You are on page 1of 26

‫عنلنمنانءن حنننانبنلنةن منانرنسنونان انلنجنتنهناندن فنين عنصنرن انلنتنقنلنيندن ‪-‬ن خنلنلن انلنقنرنننيننن ‪7 - 6‬‬

‫انلنهنجنرنينيننن ‪-‬ن‬

‫المذهبي في المشرق السلمي‬ ‫التقليد]‪[1‬‬ ‫انتشر‬


‫انتشارا ً واسعًا‪ ،‬حتى أصبح سمة بارزة‪ ،‬وأرضية‬
‫للحياة العلمية خلل القرنين السادس والسابع‬
‫الهجريين أي القرنين ‪13 - 12‬م‪.‬‬

‫الحر‪،‬‬ ‫الجتهاد]‪[2‬‬ ‫فضعفت الهمم‪ ،‬وابتعدت عن‬


‫وعكف معظم المشتغلين بالعلم على التقليد في‬
‫الفروع دون تحقيق لها‪ ،‬وانكبوا على عقليات من‬
‫حكمة الوائل‪ ،‬وأراء المتكلمين من غير أن يتعقلوا‬
‫أكثرها]‪.[3‬‬

‫وأصبحت عندهم أقوال الئمة الربعة بمنزلة الكتاب‬


‫و السنة]‪ ،[4‬و أفتى معظمهم ‪ -‬في منتصف القرن‬
‫‪7‬هـ‪13/‬م ‪ -‬بوجوب اتباع المذاهب السنية الربعة‬
‫دون سواها]‪ ،[5‬فشاع بينهم التعصب والجدل‪،‬‬
‫واستحكمت فيهم الهواء والعصبيات‪ ،‬وكثر فيهم‬
‫والشاعرة]‬ ‫الغلة من المعتزلة والشيعة والحنابلة‬
‫‪ ،[6‬لكن عصرهم لم يعدم من علماء قلئل كسروا‬
‫قيد التقليد‪ ،‬وتحرروا منه‪ ،‬ودعوا إلى الجتهاد‪،‬‬
‫ومارسوه بأنفسهم‪ ،‬على رأسهم طائفة من كبار‬
‫علماء الحنابلة‪.‬‬

‫وقد اختلفت مواقف علماء الحنابلة من التقليد‬


‫والجتهاد‪ ،‬فبعضهم جرفهم تيار التقليد‪ ،‬وكثير من‬
‫أعيانهم تصدوا له وقاوموه‪ ،‬ومارسوا الجتهاد بكل‬
‫حرية‪ ،‬أذكر منهم ستة‪ ،‬أولهم الفقيه أبو الخطاب‬
‫الكلوذاني البغدادي )ت ‪ 510‬هـ‪1116/‬م( كانت له‬
‫اجتهادات في الفقه و أصوله‪ ،‬وانفرد بفتاوى‬
‫خالف فيها أصحابه الحنابلة]‪ ،[7‬منها أن أكل لحم‬
‫الزرافة حرام‪ ،‬وأن الدهون المتنجسة جائزة إذا‬
‫أمكن تطهيرها‪ ،‬وأن النكاح ل ينفسخ بسبي أحد‬
‫الزوجين‪ ،‬سواء سبيا معا ً أو أحدهما؛ و هذا يخالف‬
‫الجماع على انفساخ نكاح المسبية وحدها‪ ،‬إذا كان‬
‫زوجها في دار الحرب‪ ،‬وهذا هو ظاهر القرآن و‬
‫السنة]‪.[8‬‬

‫وله فتاوى أخرى وافق فيها بعض أصحابه كأبي‬


‫الوفاء بن عقيل‪ ،‬وأبي الحسن بن الزاغوني]‪.[9‬‬

‫والثاني الفقيه أبو الوفاء بن عقيل البغدادي )ت‬


‫‪ 513‬هـ‪1119/‬م( تكلم كثيرا ً بلسان الجتهاد‬
‫والدليل‪ ،‬وكان يقول‪ :‬الواجب اتباع الدليل ل أحمد‬
‫بن حنبل]‪ ،[10‬لكن قلة بضاعته في علوم الثر جعلت‬
‫اجتهاده ناقصًا‪ ،‬فلو تضلع فيها لكملت له أدوات‬
‫الجتهاد؛ وكان قد فوت على نفسه ‪ -‬في مرحلة‬
‫الطلب ‪ -‬فرصة الخذ عن كبار حفاظ عصره‪،‬‬
‫كالخطيب البغدادي )ت ‪ 463‬هـ‪1070/‬م(‪ ،‬وأبي نصر‬
‫بن ماكول البغدادي )ت ‪ 487‬هـ‪1094/‬م(‪ ،‬وأقبل‬
‫على دراسة علم الكلم ‪ -‬على يد المعتزلة ‪ -‬خفية‬
‫عن أصحابه]‪.[11‬‬

‫ويعتقد ابن عقيل أن التردد في الحكم أثناء إيراد‬


‫الحجة والشبهة هما طريق الجتهاد‪ ،‬ومن لم‬
‫تعترضه شبهة ل تصفو له حجة‪ ،‬وكل قلب ل يقرعه‬
‫التردد يظهر فيه التقليد والجمود على ما يقال له‬
‫ويسمعه]‪ ،[12‬ويرى أن التقليد هو الداء الذي أعمى‬
‫المم السابقة‪ ،‬وأن السلف الصالح لم يقلدوا‬
‫بعضهم بعضًا‪ ،‬ولم ينكروا مخالفة أدناهم لعلهم‪،‬‬
‫وأن الصحابة اعتمدوا في مسائل الفقه على‬
‫الدليل ل على السابقة في السلم‪ ،‬ول على‬
‫الشجاعة والبلء في الجهاد]‪.[13‬‬

‫وعندما دعت جماعة من حنابلة بغداد إلى تقليد‬


‫المام أحمد بن حنبل لنه هو القدم والكبر تصدى‬
‫لهم ابن عقيل‪ ،‬ورد عليهم مبينا ً أن احمد بن حنبل‬
‫لم يعتمد في اجتهاداته إل على الدليل‪ ،‬ولم يقلد‬
‫الكابر الذين سبقوه‪ ،‬لذا يجب علينا أن نسير على‬
‫نهجه‪ ،‬ول نخالفه فيه‪ ،‬لن الدعوة إلى تقليده هي‬
‫ترك لمذهبه؛ وهو قد خالف أبا بكر الصديق ‪ -‬رضي‬
‫الله عنه ‪ -‬في مسألة الجد عندما لم يجعله كالب‬
‫في الميراث‪ ،‬ووافق الصحابي زيد بن ثابت ‪ -‬رضي‬
‫الله عنه ‪ -‬في جعله كالب‪ ،‬فلو نظر إلى رتبة‬
‫التقدم لكان اتباعه للصديق أولى من زيد‪ ،‬وبما أنه‬
‫لم يفعل ذلك دل على أنه نظر إلى الدليل ل إلى‬
‫الشخاص؛ لذا يجب علينا نحن كذلك أن ننظر إلى‬
‫الصالح]‬ ‫الدلة دون تعظيم للمشايخ اقتداء بالسلف‬
‫‪.[14‬‬

