You are on page 1of 10

‫مقدمة‪:‬‬

‫تتع دد )الجريمة المنظمة( إحدى أبرز التهديدات المنية المعاصرة؛ وقد حصل إجماعع دوليي على خطورتها بوصفها عملل من أعمال‬
‫العنف المتسم بالوحشية المفرطة‪ ،‬وهي موضع اهتمامم دوليي كبير؛ لكونها اتخذت أسلوبا ل منظظما ل وعابرال للقارات‪ ،‬بل عدمت جميع أنحاء‬
‫المعمورة‪ ،‬ومن بينها دول الساحل الفإريقي‪ ،‬ما جعل منها ظاهرة شديدة الخطر‪ ،‬تهددد المن والستقرار الداخلي والقليمي للدول‪ ،‬بل‬
‫العالمي‪.‬‬
‫وقد احتلت ‪ -‬بجانب قضايا محاربة الرهاب ‪ -‬المرتبة الولى على قائمة الهتمامات العالمية فإي مرحلة ما بعد هجمات ‪ 11‬سبتمبر‬
‫‪ 2001‬م بالوليات المتحدة المريكية‪ ،‬وأصبحت تستحوذ على الحيز الرئيس من التفاعلت الدولية‪.‬‬
‫ص الجريمة المنظمة اهتماما ل أكاديميا ل من طرف‬
‫وهذا ما يعكس أهمية الموضوع من الناحية العلمية‪ ،‬حيث تلقى الدراسات التي تخ د‬
‫العديد من الدارسين‪ ،‬وخصوصا ل أدن الموضوع يتشعب إلى عدة جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية‪.‬‬
‫وتهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على ظاهرة الجرام المن ظظم بمنطقة الساحل الفإريقي‪ ،‬من حيث واقعها وحجمها وخطورتها‪،‬‬
‫والحركيات المسببة لها‪ ،‬وصو ل‬
‫ل إلى معرفإة الثآار الناجمة عنها‪ ،‬وكيفية مواجهتها‪.‬‬
‫أو ل‬
‫ل‪ً:‬ا الجريمة المنظمة مقاربة مفاهيمية‪ً:‬ا‬
‫‪ - 1‬تعريف الجريمة المنظمة‪ً:‬ا‬
‫توالت الجهود الفقهية للبحث عن صيغمة تمثآلى لتعريف الجريمة المنظمة‪ ،‬لذلك تعددت التعريفات التي يتميز كيل منها بالتركيز على‬
‫عنصمر من عناصرها‪ ،‬نذكر من هذه التعريفات‪ً:‬ا‬

‫‪ -‬تعريف أبادنسكي ‪ً:Abadanski‬ا الجريمة المنظمة »مؤسسة غير إيديولوجية‪ ،‬تشمل عددلا من الفإراد ذوي علقات اجتماعية قوية‪،‬‬
‫منظمة بشك مل هرمي‪ ،‬وبثآلثآة مستويات على القل‪ ،‬وذلك بهدف تأمين الربح والقوة؛ من خلل النغماس فإي نشاطات غير قانونية‬
‫وقانونية«‪.‬‬
‫‪ -‬تعريف سدرلند وكريسي‪ً:‬ا هي‪ً:‬ا »ذلك الرتباط العضوي لجماعمة صغيرمة من المجرمين‪ ،‬يهدف لتنفيذ أنماط معينة من الجريمة)‪.(1‬‬
‫‪ -‬تعريف الستاذة نسرين عبد الحميد‪ً:‬ا »مشروعع إجرام يي‪ ،‬يقوم على أشخاص يوحدون صفوفإهم للقيام بأنشطة إجرامية دائمة‬
‫ومستمرة‪ ،‬ويتميز هذا التنظيم بكونه يشبه البناء الهرمي‪ ،‬وتحكمه لوائح ونظعم داخلية لضبط سير العمل داخله‪ ،‬فإي سبيل تحقيق‬
‫ف وتهديمد وابتزا مز ورشومة‪ ،‬لخضاع وإفإساد المسؤولين‪ ،‬سواء فإي أجهزة الدارة والحكم أو أجهزة‬
‫أهدافإه‪ ،‬باستخدام وسائله‪ ،‬من عن م‬
‫إدارة العدالة‪ ،‬وفإرض السيطرة عليهم؛ بهدف تحقيق الستفادة القصوى من النشاط الجرامي«)‪.(2‬‬

