You are on page 1of 20

‫تلخيص ملباحث‬

‫األحكام الشرعية من‬


‫كتاب الوجيز يف‬
‫أصول الفقه‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية القنيطرة‬

‫‪1‬‬
‫‪201‬‬ ‫ُن إِلَّا وَأَنْ ُتمْ مُسْلِمُونَ}‬ ‫}يَا أَيُّهَا الَّذِي َن آ َمنُوا َّ‬
‫اتقُوا اللَّ َه حَقَّ ُتقَا ِت ِه وَلَا تَمُوت َّ‬

‫‪1022 20 2 2341‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪2‬‬
‫هذه صور التلخيص األصلي‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫أسأل اهلل عز جل جالله أن يرزقني وإياكم اإلخالص في القبول والعمل‪ ،‬وأن ينجينا وإياكم من الفتن ما ظهر‬
‫منها وما بطن‪ ،‬وأن يرزقني وإياكم حسن الخاتمة‪ ،‬والجنة بغير حساب‪.‬‬
‫هذا وبعون اهلل وفضله‪ ،‬تم تلخيص مباحث االحكام الشرعية من كتاب الوجيز في أصول الفقه للشيخ عبد‬
‫الكريم زيدان‪ .‬تناولتها حسب ترتيبها في الكتاب على الشكل التالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التعريف بالحكم وأقسامه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أقسام الحكم التكليفي‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب األول – الواجب‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني – المندوب‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث – الحرام أو المحرم‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الرابع – المكروه‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الخامس – المباح‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب السادس – العزيمة والرخصة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقسام الحكم الوضعية‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب األول – السبب‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني – الشرط‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث – المانع‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الرابع – الِصِّحّة والبطالن‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬التعريف بالحكم وأقسامه‪.‬‬
‫‪ ‬الحكم الشرعي هو غاية علم األصول وعلم الفقه كذلك‪.‬‬
‫‪ ‬علم األصول ينظر إليه من جهة وضع القواعد والمناهج الموصلة إليه‪.‬‬
‫‪ ‬علم الفقه يطبق قواعد علم األصول للتعرف على الحكم واستنباطه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫تعريف الحكم‪ " :‬هو خطاب اهلل المتعلق بأفعال المكلفين‪ ،‬اقتضاء أو تخييرا أو وضعا"‬
‫خطاب اهلل‪ :‬كالم اهلل تعالى مباشرة‪ ،‬كما في القرآن الكريم‪ ،‬أو بالواسطة كالسنة واإلجماع والقياس‪،‬‬
‫ومصادر التشريع األخرى‪.‬‬
‫المتعلق بأفعال المكلفين‪ :‬فال يدخل في الحكم ما ليس متعلقا بفعل المكلف‪ ،‬مثل ما يتعلف باهلل وصفاته‪،‬‬
‫وما يتعلق بخلق اإلنسان وعالم الحيوان والنبات والجماد‪.‬‬
‫اقتضاء‪ :‬هو الطلب‪ ،‬وقد يكون طلب فعل أو تركه‪ ،‬وقد يكون على سبيل اإللزام‪ ،‬أو على سبيل الترجيح‪.‬‬
‫تخييرا‪ :‬التخيير هو التسوية بين فعل الشئ وتركه‪ ،‬وهو اإلباحة‪.‬‬
‫وضعا‪ :‬الوضع هو جعل شئ سببا لشئ آخر‪ ،‬كدلوك الشمس سبب لوجوب للصالة‪ ،‬أو شرطا كاشتراط‬
‫الوضوء لصحة الصالة‪ ،‬أو مانعا كرفع الظلم‪ ،‬أي المؤاخدة عن النائم والصبي والمجنون‪.‬‬
‫الحكم عند األصوليين والفقهاء‪:‬‬
‫‪ o‬الحكم عند األصوليين هو نفس خطاب الشرع‪ ،‬أي هو النص الشرعي من اآليات واألحاديث‪.‬‬
‫الحكم عند الفقهاء هو أثر الخطاب‪.‬‬
‫فقوله تعالى {وال تقربوا الزنى} هو الحكم عند األصوليين‪ ..‬أما عند الفقهاء فهو ما تضمنه هذا النص‬
‫الشرعي‪ ،‬وما ترتب عليه‪ ،‬هو حرمة الزنى‪.‬‬
‫أقسام الحكم عند األصوليين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الحكم التكليفي‪ :‬وهو ما يقتضي طلب الفعل‪ ،‬أو الكف عنه‪ ،‬أو التخيير بين الفعل والترك‪.‬‬
‫سمي تكليفا‪ :‬ألن فيه مشقة وكلفة على اإلنسان ‪ ..‬وسميت اإلباحة حكما تكليفيا على سبيل التغليب‬
‫والتسامح‪ ،‬أو اإلصطالح‪ ،‬أو ألنها تختص بالمكلف‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الحكم الوضعي‪ :‬وهو ما يقتضي جعل شئ سببا لشئ آخر‪ ،‬أو شرطا أو مانعا‪.‬‬
‫سمي وضعيا‪ :‬ألنه ربط بين شيئين بالسببية‪ ،‬أو الشرطية والمانعية‪ ،‬بوضع من الشارع‪ ،‬أي بجعل منه‪ ،‬أي أن‬
