Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
المبحث الوأل :النشأة وأالتسمية
المطلب الوأل :المعتزلة
المطلب الثاني :الشاعرة
المبحث الثاني :أثر الفرق الكلمية في تأصيل البلغاة
المطلب الوأل :أثرهم على البلغاة وأ الدب
المطلب الثاني :فلسفتهم وأ أثرها على التأصيل البلغاي
خاتمة
قائمة المراجع
مقدمة:
علم الكلم هو علمم إثبات أو إقامة الدأللة على صحة وصدأق العقائدأ اليمانلية ،ويختصر هذا العلم بالكلم.
عرفه عدأددأ من علماء الكلم على أنه العلم الذي يستطاع بواسطته إثبات العقائدأ الدأينلية ،مكتسب ا مقدأرته تلك
من أدأللتها اليقينلية – القرآن والسنة – لرلدأ وردأع الشبهات إواقامة الحجج .قام ابن خلدأون بتعريف علم الكلم
على أنه " :علدم يتضلمن الحجاج عن العقائدأ اليمانلية بالدأللة العقللية ،والرلدأ على المبتدأعة المنحرفين في
العتقادأات عن مذاهب السلف وأهل السنة ،وسرر هذه العقائدأ اليمانلية هو التوحيدأ " .أو يمكن تعريفه على
أنه العلم الذي يتلم من خلله إثبات العقائدأ الدأينلية عن طريق دأفع الشبهات من خلل إبراز الحجج.
ولقدأ اشتهرت العدأيدأ من الفرق الكلمية التي ساهمت في إثراء التاريخ العربي على المستوى الدأبي ،و لقدأ
حاولنا من خلل بحثنا التعرف على الفرق الكلمية و أثرها الفكري و العلمي على تأصيل البلغاة ،وركزنا
في دأراستنا على فرقتي المعتزلة و الشاعرة لما لهما من ثقل على مستوى الدأب و الفلسفة و علم الكلم.
المطلب الوأل :المعتزلة.
تعريف:
العتزال لغـة ،من اعتزل الشيء وتعزله بمعنى تنحى عنه ،وقوله تعالى :و إوأإانن لونم تتنؤإمنـتوأا إلي
وفانعتوإزتلوأإن (1)أرادأ :إن لم تؤمنوا بي فل تكونـوا علـي ول معي ،واعتزلت القوم ،أي فارقتهم وتنحيت عنهم)(2
.
وأأما اصطلحا " :اسم يطلق على أول مدأرسة كلمية واسعة ظهرت في السلم وأوجدأت الصول
العقلية للعقائدأ السلمية "). (3
وقـدأ نشـأت المعتزلـة فـي البصرة في حدأودأ نهاية المائة الولى للهجرة في العصر الموي ،ولكنها
ل ،ولكن اختلف العلمـاء فـي وقـت ظهورها ،فبعضهم
شغلت الفكـر السلمي في العصر العباسي زمنـ ا طويـ ا
يرى أنها ابتدأأت في قوم من أصحـاب علي اعتزلوا السياسـة ،وانصرفوا إلى العقائدأ عندأما نزل الحسن عن
الخلفة لمعاوية بـن أبـي سفيـان ،فاعتزلوا الحسن ومعاويـة رضي ال عنهما وجميع الناس ،ولزموا منازلهم
ومساجدأهم ،وقالوا نشتغل بالعلـم والعبادأة .والكثـرون علـى أن رأس المعتزلة هو واصل بن عطـاء الذي كـان
تلميذا للحسـن البصـري ثـم اعتزلـه بسبـب الحكم على مرتكـب الكبيـرة .
وأما المعتزلة فيرون أن مذهبهم أقدأم في نشأته من واصل بن عطاء ،فيعدأون من رجال مذهبهم
كثيرين من آل البيت). (4
إن هـذا الدأعـاء مـن المعتزلـة يهدأف إلـى ترويـج مذهبهـم والدأعـوة لـه ،ومـن المعلوم أن الذي أخـذ
ببعض آراء المعتزلـة هـو زيـدأ ابـن علـي الذي تأثـر ببعض أفكـار واصـل بـن عطـاء بسبب الصدأاقة التي كانت
بينهما ،فل يعني ذلك أن أكثـر آل البيت ذهبـوا مذهـب المعتزلـة ،كما ل يعني صحة مذهبهم .
