You are on page 1of 42

‫بحث مق ّدم لمادة أصول الفقه‬

‫نعنوان‪:‬‬

‫النسخ‬

‫إعداد البحث‬

‫محمد عريف جوني – سهلون ‪ -‬حسنى عزيزة ‪ -‬نور فائزة‬


‫ّ‬

‫تحت إشراف‪:‬‬

‫األستاذ د‪ .‬رسلي حسبي ‪-‬حفظه الله‪-‬‬

‫قسم الدراسات العليا‬

‫جامعة شريف هداية الله اإلسالمية الحكومية – جاكرتا‬

‫‪ 1441‬ه‪ 0201 /‬م‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف النسخ‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف النسخ لغة‬

‫النسخ في اللغة يطلق على إطالقين‪:‬‬

‫األول‪ :‬بمعنى اإلزالة‪ ،‬وهو على ضربين‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬إزالة الشي دون أن يقوم غيره مقامه‪ ،‬كقولهم‪ :‬نسخت الريح األثرر‪ .‬ومرن هراا المعنرى قرول اللره‬
‫تبارك وتعالى‪( :‬فينسخ اللره مرا فري يلقري الشريطان ثرم يحكرم اللره هياترهي أل يزيلره فرال يتلرى وي ي برت فري‬
‫المصحف بدله‪.1‬‬

‫ثانيهما‪ :‬إبطال الشيء وزواله وإقامة هخر مقامه‪ ،‬ومنه نسخت الشمس الظر‪ ،،‬إذا أذهبتره وحلرت محلره‪،‬‬
‫وهو معنى قول الله تبارك وتعالى‪( :‬ما ننسخ من هية أو ننسها نأت بخير منهاي‪.‬‬

‫وفي الحديث الال أخرجه مسلم لم تكن نبوة قط إي تناسخت أل تحولت من حال إلى حرال‪ ،‬يقرال‪:‬‬
‫انتسخ الشيب الشباب‪.‬‬

‫ويطلق النسخ في هاا المقام على التبدي‪ ،،‬ومنه قوله تبارك وتعالى‪( :‬وإذا بدلنا هية مكان هيرة واللره أعلرم‬
‫بما ينزلي‪.‬‬

‫ال اني‪ :‬يطلق النسخ ويراد به النق‪ ،،‬وهو تحوي‪ ،‬شريء مرن مكران إلرى هخرر‪ ،‬أو مرن حالرة إلرى أخرر مر‬
‫بقائه في نفسه‪ ،0‬كنق‪ ،‬كتاب من مكان إلى مكان هخر‪ ،‬وفي هاا المعنرى جراء قرول اللره تبرارك وتعرالى‪:‬‬
‫(كنا نستنسخ ما كنتم تعملوني أل نأمر بنسخه وإثباته‪ ،‬ومنه المناسخات في الموارث‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫تفسير القرطبي ‪.20/0‬‬
‫‪0‬حاشية األزميرل على مرهة األصول ‪.121/0‬‬

‫‪2‬‬
‫وبناء على هاا المعنى يكون القرهن الكريم منسوخا بنقله مرن اللرو المحفرو ومنرزي إلرى بيرت العرزة فري‬
‫السماء الدنيا‪ .‬وهاا المعنى اللغول ي عالقة له بمعنى النسخ ايصطالحي وي باإلزالة واإلبطال‪.4‬‬

‫فرع‪ :‬ه‪ ،‬النسخ من باب ايشتراك اللفظي بين اإلزالة والنق‪ ،،‬أو هو حقيقة في اإلزالرة ماراز فري النقر‪،،‬‬
‫أو هو حقيقة في النق‪ ،‬مااز في اإلزالة؟‬

‫ولألصولين في ذلك أقوال ثالثة‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬إن النسخ حقيقة فيهما‪ ،‬فهرو مشرترك بينهمرا‪ ،‬قرال بره القاضري ابرو بكرر البراقالني والغزالري‪.‬‬
‫ووجرره هرراا القررول ألن النسررخ اسررتعم‪ ،‬فيهمررا علررى السرواء‪ ،‬ولررم يغلررب علررى أحرردهما دون ا خررر فوجررب‬
‫القضاء بايشتراك بناء على أنه أطلق عليهما‪ ،‬واألص‪ ،‬في اإلطالق الحقيقة‪.5‬‬

‫القول ال اني‪ :‬إن النسخ حقيقة في النق‪ ،‬مااز في اإلزالرة‪ ،‬وهرو قرول القفرال الشاشري‪ .‬ووجره هراا القرول‬
‫ألن النسخ لفظ ك ر استعماله في النق‪ ،،‬وق‪ ،‬استعماله في اإلزالة‪ ،‬فاعله حقيقة فيمرا ك رر اسرتعماله فيره‬
‫وماازا فيما ق‪ ،‬استعماله فه ضررورة جتميرة‪ ،‬إذ إن الحقيقرة أك رر مرن الماراز اسرتعماي‪ ،‬وي يصرح جعلره‬
‫حقيقة في القلي‪.2،‬‬

‫‪3‬شر المنار وحواشيه من علم ايصول على متن المنار للنسفي‪.‬‬


‫‪4‬تفسير القرطبي‪.20/0‬‬
‫‪5‬انظر شر أصول البزدول ‪ ،175/3‬التقرير والتحبير ‪.42/3‬‬
‫‪2‬كشف األسرار شر أصول البزدول ‪.175/3‬‬

‫‪3‬‬
‫القول ال الث‪ :‬إن النسخ حقيقة في اإلزالة‪ ،‬مااز في النق‪ ،،‬وهرو مرا اختراره الفخرر الررازل وأبرو الحسرين‬
‫ومعن ررى اإلزال ررة أع ررم‪ ،‬وإذا دار اللف ررظ ب ررين األع ررم‬ ‫البص رررل‪ .‬ووج رره ه رراا الق ررول ألن معن ررى النق رر‪ ،‬أخ ر ر‬
‫فاعله حقيقة في األعم أولى من جعله حقيقة في األخ ‪ ،‬لما في األعم تك ير للفائدة‪.7‬‬ ‫واألخ‬

‫المطلب ال اني‪ :‬تعريف النسخ اصطالحا‪.‬‬

‫ثمة عديد من التعريفات للنسخ متعددة العبارات متقاربة المعراني أحيانرا ومتباينرة فري حرين هخرر‪ .‬سرأنق‪،‬‬
‫في هاا المقام خمسة تعاريف لألصوليين حول تعريف النسخ اصطالحا‪.‬‬

‫التعريررف األول‪ :‬تعريررف القاضرري أبرري بكررر البرراقالني النسررخ بأنرره‪( :‬رف ر الحكررم الشرررعي برردلي‪ ،‬شرررعي‬
‫متأخري‪.‬‬

‫التعريررف ال رراني‪ :‬تعريررف أبرري الحسررين البصرررل النسررخ بأنرره‪( :‬إزالررة م رر‪ ،‬الحكررم ال ابررت بقررول منقررول عررن‬
‫رسروله‪ ،‬وتكررون اإلزالررة بقررول منقررول عررن اللرره أو عررن رسروله أو بفعرر‪ ،‬منقررول عررن رسروله‪ ،‬مر تراخيرره عنرره‬
‫على وجه لويه لكان ثابتاي‪.‬‬

‫التعريف ال الث‪ :‬تعريف الغزالي النسخ بأنره‪( :‬هرو الخطراب الردال علرى ارتفراع الحكرم ال ابرت بالخطراب‬
‫المتقدم على وجه لويه لكان ثابتا م تراخيه عنهي‪.‬‬

‫التعريف الراب ‪ :‬تعريف البيضاول النسخ بأنه‪( :‬بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخ عنهي‪.1‬‬

‫‪7‬أحكام ا مدل ‪.123/3‬‬


‫‪1‬منهاج الوصول إلى علم األصول‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫التعريف الخرامس‪ :‬تعريرف النسرفي النسرخ بأنره‪( :‬بيران لمردة الحكرم المطلرق الرال كران معلومرا عنرد اللره‬
‫تعررالى‪ ،‬إي أنرره أطلقرره فصررار برراهرة البقرراء فرري حررق البشررر فكرران تبررديال فرري حقنررا‪ ،‬بيرران محضررا فرري حررق‬
‫صاحب الشرعي‪.9‬‬

‫المبحث ال اني‪ :‬النسخ بين اإلثبات واإلنكار‬

‫‪12‬‬
‫المطلب األول‪ :‬موقف أه‪ ،‬الشرائ السابقة من النسخ‬

‫اتفق أه‪ ،‬الشرائ السابقة على جواز النسخ عقال ووقوعه سرمعا إي مرا نقلره علمراء األصرول عرن اليهرود‪،‬‬
‫فإنهم انقسموا في ذلك إلى ثالث طوائف‪:‬‬

‫الطائفة األولى‪ :‬طائفة الشمعونية‪ ،‬وهم الاين قالوا‪ :‬إن النسخ محال عقال وسمعا‪.‬‬

‫الطائفة ال انية‪ :‬طائفة العنانية ‪ ،‬وهم الاين قالوا‪ :‬إن النسخ جائز عقال ومحال سمعا‪.‬‬

‫الطائفررة ال ال ررة‪ :‬طائف ررة العيس رروية‪ ،‬وه ررم ال رراين قررالوا‪ :‬إن النس ررخ ج ررائز عق ررال وواق ر س ررمعا‪ ،‬وإن الش رريعة‬
‫اإلسررالمية جرراءت للعرررب خاصررة‪ ،‬فلررم يبعررث محمررد صررلى اللرره عليرره وسررلم إلررى بنري إسررائي‪ ،‬حيررث يلررزم‬
‫نسخ شريعتهم‪.‬‬

‫وي شررك أن ق ررول جمرراهير أهرر‪ ،‬الملرر‪ ،‬السررابقة ه ررو ال رراجح‪ ،‬ويمكررن إرج رراع مامرر‪ ،‬اس ررتدييتهم إل ررى‬
‫قسمين‪:‬‬

‫‪9‬شر المنار وحواشيه من علم األصول ص ‪.721‬‬


‫‪10‬انظر‪ :‬النسخ في دراسات األصوليين ص ‪00‬‬

‫‪5‬‬
‫القسم األول‪ :‬أدلة الامهور على جرواز النسرخ عقرال‪ ،‬ولهرم فري ذلرك دلير‪ ،‬مرن المعنرى المعنرى‪ ،‬وهرو أن‬
‫النسرخ ي يفضرري فررو وقوعرره إلررى محرال‪ .‬وبيرران ذلررك أن األحكرام إمررا شرررعت لتحقيرق مصررالح العبرراد‪،‬‬
‫والمصالح قد تتغير بتغير األزمان واألشخاص‪ ،‬وعليه فالنسخ غيرر محرال‪ .‬وإمرا شررعت األحكرام يبرتالء‬
‫العباد واختبارهم فال يترترب علرى النسرخ محرال أيضرا‪ ،‬ألن األحكرام مرن أفعرال اللره تبرارك وتعرالى ولره أن‬
‫يحكم بما شاء‪ ،‬ويمحو ما يشاء‪ ،‬وي بت ما يريد‪.‬‬

‫القسم ال اني‪ :‬أدلة الامهور على وقوع النسخ شرعا‪ ،‬ولهم في ذلك من األدلة ي تق‪ ،‬عن خمسة‪.‬‬

‫الرردلي‪ ،‬األول‪ :‬أن نكررا األخروات كانررت مشررروعا فرري شرريعة هدم عليرره السررالم وبرره حصرر‪ ،‬التناسرر‪ ،،‬وقررد‬
‫ورد فرري الترروراة أن اللرره تعررالى أمررر هدم بتررزوين بناترره مررن بنيرره‪ ،‬فقررد أخرررج الطبرانرري عررن ابررن مسررعود وابررن‬
‫عباس رضي الله عنهما أنه كان ي يولد ألدم غالم إي ولدت معه جارية‪ ،‬فكران يرزوج توأمره هراا ل خرر‪،‬‬
‫وتومأه ا خر لهاا‪ ،‬ليقوم اختالف البطون مكان اختالف النسب‪ ،‬ثرم ررم هراا فري شرريعة مرن بعرده مرن‬
‫األنبياء اتفاقا‪ ،‬وهاا هو النسخ‪.11‬‬

‫الرردلي‪ ،‬ال رراني‪ :‬أن ايسررتمتاع بررالازء كرران حررالي دم عليرره السررالم‪ ،‬فررإن زوجترره حرواء كانررت مخلوقررةمن‬
‫منره‬ ‫ضلعه على ما نطق بره الخبرر‪ ،‬ثرم نسرخ ذلرك بغيرره مرن الشررائ ‪ ،‬وي ياروز ألحرد أن يسرتمت بربع‬
‫بالنكا كابنته‪.10‬‬

‫الرردلي‪ ،‬ال الررث‪ :‬إن الام ر بررين األختررين كرران مشررروعا فرري ش رريعة يعقرروب عليرره السررالم‪ ،‬وإنرره جم ر بررين‬
‫األختررين‪ ،‬فقررد ذكررر فرري الترروراة أنرره خطررب الصررغر ‪ ،‬فقررال أبوهررا‪ :‬لرريس مررن سررنة بلرردنا أن نررزوج الصررغر‬
‫قب‪ ،‬الكبر فنزوجهما معا‪ ،‬ثم حرم الام في حكم التوراة‪.13‬‬

‫‪11‬‬
‫انظر‪ :‬كشف األسرار على أصول البزدوي ‪ ،978/3‬ومختصر ابن الحاجب ‪.98/2‬‬
‫‪12‬‬
‫شرح أصول البزدوي ‪.990/3‬‬
‫‪13‬‬
‫شرح تنقيل الفصول للقرافي ص ‪.303‬‬

