You are on page 1of 11

‫اجلامعة السلطان عبد احلليم معظم شاه اإلسالمية العاملية‬

‫كلية الشريعة والقانون‬

‫موضوع ‪ :‬اإلقتضاء النص‬

‫‪M192104702‬‬ ‫حممد صويف بن ريزل‬ ‫‪1‬‬


‫‪M192043602‬‬ ‫عزت فتحي بن اجوس لقمان‬ ‫‪2‬‬

‫اسم املادة‪ :‬أصول الفقه ‪2‬‬

‫رمز املادة ‪SFU 6333 :‬‬

‫جمموعة ‪A :‬‬

‫اسم حملاضر ‪ :‬أستاذ حممد رضاء الدين حممد صاحل الفطاين‬

‫الفصل الدراسي ‪ :‬أغسطس ‪2٠22 /‬‬


‫املقدمة‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫احلمدهلل رب العزة‪ ،‬احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذابهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعمالنا من يهده هللا فال مضل له ومن يضلله فال هدي له‪ .‬أشهد ان ال إله إال هللا وأشهد أن حممد‬
‫عبده رسوله وعلى اله وصحبه ومن دعا بدعوته إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪.‬‬

‫احلمد هلل الذي بيده كل اخلري وبه تتم كل الصاحلات‪ ،‬سبحانه ال إله إال هو‪ ،‬حنمده كثريا‪ ،‬ونشكر‬
‫فضله يف كل وقت وحني‪ ،‬ونشهد أن خامت الرسل سيدان حممد عليه افضل الصلوات وامت التسليم‪ ،‬أما‬
‫بعد‪.‬‬

‫أقدم لكم اليوم هذا البحث اهلام جدا يف علم األصول الفقه ‪ ،2‬وعنوان البحث " اإلقتضاء‬
‫النص"‪ .‬وأان أمل وأطبع أن ينال إعجابكم مجيعا‪ .‬وأمتىن من هللا أن أكون قد وفقت هللا يف تقدمي‬
‫وكتابة هذا البحث التواضع‪ .‬وهذا البحث يشمل كل املعلومات اليت تطمح أن جتدها يف أي حبث‬
‫املختص هبذا العلم‪ .‬وارجو أن اكون حذت على رضاكم عن هذا البحث‪ ،‬وأان يشرفت أن استقبل‬
‫اقرتاحاتكم على هذا البحث‪ ،‬أو أي تعليق على البحث‪ .‬وأعدكم أننا سوف أخذ يف االعتبار كل‬
‫توجيهاتكم ومالحظاتكم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫األول ‪ :‬التعريف‬

‫لغة ‪ :‬االقتضاء هو الطلب‬

‫اصطالحا ‪ :‬داللة النص على شيء مسكوت عنه يتوقف صدق الكالم‪ ،‬أو صحته واستقامته على‬
‫‪1‬‬
‫اعتبار ذلك املسكوت املقدر يف الكالم‪ ،‬كقوله تعاىل حكاية عن إخوة يوسف ‪.‬‬

‫واملراد ابلنص هنا ‪ :‬هو اللفظ الذي يفهم منه املعىن ‪ ،‬سواء أكان ظاهراً أم نصاً أم مفسراً أم حمكماً ‪.‬‬
‫واملراد بعبارة النص ‪ :‬صيغته املكونة من مفرداته ومجله ‪ .‬واللفظ ابعتبار هذه الداللة أنواع أربعـة هي ‪:‬‬
‫ابالقتضاء‪.‬‬ ‫الـدال بـالـعبـارة ‪ ،‬والـدال ابإلشارة ‪ ،‬والدال ابلداللة ‪ ،‬والدال‬

‫ان االقتضاء هو داللة اللفظ على معىن خارج يتوقف عليه صدقة أو صحته الشرعية أو عقلية ‪2 .‬ووجه‬
‫احنصار هذا التقسيم كما قال التفتازاين ‪ :‬أن احلكم املستفاد من النظم ( مرادهم ابلنظم اللفظ) ‪ :‬إما‬
‫أن يكون ثـابتـا بنفس النظم أو ال ‪ ،‬واألول ‪ :‬إن كان النظم مسوقاً لـه فهو العبارة ‪ ،‬وإال فهـو اإلشارة‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬والثاين ‪ :‬إن كان احلكم مفهوماً منه لغة فهي الداللة ‪ ،‬أو شرعاً فهو االقتضا‪.‬‬