‫الشارع هو الذي جعل هذا السبب لهذا‪ ،‬أو شرطا له أو مانعا منه‪.‬‬
‫الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫أ‪ .‬الحكم التكليفي يتطلب فعل شئ أو تركه‪ ،‬أو إباحة الفعل والترك للمكلف‪ ..‬الحكم الوضعي ال‬
‫يفيد ذلك‪ ،‬إال إذ ال يقصد به إال بيان ما جعله الشارع سببا لوجود شئ أو شرط له‪ ،‬أو مانعا منه‪،‬‬
‫ليعرف المكلف متى يتبث الحكم الشرعي‪ ،‬ومتى ينتفي‪.‬‬
‫ب‪ .‬المكلف به في الحكم التكليفي‪ ،‬أمر يستطيع المكلف فعله‪ ،‬أو يطيقه‪ ..‬أما في الوضعي فال‬
‫يشترط في موضوعه أن يكون في قدرة المكلف‪ ،‬فالزنى والسرقة والجرائم مقدورهُ للمكلف‪ ،‬ودلوك‬
‫الشمس ودخول شهر رمضان ليست مقدورهُ للمكلف‪.‬‬
‫‪ o‬بلوغ اإلنسان شرط لنفاذ بعض التصرفات‪ ،‬وليست مقدورهُ للمكلف‪.‬‬
‫‪ o‬واإلشهاد على النكاح وحضور الولي من شروط صحة النكاح‪ ،‬وهي مقدورهُ للمكلف‪.‬‬
‫‪ o‬األبوة مانعة من قتل األب إذا قتل ابنه عمدا‪.‬‬
‫‪ o‬والجنون مانع من تكليف المجنون وهي غير مقدورة للمكلف‪.‬‬
‫‪ o‬وقتل الوارث مورثه‪ ،‬وقتل الموصي له مانع من الميراث‪ ،‬ومن نفاذ الوصية‪ ،‬وهي مقدورة للمكلف‪.‬‬
‫المبحث الثاني – أقسام الحكم التكليفي‪.‬‬
‫الحكم التكليفي على خمسة أقسام‪:‬‬
‫‪ .2‬اإليجاب‪ :‬وهو طلب الشارع الفعل على سبيل الحتم واإللزام‪ ،‬وأثره في فعل المكلف هو اإللزام‪..‬‬
‫والفعل المطلوب على هذا الوجه هو الواجب‪.‬‬
‫‪ .1‬الندب‪ :‬هو طلب الشارع الفعل على سبيل الترجيح ال اإللزام‪ ..‬واثره في فعل المكلف هو الندب‪..‬‬
‫والفعل المطلوب على هذه الصفة هو المندوب‪.‬‬
‫‪ .4‬التحريم‪ :‬هو طلب الشارع الكف أو الترك على سبيل الحتم واإللزام‪ ،‬وأثره في فعل المكلف الحرمة‪،‬‬
‫والفعل المطلوب تركه هو المحرم أو الحرام‪.‬‬
‫‪ .3‬الكراهية‪ :‬هو طلب الشارع الكف عن الفعل على سبيل الترجيح‪ ،‬ال الحتم واإللزام‪ ..‬وأثره في فعل‬
‫المكلف هو الكراهية‪ ..‬والفعل المطلوب تركه على هذا الوجه هو المكروه‪.‬‬
‫‪ .5‬اإلباحة‪ :‬هي تخيير الشارع للمكلف بين الفعل والترك‪ ،‬دون ترجيح ألحدهما على اآلخر‪ ..‬وأثره في فعل‬
‫المكلف هو اإلباحة‪ ..‬والفعل الذي خير فيه المكلف هو المباح‪.‬‬
‫المطلب األول – الواجب‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تعريف الواجب‪ :‬هو ما طلب الشارع فعله على سبيل اللزوم‪ ،‬بحيث يُ َّدم تاركه ويستحق العقاب‪ ،‬ويمدح‬
‫فاعله ويثاب‪.‬‬
‫لزوم الفعل يستفاد من صيغة الطلب‪ ،‬كصيغة األمر المجردة عن القرائن‪ ،‬أومن ترتّب العقاب على ترك‬
‫الفعل‪ .‬فإقامة الصالة وبر الوالدين والوفاء بالعقود كأنها واجبة‪ ،‬إذ ألزم الشارع بهت ورتب عليها‬
‫العقاب‪.‬‬
‫الواجب هو الفرض عند الجمهور‪ ..‬وعند الحنفية الفرض غير الواجب‪ ..‬فالفرض ما ثبت بدليل قطعي‪،‬‬
‫والواجب ما ثبت بدليل ظني‪ ،‬كما ثبت بخبر اآلحاد‪ ..‬وكالهما مطلوب جزما‪ ،‬ومعاقب على تركه‪ ،‬لكن‬
‫عقوبة تارك الفرض أشد من عقوبة تارك الواجب‪ ،‬ومنكر الفرض يكفر دون منكر الواجب‪.‬‬
‫الواجب بالنظر إلى وقت أدائه‪:‬‬
‫‪ ‬الواجب المطلق‪ :‬هو ما طلب الشارع فعله دون أن يقيد أداءه بوقت معين‪..‬فللمكلف أن يفعله متى‬
‫شاء‪ ،‬وال إثم عليه‪ ،‬وإن كان ينبغي أن يبادر ألنه ال يعلم متى يموت‪.‬‬
‫‪ ‬من هذا النوع‪ ،‬قضاء رمضان لمن أفطر بعذر‪ ،‬والكفارة الواجبة على من حنث في يمينه‪ ،‬والحج إذا‬
‫هو على التراخي ال الفور‪.‬‬
‫‪ ‬الواجب المقيد‪ :‬ما طلب الشارع فعله‪ ،‬وقيد ألدائه وقتا محددا‪ ،‬كالصلوات الخمس‪ ،‬وصوم‬
‫رمضان‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا أدى المكلف الواجب في الوقت المحدد بصورة صحيحة سمي فعله أداء‪.‬‬
‫‪ ‬وإذا إداه في الوقت ناقصا‪ ،‬ثم أعاده كامال في الوقت سمي فعله إعادة‪ ،‬وإذا فعله بعد الوقت سمي‬
‫قضاء‪.‬‬
‫الواجب بالنظر إلى تقديره وعدم تقديره‪:‬‬
‫الذمة‬
‫‪ ‬الواجب المحدد‪ :‬ما عيّن له الشارع مقداراً مح ّدداً‪ ،‬كالزكاة ونحو ذلك‪ ..‬وتثبت هذه في ّ‬
‫ويطالب بأدائها‪.‬‬
‫‪ ‬الواجب غير المحدد‪ :‬وهو ما لم يعين الشارع له مقدارا محددا‪ ،‬كاإلنفاق في سبيل اهلل في غير‬
‫زكاة‪ ،‬كمن وجب عليه سد حاجة للفقير‪ ،‬عليه أن ينفق بالمقدار الذي يسد حاجته‪..‬ومنه التعاون‬
‫على البر‪..‬‬

‫‪7‬‬
‫وهذه ال تثبت إال في الذمة‪ ،‬فنفقة الزوجة قبل الحكم بها ال تثبت في ذمة الزوج عند الحنفية‪ ،‬ألنها‬
