You are on page 1of 9

‫مصادر التشريع اإلســالمي (األدلة الشرعية)‪.

‬‬

‫تعني كلمة المصدر في اللغة‪ ،‬المرجع أو األصل‪ ،‬أو أعلى مقدم كل شيء‬
‫وأوله‪ ،1‬وفي اصطالح شراح القانون الوضعي‪ ،‬تستعمل للداللة على عدة‬
‫معاني مختلفة‪ ،‬عند تحليلهم للقاعدة القانونية‪ ،‬فالبعض يحللها إلى عنصرين‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحكم أو المضمون أو الجوهر‪ :‬وهو عبارة عن تنظيم معين لشأن من‬
‫شؤون الجماعة‪ ،‬ويطلقون على هذا العنصر القاعدة أو وجوهرها‪.‬‬
‫ب‪-‬الجبر واإللزام‪ :‬وهو كذلك عبارة عن إفصاح واضع التشريع عن هذا‬
‫الجوهر أو المضمون في شكل معين‪ ،‬فلكي تتكون القاعدة القانونية‪ ،‬البد لها‬
‫من مصدر تغترف منه مادتها أو جوهره‪ ،‬والبد من صفة اإللزام بها‪.‬‬
‫تعريف األدلة الشرعية‪:‬‬
‫هي عبارة عن مجموعة المصادر التي يستنتج منها األحكام الشرعية‬
‫وتسمى النصوص الشرعية لتي تد ُّل على شرعية الحكم الكلي من الوجوب‪ ،‬أو‬
‫الصحة‪ ،‬أو البطالن‪ ،‬أو‬ ‫االستحباب‪ ،‬أو اإلباحة‪ ،‬أو الحرمة‪ ،‬أو الكراهة‪ ،‬أو ِّ‬
‫طا‪ ،‬أو مانعًا‪،‬‬ ‫تدل على شرعية م َع ِّرفات الحكم من كون هذا األمر سببًا‪ ،‬أو شر ً‬
‫الحكم الكلي‪ ،‬أو بيان شرعية م َع ِّرفاته‬ ‫َ‬ ‫فهي المصادر التي يستمدُّ منها الفقيه‬
‫سنة‪،‬وغيرها وتنقسم إلى‪:‬‬ ‫وهي مصادر الشرع المقررة من الكتاب وال ُّ‬
‫‪ -‬الفئة األولى وتسمى النقل أو النص أو األثر وتشمل أساسا القرآن الكريم‬
‫والسنة النبوية وهو محل اتفاق بين أئمة المسلمين ويشمل القرآن والسنة‪.‬‬
‫‪ -‬الفئة الثانية وتسمى الرأي أو العقل أو النظر وتشمل اإلجماع والقياس‪ ،‬وهو‬
‫محل اتفاق جمهور المسلمين‪ ،‬خالف هذا الرأي المعتزلة وبعض الخوارج‪،‬‬
‫وخالف في القياس الجعفرية والظاهرية‪.‬‬
‫‪ -‬الفئة الثالثة وهي محل اختالف بين العلماء حتى من اللذين قالوا بالقياس‬
‫ويشمل العرف واالستصحاب‪ ،‬واالستحسان‪ ،‬والمصالح المرسلة‪ ،‬وشرع من‬
‫قبلنا‪ ،‬ومذهب الصحابة‪.‬‬
‫‪ .I‬المصادر المتفق عليها بين جميع الفقهاء‪:‬‬
‫اتَّفق الفقهاء على بعض مصادر التشريع كالقرآن والسنة‪ ،‬واختلفوا في‬
‫بعضها اآلخر‪ ،‬وبيان آرائهم وأقوالهم في ذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم‪ ، :‬هو أساس الدين ومصدر التشريع فيه‪ ،‬وهو حجة‬
‫هللا على خلقه وهو أول مصدر من مصادر التشريع اإلسالمي‪ ،‬فقد وصفه‬

