Professional Documents
Culture Documents
جمموعة A :
احلمدهلل رب العزة ،احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذابهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا من يهده هللا فال مضل له ومن يضلله فال هدي له .أشهد ان ال إله إال هللا وأشهد أن حممد
عبده رسوله وعلى اله وصحبه ومن دعا بدعوته إىل يوم الدين ،أما بعد.
احلمد هلل الذي بيده كل اخلري وبه تتم كل الصاحلات ،سبحانه ال إله إال هو ،حنمده كثريا ،ونشكر
فضله يف كل وقت وحني ،ونشهد أن خامت الرسل سيدان حممد عليه افضل الصلوات وامت التسليم ،أما
بعد.
أقدم لكم اليوم هذا البحث اهلام جدا يف علم األصول الفقه ،2وعنوان البحث " اإلقتضاء
النص" .وأان أمل وأطبع أن ينال إعجابكم مجيعا .وأمتىن من هللا أن أكون قد وفقت هللا يف تقدمي
وكتابة هذا البحث التواضع .وهذا البحث يشمل كل املعلومات اليت تطمح أن جتدها يف أي حبث
املختص هبذا العلم .وارجو أن اكون حذت على رضاكم عن هذا البحث ،وأان يشرفت أن استقبل
اقرتاحاتكم على هذا البحث ،أو أي تعليق على البحث .وأعدكم أننا سوف أخذ يف االعتبار كل
توجيهاتكم ومالحظاتكم.
1
األول :التعريف
اصطالحا :داللة النص على شيء مسكوت عنه يتوقف صدق الكالم ،أو صحته واستقامته على
1
اعتبار ذلك املسكوت املقدر يف الكالم ،كقوله تعاىل حكاية عن إخوة يوسف .
واملراد ابلنص هنا :هو اللفظ الذي يفهم منه املعىن ،سواء أكان ظاهراً أم نصاً أم مفسراً أم حمكماً .
واملراد بعبارة النص :صيغته املكونة من مفرداته ومجله .واللفظ ابعتبار هذه الداللة أنواع أربعـة هي :
ابالقتضاء. الـدال بـالـعبـارة ،والـدال ابإلشارة ،والدال ابلداللة ،والدال
ان االقتضاء هو داللة اللفظ على معىن خارج يتوقف عليه صدقة أو صحته الشرعية أو عقلية 2 .ووجه
احنصار هذا التقسيم كما قال التفتازاين :أن احلكم املستفاد من النظم ( مرادهم ابلنظم اللفظ) :إما
أن يكون ثـابتـا بنفس النظم أو ال ،واألول :إن كان النظم مسوقاً لـه فهو العبارة ،وإال فهـو اإلشارة
3
.والثاين :إن كان احلكم مفهوماً منه لغة فهي الداللة ،أو شرعاً فهو االقتضا.
2
الثاين :اإلقتضاء النص
املراد مبا يفهم من اقتضاء النص املعين الذي ال يستقيم الكالم إال بتقديره ،فصيغة النص ليس فيها لفظ
يدل عليه ولكن صحتها واستقامة معناها تقتضيه ،أو صدقها ومطابقتها للواقع تقتضيه .داللة االقتضاء
:هي داللة الكالم على مسكوت عنه ،يتوقف صدق الكالم أو صحته شرعاً على تقديره .أي أن
صيغة النص ال تدل عليـه ،وإمنا تتوقف صحة الكالم عقالً أو شرعاً على تقديره .ومسيت هذه الـداللـة
بـاالقتضاء ؛ ألن االقتضاء معناه االستـدعـاء والطلب ،واملعىن الذي يدل عليه الكالم يتطلبه ويستدعيه
صدق الكالم أو صحته شرعاً .ومثاله املشهور قولك لغريك اعتق عبدك عين ابلف ،هذا الكالم هوا
املقتضى لعدم صحته يف نفسه شرعا وطلبه ما يصح به اقتضاء وما زيد عليه وهو البيع مقتضى وما
ثبت ابلبيع وهو امللك حكم املقتضى وسيأيت الكالن فيه.