‫غير محددة‪ ،‬وعند الشافعية يطالب بها عن المدة السابقة‪ ،‬ألن مقدارها محدد عندهم‪.‬‬
‫الواجب بالنظر إلى تعيّن المطلوب وعدم تعيّنه‪:‬‬
‫‪ ‬الواجب المعيّن‪ :‬هو ما طلبه الشرع بعينه كالصلوات الخمس‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬ورد العين المغصوبة‬
‫إذا كانت قائمة‪.‬‬
‫‪ ‬الواجب غير المعيّن‪ :‬أن يطلب الشارع المكلف بفعل واحد من عدة أشياء معلومة‪ ،‬وهو يختار أي‬
‫واحد منها‪ ..‬كالحكم في األسرى‪ ،‬كقوله تعالى في شأنهم‪{ :‬فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع‬
‫احلرب أوزارها} وككفارة اليمين‪ ،‬فالواجب فيها واحد من ثالثة أشياء‪ ،‬لقوله تعالى‪{ :‬فكفارته‬
‫إطعام عشرة مساكني من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو حترير رقبة‪ ،‬فمن مل جيد فصيام‬
‫ثالثة أيام} فهو إذا عجز عن الثالثة األولى وجب عليه الرابع واجبا معينا‪.‬‬
‫المطالب به‪:‬‬
‫الواجب بالنظر إلى ُ‬
‫‪ ‬الواجب العيني‪ :‬ما توجب فيه الطلب الالزم إلى كل مكلف؛ فال يكفي قيام البعض به دون البعض‬
‫اآلخر‪ ،‬كالصلوت الخمس‪ ،‬والصيام والحج؛ فالمنظور إليه في هذا الواجب الفعل نفسه والفاعل‬
‫نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬الواجب الكفائي أو على الكفاية‪ :‬وهو ما طلب الشارع حصوله من جماعة المكلفين‪ ،‬ال من كل‬
‫فرد منهم فإذا فعله البعض سقط اإلثم والطلب عن الباقين أيضا‪ ..‬والنظر فيه إلى الفعل دون‬
‫الفاعل‪ ،‬وإذا لم يفعله أحد أو من تقوم به الكفاية أثم القادرون؛ كالجهاد في سبيل اهلل‪ ،‬والقضاء‬
‫واإلفتاء‪ ،‬واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وكالتفقه في الدين‪ ،‬والصناعات والعلوم‬
‫والتخصصات المختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬قد يصبح الواجب الكفائي عينيا‪ ،‬كالجهاد إذا لم يكن دفع العدو إال باشتراك جميع األمة‪ ،‬وكتولي القضاء‬
‫إذا لم يصلح له إال شخص معين فيتعين عليه‪ ،‬وكذلك اإلفتاء والطبابة إذا لم يصلح لها إال واحد‪.‬‬
‫المطلب الثاني – المندوب‬
‫الندب لغة‪ :‬ال ّدعاء إلى األمر المهم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المندوب إصطالحا‪ :‬هو ما طلب الشارع فعله من غير لزوم‪ ،‬بحيث يمدح فاعله ويثاب‪ ،‬وال يذم تاركه وال‬
‫يعاقب‪.‬‬
‫يدل عل إرادة الندب ال اإللزام‪ .‬كاألمر‬
‫‪ -‬يُعرف كون الشئ مندوبا من صيغة الطلب؛ إذا اقترن به ما ّ‬
‫بكتابة الدين‪ ،‬بقرينة ما ورد في سياق اآلية‪{ :‬فإن أمن معضكم بعضا فليؤدّ الذي اءمتن أمانته} فال‬
‫إثم في عدم الكتابة‪ ،‬ولكنهم يتحملون نتيجة إهمالهم‪.‬‬
‫‪{ -‬فكاتبوهم إن علمتم فيهم خريا}‬
‫‪’’ -‬يا معشر الشباب ‪ ،‬من استطاع منكم الباءة فليتزوج‘‘ وقد علم بالتواتر أن النبي عليه‬
‫أي شاب مستطيع لتكاليف الزواج بالزواج على جهة اإللزام والوجوب‪.‬‬
‫الصالة والسالم ّ‬
‫تسميات المندوب‪ ،‬ومراتبه‪:‬‬
‫يسمى المندوب نافلة؛ لكونه زيادة على الفرض‪.‬‬
‫والمستحب‪ ،‬والتطوع‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬والفضيلة‪.‬‬
‫مراتب المندوب‪ :‬المندوب ليس مرتبة واحدة‪ ،‬بل هو مراتب‪.‬‬
‫السنة المؤكدة‪ :‬وهي ما واظب عليه النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬كركعتي الفجر‪ ،‬يالم تاركها وال يعاقب‪.‬‬
‫‪ -2‬النكاح في حالة اإلعتدال‪ ،‬بالنسبة للقادر عليه‪.‬‬
‫‪ -1‬األذان؛ لكونه من شعائر اإلسالم‪ ،‬فإذا تركه اهل قرية أجبروا عليه‪ ،‬فإن لم يستجيبوا قوتلوا على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫السنة غير المؤكدة‪ :‬وهي ما لم يداوم عليه النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬كأربع ركعات قبل الظهر‪ ،‬وصدقات‬
‫التطوع؛ في غير حالة اإلضطرار‪.‬‬
‫الفضيلة واألدب وسنة الزوائد‪ :‬كاإلقتداء به عليه الصالة والسالم في شؤونه االعتيادية؛ كأذاب األكل‬
‫والشرب والنوم‪ ،‬ويثاب المتبع وال يعاقب التارك‪ ،‬وال يعاتب‪.‬‬
‫مالحظتان‪:‬‬
‫المالحظة األولى‪ :‬المندوب بجملته يعتبر كمقدمة للواجب؛ ألن المكلف بأدائه للمندوبات ومداومته عليها‬
‫يسهل عليه أداء الواجب؛ ألنه إما مقدمة للواجب‪ ،‬أو يُذ ّكر به‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الكل‪ ،‬فالذي يترك‬