‫‪ -1‬لسان العرب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.115‬‬


‫ث األع َو ِّر قا َل ‪َ :‬م َررت فِّي‬ ‫الحار ِّ‬
‫ِّ‬ ‫الرسول ﷺ كما ورد في سنن الترمذي عن‬
‫ير‬ ‫ع ِّلي‪ ،‬فَقلت‪ :‬يَا أ َ ِّم َ‬ ‫علَى َ‬‫ال َمس ِّجدِّ‪َ ،‬فإِّذَا الناس يَخوضونَ فِّي األ َ َحادِّيثِّ‪ ،‬فَدَخَلت َ‬
‫ث‪.‬قا َل‪ :‬وقد فَ َعلوهَا‪ .‬قلت‪ :‬نَ َعم‪،‬‬ ‫اس قَد خَاضوا فِّي األ َحادِّي ِّ‬ ‫المؤ ِّمنِّينَ ‪ ،‬أَالَ ت ََرى الن َ‬
‫ست َكون فِّتنَةٌ‪ ،‬فَقلت‪َ :‬ما‬ ‫س ِّمعت َرسو َل هللا ﷺ يَقول‪" :‬أَالَ إِّن َها َ‬ ‫قا َل‪ :‬أ َ َما إِّني قد َ‬
‫ال َمخ َرج ِّمن َها ‪َ -‬يا َرسو َل هللا‪ -‬قا َل‪ِّ :‬كت َاب هللا‪ ،‬فِّي ِّه نَ َبأ َما كان قَبلَكم‪َ ،‬و َخ َبر َما‬
‫ص َمه‬ ‫ار قَ َ‬ ‫س ِّبال َهز ِّل‪َ ،‬من ت ََر َكه ِّمن َجب ٍ‬ ‫بَعدَكم‪َ ،‬وحكم َما بَينَكم‪َ ،‬وه َو الفَصل لَي َ‬
‫ضله هللا‪َ ،‬وه َو َحبل هللا ال َم ِّتين‪َ ،‬وه َو الذكر‬ ‫هللا‪َ ،‬و َمن ا َبتَغَى الهدَى فِّي غَي ِّر ِّه أ َ َ‬
‫ال َح ِّكيم‪َ ،‬وه َو الص َراط المست َ ِّقيم‪ ،‬ه َو الذِّي الَ ت َِّزيع ِّب ِّه األَه َواء‪َ ،‬والَ ت َلت َ ِّبس ِّب ِّه‬
‫ع َجائِّبه‪،‬‬ ‫ضي َ‬ ‫على َكث َر ِّة الرد‪َ ،‬والَ ت َنقَ َ‬ ‫االل ِّسنَة‪َ ،‬والَ َيش َبع ِّمنه العلَ َماء‪َ ،‬والَ َيخلق َ‬
‫ع َجبًا يَهدِّي ِّإلَى‬ ‫س ِّمعنَا قرآنَا َ‬ ‫س ِّم َعته َحتى قالوا‪ِّ { :‬إنا َ‬ ‫ه َو الذِّي َلم ت َنت َ ِّه ال ِّجن ِّإذ َ‬
‫عدَ َل‪،‬‬ ‫ع ِّم َل ِّب ِّه أ ِّج َر‪َ ،‬و َمن َح َك َم ِّب ِّه َ‬
‫صدَقَ ‪َ ،‬و َمن َ‬ ‫الرش ِّد فَآ َمنا ِّب ِّه}‪َ ،‬من قا َل ِّب ِّه َ‬
‫ص َراطٍ مست َ ِّق ٍيم"‪.1‬‬ ‫ِّي ِّإلَى ِّ‬
‫عا ِّإلَي ِّه هد َ‬ ‫َو َمن دَ َ‬
‫أ‪ -‬معنى القرآن في اللغة‪ :‬القرآن من مادة قرأ‪ ،‬ومنه قرأت الشيء‪ ،‬فهو‬
‫قرآن‪ :‬أي جمعته‪ ،‬وضممت بعضه إلى بعض‪ ،‬فمعناه‪ :‬الجمع والضم‪ .‬ومنه‬
‫قولهم‪ :‬ما قرأت هذه الناقة سلى قط‪ ،‬وما قرأت جنيناً‪ ،‬أي لم تضم رحمها على‬
‫ولد‪ 2‬قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ‪" :‬وإنما سمي قرآنا ً ألنه يجمع السور‬
‫علَينَا َجم َعه‬ ‫فيضمها"‪ ،3‬وتفسير ذلك في آية من القرآن‪ ،‬قال هللا ‪-‬جل ثناؤه" ِّإ َّن َ‬
‫َوقرآَنَه فَإِّذَا قَ َرأنَاه فَات َّ ِّبع قرآنَه "‪.4‬‬

‫ب‪-‬معنى القرآن في االصطالح‪ :‬هو كالم هللا المنزل على رسوله ﷺ‬


‫ويعرف على أنه الشرعي بأنَّه كالم هللا تعالى المع َجز‪ ،‬المو َحى به إلى النبي‬
‫محمد ﷺ‪ ،‬المنقول بالتواتر‪،‬ال َمكتوب بين د َّفت َي المصحف المتعبَّد بتالوته‬
‫ال َمبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس‪ ،5‬دالة على صدقه فيما ادعاه من‬
‫الرسالة‪ .‬وقد نزل به جبريل على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بلسان عربي‬
‫الروح األ َ ِّمين َ‬
‫علَى قَل ِّب َك ِّلت َكونَ ِّمنَ‬ ‫ب ال َعالَ ِّمينَ ‪ ،‬نَزَ َل ِّب ِّه ُّ‬ ‫" َو ِّإنَّه لَت َن ِّزيل َر ِّ‬
‫ين"‪.6‬‬‫ع َر ِّبي ٍ م ِّب ٍ‬ ‫ان َ‬
‫س ٍ‬
‫المنذ ِِّّرينَ ‪ِّ ،‬ب ِّل َ‬

