You are on page 1of 5

‫عقد الوكالة‬

‫ان الناس يف القدمي واحلديث ويف الكثري من أمورهم واحواهلم حباجة اىل الوكالة كتوكيل احملامني واخلرباء‬

‫ومن املبادئ اليت تعترب أصال يف القانون أن املرء ال يلتزم إال بإراداته‪ 1‬ومن املستقر عليه قدميا أن احلقوق واإللتزامات‬
‫الناشئة من العقد تستمد أساسها من إرادة طرفية وهو ما عرف مببدأ سلطان اإلرادة وهذا دفع الفقه إىل القول بأن هناك‬
‫مثة ضرورة لوجود أطراف العقد شخصيا عند إبرام أي عقد من العقود واستمرت وجهة النظر هذه فرتة من الزمن‪ V‬مث فإن‬
‫العقود ال تربطها إال أطرافها فال يضارهبا واليستفيد منها سواهم‪.‬‬

‫مفاهيم عقد الوكالة‬

‫معني العقد لغة‬


‫‪2‬‬ ‫العقد لغة من عقد والعني والقاف والدال ‪ :‬أصل واح ٌد ُّ‬
‫َيدل على شد وشدة وثوق‪ ،‬وإليه ترجع كل فروع الباب‬ ‫ّ‬
‫‪5‬‬
‫والعقد نقيض احلَ ِّل عقده يعقده عقداً وتعقاداً وعقده‪ ، 3‬وعقد احلبل والبيع والعقد يعقده ‪:‬ش ّدهُ‪ 4‬وهو أيضا من الربط‬

‫وعقدة النكاح وغريه ‪ ،‬والعقد بالكسر القالدة ‪ ،‬واجلمع عقود ‪ ،‬واعتقدت كذا عقدت‪ V‬عليه الضمري والقلب‪ V‬حىت قيل‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫يده حسنة ساملة من الشك واعتقدت ماال مجعته وادخرته‬ ‫ِ‬
‫العقيدة ما يدين اإلنسان به ‪ ،‬وله َعق َ‬
‫‪8‬‬
‫والعقد بالكسر ‪ :‬القالدة‪ ، 7‬والعقد العهد‪ ،‬وهي أكد العهود‬

