You are on page 1of 13

‫الطبيعة القانونية للوقف في القانون الجزائري‬

‫الدكتورة شيخ سناء‬

‫جامعة ابو بكر بلقايد – تلمسان‬

‫مقـدمـة‬

‫تعتبر العقارات من أهم الثروات التي تعتمد عليها الدولة في بناء اقتصادها‪.‬‬

‫و نظرا ألهميتها تناولتها التشريعات الوطنية و الدولية بالتنظيم ‪ ،‬و وفرت لها الحماية‬
‫الكافية مهما كان نوعها ‪.‬‬

‫وتصنف األمالك العقارية في الجزائر على اختالف أنواعها إلى ‪:‬‬

‫أمالك وطنية وخاصة و وقفية وفقا لمقتضيات المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 25/90‬المؤرخ‬
‫في ‪ 1990/11/18‬المتضمن التوجيه العقاري ‪.‬‬

‫ويعد الوقف جزءا هاما من األمالك العقارية ‪ .‬و يقصد به حبس العين و التصدق‬
‫بمنفعتها على جهة من جهات البر ‪ ،‬وهو بذلك ينطوي على جانبين ‪ :‬جانب ديني ‪ ،‬وجانب قانوني ‪.‬‬
‫فهو نظام شرعي و باب من أبواب الفقه اإلسالمي نظمه المشرع الجزائري بأحكام خاصة في‬
‫قانون األسرة و قانون األوقاف الصادر بموجب القانون رقم ‪ 10 /91‬المؤرخ في ‪1991/04/27‬‬
‫المعدل و المتمم ‪.‬‬

‫و إن موضوع هذا البحث ‪ ،‬ال يتسع مجاله لدراسة كل ما يتعلق بالوقف‪.‬‬

‫ولذلك ‪ ،‬فسنقصر دراستنا على تحليل مسائل ثالث تتعلق بالطبيعة القانونية للوقف و‬
‫سنحصرها تباعا فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬هل يعتبر الوقف عقدا أم تصرفا باإلرادة المنفردة ؟‬

‫‪ -2‬هل ينصب الوقف على المنفعة أم يهدف إلى تمليك المال الموقوف ؟‬

‫‪ -3‬هل يتمتع الوقف بالشخصية المعنوية ؟‬

‫و قبل اإلجابة على هذه التساؤالت ‪ ،‬يتعين علي بداية أن اعرف الوقف‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريف الوقف‬

‫سأتناول بداية تعريف الوقف في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬ثم أتعرض لتعريفه في القانون‬
‫الوضعي ‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف الوقف في الفقه اإلسالمي‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الوقف في الفقه اإلسالمي‬


‫اختلفت التعريفات الّتي أعطيت في إطار الفقه اإلسالمي للوقف ‪ ،‬فقد عرفه اإلمام أبو حنيفة‬
‫بأنّه ‪ « :‬حبس العين على ملك الواقف والتصدق بمنفعتها على جهة من جهات البر في الحال أو‬
‫المآل »(‪.)1‬‬

‫أن الوقف ال يخرج المال الموقوف عن ملك واقفه ‪ ،‬بل يبقى في ملكه‬ ‫ومفاد هذا التعريف ّ‬
‫يجوز له التصرف فيه بكل أنواع التصرفات ‪ ،‬وإذا مات الواقف كان الموقوف ميراث لورثته ‪ .‬إذن‬
‫‪ ،‬فكل ما يترتب على الوقف هو تبرع بالمنفعة فقط ‪ ،‬ومن ث ّم ّ‬
‫فإن الوقف غير الزم إذ يجوز للواقف‬
‫أن يرجع في وقفه متى شاء‪.‬‬

‫ويستند أبو حنيفة في رأيه على حجتين ‪:‬‬

‫الحجة األولى ‪ :‬قول الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ « :‬ال حبس عن فرائض هللا»(‪ ، )2‬إذ أنّه‬
‫يرى أنّه لو كان الوقف يخرج المال الموقوف عن ملك الواقف ‪ ،‬لكان حبسا عن فرائض هللا ألنّه‬
‫يحول بين الورثة وبين أخذ نصيبهم المفروض‪.‬‬
‫أن هذا الحديث ضعفه بعض الفقهاء(‪ ،)3‬إضافة إلى ّ‬
‫أن المراد به إبطال عادة الجاهلية‬ ‫غير ّ‬
‫بقصر اإلرث على الذكور الكبار دون اإلناث والصغار‪.‬‬

‫الحجة الثانية ‪ :‬ما روي عن القاضي شريح أنّه قال ‪ :‬جاء رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫ببيع الحبس ‪ ،‬إذ يرى أبو حنيفة أنّه ليس لنا أن نستحدث حبسا آخر ألنّه غير مشروع‪.‬‬

‫لكن الحبس الممنوع هو ما كان يحبس لألصنام واألوثان ‪ ،‬وقد جاء الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم ببيعه وإبطاله قضاء على الوثنية(‪ ،)4‬أ ّما الوقف فهو نظام إسالمي محض‪.‬‬
‫أ ّما التعريف الثاني فقال به جمهور الفقهاء ‪ ،‬إذ ّ‬
‫أن لهم رأيا مخالفا في تعريف الوقف وهو ‪:‬‬
‫« حبس العين على أن تكون مملوكة ألحد من الناس وجعلها على حكم هللا تعالى ‪ ،‬والتصدق‬
‫بالمنفعة على جهة من جهات البر ابتداء وانتهاء(‪.)5‬‬
‫إذن ‪ ،‬فهم – على خالف أبي حنيفة – يرون ّ‬
‫أن الوقف يخرج المال الموقوف عن ملك واقفه‬
‫بعد تمام الوقف ‪ ،‬ويمنعه من التصرف في العين الموقوفة سواء بعوض أو بغير عوض وإذا مات‬

‫(‪ )1‬يراجع أحمد فراج حسين ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر ‪،‬‬
‫اإلسكندرية ‪ ، 2003‬ص ‪ .235‬ومحمد مصطفى الشلبي ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف ‪ ،‬ط‪ ، 4‬الدار الجامعية للطباعة‬
‫والنشر ‪ ،‬بيروت ‪ ، 1982‬ص ‪.304‬‬

‫(‪ )2‬رواه الدار قطني عن ابن عباس ‪ ،‬مشار إليه في وهبة الزحيلي (الوصايا واألوقاف في الفقه اإلسالمي) المرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪.154‬‬