‫‪ -1‬سنن الترمذي ويقال عنه أنه حديث ضعيف‪.‬‬


‫‪ -2‬إسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬الصحاح‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬ط‪ ،2‬دار العلم للماليين‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ -3‬عبيدة معمر بن المثنى التيمي‪ ،‬مجاز القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد سركين‪ ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ :‬مطبعة السعادة‪ ،1970 ،‬ص ص‪.3-1‬‬
‫‪ -4‬سورة القيامة اآلية ‪8-7‬‬
‫‪ -5‬أكرم الديلمي‪ ،‬جمع القرآن‪ :‬دراسة تحليلية لمروياته‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ - 6‬سورة الشعراء اآلية ‪.195-192‬‬
‫فقد أمر هللا سبحانه وتعالى إتباع أوامره وشرائعه وأحكامه التي نزلت في‬
‫كتابه فقال تعالى "تِّل َك حدود ّللاِّ فَالَ تَعت َدوهَا َو َمن يَت َ َعدَّ حدودَ ّللاِّ فَأولَـ ِّئ َك هم‬
‫الظا ِّلمون"‪ ،1‬وفي سورة أخرى قال "تِّل َك حدود ّللاِّ فَالَ ت َق َربوها"‪ ،2‬فقد إشتمل‬ ‫َّ‬
‫القرآن الكريم أصول الشريعة وقواعدها من الحالل والحرام‪ ،‬واألوامر‬
‫والنواهي فقد جاءت اآليات متعلقة بأصول العقائد وأصول العبادات‪ ،‬كما في‬
‫اآليات التي تتعلق بأحكام المواريث‪ ،‬والنسب‪ ،‬والمحرمات من النساء‪،‬‬
‫والعقوبات‪ ،‬ألن مثل هذه األحكام تتعلق بمصالح ثابتة‪ ،‬ال تتغير مع تغير الزمن‬
‫واألعراف‪ .3‬وتكون الداللة في القرآن على هذه األحكام الشرعية إما قطعية أو‬
‫ظنية وهي كالتالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدليل القطعي‪ :‬وتكون الداللة قطعية إذا دلت على المعنى المراد منها‬
‫داللة حاسمة ال تحتمل أي معنى آخر في اللغة كمدلول اآليات التي تدل على‬
‫اح ٍد ِّمنه َما ِّمائَةَ‬ ‫الزا ِّن َية َو َّ‬
‫الزا ِّني فَاج ِّلدوا ك َّل َو ِّ‬ ‫عقوبات مقدرة‪ ،4‬كقوله تعالى " َّ‬
‫ّللاِّ ِّإن كنتم تؤ ِّمنونَ ِّب َّ‬
‫اَّللِّ َوال َيو ِّم اآل ِّخ ِّر‬ ‫ِّين َّ‬ ‫َجلدَةٍ َو َال ت َأخذكم ِّب ِّه َما َرأفَةٌ فِّي د ِّ‬
‫طائِّفَة ٌ ِّمنَ المؤ ِّمنِّين"‪.5‬‬‫عذَابَه َما َ‬
‫َوليَش َهد َ‬

‫وفي الوقت الحالي تزايد الجدل عن مسألة التساوي في الميراث حيث‬


‫طالب البعض من الحقوقيين التونسيين بحق المرأة في المساواة في الميراث مع‬
‫الرجل‪ ،‬حيث قسمه هللا سبحانه وتعالى وذكر ذلك بشكل واضح في القرآن‬
‫َصيبًا‬ ‫ّللاِّ"‪ ،6‬وفي قوله"ن ِّ‬ ‫ضةً ِّمنَ َّ‬ ‫الكريم مت ِّبعًّا ذلك التقسيم لقوله تعالى "فَ ِّري َ‬
‫ضا"‪،7‬حتى يغلق الباب على من يحاول أن يقسم على هواه في حقوق‬ ‫َّمفرو ً‬
‫العباد وبذلك يصبح ال اجتهاد في تلك اآليات التي افترض فيها هللا سبحانه‬
‫ّللا فِّي أَو َالدِّكم ِّللذَّ َك ِّر ِّمثل َح ِّظ األنثَيَي ِّن َفإِّن ك َّن‬
‫وصيكم َّ‬ ‫أنصبة الميراث‪ .‬بقوله "ي ِّ‬
‫احدَة ً فَلَ َها النِّصف َو ِّألَبَ َوي ِّه ِّلك ِّل‬
‫سا ًء فَوقَ اث َنت َي ِّن فَلَه َّن ثلثَا َما ت ََر َك َو ِّإن َكانَت َو ِّ‬ ‫نِّ َ‬
‫سدس ِّم َّما ت ََر َك إِّن َكانَ َله َولَدٌ فَإِّن لَّم يَكن لَّه َولَدٌ َو َو ِّرثَه أَبَ َواه‬ ‫اح ٍد ِّمنه َما ال ُّ‬ ‫َو ِّ‬
‫وصي ِّب َها أَو دَي ٍن‬ ‫فَ ِِّل ِّم ِّه الثُّلث فَإِّن َكانَ َله ِّإخ َوة ٌ فَ ِِّل ِّم ِّه ال ُّسدس ِّمن َبع ِّد َو ِّ‬
‫صيَّ ٍة ي ِّ‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة اآلية ‪.229‬‬


