You are on page 1of 17

‫الشهادة‬

‫المقدمة‬

‫إن أداء الشهادة واجب تنص عليه التشريعات المختلفة‪ .‬وهو أمر معترف به عالمياً‪ ،‬إذ أن كل عضو‬
‫في المجتمع يهمه أن يحيى في أمان وأن تسود األرض شريعة السالم‪ ،‬وأن يحافظ الجميع على‬
‫النظام ومنع الجريمة وردع المجرم‪ .‬لذا يجب على من يُطلب ألداء الشهادة أن يُلبي النداء‪ ،‬بل إن‬
‫عليه من تلقاء نفسه أن يتقدم ليضيء الطريق ويرشد العدالة بتوصيل المعلومات المفيدة في أداء‬
‫رسالتها حتى تصل إلى ما يصبو إليه المجتمع من أمن وأمان‪.‬‬

‫حتى إن التشريـعات الوضعيـة األولى كانت تضع الشهـادة في الرتبة األولى نظـراً لُألمية التي‬
‫سـادت في القرون الماضيـة‪ ،‬وعدم انتشار القراءة والكتابة‪ ،‬ثم دار الزمن‪ ،‬وكثـر التعليم‪ ،‬بفضل‬
‫الديـن اإلسـالمي‪ ،‬وما أسـهم به على مسـتوى محاربة اُألميــة ونـشر التعليـم وخاصة القراءة‬
‫والكتابة‪ ،‬فقد تدنت قيـمة الشهـادة كدليـل إثبات‪ ،‬فأصـبحت الشهـادة في المرتبة الثانيـة والكتابة في‬
‫األولى ‪ .‬ورغم ذيوع استعمال الكتابة فال زالت الشهادة من أكثر األدلة شيوعا في العمل و هذا يتبين‬
‫أن الشهادة مرت بمراحل متباينة على مر العصور‪ ،‬تأثرت منها وتدرجت خاللها في تطور زمـني‬
‫ملحوظ‪ .‬واحتلت شهادة النساء مكانة عظيمة ومعتبرة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬فما كانت أحكـام الدين‬
‫وحماية لحقوقهم‪ ،‬فالناس رجـالهم ونساؤهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صيانة لشؤون العباد‬ ‫اإلسالمي لتهمل وما وضعت إال‬
‫سواء في أصل العبادة‪ ،‬إال أن هناك فرو ًقا بينهم في بعض األحكام منها إن مسألة التفريق بين‬
‫الرجل والمرأة في الشهادة‪ ،‬ما كانت كذلك إال لحكمة اقتـضتها الشريعة الربانية تحفظ بها مصالح‬
‫الناس وأمور معايشهم‪ ،‬وليست محور لالدعاءات الباطلة من قبل المُشنعين على اإلسالم الذين‬
‫يدعون أن اإلسالم انتقص المرأة؛ ألن شهادتها على النـصف مـن شهادة الرجل‪ ،‬ولم يظهر لهؤالء‬
‫أن اإلسالم أخذ بعين االعتبار شهادة النساء وحـدهن لقوله تعالى ‪َ ":‬والَّذِينَ َي ْر ُمونَ َأ ْز َو َ‬
‫اج ُه ْم َولَ ْم َي ُكن لَّ ُه ْم‬
‫‪1‬‬
‫ت ِباهَّلل ِ ۙ ِإ َّن ُه لَمِنَ ال َّ‬
‫صا ِدقِين "‬ ‫ش َها َدةُ َأ َح ِد ِه ْم َأ ْر َب ُع َ‬
‫ش َها َدا ٍ‬ ‫ش َه َدا ُء ِإاَّل َأنفُ ُ‬
‫س ُه ْم َف َ‬ ‫ُ‬

‫تعريف الشهادة ومشروعيتها‬


‫معان عدة للشهادة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫أستعمل أهل اللغة‬
‫القران الكريم سورة النور اية ‪6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫الحضور‪َ :‬شهد المكان أي حضره‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪1‬‬
‫الخبر القاطع‪ :‬أخبر بما شاهد‪ :‬أي أصبح من أهل الشهادة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الحلف‪ :‬أشهد بكذا‪ :‬أي أحلف‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫األداء‪ :‬شهد لزيد بكذا شهادة‪ :‬أي أدى ما عنده من الشهادة‪ ،‬فهو شاهد أ مـام جهـة قضائية‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫هكذا يعبر عنها في القضاء‪.‬‬

‫ومع تعدد معاني الشهادة‪ ،‬إال أنها ترجع بأكملها إلى أصول ثالثة فقط‪ ،‬وهي‪( :‬الحضور والعلم‬
‫‪2‬‬
‫واإلعالم)‬

‫أوالً ‪ -‬الشهادة لغةً‪:‬‬

‫شهد ب‪ /‬شهد على‪ /‬مصدر َش ِهد من الشهود‪ ،‬وهي بمعنى الحضور‪ ،‬ومأخوذة من العلم "أشهد"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫‪3‬‬
‫ونقول شهد الحفل أي حضِ ره ومنه قوله تعالى " ِإنَّ قُ ْرآنَ ا ْل َف ْج ِر َكانَ َم ْ‬
‫ش ُهودً ا"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ال َّشهَادَة اصطالحا ً‪:‬‬

