You are on page 1of 83

‫خبر الواحد‬

‫ال يفيد العلم وال يؤخذ في العقائد‬

‫محمد الشويكي‬

‫بيت المقدس‬

‫الطبعة األولى‬
‫‪2002‬م – ‪1422‬هـ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫والصالة والسالم على أشرف األنام وعلى آله وصحبه والتابعين لهم‬
‫بإحسان الى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫يزعم من شذ عن قواعد األصول وجمهرة أهل العلم من‬
‫الفقهاء والمحدثين واألصوليين‪ ،‬بأن خبر اآلحاد يفيد العلم ويؤخذ في‬
‫العقائد عند أهل السنة قاطبة‪ ،‬وأنه لم يقل خالف ذلك إال الجهمية‬
‫والمعتزلة والجبرية والخوارج‪.‬‬
‫غير أنه بعد التدقيق في المسألة تبين أنه زعم باطل ليس عليه‬
‫دليل ال من الكتاب وال من السنة وال من إجماع الصحابة‪ ،‬بل تكذبه‬
‫األدلة والبراهين‪ ،‬وقد أوردت في عجالتي هذه سبعة وجوه كل وجه‬
‫فيها كفيل بأن يرد زعمهم هذا‪.‬‬

‫الوجه األول‪-:‬‬
‫وهو التفريق بين الخبر المتواتر وخبر اآلحاد من حيث تعريف‬
‫كل منهما ومن حيث واقعهما في الش ‪AA A A A A‬ريعة عند كل من ذكر المت ‪AA A A A A‬واتر‬
‫واآلح ‪AA‬اد من العلم ‪AA‬اء‪ ،‬فق ‪AA‬الوا‪ :‬ب ‪AA‬أن الخ ‪AA‬بر إما أن يك ‪AA‬ون ك ‪AA‬ذباً قطع‪A A‬اً وهو‬
‫الح ‪AA‬ديث المختلق الموض ‪AA‬وع‪ ،‬وإ ما أن يك ‪AA‬ون ص ‪AA‬دقاً قطع‪A A‬اً وهو الح ‪AA‬ديث‬
‫المت ‪AA A‬واتر‪ ،‬وأما أن يحتمل أن يك ‪AA A‬ون ص ‪AA A‬دقاً أو ك ‪AA A‬ذباً وهو خ ‪AA A‬بر اآلح ‪AA A‬اد‪.‬‬
‫فالثاني والثالث هما محل البحث هنا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أما الخبر المتواتر لغة‪ :‬فهو التتابع أي تتابع شيئين فأكثر‬
‫بمهلة أي واحد بعد واحد من الوتر‪ ،‬ومنه قوله تعالى {ثم أرسلنا رسلنا‬
‫‪1‬‬
‫تترى} ‪.‬‬
‫وأما معناه في االصطالح‪ :‬فهو خبر عدد يمتنع عادة تواطؤهم‬
‫على الكذب‪.2‬‬
‫وأما حكمه فإنه يفيد العلم واليقين عند كافة الفقهاء‪ ،3‬ويكفر‬
‫منكر الخبر الذي ثبت تواتره‪ ،‬وقد اعتنى غير واحد من العلماء بجمعه‬
‫وتدوينه كالسيوطي والزبيدي والكتاني‪.‬‬
‫أما خبر اآلحاد‪ :‬فهو جمع أحد وهو خبر رواه واحد عن واحد‬
‫مأخوذ من اسمه‪.4‬‬
‫وفي االصطالح‪ :‬خبر الواحد ما انحط عن حد التواتر وهو أن‬
‫يفقد فيه شرط من شروط المتواتر‪.5‬‬

‫أما حكمه‪ :‬فهو أنه ال يفيد العلم واليقين وال يكفر منكره ألنه‬
‫انحط عن المتواتر وهو قول الغالبية العظمى من العلماء بمن فيهم‬
‫األئمة األربعة كما سنبينه في موضعه إن شاء اهلل تعالى‪ ،‬وهذا يكذب‬
‫ادعاء من نفى عنهم وعن تالمذتهم ذلك‪ ،‬فقد وقع لي أكثر من سبعين‬
‫منهم يقول بهذا القول‪ ،‬ولقد أفردت لهم باباً خاصاً في آخر البحث‪.‬‬

‫‪ 1‬كذا يف شرح الكوكب املنري ‪ 2/323‬وغريه من كتب االصول عند كل من ذكرنا عنهم‬
‫‪ 2‬االيات البينات للعبادي ‪3/272‬‬
‫‪ 3‬كذا يف ميزان االصول للسمرقندي ص‪ 423‬وهناية السؤال ‪3/69‬‬
‫‪ 4‬كما يف ميزان االصول ص‪431‬‬
‫‪ 5‬كما يف شرح اللمع للشريازي ‪2/578‬‬

‫‪3‬‬
‫الوجه الثاني‪-:‬‬
‫األدلة من الكتاب والسنة وإ جماع الصحابة على أن خبر اآلحاد‬
‫ال يفيد العلم واليقين‪.‬‬
‫أما الكتاب‪ :‬فقوله تعالى {ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن‬
‫تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} قال أبو بكر‬
‫الجصاص الحنفي على هذه اآلية الكريمة‪ :‬وفي هذه اآلية داللة على أن‬
‫خبر الواحد ال يوجب العلم إذ لو كان يوجب العلم بحال لما احتيج فيه‬
‫الى التثبت‪ ،‬ومن الناس من يحتج به في جواز قبول خبر الواحد العدل‬
‫ويجعل تخصيصه الفاسق بالتثبت في خبره دليالً على أن التثبت في‬
‫خبر العدل غير جائز‪ ،‬وهذا غلط‪ ،‬ألن تخصيص الشيء بالذكر ال يدل‬
‫على أن ما عداه فحكمه بخالفه"‪.‬‬
‫ثم هذه اآلية من الحجج على من ال يأخذ بمفهوم المخالفة من‬
‫أن خبر الواحد الفاسق أو العدل ال يفيد العلم‪.‬‬
‫وقول اهلل تعالى‪{ :‬والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا‬
‫بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة}‪.‬‬

‫فاهلل عز وجل لم يقبل ش ‪AA‬هادة الواحد في إثب ‪AA‬ات الزنا بل اش ‪AA‬ترط‬


‫أربعة ش ‪AA‬هود كما دلت على ذلك اآلية الكريم ‪AA‬ة‪ ،‬مما ي ‪AA‬دل على أن ش ‪AA‬هادة‬
‫الواحد ال تفيد العلم ولو ك‪AA A A‬ان ع‪AA A A‬دالً‪ ،‬بل البد من جم‪AA A A‬ع‪ ،‬واحد بعد واحد‬
‫حتى يفيد العلم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وقد احتج بهذه اآلية من اشترط أربعة في أقل الجمع الذي يفيد‬
‫خبرهم العلم وهو المتواتر‪.1‬‬
‫فإن قيل بأن هذه حالة خاصة في شهود الزنا فقط بدليل ان اهلل‬
‫عز وجل طلب في إثبات القتل أو السرقة شاهدين اثنين‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬ان هذه حجة أخرى لنا‪ ،‬فإن اهلل عز وجل طلب في‬
‫إثبات القتل أو السرقة خبر جمع أيضاً ال خبر واحد‪ ،‬واالثنان جمع‪ ،‬قال‬
‫عليه الصالة والسالم "االثنان فما فوق جماعة"‪ ،2‬وبهذا أيضاً احتج‬
‫بعض العلماء على أن اقل عدد إلثبات المتواتر اثنان‪ .3‬وهو خبر واحد‬
‫بعد واحد‪.‬‬
‫وك‪AA A A‬ذلك طلب الش‪AA A A‬رع في الوص‪AA A A‬ية أن يش‪AA A A‬هد عليها جمع وهو‬
‫اثن‪AA‬ان وك‪AA‬ذلك في الطالق وال‪AA‬زواج وفي إثب‪AA‬ات الهالل في ال‪AA‬رأي ال‪AA‬راجح‬
‫الد ْين‪.‬‬
‫وفي إثبات ّ‬
‫كل هذا من األدلة على أن خبر الواحد ولو كان عدالً ال يفيد‬
‫العلم واليقين وان أفاد العمل‪.‬‬
‫وأما السنة‪-:‬‬
‫فعدم قبوله ‪ ‬بما أخبره الوليد بن عقبة بن أبي معيط بشأن‬
‫بني المصطلق‪ ،‬حتى أرسل خالد بن الوليد ليتثبت من خبره وفي ذلك‬
‫نزلت آية التثبت في سورة الحجرات‪.4‬‬

‫‪ 1‬راجع إن شئت كل من التمهيد للكلوذاين ‪ 3/28‬ونفائس االصول للفرايف ‪ 6/2967‬ومقدمة نظم املتناثر‬
‫للزبيدي وغريها من كتب االصول عند احلديث على العدد الذي ثبت به املتواتر‬
‫‪ 2‬رواه الطحاوي يف معاين االثار ‪ 1/308‬و ‪ 4/334‬ويف املستدرك للحاكم وابن ماحة يف سننه برقم ‪972‬‬
‫والبيهقي يف سننه الكربى ‪3/69‬‬
‫‪ 3‬كما ذكره الكلوذاين يف التمهيد ‪ 3/29‬والقرايف يف نفائس االصول ‪6/2967‬‬

‫‪ 4‬راجع إن شئت تفسرب الطربي آلية ا حلجرات رقم ‪6‬‬

‫‪5‬‬
‫وال يقال إنما أمر بالتثبت ألن المخبر فاسق ال يقال ذلك ألن‬
‫المخبر صحابي والصحابة كلهم عدول‪ ،‬وال عبرة بمن شذ عن هذه‬
‫القاعدة‪.‬‬

‫وعدم قبوله ‪ ‬لقول ذي اليدين لما قال للنبي ‪ ‬وقد صلى‬


‫ركعتين في صالة ظهر فقال له يا رسول اهلل "أقصرت الصالة أم‬
‫نسيت"‪ ،‬فالتفت النبي ‪ ‬يميناً وشماالً ثم سأل القوم "ما يقول ذو اليدين"‬
‫فقالوا‪ :‬صدق لم تصل إال ركعتين"‪.1‬‬

‫والشاهد في كالم ذي اليدين أنه جاء على خالف يقين رسول‬


‫اهلل ‪ ‬واليقين ال يقاومه ظن أو شك بل البد له من يقين‪ ،‬ولذلك سأل‬
‫النبي ‪ ‬القوم فقالوا له‪ :‬صدق ذو اليدين فقام يقين عنده مكان يقين‪،‬‬
‫ولذلك صلى ما سهى عنه وسجد للسهو‪.‬‬

‫وبذلك يثبت أن قول الواحد عند النبي ‪ ‬ال يفيد يقيناً‪.‬‬


‫ومن مثل هذا الدليل أخذت قاعدة "اليقين ال يزول إال بيقين" أو‬
‫"اليقين ال يزول بالظن أو بالشك" واهلل أعلم‪.‬‬
‫وأما إجماع الصحابة‪-:‬‬
‫فقد دل إجماع الصحابة رضي اهلل عنهم على أن خبر اآلحاد ال‬
‫يفيد العلم واليقين وال يؤخذ في العقائد‪ ،‬وإ ال ألثبتوا القرآن بقول اآلحاد‬
‫وهو أحد أركان العقيدة‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر البخاري ‪ 1/182‬ومسلم ‪ 1/403‬وغريمها من كتب احلديث باب السهو يف الصالة‬

‫‪6‬‬
‫فقد روى أحمد والطبراني وابن مردوية والبزار بإسناد صحيح‬
‫عن ابن عباس أن ابن مسعود كان يحذف المعوذتين من المصحف وفي‬
‫رواية "كان َي ُح ُّ‬
‫ك المعوذتين" ويقول "ال تخلطوا القرآن بما ليس منه‬
‫إنهما ليستا من كتاب اهلل إنما ُأمر النبي ‪ ‬أن يتعوذ بهما"‪.‬‬

‫قال البزار‪ :‬لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة‪.1‬‬

‫ففي هذا دليل واضح على أن الصحابة لم يثبتوا القرآن أو شيئاً‬


‫منه على أنه قرآن باآلحاد كقول ابن مسعود رضي اهلل عنه‪ ،‬بل بالقطع‬
‫والمتواتر‪.‬‬

‫وروى الحاكم في المستدرك وغيره عن كثير بن الصلت قال‪ :‬كان ابن‬


‫العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف فمروا على هذه اآلية فقال زيد‬
‫سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"‬
‫فقال عمر‪" :‬لما أنزلت هذه أتيت رسول اهلل ‪ ‬فقلت ُأكتبنيها" قال شعبة‪:‬‬
‫فكأنه كره ذلك‪ ،‬فقال عمر أال ترى أن الشيخ إذا لم ُيحصن جلد وان‬
‫الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم"‪.2‬‬
‫وفي رواية الموطأ‪ :‬قال عمر رضي اهلل عنه "لوال أن يقال‬
‫بأني زدت في القرآن لكتبتها" وفي رواية أخرى له "لوال أن يقول‬
‫الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب اهلل لكتبتها فإنا قد قرأناها"‪.3‬‬

‫‪ 1‬راجع إن شئت فتح القدير للشوكاين ‪5/518‬‬


‫‪ 2‬أنظر املستدرك للحاكم ‪4/360‬‬
‫‪ 3‬كما يف موطأ مالك كتاب احلدود باب الرجم حديث رقم ‪10‬‬

‫‪7‬‬
‫ومع ذلك فإن الصحابة رضي اهلل عنهم لم يثبتوا هذه الجملة‬
‫آية في كتاب اهلل تعالى ألنها لم تثبت بالقطع بل باآلحاد وهو ظن‪.‬‬
‫وروى اإلمام مالك في الموطأ عن عائشة أم المؤمنين رضي‬
‫اهلل عنها قالت‪" :‬كان فيما أنزل عشر رضعات متتابعات ُيحرمن فنسخن‬
‫بخمس رضعات فتوفي رسول اهلل ‪ ‬وهو فيما يتلى من القرآن"‪.1‬‬
‫غير أن هذه الجملة أيضاً لم تثبت آية في كتاب اهلل ألنها لم‬
‫تثبت بالقطع بل باآلحاد وهو ظن‪.‬‬
‫وقد جمع ابن أالنباري وابن أبي داوود في كتابيهما المصاحف‬
‫عشرات الجمل التي وردت في مصاحف آحاد الصحابة ولم تثبت في‬
‫المصحف اإلمام‪.‬‬
‫ومن ذلك ما جاء في مصحف ابن الزبير "ال جناح عليكم ان‬
‫تبتغوا فضالً من ربكم في مواسم الحج"‪.‬‬
‫ومن ذلك ما جاء في مصحف عائشة "حافظوا على الصلوات‬
‫والصالة الوسطى وصالة العصر"‪.‬‬
‫ومن ذلك ما جاء في مصحف أبي بن كعب "فصيام ثالثة أيام‬
‫متتابعات في كفارة اليمين"‪.‬‬
‫وغير ذلك من الجمل‪ ،‬إال أن الصحابة رضي اهلل عنهم قد‬
‫أجمعوا على أنها ليست قرآناً بدليل أنهم لم يثبتوها في المصحف االمام‬
‫وهو الذي بين أيدينا وال يصح أن نقول بأنها قرآن ألنها لم تثبت‬
‫بالتواتر والقطع بل باآلحاد والظن‪.‬‬
‫ثم قاموا بتصرف الفت للنظر يبين لنا أنها ليست قرآناً‪ ،‬أنهم‬
‫وافقوا عثمان بن عفان رضي اهلل عنه على حرقه كل مصاحف آحاد‬
‫‪ 1‬أنظر املوطأ كتاب الرضاع حديث رقم ‪17‬‬

‫‪8‬‬
‫الصحابة التي خالفت في جملها المصحف اإلمام الذي أجمعوا على أنه‬
‫هو القرآن الكريم‪ .‬وعلى هذا أهل السنة قاطبة‪ ،‬قال صاحب مسلم‬
‫الثبوت‪ :‬ما نقل آحاداً فليس بقرآن قطعاً ولم يعرف فيه خالف لواحد من‬
‫أهل المذاهب‪.1‬‬
‫وفي هذا اإلجماع الفعلي والقولي من أصحاب رسول اهلل ‪‬‬
‫ومن أهل المذاهب ألكبر دليل على أن عقائد المسلمين ال تثبت إال‬
‫باليقين‪ ،‬وكتاب اهلل عز وجل هو أحد أركان العقيدة اإلسالمية الذي‬
‫استشهدنا به على مسألتنا وهو كاف في الرد على من قال أن اآلحاد تفيد‬
‫اليقين وأنها تؤخذ إلثبات العقائد‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ -:‬اختالفهم في خبر اآلحاد‪:‬‬


‫ومن األدلة على أن خبر اآلحاد ال يفيد إال الظن‪ ،‬اختالف‬
‫الصحابة ومن بعدهم في إثبات خبر الواحد بين منكر ومتقبل‪ ،‬فلو كان‬
‫يفيد العلم واليقين لما كان الختالفهم عليه معنى وألنكر بعضهم على‬
‫بعض ذلك‪ ،‬فلما لم يحصل دل ذلك على ما أثبتناه‪.‬‬

‫أما الصحابة رضي هللا عنهم‪:‬‬


‫فجميعهم لم يقبل رواية عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنه في‬
‫عدم اعتبار المعوذتين من القرآن كما أثبتناه آنفاً من إجماع الصحابة‬
‫على عدم اعتبار خبر اآلحاد في القرآن الكريم وهو مصدر العقائد‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ 1‬كما يف حاشية املستصفى للغزايل ‪2/9‬‬

‫‪9‬‬
‫مثال آخر‪:‬‬
‫ومن األمثلة الشرعية بل قل األدلة من أفعال وأقوال أصحاب‬
‫رسول اهلل ‪ ‬دون إنكار من أحد منهم مما يدل على جواز االختالف‬
‫في قبول خبر اآلحاد أو عدمه‪ ،‬ما ُأثر عن عمر بن الخطاب رضي اهلل‬
‫عنه في عدم قبول رواية حفصة أم المؤمنين في قوله تعالى {حافظوا‬
‫على الصلوات والصالة الوسطى} فزادت رضي اهلل عنها "وصالة‬
‫العصر" فقال عمر‪ :‬ألك بهذا بينة قالت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فواهلل ال ندخل في‬
‫‪1‬‬
‫القرآن ما تشهد به امرأة بال إقامة بينة‪.‬‬

‫مثال آخر‪:‬‬
‫ُّ‬
‫رد عمر رضي اهلل عنه لخبر فاطمة بنت قيس في حكاية النفقة‬
‫والسكنى للمبتوتة‪ ،‬فقد روى اإلمام مسلم وغيره عن الشعبي أنه حدث‬
‫بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول اهلل ‪ ‬لم يجعل لها سكنى وال نفقة‪.‬‬
‫قال عمر‪ :‬ال نترك كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة ال ندري لعلها‬
‫حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة وتال قول اهلل تعالى {ال تخرجوهن‬
‫من بيوتهن وال يخرجن إال أن يأتين بفاحشة مبينة}‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وكذلك أنكرته عائشة رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫مثال آخر‪-:‬‬
‫أنكرت عائشة رضي اهلل عنها خبر ابن عمر رضي اهلل عنه‬
‫"في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه" فقد روى البخاري ومسلم عن عبد‬
‫اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬ان الميت ليعذب‬

‫‪ 1‬أنظر إن شئت الدر املنثور عند تفسري اآلية املذكورة‬

‫‪ 2‬كل هذا يف صحح مسلم شرح النووي ‪104/-1‬‬

‫‪10‬‬
‫ببكاء أهله عليه" فلما بلغ ذلك عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬واهلل ما قال‬
‫رسول اهلل ‪ ‬قط أن الميت يعذب ببكاء أحد‪.‬‬
‫وفي رواية للبخاري عن عمر رضي اهلل عنه‪ ،‬فقالت عائشة‬
‫رضي اهلل عنها‪ :‬يرحم اهلل عمر واهلل ما حدث رسول اهلل ‪" ‬أن اهلل‬
‫يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه"‪.1‬‬
‫مثال آخر‪:‬‬
‫روى البخاري رحمه اهلل عن حذيفة بن اليمان رضي اهلل عنه‬
‫بال قائماً ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضاً"‬
‫قال‪" :‬أتى النبي ‪ُ ‬سباطة قوم فَ َ‬
‫لكن عائشة رضي اهلل عنها أنكرت ذلك‪ :‬فقد روى الحاكم وابن عوانه‬
‫في صحيحيهما أنها قالت‪ :‬ما با َل رسول اهلل ‪ ‬قائماً منذ أنزل عليه‬
‫القرآن‪ ،‬وقالت‪ :‬من حدثكم أنه كان يبول قائماً فال تصدقوه‪.2‬‬
‫مثال آخر‪:‬‬
‫في رؤية النبي ‪ ‬ربه ليلة المعراج وهو من المغيبات عنا فقد‬
‫روى النسائي والحاكم بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‬
‫قال‪" :‬أتعجبون أن تكون الخلة إلبراهيم والكالم لموسى والرؤية‬
‫لمحمد"‪.‬‬
‫حلف أن محمداً‬
‫وحكى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن أنه َ‬
‫رأى ربه‪.‬‬
‫وأخرج ابن اسحق أن ابن عمر أرسل الى ابن عباس‪" :‬هل‬
‫رأي محمد ربه؟ فأرسل اليه‪ :‬نعم"‪.‬‬

‫‪ 1‬كذا هو يف فتح الباري للعسقالين ‪ 3/152‬ويف شرح مسلم للنووي ‪ 6/232‬فما فوق‬
‫‪ 2‬راجعه إن شئت يف فتح الباري ‪ 1/330‬ويف شرح مسلم للنووي ‪ 3/165‬فما فوق‬

‫‪11‬‬
‫غير أن عائشة رضي اهلل عنها أنكرت ذلك إنكاراً شديداً‬
‫فقالت‪" :‬من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد كذب"‪.1‬‬
‫مثال آخر‪:‬‬
‫روى اإلمام مسلم وغيره عن النبي ‪ ‬أنه قال "يقطع الصالة‬
‫المرأة والحمار والكلب"‪.‬‬
‫فبلغ ذلك عائشة رضي اهلل عنها فأنكرته وقالت‪" :‬قد شبهتمونا‬
‫بالحمير والكالب" وفي رواية "عدلتمونا بالكالب والحمير" وفي رواية‬
‫"جعلتمونا كالباً"‪.2‬‬
‫مثال آخر‪:‬‬
‫روى البخاري ومسلم عن عاصم قال‪ :‬قلت ألنس بن مالك‪:‬‬
‫أبلغك أن النبي ‪ ‬قال ال حلف في اإلسالم؟ فقال‪ :‬قد حالف الني ‪ ‬بين‬
‫قريش واألنصار في داري‪ .‬وفي رواية مسلم "في داره"‪.‬‬
‫قال ابن حجر العسقالني‪ :‬وتضمن جواب أنس إنكار صدر‬
‫الحديث ألن فيه نفي الحلف وفيما قاله هو إثباته‪.3‬‬
‫فهذه األمثلة كافية في االستدالل على أن أخبار اآلحاد ال تفيد‬
‫عند الصحابة إال الظن وإ ال لما ساغ لهم االختالف في قبولها وردها‬
‫على مرأى ومسمع منهم دون إنكار من أحد منهم ذلك‪.‬‬

‫ثم هناك أمثلة أخرى كثيرة أيضاً في عدم قبولهم رواية الواحد‬
‫إال ببينة مما يدل أيضاً على أن خبر الواحد ال يفيد عندهم إال الظن‪.‬‬
‫من ذلك‪:‬‬

‫‪ 1‬أنظر ذلك كله يف شرح مسلم للنووي ‪ 4/3‬فما فوق ويف فتح الباري ‪ 8/606‬فما فوق‬
‫‪ 2‬كذا يف صحيح مسلم شرح النووي ‪ 4/228‬فما فوق ويف فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪1/589‬‬
‫‪ 3‬انظره إن شئت يف فتح الباري ‪502-10/501‬‬

‫‪12‬‬
‫ما رواه الترمذي وأبو داوود وغيرهما واللفظ له عن قبيصة‬
‫بن أبي ذؤيب قال جاءت الجدة الى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها‪:‬‬
‫فقال‪ :‬مالك في كتاب اهلل تعالى شيء‪ ،‬وما علمت لك في سنة نبي اهلل ‪‬‬
‫شيئاً‪ ،‬فارجعي حتى أسأل الناس‪ ،‬فسأل الناس‪ ،‬فقال المغيرة بن شعبة‪:‬‬
‫حضرت رسول اهلل ‪ ‬أعطاها السدس‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬هل معك غيرك؟‬
‫فقام محمد بن سلمة فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة‪ ،‬فأنفذه لها أبو‬
‫بكر‪."1‬‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫ما رواه البخ‪AA A‬اري ومس‪AA A‬لم عن أبي موسى األش‪AA A‬عري رضي اهلل‬
‫عنه أنه اس‪AA A A‬تأذن على عمر رضي اهلل عنه ثالث ‪A A A‬اً فكأنه وج‪AA A A‬ده مش‪AA A A‬غوالً‬
‫فرج‪AA‬ع‪ ،‬فق‪AA‬ال عم‪AA‬ر‪ :‬ألم أس‪AA‬مع ص‪AA‬وت عبد اهلل بن قيس‪ ،‬إئ‪AA‬ذنوا ل‪AA‬ه‪ ،‬ف‪AA‬دعي‬
‫له فق‪A‬ال ما حملك على ما ص‪A‬نعت فق‪A‬ال‪ :‬إنا كنا ن‪A‬ؤمر به‪A‬ذا‪ ،‬فق‪A‬ال‪ :‬لتقيمن‬
‫على ه‪AA A‬ذا بينة أو ألفعلن ب‪AA A‬ك‪ ،‬فخ‪AA A‬رج ف‪AA A‬انطلق إلى مجلس من األنص‪AA A‬ار‪،‬‬
‫فق‪AA‬الوا ال يش‪AA‬هد لك على ه‪AA‬ذا إال أص‪AA‬غرنا‪ ،‬فق‪AA‬ام أبو س‪AA‬عيد الخ‪AA‬دري رضي‬
‫اهلل عنه فقال‪ :‬كنا نؤمر بهذا‪ ،‬فق‪A‬ال عم‪A‬ر‪ :‬خفي علي ه‪A‬ذا من أمر رس‪A‬ول‬
‫اهلل ‪ ‬ألهاني عنه الصفق باألسواق‪.2‬‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫ما رواه اإلم‪AA A A A A A A A A A A A A‬ام احمد وأبو داود وغيرهما عن علي بن أبي‬
‫ط ‪AA A A‬الب رضي اهلل عنه ق ‪AA A A‬ال‪ :‬كنت رجالً إذا س ‪AA A A‬معت من رس ‪AA A A‬ول اهلل ‪‬‬
‫ح ‪AA‬ديثاً نفع ‪AA‬ني اهلل منه ما ش ‪AA‬اء إن ينفع ‪AA‬ني‪ ،‬وإ ذا ح ‪AA‬دثني أحد من أص ‪AA‬حابه‬

‫‪ 1‬كذا هو يف سنن أيب داود ‪ 3/121‬باب يف اجلدة ويف سنن الرتمذي ‪ 3/283‬باب ما جاء يف مرياث اجلدة‬
‫‪ 2‬كما يف فتح الباري ‪ 13/320‬فما فوق ‪ 11/27‬ويف شرح مسلم للنووي ‪14/130‬‬

‫‪13‬‬
‫اس‪AA A A‬تحلفته‪ ،‬ف‪AA A A‬إذا حلف لي ص‪AA A A‬دقته‪ ،‬وح‪AA A A‬دثني أبو بكر وص‪AA A A‬دق أبو بكر‬
‫رضي اهلل عنه‪.3‬‬
‫إذن فكما ت‪AA‬رى فإنه ل‪AA‬وال ع‪AA‬دم إف‪AA‬ادة خ‪AA‬بر اآلح‪AA‬اد اليقين لما ك‪AA‬ان‬
‫هنالك داع لطلب أبي بكر وعمر وعلي رضي اهلل عنهم أجمعين البينة‬
‫واإلس‪AA‬تيثاق ولو ب‪AA‬الحلف من أص‪AA‬حابهم‪ ،‬وهم يعلم‪AA‬ون يقين‪A‬اً أنهم ص‪AA‬ادقون‬
‫وانهم ال يكذبون على رسول اهلل ‪ ‬ألنهم كلهم عدول بإجماعهم‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬بأنهم قبلوا كث‪A‬يراً من الرواي‪A‬ات دون طلب البينة عليها‬
‫مما يدل على أنها يقينية عندهم ولو كانت أخبار آحاد‪.‬‬
‫الج‪AA A‬واب‪ :‬أن قب‪AA A‬ولهم للرواي‪AA A‬ات دون طلب البينة ي‪AA A‬دل على أنها‬
‫في رس ‪AA A‬ول اهلل ‪ ‬وه ‪AA A‬ذه بالنس ‪AA A‬بة‬
‫ثابتة عن ‪AA A‬دهم‪ ،‬إما س ‪AA A‬ماعا مباش ‪AA A‬رة من ّ‬
‫لس‪AA A A A A‬امعها تفيد اليقين عن‪AA A A A A‬ده‪ ،‬وإ ما أنها ت‪AA A A A A‬واترت بينهم تلك الرواية ولو‬
‫ب‪AA‬المعنى‪ ،‬ول‪AA‬ذلك لم يس‪AA‬ألوا البينة عليه‪AA‬ا‪ ،‬وال تس‪AA‬مى ه‪AA‬ذه الرواي‪AA‬ات أخب‪AA‬ار‬
‫آحاد عندهم وال تنطبق عليها أحكامها‪.‬‬
‫ثم ان اس‪AA A A A A A A A‬تداللنا باألمثلة اآلنفة عن أبي بكر وعمر وعلي في‬
‫طلبهم البينة واالس ‪AA A‬تيثاق من الرواية ليس إلثب ‪AA A‬ات أن خ ‪AA A‬بر ال ‪AA A‬رجلين أو‬
‫الثالثة يفيد العلم واليقين فليس ه ‪AA‬ذا موض ‪AA‬عه‪ ،‬بل للداللة على أنه لو ك ‪AA‬ان‬
‫كل خ ‪AA‬بر واحد يفيد اليقين عن ‪AA‬دهم لما س ‪AA‬ألوا البينة عليه ولما س ‪AA‬كتوا على‬
‫ذلك‪ ،‬وهذا هو محل الشاهد الذي أردناه من هذه األمثلة األخيرة‪.‬‬

‫اختالف العلماء من بعد الصحابة‪:‬‬


‫أما بالنس‪AA A‬بة للعلم‪AA A‬اء من بعد الص‪AA A‬حابة فح‪AA A‬دث وال ح‪AA A‬رج ح‪AA A‬ول‬
‫اختالفهم في قبول ورد أخبار اآلحاد والتي لم تبلغ التواتر واليقين اتفاق‪A‬اً‪،‬‬

‫‪ 3‬كما يف مسند امحد ‪ 1/10‬وسنن أيب داوود ‪ 2/86‬باب يف االستعقار وابن حبان يف صحيحه ‪2/10‬‬

