Professional Documents
Culture Documents
الصريح :هو اللفظ الذي ظهر املراد منه ظهورًا تام ًا لكثرة استعماله فيه ،حقيقة كان أو جمازًا فمن األول :أنت
طالق ،فإنه حقيقة شرعية يف إزالة النكاح صريح فيه.
ومن الث اين قول ه تع اىل َ{ :واْس َأِل اْلَق ْرَي َة} فه و ص ريح وإن ك ان جمازًا ،ألن ه ص ريح يف أن املراد ب ه :وأس أل أه ل
القرية .ومثله أيض ًا :قول القائل :واهلل ال آكل من هذه الشجرة ،فإنه جماز مشتهر هلجر احلقيقية ،ألن أكل
عني الشجرة متعذر عادة ،فينصرف ميينه إىل اجملاز وهو أكل مثرها.
وحكم الص ريح :ثب وت موجب ه بال ني ة ،أي تعل ق احلكم بنفس الكالم دون توق ف ذل ك على ني ة املتكلم ،أي
س واء نوى معناه أو مل ينوه لظهور معناه ووضوحه ،كلفظ الطالق جعله الشارع سببًا لوقوع الفرقة ،فيثبت هذا
احلكم قضاء مبجرد التلفظ بلفظ الطالق إذا ما ت وافرت شروط صحة الطالق ،وال يصدق يف أنه نوى اخلالص
من القيد ،ألن اللفظ صريح يف الطالق فيحكم القاضي بظاهره.
كلفظ البيع -إذا ما اقرتن به القبول -جعله الشارع سببًا النتقال ملكية املبيع من البائع اىل املشرتي ،فيثبت
هذا احلكم مبجرد ذكرمها إذا ما توافرت الشروط الالزمة العتبار البيع وصحته ،س واء نوى العاقدان معىن ما تلفظا
1
به أو مل ينويا.
ويف االصطالح :لفظ استرت املعىن املراد به حبسب االستعمال ،وال يفهم إال بقرينة ،س واء كان هذا اللفظ حقيقة
أو جمازًا غ ري متع ارف ،مث ل ق ول الرج ل لزوجت ه :حبل ك على غارب ك ،أو احلقي بأهل ك ،أو اعت دي ،فه ذه
العبارات كناية عن الطالق.
1
الوجيز في أصول الفقه ،الدكتور عبد الكريم زيدان ،مؤسسة قرطبة طباعة نشر توزيع ،بغداد ص 336
وحكم الكناية :
عدم ثبوت موجبها إال بالنية أو بداللة احلال ،كقول الرجل لزوجته :اعتدي ،يريد الطالق .أو قال هلا ذلك بعد
أن طلبت هي منه الطالق.
ومن أحكام الكناية أيضًا :أنه ال يثبت هبا ما يندرىء بالشبهات كحد القذف ،فلو قال شخص آلخر :أما أنا
فلست بزان .فهذا ال يعترب قذفًا موجبًا حلد القذف ،ألن الكناية ،فكان خفاء املراد منها شبهة تدرأ حد القذف
2
القائل.
فصل يف بيانالصريحوالكناية
أما يف اللغة:
-فالصريح اسم ملا هو ظاهر املراد عند السامع حبيث يسبق إىل أفهام السامعني .حنو قوله" :أنت حر" و "أنت
طالق" و "بعت" و "اشرتيت" وحنوها -مأخوذ من قوهلم :صرح احلق عن حمضه.
3
ومنه مسي القصر صرحًا ،لظهوره وارتفاعه على سائر األبنية.
-وأما الكناية فاسم ملا استرت مراد املتكلم من حيث اللفظ -مأخوذ من قوهلم" :كنيت" و "كنوت" ومنه قول
القائل:
وهلذا مسيت كنايات الطالق لأللفاظ اليت استرت مرادها ،حنو قوهلم" :خلية" " -برية" " -بتة" -وحنوها.
-وأما الصريح يف عرف الشرع[ :فـ]مثل ما ذكرنا يف الظاهر ،إال أن هذا أظهر لكثرة االستعمال.