‫(‪ )3‬يراجع محمد أبو زهرة ‪ /‬محاضرات في الوقف ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬ص ‪.50‬‬

‫(‪ ) 4‬أحمد فراج ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.236‬‬

‫(‪ )5‬أحمد محمود الشافعي ‪ /‬الوصية والوقف في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر ‪ ،‬بيروت ‪، 2000‬‬
‫ص ‪.153‬‬
‫الواقف فال يورث المال الموقوف لورثته ‪ ،‬وبهذا تثبت صفة اللزوم للوقف إذ ال يجوز للواقف‬
‫الرجوع عنه‪.‬‬

‫وقد استدل جمهور الفقهاء في رأيهم على الحجج التالية ‪:‬‬

‫أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا من أرض خيبر‪ ،‬فقال يا‬ ‫الحجة األولى ‪ :‬حديث ابن عمر ّ‬
‫رسول هللا أصبت أرضا بخيبر لم أصب ماال قط أنفس عندي منه ‪ ،‬فما تأمرني ؟ فقال ‪ :‬إن شئت‬
‫حبست أصلها وتصدقت بها ‪ ،‬فتصدق بها عمر أال تباع وال توهب وال تورث ‪ ،‬في الفقراء وذوي‬
‫القربى والرقاب والضعيف وابن السبيل ‪ ،‬ال جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ‪ ،‬ويطعم‬
‫غير متمول ‪ ،‬أي غير متخذ منها ماال أي ملكا ‪ ،‬وهذا الحديث أصل في مشروعية الوقف‪.‬‬

‫إذن ‪ ،‬استدل جمهور الفقهاء على أن هذا الحديث يمنع التصرف في المال الموقوف ‪ ،‬إذ‬
‫أنّهم يرون ّ‬
‫أن الحبس معناه المنع ‪ ،‬أي منع العين على أن تكون ملكا ‪ ،‬وأن تكون محال لتصرف‬
‫تمليكي ‪ .‬لكن يالحظ ّ‬
‫أن هذا الحديث ال يدل على خروج المال الموقوف عن ملك الواقف‪.‬‬

‫الحجة الثانية ‪ :‬استمرار عمل األمة منذ صدر اإلسالم إلى اآلن على وقف األموال على‬
‫وجوه الخير ‪ ،‬ومنع التصرف فيها من الواقف وغيره‪.‬‬

‫أن حبس األعيان فيه من المصلحة العامة والخاصة ما‬ ‫الحجة الثالثة ‪ :‬اعتبر جمهور الفقهاء ّ‬
‫يجعله يتفق مع المبادئ العامة للشريعة اإلسالمية ‪ ،‬ألنّه يمكن من إقامة دور العبادة والعالج والعلم‬
‫‪ ،‬والبر بالفقراء والتعاون على البر والتقوى(‪.)6‬‬

‫أ ّما المالكية فيعرفون الوقف بأنّه ‪ « :‬حبس العين عن التصرفات التمليكية مع بقائها على‬
‫ملك الواقف والتبرع الالزم بريعها على جهات البر »(‪.)7‬‬

‫تم‬ ‫أن المالكية التزموا موقفا وسطا بين المذهبين السابقين ‪ ،‬فإنّه متى‬
‫إذن ‪ ،‬نالحظ ّ‬
‫الوقف عندهم يمنع الواقف من التصرف في العين الموقوفة ‪ ،‬ويلزم بالتصدق بالمنفعة مع بقاء‬
‫العين على ملكه(‪.)8‬‬

‫أن العين الموقوفة ال تخرج عن ملك الواقف بل تبقى‬ ‫فهم يتفقون مع مذهب أبي حنيفة في ّ‬
‫على ملكه ‪ ،‬ولكنّه يمنع من التصرف فيها بالتصرفات الناقلة للملكية ‪ ،‬ويلتزم بالتصدق بمنفعتها وال‬
‫يجوز له الرجوع فيه كما هو في مذهب جمهور الفقهاء‪.‬‬

‫هذه هي التعاريف الّتي جاء بها فقهاء الشريعة اإلسالمية بصدد الوقف فبأي التعريف أخذ‬
‫المشرع الجزائري ؟ ذلك ما سأجيب عليه فيما يلي ‪:‬‬

‫(‪ )6‬أحمد فراج حسين ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف في الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.237‬‬

‫(‪ )7‬محمد مصطفى الشلبي ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫(‪ )8‬وهبة الزحيلي ‪ /‬الوصايا والوقف في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬دمشق ‪ ،‬سوريا ‪ ، 1993‬ص‬
‫‪.156‬‬
‫‪ -2‬تعريف الوقف في القانون الجزائري‬

‫إذا رجعنا إلى قانون األسرة الجزائري ‪ ،‬فإنّنا نجد المشرع نص في المادة ‪ 213‬منه على ما‬
‫يلي ‪ « :‬الوقف حبس المال عن التملك ألي شخص على وجه التأبيد والتصدق»‪.‬‬

‫أن المشرع الجزائري قد أخذ بالرأي الفقهي‬‫إذا حللنا هذه المادة فيمكن أن نستخلص منها ّ‬
‫الثاني(‪ )9‬الّذي يخرج المال الموقوف عن ملك واقف بعد تمام الوقف(‪.)10‬‬

‫أن هذا الرأي جعل ملكية الوقف على حكم‬ ‫ويمنعه من التصرف في العين الموقوفة ‪ ،‬فير ّ‬
‫هللا تعالى بخالف المشرع الجزائري الّذي بالرغم من أنّه أخرج المال الموقوف عن ملك واقفه أو‬
‫أي شخص آخر كالموقوف عليهم إالّ أنّه لم يحدد صراحة إلى من تؤول هذه الملكية(‪.)11‬‬
‫وإذا كان هذا هو تعريف قانون األسرة للوقف ‪ّ ،‬‬
‫فإن القضاء الجزائري اعتمد نفس التعريف‬
‫‪ ،‬بحيث قضت المحكمة العليا بما يلي ‪ « :‬الوقف هو حبس المال عن التملك ألي شخص على وجه‬
‫التأبيد والتصدق »(‪.)12‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أن المشرع الجزائري أورد – في المادة السالفة الذكر – عبارة التأييد ‪،‬‬
‫وهو بذلك يأخذ برأي جمهور فقهاء الشريعة اإلسالمية الّذين يشترطون لصحة الوقف أن يكون‬
‫ألن الوقف في رأيهم صدقة دائمة(‪ ،)13‬وهذا ما أكد عليه المشرع في المادة ‪ 28‬من قانون‬ ‫مؤبدا ّ‬
‫األوقاف(‪)14‬الّتي نص فيها على ما يلي ‪ « :‬يبطل الوقف إذا كان محددا بزمن »‪.‬‬