‫وكلمه هذا صحيح ومنطقي يدل على علو همته‪،‬‬


‫ورغبته في التحرر من أغلل التقليد‪ ،‬ليجول في‬
‫رحاب الكتاب والسنة وأثار السلف بحرية تامة‪،‬‬
‫اتباعا ً لقوله تعالى‪ )) :‬أفل يتدبرون القرآن أم على‬
‫قلوب أقفالها (( ‪ -‬سورة محمد‪.- 24/‬‬

‫وعندما صنف ‪ -‬أي ابن عقيل ‪ -‬كتاب النصيحة‪ ،‬وذكر‬


‫فيه أن‪ " :‬الحمق من اغتر بأسلفه‪ ،‬وسكن إلى‬
‫مقالة أشياخه آنسا ً بتقليدهم من غير بحث مقالتهم‬
‫"‪ ،‬تصدى له الفقيه الموفق بن قدامة )ت ‪ 620‬هـ‪/‬‬
‫‪1223‬م( للرد عليه ‪ -‬بعد أكثر من قرن من الزمان ‪-‬‬
‫ووصف كلمه السابق الذكر بأنه مسموم ورديء‬
‫يشير إلى ذم طريقة السلف الصالح‪ ،‬ويعيب ما‬
‫مدحه الئمة‪ ،‬ويدعوا إلى مقالة المتكلمين]‪.[15‬‬
‫وانتقده في نصيحته بلزوم طريق السلف بعد‬
‫الكلم الذي قاله فيهم‪ ،‬وهي محاولة ‪ -‬في رأي‬
‫الموفق ‪ -‬ليستر ما قاله في ذم مقالة السلف‪،‬‬
‫وتنفير الناس من السير على منهاجهم]‪.[16‬‬

‫والشيخ الموفق مبالغ في توجيه كلم ابن عقيل‪،‬‬


‫وحمله على الرأي الذي ذهب هو إليه‪ ،‬لنه ل تناقض‬
‫بين حث ابن عقيل على البحث والمطالبة بالدليل‬
‫على منهاج السلف وبين وصيته بلزوم طريقتهم؛‬
‫ففي الولى دعا إلى الجتهاد وحذر من التقليد‪،‬‬
‫وفي الثانية حث على اتباع طريق السلف‪ .‬والبحث‬
‫في مقالتهم ل يعني بالضرورة ذمهم‪ ،‬والبعد عن‬
‫مسلكهم؛ وما ذهب إليه الموفق فهو احتمال وارد‬
‫في حق ابن عقيل‪ ،‬بحكم أنه عندما صنف كتاب‬
‫النصيحة كان متأثرا ً بالمعتزلة‪ ،‬ومعجبا ً بهم]‪[17‬؛‬
‫والطريقة التي دعا إليها تناسب حالته النفسية‬
‫والفكرية أيام اضطرابه‪ ،‬وانبهاره بالعتزال‪ ،‬لذا لم‬
‫يجد في التقليد مخرجًا‪ ،‬ووجده في حرية البحث‬
‫والجتهاد والمطالبة بالدليل‪ ،‬ليقتنع ويكون على‬
‫بينة من أمره‪.‬‬

‫ثم واصل الموفق رده على ابن عقيل مفترضا ً إنه‬


‫إذا قيل‪ :‬إنما أمرتم بالجتهاد والحتكام إلى الدليل‪،‬‬
‫ونهيتم عن التقليد المذموم‪ ،‬قلنا‪ :‬عن طريق‬
‫السلف ل يحتاج إلى الكشف عن صحته بعد ثبوت‬
‫سلمته‪ ،‬وصحة حجيته بالكتاب والسنة والجماع]‪.[18‬‬

‫وأقول‪ :‬أن ثبوت صحة طريق السلف ل يعني أننا ل‬


‫نطلع على أدلة صحته‪ ،‬بل على طالب العلم أن‬
‫يجتهد ليتعرف إليها‪ ،‬وعلى ما أمكنه من دلئل صدق‬
‫رسالة السلم‪ ،‬والمطالبة بالدليل ل تستلزم‬
‫الشك‪ ،‬فقد تكون من باب ليطمئن قلبي‪ ،‬وألم يقل‬
‫إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬لربه ‪ -‬عز وجل ‪ )) :-‬رب‬
‫أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى‬
‫ولكن ليطمئن قلبي (( ‪ -‬سورة البقرة‪ ،- 260/‬فهو‬
‫لم يشك لكنه أراد أن يشاهد كيفية إحياء الموتى‬
‫على الواقع‪ ،‬ليطمئن قلبه فاستجاب له ربه‪ ،‬ولم‬
‫ينهره‪.‬‬

‫فما بالك بالمشكاك المضطرب الذي تسلطت عليه‬


‫الشبهات والوساوس‪ ،‬أليس من حقه أن يطالب‬
‫بالحجج والدلئل عن كل مسألة ل يعرفها أو يشك‬
‫فيها؟!‬

‫وقد مارس ابن عقيل الجتهاد بنفسه‪ ،‬وكانت له‬


‫اختيارات وفتاوى كثيرة‪ ،‬انفرد بها عن أصحابه‬
‫وخالف فيها مذهبه‪ ،‬ولم يجد في ذلك حرجًا‪ ،‬لن‬
‫الدليل أوصله إليها‪ ،‬منها قوله أن الوقف ل يجوز‬
‫بيعه وإن خرب وتعطل نفعه‪.‬وليس للب أن يملك‬
‫من مال ولده ما شاء مع عدم حاجته إليه‪ ،‬وأن صلة‬
‫الفرد تصح في صلة الجنازة‪ ،‬ووجوب إقامة الحد‬
‫بقذف العبد العفيف لنه كالحر في هذا المر ]‪.[19‬‬

‫والثالث هو الفقيه أبو الحسن بن الزاغوني‬


‫البغدادي )ت ‪ 527‬هـ‪1132/‬م ( له اجتهادات وفتاوى‬
‫انفرد ببعضها‪ ،‬منها قوله‪ :‬أن المستأمن إذا دخل‬
‫دار السلم بتجارة أخذ منه الخمس‪ ،‬وأن الذمي إذا‬
‫اتجر في دار السلم في غير بلده أخذ منه العشر‪،‬‬
‫وهذا غريب مخالف للمأثور عن عمر بن الخطاب ‪-‬‬
‫أصحابه]‬ ‫رضي الله عنه ‪ -‬ولنصوص المام أحمد و‬
‫‪.[20‬‬

‫المر الذي يدل على أن ابن الزاغوني لم يكن‬


‫مقلدًا‪ ،‬وإنما كان يحتكم إلى الدليل‪ ،‬ويأخذ بما‬
‫أوصله إليه اجتهاده حتى وإن خالف كبار علماء‬
‫عصره‪ ،‬مما يدل على علو همته وشجاعته‪ ،‬وعلى‬
‫الحرية الفكرية التي كان يتمتع بها فقهاء الحنابلة‬
‫داخل جماعتهم‪.‬‬