‫ِي‬
‫ضاء) ه َ‬ ‫َأن يخبر بِ َما رأى َوَأن يقر بِ َما علم ومجموع َما ْيدرك بالحس َوال َّش َها َدة ْال َب ِّي َنة‪( ،‬فِي ْال َق َ‬
‫الظاه َِرة م َُقابل َعالم ْال َغيْب َوفِي‬ ‫الش َها َدة َعالم األكوان َّ‬ ‫الش هُود َأ َمام ِج َهة قضائية‪ ،‬وعالم َّ‬ ‫َأ ْق َوال ُّ‬
‫‪5‬‬
‫ال َّت ْن ِزيل ْال َع ِزيز { َو َس ُت َردُّونَ إلى َعال ِِم ا ْل َغ ْي ِب َوال َّش َها َد ِة}‪.‬‬

‫عرّ فها الشافعية بأنها "إخبار بحق للغير على الغير بلفظ أشهد"‪.‬‬

‫مشروعية ال َّشهادة‪:‬‬

‫الشهادة مشروعة بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة‪ ،‬وإجماع األمة أما القرآن الكريم‪،‬‬
‫‪8‬ن َي ْك‪8ُ 8‬ت ْ‪8‬م َ‪8‬ها‪َ 8‬ف‪ِ8‬إ َّ‪8‬ن ُه‪ 8‬آثِ‪8ٌ 8‬م َق ْل‪ُ 8‬ب‪8ُ 8‬ه" ‪ ،‬أما اإلجماع‪ ،‬فهو منعقد على‬ ‫فيقول هللا عز وجل " َو‪8‬اَل َت ْك‪ُ 8‬ت‪ُ 8‬م‪8‬و‪8‬ا ا‪8‬ل َّ‬
‫ش‪َ 8‬ه‪8‬ا ‪َ8‬د َة‪8َ 8‬و َم ْ‪8‬‬
‫مشروعية الشهادة‪ ،‬واستحبابها‪ ،‬ولم يخالف بذلك أحد من ال‪8‬عل‪8‬ما‪8‬ء‪ 8،‬أم‪8‬ا ا‪8‬لسن‪8‬ة ال‪8‬نبو‪8‬ية ا‪8‬لش‪8‬ريف‪8‬ة‪ 8،‬فما‪ 8‬رو‪8‬اه‪8‬‬
‫اإل‪8‬م‪8‬ام‪ 8‬م‪8‬سل‪8‬م –‪ 8‬رض‪8‬ي‪ 8‬هللا‪ 8‬عن‪8‬ه ‪ 8-‬ع‪8‬ن ا‪8‬أل‪8‬شع‪8‬ث‪ 8‬بن‪ 8‬قيس ‪ 8-‬رضي‪ 8‬هللا‪ 8‬عنه ‪ 8-‬قال‪ 8:8‬ك‪8‬ان‪ 8‬بين‪8‬ي وبي‪8‬ن رج‪8‬ل خص‪8‬ومة‪ 8‬في‪8‬‬
‫‪ 6‬بئر‪ 8‬فاختص‪8‬منا‪ 8‬إل‪8‬ى رس‪8‬ول‪ 8‬هللا‪ - 8‬ص‪8‬لى هللا‪ 8‬عل‪8‬يه و‪8‬سل‪8‬م‪ - 8‬فقا‪8‬ل‪(8( 8:‬ش‪8‬اه‪8‬دا‪8‬ك‪ 8‬أو‪ 8‬يمي‪8‬نه)‪)8‬‬

‫حكمة تشريع الشهادة‬


‫‪ ‬‬

‫والح َكم المرجوة‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫َ‬ ‫شرع هللا لعباده الشهادة؛ لتحقـق األهـداف المنشودة‪،‬‬
‫‪ 1‬أحمد رضا‪ ،‬معجم متن اللغة‬
‫‪ 2‬معجم مقاييس اللغة البن فارس‬
‫‪ 3‬القران الكريم‪ ،‬سورة االسراء اآلية ‪78‬‬
‫‪ 4‬معجم الوسيط‬
‫‪ 5‬القران الكريم سورة الجمعة‪ ،‬اآلية ‪.8‬‬
‫‪ 6‬انظر الرابط ‪ ،‬عن مشروعية الشهادة ‪/https://www.alukah.net/sharia/0/120194 ،‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-1‬فصل الخصومات والمنازعات بين الناس‪ ،‬عند تعذر إقامة الحجة الموجبـة للعلـم في كـل‬

‫خصومة؛ لقول النبي " البينة على المدعي‪"...‬‬

‫‪- 2‬يدفع هللا عن الناس بها وبالشهود إراقة الدماء‪ ،‬وانتهاك األعراض‪ ،‬فالشهود حجة اإلمـام‪،‬‬

‫ت‬ ‫ض لَّ َف َ‬
‫س َد ِ‬ ‫ض ُهم ِب َب ْع ٍ‬ ‫وبقولهم تنفذ األحكام‪ ،‬وبهم قوام العالم في الدنيا؛ لقول اهللا "‪َ 8‬ولَ ْواَل دَ ْف ُع هَّللا ِ ال َّن َ‬
‫اس َب ْع َ‬
‫ض َو ٰلَكِنَّ هَّللا َ ُذو َف ْ‬
‫ض ٍل َعلَى ا ْل َعالَمِين"‬ ‫اَأْل ْر ُ‬