‫‪ 1‬تلخيص األصول ‪،‬حافظ ثناء هللا الزاهدي‪ ،‬ص ‪.2٦‬‬


‫‪ 2‬شرح التلويح على التوضيح ملنت التنقيح يف أصول الفقه ‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاين الشافعي‪ ،‬ص ‪.2٥٨‬‬
‫‪ 3‬أصول الفقه اإلسالمي ‪ ،‬الدكتوروهبة الزحيلي ‪ ،‬ط االوىل ‪ ،‬دار الفكر – دمشق ‪140٦ ،‬ه ‪19٨٦-‬م ‪ ،‬ص ‪.3٥٥‬‬

‫‪2‬‬
‫الثاين‪ :‬اإلقتضاء النص‬

‫املراد مبا يفهم من اقتضاء النص املعين الذي ال يستقيم الكالم إال بتقديره‪ ،‬فصيغة النص ليس فيها لفظ‬
‫يدل عليه ولكن صحتها واستقامة معناها تقتضيه‪ ،‬أو صدقها ومطابقتها للواقع تقتضيه‪ .‬داللة االقتضاء‬
‫‪ :‬هي داللة الكالم على مسكوت عنه‪ ،‬يتوقف صدق الكالم أو صحته شرعاً على تقديره‪ .‬أي أن‬
‫صيغة النص ال تدل عليـه ‪ ،‬وإمنا تتوقف صحة الكالم عقالً أو شرعاً على تقديره‪ .‬ومسيت هذه الـداللـة‬
‫بـاالقتضاء ؛ ألن االقتضاء معناه االستـدعـاء والطلب ‪ ،‬واملعىن الذي يدل عليه الكالم يتطلبه ويستدعيه‬
‫صدق الكالم أو صحته شرعاً ‪ .‬ومثاله املشهور قولك لغريك اعتق عبدك عين ابلف ‪ ،‬هذا الكالم هوا‬
‫املقتضى لعدم صحته يف نفسه شرعا وطلبه ما يصح به اقتضاء وما زيد عليه وهو البيع مقتضى وما‬
‫ثبت ابلبيع وهو امللك حكم املقتضى وسيأيت الكالن فيه‪.‬‬

‫وقال القاضي االمام هو زايدة على النص مل يتحقق معىن النص بدوهنا فاقتضاها النص ليتحقق معناه‬
‫وال يلغو‪ .‬وهذه العبارات تؤدي معىن واحدا وال بد من زايدة قيد يف التعريف على مذهب من جعل‬
‫احملذوف قسما اخر وهو ان يقال ما ثبت زايدة على النص لتصحيح شرعا ‪.‬‬

‫وال بد من تقـديـر مقـدمـا تصحيحا للمقتضى ‪ ،‬وهذا معىن قوهلم ‪ :‬الالزم املتقدم اقتضاء ‪ ،‬خبالف‬
‫املتأخر ‪ ،‬ويقدر بقدره ألنه ملحوظ ضرورة فيسقط ما حيتمل السقوط ومن مثة استغىن البيع عن القبول‬
‫‪4‬‬
‫دون اهلبة عن القبض وال يعم وال خيص النه زايدة أو نقصان‪.‬‬

‫‪ 4‬مسلم الثبوت‪ ،‬حمب هللا بن عبدالشكور اهلندي البهاري ‪ ،‬املطبعة احلسينية املصرية‪ ،‬ص ‪.342‬‬

