Professional Documents
Culture Documents
محمد الشويكي
بيت المقدس
الطبعة األولى
2002م – 1422هـ
بسم هللا الرحمن الرحيم
والصالة والسالم على أشرف األنام وعلى آله وصحبه والتابعين لهم
بإحسان الى يوم الدين.
أما بعد:
يزعم من شذ عن قواعد األصول وجمهرة أهل العلم من
الفقهاء والمحدثين واألصوليين ،بأن خبر اآلحاد يفيد العلم ويؤخذ في
العقائد عند أهل السنة قاطبة ،وأنه لم يقل خالف ذلك إال الجهمية
والمعتزلة والجبرية والخوارج.
غير أنه بعد التدقيق في المسألة تبين أنه زعم باطل ليس عليه
دليل ال من الكتاب وال من السنة وال من إجماع الصحابة ،بل تكذبه
األدلة والبراهين ،وقد أوردت في عجالتي هذه سبعة وجوه كل وجه
فيها كفيل بأن يرد زعمهم هذا.
الوجه األول-:
وهو التفريق بين الخبر المتواتر وخبر اآلحاد من حيث تعريف
كل منهما ومن حيث واقعهما في الش AA A A A Aريعة عند كل من ذكر المت AA A A A Aواتر
واآلح AAاد من العلم AAاء ،فق AAالوا :ب AAأن الخ AAبر إما أن يك AAون ك AAذباً قطعA Aاً وهو
الح AAديث المختلق الموض AAوع ،وإ ما أن يك AAون ص AAدقاً قطعA Aاً وهو الح AAديث
المت AA Aواتر ،وأما أن يحتمل أن يك AA Aون ص AA Aدقاً أو ك AA Aذباً وهو خ AA Aبر اآلح AA Aاد.
فالثاني والثالث هما محل البحث هنا.
2
أما الخبر المتواتر لغة :فهو التتابع أي تتابع شيئين فأكثر
بمهلة أي واحد بعد واحد من الوتر ،ومنه قوله تعالى {ثم أرسلنا رسلنا
1
تترى} .
وأما معناه في االصطالح :فهو خبر عدد يمتنع عادة تواطؤهم
على الكذب.2
وأما حكمه فإنه يفيد العلم واليقين عند كافة الفقهاء ،3ويكفر
منكر الخبر الذي ثبت تواتره ،وقد اعتنى غير واحد من العلماء بجمعه
وتدوينه كالسيوطي والزبيدي والكتاني.
أما خبر اآلحاد :فهو جمع أحد وهو خبر رواه واحد عن واحد
مأخوذ من اسمه.4
وفي االصطالح :خبر الواحد ما انحط عن حد التواتر وهو أن
يفقد فيه شرط من شروط المتواتر.5
أما حكمه :فهو أنه ال يفيد العلم واليقين وال يكفر منكره ألنه
انحط عن المتواتر وهو قول الغالبية العظمى من العلماء بمن فيهم
األئمة األربعة كما سنبينه في موضعه إن شاء اهلل تعالى ،وهذا يكذب
ادعاء من نفى عنهم وعن تالمذتهم ذلك ،فقد وقع لي أكثر من سبعين
منهم يقول بهذا القول ،ولقد أفردت لهم باباً خاصاً في آخر البحث.
1كذا يف شرح الكوكب املنري 2/323وغريه من كتب االصول عند كل من ذكرنا عنهم
2االيات البينات للعبادي 3/272
3كذا يف ميزان االصول للسمرقندي ص 423وهناية السؤال 3/69
4كما يف ميزان االصول ص431
5كما يف شرح اللمع للشريازي 2/578
3
الوجه الثاني-:
األدلة من الكتاب والسنة وإ جماع الصحابة على أن خبر اآلحاد
ال يفيد العلم واليقين.
أما الكتاب :فقوله تعالى {ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن
تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} قال أبو بكر
الجصاص الحنفي على هذه اآلية الكريمة :وفي هذه اآلية داللة على أن
خبر الواحد ال يوجب العلم إذ لو كان يوجب العلم بحال لما احتيج فيه
الى التثبت ،ومن الناس من يحتج به في جواز قبول خبر الواحد العدل
ويجعل تخصيصه الفاسق بالتثبت في خبره دليالً على أن التثبت في
خبر العدل غير جائز ،وهذا غلط ،ألن تخصيص الشيء بالذكر ال يدل
على أن ما عداه فحكمه بخالفه".
ثم هذه اآلية من الحجج على من ال يأخذ بمفهوم المخالفة من
أن خبر الواحد الفاسق أو العدل ال يفيد العلم.
وقول اهلل تعالى{ :والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}.
4
وقد احتج بهذه اآلية من اشترط أربعة في أقل الجمع الذي يفيد
خبرهم العلم وهو المتواتر.1
فإن قيل بأن هذه حالة خاصة في شهود الزنا فقط بدليل ان اهلل
عز وجل طلب في إثبات القتل أو السرقة شاهدين اثنين.
الجواب :ان هذه حجة أخرى لنا ،فإن اهلل عز وجل طلب في
إثبات القتل أو السرقة خبر جمع أيضاً ال خبر واحد ،واالثنان جمع ،قال
عليه الصالة والسالم "االثنان فما فوق جماعة" ،2وبهذا أيضاً احتج
بعض العلماء على أن اقل عدد إلثبات المتواتر اثنان .3وهو خبر واحد
بعد واحد.
وكAA A Aذلك طلب الشAA A Aرع في الوصAA A Aية أن يشAA A Aهد عليها جمع وهو
اثنAAان وكAAذلك في الطالق والAAزواج وفي إثبAAات الهالل في الAAرأي الAAراجح
الد ْين.
وفي إثبات ّ
كل هذا من األدلة على أن خبر الواحد ولو كان عدالً ال يفيد
العلم واليقين وان أفاد العمل.
وأما السنة-:
فعدم قبوله بما أخبره الوليد بن عقبة بن أبي معيط بشأن
بني المصطلق ،حتى أرسل خالد بن الوليد ليتثبت من خبره وفي ذلك
نزلت آية التثبت في سورة الحجرات.4
1راجع إن شئت كل من التمهيد للكلوذاين 3/28ونفائس االصول للفرايف 6/2967ومقدمة نظم املتناثر
للزبيدي وغريها من كتب االصول عند احلديث على العدد الذي ثبت به املتواتر
2رواه الطحاوي يف معاين االثار 1/308و 4/334ويف املستدرك للحاكم وابن ماحة يف سننه برقم 972
والبيهقي يف سننه الكربى 3/69
3كما ذكره الكلوذاين يف التمهيد 3/29والقرايف يف نفائس االصول 6/2967
5
وال يقال إنما أمر بالتثبت ألن المخبر فاسق ال يقال ذلك ألن
المخبر صحابي والصحابة كلهم عدول ،وال عبرة بمن شذ عن هذه
القاعدة.
6
فقد روى أحمد والطبراني وابن مردوية والبزار بإسناد صحيح
عن ابن عباس أن ابن مسعود كان يحذف المعوذتين من المصحف وفي
رواية "كان َي ُح ُّ
ك المعوذتين" ويقول "ال تخلطوا القرآن بما ليس منه
إنهما ليستا من كتاب اهلل إنما ُأمر النبي أن يتعوذ بهما".
7
ومع ذلك فإن الصحابة رضي اهلل عنهم لم يثبتوا هذه الجملة
آية في كتاب اهلل تعالى ألنها لم تثبت بالقطع بل باآلحاد وهو ظن.
وروى اإلمام مالك في الموطأ عن عائشة أم المؤمنين رضي
اهلل عنها قالت" :كان فيما أنزل عشر رضعات متتابعات ُيحرمن فنسخن
بخمس رضعات فتوفي رسول اهلل وهو فيما يتلى من القرآن".1
غير أن هذه الجملة أيضاً لم تثبت آية في كتاب اهلل ألنها لم
تثبت بالقطع بل باآلحاد وهو ظن.
وقد جمع ابن أالنباري وابن أبي داوود في كتابيهما المصاحف
عشرات الجمل التي وردت في مصاحف آحاد الصحابة ولم تثبت في
المصحف اإلمام.
ومن ذلك ما جاء في مصحف ابن الزبير "ال جناح عليكم ان
تبتغوا فضالً من ربكم في مواسم الحج".
ومن ذلك ما جاء في مصحف عائشة "حافظوا على الصلوات
والصالة الوسطى وصالة العصر".
ومن ذلك ما جاء في مصحف أبي بن كعب "فصيام ثالثة أيام
متتابعات في كفارة اليمين".
وغير ذلك من الجمل ،إال أن الصحابة رضي اهلل عنهم قد
أجمعوا على أنها ليست قرآناً بدليل أنهم لم يثبتوها في المصحف االمام
وهو الذي بين أيدينا وال يصح أن نقول بأنها قرآن ألنها لم تثبت
بالتواتر والقطع بل باآلحاد والظن.
ثم قاموا بتصرف الفت للنظر يبين لنا أنها ليست قرآناً ،أنهم
وافقوا عثمان بن عفان رضي اهلل عنه على حرقه كل مصاحف آحاد
1أنظر املوطأ كتاب الرضاع حديث رقم 17
8
الصحابة التي خالفت في جملها المصحف اإلمام الذي أجمعوا على أنه
هو القرآن الكريم .وعلى هذا أهل السنة قاطبة ،قال صاحب مسلم
الثبوت :ما نقل آحاداً فليس بقرآن قطعاً ولم يعرف فيه خالف لواحد من
أهل المذاهب.1
وفي هذا اإلجماع الفعلي والقولي من أصحاب رسول اهلل
ومن أهل المذاهب ألكبر دليل على أن عقائد المسلمين ال تثبت إال
باليقين ،وكتاب اهلل عز وجل هو أحد أركان العقيدة اإلسالمية الذي
استشهدنا به على مسألتنا وهو كاف في الرد على من قال أن اآلحاد تفيد
اليقين وأنها تؤخذ إلثبات العقائد.
9
مثال آخر:
ومن األمثلة الشرعية بل قل األدلة من أفعال وأقوال أصحاب
رسول اهلل دون إنكار من أحد منهم مما يدل على جواز االختالف
في قبول خبر اآلحاد أو عدمه ،ما ُأثر عن عمر بن الخطاب رضي اهلل
عنه في عدم قبول رواية حفصة أم المؤمنين في قوله تعالى {حافظوا
على الصلوات والصالة الوسطى} فزادت رضي اهلل عنها "وصالة
العصر" فقال عمر :ألك بهذا بينة قالت :ال ،قال :فواهلل ال ندخل في
1
القرآن ما تشهد به امرأة بال إقامة بينة.
مثال آخر:
ُّ
رد عمر رضي اهلل عنه لخبر فاطمة بنت قيس في حكاية النفقة
والسكنى للمبتوتة ،فقد روى اإلمام مسلم وغيره عن الشعبي أنه حدث
بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول اهلل لم يجعل لها سكنى وال نفقة.
قال عمر :ال نترك كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة ال ندري لعلها
حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة وتال قول اهلل تعالى {ال تخرجوهن
من بيوتهن وال يخرجن إال أن يأتين بفاحشة مبينة}.
2
وكذلك أنكرته عائشة رضي اهلل عنها.
مثال آخر-:
أنكرت عائشة رضي اهلل عنها خبر ابن عمر رضي اهلل عنه
"في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه" فقد روى البخاري ومسلم عن عبد
اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل قال :ان الميت ليعذب
10
ببكاء أهله عليه" فلما بلغ ذلك عائشة رضي اهلل عنها قالت :واهلل ما قال
رسول اهلل قط أن الميت يعذب ببكاء أحد.
وفي رواية للبخاري عن عمر رضي اهلل عنه ،فقالت عائشة
رضي اهلل عنها :يرحم اهلل عمر واهلل ما حدث رسول اهلل " أن اهلل
يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه".1
مثال آخر:
روى البخاري رحمه اهلل عن حذيفة بن اليمان رضي اهلل عنه
بال قائماً ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضاً"
قال" :أتى النبي ُ سباطة قوم فَ َ
لكن عائشة رضي اهلل عنها أنكرت ذلك :فقد روى الحاكم وابن عوانه
في صحيحيهما أنها قالت :ما با َل رسول اهلل قائماً منذ أنزل عليه
القرآن ،وقالت :من حدثكم أنه كان يبول قائماً فال تصدقوه.2
مثال آخر:
في رؤية النبي ربه ليلة المعراج وهو من المغيبات عنا فقد
روى النسائي والحاكم بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما
قال" :أتعجبون أن تكون الخلة إلبراهيم والكالم لموسى والرؤية
لمحمد".
حلف أن محمداً
وحكى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن أنه َ
رأى ربه.
وأخرج ابن اسحق أن ابن عمر أرسل الى ابن عباس" :هل
رأي محمد ربه؟ فأرسل اليه :نعم".
1كذا هو يف فتح الباري للعسقالين 3/152ويف شرح مسلم للنووي 6/232فما فوق
2راجعه إن شئت يف فتح الباري 1/330ويف شرح مسلم للنووي 3/165فما فوق
11
غير أن عائشة رضي اهلل عنها أنكرت ذلك إنكاراً شديداً
فقالت" :من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد كذب".1
مثال آخر:
روى اإلمام مسلم وغيره عن النبي أنه قال "يقطع الصالة
المرأة والحمار والكلب".
فبلغ ذلك عائشة رضي اهلل عنها فأنكرته وقالت" :قد شبهتمونا
بالحمير والكالب" وفي رواية "عدلتمونا بالكالب والحمير" وفي رواية
"جعلتمونا كالباً".2
مثال آخر:
روى البخاري ومسلم عن عاصم قال :قلت ألنس بن مالك:
أبلغك أن النبي قال ال حلف في اإلسالم؟ فقال :قد حالف الني بين
قريش واألنصار في داري .وفي رواية مسلم "في داره".
قال ابن حجر العسقالني :وتضمن جواب أنس إنكار صدر
الحديث ألن فيه نفي الحلف وفيما قاله هو إثباته.3
فهذه األمثلة كافية في االستدالل على أن أخبار اآلحاد ال تفيد
عند الصحابة إال الظن وإ ال لما ساغ لهم االختالف في قبولها وردها
على مرأى ومسمع منهم دون إنكار من أحد منهم ذلك.
ثم هناك أمثلة أخرى كثيرة أيضاً في عدم قبولهم رواية الواحد
إال ببينة مما يدل أيضاً على أن خبر الواحد ال يفيد عندهم إال الظن.
من ذلك:
1أنظر ذلك كله يف شرح مسلم للنووي 4/3فما فوق ويف فتح الباري 8/606فما فوق
2كذا يف صحيح مسلم شرح النووي 4/228فما فوق ويف فتح الباري شرح صحيح البخاري 1/589
3انظره إن شئت يف فتح الباري 502-10/501
12
ما رواه الترمذي وأبو داوود وغيرهما واللفظ له عن قبيصة
بن أبي ذؤيب قال جاءت الجدة الى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها:
فقال :مالك في كتاب اهلل تعالى شيء ،وما علمت لك في سنة نبي اهلل
شيئاً ،فارجعي حتى أسأل الناس ،فسأل الناس ،فقال المغيرة بن شعبة:
حضرت رسول اهلل أعطاها السدس ،فقال أبو بكر :هل معك غيرك؟
فقام محمد بن سلمة فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة ،فأنفذه لها أبو
بكر."1
ومن ذلك:
ما رواه البخAA Aاري ومسAA Aلم عن أبي موسى األشAA Aعري رضي اهلل
عنه أنه اسAA A Aتأذن على عمر رضي اهلل عنه ثالث A A Aاً فكأنه وجAA A Aده مشAA A Aغوالً
فرجAAع ،فقAAال عمAAر :ألم أسAAمع صAAوت عبد اهلل بن قيس ،إئAAذنوا لAAه ،فAAدعي
له فقAال ما حملك على ما صAنعت فقAال :إنا كنا نAؤمر بهAذا ،فقAال :لتقيمن
على هAA Aذا بينة أو ألفعلن بAA Aك ،فخAA Aرج فAA Aانطلق إلى مجلس من األنصAA Aار،
فقAAالوا ال يشAAهد لك على هAAذا إال أصAAغرنا ،فقAAام أبو سAAعيد الخAAدري رضي
اهلل عنه فقال :كنا نؤمر بهذا ،فقAال عمAر :خفي علي هAذا من أمر رسAول
اهلل ألهاني عنه الصفق باألسواق.2
ومن ذلك:
ما رواه اإلمAA A A A A A A A A A A A Aام احمد وأبو داود وغيرهما عن علي بن أبي
ط AA A Aالب رضي اهلل عنه ق AA A Aال :كنت رجالً إذا س AA A Aمعت من رس AA A Aول اهلل
ح AAديثاً نفع AAني اهلل منه ما ش AAاء إن ينفع AAني ،وإ ذا ح AAدثني أحد من أص AAحابه
1كذا هو يف سنن أيب داود 3/121باب يف اجلدة ويف سنن الرتمذي 3/283باب ما جاء يف مرياث اجلدة
2كما يف فتح الباري 13/320فما فوق 11/27ويف شرح مسلم للنووي 14/130
13
اسAA A Aتحلفته ،فAA A Aإذا حلف لي صAA A Aدقته ،وحAA A Aدثني أبو بكر وصAA A Aدق أبو بكر
رضي اهلل عنه.3
إذن فكما تAAرى فإنه لAAوال عAAدم إفAAادة خAAبر اآلحAAاد اليقين لما كAAان
هنالك داع لطلب أبي بكر وعمر وعلي رضي اهلل عنهم أجمعين البينة
واإلسAAتيثاق ولو بAAالحلف من أصAAحابهم ،وهم يعلمAAون يقينAاً أنهم صAAادقون
وانهم ال يكذبون على رسول اهلل ألنهم كلهم عدول بإجماعهم.
فإن قيل :بأنهم قبلوا كثAيراً من الروايAات دون طلب البينة عليها
مما يدل على أنها يقينية عندهم ولو كانت أخبار آحاد.
الجAA Aواب :أن قبAA Aولهم للروايAA Aات دون طلب البينة يAA Aدل على أنها
في رس AA Aول اهلل وه AA Aذه بالنس AA Aبة
ثابتة عن AA Aدهم ،إما س AA Aماعا مباش AA Aرة من ّ
لسAA A A A Aامعها تفيد اليقين عنAA A A A Aده ،وإ ما أنها تAA A A A Aواترت بينهم تلك الرواية ولو
بAAالمعنى ،ولAAذلك لم يسAAألوا البينة عليهAAا ،وال تسAAمى هAAذه الروايAAات أخبAAار
آحاد عندهم وال تنطبق عليها أحكامها.
ثم ان اسAA A A A A A A Aتداللنا باألمثلة اآلنفة عن أبي بكر وعمر وعلي في
طلبهم البينة واالس AA Aتيثاق من الرواية ليس إلثب AA Aات أن خ AA Aبر ال AA Aرجلين أو
الثالثة يفيد العلم واليقين فليس ه AAذا موض AAعه ،بل للداللة على أنه لو ك AAان
كل خ AAبر واحد يفيد اليقين عن AAدهم لما س AAألوا البينة عليه ولما س AAكتوا على
ذلك ،وهذا هو محل الشاهد الذي أردناه من هذه األمثلة األخيرة.