‫‪14‬‬
‫مما ي‪AA‬دل على أن غ‪AA‬ير المت‪AA‬واتر هو خ‪AA‬بر آح‪AA‬اد وأنه ال يفيد العلم واليقين‪،‬‬
‫وهو يفيد العمل ال االعتق‪AA A‬اد وإ ال لما ج‪AA A‬از لهم أن يختلف‪AA A‬وا عليه‪AA A‬ا‪ ،‬وه‪AA A‬ذه‬
‫كث ‪AA‬يرة ج ‪AA‬داً يلزمها مجل ‪AA‬دات وهي معروفة عند أص ‪AA‬حابها وعند أهل الفقه‬
‫والح‪AA A A A A A‬ديث‪ ،‬لكننا سنض‪AA A A A A A‬رب بعض األمثلة منها على س‪AA A A A A A‬بيل ال‪AA A A A A A‬ذكر‬
‫واالستشهاد‪.‬‬
‫من ذلك‪:‬‬
‫أنهم اختلف‪AA‬وا في ح‪AA‬ديث "ال ي‪AA‬ؤمن أح‪AA‬دكم ح‪AA‬تى يك‪AA‬ون ه‪AA‬واه تبع ‪A‬اً‬
‫لما جئت ب ‪AA A‬ه" أورده الن ‪AA A‬ووي في األربعين وق ‪AA A‬ال ح ‪AA A‬ديث حسن ص ‪AA A‬حيح‬
‫رويناه من كتاب الحجة بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وق‪AA A A A‬ال الحافظ ابن حج‪AA A A A‬ر‪ :‬أخرجه الحسن بن س‪AA A A A‬فيان وغ‪AA A A A‬يره‬
‫ورجاله ثقات‪.1‬‬
‫وقال ابن رجب الحنبلي‪ :‬تصحيح هذا الحديث بعيد جداً‪.2‬‬
‫واختلف‪AA A A A A‬وا في ح‪AA A A A A‬ديث "ان اهلل تج‪AA A A A A‬اوز لي عن أم‪AA A A A A‬تي الخطأ‬
‫والنسيان وما استكرهوا عليه"‬
‫ق‪AA‬ال الن‪AA‬ووي‪ :‬ح‪AA‬ديث حسن رواه ابن ماجة وال‪AA‬بيهقي وغيرهم‪AA‬ا‪.‬‬
‫وأخرجه الحاكم وقال‪ :‬صحيح على شرطهما‪.‬‬
‫وقال أبو حاتم الرازي‪ :‬وال يصح هذا الح‪AA‬ديث وال يثبت إس‪AA‬ناده‬
‫وأنكره اإلمام أحمد‪ ،‬وقال ابن كثير‪ :‬إسناده جيد‪.3‬‬
‫واختلفوا في حديث "ال ضرر وال ضرار"‪.‬‬
‫قال الحاكم صحيح اإلسناد‪ ،‬وحسنه النووي‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظره يف فتح الباري ‪13/289‬‬

‫‪ 2‬حكاه يف جامع العلوم واحلكم ص‪521‬‬


‫‪ 3‬راجع ذلك كله إن شئت يف جامع العلوم واحلكم ص‪ 501‬ويف حتفة الطالب البن كثري ص‪ 271‬فما فوق‬

‫‪15‬‬
‫وق‪AA A A A‬ال الحافظ خالد بن س ‪AA A A‬عيد األندلس ‪AA A A‬ي‪ :‬لم يصح ح ‪AA A A‬ديث "ال‬
‫ضرر وال ضرار سندا"‪.1‬‬
‫واختلفوا في حديث "اإلمام ضامن والمؤذن مؤتمن"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ق ‪AA A A A‬ال علي بن الم ‪AA A A A‬ديني‪ :‬انه لم يثبت‪ ،‬وص ‪AA A A A‬ححه ابن حب ‪AA A A A‬ان‬
‫واختلف‪AA‬وا في ح‪AA‬ديث "ال تق‪AA‬ام الح‪AA‬دود في المس‪AA‬اجد وال يس‪AA‬تقاد فيه‪AA‬ا" رواه‬
‫احمد وأبو داود بسند ضعيف‪.‬‬
‫وقال ابن حجر في التلخيص‪ :‬ال بأس بإسناده‪.3‬‬
‫واختلف ‪AA‬وا في ح ‪AA‬ديث "من جعل قاض ‪AA‬ياً بين الن ‪AA‬اس فقد ذبح بغ ‪AA‬ير‬
‫س‪AA‬كين" حس‪AA‬نه الترم‪AA‬ذي وص‪AA‬ححه ابن خزيم‪AA‬ة‪ ،‬وق‪AA‬ال ابن الج‪AA‬وزي‪ :‬ه‪AA‬ذا‬
‫حديث ال يصح‪.4‬‬
‫واختلف‪AA A A A A A‬وا في ح‪AA A A A A A‬ديث "مقارنة قبلة الص‪AA A A A A A‬ائم في رمض‪AA A A A A A‬ان‬
‫بالمضمضة" رواه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة في صحاحهم‪.‬‬
‫وق‪AA‬ال النس‪AA‬ائي‪ :‬ه‪AA‬ذا ح‪AA‬ديث منك‪AA‬ر‪ ،‬وك‪AA‬ذلك ق‪AA‬ال اإلم‪AA‬ام أحمد بن‬
‫حنبل‪.5‬‬
‫واختلف‪AA‬وا في ح‪AA‬ديث "تلقين الميت" فق‪AA‬واه ابن حجر وض‪AA‬عفه ابن‬
‫القيم‪.6‬‬
‫واختلف ‪AA A A‬وا في ح ‪AA A A‬ديث "نهى رس ‪AA A A‬ول اهلل ‪ ‬عن ص ‪AA A A‬وم عرف ‪AA A A‬ه"‬
‫صححه ابن خزيمة والحاكم وضعفه العقيلي‪.7‬‬

‫‪ 1‬املرجع السابق ص‪410‬‬


‫‪ 2‬كذا يف نيل األوطار للشوكاين ‪2/13‬‬
‫‪ 3‬كذا نقله الصنعاين يف سبل السالم ‪1/155‬‬
‫‪ 4‬نيل االطار ‪9/1163‬‬
‫‪ 5‬كما نقله يف حتفة االشراف ‪ 8/17‬ويف عون املعبود ‪ 7/12‬ويف حتفة الطالب ص‪425‬‬
‫‪ 6‬كما يف سبل السالم ‪ 2/113‬فما فوق‬
‫‪ 7‬املصدر السابق ‪2/172‬‬

‫‪16‬‬
‫واختلفوا في حديث "استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس…"‬
‫حسنه النووي وضعفه ابن رجب‪.1‬‬
‫واختلفوا في حديث "أفعمياوان أنتما"‪.‬‬
‫ق‪AA A‬ال ابن حج‪AA A‬ر‪ :‬ح‪AA A‬ديث مختلف في ص‪AA A‬حته‪ ،‬وق‪AA A‬ال الترم ‪AA A‬ذي‪:‬‬
‫حسن صحيح‪.2‬‬
‫واختلفوا في ح‪A‬ديث "إذا رأيتم الرجل يعت‪A‬اد المس‪A‬اجد فاش‪A‬هدوا له‬
‫باإليمان"‪.‬‬
‫ق ‪AA‬ال الترم ‪AA‬ذي‪ :‬ح ‪AA‬ديث ص ‪AA‬حيح‪ ،‬وص ‪AA‬ححه الح ‪AA‬اكم وابن خزيمة‬
‫وضعفه العراقي ومغلطاي‪.3‬‬

‫واختلف‪A‬وا في ح‪A‬ديث "تف‪A‬ترق أم‪A‬تي إلى بضع وس‪A‬بعين فرق‪A‬ة" ق‪A‬ال‬


‫الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وقال ابن حزم‪ :‬انه ال يصح‪.4‬‬

‫واختلف ‪AA A A A A‬وا في ح ‪AA A A A A‬ديث "طلب العلم فريضة على كل مس‪AA A A A A A‬لم"‪.‬‬
‫فصححه السيوطي‪ ،‬وقال السخاوي له شاهد عند ابن شاهين بسند رجاله‬
‫ثق‪AA A‬ات‪ ،‬وحس‪AA A‬نه الحافظ الم‪AA A‬زي‪ ،‬وق‪AA A‬ال ابن القط‪AA A‬ان‪ :‬ال يصح فيه ش‪AA A‬يء‪.‬‬
‫وقال النووي‪ :‬ضعيف‪.5‬‬

‫‪ 1‬كما يف جامع العلوم واحلكم ص‪147‬‬


‫‪ 2‬كالم ابن حجر يف فتح الباري ‪ ،1/550‬وكالم الرتمذي كما يف سننه باب االستئذان واآلداب ‪4/192‬‬
‫‪ 3‬كما يف فيض القدير للمناوي ‪ 1/358‬فما فوق‬
‫‪ 4‬كالم الرتمذي يف سننه ‪ 4/124‬وكالم ابن حزم يف كتابه الفصل يف امللل والنحل‪3/292‬‬
‫‪ 5‬أنظر ذلك كله يف فيض القدير ‪ 4/267‬ويف تدريب الراوي ‪1/149‬‬

‫‪17‬‬
‫واختلف‪AA‬وا في أح‪AA‬اديث تح‪AA‬ريم الغن‪AA‬اء‪ ،‬فض‪AA‬عفها ابن الع‪AA‬ربي وابن‬
‫حزم وصححها غيرهما‪.6‬‬

‫واختلف ‪AA‬وا في ح‪AA‬ديث "أيما ام‪AA‬رأة نكحت بغ ‪AA‬ير إذن وليها فنكاحها‬
‫باطل باطل باطل"‪.‬‬

‫قال ابن كثير وقد تكلم بعض أهل العلم في‪AA‬ه‪ ،‬ق‪AA‬ال ابن ج‪AA‬ريج‪ :‬ثم‬
‫لقيت الزه‪AA A A‬ري فس‪AA A A‬ألته ف‪AA A A‬أنكره‪ ،‬فض‪AA A A‬عفوا ه‪AA A A‬ذا الح‪AA A A‬ديث من أجل ه‪AA A A‬ذا‬
‫الحرف‪ ،‬ثم قال‪ :‬وقد صحح هذا الحديث علي بن المديني أحد األئمة‪.2‬‬
‫واختلف ‪AA‬وا في ح ‪AA‬ديث "مثل أم ‪AA‬تي مثل المطر ال ُي‪AA‬درى أوله خ ‪AA‬ير‬
‫أم آخره" رواه الترمذي وأبو يعلى وغيرهما‪.‬‬
‫ق‪AA A A‬ال ابن عبد ال‪AA A A‬بر‪ :‬ان الح‪AA A A‬ديث حس‪AA A A‬ن‪ ،‬وض‪AA A A‬عفه الن‪AA A A‬ووي‪،3‬‬
‫واختلف‪AA‬وا في ح‪AA‬ديث "ت‪AA‬رى الش‪AA‬مس؟ ق‪AA‬ال نعم‪ ،‬ق‪AA‬ال‪ :‬على مثلها فاش‪AA‬هد أو‬
‫دع" صححه الحاكم وضعفه ابن عدي‪.4‬‬

‫واختلف‪AA‬وا في أح‪AA‬اديث ص‪AA‬حيحي البخ‪AA‬اري ومس‪AA‬لم رغم ما زعمه‬


‫أبو عم‪AA A A A A A A‬رو بن الص‪AA A A A A A A‬الح رحمه اهلل من أنها تفيد العلم واليقين والقطع‬
‫بصحتها‪.‬‬

‫‪ 6‬أنظر نيل االوطار ‪ 8/264‬فما فوق‬


‫‪ 2‬هكذا كما يف حتفة الطالب مبعرفة أحاديث ابن احلاجب ص‪352‬‬
‫‪ 3‬كما نقله يف كشف اخلفاء للعجلوين ‪2/197‬‬
‫‪ 4‬كذا يف سبل السالم للصنعاين ‪4/130‬‬

‫‪18‬‬
‫فمنها‪ :‬حديث "االستخارة" رواه البخاري في ص‪AA‬حيحه وض‪AA‬عفه‬
‫االمام أحمد‪.1‬‬

‫ومنه ا‪ :‬ح‪AA A‬ديث "ايما أه‪AA A‬اب دبغ فد طه‪AA A‬ر" رواه اإلم‪AA A‬ام مس‪AA A‬لم‪،‬‬
‫وضعفه اإلمام احمد‪.‬‬

‫ومنه ا‪ :‬ح ‪AA‬ديث "أنه ‪ ‬ص ‪AA‬لى الكس ‪AA‬وف ثالث ركوع ‪AA‬ات وأربع‬
‫ركوعات" رواه البخاري‪ ،‬وضعفه الشافعي‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬حديث "أن اهلل خلق التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم‬
‫األحد وخلق الش ‪AA A‬جر ي ‪AA A‬وم االث ‪AA A‬نين وخلق المك ‪AA A‬روه ي ‪AA A‬وم الثالث ‪AA A‬اء‪ ،‬وخلق‬
‫الن ‪AA A‬ور ي ‪AA A‬وم االربع ‪AA A‬اء‪ ،‬وبث فيها ال ‪AA A‬دواب ي ‪AA A‬وم الخميس‪ ،‬وخلق آدم ي ‪AA A‬وم‬
‫الجمعة" رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬وضعفه البيهقي‪.2‬‬
‫والمالحظ من هذا الحديث أن له عالقة بصفات اهلل تع‪AA‬الى وهي‬
‫الخلق والقدرة على اإليجاد من العدم‪ ،‬ومع ذلك فقد اختلف عليه‪.‬‬
‫ومنه ا‪ :‬ح ‪AA‬ديث "أن اب ‪AA‬ني ه ‪AA‬ذا س ‪AA‬يد وسيص ‪AA‬لح اهلل به بين فئ ‪AA‬تين‬
‫عظيمتين من المسلمين" رواه البخاري وضعفه أبو الوليد الياجي‪.3‬‬
‫وه‪AA A A A‬ذا الح‪AA A A A‬ديث أيض ‪A A A A‬اً يتكلم عن غيب‪ ،‬وقد وجد من ض‪AA A A A‬عفه‬
‫وبالتالي فهو ال يحتج به‪.‬‬
‫ومنه ا‪ :‬ح ‪AA A‬ديث "فأما الن ‪AA A‬ار فال تمتلئ ح ‪AA A‬تى يضع اهلل س ‪AA A‬بحانه‬
‫وتعالى رجله فتقول قط قط" متفق عليه‪.‬‬

‫‪ 1‬نقل تضعيف اإلمام امحد بن حنبل هلذا احلديث الشوكاين يف كتابه حتفة الذاكرين ص‪133‬‬
‫‪ 2‬هذه األمثلة السابقة ذكرها ابن تيمية يف كتابه علم احلديث ص‪ 70‬فما فوق‬
‫‪ 3‬املرجع السابق‬

‫‪19‬‬
‫ق ‪AA‬ال الجزائ ‪AA‬ري‪ :‬فه ‪AA‬ذا الح ‪AA‬ديث ونظ ‪AA‬ائره وهي كث ‪AA‬يرة يبعد على‬
‫المتكلم أن يقول بصحتها فضالً عن أن يجزم ذلك‪.1‬‬
‫وهذا الحديث أيضاً يتعلق بالغيب وبالذات اإللهية‪ .‬ومع ص‪AA‬حته‬
‫فوجد من أنكره‪.‬‬
‫ومنه ا‪ :‬ح‪AA A‬ديث" ك ‪AA A‬ان للن‪AA A‬بي ‪ ‬ف‪AA A‬رس يق ‪AA A‬ال له اللحي‪AA A‬ف" رواه‬
‫البخاري‪ ،‬وقد ضعفه الدارقطني وأحمد وابن معين‪.2‬‬
‫ومنه ا‪ :‬ح‪AA‬ديث َ"يلقى إب‪AA‬راهيم عليه الس‪AA‬الم أب‪AA‬اه آزر ي‪AA‬وم القيامة‬
‫وعلى وجه آزر ق‪AA A‬تره‪ :‬رواه البخ‪AA A‬اري في ص‪AA A‬حيحه‪ ،‬ق‪AA A‬ال اإلس‪AA A‬ماعيلي‪:‬‬
‫هذا خبر في صحته نظر‪.3‬‬

‫ومنه ا‪ :‬ق‪AA A A A A A‬ول الحافظ ابن حجر بالجملة ح‪AA A A A A A‬ول أح‪AA A A A A A‬اديث‬
‫الص ‪AA‬حيحين ال ‪AA‬تي انتق ‪AA‬دها الحف ‪AA‬اظ ق ‪AA‬ال‪" :‬وع ‪AA‬دةُ ما اجتمع لنا من ذلك مما‬
‫في كت‪AA‬اب البخ‪AA‬اري وان ش‪AA‬اركه مس‪AA‬لم في بعض‪AA‬ه‪ ،‬مائة وعش‪AA‬رة أح‪A‬اديث‪،‬‬
‫منها ما وافقه مس ‪AA A‬لم على تخريجه وهو اثن ‪AA A‬ان وثالث ‪AA A‬ون ح ‪AA A‬ديثاً ومنها ما‬
‫انفرد بتخريجه وهو ثمانية وسبعون حديثاً"‪.4‬‬

‫ثم لم يقف األمر عند ه‪AA A‬ذا الحد من االختالف في ص‪AA A‬حة أخب‪AA A‬ار‬
‫اآلح ‪AA‬اد س ‪AA‬واء ما ورد في الص ‪AA‬حيحين أو في غيرهم ‪AA‬ا‪ ،‬بل تع ‪AA‬داه الى ابعد‬
‫من ذل‪A‬ك‪ ،‬فمن العلم‪A‬اء من أنكر ص‪A‬راحة أح‪A‬اديث ثبتت عند غ‪A‬يرهم ألنهم‬

‫‪ 1‬حكاه يف كتابه توجيه النظر اىل أصول األثر ص‪130‬‬


‫‪ 2‬املصدر السابق ص‪332‬‬
‫‪ 3‬املصدر السابق ص‪334‬‬
‫‪ 4‬ذكر ذلك يف مقدمة كتابه فتح الباري ص‪246‬‬

‫‪20‬‬
‫اعتبروها مكذوبة موض ‪AA A A A A A A A A‬وعة على رس ‪AA A A A A A A A A‬ول اهلل ‪ ‬ومنها ما هو في‬
‫صحيحي البخاري ومسلم‪.‬‬

‫فمن ذل ك‪ :‬ما رواه اإلم ‪AA‬ام مس ‪AA‬لم "أن اهلل تع ‪AA‬الى خلق التربة ي ‪AA‬وم‬
‫الس‪AA A‬بت وخلق فيها الجب‪AA A‬ال ي‪AA A‬وم األحد وخلق الش‪AA A‬جر ي‪AA A‬وم االث‪AA A‬نين وخلق‬
‫المك ‪AA‬روه ي ‪AA‬وم الثالث ‪AA‬اء وخلق الن ‪AA‬ور ي ‪AA‬وم األربع ‪AA‬اء وبث فيها ال ‪AA‬دواب ي ‪AA‬وم‬
‫الخميس وخلق آدم بعد العصر من ي ‪AA A A A‬وم الجمعة في آخر الخلق في آخر‬
‫ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل"‪.‬‬
‫ق‪AA A A‬ال ابن القيم في كتابه نقد المنق‪AA A A‬ول‪ :‬فص‪AA A A‬ل‪ :‬مخالفة الح‪AA A A‬ديث‬
‫الموضوع لصريح القرآن‪ ،‬ق‪A‬ال‪ :‬ويش‪A‬به ه‪A‬ذا ما وقع فيه الغلط في ح‪A‬ديث‬
‫أبي هريرة "خلق اهلل التربة يوم السبت …"‪.1‬‬
‫ومن ذل ك‪ :‬ما رواه مس‪AA A‬لم في ص‪AA A‬حيحه عن ابن عب‪AA A‬اس رضي‬
‫اهلل عنهما ق‪AA‬ال‪ :‬ك‪AA‬ان المس‪AA‬لمون ال ينظ‪AA‬رون إلى أبي س‪AA‬فيان وال يقاعدونه‬
‫فق ‪AA‬ال للن ‪AA‬بي ‪ ‬يا ن ‪AA‬بي اهلل ثالث أعط ‪AA‬نيهن ق ‪AA‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق ‪AA‬ال‪ :‬عن ‪AA‬دي أحسن‬
‫الع ‪AA A A A‬رب وأجمله أم حبيبة بنت أبي س ‪AA A A A‬فيان‪ ،‬أزوجكها ق‪AA A A A‬ال‪ :‬نعم ق ‪AA A A A‬ال‪:‬‬
‫ومعاوية تجعله كاتب‪A A‬اً بين ي ‪AA‬ديك‪ ،‬ق ‪AA‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬ق ‪AA‬ال‪ :‬وت ‪AA‬ؤمرني ح ‪AA‬تى أقاتل‬
‫الكف ‪AA‬ار كما كنت أقاتل المس ‪AA‬لمين ق ‪AA‬ال نعم…" ق ‪AA‬ال ابن ح‪AA‬زم‪ :‬ه‪AA‬ذا ح ‪AA‬ديث‬
‫موضوع ال شك في وضعه‪.2‬‬
‫ومن ذلك أيض اً‪ :‬ما رواه مس‪AA‬لم في ص‪AA‬حيحه "أن الن‪AA‬بي ‪ ‬ق‪AA‬ال‪:‬‬
‫ان طالت بك مدة أوش‪A‬كت أن ت‪A‬رى قوم‪A‬اً يغ‪A‬دون في س‪A‬خط اهلل ويروح‪A‬ون‬
‫في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر"‪.‬‬

‫‪ 1‬ذكر ذلك يف كتابه املذكور ص‪78‬‬


‫‪ 2‬نقله عنه يف توجيه النظر اىل أصول االثر ص‪137‬‬

‫‪21‬‬
‫أورده ابن الج‪AA A‬وزي في موض‪AA A‬وعاته عن ابن حب‪AA A‬ان ق‪AA A‬ال‪ :‬ه‪AA A‬ذا‬
‫خبر بهذا اللفظ باطل‪.1‬‬
‫ومن ذل ك‪ :‬ما رواه البخ ‪AA A‬اري ومس ‪AA A‬لم في ص ‪AA A‬حيحهما عن ابن‬
‫عمر عن الن‪AA‬بي ‪ ‬في قوله تع‪AA‬الى {أن تس‪AA‬تغفر لهم س‪AA‬بعين م‪AA‬رة فلن يغفر‬
‫اهلل لهم} فقال عليه الصالة والسالم‪ :‬سأزيده على السبعين"‪.‬‬
‫ق‪AA A‬ال الغ‪AA A‬زالي في المستص‪AA A‬فى‪" :‬إن ه‪AA A‬ذا خ‪AA A‬بر واحد ال تق‪AA A‬وم به‬
‫حجة في إثبات اللغة"‪.‬‬
‫وق ‪AA A‬ال في المنخ ‪AA A‬ول‪" :‬على أن ما نقل في آية االس ‪AA A‬تغفار ك ‪AA A‬ذب‬
‫قطعاً‪ ،‬إذ الغرض منه التناهي في تحقيق الي‪AA‬أس من المغف‪AA‬رة‪ ،‬فكيف يظن‬
‫برسول اهلل ‪ ‬ذهوله عنه"‪.2‬‬
‫هذا بالنسبة لما ورد في الصحيحين أما فيما س‪AA‬واهما فح‪AA‬دث وال‬
‫حرج عن اختالفهم فيها بين منكر لها وبين مثبت‪ ،‬حتى ولو كانت تتعلق‬
‫رد الش ‪AA A‬مس للن ‪AA A‬بي ‪ ‬بعد غروبها في غ ‪AA A‬زوة‬
‫بالعقائد كأح ‪AA A‬اديث معج ‪AA A‬زة ّ‬
‫خيبر‪.‬‬
‫ق‪AA A‬ال عنه الجوزق‪AA A‬اني‪ :‬منكر مض‪AA A‬طرب‪ ،‬وأورده ابن الج‪AA A‬وزي‬
‫في موض ‪AA A A‬وعاته وقد ص ‪AA A A‬ححه الطح ‪AA A A‬اوي في مش ‪AA A A‬كل اآلث ‪AA A A‬ار والقاضي‬
‫عياض في الشفا‪.3‬‬
‫ومن أراد االطالع على ص‪AA A A A A‬دق ما نق‪AA A A A A‬ول فلينظر في كت‪AA A A A A‬اب‬
‫الفوائد المجموعة في األح ‪AA‬اديث الموض ‪AA‬وعة للش ‪AA‬وكاني ففيها الكث ‪AA‬ير من‬
‫األح ‪AA‬اديث الص ‪AA‬حيحة والحس ‪AA‬نة ال ‪AA‬تي أنكرها بعض العلم ‪AA‬اء وع ‪AA‬دوها من‬
‫الموضوعات وقد نبه الشوكاني على ذلك في الكتاب المشار إليه‪.‬‬

‫‪ 1‬ذكره ابن اجلوزي يف كتابه املوضوعات الكربى ‪3/101‬‬


‫‪ 2‬كما يف املستصفى له ‪ 2/195‬واملنخول له ص‪ 212‬فما فوق‬
‫‪ 3‬أنظر ذلك إن شئت يف الآللئ املصنوعة للسيوطي ‪1/336‬‬

‫‪22‬‬
‫وك ‪AA A A A A‬ذلك كت ‪AA A A A A‬اب الحافظ الس ‪AA A A A A‬يوطي "الآللئ المص ‪AA A A A A‬نوعة في‬
‫األح ‪AA A A‬اديث الموض ‪AA A A‬وعة" اس ‪AA A A‬تدرك فيه الكث ‪AA A A‬ير من األح ‪AA A A‬اديث على ابن‬
‫الج ‪AA A A A A A‬وزي فيما أورده في كتابه الموض ‪AA A A A A A‬وعات الك ‪AA A A A A A‬برى‪ ،‬وأثبت أنها‬
‫صحيحة أو حسنة عند غيره‪.‬‬
‫كما وقد اس‪AA A‬تدرك ابن حجر على ابن الج‪AA A‬وزي في موض‪AA A‬وعاته‬
‫ما أورده عن اإلم ‪AA A A‬ام أحمد من مس ‪AA A A‬نده‪ ،‬بلغت أربعة وعش ‪AA A A‬رين ح ‪AA A A‬ديثاً‪،‬‬
‫وذلك في كتابه القول المسدد في الذب عن مسند اإلمام أحمد‪.‬‬
‫وك ‪AA‬ذلك كت ‪AA‬اب المس ‪AA‬تدرك للح ‪AA‬اكم أورد فيه أح ‪AA‬اديث على ش ‪AA‬رط‬
‫البخ ‪AA‬اري ومس‪AA A‬لم أو أح ‪AA‬دهما كما يب ‪AA‬دو في‪AA A‬ه‪ ،‬إال أن الحافظ ال ‪AA‬ذهبي تعقبه‬
‫واستدرك عليه أحاديث كثيرة عدها من الموضوعات‪.‬‬

‫وعلى ما تق‪AA A A A‬دم من األمثلة ال‪AA A A A‬تي ذكرناها في ه‪AA A A A‬ذا الب‪AA A A A‬اب من‬
‫اختالف العلم ‪AA A A‬اء من ل ‪AA A A‬دن أص ‪AA A A‬حاب رس ‪AA A A‬ول اهلل ‪ ‬إلى يومنا ه ‪AA A A‬ذا في‬
‫رواي ‪AA A‬ات اآلح ‪AA A‬اد ولو ك ‪AA A‬انت ص ‪AA A‬حيحة لي ‪AA A‬دل داللة قاطعة على أن خ ‪AA A‬بر‬
‫اآلح‪AA A A A‬اد ال يفيد القطع واليقين وإ ال لما س‪AA A A A‬اغ لهم مخالفته أو رده وألنكر‬
‫بعض‪AA A‬هم ذلك على بعض إنك‪AA A‬اراً ش‪AA A‬ديداً كإنك‪AA A‬ارهم على مخ‪AA A‬الف القطعي‬
‫والمت‪AA A‬واتر‪ ،‬ولما لم يكن ذل‪AA A‬ك‪ ،‬علم يقين ‪A A‬اً أنه ال ُيفيد إال الظن‪ .‬بل وأك‪AA A‬ثر‬
‫من ذلك فقد وج ‪AA A A A‬دتهم متفقين على ع ‪AA A A A‬دم تكف ‪AA A A A‬ير منكر اآلح ‪AA A A A‬اد بخالف‬
‫المت ‪AA A‬واتر على ما ذك ‪AA A‬ره عنهم السرخسي والجرج ‪AA A‬اني وص ‪AA A‬احب ف ‪AA A‬واتح‬
‫الرحم ‪AA A A A A‬وت‪ 1‬كما س ‪AA A A A A‬يأتي بيان ‪AA A A A A‬ه‪ ،‬بل منهم من لم يفسق منكر اآلح ‪AA A A A A‬اد‬
‫كالقاضي أبي يعلى إال إذا انعقد اإلجماع عليه‪.2‬‬

‫‪ 1‬نقل هذا االتفاق على ذلك السرخسي يف أصوله ‪1/112‬و‪ 292‬وعبد الشكور يف فواتح الرمحوت كما يف‬
‫حاشية املستصفى للغزايل ‪ 2/111‬واحلرجاين يف تعريفاته ص‪102‬‬
‫‪ 2‬كما يف املسوده يف اصول الفقه ص‪223‬‬

‫‪23‬‬
‫الوجه الرابع‪-:‬‬

‫ال يجوز االختالف في العقائد الثابتة عند المسلمين‬


‫ه ‪AA A‬ذه مس ‪AA A‬ألة تك ‪AA A‬اد تك ‪AA A‬ون من الب ‪AA A‬ديهيات عند علم ‪AA A‬اء المس ‪AA A‬لمين‬
‫واألدلة عليها طافحة وقطعية على نحو قوله تع‪AA‬الى‪{ :‬إن ال ذين يكف رون‬
‫باهلل ورس وله ويري دون أن يفرق وا بين اهلل ورس له ويقول ون ن ؤمن‬
‫ببعض ونكفر ببعض ويري دون أن يتخ ذوا بين ذلك س بيال أولئك هم‬
‫الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهينا}‪.‬‬
‫وق‪AA A‬ال أيض ‪A A‬اً {أفتؤمن ون ببعض الكت اب وتكف رون ببعض فما‬
‫جزاء من يفعل ذلك منكم إال خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون‬
‫الى أشد العذاب وما اهلل بغافل عما تعملون}‪.‬‬
‫وفي الح‪AA A‬ديث الص‪AA A‬حيح عن أبي هري‪AA A‬رة عن الن‪AA A‬بي ‪ ‬أنه ق‪AA A‬ال‪:‬‬
‫"الج‪AA A‬دال في الق‪AA A‬رآن كف‪AA A‬ر" وفي رواية ثانية ص‪AA A‬حيحة أيض ‪A A‬اً "الم‪AA A‬راء في‬
‫القرآن كفر"‪.‬‬

‫ق ‪AA A A A‬ال اإلم ‪AA A A A‬ام أبو عمر بن عبد ال ‪AA A A A‬بر رحمه اهلل والمع ‪AA A A A‬نى أن‬
‫يتمارى اثن‪AA‬ان في آية يجح‪AA‬دها أح‪A‬دهما وي‪AA‬دفعها أو يص‪A‬ير إلى الشك ف‪A‬ذلك‬
‫هو الم ‪AA‬راء ال ‪AA‬ذي هو الكف ‪AA‬ر‪ ،‬وأما التن ‪AA‬ازع في أحك ‪AA‬ام الق ‪AA‬رآن ومعانيه فقد‬
‫تنازع أصحاب رسول اهلل ‪ ‬في كثير من ذلك‪ ،‬وهذا ي‪AA‬بين لك أن الم‪AA‬راء‬
‫ال ‪AA‬ذي هو الكفر هو الجح ‪AA‬ود والشك كما ق ‪AA‬ال اهلل تع ‪AA‬الى {وال ي زال ال ذين‬
‫كف روا في مرية من ه} وق ‪AA‬ال‪ :‬ونهى الس ‪AA‬لف رحمهم اهلل عن الج ‪AA‬دال في‬
‫اهلل جل ثن ‪AA‬اؤه في ص ‪AA‬فاته وأس ‪AA‬مائه‪ ،‬وأما الفقه ف ‪AA‬أجمعوا على الج ‪AA‬دال فيه‬