‫‪3‬‬
‫وأنواع التقدير اليت ال بد منها هلذه الداللة ثالثة‪.‬‬

‫‪1‬ـ ما وجب تقديره لصـدق الكالم‪.‬‬

‫قوله ﷺ ‪ « :‬رفع عن أميت اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه »‪ ،‬هذه العبارة يدل ظاهرها على رفع‬
‫الفعل إذا وقع خطأ أو نسياهنا أو مكرها عليه ‪ ،‬فإنه بلفظه وعبارته دل على رفع الفعل الذي يقع خطأ‬
‫أو نسيـانـاً أو إكراهـا بعـد وقـوعـه ‪ ،‬ولكن هذا خيالف الواقع لوجود هذه العوارض من األمة ‪ ،‬فيقتضي‬
‫تقدير شيء من الكالم كرفع اإلمث أو احلكم ‪ ،‬ليطابق الواقع ‪ ،‬ويصري املعىن‪ :‬رفع إمث اخلطأ والنسيان‬
‫واإلكراه‪ .‬فاإلمث حمذوف عنه يف هذا املثال ‪ ،‬وتوقف صدق الكالم على تقديره‪ ،‬فيعترب من مدلول الكالم‬
‫بداللة االقتضاء‪ .‬ومعىن احلديث الشريف‪ :‬رفع عن أميت املؤاخذة ابخلطأ والنسيان‪ ،‬ال رفع وقوعها فإهنا‬
‫واقعة‪.‬‬

‫وأما قوله تعاىل‪ ﴿ :‬ربنا ال تؤخذان إن نسينا أو أخطأان ﴾‪ ،‬فقد وقع فيه طلب عدم املؤاخذة‪ ،‬مع‬
‫إخباره صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬برفع هللا هبا عن األمة‪ ،‬وأجيب أبن الطلب تعبد وتضرع وشكر‪ ،‬فال‬
‫ينايف إخباره صلى هللا عليه وسلم برفع املؤاخذة‪ ،‬هذه أحد األجوبة عن اآلية أنظر التفسري‪.‬‬

‫وقيل معىن احلديث‪" :‬رفع أميت اخلطأ" ‪ ،‬أي‪ :‬إمثه ال حكمه؛ إذ حكمه من الضمان ال يرتفع‪،‬‬
‫والنسيان كذلك ما مل يتعاط سببه حىت فوت الواجب‪ ،‬فإنه أيمث‪ ،‬وما استكرهوا عليه يف غري ِّ‬
‫الزىن‬
‫والقتل؛ إذ ال يباحان يف اإلكراه‪.‬‬

‫ات‪َ ،‬وإِّممنَا لِّ ُك ِّل ْام ِّر ٍئ َما نَـ َوى‪ ،‬فَ َم ْن‬
‫ال ِّابلنِّيم ِّ‬
‫مث مثال حديث قوله عليه الصالة والسالم ‪ « :‬إِّممنَا األ َْع َم ُ‬
‫اجَر إِّلَْي ِّه » ‪ " ،‬األعمال ابلنيات‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َكانَ ْ ِّ ِّ‬
‫ت ه ْجَرتُهُ إ َىل ُدنْـيَا يُصيبُـ َها‪ ،‬أ َْو إ َىل ْامَرأَة يـَْنك ُح َها‪ ،‬فَ ِّه ْجَرتُهُ إ َىل َما َه َ‬
‫" ليس املراد عني العمل فإن ذلك متحقق بدون النية وإمنا املراد احلكم ثبت ذلك مبقتضى الكالم ‪.‬‬
‫فقال الشافعي يعم ذلك حكم الدنيا واآلخرة فيما يستدعى القصد والعزمية من األعمـال قوالً بعموم‬
‫املقتضى ‪ .‬وقلنا املراد حكم اآلخرة وهو أن ثواب العمل حبسب النية ؛ ألن ثبوته بطريق االقتضاء وال‬
‫عمم املقتضى ‪ .‬وعندى أن هذا سهو من قائله فإن احملذوف غري املقتضى ألن من عادة أهل اللسان‬

‫‪4‬‬
‫حذف بعض الكالم لالختصار إذا كان فيها بقى منه دليل على احملذوف ‪ ،‬مث ثبوت هذا احملذوف من‬
‫هذا الوجه يكون وثبوت املقتضى يكون شرعاً ال لغة ‪ ،‬وعالمة الفرق بينهما أن املقتضى تبع يصح‬
‫ابعتباره املقتضى إذا صار كاملصرح به واحملذوف ليس بتبع بل عند التصريح به ينتقل احلكم إليه ال أن‬
‫‪٥‬‬
‫يثبت ما هو املنصوص ‪ ،‬وال شك أن ما ينقل غري ما يصحح املنصوص‪.‬‬

‫وحـديث « ال صيام ملن مل يبيت الصيام من الليل » أي ال صحة لصيام‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ما وجب تقديره لصحة الكالم عقالا‪.‬‬

‫ص ِّادقُو َن ﴾ [يوسف‪]٨2:‬؛‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫قوله تعاىل‪ ﴿ :‬و ِّ‬