-وأما الكناية :فهو أن يذكر لفظ دال على الشيء لغة ،وي راد به غري املذكور ،ملالزمة بينهما وجماورة خاصة -
نظريه قوله تعاىل" :أو جاء أحد منكم من الغائط" والغائط اسم ملكان مطمئن من األرض ،وهو كناية عن احلدث
2الوجيز في أصول الفقه ،الدكتور عبد الكريم زيدان ،مؤسسة قرطبة طباعة نشر توزيع ،بغداد (ص )337
3ميزان األصول في نتائج العقول ،عالء الدين شمس النظر أبو بكر محمد بن أحمد السمر قندي (ت ٥٣٩ھ) ،مطابع الدوحة الحديثة ،قطر،
الطبعة :األولى١٤٠٤ ،ھ ١٩٨٤ -م( ،الجزء ،1 :ص )393 :
جملاورة الزمة بينهما ،فإن احلدث ال يكون إال يف مثل هذا املكان غالب ًا .وكذا تطهري الفرجني باحلجر -يسمى
استنجاء واستجمارًا ،واالستنجاء ،يف وضع اللغة ،طلب النجوة ،واالستجمار طلب اجلمرة ،وهي احلجر ،ملالزمة
4
بينهما يف العادة .وإمنا الداعي إىل االشتغال بالكناية قبح ذكر النجاسة والعورة ههنا.
-وقد يكىن لقصد إخفاء الكىن عنه ،بإظهار املذكور ،عن السامع لغرض له يف ذلك -يقال يف املثل" :إياك
أعين فامسعي يا جارة" .وكما ذكرنا من قول الشاعر" :وإين ألكنو عن قذور بغريها".
بعضهم قالوا :من باب اجملاز ،ألن اجملاز ما جتاوز عن وضعه األصلي إما بزيادة أو نقصان على ما مر -وكل ما
هو خالف ظاهر املوضوع فهو جماز.
-والصحيح أنه ليس مبجاز بل هو حقيقة ،لكن احلقيقة نوعان :صريح وكناية .وكذا اجملاز نوعان :صريح وكناية.
ي دل على التفرق ة بينهم ا أن اجملاز عام ل بنفس ه ،ولف ظ الكناي ة ي راد ب ه غ ريه .أال ت رى أن ه يق ال " :فالن طوي ل
النجاد" و ي راد به طول القامة ،ألن جناد كل شخص على قدر قامته .ويقال" :فالن كثري الرماد" يكىن به عن
5
السخاوة ،ألن من يكثر نزول األضياف عليه ،حيتاج إىل زيادة الطبخ ،فيكثر رماد مطبخه -واهلل أعلم.
-قال الشافعي َ -رِض َي الَّلُه َتَعاىَل َعْنُه ( :-وال يلزمه اإليالء حىت يصرح بأحد أمساء اجلماع اليت هي صرحية فيه)
4ميزان األصول في نتائج العقول ،عالء الدين شمس النظر أبو بكر محمد بن أحمد السمر قندي (ت ٥٣٩ھ) ،مطابع الدوحة الحديثة ،قطر،
الطبعة :األولى١٤٠٤ ،ھ ١٩٨٤ -م( ،الجزء ،1 :ص )394 :
5ميزان األصول في نتائج العقول ،عالء الدين شمس النظر أبو بكر محمد بن أحمد السمر قندي (ت ٥٣٩ھ) ،مطابع الدوحة الحديثة ،قطر،
الطبعة :األولى١٤٠٤ ،ھ ١٩٨٤ -م( ،الجزء ،1 :ص )395 :
ومجلة ذلك :أن األلفاظ اليت تستعمل يف اإليالء على أربعة أضرب:
أحدها :ما هو ص ريح يف اإليالء ظاهرا وباطنا ،وذلك قوله :واهلل ال أنيكك ،وال أغيب ذكري يف فرجك ،أو ال
جامعتك بذكري ،أو ال أقتضك بذكري وهي بكر ،فإذا قال ذلك ..كان موليا س واء نوى به اإليالء أو مل ينو؛
ألنه ال حيتمل غري اجلماع لغة وشرعا.
فإن قال :مل أرد به اإليالء ..مل يقبل منه يف الظاهر والباطن؛ ألنه يدعي خالف الظاهر.
-والضرب الثاني :ما هو ص ريح يف اإليالء يف احلكم ،وذلك قوله :واهلل ال جامعتك ،أو ال وطئتك ،فإذا قال
ذلك ..كان موليا يف احلكم؛ ألنه مستعمل فيه يف العرف.
فإن قال :مل أرد به اجلماع يف الفرج ،وإمنا أردت باجلماع االجتماع واملوافقة ،وبالوطء الوطء بالرجل ..مل يقبل يف
احلكم؛ ألنه يدعي خالف الظاهر ،ويدين فيما بينه وبني اهلل تعاىل؛ ألن ما قاله حمتمل يف اللغة.
وإن قال :واهلل ،ال أقتضك -وهي بكر -ومل يقل :بذكري ..ففيه وجهان:
أحدمها -وهو قول الشيخ أيب حامد :-أنه ص ريح يف اإليالء ظاهرا وباطنا كالقسم األول؛ ألنه ال حيتمل غري
االقتضاض بالذكر.