‫‪24‬‬
‫والتن‪AA‬اظر ألنه علم يحت‪AA‬اج فيه إلى رد الف‪AA‬روع على األص ‪AA‬ول للحاجة إلى‬
‫ذلك وليس االعتقادات كذلك"‪.1‬‬
‫وق ‪AA‬ال القاضي أبو بكر بن الع ‪AA‬ربي‪ :‬التف ‪AA‬رق المنهي عنه يحتمل‬
‫ثالثة أوجه وذكر الوجه األول‪ :‬التف‪AA A A A A A A‬رق في العقائد لقوله تع‪AA A A A A A A‬الى {أن‬
‫أقيموا الدين وال تتفرقوا فيه}‪.2‬‬
‫أما أخب ار اآلح اد‪ :‬فال يج‪AA A‬ري عليها ه‪AA A‬ذا الحكم أي ما يج‪AA A‬ري‬
‫على العقائ ‪AA A A‬د‪ ،‬وما زعم ‪AA A A‬وه أنها من العقائد أو تأخذ حكمها ف ‪AA A A‬زعم باطل‬
‫ومردود لعدة أسباب‪:‬‬

‫األول‪ :‬ال دليل على أن أخب‪AA A‬ار اآلح‪AA A‬اد من العقائد ال من الق ‪AA‬رآن‬
‫وال من الس‪AA A A‬نة وال من إجم‪AA A A‬اع الص‪AA A A‬حابة بل قد أثبتت األدلة آنف ‪A A A‬اً عكس‬
‫ذلك‪.‬‬

‫الس بب الث اني‪ :‬إنك ‪AA A‬ار بعض الص ‪AA A‬حابة ومن ج ‪AA A‬اء بع ‪AA A‬دهم من‬
‫العلم‪AA‬اء لكث‪AA‬ير من أخب‪AA‬ار اآلح‪AA‬اد‪ ،‬واختالفهم أيض ‪A‬اً في ثبوتها كما أس‪AA‬لفناه‬
‫لك في الب ‪AA‬اب المتق ‪AA‬دم‪ ،‬فلو ك ‪AA‬ان كما يقول ‪AA‬ون لما ج ‪AA‬از ألحد أن يختلف أو‬
‫يج‪AA‬ادل فيه‪AA‬ا‪ ،‬ولخطأنا الص‪AA‬حابة ال‪AA‬ذين نقل‪AA‬وا لنا ال‪AA‬دين‪ ،‬ولوقع الخطأ عليه‬
‫من جراء ذلك‪ ،‬وهذا محال ترده األدلة القطعية‪.‬‬

‫الس بب الث الث‪ :‬أنه لو ك‪AA A‬انت أخب‪AA A‬ار اآلح‪AA A‬اد من العقائد أو أدلة‬
‫على العقائد لتض ‪AA‬اربت العقائد اإلس‪AA‬المية وأدى ذلك إلى الفرقة المذمومة‬
‫في ال ‪AA A‬دين‪ ،‬فهن ‪AA A‬اك أخب ‪AA A‬ار آح ‪AA A‬اد ص ‪AA A‬حيحة تص ‪AA A‬طدم مع آي ‪AA A‬ات قرآنية أو‬
‫‪ 1‬ذكر ذلك كله يف كتابه جامع بيان العلم وفضله ‪ 2/92‬بعد روايته للحديث املذكور‬
‫‪ 2‬ذكره يف كتابه أحكام القرآن ‪1/291‬‬

‫‪25‬‬
‫تتضارب معها‪ ،‬على نحو الح‪AA‬ديث ال‪A‬ذي رواه اإلم‪A‬ام مس‪A‬لم "ان اهلل تع‪AA‬الى‬
‫خلق التربة ي ‪AA‬وم الس‪AA‬بت وخلق فيها الجب ‪AA‬ال ي ‪AA‬وم األحد وخلق الش‪AA‬جر ي ‪AA‬وم‬
‫االث‪AA‬نين وخلق المك‪AA‬روه ي‪AA‬وم الثالث‪AA‬اء وخلق الن‪AA‬ور ي‪AA‬وم األربع‪AA‬اء وبث فيها‬
‫ال‪AA A A A‬دواب ي‪AA A A A‬وم الخميس وخلق آدم بعد العصر من ي‪AA A A A‬وم الجمعة في آخر‬
‫الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل"‪.1‬‬
‫فه‪AA‬ذا الح‪AA‬ديث تض‪AA‬من أن م‪AA‬دة التخليق س‪AA‬بعة أي‪AA‬ام وه‪AA‬ذا يتع‪AA‬ارض‬
‫مع الق ‪AA‬رآن في قوله تع‪AA A‬الى {ال ذي خلق الس ماوات واألرض وما بينهما‬
‫في ستة أيام}‪.‬‬
‫العلى‪ :‬فقد روى غ‪AA A A A A‬ير واحد من‬
‫وعلى نحو ح‪AA A A A A‬ديث الغرانيق ُ‬
‫األئمة والحف‪AA‬اظ ب‪AA‬أكثر من طريق وب‪AA‬أكثر من رواية بع‪AA‬دة ألف‪AA‬اظ ص‪AA‬ححها‬
‫غير واحد وردها غير واحد‪ ،‬جاء فيها‪ :‬أن رس‪AA‬ول اهلل ‪ ‬ك‪AA‬ان بمكة فق‪A‬رأ‬
‫س‪AA A A‬ورة "والنجم" ح ‪AA A‬تى انتهى الى قوله تع‪AA A A‬الى {ومن اة الثالثة اُألخ رى}‬
‫فج‪AA A‬رى على لس‪AA A‬انه‪ :‬تلك الغرانيق العلى وان ش‪AA A‬فاعتهن ل‪AA A‬ترتجى‪ ،‬فق‪AA A‬ال‬
‫كف ‪AA A‬ار مك ‪AA A‬ة‪ :‬ما ذكر آلهتنا بخ ‪AA A‬ير قبل الي ‪AA A‬وم‪ ،‬فس ‪AA A‬جد وس ‪AA A‬جدوا‪ ،‬ثم ج ‪AA A‬اء‬
‫جبريل عليه الس‪AA A‬الم بعد ذلك فق‪AA A‬ال‪ :‬اع‪AA A‬رض علي ما جئتك ب‪AA A‬ه‪ ،‬فلما بلغ‬
‫"تلك الغرانيق العلى وان ش‪AA A‬فاعتهن ل‪AA A‬ترتجى" ق‪AA A‬ال جبري‪AA A‬ل‪ :‬لم آتك به‪AA A‬ذا‬
‫هذا من الش‪AA‬يطان‪ ،‬ف‪AA‬أنزل اهلل عز وجل {وما أرسلنا من قبلك من رس ول‬
‫وال نبي إال إذا تم ّنى ألقى الشيطان في أمنيته}‪.2‬‬
‫فه ‪AA‬ذه الرواية وما ش ‪AA‬اكلها تتع ‪AA‬ارض مع قوله تع ‪AA‬الى {وما ينطق‬
‫عن الهوى} فتتعارض مع عصمته ‪ ‬في التبليغ‪.‬‬

‫‪ 1‬راجع ان شئت كتاب نقد املنقول البن القيم ص‪ 78‬حيث اعتربه خمالفاً لصريح القرآن‬
‫‪ 2‬راجع إن شئت ظفر االماين بشرح خمتصر اجلرجاين ص‪ 270‬فقد ذكر أكثر من رواية بأكثر من طريق مع‬
‫كالم العلماء عليها‬

‫‪26‬‬
‫وعلى نحو الح ‪AA‬ديث ال ‪AA‬ذي رواه اإلم ‪AA‬ام مس ‪AA‬لم وغ ‪AA‬يره "أن أب ‪AA‬وي‬
‫رسول اهلل ‪ ‬في النار"‪ .1‬فإنه يتعارض مع قوله تع ‪AA‬الى {وما كنا معذبين‬
‫حتى نبعث رسوال}‪.‬‬
‫وعلى نحو األح‪AA‬اديث الص‪AA‬حيحة ال‪AA‬تي تخ‪AA‬بر ان رس‪AA‬ول اهلل ‪ ‬قد‬
‫سحر على يد يهودي‪.2‬‬
‫فإنها تتع‪AA A A‬ارض مع قوله تع ‪AA A A‬الى {واهلل يعص مك من الن اس}‬
‫وتتع‪AA‬ارض مع العص‪AA‬مة في التبليغ الن المس‪AA‬حور ال يعي ما يق‪AA‬ول وال ما‬
‫يفعل‪.‬‬
‫وعلى نحو ما رواه اإلم ‪AA A‬ام مس ‪AA A‬لم وغ ‪AA A‬يره عن فاطمة بنت قيس‬
‫في حكاية الس‪AA‬كنى والنفقة للمبتوتة فق‪AA‬الت‪" :‬إن رس‪AA‬ول اهلل ‪ ‬لم يجعل لها‬
‫س‪AA A A‬كنى وال نفق‪AA A A‬ة" وه‪AA A A‬ذا يتع‪AA A A‬ارض مع قوله تع‪AA A A‬الى {ال تخرج وهن من‬
‫بيوتهن وال يخرجن إال أن يأتين بفاحشة مبينة}‪.‬‬

‫وعلى ما تق‪AA A‬دم ذك ‪AA‬ره من األح ‪AA‬اديث ال ‪AA‬تي تتع‪AA A‬ارض مع الق ‪AA‬رآن‬
‫الك‪AA A‬ريم ال يصح أن يق‪AA A‬ال ب‪AA A‬أن أخب‪AA A‬ار اآلح‪AA A‬اد تفيد اليقين واالعتق‪AA A‬اد‪ ،‬وإ ال‬
‫لتض ‪AA A‬اربت وتناقضت العقائد اإلس ‪AA A‬المية وهو م ‪AA A‬دعاة لوج ‪AA A‬ود الفرقة في‬
‫الدين وهذا مذموم شرعاً بال خالف‪.‬‬

‫‪ 1‬لقد أورد السيوطي يف حاويه باباً أمساه ‪ :‬مسالك احلنفا يف والدي املصطفى" أورد فيه كالماً مفيداً يف ذلك‬
‫وأنه يتعارض مع القطعي‬
‫‪ 2‬راجع إن شئت يف أي تفسري معتمد من تفاسري الفقهاء عند تفسريهم للمعوذتني ستجد أن سبب نزوهلما هو‬
‫ذاك‬

‫‪27‬‬
‫والم ‪AA A‬ذهب الص ‪AA A‬حيح أن اآلح ‪AA A‬اد إذا تعارضت مع الق ‪AA A‬رآن ت ‪AA A‬رد‬
‫ألنها أخب ‪AA‬ار ظنية والق ‪AA‬رآن قطعي وال يق‪AA A‬اوم الظ ‪AA‬ني القطعي إذا ما أمكن‬
‫الجمع بينهما‪.‬‬

‫أما تعارض أخب‪A‬ار اآلح‪A‬اد مع بعض‪A‬ها أو مع المت‪A‬واتر من الس‪A‬نة‬


‫فهي كث‪AA‬يرة أيض ‪A‬اً مما ي‪AA‬دل على أن أخب‪AA‬ار اآلح‪AA‬اد ليست يقينية وال عقدية‬
‫وال تصلح للعقيدة وإ ال لتضاربت العقائد اإلسالمية‪.‬‬
‫فمن ه ذه األخب ار ما رواه اإلم‪AA A‬ام أحمد في المس‪AA A‬ند عن عائشة‬
‫رضي اهلل عنه ‪AA‬ا‪ :‬أن يهودية ك ‪AA‬انت تخ ‪AA‬دمها فال تص ‪AA‬نع عائشة إليها ش ‪AA‬يئاً‬
‫من المعروف إال قالت لها اليهودية‪ :‬وق‪AA‬اك اهلل ع‪AA‬ذاب الق‪AA‬بر ق‪AA‬الت‪ :‬ف‪AA‬دخل‬
‫علي فقلت‪ :‬يا رس‪AA‬ول اهلل هل للق‪AA‬بر ع‪AA‬ذاب قبل ي‪AA‬وم القيامة‬ ‫رس‪AA‬ول اهلل ‪ّ ‬‬
‫ق‪AA A‬ال‪ :‬ال‪ ،‬وعم ذاك‪ ،‬ق‪AA A‬الت‪ :‬ه‪AA A‬ذه اليهودية ال نص‪AA A‬نع إليها من المع‪AA A‬روف‬
‫شيئاً إال قالت وقاك اهلل ع‪AA‬ذاب الق‪AA‬بر‪ ،‬ق‪AA‬ال‪ :‬ك‪AA‬ذبت يه‪AA‬ود وهم على اهلل عز‬
‫وجل أكذب ال عذاب دون يوم القيامة‪ ،‬قالت ثم مكث بعد ذاك ما شاء اهلل‬
‫أن يمكث فخرج ذات يوم نصف النهار مشتمالً بثوبه محم‪AA‬رة عين‪AA‬اه وهو‬
‫ين ‪AA A‬ادي ب ‪AA A‬أعلى ص ‪AA A‬وته‪ ،‬أيها الن ‪AA A‬اس أظلتكم الفتن كقطع الليل المظلم أيها‬
‫الن‪AA A A A‬اس لو تعلم‪AA A A A‬ون ما أعلم لبكيتم كث‪AA A A A‬يراً وض‪AA A A A‬حكتم قليالً أيها الن‪AA A A A‬اس‬
‫استعيذوا باهلل من عذاب القبر فإن عذاب القبر حق‪.1‬‬
‫ق ‪AA‬ال الحافظ ابن حجر العس ‪AA‬قالني رواه أحمد بإس ‪AA‬ناد على ش ‪AA‬رط‬
‫البخاري‪.2‬‬

‫‪ 1‬رواه االمام أمحد يف مسنده ‪6/81‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف فتح الباري ‪3/236‬‬

‫‪28‬‬
‫فه‪AA‬ذا ح‪AA‬ديث آح‪AA‬اد بإس‪AA‬ناد ص‪AA‬حيح‪ ،‬م‪AA‬رة ينفي ع‪AA‬ذاب الق‪AA‬بر وم‪AA‬رة‬
‫يثبت ‪AA‬ه‪ ،‬فلو ك ‪AA‬ان يفيد العلم واالعتق ‪AA‬اد كما يزعم ‪AA‬ون لك ‪AA‬ان معن ‪AA‬اه أن ن ‪AA‬ؤمن‬
‫بالضدين معاً في نفس المسألة وهذا محال عقالً وشرعاً‪.‬‬
‫فإن قيل بأن المعنى األول قد نسخ بالثاني فال تعارض‪.‬‬

‫الجواب عليه‪ :‬إن ه‪AA‬ذا من األخب‪AA‬ار ال من االحك‪AA‬ام‪ ،‬فال يقع فيها‬


‫النسخ ألنه إن وقع فمعن‪AA A‬اه أن أحد الخ‪AA A‬برين ك ‪AA A‬ذب وه‪AA A‬ذا مح‪AA A‬ال يخ ‪AA A‬الف‬
‫عصمته ‪ ‬في التبليغ‪.‬‬
‫قال الزركشي في البحر‪ :‬والثاني… وهي المس‪AA‬ألة الملقبة بنسخ‬
‫األخب‪A‬ار بين األص‪A‬وليين‪ ،‬فننظر ف‪A‬إن ك‪AA‬ان مما ال يمكن تغي‪A‬يره ب‪A‬أن ال يقع‬
‫إال على وجه واح ‪AA‬د‪ ،‬كص ‪AA‬فات اهلل وخ ‪AA‬بر ما ك ‪AA‬ان من األنبي ‪AA‬اء واألمم وما‬
‫يكون من الساعة وآياتها كخ‪A‬روج ال‪A‬دجال‪ ،‬فال يج‪A‬وز نس‪A‬خه باإلتف‪A‬اق كما‬
‫قاله أبو اسحق المروزي وابن برهان ألنه يفضي إلى الكذب‪.1‬‬

‫ومن أخب ار اآلح اد المتض‪AA‬اربة أيض ‪A‬اً ما رواه اإلم‪AA‬ام مس‪AA‬لم عن‬
‫ج ‪AA‬ابر وابن عمر في حجة ال ‪AA‬وداع أن الن ‪AA‬بي ‪ ‬توجه إلى مكة ي ‪AA‬وم النحر‬
‫فطاف طواف اإلفاضة ثم صلى الظهر بمكة ثم رجع إلى منى‪.‬‬
‫وفي رواية أخ ‪AA A A A‬رى من طريقه أيض‪A A A A A‬اً "أنه ‪ ‬ط ‪AA A A A‬اف ط‪AA A A A‬واف‬
‫اإلفاضة ثم رجع فصلى الظهر بمنى"‪.2‬‬

‫قال ابن حزم‪ :‬إحدى هاتين الروايتين كذب بال شك‪.3‬‬

‫‪ 1‬كما يف البحر احمليط يف أصول الفقه ‪4/98‬‬


‫‪ 2‬روامها مسلم يف صحيحه كما يف شرحه للنووي ‪ 8/194‬ويف ‪10/58‬‬
‫‪ 3‬كما حكاه عنه يف ذيل اجلواهر املضية أليب الوفاء ‪2/428‬‬

‫‪29‬‬
‫وإ نما ق‪AA‬ال ابن ح‪AA‬زم ه‪AA‬ذا الكالم ألنه يق‪AA‬ول ب‪AA‬أن خ‪AA‬بر اآلح‪AA‬اد يفيد‬
‫العلم وعلى قوله ف‪AA A A A A‬إن الرواي‪AA A A A A‬تين تفيد العلم واليقين ومعن‪AA A A A A‬اه اإليم‪AA A A A A‬ان‬
‫بالنقيض‪AA‬ين‪ ،‬ولكي يخ‪AA‬رج من ذلك ك ‪ّ A‬ذب إح‪AA‬دى الرواي‪AA‬تين ولكن من غ‪AA‬ير‬
‫دليل‪.‬‬

‫ومنها أيض اً‪ :‬ما رواه البخ ‪AA A‬اري ومس ‪AA A‬لم من ح ‪AA A‬ديث اإلس ‪AA A‬راء‬
‫"وانه كان قبل أن يوحى إليه ‪.1" ‬‬
‫ومما ال يخفى على أحد أو ال يج‪AA A A A A A A A A A A A A‬وز أن يخفى عليه من أن‬
‫حادثة اإلس‪AA‬راء إنما ك‪AA‬انت بعد البعثة وقبل الهج‪AA‬رة بع‪AA‬ام واحد فيك‪AA‬ون ه‪AA‬ذا‬
‫الح‪AA A‬ديث قد تع‪AA A‬ارض مع القطعي المت‪AA A‬واتر في ذلك فمن يعتق‪AA A‬ده يك‪AA A‬ون قد‬
‫جمع بين النقيضين وهذه عقيدة الجاهلين‪.‬‬
‫ول ‪AA A‬ذلك ف ‪AA A‬إن العلم ‪AA A‬اء قد وض ‪AA A‬عوا قاع ‪AA A‬دة لمثل ذلك وهي أنه إذا‬
‫تعارض الظني مع القطعي‪ ،‬يرد الظني ويعمل بالقطعي‪.‬‬

‫ومن األخبار اآلحادية المتض‪AA‬اربة أيض ‪A‬اً‪ :‬ما رواه البخ‪AA‬اري في‬
‫ص‪AA‬حيحه عن ابن عمر أنه س‪AA‬أل بالالً‪" :‬أص‪AA‬لى الن‪AA‬بي ‪ ‬في الكعب‪AA‬ة؟ ق‪AA‬ال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬ركع ‪AA‬تين بين الس ‪AA‬اريتين الل ‪AA‬تين على يس ‪AA‬اره… ثم خ ‪AA‬رج فص ‪AA‬لى في‬
‫وجه الكعبة ركعتين"‪.2‬‬
‫فإنه يعارضه ما رواه البخاري أيض‪A‬اً عن ابن عب‪A‬اس رضي اهلل‬
‫عنه ق ‪AA‬ال‪" :‬لما دخل الن ‪AA‬بي ‪ ‬ال ‪AA‬بيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل ح ‪AA‬تى‬
‫خرج منه"‪.‬‬

‫‪ 1‬راجع يف ذلك إن شئت فتح الباري ‪ 13/478‬فما فوق‬


‫‪ 2‬كما يف فتح الباري ‪ 1/500‬فما فوق‬

‫‪30‬‬
‫وفي رواية أخ‪AA A‬رى من طريق البخ ‪AA A‬اري أيض‪A A A‬اً عن ابن عب ‪AA A‬اس‬
‫رضي اهلل عنه قال‪" :‬فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه"‪.1‬‬
‫ومن األخب ار المتض‪AA‬اربة ما رواه البخ‪AA‬اري عن ج‪AA‬ابر من قصة‬
‫فر ف‪A‬أدرك ف‪A‬رجم ح‪A‬تى م‪A‬ات‪،‬‬
‫رجم ماعز‪ ،‬جاء فيها‪" :‬فلما أذلفته الحجارة َّ‬
‫فقال له النبي ‪ ‬خيراً وصلى عليه"‪.2‬‬
‫غ‪AA‬ير أن ه‪AA‬ذا الخ‪AA‬بر يتع‪AA‬ارض مع الخ‪AA‬بر ال‪AA‬ذي رواه ال‪AA‬بيهقي في‬
‫سننه جاء فيه "أنه ‪ ‬لم يصل عليه"‪.‬‬
‫ق‪AA A‬ال ال‪AA A‬بيهقي‪ :‬ورواه البخ‪AA A‬اري عن محم‪AA A‬ود بن غيالن عن عبد‬
‫الرزاق‪ ،‬وقال فيه فصلى عليه‪ :‬وهو خطأ‪.3‬‬

‫ومنها أيضاً‪ :‬ما رواه البخ ‪AA‬اري عن أبي هري ‪AA‬رة رضي اهلل عنه‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬اإليمان بضع وستون شعبة"‪.4‬‬
‫غ‪AA A‬ير أن اإلم‪AA A‬ام مس‪AA A‬لم رواه عنه بلفظ "اإليم‪AA A‬ان بضع وس‪AA A‬بعون‬
‫شعبة"‪.5‬‬
‫فه‪AA A A‬ذا تع‪AA A A‬ارض واضح بين الخ‪AA A A‬برين أو الرواي‪AA A A‬تين وه‪AA A A‬ذا مما‬
‫يسميه العلماء باضطراب المتن‪.‬‬

‫‪ 1‬فتح الباري ‪3/468‬‬


‫‪ 2‬فتح الباري ‪ 12/130‬فما فوق‬
‫‪ 3‬سنن البيهقي الكربى ‪9/218‬‬
‫‪ 4‬رواه يف صحيحه كما يف الفتح ‪1/51‬‬
‫‪ 5‬رواه يف صحيحه كما يف شرحه للنووي ‪2/3‬‬

‫‪31‬‬
‫ومنها أيض اً‪ :‬ما رواه البخ ‪AA‬اري عن عائشة رضي اهلل عنها أن‬
‫النبي ‪ ‬صلى بهم صالة الكسوف أربع ركعات في سجدتين‪.6‬‬

‫غ‪AA A A‬ير أن اإلم‪AA A A‬ام مس‪AA A A‬لم روى ما يع‪AA A A‬ارض ذلك عنها رضي اهلل‬
‫عنها أن الش‪AA‬مس انكس‪AA‬فت على عهد رس‪AA‬ول اهلل ‪ ‬فق‪AA‬ام قيام ‪A‬اً ش‪AA‬ديداً يق‪AA‬وم‬
‫قائم‪A A A A A‬اً ثم يركع ثم يق‪AA A A A‬وم ثم يركع ثم يق‪AA A A A‬وم ثم يركع ركع‪AA A A A‬تين في ثالث‬
‫ركعات وأربع سجدات‪.‬‬

‫وفي رواية ثالثة عنها رضي اهلل عنها من طريق مس‪AA A‬لم أيض ‪A A‬اً‪:‬‬
‫أن النبي ‪ ‬صلى ست ركعات وأربع سجدات‪.2‬‬
‫وللخ‪AA‬روج من ه‪AA‬ذا التن‪AA‬اقض ف‪AA‬إن ع‪AA‬دة من العلم‪AA‬اء ال يص‪AA‬ححون‬
‫رواية مسلم‪ :‬كالشافعي والبخاري واحمد‪.3‬‬
‫ومنها ايض اً‪ :‬ما رواه البخ‪AA A A‬اري عن ابن عب‪AA A A‬اس أن الن‪AA A A‬بي ‪‬‬
‫"تزوج ميمونة وهو محرم"‪.‬‬

‫غ ‪AA A‬ير أن ه ‪AA A‬ذا يتع ‪AA A‬ارض مع ما رواه اإلم ‪AA A‬ام مس ‪AA A‬لم عن زيد بن‬
‫األصم قال حدثتني ميمونة أن رسول اهلل ‪ ‬تزوجها وهو حالل‪.‬‬
‫قال الطبري‪ :‬وأما قصة ميمونة فتعارضت األخبار فيها‪.4‬‬
‫ومن أخب ار اآلح اد المتض اربة أيض اً‪ :‬ما رواه اإلم ‪AA A‬ام مس ‪AA A‬لم‬
‫وغ‪AA A A‬يره عن عبد اهلل بن عم‪AA A A‬رو عن الن‪AA A A‬بي ‪ ‬انه ق‪AA A A‬ال‪ :‬إن أول اآلي‪AA A A‬ات‬
‫‪ 6‬كما يف فتح الباري ‪2/548‬‬
‫‪ 2‬كما يف شرح مسلم للنووي ‪ 6/203‬فما فوق‬
‫‪ 3‬ذكر ذلك ابن القيم يف زاد املعاد ‪ 1/124‬وكذلك ذكر تضعيفه ابن تيمية عنهم كما يف كتابه علم احلديث‬
‫ص‪70‬‬
‫‪ 4‬راجع ذلك كله يف فتح الباري ‪ 9/165‬فما فوق‬

‫‪32‬‬
‫طل ‪AA A‬وع الش ‪AA A‬مس وخ ‪AA A‬روج الدابة ض ‪AA A‬حى ‪ ،‬فآيتهما ك ‪AA A‬انت قبل ص ‪AA A‬احبتها‬
‫فاألخرى على إثرها‪."1‬‬

‫غ‪AA‬ير أن ه‪AA‬ذا يعارضه الرواي‪AA‬ات ال‪AA‬تي ي‪AA‬ذكر فيها أن أول اآلي‪AA‬ات‬


‫ظه‪AA‬ور ال‪AA‬دجال‪ ،‬فقد روى الترم‪AA‬ذي بإس‪AA‬ناد حسن ص‪AA‬حيح عن أبي هري‪AA‬رة‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬ثالث إذا خرجن لم ينفع نفس ‪A‬اً إيمانها لم تكن آمنت‬
‫من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً‪ ،‬الدجال‪ ،‬والدابة‪ ،‬وطلوع الش‪A‬مس من‬
‫مغربها" وغير ذلك من الروايات التي تقضي بأن ظهور الدجال هو أول‬
‫اآليات‪.2‬‬
‫ثم لو ك‪AA A‬انت أول اآلي‪AA A‬ات خروج ‪A A‬اً طل‪AA A‬وع الش‪AA A‬مس من مغربه‪AA A‬ا‪،‬‬
‫ومعل ‪AA A‬وم أنه بعد طلوعها من المغ ‪AA A‬رب ُيقفل ب ‪AA A‬اب التوب ‪AA A‬ة‪ ،‬لما ك ‪AA A‬ان لفتنة‬
‫الدجال فائدة بعدئذ ونزول عيسى وظه‪AA‬ور المه‪AA‬دي وقتلهما لل‪AA‬دجال وحكم‬
‫عيسى عليه السالم األرض بالشرع كما جاء في األحاديث اآلحادية‪.‬‬
‫فانظر إلى هذا االضطراب في هذه األحاديث‪ ،‬فكيف تصل إلى‬
‫حد القطع واليقين واالعتقاد وهي تجمع بين الضدين‍‍؟!!‪.‬‬
‫أما ما قاله ابن كث‪AA A A A A‬ير رحمه اهلل من أن ظه‪AA A A A A‬ور ال‪AA A A A A‬دجال أول‬
‫اآلي‪AA‬ات األرض‪AA‬ية وان طل‪AA‬وع الش‪AA‬مس من مغربها أول اآلي‪AA‬ات الس‪AA‬ماوية‪،‬‬
‫هو تأويل للخروج من الضدين ولكنه تأويل من غير دليل‪.‬‬
‫واألس ‪AA‬لم أن يق ‪AA‬ال‪ :‬إن ه ‪AA‬ذه كلها أخب ‪AA‬ار آح ‪AA‬اد وهي ظنية وليست‬
‫عقيدة وال يثبت بها عقائد‪ ،‬فحينها يمكن تأويلها أو ُّ‬
‫رد بعضها‪.‬‬

‫‪ 1‬كما ذكره عنه ابن كثري يف كتابه النهاية يف الفنت واملالحم ‪1/217‬‬
‫‪ 2‬راجع يف ذلك ان شئت سنن الرتمذي كتاب التفسري ‪ 3/326‬والنهاية يف الفنت واملالحم البن كثري‬
‫‪1/166‬‬

‫‪33‬‬
‫ومن األخب ار المتض اربة اختالف الرواي ‪AA‬ات في ك ‪AA‬ون البس ‪AA‬ملة‬
‫آية من القرآن في كل سورة أم ال؟‬
‫من ذلك ما رواه اإلم‪AA‬ام مس‪AA‬لم عن أنس ق‪AA‬ال‪ :‬بينما رس‪AA‬ول اهلل ‪‬‬
‫ذات ي ‪AA A A‬وم بين أظهرنا إذ أغفى إغف ‪AA A A‬اءة ثم رفع رأسه مبتس ‪AA A A‬ماً فقلت‪ :‬ما‬
‫أض ‪AA A‬حكك يا رس ‪AA A‬ول اهلل؟ ق ‪AA A‬ال‪ :‬ن ‪AA A‬زلت علي آنف‪A A A‬اً س ‪AA A‬ورة "فق ‪AA A‬رأ بسم اهلل‬
‫الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو األبتر}‬
‫يعارضه ما رواه اإلمام مسلم أيض ‪A‬اً عن عائشة رضي اهلل عنها‬
‫أنها قالت‪ :‬كان رسول اهلل ‪ ‬يستفتح الصالة ب‪A‬التكبير والق‪A‬راءة بالحمد هلل‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫ومن طريقه أيض ‪A‬اً عن أنس بن مالك ق‪AA‬ال‪" :‬ص‪AA‬ليت خلف الن‪AA‬بي‬
‫‪ ‬وأبي بكر وعم ‪AA A A A‬ر‪ ،‬فك ‪AA A A A‬انوا يس ‪AA A A A‬تفتحون بالحمد هلل رب الع ‪AA A A A‬المين ال‬
‫يذكرون بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬ال في أول قراءة وال في آخرها"‪.1‬‬
‫وعلى أثر ذلك اختلف العلم‪AA‬اء في ه‪AA‬ذه المس‪AA‬ألة اختالف ‪A‬اً بين ‪A‬اً فلو‬
‫ك‪AA A A A A‬انت تفيد أحاديثها اليقين لما ج‪AA A A A A‬از عليها االض‪AA A A A A‬طراب‪ ،‬ولما ج‪AA A A A A‬از‬
‫االختالف فيها‪.‬‬
‫ل ‪AA A‬ذا ف ‪AA A‬إن أح ‪AA A‬اديث البس ‪AA A‬ملة تبقى آحادية ال تصل إلى حد اليقين‬
‫واالعتق‪AA‬اد‪ ،‬وإ ال ك‪A‬انت يقين‪A‬اً واعتق‪AA‬اداً أنها آية من الق‪A‬رآن‪ ،‬ويقين‪A‬اً واعتق‪AA‬اداً‬
‫أنها ليست آية من الق‪AA A A A A‬رآن في آن واح‪AA A A A A‬د‪ ،‬وه‪AA A A A A‬ذا جمع بين األض‪AA A A A A‬داد‬
‫والتناقضات وهو محال في العقيدة االسالمية‪ ،‬وهو مذهب فاسد‪.‬‬
‫الس بب الراب ع‪ :‬أنه لو ك ‪AA‬انت أخب ‪AA‬ار اآلح ‪AA‬اد عقي ‪AA‬دة أو تثبت بها‬
‫عقيدة لكفَّروا منكر آحادها‪ ،‬بل صرحوا بعدم تكفير منكر اآلحاد بخالف‬

‫‪ 1‬راجع يف ذلك الروايات واختالف العلماء فيها اجلامع الحكام القرآن للقرطيب ‪ 1/91‬فما فوق‬