‫‪ 1‬الدريعي ‪،‬سامى‪ :‬الوكالة غير القابلة للعزل في القانون الكويتي والفرئسي مجلة الحقوق‪ ،‬دختير ‪ ،2001‬ص ‪ - 161،186‬تقول المادة ‪165..‬‬
‫‪ 2‬الرازي ‪،‬محمد بن فارس أبو الحسين ‪ ،‬معجم مقاييس‪ 0‬اللغة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بیروت‪ ،‬لبنان ج ‪ ٤‬ص ‪ ٨٦‬مادة عقد‪.‬‬
‫‪ 3‬األنصاري ‪،‬جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور اإلفريقي المصري ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تحقيق عامر أحمد حيدر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪١٤٢٤ ، 0‬هـ ‪٢٠٠٣ ،‬م ‪ ،‬ج ‪ ،۳‬ص ‪ – ٣٦٣‬باب الدال فصل العين‪.‬‬
‫‪ 4‬آبادي ‪ ،‬مجد الدين محمد بن يعقوب‪ 0‬الفيروز ‪ ،‬القاموس المحيط ‪ ،‬تحقيق مكتب التراث في مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪١٤٠٧‬هـ ‪١٩٨٧ -‬م‪ ،‬ص ‪ -۳۸۳‬مادة (عقد)‬
‫وانظر‪ :‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقرئ ‪ ،‬المصباح المنير ‪ -‬مكتبة لبنان لبنان ‪ ،‬ص ‪ ١٦٠‬مادة (عقد) محمد بن أبو بكر عبد القادر الرازي‬
‫مختار الصحاح تحقيق زكي خالد توفيق الطبعة األولى مكتبة اآلداب القاهرى ‪١٤١٨‬هـ ‪١٩٩٨ -‬م‪ ،‬ص ‪ .٤٤٤‬مادة (عقد)‪ .‬إسماعيل بن حماد‬
‫الجوهري الصحاح ‪ ،‬تحقيق‪ 0‬أحمد عبد الغفور ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ١٣۹۹ 0،‬هـ ‪١٩٧٩ -‬م ‪ ،‬ج ‪ ،۲‬ص ‪ ٥١‬مادة (عقد) محمد‬
‫مرتضى الحسيني الزبيدي‪ ،‬تاج العروس تحقيق الدكتور عبد العزيز مطر ‪ ،‬دار الجيل ‪ ،‬بيروت ‪139،‬هـ ‪۱۹۷۰ -‬م‪ ،‬ج ص ‪ ٣٩٤‬مادة (عقد)‪.‬‬
‫‪ 5‬ابن منظور‪ ، 0‬لسان العرب ‪،‬ج‪، 3‬ص‪296‬‬
‫‪ 6‬الفيومي ‪ ،‬المصباح المنير ‪،‬ص‪160‬‬
‫‪ 7‬الرازي مختار الصحاح ‪ ،‬ص ‪ ٤٤٤‬الفيومي المصباح المنير من ‪ ١٦٠‬الفيروز آبادي ‪ ،‬القاموس المحيط ص ‪ ۳۸۳‬الجوهري‪ ،‬الصحاح ‪ :‬ج ‪ ،۲‬ص‬
‫‪٥١٠‬‬
‫‪ 8‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬ج‪ ، 3‬ص ‪365‬‬
‫قد نَِقيض احلَ ِّل‬
‫إن َأصل الع ِ‬
‫َ‬ ‫والعُ ْقدةُ بالضم‪ :‬هو موضع العقد‪ ،‬وهو ما عقد عليه ‪ 9‬وان الذي صرح به أئمة االشتقاق هو َّ‬
‫‪10‬‬
‫قده َي ْع ِق ده عقدا وتعقادا وعقده وقد العقد وتعقد مث استعمل يف انواع العقود من البيوعات والعقود وغريها"‬
‫َع َ‬

‫ويظهر للباحث من خالل تعريف العقد يف اللغة أنه ال خيرج يف أصل الوضع عن معىن الشد ‪ ،‬وباقي املعاين األخرى من‬
‫قبيل العهد والضمان راجعة إىل معىن الشد ‪ ،‬فالعهد هو شد بني طرفني ‪ ،‬والضمان كذلك‪.‬‬

‫معنى العقد اصطالحا‬

‫مل يتطرق معظم الفقهاء ‪ -‬فيما اطلعت عليه ‪ -‬من خمتلف املذاهب الفقهية إىل تعريف للعقد‪ V‬تعريفا مستقال‪ ،‬وإمنا توسعوا‬
‫يف بيان أنواعه وأركانه وشروطه‪.‬‬

‫إال أنب عض الفقهاء من وضع تعريفا للعقد ومن ذلك‪:‬‬

‫‪-1‬قول اجلرجاين‪" :‬العقد ربط أجزاء التصرف باإلجياب وبالقبول شرعا‪.11‬‬


‫‪12‬‬
‫‪ -2‬عرف الزركشي‪ :‬العقد" ارتباط اإلجياب بالقبول‬
‫‪13‬‬
‫وعرفت جملة األحكام العدلية العقد بأنه التزام املتعاقدين وتعهدمها أمرا ‪ ،‬وهو عبارة عن ارتباط اإلجياب بالقبول‬

‫واجلدير بالذكر أن الفقهاء قد قدموا تعريفات عديدة للعقد‪ V‬بإضافته إىل حمله من مثل عقد النكاح‪ ،‬عقد اهلدئة‪ ،‬عقد البيع‪،‬‬
‫وغري ذلك ‪،‬‬

‫‪9‬الجوهري ‪ ،‬الصحاح ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‪510‬‬