3كما يف مسند امحد 1/10وسنن أيب داوود 2/86باب يف االستعقار وابن حبان يف صحيحه 2/10
14
مما يAAدل على أن غAAير المتAAواتر هو خAAبر آحAAاد وأنه ال يفيد العلم واليقين،
وهو يفيد العمل ال االعتقAA Aاد وإ ال لما جAA Aاز لهم أن يختلفAA Aوا عليهAA Aا ،وهAA Aذه
كث AAيرة ج AAداً يلزمها مجل AAدات وهي معروفة عند أص AAحابها وعند أهل الفقه
والحAA A A A A Aديث ،لكننا سنضAA A A A A Aرب بعض األمثلة منها على سAA A A A A Aبيل الAA A A A A Aذكر
واالستشهاد.
من ذلك:
أنهم اختلفAAوا في حAAديث "ال يAAؤمن أحAAدكم حAAتى يكAAون هAAواه تبع Aاً
لما جئت ب AA Aه" أورده الن AA Aووي في األربعين وق AA Aال ح AA Aديث حسن ص AA Aحيح
رويناه من كتاب الحجة بإسناد صحيح.
وقAA A A Aال الحافظ ابن حجAA A A Aر :أخرجه الحسن بن سAA A A Aفيان وغAA A A Aيره
ورجاله ثقات.1
وقال ابن رجب الحنبلي :تصحيح هذا الحديث بعيد جداً.2
واختلفAA A A A Aوا في حAA A A A Aديث "ان اهلل تجAA A A A Aاوز لي عن أمAA A A A Aتي الخطأ
والنسيان وما استكرهوا عليه"
قAAال النAAووي :حAAديث حسن رواه ابن ماجة والAAبيهقي وغيرهمAAا.
وأخرجه الحاكم وقال :صحيح على شرطهما.
وقال أبو حاتم الرازي :وال يصح هذا الحAAديث وال يثبت إسAAناده
وأنكره اإلمام أحمد ،وقال ابن كثير :إسناده جيد.3
واختلفوا في حديث "ال ضرر وال ضرار".
قال الحاكم صحيح اإلسناد ،وحسنه النووي.
15
وقAA A A Aال الحافظ خالد بن س AA A Aعيد األندلس AA A Aي :لم يصح ح AA A Aديث "ال
ضرر وال ضرار سندا".1
واختلفوا في حديث "اإلمام ضامن والمؤذن مؤتمن".
2
ق AA A A Aال علي بن الم AA A A Aديني :انه لم يثبت ،وص AA A A Aححه ابن حب AA A A Aان
واختلفAAوا في حAAديث "ال تقAAام الحAAدود في المسAAاجد وال يسAAتقاد فيهAAا" رواه
احمد وأبو داود بسند ضعيف.
وقال ابن حجر في التلخيص :ال بأس بإسناده.3
واختلف AAوا في ح AAديث "من جعل قاض AAياً بين الن AAاس فقد ذبح بغ AAير
سAAكين" حسAAنه الترمAAذي وصAAححه ابن خزيمAAة ،وقAAال ابن الجAAوزي :هAAذا
حديث ال يصح.4
واختلفAA A A A A Aوا في حAA A A A A Aديث "مقارنة قبلة الصAA A A A A Aائم في رمضAA A A A A Aان
بالمضمضة" رواه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة في صحاحهم.
وقAAال النسAAائي :هAAذا حAAديث منكAAر ،وكAAذلك قAAال اإلمAAام أحمد بن
حنبل.5
واختلفAAوا في حAAديث "تلقين الميت" فقAAواه ابن حجر وضAAعفه ابن
القيم.6
واختلف AA A Aوا في ح AA A Aديث "نهى رس AA A Aول اهلل عن ص AA A Aوم عرف AA A Aه"
صححه ابن خزيمة والحاكم وضعفه العقيلي.7
16
واختلفوا في حديث "استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس…"
حسنه النووي وضعفه ابن رجب.1
واختلفوا في حديث "أفعمياوان أنتما".
قAA Aال ابن حجAA Aر :حAA Aديث مختلف في صAA Aحته ،وقAA Aال الترم AA Aذي:
حسن صحيح.2
واختلفوا في حAديث "إذا رأيتم الرجل يعتAاد المسAاجد فاشAهدوا له
باإليمان".
ق AAال الترم AAذي :ح AAديث ص AAحيح ،وص AAححه الح AAاكم وابن خزيمة
وضعفه العراقي ومغلطاي.3
واختلف AA A A A Aوا في ح AA A A A Aديث "طلب العلم فريضة على كل مسAA A A A A Aلم".
فصححه السيوطي ،وقال السخاوي له شاهد عند ابن شاهين بسند رجاله
ثقAA Aات ،وحسAA Aنه الحافظ المAA Aزي ،وقAA Aال ابن القطAA Aان :ال يصح فيه شAA Aيء.
وقال النووي :ضعيف.5
17
واختلفAAوا في أحAAاديث تحAAريم الغنAAاء ،فضAAعفها ابن العAAربي وابن
حزم وصححها غيرهما.6
واختلف AAوا في حAAديث "أيما امAAرأة نكحت بغ AAير إذن وليها فنكاحها
باطل باطل باطل".
قال ابن كثير وقد تكلم بعض أهل العلم فيAAه ،قAAال ابن جAAريج :ثم
لقيت الزهAA A Aري فسAA A Aألته فAA A Aأنكره ،فضAA A Aعفوا هAA A Aذا الحAA A Aديث من أجل هAA A Aذا
الحرف ،ثم قال :وقد صحح هذا الحديث علي بن المديني أحد األئمة.2
واختلف AAوا في ح AAديث "مثل أم AAتي مثل المطر ال ُيAAدرى أوله خ AAير
أم آخره" رواه الترمذي وأبو يعلى وغيرهما.
قAA A Aال ابن عبد الAA A Aبر :ان الحAA A Aديث حسAA A Aن ،وضAA A Aعفه النAA A Aووي،3
واختلفAAوا في حAAديث "تAAرى الشAAمس؟ قAAال نعم ،قAAال :على مثلها فاشAAهد أو
دع" صححه الحاكم وضعفه ابن عدي.4
18
فمنها :حديث "االستخارة" رواه البخاري في صAAحيحه وضAAعفه
االمام أحمد.1
ومنه ا :حAA Aديث "ايما أهAA Aاب دبغ فد طهAA Aر" رواه اإلمAA Aام مسAA Aلم،
وضعفه اإلمام احمد.
ومنه ا :ح AAديث "أنه ص AAلى الكس AAوف ثالث ركوع AAات وأربع
ركوعات" رواه البخاري ،وضعفه الشافعي.
ومنها :حديث "أن اهلل خلق التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم
األحد وخلق الش AA Aجر ي AA Aوم االث AA Aنين وخلق المك AA Aروه ي AA Aوم الثالث AA Aاء ،وخلق
الن AA Aور ي AA Aوم االربع AA Aاء ،وبث فيها ال AA Aدواب ي AA Aوم الخميس ،وخلق آدم ي AA Aوم
الجمعة" رواه مسلم في صحيحه ،وضعفه البيهقي.2
والمالحظ من هذا الحديث أن له عالقة بصفات اهلل تعAAالى وهي
الخلق والقدرة على اإليجاد من العدم ،ومع ذلك فقد اختلف عليه.
ومنه ا :ح AAديث "أن اب AAني ه AAذا س AAيد وسيص AAلح اهلل به بين فئ AAتين
عظيمتين من المسلمين" رواه البخاري وضعفه أبو الوليد الياجي.3
وهAA A A Aذا الحAA A A Aديث أيض A A A Aاً يتكلم عن غيب ،وقد وجد من ضAA A A Aعفه
وبالتالي فهو ال يحتج به.
ومنه ا :ح AA Aديث "فأما الن AA Aار فال تمتلئ ح AA Aتى يضع اهلل س AA Aبحانه
وتعالى رجله فتقول قط قط" متفق عليه.
1نقل تضعيف اإلمام امحد بن حنبل هلذا احلديث الشوكاين يف كتابه حتفة الذاكرين ص133
2هذه األمثلة السابقة ذكرها ابن تيمية يف كتابه علم احلديث ص 70فما فوق
3املرجع السابق
19
ق AAال الجزائ AAري :فه AAذا الح AAديث ونظ AAائره وهي كث AAيرة يبعد على
المتكلم أن يقول بصحتها فضالً عن أن يجزم ذلك.1
وهذا الحديث أيضاً يتعلق بالغيب وبالذات اإللهية .ومع صAAحته
فوجد من أنكره.
ومنه ا :حAA Aديث" ك AA Aان للنAA Aبي فAA Aرس يق AA Aال له اللحيAA Aف" رواه
البخاري ،وقد ضعفه الدارقطني وأحمد وابن معين.2
ومنه ا :حAAديث َ"يلقى إبAAراهيم عليه السAAالم أبAAاه آزر يAAوم القيامة
وعلى وجه آزر قAA Aتره :رواه البخAA Aاري في صAA Aحيحه ،قAA Aال اإلسAA Aماعيلي:
هذا خبر في صحته نظر.3
ومنه ا :قAA A A A A Aول الحافظ ابن حجر بالجملة حAA A A A A Aول أحAA A A A A Aاديث
الص AAحيحين ال AAتي انتق AAدها الحف AAاظ ق AAال" :وع AAدةُ ما اجتمع لنا من ذلك مما
في كتAAاب البخAAاري وان شAAاركه مسAAلم في بعضAAه ،مائة وعشAAرة أحAاديث،
منها ما وافقه مس AA Aلم على تخريجه وهو اثن AA Aان وثالث AA Aون ح AA Aديثاً ومنها ما
انفرد بتخريجه وهو ثمانية وسبعون حديثاً".4
ثم لم يقف األمر عند هAA Aذا الحد من االختالف في صAA Aحة أخبAA Aار
اآلح AAاد س AAواء ما ورد في الص AAحيحين أو في غيرهم AAا ،بل تع AAداه الى ابعد
من ذلAك ،فمن العلمAاء من أنكر صAراحة أحAاديث ثبتت عند غAيرهم ألنهم
20
اعتبروها مكذوبة موض AA A A A A A A A Aوعة على رس AA A A A A A A A Aول اهلل ومنها ما هو في
صحيحي البخاري ومسلم.
فمن ذل ك :ما رواه اإلم AAام مس AAلم "أن اهلل تع AAالى خلق التربة ي AAوم
السAA Aبت وخلق فيها الجبAA Aال يAA Aوم األحد وخلق الشAA Aجر يAA Aوم االثAA Aنين وخلق
المك AAروه ي AAوم الثالث AAاء وخلق الن AAور ي AAوم األربع AAاء وبث فيها ال AAدواب ي AAوم
الخميس وخلق آدم بعد العصر من ي AA A A Aوم الجمعة في آخر الخلق في آخر
ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".
قAA A Aال ابن القيم في كتابه نقد المنقAA A Aول :فصAA A Aل :مخالفة الحAA A Aديث
الموضوع لصريح القرآن ،قAال :ويشAبه هAذا ما وقع فيه الغلط في حAديث
أبي هريرة "خلق اهلل التربة يوم السبت …".1
ومن ذل ك :ما رواه مسAA Aلم في صAA Aحيحه عن ابن عبAA Aاس رضي
اهلل عنهما قAAال :كAAان المسAAلمون ال ينظAAرون إلى أبي سAAفيان وال يقاعدونه
فق AAال للن AAبي يا ن AAبي اهلل ثالث أعط AAنيهن ق AAال :نعم ،ق AAال :عن AAدي أحسن
الع AA A A Aرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي س AA A A Aفيان ،أزوجكها قAA A A Aال :نعم ق AA A A Aال:
ومعاوية تجعله كاتبA Aاً بين ي AAديك ،ق AAال :نعم ،ق AAال :وت AAؤمرني ح AAتى أقاتل
الكف AAار كما كنت أقاتل المس AAلمين ق AAال نعم…" ق AAال ابن حAAزم :هAAذا ح AAديث
موضوع ال شك في وضعه.2
ومن ذلك أيض اً :ما رواه مسAAلم في صAAحيحه "أن النAAبي قAAال:
ان طالت بك مدة أوشAكت أن تAرى قومAاً يغAدون في سAخط اهلل ويروحAون
في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر".
21
أورده ابن الجAA Aوزي في موضAA Aوعاته عن ابن حبAA Aان قAA Aال :هAA Aذا
خبر بهذا اللفظ باطل.1
ومن ذل ك :ما رواه البخ AA Aاري ومس AA Aلم في ص AA Aحيحهما عن ابن
عمر عن النAAبي في قوله تعAAالى {أن تسAAتغفر لهم سAAبعين مAAرة فلن يغفر
اهلل لهم} فقال عليه الصالة والسالم :سأزيده على السبعين".
قAA Aال الغAA Aزالي في المستصAA Aفى" :إن هAA Aذا خAA Aبر واحد ال تقAA Aوم به
حجة في إثبات اللغة".
وق AA Aال في المنخ AA Aول" :على أن ما نقل في آية االس AA Aتغفار ك AA Aذب
قطعاً ،إذ الغرض منه التناهي في تحقيق اليAAأس من المغفAAرة ،فكيف يظن
برسول اهلل ذهوله عنه".2
هذا بالنسبة لما ورد في الصحيحين أما فيما سAAواهما فحAAدث وال
حرج عن اختالفهم فيها بين منكر لها وبين مثبت ،حتى ولو كانت تتعلق
رد الش AA Aمس للن AA Aبي بعد غروبها في غ AA Aزوة
بالعقائد كأح AA Aاديث معج AA Aزة ّ
خيبر.
قAA Aال عنه الجوزقAA Aاني :منكر مضAA Aطرب ،وأورده ابن الجAA Aوزي
في موض AA A Aوعاته وقد ص AA A Aححه الطح AA A Aاوي في مش AA A Aكل اآلث AA A Aار والقاضي
عياض في الشفا.3
ومن أراد االطالع على صAA A A A Aدق ما نقAA A A A Aول فلينظر في كتAA A A A Aاب
الفوائد المجموعة في األح AAاديث الموض AAوعة للش AAوكاني ففيها الكث AAير من
األح AAاديث الص AAحيحة والحس AAنة ال AAتي أنكرها بعض العلم AAاء وع AAدوها من
الموضوعات وقد نبه الشوكاني على ذلك في الكتاب المشار إليه.
22
وك AA A A A Aذلك كت AA A A A Aاب الحافظ الس AA A A A Aيوطي "الآللئ المص AA A A A Aنوعة في
األح AA A Aاديث الموض AA A Aوعة" اس AA A Aتدرك فيه الكث AA A Aير من األح AA A Aاديث على ابن
الج AA A A A A Aوزي فيما أورده في كتابه الموض AA A A A A Aوعات الك AA A A A A Aبرى ،وأثبت أنها
صحيحة أو حسنة عند غيره.
كما وقد اسAA Aتدرك ابن حجر على ابن الجAA Aوزي في موضAA Aوعاته
ما أورده عن اإلم AA A Aام أحمد من مس AA A Aنده ،بلغت أربعة وعش AA A Aرين ح AA A Aديثاً،
وذلك في كتابه القول المسدد في الذب عن مسند اإلمام أحمد.
وك AAذلك كت AAاب المس AAتدرك للح AAاكم أورد فيه أح AAاديث على ش AAرط
البخ AAاري ومسAA Aلم أو أح AAدهما كما يب AAدو فيAA Aه ،إال أن الحافظ ال AAذهبي تعقبه
واستدرك عليه أحاديث كثيرة عدها من الموضوعات.
وعلى ما تقAA A A Aدم من األمثلة الAA A A Aتي ذكرناها في هAA A A Aذا البAA A A Aاب من
اختالف العلم AA A Aاء من ل AA A Aدن أص AA A Aحاب رس AA A Aول اهلل إلى يومنا ه AA A Aذا في
رواي AA Aات اآلح AA Aاد ولو ك AA Aانت ص AA Aحيحة لي AA Aدل داللة قاطعة على أن خ AA Aبر
اآلحAA A A Aاد ال يفيد القطع واليقين وإ ال لما سAA A A Aاغ لهم مخالفته أو رده وألنكر
بعضAA Aهم ذلك على بعض إنكAA Aاراً شAA Aديداً كإنكAA Aارهم على مخAA Aالف القطعي
والمتAA Aواتر ،ولما لم يكن ذلAA Aك ،علم يقين A Aاً أنه ال ُيفيد إال الظن .بل وأكAA Aثر
من ذلك فقد وج AA A A Aدتهم متفقين على ع AA A A Aدم تكف AA A A Aير منكر اآلح AA A A Aاد بخالف
المت AA Aواتر على ما ذك AA Aره عنهم السرخسي والجرج AA Aاني وص AA Aاحب ف AA Aواتح
الرحم AA A A A Aوت 1كما س AA A A A Aيأتي بيان AA A A A Aه ،بل منهم من لم يفسق منكر اآلح AA A A A Aاد
كالقاضي أبي يعلى إال إذا انعقد اإلجماع عليه.2
1نقل هذا االتفاق على ذلك السرخسي يف أصوله 1/112و 292وعبد الشكور يف فواتح الرمحوت كما يف
حاشية املستصفى للغزايل 2/111واحلرجاين يف تعريفاته ص102
2كما يف املسوده يف اصول الفقه ص223
23
الوجه الرابع-:
ق AA A A Aال اإلم AA A A Aام أبو عمر بن عبد ال AA A A Aبر رحمه اهلل والمع AA A A Aنى أن
يتمارى اثنAAان في آية يجحAAدها أحAدهما ويAAدفعها أو يصAير إلى الشك فAذلك
هو الم AAراء ال AAذي هو الكف AAر ،وأما التن AAازع في أحك AAام الق AAرآن ومعانيه فقد
تنازع أصحاب رسول اهلل في كثير من ذلك ،وهذا يAAبين لك أن المAAراء
ال AAذي هو الكفر هو الجح AAود والشك كما ق AAال اهلل تع AAالى {وال ي زال ال ذين
كف روا في مرية من ه} وق AAال :ونهى الس AAلف رحمهم اهلل عن الج AAدال في
اهلل جل ثن AAاؤه في ص AAفاته وأس AAمائه ،وأما الفقه ف AAأجمعوا على الج AAدال فيه
24
والتنAAاظر ألنه علم يحتAAاج فيه إلى رد الفAAروع على األص AAول للحاجة إلى
ذلك وليس االعتقادات كذلك".1
وق AAال القاضي أبو بكر بن الع AAربي :التف AAرق المنهي عنه يحتمل
ثالثة أوجه وذكر الوجه األول :التفAA A A A A A Aرق في العقائد لقوله تعAA A A A A A Aالى {أن
أقيموا الدين وال تتفرقوا فيه}.2
أما أخب ار اآلح اد :فال يجAA Aري عليها هAA Aذا الحكم أي ما يجAA Aري
على العقائ AA A Aد ،وما زعم AA A Aوه أنها من العقائد أو تأخذ حكمها ف AA A Aزعم باطل
ومردود لعدة أسباب:
األول :ال دليل على أن أخبAA Aار اآلحAA Aاد من العقائد ال من الق AAرآن
وال من السAA A Aنة وال من إجمAA A Aاع الصAA A Aحابة بل قد أثبتت األدلة آنف A A Aاً عكس
ذلك.