‫‪34‬‬
‫المت‪AA A A A‬واتر وقد نقل ه‪AA A A A‬ذا بإتف‪AA A A A‬اق العلم‪AA A A A‬اء على ما ذك‪AA A A A‬ره السرخسي في‬
‫أصوله‪ 1‬والجرجاني في تعريفاته‪ 2‬وصاحب فواتح الرحموت‪.3‬‬
‫ومن العلم‪AA A A A A A‬اء من لم يفسق جاح‪AA A A A A A‬ده كالقاض‪AA A A A A A‬ي‪ ،‬إال إذا انعقد‬
‫اإلجم‪AA A‬اع علي‪AA A‬ه‪ ،‬فسق جاح‪AA A‬ده‪ .4‬وه‪AA A‬ذا معن‪AA A‬اه أننا لس‪AA A‬نا مكلفين باإليم‪AA A‬ان‬
‫بأحاديث اآلحاد‪ ،‬ألنه كيف يكون خبر اآلحاد عقيدة أو دليالً عليه‪AA‬ا‪ ،‬ثم ال‬
‫يكفر منك‪AA‬ره باتف‪AA‬اق العلم‪AA‬اء‪ ،‬إال أن يك‪AA‬ون غ‪AA‬ير عقي‪AA‬دة وال دليالً عليها فال‬
‫يأخذ حكمها‪.‬‬

‫السبب الخامس‪ :‬هو انه ليس كل اإلس‪AA‬الم أحكام‪A‬اً عقائدية ح‪A‬تى‬


‫يكون اآلحاد جزءاً من هذه العقائ‪A‬د‪ ،‬بل احت‪A‬وى اإلس‪A‬الم أحكام‪A‬اً اجتماعية‬
‫واقتص‪AA A‬ادية وجنائية وقض‪AA A‬ائية وسياس‪AA A‬ية وعس‪AA A‬كرية إلى ج‪AA A‬انب األحك‪AA A‬ام‬
‫العقائدي‪AA A‬ة‪ ،‬فه‪AA A‬ذه األحك‪AA A‬ام يك‪AA A‬ون خ‪AA A‬بر اآلح‪AA A‬اد فيها حجة بخالف األحك‪AA A‬ام‬
‫العقائدية‪.‬‬

‫وه ‪AA‬ذا التفريق مب ‪AA‬ني على أس ‪AA‬اس الف ‪AA‬رق بين األحك ‪AA‬ام العقائدية‬
‫وبين األحكام الغير عقائدية من حيث واقع وحكم ودليل كل منها‪.‬‬
‫فاألحك‪AA A A A‬ام العقائدية هي ال‪AA A A A‬تي تتعلق باإليم‪AA A A A‬ان ومعن‪AA A A A‬اه لغ‪AA A A A‬ة‪:‬‬
‫التصديق‪ ،‬واصطالحاً‪ :‬التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل‪.5‬‬

‫‪ 1‬كما يف أصول السرخسي ‪1/112‬و‪292‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف تعريفاته ص‪102‬‬
‫‪ 3‬ملحق يف كتاب باملستصفى للغزايل ‪2/111‬‬
‫‪ 4‬كما يف املسودة آلل تيمية ص‪223‬‬
‫‪ 5‬راجع ان شئت يف هذا التفصيل احملصول للرازي ‪ 1/12‬والتحصيل لالرموي ‪ 1/169‬واجابة السائل‬
‫للصنعاين ص‪ 60‬وحاشيتا اجلرجاين والتفتازاين على ابن احلاجب ‪ 61-1/60‬وتفسري الرازي ‪61-2/27‬‬
‫والشخصية االسالمية للنبهاين‪1/19‬‬

‫‪35‬‬
‫ظن‪A‬اً‬
‫فإذا كان التصديق عن غير دليل قطعي ال يكون جازم‪A‬اً بل ّ‬
‫أو ش‪ّ A‬كاً‪ ،‬ألن الج‪A‬زم لغ‪AA‬ة‪ :‬القط‪A‬ع‪ ،‬يق‪AA‬ال‪ :‬ج‪AA‬زم األمر قطعه قطع‪A‬اً ال ع‪AA‬ودة‬
‫‪6‬‬
‫فيه ‪.‬‬
‫وإ ن لم يطابق الواقع يكون جهالً‪.‬‬
‫ل ‪AA‬ذا البد من ه ‪AA‬ذين الش ‪AA‬رطين لالعتق ‪AA‬اد‪ ،‬الج ‪AA‬زم‪ ،‬والمطابقة وإ ال‬
‫كان االعتقاد أو اإليمان فاسداً‪.‬‬
‫وأما األحك‪AA A A A A‬ام الغ‪AA A A A A‬ير عقائدي‪AA A A A A‬ة‪ ،‬فهي المعروفة عند العلم‪AA A A A A‬اء‬
‫باألحك‪AA A A‬ام العملية أي المتعلقة بأفع‪AA A A‬ال العب‪AA A A‬اد من حيث الحل والحرمة ال‬
‫من حيث الكفر واإليمان‪.‬‬
‫واألحك‪AA A‬ام العقائدية والعملية عن‪AA A‬دنا كلها أفك‪AA A‬ار إس‪AA A‬المية فال إله‬
‫إال اهلل‪،‬فكر‪{ ،‬وحرمت عليكم الميتة} فكر أيض‪A‬اً والف‪AA‬رق بينهما أن "ال إله‬
‫إال اهلل" عقي‪AA A A‬دة أو أمر يتعلق بالتص‪AA A A‬ديق و "ح‪AA A A‬رمت عليكم الميت‪AA A A‬ة" حكم‬
‫يتعلق بفعل‪.‬‬
‫ل ‪AA‬ذا فما طلب اإليم ‪AA‬ان أو التص ‪AA‬ديق به هو من األحك ‪AA‬ام العقائدية‬
‫وما طلب العمل بمقتضاه أو به يعتبر من األحكام العملية‪.‬‬
‫ومن خالل االس ‪AA‬تقراء للنص ‪AA‬وص الش ‪AA‬رعية من الكت ‪AA‬اب والس ‪AA‬نة‬
‫يت ‪AA A‬بين لنا بوض ‪AA A‬وح الف ‪AA A‬رق بين ما طلب اإليم ‪AA A‬ان به وبين ما طلب العمل‬
‫بمقتض ‪AA‬اه‪ ،‬فقوله تع ‪AA‬الى {آمن وا باهلل ورس وله} وقوله {وآمن وا بما ن زل‬
‫على محمد وهو الحق من ربهم} وقوله {والذين يؤمنون بما أنزل إليك‬
‫وما أنزل من قبلك وباآلخرة هم يوقنون}‪.‬‬
‫ه‪AA A‬ذه النص‪AA A‬وص واضح فيها طلب اإليم‪AA A‬ان فقط أي إيم‪AA A‬ان دون‬
‫عمل‪.‬‬

‫‪ 6‬كما يف القاموس احمليط ‪4/89‬‬

‫‪36‬‬
‫وقوله تع‪AA A A‬الى {وأقيم وا الص الة وآت وا الزك اة} وقوله {كتب‬
‫عليكم الص يام} وقوله {وهلل على الن اس حج ال بيت من اس تطاع إليه‬
‫س بيال} وقوله {إذا ت داينتم ب دين ف اكتبوه} وقوله {ف انكحوا ما ط اب لكم‬
‫ره لكم} وقوله‬ ‫ال وهو ك‬ ‫اء} وقوله {كتب عليكم القت‬ ‫من النس‬
‫{وبالوالدين إحسانا} وقوله {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}‪.‬‬
‫إلى غ‪AA A A A‬ير ذلك من النص‪AA A A A‬وص ال‪AA A A A‬تي طلب العمل بمقتض‪AA A A A‬اها‪،‬‬
‫فسميت األحك‪A‬ام الم‪A‬أخوذة من ه‪A‬ذه النص‪A‬وص أحكام‪A‬اً عملية وس‪A‬ميت تلك‬
‫أحكاماً تصديقية أو عقائدية أو علمية‪.‬‬
‫ثم هن ‪AA‬اك نص ‪AA‬وص أخ ‪AA‬رى من الكت ‪AA‬اب ت ‪AA‬بين ه ‪AA‬ذا الف ‪AA‬رق أيض‪A A‬اً‪،‬‬
‫قوله تعالى {ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقوله {إال الذين آمن وا‬
‫وعملوا الصالحات} فعطف العمل على اإليمان دليل على الفرق بينهم‪AA‬ا‪،‬‬
‫ونظ ‪AA‬ير ذلك قوله تع ‪AA‬الى {يا أيها ال ذين آمن وا اركع وا واس جدوا} وقوله‬
‫{وأقيموا الصالة وآتوا الزك اة} وقوله {إن اهلل ي أمر بالع دل واإلحس ان}‬
‫فواضح الف‪AA‬رق بين الرك‪AA‬وع والس‪AA‬جود وبين الص‪AA‬الة والزك‪AA‬اة وبين الع‪AA‬دل‬
‫واإلحسان من حيث المعنى ولو جمع بينهما بواو العاطفة‪ ،‬فذلك كذلك‪.‬‬
‫وللعلم فإنه قد يقع العطف بين اإلس‪AA‬مين وال يقتضي المغ‪AA‬ايرة أو‬
‫الفرق ولكن بقرينة عقلية كانت أو نقلي‪AA‬ة‪ ،‬تص‪AA‬رفة عن ذل‪AA‬ك‪ ،‬كقوله تع‪AA‬الى‬
‫{رب المشرقين ورب المغربين} ف‪A‬إن ه‪A‬ذا يتع‪AA‬ارض مع العقل والنقل من‬
‫أن الرب واحد سبحانه‪ ،‬ل‪AA‬ذا فال تعمل ال‪AA‬واو هنا عملها في اآلي‪AA‬ات الس‪A‬ابقة‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫وقوله تع‪AA A A‬الى {ف اعلم أنه ال إله إال اهلل واس تغفر ل ذنبك} فيه‬
‫تفريق أيض‪A‬اً بين االعتق‪AA‬اد ب‪AA‬أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وبين االس‪AA‬تغفار وهو عم‪AA‬ل‪،‬‬
‫لنفس السبب‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وك ‪AA A‬ذلك قوله تع ‪AA A‬الى {هل أدلكم على تج ارة تنجيكم من ع ذاب‬
‫أليم تؤمنون باهلل ورسوله وتجاه دون في س بيل اهلل ب أموالكم وأنفس كم‬
‫ذلكم خير لكم إن كنتم تعلم ون} دليل على أن الجه‪AA‬اد عمل وليس إيمان ‪A‬اً‪.‬‬
‫فيثبت الفرق بينهما لنفس السبب‪.‬‬
‫أما الس ‪AA A‬نة ففيها أيض‪A A A‬اً ما ي ‪AA A‬دل على ه ‪AA A‬ذا التفري ‪AA A‬ق‪ ،‬فقوله عليه‬
‫الصالة والسالم في الحديث الصحيح الذي سأل فيه جبريل عليه الس‪AA‬الم‪:‬‬
‫"عن اإلسالم واإليمان واإلحس‪AA‬ان" فك‪AA‬ان جوابه ‪ ‬عن اإلسالم‪ :‬أن تش‪AA‬هد‬
‫أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وتقيم الص‪AA A‬الة وت‪AA A‬ؤتي الزك‪AA A‬اة وتص‪AA A‬وم رمض‪AA A‬ان وتحج‬
‫ال‪AA A‬بيت إن اس‪AA A‬تطعت إلى ذلك س‪AA A‬بيال‪ .‬وق‪AA A‬ال عن اإليم ان‪ :‬ان ت‪AA A‬ؤمن باهلل‬
‫ومالئكته وكتبه ورس ‪AA A‬له وب ‪AA A‬اليوم اآلخ ‪AA A‬ر‪ ،‬وبالق ‪AA A‬در خ ‪AA A‬يره وش‪AA A‬ره من اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬
‫وعن اإلحس ‪AA A‬ان‪ :‬أن تعبد اهلل كأنك ت ‪AA A‬راه ف ‪AA A‬إن لم تكن ت ‪AA A‬راه فإنه‬
‫يراك‪.1‬‬
‫فواضح من هذا الحديث الف‪A‬رق بين األحك‪A‬ام العملية من الش‪A‬هادة‬
‫والص ‪AA‬الة والزك ‪AA‬اة والص ‪AA‬وم والحج واإلحس ‪AA‬ان في أدائه ‪AA‬ا‪ ،‬وبين األحك ‪AA‬ام‬
‫التص‪AA‬ديقية‪ :‬اإليم‪AA‬ان باهلل ومالئكته وكتبه ورس ‪AA‬له وب ‪AA‬اليوم اآلخر وبالق‪AA‬در‬
‫خيره وشره من اهلل تعالى‪.‬‬
‫ق‪AA‬ال ابن تيمي‪AA‬ة‪ :‬فلما ذكر اإليم‪AA‬ان مع اإلس‪AA‬الم جعل اإلس‪AA‬الم هو‬
‫األعم‪AA‬ال الظ‪AA‬اهرة‪ :‬الش‪AA‬هادتان والص‪AA‬الة والزك‪AA‬اة والص‪AA‬يام والحج‪ ،‬وجعل‬
‫اإليم‪AA A A‬ان ما في القلب من اإليم‪AA A A‬ان باهلل ومالئكته وكتبه ورس‪AA A A‬له والي‪AA A A‬وم‬

‫‪ 1‬رواه البخاري يف صحيحه ‪6/144‬‬

‫‪38‬‬
‫اآلخر وهك ‪AA A‬ذا في الح ‪AA A‬ديث ال ‪AA A‬ذي رواه أحمد عن أنس عن الن ‪AA A‬بي ‪ ‬ق ‪AA A‬ال‬
‫"اإلسالم عالنية واإليمان في القلب‪"1‬‬
‫ومن الس ‪AA A‬نة ما رواه البخ ‪AA A‬اري في ص ‪AA A‬حيحه عن عائشة رضي‬
‫اهلل عنها ق‪AA A A‬الت‪ :‬إنما ن‪AA A A‬زل أول ما ن‪AA A A‬زل منه –أي الق‪AA A A‬رآن‪ -‬س‪AA A A‬ورة من‬
‫ص ‪A‬ل‪ ،‬فيها ذكر الجنة والن‪AA‬ار‪ ،‬ح‪AA‬تى إذا ث‪AA‬اب الن‪AA‬اس إلى اإلس‪AA‬الم ن‪AA‬زل‬
‫المف ّ‬
‫الحالل والحرام‪.‬‬
‫ق‪AA‬ال ابن حجر في الفتح‪ :‬أش‪AA‬ارت إلى الحكمة اإللهية في ت‪AA‬رتيب‬
‫التنزيل وان أول ما ن ‪AA A A A‬زل من الق ‪AA A A A‬رآن ال ‪AA A A A‬دعاء إلى التوحيد والتبش ‪AA A A A‬ير‬
‫للمؤمن والمطيع بالجنة‪ ،‬وللكافر والعاصي بالن‪AA‬ار‪ ،‬فلما اطم‪AA‬أنت النف‪AA‬وس‬
‫على ذلك أن ‪AA‬زلت األحك ‪AA‬ام وله ‪AA‬ذا ق ‪AA‬الت‪ :‬ولو ن ‪AA‬زل أول ش ‪AA‬يء ال تش ‪AA‬ربوا‬
‫الخمر لقالوا ال ندعها‪.2‬‬
‫فكالم عائشة رضي اهلل عنها يأخذ حكم المرف‪AA A A A‬وع إلى رس‪AA A A A‬ول‬
‫اهلل ‪ ‬وواضح فيه التفريق بين أحك‪AA A‬ام الجنة والن‪AA A‬ار وهو أحك‪AA A‬ام عقائدية‬
‫وتوحيد‪ ،‬وبين الحالل والحرام وهو أحكام عملية‪.‬‬
‫فه‪AA A A A‬ذا ال ‪AA A A‬ذي ذكرن ‪AA A A‬اه من التفريق بين األحك ‪AA A A‬ام التص‪AA A A A‬ديقية أو‬
‫االعتقادية وبين األحك ‪AA A A‬ام العملية واضح تمام‪A A A A‬اً عند الغالبية العظمى من‬
‫الفقه‪AA‬اء واألص‪AA‬وليين والمح‪AA‬دثين وهو ظ‪AA‬اهر في مص‪AA‬نفاتهم في غ‪AA‬ير ب‪AA‬اب‬
‫ظهوراً ال يخفى على من حباه اهلل علماً وورعاً في الدين‪.‬‬
‫فقد ق ‪AA A‬ال الحسن البص ‪AA A‬ري "اإليم ‪AA A‬ان ما وقر في القلب وص ‪AA A‬دقه‬
‫العمل"‪.3‬‬

‫‪ 1‬قاله يف كتابه اإلميان ص‪14‬‬


‫‪ 2‬فتح الباري ‪9/40‬‬
‫‪ 3‬رواه عنه ابن أيب شيبة يف املصنف‪7/189‬‬

‫‪39‬‬
‫وق ‪AA‬ال ابن رجب الحنبلي‪ :‬فال ‪AA‬ذي يتعين على كل مس ‪AA‬لم االعتن ‪AA‬اء‬
‫به واالهتم‪AA A A‬ام أن يبحث عما ج‪AA A A‬اء عن اهلل ورس‪AA A A‬وله ‪ ‬ثم يجتهد في فهم‬
‫ذلك والوق‪AA A A‬وف على معاني‪AA A A‬ه‪ ،‬ثم يش‪AA A A‬تغل بالتص‪AA A A‬ديق ب‪AA A A‬ذلك إن ك‪AA A A‬ان من‬
‫األمور العلمية‪ ،‬وان كان من األم‪AA‬ور العملية ب‪A‬ذل وس‪AA‬عه في االجته‪A‬اد في‬
‫فعل ما يس‪AA A A A A A‬تطيعه من األوامر واجتن‪AA A A A A A‬اب ما ينهى عنه فتك‪AA A A A A A‬ون همته‬
‫مصروفة بالكلية إلى ذلك ال إلى غيره‪."1‬‬
‫وق‪AA‬ال الق‪AA‬رافي‪" :‬وك‪AA‬ذلك ج ‪ّ A‬ل أص‪AA‬ول ال‪AA‬دين وهي أم‪AA‬ور تعلم وال‬
‫تعمل"‪.2‬‬
‫وق ‪AA‬ال الجرج ‪AA‬اني‪" :‬العقائد هي ما يقصد منه نفس االعتق ‪AA‬اد دون‬
‫العمل"‪.3‬‬
‫وق‪AA‬ال عالء ال‪AA‬دين الس‪AA‬مرقندي‪ :‬ومنه‪AA‬ا‪" :‬أن ي‪AA‬رد الخ‪AA‬بر في ب‪AA‬اب‬
‫العمل فأما إذا ورد في ب ‪AA A‬اب االعتق ‪AA A‬ادات وهي من مس ‪AA A‬ائل الكالم فإنه ال‬
‫يكون حجة"‪.4‬‬
‫وق ‪AA A‬ال ابن الب ‪AA A‬اقالني‪" :‬إن اإليم ‪AA A‬ان في اللغة هو التص ‪AA A‬ديق دون‬
‫سائر أفعال الجوارح والقلوب"‪.5‬‬
‫ولع ‪AA‬دم اإلطالة من س ‪AA‬رد أق ‪AA‬والهم‪ ،‬س ‪AA‬أكتفي ب ‪AA‬ذكر عن ‪AA‬اوين ل ‪AA‬ذلك‬
‫كما في مصنفاتهم وهي معروفة على ظاهر الكف لمن أرادها‪.‬‬

‫من ذلك‪:‬‬

‫‪ 1‬كما يف جامع العلوم واحلكم له ص‪118‬‬


‫‪ 2‬كما يف نفائس االصول ‪1/121‬‬
‫‪ 3‬كما يف تعريفاته ص‪196‬‬
‫‪ 4‬كما يف ميزان االصول له ص‪434‬‬
‫‪ 5‬قاله يف كتابه االنصاف ص‪34‬‬

‫‪40‬‬
‫تفريقهم للعقيدة وللحكم الشرعي‪ .‬في التعريف‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫فالعقيدة‪ :‬هي اإليمان‪.‬‬
‫والحكم الشرعي‪ :‬هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد‪.‬‬
‫إقرارهم االختالف في الفروع الظنية دون األصول القطعية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إق‪AA A‬رارهم االختالف في خ‪AA A‬بر اآلح‪AA A‬اد دون المت‪AA A‬واتر المجمع‬ ‫‪‬‬
‫عليه كما أثبتناه في صدر الكتاب‪.‬‬
‫تفريقهم في تعريف الفقه واألصول‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تف‪AA‬ريقهم بين أدلة األص‪AA‬ول ووج‪AA‬وب أن تك‪AA‬ون قطعي‪AA‬ة‪ ،‬وبين‬ ‫‪‬‬
‫أدلة الف‪AA A A‬روع فيكتفى فيها ب‪AA A A‬الظن إذا لم يكن قط‪AA A A‬ع‪ ،‬وهو متفق عليه‬
‫عندهم‪.‬‬
‫تكف‪AA A A A‬يرهم لمنكر أصل قطعي أو لما هو معل‪AA A A A‬وم من ال‪AA A A A‬دين‬ ‫‪‬‬
‫ضرورة دون الفرع الظني‪.‬‬
‫تقس‪AA A A A‬يمهم للش‪AA A A A‬ريعة بأنها أحك‪AA A A A‬ام وعقائد أو أحك‪AA A A A‬ام عملية‬ ‫‪‬‬
‫وأحكام علمية‪ ،‬على نحو ما ذكره ابن رجب وغيره آنفاً‪.‬‬
‫تقس‪AA‬يمهم للق‪AA‬رآن‪ :‬آي‪AA‬ات أحك ‪AA‬ام‪ ،‬آي ‪AA‬ات قص‪AA‬ص‪ ،‬آي‪AA‬ات عقائد‬ ‫‪‬‬
‫وغيبيات‪.‬‬
‫يفرق‪AA A A‬ون بين الك‪AA A A‬افر والمس‪AA A A‬لم في خط‪AA A A‬اب التكليف أي هل‬ ‫‪‬‬
‫الكف ‪AA A A‬ار مخ ‪AA A A‬اطبون بأص ‪AA A A‬ول الش ‪AA A A‬ريعة وفروعها أم بأح ‪AA A A‬دهما دون‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫أن المخطئ في الف‪AA A A A A‬روع م‪AA A A A A‬أجور بخالف األص‪AA A A A A‬ول وان‬ ‫‪‬‬
‫المصيب في القطعيات واحد‪ .‬وأن المخطئ فيها آثم‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫خ ‪AA A‬بر اآلح ‪AA A‬اد يؤخذ في األحك ‪AA A‬ام دون العقائد كما أثبتن ‪AA A‬اه في‬ ‫‪‬‬
‫آخر الكتاب‪.‬‬
‫األحك ‪AA A‬ام العملية ي ‪AA A‬رد فيها النس ‪AA A‬خ‪ ،‬بينما العقائد ال ي ‪AA A‬رد فيها‬ ‫‪‬‬
‫النسخ‪.‬‬
‫يفرقون بين من ُيقتل حدا وبين من يقتل ارتداداً‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يمنعون التقليد في أصول الدين ويجيزونه في فروع الدين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إلى غير ذلك من الفوارق التي تدل قطعاً على أنهم يفرقون بين‬
‫العقيدة وما يتعلق بها وبين األحكام الشرعية العملية وما يتعلق بها‪.‬‬
‫أما ما يقوله البعض من أن قس‪A‬مة المس‪A‬ائل الش‪A‬رعية إلى أص‪AA‬ول‬
‫وف‪AA A‬روع هو بدعة لم ت‪AA A‬أت بها س‪AA A‬نة‪ ،‬فكالم غ‪AA A‬ريب يأب‪AA A‬اه العلم والعلم‪AA A‬اء‪،‬‬
‫ألننا ب ‪AA‬ذلك ن ‪AA‬رد على كل العلم ‪AA‬اء علمهم وانه بدع ‪AA‬ة‪ ،‬ألنهم قس ‪AA‬موا العل ‪AA‬وم‬
‫الش‪AA A A‬رعية إلى فقه وأص‪AA A A‬ول فق‪AA A A‬ه‪ ،‬وقس‪AA A A‬موها إلى ح‪AA A A‬ديث وفقه وقس‪AA A A‬موا‬
‫الف‪AA A A‬رض إلى كفاية وعين‪ ،‬وقس‪AA A A‬موا الق‪AA A A‬رآن إلى آي ‪AA A A‬ات أحك‪AA A A‬ام وآي‪AA A A‬ات‬
‫قص ‪AA‬ص‪ ،‬وقس ‪AA‬موا األوامر إلى أك ‪AA‬ثر من عش ‪AA‬رين قس ‪AA‬ماً‪ ،‬وقس ‪AA‬موا الحكم‬
‫الش‪AA A A‬رعي إلى تكليفي ووض‪AA A A‬عي‪ ،‬وقس‪AA A A‬موا الس‪AA A A‬نة إلى مت‪AA A A‬واتر وآح‪AA A A‬اد‪،‬‬
‫وقس‪AA A‬موا اآلح‪AA A‬اد إلى أك‪AA A‬ثر من عش‪AA A‬رة أن‪AA A‬واع‪ ،‬وقس‪AA A‬موا القواعد إلى كلية‬
‫وعام‪AA A‬ة‪ ،‬وقس‪AA A‬موا اللغة إلى نحو وص‪AA A‬رف وبالغ‪AA A‬ة‪ ،‬وقس‪AA A‬موا الس‪AA A‬نة إلى‬
‫فعلية وقولية وتقريرية وص ‪AA A A A‬فة‪ ،‬وقس‪AA A A A‬موا اإلجم‪AA A A A‬اع إلى فعلي وق‪AA A A A‬ولي‬
‫وسكوتي‪ A،‬وقسموا العل‪AA‬وم إلى س‪AA‬معية وعقلي‪AA‬ة‪ ،‬وقس‪A‬موا األدلة إلى س‪A‬معية‬
‫وعقلية وقس‪AA‬موا المت‪AA‬واتر إلى لفظي ومعن‪AA‬وي‪ ،‬وقس‪AA‬موا الداللة إلى ال‪AA‬تزام‬
‫وتضمن ومطابقة‪ ،‬إلى غير ذلك من التقسيمات‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فكل ه‪AA A‬ذا لم ت‪AA A‬رد فيه س‪AA A‬نة وال كت‪AA A‬اب وال إجم‪AA A‬اع ص‪AA A‬حابة‪ ،‬فهل‬
‫يعني أنه بدع‪A‬ة‪،‬؟!! ف‪A‬إن ك‪A‬ان ك‪AA‬ذلك فمعن‪AA‬اه نسف لكل العل‪AA‬وم وتجهيل لكل‬
‫العلماء وهذا ما ال يقول به عاقل‪.‬‬
‫والص‪AA‬حيح أن ه‪A‬ذه التقس‪A‬يمات إنما حص‪AA‬لت بعد اس‪A‬تقراء لواقعها‬
‫والبدعة منها بعيدة‪ ،‬وال تنطبق مع أحكامها وتعاريفها‪.‬‬
‫وأما ما ُيق‪AA‬ال من أن اإليم‪AA‬ان ق‪AA‬ول وعم‪AA‬ل‪ ،‬فص‪AA‬حيح ال من حيث‬
‫أن اإليمان عمل ألن هذا يتعارض مع القرآن والسنة كما علمت آنفاً‪ ،‬بل‬
‫ص‪AA A A‬حيح من حيث أن العمل دليل على وج‪AA A A‬ود اإليم‪AA A A‬ان ل‪AA A A‬دى الش‪AA A A‬خص‬
‫المؤمن الذي يعمل الصالحات وي‪AA‬دل عليه ق‪AA‬ول الن‪AA‬بي ‪" ‬إذا رأيتم الرجل‬
‫يرت‪AA‬اد المس‪AA‬اجد فاش‪AA‬هدوا له باإليم‪AA‬ان" واق‪AA‬رأوا إن ش‪AA‬ئتم وتفقه‪AA‬وا في قوله‬
‫تعالى {قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أس لمنا ولما ي دخل‬
‫اإليمان في قلوبكم وإ ن تطيع وا اهلل ورس وله ال يلتكم من أعم الكم ش يئاً‬
‫إن اهلل غفور رحيم}‪.‬‬
‫ول ‪AA‬ذلك ق ‪AA‬ال الحسن "ليس اإليم ‪AA‬ان ب ‪AA‬التحلي وال ب ‪AA‬التمني ولكن ما‬
‫وقر في القلب وص ‪AA A‬دقه العم‪AA A‬ل" فالعمل يص‪AA A‬دق اإليم‪AA A‬ان ال أن العمل هو‬
‫اإليمان‪.‬‬
‫وك‪AA A A‬ذلك قوله عليه الص‪AA A A‬الة والس ‪AA A‬الم "اإليم‪AA A A‬ان بضع وس ‪AA A‬بعون‬
‫شعبة أعالها قول ال إله إال اهلل وأدناها إماطة األذى عن الطريق"‬
‫فليس معن‪AA A A A‬اه أيض‪A A A A A‬اً أن اإليم‪AA A A A‬ان والعمل ش‪AA A A A‬يء واح‪AA A A A‬د‪ ،‬ألنه‬
‫يتعارض مع القرآن والس‪AA‬نة في التفريق بين اإليم‪AA‬ان والعم‪AA‬ل‪ ،‬فلم يبق إال‬
‫أن يكون معناه أن إماطة األذى ثمرة من ثمرات اإليمان ودليل عليه‪.‬‬
‫وأق ‪AA A‬رب ش ‪AA A‬يء للفهم في التفريق بين العقي ‪AA A‬دة واألحك ‪AA A‬ام العملية‬
‫واقع‪A A‬اً وحكم‪A A‬اً ودليالً‪ ،‬أن ُمخ ‪AA‬الف العقي ‪AA‬دة ومنكرها يكفر بال خالف بينما‬

‫‪43‬‬
‫مخ‪AA‬الف األحك‪AA‬ام الش‪AA‬رعية المتعلقة ب‪AA‬الحالل والح‪AA‬رام أو منكرها فال يكفر‬
‫وإ نما يكون عاصياً فقط‪ ،‬إال عند المعتزلة حينما كفروا مرتكب الكبيرة‪.‬‬
‫ومن ذلك أيض ‪A‬اً أن تعلم أحك‪AA‬ام الحالل والح‪AA‬رام مطل‪AA‬وب ش‪AA‬رعاً‬
‫وهو عمل وال يس‪AA‬مى إيمان‪A‬اً وإ ال ك‪AA‬ان الجهل بها أو ع‪AA‬دم تعلمها كف‪AA‬راً وال‬
‫يقول بهذا جاهل فضالً عن أن يقول به عالم‪.‬‬

