Professional Documents
Culture Documents
سهم أن يقول قائلهم لمن يخاطبه ويورد الحجج ومن الشبهات التي يثيرونها ليردوا األدلة الكثيرة التي تدين شيخهم ومق َّد َ
والبراهين عليه :إن الشيخ ال يتكلم من فراغ ،أي أن كل ما يتكلم به فله أدلة عليه ولو لم يُظهرها ويُطلع الناس عليها؛
والجواب على هذا الكالم المتهافت من وجوه:
▪الوجه األول:
هذا الكالم مخالف لطريق أهل السنة والجماعة الذين ال يعتبرون القول ويعتدون به إال إذا كان الدليل يدعمه ويؤيده؛
فاألقوال عندهم ال يحتج بها وإنما يحتج بأدلة قائليها ،فقول القائل :أن الشيخ ال يتكلم من فراغ هو احتجاج بقوله العاري
عن الدليل والبرهان وادعاء بأن ما من قول يقوله إال وله أدلة عليه ،وهذا كالم باطل ال يقوله عاقل.
▪الوجه الثاني:
أننا لو سلمنا أن شيخكم ومقدسكم ال يتكلم إال بدليل فهل يلزمنا كالمه الذي لم يذكر دليله في شريعة اإلسالم ودين النبي
عليه الصالة والسالم؟ قطعا ال يلزمنا ألن هللا لم يتعبدنا إال بالوحي المنزل على نبيه صلوات هللا وسالمه عليه ،ولم يتعبدنا
بقول أحد غير نبيه كائنا من كان.
▪الوجه الثالث:
أننا لو سلمنا أن شيخكم ومقدَّسكم ال يتكلم إال بدليل فالبد له إن أراد أن يقتنع الناس بقوله أن يدلي به ويظهره؛ ذلك أن
الناس يختلفون في األدلة واعتبارها ،وفهمهم لها عند اتفاقهم عليها ،فقد يكون دليال معتبرا عندك ما ليس دليال عند غيرك،
وقد تفهم من الدليل ما ال يفهمه سواك ،فلذلك ال يصلح أن يحال على دليل غير معلوم ،يوضحه:
▪الوجه الرابع:
أن هذا القول إحالة على دليل غير معلوم والذي هو في حكم المعدوم ،ومما ال شك فيه أن المعدوم ال تقوم به حجة وال
تثبت به دعوى ،وما مثل من يقول هذا القول إال كمثل من يقف بين يدي القاضي ويريد أن يحكم له بشهود عنده لم يأت
بهم وال حتى ذكر أسماءهم ،وإذا سئل عنهم سكت ولم يحر جوابا ،فحري بمثل هذا أن يحكم القاضي عليه ال له ،فاعتبروا
يا أولي األبصار.
▪الوجه الخامس:
أن قولكم هذا ليس حكرا عليكم فقد يدعيه ويقول به غيركم؛ فقد يتكلم بعضهم في شيخكم ومقدَّسكم ويجرحونه ويطعنون
فيه ويحذرون منه ثم يزعمون أن لهم أدلة على ذلك يخفونها وال يطلعون أحدا عليها فهل تقبلون حينئذ بكالمهم أم تردونه
عليهم؟ فجوابكم على هذا السؤال سيطلعكم على حقيقة دعواكم.