‫‪6‬‬
‫الردلي‪ ،‬الرابر ‪ :‬إن العمر‪ ،‬فري يروم السربت كران مباحرا قبر‪ ،‬شرريعة موسرى عليره السرالم‪ ،‬ثرم انتسرخت تلررك‬
‫اإلباحررة بش رريعته عليرره السررالم‪ ،‬فكرران تح رريم العمرر‪ ،‬يرروم السرربت مختص ررا بش رريعة موسررى عليرره الس ررالم‬
‫بايتفاق‪.14‬‬

‫الرردلي‪ ،‬الخررامس‪ :‬وقررد وردت فرري الترروراة أحكررام ك يرررة ثررم نسررخت وذلررك م رر‪ ،‬السررارق إذا سرررق للمرررة‬
‫الرابعة فيعاقب ب قب أذنيه وبيعه‪ ،‬وقد اتفقوا على نسخ ذلك‪.15‬‬

‫المطلب ال اني‪ :‬موقف المسلمين من النسخ‪.‬‬

‫لقد أجم المسلمون على جواز النسخ عقال‪ ،‬ووقوعه شرعا ولم يخرالف فري ذلرك أحرد إي مرا ذكرر عرن‬
‫أبي مسلم األصفهاني أنه أنكر وقوعه‪.‬‬

‫والال عليه التحقيق أن الخرالف برين أبري مسرلم األصرفهاني والامهرور هرو فري وقروع النسرخ فري القررهن‬
‫الكرريم ولرم يكرن الخررالف بينره وبرين الامهرور فرري وقروع النسرخ برين الشررائ المختلفرة أو فري وقوعره فرري‬
‫الشريعة الواحدة‪.12‬‬

‫وماهب الامهور القائ‪ ،‬بأن النسخ واق في القرهن هو الال تنصره األدلة المتكاثرة‪.‬‬

‫شروط النسخ وأنواعه ‪:‬‬

‫تنقسم شروط النَّسخ إلى شروط متفق عليها‪ ،‬وشروط مختلف فيها ‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشروط المتفق عليها‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫كشف األسرار في شرح أصول البزدوي ‪.978/3‬‬
‫‪15‬‬
‫شرح تنقيح الفصول للقرافي ص ‪.303‬‬
‫‪16‬‬
‫النسخ في دراسات األصوليين ص ‪.93‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ .1‬أن يكون الحكم المنسوخ شرعيًّا‪ :‬إذ األحكام العقلية ي نسخ فيهار فاينتقال من البراءة األصلية‬
‫أمر عقلي ي شرعي‪.‬‬
‫نسخار ألن هاه البراءة ٌ‬
‫عد ً‬‫إلى التكليف ي يُ ُّ‬

‫‪ .0‬أن يكون الدلي‪ ،‬الدال على ارتفاع الحكم شرعيًّا‪:‬فارتفاع الحكم بموت المكلف أو جنونه ليس‬
‫بنسخ‪ ،‬وإنما هو سقوط التكليف جملة"‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يكون الناسخ متراخيًا عن الخطاب المنسوخ حكمه‪ :‬أل‪ :‬تفص‪ ،‬بينهما مدةر فإن المقترن‬
‫ِ‬
‫الصيَ َام إِلَى‬ ‫ِ‬
‫نسخا‪ ،‬وإنما هو تخصي ر كقوله تعالى‪ ﴿ :‬ثَُّم أَت ُّموا ّ‬
‫كالشرط والصفة وايست ناء ي يسمى ً‬
‫نهارا‪.‬‬ ‫اللَّْي ِ‪[ ﴾ ،‬البقرة‪ ]117 :‬فليس ذلك ً‬
‫ناسخا للصوم ً‬
‫مقيدا بوقت معين‪ ،‬أو بزمن مخصوص‪ :‬م اله‪" :‬قوله صلى الله‬
‫‪ .4‬أي يكون الخطاب المرفوع حكمه ً‬
‫عليه وسلم‪(( :‬ي صال َة بعد الصبح حتى تطل الشمس‪ ،‬وي صالة بعد العصر حتى تغرب الشمسيي‪،‬‬
‫فإن الوقت الال ياوز فيه أداء النواف‪ ،‬التي ي سبب لها‪ :‬مؤقَّ ٌ‬
‫ت‪ ،‬فال يكون نهيُه عن هاه النواف‪ ،‬في‬
‫‪17‬‬
‫نسخا لِما قب‪ ،‬ذلك من الاوازر ألن التوقيت يمن النَّسخ"‬
‫الوقت المخصوص ً‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشروط المختلف فيها‪:‬‬

‫ينس ْخهر ألن الضعيف‬


‫‪ .1‬أن يكون الناسخ أقو من المنسوخ أو م لَه‪ ،‬فإن كان أضعف منه لم َ‬
‫القول‪.‬‬
‫ي يزي‪َّ ،‬‬
‫‪ .0‬أن يكون نسخ القرهن بالقرهن والسنة بالسنة‬
‫‪ .3‬أن يكون قد ورد الخطاب الدال على ارتفاع الحكم وقت التمكن من ايمت ال‬
‫‪ .4‬أن يكون الخطاب المنسوخ حكمه مما ي يدخله ايست ناء والتخصي‬

‫‪ 17‬أصول الفقه الميسر ‪٢٣٢ /٢‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ .5‬أن يكون الناسخ والمنسوخ نصين قاطعين‬
‫‪ .2‬أن يكون الناسخ مقابال للمنسوخ مقابلة األمر بالنهي‪ ،‬والمضيق بالموس‬
‫‪ .7‬أن يكون النسخ ببدل‬

‫قال اإلمام ا مدل رحمه الله تعالى بعد ذكر الشروط الخمسة األخيرة‪ -‬المختلف فيه‪": -‬فإن ذلك‬
‫‪11‬‬
‫كله مختلف فيه‪ ،‬والحق أن هاه األمور غير معتبرة"‬

‫الفصل األول‪ :‬أنواع النَّسخ‪:‬‬

‫يمكن أن نقسم النَّسخ على وجه العموم إلى قسمين‪ :‬نسخ شريعة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم للشرائ السابقة‪ ،‬والنَّسخ داخ‪ ،‬هاه الشريعة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نسخ اإلسالم لما قبله من الشرائع‪:‬‬

‫لما كانت شريعة اإلسالم هخر الشرائ ‪ ،‬وصالحة لك‪ ،‬زمان ومكانر إذ ي شريعة بعدها‪ ،‬فقد نسخ الله‬
‫بها ما شاء من الشرائ الماضية‪.‬‬

‫قال اإلمام الزركشي‪" :‬شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لامي الشرائ باإلجماع‪"19‬‬

‫‪ 19‬اإلحكام لآلمدي ‪120/3 :‬‬


‫‪18‬البحر المحيط في أصول الفقه ‪111/٣‬‬

‫‪9‬‬
‫وقال اإلمام ابن قدامة رحمه الله تعالى ‪ ":‬وقد أجمعت األمة على أن شريعة محمد صلى الله عليه‬
‫‪02‬‬
‫وسلم قد نسخت ما خالفها من شرائ األنبياء"‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النَّسخ في الشريعة اإلسالمية إما أن يكون لبدل أو غير بدل‪:‬‬

‫حكما شرعيًّا‪ ،‬فإما أن يح‪ ،‬مح‪ ،‬هاا الحكم حكم هخر أو ي‪ ،‬فإذا ح‪،‬‬
‫إذا نسخ الله ‪ -‬ج‪ ،‬وعال ‪ً -‬‬
‫محله حكم جديد فالك النَّسخ إلى بدل‪ ،‬وإن لم يح‪ ،‬محله أل حكم فالك النَّسخ إلى غير بدل‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬النَّسخ إلى بدل‪:‬‬

‫إذا نُسخ الحكم الشرعي وح‪ ،‬محله حكم هخر‪ ،‬فإما أن يكون هاا الحكم البدي‪ ،‬مساويًا لألول‪ ،‬أو‬
‫أثق‪ ،‬منه‪ ،‬أو أخف‪:‬‬
‫‪ .1‬النَّسخ إلى بدل مساو‪:‬‬
‫أل‪ :‬على نفس المكلفر بحيث ي فرق بين الحكم المنسوخ والحكم الناسخ من حيث ال ق‪ ،‬أو‬
‫الخفة بالنسبة للمكلف‪.‬‬

‫م اله‪ :‬نسخ استقبال بيت المقدس الال ثبت بالسنة‪ ،‬فنسخ بالقرهنر فعن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫قال‪ :‬أول ما نسخ من القرهن فيما ذكر لنا ‪ -‬والله أعلم ‪ -‬شأ ُن القبلةر قال تعالى ‪َ ﴿:‬ولِلَّ ِه الْ َم ْش ِر ُق‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى‬ ‫ب فَأَيْرنَ َما ترُ َولُّوا فَر َ َّم َو ْجهُ اللَّ ِه ﴾ [البقرة‪ ،]115 :‬فاستقب‪ُ ،‬‬ ‫َوالْ َم ْغ ِر ُ‬
‫ث‬‫نحو بيت المقدس‪ ،‬وترك البيت العتيق‪ ،‬ثم صرفه إلى بيته العتيق ونسخها‪ ،‬فقال ‪َ ﴿:‬وِم ْن َحْي ُ‬
‫ِِ‬
‫وه ُك ْم َشطَْرهُ ﴾ { البقرة‪:‬‬ ‫ث َما ُكْنرتُ ْم فَر َولُّوا ُو ُج َ‬ ‫ت فَر َوِّل َو ْج َه َ‬
‫ك َشطَْر الْ َم ْساد الْ َحَرِام َو َحْي ُ‬ ‫َخَر ْج َ‬
‫‪01‬‬
‫‪}152‬‬

‫‪20‬روضة الناظر وجنة المناظر ‪7٣/1‬‬


‫‪21‬رواه الحاكم في المستدرك‬

‫‪10‬‬
‫‪ .0‬النسخ إلى بدل أخف ‪:‬‬
‫وهاا ك ير في شريعتنا‪ ،‬و ِ‬
‫لنكتف بم الين‪:‬‬

‫صابُِرو َن يرَ ْغلِبُوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ين َعلَى الْقتَال إِ ْن يَ ُك ْن مْن ُك ْم ع ْش ُرو َن َ‬
‫األول ‪:‬قوله تعالى ‪ ﴿:‬يا أَيرُّها النَّبِي ح ِر ِ ِ ِ‬
‫و الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫َ َ ُّ َ ّ‬
‫ين َك َف ُروا بِأَنرَّ ُه ْم قَر ْوٌم َي يرَ ْف َق ُهو َن ﴾ [ األنفال‪.]25:‬‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مائَرتَرْي ِن َوإ ْن يَ ُك ْن مْن ُك ْم مائَةٌ يَر ْغلبُوا أَلْ ًفا م َن الا َ‬
‫ض ْع ًفا‬ ‫فها ا ية نسخت با ية التي بعدها‪ ،‬وهي قوله تعالى‪ { :‬اْ َن خفَّف اللَّه عْن ُكم وعلِم أ َّ ِ‬
‫َن في ُك ْم َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ََ َ‬
‫ف ير ْغلِبوا أَلْ َفْي ِن بِِإ ْذ ِن اللَّ ِه واللَّهُ م َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَِإ ْن ي ُكن ِمْن ُكم ِمائَةٌ ِ ِ ِ‬
‫الصاب ِر َ‬
‫ين‬ ‫َ ََ‬ ‫صابَرةٌ يرَ ْغلبُوا مائَرتَرْي ِن َوإ ْن يَ ُك ْن مْن ُك ْم أَلْ ٌ َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫}[األنفال ‪]22 :‬‬
‫وي شك أن الحك م األخير أخف بك ير من األولر فبدي من أن يصابر المسلم عشرة من الكفار عليه‬
‫أن يصابر اثنين فقط‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬نسخ تحريم األك‪ ،‬والشرب والاماع بعد النوم في ليالي رمضان‪ ،‬ولع‪ ،‬هاا التحريم كان ثابتا‬
‫اس لَ ُك ْم‬ ‫ِ‬ ‫الرفَ ُ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصيَ ِام َّ‬ ‫ِ‬
‫ث إلَى ن َسائ ُك ْم ُه َّن لبَ ٌ‬ ‫بالسنة‪ ،‬فتم نسخه بالقرهنر قال تعالى ‪ { :‬أُح َّ‪ ،‬لَ ُك ْم لَْيرلَ َة ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وه َّن َوابْرتَرغُوا‬ ‫اس لَ ُه َّن َعل َم اللَّهُ أَنَّ ُك ْم ُكْنرتُ ْم تَ ْختَانُو َن أَنْر ُف َس ُك ْم فَرتَ َ‬
‫اب َعلَْي ُك ْم َو َع َفا َعْن ُك ْم فَاْ َن بَاش ُر ُ‬ ‫َوأَنْرتُ ْم لبَ ٌ‬
‫َس َوِد ِم َن الْ َف ْا ِر ثَُّم أَتِ ُّموا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط ْاألَبْريَ ُ م َن الْ َخْيط ْاأل ْ‬ ‫ب اللَّهُ لَ ُك ْم َوُكلُوا َوا ْشَربُوا َحتَّى يرَتَربَريَّ َن لَ ُك ُم الْ َخْي ُ‬‫َما َكتَ َ‬
‫ِ‬ ‫ك ح ُد ِ‬ ‫ِِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك يرُبَريِّ ُن‬‫وها َك َال َ‬ ‫ود اللَّه فَ َال تَر ْقَربُ َ‬
‫وه َّن َوأَنْرتُ ْم َعاك ُفو َن في الْ َم َساجد ت ْل َ ُ ُ‬ ‫الصيَ َام إِلَى اللَّْي ِ‪َ ،‬وَي ترُبَاش ُر ُ‬‫ّ‬
‫َّاس لَ َعلَّ ُه ْم يرَتَّر ُقو َن} [ البقرة ‪. ] 117 :‬‬ ‫اللَّهُ هيَاتِِه لِلن ِ‬