‫المالحظة الثانية‪ :‬المندوب وإن لم يكن واجبا بإعتبار جزئه‪ ،‬إال أنه الزم بإعتبار ّ‬
‫المندوبات بالكلية تسقط عدالته‪ ،‬وال تقبل شهادته‪ ،‬ويستحق التأديب والزجر؛ ولذا هم رسول اهلل عليه‬
‫الصالة والسالم أن يحرق بيوت المداومين على ترك صالة الجماعة‪.‬‬
‫‪ ‬النكاح‪ :‬ال يصح تركه من قبل األمة كلها؛ ألن في ذلك فنائها‪ ،‬فهو مندوب بالنسبة لآلحاد‪،‬‬
‫وواجب بالنسبة للجماعة‪ ،‬فهو كأنه فرض كفاية‪.‬‬
‫المحرم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المطلب الثالث – الحرام‪ ،‬أو‬
‫الكف عنه على وجه الحتم واإللزام‪ ،‬فيكون تاركه مأجورا‪ ،‬وفاعله‬
‫تعريف الحرام‪ :‬هو ما طلب الشارع ّ‬
‫عاصيا‪ ،‬سواء أكانت داللته قطعية أم ظنية‪.‬‬
‫أساليب التحريم‪:‬‬
‫‪ -‬لفظ يدل على التحريم بمادته‪{ :‬حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم‪}...‬‬
‫‪ -‬ال يحل‪ :‬كقوله عليه الصالة والصالة‪ ‘‘:‬ال يحل مال امرئ مسلم إال بطيب نفس منه ‘‘‬
‫‪ -‬صيغة النهي المقترنة بما يدل على الحكم‪ ،‬أو من ترتب عليه العقوبة‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬إمنا اخلمر‬
‫وامليسر واألنصاب واألزالم رجس‪ }...‬وقوله عز وجل‪{ :‬والذين يرمون احملصنات ثم مل يأتوا بأربعة‬
‫شهداء فاجلدوهم مثانني جلدة}‪.‬‬
‫أقسام الحرام‬
‫وتزوج المحارم‪ ،‬وأكل الميتة‪ ،‬وقتل النفس بغير الحق‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرام لذاته‪ :‬كالزنى والسرقة ّ‬
‫‪ ‬حكم هذا النوع‪ :‬غير مشروع‪ ،‬ومن فعله كان آمنا واستحق العقوبة‪ ،‬وإذا كان محالً للعقد بطل‬
‫العقد ولم يترتب عليه أثره الشرعي‪.‬‬
‫المحرم لذاته عند الضرورة؛ كأكل الميتة عند خوف الهالك‪ ،‬وشرب الخمر‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬قد يباح بعض أنواع‬
‫إذا غص بلقمة أو خاف على نفسه الهالك من العطش ولم يجد سوى الخمر‪ ،‬والنطق بكلمة‬
‫الكفر لدفع القتل عن نفسه‪.‬‬
‫‪ -1‬المحرم لغيره‪ :‬هو ماكان مشروعا في األصل‪ ،‬إذ ال ضرر فيه وال مفسدة‪ ،‬ولكن اقترن بما اقتضى‬
‫تحريمه‪ ،‬كالصالة في األرض المغصوبة‪ ،‬والبيع وقت النداء لصالة الجمعة‪ ،‬والنكاح المقصود به‬
‫تحليل المطلقة ثالثا لطليقها‪ ،‬والطالق البدعي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ ‬اختلف الفقهاء في حكم هذه المسائل؛ فمنهم من نظر إلى أصل مشروعية الفعل من حيث ذاته؛‬
‫فأجازها مع تأثيم الفاعل‪.‬‬
‫‪ ‬منهم من غلب جانب الفساد؛ فقال بفساد الفعل وعدم ترتيب أثره الشرعي عليه‪ ،‬ولحوق اإلثم‬
‫بفاعله‪ ،‬فقالوا ببطالن الصالة في األرض المغصوبة‪ ،‬والنكاح المقصود به التحليل‪ ،‬والطالق‬
‫البدعي‪.‬‬
‫المطلب الرابع – المكروه‪.‬‬
‫تعريف المكروه‪ :‬هو ما تركه أولى من فعله‪ ،‬أو هو ما طلبه الشارع على سبيل الترجيح‪ ،‬ال على وجه‬
‫الحتم واإللزام‪.‬‬
‫أساليب الكراهة‪:‬‬
‫‪ ‬كما لو كانت الصيغة بنفسها دالة على الكراهة‪’’ ،‬إن اهلل يكره لكم قيل وقال‪ ،‬وكثرة‬
‫السؤال‪ ،‬وإضاعة المال‘‘‪.‬‬
‫‪ ‬أو كانت صيغة النهي وقامت القرينة على صرفها من التحريم إلى اإلباحة‪{ :‬ال تسألوا عن‬
‫أشياء إن تبد لكم تسؤكم} القرينة هي {وإن تسألوا عنها حني ينزل القرآن تبد لكم عفا‬
‫اهلل عنها}‪.‬‬
‫أنواع المكروه‪:‬‬
‫‪ ‬المكروه نوع واحد عند الجمهور‪.‬‬
‫عند الحنفية نوعان‪ :‬المكروه تحريما والمكروه تنزيها‪.‬‬
‫الكف عنه حتما بدليل ظني ال قطعي‪،‬‬
‫‪ ‬المكروه تحريما‪ :‬ما طلب الشارع من المكلف ّ‬
‫كالخطبة على خطبة الغير‪ ،‬والبيع على بيع الغير؛ إذا ثبت بخبر اآلحاد‪.‬‬
‫‪ ‬حكم المكروه تحريما‪ :‬حرام عند الجمهور ‪ ،‬ولكن ال يكفر منكره‪.‬‬
‫الكف عنه طلباً غير ملزم للمكلف‪ ،‬كأكل لحوم الخيل؛‬
‫‪ ‬المكروه تنزيها‪ :‬ما طلب الشارع ّ‬
‫للحاجة إليها في الجهاد‪ ،‬الوضوء من سؤر سباع الطيور‪.‬‬
‫‪ ‬حكم المكروه تنزيها‪ :‬فاعله ال يُذم وال يعاقب‪ ،‬وإن كان فاعله خالف األولى‬
‫واألفضل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب الخامس – المباح‬
‫تعريف المباح‪ :‬هو ما خير الشارع المكلف بين فعله وتركه‪ ،‬وال مدح وال ذم على لفعل أو الترك‪ ،‬ويقال به‬
‫الحالل‪.‬‬
‫أساليب اإلباحة‪:‬‬
‫‪ ‬النص من الشارع بحل الشئ‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم‬
‫وطعامكم حل هلم}‪.‬‬
