Professional Documents
Culture Documents
-
الحمد لله والسالم على رسول الله ،وعلى أله وصحبه أجمعين ،أما بعد:
فهذه الحلقة األولى في بيان انحراف محمد كربوز-أصلحه الله ،-وفي تخبطه التخبط
العشواء ،في مقاله المشين ":كشف اللبس في مسالة العذر بالجهل" ،حيث قال بل
قررعين ماكان يقرره عبد الله عزام وأبوالحسن المأربي وغيرهما من أهل الفتن ،
وذلكم في قاعدتهم المشؤومة ":حمل المجمل والمفصل"،و"نصحح وال
نجرح"،و"المنهج الواسع".
وسأبين تلبيسه وتدليسه في تعليقات يسرات ،مع عدم التطويل واالطناب ،فوقتنا أثمن
أن يهدر في مثل هذا الرجل المتعصب ،ومايقرره من األصول الباطلة.
أوال:
قال محمد كربوز في مقاله ":كشف اللبس في مسالة العذر بالجهل"" :وعنوانه ركيك
غير جار على سنن أهل العلم في العنونة":الدكتور ينكر ماكان يعرف ،ويعرف
ماكان ينكر".
قلت :أشاطرك في الرأي ،ألنك ال تفهم لغة العلم ،وإال أطفال أهل الحديث يدركون
ويعرفون أنه أثر سلفي أثري قاله صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ويعرفون جق المعرفة معناه ،وماتضمنه ،حيث دخل أبو مسعود األنصاري على
حذيفة رضي الله عنهما ،فقال :اعهد إلي .
فقال :ألم يأتك اليقين ؟ ،قال :بلى وعزة ربي.
قال :فاعلم أن الضاللة حق الضاللة أن تعرف ما كنت تنكر ،وأن تنكر ما كنت
تعرف ،وإياك والتلون في دين الله تعالى ،فإن دين الله واحد.
ومعناه ال يخفى على من شم رائحة العلم ،وهو ينطبق على من قرر منهج السلف
وتنكب عنه بل عارضه بل ونقضه ،والدكتور انموذجا الذي كان يقرر عدم جواز
االنكار العلني في غيبته كما هو مذهب الخوارج بعدما كان يحاربه ،ثم أصبح يقرره.
قال الدكتور كما في "منصب اإلمامة الكبرى أحكام وضوابط" ص :34ومعنى ذلك
َّ
أن أهل السنة السلفيين ينكرون ما يأمر به اإلمام من البدع والمعاصي ويحذرون
والة األمورالناس منها ويأمرونهم باالبتعاد عنها ،من غير أن يكون إنكارهم على ا
في مجامع الناس ومحافلهم ،وال على رؤوس المنابر ومجالس الوعظ وال التشهير
بعيوبهم ،وال التشنيع عليهم في وسائل اإلعالم بأنواعها المختلفة -المرئية والمسموعة
والمكتوبة بالكتابة في الصحف والمجالت أو بالصور الكاريكاتورية -ونحو ذلك،
ألن ذلك يؤدي إلى تأليب العامة وإثارة الرعاع ،وإيغار لصدور الرعية على َّ
والة َّ
اارة يأباها
األمور وإشعال الفتنة ،ويوجب الفرقة بين اإلخوان ،وهذه النتائج الض َّ
الشرع ونهى عنها و"كل ما يفضي إلى حرام فهو حرام" "والوسائل لها حكم
المقاصد".اهـ
وكان يقرر أن الصحابة لم يختلفوا في أصول الشريعة ،ثم أصبح يقرر أنهم اختلفوا
فيها كما قال في صوتية له :وهناك أمور تتعلق بالعقيدة اختلف فيها الصحابة فيما
بينهم؛ ولم يضلال أحدهما اآلخر؛ ولم يبدع أحدهما اآلخر؛ ولم يكفر أحدهما اآلخر....
فلو قلنا :إن مسائل األصول ال يُعذر فيها الجاهل؛ ويُعذر في مسائل الفروع؛ فهذه
من مسائل األصول؛ مع أنه وقع عذر بعضهم لبعض؛ ومع اختالفهم في ذلك لم
يحصل منهم ال تبديع وال تفسيق وال تضليل» .اهـ.
وكان يقرر على نحو ماقرره السلف في كيفية تنصيب ولي األمر ،ثم أصبح يقرر
أنه من حق األمة عزل ولي األمر ،ومراقبته ،ومحاسبته.