‫‪ - 3‬براءة الذمم بعد الموت‪.‬‬

‫وبوجه عام‪ ،‬الحكمة من تشريع الشهادة صيانة الحقوق‪ ،‬وإثباتها‪ ،‬فلو لم تشرع الشهادة ألمكن أن‬
‫يضيع كثير من الحقوق‪ ،‬ويتعذر إثباتها ألصحابها ‪.1‬‬

‫أركان الشهادة‬
‫اختلف العلماء في ركن الشهادة إلى قولين‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪( ١‬القول األول‪ :‬ذهب الحنفية إلى أن ركن الشهادة الصيغة فقط‪.‬‬

‫‪( ٢‬القول الثاني‪ :‬ذهب الشافعية إلى أن أركان الشهادة خمسة وهي‪ :‬شاهد‪ ،‬ومشهود له‪ ،‬ومشهود‬
‫عليه‪ ،‬ومشهود به‪ ،‬وصيغة‪ .‬وحسب أدلة جمهور العلماء ال نجد فيها نصا ً صريحا ً يستوجب‬
‫االقتصار على لفظ (أشهد) عند تأدية الشاهد لشهادته أمام القاضي‪ ،‬فأدلتهم تأمر بأداء الشهادة‬
‫‪3‬‬
‫ولكنها ال تفيد وجوب أدائها بلفظ أشهد‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫شروط الشاهد‬
‫اإلسالم‪ :‬اشترط جمهور العلماء إسالم الشاهد‪ ،‬وخالف الحنابلة والظاهرية في الشهادة في‬ ‫‪-1‬‬
‫السفر على الوصية وقالوا‪ُ :‬تقبل‪ 5‬شهادة الكافر على المسلم في السفر لقوله تعالى في سورة‬

‫‪ 1‬ص‪ - 211‬كتاب الفقه المنهجي على مذهب اإلمام الشافعي ‪ -‬الشهادات ‪ -‬المكتبة الشاملة الحديثة ‪ ،‬وجدت الكترونية من خالل هذا الرابط‬
‫‪https://al-maktaba.org/book/32558/1716#p12‬‬

‫‪ 2‬الكاساني‪ :‬بدائع الصنائع‬


‫‪ 3‬المصدر‪ :‬رسالة ماجستير بعنوان " رد شهادة العدل وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية في قطاع غزة " ألسامة أحمد عبدالرزاق ‪،‬‬
‫صفحة ‪10‬‬
‫‪ 4‬المصدر‪ :‬رسالة ماجستير بعنوان " رد شهادة العدل وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية في قطاع غزة " ألسامة أحمد عبدالرزاق ‪ ،‬صفحة‬
‫‪23‬‬
‫‪ 5‬المغني البن قدامه‬

‫‪3‬‬
‫ان َذ َوا َعدْ ٍل ِّمن ُك ْم َأ ْو‬
‫ض َر َأ َح َد ُك ُم ا ْل َم ْوتُ حِينَ ا ْل َوصِ َّي ِة ا ْث َن ِ‬ ‫المائدة " َيا َأ ُّي َها الَّذِينَ آ َم ُنوا َ‬
‫ش َها َدةُ َب ْينِ ُك ْم ِإ َذا َح َ‬
‫ان مِنْ َغ ْي ِر ُك ْم" ‪.‬‬ ‫َ‬
‫آخ َر ِ‬
‫البلوغ‪ :‬اشترط جمهور العلماء البلوغ في أداء الشهادة لقول اهللا تعالى في سورة البقرة "و استشهدوا‬ ‫‪-2‬‬
‫شهيدين من رجالكم " فالصبي ليس من الرجال ألن الصبي ال يقبل إقراره على نفسه فشهادته على غيره‬
‫باألولى‪.‬‬
‫‪-‬العقل‪ :‬اتفق جمهور العلماء على أن غير العاقل ال تقبل شهادته وليست له شهادة أصالً‪ .‬فال تصح‬ ‫‪-3‬‬
‫شهادة غير العاقل إجماعاً‪ ،‬ألنه ال يعرف الشهادة‪ 8،‬فكيف يقدر على أدائها‪ ،‬وألنه ال يأثم بكذبه وال يتحرز‬
‫منه‪.‬‬
‫‪-‬النطق‪ :‬ذهب جمهور العلماء إلى أن شهادة األخرس ال ُتقبل مستدلين بأن األخرس ال شهادة له‪ ،‬ذلك بأن لفظة‬ ‫‪-4‬‬
‫الشهادة شرط لصحة أدائها وال عبارة لألخرس أصالً فال شهادة له‪.‬‬
‫البصر‪ :‬ذهب اإلمام أبي حنيفة ومحمد إلى عدم قبول شهادة األعمى مطلقا ً وحجتهم في ذلك أنه البد من‬ ‫‪-5‬‬
‫معرفة المشهود له‪ ،‬واإلشارة إليه عند الشهادة فإذا كان أعمى عند التحمل ال يعرف المشهود له من‬
‫غيره فال يقدر على أداء الشهادة‪.‬‬
‫أال يكون محدوداً في قذف‪ :‬ومن شروط األداء التي تعود إلى الشاهد أال يكون محدوداً في قذف لقوله‬ ‫‪-6‬‬
‫ت لُ ِع ُنوا فِي ال ُّد ْن َيا َواآْل خ َِر ِة َولَ ُه ْم َع َذ ٌ‬
‫اب َعظِ ي ٌم"‪.. ‬‬ ‫ت ا ْل ُمْؤ ِم َنا ِ‬
‫ت ا ْل َغافِاَل ِ‬ ‫تعالى " ِإنَّ الَّذِينَ َي ْرمُونَ ا ْل ُم ْح َ‬
‫ص َنا ِ‬
‫الضبط وحسن السماع‪ :‬فال تقبل شهادة المغفل وال المعروف بكثرة الغلط والسهو ألنه ال تحصل الثقة‬ ‫‪-7‬‬
‫‪1‬‬
‫بقوله وال يغلب على الظن صدقه‪.‬‬
‫العدل ‪ :‬هو ما اجتنب الكبائر‪ ،‬ولم يصر على الصغائر‪ ،‬وغلب صوابه‪ ،‬واجتنب األفعال الخسيسة كاألكل‪8‬‬ ‫‪-8‬‬
‫في الطريق العام والبول ونحو ذلك وشرط الشاهد أن يكون عدالً لقول اهللا تعالى ‪‬و أشهدوا ذوي عدل‬
‫منكم" ‪ ،‬والعدالة شرط لقبول الشهادة عند جمهور العلماء‪8.‬‬