‫‪ ‬النص على نفي اإلثم أو الجناح أو الحرج؛ كقوله تعالى‪{ :‬فمن اضطر غري باغ وال عاد فال إثم‬
‫عليه}‪.‬‬
‫و{ال جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم يف أنفسكم}‪.‬‬
‫{ليس على األعمى حرج وال على األعرج حرج وال على املريض حرج}‪.‬‬
‫‪ ‬التعبير بصيغة األمر مع وجود القرينة الصارفة عن الوجوب إلى اإلباحة‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬وإذا حللتم‬
‫فاصطادوا}‪.‬‬
‫‪ ‬استصحاب اإلباحة األصلية لألشياء‪ ،‬بناء على األصل فيها؛ فالعقود والتصرف واألشياء من جماد‬
‫وحيوان أو نبات األصل فيها اإلباحة‪.‬‬
‫حكم المباح‪:‬‬
‫ال ثواب فيه وال عقاب‪ ،‬ولكن قد يثاب على نيته‪ ،‬كمن يمارس الرياضة بنية تقوية جسمه ليقوى على جهاد‬
‫األعداء‪.‬‬
‫‪ o‬المباح مباح بالنسبة للجزء‪ ،‬أما بالنسبة إلى الكل فهو مطلوب الفعل أو مطلوب الترك‪.‬‬
‫‪ o‬األكل مباح‪ :‬بمعنى أن للمكلف أن يتخير أنواع المطعومات المباحة‪ ،‬كما أن له أن يترك األكل في‬
‫وقت من األوقات‪ ،‬ولكن أصل األكل مطلوب فعله من حيث الجمل‪.‬‬
‫‪ o‬التمتع بالطيبات من مأكل ومشرب وملبس مباح بجزئه‪.‬‬
‫‪ o‬اللهو البرئ والتنزه في البساتين واللعب المباح مباح بالجزء؛ كان يفعله في بعض األوقات‪ ،‬ولكن لو‬
‫اتخده عادة وقضى كثيرا من وقته فيه كان مكروها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ o‬معاشرة األزواج زوجاتهم مباح من حيث الجملة‪ ،‬ولكن تركها بالكلي على وجه الدوام حرام؛ لما فيه‬
‫من اإلضرار بالزوجة‪ ،‬والتفويت لمقاصد النكاح من التناسل‪.‬‬
‫المطلب السادس – العزيمة والرخصة‪.‬‬
‫تعريف العزيمة‪ :‬ما طلب الشرع أو أباحه على وجه العموم‪.‬‬
‫تعريف الرخصة‪ :‬ما أباحه الشارع عند الضرورة تخفيفا عن المكلفين ودفعاً للحرج‪.‬‬
‫‪ -‬قال بعضهم هما حكمان وضعيان؛ ألن العزيمة سبب لبقاء األحكام العادية‪ ،‬والرخصة سبب لتخفيفها عن‬
‫المكلفين عند الضرورة‪ ،‬والسبب من أقسام الحكم الوضعي‪ .‬والرأي األول هو األظهر؛ ألن الطلب‬
‫واإلباحة حكمان تكليفيان‪.‬‬
‫التعريف الثاني للعزيمة‪:‬‬
‫عرف بعضهم العزيمة بأنها اسم لما هو أصل من الحكام غير متعلق بالعوارض‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومعنى هذا أن العزيمة تطلق على األحكام الشرعية التر شرعت لعموم المكلفين‪ ،‬دون نظر إلى ما قد يطرأ‬
‫عليهم من أعذار‪ ،‬فهي أحكام أصلية‪ ،‬ولم ينظر في تشريعها إلى ضرورة أو عذر‪ ..‬كالصالة وسائر العبادات‪.‬‬
‫تتنوع إلى أنواع الحكم التكليفي‪ ،‬من وجوب وندب وإباحة وكراهة‪.‬‬
‫وهي ّ‬
‫الرخصة‪:‬‬
‫تعريف الرخصة ‪ :‬هي لغة‪ :‬السهولة واليسر‪.‬‬
‫المحرم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عرفها البعض بأنها‪ :‬ما وسع للمكلف في فعله لعذر وعجز مع قيام السبب‬
‫اصطالحا‪ّ :‬‬
‫‪ -‬هي في أكثر االحوال تنقل لكم من اللزوم إلى اإلباحة‪ ،‬وقد تنقله‪ ،‬إلى النذب إو الوجوب‪.‬‬
‫الرخص‪:‬‬
‫أنواع ّ‬
‫‪ -‬أوال – إباحة المحرم عند الضرورة‪ :‬كالتلفظ بكلمة الكفر مع إطمئنان القلب في سبيل إنقاذ نفسه من‬
‫الهالك‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬إال من أكره وقلبه مطمئن باإلميان}‪.‬‬
‫‪ -‬أكل الميتة للمظطر‪ ،‬وشرب الخمر‪ ،‬إتالف مال الغير عند اإلكراه عليه إكراها يؤ ّدي إلى تلف النفس‪ ،‬إو‬
‫عضو منها‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬إباحة ترك الواجب‪ :‬مثل الفطر في رمضان للسفر والمرض‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬تصحيح بعض العقود التي يحتاجها الناس‪ :‬وإن لم تجر علىالقواعد‪ ،‬مثل بيع السلم‪ ،‬مع أنه بيع‬
‫معدوم‪ ..‬واإلستصناع مع أنه بيع معدوم وكالهما للحاجة‪.‬‬
‫حكم الرخصة‪:‬‬
‫‪ ‬األصل في الرخصة اإلباحة؛ كالفطر في السفر والمرض‪.‬‬
‫‪ ‬وقد يكون االخد ابعزيمة أولى مع إباحة األخد بالرخصة؛ كإجراء كلمة الكفر على اللسان؛ مع‬
‫كالرجلين‬
‫إطمئنان القلب باإليمان؛ إلعزاز الدين‪ ،‬وإغاظة الكفافرين‪ ،‬وتقوية معنويات المؤمنين ّ‬
‫اللذين أخذهما مسيلمة الكذاب فأخذ أحدهما بالرخصة والثاني بالعزيمة‪.‬‬
‫‪ ‬وكقصة سيدنا عمار بن ياسر رضي اهلل عنهما مع المشركين‪.‬‬
‫‪ ‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر أولى من السكوت؛ وإن كان يؤدي على الهالك‪.‬‬