‫والرابع هو الوزير الفقيه عون الدين بن هبيرة‬


‫البغدادي )ت ‪ 560‬هـ‪1164 /‬م ( أقر التمذهب‬
‫والتقليد‪ ،‬لكنه حذر المقلد الذي يتبين له الحق‬
‫خلف ما هو عليه ثم يقول‪ :‬ليس هذا مذهبنا‪،‬‬
‫تقليدا ً لمامه المعظم عنده‪ ،‬لنه بهذا يكون قد اتخذ‬
‫أوثانا ً تعبد من دون الله ]‪.[21‬‬

‫وهذه دعوة من ابن هبيرة للمقلد بعدم الركون إلى‬


‫التقليد‪ ،‬والجتهاد للحتكام إلى الدليل إذا تبين له‪،‬‬
‫وكان يقول‪ :‬إن من مكائد الشيطان تنفير الناس‬
‫من التدبر في القرآن الكريم لن به تقع الهداية‪،‬‬
‫حتى أن بعض الناس يقول‪" :‬أنا ل أتكلم في القرآن‬
‫تورعا ً]‪ ،"[22‬و ملحظته هذه في محلها‪ ،‬لن التدبر‬
‫في الكتاب سبيل موصل إلى الفهم والعتبار‬
‫والجتهاد‪ ،‬وغيابه يوقع في التقليد والجمود‬
‫الفكري‪.‬‬

‫والخامس هو الفقيه المؤرخ عبد الرحمن بن‬


‫الجوزي كانت له همة عالية لبلوغ المعالي‪ ،‬وأطلق‬
‫تصريحات أحجم عنها غيره‪ ،‬وقل نظيرها في‬
‫عصره‪ ،‬فحث العاقل على السعي ما أمكنه لبلوغ‬
‫الكمال‪ ،‬فلو كان في مقدوره الصعود إلى السماء‪،‬‬
‫واكتساب النبوة بالجتهاد؛ ثم تقاعس عن‬
‫تحقيقهما لعد ذلك من أقبح النقائص في حقه‪.‬‬

‫فإن لم يستطع فعليه بطلب الممكن‪ ،‬والسعي‬


‫لبلوغ الغاية في العلم‪ ،‬على أن ل يقلد أحد‪ ،‬فإن‬
‫قويت همته رقته إلى اختيار مذهب لنفسه‪ ،‬ول‬
‫يتمذهب لحد‪ ،‬لن المقلد أعمى يقوده مقلده‪ ،‬ثم‬
‫قال لطالب العلم‪ " :‬ولو أمكنك عبور كل أحد من‬
‫العلماء والزهاد فافعل‪ ،‬فإنهم كانوا رجال ً وأنت‬
‫رجل‪ ،‬وما قعد من قعد إل لدناءة الهمة وخساستها‬
‫"]‪.[23‬‬

‫معظم شاع اسمه‪،‬‬


‫"ول ينبغي للعاقل أن يخلد إلى ُ‬
‫لن المقلد أعمى‪ ،‬وكم رأينا من ضرير يأنف من‬
‫حمل عصا" ]‪ ،[24‬وهذا حث من ابن الجوزي‪،‬‬
‫وتحريض منه لهل العلم من ذوي الهمم العالية‬
‫إلى الجتهاد للوصول إلى مرتبة المجتهد المطلق‪،‬‬
‫والستقللية الفكرية‪.‬‬

‫وحكى ابن الجوزي عن نفسه أنه لم يكن يقلد أحدا ً‬


‫في أصول الدين؛ لن التقليد مذموم في الشرع‪،‬‬
‫ويوقع في الضلل لشتباه الدلة‪ ،‬وخفاء الصواب؛‬
‫لذا يجب هجرانه]‪ ،[25‬والمقلد على غير ثقة فيما هو‬
‫عليه‪ ،‬لنه أبطل منفعة عقله في التدبر؛ فهو كمن‬
‫أعطي شمعة ليستضيء بها فأطفأها ومشى في‬
‫الظلمة بدونها‪.‬‬

‫ثم أشار ابن الجوزي إلى أن عموم المقلدين يعظم‬


‫في قلوبهم شخص فيتبعونه من غير فهم لقوله‪،‬‬
‫وهذا ظلل بعينه؛ لنه ينبغي النظر إلى ما قاله ل‬
‫إلى شخصه‪.‬‬
‫وقد كان المام أحمد بن حنبل يقول‪" :‬من ضيق‬
‫علم الرجل أن يقلد رجل غيره "]‪ ،[26‬لكن ابن‬
‫الجوزي رغم ذمه للتقليد فقد أباحه للعامي في‬
‫الفقه‪ ،‬وحرمه عليه في أصول الدين]‪.[27‬‬

‫وكان ابن الجوزي يتعوذ من الجهل وتعظيم‬


‫السلف تقليدا ً لهم بغير حجة‪ ،‬ويرفض الحتجاج‬
‫عليه بأسماء الرجال لمجرد أنهم معظمون في‬
‫النفوس؛ لن الواجب هو اتباع الصواب والدليل ل‬
‫غير‪ ،‬ثم نبه إلى أن المجتهد في مذهب الحنابلة‬
‫يتبع دليل أحمد بن حنبل من غير تقليد له‪ ،‬لذا‬
‫يميل إلى إحدى الروايتين عنه دون الخرى‪ ،‬وربما‬
‫اختار ما ليس في مذهبه أصل ً اتباعا ً للدليل‪ ،‬وإنما‬
‫ينسب إلى مذهب أحمد لميله إلى عموم أقواله]‪.[28‬‬

‫وقد تعرض ابن الجوزي ‪ -‬بسبب موقفه من التقليد‬


‫‪ -‬لنتقادات من قبل علماء ببغداد في رسالة بعثوها‬
‫إليه‪ ،‬وفيها أخذوا عليه قوله بعدم جواز التقليد‪ ،‬ثم‬
‫هو ينقل عن فلن‪ ،‬وعن أبي الوفاء بن عقيل]‪،[29‬‬
‫فبدا لهم أن ابن الجوزي متناقض في موقفه‪ ،‬وهذا‬
‫ليس بمستلزم‪ ،‬لن النقل عن العلماء ل يعني‬
‫بالضرورة تقليدهم‪ ،‬فقد يكون من باب الستشهاد‬
‫والموافقة ل غير‪ ،‬ومسايرة ابن الجوزي لبن عقيل‬
‫في كثير من أفكاره ل يعني بالضرورة أنه قلده‬
‫فيها عجزا ً وإمعية‪ ،‬فلعله تبناها ووافقه فيها عن‬
‫فهم و اقتناع‪.‬‬

‫وذكر ابن الجوزي عن نفسه أنه لم يتبن المذهب‬


‫الحنبلي تقليدًا‪ ،‬وإنما تبناه بعد بحث واجتهاد‪ ،‬وأنه‬
‫فضل مذهب أحمد بن حنبل عن مذاهب الئمة‬
‫الثلثة الباقين اعتمادا ً على العلم ل النسب‪ ،‬فتبين‬
‫له أن احمد أوفرهم حضا ً من العلوم الشرعية‪ ،‬وأنه‬
‫حفظ كتاب الله‪ ،‬وتفرد بعلم الحديث جرحا ً وتعديل ً‬
‫وحفظًا‪ ،‬مع الزهد والورع والصبر في المحنة‪،‬‬
‫وعدم أخذ عطايا السلطان]‪.[30‬‬