‫السبب السادس‪:‬‬
‫ومن األدلة على أن خ‪AA A A A A‬بر اآلح‪AA A A A A‬اد ال يفيد اليقين وال يؤخذ في‬
‫االعتق‪AA‬اد‪ :‬أن الكث‪AA‬ير منها روي ب‪AA‬المعنى أي أن ال‪AA‬راوي اجتهد في فهم ما‬
‫قاله النبي ‪ ‬ثم نقله بلغته حسب فهمه وهذا ظن قطعاً‪ ،‬فال يمكن أن يق‪AA‬ال‬
‫ب ‪AA‬أن الح ‪AA‬ديث ال ‪AA‬ذي رواه الص ‪AA‬حابة ب ‪AA‬المعنى أنه يفيد اليقين أو أنه يص ‪AA‬لح‬
‫دليالً على العقيدة وإ الّ كان اجتهاد المجتهدين يفيده وهذا مخالف لصريح‬
‫الس ‪AA‬نة ال ‪AA‬تي تق ‪AA‬ول ب ‪AA‬أن االجته ‪AA‬اد فيه خطأ وفيه ص ‪AA‬واب‪ ،‬فال يصح إثب ‪AA‬ات‬
‫العقائد به‪.‬‬
‫ومن األمثلة على كيفية رواية الح‪AA A A‬ديث ب‪AA A A‬المعنى ما رواه أحمد‬
‫البر وغيرهما عن مكح ‪AA A‬ول ق ‪AA A‬ال‪ :‬دخلنا على واثلة بن األس ‪AA A‬قع‬
‫وبن عبد َ‬
‫فقلنا ح ‪AA‬دثنا ح ‪AA‬ديثاً ليس فيه تق ‪AA‬ديم وال ت ‪AA‬أخير‪ ،‬فغضب وق ‪AA‬ال‪ :‬ال ب ‪AA‬أس إذا‬
‫قدمت وأخرت إذا أصبت المعنى‪.‬‬
‫وروى ابن ماجة وغيره عن أنس ‪ ‬ك‪AA‬ان إذا ح َّ‪A‬د َ‬
‫ث عن الن‪AA‬بي ‪‬‬
‫حديثاً قال‪" :‬أو كما ق‪A‬ال"‪ .‬ومن طريقه أيض‪A‬اً عن ابن مس‪A‬عود ‪ ‬أنه ح َّ‪A‬د َ‬
‫ث‬
‫عن النبي ‪ ‬حديثاً فقال‪ :‬أو قريباً من ذلك‪ ،‬أو فوق ذلك‪ ،‬أو دون ذلك‪.‬‬
‫هذا معنى قولهم رواية الحديث بالمعنى‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الوجه الخامس‪:‬‬
‫‪-‬وهو ما ظنوه دليالً وليس بدليل‪-‬‬
‫أما ما ظن ‪AA A‬وه دليالً على أن خ ‪AA A‬بر الواحد من العقائد ويفيد اليقين‬
‫فهو وهم ال ي‪AA A A A‬رتقي ح‪AA A A A‬تى إلى الظن‪ ،‬مع أن المس‪AA A A A‬ألة تحت‪AA A A A‬اج إلى دليل‬
‫قطعي ال ظ ‪AA A A‬ني ويش ‪AA A A‬ترط أن يك ‪AA A A‬ون ذلك في الثب ‪AA A A‬وت والداللة ح ‪AA A A‬تى ال‬
‫يتطرق إليه الظن أو الشك‪ ،‬ألنها عقيدة أو ينبني عليها عقيدة‪.‬‬
‫فمما ظنوه دليالً‪ :‬ما روي في الص‪AA‬حيحين واللفظ للبخ‪AA‬اري عن‬
‫ابن عب‪AA‬اس رضي اهلل عنهما ق‪AA‬ال‪ :‬لما بعث الن‪AA‬بي ‪ ‬مع‪AA‬اذاً إلى اليمن ق‪AA‬ال‬
‫ل ‪AA A‬ه‪ :‬انك تق ‪AA A‬دم على ق ‪AA A‬وم من أهل الكت ‪AA A‬اب فليكن أول ما ت ‪AA A‬دعوهم إلى أن‬
‫يوحدوا اهلل تعالى‪ ،‬فإذا عرفوا ذل‪AA‬ك‪ ،‬ف‪A‬أخبرهم أن اهلل ف‪A‬رض عليهم خمس‬
‫صلوات في يومهم وليلتهم‪.1‬‬
‫فهذا الحديث ال يصلح دليالً في العقائد وذلك من عدة وجوه‪:‬‬
‫أوله ا‪ :‬أنه خ‪AA A‬بر آح‪AA A‬اد وال يفيد إال الظن‪ ،‬فال يص‪AA A‬لح أن يك‪AA A‬ون‬
‫عقيدة وال دليالً عليها كما أثبتناه لك قبل قليل‪.‬‬
‫ثانيه ا‪ :‬أن الرواية في دع‪AA A A A‬وتهم إلى التوحي‪AA A A A‬د‪ ،‬ال في إثب‪AA A A A‬ات‬
‫التوحي ‪AA‬د‪ ،‬ب ‪AA‬دليل أنه ق ‪AA‬ال ل ‪AA‬ه‪" :‬ف ‪AA‬إذا عرف ‪AA‬وا ذل ‪AA‬ك" وفي رواية مس ‪AA‬لم "ف ‪AA‬إذا‬
‫عرفوا اهلل تعالى" ومعل‪AA‬وم أن معرفة اهلل تع‪AA‬الى ال تن‪A‬ال إال ب‪A‬النظر ألنه ال‬
‫تقليد في العقائ ‪AA A A‬د‪ ،‬فقد نعى اهلل تع ‪AA A A‬الى على من قلد في العقائد وذمه ذم‪A A A A‬اً‬
‫آباءنا على ُأمة وإ نا على آث ارهم‬
‫ش‪AA A A A‬ديداً فق‪AA A A A‬ال عز وجل {إنا وج دنا َ‬
‫اءكم ق الوا إنا بما‬
‫مقت دون ق ال أولو جئتكم بأه دى مما وج دتم عليه آب َ‬

‫‪ 11‬أنظره يف فتح الباري ‪13/347‬‬

‫‪45‬‬
‫أرس لتم به ك افرون} وق ‪AA‬ال أيض ‪A‬اً {ق الوا أجئتنا لتلفتنا عما وج دنا عليه‬
‫آباءنا وتك ون لكما الكبري اء في األرض وما نحن لكما بمؤم نين} وق‪AA‬ال‬
‫{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين‪ ،‬إذ ق ال ألبيه وقومه‬
‫ما هذه التماثيل ال تي أنتم لها ع اكفون‪ ،‬ق الوا وج دنا آباءنا لها عاب دين‬
‫قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضالل مبين} إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ثم بين س‪AA A A‬بحانه أن معرفته تك‪AA A A‬ون ب‪AA A A‬النظر والت‪AA A A‬دبر والتفكر ال‬
‫بالتقليد فق‪AA‬ال عز من قائل {س نريهم آياتنا في اآلف اق وفي أنفس هم ح تى‬
‫يت بين لهم أنه الح ق} وق‪AA A A A‬ال {ومن آياته خلق الس ماوات واألرض‬
‫واختالف ألس نتكم وأل وانكم ان في ذلك آلي ات للع المين} وق ‪AA‬ال {ان في‬
‫خلق السماوات واألرض واختالف الليل والنه ار آلي ات ألولي األلب اب}‬
‫وق‪AA A A A‬ال {أفال ينظ رون إلى اإلبل كيف خلقت والى الس ماء كيف رفعت‬
‫والى الجب ال كيف نص بت والى األرض كيف س طحت} وق ‪AA A‬ال {فلينظر‬
‫اإلنسان مم خل ق} إلى غ‪AA‬ير ذلك من النص‪AA‬وص القرآنية ال‪AA‬تي تلفت نظر‬
‫اإلنس ‪AA‬ان إلى مخلوق ‪AA‬ات اهلل والى اس ‪AA‬تعمال عقله في معرفة خالقها ول ‪AA‬ذلك‬
‫نجدها تقول {لقوم يعقلون} {لقوم يتفكرون} وهذا غير التقليد قطعاً‪.‬‬
‫ثم إن الح ‪AA A‬ديث الم ‪AA A‬ذكور قد ف ‪AA A‬رق بين معرفة اهلل س ‪AA A‬بحانه وبين‬
‫األحك‪AA‬ام التكليفية العملية حيث ق‪AA‬ال‪: :‬ف‪AA‬إذا عرف‪AA‬وا اهلل تع‪AA‬الى ف‪AA‬أخبرهم ان‬
‫اهلل ف‪AA‬رض عليهم خمس ص‪AA‬لوات في ي‪AA‬ومهم وليلتهم…" فاألحك‪AA‬ام العملية‬
‫يمكن التقليد فيها بخالف العقائد فال يمكن وه‪AA A A‬ذا بإجم‪AA A A‬اع على ما ذك‪AA A A‬ره‬
‫القرطبي في جامعه‪.1‬‬
‫ا‪ :‬أن الرواية عن ابن عب ‪AA A A A A A A A‬اس رضي اهلل عنهما فيها‬ ‫ثالثه‬
‫اض‪AA A A A‬طراب في المتن‪ ،‬فم‪AA A A A‬رة رويت كما عند البخ‪AA A A A‬اري‪ :‬فليكن أول ما‬

‫‪ 1‬ذكره يف تفسريه ‪2/212‬‬

‫‪46‬‬
‫ت ‪AA‬دعوهم إلى أن يوح ‪AA‬دوا اهلل تع ‪AA‬الى‪ ،‬وم ‪AA‬رة رويت كما عند اإلم ‪AA‬ام مس ‪AA‬لم‪:‬‬
‫فليكن أول ما ت‪AA‬دعوهم إليه عب ‪AA‬ادة اهلل‪ ،‬ورويت "ف‪AA‬ادعهم إلى ش ‪AA‬هادة أن ال‬
‫إله إال اهلل وأني رسول اهلل"‪.‬‬
‫وهن ‪AA A‬اك اض ‪AA A‬طراب آخر وقع في إس ‪AA A‬ناد رواية مس ‪AA A‬لم‪ :‬ق ‪AA A‬ال أبو‬
‫بك‪AA A A‬ر‪ :‬ربما ق‪AA A A‬ال وكيع عن ابن عب‪AA A A‬اس ……‪ ..‬الح‪AA A A‬ديث‪ ،‬فم‪AA A A‬رة روي‬
‫الحديث موصوالً وم‪AA‬رة مرس‪A‬الً كما عند مس‪AA‬لم‪ ،‬وفي ع‪AA‬رف أهل الح‪AA‬ديث‬
‫أن الرواية المض‪AA A A A A A A‬طربة معلولة ال يحتج بها ق‪AA A A A A A A‬ال الحافظ ال‪AA A A A A A A‬ذهبي‪:‬‬
‫المضطرب والمعلل‪ :‬ما روي على أوجه مختلفة‪.1‬‬
‫رابعه ا‪ :‬لقد تكلم أئمة الح ‪AA‬ديث على إس ‪AA‬ناد البخ ‪AA‬اري له ف ‪AA‬إن في‬
‫سنده الفضل بن العالء‪ ،‬قال عنه الدارقطني‪" :‬كثير الوهم"‪.2‬‬
‫فعلى ش‪AA A‬رط ال‪AA A‬دارقطني يك‪AA A‬ون الح‪AA A‬ديث ض‪AA A‬عيفاً عن‪AA A‬ده‪ ،‬فال يفيد‬
‫العلم واليقين عنده من باب أولى‪.‬‬

‫خامس ها‪ :‬أن ه‪AA‬ذه المس‪AA‬ألة ال ينفع معها خ‪AA‬بر الت‪AA‬واتر إذ ال يل‪AA‬زم‬
‫الك‪AA A‬افر في ش‪AA A‬يء أن يأتيه ألف ش‪AA A‬خص أو أك‪AA A‬ثر فيخبرونه أن محم‪AA A‬داً ‪‬‬
‫نبي ورسول أو أن يخبروه أن القرآن كالم اهلل وأنه أنزله على محمد ‪،‬‬
‫ما لم تقم الحجة عليه في ذلك‪.‬‬

‫فالمس‪AA‬ألة إذن في إثب‪AA‬ات ك‪AA‬ون العقي‪AA‬دة عقي‪AA‬دة ال في مج‪AA‬رد التبليغ‬


‫أو األخب ‪AA A‬ار عن وجوده ‪AA A‬ا‪ ،‬ول ‪AA A‬ذلك لم تقم الحجة على كف ‪AA A‬ار مكة لمج ‪AA A‬رد‬
‫س ‪AA‬ماعهم بنب ‪AA‬وة محمد ‪ ‬من الص‪AA‬حابة بل ج‪AA‬اؤوهم ب‪AA‬المعجزة ال‪AA‬تي أثبتت‬
‫لهم نبوته ‪ ‬وحاجوهم بها‪ ،‬فآمن من آمن منهم وكفر من كفر‪.‬‬
‫‪ 1‬أنظر ان شئت كتب املصطلح كاملوقظة للذهيب ص‪ 51‬وظفر االماين ص‪ 240‬فما فوق فإنه مفيد يف ذلك‬
‫‪ 2‬كما يف فتح الباري ‪13/347‬‬

‫‪47‬‬
‫سادس ها‪ :‬على ف‪AA‬رض خلو الرواية من الض‪AA‬عف واالض‪AA‬طراب‬
‫والتأوي‪AA‬ل‪ ،‬ف‪AA‬إن إرس‪AA‬ال الن‪AA‬بي ‪ ‬مع‪AA‬اذاً إلى اليمن ك‪AA‬ان م‪AA‬رة واح‪AA‬دة‪ ،‬وذلك‬
‫‪1‬‬
‫قبل حجة ال ‪AA A‬وداع كما ذك ‪AA A‬ره المؤرخ ‪AA A‬ون ‪ ،‬ولم يرجع منها إال في خالفة‬
‫أبي بكر الص‪AA A‬ديق رضي اهلل عنهم أجمعين وه ‪AA A‬ذا يع ‪AA A‬ني أن اليمن ك ‪AA A‬انت‬
‫دار إس ‪AA‬الم فقد فتحها خالد بن الوليد وعلي بن أبي ط ‪AA‬الب ومعهم جيش ‪AA‬هم‬
‫الذي بلغ مبلغ التواتر فلم ُيرسل معاذاً إليها إال قاض‪A‬ياً ومعلم‪A‬اً وك‪A‬ان على‬
‫راس وفد وك ‪AA‬ان بها مس ‪AA‬لمون ك ‪AA‬ثر‪ ،‬ف ‪AA‬يرتفع األش ‪AA‬كال ويس ‪AA‬قط االحتج ‪AA‬اج‬
‫بالرواية المذكورة‪ ،‬في هذا الموضوع ألن عدد المسلمين ال‪A‬ذين حض‪A‬روا‬
‫اليمن مض‪AA A‬افاً إلى ق‪AA A‬ادتهم في الفتح والى مع‪AA A‬اذ ووف‪AA A‬ده يك‪AA A‬ون قد بلغ مبلغ‬
‫التواتر‪ ،‬وخبرهم يفيد القطع‪ ،‬فال مع‪A‬نى بعد ه‪A‬ذا لق‪A‬ولهم أنه دع‪AA‬اهم ‪ ‬إلى‬
‫العقيدة بخبر واحد –واهلل أعلم‪.-‬‬

‫ومما ظن وه دليالً وليس ب‪AA A A‬دليل أيض ‪A A A‬اً هو األمر ب‪AA A A‬التحول عن‬
‫القبلة فقد روى البخ‪AA A A A A A A‬اري ومس‪AA A A A A A A‬لم وغيرهما عن ابن عمر رضي اهلل‬
‫عنهما ق‪AA‬ال‪ :‬بينما الن‪AA‬اس بقب‪AA‬اء في ص‪AA‬الة الص‪AA‬بح إذ ج‪AA‬اءهم آت فق‪AA‬ال‪ :‬إن‬
‫الن‪AA A A A A‬بي ‪ ‬قد أن‪AA A A A A‬زل عليه الليلة ق‪AA A A A A‬رآن‪ ،‬وقد ُأمر أن يس‪AA A A A A‬تقبل الكعب‪AA A A A A‬ة‪،‬‬
‫فاستقبلوها‪ ،‬وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة"‪.2‬‬
‫فهذا االستدالل مردود أيضاً من عدة وجوه‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه على ف‪AA‬رض أن المس‪AA‬ألة يقينية عقائدية مع أنها ليست‬
‫ك‪AA A‬ذلك‪ ،‬ف‪AA A‬اليقين واالعتق‪AA A‬اد ال يثبت بخ‪AA A‬بر الواح‪AA A‬د‪ ،‬وال‪AA A‬دليل على ذلك كما‬
‫علمت من ك‪AA A‬ون الص‪AA A‬حابة رضي اهلل عنهم قد أجمع‪AA A‬وا على ع‪AA A‬دم قب‪AA A‬ول‬

‫‪ 1‬راجع يف ذلك السرية النبوية البن كثري ‪ 4/198‬فما فوق‬


‫‪ 2‬أنظره يف نيل االوطار ‪2/176‬‬

‫‪48‬‬
‫خبر الواحد في إثبات القرآن وهو أس‪AA‬اس العقي‪AA‬دة وال أعلم خالف‪A‬اً في ذلك‬
‫بين الفقهاء والمحدثين واألصوليين‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬أن مس‪AA A A‬ألة التحويل عن القبلة ليست مس‪AA A A‬ألة إيمانية أو‬
‫عقائدية بل هي عملية تطبيقية فال يلزمها ال‪AA A A A A A A‬دليل القطعي بل يكفي فيها‬
‫الدليل الظ‪A‬ني كخ‪A‬بر الواح‪A‬د‪ ،‬وأك‪A‬بر دليل على أنها ليست مس‪A‬ألة تص‪A‬ديقية‬
‫أو عقائدية أن تحويل القبلة يعت ‪AA‬بر نس ‪AA‬خاً والنسخ ال يقع في العقائد بل في‬
‫األحكام العملية‪.‬‬
‫الث الث‪ :‬إن اس ‪AA‬تداللهم بخ ‪AA‬بر واحد إلثب ‪AA‬ات أن خ ‪AA‬بر الواحد يفيد‬
‫العلم واليقين يعت‪AA‬بر دوراً وال يصح االعتم‪AA‬اد علي‪AA‬ه‪ ،‬فالبد من دليل قطعي‬
‫كالقرآن والمتواتر إلثبات كون خبر الواحد يفيد العلم واليقين‪.‬‬
‫الراب ع‪ :‬أن تحويل القبلة ونس‪AA A‬خها ك‪AA A‬ان ب‪AA A‬القرآن ال بالس‪AA A‬نة كما‬
‫يت‪AA‬وهم البعض‪ ،‬وان تبليغ المص‪AA‬لين في قب ‪AA‬اء ك‪AA‬ان على ه‪AA‬ذا االعتب‪AA‬ار فقد‬
‫ج ‪AA‬اء في الرواية "قد أن ‪AA‬زل عليه الليلة ق ‪AA‬رآن وقد أمر أن يس ‪AA‬تقبل الكعب‪AA A‬ة"‬
‫وفي رواية اإلمام احمد وأبي داوود عن أنس قال‪ :‬إن رس‪AA‬ول اهلل ‪ ‬ك‪AA‬ان‬
‫يص ‪AA A‬لي نحو بيت المق ‪AA A‬دس ف ‪AA A‬نزلت‪{ ،‬قد ن رى تقلب وجهك في الس ماء‬
‫فلنولينك قبلة ترض اها ف ول وجهك ش طر المس جد الح رام} فمر رجل‬
‫من بني سلمة وهم ركوع في صالة الفجر وقد صلوا ركعة فن‪AA‬ادى أال أن‬
‫القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو الكعبة‪.1‬‬
‫الخ امس‪ :‬أن الن ‪AA‬بي ‪ ‬لم ي ‪AA‬أمر ذلك الرجل ب ‪AA‬التبليغ وإ نما ال ‪AA‬ذي‬
‫حصل أنه تط ‪AA‬وع ب ‪AA‬ذلك ولم ينكر عليه ص ‪AA‬نيعه‪ ،‬وما حصل من أهل قب ‪AA‬اء‬
‫هو أنهم يعرفون تماماً أن ما فعلوه هو حكم ش‪AA‬رعي عملي وليس عقائ‪AA‬دياً‬
‫وال يتوقف على دليل قطعي فاكتفوا بنقل آحادهم في ه‪A‬ذا الموض‪A‬وع وان‬

‫‪ 1‬كما يف نيل االوطار ‪177-2/176‬‬

‫‪49‬‬
‫لم ي‪AA‬ؤمر ب‪AA‬ذلك‪ ،‬ألنهم يغلب‪AA‬ون ص‪AA‬دقه على كذبه ول‪AA‬ذلك ك‪AA‬ان ما ك‪AA‬ان منهم‬
‫رضي اهلل عنهم أجمعين‪.‬‬
‫ل‪AA‬ذا فاالس‪AA‬تدالل بخ‪AA‬بر تحويل القبلة في ه‪AA‬ذا الموض‪AA‬وع اس‪AA‬تدالل‬
‫من غ‪AA A A A‬ير دليل فموض‪AA A A A‬وعنا هو في إثب‪AA A A A‬ات أن خ ‪AA A A‬بر الواحد يفيد علم ‪A A A A‬اً‬
‫وعقي ‪AA‬دة‪ ،‬وخ ‪AA‬بر الرجل ويس ‪AA‬مى عب ‪AA‬اداً لم يفد إال عمالً فلم يفد عقي ‪AA‬دة‪ ،‬فلو‬
‫أن أح ‪AA‬داً من أهل قب ‪AA‬اء لم يطعه لم يكفر ب ‪AA‬دليل أن الن ‪AA‬بي ‪ ‬لم ي ‪AA‬أمر أح ‪AA‬داً‬
‫منهم بإع‪AA‬ادة ما ص‪A‬لى من تلك الص‪A‬الة قبل البالغ ولم ي‪A‬أمرهم ب‪A‬أن يتوب‪AA‬وا‬
‫ويستغفروا‪ ،‬واهلل تعالى أعلى واعلم وإ ليه المصير‪.‬‬
‫ومما ظن وه دليالً وليس ب‪AA A A‬دليل أيض ‪A A A‬اً‪ :‬ح‪AA A A‬ديث "إنما األعم‪AA A A‬ال‬
‫بالني‪AA‬ات" فق‪AA‬الوا ب‪AA‬أن ه‪AA‬ذا الح‪AA‬ديث وهو خ‪AA‬بر آح‪AA‬اد قد احتج به العلم‪AA‬اء في‬
‫العقائد معت‪AA‬برين أن النية محلها القلب وان العقي‪AA‬دة محلها القلب إذن فالنية‬
‫هي العقيدة أو تأخذ حكمها‪.‬‬
‫غير أن هذا مردود وباطل لعدة وجوه أيضاً‪:‬‬
‫األول‪ :‬لم يقل أحد من أهل العربية أن النية هي العقي ‪AA A A‬دة أو أنها‬
‫اإليمان ال لفظاً وال معنى‪ ،‬وإ نما قالوا إنها‪ :‬القصد ومحلها القلب‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬إن العقي ‪AA A A‬دة إذا انعقد القلب عليها ص ‪AA A A‬ارت إيمان‪A A A A‬اً وال‬
‫يصح الرج ‪AA A A‬وع عنها بل الرج ‪AA A A‬وع عنها يعت ‪AA A A‬بر كف ‪AA A A‬راً‪ ،‬بينما ال يس ‪AA A A‬مى‬
‫الرج ‪AA A‬وع في النية كف ‪AA A‬راً وال معص ‪AA A‬ية‪ ،‬بل ربما يب ‪AA A‬اح الرج ‪AA A‬وع في النية‬
‫أحيان ‪A A‬اً ولو ك‪AA A‬انت في العب‪AA A‬ادات‪ ،‬كص‪AA A‬الة وص‪AA A‬وم النافل‪AA A‬ة‪ ،‬كما ال يس‪AA A‬مى‬
‫العمل من غ ‪AA A A A‬ير نية كف ‪AA A A A‬را‪ ،‬بل ب ‪AA A A A‬اطالً أن ت ‪AA A A A‬وقفت ص ‪AA A A A‬حته على النية‬
‫وص‪AA‬حيحاً إذا لم تش‪AA‬ترط فيه النية ك‪AA‬رد المغص‪AA‬وب واألمان‪AA‬ات وك‪AA‬الطالق‬
‫والعتاق والنكاح‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الث الث‪ :‬أنه البد في الح‪AA A A‬ديث من ح‪AA A A‬ذف مض‪AA A A‬اف وقد اختلف‬
‫الفقه‪AA‬اء في تق‪AA‬ديره فال‪AA‬ذين اش‪AA‬ترطوا النية في األعم‪AA‬ال ق‪AA‬دروه على النحو‬
‫الت ‪AA‬الي‪" :‬إنما ص ‪AA‬حة األعم ‪AA‬ال بالني‪AA A‬ات" واألعم‪AA A‬ال كما هي أعم‪AA A‬ال القلب‬
‫هي أيضاً أعمال الجوارح والحديث يشملها‪ ،‬فال مجال إذن لحصرها في‬
‫أعم‪AA‬ال القلب‪ ،1‬بل قد ق‪AA‬ال الش‪AA‬افعي رحمه اهلل ب‪AA‬أن ه‪AA‬ذا الح‪AA‬ديث ي‪AA‬دخل في‬
‫سبعين باباً من الفقه‪.2‬‬

‫فعلى ه‪AA A‬ذا التق‪AA A‬دير تتعلق النية في ص‪AA A‬حة األعم‪AA A‬ال ال في كمالها‬
‫وه‪AA A‬ذا ال يصح في االعتق‪AA A‬اد إذ ع‪AA A‬دم الكم‪AA A‬ال فيه يع‪AA A‬ني النقص وه‪AA A‬ذا كفر‬
‫والعي‪AA‬اذ باهلل‪ ،‬فلم يبق إال أن نق‪AA‬ول ب‪AA‬أن ه‪AA‬ذا الح‪AA‬ديث ليس عقي‪AA‬دة وال يثبت‬
‫به عقيدة من هذا الوجه أيضاً‪.‬‬
‫ع‪ :‬إن اإلخالص في العمل ليس من اإليم‪AA A A A A A A A‬ان بل من‬ ‫الراب‬
‫اإلحس‪AA‬ان كما ج‪AA‬اء في الح‪AA‬ديث الص‪AA‬حيح حيث ُس ‪A‬ئل عن اإلحس‪AA‬ان فق‪AA‬ال‪:‬‬
‫"أن تعبد اهلل كأنك ت ‪AA A‬راه ف ‪AA A‬إن لم تكن ت ‪AA A‬راه فإنه ي ‪AA A‬راك" هك ‪AA A‬ذا هي ص ‪AA A‬ور‬
‫اإلخالص‪.‬‬
‫وق‪AA A‬ال ابن تيمي‪AA A‬ة‪ :‬فمن ق‪AA A‬ال إن األعم‪AA A‬ال الظ‪AA A‬اهرة الم‪AA A‬أمور بها‬
‫ليست من اإلس‪AA‬الم‪ ،‬فقوله باط‪AA‬ل‪ ،‬بخالف التص ‪AA‬ديق ال‪AA‬ذي في القلب‪ ،‬ف‪AA‬إن‬
‫هذا ليس في النصوص ما يدل على أنه من اإلسالم‪ ،‬بل هو من اإليمان‪،‬‬
‫وإ نما اإلس‪AA A A‬الم‪ :‬ال‪AA A A‬دين كما فس‪AA A A‬ره الن‪AA A A‬بي ‪ ‬ب‪AA A A‬أن يس‪AA A A‬لم وجهه وقلبه هلل‪،‬‬
‫فإخالص النية هلل إسالم وهذا غير التص‪AA‬ديق‪ ،‬ذلك من جنس عمل القلب‪،‬‬
‫وهذا من جنس علم القلب‪.3‬‬

‫‪ 1‬راجع إن شئت يف ذلك شرح عمدة األحكام البن دقيق العبد ‪ 1/9‬فما فوق‬
‫‪ 2‬ذكره الطويف يف كتابه التعيني يف شرح االربعني ص‪34‬‬
‫‪ 3‬قاله يف كتابه اإلميان ص‪284‬‬

‫‪51‬‬
‫الخ امس‪ :‬كيف يك‪AA A‬ون ه‪AA A‬ذا الح‪AA A‬ديث عقي‪AA A‬دة أو يفيد اليقين وهو‬
‫خ ‪AA‬بر آح ‪AA‬اد وال يكفر منك ‪AA‬ره بخالف الق ‪AA‬رآن والمت ‪AA‬واتر من الس ‪AA‬نة‪ ،‬فمنكر‬
‫المت ‪AA A‬واتر من الق ‪AA A‬رآن والس ‪AA A‬نة يكف ‪AA A‬ر‪ ،‬ألن ه ‪AA A‬ذا ثبت ب ‪AA A‬القطع واليقين فهو‬
‫عقيدة‪ ،‬وذاك لم يثبت بالقطع بل بالظن فافترقا‪.‬‬

‫ومما ظنوه دليالً وليس بدليل أيض ‪A‬اً‪ :‬ق‪AA‬ول اهلل تع‪AA‬الى {فلوال نفر‬
‫من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجع وا‬
‫إليهم لعلهم يح ذرون}‪ .‬معت‪AA A A‬برين أن أقل ع‪AA A A‬دد الطائفة واحد واإلن‪AA A A‬ذار‬
‫يتعلق ب‪AA‬ذكر الجنة والن‪AA‬ار وهما عقي‪AA‬دة فيك‪AA‬ون خ‪AA‬بر الواحد قد اس‪AA‬تعمل في‬
‫العقائد‪ ،‬وهذا القول مردود أيضاً من وجهين‪.‬‬
‫األول‪ :‬أنه ليس من المتفق عليه أن أقل ع ‪AA A A A A‬دد الطائفة واحد بل‬
‫قالوا بأن أقل عددها اثن‪AA‬ان فما ف‪AA‬وق‪ ،‬فاض‪AA‬طرب االس‪AA‬تدالل به‪AA‬ذه اآلية في‬
‫هذا الموضوع‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬إن الطائفة في ه‪AA A A‬ذه اآلية ع‪AA A A‬دد يفيد الجمع ال شخص ‪A A A‬اً‬
‫واحداً بدليل ضمير الجمع في قوله تعالى "ليتفقهوا" وقوله "لينذروا"‪.‬‬

‫ومما ظن وه دليالً وليس ب‪AA‬دليل‪ :‬قوله تع‪AA‬الى {وال تقف ما ليس‬


‫لك به علم} معتبرين أن كل ما جاءنا به الن‪AA‬بي ‪ ‬هو علم وقطع في حقنا‬
‫ال ظن فيه‪.‬‬
‫غير أن هذا االستدالل مردود أيضاً من عدة وجوه‪:‬‬
‫األول‪ :‬إن هذه اآلية ظنية الداللة‪ ،‬فمن معانيها ما رواه الطبري‬
‫عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪" :‬ال ترم أحداً بما ليس لك به علم"‪.‬‬
‫ومن طريقه أيضاً عن ابن الحنفية قال‪ :‬شهادة الزور‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ق‪AA‬ال الط‪AA‬بري‪ :‬وه‪AA‬ذان الت‪AA‬أويالن متقاربا المع‪AA‬نى‪ ،‬ألن الق‪AA‬ول بما‬
‫ال يعلمه القائل ي ‪AA‬دخل فيه ش ‪AA‬هادة ال ‪AA‬زور‪ ،‬ورمي الن‪AA A‬اس بالباطل وادع ‪AA‬اء‬
‫‪1‬‬
‫سماع ما لم يسمعه ورؤية ما لم يره ‪.‬‬
‫وعليه يمكن أن ال تكون اآلية في التبليغ عن ال‪AA‬وحي بل هي في‬
‫الشهادات وما يتعلق بها‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬على ف ‪AA A A‬رض أن اآلية في التبليغ أو في التش ‪AA A A‬ريع فهي‬
‫فيما طريقة العلم والقطع كأصول الدين‪ ،‬ال في كل أحك‪AA‬ام الش‪A‬ريعة ب‪AA‬دليل‬
‫أن الكث‪AA A‬ير من ف‪AA A‬روع الش‪AA A‬ريعة يكتفى فيه ب‪AA A‬الظن كاألحك‪AA A‬ام المبنية على‬
‫االجته‪AA A‬اد والكث‪AA A‬ير من األحك‪AA A‬ام المبنية على القي‪AA A‬اس‪ ،‬فه‪AA A‬ذا كله يكفي فيه‬
‫الظن أو على األكثر غلبة الظن‪.‬‬
‫الث الث‪ :‬على ف ‪AA‬رض أيض‪A A‬اً أنها في التش ‪AA‬ريع فيحتمل أن تك ‪AA‬ون‬
‫خاصة بالنبي ‪ ‬أي ال تقل ش‪AA‬يئاً برأيك واجته‪AA‬ادك وه‪AA‬ذا يتفق مع كونه ‪‬‬
‫ال ينطق عن اله ‪AA A A‬وى‪ ،‬بخالف غ ‪AA A A‬يره من اُألمة فإنه يمكنه أن يق ‪AA A A‬ول في‬
‫الش‪AA‬رع باجته‪AA‬اده‪ ،‬ولو أخطأ فال ش‪AA‬يء علي‪AA‬ه‪ ،‬بل له األج‪AA‬ر‪ ،‬ففي الح‪AA‬ديث‬
‫الص‪AA A A‬حيح "إذا اجتهد الح‪AA A A‬اكم فأص‪AA A A‬اب فله أج‪AA A A‬ران وان اجتهد فأخطأ فله‬
‫أجر"‪ 2‬وهذا كله ظن ال قطع وال يقين فيه‪.‬‬
‫ومما ظنوه دليالً وليس ب‪AA‬دليل أيض ‪A‬اً‪ :‬انهم ادع‪AA‬وا أن الس‪AA‬نة كلها‬
‫أخب ‪AA‬ار آح ‪AA‬اد ليثبت ‪AA‬وا أن العقائد تثبت باآلح ‪AA‬اد ال ب ‪AA‬التواتر وه ‪AA‬ذا اس ‪AA‬تدالل‬
‫مردود أيضاً لعدة وجوده‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن اآلحاد هو ما رواه واحد عن واحد‪ ،‬والت‪A‬واتر‪ :‬هو ما‬
‫رواه واحد بعد واحد‪.3‬‬