وكان يدافع عن األلباني وربيع بن هادي رحم الله من مات منهم وحفظ من بقي ،ثم
أصبح يطعن فيهما ،ونحو ذلك.
قال محمد كربوز :ادَّعاء هذا الصعفوق المفتري على الشيخ أن َّاليشترط إقامة
الحجة في كل أو فعل كفري ممن يدين باالسالم ،وال يشترط التكفير وانتفاء موانعه
عند الحكم بالكفر والخروج من الملة على من يدين باإلسالم في كل قول أو فعل
كفري يصدر منه .
وهذا كذب على الشيخ فركوس وافتراء عليه ،والدليل على ذلك تقرير الشيخ
فركوس نفسه في مؤلفاته وفتاواه –فتاوبه -أن القول أو الفعل قد يكون كقرا ولكن
ال بحكم على القائل أو الفاعل بالكفرلعدم قيام الحجة الرسالية عليه ،أو النتفاء
شروط التكفير،أو وجود مانع في حقه.
-ثم نقل كالم الدكتور من مقال أخرغير الكالم الدي ناقشته فيه -ثم قال:
ادعاؤه أن الشيخ فركوس يحكم بالكفر الظاهر والباطن على كل من يدين باإلسالم
ووقع في قول أو فعل كفري ولو لم تقم عليه الحجة الرسالية
وهذا كذب آخر وافتراء على الشيخ فركوس ،واظن ان منشأ هذا االفتراء والكذب
هو جهل هذا الصعفوق المفتري بمصطلح ":كافر ظاهرا وباطنا" ،فالكافر ظاهرا
وباطنا يستحق القتل في الدنيا والخلود في النار في اآلخرة ،وهذا ال يكون إال بعد
قيام الحجة الرسالية عليه.
ومما يؤكد جهله بهذا المصطلح قوله ":فإنه يكفر عينا ظاهرا وباطنا"
ثم قال":أي:يقال عنه في الدنيا بأنه كافر ،ويعامل معاملة الكافرين ،وفي اآلخرة
أمره الى الله".
ّّففسر كما ترى الكافر ظاهرا وباطنا بمن يقال في الدنيا كافر ،ويعامل معاملة
الكافرين،وفي اآلخرة أمره إلى الله ،فخلط بين الكافر ظاهرا وباطنا الذي مآله
الخلود في النار وفي اآلخرة أمره إلى الله ،فخلط بين الكافر ظاهرا وباطنا الذي
مآله الخلود في النار وبين الكافر ظاهرا فقط الذي أمره في اآلخرة إلى الله ،يمتحنه
الله وبعد االمتحان
يظهر مآله.
أوال:
قلت :أنا نقلت كالم الدكتور بفصه ونصه ،وهو أنه ال يشترط أي شرط في تكفير من
وقع في مكفر ،وذلك من ثالثة مواطن ومواضع من مقاالته من موقعه ،ثم محمد
كربوز ذهب يطبق القاعدة التي طالما حاربها أهل السنة من سنوات عديدة ،وأزمنة
مديدة ،وكتبوا فيها مصنفات في دحضها ،والرد عليها ،وهي":حمل المجمل على
المفصل في غير الوحيين".
وسأنقل كالم الدكتور مرة أخرى ،وذلك في بيان أنه ال يشترط أي شرط في المتلبس
بالكفر قوال أو فعال ،وأنه يكفره ولو قبل قيام الحجة الرسالية ،وبعدها نترك عقالء
بني آدم يحكمون.