الس بب الث اني :إنك AA Aار بعض الص AA Aحابة ومن ج AA Aاء بع AA Aدهم من
العلمAAاء لكثAAير من أخبAAار اآلحAAاد ،واختالفهم أيض Aاً في ثبوتها كما أسAAلفناه
لك في الب AAاب المتق AAدم ،فلو ك AAان كما يقول AAون لما ج AAاز ألحد أن يختلف أو
يجAAادل فيهAAا ،ولخطأنا الصAAحابة الAAذين نقلAAوا لنا الAAدين ،ولوقع الخطأ عليه
من جراء ذلك ،وهذا محال ترده األدلة القطعية.
الس بب الث الث :أنه لو كAA Aانت أخبAA Aار اآلحAA Aاد من العقائد أو أدلة
على العقائد لتض AAاربت العقائد اإلسAAالمية وأدى ذلك إلى الفرقة المذمومة
في ال AA Aدين ،فهن AA Aاك أخب AA Aار آح AA Aاد ص AA Aحيحة تص AA Aطدم مع آي AA Aات قرآنية أو
1ذكر ذلك كله يف كتابه جامع بيان العلم وفضله 2/92بعد روايته للحديث املذكور
2ذكره يف كتابه أحكام القرآن 1/291
25
تتضارب معها ،على نحو الحAAديث الAذي رواه اإلمAام مسAلم "ان اهلل تعAAالى
خلق التربة ي AAوم السAAبت وخلق فيها الجب AAال ي AAوم األحد وخلق الشAAجر ي AAوم
االثAAنين وخلق المكAAروه يAAوم الثالثAAاء وخلق النAAور يAAوم األربعAAاء وبث فيها
الAA A A Aدواب يAA A A Aوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يAA A A Aوم الجمعة في آخر
الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".1
فهAAذا الحAAديث تضAAمن أن مAAدة التخليق سAAبعة أيAAام وهAAذا يتعAAارض
مع الق AAرآن في قوله تعAA Aالى {ال ذي خلق الس ماوات واألرض وما بينهما
في ستة أيام}.
العلى :فقد روى غAA A A A Aير واحد من
وعلى نحو حAA A A A Aديث الغرانيق ُ
األئمة والحفAAاظ بAAأكثر من طريق وبAAأكثر من رواية بعAAدة ألفAAاظ صAAححها
غير واحد وردها غير واحد ،جاء فيها :أن رسAAول اهلل كAAان بمكة فقAرأ
سAA A Aورة "والنجم" ح AA Aتى انتهى الى قوله تعAA A Aالى {ومن اة الثالثة اُألخ رى}
فجAA Aرى على لسAA Aانه :تلك الغرانيق العلى وان شAA Aفاعتهن لAA Aترتجى ،فقAA Aال
كف AA Aار مك AA Aة :ما ذكر آلهتنا بخ AA Aير قبل الي AA Aوم ،فس AA Aجد وس AA Aجدوا ،ثم ج AA Aاء
جبريل عليه السAA Aالم بعد ذلك فقAA Aال :اعAA Aرض علي ما جئتك بAA Aه ،فلما بلغ
"تلك الغرانيق العلى وان شAA Aفاعتهن لAA Aترتجى" قAA Aال جبريAA Aل :لم آتك بهAA Aذا
هذا من الشAAيطان ،فAAأنزل اهلل عز وجل {وما أرسلنا من قبلك من رس ول
وال نبي إال إذا تم ّنى ألقى الشيطان في أمنيته}.2
فه AAذه الرواية وما ش AAاكلها تتع AAارض مع قوله تع AAالى {وما ينطق
عن الهوى} فتتعارض مع عصمته في التبليغ.
1راجع ان شئت كتاب نقد املنقول البن القيم ص 78حيث اعتربه خمالفاً لصريح القرآن
2راجع إن شئت ظفر االماين بشرح خمتصر اجلرجاين ص 270فقد ذكر أكثر من رواية بأكثر من طريق مع
كالم العلماء عليها
26
وعلى نحو الح AAديث ال AAذي رواه اإلم AAام مس AAلم وغ AAيره "أن أب AAوي
رسول اهلل في النار" .1فإنه يتعارض مع قوله تع AAالى {وما كنا معذبين
حتى نبعث رسوال}.
وعلى نحو األحAAاديث الصAAحيحة الAAتي تخAAبر ان رسAAول اهلل قد
سحر على يد يهودي.2
فإنها تتعAA A Aارض مع قوله تع AA A Aالى {واهلل يعص مك من الن اس}
وتتعAAارض مع العصAAمة في التبليغ الن المسAAحور ال يعي ما يقAAول وال ما
يفعل.
وعلى نحو ما رواه اإلم AA Aام مس AA Aلم وغ AA Aيره عن فاطمة بنت قيس
في حكاية السAAكنى والنفقة للمبتوتة فقAAالت" :إن رسAAول اهلل لم يجعل لها
سAA A Aكنى وال نفقAA A Aة" وهAA A Aذا يتعAA A Aارض مع قوله تعAA A Aالى {ال تخرج وهن من
بيوتهن وال يخرجن إال أن يأتين بفاحشة مبينة}.
وعلى ما تقAA Aدم ذك AAره من األح AAاديث ال AAتي تتعAA Aارض مع الق AAرآن
الكAA Aريم ال يصح أن يقAA Aال بAA Aأن أخبAA Aار اآلحAA Aاد تفيد اليقين واالعتقAA Aاد ،وإ ال
لتض AA Aاربت وتناقضت العقائد اإلس AA Aالمية وهو م AA Aدعاة لوج AA Aود الفرقة في
الدين وهذا مذموم شرعاً بال خالف.
1لقد أورد السيوطي يف حاويه باباً أمساه :مسالك احلنفا يف والدي املصطفى" أورد فيه كالماً مفيداً يف ذلك
وأنه يتعارض مع القطعي
2راجع إن شئت يف أي تفسري معتمد من تفاسري الفقهاء عند تفسريهم للمعوذتني ستجد أن سبب نزوهلما هو
ذاك
27
والم AA Aذهب الص AA Aحيح أن اآلح AA Aاد إذا تعارضت مع الق AA Aرآن ت AA Aرد
ألنها أخب AAار ظنية والق AAرآن قطعي وال يقAA Aاوم الظ AAني القطعي إذا ما أمكن
الجمع بينهما.
28
فهAAذا حAAديث آحAAاد بإسAAناد صAAحيح ،مAAرة ينفي عAAذاب القAAبر ومAAرة
يثبت AAه ،فلو ك AAان يفيد العلم واالعتق AAاد كما يزعم AAون لك AAان معن AAاه أن ن AAؤمن
بالضدين معاً في نفس المسألة وهذا محال عقالً وشرعاً.
فإن قيل بأن المعنى األول قد نسخ بالثاني فال تعارض.
ومن أخب ار اآلح اد المتضAAاربة أيض Aاً ما رواه اإلمAAام مسAAلم عن
ج AAابر وابن عمر في حجة ال AAوداع أن الن AAبي توجه إلى مكة ي AAوم النحر
فطاف طواف اإلفاضة ثم صلى الظهر بمكة ثم رجع إلى منى.
وفي رواية أخ AA A A Aرى من طريقه أيضA A A A Aاً "أنه ط AA A A Aاف طAA A A Aواف
اإلفاضة ثم رجع فصلى الظهر بمنى".2
29
وإ نما قAAال ابن حAAزم هAAذا الكالم ألنه يقAAول بAAأن خAAبر اآلحAAاد يفيد
العلم وعلى قوله فAA A A A Aإن الروايAA A A A Aتين تفيد العلم واليقين ومعنAA A A A Aاه اإليمAA A A A Aان
بالنقيضAAين ،ولكي يخAAرج من ذلك ك ّ Aذب إحAAدى الروايAAتين ولكن من غAAير
دليل.
ومنها أيض اً :ما رواه البخ AA Aاري ومس AA Aلم من ح AA Aديث اإلس AA Aراء
"وانه كان قبل أن يوحى إليه .1"
ومما ال يخفى على أحد أو ال يجAA A A A A A A A A A A A Aوز أن يخفى عليه من أن
حادثة اإلسAAراء إنما كAAانت بعد البعثة وقبل الهجAAرة بعAAام واحد فيكAAون هAAذا
الحAA Aديث قد تعAA Aارض مع القطعي المتAA Aواتر في ذلك فمن يعتقAA Aده يكAA Aون قد
جمع بين النقيضين وهذه عقيدة الجاهلين.
ول AA Aذلك ف AA Aإن العلم AA Aاء قد وض AA Aعوا قاع AA Aدة لمثل ذلك وهي أنه إذا
تعارض الظني مع القطعي ،يرد الظني ويعمل بالقطعي.
ومن األخبار اآلحادية المتضAAاربة أيض Aاً :ما رواه البخAAاري في
صAAحيحه عن ابن عمر أنه سAAأل بالالً" :أصAAلى النAAبي في الكعبAAة؟ قAAال:
نعم ،ركع AAتين بين الس AAاريتين الل AAتين على يس AAاره… ثم خ AAرج فص AAلى في
وجه الكعبة ركعتين".2
فإنه يعارضه ما رواه البخاري أيضAاً عن ابن عبAاس رضي اهلل
عنه ق AAال" :لما دخل الن AAبي ال AAبيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل ح AAتى
خرج منه".
30
وفي رواية أخAA Aرى من طريق البخ AA Aاري أيضA A Aاً عن ابن عب AA Aاس
رضي اهلل عنه قال" :فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه".1
ومن األخب ار المتضAAاربة ما رواه البخAAاري عن جAAابر من قصة
فر فAأدرك فAرجم حAتى مAات،
رجم ماعز ،جاء فيها" :فلما أذلفته الحجارة َّ
فقال له النبي خيراً وصلى عليه".2
غAAير أن هAAذا الخAAبر يتعAAارض مع الخAAبر الAAذي رواه الAAبيهقي في
سننه جاء فيه "أنه لم يصل عليه".
قAA Aال الAA Aبيهقي :ورواه البخAA Aاري عن محمAA Aود بن غيالن عن عبد
الرزاق ،وقال فيه فصلى عليه :وهو خطأ.3
ومنها أيضاً :ما رواه البخ AAاري عن أبي هري AAرة رضي اهلل عنه
عن النبي أنه قال" :اإليمان بضع وستون شعبة".4
غAA Aير أن اإلمAA Aام مسAA Aلم رواه عنه بلفظ "اإليمAA Aان بضع وسAA Aبعون
شعبة".5
فهAA A Aذا تعAA A Aارض واضح بين الخAA A Aبرين أو الروايAA A Aتين وهAA A Aذا مما
يسميه العلماء باضطراب المتن.
31
ومنها أيض اً :ما رواه البخ AAاري عن عائشة رضي اهلل عنها أن
النبي صلى بهم صالة الكسوف أربع ركعات في سجدتين.6
غAA A Aير أن اإلمAA A Aام مسAA A Aلم روى ما يعAA A Aارض ذلك عنها رضي اهلل
عنها أن الشAAمس انكسAAفت على عهد رسAAول اهلل فقAAام قيام Aاً شAAديداً يقAAوم
قائمA A A A Aاً ثم يركع ثم يقAA A A Aوم ثم يركع ثم يقAA A A Aوم ثم يركع ركعAA A A Aتين في ثالث
ركعات وأربع سجدات.
وفي رواية ثالثة عنها رضي اهلل عنها من طريق مسAA Aلم أيض A Aاً:
أن النبي صلى ست ركعات وأربع سجدات.2
وللخAAروج من هAAذا التنAAاقض فAAإن عAAدة من العلمAAاء ال يصAAححون
رواية مسلم :كالشافعي والبخاري واحمد.3
ومنها ايض اً :ما رواه البخAA A Aاري عن ابن عبAA A Aاس أن النAA A Aبي
"تزوج ميمونة وهو محرم".
غ AA Aير أن ه AA Aذا يتع AA Aارض مع ما رواه اإلم AA Aام مس AA Aلم عن زيد بن
األصم قال حدثتني ميمونة أن رسول اهلل تزوجها وهو حالل.
قال الطبري :وأما قصة ميمونة فتعارضت األخبار فيها.4
ومن أخب ار اآلح اد المتض اربة أيض اً :ما رواه اإلم AA Aام مس AA Aلم
وغAA A Aيره عن عبد اهلل بن عمAA A Aرو عن النAA A Aبي انه قAA A Aال :إن أول اآليAA A Aات
6كما يف فتح الباري 2/548
2كما يف شرح مسلم للنووي 6/203فما فوق
3ذكر ذلك ابن القيم يف زاد املعاد 1/124وكذلك ذكر تضعيفه ابن تيمية عنهم كما يف كتابه علم احلديث
ص70
4راجع ذلك كله يف فتح الباري 9/165فما فوق
32
طل AA Aوع الش AA Aمس وخ AA Aروج الدابة ض AA Aحى ،فآيتهما ك AA Aانت قبل ص AA Aاحبتها
فاألخرى على إثرها."1
1كما ذكره عنه ابن كثري يف كتابه النهاية يف الفنت واملالحم 1/217
2راجع يف ذلك ان شئت سنن الرتمذي كتاب التفسري 3/326والنهاية يف الفنت واملالحم البن كثري
1/166
33
ومن األخب ار المتض اربة اختالف الرواي AAات في ك AAون البس AAملة
آية من القرآن في كل سورة أم ال؟
من ذلك ما رواه اإلمAAام مسAAلم عن أنس قAAال :بينما رسAAول اهلل
ذات ي AA A Aوم بين أظهرنا إذ أغفى إغف AA A Aاءة ثم رفع رأسه مبتس AA A Aماً فقلت :ما
أض AA Aحكك يا رس AA Aول اهلل؟ ق AA Aال :ن AA Aزلت علي آنفA A Aاً س AA Aورة "فق AA Aرأ بسم اهلل
الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو األبتر}
يعارضه ما رواه اإلمام مسلم أيض Aاً عن عائشة رضي اهلل عنها
أنها قالت :كان رسول اهلل يستفتح الصالة بAالتكبير والقAراءة بالحمد هلل
رب العالمين.
ومن طريقه أيض Aاً عن أنس بن مالك قAAال" :صAAليت خلف النAAبي
وأبي بكر وعم AA A A Aر ،فك AA A A Aانوا يس AA A A Aتفتحون بالحمد هلل رب الع AA A A Aالمين ال
يذكرون بسم اهلل الرحمن الرحيم ،ال في أول قراءة وال في آخرها".1
وعلى أثر ذلك اختلف العلمAAاء في هAAذه المسAAألة اختالف Aاً بين Aاً فلو
كAA A A A Aانت تفيد أحاديثها اليقين لما جAA A A A Aاز عليها االضAA A A A Aطراب ،ولما جAA A A A Aاز
االختالف فيها.
ل AA Aذا ف AA Aإن أح AA Aاديث البس AA Aملة تبقى آحادية ال تصل إلى حد اليقين
واالعتقAAاد ،وإ ال كAانت يقينAاً واعتقAAاداً أنها آية من القAرآن ،ويقينAاً واعتقAAاداً
أنها ليست آية من القAA A A A Aرآن في آن واحAA A A A Aد ،وهAA A A A Aذا جمع بين األضAA A A A Aداد
والتناقضات وهو محال في العقيدة االسالمية ،وهو مذهب فاسد.
الس بب الراب ع :أنه لو ك AAانت أخب AAار اآلح AAاد عقي AAدة أو تثبت بها
عقيدة لكفَّروا منكر آحادها ،بل صرحوا بعدم تكفير منكر اآلحاد بخالف
1راجع يف ذلك الروايات واختالف العلماء فيها اجلامع الحكام القرآن للقرطيب 1/91فما فوق
34
المتAA A A Aواتر وقد نقل هAA A A Aذا بإتفAA A A Aاق العلمAA A A Aاء على ما ذكAA A A Aره السرخسي في
أصوله 1والجرجاني في تعريفاته 2وصاحب فواتح الرحموت.3
ومن العلمAA A A A A Aاء من لم يفسق جاحAA A A A A Aده كالقاضAA A A A A Aي ،إال إذا انعقد
اإلجمAA Aاع عليAA Aه ،فسق جاحAA Aده .4وهAA Aذا معنAA Aاه أننا لسAA Aنا مكلفين باإليمAA Aان
بأحاديث اآلحاد ،ألنه كيف يكون خبر اآلحاد عقيدة أو دليالً عليهAAا ،ثم ال
يكفر منكAAره باتفAAاق العلمAAاء ،إال أن يكAAون غAAير عقيAAدة وال دليالً عليها فال
يأخذ حكمها.
وه AAذا التفريق مب AAني على أس AAاس الف AAرق بين األحك AAام العقائدية
وبين األحكام الغير عقائدية من حيث واقع وحكم ودليل كل منها.
فاألحكAA A A Aام العقائدية هي الAA A A Aتي تتعلق باإليمAA A A Aان ومعنAA A A Aاه لغAA A A Aة:
التصديق ،واصطالحاً :التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل.5
35
ظنAاً
فإذا كان التصديق عن غير دليل قطعي ال يكون جازمAاً بل ّ
أو شّ Aكاً ،ألن الجAزم لغAAة :القطAع ،يقAAال :جAAزم األمر قطعه قطعAاً ال عAAودة
6
فيه .
وإ ن لم يطابق الواقع يكون جهالً.
ل AAذا البد من ه AAذين الش AAرطين لالعتق AAاد ،الج AAزم ،والمطابقة وإ ال
كان االعتقاد أو اإليمان فاسداً.
وأما األحكAA A A A Aام الغAA A A A Aير عقائديAA A A A Aة ،فهي المعروفة عند العلمAA A A A Aاء
باألحكAA A Aام العملية أي المتعلقة بأفعAA A Aال العبAA A Aاد من حيث الحل والحرمة ال
من حيث الكفر واإليمان.
واألحكAA Aام العقائدية والعملية عنAA Aدنا كلها أفكAA Aار إسAA Aالمية فال إله
إال اهلل،فكر{ ،وحرمت عليكم الميتة} فكر أيضAاً والفAAرق بينهما أن "ال إله
إال اهلل" عقيAA A Aدة أو أمر يتعلق بالتصAA A Aديق و "حAA A Aرمت عليكم الميتAA A Aة" حكم
يتعلق بفعل.
ل AAذا فما طلب اإليم AAان أو التص AAديق به هو من األحك AAام العقائدية
وما طلب العمل بمقتضاه أو به يعتبر من األحكام العملية.
ومن خالل االس AAتقراء للنص AAوص الش AAرعية من الكت AAاب والس AAنة
يت AA Aبين لنا بوض AA Aوح الف AA Aرق بين ما طلب اإليم AA Aان به وبين ما طلب العمل
بمقتض AAاه ،فقوله تع AAالى {آمن وا باهلل ورس وله} وقوله {وآمن وا بما ن زل
على محمد وهو الحق من ربهم} وقوله {والذين يؤمنون بما أنزل إليك
وما أنزل من قبلك وباآلخرة هم يوقنون}.