‫‪ ‬ولكن الرخصة فيه بالجزاء ال بالكل فيجب على األمة بمجموعها القيام به‪ ،‬وإن كان الحاكم ظالما؛‬
‫وإن اذى ذلك إلى قتل بعضهم‪ .‬وكالجهاد فإنه واجب؛ وإن كان فيه تلف أرواح بعض األمة‪.‬‬
‫‪ ‬الرخصة أحيانا تكون واجبة‪ :‬كأكل الميتة للمضطر؛ كقوله تعالى‪{ :‬وال تلقوا بأيديكم إىل التهلكة}‬
‫ويسمي الحنفية هذا برخصة اإلسقاط؛ ألن الحكم األصلي سقط في هذه الحالة‪ ،‬ولم يبقى في‬
‫المسألة إال حكم واحد وهو األخد بالرخصة‪.‬‬
‫المبحث الثالث – أقسام الحكم الوضعي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬السبب‬
‫يتوصل به إلى المطلوب‪.‬‬
‫السبب لغة‪ :‬ما ّ‬
‫معرفا لحكم شرعي‪ ،‬بحيث يوجد الحكم عند حكمه‪ ،‬وينعدم عند عدمه‪.‬‬
‫السبب إصطالحا‪ :‬ما جعله الشرع ّ‬
‫الزنى‪ ،‬والجنون لوجوب الحجر‪ ..‬وإذا‬
‫كالزنى‪ ،‬فهوعالمة على وجود الحكم الذي هو حد ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الزنى انتفى وجوب الحد‪ ،‬وإذا انتفى وجوب الحجر‪.‬‬
‫انتفى ّ‬
‫أقسام السبب‪:‬‬
‫‪ -2‬السبب بإعتباره فعال للمكلف‪ ،‬أو ليس فعال له‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬سبب ليس فعال للمكلف وال مقدوراً له‪ ،‬ومع هذا‪ ،‬إذا وجد الحكم‪ ،‬كدلوك الشمس لوجوب‬
‫الصالة‪ ،‬وشهر رمضان لوجوب الصيام‪ ،‬واإلضطرار إلباحة الميتة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬سبب هو فعل للمكلف وفي قدرته؛ كالسفر إلباحة الفطر‪ ،‬والقتل العمد العدوان لوجوب‬
‫القصاص‪ ،‬والبيع لتملك المبيع من المشتري‪.‬‬
‫ينظر إلى هذا القسم بإعتبارين‪:‬‬
‫األول‪ :‬بإعتباره فعال للمكلف؛ فيكون داخال‪ ،‬في خطاب التكليف؛ فيكون مطلوبا فعله أو تركه‪ ،‬أو مخيرا‬
‫فيه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬بإعتبار ما رتّب عليه الشارع من أحكام؛ فيع ّد من الحكم الوضعي‪.‬‬
‫‪ ‬النكاح‪ :‬واجب عند خوف الوقوع في الزنى‪ ،‬والقدرة على تكاليف النكاح‪ ،‬وحكم تكليفي‪ ،‬ويكون سببا‬
‫فتترتّب عليه جميع اآلثار من المهر والنفقة والتوارث‪.‬‬
‫‪ ‬القتل العمد العدوان‪ :‬مطلوب الترك جزما‪ ،‬وهذا حكم تكليفي‪ ..‬وهو سبب لوجوب القصاص‪ ،‬وهذا‬
‫حكم وضعي‪.‬‬
‫‪ ‬البيع مباح‪ :‬وهذا حكم تكليفي‪ ..‬وهو سبب لثبوت ملك المبيع‪ ،‬وهذا حكم وضعي‪.‬‬
‫‪ -1‬السبب بإعتبار ما يترتب عليه‬
‫ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬سبب لحكم تكليفي‪ ..‬كالسفر إلباحة الفطر‪ ،‬وملك النصاب لوجوب الزكاة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬سبب لحكم هو أثر فعل المكلف‪ ..‬كالبيع من قبل المشتري‪ ،‬والوقف إلزالة الملك من الوقف‪،‬‬
‫النكاح سبب للحل بين الزوجين‪.‬‬
‫ربط األسباب بالمسببات‬
‫المسببات تترتّب على أسبابها عند تحقق الشروط‪ ،‬وانتفاء المانع‪..‬‬
‫المورث‪ ،‬وتحقق حياة الولرث حقيقة أو حكما‪ ،‬والمانع هو القتل العمد‬
‫فالقرابة سبب اإلرث‪ ،‬وشرطه موت ّ‬
‫العدوان‪ ،‬واختالف الدين‪.‬‬
‫‪ ‬ترتّب األسباب على األسباب على أسبابها الشرعية يكون بحكم الشارع‪ ،‬رضي المكلف أم لم‬
‫يرض‪ ..‬فالقرابة سبب لإلرث؛ حتى لو لم يرض المورث أو ر ّده الوارث‪.‬‬
‫‪ ‬والنكاح سبب شرعي لوجوب المهر والنفقة للزوجة‪ ،‬ولو اشترطوا أن ال مهر وال نفقة‪ ،‬فالشرط لغو‪،‬‬
‫ال قيمة له‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫السبب والعلة‬
‫‪ ‬ما جعله الشارع عالمة على الحكم وجوبا وعدما‪ّ ،‬إما أن يكون مؤثرا في الحكم‪ ،‬بحيث يدرك العقل‬
‫وإما أن تكون مناسبة للحكم خفية‪ ،‬ال يدركها‬
‫وجه المناسبة بينه وبين الحكم؛ فهو سبب وعلة‪ّ ،‬‬
‫العقل‪ ،‬فهو سبب وليس علة‪ ..‬فالسفر سبب إلباحة الفطر‪ ،‬واإلسكار سبب لتحريم الخمر‪ ،‬والصغر‬
‫علل أيضا‪.‬‬
‫سبب للوالية على الصغير‪ ،‬فهذه ٌ‬
‫‪ ‬ومن الثاني‪ ،‬شهود رمضان لوجوب الصيام‪ ،‬فالعقل ال يدرك وجه المناسبة بين المسبب‪ ،‬وهو شهود‬
‫رمشان‪ ،‬وبين المسبب وهو وجوب الصيام‪ ،‬وغروب الشمس سبب لوجوب صالة المغرب‪ ..‬والعقل‬
‫ال يدرك وجه المناسبة بينهما‪.‬‬
‫يسمى علة فقط‪ ،‬وقصر اسم المسبب على ما لم‬
‫‪ ‬ويرى فريق آخر أن ما عرفت مناسبتة للحكم ّ‬
‫تعرف مناسبته للحكم‪.‬‬
‫المطلب الثاني – الشرط‪.‬‬
‫الشرط لغة‪ :‬العالمة الالزمة‪.‬‬
‫اصطالحا‪ :‬ما يتوقف وجود الشئ على وجوده‪ ،‬وكان خارجا عن حقيقة‪ ،‬وال يلزم من وجوده وجود الشئ‪،‬‬
