You are on page 1of 8

‫سطام جدي السبيعي‬

‫الجدل واملنطق‬
‫خصائص الجدل القرآني ‪:‬‬

‫‪ .1‬مخاطبته لكل الناس حسب مداركهم‬

‫بما أن القرآن الكريم جاء للناس جميعا‪ ،‬لألحمر ولألسود ولألبيض‪ ،‬دون أن تقتصر دعوته على جيل معين أو زمان معين وجب‬
‫أن يقع الناس جميعا باختالف مداركهم ومستوياتهم وأشكالهم وألوانهم وتعدد نزعاتهم‪ ،‬ووجب أن يكون أسلوبه ال يعلو على‬
‫مدارك طائفة وال ينزل عن مدارك طائفة أخرى‪ ،‬وال يرض ي طائفة دون أخرى بل يجد فيه بغيته الجميع دون استثناء‪ ،1‬ومن ثم‬
‫فاملتدبر آلياته املتفكر في مناهجه يجد فيه ما يعلم الجاهل وينبه الغافل ويرض ي نهمة العالم‪ 2‬فالقرآن الكريم وما يشتمل من‬
‫أدلة هو واضح للعامي يدرك ما يناسب خياله ويسمو إليه إدراكه وما يدرآه منه صدق وال شبهة فيه ويرى فيه العالم الباحث‬
‫ينَ َكفََرواَأَ َنَ‬‫ََ‬
‫حقائق صادقة ملا وصل إليها العلم الحديث بعد تجارب ومجهودات عقلية ‪ ،‬لنقرأ قوله تعالى مثال ﴿ أ َوََلََيََرَالذ َ‬
‫‪3‬‬

‫اَرتَقَاَفَفَتَقَنَا َُهَاََ﴾‪ 4‬فالعامي من الناس يرى فيها علما لم يكن يعلم قد أدركه بأسهل بيان وأبلغه كما‬ ‫سم َ‬
‫ضَ َكانَتَ َ‬
‫َو َاْل ََر َ‬
‫اوات َ‬
‫ال َ َ َ‬
‫يرى فيه العالم والفيلسوف الباحث عن نشأة الكون‪ ،‬دقة العلم وإحكامه وموافقته ما وصل إليه العقل البشري مع سمو‬
‫البيان وعلو الدليل ‪..‬‬

‫‪ .2‬متانته وإحكامه‬

‫فإذا تأملنا القرآن وما يسوقه من جدل نجد أن حججه وبراهينه "قامت على أسس متينة من الجودة واإلحكام سواء أكان ذلك‬
‫في نظمها وتراكيبها أم في صحة مقدماتها ونتائجها وبعد مراميها في معالجة أدواء القلوب إصالح املجتمعات اإلنسانية‪"5‬‬

‫‪ .3‬اإلرشاد والتوجيه والدعوة بالتي هي أحسن‬

‫كان جدل القرآن يدعو آل من يتصدى للتوجيه والدعوة و اإلصالح إلى استعمال الرفق واللين والجدال بالتي هي أحسن‪،‬‬
‫فلقد أمر هللاا نبيه موس ى وأخاه هارون عليهما السالم أن يدعوا فرعون بالتي هي أحسن‪ .‬حيث قال هللاا تعالى ‪ ﴿ :‬فقوال له قوال‬
‫ى ﴾‪6‬‬ ‫لينا لعله يتذكر أو يخش‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬أبو زهرة ‪ :‬تاريخ الجدل ص ‪61‬‬


‫‪ 2‬انظر المصدر نفسه‬
‫‪ 3‬انظر المصدر نفسه ص ‪62‬‬
‫‪ 4‬سورة األنبياء‪ ،‬الية ‪30‬‬
‫‪ 5‬زاهر عواض األلمعي ‪ :‬مناهج الجدل في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪89‬‬
‫‪ 6‬طه ‪44 :‬‬
‫أساليب الجدل القرآني ‪:‬‬