قال الدكتور كما في":في ثبوت وصف الشرك مع الجهل وقبل قيام ال ُح َّجة " :فال
األكبر ،وتثبتُ مع الجهل قبل قيام ال ُح َّجة
ِّ المتلب ِّس بالشرك
ِّ رك على ترتف ُع صفةُ ِّ
الش ِّ
الرسالية وبعدها.اهـ
ِّ
الشرك قبل قياموقال أيضا كما في" :في دفع اإلشكال بين مسألة ثبوت وصف ِّ
الرسالية،
الشرك عليه قبل قيام ال ُح َّجة ِّ
وصف ِّ
ِّ ال ُح َّجة" :وإنَّما اإلشكا ُل في إطالق
المتحقق على فاعله قبل بلوغ ِّ المشرك
ِّ اسم الكافر أو
ق ِّ والصحيح أنَّه يثبت إطال ُ
الرسالية،
المشرك ثابتٌ قبل بُلوغ ال ُح َّجة ِّ
ِّ الرسالية ....د َّل ذلك على َّ
أن اسم ال ُح َّجة ِّ
سا على ثُنائي ِّة اإليمان والكُفر في باب األسماء واألحكام ،فال منزلة بين وذلك تأسي ً
المنزلتين ،فالكُفر ِّض ُّد اإليمان باتِّفاق المسلمين.اهـ
وقال كما في" :في ضوابط مسألة العذر بالجهل"ِّ :من بين األدلَّة القرآنية على
فضال عن سائر المعاصي ـ وذلك قبل قيامً ثُبوت وصف الشرك والكفر مع الجهل ـ
ال ُح َّجة والبيان.اهـ
ثانيا:
الذي عليه أهل السنة والجماعة أنه ال يكون حمل المجمل على المفصل إال في
الوحيين ،وأما كالم البشر يعتريه ما يعرتيه من الخطأ ،والزلل ،بل العالم يقع في
الزلل والخطا بل تجد أحدهم أحيانا يقرر حتى الباطل بغير قصد أو لجهل ،وفي
موضع آخر يقرر ضده ،وأهل العلم يتعاملون مع إطالقات العلماء ،واجماالت
كالمهم بالنظر إليها ،فإن كانت تتضمن حقا قبلوها ،وإن كانت تتضمن معنى باطال
ردوها ،قال ابن تيمية رحمه الله كما في "درء تعارض العقل و النقل" (131 – 1
) :فطريقة السلف واألئمة يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل،
ويراعون أيضا ً األلفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيالً ومن تكلم بما
فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا ً
وباطالً نسبوه إلى البدعة –أيضا ً– وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ور اد باطالً بباطل.اهـ
والدكتور ماتكلم بلفظ مجمل فحسب ،وإنما في األمور المستدركة عليه قررالباطل
في موطن ،وقرر ماعليه السلف أحيانا في مواضع آخرى فافهم هذا يامن قلت عن
شخصك أنك متعصب لفركوس.
وافهم مسألة أخرى ،وهي األهم ،أنه ليس العيب كل العيب أنه أخطأ ،وإنما العيب
والشنار في عناده ومكابرته ،وإصراره على الباطل.
ومن األمثلة على أنه كان قديما يقرر ماكان عليه أهل السنة والجماعة ،ثم قرر وقعد
خالف ماكان عليه قديما ،بل يناقضه أشد المناقضة ،وبالمثال يتضح المقال كما يقال:
الدكتور قديما كان يقرر التقرير السلفي في كيفية تنصيب ولي األمر ،كما في مقاله":
ط ُرق تنصيب إمام المسلمين وتقرير وجوب الطاعة وبذل النصيحة". في ُ
ويقرر أيضا في موقعه خالف ماقرره في رسالته المشار إليها آنفا ،بل ينقضها نقضا،
وهو ماقرره أنه من حق األمة اإلسالمية من الرعية عزل ولي األمر ،ومن حقها
محاسبته ،ومن حقها مراقبته.
أن األ ُ َّمةَ هي صاحبةُ قرر َّشهريةُ رق ُم :"٥١١ :إذا ت َ َّ كما قال الدكتور في ":الكلمةُ ال َّ
مث الها أه ُل
ثابت لها ،ويُ ِ ٌ عيين والعز ِل حق الت َّ ِ
ألن َّسلط ِة التَّنفيذيَّ ِة في ال ِوالي ِة والعز ِل ـ َّ ال ُّ
ق انعقا ِد اإلما َم ِة ال ُكبرى ،وهو االختيار األو ِل ِم ْن ُ
ط ُر ِ ق َّ ال َح ِال والعقد بنا ًء على َّ
الطري ِ
ُ
لواحق عق ِد حق األ ُ َّم ِة
ب على ا ِ وال َب ْي َعةُ كما تقد ََّم ـ فإنَّه ـ بنا ًء على هذا الت َّ ِ
قرير ـ يترت َّ ُ
اإلمام ِة ِم ْن ُمراقب ٍة و ُمحاسب ٍة وعز ٍل (معاقبةٍ).اهـ
هل من المنهج السلفي أن تقرر المنهج البدعي المأربي في حمل هذا النقل عن الدكتور
على كالمه األخر المخالف له بل الذي يناقضه ؟.