‫‪ 10‬الزبيدي ‪ ،‬تاج العروس ‪ ،‬ج‪ ، 8‬ص‪394‬‬
‫‪ 11‬الجرجاني ‪ ،‬علي بن محمد بن علي ‪ ،‬التعريفات‪ ، 0‬تحقيق ‪ :‬إبراهيم األبياري ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت ‪١٤٠٥ ،‬هـ ‪ ،‬ج ‪، ١‬‬
‫ص ‪.١٩٦‬‬
‫‪ 12‬الزركشي بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد هللا ‪ ،‬المنثور في القواعد ‪ ،‬تحقيق‪ : 0‬فاتق أحمد محمود الطبعة األولى ‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية الكويتية ‪ ،‬ج ‪ ،۲‬ص ‪ .۳۹۷‬والزركشي محمد بن بهادر بن عبد هللا بدر الدين أبو عبد هللا المصري الشافعي ‪ ،‬الفقيه األصولي المحدث األديب‬
‫‪ ،‬من كتبه ‪ :‬شرح التنبيه ‪ ،‬تشنيف المسامع ‪ ،‬البحر المحيط ‪ ،‬ولد سنة ‪٧٤٥‬هـ ‪ ،‬وتوفي سنة ‪٧٩٤‬هـ ‪ .‬أحمد بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة ‪ ،‬طبقات‬
‫الشافعية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬عالم الكتب ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪١٤٠٧ ،‬هـ ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪ - . ١٦٧‬عمر رضا كحالة ‪ ،‬معجم المؤلفين ) تراجم مصنفي الكتب‬
‫العربية ) ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ج ‪ ، ۹‬ج ‪ . ۱۲۱‬وينظر‪ :‬قحطان عبد الرحمن الدوري ‪ ،‬عقد التحكيم في الفقه‬
‫اإلسالمي والقانون الوضعي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار الفرقان ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪١٤٢٢ ،‬هـ ‪ 2001،‬ص‪196‬‬
‫‪ 13‬مجلة األحكام العدلية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬عمان ‪ ،‬مكتبة دار الثقافة ‪ ۱۹۹۹ ،‬مــ ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪ ، ١٥‬مادة (‪ . )۱۰۳‬وقد قدمت المجلة تعريفا‪ 0‬لالنعقاد‬
‫على أنه تعلق كل من اإليجاب والقبول باآلخر على وجه يثبت‪ 0‬أثره في متعلقه المجلة ‪ ،‬ص ‪ ، ١٥‬مادة (‪ )١٠٤‬وفرق بين العقد واالنعقاد ‪ ،‬فالعقد هو‬
‫االلتزام واالرتباط ‪ ،‬ترتبت اآلثار الشرعية أم لم تترتب ‪ ،‬أما االنعقاد فهو االلتزام الذي ترتبت‪ 0‬عليه اآلثار الشرعية ينظر علي محيي الدين علي القره‬
‫داغي ‪ ،‬مبدأ الرضا في العقود ( دراسة مقارنة في الفقه اإلسالمي والقانون المدني الروماني والفرنسي واإلنجيزي والمصري والعراقي ) ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ج ‪ ،۱‬ص ‪ .۱۲۲-۱۲۰‬والبحث يعنى ببيان معنى العقد وليس ببيان معنى االنعقاد ‪ ،‬وقد قال اإلمام‬
‫الدسوقي‪ :‬إن الحقائق الشرعية تشمل الصحيح والفاسد ‪ -‬محمد عرفه الدسوقي ( ‪۱۲۳۰‬هـ ) ‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عليش‬
‫‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ج ‪ ،۳‬ص ‪۲‬‬
‫المناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى االصطالحي للعقد‪.‬‬

‫نرى املناسبة بني املعنيني اللغوي واالصطالحي للعقد‪ V‬يف أن العقد لغة ويعين الشد وشرعاً هو االلتزام ‪ ،‬وواضح أن االلتزام‬
‫نوع شد بني الطرفني ‪ ،‬وهو سبب لتقارب الطرفني إىل بعضهما البعض ‪ ،‬ذلك التقارب الذي يعرب عن شد بني اإلرادتني‪.‬‬

‫وكذلك فإن الربط ‪ ،‬وهو أحد معاين العقد شرعا يقتضي الشد ‪ ،‬فال يكون ربط بني جهتني دون وجود شد يؤكد صورة‬
‫الربط ويوثقها‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ونقل الشرع احلكيم العقد‪ V‬من معناه اللغوي وهو الشد ليعرب عن األميان واملبايعات‪ ،‬إال اللزام الوفاء مبا عقد عليه‬