‫شروط العدالة في الشهادة‪:‬‬


‫أ‪ .‬أن يكون متجنبا للكبائر‪.‬‬

‫ب‪ .‬أن يكون غير مصرا على القليل من الصغائر‪.‬‬

‫ج‪ .‬أن يكون سليم السريرة‪.‬‬

‫د‪ .‬أن يكون مأمونا عند الغضب‪.‬‬

‫هـ‪  .‬أن يكون محافظا على مروءة مثله‪.‬‬

‫القضاء بشهادة النساء‬


‫تقع خصومات كثيرة بين الناس‪ ،‬وترفع دعاوى بخصوصها إلى القضاء من أجل إيجـاد‬
‫حلول لها‪ ،‬فال بد ل َقبول هذه الدعاوى من توفر مـدعي ومـدعي عليـه ومشهود عليه‬
‫وشهود‪ ،‬فهل يشترط في الشهود أن يكونوا من الرجال فقط‪ ،‬أم تجيز شـهادة النساء؟‬
‫وإن ُأجيزت‪ ،‬هل تجوز شهادتهن وحدهن في أمورهن الخاصة وعيوبهن‪ ،‬أم يشترط‬
‫د‪ .‬مريم عبدالسالم بكر "شهادة النساء من منظور فقهي " ‪ ،‬العدد الثاني والثالثون ‪،‬الجزء الثالث ‪ ،‬صفحة ‪، 1020‬انظر الرابط‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://mksq.journals.ekb.eg/article_7752_b4bbfc33a0a06287990086043f6fc493.pdf‬‬

‫‪4‬‬
‫وجود الرجال معهن‪ ،‬وفي أي الحاالت ممكن َقبول شهادتهن وحدهن‪ ،‬وهل يشترط‬
‫العدد‪ ،‬أم تجـيز امرأة واحدة في ذلك‪1‬؟ إلجابة هذه األسئلة تم اعداد البحث‪.‬‬

‫قُ ّس مت الحاالت التي يجوز القضاء فيها بشهادة النساء‪ ،‬إلى أربعة أقسام وهي على‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬شهادة النساء منفردات‬

‫ثانياً‪ :‬شهادة المرأتين مع الرجل‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬شهادة النساء في الحدود والقصاص‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬شهادة المرأة في الحقوق المدنية‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬شهادة ال ُخنثى‪.‬‬

‫شهادة النساء مفردات‬

‫رجل‪.‬‬ ‫وهي أن يؤدي الشهادة في محضر القاضي عدد من النساء ليس معهن‬

‫اتفق الفقهاء على ثبوت الدعوى أمام القضاء‪ ،‬فيما ال يطلع عليه الرجـال‪ ،‬كـالحيض والوالدة‬
‫والبكارة والثيوبة‪ ،‬وما يخفى على الرجال من عيـوب النـساء‪ ،‬بـشهادة النـساء وحدهن‪ ،‬وقال‬
‫الرسول عليه السالم "شهادة النساء جائزة فيما ال يستطيع الرجال النظر إليه"‪ ، 2‬وقد عل ّل الفقهاء‬
‫َقبول شهادة النساء منفردات فيما ال يطلع عليه الرجال بما يلي ‪:‬‬

‫رسالة ماجستير بعنوان " شهادة النساء "‬ ‫‪1‬‬


‫‪2‬‬

‫"حديث غريب رواه ابن أبي شيبة" ‪ ،‬من كتاب شهادة النساء د‪ .‬علي أبو البصل ‪،‬ص‪155‬‬

‫‪5‬‬
‫‪-1‬أن الرجال ال يباشرون األمور الخاصة بالنساء في الغالب‪ ،‬وألنهم ال يطلعون عليها‪ ،‬ذهب إلى‬
‫هذا القول الحنفية‪.‬‬