هAA Aذه النصAA Aوص واضح فيها طلب اإليمAA Aان فقط أي إيمAA Aان دون
عمل.
36
وقوله تعAA A Aالى {وأقيم وا الص الة وآت وا الزك اة} وقوله {كتب
عليكم الص يام} وقوله {وهلل على الن اس حج ال بيت من اس تطاع إليه
س بيال} وقوله {إذا ت داينتم ب دين ف اكتبوه} وقوله {ف انكحوا ما ط اب لكم
ره لكم} وقوله ال وهو ك اء} وقوله {كتب عليكم القت من النس
{وبالوالدين إحسانا} وقوله {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}.
إلى غAA A A Aير ذلك من النصAA A A Aوص الAA A A Aتي طلب العمل بمقتضAA A A Aاها،
فسميت األحكAام المAأخوذة من هAذه النصAوص أحكامAاً عملية وسAميت تلك
أحكاماً تصديقية أو عقائدية أو علمية.
ثم هن AAاك نص AAوص أخ AAرى من الكت AAاب ت AAبين ه AAذا الف AAرق أيضA Aاً،
قوله تعالى {ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقوله {إال الذين آمن وا
وعملوا الصالحات} فعطف العمل على اإليمان دليل على الفرق بينهمAAا،
ونظ AAير ذلك قوله تع AAالى {يا أيها ال ذين آمن وا اركع وا واس جدوا} وقوله
{وأقيموا الصالة وآتوا الزك اة} وقوله {إن اهلل ي أمر بالع دل واإلحس ان}
فواضح الفAAرق بين الركAAوع والسAAجود وبين الصAAالة والزكAAاة وبين العAAدل
واإلحسان من حيث المعنى ولو جمع بينهما بواو العاطفة ،فذلك كذلك.
وللعلم فإنه قد يقع العطف بين اإلسAAمين وال يقتضي المغAAايرة أو
الفرق ولكن بقرينة عقلية كانت أو نقليAAة ،تصAAرفة عن ذلAAك ،كقوله تعAAالى
{رب المشرقين ورب المغربين} فAإن هAذا يتعAAارض مع العقل والنقل من
أن الرب واحد سبحانه ،لAAذا فال تعمل الAAواو هنا عملها في اآليAAات السAابقة
واهلل أعلم.
وقوله تعAA A Aالى {ف اعلم أنه ال إله إال اهلل واس تغفر ل ذنبك} فيه
تفريق أيضAاً بين االعتقAAاد بAAأن ال إله إال اهلل ،وبين االسAAتغفار وهو عمAAل،
لنفس السبب.
37
وك AA Aذلك قوله تع AA Aالى {هل أدلكم على تج ارة تنجيكم من ع ذاب
أليم تؤمنون باهلل ورسوله وتجاه دون في س بيل اهلل ب أموالكم وأنفس كم
ذلكم خير لكم إن كنتم تعلم ون} دليل على أن الجهAAاد عمل وليس إيمان Aاً.
فيثبت الفرق بينهما لنفس السبب.
أما الس AA Aنة ففيها أيضA A Aاً ما ي AA Aدل على ه AA Aذا التفري AA Aق ،فقوله عليه
الصالة والسالم في الحديث الصحيح الذي سأل فيه جبريل عليه السAAالم:
"عن اإلسالم واإليمان واإلحسAAان" فكAAان جوابه عن اإلسالم :أن تشAAهد
أن ال إله إال اهلل ،وتقيم الصAA Aالة وتAA Aؤتي الزكAA Aاة وتصAA Aوم رمضAA Aان وتحج
الAA Aبيت إن اسAA Aتطعت إلى ذلك سAA Aبيال .وقAA Aال عن اإليم ان :ان تAA Aؤمن باهلل
ومالئكته وكتبه ورس AA Aله وب AA Aاليوم اآلخ AA Aر ،وبالق AA Aدر خ AA Aيره وشAA Aره من اهلل
تعالى.
وعن اإلحس AA Aان :أن تعبد اهلل كأنك ت AA Aراه ف AA Aإن لم تكن ت AA Aراه فإنه
يراك.1
فواضح من هذا الحديث الفAرق بين األحكAام العملية من الشAهادة
والص AAالة والزك AAاة والص AAوم والحج واإلحس AAان في أدائه AAا ،وبين األحك AAام
التصAAديقية :اإليمAAان باهلل ومالئكته وكتبه ورس AAله وب AAاليوم اآلخر وبالقAAدر
خيره وشره من اهلل تعالى.
قAAال ابن تيميAAة :فلما ذكر اإليمAAان مع اإلسAAالم جعل اإلسAAالم هو
األعمAAال الظAAاهرة :الشAAهادتان والصAAالة والزكAAاة والصAAيام والحج ،وجعل
اإليمAA A Aان ما في القلب من اإليمAA A Aان باهلل ومالئكته وكتبه ورسAA A Aله واليAA A Aوم
38
اآلخر وهك AA Aذا في الح AA Aديث ال AA Aذي رواه أحمد عن أنس عن الن AA Aبي ق AA Aال
"اإلسالم عالنية واإليمان في القلب"1
ومن الس AA Aنة ما رواه البخ AA Aاري في ص AA Aحيحه عن عائشة رضي
اهلل عنها قAA A Aالت :إنما نAA A Aزل أول ما نAA A Aزل منه –أي القAA A Aرآن -سAA A Aورة من
ص Aل ،فيها ذكر الجنة والنAAار ،حAAتى إذا ثAAاب النAAاس إلى اإلسAAالم نAAزل
المف ّ
الحالل والحرام.
قAAال ابن حجر في الفتح :أشAAارت إلى الحكمة اإللهية في تAAرتيب
التنزيل وان أول ما ن AA A A Aزل من الق AA A A Aرآن ال AA A A Aدعاء إلى التوحيد والتبش AA A A Aير
للمؤمن والمطيع بالجنة ،وللكافر والعاصي بالنAAار ،فلما اطمAAأنت النفAAوس
على ذلك أن AAزلت األحك AAام وله AAذا ق AAالت :ولو ن AAزل أول ش AAيء ال تش AAربوا
الخمر لقالوا ال ندعها.2
فكالم عائشة رضي اهلل عنها يأخذ حكم المرفAA A A Aوع إلى رسAA A A Aول
اهلل وواضح فيه التفريق بين أحكAA Aام الجنة والنAA Aار وهو أحكAA Aام عقائدية
وتوحيد ،وبين الحالل والحرام وهو أحكام عملية.
فهAA A A Aذا ال AA A Aذي ذكرن AA A Aاه من التفريق بين األحك AA A Aام التصAA A A Aديقية أو
االعتقادية وبين األحك AA A Aام العملية واضح تمامA A A Aاً عند الغالبية العظمى من
الفقهAAاء واألصAAوليين والمحAAدثين وهو ظAAاهر في مصAAنفاتهم في غAAير بAAاب
ظهوراً ال يخفى على من حباه اهلل علماً وورعاً في الدين.
فقد ق AA Aال الحسن البص AA Aري "اإليم AA Aان ما وقر في القلب وص AA Aدقه
العمل".3
39
وق AAال ابن رجب الحنبلي :فال AAذي يتعين على كل مس AAلم االعتن AAاء
به واالهتمAA A Aام أن يبحث عما جAA A Aاء عن اهلل ورسAA A Aوله ثم يجتهد في فهم
ذلك والوقAA A Aوف على معانيAA A Aه ،ثم يشAA A Aتغل بالتصAA A Aديق بAA A Aذلك إن كAA A Aان من
األمور العلمية ،وان كان من األمAAور العملية بAذل وسAAعه في االجتهAاد في
فعل ما يسAA A A A A Aتطيعه من األوامر واجتنAA A A A A Aاب ما ينهى عنه فتكAA A A A A Aون همته
مصروفة بالكلية إلى ذلك ال إلى غيره."1
وقAAال القAAرافي" :وكAAذلك ج ّ Aل أصAAول الAAدين وهي أمAAور تعلم وال
تعمل".2
وق AAال الجرج AAاني" :العقائد هي ما يقصد منه نفس االعتق AAاد دون
العمل".3
وقAAال عالء الAAدين السAAمرقندي :ومنهAAا" :أن يAAرد الخAAبر في بAAاب
العمل فأما إذا ورد في ب AA Aاب االعتق AA Aادات وهي من مس AA Aائل الكالم فإنه ال
يكون حجة".4
وق AA Aال ابن الب AA Aاقالني" :إن اإليم AA Aان في اللغة هو التص AA Aديق دون
سائر أفعال الجوارح والقلوب".5
ولع AAدم اإلطالة من س AAرد أق AAوالهم ،س AAأكتفي ب AAذكر عن AAاوين ل AAذلك
كما في مصنفاتهم وهي معروفة على ظاهر الكف لمن أرادها.
من ذلك:
40
تفريقهم للعقيدة وللحكم الشرعي .في التعريف-
فالعقيدة :هي اإليمان.
والحكم الشرعي :هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد.
إقرارهم االختالف في الفروع الظنية دون األصول القطعية.
إقAA Aرارهم االختالف في خAA Aبر اآلحAA Aاد دون المتAA Aواتر المجمع
عليه كما أثبتناه في صدر الكتاب.
تفريقهم في تعريف الفقه واألصول.
تفAAريقهم بين أدلة األصAAول ووجAAوب أن تكAAون قطعيAAة ،وبين
أدلة الفAA A Aروع فيكتفى فيها بAA A Aالظن إذا لم يكن قطAA A Aع ،وهو متفق عليه
عندهم.
تكفAA A A Aيرهم لمنكر أصل قطعي أو لما هو معلAA A A Aوم من الAA A A Aدين
ضرورة دون الفرع الظني.
تقسAA A A Aيمهم للشAA A A Aريعة بأنها أحكAA A A Aام وعقائد أو أحكAA A A Aام عملية
وأحكام علمية ،على نحو ما ذكره ابن رجب وغيره آنفاً.
تقسAAيمهم للقAAرآن :آيAAات أحك AAام ،آي AAات قصAAص ،آيAAات عقائد
وغيبيات.
يفرقAA A Aون بين الكAA A Aافر والمسAA A Aلم في خطAA A Aاب التكليف أي هل
الكف AA A Aار مخ AA A Aاطبون بأص AA A Aول الش AA A Aريعة وفروعها أم بأح AA A Aدهما دون
اآلخر.
أن المخطئ في الفAA A A A Aروع مAA A A A Aأجور بخالف األصAA A A A Aول وان
المصيب في القطعيات واحد .وأن المخطئ فيها آثم.
41
خ AA Aبر اآلح AA Aاد يؤخذ في األحك AA Aام دون العقائد كما أثبتن AA Aاه في
آخر الكتاب.
األحك AA Aام العملية ي AA Aرد فيها النس AA Aخ ،بينما العقائد ال ي AA Aرد فيها
النسخ.
يفرقون بين من ُيقتل حدا وبين من يقتل ارتداداً.
يمنعون التقليد في أصول الدين ويجيزونه في فروع الدين.
إلى غير ذلك من الفوارق التي تدل قطعاً على أنهم يفرقون بين
العقيدة وما يتعلق بها وبين األحكام الشرعية العملية وما يتعلق بها.
أما ما يقوله البعض من أن قسAمة المسAائل الشAرعية إلى أصAAول
وفAA Aروع هو بدعة لم تAA Aأت بها سAA Aنة ،فكالم غAA Aريب يأبAA Aاه العلم والعلمAA Aاء،
ألننا ب AAذلك ن AAرد على كل العلم AAاء علمهم وانه بدع AAة ،ألنهم قس AAموا العل AAوم
الشAA A Aرعية إلى فقه وأصAA A Aول فقAA A Aه ،وقسAA A Aموها إلى حAA A Aديث وفقه وقسAA A Aموا
الفAA A Aرض إلى كفاية وعين ،وقسAA A Aموا القAA A Aرآن إلى آي AA A Aات أحكAA A Aام وآيAA A Aات
قص AAص ،وقس AAموا األوامر إلى أك AAثر من عش AAرين قس AAماً ،وقس AAموا الحكم
الشAA A Aرعي إلى تكليفي ووضAA A Aعي ،وقسAA A Aموا السAA A Aنة إلى متAA A Aواتر وآحAA A Aاد،
وقسAA Aموا اآلحAA Aاد إلى أكAA Aثر من عشAA Aرة أنAA Aواع ،وقسAA Aموا القواعد إلى كلية
وعامAA Aة ،وقسAA Aموا اللغة إلى نحو وصAA Aرف وبالغAA Aة ،وقسAA Aموا السAA Aنة إلى
فعلية وقولية وتقريرية وص AA A A Aفة ،وقسAA A A Aموا اإلجمAA A A Aاع إلى فعلي وقAA A A Aولي
وسكوتي A،وقسموا العلAAوم إلى سAAمعية وعقليAAة ،وقسAموا األدلة إلى سAمعية
وعقلية وقسAAموا المتAAواتر إلى لفظي ومعنAAوي ،وقسAAموا الداللة إلى الAAتزام
وتضمن ومطابقة ،إلى غير ذلك من التقسيمات.
42
فكل هAA Aذا لم تAA Aرد فيه سAA Aنة وال كتAA Aاب وال إجمAA Aاع صAA Aحابة ،فهل
يعني أنه بدعAة،؟!! فAإن كAان كAAذلك فمعنAAاه نسف لكل العلAAوم وتجهيل لكل
العلماء وهذا ما ال يقول به عاقل.
والصAAحيح أن هAذه التقسAيمات إنما حصAAلت بعد اسAتقراء لواقعها
والبدعة منها بعيدة ،وال تنطبق مع أحكامها وتعاريفها.
وأما ما ُيقAAال من أن اإليمAAان قAAول وعمAAل ،فصAAحيح ال من حيث
أن اإليمان عمل ألن هذا يتعارض مع القرآن والسنة كما علمت آنفاً ،بل
صAA A Aحيح من حيث أن العمل دليل على وجAA A Aود اإليمAA A Aان لAA A Aدى الشAA A Aخص
المؤمن الذي يعمل الصالحات ويAAدل عليه قAAول النAAبي " إذا رأيتم الرجل
يرتAAاد المسAAاجد فاشAAهدوا له باإليمAAان" واقAAرأوا إن شAAئتم وتفقهAAوا في قوله
تعالى {قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أس لمنا ولما ي دخل
اإليمان في قلوبكم وإ ن تطيع وا اهلل ورس وله ال يلتكم من أعم الكم ش يئاً
إن اهلل غفور رحيم}.
ول AAذلك ق AAال الحسن "ليس اإليم AAان ب AAالتحلي وال ب AAالتمني ولكن ما
وقر في القلب وص AA Aدقه العمAA Aل" فالعمل يصAA Aدق اإليمAA Aان ال أن العمل هو
اإليمان.
وكAA A Aذلك قوله عليه الصAA A Aالة والس AA Aالم "اإليمAA A Aان بضع وس AA Aبعون
شعبة أعالها قول ال إله إال اهلل وأدناها إماطة األذى عن الطريق"
فليس معنAA A A Aاه أيضA A A A Aاً أن اإليمAA A A Aان والعمل شAA A A Aيء واحAA A A Aد ،ألنه
يتعارض مع القرآن والسAAنة في التفريق بين اإليمAAان والعمAAل ،فلم يبق إال
أن يكون معناه أن إماطة األذى ثمرة من ثمرات اإليمان ودليل عليه.
وأق AA Aرب ش AA Aيء للفهم في التفريق بين العقي AA Aدة واألحك AA Aام العملية
واقعA Aاً وحكمA Aاً ودليالً ،أن ُمخ AAالف العقي AAدة ومنكرها يكفر بال خالف بينما
43
مخAAالف األحكAAام الشAAرعية المتعلقة بAAالحالل والحAAرام أو منكرها فال يكفر
وإ نما يكون عاصياً فقط ،إال عند المعتزلة حينما كفروا مرتكب الكبيرة.
ومن ذلك أيض Aاً أن تعلم أحكAAام الحالل والحAAرام مطلAAوب شAAرعاً
وهو عمل وال يسAAمى إيمانAاً وإ ال كAAان الجهل بها أو عAAدم تعلمها كفAAراً وال
يقول بهذا جاهل فضالً عن أن يقول به عالم.
السبب السادس:
ومن األدلة على أن خAA A A A Aبر اآلحAA A A A Aاد ال يفيد اليقين وال يؤخذ في
االعتقAAاد :أن الكثAAير منها روي بAAالمعنى أي أن الAAراوي اجتهد في فهم ما
قاله النبي ثم نقله بلغته حسب فهمه وهذا ظن قطعاً ،فال يمكن أن يقAAال
ب AAأن الح AAديث ال AAذي رواه الص AAحابة ب AAالمعنى أنه يفيد اليقين أو أنه يص AAلح
دليالً على العقيدة وإ الّ كان اجتهاد المجتهدين يفيده وهذا مخالف لصريح
الس AAنة ال AAتي تق AAول ب AAأن االجته AAاد فيه خطأ وفيه ص AAواب ،فال يصح إثب AAات
العقائد به.
ومن األمثلة على كيفية رواية الحAA A Aديث بAA A Aالمعنى ما رواه أحمد
البر وغيرهما عن مكح AA Aول ق AA Aال :دخلنا على واثلة بن األس AA Aقع
وبن عبد َ
فقلنا ح AAدثنا ح AAديثاً ليس فيه تق AAديم وال ت AAأخير ،فغضب وق AAال :ال ب AAأس إذا
قدمت وأخرت إذا أصبت المعنى.
وروى ابن ماجة وغيره عن أنس كAAان إذا ح َّAد َ
ث عن النAAبي
حديثاً قال" :أو كما قAال" .ومن طريقه أيضAاً عن ابن مسAعود أنه ح َّAد َ
ث
عن النبي حديثاً فقال :أو قريباً من ذلك ،أو فوق ذلك ،أو دون ذلك.
هذا معنى قولهم رواية الحديث بالمعنى.
44
الوجه الخامس:
-وهو ما ظنوه دليالً وليس بدليل-
أما ما ظن AA Aوه دليالً على أن خ AA Aبر الواحد من العقائد ويفيد اليقين
فهو وهم ال يAA A A Aرتقي حAA A A Aتى إلى الظن ،مع أن المسAA A A Aألة تحتAA A A Aاج إلى دليل
قطعي ال ظ AA A Aني ويش AA A Aترط أن يك AA A Aون ذلك في الثب AA A Aوت والداللة ح AA A Aتى ال
يتطرق إليه الظن أو الشك ،ألنها عقيدة أو ينبني عليها عقيدة.