‫وهاا النوع أيضا كالنوع األول‪ ،‬ي خالف في جوازه عقال ووقوعه سمعا عند القائلين بالنسخ أجمعين ‪.‬‬

‫‪ .3‬النسخ إلى بدل أثق‪: ،‬‬


‫م اله‪ :‬ما يتعلق بحد الزنا‪ ،‬فقد كان الحكم في بداية اإلسالم حبس ال يب وتعنيف البكر‪ ،‬فنسخ ذلك‬
‫استَ ْش ِه ُدوا‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫بالرجم لل يب والالد بالنسبة للبكر ر قال تعلى ‪ { :‬و َّ ِ ِ‬
‫ين الْ َفاح َشةَ م ْن ن َسائ ُك ْم فَ ْ‬ ‫الالتي يَأْت َ‬ ‫َ‬
‫ت أ َْو يَ ْا َع َ‪ ،‬اللَّهُ لَ ُه َّن َسبِ ًيال ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫علَي ِه َّن أَربرعةً ِمْن ُكم فَِإ ْن ش ِهدوا فَأَم ِس ُك ِ‬
‫وه َّن في الْبُريُوت َحتَّى يرَتَر َوفَّ ُ‬
‫اه َّن الْ َم ْو ُ‬ ‫َ ُ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َْ َ‬

‫‪11‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫يما } [ النساء ‪:‬‬ ‫ضوا َعْنر ُه َما إ َّن اللَّهَ َكا َن تَر َّوابًا َرح ً‬ ‫وه َما فَِإ ْن تَابَا َوأ ْ‬
‫َصلَ َحا فَأ َْع ِر ُ‬ ‫َواللَّ َاان يَأْتيَان َها مْن ُك ْم فَآذُ ُ‬
‫‪.] 12-15‬‬
‫الزانِي فَاجلِ ُدوا ُك َّ‪ ،‬و ِ‬
‫احد ِمْنر ُه َما ِمائَ َة َج ْل َدة‬ ‫الزانِيَةُ َو َّ‬
‫فهاه ا ية منسوخة بقوله تعالى في سورة النور { َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َوَي تَأْ ُخ ْا ُك ْم بِ ِه َما َرأْفَةٌ فِي ِدي ِن اللَّ ِه إِ ْن ُكْنرتُ ْم ترُ ْؤِمنُو َن بِاللَّ ِه َوالْيَر ْوِم اْ ِخ ِر َولْيَ ْش َه ْد َع َاابرَ ُه َما طَائَِفةٌ ِم َن‬
‫ين } [ النور ‪] 0 :‬‬ ‫ِِ‬
‫الْ ُم ْؤمن َ‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬كان الحكم كالك حتى أنزل الله سورة النور‪ ،‬فنسخها بالالد أو الرجم‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النسخ إلى غير بدل ‪:‬‬

‫المقصود بهاا النوع من النسخ أن يرف الله تعالى حكما شرعيا دون بدي‪ ،‬عنه‪ ،‬ومن أم لته ‪ :‬نسخ‬
‫وجوب تقديم الصدقة عند المناجاة بين يدل النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الرس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ك َخْيرٌر لَ ُك ْم‬
‫ص َدقَ ًة ذَل َ‬
‫ول فَر َق ّد ُموا برَْي َن يَ َد ْل نَ ْا َوا ُك ْم َ‬ ‫اجْيرتُ ُم َّ ُ‬ ‫قال تعالى ‪ { :‬يَا أَيرُّ َها الا َ‬
‫ين َهمنُوا إذَا نَ َ‬
‫يم } [ الماادلة ‪. ] 10 :‬‬ ‫وأَطْهر فَِإ ْن لَم تَ ِا ُدوا فَِإ َّن اللَّه َغ ُف ِ‬
‫ور َرح ٌ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ َُ‬
‫ص َدقَات فَِإ ْذ لَ ْم‬ ‫ِ‬
‫فهاه ا ية منسوخة با ية التي بعدها وهي ‪ { :‬أَأَ ْش َف ْقتُ ْم أَ ْن تُر َق ّد ُموا برَْي َن يَ َد ْل نَ ْا َوا ُك ْم َ‬
‫َطيعُوا اللَّ َه َوَر ُسولَهُ َواللَّهُ َخبِ ٌير بِ َما تَر ْع َملُو َن } [‬ ‫الزَكا َة وأ ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َال َة َوهتُوا َّ َ‬ ‫يموا َّ‬ ‫اب اللَّهُ َعلَْي ُك ْم فَأَق ُ‬
‫تَر ْف َعلُوا َوتَ َ‬
‫‪00‬‬
‫الماادلة ‪] 13 :‬‬
‫المغتزلة‪.‬‬ ‫والامهور على جواز هاا النوع من النسخ‪ ،‬وأنكره الظاهرية وبع‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬النسخ بين القرآن والسنة ‪:‬‬

‫مما ي ريب فيه أن النسخ وق في شريعة اإلسالم التي هي هخر الشرائ ر وذلك لحكم جليلة‪ ،‬وفوائد‬
‫عظيمة ‪ ،‬وهاا النسخ كما وق في القرهن وق في السنة‪ ،‬وكما نسخ القرهن بالقرهن فقد نسخ بالسنة‪،‬‬

‫‪ ٢٢‬جامع البيان في تأويل آي القرآن ‪٢11/٢٣‬‬

‫‪12‬‬
‫وكاا كما نسخت السنة بالسنة فقد نسخت بالقرهن‪ ،‬وقب‪ ،‬أن أفص‪ ،‬القول في ذلك‪ ،‬أشير إلى أقسام‬
‫النسخ في القرهن ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬نسخ القرآن بالقرآن‬

‫أجم القائلون بالنسخ من المسلمين على جوازه ووقوعه‪ ،‬أما جوازه فألن هيات القرهن متساوية في‬
‫العلم بها‪ ،‬وفي وجوب العم‪ ،‬بمقتضاها‪ ،‬وأما الوقوع فلألدلة الك يرة التي سناكر بعضها بإذن الله‪ ،‬وقد‬
‫قسم العلماء هااالنوع من النسخ إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬

‫‪ .1‬نسخ التالوة والحكم معا‬


‫وما كان كالك فال ياوز تالوته تعبدا‪ ،‬وي العم‪ ،‬بما تضمنه من حكم‪.‬‬
‫م اله ‪ :‬ما رواه اإلمام مسلم وغيره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ‪" :‬كان فيما‬
‫أنزل من القرهن عشر رضاعات معلومات يحرمن‪ ،‬ثم نسخن بخمس معلومات‪ ،‬فتوفي رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرهن"‪.‬‬
‫وهاا النوع من النسخ أجم عليه القائلون بالنسخ من المسلمينر " فعشر رضعات معلومات يحرمن "‬
‫ليس لها ورود في القرهن الكريم‪ ،‬كما أنه ي يعم‪ ،‬بحكمها‪.‬‬

‫‪ .2‬نسخ التالوة دون الحكم‬

‫لقد ثبتت جملة من األحاديث الصحيحة الدالة على وقوع نسخ التالوة م بقاء الحكم‪ ،‬ومنها ‪:‬‬

‫آية الرجم ‪:‬‬


‫ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما‪ :‬قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫محمدا صلى الله عليه وسلم‬
‫ً‬ ‫وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم‪“ :‬إن الله قد بعث‬

‫‪13‬‬
‫ِّ‬
‫بالحق‪ ،‬وأنزل عليه الكتاب‪ ،‬فكان مما أنزل عليه هية الرجم‪ ،‬قرأناها ووعيناها وعقلناها‪ ،‬فرجم رسول الله‬
‫الرجم في‬
‫بعده‪ ،‬فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائ‪ :،‬ما ناد َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ورجمنا َ‬
‫أحصن من‬
‫حق على من زنى إذا َ‬ ‫الرجم في كتاب الله ّ‬ ‫ُّ‬
‫كتاب الله‪ ،‬فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله‪ ،‬وإن َ‬
‫‪03‬‬
‫الرجال والنساء‪ ،‬إذا قامت البينة‪ ،‬أو كان الحب‪ ،،‬أو ايعتراف‪.‬‬

‫وقد جاء التصريح بآية الرجم في رواية ابن أبي شيبة وغيره‪ ،‬وفيها‪" :‬الشيخ والشيخة إذا زنيا‬
‫فارجموهما البتة "‪ .04‬والمراد بالشيخ والشيخة‪ :‬المحصنان‬

‫وجه الداللة ‪:‬أن َّ‬


‫حد المحصن هو الرجم‪ ،‬وهو ثابت باإلجماع‪ ،‬فالحكم باق‪ ،‬ولفظ ا ية مرتف ر وقد‬
‫ماعزا واليهوديَّين وغيرهم‪.‬‬
‫رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ً‬

‫‪ .3‬نسخ الحكم دون التالوة‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اعا‬‫اجا َوصيَّةً أل َْزَواج ِه ْم َمتَ ً‬ ‫ين يرُتَر َوفَّر ْو َن مْن ُك ْم َويَ َا ُرو َن أ َْزَو ً‬
‫ومن أم لة على هاا النوع قوله تعالى ‪َ { :‬والا َ‬
‫إِلَى الْ َح ْوِل َغْيرَر إِ ْخَراج فَِإ ْن َخَر ْج َن فَ َال ُجنَا َ َعلَْي ُك ْم فِي َما فَر َع ْل َن فِي أَنْر ُف ِس ِه َّن ِم ْن َم ْع ُروف َواللَّهُ َع ِز ٌيز‬
‫يم } [ البقرة ‪] 042 :‬‬ ‫ِ‬
‫َحك ٌ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اجا‬‫ين يرُتَر َوفَّر ْو َن مْن ُك ْم َويَ َا ُرو َن أ َْزَو ً‬
‫فالحكمم الال تضمنته هاه ا ية منسوخ بقوله تعالى ‪َ { :‬والا َ‬
‫يما فَر َع ْل َن فِي أَنْر ُف ِس ِه َّن‬ ‫ِ‬
‫َجلَ ُه َّن فَ َال ُجنَا َ َعلَْي ُك ْم ف َ‬
‫ِ‬ ‫يرتَرربَّ ِ ِ‬
‫ص َن بأَنْر ُفس ِه َّن أ َْربرَ َعةَ أَ ْش ُهر َو َع ْشًرا فَإذَا برَلَ ْغ َن أ َ‬
‫ََ ْ‬
‫وف َواللَّهُ بِ َما تَر ْع َملُو َن َخبِ ٌير } [ البقرة ‪] 034 :‬‬ ‫بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬

‫الطلب الثاني ‪ :‬نسخ القرأن بالسنة ‪:‬‬

‫‪ 23‬أخرجه البخاري (‪ ،)0930‬ومسلم (‪)1081‬‬


‫‪ 24‬مصنف ابن أبي شيبة (‪)338 /3‬‬

‫‪14‬‬
‫كما هو معلوم من تقسيمات السنة أنها تنقسم إلى متواتر وهحاد‪ ،‬فيندرج إذا تحت نسخ القرهن بالسنة‬
‫صورتان ‪:‬‬
‫‪ -‬نسخ القرهن بالسنة المتواترة‬
‫‪ -‬نسخ القرهن با حاد‬

‫‪ ‬نسخ القرآن بالسنة المتواترة‬


‫على الرغم من الخالف الال وق بين العلماء حول صحة نسخ القرهن بالسنة المتواترة إي أنه وقعت‬
‫بالفع‪ ،‬م ‪ ،‬هاه األمور في الشرع اإلسالمي‪ ،‬فالراجح ‪-‬والله أعلم‪ -‬هو جواز نسخ القرهن بالسنة‬
‫المتواترة كما قال الشيخ الشنقطي –رحمه الله‪ -‬في " ماكرة أصول الفقه على روضة النابر" ‪ ،‬وقد تم‬
‫‪05‬‬
‫ذلك بالفع‪ ،‬في نسخ هية الرضاع ونسخ سورتي الخل والحفد بالسنة المتواترة‪.‬‬

‫‪ .1‬نسخ هية خمس رضعات تالوة فقط بالسنة المتواترة ‪:‬‬


‫فقد ورد في الحديث الال أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود عن عائشة –رضي الله عنها‪ -‬أنها قالت‬
‫‪ " :‬كان فيما أنزل من القرهن عشر رضعات معلومات يحرمن‪ ، ،‬ثم نسخن بخمس معلومات‪ ،‬فتوفي‬
‫‪02‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرهن"‪.‬‬

‫‪ .0‬نسخ سورتي الحفد وسورة الخل بالسنة المتواترة ‪:‬‬


‫ولفظ السورتين هو ‪ " :‬اللهم إياك نعبد‪ ،‬ولك نصلي ونساد‪ ،‬وإليك نسعى ونحفد‪ ،‬نرجو رحمتك‬
‫ونخشى عاابك إن عاابك الاد بالكافرين ملحق‪ ،‬اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ون ني‬
‫عليك الخير‪ ،‬وي نكفرك ونخل ونترك من يفارك " ورول هاا ابن أبي شيبة وقد صححه األلباني‪.‬‬