‫اسأَل الْ َق ْريَةَ المِّيت ُكنما ف َيها َوالْع َري المِّيت أَقْـبَـ ْلنَا ف َيها ۖ َوإِّ مان لَ َ‬
‫َْ‬
‫"واسأل القرية" اليت كنا فيها ‪ ،‬فإنه ال يصح عقالً إال على تقدير ‪ :‬واسأل أهل القرية أي يسألك‬
‫وتغري أحواهلا‪ ،‬قل هلم‪ :‬جعل هللاُ األهلمة عالمات يعرف هبا الناس‬
‫أصحابك ‪ -‬أيها النيب ‪ -‬عن األهلمة ر‬
‫أوقات عباداهتم احملددة بوقت‪ ،‬مثل‪ :‬الصيام واحلج‪ ،‬ومعامالهتم‪ ،‬وليس اخلري ما تعودمت عليه يف اجلاهلية‬
‫وأول اإلسالم من دخول البيوت من ظهورها حني ُُت ِّرمون ابحلج أو العمرة‪ ،‬ظانِّني أن ذلك قربةٌ إىل‬
‫املعاصي‪ ،‬وادخلوا البيوت من أبواهبا عند إحرامكم‬ ‫عل َمن اتقى هللا واجتنب‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫هللا‪ ،‬ولكن اخلري هو ف ُ‬
‫اخش ُوا هللا تعاىل يف كل أموركم؛ لتفوزوا بكل ما ُتبون من خريي الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ابحلج أو العمرة‪ ،‬و َ‬
‫ك قَـ ْريَةً أ ََم ْرَان ُم ْ َرتفِّ َيها فَـ َف َس ُقوا فِّ َيها فَ َح مق َعلَْيـ َها الْ َق ْو ُل فَ َدم ْرَان َها تَ ْد ِّم ًريا‬ ‫ِّ‬
‫قال هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِّ َذا أ ََرْد َان أَ ْن ُهنْل َ‬
‫﴾ [اإلسراء‪]1٦ :‬؛ أي‪ :‬وإذا أردان إهالك أهل قرية لظلمهم‪ ،‬أ ََم ْران مرتفيهم بطاعة هللا وتوحيده وتصديق‬
‫فعصوا أمر رهبم وك مذبوا رسله‪ ،‬فح مق عليهم القول ابلعذاب الذي ال مرمد له‪،‬‬
‫رسله‪ ،‬وغريهم تبع هلم‪َ ،‬‬
‫تبعا هلم‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫فاستأصلناهم ابهلالك التام‪ ،‬وخص املرتفني ابلذكر ملا جرت به العادة أن من سواهم يكون ً‬
‫أقدر على الوصول إىل ُسبله‪.‬‬ ‫وأن العامة والد ْ ِّ‬
‫مْهاء يقلدوهنم فيما يفعلون‪ ،‬وألهنم أسرع إىل الفجور‪ ،‬و ُ‬

‫‪ ٥‬أصول السرخسي ‪ ،‬أمحد بن أيب سهل السرخسي‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬ص ‪.2٥1‬‬