فمما ظنوه دليالً :ما روي في الصAAحيحين واللفظ للبخAAاري عن
ابن عبAAاس رضي اهلل عنهما قAAال :لما بعث النAAبي معAAاذاً إلى اليمن قAAال
ل AA Aه :انك تق AA Aدم على ق AA Aوم من أهل الكت AA Aاب فليكن أول ما ت AA Aدعوهم إلى أن
يوحدوا اهلل تعالى ،فإذا عرفوا ذلAAك ،فAأخبرهم أن اهلل فAرض عليهم خمس
صلوات في يومهم وليلتهم.1
فهذا الحديث ال يصلح دليالً في العقائد وذلك من عدة وجوه:
أوله ا :أنه خAA Aبر آحAA Aاد وال يفيد إال الظن ،فال يصAA Aلح أن يكAA Aون
عقيدة وال دليالً عليها كما أثبتناه لك قبل قليل.
ثانيه ا :أن الرواية في دعAA A A Aوتهم إلى التوحيAA A A Aد ،ال في إثبAA A A Aات
التوحي AAد ،ب AAدليل أنه ق AAال ل AAه" :ف AAإذا عرف AAوا ذل AAك" وفي رواية مس AAلم "ف AAإذا
عرفوا اهلل تعالى" ومعلAAوم أن معرفة اهلل تعAAالى ال تنAال إال بAالنظر ألنه ال
تقليد في العقائ AA A Aد ،فقد نعى اهلل تع AA A Aالى على من قلد في العقائد وذمه ذمA A A Aاً
آباءنا على ُأمة وإ نا على آث ارهم
شAA A A Aديداً فقAA A A Aال عز وجل {إنا وج دنا َ
اءكم ق الوا إنا بما
مقت دون ق ال أولو جئتكم بأه دى مما وج دتم عليه آب َ
45
أرس لتم به ك افرون} وق AAال أيض Aاً {ق الوا أجئتنا لتلفتنا عما وج دنا عليه
آباءنا وتك ون لكما الكبري اء في األرض وما نحن لكما بمؤم نين} وقAAال
{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين ،إذ ق ال ألبيه وقومه
ما هذه التماثيل ال تي أنتم لها ع اكفون ،ق الوا وج دنا آباءنا لها عاب دين
قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضالل مبين} إلى غير ذلك.
ثم بين سAA A Aبحانه أن معرفته تكAA A Aون بAA A Aالنظر والتAA A Aدبر والتفكر ال
بالتقليد فقAAال عز من قائل {س نريهم آياتنا في اآلف اق وفي أنفس هم ح تى
يت بين لهم أنه الح ق} وقAA A A Aال {ومن آياته خلق الس ماوات واألرض
واختالف ألس نتكم وأل وانكم ان في ذلك آلي ات للع المين} وق AAال {ان في
خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنه ار آلي ات ألولي األلب اب}
وقAA A A Aال {أفال ينظ رون إلى اإلبل كيف خلقت والى الس ماء كيف رفعت
والى الجب ال كيف نص بت والى األرض كيف س طحت} وق AA Aال {فلينظر
اإلنسان مم خل ق} إلى غAAير ذلك من النصAAوص القرآنية الAAتي تلفت نظر
اإلنس AAان إلى مخلوق AAات اهلل والى اس AAتعمال عقله في معرفة خالقها ول AAذلك
نجدها تقول {لقوم يعقلون} {لقوم يتفكرون} وهذا غير التقليد قطعاً.
ثم إن الح AA Aديث الم AA Aذكور قد ف AA Aرق بين معرفة اهلل س AA Aبحانه وبين
األحكAAام التكليفية العملية حيث قAAال: :فAAإذا عرفAAوا اهلل تعAAالى فAAأخبرهم ان
اهلل فAAرض عليهم خمس صAAلوات في يAAومهم وليلتهم…" فاألحكAAام العملية
يمكن التقليد فيها بخالف العقائد فال يمكن وهAA A Aذا بإجمAA A Aاع على ما ذكAA A Aره
القرطبي في جامعه.1
ا :أن الرواية عن ابن عب AA A A A A A A Aاس رضي اهلل عنهما فيها ثالثه
اضAA A A Aطراب في المتن ،فمAA A A Aرة رويت كما عند البخAA A A Aاري :فليكن أول ما
46
ت AAدعوهم إلى أن يوح AAدوا اهلل تع AAالى ،وم AAرة رويت كما عند اإلم AAام مس AAلم:
فليكن أول ما تAAدعوهم إليه عب AAادة اهلل ،ورويت "فAAادعهم إلى ش AAهادة أن ال
إله إال اهلل وأني رسول اهلل".
وهن AA Aاك اض AA Aطراب آخر وقع في إس AA Aناد رواية مس AA Aلم :ق AA Aال أبو
بكAA A Aر :ربما قAA A Aال وكيع عن ابن عبAA A Aاس …… ..الحAA A Aديث ،فمAA A Aرة روي
الحديث موصوالً ومAAرة مرسAالً كما عند مسAAلم ،وفي عAAرف أهل الحAAديث
أن الرواية المضAA A A A A A Aطربة معلولة ال يحتج بها قAA A A A A A Aال الحافظ الAA A A A A A Aذهبي:
المضطرب والمعلل :ما روي على أوجه مختلفة.1
رابعه ا :لقد تكلم أئمة الح AAديث على إس AAناد البخ AAاري له ف AAإن في
سنده الفضل بن العالء ،قال عنه الدارقطني" :كثير الوهم".2
فعلى شAA Aرط الAA Aدارقطني يكAA Aون الحAA Aديث ضAA Aعيفاً عنAA Aده ،فال يفيد
العلم واليقين عنده من باب أولى.
خامس ها :أن هAAذه المسAAألة ال ينفع معها خAAبر التAAواتر إذ ال يلAAزم
الكAA Aافر في شAA Aيء أن يأتيه ألف شAA Aخص أو أكAA Aثر فيخبرونه أن محمAA Aداً
نبي ورسول أو أن يخبروه أن القرآن كالم اهلل وأنه أنزله على محمد ،
ما لم تقم الحجة عليه في ذلك.
47
سادس ها :على فAAرض خلو الرواية من الضAAعف واالضAAطراب
والتأويAAل ،فAAإن إرسAAال النAAبي معAAاذاً إلى اليمن كAAان مAAرة واحAAدة ،وذلك
1
قبل حجة ال AA Aوداع كما ذك AA Aره المؤرخ AA Aون ،ولم يرجع منها إال في خالفة
أبي بكر الصAA Aديق رضي اهلل عنهم أجمعين وه AA Aذا يع AA Aني أن اليمن ك AA Aانت
دار إس AAالم فقد فتحها خالد بن الوليد وعلي بن أبي ط AAالب ومعهم جيش AAهم
الذي بلغ مبلغ التواتر فلم ُيرسل معاذاً إليها إال قاضAياً ومعلمAاً وكAان على
راس وفد وك AAان بها مس AAلمون ك AAثر ،ف AAيرتفع األش AAكال ويس AAقط االحتج AAاج
بالرواية المذكورة ،في هذا الموضوع ألن عدد المسلمين الAذين حضAروا
اليمن مضAA Aافاً إلى قAA Aادتهم في الفتح والى معAA Aاذ ووفAA Aده يكAA Aون قد بلغ مبلغ
التواتر ،وخبرهم يفيد القطع ،فال معAنى بعد هAذا لقAولهم أنه دعAAاهم إلى
العقيدة بخبر واحد –واهلل أعلم.-
ومما ظن وه دليالً وليس بAA A Aدليل أيض A A Aاً هو األمر بAA A Aالتحول عن
القبلة فقد روى البخAA A A A A A Aاري ومسAA A A A A A Aلم وغيرهما عن ابن عمر رضي اهلل
عنهما قAAال :بينما النAAاس بقبAAاء في صAAالة الصAAبح إذ جAAاءهم آت فقAAال :إن
النAA A A A Aبي قد أنAA A A A Aزل عليه الليلة قAA A A A Aرآن ،وقد ُأمر أن يسAA A A A Aتقبل الكعبAA A A A Aة،
فاستقبلوها ،وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة".2
فهذا االستدالل مردود أيضاً من عدة وجوه:
األول :أنه على فAAرض أن المسAAألة يقينية عقائدية مع أنها ليست
كAA Aذلك ،فAA Aاليقين واالعتقAA Aاد ال يثبت بخAA Aبر الواحAA Aد ،والAA Aدليل على ذلك كما
علمت من كAA Aون الصAA Aحابة رضي اهلل عنهم قد أجمعAA Aوا على عAA Aدم قبAA Aول
48
خبر الواحد في إثبات القرآن وهو أسAAاس العقيAAدة وال أعلم خالفAاً في ذلك
بين الفقهاء والمحدثين واألصوليين.
الث اني :أن مسAA A Aألة التحويل عن القبلة ليست مسAA A Aألة إيمانية أو
عقائدية بل هي عملية تطبيقية فال يلزمها الAA A A A A A Aدليل القطعي بل يكفي فيها
الدليل الظAني كخAبر الواحAد ،وأكAبر دليل على أنها ليست مسAألة تصAديقية
أو عقائدية أن تحويل القبلة يعت AAبر نس AAخاً والنسخ ال يقع في العقائد بل في
األحكام العملية.
الث الث :إن اس AAتداللهم بخ AAبر واحد إلثب AAات أن خ AAبر الواحد يفيد
العلم واليقين يعتAAبر دوراً وال يصح االعتمAAاد عليAAه ،فالبد من دليل قطعي
كالقرآن والمتواتر إلثبات كون خبر الواحد يفيد العلم واليقين.
الراب ع :أن تحويل القبلة ونسAA Aخها كAA Aان بAA Aالقرآن ال بالسAA Aنة كما
يتAAوهم البعض ،وان تبليغ المصAAلين في قب AAاء كAAان على هAAذا االعتبAAار فقد
ج AAاء في الرواية "قد أن AAزل عليه الليلة ق AAرآن وقد أمر أن يس AAتقبل الكعبAA Aة"
وفي رواية اإلمام احمد وأبي داوود عن أنس قال :إن رسAAول اهلل كAAان
يص AA Aلي نحو بيت المق AA Aدس ف AA Aنزلت{ ،قد ن رى تقلب وجهك في الس ماء
فلنولينك قبلة ترض اها ف ول وجهك ش طر المس جد الح رام} فمر رجل
من بني سلمة وهم ركوع في صالة الفجر وقد صلوا ركعة فنAAادى أال أن
القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو الكعبة.1
الخ امس :أن الن AAبي لم ي AAأمر ذلك الرجل ب AAالتبليغ وإ نما ال AAذي
حصل أنه تط AAوع ب AAذلك ولم ينكر عليه ص AAنيعه ،وما حصل من أهل قب AAاء
هو أنهم يعرفون تماماً أن ما فعلوه هو حكم شAAرعي عملي وليس عقائAAدياً
وال يتوقف على دليل قطعي فاكتفوا بنقل آحادهم في هAذا الموضAوع وان
49
لم يAAؤمر بAAذلك ،ألنهم يغلبAAون صAAدقه على كذبه ولAAذلك كAAان ما كAAان منهم
رضي اهلل عنهم أجمعين.
لAAذا فاالسAAتدالل بخAAبر تحويل القبلة في هAAذا الموضAAوع اسAAتدالل
من غAA A A Aير دليل فموضAA A A Aوعنا هو في إثبAA A A Aات أن خ AA A Aبر الواحد يفيد علم A A A Aاً
وعقي AAدة ،وخ AAبر الرجل ويس AAمى عب AAاداً لم يفد إال عمالً فلم يفد عقي AAدة ،فلو
أن أح AAداً من أهل قب AAاء لم يطعه لم يكفر ب AAدليل أن الن AAبي لم ي AAأمر أح AAداً
منهم بإعAAادة ما صAلى من تلك الصAالة قبل البالغ ولم يAأمرهم بAأن يتوبAAوا
ويستغفروا ،واهلل تعالى أعلى واعلم وإ ليه المصير.
ومما ظن وه دليالً وليس بAA A Aدليل أيض A A Aاً :حAA A Aديث "إنما األعمAA A Aال
بالنيAAات" فقAAالوا بAAأن هAAذا الحAAديث وهو خAAبر آحAAاد قد احتج به العلمAAاء في
العقائد معتAAبرين أن النية محلها القلب وان العقيAAدة محلها القلب إذن فالنية
هي العقيدة أو تأخذ حكمها.
غير أن هذا مردود وباطل لعدة وجوه أيضاً:
األول :لم يقل أحد من أهل العربية أن النية هي العقي AA A Aدة أو أنها
اإليمان ال لفظاً وال معنى ،وإ نما قالوا إنها :القصد ومحلها القلب.
الث اني :إن العقي AA A Aدة إذا انعقد القلب عليها ص AA A Aارت إيمانA A A Aاً وال
يصح الرج AA A Aوع عنها بل الرج AA A Aوع عنها يعت AA A Aبر كف AA A Aراً ،بينما ال يس AA A Aمى
الرج AA Aوع في النية كف AA Aراً وال معص AA Aية ،بل ربما يب AA Aاح الرج AA Aوع في النية
أحيان A Aاً ولو كAA Aانت في العبAA Aادات ،كصAA Aالة وصAA Aوم النافلAA Aة ،كما ال يسAA Aمى
العمل من غ AA A A Aير نية كف AA A A Aرا ،بل ب AA A A Aاطالً أن ت AA A A Aوقفت ص AA A A Aحته على النية
وصAAحيحاً إذا لم تشAAترط فيه النية كAAرد المغصAAوب واألمانAAات وكAAالطالق
والعتاق والنكاح.
50
الث الث :أنه البد في الحAA A Aديث من حAA A Aذف مضAA A Aاف وقد اختلف
الفقهAAاء في تقAAديره فالAAذين اشAAترطوا النية في األعمAAال قAAدروه على النحو
الت AAالي" :إنما ص AAحة األعم AAال بالنيAA Aات" واألعمAA Aال كما هي أعمAA Aال القلب
هي أيضاً أعمال الجوارح والحديث يشملها ،فال مجال إذن لحصرها في
أعمAAال القلب ،1بل قد قAAال الشAAافعي رحمه اهلل بAAأن هAAذا الحAAديث يAAدخل في
سبعين باباً من الفقه.2
فعلى هAA Aذا التقAA Aدير تتعلق النية في صAA Aحة األعمAA Aال ال في كمالها
وهAA Aذا ال يصح في االعتقAA Aاد إذ عAA Aدم الكمAA Aال فيه يعAA Aني النقص وهAA Aذا كفر
والعيAAاذ باهلل ،فلم يبق إال أن نقAAول بAAأن هAAذا الحAAديث ليس عقيAAدة وال يثبت
به عقيدة من هذا الوجه أيضاً.
ع :إن اإلخالص في العمل ليس من اإليمAA A A A A A A Aان بل من الراب
اإلحسAAان كما جAAاء في الحAAديث الصAAحيح حيث ُس Aئل عن اإلحسAAان فقAAال:
"أن تعبد اهلل كأنك ت AA Aراه ف AA Aإن لم تكن ت AA Aراه فإنه ي AA Aراك" هك AA Aذا هي ص AA Aور
اإلخالص.
وقAA Aال ابن تيميAA Aة :فمن قAA Aال إن األعمAA Aال الظAA Aاهرة المAA Aأمور بها
ليست من اإلسAAالم ،فقوله باطAAل ،بخالف التص AAديق الAAذي في القلب ،فAAإن
هذا ليس في النصوص ما يدل على أنه من اإلسالم ،بل هو من اإليمان،
وإ نما اإلسAA A Aالم :الAA A Aدين كما فسAA A Aره النAA A Aبي بAA A Aأن يسAA A Aلم وجهه وقلبه هلل،
فإخالص النية هلل إسالم وهذا غير التصAAديق ،ذلك من جنس عمل القلب،
وهذا من جنس علم القلب.3
1راجع إن شئت يف ذلك شرح عمدة األحكام البن دقيق العبد 1/9فما فوق
2ذكره الطويف يف كتابه التعيني يف شرح االربعني ص34
3قاله يف كتابه اإلميان ص284
51
الخ امس :كيف يكAA Aون هAA Aذا الحAA Aديث عقيAA Aدة أو يفيد اليقين وهو
خ AAبر آح AAاد وال يكفر منك AAره بخالف الق AAرآن والمت AAواتر من الس AAنة ،فمنكر
المت AA Aواتر من الق AA Aرآن والس AA Aنة يكف AA Aر ،ألن ه AA Aذا ثبت ب AA Aالقطع واليقين فهو
عقيدة ،وذاك لم يثبت بالقطع بل بالظن فافترقا.
ومما ظنوه دليالً وليس بدليل أيض Aاً :قAAول اهلل تعAAالى {فلوال نفر
من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجع وا
إليهم لعلهم يح ذرون} .معتAA A Aبرين أن أقل عAA A Aدد الطائفة واحد واإلنAA A Aذار
يتعلق بAAذكر الجنة والنAAار وهما عقيAAدة فيكAAون خAAبر الواحد قد اسAAتعمل في
العقائد ،وهذا القول مردود أيضاً من وجهين.
األول :أنه ليس من المتفق عليه أن أقل ع AA A A A Aدد الطائفة واحد بل
قالوا بأن أقل عددها اثنAAان فما فAAوق ،فاضAAطرب االسAAتدالل بهAAذه اآلية في
هذا الموضوع.
الث اني :إن الطائفة في هAA A Aذه اآلية عAA A Aدد يفيد الجمع ال شخص A A Aاً
واحداً بدليل ضمير الجمع في قوله تعالى "ليتفقهوا" وقوله "لينذروا".
52
قAAال الطAAبري :وهAAذان التAAأويالن متقاربا المعAAنى ،ألن القAAول بما
ال يعلمه القائل ي AAدخل فيه ش AAهادة ال AAزور ،ورمي النAA Aاس بالباطل وادع AAاء
1
سماع ما لم يسمعه ورؤية ما لم يره .
وعليه يمكن أن ال تكون اآلية في التبليغ عن الAAوحي بل هي في
الشهادات وما يتعلق بها.
الث اني :على ف AA A Aرض أن اآلية في التبليغ أو في التش AA A Aريع فهي
فيما طريقة العلم والقطع كأصول الدين ،ال في كل أحكAAام الشAريعة بAAدليل
أن الكثAA Aير من فAA Aروع الشAA Aريعة يكتفى فيه بAA Aالظن كاألحكAA Aام المبنية على
االجتهAA Aاد والكثAA Aير من األحكAA Aام المبنية على القيAA Aاس ،فهAA Aذا كله يكفي فيه
الظن أو على األكثر غلبة الظن.
الث الث :على ف AAرض أيضA Aاً أنها في التش AAريع فيحتمل أن تك AAون
خاصة بالنبي أي ال تقل شAAيئاً برأيك واجتهAAادك وهAAذا يتفق مع كونه
ال ينطق عن اله AA A Aوى ،بخالف غ AA A Aيره من اُألمة فإنه يمكنه أن يق AA A Aول في
الشAAرع باجتهAAاده ،ولو أخطأ فال شAAيء عليAAه ،بل له األجAAر ،ففي الحAAديث
الصAA A Aحيح "إذا اجتهد الحAA A Aاكم فأصAA A Aاب فله أجAA A Aران وان اجتهد فأخطأ فله
أجر" 2وهذا كله ظن ال قطع وال يقين فيه.