‫‪ 1‬تفسري الطربي ‪9/110‬‬


‫‪ 2‬رواه البخاري يف كتاب االعتصام باب ‪21‬‬
‫‪ 3‬أنظر يف ذلك صدر الكتاب‬

‫‪53‬‬
‫وب ‪AA‬النظر والت ‪AA‬دقيق في الس ‪AA‬نة نجد أنها اش ‪AA‬تملت على الص ‪AA‬نفين‪،‬‬
‫فهن‪AA A A A‬اك أح‪AA A A A‬اديث لم يروها إال واحد عن واحد كح‪AA A A A‬ديث "إنما األعم‪AA A A A‬ال‬
‫بالني ‪AA‬ات" وهن ‪AA‬اك أح ‪AA‬اديث رواها واحد بعد واحد كح ‪AA‬ديث "من ك ‪AA‬ذب علي‬
‫متعم‪AA‬داً فليتب‪AA‬وأ مقع‪AA‬ده من الن‪AA‬ار" فقد رواه أك‪AA‬ثر من س‪AA‬تين ص‪AA‬حابياً‪ ،‬فكلهم‬
‫رووه عن النبي ‪ ‬ولم يروه واحد عن واحد منهم‪.‬‬
‫الث اني‪ :‬أن الغالبية العظمى من المجته ‪AA A A A A A A‬دين والمح ‪AA A A A A A A‬دثين‬
‫‪A‬نف من‬
‫واألصوليين قد أثبتوا وجود التواتر في الس‪A‬نة وال يك‪A‬اد يخلو مص‪ٌ A‬‬
‫مص ‪AA A‬نفاتهم من ذكرها أو اإلش ‪AA A‬ارة إليه ‪AA A‬ا‪ ،‬وقد ق ‪AA A‬ام بتتبعها وجمعها غ ‪AA A‬ير‬
‫واحد منهم‪ ،‬كالس ‪AA A A A‬يوطي في كتابه األزه ‪AA A A A‬ار المتن ‪AA A A A‬اثرة في األح ‪AA A A A‬اديث‬
‫المت ‪AA A A‬واترة‪ ،‬وكالكت ‪AA A A‬اني في كتابه نظم المتن ‪AA A A‬اثر في الح ‪AA A A‬ديث المت ‪AA A A‬واتر‪،‬‬
‫وكالزبيدي في كتابه الآللئ المتناثرة في األح‪AA‬اديث المت‪AA‬واترة‪ ،‬أما ما قاله‬
‫ابن حب ‪AA A‬ان من أن الس ‪AA A‬نة كلها أخب ‪AA A‬ار اآلح ‪AA A‬اد فهو ق ‪AA A‬ول ليس عليه دلي ‪AA A‬ل‪،‬‬
‫ويخالف واقع السنة ويخالف الغالبية العظمى من العلماء‪.‬‬
‫الث الث‪ :‬أن غ‪AA A A‬ير واحد من العلم‪AA A A‬اء قد أثبت وج ‪AA A A‬ود الح‪AA A A‬ديث‬
‫المت‪AA‬واتر في العقي‪AA‬دة‪ ،‬كح‪AA‬ديث "من ش‪AA‬هد أن ال إله إال اهلل وجبت له الجن‪AA‬ة"‬
‫قال بتواتره السيوطي في األزهار المتناثرة والكتاني في نظم المتناثر‪.‬‬
‫وكحديث "الحوض" والشفاعة ورؤية اهلل تع‪AA‬الى في اآلخ‪AA‬رة ق‪AA‬ال‬
‫بتواترها ابن حجر وابن الجوزي‪.‬‬
‫وح‪AA A A A‬ديث اإلس‪AA A A A‬راء وان إدريس في الس‪AA A A A‬ماء الرابعة وح‪AA A A A‬ديث‬
‫انشقاق القمر والنزول قال بتواترها الحاكم‪.‬‬
‫وحديث اهتزاز العرش لموت سعد قال بتواتره ابن عبد البر‪.‬‬
‫وحديث حنين الجذع قال بتواتره عياض‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫وكح‪AA A A‬ديث "الجمل ال‪AA A A‬ذي ش‪AA A A‬كا للن‪AA A A‬بي ص‪AA A A‬احبه" ق‪AA A A‬ال بت‪AA A A‬واتره‬
‫الكتاني‪.1‬‬
‫وكح‪AA‬ديث "عل‪AA‬وه س‪AA‬بحانه ف‪AA‬وق س‪AA‬ماواته على عرش‪AA‬ه" وكح‪AA‬ديث‬
‫"إثبات الع‪A‬رش وكح‪AA‬ديث "إثب‪AA‬ات الص‪A‬فات لل‪A‬رب تع‪AA‬الى" ق‪A‬ال بتواترها ابن‬
‫القيم في الصواعق‪.2‬‬
‫ومما ظن وه دليالً وليس ب ‪AA A‬دليل أيض‪A A A‬اً‪ :‬أنهم ق ‪AA A‬الوا ب ‪AA A‬أن ما نقله‬
‫الن ‪AA‬بي ‪ ‬عن ال ‪AA‬وحي هو خ ‪AA‬بر آح ‪AA‬اد‪ ،‬وه ‪AA‬ذا اس ‪AA‬تدالل ال يق ‪AA‬ول به من لديه‬
‫أدنى علم بالفقه واألص‪AA A‬ول والح‪AA A‬ديث‪ ،‬وهو تمويه بل ج‪AA A‬رأة في دين اهلل‪،‬‬
‫ويكفي أن نقول بأن الن‪AA‬بي ‪ ‬معص‪AA‬وم في التبليغ عن الك‪AA‬ذب والخطأ وأنه‬
‫ال ينطق عن اله ‪AA A‬وى‪ ،‬وه ‪AA A‬ذه الص ‪AA A‬فات ليست موج ‪AA A‬ودة في أحد بع ‪AA A‬ده فال‬
‫مجال البتة لمقارنة أحد من الناس به ‪. ‬‬
‫ومما ظن وه دليالً وليس ب‪AA A A A‬دليل أيض ‪A A A A‬اً‪ :‬أنهم ق‪AA A A A‬ارنوا ال‪AA A A A‬رواة‬
‫بالص‪AA‬حابة وهو اس‪AA‬تدالل م‪AA‬ردود‪ ،‬فالص‪AA‬حابة رضي اهلل عنهم هم أول من‬
‫سمع من الن‪AA‬بي ‪ ‬أقواله وهي في حقهم قطعية ال مج‪AA‬ال للظن فيها ما دام‬
‫قد سمعوها مباشرة منه ‪. ‬‬

‫أما بالنس ‪AA A‬بة لمن بع ‪AA A‬دهم فق ‪AA A‬ول الص‪AA A‬حابة لهم ليس قطعي‪A A A‬اً ألنهم‬
‫ليس ‪AA‬وا معص ‪AA‬ومين عن الخطأ إال بإجم ‪AA‬اعهم‪ ،‬وهك ‪AA‬ذا من بع ‪AA‬دهم إلى آخر‬
‫عصر الت‪AA‬دوين‪ ،‬ول‪AA‬ذلك نشأ علم الج‪AA‬رح والتع‪AA‬ديل وعلى ض‪AA‬وئه ص‪AA‬ححت‬
‫وضعفت األحاديث‪.‬‬

‫‪ 1‬راجع يف ذلك كله نظم املتناثر للكتاين يف احلديث املتواتر‬


‫‪ 2‬خمتصر الصواعق املرسلة له ص‪517‬‬

‫‪55‬‬
‫ومما ظنوه دليالً وليس بدليل أيضاً‪ :‬ادعاؤهم اإلجم‪AA‬اع على أن‬
‫خ ‪AA A‬بر اآلح ‪AA A‬اد يفيد العلم‪ ،‬وادع ‪AA A‬اؤهم اإلجم ‪AA A‬اع على أن اآلح ‪AA A‬اد يؤخذ في‬
‫العقيدة‪ ،‬غ‪AA‬ير أن ه‪AA‬ذا زعم باطل فقد ثبت منذ عصر الت‪AA‬دوين ومنذ عصر‬
‫األئمة األربعة ب‪AA A A A A A A A‬أن خ‪AA A A A A A A A‬بر الواحد ال يفيد إال الظن‪ ،‬وأنه ال يؤخذ في‬
‫العقيدة وقد أوردت في هذه العجالة ما يثبت ذلك في الباب التالي‪.‬‬

‫الوجه السادس‪:‬‬
‫أقوال العلماء في أن خبر الواحد ال يفيد‬
‫العلم‬

‫وإ ليكهم حسب المذاهب المشهورة عند أهل السنة‬

‫المذهب المالكي‪:‬‬
‫أول ما نب‪AA A A A A‬دأ به ما نسب إلى اإلم‪AA A A A A‬ام مالك رحمه اهلل في ه ‪AA A A A‬ذا‬
‫الموض ‪AA‬وع‪ .‬ق‪AA‬ال أبو الوليد الب ‪AA‬اجي‪ :‬وم‪AA‬ذهب مالك رحمه اهلل قب‪AA‬ول خ‪AA‬بر‬
‫الواحد الع‪AA A A‬دل وأنه ي‪AA A A‬وجب العمل دون القطع على عينه وبه ق‪AA A A‬ال جميع‬
‫الفقهاء‪.1‬‬
‫وق‪AA A‬ال في إيص‪AA A‬ال الس‪AA A‬الك في أص‪AA A‬ول اإلم‪AA A‬ام مال‪AA A‬ك‪ :‬والنطقي على‬ ‫‪‬‬
‫قس‪AA A‬مين‪ ،‬قطعي وظ ‪AA‬ني‪ ،‬ف ‪AA‬القطعي منه هو المش‪AA A‬اهد أو المنق‪AA A‬ول ب ‪AA‬التواتر‬

‫‪ 1‬ذكره يف االشارة يف أصول الفقه ص‪203‬‬

‫‪56‬‬
‫والظ‪AA A‬ني هو المنق‪AA A‬ول بخ‪AA A‬بر اآلح‪AA A‬اد الص‪AA A‬حيح وهو حجة ظنية والقطعي‬
‫حجة قطعية‪.1‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ومما يدل على أن خ‪AA‬بر اآلح‪AA‬اد ال يفيد العلم عند اإلم‪AA‬ام مالك انه‬
‫ك ‪AA‬ان ي ‪AA‬رده إذا تع ‪AA‬ارض مع عمل أهل المدينة على ما ذك ‪AA‬ره عنه القاضي‬
‫عي ‪AA‬اض وس ‪AA‬حنون‪ ،‬ومثل ‪AA‬وا ل ‪AA‬ذلك بح ‪AA‬ديث " البيع ‪AA‬ان بالخي ‪AA‬ار ما لم يتفرق ‪AA‬ا"‬
‫فرده لتعارضه مع عمل أهل المدينة‪.2‬‬

‫وقال ابو اسحق االسفرائيني عن ابن خويز منداد أن عنده شواذ عن‬ ‫‪‬‬
‫مالك لم يع‪AA A‬رج عليها ح‪AA A‬ذاق الم‪AA A‬ذهب وذكر منها قول‪AA A‬ه‪ :‬أن خ‪AA A‬بر الواحد‬
‫مفيد للعلم‪.3‬‬

‫وق‪AA A A‬ال أبو عبد اهلل الش‪AA A A‬اطبي‪ :‬وأما الث‪AA A A‬اني وهو الظ‪AA A A‬ني الراجع إلى‬ ‫‪‬‬
‫أصل قطعي فإعماله أيضاً ظاهر‪ ،‬وعليه عامة أخبار اآلحاد‪.‬‬

‫وق‪AA A A‬ال أيض ‪A A A‬اً‪ :‬رتبة الس‪AA A A‬نة الت‪AA A A‬أخر عن الكت‪AA A A‬اب في االعتب‪AA A A‬ار‪،‬‬
‫والدليل على ذلك أمور‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن الكتاب مقطوع به‪ ،‬والس‪AA‬نة مظنونة والقطع فيها إنما‬
‫يصح في الجملة ال في التفص ‪AA A A‬يل‪ ،‬بخالف الكت ‪AA A A‬اب فإنه مقط ‪AA A A‬وع به في‬
‫الجملة والتفصيل‪ ،‬والمقطوع به مقدم على المظنون‪.4‬‬

‫‪ 1‬هذا الكتاب هو حملمد بن حبىي بن عمر املختار بن الطالب ص‪17‬‬


‫‪ 2‬أنظر إن شئت ترتيب املدارك وتقريب املسالك للقاضي عياض ‪2/70‬‬
‫‪ 3‬كما ذكره ابن حجر يف لسان امليزان ‪5/291‬‬
‫‪ 4‬قال ذلك كله يف املوافقات له ‪ 3/16‬و ‪4/7‬‬

‫‪57‬‬
‫وقال أبو العباس القرافي‪ :‬باب في خبر الواحد‪ :‬وهو خبر العدل‬ ‫‪‬‬
‫الواحد أو العدول المفيد للظن‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وخبر الواحد ال يفيد إال الظن‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪ :‬وخبر الواحد مظنون‪.1‬‬

‫وقال أبو بكر بن الع‪AA‬ربي‪ :‬أما الث‪AA‬اني‪ :‬ال‪AA‬ذي ي‪AA‬وجب العمل دون العلم‬ ‫‪‬‬
‫فهو خ ‪AA‬بر الواحد المطلق عما ينف ‪AA‬رد بعلم ‪AA‬ه‪ ،‬وق ‪AA‬ال ق ‪AA‬وم‪ :‬إنه ي ‪AA‬وجب العلم‬
‫والعمل ك ‪AA‬الخبر المت ‪AA‬واتر‪ ،‬وه ‪AA‬ذا إنما ص ‪AA‬اروا اليه بش ‪AA‬بهتين دخلتا عليهم‪،‬‬
‫إما لجهلهم بالعلم‪ ،‬وإ ما لجهلهم بخبر الواحد‪ ،‬فإنا بالض‪A‬رورة نعلم امتن‪AA‬اع‬
‫حصول العلم بخبر الواحد وجواز تطرق الكذب والسهو عليه‪.2‬‬
‫وق‪AA A‬ال أبو عبد اهلل القرط‪AA A‬بي المفس‪AA A‬ر‪ :‬واك‪AA A‬ثر أحك‪AA A‬ام الش‪AA A‬ريعة مبنية‬ ‫‪‬‬
‫على غلبة الظن كالقياس وخبر الواحد وغير ذلك‪.3‬‬
‫وق ‪AA A‬ال أبو العب ‪AA A‬اس القرط ‪AA A‬بي في المفهم على ح ‪AA A‬ديث تحويل القبل ‪AA A‬ة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪4‬‬
‫"فتركوا التواتر بخبر الواحد وهو مظنون" ‪.‬‬
‫وق‪AA A A‬ال القاضي ابن الب‪AA A A‬اقالني‪ :‬واآلح‪AA A A‬اد ال تفضي إلى العلم‪ .‬وق‪AA A A‬ال‬ ‫‪‬‬
‫أيض‪A A A A A A A A‬اً‪ :‬أعلم وفقك اهلل أن كل ما يطلب العلم فيه فال يقبل فيه أخب ‪AA A A A A A A‬ار‬
‫االحاد‪.5‬‬
‫وق ‪AA A A‬ال ابن عبد ال‪AA A A‬بر‪ :‬اختلف أص ‪AA A A‬حابنا وغ ‪AA A A‬يرهم في خ‪AA A A‬بر الواحد‬ ‫‪‬‬
‫العدل‪ :‬هل يوجب العلم والعمل جميعاً؟ أم يوجب العمل دون العلم؟‬

‫‪ 1‬كذا قاله يف كتابه شرح تنقيح الفصول ص‪ 356‬فما فوق‬


‫‪ 2‬ذكره يف احملصول له ص‪115‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف جامعه الحكام القرآن™ عند تفسري قول اهلل تعاىل "ان بعض الظن إمث"‬
‫‪ 4‬ذكره يف املفهم شرح صحيح مسلم له ‪2/125‬‬
‫‪ 5‬ذكره يف التلخيص ‪ 2/34/430‬وحنو ذلك يف التمهيد له ص‪164‬‬

‫‪58‬‬
‫ق‪AA A A‬ال‪ :‬وال‪AA A A‬ذي عليه أك‪AA A A‬ثر أهل الح‪AA A A‬ذق منهم أنه ي‪AA A A‬وجب العمل دون‬ ‫‪‬‬
‫العلم‪ ،‬وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر‪.1‬‬
‫وق‪AA A‬ال الحج‪AA A‬وي‪ :‬والص‪AA A‬واب أن خ‪AA A‬بر الواحد إذا تج‪AA A‬رد عن الق‪AA A‬رائن‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫مفيد للظن خالفاً للظاهرية الذين ادعوا إفادته العلم اليقيني ‪.‬‬
‫وق ‪AA A‬ال الزرق ‪AA A‬اني‪ :‬ف ‪AA A‬الحق ع ‪AA A‬دم ج ‪AA A‬واز نسخ الق ‪AA A‬رآن به –أي بخ ‪AA A‬بر‬ ‫‪‬‬
‫اآلحاد‪ -‬للمعنى الم‪A‬ذكور وهو أنه ظ‪A‬ني والق‪A‬رآن قطعي والظ‪A‬ني أض‪A‬عف‬
‫من القطعي فال يق‪AA‬وى على رفع‪AA‬ه‪ ،‬والق‪AA‬ائلون بج‪AA‬واز نسخ الق‪AA‬رآن بالس‪AA‬نة‬
‫اآلحادية اعتم ‪AA A‬اداً على أن الق ‪AA A‬رآن ظ ‪AA A‬ني الدالل ‪AA A‬ة‪ ،‬حجتهم داحض ‪AA A‬ة‪ ،‬ألن‬
‫الق ‪AA A A‬رآن إن لم يكن قطعي الداللة فهو قطعي الثب‪AA A A A‬وت‪ ،‬والس‪AA A A A‬نة اآلحادية‬
‫ظنية الداللة والثبوت معاً فهي أضعف منه فكيف ترفعه‪.3‬‬

‫المذهب الحنفي‪:‬‬
‫وأول ما نبدأ به ما نسب إلى اإلمام أبي حنيفة رحمه اهلل في ذلك‪:‬‬
‫فقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما اهلل تع‪AA A A A A A‬الى أنه ال كف‪AA A A A A A‬ارة‬ ‫‪‬‬
‫عليه وان بلغه الخ‪AA‬بر ألن خ‪AA‬بر الواحد ال ي‪AA‬وجب علم اليقين وإ نما ي‪AA‬وجب‬
‫العمل تحسيناً للظن بالراوي فال تنتفي الشبهة به‪.4‬‬
‫ومما اشتهر عن أبي حنيفة أنه كان يرد خبر الواحد إذا تع‪AA‬ارض مع‬ ‫‪‬‬
‫القياس أو كان مما عمت به البلوى‪.‬‬

‫‪ 1‬كما نقله عنه يف املسودة آلل تيمية ص‪220‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف كتابه الفكر السامي ‪1/111‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف كتابه مناهل العرفان ‪2/173‬‬
‫‪ 4‬كما ذكره السرخسي يف مبسوطه ‪3/80‬‬

‫‪59‬‬
‫وق‪AA A‬ال أبو البرك‪AA A‬ات النس‪AA A‬في في كشف األس‪AA A‬رار على المن‪AA A‬ار‪" :‬وأما‬ ‫‪‬‬
‫دع ‪AA A A‬وى علم اليقين به فباط ‪AA A A‬ل‪ ،‬ألنا قد بينا أن المش ‪AA A A‬هور ال ي ‪AA A A‬وجب علم‬
‫اليقين‪ ،‬فخ‪AA A A A‬بر الواحد أولى وه‪AA A A A‬ذا ألن خ‪AA A A A‬بر الواحد محتمل في نفس‪AA A A A‬ه‪،‬‬
‫وكيف يثبت اليقين مع وجود االحتمال"‪.1‬‬
‫وق‪AA A‬ال الكم‪AA A‬ال بن الهم‪AA A‬ام في التحري‪AA A‬ر‪ ،‬وص‪AA A‬احب تيس‪AA A‬ير التحري‪AA A‬ر‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫"واألك ‪AA A‬ثر من الفقه ‪AA A‬اء والمح ‪AA A‬دثين‪ ،‬خ ‪AA A‬بر الواحد ال يفيد العلم مطلق‪A A A‬اً أي‬
‫سواء أكان بقرائن أم ال‪ .‬ثم قال إن خبر الواحد قد يفيد العلم بقرائن"‪.2‬‬
‫ثم ق‪AA A‬رر في فتح الق‪AA A‬دير ق‪AA A‬ائالً‪" :‬أن خ‪AA A‬بر الواحد ال ي‪AA A‬وجب اليقين بل‬ ‫‪‬‬
‫الظن"‪.3‬‬
‫وق‪AA A‬ال عبد الحميد االس‪AA A‬مندي‪ :‬ذهب أك‪AA A‬ثر الن‪AA A‬اس إلى أنه ال ي‪AA A‬وجب‬ ‫‪‬‬
‫العلم أصالً‪ ،‬وذهب أصحاب الظاهر إلى أنه يوجب العلم‪.‬‬
‫وقد ن‪AA A‬اقش االس‪AA A‬مندي ه‪AA A‬ذه الم‪AA A‬ذاهب‪ ،‬وذهب فيها مع األكثرية كما ومنع‬
‫من قبول اآلحاد في العقائد كما سيأتي ذكره في بابه إن شاء اهلل تعالى‪.4‬‬

‫وق‪AA A‬ال السرخس‪AA A‬ي‪ :‬ق‪AA A‬ال فقه‪AA A‬اء األمص‪AA A‬ار رحمهم اهلل‪" :‬خ‪AA A‬بر الواحد‬ ‫‪‬‬
‫العدل حجة للعمل به في أمر الدين وال يثبت به علم يقين"‪.‬‬
‫ثم ق‪A‬ال‪" :‬وقد بينا فيما س‪A‬بق أن علم اليقين ال يثبت بالمش‪A‬هور من األخب‪A‬ار‬
‫بهذا المعنى فكيف يثبت بخبر الواحد"‪.5‬‬

‫‪ 1‬كشف االسرار على املنار له ‪2/19‬‬


‫‪ 2‬كذا يف تيسري التحرير ‪3/76‬‬
‫‪ 3‬كما يف فتح القدير له ‪3/159‬‬
‫‪ 4‬راجع ان شئت يف ذلك كتابه املوسوم بذل النظر يف االصول ص‪393‬‬
‫‪ 5‬كذا ذكره يف اصوله ‪ 1/329‬و ‪ 1/112‬و ‪1/321‬‬

‫‪60‬‬
‫وق ‪AA A A‬ال الخب ‪AA A A‬ازي‪" :‬وألن خ ‪AA A A‬بر الواحد يفيد غلبة الظن وأنه ي ‪AA A A‬وجب‬ ‫‪‬‬
‫العمل لعدم توقفه على اليقين بيقين"‪.1‬‬

‫وق ‪AA‬ال عالء ال ‪AA‬دين الس ‪AA‬مرقندي‪ :‬ومنها –أي أقس ‪AA‬ام اآلح ‪AA‬اد‪ -‬أن ي ‪AA‬رد‬ ‫‪‬‬
‫الخ‪AA‬بر في ب‪AA‬اب العمل فأما إذا ورد في ب‪AA‬اب االعتق‪AA‬ادات وهي من مس‪AA‬ائل‬
‫الكالم فإنه ال يك ‪AA‬ون حجة ألنه ي ‪AA‬وجب الظن وعلم غ ‪AA‬الب ال ‪AA‬رأي ال علم‪A A‬اً‬
‫قطعياً‪.2‬‬
‫وق ‪AA A‬ال أبو جعفر السجس ‪AA A‬تاني‪ :‬وخ ‪AA A‬بر الواح ‪AA A‬د‪ :‬فإنه ال ي ‪AA A‬وجب العلم‬ ‫‪‬‬
‫ويجب العمل تبركاً بنسبته إلى النبي ‪.3 ‬‬
‫وق ‪AA‬ال فخر اإلس ‪AA‬الم ال ‪AA‬بزدوي‪ :‬وه ‪AA‬ذا أي خ ‪AA‬بر الواحد ي ‪AA‬وجب العمل‬ ‫‪‬‬
‫وال يوجب العلم يقيناً‪.‬‬
‫ثم ق‪AA A A‬ال‪ :‬انا قد بينا أن المش‪AA A A‬هور ال ي‪AA A A‬وجب علم اليقين فه‪AA A A‬ذا أولى‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وهذا ألن خبر الواحد محتمل ال محالة وال يقين مع االحتمال‪ ،‬ومن أنكر‬
‫هذا فقد سفه نفسه وأضل عقله‪.4‬‬
‫وقال عبد العزيز البخاري في ش‪A‬رحه لكالم ال‪A‬بزدوي‪ :‬أي ال ي‪AA‬وجب‬ ‫‪‬‬
‫علم يقين وال علم طمأنينة‪ ،‬وهو مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء‪.5‬‬
‫وق ‪AA‬ال أيض ‪A‬اً‪ :‬ف ‪AA‬إن األدلة الس ‪AA‬معية أن ‪AA‬واع أربع ‪AA‬ة‪ :‬قطعي الثب ‪AA‬وت‬
‫والداللة كالنص‪AA A‬وص المت‪AA A‬واترة‪ ،‬وقطعي الثب‪AA A‬وت ظ‪AA A‬ني الداللة كاآلي‪AA A‬ات‬
‫المؤول ‪AA A‬ة‪ ،‬وظ ‪AA A‬ني الثب ‪AA A‬وت قطعي الداللة كأخب ‪AA A‬ار اآلح ‪AA A‬اد ال ‪AA A‬تي مفهومها‬

‫‪ 1‬ذكره يف املغين يف أصول الفقه له ص‪195‬‬


‫‪ 2‬كما يف ميزان األصول له ص‪430‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف كتابه الغنية يف االصول ص‪38‬‬
‫‪ 4‬كما يف كشف االسرار على أصول البزدوي ‪2/370‬‬
‫‪ 5‬املصدر السابق ‪2/376‬‬

‫‪61‬‬
‫قطعي‪ ،‬وظ‪AA A‬ني الثب‪AA A‬وت والداللة كأخب ‪AA A‬ار اآلح ‪AA A‬اد ال‪AA A‬تي مفهومها ظ‪AA A‬ني‪.1‬‬
‫وقال ابن عابدين في حاشيته مثل ذلك‪.‬‬
‫وق ‪AA‬ال أبو الثن ‪AA‬اء الماتري ‪AA‬دي‪ :‬وحكمه –أي خ ‪AA‬بر اآلح ‪AA‬اد‪ -‬أنه ي ‪AA‬وجب‬ ‫‪‬‬
‫العمل دون العلم‪.2‬‬
‫وقال نظام الدين األنصاري‪ :‬األك‪AA‬ثر من أهل األص‪AA‬ول ومنهم األئمة‬ ‫‪‬‬
‫الثالثة على أن خ‪AA‬بر الواحد ان لم يكن ه‪AA‬ذا الواحد المخ‪AA‬بر معص‪AA‬وماً نبي ‪A‬اً‬
‫ال يفيد العلم مطلقاً سواء احتف بالقرائن أو ال‪.3‬‬
‫وق‪AA A A‬ال أبو بكر الجص ‪AA A‬اص في كالمه على قوله تع‪AA A A‬الى {إن ج اءكم‬ ‫‪‬‬
‫فاسق بنبأ فت بينوا} ق‪AA A‬ال‪ :‬وفي ه‪AA A‬ذه اآلية داللة على أن خ‪AA A‬بر اآلح‪AA A‬اد ال‬
‫يوجب العلم إذ لو كان يوجب العلم بحال لما احتيج فيه الى التثبت‪.4‬‬

‫وقال الكاساني‪ :‬وإ نما سمينا هذا الن‪AA‬وع واجب‪A‬اً ال فرض‪A‬اً ألن الف‪AA‬رض‬ ‫‪‬‬
‫اسم لما ثبت لزومه ب‪AA A‬دليل مقط‪AA A‬وع به ول‪AA A‬زوم ه‪AA A‬ذا الن‪AA A‬وع من الزك‪AA A‬اة لم‬
‫يثبت بدليل مقطوع به بل بدليل فيه شبهة العدم وهو خبر الواحد‪.5‬‬
‫وق‪AA‬ال في موضع آخ‪AA‬ر‪" :‬ووج‪AA‬وب المسح على الجب‪AA‬ائر ثبت بح‪AA‬ديث علي‬
‫رضي اهلل عنه وانه من اآلحاد فيوجب العمل دون العلم"‪.6‬‬

‫‪ 1‬كما يف كشف االسرار على أصول البزدوي ‪ 1/28‬قول ابن عابدين يف حاشبته على رد املختار ‪1/95‬‬
‫‪ 2‬ذكره يف كتابه أصول الفقه ص‪148‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف شرح مسلم الثبوت كما يف حاشبة املستصفى ‪2/121‬‬
‫‪ 4‬ذكره يف كتابه أحكام القرآن ‪5/279‬‬
‫‪ 5‬كما يف بدائع الصنائع له ‪2/69‬‬
‫‪ 6‬املرجع السابق ‪1/14‬‬

‫‪62‬‬
‫وق‪AA‬ال أبو زيد الدبوس‪AA‬ي‪ :‬ف‪AA‬أكثر األه‪AA‬واء والب‪AA‬دع ك‪AA‬انت من قبل العمل‬ ‫‪‬‬
‫بخ‪AA‬بر الواحد وقبوله اعتق‪AA‬اداً أو عمالً بال ع‪AA‬رض له على الكت‪AA‬اب والس‪AA‬نة‬
‫الثابت‪AA‬ة‪ ،‬ثم تأويل الكت‪AA‬اب لموافقة خ‪AA‬بر الواحد وجعل المتب ‪AA‬وع تبع ‪A‬اً وبن ‪AA‬اء‬
‫الدين على ما ال يوجب العلم يقيناً فيصير األساس علم‪A‬اً بش‪A‬بهة فال ي‪A‬زداد‬
‫به إال بدعة وك‪AA‬ان ه‪AA‬ذا الض‪AA‬رر بال‪AA‬دين أعظم من ض‪AA‬رر من لم يقبل خ‪AA‬بر‬
‫الواحد…‪.1‬‬

‫المذهب الشافعي‪:‬‬
‫وأول ما نبدأ به في ذلك ما نسب الى اإلمام الشافعي رحمه اهلل‬
‫ق ‪AA‬ال أبو بكر الص ‪AA‬يرفي‪ :‬خ ‪AA‬بر الواحد ي ‪AA‬وجب العمل دون العلم ونقله‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫عن جمهور العلماء منهم الشافعي ‪.‬‬

‫وأيض ‪A A A‬اً ما ذك‪AA A A‬ره ابن عبد ال‪AA A A‬بر الم‪AA A A‬الكي قبل قليل ونس‪AA A A‬به الى جمه‪AA A A‬ور‬
‫العلماء وقال‪ :‬وهو قول الشافعي‪.‬‬