وقال القاضي االمام هو زايدة على النص مل يتحقق معىن النص بدوهنا فاقتضاها النص ليتحقق معناه
وال يلغو .وهذه العبارات تؤدي معىن واحدا وال بد من زايدة قيد يف التعريف على مذهب من جعل
احملذوف قسما اخر وهو ان يقال ما ثبت زايدة على النص لتصحيح شرعا .
وال بد من تقـديـر مقـدمـا تصحيحا للمقتضى ،وهذا معىن قوهلم :الالزم املتقدم اقتضاء ،خبالف
املتأخر ،ويقدر بقدره ألنه ملحوظ ضرورة فيسقط ما حيتمل السقوط ومن مثة استغىن البيع عن القبول
4
دون اهلبة عن القبض وال يعم وال خيص النه زايدة أو نقصان.
4مسلم الثبوت ،حمب هللا بن عبدالشكور اهلندي البهاري ،املطبعة احلسينية املصرية ،ص .342
3
وأنواع التقدير اليت ال بد منها هلذه الداللة ثالثة.
قوله ﷺ « :رفع عن أميت اخلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » ،هذه العبارة يدل ظاهرها على رفع
الفعل إذا وقع خطأ أو نسياهنا أو مكرها عليه ،فإنه بلفظه وعبارته دل على رفع الفعل الذي يقع خطأ
أو نسيـانـاً أو إكراهـا بعـد وقـوعـه ،ولكن هذا خيالف الواقع لوجود هذه العوارض من األمة ،فيقتضي
تقدير شيء من الكالم كرفع اإلمث أو احلكم ،ليطابق الواقع ،ويصري املعىن :رفع إمث اخلطأ والنسيان
واإلكراه .فاإلمث حمذوف عنه يف هذا املثال ،وتوقف صدق الكالم على تقديره ،فيعترب من مدلول الكالم
بداللة االقتضاء .ومعىن احلديث الشريف :رفع عن أميت املؤاخذة ابخلطأ والنسيان ،ال رفع وقوعها فإهنا
واقعة.
وأما قوله تعاىل ﴿ :ربنا ال تؤخذان إن نسينا أو أخطأان ﴾ ،فقد وقع فيه طلب عدم املؤاخذة ،مع
إخباره صلى هللا عليه وسلم ،برفع هللا هبا عن األمة ،وأجيب أبن الطلب تعبد وتضرع وشكر ،فال
ينايف إخباره صلى هللا عليه وسلم برفع املؤاخذة ،هذه أحد األجوبة عن اآلية أنظر التفسري.
وقيل معىن احلديث" :رفع أميت اخلطأ" ،أي :إمثه ال حكمه؛ إذ حكمه من الضمان ال يرتفع،
والنسيان كذلك ما مل يتعاط سببه حىت فوت الواجب ،فإنه أيمث ،وما استكرهوا عليه يف غري ِّ
الزىن
والقتل؛ إذ ال يباحان يف اإلكراه.
اتَ ،وإِّممنَا لِّ ُك ِّل ْام ِّر ٍئ َما نَـ َوى ،فَ َم ْن
ال ِّابلنِّيم ِّ
مث مثال حديث قوله عليه الصالة والسالم « :إِّممنَا األ َْع َم ُ
اجَر إِّلَْي ِّه » " ،األعمال ابلنيات ِّ ٍ ِّ ِّ ِّ َكانَ ْ ِّ ِّ
ت ه ْجَرتُهُ إ َىل ُدنْـيَا يُصيبُـ َها ،أ َْو إ َىل ْامَرأَة يـَْنك ُح َها ،فَ ِّه ْجَرتُهُ إ َىل َما َه َ
" ليس املراد عني العمل فإن ذلك متحقق بدون النية وإمنا املراد احلكم ثبت ذلك مبقتضى الكالم .