والثاين -وهو قول القاضيني :أيب حامد وأيب الطيب ،وأيب علي السنجي ،واختيار ابن الصباغ :-أنه ص ريح يف
اإليالء يف احلكم .فإن ادعى :أنه مل يرد اجلماع بالذكر ..مل يقبل يف احلكم ،ويدين فيه؛ ألنه حيتمل االقتضاض
6
باألصبع.
-الضرب الثالث :ما ال يكون إيالء إال بالنية ،وذلك كقوله :واهلل ال يتوافق رأسي ورأسك ،أو ال اجتمع رأسي
ورأسك ،أو ال مجعين وإي اك بيت ،أو ال دخلت علي ك ،أو ال دخلت علي ،أو ألس وءنك ،أو ألغيظنك ،أو ما
6البيان في مذهب اإلمام الشافعي ،أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (ت ٥٥٨ھ) ،دار المنهج -جدة ،الطبعة :
األولى١٤٢١ ،ھ ٢٠٠٠ -م( ،الجزء ،10 :ص )281 :
أشبه ذلك ،فإن نوى به اجلماع بالذكر ..كان موليا؛ ألنه حيتمل ذلك .وإن مل ينو به ذلك ..مل يكن موليا؛ ألن
هذه األلفاظ ال تستعمل فيه غالبا.
-الضرب الرابع :اختلف فيه قول الشافعي َ -رِض َي الَّل ُه َتَع اىَل َعْن ُه -وهو قوله :واهلل ال باش رتك ،أو واهلل ال
المستك ،أو ال أفضي إليك.
فق ال يف الق دمي( :وه و ص ريح يف اإليالء يف احلكم ،كقول ه :واهلل ال وطئت ك ،أو ال جامعت ك) ؛ ألن الق رآن ورد
هبذه األلفاظ ،واملراد به :اجلماع .قال اهلل تعاىلَ{ :أْو الَمْس ُتُم الِّنَس اَء} يعين :جامعتم .وقالَ{ :وال ُتَباِش ُروُه َّن
7
َوَأْنُتْم َعاِكُفوَن يِف اْلَمَس اِج ِد } .8وقالَ{ :وَك ْيَف َتْأُخ ُذ وَنُه َو َقْد َأْفَض ى َبْعُض ُك ْم }.9
فإن قال :مل أرد به الوطء ..مل يقبل يف احلكم ،ويدين فيما بينه وبني اهلل تعاىل؛ ألنه حيتمل ما يدعيه.
وقال يف اجلديد( :هي كناية ،فال يكون موليا إال أن ينوي به اجلماع) .وهو األصح؛ ألن هذه األلفاظ حتتمل
اجلماع وغريه ،فهو كقوله :ال اجتمع رأسي ورأسك.
ومنهم من قال :هو كناية قوال واحدا ،كقوله ال اجتمع رأسي ورأسك.
وقال الشيخ أبو حامد :هو صريح يف اإليالء يف احلكم قوال واحدا ،كقوله :ال جامعتك ،وال وطئتك.
وإن ق ال :واهلل ال ملس تك ،أو ال غش يتك ،أو ال باض عتك ،أو ال قربت ك ..فمن أص حابنا من ق ال :في ه ق والن،
10
كقوله :ال باشرتك.
ومنهم من قال :هو كناية قوال واحدا ،كما لو قال :ال اجتمع رأسي ورأسك.
المصادر
.1الوجيز يف أصول الفقه ،الدكتور عبد الكرمي زيدان ،مؤسسة قرطبة طباعة نشر توزيع ،بغداد.
11البيان في مذهب اإلمام الشافعي ،أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (ت ٥٥٨ھ) ،دار المنهج -جدة ،الطبعة :
األولى١٤٢١ ،ھ ٢٠٠٠ -م( ،الجزء ،10 :ص )283 :
.2ميزان األصول يف نتائج العقول ،عالء الدين مشس النظر أبو بكر حممد بن أمحد السمر قندي (ت ٥٣٩ھ)،
مطابع الدوحة احلديثة ،قطر ،الطبعة :األوىل١٤٠٤ ،ھ ١٩٨٤ -م.
.3البي ان يف م ذهب اإلم ام الش افعي ،أب و احلس ني حيىي بن أيب اخلري بن س امل العم راين اليم ين الش افعي (ت
٥٥٨ھ) ،دار املنهج -جدة ،الطبعة :األوىل١٤٢١ ،ھ ٢٠٠٠ -م.