وأأما سبب تسميتهم بهذا السم فوتذكر عدة أقوأال :
-1أنهم سموا بهذا السم؛ لن واصلا بن عطاء اعتزل مجلس أستاذه الحسن البصري حيث ذكر المام
البغدأادأي أن واصلا كان من تلميذ الحسن البصري وكان الناس يومئذ مختلفين في أصحاب الذنوب
من أمة السلم على فرق ،فرقة تزعم أنه كافر ،وأخرى يرجئون أصحاب الكبائر لعتقادأهم أنه ل يضر
مع اليمان ذنب ،وكان علماء التابعين مع أكثر المة يقولون :إن صاحب الكبيرة من أمة السلم
مؤمن لما فيه من معرفة الرسل ،والكتب المنزلة من ال تعالى ،ولكنه فاسق بكبيرته ،وفسقه ل يخرجه
عن اسم اليمان والسلم ،ولكن خرج واصل عن اعتقادأ أهل السنة والجماعة ،وزعم أن مرتكب الكبيرة
في هذه المة ل مؤمن ول كافر ،بل هو في منزلة بين منزلتي الكفر واليمان ،فلما سمع المام الحسن
)( سورة الدأخان . 21 : 1
)( انظر :لسان العرب ،1/440تاج العروس ، 8/15القاموس المحيط . 4/15 2
)( انظر :الفرق بين الفرق ،ص ، 118-117الملل والنحل . 1/42 1
)( انظـر :تاريخ المذاهـب السـلمية ،ص ، 125-124دأراسات في الفرق والعقائدأ ،ص . 109-108 2
)( انظر :عون المعبودأ شرح سنن أبي دأاوودأ ، 12/453الدأين الخالص . 3/162 5
)( شرح الصول الخمسة للقاضي عبدأ الجبار ،ص . 773-772 6
وأما السلف فاعتبروا المعتزلة هم المجوس ،وهو الحق لنهم نفوا تقدأير الشر دأون الخير من ال
تعالى ،وجعلوا العبدأ خالقا لفعاله ،فأثبتوا مع ال تعالى خالقا بل جعلوا العبادأ معه كلهم خالقين ،ونفوا أن
يكون ال تعالى هو المتفردأ بالتصرف في ملكه ،وهذا راجع إلى مذهب المجوس الثنوية الذين أثبتوا خالقين
خالق ا للخير وخالق ا للشر). (1
وقدأ ردأ عليهم المام النووي بقوله " زعم بعض القدأريـة بأنهم ليسوا بقدأرية ،بل الذين يثبتون القدأر هم
القدأرية لعتقادأهم إثبات القدأر وهذا تمويه من هؤلء الجهلـة؛ لن أهل الحق يفوضون أمورهم إلى ال سبحانـه
وتعالى ،ويضيفون القدأر والفعال إلى ال سبحانـه وتعالى ،وهؤلء يضيفونه إلـى أنفسهم ،ومدأعى الشيء
لنفسـه ومضيفـه إليهـا أولى بأن ينسب إليـه ممن يعتقدأه لغيره وينفيه عن نفسه "). (2
وقـدأ ذكـر المـام الشهرستاني أنه يطلق عليهم أسماء وألقاب أخرى فقال " ويسمون أصحاب العدأل
والتوحيدأ ،ويلقبون بالقدأرية والعدألية "). (3
لقدأ تأثر المعتزلة كثي ار بالفلسفة اليونانية ،وأخذوا عنها كثي ار من آرائهم واستدأللتهم ،فظهر ذلك في
أدألتهم ،ومقدأمات أقيستهم الباطلة ،حتى أن القارىء لكتبهم خاصة كتاب " المغني في أبواب التوحيدأ والعدأل "
وكتاب " شرح الصول الخمسة " للقاضي عبدأ الجبار؛ ل يكادأ يفرق بينها وبين كتب الفلسفة ،حيث يق أر
ل ،وهذا القليل ليس للستدألل
صفحات عدأيدأة دأون أن يعثر على آية قرآنية أو حدأيث نبوي شريف إل قلي ا
الحق ،إوانما لتأويل المعنى ،ليوافق ما ذهبوا إليه من آراء أو الدأفاع عنها .
إن تأثـر المعتزلـة بالفلسفـة اليونانيـة ،أدأى بهم إلى العتمادأ على العقل وتقدأيمـه على الشرع فـي
الستدألل لثبـات العقائدأ ،حيث كانت ثقتهم بالعقل كبيرة جدأاا ،فإذا عرضت عليهم مسألـة ،عرضوها على
العقل ،فإن قبلها أقروها ،إوان لم يقبلها رفضوها ،وهذا دأفعهم إلى أن يحكموا بحسن الشياء وقبحها على العقل
بل قالوا " :إن المعارف كلها معقولة بالعقل ،واجبة بنظر العقل ،وشكر النعم واجب قبل ورودأ السمع ،والحسن
والقبح صفتان ذاتيتان للحسن والقبح "). (4
إن اعتماد المعتزلة على العقل راجع إلى :
-1مقامهم في العراق وفارس حيث كانت تتجاوب فيها أصدأاء المدأنيات وحضارات قدأيمة .