‫وأقول‪ :‬لبن الجوزي مطلق الحرية في اختيار‬


‫المذهب الذي اقتنع به‪ ،‬لكن يجب أل ننس أن الله ‪-‬‬
‫عز وجل ‪ -‬لم يلزمنا باتباع أكثر الناس علما ً أو زهدا ً‬
‫أو جهادا ً أو صبرًا‪ ،‬وإنما ألزمنا بإتباع الكتاب والسنة‬
‫في قوله‪ )) :‬فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى‬
‫الله و الرسول(( ‪ -‬سورة النساء‪ - 59/‬و)) و من‬
‫يعص الله و رسوله فقد ضل ضلل ً مبينا ً (( ‪ -‬سورة‬
‫الحزاب‪ ،- 36/‬وأما العلماء فهم ورثة النبياء‪،‬‬
‫يجددون للناس دينهم‪ ،‬ويرجعونهم إليه‪ ،‬ولكل عصر‬
‫علماؤه‪.‬‬

‫وقد مارس ابن الجوزي الجتهاد بنفسه‪ ،‬وكانت له‬


‫اختيارات وفتاوى منها‪ :‬أنه استفتي في إقامة‬
‫صلة الجمعة في مسجد جديد بني في بغداد فلم‬
‫يجز ذلك‪ ،‬بحجة أن صلة الجمعة جعلت لتكون علما ً‬
‫للسلم بكثرة الجموع‪ ،‬وإظهار ما يكبت المشركين‪،‬‬
‫فإذا أصبح في كل محلة جمعة صارت كصلة الظهر‪،‬‬
‫ولم يرتض ابن الجوزي ما قاله غيره من العلماء‬
‫الذين أجازوا صلة الجمعة في الجامع الجديد‪،‬‬
‫ودليلهم هو أن كل محلة أصبحت قرية بذاتها‬
‫منقطعة عن غيرها من المحلت بسبب الخراب‬
‫الذي حل ببغداد‪ ،‬وقد وافقهم الحافظ ابن رجب‬
‫البغدادي )ت ‪ 795‬هـ‪1392/‬م( حتى وإن كانت‬
‫العمارة متصلة‪ ،‬فيجوز إقامة صلة الجمعة إذا دعت‬
‫الحاجة إليها]‪.[31‬‬

‫ومنها أنه خالف إمامه في مسألة التداوي‪ ،‬فالمام‬


‫أحمد ذهب إلى القول بأن ترك التداوي أفضل من‬
‫الخذ به‪ ،‬وأما هو فيرى أن التداوي أحسن ومندوب‬
‫إليه‪ ،‬لنه صح عن الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫قوله‪ ) :‬ما أنزل الله داء إل وأنزل له دواء‪،‬‬
‫فتداووا (]‪ ،[32‬فالحديث فيه أمر‪ ،‬وهو إما أمر‬
‫وجوب‪ ،‬أو ندب‪ ،‬والرجح أنه مندوب إليه]‪.[33‬‬

‫وبهذا يكون عبد الرحمن بن الجوزي قد طبق‬


‫منهجه في الدعوة إلى الجتهاد ونبذ التقليد‪ ،‬فنظر‬
‫إلى الدليل ولم ينظر إلى إمامه المعظم عنده‪ ،‬و‬
‫أعطى مثال ً رائعا ً للفقيه الحنبلي المتحرر من قيود‬
‫التقليد المذموم قي عصر غلب عليه التعصب‬
‫والجمود الفكري‪.‬‬

‫وحتى إذا افترضنا إنه أخطأ في اجتهاده فل يقلل‬


‫هذا من شأنه‪ ،‬فيكفيه فخرا ً أنه اجتهد واحتكم إلى‬
‫الدليل‪ ،‬وخالف صاحب مذهبه في زمن كان فيه‬
‫معظم العلماء يقدسون أقوال أئمتهم ويتشبثون‬
‫بها‪ ،‬حتى وإن تعارضت مع الكتاب والسنة]‪.[34‬‬

‫والسادس هو الفقيه الموفق بن قدامة المقدسي‬


‫)ت ‪620‬هـ‪1223/‬م( بلغ درجة الجتهاد‪ ،‬وقال عنه‬
‫ابن تيمية‪ " :‬ما دخل الشام بعد الوزاعي أفقه من‬
‫الشيخ الموفق "]‪.[35‬‬

‫ومع انتسابه إلى المذهب الحنبلي فإنه كان متبعا ً‬


‫للدليل في اجتهاداته‪ ،‬فينصر مذهبه فيما ثبت أن‬
‫الحق معه‪ ،‬ول يتجاوزه‪ ،‬ويبالغ جهده في رد ما‬
‫يخالفه‪ ،‬وإن ظهر له في مسألة ما أن مذهبه‬
‫ضعيف؛ والراء المخالفة له راجحة عليه؛ فيتبعها‬
‫ويبرر صحتها‪ ،‬ول يدافع عن مذهبه‪ ،‬مما يدل على‬
‫أنه كان مجتهدا ً ل مقلدا ً ول متعصبا ً]‪.[36‬‬

‫من ذلك أنه اختار في مسألة صلة القصر ‪ -‬بعد‬


‫ذكره للدلة ومناقشتها ‪ -‬إباحة صلة القصر لكل‬
‫مسافر دون تحديد لمسافة‪ ،‬وهذا يخالف ظاهر‬
‫لن الراجح عندهم تحديدها]‪.[38‬‬ ‫الحنابلة]‪[37‬‬ ‫مذهب‬

‫ومن اجتهاداته أنه يرى على المام الذي انتقض‬


‫وضوءه أن يستخلف من يتم الصلة بالمأمومين‬
‫وصلتهم جائزة‪ ،‬وهذا مخالف للراجح في المذهب‬
‫الحنبلي ببطلن صلة المام والمأمومين‪ ،‬ودليل‬
‫الموفق هو أنه عندما طعن عمر بن الخطاب ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬وقدمه ليتم الصلة بالمأمومين‪،‬‬
‫بمحضر من الصحابة؛ ولم ينكر فعله أحد]‪.[39‬‬

‫ومما يدل على التزامه بالدليل‪ ،‬وتحذيره من انتشار‬


‫التقليد بين العلماء؛ أنه وقع بينه وبين الفقيه‬
‫الفخر ابن تيمية الحراني )ت ‪ 622‬هـ‪1225/‬م(‬
‫خلف في مسألة تخليد أهل البدع ‪ -‬المحكوم‬
‫بكفرهم ‪ -‬في النار‪ ،‬فكان هو ل يطلق عليهم‬
‫الخلود‪ ،‬فأنكر عليه الفخر بن تيمية موقفه بحجة أنه‬
‫يخالف ما عليه الصحاب‪ ،‬وأرسل إليه خطابا ً يقول‬
‫له فيه‪ :‬انظر كيف تستدرك هذه الهفوة؟ فقد كنت‬
‫مسألة إجماع‪ ،‬فصرت مسألة خلف‪.‬‬