‫‪ ‬نسخ القرهن با حاد‬

‫‪ ٢1‬مذكرة أصول الفقه ‪1٢1‬‬


‫‪ 20‬أخرجه مسلم‬

‫‪15‬‬
‫اختلف في هاا النوع من النسخ ‪ ،‬والاين ذهبوا إلى المن احتاوا بكون القرهن قطعي ال بوت‪،‬‬
‫بخالف حديث ا حادر فإنه بني ال بوت‪ ،‬فكيف يرف الظني القطعي؟ وممن أيّد المن من المتأخرين‬
‫العالمة الزرقاء –رحمه الله تعالى‪ -‬فقد قال في مناهله " أما خبر الواحد فالحق عدم جواز نسخ القرهن‬
‫به للمعنى الماكور‪ ،‬وهو أنه بني‪ ،‬والقرهن قطعي‪ ،‬والظني أضعف من القطعير فال يقو على رفعه‪.‬‬

‫والراجح في هاه المسألة – والله أعلم‪ -‬ما ذهب إليه الامهور وهو جواز نسخ القرهن بخبر ا حاد ‪،‬‬
‫كما قاله الشنقطي رحمه الله تعالى في ماكرته ‪ " :‬التحقيق الال ي شك فيه هو جواز وقوع نسخ‬
‫المتواتر با حاد الصحيحة ال ابت تأخرها عنه‪ ،‬والدلي‪ ،‬الوقوع"‪.‬‬

‫وم ال نسخ القرهن بأخبار ا حاد الصحيحة ال ابت تأخرها عنه‪ :‬نسخ إباحة الحمر األهلية المنصوص‬
‫ُوحي إِلَي محَّرما علَى طَ ِ‬
‫اعم يَطْ َع ُمهُ إَِّي أَ ْن يَ ُكو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫عليها بالحصر الصريح في هية ‪ { :‬قُ ْ‪َ ،‬ي أَج ُد في َما أ َ َّ ُ َ ً َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اضطَُّر َغْيرَر بَاغ َوَي َعاد‬ ‫س أ َْو ف ْس ًقا أُه َّ‪ ،‬لغَْي ِر اللَّ ِه بِِه فَ َم ِن ْ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫وحا أ َْو لَ ْح َم خْنزير فَإنَّهُ ر ْج ٌ‬
‫َمْيرتَةً أ َْو َد ًما َم ْس ُف ً‬
‫ك َغ ُف ِ‬ ‫ِ‬
‫يم } [ األنعام ‪ ] 145 :‬بالسنة الصحيحة ال ابت تأخرها عنهر ألن ا ية من سورة‬ ‫ور َرح ٌ‬‫فَإ َّن َربَّ َ ٌ‬
‫األنعام وهي مكية ‪ ،‬أل نازلة قب‪ ،‬الهارة بال خالف ‪ ،‬وتحريم الحمر األهلية بالسنة واق بعد ذلك في‬
‫خيبر ‪ ،‬وي منافاة البتة بين هية األنعام الماكورة وأحاديث تحريم الحمر األهلية ر يختالف زمنهما‪،‬‬
‫فا ية وقت نزولها لم يكن محرما إي األربعة المنصوصة فيها ‪ ،‬وتحريم الحمر األهلية طارئ بعد ذلك‬
‫‪ ،‬ولطروء ليس منافاة لما قبله ‪ ،‬وإنما تحص‪ ،‬المنافاة بينهما لو كان في ا ية ما يدل على نفي تحريم‬
‫شيء في المستقب‪ ،‬غير األربعة الماكورة في ا ية‪ ،‬وهاا لم تتعرو له ا ية ‪ ،‬ب‪ ،‬الصيغة فيها مختصة‬
‫بالماضي‪ ،‬لقوله ‪ { :‬ق‪ ،‬ي أجد في ما أوحي إلي }بصيغة الماضي ‪ ،‬ولم يق‪ : ،‬فيما سيوحي إلي في‬
‫المستقب‪.07،‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬نسخ السنة بالقرآن‬

‫‪ ٢7‬مذكرة أصول الفقه للشنقطي ‪1٣٢-1٢1‬‬

‫‪16‬‬
‫وهاا القسم اختلف فيه أيضا‪ ،‬بيد أن جمهور الفقهاء والمتكلمين على جوازه ووقوعه‪ ،‬ولم يخالف في‬
‫ك ال ِّا ْكَر‬
‫ذلك إي اإلمام الشافعي رحمه الله تعالى في إحد روايتيهر " لقوله تعالى ‪َ { :‬وأَنْرَزلْنَا إِلَْي َ‬
‫لِتُربَريِّ َن لِلن ِ‬
‫َّاس َما نرُِّزَل إِلَْي ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم يرَتَر َف َّك ُرو َن } [ النح‪. "] 44 : ،‬‬
‫ووجه الديلة أنه – سبحانه – قد جع‪ ،‬السنة بيانا للقرهن‪ ،‬والناسخ بيان للمنسوخ‪ ،‬ولو كان القرهن‬
‫‪01‬‬
‫ناسخا للسنة لكان القرهن بيانا للسنة‪ ،‬وهاا ي ياوز‪" .‬‬
‫وي ريب أن الصحيح قول الامهورر وذلك ألن نسخ السنة بالقرهن ي يمتن عقالر فكالهما وحي من‬
‫الله تعالى‪. ،‬‬
‫ومن أدلة الوقوع ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬استقبال بيت المقدس في الصالة لم يعرف إي من السنة‪ ،‬وقد نسخه قوله تعالى ‪ { :‬فَر َوِّل‬
‫ِِ‬
‫وه ُك ْم َشطَْرهُ } [ البقرة ‪.]144 :‬‬ ‫ث َما ُكْنرتُ ْم فَر َولُّوا ُو ُج َ‬‫ك َشطَْر الْ َم ْساد الْ َحَرِام َو َحْي ُ‬ ‫َو ْج َه َ‬
‫‪ .0‬ومنها ‪ :‬أن األك‪ ،‬والشرب والمباشرة كان محرما في ليالي رمضان على من صام‪ ،‬ثم نسخ‬
‫ب اللَّهُ لَ ُك ْم َوُكلُوا َوا ْشَربُوا َحتَّى يرَتَربَريَّ َن‬ ‫ِ‬
‫وه َّن َوابْرتَرغُوا َما َكتَ َ‬ ‫هاا التحريم بقوله تعالى‪ { :‬فَاْ َن بَاش ُر ُ‬
‫َس َوِد ِم َن الْ َف ْا ِر } [ البقرة ‪.] 117 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ط ْاألَبْريَ ُ م َن الْ َخْيط ْاأل ْ‬ ‫لَ ُك ُم الْ َخْي ُ‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬نسخ السنة بالسنة‬

‫باعتبار تقسيم السنة إلى متواترة وهحاد‪ ،‬فإن نسخ السنة بالسنة يندرج تحته أرب صور‪ :‬نسخ المتواتر‬
‫بالمتواتر‪ ،‬ونسخ ا حاد با حاد‪ ،‬ونسخ أحدهما با خر‪.‬‬

‫‪ .1‬نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة‬


‫وهاا النوع مام عليه بين القائلين بالنسخ‪ ،‬قال إمام الحرمين أبو المعالي الاويني " في ورقاته ‪" :‬‬
‫وياوز نسخ المتواتر بالمتواتر" ‪.‬‬

‫‪ 29‬شرح الورقات في أصول الفقه للعالمة عبد الله بن صالح الفوزان ‪178 :‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .2‬نسخ اآلحاد باآلحاد‬

‫وهاا النوع كالك ي خالف فيه بين القائلين بالنسخر ألن الناسخ والمنسوخ في درجة واحدة‪ ،‬فال‬
‫مان من أن ينسخ أحدهما ل خر‪.‬‬
‫ومن األم لة ‪ :‬حديث بريدة رضي الله عنه مرفوعا‪ ( :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور‪ ،‬فزوروهاي ‪ .09‬فقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم " كنت نهيتكم" يدل على أن النهي ثابت بالسنة‪.‬‬

‫‪ .3‬نسخ اآلحاد بالمتواتر‬

‫وهاا النوع ي خالف فيه كالك بين القائلين بالنسخر وذلك ألن المتواتر أقو من ا حاد‪ ،‬فال مان‬
‫‪32‬‬
‫من نسخ ا حاد بالمتواتر‪ ،.‬ونسخ الشيء بما هو أعلى منه جائز ولكنه لم يق ‪.‬‬

‫‪ .4‬نسخ المتواتر باآلحاد‬

‫إذا كان جمهور العلماء متفقين على جواز األنواع ال الثة الماضية من نسخ السنة بالسنة‪ ،‬فقد اختلفوا‬
‫في جواز هاا النوع الراب شرعا‪ ،‬واتفقوا على جوازه عقال‪ ،‬فاهب الامهور إلى المن ‪ ،‬وذهب الظاهرية‬
‫إلى اإلثبات‪.‬‬

‫تعريف الناسخ والمنسوخ‬

‫‪ 28‬أخرجه مسلم‬
‫‪ 30‬إتحاف ذوي البصائر‪11٢/٢‬‬

‫‪18‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف الناسخ‪:‬‬

‫الناسخ‪ :‬اسم فاع‪ ،‬من نسخ ينسخ فهو ناسخ‪ ،‬والناسخ حقيقة هو الله تعالىر فهو الال ينسخ ما‬
‫ت بِ َخْير ِمْنر َها أ َْو ِم ْلِ َها ﴾ [البقرة‪:‬‬
‫شاء بما شاءر كما قال تعالى‪ ﴿ :‬ما نرَْنسخ ِمن هية أَو نرُْن ِسها نَأْ ِ‬
‫َ َْ ْ َ ْ َ‬
‫‪] 122‬‬

‫الحكم السابق‪ ،‬سواء كان هية أو حدي ًا قوليًّا أو فعليًّا أو‬


‫الال رف به ُ‬ ‫وقد يطلق الناسخ على الن‬
‫تقريريًّا من النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫رابط الموضوع‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف المنسوخ‪:‬‬

‫نسخا‪ ،‬فهو منسوخ‪.‬‬


‫المنسوخ‪ :‬اسم مفعول من الفع‪ ،‬ال الثي نسخ‪ ،‬نُسخ ‪ -‬بالبناء على الماهول ‪ً -‬‬

‫الحكم الشرعي الال ُرف بدلي‪ ،‬شرعي متراخ عنهر كمصابرة الواحد للعشرة‪ ،‬فهاا حكم‬
‫والمراد‪ُ :‬‬
‫منسوخ بمصابرته يثنين‪ ،‬كما في سورة األنفال‪.‬‬

‫ما يجوز النسخ به وما ال يجوز‬

‫‪31‬‬
‫أوال‪ :‬نسخ الكتاب بالكتاب‬

‫‪31‬انظر‪:‬‬
‫((اللمع في أصول الفقه))‪ ،‬للشيرازي‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز آباذى الشيرازي (‪470‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر الخطيب‬
‫الحسني‪ ،‬ط‪ ،1 :‬دار الحديث الكتانية‪ -‬بيروت‪1434 ،‬هـ‪2013/‬م‪)171/2( :‬‬

‫‪19‬‬
‫((ما نرَْن َس ْخ ِم ْن اٰيَة اَْو‬
‫وهاا مام على جوازه وي خالف فيه‪ ،‬ألن القرهن كله متواتر‪ .‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫وهاا صريح في ذلك‪ ،‬حيث أن الخير من القرهن أو الال م ‪،‬‬ ‫‪30‬‬
‫ت بِ َخْير ِّمْنر َهآ اَْو ِم ْلِ َهايي‬
‫نرُْن ِسها نَأْ ِ‬
‫َ‬
‫القرهن هو القرهن نفسه‪.‬‬

‫الر ُس ْو َل فَر َق ِّد ُم ْوا برَْي َن يَ َد ْل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وقد وق ذلك ك يرا‪ ،‬منه نسخ هية المناجاة (( ٰيٓاَيرُّ َها الَّايْ َن اٰ َمنُرْٓوا ا َذا نَ َ‬
‫اجْيرتُ ُم َّ‬

‫ص َدقَةً‪.....‬يي‪ ، 33‬فإن الله تعالى شرع في ا ية الصدقة وجع‪ ،‬سببها مناجاة الرسول صلى‬
‫نَ ْا ٰوى ُك ْم َ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬واتفق العلماء على أن حكم هاه ا ية منسوخ بآية ((ءَاَ ْش َف ْقتُ ْم اَ ْن ترُ َق ِّد ُم ْوا برَْي َن يَ َد ْل‬
‫‪34‬‬
‫الزٰكوَة َواَ ِطْيرعُوا ال ٰلّهَ َوَر ُس ْولَه‪..‬يي‬ ‫اب ال ٰلّهُ َعلَْي ُك ْم فَاَقِْي ُموا َّ‬
‫الص ٰلوَة َواٰتُوا َّ‬ ‫ِ‬
‫ص َد ٰقت فَا ْذ لَ ْم تَر ْف َعلُ ْوا َوتَ َ‬
‫نَ ْا ٰوى ُك ْم َ‬
‫المسلمين القادرين على تقديم الصدقة قب‪ ،‬الناو شق عليهم ذلك فأمسكوا عن‬ ‫وذلك أن بع‬
‫‪35‬‬
‫مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط الله وجوب هاه الصدقة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نسخ السنة بالسنة‬