‫‪ .1‬االستفهام التقريري‬

‫وهو االستفهام عن املقدمات البينة البرهانية التي ال يمكن ألحد ان ينكرها‪ ،‬وهي تدل على املطلوب لتقرير املخاطب بالحق‬
‫والعترافه بإنكار الباطل‪.‬‬

‫وهذا النوع من أحسن جدل القرآن بالبرهان فإن الجدل إنما يشترط فيه أن يسلم الخصم باملقدامات أو أن تكون بينة‬
‫معروفة فإذا كانت بينة معروفة كانت برهانية‪7‬‬

‫وأعلم أن القرآن ال يستدل في مجادالته بمقدمة ملجرد الخصم بها‪ ،‬كما هي الطريقة الجدلية املعروفة عند أهل املنطق بل‬
‫يستدل بالقضايا واملقدمات التي يسلمها الناس لتكون ادعى لالنقياد للحق ومجانبة الباطل‪ ،‬وال شك أن في االستفهام‬
‫استشارة وبيانا ملا في النفوس ليكون اإللزام أبلغ وأقوى‪8‬‬

‫ومن أمثلة االستفهام التقريري ما يلي ‪:‬‬

‫َوَه َوَا َْلَََّل َقَالَعَلََي َمََ﴾ ( يس ‪) 81 :‬‬ ‫اتَو َاْلَرضَبَقَادَرََعلَى َ َ‬


‫َأَنََيَلَ َقَمثَلَ َهمَََبَلَ َى َ‬ ‫ََ‬ ‫او َ َ َ‬
‫‪ .1‬قوله تعالى ‪ ﴿ :‬أَولَيسَالَذَيَخلَقَالسَم َ‬
‫َ َ ََ‬ ‫ََ َ‬
‫َ‪َ.‬وَه َديَنَاهََالنجدين ﴾ ( البلد ‪.) 8 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ .2‬قوله تعالى ‪ ﴿ :‬أَََلَ َ َ‬
‫َو َشفَتََْي َ‬
‫ساانَ َ‬
‫َ‪َ.‬ول ََ‬
‫ََنَعَلَلهََعَيَنََْي َ‬

‫‪ .2‬االستدالل بالقصص القرآني ‪:‬‬

‫قد يساق الدليل في قصة ويأخذ صورته من واقع الحياة في حوادثها‪ ،‬فتصفي إليه اآلذان‪ ،‬وتميل إليه النفوس‪ ،‬وترتاح إليه‬
‫األفئدة‪ ،‬وتتأثر بما فيها من عظات وعبر‪.‬‬

‫وقد اتخذ القرآن الكريم من القصص سبيال لإلقناع والتأثير‪ ،‬وفي ضمن القصة أدلة على بطالن الشرك وعبادة األوثان‪،‬‬
‫وقد يكون موضوع القصة رسوال يعرفون قدره ومكانته كإبراهيم وموس ى عليهما السالم‪ ،‬فإن معظم العرب كانوا يعظمون‬
‫إبراهيم عليه السالم ألنهم ينتسبون إليه وكانوا يزعمون أنهم على ملته‪ ،‬واليهود تعظمه أيضا وتعظم موس ى عليه السالم‪،‬‬
‫ومجيء الدليل على لسان رسول يقر بفضله املخالفون كإبراهيم عند العرب وموس ى عند بني إسرائيل يعطي الدليل قوة‬
‫فوق قوته‪ ،‬إذ تكون الحجة قد أقيمت عليهم من جهتين ‪ :‬من جهة قوة الدليل الذاتية‪ ،‬ومن جهة أن الذي قاله رسول امين‬
‫يعرفونه‪ ،‬فيكون هذا قوة إضافية‪ ،‬وفوق ذلك فيه إلزام وإفحام إذ أنهم يدعون انهم أتباعه‪.‬‬