‫‪ -‬كما تعددت الجهود الدولية لتعريف الجريمة المنظمة‪ ،‬فإنجد تعريف النتربول‪ً:‬ا أنها‪ً:‬ا »النشطة الصادرة عن التنظيمات أو‬
‫الجماعات ذات التشكيل الخاص‪ ،‬والتي تهدف إلى تحقيق الربح بالطرق غير المشروعة‪ ،‬وتستخدم ذلك النشاط الصادر عن التهديد‬
‫والرشوة لتحقيق الهداف المعتبرة«)‪.(3‬‬

‫وبالنظر إلى التعاريف السابقة نستخلص‪ً:‬ا »أ دن الجريمة المنظمة هي‪ً:‬ا الفإعال الناتجة عن التنظيم الذي يبنى على أساس تشكيمل هرميي‬
‫من مجرمين محترفإين‪ ،‬يعملون على احترام وإطاعة قواعد خاصة )ثآقافإة فإرعية(‪ ،‬ويخططون لرتكاب أعمال غير مشروعة؛ مع‬
‫استخدام التهديد والعنف والقوة«‪.‬‬

‫تبذل بلدان الساحل جهودلا لمكافإحة الجريمة المنظمة‪ ،‬إل أنها لم تحدقق سوى تقددمم ضئيمل فإي تفكيك بعض شبكاتها‬

‫‪ - 2‬خصائص الجريمة المنظمة‪ً:‬ا‬

‫من خلل التعريفات السابقة يمكن استخلص أبرز ما تتميز به الجريمة المنظمة عن الجرائم العادية من خصائص‪ ،‬وهي‪ً:‬ا‬
‫أ ‪ -‬التخطيط والتنظيم‪ً:‬ا يعتبر العامل الهم فإي الجريمة المنظمة‪ ،‬فإهو يكفل لها النجاح والستمرار‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الحترافإية‪ً:‬ا وهو شرعط من شروط الجريمة المنظمة‪ ،‬ويتطلب أفإرادال مؤهلين وذوي خبرة عالية‪.‬‬

‫ت قصير‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الكسب غير المشروع‪ً:‬ا لدن الهدف منها هو الكسب المالي السريع فإي وق م‬

‫د ‪ -‬التعقيد‪ً:‬ا ويعتبر شرط لا من شروط التنظيم‪ ،‬فإالمر البسيط ل يحتاج إلى تنظيم‪ ،‬وهو سرعان ما ينكشف أمره بوضوح أسبابه‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬البتزاز والستغلل‪ً:‬ا فإالجرام المن د‬


‫ظم ذكيي فإي اختيار الشخاص الذين يتدم التعامل معهم‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وله‬
‫القدرة على شراء ضمائر الشخاص أو تخويفهم والضغط عليهم‪.‬‬

‫و ‪ -‬القدرة على الفإلت من العقوبة‪ً:‬ا حيث يعجز القضاء ‪ -‬فإي الغالب ‪ -‬أدن يثآبت الجريمة المنظمة فإي كثآيمر من الحيان لعدم توفإر‬
‫الدلة؛ بسبب تواطؤ بعض المسؤولين معهم‪ ،‬فإالشخاص الذين يقومون بالجريمة أصحاب خبرة‪ ،‬يعتمدون على التخطيط والتنظيم‪،‬‬
‫ويمارسون الجرام دون خشيمة من عقوبة‪.‬‬

‫ز ‪ -‬السعي إلى الكسب المادي السريع‪ ،‬وبأي وسيلة‪.‬‬

‫ح ‪ -‬التأثآير السلبي فإي المجتمع ومسيرة التنمية‪ً:‬ا إذ تؤدي نتائجها إلى تعطيل التنمية‪ ،‬والفساد فإي الدولة‪.‬‬

‫ط ‪ -‬التركيز فإي التحالفات الستراتيجية‪ً:‬ا أي أن تعقد تحالفات مع المنظمات الجرامية المحلية وعبر الدول‪ ،‬وهذا لتفادي التناحر‬
‫والتصادم بين هذه المنظمات الجرامية‪.‬‬

‫ي ‪ -‬الطابع الدولي‪ً:‬ا تتصف أنشطة الجريمة عبر الدول بأنها ل تقتصر على إقليم الدولة الواحدة فإحسب‪ ،‬بل تتعداه إلى أقاليم الدول‬
‫الخرى)‪.(4‬‬