‫وهو االتجاه الّذي قال به جمهور فقهاء المسلمين‪.‬‬ ‫(‪) 9‬‬

‫(‪ ) 10‬يراجع تعليق ا لسيدة ‪ :‬بوتارن فايزة ‪ ،‬رئيسة قسم بالغرفة العقارية على القرار الصادر عن م ع غ ع ‪ ،‬القسم‬
‫‪ ، 03‬ملف رقم ‪ 204958‬الصادر بتاريخ ‪ ، 2001/01/31 :‬والمنشور باالجتهاد القضائي للغرفة العقارية ‪ ،‬ج‪1‬‬
‫أن الوقف هو تصرف نهائي‪ّ .‬‬
‫‪..‬فإن أثره هو إلغاء عقد ملكية‬ ‫سنة ‪ ، 2004‬ص ‪ 136‬والّذي قالت فيه ما يلي ‪ « :‬بما ّ‬
‫المحبس ‪ ،‬أي في قضية الحال ملكية المالكين األصليين ولم يعد في إمكانهم تغيير طبيعة الوقف بتصرفات أخرى‬
‫كالهبة‪.»...‬‬

‫(‪ ) 11‬تجدر اإلشارة إلى ّ‬


‫أن المشرع الجزائري منح الوقف شخصية معنوية مستقلة عن الواقف والموقوف له ‪.‬‬

‫(‪ ) 12‬قرار م ع غ أ ش ‪ ،‬ملف رقم ‪ ، 189265‬الصادر بتاريخ ‪ ، 1998/05/19 :‬والمنشور بـ م ق سنة ‪، 2000‬‬
‫ع‪ ، 1‬ص ‪.178‬‬

‫(‪ ) 13‬يراجع ‪ :‬محمد أبو زهرة ‪ /‬محاضرات في الوقف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 74‬وما يليها‪.‬‬

‫(‪ ) 14‬الصادر بموجب القانون رقم ‪ 10/91‬الصادر بتاريخ ‪ 27 :‬أبريل ‪ ، 1991‬منشور ب ج ر العدد ‪ 21‬لسنة‬
‫‪.1991‬‬
‫إذن ‪ ،‬إذا أخذنا بأحكام المادتين السالفتي الذكر ‪ ،‬فيمكن أن نستنتج ّ‬
‫أن المشرع الجزائري‬
‫اشترط أن يكون الوقف مؤبدا ‪ ،‬واعتبره باطال متى كان مؤقتا‪.‬‬

‫أن المشرع الجزائري حذا حذو فقهاء الشريعة اإلسالمية واستعمل‬ ‫وأشير أيضا ‪ ،‬إلى ّ‬
‫عبارة " التصدق " عند تعريفه للوقف ‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أن فقهاء الشريعة اإلسالمية أضافوا عبارة ‪ :‬التصدق‬
‫بالمنفعة على جهة من جهات البر ابتداء وانتهاء ‪ ،‬وكالهما يؤدي نفس المعنى ‪ّ ،‬‬
‫ألن التصدق ال‬
‫يكون إالّ على جهة من جهات البر والخير‪.‬‬

‫كما نجد تعريفا آخر للوقف أورده المشرع في المادة ‪ 03‬من القانون رقم ‪ 10/91 :‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 1991/04/27 :‬المتعلق باألوقاف(‪ ، )15‬والّتي نص فيها على ما يلي ‪ « :‬الوقف هو حبس‬
‫العين عن التملك على وجه التأبيد والتصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر‬
‫والخير »‪.‬‬
‫أن هذا التعريف هو ذاته الوارد بنص المادة ‪ 213‬من قانون األسرة ‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أن‬ ‫والمالحظ ّ‬
‫المشرع خص الوقف بحبس المال بصفة عامة في قانون األسرة بينما حدد الوقف في حبس العين‬
‫عن التملك في قانون األوقاف(‪ ،)16‬كما أنّه استغنى عن عبارة " ألي شخص " وأضاف عبارة "‬
‫المنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر والخير " مقتديا في تلك بتعريف فقهاء الشريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫أن التعريف الوارد في قانون األوقاف رقم ‪ 10/91‬أكثر وضوحا من التعريف‬‫إذن ‪ ،‬يالحظ ّ‬
‫(‪)17‬‬ ‫الوارد بقانون األسرة ألنّه بين جليا ّ‬
‫أن التصدق يكون بالمنفعة فقط وليس على العين الموقوفة ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الطبيعة القانونية للوقف‬

‫سأحاول فيما يلي أن أتعرض للتكييف القانوني الّذي يمكن استخالصه لطبيعة الوقف‪.‬‬

‫ولتحليل ذلك ‪ ،‬سأجيب عن التساؤالت التالية ‪:‬‬

‫هل يعتبر الوقف عقدا أم تصرفا باإلرادة المنفردة ؟‬

‫لتحديد الطبيعة القانونية للوقف يجب اإلجابة عن التساؤل التالي ‪ :‬هل يعتبر الوقف عقدا أو‬
‫تصرفا باإلرادة المنفردة ؟ وبعبارة أوضح هل ينشأ الوقف بتطابق إرادتي الواقف والموقوف عليه‬
‫أم يكفي النعقاده صحيحا وجود اإليجاب من الواقف ؟‬

‫قبل اإلجابة على هذا التساؤل‪ ،‬أشير بداية إلى اختالف الفقهاء في بيان ما يعد ركنا في‬
‫الوقف وما يعتبر من شروطه ‪ .‬وهذا االختالف ناجم عن اختالف نظرة كل منهم إلى مدى إمكان‬

‫(‪ ) 15‬منشور بالجريدة الرسمية ‪ :‬العدد ‪ 21‬لسنة ‪.1991‬‬

‫(‪ ) 16‬يراجع شريف بن عقون ‪ /‬الوقف في التشريعات الجزائرية ‪ ،‬مجلة الموثق العدد ‪ 7‬لسنة ‪ ، 2002‬ص ‪.47‬‬