‫فرد عليه الموفق في خطاب بين له فيه أنه يرى‬


‫السكوت أولى من الخوض في هذه المسألة‪ ،‬لنها‬
‫أمر محدث سكت عنها الرسول ‪ -‬عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ -‬وأصحابه والئمة المقتدى بهم‪ ،‬وأنه على‬
‫طريق هؤلء‪ ،‬ول يبالي بمن خالفه من غيرهم‪ ،‬وأنه‬
‫على يقين من صواب موقفه‪.‬‬

‫ثم نبهه إلى أنه في تبنيه لهذا الرأي هو مقلد‬


‫وأبي الخطاب الكلوذاني )ت‬ ‫الفرج]‪[40‬‬ ‫للشيخ أبي‬
‫‪ 510‬هـ‪1116/‬م(‪ ،‬وأبي الحسن ابن الزاغوني )ت‬
‫‪ 527‬هـ‪1132/‬م(؛ ول يكفيه تقليدهم يوم يقف أمام‬
‫الله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬يوم القيامة]‪.[41‬‬

‫ثم تعجب الموفق من احتكام الفخر بن تيمية إلى‬


‫أقوال الصحاب وجعلها حجة قاطعة‪ ،‬وأكد له أن‬
‫أقوالهم ليست حجة يقتنع بها‪ ،‬حتى ولو اجمعوا‬
‫على مسألة فرعية‪ ،‬وأما إذا كنت تراها حجة فلست‬
‫إذا ً في حاجة إلى ذكر دليل سواها‪ ،‬وإذا لم تكن‬
‫كذلك فكيف جعلتها حجة في الصول؟!‪ ،‬ثم تساءل‪:‬‬
‫إذا عذرنا العوام في تقليدهم للشيخ أبي الفرج‪،‬‬
‫فكيف نعذر إماما ً يرجع إليه في أنواع العلوم؟! وأكد‬
‫أنه حتى ولو اتفق الصحاب على تكفير أهل البدع‬
‫فإن موقفهم هذا يعارضه ما يقوله الشافعية‪،‬‬
‫وحتى وإن اتفق الكل على تكفيرهم؛ فإن الخلود‬
‫ليس من لوازمه‪ ،‬لن النبي ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪-‬‬
‫قد أطلق التكفير في مواضع ل يخلد فيها كقوله‪:‬‬
‫) سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (]‪[42‬؛ ثم ختم‬
‫خطابه بتحذيره من تقليد الصحاب‪ ،‬وأنهم ل‬
‫ينفعونه يوم القيامة]‪.[43‬‬

‫ويرى الشيخ الموفق أن النتساب في فروع الدين‬


‫إلى إمام من الئمة الربعة ليس بمذموم‪ ،‬لن‬
‫اختلفهم في الفقه رحمة واسعة‪ ،‬وهم محمودون‬
‫فيه‪ ،‬ومثابون عليه]‪ ،[44‬وقوله هذا ل أوافقه عليه‪،‬‬
‫وما ذكره ليس صحيحا ً على إطلقه‪ ،‬لنه إذا كان‬
‫النتساب إلى إمام من الئمة ليس بمذموم فهو‬
‫ليس بواجب‪ ،‬وليس بمحمود العواقب‪ ،‬لنه يفرق‬
‫المة‪ ،‬ويجعل الناس يتعصبون لئمتهم‪ ،‬والله ‪ -‬عز‬
‫و جل ‪ -‬لم يتعبدنا بالنتساب إلى الشخاص‪ ،‬وإنما‬
‫تعبدنا بالنتساب إلى دينه وسنة رسوله ‪ -‬عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،-‬وإذا كان مجرد النتساب إلى‬
‫الئمة ليس مذموما ً فقد أصبح منكرا ً عندما قسم‬
‫المة إلى أربع طوائف متنافسة ومتناحرة‪ ،‬لكل‬
‫واحدة مساجدها ومدارسها وأحياؤها]‪.[45‬‬

‫وقد حثنا الشرع على التفاق والوحدة والخوة‪،‬‬


‫وذم الختلف والفرقة‪ ،‬وحذرنا من الوقوع فيهما‪،‬‬
‫فكيف يصح ‪ -‬بعد هذا ‪ -‬أن يقال‪ :‬أن انقسام المة‬
‫إلى أربع طوائف رحمة واسعة؟!‬

‫وقد يقال أن الشيخ الموفق يقصد الخلف العلمي‬


‫ل الطائفي‪ ،‬وهذا احتمال وارد‪ ،‬والخلف العلمي‬
‫كثير الحدوث بين العلماء‪ ،‬لكن التفاق أولى‬
‫وأحسن منه‪ ،‬فما بالك وأن المسألة لم تبق خلفا ً‬
‫علميًا‪ ،‬بل تحولت إلى انقسام طائفي متناحر‪ ،‬وهذا‬
‫الذي سكت عنه الشيخ الموفق‪ ،‬وهو قد عاشه‬
‫وشاهده بأم عينيه عندما كان يصلي بالحنابلة في‬
‫محرابهم بالجامع الموي‪ ،‬وإلى جانبه ثلثة محاريب‬
‫أخرى لباقي السنيين‪ ،‬كل جماعة تصلي لوحدها‪،‬‬
‫فهل هذا رحمة واسعة‪ ،‬أم هو شر عريض‪ ،‬ومنكر‬
‫كبير؟! كان عليه أن يضع شروطا ً للخلف العلمي‪،‬‬
‫ويستنكر حال المة الذي انتهت إليه من تشرذم‬
‫وتناحر وتعصب‪ ،‬ول يكرسه ويقره؛ ويدعو إلى إزالة‬
‫المحاريب الربعة في الجامع الموي وجعلها محرابا ً‬
‫واحدًا‪ ،‬لنها شاهد مادي على مدى عمق الشقاق‬
‫بين أهل السنة في دمشق‪ ،‬ويبدو أن اجتهاد الشيخ‬
‫الموفق لم يكن ثوريا ً شامل ً لمحاربة التقليد‬
‫المذهبي‪ ،‬والجمود الفكري‪ ،‬تمهيدا ً لتغيير الواقع‬
‫برمته‪ ،‬وإنما كان اجتهادا ً محدودا ً لخدمة المذهب‬
‫الحنبلي‪ ،‬وتكريس الوضع على ما هو عليه‪.‬‬

‫وأخرهم الشيخ تقي الدين تحرر من قيود التقليد‬


‫المذهبي‪ ،‬وأفتى بما أداه إليه دليله‪ ،‬ولم يلتزم‬
‫بمذهب معين‪ ،‬وأطلق عبارات أحجم عنها غيره من‬
‫العلماء وجسر هو عليها‪ ،‬واختار فتاوى خالف فيها‬
‫الئمة الربعة]‪ ،[46‬فانفتح به باب الجتهاد على‬
‫طريقة المجتهدين من القرون الولى‪ ،‬مستنبطا ً‬
‫الحكام مباشرة من الكتاب والسنة وآثار السلف‬
‫الول‪ ،‬وحاكما ً بين مختلف المذاهب]‪ ،[47‬ونص على‬
‫أن أقوال الئمة الربعة ليست إجماعًا‪ ،‬ول هي حجة‬
‫لزمة‪ ،‬وقد ثبت عنهم أنهم نهوا الناس عن‬
‫تقليدهم‪ ،‬وأمروهم بترك أقوالهم إذا تعارضت من‬
‫الكتاب و السنة]‪ ،[48‬وكان يقول‪ :‬كل قائل إنما‬
‫يحتج لقوله ل به إل الله ورسوله]‪.[49‬‬