‫وما نس ‪AA A A‬به أيض‪A A A A‬اً األنص ‪AA A A‬اري من األحن ‪AA A A‬اف قبل قليل الى األئمة الثالثة‬
‫يعني‪ :‬مالكاً وأبا حنيفة والشافعي‪.‬‬
‫وق ‪AA A‬ال الحافظ أبو بكر بن ث‪AA A‬ابت المع ‪AA A‬روف ب‪AA A‬الخطيب البغ‪AA A‬دادي في‬ ‫‪‬‬
‫كتابه تحت عن‪AA A A‬وان‪ :‬ذكر ش‪AA A A‬بهة من زعم أن خ‪AA A A‬بر الواحد ي‪AA A A‬وجب العلم‬
‫وإ بطالها‪.‬‬

‫‪ 1‬ذكره عنه السمعاين يف قواطع االدلة ‪1/366‬‬


‫‪ 2‬نقله عنه الزركشي يف البحر احمليط ‪4/262‬‬

‫‪63‬‬
‫فق‪AA A‬ال‪ :‬وأما خ‪AA A‬بر اآلح‪AA A‬اد فهو ما قصر عن ص‪AA A‬فة المت‪AA A‬واتر ولم يقطع به‬
‫العلم وان روته الجماعة‪.‬‬

‫وق ‪AA‬ال‪ :‬وأما الض ‪AA‬رب الث ‪AA‬اني من المس ‪AA‬ند فمثل األخب ‪AA‬ار المروية في كتب‬
‫السنن الصحاح فإنها توجب العمل وال توجب العلم‪.1‬‬

‫وق ‪AA A A‬ال أبو المع ‪AA A A‬الي الجوي ‪AA A A‬ني المع ‪AA A A‬روف بإم ‪AA A A‬ام الح ‪AA A A‬رمين‪ :‬ذهبت‬ ‫‪‬‬
‫الحش‪AA A‬وية من الحنابلة وكتبة الح‪AA A‬ديث إلى أن خ‪AA A‬بر الواحد الع‪AA A‬دل ي‪AA A‬وجب‬
‫العلم‪ ،‬وهذا خزي ال يخفى مدركه على كل ذي لب‪.‬‬
‫وقال‪ :‬أتجوزون أن يزل الع‪AA‬دل ال‪A‬ذي وص‪A‬فتموه ويخطئ؟ ف‪A‬إن ق‪A‬الوا‪ :‬ال‪،‬‬
‫ك‪AA A‬ان ذلك بهت‪A A‬اً وهتك ‪A A‬اً وخرق‪A A‬اً لحج‪AA A‬اب الهيبة وال حاجة الى مزيد البي ‪AA‬ان‬
‫في ‪AA‬ه‪ ،‬والق ‪AA‬ول الق ‪AA‬ريب فيه أنه قد زل من ال ‪AA‬رواة واألثب ‪AA‬ات جمع ال يع ‪AA‬دون‬
‫ك‪AA A A A‬ثرة‪ ،‬ولو لم يكن الغلط متص‪AA A A A‬وراً لما رجع راو عن روايت‪AA A A A‬ه‪ ،‬واألمر‬
‫بخالف ما تخيلوه‪.‬‬
‫وق ‪AA‬ال في الورق ‪AA‬ات‪ :‬واآلح ‪AA‬اد وهو ال ‪AA‬ذي ي ‪AA‬وجب العمل وال ي ‪AA‬وجب العلم‬
‫‪2‬‬
‫الحتمال الخطأ فيه‬

‫وق ‪AA‬ال الن ‪AA‬ووي في ش ‪AA‬رح مس ‪AA‬لم‪ :‬وه ‪AA‬ذا ال ‪AA‬ذي ذك ‪AA‬ره ابن الص ‪AA‬الح في‬ ‫‪‬‬
‫شأن صحيح البخ‪AA‬اري ومس‪AA‬لم في ه‪A‬ذه المواضع خالف ما قاله المحقق‪AA‬ون‬
‫واألك ‪AA‬ثرون ف ‪AA‬إنهم ق ‪AA‬الوا‪ :‬أح ‪AA‬اديث الص ‪AA‬حيحين ال ‪AA‬تي ليست بمت ‪AA‬واتره إنما‬
‫تفيد الظن فإنها آحاد‪ ،‬واآلحاد إنما تفيد الظن على ما تق‪AA‬رر وال ف‪AA‬رق بين‬

‫‪ 1‬ذكره ذلك يف كتابه الكفاية يف علم الرواية ص‪ 16‬و‪ 18‬و‪ 25‬ويف كتابه الفقيه واملتفقه ‪1/96‬‬
‫‪ 2‬ذكر ذلك كله يف الربهان له ‪ 1/606‬ويف الورقات ص‪12‬‬

‫‪64‬‬
‫البخ‪AA A A A‬اري ومس‪AA A A A‬لم وغيرهما في ذل‪AA A A A‬ك‪ ،‬وتلقي األمة ب‪AA A A A‬القبول إنما أفادنا‬
‫وج‪AA A‬وب العمل بما فيهما وه‪AA A‬ذا متفق علي‪AA A‬ه‪ ،‬ف‪AA A‬إن أخب‪AA A‬ار اآلح‪AA A‬اد ال‪AA A‬تي في‬
‫غيرهما يجب العمل بها إذا ص ‪AA A A A‬حت أس ‪AA A A A‬انيدها وال تفيد إال الظن فك ‪AA A A A‬ذا‬
‫الصحيحان‪.‬‬

‫وقال أيضاً‪ :‬وأما خ‪A‬بر الواحد فهو ما لم يوجد فيه ش‪A‬روط المت‪A‬واتر س‪A‬واء‬
‫ك‪AA‬ان ال‪AA‬راوي له واح‪AA‬داً أو أك‪AA‬ثر واختلف في حكم‪AA‬ه‪ ،‬فال‪AA‬ذي عليه جم‪AA‬اهير‬
‫المس ‪AA A‬لمين من الص ‪AA A‬حابة والت ‪AA A‬ابعين فمن بع ‪AA A‬دهم من المح ‪AA A‬دثين والفقه ‪AA A‬اء‬
‫وأص ‪AA A‬حاب األص ‪AA A‬ول ان خ‪AA A‬بر الواحد الثقة حجة من حجج الش‪AA A‬رع يل‪AA A‬زم‬
‫العمل بها ويفيد الظن وال يفيد العلم‪.1‬‬
‫وق ‪AA A A‬ال الحافظ ابن حجر العس ‪AA A A‬قالني في نخبة الفكر عند كالمه على‬ ‫‪‬‬
‫المت‪AA A‬واتر‪ :‬فكله مقب‪AA A‬ول إلفادته القطع بص‪AA A‬دق مخ‪AA A‬بره بخالف غ‪AA A‬يره من‬
‫أخبار اآلحاد‪.2‬‬

‫وقال الرازي في معرض حديثه على قوله تع‪AA‬الى {فلوال نفر من كل‬ ‫‪‬‬
‫فرقة منهم طائف ة} ق‪AA A‬ال‪ :‬وإ نما قلنا إن الطائفة هاهنا ع‪AA A‬دد ال يفيد ق‪AA A‬ولهم‬
‫العلم‪ ،‬ألن كل ثالثة فرق ‪AA A‬ة‪ ،‬واهلل تع ‪AA A‬الى أوجب على كل فرقة أن تخ ‪AA A‬رج‬
‫منها طائفة‪ ،‬والطائفة من الثالثة‪ ،‬واحد أو اثنان‪ ،‬وقول الواحد أو االثنين‬
‫ال يفيد العلم‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪ :‬فألنا نعلم بالضرورة أن قول الواحد ال يفيد العلم‪.‬‬

‫‪ 1‬هذا كله يف شرح صحيح مسلم للنووي ‪ 1/20‬و ‪1/131‬‬


‫‪ 2‬كما يف خنبة الفكر يف مصطلحات أهل االثر ص‪38‬‬

‫‪65‬‬
‫وق‪AA‬ال‪ :‬وأما النق‪AA‬ل‪ :‬فهو إما ت‪AA‬واتر أو آح‪AA‬اد واألول يفيد العلم والث‪AA‬اني يفيد‬
‫الظن‪.1‬‬

‫وقال االسنوي‪ :‬وأما السنة فاآلحاد منها ال تفيد إال الظن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقال أيضاً‪ :‬ألن رواية اآلحاد ان أفادت فإنما تفيد الظن‪.2‬‬

‫وق‪AA A‬ال الزركشي في البح‪AA A‬ر‪ :‬ان خ‪AA A‬بر الواحد ال يفيد العلم وهو ق‪AA A‬ول‬ ‫‪‬‬
‫أكثر أهل الحديث وأهل الرأي والفقه‪.3‬‬

‫وقال ابن األثير‪ :‬وخبر الواحد ال يفيد العلم ولكنا متعبدون به‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقال‪ :‬وما حكي عن المحدثين من أن ذلك ي‪AA‬ورث العلم فلعلهم أرادوا أنه‬
‫يفيد العلم بوجوب العمل‪ ،‬أو سموا الظن علماً‪ ،‬ولهذا قال بعض‪AA‬هم ي‪AA‬ورث‬
‫العلم الظاهر‪ ،‬والعلم ليس له ظاهر وباطن‪ ،‬وإ نما هو الظن‪.4‬‬
‫وقال أبو اس‪A‬حق الش‪A‬يرازي‪ :‬لن‪A‬ا‪ :‬هو أنه لو ك‪AA‬ان خ‪A‬بر الواحد ي‪A‬وجب‬ ‫‪‬‬
‫العلم ألوجب خ ‪AA‬بر كل واح ‪AA‬د‪ ،‬ولو ك ‪AA‬ان ك ‪AA‬ذلك ل ‪AA‬وجب أن يقع العلم بخ ‪AA‬بر‬
‫من ي‪AA‬دعي النب‪AA‬وة ومن ي‪AA‬دعي م‪AA‬االً على غ‪AA‬يره‪ ،‬ولما لم يقل ه‪AA‬ذا أح‪AA‬د‪ ،‬دل‬
‫على أنه ليس فيه ما يوجب العلم‪..‬‬

‫‪ 1‬راجع ذلك كله ان شئت يف كتابه احملصول ‪ 172-2/123‬ويف نفائس االصول شرح احملصول للقرايف‬
‫‪2/531‬‬
‫‪ 2‬قاله يف هناية السؤال ‪ 1/41‬و ‪2/270‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف البحر احمليط يف أصول الفقه ‪ 4/262‬فما فوق‬
‫‪ 4‬كما يف جامع االصول من احاديث الرسول له ‪1/69‬‬

‫‪66‬‬
‫ثم ق‪AA‬ال‪ :‬وألنه لو ك‪AA‬ان ي‪AA‬وجب العلم ل‪AA‬وجب إذا عارضه خ‪AA‬بر مت‪AA‬واتر‬ ‫‪‬‬
‫أن يتعارض‪AA‬ا‪ ،‬ولما ثبت أنه يق‪AA‬دم عليه المت‪AA‬واتر دل على أنه غ‪AA‬ير م‪AA‬وجب‬
‫‪1‬‬
‫للعلم ‪.‬‬
‫وق‪AA A‬ال أبو حامد الغ‪AA A‬زالي في المستص‪AA A‬فى‪ :‬وإ ذا ع‪AA A‬رفت ه‪AA A‬ذا فنق‪AA A‬ول‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫خ‪AA A‬بر الواحد ال يفيد العلم وهو معل‪AA A‬وم بالض‪AA A‬رورة وإ نا ال نص‪AA A‬دق بكل ما‬
‫نسمع‪ ،‬ولو ص‪A‬دقنا وق‪A‬درنا تع‪A‬ارض خ‪A‬برين‪ ،‬فكيف نص‪A‬دق بالض‪A‬دين وما‬
‫حكي عن المح‪AA A‬دثين من أن ذلك ي‪AA A‬وجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم‬
‫بوجوب العمل…‪.2‬‬
‫وقال ش‪AA‬مس ال‪A‬دين االص‪A‬فهاني‪ :‬األخب‪A‬ار المروية عن الرس‪A‬ول ‪ ‬إما‬ ‫‪‬‬
‫متواترة أو آحاد والمتواترة استحال أن تك‪AA‬ون ك‪AA‬ذباً‪ ،‬وأما اآلح‪AA‬اد فبعض‪AA‬ها‬
‫كذب قطعاً‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬أما المالزمة‪ :‬فألن خبر اآلحاد ال يفيد إال الظن‪.‬‬
‫وقال أيضاً‪ :‬وأما السنة فاآلحاد منها ال يفيد إال الظن‪.3‬‬
‫وق ‪AA A‬ال ابن الس‪AA A‬بكي في االبه ‪AA A‬اج‪ :‬والنص قس‪AA A‬مان ‪ :‬آح ‪AA A‬اد ال يفيد إال‬ ‫‪‬‬
‫الظن‪.4‬‬
‫وقال في جمع الجوام‪AA‬ع‪ :‬خ‪AA‬بر الواحد ال يفيد العلم إال بقرينه ثم ق‪AA‬ال‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫األكثرون ال يفيد مطلقاً‪.5‬‬

‫‪ 1‬قاله يف التبصرة له ص‪299‬‬


‫‪ 2‬قاله يف املستصفى ‪1/145‬‬
‫‪ 3‬قاله يف شرحه ملنهاج االصول ‪ 544-2/536‬و ‪1/41‬‬
‫‪ 4‬كما يف االهباج شرح املنهاج ‪1/38‬‬
‫‪ 5‬كما يف مجع اجلوامع مع شرح للجالل احمللي ‪2/130‬‬

‫‪67‬‬
‫وق ‪AA A‬ال البيض ‪AA A‬اوي‪ :‬ال ينسخ المت ‪AA A‬واتر باآلح ‪AA A‬اد ألن الق ‪AA A‬اطع ال يرفع‬ ‫‪‬‬
‫بالظن‪.6‬‬
‫وق ‪AA‬ال أبو بكر بن ف ‪AA‬ورك‪ :‬واما ما ك ‪AA‬ان من ن ‪AA‬وع اآلح ‪AA‬اد مما ص ‪AA‬حت‬ ‫‪‬‬
‫الحجة به من طريق وثاقة النقلة وعدالة ال‪AA‬رواة واتص‪AA‬ال نقلهم‪ ،‬ف‪AA‬إن ذلك‬
‫وان لم يوجب القطع فإنه يقتضي غالب ظن وتجويز حكم‪.2‬‬
‫وق ‪AA‬ال البغ ‪AA‬دادي االس ‪AA‬فرائيني‪ :‬وأخب ‪AA‬ار اآلح ‪AA‬اد م ‪AA‬تى صح إس ‪AA‬نادها وك ‪AA‬انت‬ ‫‪‬‬
‫‪3‬‬
‫متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم ‪.‬‬
‫وق‪A‬ال الم‪A‬اوردي في الح‪A‬اوي‪ :‬وإ ذا ك‪A‬ان ك‪A‬ذلك فهو وان أوجب العمل‬ ‫‪‬‬
‫فغير موجب للعلم الباطن بخالف المستفيض والمتواتر‪.4‬‬
‫وق ‪AA‬ال الحافظ زين ال ‪AA‬دين الع ‪AA‬راقي‪ :‬أي حيث ق ‪AA‬ال أهل الح ‪AA‬ديث ه ‪AA‬ذا‬ ‫‪‬‬
‫حديث صحيح فمرادهم فيما ظهر لنا عمالً بظاهر االسناد ال انه مقط‪AA‬وع‬
‫بص ‪AA A A‬حته في نفس األمر لج ‪AA A A‬واز الخطأ والنس ‪AA A A‬يان على الثق ‪AA A A‬ة‪ ،‬ه ‪AA A A‬ذا هو‬
‫الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم خالفاً لمن قال ان خبر الواحد يوجب‬
‫العلم الظاهر كحسين الكرابيسي وغيره‪.5‬‬

‫وق‪AA A‬ال ص‪AA A‬في ال‪AA A‬دين االرم‪AA A‬وي‪ :‬واما النقل فهو إما آح‪AA A‬اد أو ت‪AA A‬واتر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪6‬‬
‫واآلحاد ال يفيد إال الظن ‪.‬‬

‫‪ 6‬كما هو يف املنهاج مع شرحه للجزري ‪1/443‬‬


‫‪ 2‬قال ذلك يف كتابه مشكل احلديث وبيانه ص‪44‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف كتابه أصول الدين ص‪ 12‬ويف كتابه الفرق بني الفرق ص‪250‬‬
‫‪ 4‬ذكره يف احلاوي الكبري له ‪20/144‬‬
‫‪ 5‬كذا ذكره يف شرحه أللفيته يف احلديث ‪1/15‬‬
‫‪ 6‬ذكره يف هناية الوصول ‪1/104‬‬

‫‪68‬‬
‫وق‪AA A A A A‬ال العز بن عبد الس‪AA A A A A‬الم في رده على ابن الص‪AA A A A A‬الح في جعله‬ ‫‪‬‬
‫أحاديث الصحيحين تفيد القطع قال‪ :‬ان المنقول عن المعتزل‪AA‬ة‪ :‬ان األمة‬
‫‪1‬‬
‫إذا عملت بحديث‪ ،‬يقتضي القطع بصحته‪ ،‬قال‪ :‬وهذا مذهب رديء ‪.‬‬

‫وق‪AA A A‬ال الهيثمي في الص‪AA A A‬واعق المحرق‪AA A A‬ة‪ :‬وايض ‪A A A‬اً ورد في أبي بكر‬ ‫‪‬‬
‫وغ‪AA‬يره كعلي نص‪AA‬وص متعارضة ي‪AA‬أتي بس‪AA‬طها في الفض‪AA‬ائل وهي ال تفيد‬
‫القطع ألنها بأسرها آحاد وظنية الداللة‪.‬‬

‫وق ‪AA A‬ال أيض‪A A A‬اً‪ :‬ألن مف ‪AA A‬اد اإلجم ‪AA A‬اع قطعي ومف ‪AA A‬اد خ ‪AA A‬بر الواحد ظ ‪AA A‬ني وال‬
‫تعارض بين ظني وقطعي بل يعمل بالقطعي ويلغى الظني‪.2‬‬

‫وقال ابن دقيق العيد‪ :‬المسألة الثانية‪ :‬نسخ الكت‪AA‬اب والس‪AA‬نة المت‪AA‬واترة‬ ‫‪‬‬
‫هل يج ‪AA‬وز بخ ‪AA‬بر الواحد أم ال؟ منعه األك ‪AA‬ثر ون‪ ،‬ألن المقط ‪AA‬وع ال ُي‪AA‬زال‬
‫بالمظنون‪.‬‬
‫وق‪AA‬ال أيض‪A‬اً‪ :‬وأما المق‪AA‬ام الث‪AA‬اني وهو ان ما ك‪AA‬ان من أخب‪AA‬ار اآلح‪AA‬اد مخالف‪A‬اً‬
‫لقي‪AA A A‬اس األص‪AA A A‬ول المعلومة لم يجب العمل ب‪AA A A‬ه‪ ،‬فألن األص‪AA A A‬ول المعلومة‬
‫مقط ‪AA A‬وع بها من الش ‪AA A‬رع وخ ‪AA A‬بر الواحد مظن ‪AA A‬ون والمظن ‪AA A‬ون ال يع ‪AA A‬ارض‬
‫المعلوم‪.3‬‬
‫وق‪AA A A‬ال الجرج‪AA A A‬اني‪ :‬وخ‪AA A A‬بر اآلح‪AA A A‬اد هو ما نقله واحد عن واحد وهو‬ ‫‪‬‬
‫‪4‬‬
‫الذي لم يدخل في حد االشتهار وحكمه يوجب العمل دون العلم ‪.‬‬

‫‪ 1‬نقله عنه الزركشي يف سالسل الذهب ص‪ 321‬واحلافظ العراقي يف التقييد وااليضاح ص‪42-41‬‬
‫‪ 2‬كما ذكره يف الصواعق احملرقة ‪-1/110‬و‪1/174‬‬
‫‪ 3‬قال هذا كله يف إحكام األحكام شرح عمدة األحكام له ‪ 1/189‬و ‪3/121‬‬
‫‪ 4‬كما يف تعريفاته ‪1/131‬‬

‫‪69‬‬
‫وق‪AA A‬ال أبو زرعة الع‪AA A‬راقي‪ :‬اختلف في خ‪AA A‬بر الواحد هل يفيد العلم أم‬ ‫‪‬‬
‫ال؟ على أقوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه يفيد إذا احتفت به القرائن‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أنه ال يفيد العلم مطلقاً ولو احتفت به قرائن وبه قال األكثرون‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه يفيد العلم مطلقاً‪.‬‬
‫وقال أيض‪A‬اً‪ :‬لما ذكر المقط‪A‬وع بكذبه والمقط‪A‬وع بص‪A‬دقه ذكر قس‪A‬ماً ثالث‪A‬اً‪،‬‬
‫وهو‪ :‬مظنون الصدق‪ ،‬وهو خبر العدل الواحد‪.1‬‬
‫وق‪AA‬ال ابن التلمس‪AA‬اني‪ :‬أعلم أن الم‪AA‬راد في أص‪AA‬ول الفقه بخ‪AA‬بر الواح‪AA‬د‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫الخبر الذي ال يفيد العلم واليقين ‪.‬‬
‫وق ‪AA‬ال عضد الملة االيجي‪ :‬لنا ان المت ‪AA‬واتر ق ‪AA‬اطع واآلح ‪AA‬اد مظن ‪AA‬ون‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫والقاطع ال يقابله المظنون‪.3‬‬

‫المذهب الحنبلي‪:‬‬

‫وأول ما نب ‪AA A A A A A‬دأ به ما نسب الى اإلم ‪AA A A A A A‬ام أحمد رحمه اهلل في ذلك لتكتمل‬
‫الحلقة‪.‬‬
‫فقد روي عنه روايت ‪AA‬ان إح ‪AA‬داهما ان خ ‪AA‬بر اآلح ‪AA‬اد ال يفيد العلم والثانية أنه‬
‫يفيده واألول هو الراجح عند فقهاء مذهبه‪.‬‬

‫‪ 1‬ذكره كله يف الغيث اهلامع شرح مجع اجلوامع ‪492-2/491‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف كتابه شرح املعامل يف أصول الفقه ‪2/167‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف كتابه شرح العضد على خمتصر ابن احلاجب ص‪278‬‬

‫‪70‬‬
‫ق‪AA A A A‬ال موفق ال‪AA A A A‬دين بن قدامة المقدس‪AA A A A‬ي‪ :‬اختلفت الرواية عن إمامنا‬ ‫‪‬‬
‫رحمه اهلل –يعني أحمد بن حنبل‪ -‬في حصول العلم بخبر الواحد‪ ،‬فروي‬
‫أنه ال يحصل به وهو ق ‪AA‬ول األك ‪AA‬ثرين والمت ‪AA‬أخرين من أص ‪AA‬حابنا ألنا نعلم‬
‫ض‪AA A‬رورة أنا ال نص‪AA A‬دق كل خ‪AA A‬بر نس ‪AA A‬معه ولو ك ‪AA A‬ان مفي‪AA A‬داً للعلم لما صح‬
‫ورود خبرين متعارضين الستحالة اجتماع الضدين‪.1‬‬
‫وقال ابن بدران في تعليقه على روضة الناظر‪ :‬فإسناد الق‪A‬ول الث‪A‬اني‬ ‫‪‬‬
‫الى اإلم ‪AA A A‬ام من غ ‪AA A A‬ير تقييد فيه نظر وك ‪AA A A‬ذلك ما نسب اليه ابن الح ‪AA A A‬اجب‬
‫والواس ‪AA A A‬طي وغيرهما من أنه ق ‪AA A A‬ال يحصل العلم في كل وقت بخ ‪AA A A‬بر كل‬
‫ع ‪AA A‬دل وان لم يكن ثم قرينة فإنه غ ‪AA A‬ير ص ‪AA A‬حيح أص‪A A A‬الً‪ ،‬وكيف يليق بمثل‬
‫ام ‪AA A‬ام الس ‪AA A‬نة أن ي ‪AA A‬دعي ه ‪AA A‬ذه ال ‪AA A‬دعوى وفي أي كت ‪AA A‬اب رويت عنه رواية‬
‫ص ‪AA‬حيحة ورواياته رضي اهلل عنه كلها مدونة معروفة عند الجهاب ‪AA‬ذة من‬
‫أص‪AA‬حابه والمص‪AA‬نف رحمه اهلل من اولئك الق‪AA‬وم‪ ،‬ومع ه‪AA‬ذا أش‪AA‬ار الى أنها‬
‫رواية مخرجة على كالمه ثم انه تص ‪AA‬رف بها كما ذك ‪AA‬ره هن ‪AA‬ا‪ ،‬فحقق ذلك‬
‫وتمهل أيها المنصف‪.2‬‬
‫وق‪AA‬ال ص‪AA‬في ال‪AA‬دين البغ‪AA‬دادي‪ :‬واآلح‪AA‬اد ما لم يت‪AA‬واتر والعلم ال يحصل‬ ‫‪‬‬
‫به في إحدى الروايتين وهو قول أال كثرين ومتأخري أصحابنا‪.3‬‬
‫وق‪AA‬ال موفق ال‪AA‬دين بن قدامة المقدس‪AA‬ي‪ :‬وحد الخ‪AA‬بر هو ال‪AA‬ذي يتط‪AA‬رق‬ ‫‪‬‬
‫اليه التص‪AA‬ديق والتك‪AA‬ذيب‪ ،‬وهو قس‪AA‬مان‪ :‬ت‪AA‬واتر وآح‪AA‬اد ف‪AA‬المتواتر يفيد العلم‬
‫ويجب تص‪AA A‬ديقه وان لم ي‪AA A‬دل عليه دليل آخ‪AA A‬ر‪ ،‬وليس في األخب‪AA A‬ار ما يعلم‬

‫‪ 1‬قاله يف روضة الناظر وجنة املناظر ‪1/260‬‬


‫‪ 2‬قاله يف نزهة اخلاطر على روضة الناظر له ‪ 1/261‬ملحقه يف كتاب روضة الناظر‬
‫‪ 3‬حكاه يف قواعد األصول ومعاقد الفصول ص‪16‬‬

‫‪71‬‬
‫ص ‪AA‬دقه لمج ‪AA‬رده إال المت ‪AA‬واتر وما ع ‪AA‬داه إنما يعلم ص ‪AA‬دقه ب ‪AA‬دليل آخر ي ‪AA‬دل‬
‫عليه سوى نفس الخبر‪.1‬‬
‫وقال القاضي أبو يعلى‪ :‬أن خبر الواحد لو ك‪AA‬ان موجب‪A‬اً للعلم ألوجبه‬ ‫‪‬‬
‫على أي صفة وجد‪.2‬‬

‫وق ‪AA A‬ال س ‪AA A‬ليمان الط ‪AA A‬وفي‪ :‬الخ ‪AA A‬بر اما ت ‪AA A‬واتر فهو مفيد للعلم أو آح ‪AA A‬اد‬ ‫‪‬‬
‫‪3‬‬
‫مجرد فال يفيد العلم قطعاً كما تقرر هاهنا ‪.‬‬

‫وق‪AA‬ال أبو الخط‪AA‬اب الكل‪AA‬وذاني‪ :‬خ‪AA‬بر الواحد ال يقتضي العلم وبه ق‪AA‬ال‬ ‫‪‬‬
‫جمهور العلماء‪.4‬‬

‫وق‪AA A A‬ال ابن عقي‪AA A A‬ل‪ :‬خ ‪AA A‬بر الواحد ال ي‪AA A A‬وجب العلم ال الض ‪AA A‬روري وال‬ ‫‪‬‬
‫المكتسب على الصحيح من الروايتين عن صاحبنا‪.5‬‬
‫وق ‪AA A‬ال ابن تيمي ‪AA A‬ة‪ :‬وخ ‪AA A‬بر الواحد المتلقى ب ‪AA A‬القبول ي ‪AA A‬وجب العلم عند‬ ‫‪‬‬
‫جمه‪AA‬ور العلم‪AA‬اء… ثم ق‪AA‬ال‪ :‬فإنه وإ ن ك‪AA‬ان في نفسه ال يفيد إال الظن‪ ،‬لكن‬
‫لما اقترن به إجماع أهل العلم بالح‪AA‬ديث على تلقيه بالتص‪AA‬ديق ك‪AA‬ان بمنزلة‬
‫إجم ‪AA‬اع أهل العلم بالفقه على حكم مس ‪AA‬تندين في ذلك الى ظ ‪AA‬اهر أو قي ‪AA‬اس‬

‫‪ 1‬قاله يف روضة الناظر ‪1/243‬‬


‫‪ 2‬قاله يف العدة يف أصول الفقه له ‪1/901‬‬
‫‪ 3‬قاله يف شرحه ملختصر الروضة ‪2/108‬‬
‫‪ 4‬قاله يف كتابه التمهيد يف أصول الفقه ‪3/78‬‬
‫‪ 5‬ذكره يف كتابه الواضح يف أصول الفقه ‪4/403‬‬

‫‪72‬‬
‫أو خ‪AA A‬بر واح‪AA A‬د‪ ،‬ف‪AA A‬إن ذلك الحكم يص‪AA A‬ير قطعي ‪A A‬اً عند الجمه‪AA A‬ور‪ ،‬وإ ن ك‪AA A‬ان‬
‫بدون اإلجماع ليس بقطعي‪.1‬‬
‫ويقول أيض‪A‬اً‪ :‬فلم يقل أحد من العقالء أن كل خ‪AA‬بر واحد أو خ‪AA‬بر كل‬ ‫‪‬‬
‫واحد يكون صدقاً أو يفيد العلم وال انه يكون كذباً‪.2‬‬

‫المذهب الزيدي‪:‬‬
‫‪ ‬ق‪AA‬ال الش‪AA‬وكاني في اإلرش‪AA‬اد‪ :‬القسم الث‪AA‬اني‪ :‬اآلح‪AA‬اد وهو خ‪AA‬بر ال يفيد‬
‫بنفسه العلم سواء كان ال يفيده أصالً أو يفيده ب‪AA‬القرائن الخارجة عن‪AA‬ه‪ ،‬فال‬
‫واسطة بين المتواتر واالحاد‪ ،‬وهذا قول الجمهور‪.3‬‬

‫وق‪AA‬ال االم‪AA‬ير الص‪AA‬نعاني ص‪AA‬احب س‪AA‬بل الس‪AA‬الم‪ :‬وعلى تق‪AA‬دير التس‪AA‬ليم‬ ‫‪‬‬
‫فيكون قياس األصول يفيد القطع وخبر الواحد ال يفيد إال الظن‪.‬‬

‫وق‪AA A A A‬ال أيض ‪A A A A‬اً‪ :‬وإ ن األص‪AA A A A‬ول تفيد القطع وخ‪AA A A A‬بر الواحد يفيد الظن‬ ‫‪‬‬
‫والمقطوع مقدم على المظنون‪.4‬‬
‫وق ‪AA‬ال في موضع آخ ‪AA‬ر‪ :‬ان الص ‪AA‬حيح ال ‪AA‬ذي عليه أك ‪AA‬ثر أهل العلم أن‬ ‫‪‬‬
‫خ‪AA‬بر اآلح‪AA‬اد وهو ح‪AA‬ديث ص‪AA‬حيح ولكنه ليس مقطوع‪A‬اً به في نفس األم‪AA‬ر‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫لذلك فهو ال يكلف أحداً إال بالعمل دون العلم‬

‫‪ 1‬كذا كله قاله يف كتابه علم احلديث ص‪100‬‬


‫‪ 2‬كذا يف اجلواب الصحيح ملن بدل دين املسيح ‪ 6/481‬وانظر حنوه يف املسودة آلل تيمية ص‪220‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف ارشاد الفحول له ص‪1/92‬‬
‫‪ 4‬قاله يف حاشيته على احكام األحكام شرح عمدة األحكام البن دقيق العيد ‪57-4/53‬‬
‫‪ 5‬ذكره يف كتابه توضيح االفكار ‪25-1/24‬‬