‫(‪ ) 17‬محمد كنازة ‪ /‬الوقف العام في التشريع الجزائري ‪ ،‬دراسة قانونية مدعمة باألحكام الفقهية والقرارات القضائية‬
‫‪ ،‬دار الهدى ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2006‬ص ‪.11‬‬
‫عدمه‪.‬‬ ‫من‬ ‫وحدها‬ ‫بالصيغة‬ ‫الوقف‬ ‫قيام‬
‫أن الوقف يمكن أن ينشأ بالصيغة وحدها جعله الركن الوحيد له(‪ ،)18‬ومن رأى ّ‬
‫أن الصيغة‬ ‫فمن رأى ّ‬
‫(‪)19‬‬
‫أن للوقف أركانا أربعة وهي الواقف والموقوف والموقوف‬ ‫ال تكفي وحدها لنشوء الوقف قرر ّ‬
‫عليه والصيغة الدالة على إنشائه‪.‬‬

‫وإذا رجعنا إلى المشرع الجزائري ‪ ،‬فإنّنا نجده تأثر بالرأي الفقهي الثاني ‪ ،‬إذ نص في‬
‫المادة ‪ 09‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق باألوقاف(‪)20‬على ما يلي ‪ « :‬أركان الوقف هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬الواقف ‪ -2 ،‬محل الوقف ‪ -3 ،‬صيغة الوقف ‪ -4 ،‬الموقوف عليه »‪.‬‬


‫أن الصيغة ركن ّ‬
‫وأن الوقف يوجد ويتحقق بها في‬ ‫وأيا ما كان األمر ‪ ،‬فالرأيان متفقان على ّ‬
‫الخارج ‪ ،‬فما المقصود بالصيغة ؟ هل هي إيجاب من الواقف فقط أم ال بد لتحقيقها من اقتران‬
‫إيجاب الواقف بقبول الموقوف عليه ؟‬

‫أن الوقف من التصرفات الّتي توجد بإرادة منفردة(‪ ،)21‬ومعنى هذا أنّه‬
‫لقد اتفق الفقهاء على ّ‬
‫يتحقق بوجود اإليجاب من الواقف فقط ‪.‬‬
‫وإذا كان الفقه مستقرا على اعتبار الوقف من التصرفات الصادرة بإرادة منفردة ‪ ،‬ف ّ‬
‫إن‬
‫القانون الجزائري مستقر على اعتماده أيضا ‪ ،‬إذ عرف المشرع الجزائري الوقف في الفقرة األولى‬
‫من المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق باألوقاف بما يلي ‪ « :‬الوقف عقد التزام تبرع‬
‫صادر عن إرادة منفردة »‪.‬‬

‫أن المشرع استعمل عبارة عقد والتزام بتبرع صادر عن إرادة‬ ‫وهذا التعريف منتقد ذلك ّ‬
‫منفردة رغم اختالفهما ‪ ،‬فاعتبار الوقف عقدا يعني اقتران إيجاب الواقف مع قبول الموقوف عليه‬
‫ألن الوقف ال ينعقد بتطابق اإليجاب والقبول حتّى يسمى عقدا ‪ ،‬بل ينعقد بإرادة‬
‫وهذا غير صحيح ‪ّ ،‬‬
‫الواقف وحده‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أن الصياغة الفرنسية للمادة الرابعة كانت موفقة ‪ ،‬إذ اعتبر المشرع‬
‫الجزائري الوقف تصرفا قانونيا صادرا من جانب واحد(‪.)22‬‬

‫(‪ ) 18‬هذا االتجاه قال به األحناف ‪ ،‬ويعرف الركن عند أصحاب هذا الرأي أنّه ‪ :‬جزء الشيء الّذي ال يتحقق إالّ به ‪،‬‬
‫أو ما به قوام الشيء‪ .‬يراجع ‪ :‬وهبة الزحيلي ‪ /‬الوصايا واألوقاف في الفقه اإلسالمي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.159‬‬

‫(‪ ) 19‬هذا االتجاه قال به جمهور الفقهاء ‪ :‬المالكية والشافعية والحنابلة ‪ ،‬وهم على خالف ذلك ‪ ،‬يعرفون الركن بأنّه ‪:‬‬
‫ما ال يتم الشيء إالّ به ‪ ،‬سواء كان جزءا منه أم ال‪ .‬يراجع ‪ :‬محمد مصطفى الشلبي ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف ‪،‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.324‬‬

‫(‪ ) 20‬منشور بالجريدة الرسمية ‪ :‬العدد ‪ 21‬لسنة ‪.1991‬‬

‫(‪ ) 21‬يراجع ‪ :‬محمد تقية ‪ /‬اإلرادة المنفردة كمصدر لاللتزام في القانون الجزائري والشريعة اإلسالمية ‪ ،‬المؤسسة‬
‫الوطنية للكتاب ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1984‬ص ‪.228‬‬
‫)‪(22‬‬
‫‪L’article 4 du la loi 91/10 : « Le wakf est acte par lequel une volonté‬‬
‫‪individuelle s’engage à faire une donation ».‬‬
‫وإذا كان المشرع الجزائري قد استعمل عبارة العقد ‪ ،‬فإنّما قد استمد ذلك من الفقهاء‬
‫المسلمين القدامى الّذين كانوا يطلقون عبارة " العقد " على كل من التصرف الصادر من جانبين‬
‫أن فقهاء الشريعة المحدثين قصروا العقد على التصرف‬ ‫والتصرف الصادر من جانب واحد ‪ ،‬غير ّ‬
‫الناجم عن توافق إرادتين ‪ ،‬واعتبروا ّ‬
‫أن اإلرادة المنفردة ليست بعقد(‪.)23‬‬

‫لذلك فإنّني أقترح تعديل النص العربي للمادة الرابعة من قانون األوقاف لتصبح كاآلتي ‪« :‬‬
‫الوقف التزام تبرع صادر عن إرادة منفردة »‪.‬‬

‫وإذا كان الوقف تصرفا ينشأ بإرادة منفردة ‪ ،‬فإنّه يبرم بمجرد صدور اإليجاب من الواقف ‪،‬‬
‫ويقصد باإليجاب في العقود بوجه عام التعبير البات النهائي الّذي يقصد به صاحبه أثرا قانونيا طالما‬
‫صادفه قبول(‪.)24‬‬

‫وفي مجال الوقف ‪ ،‬ال يحتاج اإليجاب إلى قبول حتّى يتحقق إبرامه و إالّ كان عقدا‪ ،‬إذن ما‬
‫قيمة القبول في الوقف ؟‬