‫‪5‬‬
‫اق َإىل الشراء بواسطة‬ ‫اق » ‪ ،‬أضاف ِّْ‬
‫اإل ْعتَ َ‬ ‫إعتَ ٌ‬
‫يب ْ‬‫ومن امثلة أيضا قوله ‪َ -‬علَْي ِّه ال مس َال ُم ‪ِّ « ،-‬شراء الْ َق ِّر ِّ‬
‫َُ‬
‫ص مح إضافة اإلعتاق‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫م ِّ‬
‫الشراء َولَ ْوَال املقتضى لَ َما َ‬
‫مقتضاه‪ ،‬وهو امللك هو الذي يوجب العتق يف الْ َقريب َال َ‬
‫ضا؛ َوإِّن كان‬ ‫ِّ ِّ‬
‫وجهٌ َح َس ٌن أَيْ ً‬ ‫اإل َش َارةِّ راجعا إىل ما يف متناوله وهذا ْ‬ ‫اسم ِّْ‬
‫ِّح ْ َ‬ ‫َإىل الشَراء فجعل هذا الشمار ُ‬
‫ت احلكم فِّيما تَـ َقد ِّ ِّ‬ ‫املراد ِّمن الثابت حكم املقتضى كما أن الْمراد من الثمابِّ ِّ‬
‫ضى‬‫ضاءُ ِّمبَْع َىن الْ ُم ْقتَ َ‬
‫مم فَاالقْت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬
‫‪٦‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫َويقرأ بشرط ابلتنوين واجلملة بَـ ْع َدهُ ص َفةٌ لَهُ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ما وجب تقديره لصحة الكالم شرع ا‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫اَّللِّ َوِّر ْ‬
‫ض َو ًاان‬ ‫ُخ ِّر ُجوا ِّمن ِّد َاي ِّرِّه ْم َوأ َْم َواهلِّ ْم يَـْبتَغُو َن فَ ْ‬
‫ض ًال ِّم َن م‬ ‫ين أ ْ‬
‫اج ِّر م ِّ‬
‫ين الذ َ‬
‫ِّ‬
‫قال هللا تعاىل‪ ﴿ :‬ل ْل ُف َقَراء الْ ُم َه َ‬
‫ص ِّادقُو َن ﴾ [احلشر ‪ ]٨ :‬مثل " للفقراء املهاجرين الذين أخرجوا‬ ‫اَّللَ َوَر ُسولَهُ ۚ أُوَٰلَئِّ َ‬
‫ك ُه ُم ال م‬ ‫نص ُرو َن م‬
‫َويَ ُ‬
‫من دايرهم وأمواهلم "‪ ،‬فـإنـه دل بعبـارتـه على فقر املهاجرين ‪ ،‬مع أهنم كانوا أصحـاب دور وأمـوال يف‬
‫مكة ‪ ،‬وهذا اإلطالق ال يكـون صحيحاً إال إذا قدران زوال ملكهم عما تركوه يف مكة ‪ ،‬وأنه صار مملوكا‬
‫للكفار ابالستيالء عليـه ويعترب تقدير زوال امللكية مدلوالً بطريق االقتضاء تصحيحاً للكالم‪ .‬ومن‬
‫أمثلته ‪ :‬أن يقول شخص آلخر ‪ :‬تصدق مبتاعك هذا عين مبئة دينـار ‪ ،‬فال يصح هذا الكالم من‬
‫املتكلم إال إذا ملك املتاع ‪ ،‬فتطلب صحـة هـذا شرعاً تقدير شيء يتوقف عليه صحة الكالم وهو بيع‬
‫املتاع له ‪ ،‬فكأنه قال ‪ :‬بع متاعـك إيل ‪ ،‬وتصدق به عين ‪ ،‬فيكون البيع اثبتاً بداللة اللفظ بطريق‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫ومن أمثلة أيضاً قوله تعاىل ‪:‬‬


‫َخ وبـنَات اْألُخ ِّ‬
‫ت‬ ‫ات ْاأل ِّ َ َ ُ ْ‬ ‫َو َخ َاالتُ ُك ْم َوبـَنَ ُ‬ ‫َخ َواتُ ُك ْم َو َع مماتُ ُك ْم‬ ‫﴿ ُح ِّرَم ْ‬
‫ت َعلَْي ُك ْم أُم َهاتُ ُك ْم َوبَـنَاتُ ُك ْم َوأ َ‬
‫ورُكم ِّمن‬ ‫نِّ َسائِّ ُك ْم َوَرَابئِّبُ ُك ُم م‬
‫الالِّيت ِّيف ُح ُج ِّ‬ ‫اعة َوأُم َه ُ‬
‫ات‬ ‫الالِّيت أَرضعنَ ُكم وأَخواتُ ُكم ِّمن المرض ِّ‬
‫َ َ َ‬ ‫َوأُم َهاتُ ُك ُم م ْ َ ْ ْ َ َ َ‬

‫‪ ٦‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي ‪ ،‬عبد العزيز بن أمحد بن حممد ‪ ،‬ص ‪.٧٦‬‬