خد مثاال آخر لعلك تستوعب أكثر وأكثر ،وتعرف خطورة تقعيدك لتلكم القاعدة
المدمرة ،واترك الهوى فإنه يضلك عن سبيل الله تعالى ،الدكتور بقرر أن الصحابة
رضي الله عنهم اختلفوا في العقيدة ،قال :وهناك أمور تتعلق بالعقيدة اختلف فيها
الصحابة فيما بينهم؛ ولم يضلال أحدهما اآلخر؛ ولم يبدع أحدهما اآلخر؛ ولم يكفر
أحدهما اآلخر
كمسألة مثال :هل إبليس من المالئكة أم من الجن؟! اختلفوا في ذلك
هل عذاب القبر القبر يقع على الروح والبدن ام يقع على الروح؟! اختلفوا في ذلك
هل النبي صلى الله عليه وسلام رأى ربه أم لم ير ربه؟! اختلفوا فيها
مسائل كثيرة اختلفوا فيها
فلو قلنا :إن مسائل األصول ال يُعذر فيها الجاهل؛ ويُعذر في مسائل الفروع؛ فهذه
من مسائل األصول؛ مع أنه وقع عذر بعضهم لبعض؛ ومع اختالفهم في ذلك لم
يحصل منهم ال تبديع وال تفسيق وال تضليل» .اهـ.
قال شيخنا صالح اللحيدان حفظه الله :من يقول بأن الصحابة اختلفوا في العقيدة فهة
مبتدع.اهـ
هل تقول أيضا يجب أن يحمل كالمه على مفصله ،أو يطالب هو بالتراجع ،خاصة
وأكد ما يقصده ويريده بقوله :فهذه من مسائل األصول؟
هل تطبق منهجك األفيح في حمل كالم الدكتور المنقول عنه آنفا ،على كالمه األخر
الموافق ألهل السنة؟؟؟
وهل تحمل كالمه في تقرير الحاكمية ،على كالمه اآلخر في توحيد األلوهية؟.
وهكذا طعنه في اللجنة الدائمة بأنها مسيسة ،بل والمملكة العربية السعودية بأنها ال
تحكم الشريعة إال في بعض األمور ،وطعنه في األلباني وربيع بن هادي ونحو دلك،
هل نرجع عن كل ماثبت عنه إلى ماكان يقرره من قبل؟؟
أو يطالب بالتراجع والبيان وا ًالصالح.
ثالثا:
تقعيدك هذا هو عين ماقرره أهل األهواء والبدع ،وذلك تترسا بهذه القاعدة اآلثمة في
الدفاع عن أهل األهواء والبدع ،ولك سلف وبئس السلف ،وهو :عبد الله عزام،
والمأربي وغيرهما من أهل الفتن ،فلو أنكرت على سيد قطب مثال طعنه في بعض
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أو تقريره للحاكمية ،ألتى لك الخصم
بكالم له يخالفه بل في ظاهره يناقضه في الثناء على الصحابة والكالم في توحيد
األلوهية.
فيا كربوز تعقل بعقلك ،وكفاك تلبيسا ،أنا ذكرت كالم الدكتور بفصه ونصه ،وهو
أنه ال يشترط أي شرط في تكفير من تلبس بالشرك قوال أو فعال ،ويكفره ولو قبل
قيام الحجة الرسالية عليه ،وال يشترط أي شرط ،وذلك ليس في موضع فحسب،
وإنما في مواضع عدة.
رابعا:
قال شيخ ربيع بن هادي حفظه الله في مقاله" وقفات مع القائلين بأصل حمل المجمل
على المفصل" :رد عبد الله عزام على تصريح العالمة األلباني –رحمه الله -بأن
سيد قطب يقول بوحدة الوجود عند ذلك هبَّ عبد الله عزام يدافع عن سيد قطب،
ويرد على الشيخ األلباني.
وخالل هذا الدفاع والرد اخترع وجوب حمل كالم الرجل المجمل على المفصل،
وأن عامه يحمل على خاصه ،ومطلقه يحمل على مقيده.
فهذا أول ظهور هذا األصل الباطل بهذا اللفظ...
وجاء بشبهات وشبهات ،فرددتُ هذه الشبهات وبينتُ بطالنها من وجوه ،ونقلتُ عن
جمع من العلماء أنه ال يؤول إال كالم المعصوم ،ومن جملة ما نقلته كالم العالمة
الشوكاني في كتابه “الصوارم الحداد” (ص )69-69حيث قال ”:وقد أجمع المسلمون
أنه ال يؤول إال كالم المعصوم”.