‫يتعين علينا لمعرفة مكانة القبول في الوقف أن نفرق بين مرحلتين ‪ ،‬بسبب ما أدخله القانون‬
‫رقم ‪ 10/02 :‬المؤرخ في ‪ 14‬ديسمبر ‪)25(2002‬من تعديالت على قانون األوقاف رقم ‪10/91 :‬‬
‫المؤرخ في ‪ 27‬أفريل ‪ 1991‬فيما يتعلق بالقبول‪.‬‬

‫بالرجوع من أحكام القانون رقم ‪ 10/91‬المؤرخ في ‪ 27‬أفريل ‪ 1991‬المتعلق باألوقاف‬


‫أن المشرع الجزائري لم يعتبر القبول ركنا(‪ ،)26‬إذ أنّه وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة ‪13‬‬
‫نجد ّ‬
‫منه(‪.)27‬‬

‫لم يشترط قبول الموقوف عليه للوقف متى كان الوقف عاما ‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة للوقف‬
‫الخاص إذ لم يتطلب فيه اقتران اإليجاب بقبول وما قبول الموقوف عليه إالّ شرط الستحقاق الوقف‬
‫‪ ،‬وهو حكم يتماشى وقواعد التصرفات الصادرة من جانب واحد(‪.)28‬‬

‫(‪) 23‬‬
‫محمد أبو زهرة ‪ /‬محاضرات في الوقف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫(‪ ) 24‬في معنى اإليجاب ‪ :‬يراجع أنور سلطان ‪ /‬الموجز في مصادر االلتزام ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 1970‬بند ‪ ، 66‬ص ‪69‬‬
‫وما يليها‪.‬‬

‫(‪ ) 25‬القانون رقم ‪ 10/02 :‬المؤرخ في ‪ 14‬ديسمبر ‪ 2002‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪ 10/91‬المؤرخ في ‪27 :‬‬
‫أفريل ‪ 1991‬المتعلق باألوقاف ‪ ،‬المنشور في الجريدة الرسمية ‪ ،‬العدد ‪ 83‬لسنة ‪.2002‬‬

‫(‪ ) 26‬يراجع ‪ :‬محمد كنازة ‪ /‬الوقف العام في التشريع الجزائري ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫(‪ ) 27‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المؤرخ في ‪ 1991/04/27 :‬المتعلق باألوقاف على‬
‫مايلي ‪« :‬فالشخص الطبيعي يتوقف استحقاقه للوقف على وجوده وقبوله ‪ ،‬أ ّما الشخص المعنوي فيشترط فيه أال‬
‫يشوبه ما يخالف الشريعة اإلسالمية »‪.‬‬

‫(‪ ) 28‬يراجع زواوي فريدة ‪ /‬نظرات في قانون األوقاف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫أن عدم قبول الموقوف عليه الوقف الخاص ال يؤدي إلى بطالنه وإنّما يبقى صحيحا‬ ‫كما ّ‬
‫ألن الوقف تصرف باإلرادة المنفردة يكفي لقيامه إيجاب الواقف فقط ‪ ،‬ولكنّه يتحول إلى وقف عام‬
‫ّ‬
‫(‪)29‬‬
‫وفقا لمقتضيات المادة ‪ 07‬من نفس القانون ‪.‬‬
‫أن القبول ليس ركنا في الوقف ‪ ،‬غير ّ‬
‫أن المشرع الجزائري اعتبره‬ ‫م ّما سبق ذكره ‪ ،‬نستنج ّ‬
‫شرطا الستحقاق الوقف متى كان الموقوف عليه شخصا طبيعيا‪.‬‬
‫أ ّما بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 10/02 :‬المؤرخ في ‪ 14‬ديسمبر ‪ 2002‬نجد ّ‬
‫أن المشرع‬
‫عدل نص المادة ‪ 13‬لتصبح كاآلتي ‪ « :‬الموقوف عليه في مفهوم هذا القانون ‪ ،‬هو شخص معنوي‬
‫ال يشوبه ما يخالف الشريعة اإلسالمية »‪.‬‬

‫أن الموقوف عليه أصبح دائما شخصا معنويا ‪ ،‬إضافة إلى أ ّن‬ ‫ما يستفاد من هذه المادة ّ‬
‫المشرع ألغى الفقرة الثانية من المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 10/91 :‬المتعلق باألوقاف الّتي كانت‬
‫تشترط قبول الشخص الطبيعي للوقف الستحقاقه ‪ ،‬ومن ث ّم نستنتج ّ‬
‫أن القبول لم يعد ركنا وال شرط‬
‫استحقاق في الوقف ‪ ،‬وما يؤكد ذلك إلغاء المشرع لنص المادة السابعة من القانون رقم ‪10/91‬‬
‫السالفة الذكر‪.‬‬

‫أن المشرع الجزائري – هدف من وراء تعديله لهذه المواد – التأكيد على‬ ‫إذن ‪ ،‬نستخلص ّ‬
‫ّ‬
‫أن الوقف تصرف باإلرادة المنفردة يكفي لقيامه إيجاب من الواقف فقط ‪ ،‬أ ّما القبول فليس ركنا في‬
‫‪.‬‬ ‫الستحقاقه‬ ‫شرطا‬ ‫وال‬ ‫الوقف‬
‫‪ -2‬هل ينصب الوقف على المنفعة أم يهدف إلى تمليك المال الموقوف ؟‬

‫لالجابة على هذا التساؤل المطروح في هذا المجال ‪ ،‬رجعنا إلى قانون األسرة الجزائري ‪،‬‬
‫أن ‪ « :‬الوقف حبس المال عن التملك ألي شخص على‬ ‫فنجد المشرع نص في المادة ‪ 213‬منه على ّ‬
‫وجه التأبيد والتصدق » ‪ ،‬كما نص في المادة الثالثة من القانون رقم ‪ 10/91 :‬المتعلق باألوقاف‬
‫على ما يلي ‪:‬‬

‫« الوقف هو حبس العين عن التملك على وجه التأبيد و التصدق بالمنفعة على الفقراء أو‬
‫على وجه من وجوه البر و الخير " ‪ ،‬و نص في المادة ‪ 17‬من نفس القانون على ما يلي ‪ « :‬إذا‬
‫صح الوقف زال حق ملكية الواقف ويؤول حق االنتفاع إلى الموقوف عليه في حدود أحكام الوقف‬
‫وشروطه »‪.‬‬