‫‪ 7‬منهج الفرقان ( محمد علي سالمة )‬


‫‪ 8‬زاهر عواض األلمعي ‪ :‬مناهج الجدل في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪81‬‬
‫فقصة إبراهيم مع قومه في إبطال عبادة الكواكب ومجادلته للنمرود في إثبات الوحدانية هلل‪ ،‬وقصة موس ى مع فرعون وما‬
‫دار بينهما من صراع انتهى بانتصار الحق على الباطل‪ ،‬كل ذلك يجيء دليال على صدق انبياء هللاا ورسوله فيما جاؤا به من‬
‫دعوة لإليمان وهداية للبشرية‪9‬‬

‫‪ .3‬مطالبة الخصم بتصحيح دعواه وإثبات كذبه في مدعاه‬

‫وذلك كدعوى اليهود بان النار لم تمسهم إال بقدر األيام التي عبدوا فيها العجل كما ذكرها بعض املفسرين فال تعالى ‪:‬‬
‫ىَاَّللََمَ َ‬
‫اََّلَتَعَلَ َمو َن﴾‬ ‫َاَّللََعَهَ َدهََََأَمََتَقَولَو َنَعَلَ َ‬
‫ف ََ‬ ‫َاَّللََعه َداَفَلَ َ َ‬ ‫َارَإَََّلَأَََّيمَاَمَعَ َدودَةَََقَلََأَََّتَذَ َُتََعَ َ‬
‫نََيَل َ‬ ‫ند َ َ َ‬ ‫سنَاَالن َ‬
‫﴿ َوقَالَواَلَنََتََ َ‬
‫( البقرة ‪) 80 :‬‬

‫ومن املعلوم أن هذه الدعوى كانت في أمر غبي ال يثبت إال بالوحي فكأن القرآن الكريم قال لهم ‪ :‬دعواكم هذه مبنية على‬
‫احد افتراضين ‪ :‬إما أن يكون عندكم عهد من هللاا وبرهان على ما تقولون فيلزمكم اإلدالء به‪ ،‬وهللاا ال يخلف عهده‪ ،‬وإما ان‬
‫يكون قولكم هذا نقوال على هللاا بال علم فتكون دعواكم خالية من الدليل‪.‬‬

‫وبما أنه لم يثبت عندكم من هللاا عهد فقد انتفى هذا االفتراض‪ ،‬وثبت االفتراض الثاني وهو أن دعواكم خالية من الدليل‬
‫فبطلت لخلوها من العلم والبرهان‪ ،‬وهذا النوع كثير في القرآن الكريم‪ ،‬وهو نوع بديع من أنواع الجدل ألن فيه قطعا‬
‫للخصم و إفحاما له‪10.‬‬

‫‪ 9‬زاهر عواض األلمعي ‪ :‬مناهج الجدل في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪81‬‬


‫‪ 10‬نفس المرجع السابق‬
‫قواعد الجدل في القرآن الكريم‬

‫القاعدة األولى ‪ :‬في الزم املذهب‬

‫أوال‪ :‬ينبغي أن يعلم أن الالزم من قول هللاا تعالى‪ ,‬وقول رسوله صلى هللاا عليه وسلم إذا صح أن يكون الزما فهو حق‪ ،‬يثبت ويحكم‬
‫به‪ ،‬ألن كالم هللاا ورسوله حق‪ ،‬والزم الحق حق؛ وألن هللاا تعالى عالم بما يكون الزما من كالمه وكالم رسوله‪ ،‬فيكون مرادا‪11‬‬

‫كذلك قول اإلنسان إما أن يكون موافقا للكتاب والسنة فيكون حقا‪ ،‬والزمه حقا‪ ،‬وإما أن يكون مخالفا للكتاب والسنة فيكون‬
‫باطال والزمه باطال‪12‬‬

‫ثانيا‪ :‬الالزم من قول العالم له ثالث حاالت ‪13:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬أن يذكر له الزم قوله فليتزمه‪ ،‬مثل أن يقول ملن يثبت وزن األعمال في اآلخرة‪ :‬يلزمك القول بجواز وزن األعراض‪.‬‬
‫فيقول املثبت‪ :‬نعم التزم به‪ ،‬ألن أحوال اآلخرة تختلف عن أحوال الدنيا‪ ،‬وهللاا تعالى على كل ش يء قدير‪ ،‬ثم إنه قد وجد في زماننا‬
‫هذا موازين للحرارة‪ ,‬والبرودة‪ ,‬واإلضاءة‪ ,‬ونحو ذلك من األعراض‪.‬‬