‫‪ - 2‬سورة البقرة اآلية ‪.187‬‬
‫‪ - 3‬أسامة الحموي‪ ،‬مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬سوريا‪ :‬منشورات الجامعة االفتراضية‪ ،2018 ،‬ص ص ‪.23-18‬‬
‫‪ - 4‬محمد معاذ مصطفى الخن‪ ،‬القطعي والظني في الثبوت والداللة عند األصوليين‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬دار الكلم الطيب‪ ،2007 ،‬ص‬
‫ص‪.57-56‬‬
‫‪ -5‬سورة النور اآلية ‪.02‬‬
‫‪ -6‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية‪.60‬‬
‫‪ - 7‬سورة النساء اآلية ‪.118‬‬
‫ع ِّلي ًما‬ ‫ّللاَ َكانَ َ‬ ‫ضةً ِّمنَ َّ‬
‫ّللاِّ ِّإ َّن َّ‬ ‫آ َباؤكم َوأَبنَاؤكم َال ت َدرونَ أَيُّهم أَق َرب لَكم نَف ًعا ۚفَ ِّري َ‬
‫َح ِّكي ًما"‪.1‬‬
‫علَيكم أ َّم َهاتكم َو َبنَاتكم‬ ‫وقوله في المحرمات من النساء"ح ِّر َمت َ‬
‫الالتِّي‬ ‫ت َوأ َّم َهاتكم َّ‬ ‫َاالتكم َوبَنَات األَخِّ َوبَنَات األخ ِّ‬ ‫ع َّماتكم َوخ َ‬ ‫َوأَخ ََواتكم َو َ‬
‫الالتِّي فِّي‬ ‫سائِّكم َو َر َبائِّبكم َّ‬ ‫ع ِّة َوأ َّم َهات نِّ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫الر َ‬ ‫َّ‬ ‫ضعنَكم َوأَخ ََواتكم ِّمنَ‬ ‫أَر َ‬
‫علَيكم‬ ‫الالتِّي دَخَلتم ِّب ِّه َّن فَإِّن لَم ت َكونوا دَخَلتم ِّب ِّه َّن فَ َال جنَا َح َ‬ ‫سائِّكم َّ‬ ‫وركم ِّمن نِّ َ‬ ‫حج ِّ‬
‫ف ِّإ َّن‬ ‫س َل َ‬ ‫َو َح َالئِّل أَبنَائِّكم الَّذِّينَ ِّمن أَص َال ِّبكم َوأَن ت َج َمعوا بَينَ األخت َي ِّن ِّإ َّال َما قَد َ‬
‫ار َقة‬ ‫س ِّ‬ ‫ارق َوال َّ‬ ‫س ِّ‬
‫ورا َر ِّحي ًما"‪ .2‬وقول هللا تعالى عن السرقة " َوال َّ‬ ‫ّللاَ َكانَ غَف ً‬ ‫َّ‬
‫يز َح ِّكي ٌم "‪ .3‬وقوله عن‬ ‫ع ِّز ٌ‬ ‫ّللا َ‬ ‫س َبا نَ َك ًاال ِّمنَ َّ‬
‫ّللاِّ َو َّ‬ ‫طعوا أَي ِّد َيه َما َجزَ ا ًء ِّب َما َك َ‬ ‫فَاق َ‬
‫س ِّبالنَّف ِّس َوال َعينَ ِّبال َعي ِّن‬ ‫علَي ِّهم فِّي َها أ َ َّن النَّف َ‬
‫الجرح والخدش والقتل "و َكت َبنَا َ‬
‫صدَّقَ ِّب ِّه‬ ‫اص فَ َمن تَ َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫نف َواألذنَ ِّباألذ ِّن َوالس َِّّن ِّبالس ِِّّن َوالجرو َح ِّق َ‬ ‫نف ِّباأل َ ِّ‬ ‫َواأل َ َ‬
‫الظا ِّلمونَ "‪، 4‬وقوله عن‬ ‫ّللا فَأو َٰلَ ِّئ َك هم َّ‬ ‫ارة ٌ لَّه َو َمن لَّم َيحكم ِّب َما أَنزَ َل َّ‬ ‫فَه َو َكفَّ َ‬
‫إبرام العقود " َيا أَيُّ َها َّالذِّينَ آ َ َمنوا أَوفوا ِّبالعقو ِّد"‪ 5‬وقوله " َيا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنوا ِّإذَا‬
‫ب‬ ‫ب َكا ِّت ٌ‬ ‫ب ِّبال َعد ِّل َو َال يَأ َ‬ ‫س ًّمى فَاكتبوه ول َيكتب بَّينَكم َكا ِّت ٌ‬ ‫تَدَايَنتم ِّبدَي ٍن ِّإلَى أ َ َج ٍل م َ‬
‫ّللاَ َربَّه َو َال َيبخَس‬ ‫ق َّ‬ ‫علَي ِّه ال َح ُّق َوليَتَّ ِّ‬ ‫ّللا ۚفَليَكتب َوليم ِّل ِّل َّالذِّي َ‬ ‫علَّ َمه َّ‬ ‫ب َك َما َ‬ ‫أَن يَكت َ‬
‫ض ِّعيفًا أَو َال َيست َِّطيع أَن ي ِّم َّل ه َو‬ ‫س ِّفي ًها أَو َ‬ ‫علَي ِّه ال َح ُّق َ‬ ‫ِّمنه شَيئًا فَإِّن َكانَ َّالذِّي َ‬
‫ش ِّهيدَي ِّن ِّمن ِّر َجا ِّلكم فَإِّن لَّم َيكونَا َرجلَي ِّن فَ َرج ٌل‬ ‫فَليم ِّلل َو ِّليُّه ِّبال َعد ِّل َواست َش ِّهدوا َ‬
‫َض َّل ِّإحدَاه َما فَتذَ ِّك َر ِّإحدَاه َما األخ َر َٰى‬ ‫اء أَن ت ِّ‬ ‫ضونَ ِّمنَ ال ُّ‬
‫ش َهدَ ِّ‬ ‫َان ِّم َّمن ت َر َ‬ ‫َوام َرأَت ِّ‬
‫يرا ِّإلَ َٰى أ َ َج ِّل ِّه‬ ‫يرا أَو َك ِّب ً‬ ‫ص ِّغ ً‬ ‫ش َهدَاء ِّإذَا َما دعوا َو َال ت َسأَموا أَن ت َكتبوه َ‬ ‫ب ال ُّ‬ ‫َو َال يَأ َ‬
‫اض َرةً‬ ‫ارة ً َح ِّ‬ ‫ش َهادَةِّ َوأَدن ََٰى أ َ َّال ت َرت َابوا إِّ َّال أَن ت َكونَ تِّ َج َ‬ ‫َٰذَ ِّلكم أَق َسط ِّعندَ َّ‬
‫ّللاِّ َوأَق َوم ِّلل َّ‬
‫ار‬ ‫ض َّ‬ ‫علَيكم جنَا ٌح أَ َّال تَكتبوهَا َوأَش ِّهدوا ِّإذَا تَ َبا َيعتم َو َال ي َ‬ ‫س َ‬ ‫تدِّيرونَ َها َبينَكم فَلَي َ‬
‫ّللا ِّبك ِّل‬ ‫ّللا َو َّ‬ ‫ّللاَ َوي َع ِّلمكم َّ‬ ‫وق ِّبكم َواتَّقوا َّ‬ ‫ش ِّهيدٌ َو ِّإن ت َف َعلوا فَإِّنَّه فس ٌ‬ ‫ب َو َال َ‬ ‫َكاتِّ ٌ‬
‫ع ِّلي ٌم"‪.6‬‬‫شَيءٍ َ‬
‫ب‪ -‬الدليل الظني‪ :‬وتكون الداللة ظنية إذا كان النص يحتمل أكثر من‬
‫معنى وهو كل آية جاءت بالقرآن الكريم مركبة من كلمات تحتمل معان‬
‫متعددة‪ ،‬وهي تحتمل عدة دالالت وأي داللة أو معنى ترجحه هو معنى أو داللة‬
‫ظنية قد تكون صوابا وقد تكون خطأً‪ ،‬لذا ال يجوز لمن رجح أحد دالالتها أن‬