ومما ظنوه دليالً وليس بAAدليل أيض Aاً :انهم ادعAAوا أن السAAنة كلها
أخب AAار آح AAاد ليثبت AAوا أن العقائد تثبت باآلح AAاد ال ب AAالتواتر وه AAذا اس AAتدالل
مردود أيضاً لعدة وجوده:
األول :أن اآلحاد هو ما رواه واحد عن واحد ،والتAواتر :هو ما
رواه واحد بعد واحد.3
53
وب AAالنظر والت AAدقيق في الس AAنة نجد أنها اش AAتملت على الص AAنفين،
فهنAA A A Aاك أحAA A A Aاديث لم يروها إال واحد عن واحد كحAA A A Aديث "إنما األعمAA A A Aال
بالني AAات" وهن AAاك أح AAاديث رواها واحد بعد واحد كح AAديث "من ك AAذب علي
متعمAAداً فليتبAAوأ مقعAAده من النAAار" فقد رواه أكAAثر من سAAتين صAAحابياً ،فكلهم
رووه عن النبي ولم يروه واحد عن واحد منهم.
الث اني :أن الغالبية العظمى من المجته AA A A A A A Aدين والمح AA A A A A A Aدثين
Aنف من
واألصوليين قد أثبتوا وجود التواتر في السAنة وال يكAاد يخلو مصٌ A
مص AA Aنفاتهم من ذكرها أو اإلش AA Aارة إليه AA Aا ،وقد ق AA Aام بتتبعها وجمعها غ AA Aير
واحد منهم ،كالس AA A A Aيوطي في كتابه األزه AA A A Aار المتن AA A A Aاثرة في األح AA A A Aاديث
المت AA A Aواترة ،وكالكت AA A Aاني في كتابه نظم المتن AA A Aاثر في الح AA A Aديث المت AA A Aواتر،
وكالزبيدي في كتابه الآللئ المتناثرة في األحAAاديث المتAAواترة ،أما ما قاله
ابن حب AA Aان من أن الس AA Aنة كلها أخب AA Aار اآلح AA Aاد فهو ق AA Aول ليس عليه دلي AA Aل،
ويخالف واقع السنة ويخالف الغالبية العظمى من العلماء.
الث الث :أن غAA A Aير واحد من العلمAA A Aاء قد أثبت وج AA A Aود الحAA A Aديث
المتAAواتر في العقيAAدة ،كحAAديث "من شAAهد أن ال إله إال اهلل وجبت له الجنAAة"
قال بتواتره السيوطي في األزهار المتناثرة والكتاني في نظم المتناثر.
وكحديث "الحوض" والشفاعة ورؤية اهلل تعAAالى في اآلخAAرة قAAال
بتواترها ابن حجر وابن الجوزي.
وحAA A A Aديث اإلسAA A A Aراء وان إدريس في السAA A A Aماء الرابعة وحAA A A Aديث
انشقاق القمر والنزول قال بتواترها الحاكم.
وحديث اهتزاز العرش لموت سعد قال بتواتره ابن عبد البر.
وحديث حنين الجذع قال بتواتره عياض.
54
وكحAA A Aديث "الجمل الAA A Aذي شAA A Aكا للنAA A Aبي صAA A Aاحبه" قAA A Aال بتAA A Aواتره
الكتاني.1
وكحAAديث "علAAوه سAAبحانه فAAوق سAAماواته على عرشAAه" وكحAAديث
"إثبات العAرش وكحAAديث "إثبAAات الصAفات للAرب تعAAالى" قAال بتواترها ابن
القيم في الصواعق.2
ومما ظن وه دليالً وليس ب AA Aدليل أيضA A Aاً :أنهم ق AA Aالوا ب AA Aأن ما نقله
الن AAبي عن ال AAوحي هو خ AAبر آح AAاد ،وه AAذا اس AAتدالل ال يق AAول به من لديه
أدنى علم بالفقه واألصAA Aول والحAA Aديث ،وهو تمويه بل جAA Aرأة في دين اهلل،
ويكفي أن نقول بأن النAAبي معصAAوم في التبليغ عن الكAAذب والخطأ وأنه
ال ينطق عن اله AA Aوى ،وه AA Aذه الص AA Aفات ليست موج AA Aودة في أحد بع AA Aده فال
مجال البتة لمقارنة أحد من الناس به .
ومما ظن وه دليالً وليس بAA A A Aدليل أيض A A A Aاً :أنهم قAA A A Aارنوا الAA A A Aرواة
بالصAAحابة وهو اسAAتدالل مAAردود ،فالصAAحابة رضي اهلل عنهم هم أول من
سمع من النAAبي أقواله وهي في حقهم قطعية ال مجAAال للظن فيها ما دام
قد سمعوها مباشرة منه .
أما بالنس AA Aبة لمن بع AA Aدهم فق AA Aول الصAA Aحابة لهم ليس قطعيA A Aاً ألنهم
ليس AAوا معص AAومين عن الخطأ إال بإجم AAاعهم ،وهك AAذا من بع AAدهم إلى آخر
عصر التAAدوين ،ولAAذلك نشأ علم الجAAرح والتعAAديل وعلى ضAAوئه صAAححت
وضعفت األحاديث.
55
ومما ظنوه دليالً وليس بدليل أيضاً :ادعاؤهم اإلجمAAاع على أن
خ AA Aبر اآلح AA Aاد يفيد العلم ،وادع AA Aاؤهم اإلجم AA Aاع على أن اآلح AA Aاد يؤخذ في
العقيدة ،غAAير أن هAAذا زعم باطل فقد ثبت منذ عصر التAAدوين ومنذ عصر
األئمة األربعة بAA A A A A A A Aأن خAA A A A A A A Aبر الواحد ال يفيد إال الظن ،وأنه ال يؤخذ في
العقيدة وقد أوردت في هذه العجالة ما يثبت ذلك في الباب التالي.
الوجه السادس:
أقوال العلماء في أن خبر الواحد ال يفيد
العلم
المذهب المالكي:
أول ما نبAA A A A Aدأ به ما نسب إلى اإلمAA A A A Aام مالك رحمه اهلل في ه AA A A Aذا
الموض AAوع .قAAال أبو الوليد الب AAاجي :ومAAذهب مالك رحمه اهلل قبAAول خAAبر
الواحد العAA A Aدل وأنه يAA A Aوجب العمل دون القطع على عينه وبه قAA A Aال جميع
الفقهاء.1
وقAA Aال في إيصAA Aال السAA Aالك في أصAA Aول اإلمAA Aام مالAA Aك :والنطقي على
قسAA Aمين ،قطعي وظ AAني ،ف AAالقطعي منه هو المشAA Aاهد أو المنقAA Aول ب AAالتواتر
56
والظAA Aني هو المنقAA Aول بخAA Aبر اآلحAA Aاد الصAA Aحيح وهو حجة ظنية والقطعي
حجة قطعية.1
فائدة:
ومما يدل على أن خAAبر اآلحAAاد ال يفيد العلم عند اإلمAAام مالك انه
ك AAان ي AAرده إذا تع AAارض مع عمل أهل المدينة على ما ذك AAره عنه القاضي
عي AAاض وس AAحنون ،ومثل AAوا ل AAذلك بح AAديث " البيع AAان بالخي AAار ما لم يتفرق AAا"
فرده لتعارضه مع عمل أهل المدينة.2
وقال ابو اسحق االسفرائيني عن ابن خويز منداد أن عنده شواذ عن
مالك لم يعAA Aرج عليها حAA Aذاق المAA Aذهب وذكر منها قولAA Aه :أن خAA Aبر الواحد
مفيد للعلم.3
وقAA A Aال أبو عبد اهلل الشAA A Aاطبي :وأما الثAA A Aاني وهو الظAA A Aني الراجع إلى
أصل قطعي فإعماله أيضاً ظاهر ،وعليه عامة أخبار اآلحاد.
وقAA A Aال أيض A A Aاً :رتبة السAA A Aنة التAA A Aأخر عن الكتAA A Aاب في االعتبAA A Aار،
والدليل على ذلك أمور:
أحدها :أن الكتاب مقطوع به ،والسAAنة مظنونة والقطع فيها إنما
يصح في الجملة ال في التفص AA A Aيل ،بخالف الكت AA A Aاب فإنه مقط AA A Aوع به في
الجملة والتفصيل ،والمقطوع به مقدم على المظنون.4
57
وقال أبو العباس القرافي :باب في خبر الواحد :وهو خبر العدل
الواحد أو العدول المفيد للظن.
وقال :وخبر الواحد ال يفيد إال الظن.
وقال أيضاً :وخبر الواحد مظنون.1
وقال أبو بكر بن العAAربي :أما الثAAاني :الAAذي يAAوجب العمل دون العلم
فهو خ AAبر الواحد المطلق عما ينف AAرد بعلم AAه ،وق AAال ق AAوم :إنه ي AAوجب العلم
والعمل ك AAالخبر المت AAواتر ،وه AAذا إنما ص AAاروا اليه بش AAبهتين دخلتا عليهم،
إما لجهلهم بالعلم ،وإ ما لجهلهم بخبر الواحد ،فإنا بالضAرورة نعلم امتنAAاع
حصول العلم بخبر الواحد وجواز تطرق الكذب والسهو عليه.2
وقAA Aال أبو عبد اهلل القرطAA Aبي المفسAA Aر :واكAA Aثر أحكAA Aام الشAA Aريعة مبنية
على غلبة الظن كالقياس وخبر الواحد وغير ذلك.3
وق AA Aال أبو العب AA Aاس القرط AA Aبي في المفهم على ح AA Aديث تحويل القبل AA Aة:
4
"فتركوا التواتر بخبر الواحد وهو مظنون" .
وقAA A Aال القاضي ابن البAA A Aاقالني :واآلحAA A Aاد ال تفضي إلى العلم .وقAA A Aال
أيضA A A A A A A Aاً :أعلم وفقك اهلل أن كل ما يطلب العلم فيه فال يقبل فيه أخب AA A A A A A Aار
االحاد.5
وق AA A Aال ابن عبد الAA A Aبر :اختلف أص AA A Aحابنا وغ AA A Aيرهم في خAA A Aبر الواحد
العدل :هل يوجب العلم والعمل جميعاً؟ أم يوجب العمل دون العلم؟
58
قAA A Aال :والAA A Aذي عليه أكAA A Aثر أهل الحAA A Aذق منهم أنه يAA A Aوجب العمل دون
العلم ،وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر.1
وقAA Aال الحجAA Aوي :والصAA Aواب أن خAA Aبر الواحد إذا تجAA Aرد عن القAA Aرائن
2
مفيد للظن خالفاً للظاهرية الذين ادعوا إفادته العلم اليقيني .
وق AA Aال الزرق AA Aاني :ف AA Aالحق ع AA Aدم ج AA Aواز نسخ الق AA Aرآن به –أي بخ AA Aبر
اآلحاد -للمعنى المAذكور وهو أنه ظAني والقAرآن قطعي والظAني أضAعف
من القطعي فال يقAAوى على رفعAAه ،والقAAائلون بجAAواز نسخ القAAرآن بالسAAنة
اآلحادية اعتم AA Aاداً على أن الق AA Aرآن ظ AA Aني الدالل AA Aة ،حجتهم داحض AA Aة ،ألن
الق AA A Aرآن إن لم يكن قطعي الداللة فهو قطعي الثبAA A A Aوت ،والسAA A A Aنة اآلحادية
ظنية الداللة والثبوت معاً فهي أضعف منه فكيف ترفعه.3
المذهب الحنفي:
وأول ما نبدأ به ما نسب إلى اإلمام أبي حنيفة رحمه اهلل في ذلك:
فقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما اهلل تعAA A A A A Aالى أنه ال كفAA A A A A Aارة
عليه وان بلغه الخAAبر ألن خAAبر الواحد ال يAAوجب علم اليقين وإ نما يAAوجب
العمل تحسيناً للظن بالراوي فال تنتفي الشبهة به.4
ومما اشتهر عن أبي حنيفة أنه كان يرد خبر الواحد إذا تعAAارض مع
القياس أو كان مما عمت به البلوى.
59
وقAA Aال أبو البركAA Aات النسAA Aفي في كشف األسAA Aرار على المنAA Aار" :وأما
دع AA A Aوى علم اليقين به فباط AA A Aل ،ألنا قد بينا أن المش AA A Aهور ال ي AA A Aوجب علم
اليقين ،فخAA A A Aبر الواحد أولى وهAA A A Aذا ألن خAA A A Aبر الواحد محتمل في نفسAA A A Aه،
وكيف يثبت اليقين مع وجود االحتمال".1
وقAA Aال الكمAA Aال بن الهمAA Aام في التحريAA Aر ،وصAA Aاحب تيسAA Aير التحريAA Aر:
"واألك AA Aثر من الفقه AA Aاء والمح AA Aدثين ،خ AA Aبر الواحد ال يفيد العلم مطلقA A Aاً أي
سواء أكان بقرائن أم ال .ثم قال إن خبر الواحد قد يفيد العلم بقرائن".2
ثم قAA Aرر في فتح القAA Aدير قAA Aائالً" :أن خAA Aبر الواحد ال يAA Aوجب اليقين بل
الظن".3
وقAA Aال عبد الحميد االسAA Aمندي :ذهب أكAA Aثر النAA Aاس إلى أنه ال يAA Aوجب
العلم أصالً ،وذهب أصحاب الظاهر إلى أنه يوجب العلم.
وقد نAA Aاقش االسAA Aمندي هAA Aذه المAA Aذاهب ،وذهب فيها مع األكثرية كما ومنع
من قبول اآلحاد في العقائد كما سيأتي ذكره في بابه إن شاء اهلل تعالى.4
وقAA Aال السرخسAA Aي :قAA Aال فقهAA Aاء األمصAA Aار رحمهم اهلل" :خAA Aبر الواحد
العدل حجة للعمل به في أمر الدين وال يثبت به علم يقين".
ثم قAال" :وقد بينا فيما سAبق أن علم اليقين ال يثبت بالمشAهور من األخبAار
بهذا المعنى فكيف يثبت بخبر الواحد".5
60
وق AA A Aال الخب AA A Aازي" :وألن خ AA A Aبر الواحد يفيد غلبة الظن وأنه ي AA A Aوجب
العمل لعدم توقفه على اليقين بيقين".1
وق AAال عالء ال AAدين الس AAمرقندي :ومنها –أي أقس AAام اآلح AAاد -أن ي AAرد
الخAAبر في بAAاب العمل فأما إذا ورد في بAAاب االعتقAAادات وهي من مسAAائل
الكالم فإنه ال يك AAون حجة ألنه ي AAوجب الظن وعلم غ AAالب ال AAرأي ال علمA Aاً
قطعياً.2
وق AA Aال أبو جعفر السجس AA Aتاني :وخ AA Aبر الواح AA Aد :فإنه ال ي AA Aوجب العلم
ويجب العمل تبركاً بنسبته إلى النبي .3
وق AAال فخر اإلس AAالم ال AAبزدوي :وه AAذا أي خ AAبر الواحد ي AAوجب العمل
وال يوجب العلم يقيناً.
ثم قAA A Aال :انا قد بينا أن المشAA A Aهور ال يAA A Aوجب علم اليقين فهAA A Aذا أولى،
وهذا ألن خبر الواحد محتمل ال محالة وال يقين مع االحتمال ،ومن أنكر
هذا فقد سفه نفسه وأضل عقله.4
وقال عبد العزيز البخاري في شAرحه لكالم الAبزدوي :أي ال يAAوجب
علم يقين وال علم طمأنينة ،وهو مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء.5
وق AAال أيض Aاً :ف AAإن األدلة الس AAمعية أن AAواع أربع AAة :قطعي الثب AAوت
والداللة كالنصAA Aوص المتAA Aواترة ،وقطعي الثبAA Aوت ظAA Aني الداللة كاآليAA Aات
المؤول AA Aة ،وظ AA Aني الثب AA Aوت قطعي الداللة كأخب AA Aار اآلح AA Aاد ال AA Aتي مفهومها
61
قطعي ،وظAA Aني الثبAA Aوت والداللة كأخب AA Aار اآلح AA Aاد الAA Aتي مفهومها ظAA Aني.1
وقال ابن عابدين في حاشيته مثل ذلك.
وق AAال أبو الثن AAاء الماتري AAدي :وحكمه –أي خ AAبر اآلح AAاد -أنه ي AAوجب
العمل دون العلم.2
وقال نظام الدين األنصاري :األكAAثر من أهل األصAAول ومنهم األئمة
الثالثة على أن خAAبر الواحد ان لم يكن هAAذا الواحد المخAAبر معصAAوماً نبي Aاً
ال يفيد العلم مطلقاً سواء احتف بالقرائن أو ال.3
وقAA A Aال أبو بكر الجص AA Aاص في كالمه على قوله تعAA A Aالى {إن ج اءكم
فاسق بنبأ فت بينوا} قAA Aال :وفي هAA Aذه اآلية داللة على أن خAA Aبر اآلحAA Aاد ال
يوجب العلم إذ لو كان يوجب العلم بحال لما احتيج فيه الى التثبت.4
وقال الكاساني :وإ نما سمينا هذا النAAوع واجبAاً ال فرضAاً ألن الفAAرض
اسم لما ثبت لزومه بAA Aدليل مقطAA Aوع به ولAA Aزوم هAA Aذا النAA Aوع من الزكAA Aاة لم
يثبت بدليل مقطوع به بل بدليل فيه شبهة العدم وهو خبر الواحد.5
وقAAال في موضع آخAAر" :ووجAAوب المسح على الجبAAائر ثبت بحAAديث علي
رضي اهلل عنه وانه من اآلحاد فيوجب العمل دون العلم".6
1كما يف كشف االسرار على أصول البزدوي 1/28قول ابن عابدين يف حاشبته على رد املختار 1/95
2ذكره يف كتابه أصول الفقه ص148
3ذكره يف شرح مسلم الثبوت كما يف حاشبة املستصفى 2/121
4ذكره يف كتابه أحكام القرآن 5/279
5كما يف بدائع الصنائع له 2/69
6املرجع السابق 1/14
62
وقAAال أبو زيد الدبوسAAي :فAAأكثر األهAAواء والبAAدع كAAانت من قبل العمل
بخAAبر الواحد وقبوله اعتقAAاداً أو عمالً بال عAAرض له على الكتAAاب والسAAنة
الثابتAAة ،ثم تأويل الكتAAاب لموافقة خAAبر الواحد وجعل المتب AAوع تبع Aاً وبن AAاء
الدين على ما ال يوجب العلم يقيناً فيصير األساس علمAاً بشAبهة فال يAزداد
به إال بدعة وكAAان هAAذا الضAAرر بالAAدين أعظم من ضAAرر من لم يقبل خAAبر
الواحد….1
المذهب الشافعي:
وأول ما نبدأ به في ذلك ما نسب الى اإلمام الشافعي رحمه اهلل
ق AAال أبو بكر الص AAيرفي :خ AAبر الواحد ي AAوجب العمل دون العلم ونقله
2
عن جمهور العلماء منهم الشافعي .
