You are on page 1of 3

‫‪1‬‬

‫مفهىم التىثيق العديل ومميزاته وأمهيته وغاياته‬


‫إعداد‪ :‬العريب امغار‬
‫يعترب التوثيق العديل علما من العلوم اإلسالمية اليت حظيت ابىتمام ابلغ من علماء الشريعة‬
‫والباحثني‪ ،‬كما يعترب والية أو خطة أو مهنة من أىم ادلهن اليت دعت إليها حاجات الناس ادلتعددة‪،‬‬
‫وىو ذو أمهية قصوى يف احلياة؛ إذ بواسطتو حتمى احلقوق واألنساب واألعراض واألموال‪ ،‬وتثبت‬
‫الوقائع والتصرفات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف التوثيق العدلي‬
‫‪ -1‬يف اللغة‪:‬‬
‫فأما "التوثيق" يف اللغة فلو معان عدة منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬االئتمان‪ :‬يقال‪ :‬وثق بو يثق واثقة وثقة‪ :‬ائتمنو‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلحكام واألخذ ابلثقة‪ :‬يقال‪ :‬وثقت الشيء توثيقا فهو موثق؛ ووثقت فالان إذا قلت إنو‬
‫ثقة‪ .‬والوثيقة يف األمر‪ :‬إحكامو واألخذ ابلثقة‪ ،‬واجلمع الواثئق‪.‬‬
‫ج‪ -‬التعاىد والتحالف‪ :‬يقال‪ :‬تواثقنا على اإلسالم أي حتالفنا وتعاىدان‪.‬‬
‫د‪ -‬الشدة والقوة‪ :‬يقال‪ :‬أوثقو إيثاقا وواثقا؛ واحلبل الذي يوثق بو‪ :‬واثق؛ وأوثقو يف الواثق‪:‬‬
‫شده وربطو بقوة وإحكام‪...‬‬
‫فالتوثيق إذن ىو‪ :‬إحكام الشيء وشده وربطو بقوة فال ينقلب وال ينفلت؛ والوثيقة تربط بني‬
‫ادلتعاقدين أو تشد أحدمها دلا تعهد بو والتزمو فال يستطيع الرجوع فيو‪.‬‬
‫وأما كلمة "العديل" فهي لفظة منسوبة إىل العدل الذي ىو اسم من أمساء هللا تعاىل‪ .‬وىو مصدر‬
‫لفعل عدل‪ ،‬تقول‪ :‬عدل احلاكم يف احلكم يعدل عدال إذا حكم ابحلق ومل يظلم‪ .‬والعدل من احلكام‪:‬‬
‫الذي ال مييل بو اذلوى فيظلم يف احلكم‪ .‬والعدل من الناس‪ :‬ادلرضي قولو‪.‬‬
‫وىو يف األصل مصدر مسي بو فوضع موضع العدل للداللة على ادلبالغة‪.‬‬
‫وىو ال يث ى وال مجمع وال ينن‪ ،،‬يقال‪ :‬رجل عدل وامرأة عدل ورجالن عدل وامرأنان عدل‬
‫ورجال عدل ونساء عدل‪.‬‬
‫وىو ليس من عدل عن الشيء‪ :‬أي حاد عنو وجار‪ ،‬وال من عدل إليو‪ :‬إذا رجع وانقلب ومال‪.‬‬
‫وبضم الكلمتني إىل بعضهما "التوثيق العديل" يكون ادلراد‪ :‬إحكام األشياء ادلوثقة وشدىا بقوة‬
‫وعدالة وجعلها يف ائتمان نام على يد عدول موثقني مرضيني‪.‬‬

