اإلشارة إليه أن الشهادة في المفهوم اإلسالمي ليست حقا ً يتزاحم عليه النـاس ،وإنما هي
عبء ثقيل يتهرب الشاهد منه ،والشهادة في جميع أحوالها تتطلب من الشاهد بذل الجهد في مغالبة
هواه وميله ،وفي تغلبه على أحاسيسه ومشاعره ،لقوله تعالى في سورة المائدة" َيا َأ ُّي َها الَّذ َ
ِين آ َم ُنوا
ش َهدَا َء ِب ْالقِسْ طِ ۖ َواَل َيجْ ِر َم َّن ُك ْم َش َنآنُ َق ْو ٍـم َعلَ ٰى َأاَّل َتعْ ِدلُوا ۚ اعْ ِدلُوا ه َُو َأ ْق َربُ لِل َّت ْق َو ٰى ۖ
ِين هَّلِل ِ ُ
ُكو ُنوا َقوَّ ام َ
ون (")8 َوا َّتقُوا هَّللا َ ۚ ِإنَّ هَّللا َ َخ ِبي ٌر ِب َما َتعْ َملُ َ
وهذا يدل على أن تحمل الشهادة عبء على الشاهد وليست له ،ومن أ ُعف َِي من هـذه المسؤولية فقد
ُخ ِّفف عنه ،وقد نص القرآن الكريم على العديد من أنواع التخفيفـات ،وف ًقـا لمقتضيات الحال،
كالترخيص في الفطر للمسافر ،والقصر والجمع ،وإعفاء المرأة مـن فرضـية الجهاد ،وإعفائها من
الصالة والصيام حال حيضها ،وتخفيف الشهادة عنـها ،ولم يعـد هـذا التخفيف إهانة ،بل نعمة
تستوجب شكر المنعم ،فقد خفف اهللا عن المرأة الشهادة التي هي بحد ذاتها تكليف وأمانة يحملها
20
الـشاهد ،إنْ َقصر بتأديتها استحق اإلثم؛ لذلك فلننظرـ إلى أمر تخفيف الشهادة عن المرأة على أنه
1
لفائدة وخير يعود عليها قبل أن يكون لشيء آخر
الخاتمة "النتائج"
فـي ختـام هـذا البحـث ،أود أن أوضح أهـم النتـائج التـي تم التوصل مـن خاللـه علـى النحو التالي:
إن الشهادة هي :إحدى وسائلـ اإلثبـات المعتمـد علیهـا فـي إثبـات الحقـوق ،وأنهـا تراجعـت -1
منزلتها أمام الكتابة ،التي یعول علیها اآلن فـي وسـائل اإلثبـات؛ ذلـك لتـشعب المعـامالت
المالیـة ،والحاجـة ماســة لكتابتهـا ،ولخــراب الـذمم وكثــرة شـهود الــزور ،وغیـاب
الــضمیر ،والوازع الدیني.
إن مسألة شهادة المرأة لم يرد فيها إال نص واحد وهو شهادا في األموال في آيـة الـدين. -2
وعلى هذا فقد اجتهد العلماء في القول بشهادة المرأة في الحدود والقصاص ،معتمدين في
ذلـك على فهمهم وتأويلهم آلية الدين التي تعتبر النص الوحيد في القضية.
-مـن البحـث تبـین اتفـاق الفقهـاء علـى مـشروعیة شـهادة النـساء دون الرجـال فیمـا ال -3
یطلـع علیه الرجال.
21
-تبـین أیـضا ً االخـتالف بـین الفقهـاء فـي العـدد الـذي یقبـل فیـه شـهادة النـساء دون -4
الرجـال ،وقدـ ُر ِج َح الرأي القائل :بأن العدد الذي یقبل به شـهادة النـساء وحـدهن هـو:
امرأتـان ،ما عدا الرضاع فإنه ي ُكتفى بشهادة امرأة واحدة؛ لقیام الدلیل الشرعي على ذلك.
-شـــهادة النـــساء ال رجـــل معهـــن فیمـــا ال یطلـــع علیـــه الرجـــال جـــائزة -5
مـــشروعة ،إال فـــي االستهالل والرضاع ،كما ذهب إلیه الحنفیة ،وقد ُر ِج َح مـا ذهـب إلیـه
الجمهـور مـن قبول شهادتهن فـي كـل مـاال یطلـع علیـه الرجـال ،یـستوي أن یكـون ذلـك
فـي :االسـتهالل ،أو الرضاع ،أو غیره من :والدة ،وعیوب النساء تحت الثياب.
يالحظ أن السبب الرئيس لجعل شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل في الشهادة هو -6
بُعدها عن المعامالت المالية ،وعدم اختصاصها في هذا المجال
التفاوت الطبيعي بين الرجل والمرأة حقيقة علمية ثابتة بالقرآن والسنة. -7
الشهادة تكليف ومسؤولية ،فعندماـ يخفف اهللا عن المرأة في الشهادة فهذا إكرام لها ،وليس -8
العكس.
المصادر والمراجع:
القران الكريم -1
"ناقصات عقل و دين " ،د .ألفة يوسف -2
"المرأة المسلمة" ،د.غاوجي. -3
"شهادة النساء في الفقه اإلسالمي" د.علي أبو البصل -4
"شهادة النساء من منظور فقهي" د.مريم عبدالسالم بكر -5
رسالة ماجستير " ،رد شهادة العدل " أسامة أحمد عبد الرزاق -6
" حكم شهادة النساء في العقوبات في الشريعة اإلسالمية " د .محمد أبو يحيى -7
رسالة ماجستير" شهادة النساء دراسة فقهية قانونية مقارنة " ،أحالم إغبارية -8
"المرأة المسلمة" ،البنا -9
22
جدول المحتويات:
رقم الصفحة مواضيع البحث
1 المقدمة
2 أهداف البحث
3 تعريف الشهادة و مشروعيتها
4 حكمة تشريع الشهادة
4 أركان الشهادة
5 صيغة الشاهد
5 شروط الشهادة
6 هل شهادة المرأة أصل يعتمد عليه أم
بظل يُصار اليه عند الضرورة ؟
23
21 الشهادة تكليف ال تشريف
23 مصادر و مراجع
24