‫أن الوقف ينصب أصال على‬ ‫إذا أخذنا بعين االعتبار المواد السالفة الذكر ‪ ،‬يمكننا أن نستنج ّ‬
‫المنفعة وال يهدف إلى تمليك الشيء الموقوف وبالتالي ال يكون للموقوف له إالّ االنتفاع بالوقف وال‬
‫تنتقل إليه ملكية المال الموقوف من الواقف كما هو الحال في التبرعات األخرى مثل الهبة‬
‫والوصية‪.‬‬

‫(‪ ) 29‬نص المشرع في المادة ‪ 07‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق باألوقاف على ما يلي ‪ « :‬يصير الوقف الخاص‬
‫وقفا عاما إذا لم يقبله الموقوف عليهم »‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى أحكام القضاء الجزائري نجده اعتمد نفس الموقف ‪ ،‬وللتدليل على ذلك أشير‬
‫إلى القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ ‪ ،)30(2000/05/31 :‬والّذي قضت فيه بما يلي ‪« :‬‬
‫الحبس يعد من أعمال التبرع الّتي يستفيد المحبس له من حق االنتفاع فقط‪.»...‬‬

‫إذن ‪ ،‬ال يجوز للواقف – كقاعدة عامة – أن يتصرف في المال الموقوف بالتصرفات الناقلة‬
‫للملكية من بيع أو هبة أو تنازل وفقا لمقتضيات المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ 10/91 :‬المتعلق‬
‫باألوقاف ‪ ،‬إالّ استثناء في بعض الحاالت الّتي يجوز فيها استبدال العين الموقوفة بملك آخر في‬
‫حاالت خاصة وبشروط محدودة(‪.)31‬‬

‫وهذا ما أكد عليه القضاء الجزائري ‪ ،‬بحيث قضت المحكمة العليا في قرارها الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 16 :‬جويلية ‪ )32(1997‬بما يلي ‪ « :‬من المقرر شرعا وقانونا ّ‬
‫أن العين المحبسة ال يجوز‬
‫التصرف فيها بأي تصرف ناقل للملكية سواء بالبيع أو الهبة أو غيرها»‪.‬‬

‫وفقا لما سبق إيراده ‪ ،‬يشبه الوقف حق االنتفاع فالهدف من الوقف انتفاع الواقف من المال‬
‫أن حق الموقوف عليه في الوقف حق شخصي بينما حق المنتفع هو حق عيني(‪،)33‬‬ ‫الموقوف ‪ ،‬غير ّ‬
‫لذا يقصد باالنتفاع بالوقف استقالل المال الموقوف للحصول على منافعه أو غالته وفقا لما تسمح به‬
‫طبيعة الشيء الموقوف وإرادة الواقف ومقاصد الشريعة اإلسالمية في مجال األوقاف حسب‬

‫(‪ ) 30‬يراجع قرار م ع غ ع ‪ ،‬ملف رقم ‪ 195280‬صادر بتاريخ ‪ ، 2000/05/31 :‬منشور باالجتهاد القضائي‬
‫للغرفة العقارية ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬لسنة ‪ ، 2004‬ص ‪.138‬‬

‫وذات المعنى كرسه قرار م ع غ ع ‪ ،‬القسم ‪ ، 3‬ملف رقم ‪ 215924‬الصادر بتاريخ ‪ ، 2001/09/26 :‬منشور‬
‫باالجتهاد القضائي للغرفة العقارية ‪ ،‬الجزء األول لسنة ‪ ، 2004‬ص ‪ ، 80‬إذ جاء في تسببيب القرار ما يلي ‪« :‬‬
‫حيث ال يمكن لـ (ش – أ) أن تحبس ما آل إليها من زوجها األول مادام أنّها مستفيدة بحبس ال يمكن تغييره »‪.‬‬

‫(‪ ) 31‬تنص المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 10/91‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬أفريل ‪ 1991‬والمتعلق باألوقاف على ما يلي ‪« :‬‬
‫ال يجوز أن تعوض عين موقوفة أو يستبدل بها ملك آخر إالّ في الحاالت اآلتية ‪:‬‬

‫حالة تعرضه للضياع أو االندثار‪.‬‬

‫حالة ضرورة عامة كتوسيع مسجد أو مقبرة أو طريق عام في حدود ما تسمح به الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫حالة انعدام المنفعة في العقار الموقوف وانتفاء إتيانه بنفع قط ‪ ،‬شريطة تعويضه بعقار يكون مماثال أو أفضل منه‪.‬‬

‫تثبت الحاالت المعينة أعاله بقرار من السلطة الوصية بعد المعاينة والخبرة "‪.‬‬

‫(‪ ) 32‬قرار م ع غ ع ‪ ،‬ملف رقم ‪ 157310‬الصادر بتاريخ ‪ ، 1997/07/16 :‬منشور بـ م ق لسنة ‪ ، 1997‬العدد‬
‫األول ‪ ،‬ص ‪. 34‬‬

‫(‪ ) 33‬يراجع ‪ :‬نادية براهيمي ‪ /‬الوقف وعالقته بنظام األموال في القانون الجزائري ‪ ،‬بحث لنيل شهادة الماجستير في‬
‫العقود والمسؤولية ‪ ،‬تحت إشراف د‪ .‬الغوتي بن ملحة ‪ ،‬بن عكنون الجزائر ‪ ، 1995 ،‬ص ‪.177‬‬

‫وأيضا ‪ :‬الغوتي بن ملحة ‪ /‬مكانة الوقف في القانون العقاري ‪ ،‬منشور بـ م ج ع ق ‪ /‬ق س رقم ‪ 02‬لسنة ‪، 2000‬‬
‫الجزء ‪ ، 42‬ص ‪.134‬‬
‫الكيفيات المحددة قانونا(‪ )34‬طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 18‬و‪ 45‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق‬
‫باألوقاف ‪ ،‬فإذا كان الشيء الموقوف مسكنا فإنّما أن يسكنه الموقوف عليه أو ينتفع بأجرته إذا أجره‬
‫وإذا كان أرضا زراعية يجوز زراعتها أو غرسها أشجارا‪ .‬ويترتب على اعتبار الوقف حقا‬
‫شخصيا وحق االنتفاع حقا عينيا النتائج التالية ‪:‬‬

‫إن المنتفع له حق عيني يقع مباشرة على الشيء المنتفع به وال يتوسط بينهما مالك‬ ‫ّ‬
‫الشيء(‪ ،)35‬وبهذا يتميز عن حق الموقوف عليه الّذي يلزم فيه الواقف بتمكينه من االنتفاع بالمال‬
‫الموقوف فيتوسط الواقف بين الموقوف له والمال الموقوف‪.‬‬