‫‪ 1‬منقول بتصرف عن كتاب‪ :‬التوثيق العديل بني الفقه ادلالكي والتقنني ادلغريب‪ :‬العلمي احلراق‪( :‬ج‪1‬ص‪ 11‬وما بعدىا)‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ )2‬يف االصطالح‪:‬‬
‫عرف بعدة تعاريف منها‪:‬‬
‫ابن فرحون‪" :‬صناعة جليلة شريفة وبضاعة عالية منيفة حتتوي على ضبط أمور الناس على‬
‫القوانني الشرعية وحفظ دماء ادلسلمني وأمواذلم واالطالع أسرارىم وأحواذلم"‪.‬‬
‫أبو العباس الونشريسي‪" :‬علم الواثئق من أجل العلوم قدرا وأعالىا إانبة وخطرا؛ إذ هبا تثبت‬
‫احلقوق ويتميز احلر من الرقيق ويتوثق هبا؛ ولذا مسيت معانيها واثقا"‪.‬‬
‫أمحد الغازي احلسيين‪" :‬فن التوثيق ىو الذي يرسم خطوط كل معاملة وينظم سريىا‪ ،‬وحيدد مدى‬
‫نشاطها طبقا لنصوص التشريع وقواعد العرف الثابت وآراء الفقهاء وما جرى عليو عمل القضاة"‪.‬‬
‫العلمي احلراق‪" :‬مهنة حرة قضائية يناط هبا القيام ابإلشهاد والتوثيق بني الناس فيما ذلم وعليهم‬
‫تلقيا وأداء ابلكتابة وفقا للنصوص التشريعية اجلاري هبا العمل وما جرى عليو عمل القضاة عامة‬
‫ادلكلفني ابلتوثيق خاصة"‪.‬‬
‫ومن تسمياتو أيضا‪ :‬خطة العدالة‪ -‬مهنة العدالة‪ -‬العدالة‪ -‬علم الشروط والسجالت‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مميزات وخصائص التوثيق العدلي‬
‫‪ )1‬ادلميزات العامة‪:‬‬
‫يتميز التوثيق العديل بكونو نظاما مستمدا من كتاب هللا العزيز‪ ،‬ومن سنة النيب صلى هللا عليو‬
‫وسلم‪ ،‬وبعض أحكامو وقواعده ترتل يف الصلوات ويتعبد بتالوهتا ويتقرب هبا إىل هللا‪ ،‬فهو تشريع‬
‫رابين زلكم‪ ،‬ولو احرتامو الكبري يف نفوس ادلسلمني‪.‬‬
‫كما أنو نظام قائم بذاتو مستقل يف فكرتو وتصوره ونشأتو وتطوره‪ ،‬وال دخل لو بفكر غريب‬
‫دخيل على اإلسالم‪ ،‬وفيو حتقيق مصاحل العباد والبالد وحفظ حقوق الناس ودمائهم وأمواذلم‬
‫وأعراضهم‪.‬‬
‫‪ )2‬ادلميزات اخلاصة‪:‬‬
‫من أىم ما مييز التوثيق العديل ما أييت‪:‬‬
‫أ‪ -‬كون أشخاصو يسمون عدوال وشهودا وموثقني‪ :‬وىذه الصفات كانت من صفات العدول‬
‫طيلة القرون ادلاضية‪.‬‬
‫ب‪ -‬كون عملياتو التوثيقية ال تتم إال على يد عدلني اثنني‪ :‬وىذا ىو ادلبدأ العام يف نظام‬
‫اإلشهاد يف الشريعة‪ ،‬غري أنو قد ترد عليو حاالت استثنائية يكون فيها تلقي اإلشهاد بعدل واحد مع‬
‫ميني ادلدعي‪.‬‬
‫ج‪ -‬كونو مجمع بني أحكام الشهادة وأحكام الكتابة‪ :‬يعين أن ادلنتصب خلطة العدالة مجب أن‬

‫‪1‬‬
‫تتوفر فيو شروط الشهادة وشروط الكتابة يف آن واحد؛ ألن الشهادة مالزمة للكتابة وال تغين إحدامها‬
‫عن األخرى‪.‬‬
‫د‪ -‬كون عملياتو التوثيقية تتم حتت اإلشراف الفعلي للقضاء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أهمية التوثيق العدلي وغاياته‬
‫تتجلى أمهية التوثيق العديل يف عدة أمور أمهها‪:‬‬
‫‪ )1‬حفظ دماء الناس وأعراضهم‪:‬‬
‫فبفضل الشهادة اليت تصدر عن أشخاص موثقني –سواء كانت مشافهة أو كتابة‪ -‬حتفظ الدماء‬
‫وتصان األعراض من كل عب‪ ،‬وانتهاك‪.‬‬
‫‪ )2‬حفظ األموال‪:‬‬
‫فقد ثبت يف الشريعة اإلسالمية األمر حبفظ األموال من إضاعتها وتبذيرىا‪ ،‬ومن أىم سبل‬
‫احملافظة عليها أن نشهد عليها ونكتبها يف وثيقة نامة إذا أجرينا بشأهنا أي معاملة‪.‬‬
‫‪ )3‬إثبات احلقوق‪:‬‬
‫من أىداف التوثيق العديل كونو يثبت حقوق الناس وديوهنم وسائر ما يربم بينهم من عقود‬
‫وتصرفات وينمنها من كل جحود أو نسيان ويقطع كل خصومة بشأهنا‪.‬‬
‫‪ )4‬كونه توثيقا يؤسس على القواعد الشرعية‪:‬‬
‫فالعدل ال يوثق إال العقود الداخلة يف دائرة التعامل الشرعية والقانونية‪ ،‬وال يقدم على توثيق‬
‫العقود الفاسدة وال على حترير الرسوم الباطلة‪.‬‬
‫‪ )5‬اإلسهام يف التنمية العقارية واالجتماعية واالقتصادية‪:‬‬
‫فهو ينشط احلركة االقتصادية وينمي مداخيل الدولة ويعمل على استخالصها يف أجلها احملدد‪،‬‬
‫وعلى ادلستوى االجتماعي فهو يسدي للمتعاقدين خدمات جليلة أبقل تكلفة ممكنة وال يكلفهم‬
‫أكثر مما يطيقون ماداي‪ ،‬كما يسهم يف حتريك النشاط العقاري وينعش رلال إقامة ادللكيات العقارية‪...‬‬
‫‪ )6‬إسهاماته يف استتباب األمن التعاقدي‪:‬‬
‫فهو يساعد على درء ادلفاسد ورد ادلظامل إىل أىلها؛ إذ تعترب شهادات العدول وواثئقهم من‬
‫العوامل ادلهمة يف استقرار اجملتمع وتكريس السلم واألمن االجتماعيني‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like