‫‪6‬‬
‫ين ِّم ْن‬ ‫ِّ م ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِِّّ‬ ‫ِِّّ ِّ‬ ‫نِّ َسائِّ ُك ُم م‬
‫الالِّيت َد َخ ْلتُم هب من فَإن مملْ تَ ُكونُوا َد َخ ْلتُم هب من فَ َال ُجنَ َ‬
‫اح َعلَْي ُك ْم َو َح َالئ ُل أَبْـنَائ ُك ُم الذ َ‬
‫ِّ‬
‫يما ﴾‪.‬‬ ‫ني إِّمال ما قَ ْد سلَ َ ِّ‬
‫ف ۗ إ من ا مَّللَ َكا َن َغ ُف ًورا مرح ً‬ ‫َ‬ ‫ُختَ ْ ِّ َ‬ ‫َص َالبِّ ُك ْم َوأَن َْجت َمعُوا بَْ َ‬
‫ني ْاأل ْ‬ ‫أْ‬
‫وقوله "حرمت عليكم أمهاتكم "احلرمة هي على النكاح أي زواج أمهاتكم ألن التحرمي ال ينصب على‬
‫الذوات وإمنا الفعل املتعلق هبا‪ ، .‬ألن احلرمة ال تتعلق ابلذوات ‪ ،‬وإمنا تتعلق ابألفعال ‪ ،‬فيقدر يف اآلية‬
‫يعين حرم عليكم زواج أمهاتكم ‪ ،‬ويكـون هـذا التقـديـر ثـابتـاً بـداللـة االقتضاء ‪.‬‬

‫ومن أمثلة أيضاً قوله تعاىل ‪:‬‬


‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اخلِّ ِّنز ِّير وما أ ُِّه مل لِّغَ ِّري مِّ ِِّّ‬
‫يحةُ‬
‫اَّلل به َوالْ ُمْن َخن َقةُ َوالْ َم ْوقُو َذةُ َوالْ ُم ََرتديَةُ َوالنمط َ‬ ‫ْ‬ ‫مم َو َحلْ ُم ْ َ َ‬ ‫ت َعلَْي ُك ُم الْ َمْيـتَةُ َوالد ُ‬‫﴿ ُح ِّرَم ْ‬
‫س‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ َٰ ِّ ِّ‬ ‫وَما أَ َكل ال مسبُ ُع إِّمال َما ذَ مكْيـتُ ْم وَما ذُبِّح َعلَى الن ُ ِّ‬
‫رصب َوأَن تَ ْستَـ ْقس ُموا ابْأل َْزَالم ۚ َذل ُك ْم ف ْس ٌق ۗ الْيَـ ْوَم يَئ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الم ِّذين َك َفروا ِّمن ِّدينِّ ُكم فَ َال ََتْ َشوهم و ِّ‬
‫ت َعلَْي ُك ْم ن ْع َم ِّيت َوَرض ُ‬
‫يت‬ ‫ت لَ ُك ْم دينَ ُك ْم َوأَْمتَ ْم ُ‬ ‫اخ َش ْون ۚ الْيَـ ْوَم أَ ْك َم ْل ُ‬ ‫ُْْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ور مرِّح ٌيم ﴾‪.‬‬ ‫اَّللَ َغ ُف ٌ‬
‫اضطُمر ِّيف َمَْمص ٍة َغ ْري متَجانِّ ٍ‬
‫ف ِِّّإل ٍْمث ۙ فَإِّ من م‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫اإل ْس َال َم ِّدينًا ۚ فَ َم ِّن ْ‬ ‫لَ ُكم ِّْ‬
‫ُ‬
‫يف هذه االية احلرمة هي على أكلها واإلنتفاع هبا ألن التحرمي ال يتعلق ابلذات ‪ ،‬وإمنا يتعلق بفعل‬
‫املكلف ‪ ،‬ويقدر املقتضي يف كل نص مبا يناسبه‪.‬‬

‫ومن هذا التفصيل يثبت ما قدمنه يف اإلمجال‪ ،‬وهو أن كل معىن فهم من النص بطريق من هذه الطرق‬
‫األربع يكون من مدلوالت النص‪ ،‬ويكون النص حجة عليه‪ ،‬ألن املعىن املأخوذ من عباراته هو املعىن‬
‫املتبادر من ألفاظه املقصود من سياقه‪ ،‬واملعىن املأخوذ من إشارته هو املعىن الالزم ملعىن عبارته لزوما ال‬
‫ينفك‪ ،‬فهو مدلوله بطرق االلتزام‪ ،‬واملعىن املأخوذ من داللته هو املعىن الذي تدل عليه روحه ومعقوله‪،‬‬
‫واملفهوم اقتضاء هو معىن ضروري اقتضى تقديره صدق عبارة النص أو استقامة معناه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫اخلامتة‬

‫احلمد هلل تعاىل الذي وفقنا يف تقدمي هذا البحث‪ ،‬وها هي القطرات األخرية يف مشوار هذا البحث‬
‫‪،‬وقد كان البحث يتكلم عن” اإلقتضاء النص “‪ ،‬وقد بذلنا كل اجلهد والبذل لكي خيرج هذا البحث‬
‫اضحا ممنوع يف اإلسالم‪ .‬بشكل عام ‪،‬‬
‫يف هذا الشكل ‪.‬اخلالصة‪ ،‬أن نستنتج أن املقامرة شيء كان و ً‬
‫األلعاب اليت ُتتوي على عنصر الرهان هي ألعاب قمار وهي حمظورة‪ .‬بعض األلعاب ‪ ،‬على الرغم من‬
‫أيضا بسبب إْهال ذكر هللا والوفاء ابلواجبات الدينية األخ‬
‫عدم وجود عنصر مراهنة ‪ ،‬ال تزال حمظورة ً‬
‫رى ‪ ،‬مثل الصالة ‪ ،‬أو ألهنا تثري اخلالفات والعداوات ‪ .‬وأخريا نرجو من هللا أن تكون رحلة ممتعة‬
‫وشيقة ‪،‬وكذلك نرجو أن تكون قد أرتقت بدرجات العقل الفكر‪ ،‬حيث مل يكن هذا اجلهد ابجلهد‬
‫اليسري ‪،‬وحنن ال ندعى الكمال فإن الكمال هلل عز وجل فقط‪ ،‬وحنن ق قدمنا كل اجلهد هلذا البحث‪،‬‬
‫فإن وفقنا فمن هللا عز وجل وإن أخفقنا فمن أنفسنا‪ ،‬وكفاان حنن شرف احملاولة‪ ،‬واخرياً نرجو أن يكون‬
‫هذا البحث قد انل إعجابكم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫املراجع واملصادر‬

‫‪ .1‬تلخيص األصول‪ ،‬حافظ ثناء هللا الزاهدي ‪،‬الطبعة األوىل‪ ،‬مركز املخطوطات والثراث والواثئق‬
‫– الكويت ‪ 1414 ،‬هـ ‪ 1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ .2‬أصول الفقه اإلسالمي ‪ ،‬الدكتوروهبة الزحيلي ‪ ،‬ط االوىل ‪ ،‬دار الفكر – دمشق ‪140٦ ،‬ه‬
‫‪19٨٦-‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬مسلم الثبوت ‪ ،‬حمب هللا بن عبدالشكور اهلندي البهاري ‪ ،‬املطبعة احلسينية املصرية ‪ -‬مطبعة‬
‫كردستان العلمية ‪. 132٦ ،‬‬
‫‪ .4‬أصول السرخسي ‪ ،‬أمحد بن أيب سهل السرخسي ‪ ،‬أبو الوفا األفغاين ‪ ،‬جلنة إحياء املعارف‬
‫العثمانية ‪ -‬حيدر آابد ‪.1993 –1414 ،‬‬
‫‪ .٥‬كشف األسرار شرح أصول البزدوي ‪ ،‬عبد العزيز بن أمحد بن حممد‪ ،‬عالء الدين البخاري‬
‫احلنفي ‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬مطبعة الشركة الصحافية العثمانية ‪130٨ ،‬م‪.‬‬
‫‪ .٦‬شرح التلويح على التوضيح ملنت التنقيح يف أصول الفقه ‪ ،‬سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاين‬
‫‪ ،‬دار الكتب العلمية بريوت – لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 141٦‬هـ ‪ 199٦ -‬مـ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوعات‬ ‫الرقم‬

‫‪1‬‬ ‫املقدمة‬ ‫‪1.‬‬

‫‪2-3‬‬ ‫تعريف‬ ‫‪2.‬‬

‫‪4-٧‬‬ ‫اإلقتضاء النص‬ ‫‪3.‬‬

‫‪٨‬‬ ‫اخلامتة‬ ‫‪4.‬‬

‫‪9‬‬ ‫املراجع واملصادر‬ ‫‪.٥‬‬

‫‪10‬‬ ‫الفهرس‬ ‫‪.٦‬‬

‫‪10‬‬

You might also like