‫يجوز للمنتفع رهن حق االنتفاع رهنا رسميا أو حيازيا حسب األحوال(‪ ،)36‬بينما ال يجوز‬
‫للموقوف عليه رهن الوقف وإنّما يمكنه جعل حصته ضمانا للدائنين في المنفعة فقط أو في الحصة‬
‫العائدة إليه وفقا لمقتضيات المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق باألوقاف‪.‬‬

‫إذا تنازل المنتفع عن حق االنتفاع للغير فإنّه ينزل عن حق عيني ال يقتضي تدخل المالك‬
‫بينما ال يمكن للواقف التنازل عن الوقف العام(‪)37‬إالّ لجهة من نوع جهة الخير الموقوف عليها أصال‬
‫وبعد الحصول على موافقة صريحة من السلطة المكلفة باألوقاف(‪.)38‬‬

‫‪ -3‬هل يتمتع الوقف بالشخصية المعنوية ؟‬


‫بالرجوع إلى القانون المدني ‪ ،‬نجد ّ‬
‫أن المشرع الجزائري نص في الفقرة السادسة من المادة‬
‫‪ 49‬منه(‪)39‬على ما يلي ‪ « :‬األشخاص االعتبارية هي الوقف » ‪ ،‬كما نص في المادة الخامسة من‬

‫(‪ ) 34‬لمعرفة طرق استثمار األمالك الوقفية يراجع نص المواد ‪ 26‬مكرر وما يليها من القانون رقم ‪ 07/01 :‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ 2002‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪ 10/91‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬أفريل ‪ 1991‬المتضمن قانون‬
‫األوقاف ‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية العدد ‪ 29‬لسنة ‪.2002‬‬

‫(‪ ) 35‬عبد الرزاق السنهوري ‪ /‬الوسيط في شرح القانون المدني ‪ ،‬أسباب كسب الملكية ‪ ،‬الجزء التاسع ‪ ،‬فقرة ‪، 477‬‬
‫ص ‪.1201‬‬

‫(‪ ) 36‬إذا كان محل حق االنتفاع عقارا فيتم رهنه رهنا رسميا أ ّما إذا كان منقوال فيتم رهنه رهنا حيازيا‪ .‬يراجع نص‬
‫المواد ‪ 882‬وما يليها من القانون المدني‪.‬‬

‫أن المشرع الجزائري ألغى المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 10/91‬بموجب القانون رقم ‪10/02‬‬ ‫(‪ ) 37‬تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫الصادر بتاريخ ‪ ، 2002/12/14‬والمنشور بـ ج ر العدد ‪ 83‬لسنة ‪ 2002‬والّتي كانت تنص على ما يلي ‪ « :‬يجوز‬
‫للموقوف عليه في الوقف الخاص التنازل عن حقه في المنفعة وال يعتبر ذلك ابطاال للوقف »‪.‬‬

‫إذن ‪ ،‬فقد ألغى المشرع الجزائري هذه المادة ّالتي كانت تجيز للموقوف عليه – في الوقف الخاص – التنازل عن‬
‫حقه في المنفعة وأبقى فقط على إمكانية التنازل في الوقف العام‪.‬‬

‫(‪ ) 38‬يراجع نص المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 10/90 :‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪ 1990‬المتعلق باألوقاف‪.‬‬

‫(‪ ) 39‬هذا هو النص الجديد للمادة ‪ 49‬من ق م الّتي تم تعديلها بموجب المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 10/05‬المؤرخ في‬
‫‪ 20‬جوان ‪ 2005‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 58/75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن القانون المدني ‪،‬‬
‫منشور في ج ر العدد ‪ 44‬لسنة ‪.2005‬‬
‫أن ‪ « :‬الوقف ليس ملكا لألشخاص الطبيعيين وال االعتباريين ‪ ،‬ويتمتع‬ ‫قانون األوقاف(‪)40‬على ّ‬
‫بالشخصية المعنوية وتسهر الدولة على احترام إرادة الواقف وتنفيذها »‪.‬‬

‫أن للوقف شخصية معنوية مستقلة عن الشخص المستحق له ‪ .‬ومنح‬ ‫ومفاد هاتين المادتين ّ‬
‫المشرع الوقف الشخصية المعنوية يضع حدا للجدل الفقهي الّذي كان مطروحا حول تحديد الجهة‬
‫الّتي يؤول إليها الملك الوقفي للواقف أو الموقوف عليه أو في حكم هللا تعالى(‪.)41‬‬

‫وإن االعتراف بالشخصية االعتبارية للوقف يضمن له االستقالل المالي واإلداري ‪ ،‬من‬ ‫ّ‬
‫خالل تمتعه بذمة مالية مستقلة عن ذمة الواقف والموقوف عليه وتمثيله من ممثل قانوني يتصرف‬
‫باسمه ويتولى إدارته(‪)42‬وتمثيله أمام القضاء يسمى ناظر الوقف‪.‬‬

‫وقد أصدر المشرع الجزائري بتاريخ أول ديسمبر ‪ 1998‬المرسوم التنفيذي رقم ‪:‬‬
‫‪)43(381/98‬المحدد لشروط إدارة األمالك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك ‪ ،‬نص فيه على‬
‫شروط تعيين ناظر الوقف(‪)44‬وحقوقه وكيفية أداء مهامه وانتهائها(‪.)45‬‬

‫وتتمثل مهام ناظر الوقف(‪)46‬في السهر على الملك الوقفي والمحافظة عليه وصيانته‬
‫وترميمه وإعادة بنائه عند االقتضاء والقيام بكل عمل يفيد المال الوقفي ويدفع الضرر عنه‪ ،‬كما‬
‫يسهر على تحصيل عائداته وأداء حقوق الموقوف عليهم بعد خصم نفقات المحافظة على الوقف‬
‫وخدمته المثبتة قانونا ‪ ،‬كما يهدف إلى استثمار األمالك الوقفية وفقا إلرادة الواقف وطبقا ألحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية حسب الكيفيات المحددة قانونا(‪.)47‬‬

‫(‪ ) 40‬الصادر بموجب القانون رقم ‪ 10/91 :‬الصادر بتاريخ ‪ ، 1991/04/27‬منشور بـ ج ر العدد ‪ 21‬لسنة ‪.1991‬‬