‫‪ - 3‬أهداف الجريمة المنظمة‪ً:‬ا‬

‫تهدف عصابات الجريمة المنظمة من خلل عملها الجرامي إلى تحقيق‪ً:‬ا‬

‫‪ (1‬الربح‪ً:‬ا تيع دد الدافإع والمحرك الساسي لعضاء الجريمة المنظمة‪ ،‬وهو ما يميزها عن غيرها من التنظيمات الجرامية‪ ،‬ويجعلها‬
‫تمارس نشاطاتها المشروعة وغير المشروعة‪ ،‬والتي تد در الرباح الطائلة‪ ،‬كتجارة المخدرات والسلح والتجار بالبشر‪.‬‬

‫‪ (2‬الدخول فإي تحالفات استراتيجية‪ً:‬ا فإبسبب زيادة العمال الجرامية التي تمارسها المنظمات الجرامية فإي مناطق متعددة من العالم؛‬
‫كان ل بد لهذه التنظيمات أن تدخل فإي تحالفات استراتيجية‪ ،‬وذلك من خلل إبرام اتفاقيات فإيما بينها؛ حتى تحمي كدل منظمة نشاطها‬
‫الذي تمارسه فإي الدول الخاضعة لنفوذ تنظيم إجرامي آخر‪ ،‬أو لتنظيم عمليات التسويق لما تنتجه من مواد مشروعة وغير مشروعة‪،‬‬
‫وكان لهذه التحالفات الستراتيجية الثآر فإي تعزيز قدرتها على المواجهات المنية‪ ،‬والقضاء على العنف الذي كان دائرال بينها‪،‬‬
‫بالضافإة إلى الشراكة فإي اقتسام الرباح والخسائر)‪.(5‬‬

‫ثآاني ال‪ً:‬ا الحركيات المسببة للجريمة المنظمة بمنطقة الساحل الفإريقي‪ً:‬ا‬

‫إ دن الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل الفإريقي نتاج متغيرات عديدة‪ ،‬ساهم فإي تشدكلها وظهورها تفاعل عدة أسباب اجتماعية وسياسية‬
‫واقتصادية‪ ،‬إلى جانب استفادة عناصر الجريمة المنظمة من التطورات التكنولوجية‪.‬‬

‫وتش دكل الحياة القبلية‪ ،‬التي يغلب فإيها الولء للقبيلة على الولء للوطن‪ ،‬عاملل مهدملا‪ ،‬خصوصا ل أدن بعض القبائل المستوطنة بالمنطقة‬
‫لها امتدادات عابرة للوطان‪ ،‬كقبائل التوارق‪ ،‬والبامبارا‪ ،‬والسونغاي‪ ،‬والبولسالكانوري‪ ،‬والهاوس‪ ،‬ما أدثآر مباشرة فإي تماسك الوحدة‬
‫الوطنية‪ ،‬وأدى إلى ضعف الدولة‪ ،‬المر الذي جعل الدولة القائمة على أنقاض مخلفات الستعمار ل تقوم بدورها فإي المنطقة‪،‬‬
‫والمتمثآل أساس لا فإي دعم الحساس القومي بالنتماء والولء للوطن الذي تمارس عليه الدولة سيادتها‪ ،‬ومن ثآدم لم تنجح فإي تبني‬
‫سياسات أمنية قادرة على مواجهة الجريمة المنظمة)‪(6‬‬

‫ويشدكل ارتفاع نسب الفقر عاملل آخر مهدم لا كذلك؛ حيث تتراوح نسب مستوى الدخل الفردي بالنسبة للدخل العالمي فإي هذه المنطقة‬
‫من ‪ %0.004‬بالنسبة للصومال إلى ‪ %0.01‬بالنسبة لمالي‪ ،‬والنيجر‪ ،‬وتشاد‪ ،‬والسودان ‪ ،%0.04‬وموريتانيا ‪.%0.003‬‬