‫ولبن تيمية اختيارات وفتاوى كثيرة أفتى فيها بما‬


‫أداه إليه اجتهاده وافق بها أئمة المذاهب الربعة‪،‬‬
‫وخالفهم في مسائل أخرى‪ ،‬مستدل ً بالكتاب‬
‫والسنة وآثار الصحابة والسلف]‪[50‬؛ منها أن الطلق‬
‫الثلث ل يقع إل مرة واحدة وإن تلفظ به ثلثا ً]‪،[51‬‬
‫ل يشترط له وضوء‪ ،‬وأن‬ ‫التلوة]‪[52‬‬ ‫وأن سجود‬
‫التارك للصلة عمدا ً ل يجب في حقه القضاء‪ ،‬وعليه‬
‫بالكثار من النوافل]‪ ،[53‬وأن شد الرحال لزيارة‬
‫قبور النبياء والصالحين غير جائز‪ ،‬لنه ل يكون إل‬
‫للمسجد الحرام‪ ،‬والمسجد النبوي‪ ،‬والمسجد‬
‫القصى‪ ،‬محتجا ً بقول النبي ‪ -‬عليه الصلة والسلم‬
‫‪ ) :-‬ل تشد الرحال إل لثلث‪ :‬مسجدي هذا‪،‬‬
‫والمسجد الحرام‪ ،‬والمسجد القصى(]‪ ،[54‬ورد على‬
‫الموفق بن قدامة عندما حمل الحديث على نفي‬
‫الستحباب‪ ،‬بحجة أن الرسول ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬قد زار مسجد قباء‪ ،‬وبين ‪ -‬أي ابن تيمية ‪-‬‬
‫أن معنى الحديث يقتضي النهي المؤدي للتحريم‪،‬‬
‫وأن ذهاب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬إلى‬
‫المسجد هو زيارة‪ ،‬وليست بشد رحل]‪.[55‬‬

‫وقد نوه الباحث محمد أبو زهرة بدور الحنابلة في‬


‫محاربة التقليد‪ ،‬والدعوة للجتهاد‪ ،‬وحمل الحنفية‬
‫والشافعية وكثيرا ً من المالكية مسؤولية غلق باب‬
‫الجتهاد‪ ،‬وتكريس التقليد‪ ،‬ثم ذكر أن الحنابلة‬
‫قرروا أن باب الجتهاد بكل طرائقه ل يغلق‪ ،‬وإن‬
‫تباينت المدارك والقدرات‪ ،‬واتفقوا على أنه ل يصح‬
‫أن يخلو عصر من المجتهد المطلق‪ ،‬فكان لهذا‬
‫الموقف الثر الكبير في كثرة علمائهم المجتهدين‬
‫الحرار]‪.[56‬‬

‫وأشير هنا إلى أن علماء السلف وكثيرا ً ممن جاء‬


‫بعدهم قد ذموا التقليد‪ ،‬ونهوا عنه‪ ،‬وسموا المقلد‬
‫بالمعة‪ ،‬منهم الئمة الربعة‪ ،‬وابن حزم الندلسي‬
‫)ت ‪ 456‬هـ‪1063/‬م(‪ ،‬وأبو الحسن بن عبد المالك‬
‫الكرجي الشافعي )ت ‪ 532‬هـ‪1137/‬م(‪ ،‬والعز بن‬
‫عبد السلم )ت ‪ 606‬هـ‪1261/‬م(‪ ،‬وأبو شامة‬
‫المقدسي]‪)[57‬ت ‪ 665‬هـ‪1266/‬م(‪ ،‬ويعد هذا الخير‬
‫من أكثر علماء الشافعية ذما ً للتقليد والمقلدين في‬
‫القرن السابع الهجري‪13/‬م‪ ،‬فذكر أن الجتهاد عدم‬
‫في عصره‪ ،‬وأن الناس تركوا الكتاب والسنة‬
‫وتشبثوا بأقوال الئمة الربعة وتعصبوا لها‪ ،‬ثم نصح‬
‫طالب العلم بالنصاف‪ ،‬وترك التقليد‪ ،‬واتباع الدليل؛‬
‫ونبه إلى أن الجتهاد بعد جمع السنة والكتب‬
‫المعتمدة أصبح أسهل مما كان عليه من قبل لول‬
‫ضعف همم المتأخرين‪ ،‬وانعدام المحققين]‪.[58‬‬

‫ومن أكثر علماء الشافعية دعوة للتقليد ودفاعا عنه‬


‫الفقيهان أبو عمرو بن الصلح )ت ‪ 643‬هـ‪/‬‬
‫‪1245‬م(‪ ،‬ومحي الدين بن شرف النووي )ت ‪676‬‬
‫هـ‪1277/‬م(‪ ،‬فقد أوجبا التقليد على الناس‪ ،‬وضيقا‬
‫على الفقيه مجال حريته‪ ،‬فإذا صح الحديث فليس‬
‫له أن يعمل به حتى ينظر هل له معارض أو ناسخ‬
‫أو نحوهما أم ل‪ ،‬وإذا حز في نفسه مخالفة الحديث‬
‫فالمختار عندهما إن لم يكن أهل ً للجتهاد في‬
‫المذهب لم يجز له العمل به لحتمال أن يكون خفي‬
‫عليه شيء]‪ ،[59‬ونص النووي على أن التقليد أصبح‬
‫لزما ً بعد تدوين المذاهب]‪ ،[60‬ول يحق للمقلد أن‬
‫يخالف صاحب مذهبه‪ ،‬ول يفتي إل المجتهد]‪.[61‬‬

‫وتعقيبا عليهما أقول‪ :‬إنه ل مبرر لهذا التضييق‬


‫على أهل العلم شرعا ً ول عق ً‬
‫ل‪ ،‬لن الشرع قد ذم‬
‫التقليد‪ ،‬وأمرنا باتباع الكتاب والسنة‪ ،‬ولم يلزمنا‬
‫باتباع أحد من الناس‪ ،‬وتقليدنا للئمة الربعة‬
‫مخالف لمنهاجهم في الجتهاد‪ ،‬وهم قد نهونا عن‬
‫تقليدهم‪ ،‬وأية فائدة من التقليد؟ إنه تربية على‬
‫العجز والجمود والسلبية‪ ،‬وإبعاد للناس عن الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬وربطهم بأقوال الرجال‪ ،‬والشرع الحكيم‬
‫قد حثنا على الجتهاد‪ ،‬وجعل للمصيب أجرين‬
‫وللمخطئ أجرا ً واحدًا‪ ،‬فلماذا نحرم العباد من ذلك‪،‬‬
‫وندفعهم إلى التقليد دفعًا؟ ولماذا نحرص ونحتاط‬
‫لكي يلتزم الناس بتقليد أئمتهم‪ ،‬ول نفعل ذلك‬
‫معهم للعمل بالقرآن والحديث لتكون لهم علقة‬
‫مباشرة بهما؟‬