فاستمر أبو الحسن في مكابرته وعناده ،وأدرك كثير ممن كان مخدوعا ً به أنه صاحب
هوى ،ويجادل بالباطل ،فعادوا إلى جادة السلف....
وعلى قوله يجب حمل اجماالت جماعة التبليغ واإلخوان المسلمين البدعية على
مفصالتهم فتصبح ضالالتهم كلها حقاً ،ومفصلهم عند أبي الحسن هو كونهم من أهل
السنة في زعمه ،فتصبح ضالالتهم مفصلها ومجملها كلها حق.
والعلماء من كل المذاهب إذا كان للعالم في مسألة ما قوالن أو أكثر ال يحملون
مجمالته على مفصالته ،بل يرجحون أقوى القولين أو األقوال والذي يدل عليه
الدليل ،فعملهم هذا يدل على أنهم يرون أن القول المرجوح خطأ ،وأنهم ال يرون
حمل المجمل على المفصل.
وهذه كتب الفقه بين أيدينا ،فمثالً كثير من المسائل لإلمام أحمد فيها قوالن ،فيأتي
العلماء مثل أبي يعلى وابن قدامة وشيخ اإلسالم نفسه وغيرهم ،فيقدمون ما ترجحه
األدلة من األقوال على ما يقابلها ،وال يقولون :نحمل المجمل على المفصل ،فيصير
القوالن كالهما حقاً ،كما هو مؤدى كالم من يقول بحمل المجمل على المفصل.
لقد تعلمنا من شيخ اإلسالم و َمن قبله من األئمة ومن بعده قولهم“ :كل يؤخذ من قوله
ويرد إال رسول الله -صلى الله عليه وسلم.“-
وأن العلماء بما فيهم الصحابة ليسوا بمعصومين من الخطأ...
ومعلوم لدى طلبة العلم تبديع من يقول لفظي بالقرآن مخلوق ،وممن بدَّعهم اإلمام
أحمد بهذا القول :الحارث المحاسبي ،وحسين بن علي الكرابيسي ،وهما من كبار
اإلمام أحمد أه ُل السنة في ذلك ،ولم يحملوا مجملهما
َ العلماء بالحديث والفقه ،وأيد
على مفصلهما.
وعلى مذهب دعاة حمل المجمل على المفصل يكون اإلمام أحمد ومن معه ممن بداع
هؤالء يكونون ظالمين للمحاسبي والكرابيسي؛ ألنهما من أهل السنة والحديث ،وكذلك
اإلمام أحمد ومن معه يكونون ظالمين لكل من حكموا عليه بالبدعة ممن يقول بأن
القرآن كالم الله حقيقة لكن لفظي بالقرآن مخلوق ،وأن كالمهم هذا مجمل ،أال قاتل
الله األهواء وأهلها.
-وكذلك بداع اإلمام أحمد من يقول :القرآن كالم الله ،ثم يقف فال يقول مخلوق وال
غير مخلوق ،ومن هؤالء يعقوب بن شيبة ،وهو من كبار المحدثين ،وأي َّد علماء
الحديث اإلمام أحمد في ذلك.
-وكتب الجرح والتعديل وكتب الجرح الخاص مليئة بجرح من يستحق الجرح،
وتبديع من يستحق التبديع ،سواء كان كالمه مجمالً أو مفصالً ،وال وجود وال أثر
لمنهج الموازنات وال لمنهج حمل المجمل على المفصل.
-هذا ولثالثة من أئمة هذا العصر مواقف عظيمة تدل على احترامهم للحق ونصرتهم
للحق والصدع بالحق ولو كان على النفس.
أولئك الثالثة هم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز والشيخ محمد بن صالح
العثيمين والشيخ حمود التويجري رحمهم الله.
لقد انتقد الشيخ حمود التويجري الشيخ ابن عثيمين في عبارة مجملة تحتمل حقا ً
وباطالً صدرت من ابن عثيمين أال وهي قوله ”:إن الله معنا بذاته” ثم بيان ابن
عثيمين ما قصده ونفى االحتمال الباطل ومع ذلك انتقده التويجري وأيده الشيخ ابن
باز وأثنى عليه خيرا ً فما كان من ابن عثيمين إال أن ينصر التويجري وابن باز على
نفسه بسماحة نفس وصدق وجد ولم يقل أحد منهم ”:يحمل مجمل ابن عثيمين على
مفصله” ،وال فكر هو في هذا.