‫‪ - 1‬سورة النساء اآلية‪.11‬‬


‫‪ -2‬سورة النساء اآلية‪.23‬‬
‫‪ -3‬سورة المائدة اآلية ‪.08‬‬
‫‪ -4‬سورة المائدة اآلية‪. 45‬‬
‫‪ - 5‬سورة المائدة اآلية‪.01‬‬
‫‪ - 6‬سورة البقرة اآلية ‪.282‬‬
‫ينكر على من رجح داللة أخرى تحتملها اآلية ولكن الخطأ بأن يختار المدلول‬
‫الذي يخالف مدلول آية محكمة ألن المحكم قطعي والمتشابه ظني فيجب رد‬
‫الظني على المحكم أي ترجيح مدلول الظني الذي ال يعارض مدلول المحكم‪.‬‬
‫واآليات الظنية المدلول هي في غالب آيات القرآن ‪ .‬كقوله تعالى‬
‫طلَّقَات َيت ََربَّصنَ ِّبأَنف ِّس ِّه َّن ث َ َالثَةَ قروء"‪ ،1‬فالقرء في لغة العرب‪ :‬هو الطهر‬ ‫" َوالم َ‬
‫عن َها َال تفَتَّح لَهم أَب َواب‬ ‫أو الحيض‪ ،‬وقوله ِّإ َّن الَّذِّينَ َكذَّبوا ِّبآيَاتِّنَا َواست َكبَروا َ‬
‫اط َو َك َٰذَ ِّل َك نَج ِّزي‬ ‫اء َو َال يَدخلونَ ال َج َّنةَ َحت َّ َٰى يَ ِّل َج ال َج َمل فِّي َ‬
‫س ِّم ال ِّخيَ ِّ‬ ‫س َم ِّ‬
‫ال َّ‬
‫ّللاَ َو َرسولَه َو َيس َعونَ ِّفي‬ ‫اربونَ َّ‬ ‫المج ِّر ِّمينَ " ‪،‬وقوله تعالى " ِّإنَّ َما َجزَ اء الَّذِّينَ ي َح ِّ‬
‫‪2‬‬

‫ط َع أَيدِّي ِّهم َوأَرجلهم ِّمن ِّخ َالفٍ أَو ينفَوا‬ ‫صلَّبوا أَو ت َق َّ‬ ‫سادًا أَن يقَتَّلوا أَو ي َ‬ ‫ض َف َ‬ ‫األَر ِّ‬
‫ع ِّظي ٌم"‪.3‬‬ ‫اب َ‬‫عذ َ ٌ‬ ‫ي فِّي الدُّنيَا ۖ َو َلهم فِّي اآل ِّخ َرةِّ َ‬ ‫ض َٰذَ ِّل َك لَهم ِّخز ٌ‬ ‫ِّمنَ األَر ِّ‬
‫وقد أشار ابن تيمية " متى وجب المجتهد ظنا في نفسه فحكم هللا في حقه‬
‫إتباع هذا الظن" ويقول أيضا "القطع والظن يكون بحسب ما وصل إليه‬
‫اإل نسان من األدلة‪ ،‬وبحسب قدرته على االستدالل "‪ ،‬فالظن عند الفقهاء ال يقع‬
‫إال في أمر يحتمل وجهين فأكثر حيث يقول الباجي في هذا الصدد" وال يصح‬
‫الظن وال الشك في أمر ال يحتمل وجهين وأكثر من ذلك"‪.4‬‬
‫ومما سبق يعتبر القرآن الكريم هو المصدر األول المنشئ لِلحكام‪ ،‬وهو‬
‫في الشريعة اإلسالمية كالدستور في الشرائع الوضعية‪ ،‬وتناول الحكام العقائدية‬
‫والعبادات والمعامالت‪ ،‬واألخالق‪ ،‬كما تناول األحكام بالنص اإلجمالي دون‬
‫تفصيل إال ما إقتضت الضرورة‪ ،‬ألن التفصيل يطول به ويخرجه عن‬
‫أغراضه‪ ،‬فنص القرآن مثال على الوفاء بالعقود‪ ،‬وحرمة الربا‪ ،‬لكنه لم يفصل‬
‫وترك ذلك للسنة النبوية‪.‬‬
‫ولهذا اإلجمال في نصوص القرآن مزية هامة بالنسبة ألحكام المعامالت‬
‫المدنية والنظم السياسية واالجتماعية‪ ،‬فإنه يساعد على فهم تلك النصوص‬
‫وتطبيقها بصور مختلفة يحتملها النص‪ ،‬فيكون بذلك صالحا لكل زمان ومكان‪،‬‬
‫ويتيح للمجتهدين استنباط األحكام المناسبة والمالئمة‪ ،‬بما ال تخرج عن األسس‬
‫التشريعية ومقاصد الشرع ألن أدلة القرآن على كثير من األحكام ظنية‪.5‬‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة اآلية ‪.228‬‬