‫‪ -2‬عدم حضور الرجال لمثل هذه األمور الخاصة بالنساء‪ ،‬هـذا مـا ذهـب إليـه الـشافعية والمالكية‪،‬‬
‫ما روي عن الزهري أنه قال‪" :‬مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما ال يطلع عليـه غيرهن‪ ،‬من‬
‫والدات النساء وعيوبهن"‪.‬‬

‫إن األمور الخاصة بالنساء ال يحضرها الرجال غالبا‪ ،‬وال يطلعون عليها في العادة‪ ،‬فكان ال بد من‬
‫ثبوت هذه األحكام‪ ،‬فوجب َقبول شهادة النساء على االنفراد؛ للـضرورة تحـصيالً للمصلحة؛ ألن‬
‫الحُجة إلثبات الحقوق مشروعة بحسب اإلمكان‪ ،‬فلو لم تقبل شهادة النـساء في هذه األحوال لضاع‬
‫كثير من الحقوق‪ ،‬وكما أن نظر الجنس إلى جنسه أخف‪ ،‬فسقطت الذكورة في هذه الحاالت؛ ليخف‬
‫النظر منهم إلى عورات النساء ‪ ،‬لذلك تقبل فيه شهادتهن منفردات‪ ،‬ألنها أشياء تراها بعينها‪ ،‬أو‬
‫تلمسها بيدها‪ ،‬أو تسمعها بأذنها ‪ ،‬من غير توقف على عقل‪ ،‬كالوالدة واالستهالل واالرضاع‬
‫والحيض وغيرها‪ ،‬فإن مثل هـذا ال ينسى في العادة‪ ،‬وال تحتاج معرفته إلى إعمال عقل؛ لذلك تقبل‬
‫شهادة النساء وحدهن‪.‬‬

‫الرأي الراجح‪ 1:‬بعد عرض كل األدلة التي درات مناقشتها بين المذاهب األربعة‪ ،‬فإن مـا ذهـب إلیـه‬
‫أصــحاب الــرأي األول القائــل‪ :‬بجــواز قبــول شــهادة النــساء فــي كــل مــاال یطلــع علیــه‬
‫الرجــال مطلقاً‪ ،‬سـواء كـان فـي‪ :‬الرضـاعة‪ ،‬أو االسـتهالل‪ ،‬أو الـوالدة‪ ،‬هـو األولـى بـالقبول؛ ألن‬
‫قبـول شـهادتهن علـى انفـراد تقـرر بأصـل الـشرع للـضرورة‪ ،‬والـضرورة داعیة لقبول شهادتهن‬
‫فیها؛ ألن االستهالل والرضاع یقع دوما ً أمام أعینهن وسمعهن‪ ،‬فكانـت درایتهن بحدوثهما أكیدة‪،‬‬
‫لهذا كانت الحاجة ماسة لقبول شهادتهن‪ ,‬باإلضــافة إلــى أن األحنــاف أنفــسهم لــم یتفقــوا علــى‬
‫رأي واحــد فــي هــذه المــسألة‪ ،‬فجــاء الخـالف فیهـا بـین الـصاحبین‪-‬أبـي یوسـف ومحمـد‪ -‬وأبـي‬
‫حنیفة‪ ،‬وهـذا یؤكـد مـا ذهبنـا إلیـه مـن قبول شهادتهن في االستهالل والرضاع‪ ،‬واهللا أعلم‪.‬‬

‫الحاالت التي يجوز القضاء فيها بشهادة النساء منفردات‪:‬‬

‫عيوب النساء مما ال يطلع عليه الرجال‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫ً‬
‫‪--1‬عيوب ال يجوز للرجال النظر إليها مطلقا سوا ًء كانوا محارم أم أجانب‪ ،‬وهو ما بين‬
‫الـسرة والركبة‪ ،‬كعيوب الوالدة‪ ،‬وهذا القسم متفق على جواز شهادة النـساء فيـه منفردات‪.‬‬
‫‪- -2‬ما يجوز للرجال النظر إليه مطل ًقا سواء كانوا محارم أم أجانب‪ ،‬وهو الوجه والك ّفان‪،‬‬
‫وهذا ال تجوز فيه شهادة النساء منفردات‪.‬‬

‫الرَّ ضاع ‪ :‬شهادة النساء منفردات في الرضاع جائزة‪ ،‬وتقع الفرقة بين الزوجين على إثـر‬ ‫ب‪-‬‬
‫شهادة النساء باإلرضاع‪ ،‬واستدل اإلمام الشافعي لذلك بحديث عقبة بن الحارث‪ ،‬حيث‬
‫شهدت امرأة واحدة أن عقبة وزوجته أخوين في الرضاع ‪ ،2‬ف َك ِره النبي لعقبة االستمرار‬
‫بعقد النكـاح بقولهـا‪ ،‬وذلك ورعا ال حكماً‪ ،‬كما قال اإلمام الشافعي‪-‬رحمه اهللا‪ ،-‬ويستنبط من‬