ولم يقل أحد منهم ذلك مع إمامة ابن عثيمين وجاللة قدره ورسوخ قدمه في العلم
وإمامته في السلفية.
-1قال الشيخ حمود التويجري بعد حمد الله والثناء عليه والصالة على النبي صلى
الله عليه وسلم.
“أما بعد :فقد رأيت مقاالً سيئا ً لبعض المعاصرين زعم في أوله أن معية الله لخلقه
معية ذاتية تليق بجالله وعظمته وأنها ال تقتضي اختالطا بالخلق وال حلوال في
أماكنهم .
وقال في آخر مقاله :وهكذا نقول في المعية نثبت لربنا معية ذاتية تليق بعظمته
وجالله ،وال تشبه معية المخلوق للمخلوق ونثبت مع ذلك علوه على خلقه واستواءه
على عرشه على الوجه الالئق بجالله ونرى أن من زعم أن الله بذاته في كل مكان
فهو كافر أو ضال إن اعتقده وكاذب إن نسبه إلى غيره من سلف األمة أو أئمتها.
فعقيدتنا أن لله تعالى معية ذاتية تليق به وتقتضي إحاطته بكل شيء علما ً وقدرة
وسمعا ً وبصرا ً وسلطانا ً وتدبيرا ً وأنه سبحانه منـزه أن يكون مختلطا ً بالخلق أو حاالً
في أمكنتهم بل هو العلي بذاته وصفاته وعلوه من صفاته الذاتية التي ال ينفك عنها
وأنه مستو على عرشه كما يليق بجالله وأن ذلك ال ينافي معيته ثم صرح أنه قال
ذلك مقررا ً له ومعتقدا ً له منشرحا ً له صدره .
هذا كالم الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله.-
ثم قال الشيخ حمود“:وأقول :ال يخفى على من له علم وفهم ما في كالم الكاتب من
التناقض والجمع بين النقيضين وموافقة من يقول من الحلولية :إن الله بذاته فوق
العالم وهو بذاته في كل مكان وما فيه أيضا ً من مخالفة الكتاب والسنة وإجماع سلف
األمة وأئمتها.
ثم أخذ رحمه الله يبين مآخذه على ابن عثيمين.
-2قال الشيخ عبد العزيز بن باز مؤيدا ً للشيخ حمود التويجري رحم الله الجميع:
“الحمد لله والصالة والسالم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد :
فقد اطلعت على ما كتبه أخونا العالمة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في بيان
األدلة الشرعية والعقلية على إثبات علو الله سبحانه فوق عرشه واستوائه عليه
استواء يليق بجالله ال يشابه فيه خلقه .
وفي إثبات معيته لعباده بعلمه وإطالعه وحفظه وكالءته ألوليائه والرد على من زعم
أن معية الله لعباده ذاتية.
بل قد سمعته جميعه بقراءة مؤلفه حفظه الله فألفيته كتابا ً عظيم الفائدة مؤيدا ً باألدلة
الشرعية والعقلية كما ألفيته ردا ً عظيما ً على أهل البدع القائلين بالحلول واالتحاد
وردا ً كافيا ً شافيا ً على من قال :إن معية الله للخلق ذاتية .
فجزاه الله خيرا ً وزاده علما ً وهدى وتوفيقا ً ونفع به وبمؤلفاته المسلمين .
وبالجملة فهذا كتاب عظيم القدر كثير الفائدة مشتمل على أدلة كثيرة من الكتاب
والسنة على إثبات أسماء الله وصفاته وعلوه سبحانه فوق خلقه والرد على جميع
أهل البدع كما أنه مشتمل على نقول كثيرة مفيدة من كالم علماء السنة المتقدمين
والمتأخرين ومن كالم الصحابة والتابعين رضي الله عن الجميع ورحمهم رحمة
واسعة .
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العال أن ينفع به المسلمين وأن يقيم به الحجة
ويقطع به المعذرة وأن يضاعف المثوبة لمؤلفه ويجعلنا وإياه وسائر إخواننا من أئمة
الهدى وأنصار الحق وأن يثبتنا جميعا ً على دينه حتى نلقاه سبحانه إنه ولي ذلك
والقادر عليه .