‫‪ - 2‬سورة األعراف اآلية ‪.40‬‬
‫‪ - 3‬سورة المائدة اآلية ‪.33‬‬
‫‪ - 4‬محمد معاذ مصطفى الخن‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -5‬حمادي نور الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -2‬السنة النبوية‪:‬‬
‫مصدر من َمصادر التشريع اإلسالمي؛ فهي كل ما‬ ‫ٍ‬ ‫تعد السنة النبوية ثاني‬
‫تقرير أو سير ٍة أو صفة‬ ‫ٍ‬ ‫َورد عن النبي محمد ﷺ غير القرآن من قو ٍل أو فع ٍل أو‬
‫صحيحة واضحة؛ حيث تعد سيرة‬ ‫ق َ‬ ‫خَلقية أو خلقية وقد نقلت إلينا السيرة بطر ٍ‬
‫المصطفى وسنته من أظهر السير بين األنبياء والرسل منذ بداية حياته وحتى‬
‫مماته‪ .‬وهي حجة في تقرير األحكام‪ ،‬لقوله تعالى" يَا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنوا أ َ ِّطيعوا‬
‫الرسو َل َوأو ِّلي األَم ِّر ِّمنكم فَإِّن تَنَازَ عتم ِّفي شَيءٍ فَردُّوه ِّإلَى َّ‬
‫ّللاِّ‬ ‫ّللاَ َوأ َ ِّطيعوا َّ‬ ‫َّ‬
‫يال"‪،1‬وقوله‬ ‫اَّللِّ َوال َيو ِّم اآل ِّخ ِّر ذَ ِّل َك خَي ٌر َوأَح َ‬
‫سن ت َأ ِّو ً‬ ‫الرسو ِّل ِّإن كنتم تؤ ِّمنونَ ِّب َّ‬ ‫َو َّ‬
‫ّللا َو َرسوله أَم ًرا أَن يَكونَ لَهم‬ ‫ضى َّ‬ ‫"و َما َكانَ ِّلمؤ ِّم ٍن َو َال مؤ ِّمنَ ٍة ِّإذَا قَ َ‬ ‫سبحانه َ‬
‫ض َال ًال م ِّبينًا"‪.2‬‬‫ض َّل َ‬‫ّللاَ َو َرسو َله فَقَد َ‬ ‫ص َّ‬ ‫ال ِّخيَ َرة ِّمن أَم ِّر ِّهم َو َمن يَع ِّ‬
‫أ‪ -‬السنة في اللغة‪ :‬تشرح كلمة سنة الطريق أو المسلك أو المنهج‪ ،‬والسنن‬
‫مض على سننك أي على وجهك‪،‬‬ ‫هي الطرق والمسالك‪ ،‬ويقال لفالن إ ِّ‬ ‫كذلك َ‬
‫ومن معانيها الطريقة المتبعة سوا ًء كانت محمودة ً أم مذمومة‪ ،‬فإذا جاءت َ‬
‫غير‬
‫ث‬
‫مقيدةٍ بوصف فيراد بها السنة الحسنة والطريقة الطيبة‪ ،‬وبيان ذلك من حدي ِّ‬
‫سنَةً‪ ،‬فَ َله أَجرهَا‪َ ،‬وأَجر َمن َ‬
‫ع ِّم َل ب َها‬ ‫س َّن في اإلس َال ِّم سنَّةً َح َ‬ ‫النبي ﷺ " َمن َ‬
‫س ِّيئَةً‪،‬‬
‫س َّن في اإلس َال ِّم سنَّةً َ‬ ‫ور ِّهم شي ٌء‪َ ،‬و َمن َ‬ ‫ص ِّمن أج ِّ‬ ‫غير أَن َينق َ‬ ‫َبعدَه‪ِّ ،‬من ِّ‬
‫ص ِّمن أَوزَ ِّار ِّهم‬ ‫غير أَن َينق َ‬ ‫ع ِّم َل ب َها ِّمن َبع ِّد ِّه‪ِّ ،‬من ِّ‬ ‫كانَ عليه ِّوزرهَا َو ِّوزر َمن َ‬
‫شي ٌء "‪،‬ف هي الطريقة المعتادة المحافظ عليها التي يتكرر الفعل بموجبها وفي‬
‫لسان العرب تطلق السنة على الطبيعة والمثال المتبع والدوام وغير ذلك وسنة‬

‫‪ - 1‬سورة النساء اآلية ‪.59‬‬


‫‪ - 2‬سورة األحزاب اآلية ‪.36‬‬
‫اإلنسان طريقته التي يلتزم بها فيما يصدر عنه ويحافظ عنها‪ ،1‬لقول هللا تعالى"‬
‫ِّير لَّيَكون َّن أَهدَ َٰى ِّمن ِّإحدَى األ َم ِّم فَلَ َّما‬
‫اَّلل َجهدَ أَي َمانِّ ِّهم َلئِّن َجا َءهم َنذ ٌ‬ ‫َوأَق َ‬
‫سموا ِّب َّ ِّ‬
‫ِّير َّما زَ ادَهم ِّإ َّال نف ً‬
‫ورا"‪.2‬‬ ‫َجا َءهم َنذ ٌ‬