‫(‪ ) 41‬يراجع رامول خالد ‪ /‬اإلطار القانوني والتنظيمي ألمالك الوقف في الجزائر ‪ ،‬دراسة مقارنة بأحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية مدعمة بأحدث النصوص القانونية واالجتهادات القضائية ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2004‬ص ‪.51‬‬

‫(‪ ) 42‬تنص المادة ‪ 33‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق باألوقاف على ما يلي ‪ « :‬يتولى إدارة األمالك الوقفية ناظر‬
‫الوقف حسب كيفيات تحدد عن طريق التنظيم »‪.‬‬

‫(‪ ) 43‬منشور بالجريدة الرسمية ‪ :‬العدد ‪ 90‬لسنة ‪.1998‬‬

‫(‪ ) 44‬يراجع نص المادتين ‪ 16‬و‪ 17‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 381/98‬المذكور أعاله‪.‬‬

‫(‪ ) 45‬يراجع نص المواد من ‪ 08‬إلى ‪ 21‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪.381/98‬‬

‫(‪ ) 46‬يراجع نص المادة ‪ 13‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪.381/98‬‬

‫(‪ ) 47‬يراجع نص المادة ‪ 45‬من القانون رقم ‪ 07/02‬الصادر بتاريخ ‪ 22‬ماي ‪ 2002‬المعدل والمتمم للقانون رقم‬
‫‪ 10/91‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬أفريل ‪ 1991‬المتضمن قانون األوقاف ‪ ،‬والمنشور بـ ج ر العدد ‪ 29‬لسنة ‪. 2002‬‬
‫ويمارس ناظر الوقف الخاص(‪)48‬مهامه حسب شروط الواقف طبقا ألحكام القانون‪،‬‬
‫ويعتبر مسؤوال أمام الموقوف عليه والواقف إن اشترط ذلك وكذلك الجهة المكلفة باألوقاف(‪.)49‬‬

‫أ ّما ناظر الوقف العام(‪)50‬فيمارس مهامه تحت رقابة وإشراف وكيل األوقاف في مقاطعته‬
‫وناظر الشؤون الدينية(‪ ،)51‬وبالنسبة للجزائر فقد عهد بنظارة األمالك الوقفية العامة لوزارة الشؤون‬
‫الدينية واألوقاف الّتي أسست بدورها لجنة مركزية لألوقاف لهذا الغرض طبقا لنص المادة التاسعة‬
‫من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 381/98‬المؤرخ في أول ديسمبر ‪ 1998‬والمحدد لشروط إدارة األمالك‬
‫الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك(‪ .)52‬أ ّما على المستوى المحلي فيمثل الوقف العام المدير‬
‫الوالئي للشؤون الدينية واألوقاف فوكيل الوقف فناظر الملك الوقفي والّذي يقوم بدور النظارة‬
‫ّ‬
‫فإن الممثل الحقيقي للوقف العام‬ ‫المباشرة للوقف ويمارس مهامه كأجير لدى الوزارة ‪ .‬إذن ‪،‬‬
‫في القانون الجزائري هو وزير الشؤون الدينية واألوقاف فهو الّذي يتقاضى باسمه ‪ ،‬كما له أن‬
‫يفوض هذه السلطات للهيئات المختصة في وزارته ‪ ،‬ومن ث ّم ّ‬
‫فإن لوزير الشؤون الدينية تمثيل‬
‫مزدوج فهو يمثل الوزارة أي الدولة كشخص معنوي من جهة ‪ ،‬ويمثل الوقف العام كشخص معنوي‬
‫آخر مستقل من جهة أخرى(‪.)53‬‬

‫(‪ ) 48‬الوقف الخاص هو ما يحبسه الواقف أول األمر على معين سواء كان واحدا أو أكثر ‪ ،‬سواء كانوا معينين‬
‫بالذات كأحمد وإبراهيم ومحمود أو معينين بالوصف ‪ :‬كأوالده أو أوالد فالن سواء كانوا أقارب أم ال ‪ ،‬ث ّم من بعد‬
‫هؤالء المعينين على جهة بر‪.‬‬

‫يراجع ‪ :‬محمد مصطفى الشلبي ‪ /‬أحكام الوصايا واألوقاف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.318‬‬

‫وقد عرفه المشرع الجزائري في الفقرة الثانية من المادة ‪ 06‬من القانون رقم ‪ 10/91‬المتعلق باألوقاف الملفاة ‪ ،‬بما‬
‫يلي ‪ " :‬الوقف الخاص هو ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور واإلناث أو على أشخاص معينين ث ّم يؤول إلى‬
‫الجهة الّتي يعينها الواقف بعد انقطاع الموقوف عليهم "‪.‬‬

‫(‪ ) 49‬يراجع نص المادة ‪ 14‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 381/38‬المشار إليه سابقا‪.‬‬

‫(‪ ) 50‬عرف المشرع الجزائري الوقف العام في المادة ‪ 06‬من القانون رقم ‪ 10/02‬المؤرخ في ‪ 14 :‬ديسمبر ‪2002‬‬
‫المعدل والمتمم للقانون رقم ‪ 10/91‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬أفريل ‪ 1991‬المتضمن قانون األوقاف ‪ ،‬والمنشور بـ ج ر‬
‫العدد ‪ 29‬لسنة ‪ 2002‬بما يلي ‪ « :‬الوقف العام هو ما حبس على جهات خيرية من وقت إنشائه ‪ ،‬ويخصص ريعه‬
‫للمساهمة في سبيل الخيرات وهو قسمان ‪:‬‬

‫وقف يحدد فيه مصرف معين لريعه فيسمى وقفا عاما محدد الجهة ‪ ،‬وال يصح صرفه على غيره من وجوه الخير إالّ‬
‫إذا استنفذ‪.‬‬

‫وقف ال يعرف فيه وجه الخير أراده الواقف فيسمى وقفا عاما غير محدد الجهة ‪ ،‬ويصرف ريعه في نشر العلم‬
‫وتشجيع البحث فيه وفي سبيل الخيرات »‪.‬‬

‫(‪ ) 51‬يراجع نص المادة ‪ 11‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪.381/98‬‬

‫(‪ ) 52‬منشور بـ ج ر ‪ :‬العدد ‪ 90‬لسنة ‪.1998‬‬

‫(‪ ) 53‬محمد كنازة ‪ /‬الوقف العام في التشريع الجزائري ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.36‬‬

You might also like