‫د‪ .‬محمد زيدان زيدان "اإلثبات بشهادة النساء منفردات " ص‪ 80‬مجلة جامعة األزهر ‪ ,‬غزة ‪ ,‬مجلة العلوم االنسانية‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح بخاري‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬
‫الحديث أنه تجب على الرجل المفارقة ‪ .‬ولكن هناك رأي اخر‪ :‬أن الرضاع مما يجوز أن‬
‫يطلع عليه الرجال من ذوي األرحام‪ ،‬فال ضرورة ل َقبـول شـهادة النساء فيه على االنفراد؛‬
‫ألن َقبول شهادتهن بانفرادهن في أصول الشرع للضرورة‪ ،‬وهي عـدم اطالع الرجال على‬
‫المشهود به‪ ،‬فإذا جاز االطالع عليه من قبل الرجال‪ ،‬لم تتحقق الضرورة‪ ،‬بخالف الوالدة‬
‫التي ال يجوز ألحد فيها من الرجال ان يطلع عليها فدعت الضرورة للقبول بشهاداتهن‬
‫وحدهن‪.1‬‬

‫االستهالل‪ :‬يقال‪ :‬استهل الصبي بالبكاء‪ :‬أي رفع صوته وصاح عند الوالدة‪ ،‬فاالستهـالل هو‬ ‫ت‪-‬‬
‫الشيء الذي يُعلم به حياة الولد عند والدتـه كصوتـه وحركتـه وأمثالهما‪ ،‬لكن إذا ا ّدعت‬
‫المرأة التي مات ولدها أثناء الوضع‪ :‬أن ولدها وُ ضِ َع حيا ً حتى أنه بكى‪ ،‬فطلبت حصة من‬
‫حصته الموروثة عن أبيه المتوفى‪ ،‬فال تجوز شهادة النساء منفردات‪ ،‬ال يقبل في ذلـك أقل‬
‫من رجلين أو رجل وامرأتين‪.‬‬

‫والطرد من الخير‪ ،‬واللِّعان والمالعنة‪ :‬اللَّعن بين‬ ‫َّ‬ ‫شهادات اللعان‪ :‬اللَّعن في اللغة‪ :‬اإلبعاد‬ ‫ث‪-‬‬
‫اثنين فصاعدا واللِّعان في االصطالح‪ :‬هو ما شرعه القرآن بين الزوجين حينما يقذف‬
‫الرجل زوجه بالزنـا وال شهود لديه‪ ،‬فيقسم أربع مرات باهلل إنه صادق في قذفه لها‪،‬‬
‫والخامسة أن لعنة هللا عليه إن كـان من الكاذبين‪ .‬وإذا أرادت أن تبرئ نفسها‪ ،‬وترد عنها‬
‫والحد أقسمت أربع مرات باهلل أنه كاذب‪ ،‬والخامسة أن غضب اهللا عليها إن كان من‬ ‫َ‬ ‫التهمة‬
‫َ‬ ‫هَّللا‬
‫ض َب ِ َعل ْيها‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬
‫ِسة نَّ غ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫هَّلل‬
‫ت ِبا ِ ِإنه لمِنَ الكاذِبِينَ َوالخام َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫الصادقين‪ ،‬لقوله تعالى " نْ تش َه َد ْر َب َع ش َها َدا ٍ‬
‫ِإنْ َكانَ مِنَ ال َّ‬
‫صا ِدقِينَ "‪.2‬‬

‫الحاالت التي يجوز إثبات بشهادة المرأتين والرجل‬

‫كانت هناك قوانين قديمـة في بعـض مقاطعات الهند تمنع النساء من دخول ساحة المحكمة‪ ،‬وتكتفي‬
‫بأن توقفهن على عتبة الجلسة ألداء الشهادة‪ .‬ومنها من لم تقبل النساء أصالً للشهادة‪ .‬أما قانون مانو‬
‫"‪ 3"Manou‬فقد كان يكتفي بشهادة رجل واحد ويفضلها على أي شهادة ألي عدد كان من النساء‬
‫مهما كن فاضالت‪ .‬بينما طرحت القوانين الحديثة جانبا ً هذه التقاليد القديمة‪ ،‬وسوت بين الرجل‬
‫والمرأة في قيمة الشهادة كمبدأ عام تاركة للقاضي حرية َقبول الشهادة وردها‪.‬‬

‫لكن اتفق الفقهاء المسلمين على جواز شهادة النساء مع الرجال‪ ،‬عمال بقوله سبحانه وتعالى "‬
‫شهَدَ اءِ َأنْ َتضِ ل َّ ِإ ْح َدا ُه َما َف ُت َذك َر‬
‫ِّ‬ ‫ض ْونَ مِنَ ال ُّ‬ ‫ام َرَأ َت ِ‬
‫ان ِممَّنْ َت ْر َ‬ ‫ش ِهيدَ ْي ِن مِنْ ِر َجالِ ُك ْم َفِإنْ لَ ْم َي ُكو َنا َر ُجلَ ْي ِن َف َر ُجل ٌ َو ْ‬
‫ش ِهدُوا َ‬
‫اس َت ْ‬
‫َو ْ‬
‫ِإ ْحدَ ا ُه َما اُأْل ْخ َرى" ‪ ،‬ولكنهم اختلفوا في تحديد الحقوق التي تثبت بشهادة النساء مع الرجال ‪ ،‬من حيث‬
‫شهادة النساء في الحدود والقصاص ‪ ،‬وشهادتهن في الحقوق المدنية ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمد زيدان زيدان "اإلثبات بشهادة النساء منفردات " ص ‪ ,71‬مجلة جامعة األزهر ‪ ,‬غزة ‪ ,‬مجلة العلوم االنسانية‬
‫‪ 2‬سورة النور ‪ ,‬اية ‪6‬‬
‫‪ 3‬هو العقيدة الدينية للهنود القدماء‪ ،‬وضع في القرن الثالث عشر قبل الميالد‪ ،‬إلرشاد فئة البراهمة في السلوك اإلنـساني‪ ،‬مـن حياتهم إلى مماتهم وهو عبارة‬
‫عن أبيات شعرية بلغت (‪ 2685‬بيتاً) ‪ ،‬تتعلق بأمور الدين واألخالق واالقتصاد‪ .‬لم يهـدف إلى تحقيق المساواة‪ ،‬بل قسّم المجتمع إلى أربع طبقات‪ ،‬طبقة‬
‫البراهمة (الكهنة) وطبقة المحاربين وطبقة الزراع والتجار وطبقة العمال‪ .‬قانون مانو‪ ،‬جوريسبيديا‪ ،‬موسوعة القانون المشارك‪، .،‬‬
‫‪https://ar.jurispedia.org/index.php?title‬‬