‫تعريف الوكالة لغة‬

‫الوكالة وال ِوكالة‪ ،‬يفتح الواو وكسرها‪ ،‬تطلق على معان متعددة منها‪:‬‬
‫َ‬
‫‪-1‬هي اسم مصدر مبعىن التوكيل‪ ،‬ويعين إظهار العجز واالعتماد على الغري‪ ،‬واالسم التُّكالن‪ ،‬واتكل على فالن يف أمره‬
‫‪15‬‬
‫تعىن اعتمده‬

‫‪ - 2‬وتأيت مبعىن الكفالة جاء يف تاج العروس الوكيل يف أمساء اهلل احلسىن هو املقيم الكفيل بأرزاق العباد وحقيقته أنه‬
‫َّخ ُذوا ِمن‬
‫يستقل بأمر املوكول إليه‪ ،‬وجاء كذلك والوكيل أيضا‪ :‬مبعىن الكفيل والكايف‪ ،‬وبه فسر قول اهلل تعاىل‪َ (:‬أاَّل َتت ِ‬
‫ُدويِن َوكِياًل )‪ ، 16‬وجاءايضا قول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ":‬من توكل مبا بني حلييه ورجليه ‪ ،‬توكلت له باجلنة‬
‫‪17‬‬
‫"‬
‫‪18‬‬
‫أي‪ :‬تكفل وضمن‬

‫‪ -3‬وتأيت يف اللغة مبعىن القيام بأمر الغري‪ ،‬وهو الذي يسعى يف عمل غريه وينوب عنه‪،‬‬

‫‪ 14‬احمد بن علي الرازي أبو بكر الجصاص ‪ ،‬أحكام القرآن ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد الصادق قمحاوي ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪،‬‬
‫لبنان ‪ ١٤٠٥ ،‬هـ ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪. ٢٨٥‬‬
‫‪ 15‬الصحاح مختار ‪ ،)١/٣٤٤( ،‬والقاموس المحيط (‪ ،)۱/۱۰۶۹‬وتاج العروس (‪ ،)۳۱/۹۸‬و أنيس الفقهاء (‪)۱/۸۸‬‬
‫‪ 16‬سورة االسراء‬
‫‪ 17‬أخرجه اإلمام أحمد بن حنبل في مسنده (باب‪ :‬حديث سهل بن سعد الساعدي رضي هللا عنه‪ -‬برقم (‪ )۲۲۸۲۳‬ت شعيب األرناؤوط الناشر‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ١٤۲۱ ،‬هـ ‪ ۲۰۰۱ -‬م ‪ ،)٣٧/٤٧٩( ،‬وأخرجه الحاكم في مستدركة‪ ،‬في كتاب الحدود‪ ،‬برقم ‪ ،)٨٠٦٥‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح‬
‫اإلسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه * انظر‪ :‬المستدرك على الصحيحين للحاكم‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية ‪-‬‬
‫بيروت‪،‬الطبعة األولى‪)٤/٣٩٩( ،١٩٩٠ - ١٤١١ ،‬۔‬
‫‪ 18‬تاج العروس (‪)99/31‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ :‬ووكيل الرجل الذي يقوم بأمره‪ ،‬مسي وكيال ألن موكله قد وكل إليه القيام بأمر فهو موكول إليه‬ ‫وقال ابن منظور‬
‫‪21‬‬
‫األمر ‪ 20‬ومنه قول اهلل تعاىل‪( :‬ال إله إال هو فاختذه وكيال )‬