‫هو جائز وواق ‪.32‬‬

‫((شرح األصول من علم االصول))‪ ،‬محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬ط‪ ،4 :‬مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية‪ -‬الرياض‪،‬‬
‫‪1434‬هـ‪)443( :‬‬
‫((إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر))‪ ،‬د‪ .‬عبد الكريم بن علي بن محمد النملة‪ ،‬ط‪ ،1 :‬دار العصمة‪ -‬الرياض‪،‬‬
‫‪1417‬هـ‪1880/‬م‪)311/2( :‬‬
‫‪ 32‬البقرة‪100 :‬‬
‫‪ 33‬المجادلة‪12 :‬‬
‫‪ 34‬المجادلة‪13 :‬‬
‫‪ 33‬انظر‪(( :‬التحرير والتنوير))‪ ،‬الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور‪ ،‬الدار التةنسية‪-‬تونس‪1894 ،‬هـ‪)40-42/29( :‬‬
‫‪ 30‬انظر‪(( :‬مذكرة أصول الفقه))‪ ،‬محمد األمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي (ت‪1383 :‬هـ)‪ ،‬ط‪ ،4 :‬دار عالم الفوائد‪-‬مكة‬
‫المكرمة‪1437 ،‬هـ‪)123-124( :‬‬

‫‪20‬‬
‫قال الدكتور مصطفى الزحيلي‪ :37‬اتفق العلماء على جواز نسخ السنة بالسنة إجماي‪ ،‬وأما‬

‫التفصي‪ ،‬ففيه حالتان‪:‬‬

‫األولى‪ -1 :‬نسخ المتواتر بالمتواتر‪ -0 ،‬نسخ المتواتر با حاد‪ -3 ،‬نسخ ا حاد بالمتواتر‪،‬‬

‫‪ -4‬أضاف الحنفية نسخ المتواتر بالمشهور‪ ،‬فاائز عقال‪ ،‬ولكن لم يق فعال‪.‬‬

‫وال انية‪ :‬نسخ خبر ا حاد بخبر ا حاد‪ ،‬وهاا جائز شرعا‪ ،‬وواق فعال‪ ،‬م اله‪ :‬قوله صلى الله‬

‫ِ‬
‫وها))‪. 38‬‬‫عليه وسلم‪(( :‬نَ َه ْي تُ ُك ْم َع ْن ِزيَ َارة الْ ُقبُوِر‪ ،‬فَ ُز ُ‬
‫ور َ‬

‫‪39‬‬
‫ثالثا‪ :‬نسخ السنة بالقرآن‬

‫‪ o‬اختلف العلماء في المسألة على القولين‪:‬‬

‫‪ o‬القول األول‪ :‬نسخ السنة بالقرهن جائز‪ ،‬وهاا قول الامهور من الحنفية والمالكية‬

‫والحنابلة والظاهرية‪ ،‬وك ير من الشافعية‪ .‬والدلي‪ ،‬عليه أنه إذا جاز نسخ الكتاب‬

‫بالكتاب وهما في منزلة واحدة‪ ،‬فنسخ السنة بالقرهن أولى ألنه أعلى منها‪ .‬وكالك‬

‫استدلوا على جوازه بوقوعه فعال‪ ،‬م اله‪ :‬نسخ استقبال القبلة إلى بيت المقدس المقرر‬

‫‪(( 37‬الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي))‪ ،‬د‪ .‬محمد مصطفى الزحيلي‪ ،‬ط‪ ،2 :‬دار الخير‪ -‬دمشق‪1427 ،‬هـ‪2000/‬م‪)234-233( :‬‬
‫‪ 39‬أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬استئذان النبي ربه عز وجل في زيارة قبر أمه‪ ،‬رقم‪877 :‬‬
‫((صحيح مسلم))‪ ،‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت‪ 202 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ -‬بيروت‪)072/2( :‬‬
‫‪ 38‬انظر‪(( :‬الوجيز)) لمصطفى الزحيلي‪)233( :‬‬
‫و((شرح اللمع))‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم الشيرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المجيد تركي‪ ،‬ط‪ ،1 :‬دار الغرب اإلسالمي‪ -‬بيروت‪،‬‬
‫‪1409‬هـ‪1899/‬م‪)300-488/1( :‬‬

‫‪21‬‬
‫ۤ‬
‫ٰىها‬ ‫فَرلَنرولِّيرن ِ‬
‫َّك قْبرلَةً تَر ْرض َ‬
‫َُ َ َ‬ ‫الس َما ِء‬
‫ك فِى َّ‬
‫ب َو ْج ِه َ‬ ‫ُّ‬
‫بالسنة‪ ،‬بقوله تعالى‪(( :‬قَ ْد نرَ ٰر تَر َقل َ‬
‫ك َشطَْر الْ َم ْس ِا ِد الْ َحَرِام يي‪ 42‬فنسخت ا ية التوجه إلى بيت المقدس‪.‬‬
‫فَر َوِّل َو ْج َه َ‬

‫‪ o‬القول الثاني‪ :‬من نسخ السنة بالقرهن‪ ،‬وهاا أحد قولي الشافعي‪ .‬والدلي‪ ،‬عليه قوله‬

‫َّاس َما نرُِّزَل اِلَْي ِهميي‪ 41‬فاع‪ ،‬السنة بيانا للقرهن‪ ،‬فال ياوز أن يكزن‬
‫تعالى‪(( :‬لِتُربَريِّ َن لِلن ِ‬

‫القرهن بيانا للسنة‪.‬‬

‫‪ ‬وأجيب على هاا القول‪:‬‬

‫‪ ‬أن المراد بالبيان اإلبهار والتبليغ دون ما ياهب إليه من النسخ‪ .‬والبيان هو إخراج الشيء من‬

‫حيز اإلشكال إلى حيز التالي‪.‬‬

‫للعموم‬ ‫‪ ‬أن النسخ ليس بإثبات وإنما هو إسقاط للنطق ورف له‪ ،‬والبيان إنما هو تخصي‬

‫وبيان المام‪.،‬‬

‫‪ ‬أنه لما جع‪ ،‬السنة بيانا للقرهن نبّه بالك على أن القرهن أولى أن يكون بيانا للسنة ألنه أعلى‬

‫منها‪ ،‬فإذا جاز بيان األعلى باألدنى فبيان األدنى ياألعلى أولى‪.‬‬

‫‪ ‬أنه ياوز أن تكون السنة بيانا للقرهن‪ ،‬ثم ياع‪ ،‬القرهن بيانا للسنة في النسخ‪ ،‬كما أنها‬

‫جعلت بيانا للقرهن ثم كان القرهن بيانا لها من جهة التخصي ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫رابعا‪ :‬نسخ القرآن بالسنة‬

‫‪ 40‬البقرة‪144 :‬‬
‫‪41‬النحل‪44:‬‬

‫‪22‬‬
‫فإن القرهن الكريم متواتر وثابت قطعا‪ ،‬والسنة منها المتواتر وهو ثابت قطعا‪ ،‬ومنها ما لم يبلغ‬

‫عدد التواتر وهو بني ال بوت‪.‬‬

‫فقد اختلف العلماء في جواز نسخ القرهن بالسنة كما اختلفوا في اشتراط قوة الدلي‪ ،‬الناسخ‬

‫بالسنة للمنسوخ‪.‬‬

‫القول األول‪ :‬أن نسخ هية من القرهن بالسنة جائز عقال‪ ،‬وواق شرعا‪ .‬وهو قول الامهور‪،‬‬

‫الحنابلة‪ ،‬والظاهرية‪ .‬ولكنهم اختلفوا في نوع السنة الناسخة‪ ،‬فالحنفية‬ ‫وهم الحنفية والمالكية وبع‬

‫الحنابلة حصروا ذلك‬ ‫أجازوا نسخ القرهن بالسنة المتواترة والمشهورة بين الناس‪ ،‬والمالكية وبع‬

‫ب المتواتر‪ ،‬وذهب ابن حزم الظاهرل إلى جواز نسخ القرهن بالمتواتر وخبر ا حاد‪ ،‬ألن خبر ا حاد‬

‫عنده قطعي ال بوت‪.‬‬

‫وقد استدلوا بأم لة واقعية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ضَر اَ َح َد ُك ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ب َعلَْي ُك ْم اذَا َح َ‬
‫نسخ هية الوصية للوالدين واألقربين في قوله تعالى‪ُ (( :‬كت َ‬ ‫‪-1‬‬

‫الْموت اِ ْن تَررَك خيررا ۖ ۨالْو ِصيَّةُ لِْلوالِ َدي ِن و ْايَقْرربِين بِالْمعرو ِ‬


‫ف يي‪ 43‬بحديث‪(( :‬ال وصية‬ ‫َ ْ َ َ ْ َ َ ْ ُْ‬ ‫َ ْ ُ َ ًَْ َ‬
‫لوارث)ي‪.44‬‬

‫‪ 42‬انظر‪(( :‬الوجيز)) لمصطفى الزحيلي‪)238-230( :‬‬


‫‪ 43‬البقرة‪190 :‬‬
‫‪ 44‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬أبواب الوصايا‪ ،‬باب‪ :‬ال وصية لوارث‪ ،‬رقم‪2714 :‬‬
‫((سنن ابن ماجه))‪ ،‬ابن ماجه محمد بن يزيد الربعي القزوين (ت‪273 :‬هـ)‪ ،‬دار الرسالة العالمية‪)19/4( :‬‬

‫‪23‬‬
‫ويرد على هاا ايستديل بأن الناسخ ل ية هو هية المواريث‪ ،‬كما قال ابن عباس‬

‫رضي الله عنهما‪(( :‬كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب‬

‫فاع‪ ،‬للاكر م ‪ ،‬حظ األن يين وجع‪ ،‬لألبوين لك‪ ،‬واحد منهما السدس وجع‪ ،‬للمرأة ال من‬

‫العلماء أنه ي نسخ في ا ية إلمكانبة الام بين‬ ‫والرب وللزوج الشطر والرب يي‪ ،45‬وقال بع‬

‫هية الوصية والحديث‪ ،‬أو بين هية الوصية وأيات المواريث بحم‪ ،‬الوصية على غير الوارث‪،‬‬

‫وكون هية المواريث للوالدين واألقربين الوارثين‪.‬‬

‫اعم يَّطْ َع ُمه اَِّيٓ اَ ْن يَّ ُك ْو َن‬


‫قال تعالى‪(( :‬قُ‪َّ ،‬يٓ اَ ِج ُد فِي مآ اُو ِحي اِلَي محَّرما ع ٰلى طَ ِ‬
‫ْ َ ْ َ َّ ُ َ ً َ‬ ‫ْ‬ ‫‪-0‬‬

‫س اَْو فِ ْس ًقا اُِه َّ‪ ،‬لِغَْي ِر ال ٰلّ ِه بِهيي‪ 42‬في اهية‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬


‫َمْيرتَةً اَْو َد ًما َّم ْس ُف ْو ًحا اَْو لَ ْح َم خْنزيْر فَانَّه ر ْج ٌ‬
‫هاا بحديث‪:‬‬ ‫تحريم ثالثة أمور‪ ،‬وأفادت إباحة أك‪ ،‬ما عداها‪ ،‬فنسخ بع‬

‫ل ية وليس نسخا لها‪.‬‬ ‫ويرد على ذلك أن هاا تخصي‬

‫القول الثاني‪ :‬ي ياوز نسخ القرهن بالسنة مطلقا‪ .‬وهو رأل الشافعي وأك ر أصحابه‪،‬‬

‫والمشهور عن اإلمام أحمد رحمه الله تعالى‪.‬‬

‫قال اإلمام الشافعي –رحمه الله‪( -‬ت‪024 :‬هري‪(( :‬ي ينسخ كتاب الله إي كتابه‪ . . .‬فهو‬

‫المزي‪ ،‬الم بت لما شاء منه‪ ،‬ج‪ ،‬ثناؤه‪ ،‬وي يكون ذلك ألحد من خلقهيي‪.47‬‬

‫‪ 43‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الوصايا‪ ،‬باب‪ :‬ال وصية لوارث‪ ،‬رقم‪2747 :‬‬
‫((الجامع الصحيح))‪ ،‬للبخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي (ت‪230 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬جماعة من العلماء‪،‬‬
‫ط‪ ،1:‬دار طرق النجاح‪-‬بيروت‪1422 ،‬هـ‪)4/4( :‬‬
‫‪ 40‬األنعام‪143 :‬‬

‫‪24‬‬
‫واستدل أصحاب هاا الرأل بأدلة منها‪:‬‬

‫ت بِ َخْير ِّمْنر َهآ اَْو ِم ْلِ َها اَلَ ْم تَر ْعلَ ْم اَ َّن ال ٰلّهَ َع ٰلى‬
‫قال تعالى‪(( :‬ما نرَْنسخ ِمن اٰية اَو نرُْن ِسها نَأْ ِ‬
‫َ َْ ْ َ ْ َ‬ ‫‪-1‬‬

‫ُك ِّ‪َ ،‬ش ْيء قَ ِديْرٌريي‪ 41‬قال الشافعي رحمه الله‪(( :‬فأخبر الله أن نسخ القرهن وتأخير إنزاله‬

‫ي يكون إي بقرهن م لهيي‪ ،49‬ألن السنة ليست بخير من القرهن‪ ،‬وي م له‪ ،‬فال تكون‬

‫ناسخة له‪ ،‬ودل هخر ا ية أن اختصاص التبدي‪ ،‬محصور بمن له القدرة الكاملة‪ ،‬وهو الله‬

‫تعالى‪ ،‬فكان النسخ بكالمه وهو القرهن‪ ،‬ي السنة‪.‬‬

‫اِ ْن‬ ‫((وَما يرَْن ِط ُق َع ِن الْ َه ٰو‬


‫واعترو عليه أن السنة من عند الله تعالى كالقرهن‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫ُه َو اَِّي َو ْح ٌي يرُّ ْو ٰح ۙىيي‪ 52‬إي أن القرهن معاز و متعبد بتالوته‪ ،‬وهو كالم الله تعالى‪ ،‬وليست السنة‬