‫‪7‬‬
‫شهادة النساء في الحدود ‪1‬والقصاص‪ 2‬وفيه قولين‬
‫القول األول ‪ :‬قال بعدم قبول شهادة النساء في الحدود والقصاص ‪ ،‬وهذا القول لجمهور الفقهاء من‬
‫الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة‪ ،‬وجاء في المدونة" أرأيت‪ ‬شهادة‪ ‬رجل وامرأتين أتجوز‬
‫على‪ ‬شهادة‪ ‬رجل في‪ ‬القصاص قال ال‪ ‬تجوز‪ ‬شهادة‪ ‬النساء في الحدود وال في‪ ‬القصاص"‪ ،3‬وأيضا‬
‫اجلِدُو ُه ْم َث َمانِينَ َج ْلدَ ًة َواَل َت ْق َبلُوا لَ ُه ْم َ‬
‫ش َهادَ ًة‬ ‫ت ُث َّم لَ ْم َيْأ ُتوا ِبَأ ْر َب َع ِة ُ‬
‫ش َه َدا َء َف ْ‬ ‫قوله تعالى " َوالَّذِينَ َي ْر ُمونَ ا ْل ُم ْح َ‬
‫ص َنا ِ‬
‫َأ َب ًدا ۚ وأولئك ُه ُم ا ْل َفاسِ قُونَ "‪ ، 4‬وجه الداللة هنا تنصيص الحق سبحانه وتعالى على عدم ثبوت الزنا إال ً‬
‫بشهادة أربعة شهداء ‪ ،‬كما أن داللة اللغة تدل على مخالفة العدد المعدود تذكيرا وتأنيث ‪ ، ،‬فهذا يدل‬
‫على اعتبار المذكر في هذه الشهادة دون المؤنث ولو كانت شهادة النساء مقبولة لكان النص (بأربع‬
‫‪5‬‬
‫شهداء)‪.‬‬

‫القول الثاني‪ :‬قالوا بجواز شهادة النساء في كل الحقوق على اإلطالق سواء مع الرجال أم منفردات‬
‫وهذا القول للظاهرية‪ ،‬وقال ابن حزم " وال يجوز أن يقبل في الزنى أقل من أربعة رجال عدول‬
‫مسلمين‪ ،‬أو مكان كل رجل امرأتان مسلمتان عدلتان‪ ،‬فيكون ذلك ثالثة رجال وامرأتين‪ ،‬أو رجلين‬
‫وأربع نسوة ‪ ،‬أو رجال واحدا وست نسوة ‪ ،‬أو ثمان نسوة فقط" ‪.‬‬

‫شهادة النساء في الحقوق المدنية وفيه قولين‬


‫القول األول‪ :‬شهادة النساء غير مقبولة فيما ليس بمال وال يقصد به المال وليس بعقوبة ويقصد به‬
‫النكاح والطالق والرجعة والعتاق والنسب والوكالة في غير المال مما يطلع عليه الرجال غالبا ً‪، 6‬‬
‫وقال الزهري "مضت السنة أنه ال يجوز‪ ‬شهادة النساء في الحدود وال النكاح وال الطالق "‬

‫القول الثاني‪ :‬شهادة النساء في المال وما يقصد به المال ‪ ،‬ال خالف بين الفقهاء على قبول شهادة‬
‫النساء في المال كالبيع ‪ ،‬واإلقالة ‪ ،‬والحوالة ‪ ،‬والضمان ‪ ،‬والرهن‪ ،‬بوجود رجل وامرأتين‪.‬‬

‫شهادة ال ُخنثى‬
‫وتخنث أي ت َثنى وت َكسر‪ ،‬واالنخ ُ‬
‫ِناث‪ :‬التثني والت َكسر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ال ُخنثى في اللغة‪ :‬يقال‪ :‬خ َ‬
‫ِنث‬

‫اصطالحً ا‪ :‬هو من له ذكر الرجال وفرج النساء‪ .‬وسمي بال ُخنثى؛ ألن حاله تنقص عن حـال‬
‫الرجال‪ ،‬ويفوق حال النساء‪.‬‬