‫‪- 4‬وتأيت مبعىن احلفظ فقد جاء يف القاموس الفقهي كالوكيل‪ :‬احلافظ‪ ،‬ومنه قول اهلل تعاىل‪﴿ :‬ذَلِ ُكم اللَّهُ َربُّ ُك ْم اَل ِإلَهَ ِإاَّل‬
‫ُ‬
‫يل )‪ 22‬أي حفيظ‪ ،23‬وقوهلم (الوكيل) احلافظ (والوكالة )احلفظ‬ ‫ِ‬
‫فاعبُ ُدوهُ َو ُه َو َعلَى ُك ِّل َشيء َوك ٌ‬
‫الق ُكل شيء ْ‬
‫ُه َو َخ ُ‬
‫َأنت َعلَْي ِهم بَِوكِ ٍيل )‪ ، 24‬أي لست عليهم حفيظاً "‪ .‬وقال آخرون‪:‬وهو انتقع الوكالة على احلفظ وهو‪:‬‬ ‫(و َما َ‬
‫وقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫‪25‬‬
‫اسم مصدر مبعىن التوكيل‬

‫‪-5‬وتأيت مبعىن الثقة والتفويض‪ :‬فقد جاء يف املعجم الوسيط‪ " 26‬وكل فالنا توكيالً اي استكفاه أمره ثقة به‪ ،‬ويف األمر ‪،‬‬
‫وعليه فوضه إليه ‪ ،‬ومنه قول اهلل تعاىل ( َف َقالُوا َعلَى اللَّ ِه َت َو َّك ْلنَا )‪ ، 27‬أي وثقنا به‪ ،‬وإليه فوضنا أمرنا‪ ،‬وجاء يف املطلع‬
‫على ألفاظ‪ ، 28‬املقنع الوكالة ‪ :‬بفتح الواو وكسرها كالتفويض‪ .‬يفقال‪ :‬وكله أي فوض إليه امره‪ ،‬ووكلت أمري إىل فالن‬
‫‪30‬‬
‫أي فوضت إليه واكتفيت به وقال املناوي من املتأخرين‪ ، 29‬الوكالة لغة التفويض إىل الغري‪ ،‬ورد األمر له‬

‫قال الشنقيطي رمحه اهلل إال أن التفويض (الوكالة)) فيه عموم؛ ألن من فوض إىل الغري شيئاً فهو جعل له ذلك الشيء‪،‬‬
‫فإن هذا يستلزم أن يقوم مقامه من كل وجه يف تفويضه‪ ،‬ولكن الوكالة احيانا ما تكون مقيدة‪ ،‬وعلى هذا فإن التفويض‬
‫‪31‬‬
‫فيه شيء من العموم‪ ،‬أي أعم من الوكالة‪ ،‬والتداخل موجود بينهما‪ ،‬والتفويض أبلغ يف اإلنابة‬

‫‪ -6‬وتأيت مبعىن الوكالة أي يعهد إىل غريه أن يعمل له عمال‬

‫‪ 19‬محمد بن مكرم بن على‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬جمال الدين ابن منظور األنصاري الرويقعى اإلفريقي (المتوفى‪٧١١ :‬هـ)‪.‬‬
‫‪ 20‬لسان العرب( ‪)736/11‬‬
‫‪ 21‬سورة المزمل االية ‪9‬‬
‫‪ 22‬سورة االنعام ‪ :‬االية ‪102‬‬
‫‪ 23‬القاموس الفقي لغة واصطالحا (‪)387/1‬‬
‫‪ 24‬سورة الزمر االية ‪41‬‬
‫‪ 25‬المطلع‪ ،‬لمحمد بن أبي الفتح‪ ،‬ت األرناؤوط الناشر‪ :‬مكتبة السوادي الطبعة األولى ‪١٤٢٣‬هـ ‪ ۲۰۰۳ -‬من(‪)309/1‬‬
‫‪ 26‬المعجم الوسيط (‪ ،)۲/۱۰٥٤‬والقاموس الفقهي (‪)١/٣٨٦‬‬
‫‪ 27‬سورة يونس‪( :‬آية‪.)٨٥ :‬‬
‫‪ 28‬المطلع على ألفاظ المقنع ت‪ /‬محمود األرناؤوط ‪)۱/۳۰۹( ،‬‬
‫‪ 29‬عبد الروؤف بن تاج العارفين بن علي المناوي القاهري من كبار العلماء بالدين والفنون‪ ،‬وكان أعلم معاصريه بالحديث‪ ،‬وأكثرهم فيه تصنيفا ً‬
‫وإجادة ‪،‬وتحريراً له تصانيف كثيرة‪ ،‬مات بمصر سنة ‪١٠٣١‬هـ انظر‪ :‬فهرس الفهارس لعبد الحي‪ ،‬تحقيق‪ :‬إحسان عباس ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي ‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة‪ ،)٢/٥٦٠( ۱۹۸۲ ،۲ :‬واألعالم (‪.)٦/٢٠٤‬‬
‫‪ 30‬المناوي‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم الكتب ‪ ۳۸‬عبد الخالق ثروت القاهرة ‪ ،‬الطبعة األولى‪1410،‬هـ ‪١٩٩٠ -‬م‪ .)١/٣٤٠( ،‬لسان العرب ‪.)١١/٧٣٦( ،‬‬
‫‪31‬‬
‫وبالرجوع إىل معىن الوكالة يف اللغة‪ ،‬تبني أن معناها يف مشتقاهتا اللغوية يرجع إىل معىن مشرتك وهو النيابة والتفويض‬
‫ولزوم ذلك‪ ،‬وكذلك القيام على الشيء والكفالة‪ ،‬فاستعماهلا يف احلفظ ‪ ،‬باعتبار انه يلزم الوكيل من حفظ ما وكل فيه‪،‬‬
‫واستعماهلا مبعىن االعتماد‪ ،‬باعتبار أن املوكل يعتمد على وكيله يف تصريف اموره وحفظ أمواله وذلك نتيجة عجزه عن‬
‫تصريف أموره‪ ،‬أو ترفعه عما ال يتناسب مع مكانته ‪ ،‬أو تكاسله عن القيام بذلك األمر‪.‬‬