‫كالك‪ ،‬وأن المراد بالخيرية والم لية هو في الحكم بحسب مصلحة الناس‪ ،‬ي باللفظ‪ ،‬وقد يكون‬

‫الناسخ في السنة أنف للمكلف بك رة ال واب وغيره‪.‬‬

‫((واِ َذا بَ َّدلْنَآ اٰيَةً َّم َكا َن اٰيَة َّۙوال ٰلّهُ اَ ْعلَ ُم بِ َما يرُنَرِّزُليي‪ 51‬فصرحت ا ية أن الله هو‬
‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫‪-0‬‬

‫الال يبدل هية بأية‪ ،‬فال تكون السنة ناسخة ية‪.‬‬

‫‪(( 47‬الرسالة))‪ ،‬اإلمام الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس الشافعي (ت‪204 :‬هـ)‪ ،‬ط‪ ،1 :‬مطبعة مصطفى الباني الحلبي وأوالده‪ -‬مصر‪،‬‬
‫‪1337‬هـ‪1839 /‬م‪)107( :‬‬
‫‪ 49‬البقرة‪100 :‬‬
‫‪(( 48‬الرسالة)) لإلمام الشافعي‪109 :‬‬
‫‪ 30‬النجم‪4-3 :‬‬
‫‪ 31‬النحل‪101 :‬‬

‫‪25‬‬
‫ۤ‬
‫‪50‬‬
‫قال تعالى‪ (( :‬قُ ْ‪َ ،‬ما يَ ُك ْو ُن لِ ْٓي اَ ْن اُبَ ِّدلَه ِم ْن تِْل َقا ِئ نرَ ْف ِس ْي اِ ْن اَتَّبِ ُ اَِّي َما يرُ ْو ٰحٓى اِلَ َّي يي‬ ‫‪-3‬‬

‫فالتبدي‪ ،‬ي يكون من عند النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فال تكون السنة بديال عن القرهن‪.‬‬

‫َّاس َما نرُِّزَل اِلَْي ِه ْم يي‪ 53‬فيها أن وبيفة الرسول‬


‫ك ال ِّا ْكَر لِتُربَريِّ َن لِلن ِ‬ ‫ِ‬
‫((واَنْرَزلْنَآ الَْي َ‬
‫قال تعالى‪َ :‬‬ ‫‪-4‬‬

‫صلى الله عليه وسلم هي البيان للقرهن فقط‪ ،‬فالسنة مبينة للقرهن ي ناسخة لها‪.‬‬

‫ورد على ايستديل با يات ال الثة أن ما يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم هو من عند الله‪،‬‬
‫ّ‬

‫وأن التبدي‪ ،‬من عند الله‪ ،‬وبينه الرسول‪ ،‬وأن النسخ نوع من البيانر ألنه بيان انتهاء الحكم الشرعي‬

‫بطريق شرعي متراخ عنه‪ ،‬والتبدي‪ ،‬يكون للرسم والتالوة‪ ،‬والمراد هنا نسخ الحكم الال ورد في ا ية‬

‫بحكم ورد في السنة‪.‬‬

‫قال الدكتور مصطفى الزحيلي‪ :‬أر أن الخالف لفظي واصطالحي‪ ،‬ولم يترتب عليه اختالف في‬

‫األحكام‪ ،‬وأن ما يسميه الشافعي رحمه الله تعالى نسخا يسميه الحنفية وغيرهم تخصيصا‪ ،‬وأن‬
‫‪54‬‬
‫الشافعي ير أن الله ينسخ بآية أخر ‪ ،‬ثم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم النسخ والعم‪ ،‬بها‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬نسخ القول والفعل‬

‫ياوز نسخ القول بالقول والفع‪ ،‬بالفع‪ ،‬ألنهما في رتبة واحدة‪ .‬وكالك ياوز نسخ الفع‪،‬‬

‫بالقول‪ ،‬ألن القول كالفع‪ ،‬في البيان وينفرد بأن له صيغة يتعد بها إلى غيره‪ ،‬والفع‪ ،‬ي صيغة له‪.‬‬

‫‪32‬يونس‪13 :‬‬
‫‪ 33‬النحل‪44 :‬‬
‫‪(( 34‬الوجيز)) لمصطفى الزحيلي‪238 :‬‬

‫‪26‬‬
‫واختلف في نسخ القول بالفع‪.،‬‬

‫قال اإلمام الشيرازل (ت‪472 :‬هري‪ :‬من الناس من قال‪ :‬ي ياوز نسخ القول بالفع‪ .،‬والدلي‪،‬‬
‫‪55‬‬
‫على جوازه‪ :‬أن الفع‪ ،‬كالقول في البيان‪ ،‬فكما ياوز بالقول جاز بالفع‪.،‬‬

‫‪56‬‬
‫سادسا‪ :‬النسخ باإلجماع‬

‫وأما النسخ باإلجماع فغير جائز‪ ،‬فهاا ماهب الامهور‪ .‬قالوا‪ :‬أن المنسوخ باإلجماع إما أن‬

‫يكون نصا أو إجماعا أو قياسا‪:‬‬

‫أما األول‪- :‬وهو كون المنسوخ نصا‪ -‬فال يصح أن يكون الناسخ هو اإلجماعر وذلك‬

‫يستحالة انعقاد اإلجماع على خالف ذلك الن ‪ ،‬لكون اإلجماع معصوما عن الخطأ‪.‬‬

‫أما ال اني‪- :‬وهو كون الناسخ إجماعا‪ -‬فال يصحر يمتناع انعقاد اإلجماع على خالف‬

‫إجماع هخر‪.‬‬

‫أما ال الث‪- :‬وهو كون المنسوخ قياسا‪ -‬فال يصح أيضار ألن من شرط حاية القياس‪ :‬أن ي‬

‫يخالف اإلجماع‪.‬‬

‫‪(( 33‬اللمع في أصول الفقه))‪ ،‬ابو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز أبذي الشيرازي (ت‪470 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر الخطيب‬
‫الحسني‪ ،‬ط‪ ،1 :‬مكتبة نظام يعقوبي الخاصة‪ -‬البحرين‪1434 ،‬هـ‪2013/‬م‪)172/2( :‬‬
‫‪ 30‬انظر‪(( :‬اللمع)) لإلمام الشيرازي‪173 :‬‬
‫و ((إتحاف ذوي البصائر))‪349-340 :‬‬

‫‪27‬‬
‫والدلي‪ ،‬ال اني‪ :‬ألن اإلجماع يكوم حاة بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فال ياوز أن‬

‫ينسخ ما تقرر في شرعه‪.‬‬

‫المعتزلة‪ :‬ياوز أن يكون اإلجماع ناسخ‪ .‬قالوا‪ :‬أن اإلجماع دلي‪ ،‬من أدلة الشرع‬ ‫وقال بع‬

‫القطعية‪ ،‬فااز النسخ به كالقلرهن والسنة المتواترة‪.‬‬

‫وأجيب عن ذلك بأن هاا قياس م الفارق‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫سابعا‪ :‬النسخ بالقياس‬

‫وي ياوز النسخ بالقياس‪.‬‬

‫وقي‪ :،‬ياوز بالالي منه دون الخفي‪.‬‬

‫مخالف‬ ‫وليس بصحيح‪ ،‬ألن القياس إنما يصح إذا لم يعارضه ن ‪ ،‬فإذا كان هناك ن‬

‫للقياس لم يكن للقياس حكم‪ ،‬فال ياوز النسخ به‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ثامنا‪ :‬النسخ بدليل الخطاب وفحواه‬

‫‪ 37‬انظر‪(( :‬اللمع))‪174 /2 :‬‬


‫‪ 39‬انظر‪(( :‬اللمع)) لإلمام الشيرازي‪ 173-174 :‬و((شرح اللمع))‪312 /2 :‬‬

‫‪28‬‬
‫فقد اختلف في النسخ بدلي‪ ،‬الخطاب وفحواه‪ ،‬فمن قال بأن دلي‪ ،‬الخطاب في معنى النطق‬

‫وفحو الخطاب معلوم من جهة النطق أجاز النسخ بهما‪ .‬ومن جعلهما كالقياس‪ ،‬ألن فحو‬

‫الخطاب معلوم بايستنباط‪ ،‬من النسخ بهما‪.‬‬

‫قال اإلمام الشيرازل‪ :‬واألول أبهر‪ 59.‬أل‪ :‬أنهما في معنى النطق‪ ،‬فياوز النسخ به‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫تاسعا‪ :‬النسخ بأدلة العقل‬

‫ي ياوز النسخ بأدلة العق‪ ،،‬وذلك ألن أدلة العق‪ ،‬ضربان‪:‬‬

‫ما علم بضرورة العق‪ ،،‬وهو مما ي ياوز أن يكون على خالف ما هو به كالتوحيد‪،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫فيوجب العلم الضرورل‪ ،‬وإن كان عن استديل للوصول إليه بضرورة العق‪.،‬‬

‫فهاا ضرب ي ياوز أن يرد الشرع بخالفه‪ ،‬فهاا ي يتصور نسخ الشرع به‪ ،‬ألنه إذا لم‬

‫ياز ورود الشرع مخالفا لها فال يمكن نسخ ما ي ياوز أن يرد الشرع به‪.‬‬

‫ما علم بدلي‪ ،‬العق‪ ،،‬وهو ما ياوز أن يكون على خالف ما هو به كآحاد األنبياء إذا‬ ‫‪-0‬‬

‫ادعى النبوة‪ ،‬فيوجب علم ايستديل‪ ،‬وي يوجب علم ايضطرار‪ ،‬لحدوثه عن دلي‪ ،‬العق‪،‬‬

‫ي عن ضرورته‪.‬‬

‫‪(( 38‬شرح اللمع)) لإلمام الشيرازي‪312 :‬‬


‫‪ 00‬انظر‪(( :‬شرح اللمع))‪313 :‬‬
‫و((البحر المحيط في أصول الفقه))‪ ،‬لإلمام الزركشي‪ ،‬بدر الدين محمد بن بهاور بن عبد الله الشافعي (ت‪784 :‬هـ)‪ ،‬ط‪ ،2 :‬وزارة‬
‫األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ -‬الكويت‪1413 ،‬هـ‪2012/‬م‪)40/1( :‬‬

‫‪29‬‬
‫فهاا ضرب ياوز أن يرد الشرع بخالفه‪ ،‬وهو البقاء على حكم األص‪ .،‬وهاا أيضا ي‬

‫ياوز النسخ به‪ ،‬ألنه إنما ياب العم‪ ،‬به عند عدم الشرعر فإذا وجد الشرع بطلت‬

‫ديلته‪ ،‬فال ياوز النسخ به‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫عاشرا‪ :‬النسخ باألخف واألثقل‬

‫قال الامهور‪ :‬ياوز النسخ باألخف واألثق‪ .،‬واستدلوا بدلي‪ ،‬عقلي وشرعي‪.‬‬

‫فالدلي‪ ،‬العقلي‪ :‬أنه ي يمتن أن تكون المصلحة في التدرين والترقي من األخف إلى األثق‪،،‬‬

‫كما في ابتداء التكليف‪.‬‬

‫والدلي‪ ،‬الشرعي‪ :‬وقوعه في ك ير من األحكام الشرعية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر صالة الظهر والعصر يوم األحزاب فصالهما بعد المغرب‪،‬‬

‫ثم صلى بعدهما المغرب والعشاء‪ ،‬فيدل ذلك على جواز تأخير الصالة حالة الخوف‪ ،‬ثم‬

‫نسخ ذلك بقوله تعالى‪(( :‬فَِا ْن ِخ ْفتُ ْم فَ ِر َج ًاي اَْو ُرْكبَانًايي‪ 20‬فأوجب اإلتيان بالصالة على أل‬

‫حال‪ 23.‬وهاا نسخ األخف باألثق‪.،‬‬

‫‪ 01‬انظر‪(( :‬روضة الناظر وجنة المناظر))‪ ،‬موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة (ت‪020 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬شعبان محمد إسماعيل‪،‬‬
‫ط‪ ،1 :‬المكتبة المكية‪ -‬مكة المكرمة‪1418 ،‬هـ‪1889/‬م‪231 :‬‬
‫‪ 02‬البقرة‪238 :‬‬
‫‪ 03‬انظر‪ (( :‬تفسير القرآن العظيم))‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (ت‪774 :‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬سامي‬
‫بن محمد السالمة‪ ،‬ط‪ ،2 :‬دار طيبة‪1420 ،‬هـ‪1888-‬م‪)030-033/1( :‬‬

‫‪30‬‬
‫اع ُف ْوا‬
‫‪ .0‬أن القتال كان ممنوعا منه في أول اإلسالم بآيات ك يرة منها‪ :‬قوله تعالى‪(( :‬فَ ْ‬

‫اص َف ْح يي‪ 22‬ثم نسخ ذلك بمشروعية‬ ‫اص َف ُح ْوا يي و ((فَاَ ْع ِر ْ‬


‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬
‫ف َعْنر ُه ْم َو ْ‬
‫اع ُ‬
‫و َعْنر ُه ْميي و((فَ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم الْ ِقتَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ال َوُه َو ُك ْرهٌ لَّ ُك ْميي و((قَاتلُ ْوُه ْم يرُ َع ّابْر ُه ُم اللّهُ‬
‫‪27‬‬
‫القتال‪ ،‬وهو قوله تعالى‪ُ (( :‬كت َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ۙ ‪21‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ُد ْوَر قَر ْوم ُّم ْؤمنْي َنيي و((يٰٓاَيرُّ َها النَّب ُّي َجاهد الْ ُكف َ‬
‫َّار‬ ‫ص ْرُك ْم َعلَْي ِه ْم َويَ ْشف ُ‬
‫باَيْديْ ُك ْم َويُ ْخ ِزه ْم َويرَْن ُ‬
‫َوالْ ُمن ِٰف ِقْي َنيي‪ ،29‬وي شك أن وجوب القتال أثق‪ ،‬من تركه‪.‬‬