قاله الفقير إلى عفو ربه :عبد العزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله وعفا عنه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
الرئيس العام إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد 1343 /9 /29ه
موقف الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله.-
-4لقد طلب رحمه الله كتاب أخيه الشيخ حمود التويجري ثم قرأه ثم كتب ما يؤيد
أخاه التويجري منتصرا ً للحق وألخيه على نفسه فقال:
“الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
“الحمد لله ،نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره،ونتوب إليه ونعوذ بالله ،من شرور أنفسنا،
ومن سيئات أعمالنـا ،من يهده الله فال مضل لـه ،ومن يضلل فال هـادي لـه.وأشهد
أن ال إله إال الله وحده ال شريك له.وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله rوعلى آله
وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
وبعد :فقد قرأت الكتاب الذي ألفه أخونا الفاضل الشيخ حمود بن عبد الله التويجري
في إثبات علو الله تعالى ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله تعالى لخلقه
معية ذاتية فوجدته كتابا ً قيما ً قرر فيه مؤلفه الحقائق التالية :
األولى :إثبات علو الله تعالى بذاته وصفاته لداللة الكتاب والسنة واإلجماع والعقل
والفطرة على ذلك .
الثانية :إثبات استوائه تعالى بذاته على عرشه استواء حقيقيا ً يليق بجالله وعظمته
من غير تكييف وال تمثيل لداللة الكتاب والسنة واإلجماع على ذلك .
الثالثة :إثبات معية الله لخلقه بعلمه وإحاطته إن كانت عامة وبنصره وتأييده مع
العلم واإلحاطة إن كانت خاصة وتأييد ذلك بما نقله عن السلف واألئمة
الرابعة :إبطال قول الحلولية القائلين بأن الله تعالى بذاته في األرض أو في األرض
وعلى العرش لداللة الكتاب والسنة واإلجماع والعقل على إبطاله .
الخامسة :إنكاره القول بالمعية الذاتية .
وكل ما قرره فهو الحق فعلو الله تعالى على خلقه بذاته وصفاته دل عليه القرآن في
آيات متعددة وعلى وجوه متنوعة معلومة لكل من قرأ كتاب الله تعالى موجبة للعلم
القطعي ودلت عليه السنة بأنواعها القولية والفعلية واإلقرارية في أحاديث كثيرة تبلغ
حد التواتر وعلى وجوه متنوعة ودل عليه العقل من وجهين ،ثم أخذ في ذكرهما .
ثم قال :وبطالن القول بالحلول معلوم بداللة الكتاب والسنة والعقل والفطرة واإلجماع
وذلك ألن القول به مناقض تمام المناقضة للقول بعلو الله تعالى بذاته وصفاته فإذا
كان علو الله تعالى بذاته وصفاته ثابتا ً بهذه األدلة كان نقيضه باطالً بها .
وإنكار القول بالمعية الذاتية واجب حيث تستلزم القول بالحلول ألن القول بالحلول
باطل فكل ما استلزمه فهو باطل يجب إنكاره ورده على قائله كائنا من كان.
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا ً من المتعاونين على البر والتقوى وأن يهيئ لنا من
أمرنا رشدا ً وأن ينصرنا بالحق ويجعلنا من أنصاره إنه ولي ذلك القادر عليه وهو
القريب المجيب .
قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 1343/3/11هـ.
أقول:
هؤالء هم الرجال األقوياء وهم القمم العماليق ،وإن في مواقفهم هذه لعبرة عظيمة
للعقالء النبالء ،وإن لها دالالت على تقوى وورع وصدق وإخالص هؤالء الرجال
وال سيما ابن عثيمين رحمه الله.
فال مداهنة وال مجاملة من ابن باز والتويجري ،وال حمل مجمل على مفصل ،وال
مراوغة وال ضجيج ،وال مطالبة بحمل المجمل على المفصل ،وال صخب من ابن
عثيمين ألن الجميع يريدون وجه الله تعالى ويحترمون الحق وينصرونه ولو على
النفس.
ولقد حققوا قول الله تعالى (( :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو
على أنفسكم أو الوالدين واألقربين)).
وإن في هذا لشرفا ً كبيرا ً للسلفية والسلفيين الصادقين.اهـ
هذا وصلى الله على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
كتبه :عبد الحميد الهضابي.
٩٢ربيع األول ٥١١١هـ