‫وهذا الالزم يجوز إضافته إليه إذا علم منه أنه ال يمنعه‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أن يذكر له الزم قوله‪ ،‬فيمنع التالزم بينه وبين قوله‪ ،‬مثل أن يقول نافي الصفات ملن يثبتها‪ ،‬يلزمك أن يكون هللاا‬
‫تعالى مشابها للخلق في صفاته‪ ،‬فيقول املثبت‪ :‬ال يلزم ذلك؛ ألننا عندما أضفنا الصفات إلى الخالق سبحانه قطعنا توهم‬
‫االشتراك واملشابهة‪ ،‬كما أنك أيها النافي للصفات‪ ،‬تثبت ذاتا هلل تعالى وتمنع أن يكون هللاا مشابها للخلق في ذاته‪ ،‬فقل ذلك أيضا‬
‫في الصفات إذ ال فرق بينهما‪.‬‬

‫وهذا الالزم ال يجوز إضافته إليه بعد أن بين هو وجه امتناع التالزم بين قوله وبين ما أضيف إليه‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬أن يكون الالزم مسكوتا عنه فال يذكر بالتزام وال منع‪ ،‬فهذا حكمه أن ال ينسب إليه‪ ،‬ألنه إذا ذكر له الالزم‪ :‬فقد‬
‫يلتزمه‪ ،‬وقد يمنع التالزم‪ ،‬وقد يتبين له وجه الحق فيرجع عن الالزم وامللزوم جميعا‪ .‬وألجل هذه االحتماالت فال ينبغي إضافة‬
‫الالزم إليه وال سيما أن اإلنسان بشر وتعتريه حاالت نفسية وخارجية توجب له الذهول عن الالزم؛ فقد يغفل‪ ،‬أو يسهو‪ ،‬أو‬
‫ينغلق فكره‪ ،‬أو يقول القول في مضايق املناظرات من غير تدبر في لوازمه‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ 11‬انظر‪ :‬القواعد المثلى للعثيمين (ص‪.)12 ،11 :‬‬


‫‪ 12‬انظر‪ :‬القواعد النورانية البن تيمية (ص‪.)128 :‬‬
‫‪ 13‬انظر‪ :‬القواعد النورانية (ص‪)129 ،128 :‬‬
‫القاعدة الثانية ‪ :‬االستدالل بالدليل املتفق عليه على املسألة املتنازع فيها‬

‫الخصمان إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أم ال‪ ،‬فإن لم يتفقا على ش يء‪ ،‬لم تقع بمناظرتهما فائدة‪ ،‬وإذا كانت الدعوى البد‬
‫لها من دليل‪ ،‬وكان الدليل عند الخصم متنازعا فيه‪ ،‬ليس عنده بدليل‪ ،‬صار اإلتيان به عبثا‪ ،‬ال يفيد فائدة وال يحصل‬
‫مقصودا‪ ،‬إذ مقصود املناظرة رد الخصم إلى الصواب بطريق يعرفه‪ ،‬فالبد من الرجوع إلى دليل يعرفه الخصم السائل‪ ،‬معرفة‬
‫الخصم املستدل‪:‬‬

‫ولهذا كان الرجوع عند املسلمين إلى الكتاب والسنة‪ ،‬التفاقهم عليهما‪ ،‬وكان املرجوع إليه عند التنازع مع غير املسلمين ما يسلم‬
‫به الكفار‪ ،‬كما قال تعالى‪ - :‬في محاجة الكفار ‪ ﴿ :‬قل ملن األرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون ّلِل قل أفال تذكرون قل‬
‫من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون ّلِل قل أفال تتقون قل من بيده ملكوت كل ش يء وهو يجير وال يجار‬
‫عليه إن كنتم تعلمون سيقولون ّلِل قل فأنى تسحرون بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ﴾(املؤمنون‪14)90-84 :‬‬

