Professional Documents
Culture Documents
تعني كلمة المصدر في اللغة ،المرجع أو األصل ،أو أعلى مقدم كل شيء
وأوله ،1وفي اصطالح شراح القانون الوضعي ،تستعمل للداللة على عدة
معاني مختلفة ،عند تحليلهم للقاعدة القانونية ،فالبعض يحللها إلى عنصرين:
أ -الحكم أو المضمون أو الجوهر :وهو عبارة عن تنظيم معين لشأن من
شؤون الجماعة ،ويطلقون على هذا العنصر القاعدة أو وجوهرها.
ب-الجبر واإللزام :وهو كذلك عبارة عن إفصاح واضع التشريع عن هذا
الجوهر أو المضمون في شكل معين ،فلكي تتكون القاعدة القانونية ،البد لها
من مصدر تغترف منه مادتها أو جوهره ،والبد من صفة اإللزام بها.
تعريف األدلة الشرعية:
هي عبارة عن مجموعة المصادر التي يستنتج منها األحكام الشرعية
وتسمى النصوص الشرعية لتي تد ُّل على شرعية الحكم الكلي من الوجوب ،أو
الصحة ،أو البطالن ،أو االستحباب ،أو اإلباحة ،أو الحرمة ،أو الكراهة ،أو ِّ
طا ،أو مانعًا، تدل على شرعية م َع ِّرفات الحكم من كون هذا األمر سببًا ،أو شر ً
الحكم الكلي ،أو بيان شرعية م َع ِّرفاته َ فهي المصادر التي يستمدُّ منها الفقيه
سنة،وغيرها وتنقسم إلى: وهي مصادر الشرع المقررة من الكتاب وال ُّ
-الفئة األولى وتسمى النقل أو النص أو األثر وتشمل أساسا القرآن الكريم
والسنة النبوية وهو محل اتفاق بين أئمة المسلمين ويشمل القرآن والسنة.
-الفئة الثانية وتسمى الرأي أو العقل أو النظر وتشمل اإلجماع والقياس ،وهو
محل اتفاق جمهور المسلمين ،خالف هذا الرأي المعتزلة وبعض الخوارج،
وخالف في القياس الجعفرية والظاهرية.
-الفئة الثالثة وهي محل اختالف بين العلماء حتى من اللذين قالوا بالقياس
ويشمل العرف واالستصحاب ،واالستحسان ،والمصالح المرسلة ،وشرع من
قبلنا ،ومذهب الصحابة.
.Iالمصادر المتفق عليها بين جميع الفقهاء:
اتَّفق الفقهاء على بعض مصادر التشريع كالقرآن والسنة ،واختلفوا في
بعضها اآلخر ،وبيان آرائهم وأقوالهم في ذلك على النحو اآلتي:
-1القرآن الكريم ، :هو أساس الدين ومصدر التشريع فيه ،وهو حجة
هللا على خلقه وهو أول مصدر من مصادر التشريع اإلسالمي ،فقد وصفه
ط َع أَيدِّي ِّهم َوأَرجلهم ِّمن ِّخ َالفٍ أَو ينفَوا صلَّبوا أَو ت َق َّ سادًا أَن يقَتَّلوا أَو ي َ ض َف َ األَر ِّ
ع ِّظي ٌم".3 اب َعذ َ ٌ ي فِّي الدُّنيَا ۖ َو َلهم فِّي اآل ِّخ َرةِّ َ ض َٰذَ ِّل َك لَهم ِّخز ٌ ِّمنَ األَر ِّ
وقد أشار ابن تيمية " متى وجب المجتهد ظنا في نفسه فحكم هللا في حقه
إتباع هذا الظن" ويقول أيضا "القطع والظن يكون بحسب ما وصل إليه
اإل نسان من األدلة ،وبحسب قدرته على االستدالل " ،فالظن عند الفقهاء ال يقع
إال في أمر يحتمل وجهين فأكثر حيث يقول الباجي في هذا الصدد" وال يصح
الظن وال الشك في أمر ال يحتمل وجهين وأكثر من ذلك".4
ومما سبق يعتبر القرآن الكريم هو المصدر األول المنشئ لِلحكام ،وهو
في الشريعة اإلسالمية كالدستور في الشرائع الوضعية ،وتناول الحكام العقائدية
والعبادات والمعامالت ،واألخالق ،كما تناول األحكام بالنص اإلجمالي دون
تفصيل إال ما إقتضت الضرورة ،ألن التفصيل يطول به ويخرجه عن
أغراضه ،فنص القرآن مثال على الوفاء بالعقود ،وحرمة الربا ،لكنه لم يفصل
وترك ذلك للسنة النبوية.