-2إن المعتزلة ينحدأرون في أصلهم من سللة غاير عربية؛ لن أكثرهم كانوا من الموالي .
-3تقبلهم لكثير من آراء الفلسفة القدأميين ،على الرغام من مخالفتها لتعاليم السلم ،وذلك بسبب
اختلطهم بكثير من اليهودأ والنصارى ،وغايرهم ممن حمل هذه الفكار وترجمها إلى العربية). (5
)( انظر :صحيح مسلم بشرح النووي ،1/154معارج القبول . 1/337 1
)( انظر :في الفلسفة السلمية منهج وتطبيق :ابراهيم مدأكور ، 2/37الفرق الكلمية السلمية ،ص . 203 1
)( انظر :دأراسات في الفرق والعقائدأ السلمية :دأ .عرفان عبدأ الحميدأ ،ص . 119 2
تقديم:
أنج ــب المعتزل ــة الك ــثير م ــن الكتلــاب والدأب ــاء والمصـ ـلنفين ال ــذين أغانـ ـوا الدأب العرب ــي م ــن الن ــاحيتين الكلملي ــة
والنوعيــة; فمــن الناحيــة الكميــة أســهم المعتزلــة فــي رفــدأ الدأب العربــي فــي عصــوره المختلفــة بالعدأيــدأ مــن
المؤلفات والمصلنفات في فروع المعرفة المختلفة ،وفــي مقــدأمتها الدأ ارســات الكلميــة ،والبيانيــة ،والبلغايــة،
لدأبـاء ومتكلمـي المعتزلـة مـن دأور ضـخم فـي تطـوير فـلن والنقدأية ،ومن الناحية النوعية ل يخفى مـا كـان ل م
الكتابة والنـثر ،إواضـفاء اتجاهـات ،وأسـاليب ،وطوابـع جدأيـدأة عليـه ،وفـي هـذا المجـال تتبـادأر إلـى الذهـان
أســماء لمعــة مــن رجــال المعتزلــة وأدأبــائهم مثــل الجــاحظ ،وأبــي حيــان التوحيــدأي ،والزمخشــري ،وابــن أبــي
الحدأي ــدأ ،بالض ــافة إل ــى رج ــال المعتزل ــة الوائ ــل أمث ــال واص ــل ب ــن عط ــاء ،وعم ــرو ب ــن عبي ــدأ ،والنظل ــام
والجلبائي ،وبشر بن المعتمر ،وأبي هذيل العلف ،وعلي السواري… .وغايرهم ملمن شــهدأ لهــم المؤرخــون
وعلماء الدأب واللغة ومعاصروهم بالفصاحة ،والبلغاة ،والتبلحر في علوم اللغة والدأب.
ولعلل الخدأمة الكبرى التي أســدأاها المعتزلـة إلــى البلغاـة العربيــة تتمثلـل فـي إضــفاء العمـق والتشـلعب مــن خلل
ذلــك المــزج ال ارئــع الــذي قــاموا بــه بيــن الســلوب الكلمــي والعقلــي والفلســفي فــي تنــاول وطــرح القضــايا
والموضوعات المختلفة ،وبين النثر الدأبي بطابعه الفلني ،كمانرى هذا التجاه بوضوح لدأى الجاحظ وأبي
حيان التوحيدأي .يقول الدأكتور شوقي ضيف:
"أفــادأ المعتزلــة مــن الفلســفة أن نظلمــت عقــولهم تنظيم ـا دأقيق ـا وأن جعلتهــم يحســنون اســتنباط الراء وخصــائص
الشياء كما جعلتهم يقتدأرون على إيرادأ الحجج والبراهين وتشعيب المعاني وتفريعها…." .