‫القاعدة الثالثة ‪ :‬املعارضة الصحيحة هي التي يمكن طردها‬

‫قال تعالى‪ ﴿ :‬ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه هللاا امللك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت‬
‫قال إبراهيم فإن هللاا يأتي بالشمس من املشرق فأت بها من املغرب فبهت الذي كفر وهللاا ال يهدي القوم الظاملين ﴾(البقرة‪.)258 :‬‬

‫فلما سوى امللحد نفسه باهلل تعالى في ادعاء اإلحياء واإلماتة طالبه إبراهيم بطرد املساواة‪ ،‬وهي أن من حقوق الربوبية التصرف‬
‫في الكون‪ ،‬وفي كواكبه وأجرامه‪ ،‬ومن ذلك أن هللاا تعالى يسير الشمس من املشرق على املغرب‪ ،‬فإن كنت صادقا في ادعاء املساواة‬
‫هلل تعالى في اإلحياء واإلماتة‪ ،‬فأعكس حركة هذه الشمس‪ ،‬واجعلها تسير من املغرب إلى املشرق‪ ﴿ ،‬فبهت الذي كفر وهللاا ال يهدي‬
‫القوم الظاملين ﴾‪15‬‬

‫تطبيق الجدل على مباحث العقيدة من القرآن الكريم ‪:‬‬

‫مجادلة نوح عليه السالم قومه في دعوته إلى عبادة هللاا وحده‪ ،‬وعدم اإلشراك به‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬و﴿ لقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني‬
‫لكم نذير مبين أن ال تعبدوا إال ّللا إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال املأل الذين كفروا من قومه ما نراك إال بشرا مثلنا‬
‫وما نراك اتبعك إال الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين قال يا قوم أرأيتم إن كنت على‬
‫بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم ال أسألكم عليه ماال إن أجري إال على‬
‫ّللا ومآ أنا بطارد الذين آمنوا إنهم مالقو ربهم ولـكني أراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرني من ّللا إن طردتهم أفال تذكرون‬
‫وال أقول لكم عندي خزآئن ّللا وال أعلم الغيب وال أقول إني ملك وال أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم ّللا خيرا ّللا أعلم‬

‫‪ 14‬انظر‪ :‬الموافقات (‪.)335/4‬‬


‫‪ 15‬انظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪)463/1‬‬
‫بما في أنفسهم إني إذا ملن الظاملين قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم‬
‫به ّللا إن شاء وما أنتم بمعجزين ﴾ ( هود ‪) 33 – 25 :‬‬

‫تطبيق الجدل على مباحث العقيدة من السنة النبوية ‪:‬‬

‫لجدال الذي دار بين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وبين النبي صلى هللاا عليه وسلم في غزوة األحزاب‪ .‬قال ابن كثير‪ :‬قال ابن‬
‫إسحاق‪ ( :‬فأقام رسول هللاا صلى هللاا عليه وسلم مرابطا‪ ،‬وأقام املشركون يحاصرونه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر‪ ،‬ولم‬
‫يكن بينهم حرب إال الرمي بالنبل‪ .‬فلما اشتد على الناس البالء بعث رسول هللاا صلى هللاا عليه وسلم‪ ...‬إلى عيينة بن حصن‬
‫والحارث بن عوف املري‪ ،‬وهما قائدا غطفان‪ ،‬وأعطاهما ثلث ثمار املدينة‪ ،‬على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه‪ ،‬فجرى‬
‫بينه وبينهم الصلح‪ ،‬حتى كتبوا الكتاب‪ ،‬ولم تقع الشهادة وال عزيمة الصلح‪ ،‬إال املراوضة‪ .‬فلما أراد رسول هللاا صلى هللاا عليه‬
‫وسلم أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك‪ ،‬واستشارهما فيه‪ .‬فقاال‪ :‬يا رسول هللاا‪ ،‬أمرا تحبه فنصنعه‪ ،‬أم شيئا‬
‫أمرك هللاا به ال بد لنا من العمل به‪ ،‬أم شيئا تصنعه لنا؟ فقال‪ :‬بل ش يء أصنعه لكم‪ ،‬وهللاا ما أصنع ذلك إال ألني رأيت العرب‬
‫رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب‪ ،‬فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما‪ .‬فقال له سعد بن معاذ‪ :‬يا رسول‬
‫هللاا‪ ،‬قد كنا وهؤالء على الشرك باهلل وعبادة األوثان‪ ،‬ال نعبد هللاا وال نعرفه‪ ،‬وهم ال يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إال قرى‬
‫أو بيعا‪ ،‬أفحين أكرمنا هللاا باإلسالم وهدانا له وأعزنا بك وبه‪ ،‬نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة‪ ،‬وهللاا ال نعطيهم إال السيف‪،‬‬
‫حتى يحكم هللاا بيننا وبينهم! فقال النبي صلى هللاا عليه وسلم‪ :‬أنت وذاك‪ .‬فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من‬
‫الكتاب‪ ،‬ثم قال‪ :‬ليجهدوا علينا )‪16‬‬