‫وقد اتفق الصحابة على وجوب العمل بالسنة النبوية بعد القرآن المجيد‬
‫عمالً باألوامر القرآنية؛ وألنه في غالب األحيان ال يمكن العمل بالقرآن في‬
‫مجمله إال ببيان السنة كتبيان كيفية الصالة والزكاة والصيام والحج وأنواع‬
‫الربا‪ ،‬أو لتقييد مطلق القرآن كما في تنفيذ الحدود (العقوبات الشرعية) أو‬
‫لتخصيص العام كحديث أبي داود‪" :‬ال يرث القاتل شيئا ً" فإنه مخصص آليات‬
‫المواريث‪.‬‬
‫فقد أكد الفقهاء أنه ال فرق بين قضاء هللا وقضاء رسوله ﷺ وأن كال‬
‫منهما ليس للمؤمن الخيرة في أن يخالفها‪ ،‬وأن عصيان الرسول ﷺ كعصيان‬
‫ع ِّن‬ ‫هللا تعالى وأنه ضالل مبين‪ .‬والسنة وحي من هللا تعالى لقوله‪َ " :‬و َما َين ِّطق َ‬
‫ب ا ْل ِك ْندِي ِ‪ ،‬أ َ َّن‬‫عن ا ْل ِم ْقد َِام ْب ِن َم ْعدِي ك َِر َ‬ ‫ي يو َحى"‪ 3‬و َ‬ ‫ال َه َوى‪ِّ ،‬إن ه َو ِّإ َّال َوح ٌ‬
‫ث ِّمن َحدِّي ِّثي‬ ‫علَى أ َ ِّري َكتِّ ِّه ي َحدَّث ِّب َحدِّي ٍ‬
‫الرجل مت َّ ِّكئًا َ‬
‫ّللاِّ ﷺ قَا َل‪" :‬يو ِّشك َّ‬ ‫َرسو َل َّ‬
‫ع َّز َو َج َّل ف َما َو َجدنَا فِّي ِّه ِّمن َح َال ٍل است َحلَلنَاه‪َ ،‬و َما‬ ‫فَيَقول‪ :‬بَي َننَا َوبَينَكم ِّكت َاب َّ‬
‫ّللاِّ َ‬
‫ّللاِّ ﷺ ِّمثل َما َح َّر َم هللا"‪.4‬‬ ‫َو َجدنَا فِّي ِّه ِّمن َح َر ٍام َح َّرمنَاه‪ ،‬أ َ َّال َو ِّإ َّن َما َح َّر َم َرسول َّ‬
‫سب إلى النبي‬ ‫ب‪ -‬السنة في اإلصطالح‪ :‬يقصدَ بالسنة عن َد أهل الحديث ما ن َ‬
‫محمد ﷺ من أقوا ٍل وأفعا ٍل وتقارير أو صفات خَلقية أو خلقية‪ ،‬وللسنة النبوية‬
‫تعريف أيضا ً عند علماء الفقه اإلسالمي حيث يعرفونَ السنة بأنها ما يقابل‬ ‫ٌ‬
‫ي ﷺ كانَ يفعل هذ ِّه‬ ‫الفرض أو الواجب من أمور مستحبة أو مندوبة أي َّ‬
‫أن النب َّ‬
‫وليس على سبيل الفرض واإللزام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫األمور على سبيل التحبب والندب لها‪،‬‬
‫وهو مما ال شك فيه أنه‬ ‫أمر ما بأنه سنةٌ عن النبي ﷺ‪َ ،‬‬ ‫فكثيرا ً ما نسمع عن حكم ٍ‬
‫أمر مستحب يثاب فاعله‪ ،‬وال يؤثم تاركه‪.5‬‬