‫‪73‬‬
‫وق ‪AA‬ال محمد بن إب ‪AA‬راهيم ال ‪AA‬وزير اليم ‪AA‬اني في العواصم والقواصم في‬ ‫‪‬‬
‫رده على الس ‪AA‬يد‪ :‬ان العلم بجميع النص ‪AA‬وص إنما يجب لو وجب ل ‪AA‬ترجيح‬
‫القول‪ :‬بأن العمل بالظن حرام ولو ح‪A‬رم العمل ب‪A‬الظن لح‪A‬رم العمل بخ‪A‬بر‬
‫الواحد وحينئذ ال يجب العلم بشيء من أخبار اآلحاد‪.1‬‬
‫وق‪AA A‬ال أيض ‪A A‬اً‪ :‬س‪AA A‬لمنا ان الح‪AA A‬ديث ص‪AA A‬حيح‪ ،‬لكنه آح‪AA A‬ادي ظ ‪AA‬ني والس‪AA A‬يد قد‬
‫ادعى أن المسألة قطعية‪.2‬‬
‫وقد ك‪AA A A‬رر مثل ه‪AA A A‬ذه العب‪AA A A‬ارات في كتابه م‪AA A A‬راراً ول‪AA A A‬يرجع الى كتابه من‬
‫ارادها‪.‬‬

‫مشايخ العصر‪:‬‬
‫ق‪AA‬ال الش‪AA‬يخ تقي ال‪AA‬دين النبه‪AA‬اني‪ :‬خ‪AA‬بر الواح‪AA‬د‪ :‬وهو ما رواه ع‪AA‬دد ال‬ ‫‪‬‬
‫يبلغ حد التواتر في العصور الثالثة وال ع‪AA‬برة بما بع‪AA‬دها‪ ،‬وهو يفيد الظن‬
‫وال يفيد اليقين‪.3‬‬
‫وق ‪AA‬ال الش ‪AA‬يخ محم ‪AA‬ود ش ‪AA‬لتوت‪ :‬ه ‪AA‬ذا هو الت ‪AA‬واتر ال ‪AA‬ذي ي ‪AA‬وجب اليقين‬ ‫‪‬‬
‫بثب‪AA‬وت الخ‪AA‬بر عن رس‪AA‬ول اهلل ‪ ‬أما إذا روى الخ‪AA‬بر واح‪AA‬د‪ ،‬أو ع‪AA‬دد يس‪AA‬ير‬
‫ولو في بعض طبقاته فإنه ال يك‪AA‬ون مت‪AA‬واتراً مقطوع ‪A‬اً بنس‪AA‬بته الى رس‪AA‬ول‬
‫اهلل ‪ ‬وإ نما يكون آحادياً‪ ،‬في اتصاله بالرسول شبهة فال يفيد اليقين‪.4‬‬
‫ويق ‪AA‬ول الش ‪AA‬يخ أبو زه ‪AA‬رة‪ :‬وح ‪AA‬ديث اآلح ‪AA‬اد يفيد العلم الظ ‪AA‬ني ال ‪AA‬راجح‬ ‫‪‬‬
‫وال يفيد العلم القطعي‪ ،‬إذ االتصال بالنبي ‪ ‬فيه شبهة‪.5‬‬

‫‪ 1‬ذكره يف كتابه العواصم والقواصم ‪1/286‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف نفس املصدر ‪2/235‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف كتاب الشخصية ‪3/78‬‬
‫‪ 4‬ذكره يف كتابه اإلسالم عقيدة وشريعة ص‪59‬‬
‫‪ 5‬ذكره يف كتابه أصول الفقه ص‪108‬‬

‫‪74‬‬
‫وق‪AA‬ال عبد الوه‪AA‬اب خالف‪ :‬وس‪AA‬نة اآلح‪AA‬اد ظنية ال‪AA‬ورود عن الرس‪AA‬ول‬ ‫‪‬‬
‫ألن سندها ال يفيد القطع‪.1‬‬

‫وقال الخض‪AA‬ري‪ :‬أما خ‪AA‬بر الواحد فهو خ‪AA‬بر ال يفيد العلم بنفسه س‪AA‬واء‬ ‫‪‬‬
‫أفاده بالقرائن أم لم يفده أصالً‪.2‬‬
‫وق‪AA A‬ال المب‪AA A‬اركفوري‪ :‬إذ الحاصل بخ‪AA A‬بر الواحد الظن وهو مما يقبل‬ ‫‪‬‬
‫الضعف والشدة‪.3‬‬
‫وقال الشيخ حسن البنا‪ :‬فال‪A‬ذي عليه جم‪A‬اهير المس‪A‬لمين من الص‪A‬حابة‬ ‫‪‬‬
‫والت‪AA A‬ابعين فمن بع‪AA A‬دهم من المح‪AA A‬دثين والفقه‪AA A‬اء وأص‪AA A‬حاب األص‪AA A‬ول‪ :‬ان‬
‫خ ‪AA‬بر الواحد الثقة حجة من حجج الش ‪AA‬رع يل ‪AA‬زم العمل بها ويفيد الظن وال‬
‫يفيد العلم‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وأما من قال‪ :‬يوجب العلم‪ :‬فهو مكابر للحس‪.4‬‬
‫ويق‪AA A‬ول احمد إب ‪AA‬راهيم ب‪AA A‬ك‪ :‬ومنها ما نقل آح‪AA A‬اداً ولم يش ‪AA‬تهر ك ‪AA‬األول‬ ‫‪‬‬
‫وقد يك ‪AA A‬ون مت ‪AA A‬واتراً في األول ثم ينقل اح ‪AA A‬اداً وه ‪AA A‬ذا القسم ان ك ‪AA A‬ان جميع‬
‫رواته من ل‪AA A‬دن الرس‪AA A‬ول ح‪AA A‬تى وص‪AA A‬وله إلينا ثق‪AA A‬ات ع‪AA A‬دوالً ض‪AA A‬ابطين لما‬
‫سمعوه‪ ،‬كان ما نقلوه إلينا مفيداً للحكم الش‪AA‬رعي في المس‪AA‬ائل العملية دون‬
‫العقائد‪ ،‬بناء ثبوته ثبوت‪A‬اً ظني‪A‬اً راجح‪A‬اً‪ ،‬والظن ال‪A‬راجح ك‪A‬اف في العملي‪AA‬ات‬
‫دون العقائد التي ترتكز على األدلة القطعية‪.5‬‬

‫‪ 1‬ذكره يف كتابه اصول الفقه ص‪42‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف كتابه اصول الفقه ص‪ 216‬و ‪228‬‬
‫‪ 3‬ذكره يف حتفة االحوذي له ‪2/367‬‬
‫‪ 4‬ذكره يف مذكره مباحث يف علوم احلديث له ص‪ 37‬فما فوق‬
‫‪ 5‬ذكره يف كتابه علم أصول الفقه ومعه تاريخ التشريع االسالمي له ص‪19-18‬‬

‫‪75‬‬
‫ويق‪AA‬ول س‪AA‬يد قطب على األح‪AA‬اديث ال‪AA‬تي رواها مس‪AA‬لم في ص‪AA‬حيحه في‬ ‫‪‬‬
‫أن الن ‪AA A A‬بي ‪ ‬قد س ‪AA A A‬حره لبيد بن أالعصم اليه ‪AA A A‬ودي‪ :‬يق ‪AA A A‬ول‪ :‬ولكن ه ‪AA A A‬ذه‬
‫الرواي‪A‬ات تخ‪A‬الف أصل العص‪A‬مة النبوية في الفعل والتبليغ وال تس‪A‬تقيم مع‬
‫االعتق‪AA A‬اد ب‪AA A‬أن كل فعل من أفعاله ‪ ‬وكل ق‪AA A‬ول من أقواله س‪AA A‬نة وش‪AA A‬ريعة‪،‬‬
‫كما أنها تص‪AA A A‬طدم بنفي الق‪AA A A‬رآن عن الرس‪AA A A‬ول ‪ ‬أنه مس‪AA A A‬حور وتك‪AA A A‬ذيب‬
‫المش ‪AA A A A‬ركين فيما ك ‪AA A A A‬انوا يدعونه من ه ‪AA A A A‬ذا االفك ومن ثم تس ‪AA A A A‬تبعد ه ‪AA A A A‬ذه‬
‫الرواي ‪AA A‬ات‪ ،‬وأح ‪AA A‬اديث اآلح ‪AA A‬اد ال يؤخذ بها في أمر العقي ‪AA A‬دة والمرجع هو‬
‫القرآن والتواتر شرط لآلخذ باألحاديث في أصول االعتقاد‪.1‬‬
‫الوجه السابع‪:‬‬
‫أقوالهم في عدم االستدالل بخبر الواحد في‬
‫العقائد‬
‫قال أبو العباس القرطبي في مع‪A‬رض حديثه على ح‪A‬ديث رؤية الن‪A‬بي‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬ربه ليلة اإلس ‪AA‬راء والمع ‪AA‬راج‪ :‬ليست المس ‪AA‬ألة من العملي ‪AA‬ات فيكتفى بها‬
‫باألدلة الظني ‪AA A A A A‬ة‪ ،‬وإ نما هي من المعتق ‪AA A A A A‬دات فال يكتفى فيها إال بال ‪AA A A A A‬دليل‬
‫القطعي‪.2‬‬
‫وقال ص‪AA‬في ال‪A‬دين االرم‪A‬وي‪ :‬وه‪AA‬ذا ألن المطل‪A‬وب في األص‪AA‬ول العلم‬ ‫‪‬‬
‫واليقين‪ ،‬وخبر الواحد ال يفي‪AA‬ده كما تق‪AA‬دم‪ ،‬بخالف الف‪AA‬روع فإنه يكفي فيها‬
‫الظن وخبر الواحد يفيده‪.3‬‬
‫وق‪AA A‬ال أيض ‪A A‬اً‪ :‬وقد أجمعنا على أن خ‪AA A‬بر الواحد غ‪AA A‬ير مقب‪AA A‬ول في أص‪AA A‬ول‬
‫الدين‪.4‬‬
‫‪ 1‬قاله يف ظالل القرآن™ له ‪ 6/4008‬عند كالمه على سورة الفلق‬
‫‪ 2‬كما يف املفهم شرح صحيح مسلم له ‪ 1/402‬ونقله عنه صاحب ظفر االماين ص‪ 120‬بتصرف‬
‫‪ 3‬كما يف هناية الوصول يف دراية االصول له ‪7/2811‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق ‪7/2834‬‬

‫‪76‬‬
‫وق ‪AA‬ال جم ‪AA‬ال ال ‪AA‬دين االس ‪AA‬نوي‪ :‬ألن رواية اآلح ‪AA‬اد إن أف ‪AA‬ادت إنما تفيد‬ ‫‪‬‬
‫الظن‪ ،‬والش ‪AA‬ارع إنما أج ‪AA‬از الظن في المس ‪AA‬ائل العملية وهي الف ‪AA‬روع دون‬
‫العلمية كقواعد أصول الدين‪.1‬‬

‫وق‪AA A‬ال القاضي ابن الب ‪AA‬اقالني‪ :‬فخ ‪AA‬رج له من ه ‪AA‬ذه أن خ ‪AA‬بر الواحد ال‬ ‫‪‬‬
‫يقبل في العقليات وأصول العقائد وكل ما يلتمس فيه العلم‪.‬‬
‫وق‪AA‬ال أيض ‪A‬اً‪ :‬اعلم وفقك اهلل ان كل ما يطلب العلم فيه فال يقبل فيه أخب‪AA‬ار‬
‫اآلحاد‪.2‬‬

‫وق ‪AA‬ال عالء ال ‪AA‬دين الس ‪AA‬مرقندي‪ :‬ومنها –أي أقس ‪AA‬ام اآلح ‪AA‬اد‪ -‬أن ي ‪AA‬رد‬ ‫‪‬‬
‫الخ‪AA‬بر في ب‪AA‬اب العمل فأما إذا ورد في ب‪AA‬اب االعتق‪AA‬ادات وهي من مس‪AA‬ائل‬
‫الكالم فإنه ال يك ‪AA‬ون حجة ألنه ي ‪AA‬وجب الظن وعلم غ ‪AA‬الب ال ‪AA‬رأي ال علم‪A A‬اً‬
‫قطعياً‪ ،‬فال يكون حجة فيما يبتنى على العلم القطعي واالعتقاد حقيقة‪.3‬‬
‫وق‪AA A‬ال الس‪AA A‬بكي‪ :‬بأنه ليس من ش‪AA A‬رطه أن يك‪AA A‬ون قاطع ‪A A‬اً مت‪AA A‬واتراً‪ ،‬بل‬ ‫‪‬‬
‫م‪AA A‬تى ك‪AA A‬ان ح‪AA A‬ديثاً ص‪AA A‬حيحاً ولو ظ‪AA A‬اهراً وهو من رواية اآلح‪AA A‬اد ج‪AA A‬از أن‬
‫يعتمد عليه في ذلك ألن ذلك ليس من مس ‪AA‬ائل االعتق ‪AA‬اد ال ‪AA‬تي يش ‪AA‬ترط فيها‬
‫القطع‪.4‬‬

‫‪ 1‬كذا يف هناية السؤال ‪2/270‬‬


‫‪ 2‬كما يف التلخيص ‪2/430‬‬
‫‪ 3‬كما يف ميزان االصول له ص‪430‬‬
‫‪ 4‬نقله يف ظفر االماين شرح خمتصر اجلرجاين ص‪120‬‬

‫‪77‬‬
‫وقال ابو الثناء محمود الماتريدي‪ :‬وله‪AA‬ذا ال يك‪AA‬ون حجة في المس‪AA‬ائل‬ ‫‪‬‬
‫االعتقادية ألنها تب‪AA‬نى على العلم القطعي وخ‪AA‬بر الواحد ي‪AA‬وجب علم غ‪AA‬الب‬
‫‪1‬‬
‫الرأي وأكبر الظن ال علماً قطعياً ‪.‬‬

‫وقال عبد الحميد االسمندي‪ :‬وان أردتم إثبات القديم تعالى وصفاته‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فنق‪AA A A A‬ول‪ :‬بأنه ال يقبل فيه خ‪AA A A A‬بر الواح‪AA A A A‬د‪ ،‬ألنا لو قبلن‪AA A A A‬اه فيها لقبلن‪AA A A A‬اه في‬
‫االعتقادات وال يجوز قبول خبر الواحد في االعتقادات‪.2‬‬

‫وق‪AA A A A‬ال أبو العب‪AA A A A‬اس الق‪AA A A A‬رافي في جوابه على من منع العمل بخ‪AA A A A‬بر‬ ‫‪‬‬
‫الواحد فق‪AA A‬ال‪ :‬وجوابه‪AA A‬ا‪ :‬أن ذلك مخص‪AA A‬وص بقواعد ال‪AA A‬ديانات وأص‪AA A‬ول‬
‫العبادات القطعيات‪.3‬‬

‫وق ‪AA A A‬ال أبو الخط ‪AA A A‬اب وابن عقي ‪AA A A‬ل‪ :‬انه ال يعمل بأخب ‪AA A A‬ار اآلح ‪AA A A‬اد في‬ ‫‪‬‬
‫أصول الديانات‪.4‬‬

‫وق‪AA‬ال ابو اس‪AA‬حق الش‪AA‬يرازي رداً على من ق‪AA‬ال لو ج‪AA‬از أن يقبل خ‪AA‬بر‬ ‫‪‬‬
‫الواحد في الفروع لجاز في األصول مثل التوحيد واثبات األصول‪.‬‬
‫فق‪AA A‬ال‪ :‬الج‪AA A‬واب‪ :‬ان في مس‪AA A‬ائل األص‪AA A‬ول أدلة عقلية موجبة للعلم قاطعة‬
‫للعذر فال حاجة بنا الى خبر الواحد‪.5‬‬

‫‪ 1‬كما يف كتابه أصول الفقه ص‪148‬‬


‫‪ 2‬كذا ذكره يف كتابه بذل النظر يف االصول ص‪406‬‬
‫‪ 3‬كما يف تنقيح الفصول له ص‪358‬‬
‫‪ 4‬كما نقله عنهم ابن النجار يف الكوكب املنري ‪2/352‬‬
‫‪ 5‬كما يف شرح اللمع له ‪2/601‬‬

‫‪78‬‬
‫وق‪AA A A‬ال ال‪AA A A‬بزدوي‪ :‬خ‪AA A A‬بر الواحد لما لم يفد اليقين ال يك‪AA A A‬ون حجة فيما‬ ‫‪‬‬
‫يرجع الى االعتق ‪AA A‬اد ألنه مب ‪AA A‬ني على اليقين وإ ن ك ‪AA A‬ان حجة فيما قصد فيه‬
‫‪1‬‬
‫العمل ‪.‬‬

‫وق‪AA A A A A‬ال الحافظ ابن حجر العس‪AA A A A A‬قالني‪ :‬ال‪AA A A A A‬ذي يظهر من تص‪AA A A A A‬رف‬ ‫‪‬‬
‫البخ ‪AA A A‬اري في كت ‪AA A A‬اب التوحي ‪AA A A‬د‪ ،‬أنه يس ‪AA A A‬وق األح ‪AA A A‬اديث ال‪AA A A‬تي وردت في‬
‫الص‪AA‬فات المقدسة في‪A‬دخل كل ح‪A‬ديث منها في ب‪A‬اب ويؤي‪A‬ده بآية من الق‪A‬رآن‬
‫لإلش ‪AA A‬ارة الى خروجها عن أخب ‪AA A‬ار اآلح ‪AA A‬اد على طريق الت ‪AA A‬نزل في ت ‪AA A‬رك‬
‫االحتجاج بها في االعتقادات…‪.2‬‬

‫وق‪AA‬ال العي‪AA‬ني في ش‪AA‬رح ص‪AA‬حيح البخ‪AA‬اري عند قوله "في اآلذان" ق‪AA‬ال‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫إنما ذكر ه‪AA A‬ذه األش‪AA A‬ياء ليعلم أن إنف‪AA A‬اذ الخ‪AA A‬بر إنما هو في العملي‪AA A‬ات ال في‬
‫االعتقادات‪.3‬‬
‫المالّ علي الق ‪AA‬اري على ح ‪AA‬ديث أب ‪AA‬وي رس ‪AA‬ول اهلل ‪ ‬في الن ‪AA‬ار‪:‬‬
‫وق ‪AA‬ال ُ‬ ‫‪‬‬
‫فقال‪ :‬إال أن يكون قطعي الدراية ال ظني الرواية‪ ،‬ألنه في ب‪AA‬اب االعتق‪AA‬اد‬
‫ال يعمل بالظنيات وال يكتفى باآلحاد‪.4‬‬
‫وق‪AA A‬ال بخيت المطيعي على ش‪AA A‬رح االس‪AA A‬نوي‪ :‬وحاصل الج‪AA A‬واب أننا‬ ‫‪‬‬
‫نمنع أن العلة ال‪AA A A‬تي اقتضت وج‪AA A A‬وب العمل بخ‪AA A A‬بر الواحد في العملي‪AA A A‬ات‬
‫موج‪AA‬ودة في االعتق‪AA‬ادات‪ ،‬ألن المطل‪AA‬وب في العملي‪AA‬ات هو العم‪AA‬ل‪ ،‬ويكفي‬

‫‪ 1‬كما يف كشف االسرار على أصول البزدوي ‪3/27‬‬


‫‪ 2‬كما يف فتح الباري ‪13/359‬‬
‫‪ 3‬كما يف عمدة القاري للعيين ‪25/12‬‬
‫‪ 4‬قال يف كتاب أدلة معتقد ايب حنيفة يف أبوي رسول اهلل ‪ ‬ص‪62‬‬

‫‪79‬‬
‫في ذلك الظن‪ ،‬والمقص‪AA A‬ود في االعتق‪AA A‬ادات االعتق‪AA A‬اد المط‪AA A‬ابق للواقع من‬
‫موجب فال يكفي في ذلك الظن‪.1‬‬
‫وق‪AA‬ال محم‪AA‬ود ش‪AA‬لتوت‪ :‬ومن هنا يتأكد أن ما قررن‪AA‬اه من أن أح‪AA‬اديث‬ ‫‪‬‬
‫اآلح ‪AA‬اد ال تفيد عقي ‪AA‬دة وال يصح االعتم ‪AA‬اد عليها في ش ‪AA‬أن المغيب ‪AA‬ات‪ ،‬ق ‪AA‬ول‬
‫مجمع عليه وث‪AA A‬ابت بحكم الض‪AA A‬رورة العقلية ال‪AA A‬تي ال مج‪AA A‬ال للخالف فيها‬
‫عند العقالء‪.2‬‬
‫وق‪AA A A‬ال س‪AA A A‬يد قطب‪ :‬وأح‪AA A A‬اديث اآلح‪AA A A‬اد ال يؤخذ بها في أمر العقي‪AA A A‬دة‬ ‫‪‬‬
‫والمرجع هو الق ‪AA A A‬رآن‪ ،‬والت ‪AA A A‬واتر ش ‪AA A A‬رط لألخذ باألح ‪AA A A‬اديث في أص ‪AA A A‬ول‬
‫االعتقاد‪.3‬‬
‫ويق‪AA‬ول عبد الوه‪AA‬اب النج‪AA‬ار‪ :‬الخ‪AA‬بر إذا ك‪AA‬ان رواته آح‪AA‬اداً فال يص‪AA‬لح‬ ‫‪‬‬
‫أن يك ‪AA A A‬ون دليالً على ثب ‪AA A A‬وت اُألم ‪AA A A‬ور االعتقادية ألن اُألم ‪AA A A‬ور االعتقادية‬
‫الغرض منها القطع والخبر الظني الثبوت والداللة ال يفيد القطع‪.4‬‬
‫ويق ‪AA‬ول عبد ال ‪AA‬رحمن الجزي ‪AA‬ري‪ :‬معلق ‪A‬اً على حقيقة الس ‪AA‬حر‪ :‬ولم يبق‬ ‫‪‬‬
‫للق ‪AA‬ائلين ب ‪AA‬أن الس ‪AA‬حر له أثر حقيقي إال االس ‪AA‬تدالل بح ‪AA‬ديث البخ ‪AA‬اري ال ‪AA‬ذي‬
‫رواه عن عائشة رضي اهلل عنها من أن النبي ‪ ‬قد سحر وأنه كان ُيخيل‬
‫له أنه يفعل الشيء ولم يفعله‪ ،‬وهذا حديث صحيح لم يتع‪AA‬رض أحد للق‪AA‬دح‬
‫في أحد من رواته‪ ،‬ومن الحسن أن يقال‪ :‬ان مثل ه‪AA‬ذه األح‪AA‬اديث تج‪AA‬زئ‬
‫في المس ‪AA‬ائل الفرعية ال في المس ‪AA‬ائل االعتقادي ‪AA‬ة‪ ،‬ف ‪AA‬إن العقائد ال تب ‪AA‬نى إال‬

‫‪ 1‬كذا يف تعليقه على شرح االسنوي ملنهاج البيضاوي ‪2/270‬‬


‫‪ 2‬ذكره يف كتابه اإلسالم عقيدة وشريعة ص‪61‬‬
‫‪ 3‬قاله يف ظالل القرآن ‪6/4008‬‬
‫‪ 4‬قاله يف كتابه قصص االنبياء يف مقدمة الكتاب نقطة رقم ‪4‬‬

‫‪80‬‬
‫على األدلة اليقينية وه‪AA A‬ذه األح‪AA A‬اديث مهما ك‪AA A‬انت ص‪AA A‬حيحة فهي أح‪AA A‬اديث‬
‫‪5‬‬
‫آحاد ال تفيد إال الظن‬
‫ه ‪AA‬ذا ما وقع لي من أق ‪AA‬وال العلم ‪AA‬اء‪ ،‬وأكتفي به ‪AA‬ذا الق ‪AA‬در منها في‬
‫هذه العجالة للرد على افتراآت المف‪AA‬ترين على أئمة المس‪AA‬لمين وتالم‪AA‬ذتهم‪،‬‬
‫ولو أراد المرء أن يجعلها مئين أو أك‪AA‬ثر لحصل له ذلك إذا تحص‪A‬لت لديه‬
‫المكنة وتوفرت عنده المراجع‪.‬‬
‫وللعلم ف‪AA‬إنني لم أجد أح‪AA‬داً ق‪AA‬ال ب‪AA‬أن خ‪AA‬بر اآلح‪AA‬اد يفيد العلم مطلق ‪A‬اً‬
‫سوى المذهب الظاهري على ما ذكره ابن حزم في أحكام‪AA‬ه‪ ،‬أما بقية من‬
‫ق‪AA A A‬ال أنه يفيد العلم فقي‪AA A A‬دوا ذلك بقرينة ت‪AA A A‬رجح العلم فيه على الظن ك‪AA A A‬إبن‬
‫تيمية وابن القيم والنظ‪AA A‬ام أحد رؤوس المعتزلة وغ‪AA A‬يرهم‪ ،‬وال يخف‪AA A‬اك أنه‬
‫إذا إنعدمت القرينة فال يفيد خبر الواحد إال الظن‪.‬‬
‫ف ‪AA‬إن قيل ب ‪AA‬أن ه ‪AA‬ؤالء الس ‪AA‬بعين وغ ‪AA‬يرهم هم علم ‪AA‬اء كالم وليس ‪AA‬وا‬
‫من أهل السنة‪.‬‬
‫يق ‪AA‬ال ب ‪AA‬أنكم ش ‪AA‬غبتم بما ال فائ ‪AA‬دة فيه إذ هل القرط ‪AA‬بي من المالكية‬
‫وابن العربي والشاطبي وابن عبد ال‪A‬بر والزرق‪A‬اني من علم‪A‬اء الكالم؟! أم‬
‫هل الخطيب البغ‪AA‬دادي المح‪AA‬دث من الش‪AA‬افعية وابن حجر وابن دقيق العيد‬
‫وابن األث ‪AA A A‬ير وابن الج ‪AA A A‬زري والن ‪AA A A‬ووي وابن عبد الس ‪AA A A‬الم والم ‪AA A A‬اوردي‬
‫واالس‪AA A A A‬نوي من علم‪AA A A A‬اء الكالم؟! أم هل الكم‪AA A A A‬ال بن الهم‪AA A A A‬ام من الحنفية‬
‫والسرخسي وابن عاب‪AA‬دين والكاس‪AA‬اني والنس‪AA‬في واألنص‪AA‬اري والجص‪AA‬اص‬
‫من علم‪AA A A A A A A A A‬اء الكالم؟! أم هل ابن قدامة المقدسي من الحنبلية وابن تيمية‬
‫وابن عقيل وأبو الخط‪AA A‬اب وابن المن‪AA A‬ير وابو يعلى من علم‪AA A‬اء الكالم؟! أم‬

‫‪ 5‬ذكره يف كتابه الفقه على املذاهب االربعة ‪ 5/391‬فما فوق‬

‫‪81‬‬
‫هل األئمة األربعة من علم ‪AA A‬اء الكالم؟!! ال يق ‪AA A‬ول به ‪AA A‬ذا إال مك ‪AA A‬ابر معاند‬
‫والعياذ باهلل من ذلك‪.‬‬
‫وإ ن قيل ب‪AA‬أن ه‪A‬ؤالء اش‪AA‬اعره على س‪AA‬بيل التهمة وك‪AA‬أن االش‪AA‬عرية‬
‫تهم‪AA A‬ة‪ ،‬يق‪AA A‬ال‪ :‬ب‪AA A‬أن ما أثبتن‪AA A‬اه آنف ‪A A‬اً وهو أق‪AA A‬وال فقه‪AA A‬اء الم‪AA A‬ذاهب المعت‪AA A‬برة‬
‫والمش‪AA‬هورة عند المس‪AA‬لمين ف‪AA‬إن ك‪AA‬انت ه‪AA‬ذه الم‪AA‬ذاهب أش‪AA‬عرية فمعن‪AA‬اه أنهم‬
‫عرف ‪AA‬وا أن االش ‪AA‬اعرة على الحق فس ‪AA‬اروا معهم‪ ،‬ف ‪AA‬إن ق ‪AA‬الوا‪ :‬ب ‪AA‬أن ه ‪AA‬ؤالء‬
‫العلماء ليسوا على مذهب االشاعرة‪ ،‬تراجعوا عن اتهامهم لهم‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬في معنى العلم والظن واليقين في كالمهم آنفاً‪.‬‬
‫والعلم‪ :‬هو االعتق‪AA A‬اد الج‪AA A‬ازم المط‪AA A‬ابق للواقع‪ .1‬وهو المقص‪AA A‬ود‬
‫من كالمهم "خ‪AA A‬بر اآلح ‪AA A‬اد ال يفيد العلم" ويطلق العلم وي ‪AA A‬راد منه الفقه في‬
‫ال ‪AA‬دين على نحو قوله عليه الص ‪AA‬الة والس‪AA A‬الم "طلب العلم فريض ‪AA‬ة" وقوله‬
‫"ان األنبياء لم يورثوا درهماً وال ديناراً وإ نما ورثوا العلم"‬
‫أما اليقين فهو لفظ مش ‪AA A‬ترك أيض‪A A A‬اً‪ ،‬فيطلق وي ‪AA A‬راد منه الم ‪AA A‬وت‬
‫كقوله تع‪AA A A‬الى "واعبد ربك ح‪AA A A‬تى يأتيك اليقين" ويطلق وي‪AA A A‬راد منه نقيض‬
‫الشك كقوله تع ‪AA A‬الى {ان ه ذا لهو حق اليقين} ويطلق وي ‪AA A‬راد منه عكس‬
‫الظن كقوله تعالى {وما لهم به من علم إال اتباع الظن وما قتل وه يقين ا}‬
‫وه ‪AA‬ذا المع ‪AA‬نى األخ ‪AA‬ير هو المقص‪AA A‬ود من كالمهم "ان خ ‪AA‬بر اآلح ‪AA‬اد ال يفيد‬
‫العلم واليقين"‬
‫الظن‪ :‬لفظ مشترك يطلق وي‪AA‬راد منه اليقين كقوله تع‪AA‬الى {الذين‬
‫يظنون انهم مالقوا ربهم وانهم اليه راجعون} ويطلق ويراد منه الكذب‬
‫كقوله تع ‪AA‬الى {ان يتبعون إال الظن وان هم إال يخرصون} ويطلق وي ‪AA‬راد‬
‫منه الشك على نحو قوله تع ‪AA A‬الى {اجتنب وا كث يراً من الظن} وقوله عليه‬

‫‪ 1‬كما ذكره اجلرجاين يف تعريفاته ص‪ 135‬وذكر حنوه الصنعاين يف شرح بغية االمل ص‪22‬‬

‫‪82‬‬
‫الس ‪AA A A‬الم "إي ‪AA A A‬اكم والظن ف ‪AA A A‬إن الظن أك ‪AA A A‬ذب الح ‪AA A A‬ديث" ويطلق وي ‪AA A A‬راد منه‬
‫االعتق‪AA A‬اد ال‪AA A‬راجح كقوله تع‪AA A‬الى {ان ظنا ان يقيما ح دود اهلل} وذكر ه‪AA A‬ذا‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫األخير الزركشي في البرهان والغزي في اتقانه ‪.‬‬
‫وق‪AA‬ال الش‪A‬يرازي‪ :‬الظن تج‪AA‬ويز أم‪A‬رين أح‪A‬دهما أظهر من اآلخر‬
‫وذلك كخبر الثقة يجوز أن يك‪A‬ون ص‪AA‬ادقاً ويج‪AA‬وز أن يك‪A‬ون كاذب‪A‬اً غ‪AA‬ير أن‬
‫األظهر من حاله الصدق‪.3‬‬
‫وه ‪AA‬ذا المع ‪AA‬نى األخ ‪AA‬ير للظن هو المقص ‪AA‬ود من كالمهم ب ‪AA‬أن خ ‪AA‬بر‬
‫اآلحاد ال يفيد إال الظن وال يفيد اليقين واهلل أعلى وأعلم واليه المصير‪.‬‬
‫تم والحمد هلل أوالً وآخراً‬
‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين‬
‫من شهر رمضان المبارك‬
‫‪2001‬م – ‪1422‬هـ‬
‫بيت المقدس‬

‫‪ 1‬الربهان يف علوم القرآن™ للزركشي ‪4/156‬‬


‫‪ 2‬اتقان ما حيسن من االخبار الدائرة على االلسن ‪1/476‬‬
‫‪ 3‬قاله يف شرح اللمع ‪1/150‬‬

‫‪83‬‬

You might also like