ولهذا اإلجمال في نصوص القرآن مزية هامة بالنسبة ألحكام المعامالت
المدنية والنظم السياسية واالجتماعية ،فإنه يساعد على فهم تلك النصوص
وتطبيقها بصور مختلفة يحتملها النص ،فيكون بذلك صالحا لكل زمان ومكان،
ويتيح للمجتهدين استنباط األحكام المناسبة والمالئمة ،بما ال تخرج عن األسس
التشريعية ومقاصد الشرع ألن أدلة القرآن على كثير من األحكام ظنية.5
وقد اتفق الصحابة على وجوب العمل بالسنة النبوية بعد القرآن المجيد
عمالً باألوامر القرآنية؛ وألنه في غالب األحيان ال يمكن العمل بالقرآن في
مجمله إال ببيان السنة كتبيان كيفية الصالة والزكاة والصيام والحج وأنواع
الربا ،أو لتقييد مطلق القرآن كما في تنفيذ الحدود (العقوبات الشرعية) أو
لتخصيص العام كحديث أبي داود" :ال يرث القاتل شيئا ً" فإنه مخصص آليات
المواريث.
فقد أكد الفقهاء أنه ال فرق بين قضاء هللا وقضاء رسوله ﷺ وأن كال
منهما ليس للمؤمن الخيرة في أن يخالفها ،وأن عصيان الرسول ﷺ كعصيان
ع ِّن هللا تعالى وأنه ضالل مبين .والسنة وحي من هللا تعالى لقولهَ " :و َما َين ِّطق َ
ب ا ْل ِك ْندِي ِ ،أ َ َّنعن ا ْل ِم ْقد َِام ْب ِن َم ْعدِي ك َِر َ ي يو َحى" 3و َ ال َه َوىِّ ،إن ه َو ِّإ َّال َوح ٌ
ث ِّمن َحدِّي ِّثي علَى أ َ ِّري َكتِّ ِّه ي َحدَّث ِّب َحدِّي ٍ
الرجل مت َّ ِّكئًا َ
ّللاِّ ﷺ قَا َل" :يو ِّشك َّ َرسو َل َّ
ع َّز َو َج َّل ف َما َو َجدنَا فِّي ِّه ِّمن َح َال ٍل است َحلَلنَاهَ ،و َما فَيَقول :بَي َننَا َوبَينَكم ِّكت َاب َّ
ّللاِّ َ
ّللاِّ ﷺ ِّمثل َما َح َّر َم هللا".4 َو َجدنَا فِّي ِّه ِّمن َح َر ٍام َح َّرمنَاه ،أ َ َّال َو ِّإ َّن َما َح َّر َم َرسول َّ
سب إلى النبي ب -السنة في اإلصطالح :يقصدَ بالسنة عن َد أهل الحديث ما ن َ
محمد ﷺ من أقوا ٍل وأفعا ٍل وتقارير أو صفات خَلقية أو خلقية ،وللسنة النبوية
تعريف أيضا ً عند علماء الفقه اإلسالمي حيث يعرفونَ السنة بأنها ما يقابل ٌ
ي ﷺ كانَ يفعل هذ ِّه الفرض أو الواجب من أمور مستحبة أو مندوبة أي َّ
أن النب َّ
وليس على سبيل الفرض واإللزام، َ األمور على سبيل التحبب والندب لها،
وهو مما ال شك فيه أنه أمر ما بأنه سنةٌ عن النبي ﷺَ ، فكثيرا ً ما نسمع عن حكم ٍ
أمر مستحب يثاب فاعله ،وال يؤثم تاركه.5
- 1نجية رحماني ،محاضرات في مقياس أصول الفقه (األدلة المتفق عليها) ،مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثانية علوم إسالمية،
جامعة المسيلة ،2018 -2017 ،ص.21
- 2سورة فاطر اآلية .43-42
-3سورة النجم ،اآلية.03
- 4الموسوعة الحديثة الدرر السنية -شروح األحاديثhttps://dorar.net/hadith/sharh/81485 -
5 - https://mawdoo3.com/
و تختلف السنة النبوية عن القرآن الكريم في أنها ليست من كالم هللا بل
هي من كالم رسوله ﷺ أو فعله أو تقريره ولكن معناها من عند هللا دائما .يقول
ِّيال".1وفي الحديث ّللاِّ الَّتِّي قَد َخ َلت ِّمن َقبل َولَن ت َِّجدَ ِّلسنَّ ِّة َّ ِّ
ّللا ت َبد ً تعالى" سنَّةَ َّ
سلَكوا جحر عا بذراع ،حتَّى لو َ سنَنَ َمن قَبلَكم ِّشب ًرا بشبر ،وذرا ً يقولﷺ لَتَتَّبِّع َّن َ
ي صلى هللا عليه سلَكتموه قلنا :يا رسول هللا:اليهود وال َّنصارى قال ال َّنب ُّ ب َل َض ٍ َ
2
وسلم فَ َمن".