‫‪ - 1‬نجية رحماني‪ ،‬محاضرات في مقياس أصول الفقه (األدلة المتفق عليها)‪ ،‬مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثانية علوم إسالمية‪،‬‬
‫جامعة المسيلة‪ ،2018 -2017 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 2‬سورة فاطر اآلية ‪.43-42‬‬
‫‪ -3‬سورة النجم‪ ،‬اآلية‪.03‬‬
‫‪ - 4‬الموسوعة الحديثة الدرر السنية ‪ -‬شروح األحاديث‪https://dorar.net/hadith/sharh/81485 -‬‬
‫‪5 - https://mawdoo3.com/‬‬
‫و تختلف السنة النبوية عن القرآن الكريم في أنها ليست من كالم هللا بل‬
‫هي من كالم رسوله ﷺ أو فعله أو تقريره ولكن معناها من عند هللا دائما‪ .‬يقول‬
‫ِّيال"‪.1‬وفي الحديث‬ ‫ّللاِّ الَّتِّي قَد َخ َلت ِّمن َقبل َولَن ت َِّجدَ ِّلسنَّ ِّة َّ ِّ‬
‫ّللا ت َبد ً‬ ‫تعالى" سنَّةَ َّ‬
‫سلَكوا جحر‬ ‫عا بذراع‪ ،‬حتَّى لو َ‬ ‫سنَنَ َمن قَبلَكم ِّشب ًرا بشبر‪ ،‬وذرا ً‬ ‫يقولﷺ لَتَتَّبِّع َّن َ‬
‫ي صلى هللا عليه‬ ‫سلَكتموه قلنا‪ :‬يا رسول هللا‪:‬اليهود وال َّنصارى قال ال َّنب ُّ‬ ‫ب َل َ‬‫ض ٍ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫وسلم فَ َمن"‪.‬‬
‫وتنقسم السنة النبوية المشرفة إلى ثالثة أقسام وهي‪:‬‬
‫‪-‬السنة القولية‪ :‬وهي األحاديث التي قالها الرسول ﷺ في مختلف‬
‫يوم‬‫سا َ‬ ‫ي وأقر ِّبكم م ِّني مج ِّل ً‬ ‫إن من أح ِّبكم إل َّ‬ ‫األغراض والمناسبات‪ ،‬مثل قوله " َّ‬
‫سا يو َم القيام ِّة‬ ‫ي‪ ،‬وأبعدَكم منِّي مج ِّل ً‬ ‫ضكم إل َّ‬ ‫وإن أبغ َ‬ ‫القيام ِّة أحا ِّسنكم أخال ًقا‪َّ ،‬‬
‫الثَّرثارون والمت َش ِّدقون والمتفَي ِّهقون‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسو َل هللاِّ قد ع ِّلمنا الثَّرثارين‬
‫ش ِّدقين فما المتفَي ِّهقون قال‪ :‬المتك ِّبرون"‪ ،‬وقوله فيما رواه أحمد وابن ماجه‬ ‫والمت َ‬
‫وغيرهما "ال ضرر وال ضرار"‪ ،‬والسنة القولية هي أعلى درجات السنن من‬
‫حيث االحتجاج بها لثبوتها ووضوحها وقوة العبارة عن الفهم الناتج عن فعله‬
‫ﷺ‪.‬‬
‫‪ -‬السنة الفعلية‪ :‬هي األفعال التي فعلها الرسول ﷺ كأداء الصلوات‬
‫قام إلى‬‫الخمس‪ ،‬قال عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنه‪" :‬كان رسول هللاِّ ﷺ إذا َ‬
‫صال ِّة َيرفَع َي َدي ِّه حتى إذا كانَتا َحذ َو َمن ِّك َبي ِّه َكبَّ َر‪ ،‬ث َّم إذا أرادَ أن َير َك َع َرفَ َعهما‬ ‫ال َّ‬
‫حتى يَكونا َحذ َو َمن ِّكبَي ِّه‪َ ،‬كب ََّر وهما َكذلك‪َ ،‬ر َك َع‪ ،‬ث َّم إذا أرادَ أن يَرفَ َع صلبَه‬
‫س ِّم َع هللا ِّل َمن َح ِّمدَه‪ ،‬ث َّم يَسجد‪ ،‬وال يَر َفع‬ ‫َرفَ َعهما حتى يَكونا َحذ َو َمن ِّك َبي ِّه‪ ،‬ث َّم قال‪َ :‬‬
‫الركوعِّ‪ ،‬حتى‬ ‫َكبير ٍة َك َّب َرها َقب َل ُّ‬ ‫َيدَي ِّه في ال ُّسجودِّ‪ ،‬و َيرفَعهما في ك ِّل َرك َع ٍة وت َ‬
‫صالته"‪.‬‬ ‫ضي َ‬ ‫ت َنقَ َ‬
‫‪ -‬السنة التقريرية‪ :‬هي ما أقره الرسول ﷺ صراحة‪ ،‬أو سكت عن إنكاره‬
‫بعد أن حدث أمامه أو في عصره‪ ،‬وعلم به‪ ،‬أو ظهر منه ما يدل على استحسانه‬
‫والرضا به‪ ،‬مثل إقراره أكل الضب من طرف خالد بن الوليد‪ ،‬أما الرسول ﷺ‬
‫فقد كان يعافه ألنه لم يكن موجودا في أرض قومه‪.3‬‬
‫‪ - 1‬سورة الفتح اآلية ‪.23‬‬
‫‪2 - : https://www.alukah.net/sharia/0/138146/#ixzz6yoMqMGU3‬‬
‫‪ -3‬نجية رحماني‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫في القرآن الكريم كثير من اآليات التي تؤكد على حجية سنة النبي ﷺ في‬
‫اس َما ن ِّز َل‬ ‫التشريع ومن ذلك قوله تعالى" َوأَنزَ لنَا ِّإلَي َك الذِّك َر ِّلت َب ِّينَ ِّللنَّ ِّ‬
‫ِّإلَي ِّهم َولَ َعلَّهم يَتَفَ َّكرونَ "‪ ،1‬وفي هذه اآلية دليل على أن السنة النبوية وحي‬
‫من هللا تعالى‪ ،‬وقد سماها ربنا الذكر‪ ،‬وطالما أن السنة النبوية هي الذكر‬
‫الذي أنزله هللا على نبيهﷺ ليبين للناس ما نزل إليهم فإنه قد حفظها كما‬
‫أخبر ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بذلك في قوله تعالى" ِّإنَّا نَحن ن ََّزلنَا الذِّك َر َو ِّإنَّا َله‬
‫لَ َحافِّظونَ "‪ ،2‬وفيها دليل على حفظها بما ألهم هللا أتباعه من توثيقها وابتكار‬
‫العلوم التي حفظتها إلى يومنا هذا‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النحل اآلية ‪.44‬‬


‫‪ -2‬سورة الحجر اآلية ‪.9‬‬

You might also like