‫لكن يلزم من عدمه عدم ذلك الشئ‪ ..‬فالوضوء شرط للصالة‪ ،‬وحضور الشاهدين شرط للنكاح‪.‬‬
‫الشرط الركن‪ :‬يتفقان في توقف وجود الشئ على كل منهما‪ ،‬ويختلفان في الركن داخل في حقيقة الشئ‬
‫والشرط ليس داخال فيه‪ ..‬كالركوع للصالة‪ ،‬والوضوء للصالة‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط والسبب‪ :‬يثفقان في أن كالّ منهما مرتبط بشئ آخر‪ ،‬بحيث ال يوجد هذا الشئ بدونه‪،‬‬
‫وليس أحدهما جزءا من الحقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬ويختلفان في أن وجود السبب يستلزم وجود المسبب إال لمانع‪ ،‬فالسبب يقضي إلى مسبّبه بجعل‬
‫من الشارع‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط ال يلزم من وجوده وجود المشروط‪.‬‬
‫أقسام الشرط‬
‫الشرط من حيث تعلقه بالسبب أو المسبب ينقسم إلى شرط لسبب‪ ،‬وشرط للمسبب‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫يكمل السبب‪ ،‬ويقوي معنى السببية فيه‪ ،‬ويجعل أثره مترتّبا عنه‪ ،‬كالعمد العدوان‪ ،‬شرط للقتل‬
‫األول‪ّ :‬‬
‫الذي هو سبب إيجاب القصاص من القاتل‪ ..‬والحرز للمال المسروق شرط للسرقة التي هي سبب‬
‫لوجوب الحد على السارق‪.‬‬
‫والحول على نصاب المال شرط للنصاب الذي سبب للزكاة‪.‬‬

‫ورث حقيقة أو حكما‪ ،‬وحياة الوارث وقت وفاة المورث‪ ..‬فهما‬


‫‪ -‬الشرط للمسبب‪ :‬مثل موت الم ّ‬
‫شرطان لإلرث الذي سببه القرابة والزوجة والعصوبة‪.‬‬
‫أقسام الشرط بإعتبار مصدر اشتراطه‬
‫‪ -‬شرط شرعي‪ :‬مصدره الشارع‪ ..‬مثاله بلوغ الصغير سن الرشد لتسليم المال إليه‪.‬‬
‫‪ -‬شرط جعلي‪ :‬ما كان مصدره المكلف‪ ،‬هو نوعان‪:‬‬
‫‪ -‬النوع اإلول‪ :‬ما يتوقف عليه وجود العقد‪ ،‬فهو من شروط السبب‪ ..‬مثل تعليق الكفالة على عجز‬
‫المدين عن الوفاء‪ ،‬وتعليق الطالق على أمر‪ ،‬وهو الشرط المعلق‪..‬‬
‫‪ -‬من العقود ما يقبل التعليق‪ ،‬كعقود التمليكات التي تفيد ملك العين أو المنفعة‪ ،‬والنكاح والخلع‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها ما يقبل التعليق كالوكالة والوصية‪.‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني‪ :‬الشرط المقترن بالعقد‪ ،‬مثل اشتراط أن ال يخرج الزوج زوجته من بلدتها‪ ،‬أو بشرط أن‬
‫يكون الطالق بيدها‪ ،‬والبيع بشرط أن يسكن البائع الدار مدة سنة‪.‬‬
‫‪ -‬الفقهاء مختلفون‪ ،‬فالمضيّقون – وهم الظاهرية – ال يجيزون شيئا من ذلك‪.‬‬
‫الموسعون – وهم الحنابلة ومن تابعهم – يطلقون إرادة المكلف فيها؛ إال إذا ورد نص بالتحريم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫المطلب الثالث – المانع‬
‫تعريف المانع‪ :‬ما رتّب الشارع على وجوده عدم وجود الحكم أو عدم السبب‪ ،‬أي بطالنه‪ ،‬وهو نوعان‪..‬‬
‫نوع للحكم‪ ،‬ونوع لسبب‪.‬‬
‫األول‪ :‬مانع الحكم‪ :‬وهو يترتب على وجوده عدم وجود الحكم‪ ،‬بالغم من وجود السبب المستوفي‬
‫لشروطه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الثاني‪ :‬مانع السبب‪ :‬وهو الذي يؤثر في السبب بحيث يبطله‪ ،‬ويحول دون اقتضائه للمسبب؛ ألن في‬
‫المانع معنى يعارض حكمة السبب‪ ..‬كالدين والزكاة‪ ،‬فالنصاب سبب لوجوب الزكاة‪ ،‬وال ّدين مانع‪.‬‬
‫‪ ‬الدين ليس من خطاب التكليف‪ ،‬فال يطالب المكلف بتحصيله‪ ،‬ولكن ال يجوز للمكلف أن يتكلف‬
‫للتهرب من األحكام الشرعية؛ ألن ذلك من باب الحيل‪ ..‬كمن يهب شيئا من ماله لزوجته‬
‫إيجاده ّ‬
‫قبل نهاية الحول لينقص النصاب‪ ،‬ثم يستر ّده بعد الحول‪.‬‬
‫المطلب الرابع ‪ -‬الصحة والبطالن‬
‫إذا وقع فعل مكلف مستوفيا أركانه وشروطه‪ ،‬حكم الشارع بصحته‪ ،‬وإذا لم يقع على الوجه حكم ببطالنه‪.‬‬
‫‪ -‬معنى صحتها‪ :‬أنها تترتب عليها آثارها الشرعية‪ ،‬فإذا كانت عبادة برئت ذمته ‪ ..‬وإذا كان عقدا من‬
‫عقود المعامالت ترتب عليه آثاره‪ ،‬كتملك المبيع‪ ،‬والبطالن بعكس ذلك‪.‬‬
‫الصحة والبطالن من أقسام الحكم الوضعي‪:‬‬
‫قال بعض العلماء هما من أقسام الحكم التكليفي؛ ألنه يترتّب عليه إباحة الشارع اإلنتفاع بالشئ‪ ،‬والبطالن‬
‫يرجع إلى حرمة اإلنتفاع‪ .‬واإلباحة والحرمة من أقسام الحكم التكليفي‪.‬‬
‫ورد بأن البيع في زمن الخيار صحيح‪ ،‬وال يباح للمشتري االنتفاع بالمبيع‪.‬‬
‫‪ -‬الراجح أنهما حكمان وضعيان‪ ،‬ألن الشارع حكم بتعلق الصحة بالفعل المستوفي ألركانه وشروطه‪،‬‬