وتنقسم السنة النبوية المشرفة إلى ثالثة أقسام وهي:
-السنة القولية :وهي األحاديث التي قالها الرسول ﷺ في مختلف
يومسا َ ي وأقر ِّبكم م ِّني مج ِّل ً إن من أح ِّبكم إل َّ األغراض والمناسبات ،مثل قوله " َّ
سا يو َم القيام ِّة ي ،وأبعدَكم منِّي مج ِّل ً ضكم إل َّ وإن أبغ َ القيام ِّة أحا ِّسنكم أخال ًقاَّ ،
الثَّرثارون والمت َش ِّدقون والمتفَي ِّهقون .قالوا :يا رسو َل هللاِّ قد ع ِّلمنا الثَّرثارين
ش ِّدقين فما المتفَي ِّهقون قال :المتك ِّبرون" ،وقوله فيما رواه أحمد وابن ماجه والمت َ
وغيرهما "ال ضرر وال ضرار" ،والسنة القولية هي أعلى درجات السنن من
حيث االحتجاج بها لثبوتها ووضوحها وقوة العبارة عن الفهم الناتج عن فعله
ﷺ.
-السنة الفعلية :هي األفعال التي فعلها الرسول ﷺ كأداء الصلوات
قام إلىالخمس ،قال عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنه" :كان رسول هللاِّ ﷺ إذا َ
صال ِّة َيرفَع َي َدي ِّه حتى إذا كانَتا َحذ َو َمن ِّك َبي ِّه َكبَّ َر ،ث َّم إذا أرادَ أن َير َك َع َرفَ َعهما ال َّ
حتى يَكونا َحذ َو َمن ِّكبَي ِّهَ ،كب ََّر وهما َكذلكَ ،ر َك َع ،ث َّم إذا أرادَ أن يَرفَ َع صلبَه
س ِّم َع هللا ِّل َمن َح ِّمدَه ،ث َّم يَسجد ،وال يَر َفع َرفَ َعهما حتى يَكونا َحذ َو َمن ِّك َبي ِّه ،ث َّم قالَ :
الركوعِّ ،حتى َكبير ٍة َك َّب َرها َقب َل ُّ َيدَي ِّه في ال ُّسجودِّ ،و َيرفَعهما في ك ِّل َرك َع ٍة وت َ
صالته". ضي َ ت َنقَ َ
-السنة التقريرية :هي ما أقره الرسول ﷺ صراحة ،أو سكت عن إنكاره
بعد أن حدث أمامه أو في عصره ،وعلم به ،أو ظهر منه ما يدل على استحسانه
والرضا به ،مثل إقراره أكل الضب من طرف خالد بن الوليد ،أما الرسول ﷺ
فقد كان يعافه ألنه لم يكن موجودا في أرض قومه.3
- 1سورة الفتح اآلية .23
2 - : https://www.alukah.net/sharia/0/138146/#ixzz6yoMqMGU3
-3نجية رحماني ،مرجع نفسه ،ص .28
في القرآن الكريم كثير من اآليات التي تؤكد على حجية سنة النبي ﷺ في
اس َما ن ِّز َل التشريع ومن ذلك قوله تعالى" َوأَنزَ لنَا ِّإلَي َك الذِّك َر ِّلت َب ِّينَ ِّللنَّ ِّ
ِّإلَي ِّهم َولَ َعلَّهم يَتَفَ َّكرونَ " ،1وفي هذه اآلية دليل على أن السنة النبوية وحي
من هللا تعالى ،وقد سماها ربنا الذكر ،وطالما أن السنة النبوية هي الذكر
الذي أنزله هللا على نبيهﷺ ليبين للناس ما نزل إليهم فإنه قد حفظها كما
أخبر -سبحانه -بذلك في قوله تعالى" ِّإنَّا نَحن ن ََّزلنَا الذِّك َر َو ِّإنَّا َله
لَ َحافِّظونَ " ،2وفيها دليل على حفظها بما ألهم هللا أتباعه من توثيقها وابتكار
العلوم التي حفظتها إلى يومنا هذا.