‫أه‪ ،‬الظاهر جواز النسخ باألثق‪ ،،‬واستدلوا بقوله تعالى‪(( :‬يُِريْ ُد ال ٰلّهُ بِ ُك ُم الْيُ ْسَر َوَي‬ ‫وأنكر بع‬
‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫و((اَلْرٰن خف ٰ‬ ‫يُِريْ ُد بِ ُك ُم الْعُ ْسَريي‬
‫َّف اللّهُ َعْن ُك ْم يي و((يُِريْ ُد اللّهُ اَ ْن يُّ َخ ّف َ‬
‫ف َعْن ُك ْميي‪ ،70‬وقالوا أن‬ ‫‪71‬‬ ‫‪72‬‬
‫َ َ َ‬
‫النسخ إلى األثق‪ ،‬تشديد على المكلف‪ ،‬و إن الله تعالى رؤوف‪ ،‬فال يليق به الت قي‪ ،‬والتشديد‪.‬‬

‫وأجيب عنهم‪ :‬أن ا يات التي ذكروها إنما وردت في صور خاصة أريد بها التخفيف‪ ،‬وليس فيه‬

‫من إرادة الت قي‪ .،‬وقولهم‪ :‬إن الله رؤوف‪ ،‬فال يمن من التكليف باألثق‪ ،،‬فإن ذلك منقوو بابتداء‬

‫التكليف‪ ،‬فإنه شديد‪ ،‬لمصالح العباد‪ ،‬وكالك وقوع المرو والفقر وأنواع ا يم‪ ،‬ك‪ ،‬ذلك تشديد‪،‬‬

‫لكنه وق لمصالح ي يعلمها إي الله‪.‬‬

‫‪ 04‬البقرة‪108 :‬‬
‫‪03‬النساء‪91 :‬‬
‫‪ 00‬المائدة‪13 :‬‬
‫‪ 07‬البقرة‪210 :‬‬
‫‪ 09‬التوبة‪14 :‬‬
‫‪ 08‬التحريم‪8 :‬‬
‫‪ 70‬البقرة‪193 :‬‬
‫‪ 71‬األنفال‪00 :‬‬
‫‪ 72‬النساء‪29 :‬‬

‫‪31‬‬
‫ما يجوز نسخه من األحكام وما ال يجوز‬

‫أوال‪ :‬أمور دخل عليها النسخ‬

‫قال اإلمام الشيرازل (ت‪472 :‬هري‪ :‬أن النسخ ي ياوز إي فيما يصح وقوعه على وجهين‪:‬‬
‫‪73‬‬
‫كالصوم والصالة‪ ،‬والعبادات الشرعية‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ثانيا‪ :‬أمور ال يدخلها نسخ‬

‫‪ .1‬التوحيد وأصول اإليمان‪ ،‬وهاا كقوله تعالى‪َ (( :‬و ْاعبُ ُدوا ال ٰلّ َه َوَي تُ ْش ِرُك ْوا بِه َشْيرًايي‪ 75‬فال يمكن‬

‫أن تأتي هية أخر تقول ي تعبدوا الله وأشركوا به‪.‬‬

‫‪ .0‬األخبار‪ ،‬فال يمكن نسخهار ألن النسخ يأتي بما ينافيه‪ ،‬ونسخ أحد الخبرين يفيد أن‬

‫أحدهما كان كابا‪ ،‬وهاا محال في حق الله‪.‬‬

‫‪ .3‬نصوص األخالق والفضائل‪ :‬فال يتصور في م لها التبدي‪ ،،‬ألن الفضيلة ي يقابلها إي الرذيلة‪،‬‬

‫فالصلة يقابلها القطيعة‪ ،‬واإلحسان يقابلها اإلساءة‪ ،‬فهكاا فال يدخلها النسخ‪.‬‬

‫‪َ .4‬مساوئ األخالق كالفاور والكاب والبخ‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فال يمكن أن تأتي هية تحث على‬

‫مساوئ األخالق‪.‬‬

‫‪(( 73‬اللمع في أصول الفقه)) للشيرازي‪100 :‬‬


‫‪ 74‬انظر‪(( :‬إتحاف ذوي البصائر)) للدكتور عبد الكريم النملة‪)340/2( :‬‬
‫و((اللمع في أصول الفقه)) للشيرازي‪)109-107/2( :‬‬
‫و((غاية المأمول في شرح البداية لألصول))‪ ،‬أيمن بن علي موسى‪ ،‬ط‪ ،1 :‬دار ابن رجب‪-‬مصر‪1433 ،‬هـ‪2012-‬م‪)439-437( :‬‬
‫‪ 73‬النساء‪30 :‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ .5‬اإلجماع ‪ :‬فإن اإلجماع ي يكون إي بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم‪ ،‬والنسخ ي ياوز‬

‫بعد موته‪ ،‬وأ ن وجود اإلجماع ال اني يبط‪ ،‬اإلجماع األول ينتفاء شرطه‪ ،‬ي ألن ال اني‬

‫نسخه‪.‬‬

‫‪ .2‬القياس‪ :‬ألن القياس تاب لألصول‪ ،‬واألصول ثابتة فال ياوز نسخ تابعها‪.‬‬

‫ما اليكون نسخا‬

‫بعد تفصي‪ ،‬الكالم فيما يق به وعليه النسخ من األحوال‪ ،‬يبقى الكالم في ع ّدة صور ‪-‬في‬

‫مح‪ ،‬اختالف بين األصوليين في اعتبارها داخلة‬


‫باهرها ذات صلة بمسألة النسخ‪ -‬حيث تكون ّ‬
‫مسمى النسخ أو يتكون منه‪.‬‬
‫تحت ّ‬

‫الزيادة على النص هل هي نسخ أم ال؟‬


‫الصورة األولى‪ّ :‬‬

‫هخر أو مافي حكمه يفيد ذلك الحكم م‬ ‫شرعي يفيد حكما ّثم يرد ن‬
‫ّ‬ ‫صورة المسألة‪ :‬أن يرد ن‬

‫األول‪.‬‬
‫يتضمنه ّ‬
‫األول فيضيف إليها مالم ّ‬
‫ّ‬ ‫زيادة على ما أفاده الن‬

‫‪33‬‬
‫هراء األصوليين في المسألة‪:‬‬

‫يسمى نسخا أم ي إلى‬


‫ه‪ّ ،‬‬ ‫اختلف األصوليون –على وجه العموم‪ -‬في كون مايزيد على الن‬

‫ماهبين‪:‬‬

‫ليست نسخا بامي صوره‪ ،‬ذهب‬ ‫األول‪ :‬هو الماهب القائ‪ ،‬بإ ّن الزيادة على الن‬
‫‪ .1‬الماهب ّ‬
‫‪72‬‬
‫إلى هاا ابن قدامة في باهر كالمه‬

‫‪ .0‬الماهب ال اني‪ :‬هو الماهب القائم على اختالف رتبة المزيد على وجه التفصي‪ ،،‬فتع ّددت‬

‫الزيادة‪ .‬وإليكم تفصي‪ ،‬تلك المراتب‬


‫أقوال أصحاب هاا الماهب بناء على تع ّدد أمراتب تلك ّ‬
‫واختالفهم فيها‪:‬‬

‫المرتبة األولى‪ ،‬أن تكون ّ‬


‫الزيادة مستقلّة حيث إ ّن المزيد ليس له تعلّق بالمزيد عليه‪ ،‬ولهاا النوع‬

‫صورتان‪:‬‬

‫المستق‪ ،‬عن المزيد عليه ليس من جنس المزيد عليه‪ ،‬كأن يأتي ن‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬أن يكون المزيد‬

‫مستق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بإيااب الصالة ّثم جاء ا خر بزيادة هي إيااب الصوم‪ ،‬فإ ّن المزيد وهو الصوم‬

‫تماما عن المزيد عليه (الصالةي‬

‫‪ {{ 70‬روضة الناظر وج ّنة المناظرفي أصول الفقه}}‪ ،‬موفّق الدين عبد الله أحمدى بن قدامة ‪020 -431‬ه‪ ،‬تقديم وتوضيخ غوامضه‬
‫وتخريج شواهدة‪ :‬د‪.‬شعبان بن إسماعيل األستاذ في كليّة الشريعة والدراسات اإلسالمية جامعة أ ّم القرى‪ ،‬المكتبة المكيّة‪-‬المكتبة‬
‫التدمريّة الرياض‪ -‬مؤسّسة الريان‪ ،‬ط‪1:‬ج‪ ،1:‬ص‪234 :‬‬

‫‪34‬‬
‫يخالف بين األصوليين في أن هاه الصورة ليست من النسخ‪ ،77‬لعدم تحقق النسخ إذ‬

‫هو ‪-‬فيما سبق ذكره‪ -‬رف الحكم أو تبديله ولم يرتف في الحال حكم المزيد عليه وهو‬

‫وجوب الصالة ولم يقم مقامه حكم المزيد وهو وجوب الصوم ب‪ ،‬كان المزيد عليه (‬

‫الزيادة‪.‬‬
‫الصالةي باقيا على حكمه بعد هاه ّ‬
‫المستق‪ ،‬عن المزيد عليه من جنس المزيد عليه‪ ،‬كزيادة صالة على‬
‫ّ‬ ‫‪ .0‬أن يكون المزيد‬
‫‪71‬‬
‫الصلوات الخمس في قوله تعالى‪{ :‬حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى}‬

‫ففي هاه الصورة من الزيادة خالف‪:‬‬

‫‪ -‬ذهب الامهور‪ 79‬إلى أن هاه الصورة ليست بنسخ‪ ،‬فإن كون المزيد من جنس‬

‫المزيد عليه ييؤثّر‪ ،‬فإن المعتبر في الصورتين واحد وهو عدم تح ّقق النسخ وهو‬

‫ارتفاع حكم المزيد‪ ،‬فال يقال في ا ية أن الصالة الوسطى تنسخ جنس صالة العصر‬

‫الداخلة تحت الصلوات‪ ،‬ب‪ ،‬حكمها باق بعد الزيادة كما كان قبلها‪.‬‬

‫مسمى النسخ‪ ،‬فإنّهم اعتبروا أ ّن‬


‫الحنفيّة إلى أ ّن هاه الصورة تدخ‪ ،‬في ّ‬ ‫ذهب بع‬ ‫‪-‬‬

‫زيادة صالة على الصلوات الخمس تغيّر صالة الوسطى فيرتف وجوبها المستفاد من‬

‫ويستدل على هاا الرأل بكون صالة الوسطى وسطى وإ ّن الوسطيّة على العدد‬
‫ّ‬ ‫ا ية‪،‬‬

‫‪77‬‬
‫بالتصرف من {{ روضة الناظر البن قدامة }} ص‪242 :‬‬
‫ّ‬ ‫نقل هذ‬
‫‪79‬‬
‫سورة البقرة‪239 :‬‬
‫‪78‬‬
‫بالتصرف من {{ إتحاف ذوي البصائر }} ص‪400 :‬‬
‫ّ‬ ‫نقل هذا‬

‫‪35‬‬
‫المفرد وهو الخمس‪ ،‬فإذ زيدت بالسادسة وجبت أن تكون هاه الزيادة تغيّر لكي‬

‫يكون عدد ماقبلها كعدد مابعدها‬

‫المرتبة الثانية‪ ،‬أن تكون الزيادة غير مستقلّة حيث إ ّن المزيد يتعلّق بالمزيد عليه بأن يكون جزءا‬

‫الحديث على جلد مائة الوارد بن ّ القرهن‪.‬‬ ‫من المزيد عليه‪ ،‬كزيادة تغريب عام الواردة بن‬

‫من حديث غبادة بن صامت‪( :‬خاوا عنّي خاوا عنّي‪ ،‬قد جع‪،‬‬ ‫النبي‬
‫ن ّ المزيد هو قول ّ‬
‫‪12‬‬
‫لهن سبيال‪ ،‬البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة‘‪ ،‬وال يّب بال يّب جلد مائة والرجمي‬
‫الله ّ‬

‫‪11‬‬
‫ك‪ ،‬واحد منهما مائة جلدة‪....‬ي‬
‫ن ّ المزيد عليه هو قول الله تعالى‪( :‬الزانية والزاني فاجلدوا ّ‬
‫ا ية‪.‬‬

‫اختلف األصوليّون في هاة المرتبة من الزيادة على قولين ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫ليست بنسخ‪ ،‬وهاا ماهب الامهور‪.‬‬ ‫‪ ‬إن الزيادة المستقلّة على الن‬

‫دلي‪ ،‬الامهور‪ :‬إ ّن حقيقة النسخ هو رف حكم الخطاب وإزالته‪ ،‬وإن حكم الخطاب‬

‫(جلد الزاني البكر مائة جلدةي في الم ال السابق باق ولم يتغيّر ولم يتب ّدل م وجود تلك‬

‫الزيادة (تعريب عامي‬

‫‪90‬‬
‫(صحيح مسلم‪)3188 :‬‬
‫‪91‬‬
‫سورة النور‪2 :‬‬
‫‪92‬‬
‫{{ اتحاف ذوي البصائر }}‪ ،‬ص‪403 :‬‬

‫‪36‬‬
‫يعتبر نسخا‪ ،‬ذهب إلى هاا القول أبو حنيفة‪ ،13‬فإن حكم‬ ‫‪ ‬إ ّن الزيادة المستقلّة على الن‬