فقال الشافعي يعم ذلك حكم الدنيا واآلخرة فيما يستدعى القصد والعزمية من األعمـال قوالً بعموم
املقتضى .وقلنا املراد حكم اآلخرة وهو أن ثواب العمل حبسب النية ؛ ألن ثبوته بطريق االقتضاء وال
عمم املقتضى .وعندى أن هذا سهو من قائله فإن احملذوف غري املقتضى ألن من عادة أهل اللسان
4
حذف بعض الكالم لالختصار إذا كان فيها بقى منه دليل على احملذوف ،مث ثبوت هذا احملذوف من
هذا الوجه يكون وثبوت املقتضى يكون شرعاً ال لغة ،وعالمة الفرق بينهما أن املقتضى تبع يصح
ابعتباره املقتضى إذا صار كاملصرح به واحملذوف ليس بتبع بل عند التصريح به ينتقل احلكم إليه ال أن
٥
يثبت ما هو املنصوص ،وال شك أن ما ينقل غري ما يصحح املنصوص.
٥أصول السرخسي ،أمحد بن أيب سهل السرخسي ،دار الكتاب اإلسالمي ،ص .2٥1
5
اق َإىل الشراء بواسطة اق » ،أضاف ِّْ
اإل ْعتَ َ إعتَ ٌ
يب ْومن امثلة أيضا قوله َ -علَْي ِّه ال مس َال ُم ِّ « ،-شراء الْ َق ِّر ِّ
َُ
ص مح إضافة اإلعتاق ِّ ِّ ِّ م ِّ
الشراء َولَ ْوَال املقتضى لَ َما َ
مقتضاه ،وهو امللك هو الذي يوجب العتق يف الْ َقريب َال َ
ضا؛ َوإِّن كان ِّ ِّ
وجهٌ َح َس ٌن أَيْ ً اإل َش َارةِّ راجعا إىل ما يف متناوله وهذا ْ اسم ِّْ
ِّح ْ َ َإىل الشَراء فجعل هذا الشمار ُ
ت احلكم فِّيما تَـ َقد ِّ ِّ املراد ِّمن الثابت حكم املقتضى كما أن الْمراد من الثمابِّ ِّ
ضىضاءُ ِّمبَْع َىن الْ ُم ْقتَ َ
مم فَاالقْت َ
َ َ َُ َ ُ
٦ ِّ ِّ ِّ ٍ
َويقرأ بشرط ابلتنوين واجلملة بَـ ْع َدهُ ص َفةٌ لَهُ.
٦كشف األسرار شرح أصول البزدوي ،عبد العزيز بن أمحد بن حممد ،ص .٧٦
6
ين ِّم ْن ِّ م ِّ ِّ ِِّّ ِِّّ ِّ نِّ َسائِّ ُك ُم م
الالِّيت َد َخ ْلتُم هب من فَإن مملْ تَ ُكونُوا َد َخ ْلتُم هب من فَ َال ُجنَ َ
اح َعلَْي ُك ْم َو َح َالئ ُل أَبْـنَائ ُك ُم الذ َ
ِّ
يما ﴾. ني إِّمال ما قَ ْد سلَ َ ِّ
ف ۗ إ من ا مَّللَ َكا َن َغ ُف ًورا مرح ً َ ُختَ ْ ِّ َ َص َالبِّ ُك ْم َوأَن َْجت َمعُوا بَْ َ
ني ْاأل ْ أْ
وقوله "حرمت عليكم أمهاتكم "احلرمة هي على النكاح أي زواج أمهاتكم ألن التحرمي ال ينصب على
الذوات وإمنا الفعل املتعلق هبا ، .ألن احلرمة ال تتعلق ابلذوات ،وإمنا تتعلق ابألفعال ،فيقدر يف اآلية
يعين حرم عليكم زواج أمهاتكم ،ويكـون هـذا التقـديـر ثـابتـاً بـداللـة االقتضاء .