المطلب الوأل :أثرهم على البلغاة وأ الدب
وهنــاك شــبه إجمــاع بيــن مــؤلرخي الدأب علــى أن علــم البيــان والبلغاــة إنمــا وضــعت أسســه ،ونمــا وترعــرع فــي
مدأرس ــة المعتزل ــة الكلمي ــة ،وال ــدأليل عل ــى ذل ــك أن الغالبي ــة العظم ــى م ــن الم ــبلرزين ف ــي ه ــذين العلمي ــن،
وواضعي المؤللفات والمصلنفات فيهما ،ومشـليدأي أسســهما هـم مـن المعتزلــة كالجـاحظ فـي كتــابه الـذي شـادأ
بــه أســاس علــم البلغاــة )البيــان والتــبيين( ،وقبلــه بشــر بــن المعتمــر المعــتزلي فــي صــحيفته الشــهيرة ،وقــدأ
وصــفت هــذه الصــحيفة بأنهــا خيــر مــا أثــر عـن المعتزلــة فــي البلغاـة حــتى أواخــر القــرن الثــالث ،وقــدأ نقلهــا
الجاحظ فـي كتـاب البيـان والتـبيين ،وصـاحب الصـناعتين ،ومن البلغاييـن المعتزلـة العتلـابي ،والرلمـاني،
والزمخشــري صــاحب التفســير البلغاــي والدأبــي الشــهير )الكلشــاف( ،وكتــاب "أســاس البلغاــة" ،والقاضــي
صــص جــزاءا كــاملا مــن كتــابه "المغنــي فــي أب ـواب التوحيــدأ والعــدأل" لبحــث
عبــدأ الجبــار المعــتزلي الــذي خ ل
اعج ــاز وأسـ ـرار البلغا ــة القرآني ــة ،وأب ــو حي ــان التوحي ــدأي ف ــي كت ــابه "المقابس ــات" ،و"المت ــاع والمؤانس ــة"
ورسالته في علم الكتابة.
ومــن الســهامات الخــرى للمعتزلــة فــي إغانــاء الناحيــة الشــكلية مــن الدأب العربــي ابتكــارهم لموضــوعات أدأبليــة
جدأيدأة كالدأب الساخر والمتهلكم ،وطرح الموضوعات العلمية والفلسفية في كتاباتهم كالحدأيث عن الشيء
ونقيضه ،ووصف الحقائق والمفاهيم المعنوية.
المطلب الثاني :فلسفتهم وأ أثرها على التأصيل البلغاي
وقــدأ عــرف المعتزلــة أيضـ ـ ا بمقــدأرتهم الفــذة علــى الجــدأل وخروجهــم منتصـ ـرين منــه فــي أغالــب الحــالت نتيجــة
لثقــافتهم العقليــة والمنطقيــة الواســعة ،وتملرســهم فــي قواعــدأ وأســاليب الجــدأل الــتي اقتبســوها مــن اليونــانيين
بالدأرجة الولى ،بالضافة إلى ماكان يتميز به زعماؤهم من ذكاء وحضور بدأيهة.
وفي باب الوصف كان المعتزلة من أمهر الدأباء والناثرين في تقــدأيم أوصــاف دأقيقــة مســتوعبة لجميــع تفاصــيل
الموضــوعات ،سـ ـواء كــانت مادأليــة محسوســة أم معنويــة مجـ ـلردأة ،كمــا رأينــا ذلــك لــدأى الجــاحظ ،والنظلــام،
وثمامة بن الشـرس ،وأبـي حليـان التوحيـدأي وغايرهـم ،وذكرنـا أن الخصـائص الـتي نجـدأها فـي وصـفهم مـن
صـي
دألقة وشمولية إنما هي أثر مـن آثـار المـذهب العـتزالي الـذي يـدأعو صـاحبه إلـى التألمـل والتـدأقيق وتق ل
الشياء والظواهر المحيطة به.
والمعتزلة بلسطوا الموضوعات العلمية والفلسفية المعلقدأة والشـائكة ،وقـلدأموها إلـى عالمـة الجمهـور بأسـلوب سـهل
مبلســط جـلذاب يتمليــز بالطــابع الدأبــي والفلنــي فــي الطــرح والتنــاول كمــا نلحــظ فــي مؤلفــات الجــاحظ ،وأبــي
حليان التوحيدأي ،وذكرنا أن هذه الخصوصية )أي إخضاع الموضــوعات العلميـة للســلوب الدأبـي( تمثـلـل
إحـ ــدأى الخـ ــدأمات الكـ ــبرى الـ ــتي قـ ـلدأمها المعتزلـ ــة إلـ ــى الدأب العربـ ــي بعـ ــدأ أن كـ ــان النـ ــثر مقصـ ــو ار علـ ــى
الموضوعات والغاراض التقليدأية.
خاتمة:
لقدأ أثر علم الكلم على العلوم العربية لما يحمله من زخــم معرفــي كــبير ،واشــتهر روادأ هــذا العلــم
العربي الصل و النشأة بقدأراتهم العالية على التحكم باللغة لما يحملـونه مــن ثقافـات تاريخيــة
و علميــة و أدأبيــة ،أدأى هــذا إلــى وقــع أثرهــم علــى الدأب عامــة ثــم علــى البلغاــة الــتي تــأثرت
بمذاهبهم العقائدأية و طرقهم اللسانية ،لن اللغة هــي نتــاج للفكـرة و الفــرق الكلميــة أبــدأعوا و
أنتجــو أفكــا ار مســت بالقــالب اللغــوي و البلغاــي للغــة العربيــة فكــان لهــم نصــيب مــن الصــالة
اللغوية و البلغاية على حدأ سواء.