‫ويالحظ من خالل املعاين السابقة للوكالة‪ ،‬أهنا تعين استنتاج مما ذكره اللغويون من مدلوالت هذه الكلمة وقد وجدت هلا‬
‫تعريفا لغويا يف معظم كتب الشافعية‪ ، 32‬حيث جاء يف هناية احملتاج الوكالة‪ :‬هي بفتح الواو وكسرها يف الغة التفويض‬
‫واملراعاة‪ ،‬واحلفظ‪،33‬‬

‫وقال زكريا األنصاري ان‪ " :‬الوكالة لغة التفويض واحلفظ‪ ،34‬وذكرت بعض كتب احلنفية؛ فقد جاء يف البدائع" وتذكر‬
‫ويراد هبا االعتماد وتفويض األمر (‪ ،)۲‬وجاء يف شرح حدود ابن عرفة (‪ ، )۳‬املالكي‪ * :‬الوكالة لغة تطلق على معان‪:‬‬
‫أحدها احلفظ وهو يعم هذا الباب وغريه‪ ،‬مث حص ذلك شرعاً على حفظ خاص (‪. )4‬‬

‫و جاء يف املبدع الوكالة التفويض‪ ....‬وقد تطلق ويراد هبا احلفظ ()‪ ،‬فالوكالة يف هي‪ :‬احلفظ وتفويض األمر إىل الغري‪،‬‬
‫واالعتماد فيه عليه‪ .‬اللغة‬

‫بالنظر إىل التعاريف اللغوية للوكالة جند أهنا جاءت على عدة معاين وهي االعتماد على الغري والتكفل ‪ ،‬والضمان ‪،‬‬
‫والقيام بأمر الغري ‪ ،‬واحلفظ ‪ ،‬والتفويض والذي يراه الباحث األنسب من هذه املعاين ملفهوم الوكالة من الناحية اللغوية ‪:‬‬
‫أهنا القيام بأمر الغري (وهو عمل الوكيل ‪ -‬واالعتماد على الغري (وهو املوكل)‪.‬‬

‫البكري الناشر‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ١٤١٨ ،‬هـ ‪ ١٩٩٧ -‬م ‪)٢/١٠٠(،‬‬ ‫‪32‬‬

‫الرملي ‪ ،‬نهاية المحتاج ‪ ،‬كتاب الوكالة الناشر‪ :‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬ط أخيرة ‪١٤٠٤ -‬هـ ‪١٩٨٤ /‬م ‪،‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪34‬‬

You might also like