‫مثال على مناظرة عامة ‪:‬‬

‫ذكر أن نصرانيا ورد قرطبة في أيام علمائها‪ ،‬وطلب املناظرة فاتفق أن اجتمع به ابن الطالع‪ ،‬فقال له النصراني ‪ :‬ما تقول في‬
‫عيس ى ؟ فقال له ابن الطالع ‪ :‬لعلك تريد املبشر بمحمد ؟ فانقطع النصراني ألنه رأى إن أنكر له هذا الوصف كذب إنجيله‬
‫وكقر بعيس ى على الحقيقة ألنه إنما أقر بعيس ى آخر وإن أقر لزمه الدخول في اإلسالم ملا وجب عليه عند إيمانه بعيس ى من‬
‫اإليمان بما بشر به وإال فليس بمؤمن‪17 .‬‬

‫‪ 16‬انظر‪ :‬السيرة النبوية البن كثير (‪)202-201/3‬‬


‫‪ 17‬عيون المناظرات ألبي علي عمر بن خليل السكوني‪ ،‬الصفحة‪ 298 :‬تحقيق سعد غراب‪ ،‬منشورات الجامعة التونسية ‪.1976‬‬
‫املراجع ‪:‬‬

‫‪ o‬انظر ‪ :‬أبو زهرة ‪ :‬تاريخ الجدل ص ‪61‬‬


‫انظر املصدر نفسه‬ ‫‪o‬‬
‫انظر املصدر نفسه ص ‪62‬‬ ‫‪o‬‬
‫‪ o‬سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪30‬‬
‫‪ o‬زاهر عواض األملعي ‪ :‬مناهج الجدل في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪89‬‬
‫‪ o‬طه ‪44 :‬‬
‫‪ o‬منهج الفرقان ( محمد علي سالمة )‬
‫‪ o‬زاهر عواض األملعي ‪ :‬مناهج الجدل في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪81‬‬
‫‪ o‬انظر‪ :‬القواعد املثلى للعثيمين (ص‪.)12 ،11 :‬‬
‫‪ o‬انظر‪ :‬القواعد النورانية البن تيمية (ص‪.)128 :‬‬
‫‪ o‬انظر‪ :‬القواعد النورانية (ص‪)129 ،128 :‬‬
‫‪ o‬انظر‪ :‬املوافقات (‪.)335/4‬‬
‫‪ o‬انظر‪ :‬تفسير ابن كثير (‪)463/1‬‬
‫‪ o‬انظر‪ :‬السيرة النبوية البن كثير (‪)202-201/3‬‬
‫‪ o‬عيون املناظرات ألبي علي عمر بن خليل السكوني‪ ،‬الصفحة‪ 298 :‬تحقيق سعد غراب‪ ،‬منشورات الجامعة‬
‫التونسية ‪.1976‬‬

You might also like