‫إنه كان من الولى أن يفتح باب الجتهاد على‬


‫مصراعيه أمام أهل العلم في كل المجالت‬
‫ليتنافس في ذلك المتنافسون‪ ،‬في إطار آداب‬
‫البحث ومنهجيته‪.‬‬

‫ويتبين مما ذكرناه عن مواقف علماء الحنابلة من‬


‫التقليد والجتهاد أن كثيرا ً منهم لم يجرفهم تيار‬
‫التقليد المذهبي والجمود الفكري‪ ،‬وكان لهم‬
‫الفضل في التصدي له‪ ،‬والدعوة إلى الجتهاد‪ ،‬الذي‬
‫مارسوه بأنفسهم و تبنوا اختيارات فقهية حرة‬
‫خالفوا فيها مذهبهم‪ ،‬في حين أن الغالبية العظمى‬
‫من باقي علماء أهل السنة قد مالوا إلى التقليد‬
‫وتبنوه‪ ،‬كالفقيهين أبي عمرو بن الصلح ومحي‬
‫الدين النووي اللذين دافعا عنه بقوة حفاظا ً عليه‬
‫وتكريسا ً له بين الطوائف السنية الربعة‪.‬‬

‫____________________________‬
‫]‪ [1‬التقليد في اللغة هو وضع القلدة في العنق‪ ،‬وتفويض المر‬
‫إلى شخص ما‪ ،‬فكأننا وضعنا قلدة في عنقه‪ ،‬وأما معناه في‬
‫الصطلح الفقهي فهو قبول رأي الغير دون معرفة دليله‪ ،‬ول‬
‫يدخل اتباع النصوص الشرعية ضمن رأي الغير‪ ،‬لنها كلم علم‬
‫الغيوب‪ ،‬وواجبة التباع‪ .‬عمر سليمان الشقر‪ :‬المدخل إلى‬
‫دراسة المدارس والمذاهب الفقهية ص‪ ،174:‬والشنقيطي‪:‬‬
‫مذكرة أصول الفقه ص‪ ،314:‬وعلي بن هادية‪ :‬قاموس الطلب‬
‫الجديد‪ ،‬ص‪.857:‬‬

‫]‪ [2‬الجتهاد في معناه العام‪ ،‬هو بذل غاية الجهد للوصول إلى أمر‬
‫من المور‪ ،‬وفي الصطلح هو استفراغ الفقيه طاقته وجهده‪،‬‬
‫وبذل غاية وسعه لستنباط الحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية‪.‬‬
‫أبو زهرة‪ :‬أصول الفقه القاهرة دار الفكر العربي‪ ،1973 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.379‬‬

‫]‪ [3‬أبو شامة‪ :‬مختصر كتاب المؤمل للرد إلى المر الول‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬دار الشهاب ‪ 1988‬ص‪ ،227:‬والذهبي‪ :‬تذكرة الحفاظ‬
‫ج ‪ 2‬ص‪.530 :‬‬

‫أبو شامة‪ :‬نفس المصدر ص‪.218 ،217:‬‬ ‫]‪[4‬‬

‫المقريزي‪ :‬الخطط ج ‪ 2‬ص‪.344 :‬‬ ‫]‪[5‬‬

‫]‪ [6‬الذهبي‪ :‬تذكرة الحفاظ ج ‪ 2‬ص‪ ،530:‬وسير أعلم النبلء ج‬


‫‪ 20‬ص‪ ،46 - 45:‬وولي الله الدهلوي‪ :‬النصاف في بيان أسباب‬
‫الختلف‪ ،‬ط ‪ 3‬بيروت‪ ،‬دار النفائس ‪ 1983‬ص‪ ،94 - 93:‬وأبو‬
‫زهرة‪ :‬تاريخ الجدل‪ ،‬القاهرة دار الفكر العربي‪ 1980 ،‬ص‪،296:‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬

‫]‪ [7‬عنها أنظر‪ :‬ابن رجب‪ :‬الذيل على طبقات الحنابلة ج ‪ 1‬ص‪:‬‬
‫‪ 147‬و ما بعدها‪ ،‬ط د‪.‬‬

‫نفس المصدر ج ‪ 1‬ص ك ‪.148‬‬ ‫]‪[8‬‬


‫انظر‪ :‬نفس المصدر ج ‪ 1‬ص‪ 143:‬وما بعدها‪.‬‬ ‫]‪[9‬‬

‫نفس المصدر ج ‪ 1‬ص‪.190 :‬‬ ‫]‪[10‬‬

‫نفسه ج ‪ 1‬ص‪.190:‬‬ ‫]‪[11‬‬

‫]‪ [12‬نفسه ج ‪ 1‬ص‪ ،190 :‬والعليمي‪ :‬المنهج الحمد ج ‪ 2‬ص‪:‬‬


‫‪.225‬‬

‫ابن عقيل‪ :‬كتاب الفنون ج ‪ 2‬ص‪.605 ،604 :‬‬ ‫]‪[13‬‬

‫ابن عقيل‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪.606- 605 :‬‬ ‫]‪[14‬‬

‫ابن قدامة‪ :‬تحريم النظر في كتب أهل الكلم ص‪.18 ،2 ،1:‬‬ ‫]‪[15‬‬

‫نفس المصدر ص‪.19 :‬‬ ‫]‪[16‬‬

‫]‪ [17‬نفس المصدر ص‪ 1:‬وما بعدها‪ ،‬وابن رجب‪ :‬المصدر السابق‬


‫ج ‪ 1‬ص‪.190 :‬‬

‫ابن قدامة‪ :‬المصدر السابق ص‪.25 :‬‬ ‫]‪[18‬‬

‫]‪ [19‬ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 1‬ص‪ ،192 ،190 :‬والعليمي‪:‬‬


‫المصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪.225:‬‬

‫ابن رجب‪:‬نفس المصدر ج ‪ 1‬ص‪.220 :‬‬ ‫]‪[20‬‬

‫ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 1‬ص‪.273:‬‬ ‫]‪[21‬‬

‫نفسه ج ‪ 1‬ص‪.273 :‬‬ ‫]‪[22‬‬

‫ابن الجوزي‪ :‬صيد الخاطر ص‪.161 ،87:‬‬ ‫]‪[23‬‬

‫نفس المصدر ص‪.226:‬‬ ‫]‪[24‬‬

‫نفس المصدر ص‪ ،118 :‬وتلبيس إبليس ص‪.94:‬‬ ‫]‪[25‬‬

‫ابن الجوزي‪ :‬المصدر السابق ص‪.95 ،94 :‬‬ ‫]‪[26‬‬

‫نفسه ص‪95:‬‬ ‫]‪[27‬‬


‫]‪ [28‬ابن الجوزي‪ :‬صيد الخاطر ص‪ ،471 ،33 ،31:‬ومناقب‬
‫المام أحمد ص‪.501:‬‬

‫ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 2‬ص ك ‪.208‬‬ ‫]‪[29‬‬

‫ابن الجوزي‪ :‬مناقب المام أحمد ص‪.497 :‬‬ ‫]‪[30‬‬

‫ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 1‬ص‪.432:‬‬ ‫]‪[31‬‬

‫]‪ [32‬البخاري‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الطب‪ ،‬الجزائر شركة‬