وأيض A A Aاً ما ذكAA A Aره ابن عبد الAA A Aبر المAA A Aالكي قبل قليل ونسAA A Aبه الى جمهAA A Aور
العلماء وقال :وهو قول الشافعي.
وما نس AA A Aبه أيضA A A Aاً األنص AA A Aاري من األحن AA A Aاف قبل قليل الى األئمة الثالثة
يعني :مالكاً وأبا حنيفة والشافعي.
وق AA Aال الحافظ أبو بكر بن ثAA Aابت المع AA Aروف بAA Aالخطيب البغAA Aدادي في
كتابه تحت عنAA A Aوان :ذكر شAA A Aبهة من زعم أن خAA A Aبر الواحد يAA A Aوجب العلم
وإ بطالها.
63
فقAA Aال :وأما خAA Aبر اآلحAA Aاد فهو ما قصر عن صAA Aفة المتAA Aواتر ولم يقطع به
العلم وان روته الجماعة.
وق AAال :وأما الض AAرب الث AAاني من المس AAند فمثل األخب AAار المروية في كتب
السنن الصحاح فإنها توجب العمل وال توجب العلم.1
وق AA A Aال أبو المع AA A Aالي الجوي AA A Aني المع AA A Aروف بإم AA A Aام الح AA A Aرمين :ذهبت
الحشAA Aوية من الحنابلة وكتبة الحAA Aديث إلى أن خAA Aبر الواحد العAA Aدل يAA Aوجب
العلم ،وهذا خزي ال يخفى مدركه على كل ذي لب.
وقال :أتجوزون أن يزل العAAدل الAذي وصAفتموه ويخطئ؟ فAإن قAالوا :ال،
كAA Aان ذلك بهتA Aاً وهتك A Aاً وخرقA Aاً لحجAA Aاب الهيبة وال حاجة الى مزيد البي AAان
في AAه ،والق AAول الق AAريب فيه أنه قد زل من ال AAرواة واألثب AAات جمع ال يع AAدون
كAA A A Aثرة ،ولو لم يكن الغلط متصAA A A Aوراً لما رجع راو عن روايتAA A A Aه ،واألمر
بخالف ما تخيلوه.
وق AAال في الورق AAات :واآلح AAاد وهو ال AAذي ي AAوجب العمل وال ي AAوجب العلم
2
الحتمال الخطأ فيه
وق AAال الن AAووي في ش AAرح مس AAلم :وه AAذا ال AAذي ذك AAره ابن الص AAالح في
شأن صحيح البخAAاري ومسAAلم في هAذه المواضع خالف ما قاله المحققAAون
واألك AAثرون ف AAإنهم ق AAالوا :أح AAاديث الص AAحيحين ال AAتي ليست بمت AAواتره إنما
تفيد الظن فإنها آحاد ،واآلحاد إنما تفيد الظن على ما تقAAرر وال فAAرق بين
1ذكره ذلك يف كتابه الكفاية يف علم الرواية ص 16و 18و 25ويف كتابه الفقيه واملتفقه 1/96
2ذكر ذلك كله يف الربهان له 1/606ويف الورقات ص12
64
البخAA A A Aاري ومسAA A A Aلم وغيرهما في ذلAA A A Aك ،وتلقي األمة بAA A A Aالقبول إنما أفادنا
وجAA Aوب العمل بما فيهما وهAA Aذا متفق عليAA Aه ،فAA Aإن أخبAA Aار اآلحAA Aاد الAA Aتي في
غيرهما يجب العمل بها إذا ص AA A A Aحت أس AA A A Aانيدها وال تفيد إال الظن فك AA A A Aذا
الصحيحان.
وقال أيضاً :وأما خAبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شAروط المتAواتر سAواء
كAAان الAAراوي له واحAAداً أو أكAAثر واختلف في حكمAAه ،فالAAذي عليه جمAAاهير
المس AA Aلمين من الص AA Aحابة والت AA Aابعين فمن بع AA Aدهم من المح AA Aدثين والفقه AA Aاء
وأص AA Aحاب األص AA Aول ان خAA Aبر الواحد الثقة حجة من حجج الشAA Aرع يلAA Aزم
العمل بها ويفيد الظن وال يفيد العلم.1
وق AA A Aال الحافظ ابن حجر العس AA A Aقالني في نخبة الفكر عند كالمه على
المتAA Aواتر :فكله مقبAA Aول إلفادته القطع بصAA Aدق مخAA Aبره بخالف غAA Aيره من
أخبار اآلحاد.2
وقال الرازي في معرض حديثه على قوله تعAAالى {فلوال نفر من كل
فرقة منهم طائف ة} قAA Aال :وإ نما قلنا إن الطائفة هاهنا عAA Aدد ال يفيد قAA Aولهم
العلم ،ألن كل ثالثة فرق AA Aة ،واهلل تع AA Aالى أوجب على كل فرقة أن تخ AA Aرج
منها طائفة ،والطائفة من الثالثة ،واحد أو اثنان ،وقول الواحد أو االثنين
ال يفيد العلم.
وقال أيضاً :فألنا نعلم بالضرورة أن قول الواحد ال يفيد العلم.
65
وقAAال :وأما النقAAل :فهو إما تAAواتر أو آحAAاد واألول يفيد العلم والثAAاني يفيد
الظن.1
وقال االسنوي :وأما السنة فاآلحاد منها ال تفيد إال الظن.
وقال أيضاً :ألن رواية اآلحاد ان أفادت فإنما تفيد الظن.2
وقAA Aال الزركشي في البحAA Aر :ان خAA Aبر الواحد ال يفيد العلم وهو قAA Aول
أكثر أهل الحديث وأهل الرأي والفقه.3
وقال ابن األثير :وخبر الواحد ال يفيد العلم ولكنا متعبدون به.
وقال :وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يAAورث العلم فلعلهم أرادوا أنه
يفيد العلم بوجوب العمل ،أو سموا الظن علماً ،ولهذا قال بعضAAهم يAAورث
العلم الظاهر ،والعلم ليس له ظاهر وباطن ،وإ نما هو الظن.4
وقال أبو اسAحق الشAيرازي :لنAا :هو أنه لو كAAان خAبر الواحد يAوجب
العلم ألوجب خ AAبر كل واح AAد ،ولو ك AAان ك AAذلك ل AAوجب أن يقع العلم بخ AAبر
من يAAدعي النبAAوة ومن يAAدعي مAAاالً على غAAيره ،ولما لم يقل هAAذا أحAAد ،دل
على أنه ليس فيه ما يوجب العلم..
1راجع ذلك كله ان شئت يف كتابه احملصول 172-2/123ويف نفائس االصول شرح احملصول للقرايف
2/531
2قاله يف هناية السؤال 1/41و 2/270
3ذكره يف البحر احمليط يف أصول الفقه 4/262فما فوق
4كما يف جامع االصول من احاديث الرسول له 1/69
66
ثم قAAال :وألنه لو كAAان يAAوجب العلم لAAوجب إذا عارضه خAAبر متAAواتر
أن يتعارضAAا ،ولما ثبت أنه يقAAدم عليه المتAAواتر دل على أنه غAAير مAAوجب
1
للعلم .
وقAA Aال أبو حامد الغAA Aزالي في المستصAA Aفى :وإ ذا عAA Aرفت هAA Aذا فنقAA Aول:
خAA Aبر الواحد ال يفيد العلم وهو معلAA Aوم بالضAA Aرورة وإ نا ال نصAA Aدق بكل ما
نسمع ،ولو صAدقنا وقAدرنا تعAارض خAبرين ،فكيف نصAدق بالضAدين وما
حكي عن المحAA Aدثين من أن ذلك يAA Aوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم
بوجوب العمل….2
وقال شAAمس الAدين االصAفهاني :األخبAار المروية عن الرسAول إما
متواترة أو آحاد والمتواترة استحال أن تكAAون كAAذباً ،وأما اآلحAAاد فبعضAAها
كذب قطعاً.
ثم قال :أما المالزمة :فألن خبر اآلحاد ال يفيد إال الظن.
وقال أيضاً :وأما السنة فاآلحاد منها ال يفيد إال الظن.3
وق AA Aال ابن السAA Aبكي في االبه AA Aاج :والنص قسAA Aمان :آح AA Aاد ال يفيد إال
الظن.4
وقال في جمع الجوامAAع :خAAبر الواحد ال يفيد العلم إال بقرينه ثم قAAال:
األكثرون ال يفيد مطلقاً.5
67
وق AA Aال البيض AA Aاوي :ال ينسخ المت AA Aواتر باآلح AA Aاد ألن الق AA Aاطع ال يرفع
بالظن.6
وق AAال أبو بكر بن ف AAورك :واما ما ك AAان من ن AAوع اآلح AAاد مما ص AAحت
الحجة به من طريق وثاقة النقلة وعدالة الAAرواة واتصAAال نقلهم ،فAAإن ذلك
وان لم يوجب القطع فإنه يقتضي غالب ظن وتجويز حكم.2
وق AAال البغ AAدادي االس AAفرائيني :وأخب AAار اآلح AAاد م AAتى صح إس AAنادها وك AAانت
3
متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم .
وقAال المAاوردي في الحAاوي :وإ ذا كAان كAذلك فهو وان أوجب العمل
فغير موجب للعلم الباطن بخالف المستفيض والمتواتر.4
وق AAال الحافظ زين ال AAدين الع AAراقي :أي حيث ق AAال أهل الح AAديث ه AAذا
حديث صحيح فمرادهم فيما ظهر لنا عمالً بظاهر االسناد ال انه مقطAAوع
بص AA A Aحته في نفس األمر لج AA A Aواز الخطأ والنس AA A Aيان على الثق AA A Aة ،ه AA A Aذا هو
الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم خالفاً لمن قال ان خبر الواحد يوجب
العلم الظاهر كحسين الكرابيسي وغيره.5
وقAA Aال صAA Aفي الAA Aدين االرمAA Aوي :واما النقل فهو إما آحAA Aاد أو تAA Aواتر،
6
واآلحاد ال يفيد إال الظن .
68
وقAA A A A Aال العز بن عبد السAA A A A Aالم في رده على ابن الصAA A A A Aالح في جعله
أحاديث الصحيحين تفيد القطع قال :ان المنقول عن المعتزلAAة :ان األمة
1
إذا عملت بحديث ،يقتضي القطع بصحته ،قال :وهذا مذهب رديء .
وقAA A Aال الهيثمي في الصAA A Aواعق المحرقAA A Aة :وايض A A Aاً ورد في أبي بكر
وغAAيره كعلي نصAAوص متعارضة يAAأتي بسAAطها في الفضAAائل وهي ال تفيد
القطع ألنها بأسرها آحاد وظنية الداللة.
وق AA Aال أيضA A Aاً :ألن مف AA Aاد اإلجم AA Aاع قطعي ومف AA Aاد خ AA Aبر الواحد ظ AA Aني وال
تعارض بين ظني وقطعي بل يعمل بالقطعي ويلغى الظني.2
وقال ابن دقيق العيد :المسألة الثانية :نسخ الكتAAاب والسAAنة المتAAواترة
هل يج AAوز بخ AAبر الواحد أم ال؟ منعه األك AAثر ون ،ألن المقط AAوع ال ُيAAزال
بالمظنون.
وقAAال أيضAاً :وأما المقAAام الثAAاني وهو ان ما كAAان من أخبAAار اآلحAAاد مخالفAاً
لقيAA A Aاس األصAA A Aول المعلومة لم يجب العمل بAA A Aه ،فألن األصAA A Aول المعلومة
مقط AA Aوع بها من الش AA Aرع وخ AA Aبر الواحد مظن AA Aون والمظن AA Aون ال يع AA Aارض
المعلوم.3
وقAA A Aال الجرجAA A Aاني :وخAA A Aبر اآلحAA A Aاد هو ما نقله واحد عن واحد وهو
4
الذي لم يدخل في حد االشتهار وحكمه يوجب العمل دون العلم .
1نقله عنه الزركشي يف سالسل الذهب ص 321واحلافظ العراقي يف التقييد وااليضاح ص42-41
2كما ذكره يف الصواعق احملرقة -1/110و1/174
3قال هذا كله يف إحكام األحكام شرح عمدة األحكام له 1/189و 3/121
4كما يف تعريفاته 1/131
69
وقAA Aال أبو زرعة العAA Aراقي :اختلف في خAA Aبر الواحد هل يفيد العلم أم
ال؟ على أقوال:
أحدها :أنه يفيد إذا احتفت به القرائن.
ثانيها :أنه ال يفيد العلم مطلقاً ولو احتفت به قرائن وبه قال األكثرون.
الثالث :أنه يفيد العلم مطلقاً.
وقال أيضAاً :لما ذكر المقطAوع بكذبه والمقطAوع بصAدقه ذكر قسAماً ثالثAاً،
وهو :مظنون الصدق ،وهو خبر العدل الواحد.1
وقAAال ابن التلمسAAاني :أعلم أن المAAراد في أصAAول الفقه بخAAبر الواحAAد:
2
الخبر الذي ال يفيد العلم واليقين .
وق AAال عضد الملة االيجي :لنا ان المت AAواتر ق AAاطع واآلح AAاد مظن AAون،
والقاطع ال يقابله المظنون.3
المذهب الحنبلي:
وأول ما نب AA A A A A Aدأ به ما نسب الى اإلم AA A A A A Aام أحمد رحمه اهلل في ذلك لتكتمل
الحلقة.
فقد روي عنه روايت AAان إح AAداهما ان خ AAبر اآلح AAاد ال يفيد العلم والثانية أنه
يفيده واألول هو الراجح عند فقهاء مذهبه.
70
قAA A A Aال موفق الAA A A Aدين بن قدامة المقدسAA A A Aي :اختلفت الرواية عن إمامنا
رحمه اهلل –يعني أحمد بن حنبل -في حصول العلم بخبر الواحد ،فروي
أنه ال يحصل به وهو ق AAول األك AAثرين والمت AAأخرين من أص AAحابنا ألنا نعلم
ضAA Aرورة أنا ال نصAA Aدق كل خAA Aبر نس AA Aمعه ولو ك AA Aان مفيAA Aداً للعلم لما صح
ورود خبرين متعارضين الستحالة اجتماع الضدين.1
وقال ابن بدران في تعليقه على روضة الناظر :فإسناد القAول الثAاني
الى اإلم AA A Aام من غ AA A Aير تقييد فيه نظر وك AA A Aذلك ما نسب اليه ابن الح AA A Aاجب
والواس AA A Aطي وغيرهما من أنه ق AA A Aال يحصل العلم في كل وقت بخ AA A Aبر كل
ع AA Aدل وان لم يكن ثم قرينة فإنه غ AA Aير ص AA Aحيح أصA A Aالً ،وكيف يليق بمثل
ام AA Aام الس AA Aنة أن ي AA Aدعي ه AA Aذه ال AA Aدعوى وفي أي كت AA Aاب رويت عنه رواية
ص AAحيحة ورواياته رضي اهلل عنه كلها مدونة معروفة عند الجهاب AAذة من
أصAAحابه والمصAAنف رحمه اهلل من اولئك القAAوم ،ومع هAAذا أشAAار الى أنها
رواية مخرجة على كالمه ثم انه تص AAرف بها كما ذك AAره هن AAا ،فحقق ذلك
وتمهل أيها المنصف.2
وقAAال صAAفي الAAدين البغAAدادي :واآلحAAاد ما لم يتAAواتر والعلم ال يحصل
به في إحدى الروايتين وهو قول أال كثرين ومتأخري أصحابنا.3
وقAAال موفق الAAدين بن قدامة المقدسAAي :وحد الخAAبر هو الAAذي يتطAAرق
اليه التصAAديق والتكAAذيب ،وهو قسAAمان :تAAواتر وآحAAاد فAAالمتواتر يفيد العلم
ويجب تصAA Aديقه وان لم يAA Aدل عليه دليل آخAA Aر ،وليس في األخبAA Aار ما يعلم
71
ص AAدقه لمج AAرده إال المت AAواتر وما ع AAداه إنما يعلم ص AAدقه ب AAدليل آخر ي AAدل
عليه سوى نفس الخبر.1
وقال القاضي أبو يعلى :أن خبر الواحد لو كAAان موجبAاً للعلم ألوجبه
على أي صفة وجد.2
وق AA Aال س AA Aليمان الط AA Aوفي :الخ AA Aبر اما ت AA Aواتر فهو مفيد للعلم أو آح AA Aاد
3
مجرد فال يفيد العلم قطعاً كما تقرر هاهنا .
وقAAال أبو الخطAAاب الكلAAوذاني :خAAبر الواحد ال يقتضي العلم وبه قAAال
جمهور العلماء.4
وقAA A Aال ابن عقيAA A Aل :خ AA Aبر الواحد ال يAA A Aوجب العلم ال الض AA Aروري وال
المكتسب على الصحيح من الروايتين عن صاحبنا.5
وق AA Aال ابن تيمي AA Aة :وخ AA Aبر الواحد المتلقى ب AA Aالقبول ي AA Aوجب العلم عند
جمهAAور العلمAAاء… ثم قAAال :فإنه وإ ن كAAان في نفسه ال يفيد إال الظن ،لكن
لما اقترن به إجماع أهل العلم بالحAAديث على تلقيه بالتصAAديق كAAان بمنزلة
إجم AAاع أهل العلم بالفقه على حكم مس AAتندين في ذلك الى ظ AAاهر أو قي AAاس
72
أو خAA Aبر واحAA Aد ،فAA Aإن ذلك الحكم يصAA Aير قطعي A Aاً عند الجمهAA Aور ،وإ ن كAA Aان
بدون اإلجماع ليس بقطعي.1
ويقول أيضAاً :فلم يقل أحد من العقالء أن كل خAAبر واحد أو خAAبر كل
واحد يكون صدقاً أو يفيد العلم وال انه يكون كذباً.2
المذهب الزيدي:
قAAال الشAAوكاني في اإلرشAAاد :القسم الثAAاني :اآلحAAاد وهو خAAبر ال يفيد
بنفسه العلم سواء كان ال يفيده أصالً أو يفيده بAAالقرائن الخارجة عنAAه ،فال
واسطة بين المتواتر واالحاد ،وهذا قول الجمهور.3
وقAAال االمAAير الصAAنعاني صAAاحب سAAبل السAAالم :وعلى تقAAدير التسAAليم
فيكون قياس األصول يفيد القطع وخبر الواحد ال يفيد إال الظن.
وقAA A A Aال أيض A A A Aاً :وإ ن األصAA A A Aول تفيد القطع وخAA A A Aبر الواحد يفيد الظن
والمقطوع مقدم على المظنون.4
وق AAال في موضع آخ AAر :ان الص AAحيح ال AAذي عليه أك AAثر أهل العلم أن
خAAبر اآلحAAاد وهو حAAديث صAAحيح ولكنه ليس مقطوعAاً به في نفس األمAAر،
5
لذلك فهو ال يكلف أحداً إال بالعمل دون العلم
73
وق AAال محمد بن إب AAراهيم ال AAوزير اليم AAاني في العواصم والقواصم في
رده على الس AAيد :ان العلم بجميع النص AAوص إنما يجب لو وجب ل AAترجيح
القول :بأن العمل بالظن حرام ولو حAرم العمل بAالظن لحAرم العمل بخAبر
الواحد وحينئذ ال يجب العلم بشيء من أخبار اآلحاد.1
وقAA Aال أيض A Aاً :سAA Aلمنا ان الحAA Aديث صAA Aحيح ،لكنه آحAA Aادي ظ AAني والسAA Aيد قد
ادعى أن المسألة قطعية.2
وقد كAA A Aرر مثل هAA A Aذه العبAA A Aارات في كتابه مAA A Aراراً ولAA A Aيرجع الى كتابه من
ارادها.
