Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الرابعة مقياس الفقه الجنائي سنة ثالثة فقه وأصوله د كرومي
المحاضرة الرابعة مقياس الفقه الجنائي سنة ثالثة فقه وأصوله د كرومي
مر معنا أنواع الجرائم وتنوعها باعتبارات مختلفة ،وهنا ال بد من التعريج على
ما يثبت الجريمة؛ إذ ليس كل عمل إجراما إال بضوابط وشروط وتحقق الوقوع ،فما
هي هذه الطرق؟
أوالً ـ اإلقرار:
اإلقرار :هو إخبار عن ثبوت حق للغير على النفس( ،)1وهو حجة قاصرة
على المقر ال يتعدى أثره إلى غيره ،لقصور والية اإلقرار عن غيره ،فيقتصر أثر
اإلقرار على المقر نفسه .ويؤخذ بمقتضى اإلقرار؛ ألن اإلنسان غير متهم على
نفسه.
واتفق العلماء على صحة اإلقرار من الحر البالغ العاقل المختار غير المتهم
في إق ارره(.)2
(-) 2البدائع ،4/222 :تكملة الفتح ،6/282 :تبيين الحقائق ،5/3 :الشرح الكبير للدردير:
3/394وما بعدها ،المهذب ،2/373 :مغني المحتاج ،2/238 :المغني.5/238 :
ويشترط في اإلقرار بالجناية أو الجريمة الموجبة لحد أو قصاص أو تعزير:
أن يكون واضحاً مفصالً ،قاطعاً في االعتراف بارتكاب الجرم ،عمداً أو خطأ أو شبه
عمد؛ فال يصح اإلقرار المجمل الغام ض أو المشتمل على شبهة ،حتى يتحدد نوع
العقاب ،إذ ال عقاب مثالً على القتل دفاعاً عن النفس أو المال ،أو استعماالً لحق،
أو تنفيذاً لقصاص.
وال يصح إقرار المتهم في إق ارره لمالطفة صديق ونحوه؛ ألن التهمة تخل
برجحان جانب الصدق على الكذب في إق ارره.
وال يصح إقرار عديم العقل كالمجنون ،وغير المميز .ويصح عند الحنفية-
خالفاً لبقية األئمة -إقرار الصبي المميز بالديون واألعيان؛ ألنه من ضرورات
التجارة .وال يصح إقرار المستكره أو المتهم الذي يضرب ليقر في األموال والجنايات
الموجبة لحد أو قصاص ،ويلغى ،وال يترتب عليه أي أثر ،إال أن المالكية يقولون :ال
يلزم إقرار المستكره ،بمعنى أنه يخير بعد زوال اإلكراه بين إجازة اإلقرار أو إلغائه أو
إبطاله(.)1
وال يصح إقرار زائل العقل بنوم أو إغماء أو دواء .أما السكران المتعدي
بسكره (وهو من تعاطى مسك اًر متعمداً)()2؛ فيصح إق ارره في كل تصرفاته وجناياته
عند الشافعية .ويصح إق ارره عند الحنفية في األموال واألحوال الشخصية وفي القتل
والجناية على ما دون النفس وعلى الجنين؛ألنها حقوق شخصية للعباد ،وال يصح
(-) 1انظر البدائع 4/289 :وما بعدها ،تكملة الفتح ،4/265 :تبيين الحقائق ،5/282 :الدر
المختار ،5/89 :الدردير ،3/394 :المغني.8/296 :
( -) 2انظر الدر المختار ،7/789 :رد المحتار والدر المختار 3/281 :وما بعدها ،الدردير:
،3/394حاشية الباجوري ،2/7 :المغني.5/238 :
إق ارره في الحدود الخالصة هلل تعالى كحد الزنا والسرقة ،لوجود الشبهة ،وهي تد أر
بالشبهات ،لكن يضمن السكران الشيء المسروق وان كان ال يحد.وال يصح إقرار
السكران بحق أو جناية أو غيرهما عند المالكية والحنابلة؛ ألنه غير عاقل.
واتفق الفقهاء()1على أنه يجوز للمقر الرجوع عن إق ارره في حقوق اهلل تعالى
كالردة والزنا وشرب خمر وسرقة وقطع طريق من أجل إسقاط الحد ،ال إسقاط المال؛
ألنها تد أر بالشبهات.
الرجوع عن اإلقرار :إذا أقر شخص ما بذنب أو بحق للغير على نفسه ثم رجع عن
ذلك ،فهل يقبل منه ذلك؛ في ذلك خالف ،يبرز في اختالف العلماء في هذه المسألة
على أقوال:
ٍ
مقبول في الحدود مطلقاً، الم ِقِّر عن إق ارره غير ()1
القول األول :أن رجوع ُ
بناء على إق ارره األول ،وهذا هو المروي عن ابن أبي ليلى ،وسعيد ويقام عليه ُّ
الحد ً
بن جبير ،والحسن البصري ،وهو قو ٌل لإلمام أحمد.
( -) 1انظر :بداية المجتهد ،2/731 :الدردير ،7/328 :مغني المحتاج ،7/251 :المغني:
.8/294
واختار هذا القول :داود بن علي ،وابن ٍ
حزم ،وشيخ اإلسالم ابن تيمية،
()2
وتلميذه ابن القيم.
وهو المنقول عن شريح القاضي؛ فقد روي أن رجال أقر عنده بأمر ،ثم أنكره،
فقضى عليه بإق ارره ،فاعترض المحكوم عليه قائال ":أتقضي علي بغير بيتة؟" فأجابه:
" شهد عليك ابن أخت خالتك"...أي أنك أررت على نفسك(.)3
القول الثالث( :)5أن رجوع المقر عن إق ارره في الحدود إذا كان لِ ُش ْبهَ ٍة قُبِ َل
اية ،واختاره بعض مالك في رو ٍ
رجوعه ،واذا كان لغير شبهة لم يقبل ،وهذا هو قول ٍ
(-) 4انظر الفواكه الدواني228/2 :؛ المغني229/9 :؛ المهذب للشيرازي.376/2 :