‫التغريب في الم ال السابق ينسخ حكم الالد‬

‫دليلهم‪ :‬إن المزيد عليه قب‪ ،‬الزيادة كان كامال يمكن ايقتصار عليه في ايمت ال‪ ،‬و ّلما جاء‬

‫ورد الشهادة‪،‬‬
‫الزيادة ارتف كون كماله وجواز ايقتصار عليه وييكتفي به تعلّق التفسيق ّ‬

‫ففي الحال يب ّد من العم‪ ،‬بالزيادة (التغريبي م ذلك المزيد معا فتكون صفة الكمال‬

‫في المزيد عليه(الالدي قد رفعت وايقتصار على الالد قد رف ‪ ،‬وهاا هو النسخ‪.‬‬

‫أجيب على دليلهم هاا‪:‬‬

‫الاواب األوّل‪ :‬أ ّن تلك الصفة (الكمالي وإن رفعت عند وجود الزيادة إي أنّها ليست‬

‫الزيادة‪،‬‬
‫مقصودة حكما شرعا ب‪ ،‬المقصود وجوب الا ّد وإجزاؤه وهما لم يرتفعا م تلك ّ‬
‫وإ ّن التغريب ييزي‪ ،‬وجوبه وييغيّر إجزاءه وإنّما يضاف إليهما واجب هخر وهو هاا‬

‫التغريب‪.‬‬

‫الاواب ال اني‪ :‬إ ّن القول بإن الزيادة ترف حكم ايقتصار على جلد مائة ييح ّقق النسخ‪،‬‬

‫ك‪ ،‬واحد منهما مائة‬


‫وهو قوله تعالى‪( :‬الزانية والزاني فاجلدوا ّ‬ ‫ألن منطوق اللفظ والن‬

‫جلدةي‪ّ 14‬‬
‫ييدل على ايقتصار وكالك ييستفاد ايقتصار‪ ،‬إذ الوجوب بشيئ ييوجب‬

‫‪93‬‬
‫‪94‬‬
‫{ سورة النور ‪} 2 :‬‬

‫‪37‬‬
‫نفي وجوب غيره‪ ،‬فإيااب الح ّد يينفي أن يوجب الشارع غيره زيادة عليه وهي ليست‬

‫بنسخ‪.‬‬

‫المرتبة الثالثة‪ ،‬أن تكون الزيادة غير مستقلّة حيث يتعلّق المزيد بالمزيد عليه تعلّق الشرط‬

‫بالمشروط‪ ،‬فإذا فقد المزيد عليه هاه الريادة وهو الشرط يكون وجوده وعدمه واحدا‪ ،‬كزيادة‬

‫شرط اإليمان في كون الرقبة‪ ،‬فإ ّن الشارع جاء بأمر عتق رقبة ّثم زيد شرط كونها مؤمنة‪ ،‬وكالك‬

‫زيادة النيّة شرطا في األمر بالطهارة‪ ،‬وزيادة الطهارة شرطا في األمر بالطواف‪.‬‬

‫اختلف في الحال على ماهبين‪:‬‬

‫‪ ‬الماهب ّ‬
‫‪15‬‬
‫الشافعيّة‬ ‫األول‪ :‬إ ّن الزيادة في هاه الصورة نسخ‪ ،‬ذهب إلى هاا بع‬

‫دلي‪ ،‬أصحاب هاا الماهب‪ :‬إن حكم المزيد عليه كما يكون في وجوب عتق رقبة بالشرط هو‬

‫فلما جاءت هاه الزيادة ارتف ذلك‬


‫الصحة قب‪ ،‬أن ترد عليه الزيادة ( شرط اإليماني‪ّ ،‬‬
‫اإلجزاء و ّ‬
‫وييصح إي بتلك الزيادة وييستغني عن ذلك المزيد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحكم وأصبح المزيد عليه‬
‫‪12‬‬
‫‪ ‬الماهب ال اني‪ :‬إ ّن الزيادة بهاه الصورة ليست من النسخ‪ ،‬وهاا ماهب جمهور األصوليين‬

‫دلي‪ ،‬أصحاب هاا الماهب‪ :‬إ ّن حقيقة النسخ رف حكم الخطاب كلّه‪ ،‬والخطاب ‪-‬في قوله‬

‫تعالى ( وأقيمو الصالة ي‪ 17‬م ال‪ -‬يقتضي أمرين‪ :‬هما الوجوب واإلجزاء حيث ياوز الصالة‬

‫‪93‬‬
‫‪90‬‬
‫‪97‬‬
‫( سورة النور ‪30 :‬‬

‫‪38‬‬
‫بدون طهارة بناء على هاا اللفظ‪ ،‬و ّلما جاءت الزيادة وهي اشتراط الطهارة عند اإلتيان بها‪،‬‬

‫فإ ّن وجوبها (الصالةي لم يرتف بتلك الزيادة (اشتراط الطهارةي وإنّا يبقى على حاله بعد الزيادة‬

‫كما كان قب‪ ،‬ورود الزيادة عليه‪ ،‬وأما الال ارتف حكمه في الحال هو اإلجزاء‪ ،‬فأصبحت‬

‫ييسمى نسخا وإنّما يشابه رف‬


‫ّ‬ ‫الصالة يتازئ –بعد الزيادة‪ّ -‬إي بالطهارة‪ ،‬وهو في الحال‬

‫العموم‪.‬‬ ‫المفهوم وتخصي‬

‫الصورة الثانية‪ :‬نسخ جزء من أجزاء العبادة أو شرط من شروطها هل نسخ لجملة العبادة ؟‬

‫‪11‬‬
‫األصوليون في هاا المبحث ع‪ ،‬ماهبين‪:‬‬

‫‪ .1‬إ ّن نسخ جزء من أجزاء العبادة أو شرط من شروطها ليس نسخا للعبادة باملتها‪ ،‬وهاا ماهب‬

‫ابن قدامة ‪-‬رحمه الله‪ ،19-‬وذهب إلى هاا جمهور‪.‬‬

‫دلي‪ ،‬هاا الماهب‪:‬‬

‫‪ ‬إ ّن حقيقة النسخ هو الرف واإلزالة‪ ،‬وهاه الحقيقة يتتناول ّإي ((الازءيي ((والشرطيي‬

‫المنسوخ فقط‪ ،‬أما ماعدا ذلك بقي على حاله يتتغيّر ويتتب ّدل‪ ،‬ومما يدل على وقوع‬

‫هاا هو أن نسخ الشارع شرط عبادة من العبادات ولم تكن تلك العبادة قد نسخت‬

‫‪99‬‬
‫{{ إتحاف ذوي البصائر } ‪490‬‬
‫‪98‬‬
‫{ إتحاف ذوي البصائر } ص‪490:‬‬

‫‪39‬‬
‫لصحة الصالة‪ّ ،‬ثم نسخ‬
‫بالكليّةر حيث إنّه معلوم إن استقبال بيت المقدس كان شرطا ّ‬
‫هاا الشرط ويخالف في أن نسخ هاا الشرط (استقبال بيت المقدسي ليس نسخا‬

‫لحكم العبادة باملتها وهي الصالة‪.‬‬

‫الازء أو إلغاء الشرط لم يرف حكم تلك العبادة من الوجزب أو الندب‬ ‫‪ ‬وكالك إن نق‬

‫أو غيرهما فاليكون نسخا لها‪.‬‬

‫ييكون نسخا للامي ‪.‬‬ ‫ييوجب تحصيصا للامي ‪ ،‬فكالك نسخ البع‬ ‫‪ ‬إ ّن التخصي‬

‫‪ .0‬إ ّن نسخ جزء من أجزاء العبادة أو شرط من شروطها نسخ للعبادة باملتها‪ ،‬ذهب إلى هاا أك ر‬

‫المتكلّمين‪.‬‬ ‫الحنابلة وبع‬

‫دلي‪ ،‬أصحاب هاا الماهب‪ :‬إ ّن الله تعالى إذا أوجب أرب ركعات ّثم نسخ وجوب ركعتين‬

‫ا خر‪ ،‬فإ ّن‬ ‫وتبقية للبع‬ ‫فبقيت ركعتان‪ ،‬فقد نسخ وجوب أص‪ ،‬العبادة‪ ،‬ي أنّه نسخ للبع‬

‫كمامر‪ -‬الرف والتبدي‪ ،،‬وقد كان حكم األرب هو الوجوب ثم تغيّر وتب ّدل‬
‫حقيقة النسخ – ّ‬
‫ويدل على‬
‫وجوب األرب إلى وجوب الركعتين فقد وصارت الركعات األرب غير الركعتين وزيادة‪ّ .‬‬

‫حصول هاا أحد أمرين‪:‬‬

‫يتصح بناء على أنّه أتى بالواجب‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬من أتى بصالة الصبح أرب ركعات فإن صالته‬

‫وزيادة‪ ،‬وبهاا تكون العبادة فد تغيّرت وتب ّدلت وهاا هو النسخ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬إذا نسخت ركعتان في صالة الصبح فقد كانت –قب‪ ،‬النسخ‪ -‬يتازؤ الصالة بدون‬

‫هاا المنسو ‪ ،‬ولكن بعد النسخ صارتا مازية‪ ،‬فكون العبادة يتازئ إي بالمنسوخ –‬

‫فب‪ ،‬وقوع النسخ بخالف بعده‪ -‬تغييرا لحكم العبادة وتبديال له‪ ،‬وهاا هو النسخ‪.‬‬

‫طرق معرفة النسخ‬

‫‪90‬‬
‫والنسخ يعرف بع ّدة أمور‪:‬‬

‫وتأخر ا خر‪ ،‬والتق ّدم‬ ‫‪ّ ‬أوال‪ ،‬أن يقتضي ذلك اللفظ‪ ،‬بأن يكون فيه ّ‬
‫مايدل على تق ّدم أحدهما ّ‬
‫التأخر في النزول يفي التالوة أو الترتيب القرهني‪ ،‬فإ ّن ا ية في‬
‫التأخر المقصودين هنا التق ّدم و ّ‬
‫و ّ‬
‫الع ّدة بأربعة أشهر وأربعة أيام ناسخة ل ية في الع ّدة بالحول‪ ،‬م أنّها (ا ية الناسخةي تسبق‬

‫المنسوخة في الترتيب‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ ،‬أن يعرف الناسخ من المنسوخ بقوله صلّى الله عليه وسلّم‪ ،‬كأن يقول‪ :‬هاا ناسخ لهاا أو‬

‫مافي معنى ذلك‪ ،‬والم ال على هاا قوله صلّى الله عليه وسلّم من حديث بريدة بن الحصيب‬

‫رضي الله عنه‪ ( :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور‪ ،‬أي فزوروها ي‬

‫{{ إرشاد الفحول إلى تحقيق الح ّق من علم األصول }}‪ ،‬اإلمام مح ّمد بن علي الشوكاني‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬أبي حفص‬ ‫‪80‬‬

‫سامي بن العربي‪ ،‬دار الفضيلة للنشر والتوزيع الرياض‪ ،‬ط‪ ،1 :‬ص‪934-933 :‬‬
‫ل{{ التعارض في الحديث }}‪ ،‬لطفي بن محمد الزغير أستاذ مساعد في كلّية المعلمين في بيشه جامعة الملك فهد‪ ،‬مكتبة العبيكان‬
‫‪1427‬ه‪ ،‬ط‪ ،1:‬ص‪.348-349 :‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ ،‬أن يعرف الناسخ من المنسوخ بفع‪ ،‬النبي صلّى الله علي وسلّم‪ ،‬كرجمه لماعز بن المالك‬

‫األسلمي رضي الله عنه ولم يالده‪ ،‬فإ ّن فعله صلّى الله عليه وسلم هاا يفيد نسخ حكم جلد‬

‫ال يب الزاني الوارد في قولة ( ال يب بال يّب جلد مائة ورجمه بالحاارةي‬

‫‪ ‬رابعا‪ ،‬أن يعرف النسخ بإجماع الصحابة على أ ّن الشيء ناسخ وا خر منسوخ‪ ،‬كنسخ صوم يوم‬

‫المرة‬
‫عاشوراء بصوم شهر رمضان‪ ،‬وإجماع الصحابة على نسخ حديث قت‪ ،‬شارب الخمر في ّ‬
‫الرابعة‪ ،‬ون ّ الحديث قوله صلى الله عليه وسلم من حديث معاوية بن أبي سفيان‪ (( :‬إذا شربوا‬
‫‪91‬‬
‫الخمر فاجلدوهم وإذا شربوا فاجلدوهم‪ ،‬وإذا شربو فاجلدوهم وإذا شربوا فاقتلوهم يي‬

‫‪ ‬خامسا‪ ،‬أن يعرف النسخ بنق‪ ،‬الصحبابي لتق ّدم أحد الحكمين ّ‬
‫وتأخر ا خر‪ ،‬إذ يمدخ‪،‬‬

‫لالجتهاد في الحال‪ .‬والم ال على هاا مانقله أبي ين كعب رضي الله عنه أنّه قال‪( :‬كان الماء‬
‫‪90‬‬
‫من الماء رخصة في ّأول اإلسالم ّثم نهي عنه ي‬

‫الشرعي في الحال‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ ،‬أن يعرف النسخ بكون أحد الحكمين شرعيّا وا خر موافقا للعادة‪ ،‬فيكون‬

‫ناسخا‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الحديث رواه بن ماجة‪ /‬الحدود ‪ /‬من شرب الخمر مرارا‪ ،‬رقم‪2372 :‬‬
‫‪82‬‬
‫أخرجه أبو داود‪ ،‬الطهارة‪ ،‬في اإلكسال‪ ،‬رقم‪213 :‬‬

‫‪42‬‬

You might also like