مشايخ العصر:
قAAال الشAAيخ تقي الAAدين النبهAAاني :خAAبر الواحAAد :وهو ما رواه عAAدد ال
يبلغ حد التواتر في العصور الثالثة وال عAAبرة بما بعAAدها ،وهو يفيد الظن
وال يفيد اليقين.3
وق AAال الش AAيخ محم AAود ش AAلتوت :ه AAذا هو الت AAواتر ال AAذي ي AAوجب اليقين
بثبAAوت الخAAبر عن رسAAول اهلل أما إذا روى الخAAبر واحAAد ،أو عAAدد يسAAير
ولو في بعض طبقاته فإنه ال يكAAون متAAواتراً مقطوع Aاً بنسAAبته الى رسAAول
اهلل وإ نما يكون آحادياً ،في اتصاله بالرسول شبهة فال يفيد اليقين.4
ويق AAول الش AAيخ أبو زه AAرة :وح AAديث اآلح AAاد يفيد العلم الظ AAني ال AAراجح
وال يفيد العلم القطعي ،إذ االتصال بالنبي فيه شبهة.5
74
وقAAال عبد الوهAAاب خالف :وسAAنة اآلحAAاد ظنية الAAورود عن الرسAAول
ألن سندها ال يفيد القطع.1
وقال الخضAAري :أما خAAبر الواحد فهو خAAبر ال يفيد العلم بنفسه سAAواء
أفاده بالقرائن أم لم يفده أصالً.2
وقAA Aال المبAA Aاركفوري :إذ الحاصل بخAA Aبر الواحد الظن وهو مما يقبل
الضعف والشدة.3
وقال الشيخ حسن البنا :فالAذي عليه جمAاهير المسAلمين من الصAحابة
والتAA Aابعين فمن بعAA Aدهم من المحAA Aدثين والفقهAA Aاء وأصAA Aحاب األصAA Aول :ان
خ AAبر الواحد الثقة حجة من حجج الش AAرع يل AAزم العمل بها ويفيد الظن وال
يفيد العلم.
ثم قال :وأما من قال :يوجب العلم :فهو مكابر للحس.4
ويقAA Aول احمد إب AAراهيم بAA Aك :ومنها ما نقل آحAA Aاداً ولم يش AAتهر ك AAاألول
وقد يك AA Aون مت AA Aواتراً في األول ثم ينقل اح AA Aاداً وه AA Aذا القسم ان ك AA Aان جميع
رواته من لAA Aدن الرسAA Aول حAA Aتى وصAA Aوله إلينا ثقAA Aات عAA Aدوالً ضAA Aابطين لما
سمعوه ،كان ما نقلوه إلينا مفيداً للحكم الشAAرعي في المسAAائل العملية دون
العقائد ،بناء ثبوته ثبوتAاً ظنيAاً راجحAاً ،والظن الAراجح كAاف في العمليAAات
دون العقائد التي ترتكز على األدلة القطعية.5
75
ويقAAول سAAيد قطب على األحAAاديث الAAتي رواها مسAAلم في صAAحيحه في
أن الن AA A Aبي قد س AA A Aحره لبيد بن أالعصم اليه AA A Aودي :يق AA A Aول :ولكن ه AA A Aذه
الروايAات تخAالف أصل العصAمة النبوية في الفعل والتبليغ وال تسAتقيم مع
االعتقAA Aاد بAA Aأن كل فعل من أفعاله وكل قAA Aول من أقواله سAA Aنة وشAA Aريعة،
كما أنها تصAA A Aطدم بنفي القAA A Aرآن عن الرسAA A Aول أنه مسAA A Aحور وتكAA A Aذيب
المش AA A A Aركين فيما ك AA A A Aانوا يدعونه من ه AA A A Aذا االفك ومن ثم تس AA A A Aتبعد ه AA A A Aذه
الرواي AA Aات ،وأح AA Aاديث اآلح AA Aاد ال يؤخذ بها في أمر العقي AA Aدة والمرجع هو
القرآن والتواتر شرط لآلخذ باألحاديث في أصول االعتقاد.1
الوجه السابع:
أقوالهم في عدم االستدالل بخبر الواحد في
العقائد
قال أبو العباس القرطبي في معAرض حديثه على حAديث رؤية النAبي
ربه ليلة اإلس AAراء والمع AAراج :ليست المس AAألة من العملي AAات فيكتفى بها
باألدلة الظني AA A A A Aة ،وإ نما هي من المعتق AA A A A Aدات فال يكتفى فيها إال بال AA A A A Aدليل
القطعي.2
وقال صAAفي الAدين االرمAوي :وهAAذا ألن المطلAوب في األصAAول العلم
واليقين ،وخبر الواحد ال يفيAAده كما تقAAدم ،بخالف الفAAروع فإنه يكفي فيها
الظن وخبر الواحد يفيده.3
وقAA Aال أيض A Aاً :وقد أجمعنا على أن خAA Aبر الواحد غAA Aير مقبAA Aول في أصAA Aول
الدين.4
1قاله يف ظالل القرآن™ له 6/4008عند كالمه على سورة الفلق
2كما يف املفهم شرح صحيح مسلم له 1/402ونقله عنه صاحب ظفر االماين ص 120بتصرف
3كما يف هناية الوصول يف دراية االصول له 7/2811
4املرجع السابق 7/2834
76
وق AAال جم AAال ال AAدين االس AAنوي :ألن رواية اآلح AAاد إن أف AAادت إنما تفيد
الظن ،والش AAارع إنما أج AAاز الظن في المس AAائل العملية وهي الف AAروع دون
العلمية كقواعد أصول الدين.1
وقAA Aال القاضي ابن الب AAاقالني :فخ AAرج له من ه AAذه أن خ AAبر الواحد ال
يقبل في العقليات وأصول العقائد وكل ما يلتمس فيه العلم.
وقAAال أيض Aاً :اعلم وفقك اهلل ان كل ما يطلب العلم فيه فال يقبل فيه أخبAAار
اآلحاد.2
وق AAال عالء ال AAدين الس AAمرقندي :ومنها –أي أقس AAام اآلح AAاد -أن ي AAرد
الخAAبر في بAAاب العمل فأما إذا ورد في بAAاب االعتقAAادات وهي من مسAAائل
الكالم فإنه ال يك AAون حجة ألنه ي AAوجب الظن وعلم غ AAالب ال AAرأي ال علمA Aاً
قطعياً ،فال يكون حجة فيما يبتنى على العلم القطعي واالعتقاد حقيقة.3
وقAA Aال السAA Aبكي :بأنه ليس من شAA Aرطه أن يكAA Aون قاطع A Aاً متAA Aواتراً ،بل
مAA Aتى كAA Aان حAA Aديثاً صAA Aحيحاً ولو ظAA Aاهراً وهو من رواية اآلحAA Aاد جAA Aاز أن
يعتمد عليه في ذلك ألن ذلك ليس من مس AAائل االعتق AAاد ال AAتي يش AAترط فيها
القطع.4
77
وقال ابو الثناء محمود الماتريدي :ولهAAذا ال يكAAون حجة في المسAAائل
االعتقادية ألنها تبAAنى على العلم القطعي وخAAبر الواحد يAAوجب علم غAAالب
1
الرأي وأكبر الظن ال علماً قطعياً .
وقال عبد الحميد االسمندي :وان أردتم إثبات القديم تعالى وصفاته،
فنقAA A A Aول :بأنه ال يقبل فيه خAA A A Aبر الواحAA A A Aد ،ألنا لو قبلنAA A A Aاه فيها لقبلنAA A A Aاه في
االعتقادات وال يجوز قبول خبر الواحد في االعتقادات.2
وقAA A A Aال أبو العبAA A A Aاس القAA A A Aرافي في جوابه على من منع العمل بخAA A A Aبر
الواحد فقAA Aال :وجوابهAA Aا :أن ذلك مخصAA Aوص بقواعد الAA Aديانات وأصAA Aول
العبادات القطعيات.3
وق AA A Aال أبو الخط AA A Aاب وابن عقي AA A Aل :انه ال يعمل بأخب AA A Aار اآلح AA A Aاد في
أصول الديانات.4
وقAAال ابو اسAAحق الشAAيرازي رداً على من قAAال لو جAAاز أن يقبل خAAبر
الواحد في الفروع لجاز في األصول مثل التوحيد واثبات األصول.
فقAA Aال :الجAA Aواب :ان في مسAA Aائل األصAA Aول أدلة عقلية موجبة للعلم قاطعة
للعذر فال حاجة بنا الى خبر الواحد.5
78
وقAA A Aال الAA A Aبزدوي :خAA A Aبر الواحد لما لم يفد اليقين ال يكAA A Aون حجة فيما
يرجع الى االعتق AA Aاد ألنه مب AA Aني على اليقين وإ ن ك AA Aان حجة فيما قصد فيه
1
العمل .
وقAA A A A Aال الحافظ ابن حجر العسAA A A A Aقالني :الAA A A A Aذي يظهر من تصAA A A A Aرف
البخ AA A Aاري في كت AA A Aاب التوحي AA A Aد ،أنه يس AA A Aوق األح AA A Aاديث الAA A Aتي وردت في
الصAAفات المقدسة فيAدخل كل حAديث منها في بAاب ويؤيAده بآية من القAرآن
لإلش AA Aارة الى خروجها عن أخب AA Aار اآلح AA Aاد على طريق الت AA Aنزل في ت AA Aرك
االحتجاج بها في االعتقادات….2
وقAAال العيAAني في شAAرح صAAحيح البخAAاري عند قوله "في اآلذان" قAAال:
إنما ذكر هAA Aذه األشAA Aياء ليعلم أن إنفAA Aاذ الخAA Aبر إنما هو في العمليAA Aات ال في
االعتقادات.3
المالّ علي الق AAاري على ح AAديث أب AAوي رس AAول اهلل في الن AAار:
وق AAال ُ
فقال :إال أن يكون قطعي الدراية ال ظني الرواية ،ألنه في بAAاب االعتقAAاد
ال يعمل بالظنيات وال يكتفى باآلحاد.4
وقAA Aال بخيت المطيعي على شAA Aرح االسAA Aنوي :وحاصل الجAA Aواب أننا
نمنع أن العلة الAA A Aتي اقتضت وجAA A Aوب العمل بخAA A Aبر الواحد في العمليAA A Aات
موجAAودة في االعتقAAادات ،ألن المطلAAوب في العمليAAات هو العمAAل ،ويكفي
79
في ذلك الظن ،والمقصAA Aود في االعتقAA Aادات االعتقAA Aاد المطAA Aابق للواقع من
موجب فال يكفي في ذلك الظن.1
وقAAال محمAAود شAAلتوت :ومن هنا يتأكد أن ما قررنAAاه من أن أحAAاديث
اآلح AAاد ال تفيد عقي AAدة وال يصح االعتم AAاد عليها في ش AAأن المغيب AAات ،ق AAول
مجمع عليه وثAA Aابت بحكم الضAA Aرورة العقلية الAA Aتي ال مجAA Aال للخالف فيها
عند العقالء.2
وقAA A Aال سAA A Aيد قطب :وأحAA A Aاديث اآلحAA A Aاد ال يؤخذ بها في أمر العقيAA A Aدة
والمرجع هو الق AA A Aرآن ،والت AA A Aواتر ش AA A Aرط لألخذ باألح AA A Aاديث في أص AA A Aول
االعتقاد.3
ويقAAول عبد الوهAAاب النجAAار :الخAAبر إذا كAAان رواته آحAAاداً فال يصAAلح
أن يك AA A Aون دليالً على ثب AA A Aوت اُألم AA A Aور االعتقادية ألن اُألم AA A Aور االعتقادية
الغرض منها القطع والخبر الظني الثبوت والداللة ال يفيد القطع.4
ويق AAول عبد ال AAرحمن الجزي AAري :معلق Aاً على حقيقة الس AAحر :ولم يبق
للق AAائلين ب AAأن الس AAحر له أثر حقيقي إال االس AAتدالل بح AAديث البخ AAاري ال AAذي
رواه عن عائشة رضي اهلل عنها من أن النبي قد سحر وأنه كان ُيخيل
له أنه يفعل الشيء ولم يفعله ،وهذا حديث صحيح لم يتعAAرض أحد للقAAدح
في أحد من رواته ،ومن الحسن أن يقال :ان مثل هAAذه األحAAاديث تجAAزئ
في المس AAائل الفرعية ال في المس AAائل االعتقادي AAة ،ف AAإن العقائد ال تب AAنى إال
80
على األدلة اليقينية وهAA Aذه األحAA Aاديث مهما كAA Aانت صAA Aحيحة فهي أحAA Aاديث
5
آحاد ال تفيد إال الظن
ه AAذا ما وقع لي من أق AAوال العلم AAاء ،وأكتفي به AAذا الق AAدر منها في
هذه العجالة للرد على افتراآت المفAAترين على أئمة المسAAلمين وتالمAAذتهم،
ولو أراد المرء أن يجعلها مئين أو أكAAثر لحصل له ذلك إذا تحصAلت لديه
المكنة وتوفرت عنده المراجع.
وللعلم فAAإنني لم أجد أحAAداً قAAال بAAأن خAAبر اآلحAAاد يفيد العلم مطلق Aاً
سوى المذهب الظاهري على ما ذكره ابن حزم في أحكامAAه ،أما بقية من
قAA A Aال أنه يفيد العلم فقيAA A Aدوا ذلك بقرينة تAA A Aرجح العلم فيه على الظن كAA A Aإبن
تيمية وابن القيم والنظAA Aام أحد رؤوس المعتزلة وغAA Aيرهم ،وال يخفAA Aاك أنه
إذا إنعدمت القرينة فال يفيد خبر الواحد إال الظن.
ف AAإن قيل ب AAأن ه AAؤالء الس AAبعين وغ AAيرهم هم علم AAاء كالم وليس AAوا
من أهل السنة.
يق AAال ب AAأنكم ش AAغبتم بما ال فائ AAدة فيه إذ هل القرط AAبي من المالكية
وابن العربي والشاطبي وابن عبد الAبر والزرقAاني من علمAاء الكالم؟! أم
هل الخطيب البغAAدادي المحAAدث من الشAAافعية وابن حجر وابن دقيق العيد
وابن األث AA A Aير وابن الج AA A Aزري والن AA A Aووي وابن عبد الس AA A Aالم والم AA A Aاوردي
واالسAA A A Aنوي من علمAA A A Aاء الكالم؟! أم هل الكمAA A A Aال بن الهمAA A A Aام من الحنفية
والسرخسي وابن عابAAدين والكاسAAاني والنسAAفي واألنصAAاري والجصAAاص
من علمAA A A A A A A A Aاء الكالم؟! أم هل ابن قدامة المقدسي من الحنبلية وابن تيمية
وابن عقيل وأبو الخطAA Aاب وابن المنAA Aير وابو يعلى من علمAA Aاء الكالم؟! أم
81
هل األئمة األربعة من علم AA Aاء الكالم؟!! ال يق AA Aول به AA Aذا إال مك AA Aابر معاند
والعياذ باهلل من ذلك.
وإ ن قيل بAAأن هAؤالء اشAAاعره على سAAبيل التهمة وكAAأن االشAAعرية
تهمAA Aة ،يقAA Aال :بAA Aأن ما أثبتنAA Aاه آنف A Aاً وهو أقAA Aوال فقهAA Aاء المAA Aذاهب المعتAA Aبرة
والمشAAهورة عند المسAAلمين فAAإن كAAانت هAAذه المAAذاهب أشAAعرية فمعنAAاه أنهم
عرف AAوا أن االش AAاعرة على الحق فس AAاروا معهم ،ف AAإن ق AAالوا :ب AAأن ه AAؤالء
العلماء ليسوا على مذهب االشاعرة ،تراجعوا عن اتهامهم لهم.
فائدة :في معنى العلم والظن واليقين في كالمهم آنفاً.
والعلم :هو االعتقAA Aاد الجAA Aازم المطAA Aابق للواقع .1وهو المقصAA Aود
من كالمهم "خAA Aبر اآلح AA Aاد ال يفيد العلم" ويطلق العلم وي AA Aراد منه الفقه في
ال AAدين على نحو قوله عليه الص AAالة والسAA Aالم "طلب العلم فريض AAة" وقوله
"ان األنبياء لم يورثوا درهماً وال ديناراً وإ نما ورثوا العلم"
أما اليقين فهو لفظ مش AA Aترك أيضA A Aاً ،فيطلق وي AA Aراد منه الم AA Aوت
كقوله تعAA A Aالى "واعبد ربك حAA A Aتى يأتيك اليقين" ويطلق ويAA A Aراد منه نقيض
الشك كقوله تع AA Aالى {ان ه ذا لهو حق اليقين} ويطلق وي AA Aراد منه عكس
الظن كقوله تعالى {وما لهم به من علم إال اتباع الظن وما قتل وه يقين ا}
وه AAذا المع AAنى األخ AAير هو المقصAA Aود من كالمهم "ان خ AAبر اآلح AAاد ال يفيد
العلم واليقين"
الظن :لفظ مشترك يطلق ويAAراد منه اليقين كقوله تعAAالى {الذين
يظنون انهم مالقوا ربهم وانهم اليه راجعون} ويطلق ويراد منه الكذب
كقوله تع AAالى {ان يتبعون إال الظن وان هم إال يخرصون} ويطلق وي AAراد
منه الشك على نحو قوله تع AA Aالى {اجتنب وا كث يراً من الظن} وقوله عليه
1كما ذكره اجلرجاين يف تعريفاته ص 135وذكر حنوه الصنعاين يف شرح بغية االمل ص22
82
الس AA A Aالم "إي AA A Aاكم والظن ف AA A Aإن الظن أك AA A Aذب الح AA A Aديث" ويطلق وي AA A Aراد منه
االعتقAA Aاد الAA Aراجح كقوله تعAA Aالى {ان ظنا ان يقيما ح دود اهلل} وذكر هAA Aذا
2 1
األخير الزركشي في البرهان والغزي في اتقانه .
وقAAال الشAيرازي :الظن تجAAويز أمAرين أحAدهما أظهر من اآلخر
وذلك كخبر الثقة يجوز أن يكAون صAAادقاً ويجAAوز أن يكAون كاذبAاً غAAير أن
األظهر من حاله الصدق.3
وه AAذا المع AAنى األخ AAير للظن هو المقص AAود من كالمهم ب AAأن خ AAبر
اآلحاد ال يفيد إال الظن وال يفيد اليقين واهلل أعلى وأعلم واليه المصير.
تم والحمد هلل أوالً وآخراً
وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
من شهر رمضان المبارك
2001م – 1422هـ
بيت المقدس
83