‫الحدود هي عقوبة مقدرة شرعها هللا لحماية االنسان واألموال واألعراض‪ ،‬ومقاديرها محددة من هللا وال يمكن تغييرها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫القصاص ان يعاقب الجاني بمثل فعله بالمجني عليه فيقتل كما قتل ويجرح كما جرح وهي عقوبة مقدرة ال يمكن تغييرها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫التفريع في فقه اإلمام مالك بن انس ‪ 2-1‬ج‪ ، 2‬انظر الرابط ?‪https://books.google.ps/books‬‬
‫‪id=JV9wDwAAQBAJ&pg=PT242&lpg=PT242&dq‬‬
‫‪ 4‬سورة النور ‪ ،‬اية ‪4‬‬
‫‪ 5‬شهادة النساء في الفقه اإلسالمي للدكتور علي أبو البصل صفحة ‪150‬‬
‫‪ 6‬شهادة النساء في الفقه اإلسالمي للدكتور علي أبو البصل صفحة ‪153‬‬

‫‪8‬‬
‫وال ُخنثى على قسمين مشكل وواضح‪ ،‬فمن له اآللتان إن ظهرت فيه عالمات الرجـال حكم‬
‫بذكوريته‪ ،‬وإن ظهرت فيه عالمات النساء حكم بأنوثته‪ ،‬ويسمى من ظهرت فيه إحدى العالمتين‬
‫واضحا‪ ،‬وإن وجدت فيه العالمات واستوت فيه فهو مشكل‪.‬‬

‫ويقع اإلشكال في األحكام الشرعية الواجبة له وعليه‪ ،‬والذي نحن بصدده من األحكام الخاصة‬
‫بال ُخنثى‪ ،‬الشهادة‪ ،‬هل تقبل شهادته في جميع المواضع ملحقا بالرجال‪ ،‬أم يلحق بالنـساء فتقبل‬
‫شهادته في بعض المواضع دون بعض‪.‬‬

‫اتفق العلماء أن األصل في شهادة ال ُخنثى المشكل الجواز؛ ألنه رجل أو امرأة‪ ،‬وشـهادة الجنسين‬
‫جائزة بالنص‪ ،‬وذلك إذا شهد مع رجل وامرأة‪ ،‬فلو شهد مع رجل واحـد أو امـرأة واحدة ال تقبل إال‬
‫إذا زال اإلشكال بظهور ما يحكم به بأنه رجل أو امرأة‪ ،‬فقد أخذ العلمـاء باألحوط في هذه المسألة‪،‬‬
‫ويتجلى وجه ذلك أن ال تقبل شهادة ال ُخنثى المشكل إال في األمـوال‪ ،‬وحكمه في الشهادة في هذا‬
‫الموضع حكم المرأة‪.‬‬

‫الخاتمة "النتائج"‬
‫فـي ختـام هـذا البحـث‪ ،‬أود أن أوضح أهـم النتـائج التـي تم التوصل مـن خاللـه علـى النحو التالي‪:‬‬

‫‪- ١‬إن الشهادة هي‪ :‬إحدى وسائل اإلثبـات المعتمـد علیهـا فـي إثبـات الحقـوق‪ ،‬وأنهـا تراجعـت‬
‫منزلتها أمام الكتابة‪ ،‬التي یعول علیها اآلن فـي وسـائل اإلثبـات؛ ذلـك لتـشعب المعـامالت المالیـة‪،‬‬
‫والحاجـة ماســة لكتابتهـا‪ ،‬ولخــراب الـذمم وكثــرة شـهود الــزور‪ ،‬وغیـاب الــضمیر‪ ،‬والوازع‬
‫الدیني‪.‬‬

‫‪- ٢‬مـن البحـث تبـین اتفـاق الفقهـاء علـى مـشروعیة شـهادة النـساء دون الرجـال فیمـا ال یطلـع‬
‫علیه الرجال‪.‬‬

‫‪- ٣‬تبـین أیـضا ً االخـتالف بـین الفقهـاء فـي العـدد الـذي یقبـل فیـه شـهادة النـساء دون الرجـال‪ ،‬وقد‬
‫ُر ِج َح الرأي القائل‪ :‬بأن العدد الذي یقبل به شـهادة النـساء وحـدهن هـو‪ :‬امرأتـان‪ ،‬ما عدا الرضاع‬
‫فإنه ي ُكتفى بشهادة امرأة واحدة؛ لقیام الدلیل الشرعي على ذلك‪.‬‬

‫‪- ٤‬شـــهادة النـــساء ال رجـــل معهـــن فیمـــا ال یطلـــع علیـــه الرجـــال جـــائزة مـــشروعة‪ ،‬إال‬
‫فـــي االستهالل والرضاع‪ ،‬كما ذهب إلیه الحنفیة‪ ،‬وقد ُر ِج َح مـا ذهـب إلیـه الجمهـور مـن قبول‬
‫شهادتهن فـي كـل مـاال یطلـع علیـه الرجـال‪ ،‬یـستوي أن یكـون ذلـك فـي‪ :‬االسـتهالل‪ ،‬أو الرضاع‪،‬‬
‫أو غیره من‪ :‬والدة‪ ،‬وعیوب النساء تحت الثياب‪.‬‬

‫‪9‬‬
 

10
11
12
13
14
15
16
17

You might also like