‫وحكم بتعليق البطالن بالفعل الظي لم يستوفي أركانه وشروطه‪ ،‬وألنه ليس في الصحة والبطالن فعل وال‬
‫ترك وال تخيير‪ ،‬بل من معاني السبب‪ ،‬والسبب من أقسام الحكم الوضعي‪.‬‬
‫البطالن والفساد‪:‬‬
‫هما شئ واحد عند الجمهور‪.‬‬
‫‪ -‬الحنفية‪ :‬العبادات‪ :‬إذا فقدت ركنا من أركانها كالصالة بال ركوع‪ ،‬أو فقدت بعض شروطها‪ ،‬كالوضوء‬
‫للصالة‪ ،‬فهي تسمى باطلة أو فاسدة‪.‬‬
‫المعامالت‪ :‬العقود والمعامالت إذا فقدت ركنا من أركانها‪ ،‬سميت باطلة‪ ،‬ولم يترتب عليها أثر شرعي‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫كما في بيع المجنون‪ ،‬أو بيع الميتة‪ ،‬أو نكاح المحارم مع العلم بالحرمة‪.‬‬
‫إذا استوفت أركانها وفقدت بعض شروطها‪ ،‬أي بعض أوصافها الخارجية‪ ،‬سميّت فاسدة‪ ،‬وترتب عليها‬ ‫‪-‬‬
‫بعض اآلثار إذا قام العاقد بتنفيذ العقد‪ ،‬كما في البيع بثمن غير معلوم‪ ،‬أو بثمن مؤجل إلى أجل‬

‫‪18‬‬
‫مجهول‪ ،‬أو المقترن بشرط فاسد‪ ،‬أو النكاح بغير شهود؛ فيثبت الملك للمشتري في المبيع؛ إذا قبضه‬
‫بإذن البائع‪ ،‬والنكاح بال شهود يجب المهر؛ إذا حصل الدخول‪ ،‬وتثبت العدة على المرأة عند الفرقة‪،‬‬
‫ويثبت النسل للطفل‪.‬‬
‫الباطل عند الحنفية ما كان لخلل فيه راجع إلى أركان العقد‪ ،‬أي الصيغة أو العقدين أو محل العقد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الفاسد‪ :‬ما كان الخلل فيه راجعا إلى أوصاف العقد‪ ،‬ال على أركانه‪ ،‬فأركانه سليمة‪ ،‬ولكن الخلل في‬
‫بعض أوصافه‪ ،‬كما في مجهولية ثمن المبيع ‪ ..‬فيقولون‪ :‬الفاسد ما كان مشروعا بأصله (أي بأركانه) ال‬
‫بوصفه‪ ،‬والباطل ما كان غير مشروع‪ ،‬ال بأصله وال بوصفه‪.‬‬
‫الخالف بين الحنفية والجمهور يرجع إلى اختالفهم في مسألتين‪.‬‬
‫األولى‪ :‬هل نهى الشارع عن عقد ما‪ ،‬معناه عدم اإلعتداد به في احكام الدنيا األثم في اآلخرة لمن يقدم‬
‫عليه‪ ،‬أم أنه يعت ّد به بعض االعتداد في أحكام الدنيا مع اإلثم في اآلخرة؟‬
‫‪ -‬الجمهور‪ :‬يرى الرأي األول‪.‬‬
‫‪ -‬الحنفية‪ :‬يرون أنه يلحقه اإلثم‪ ،‬ولكن يترتب عليه بطالن العقد دائما‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬هل النهي عن العقد لخلل في أصله‪ ،‬كالنهي عن العقد لخلل في أوصافه دون أركانه؟ بمعنى أن‬
‫النهي عن الحالتين سواء أم أن بينهما فرقا؟‪.‬‬
‫‪ -‬الجمهور‪ :‬يرى الرأي األول‪.‬‬
‫‪ -‬الحنفية‪ :‬النهي إن كان راجعا إلى أمر يتصل بأركان العقد كان معناه بطالن العقد وعدم اعتباره‬
‫إذا وقع ‪ ..‬كبيع الميتة وبيع المجنون‪ ،‬وإذا كان النهي ألمر يتصل بأوصاف العقد؛ فاسدا أو‬
‫باطال‪ ،‬وترتّب عليه بعض اآلثار‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫أسأل اهلل تعالى أن يتوالنا بعفوه‪ ،‬وأن يرحمنا برحمته‪ ،‬وأن يستعملنا في طاعته‪ ،‬وأن يجعل مثوانا جنته‪ ،‬وأن‬
‫يتقبلنا في عباده الصالحين‪ ...‬آمين‪.‬‬
‫وبعد‪،...‬‬
‫فهذا ماتيسر تلخيصه من كتاب الوجيز في أصول الفقه للشيخ عبد الكريم زيدان‪ ،‬نسأل اهلل أن يكتب له‬
‫القبول‪ ،‬وأن يتقبله منَّا بقبول حسن‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن ينفع به مؤلفه وقارئه ومن أعان على إخراجه‬
‫ونشره‪ ..‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫فمنِي ومن الشيطان‪ ،‬واهلل‬
‫هذا وما كان فيه من صواب فمن اهلل وحده‪ ،‬وما كان من سه ٍو أو خطأ أو نسيان ّ‬
‫ورسوله منه براء‪ ،‬وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب‪ ،‬فإن كان صوابا فادع لي بالقبول‬
‫ثم خطأ فاستغفر لي‬
‫والتوفيق‪ ،‬وإن كان ّ‬
‫جل من ال عيب فيه وعال‬
‫َّ‬ ‫وإن وجدت العيب فسد الخلال‬
‫فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً‪ ،‬وال تجعل ألحد فيه نصيبا والحمد هلل الذي بنعمته تتم‬
‫الصالحات‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلّى اهلل علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫هذا واهلل تعالى أعلى وأعلم‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬أشهد أن ال إله إال أنت‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬

‫‪2341‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪1022‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪20‬‬

You might also like