ومن هذا التفصيل يثبت ما قدمنه يف اإلمجال ،وهو أن كل معىن فهم من النص بطريق من هذه الطرق
األربع يكون من مدلوالت النص ،ويكون النص حجة عليه ،ألن املعىن املأخوذ من عباراته هو املعىن
املتبادر من ألفاظه املقصود من سياقه ،واملعىن املأخوذ من إشارته هو املعىن الالزم ملعىن عبارته لزوما ال
ينفك ،فهو مدلوله بطرق االلتزام ،واملعىن املأخوذ من داللته هو املعىن الذي تدل عليه روحه ومعقوله،
واملفهوم اقتضاء هو معىن ضروري اقتضى تقديره صدق عبارة النص أو استقامة معناه.
7
اخلامتة
احلمد هلل تعاىل الذي وفقنا يف تقدمي هذا البحث ،وها هي القطرات األخرية يف مشوار هذا البحث
،وقد كان البحث يتكلم عن” اإلقتضاء النص “ ،وقد بذلنا كل اجلهد والبذل لكي خيرج هذا البحث
اضحا ممنوع يف اإلسالم .بشكل عام ،
يف هذا الشكل .اخلالصة ،أن نستنتج أن املقامرة شيء كان و ً
األلعاب اليت ُتتوي على عنصر الرهان هي ألعاب قمار وهي حمظورة .بعض األلعاب ،على الرغم من
أيضا بسبب إْهال ذكر هللا والوفاء ابلواجبات الدينية األخ
عدم وجود عنصر مراهنة ،ال تزال حمظورة ً
رى ،مثل الصالة ،أو ألهنا تثري اخلالفات والعداوات .وأخريا نرجو من هللا أن تكون رحلة ممتعة
وشيقة ،وكذلك نرجو أن تكون قد أرتقت بدرجات العقل الفكر ،حيث مل يكن هذا اجلهد ابجلهد
اليسري ،وحنن ال ندعى الكمال فإن الكمال هلل عز وجل فقط ،وحنن ق قدمنا كل اجلهد هلذا البحث،
فإن وفقنا فمن هللا عز وجل وإن أخفقنا فمن أنفسنا ،وكفاان حنن شرف احملاولة ،واخرياً نرجو أن يكون
هذا البحث قد انل إعجابكم.
8
املراجع واملصادر
.1تلخيص األصول ،حافظ ثناء هللا الزاهدي ،الطبعة األوىل ،مركز املخطوطات والثراث والواثئق
– الكويت 1414 ،هـ 1994 -م.
.2أصول الفقه اإلسالمي ،الدكتوروهبة الزحيلي ،ط االوىل ،دار الفكر – دمشق 140٦ ،ه
19٨٦-م.
.3مسلم الثبوت ،حمب هللا بن عبدالشكور اهلندي البهاري ،املطبعة احلسينية املصرية -مطبعة
كردستان العلمية . 132٦ ،
.4أصول السرخسي ،أمحد بن أيب سهل السرخسي ،أبو الوفا األفغاين ،جلنة إحياء املعارف
العثمانية -حيدر آابد .1993 –1414 ،
.٥كشف األسرار شرح أصول البزدوي ،عبد العزيز بن أمحد بن حممد ،عالء الدين البخاري
احلنفي ،دار الكتاب اإلسالمي ،مطبعة الشركة الصحافية العثمانية 130٨ ،م.
.٦شرح التلويح على التوضيح ملنت التنقيح يف أصول الفقه ،سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاين
،دار الكتب العلمية بريوت – لبنان ،الطبعة األوىل 141٦هـ 199٦ -مـ.
9
الفهرس
الصفحة املوضوعات الرقم
10