‫الشهاب‪ 1991 ،‬ج ‪ 7‬ص‪.12 ،11:‬‬

‫ابن الجوزي‪ :‬صيد الخاطر ص‪.87 :‬‬ ‫]‪[33‬‬

‫انظر أبو شامة‪ :‬المصدر السابق ص‪.218 ،217 :‬‬ ‫]‪[34‬‬

‫]‪ [35‬ابن العماد الحنبلي‪ :‬شذرات الذهب ج ‪ 5‬ص‪ ،89 :‬وابن‬


‫طولون‪ :‬القلئد الجوهرية ج ‪ 2‬ص‪.342:‬‬

‫]‪ [36‬عبد الله بن منيع‪ ) :‬كتاب المغني لبن قدامة (‪ ،‬مجاة الدارة‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬الستة الثالثة ‪ 1397‬ص‪.357:‬‬

‫]‪ [37‬عند الحنابلة وغيرهم من فقهاء المذاهب السنية الخرى‪،‬‬


‫اشتراط السفر الطويل في صلة الفصر‪ ،‬وأقله مرحلتان‪ ،‬وعند‬
‫آخرين ثلث مراحل‪ .‬السيد سابق‪ :‬فقه السنة ج ‪ 1‬ص‪.212:‬‬

‫]‪ [38‬ابن قدامة المقدسي‪ :‬المغني وبهامشه الشرح الكبير‪ ،‬حققه‬


‫محمد شرف الدين حطاب‪ ،‬والسيد أحمد السيد‪ ،‬ط ‪ 1‬القاهرة‪،‬‬
‫دار الحديث ‪ ،1996‬ج ‪ 2‬ص‪.546 :‬‬

‫نفس المصدر ج ‪ 2‬ص‪.332 :‬‬ ‫]‪[39‬‬

‫]‪ [40‬كذا في الصل‪ ،‬لكن يبدو أنه يقصد الفقيه أبا الفرج عبد‬
‫الواحد بن أحمد الشيرازي )ت ‪ 486‬هـ‪1093/‬م( وهو جد بني‬
‫الحنبلي الدمشقيين‪ ،‬أو أنه يقصد أبا الفرج عبد الرحمن بن‬
‫الجوزي‪.‬‬

‫ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪.155 - 154 :‬‬ ‫]‪[41‬‬


‫]‪ [42‬متفق عليه‪ ،‬النووي‪ :‬رياض الصالحين‪ ،‬حققه أحمد أبو زينة‪،‬‬
‫بيروت دار القلم‪ ،‬د ت ص‪.447:‬‬

‫ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪.156:‬‬ ‫]‪[43‬‬

‫ابن قدامة المقدسي‪ :‬لمعة العتقاد ص‪.201 :‬‬ ‫]‪[44‬‬

‫انظر مث ً‬
‫ل‪ :‬الدارس في تاريخ المدارس‪ ،‬لعبد القادر النعيمي‪.‬‬ ‫]‪[45‬‬

‫]‪ [46‬ابن الوردي‪ :‬تتمة المختصر ج ‪ 2‬ص‪ ،410 ،409 :‬و ابن حجر‬
‫العسقلني‪ :‬الدرر الكامنة ج ‪ 1‬ص‪ .158 ،151 :‬و ابن ناصر‬
‫الدين‪ :‬الرد الوافر ص‪ ،34 :‬وابن العماد الحنبلي‪ :‬المصدر السابق‬
‫ج ‪ 6‬ص‪.81 :‬‬

‫]‪ [47‬أبو العلى المودودي‪ :‬موجز تجديد الدين وإحيائه‪ ،‬ط ‪3‬‬
‫بيروت دار الفكر د ت ص‪.89 - 88 :‬‬

‫ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى ج ‪ 20‬ص‪.11:‬‬ ‫]‪[48‬‬

‫البزار البغدادي‪ :‬العلم العلية ص‪.31- 30 :‬‬ ‫]‪[49‬‬

‫ابن كثير‪ :‬البداية و النهاية‪ ،‬ج ‪ 14‬ص‪.67 :‬‬ ‫]‪[50‬‬

‫ابن العماد الحنبلي‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 6‬ص‪.85 :‬‬ ‫]‪[51‬‬

‫]‪ [52‬هو سجود يكون عند سماع أو قراءة أية فيها سجدة‪ .‬السيد‬
‫سابق‪ :‬المرجع السابق ج ‪ 1‬ص‪.164:‬‬

‫]‪ [53‬ابن رجب‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪ .405:‬و ابن العماد‬


‫الحنبلي‪ :‬المصدر السابق ج ‪ 6‬ص‪.85:‬‬

‫]‪ [54‬رواه البخاري و مسلم‪ .‬ابن القيم الجوزية‪ :‬المنار المنيف في‬
‫تمييز الصحيح و الضعيف‪ ،‬ص‪.74- 73 :‬‬

‫]‪ [55‬محمد بن عبد الهادي‪ :‬العقود الدرية ص‪،331 ،328 ،327 :‬‬
‫‪.335‬‬

‫]‪ [56‬أبو زهرة‪ :‬ابن حنبل ص‪ .374 ،360 ،359:‬أصول الفقه ص‪:‬‬
‫‪.392 ،391‬‬
‫]‪ [57‬انظر‪ :‬ابن القيم الجوزي‪ :‬أعلم الموقعين ج ‪ 2‬ص‪،240:‬‬
‫وولي الله الدهلوي‪ :‬المرجع السابق ص ‪،105 ،104 ،98 97‬‬
‫السمعاني‪ :‬النساب ج ‪ 1‬ص‪ ،18 :‬وسبط ابن الجوزي‪ :‬مرآة‬
‫الزمان ج ‪ 8‬ص‪ ،167:‬والعز بن عبد السلم‪ :‬الفتاوى الموصلية‬
‫ص‪.27:‬‬

‫]‪[58‬أبو شامة‪ :‬كتاب المؤمل ص‪.237 ،235 ،230 ،228 ،227 :‬‬

‫]‪ [59‬العلموي‪ :‬المعين في أدب المفيد ص‪.190 ،175:‬‬


‫والدهلوي‪ :‬المرجع السابق ص‪ ،108 :‬ومحمد عيد عباس‪ :‬حقيقة‬
‫التعيين ص‪،22:‬‬

‫]‪ [60‬كان أبو شامة قد جعل ذلك داعيا ً للجتهاد وطريقا ً سهل ً له‪،‬‬
‫لكن النووي رأى العكس!‬

‫العلموي‪ :‬المصدر السابق ص‪.199 ،190 :‬‬ ‫]‪[61‬‬

You might also like