‫وترجع أسباب ظاهرة الفقر إلى عدة عوامل‪ ،‬نذكر منها‪ً:‬ا الجفاف الناتج عن قلة المطار‪ ،‬والتصحر الذي ضاعفه قطع الغابات‪،‬‬
‫إضافإة إلى غزو الجراد‪ ،‬وضعف الداء القتصادي‪ ،‬أي العتماد على آليات قديمة فإي النتاج الزراعي‪ ،‬فإالنيجر – مثآلل ‪ -‬ل تزال‬
‫تعتمد على آليات لم تتطور منذ ‪ 4‬قرون‪ ،‬وكذلك العتماد على المحاصيل التصديرية الموجهة للخارج على حساب المحاصيل‬
‫الزراعية الستهلكية)‪.(7‬‬

‫ب‬
‫علوة على هذه العوامل؛ تشهد منطقة الساحل الفإريقي العديد من النزاعات الداخلية الناتجة عن التناقض الثآني‪ ،‬ويعتبر أهدم سب م‬
‫مف دجر للصراعات الداخلية‪ ،‬والتي تشتد خطورتها عندما يكون سببها دينيلا؛ ومن أبرزه الصراع بين الشمال المسلم والجنوب‬
‫المسيحي‪ ،‬كما هو حاصل فإي السودان وتشاد‪.‬‬

‫كما ظهر نو عع آخر من الصراعات‪ ،‬وهو النزاع )الشمالي – الشمالي(‪ ،‬مثآلما يحدث الن فإي السودان فإي دارفإور‪ ،‬وتشاد)‪ ,(8‬إضافإة‬
‫إلى وجود )صراعات جوارية( عنيفة‪ ،‬كالصراع )الريتري – الثآيوبي( الذي تفدجر عام ‪1998‬م‪.‬‬

‫هذه الصراعات تحول دون الصلحات القتصادية‪ ،‬وتعرقل عملية التنمية‪ ،‬وتكون سببال فإي عدم وصول المساعدات الخارجية‬
‫الغذائية والمالية؛ ما يزيد من إضعاف دول هذه المنطقة التي هي فإي أصلها فإاشلة وعاجزة‪ ،‬المر الذي يزيد من العباء والمسؤوليات‬
‫الموضوعة على كاهل دول الساحل؛ حيث لم تستطع هذه الخيرة أن تتبنى سياسة متطورة ومتجانسة قائمة على العدل واحترام‬
‫الحقوق والواجبات للجميع دون تمييز‪ ،‬وتوفإير صفقات عادلة للجميع؛ فإكانت النتيجة اتباع هذه الدول للنظم العسكرية؛ لدن استمرار‬
‫رحلت الصراعات والنزاعات المستمرة ودلد نزعة تسدلحية لهذه الدول من أجل مقاومة المتمردين داخليا ل وخارجيا ل‪.‬‬
‫إ دن طبيعة النزاعات فإي هذه المنطقة تتسم بالترابط والتعقيد؛ بحيث يؤدي ‪ -‬فإي الغالب ‪ -‬حدوث أي نزاع إلى اندلع نزاعات أخرى‬
‫مجاورة‪ ،‬وقد انعكست هذه الوضاع على قوة دول الساحل الفإريقي وتماسكها؛ وهو المر الذي جعل دول المنطقة تتعرف بضعف‬
‫ظم‪ ،‬وسهولة‬ ‫الرقابة على حدودها‪ ،‬وعدم قدرتها على فإرض الدارة المنية على أراضيها؛ ما يؤدي إلى سهولة العمل الجرامي المن د‬
‫التصال بين المنظمات الجرامية غير الوطنية؛ حيث يعود ذلك بالساس إلى إفإلس الدولة‪ ،‬والتي ساهم فإيه بالدرجة الولى النظام‬
‫القبلي الذي يحكم الكثآير من دول المنطقة‪ ،‬إضافإة إلى السيطرة الستعمارية التي عملت وتعمل على إشاعة الفوضى والتفرقة بين‬
‫الفصائل‪.‬‬

‫ب للدولة أو ضعفها‪ ،‬إلى حالت‬


‫وهذا كله يؤدي بالضرورة إلى سهولة نشوء المنظمات الجرامية التي تستغل هذه الوضاع‪ً:‬ا من غيا م‬
‫اليأس لدى الفإراد بسبب ما يعانونه من ضيمق وتهميش‪ ،‬وأوضاع اقتصادية مزرية‪ ،‬تؤدي بكثآيمر منهم إلى النخراط فإي نشاط‬
‫عصابات الجريمة المنظمة)‪.(9‬‬

‫ثآالثآال‪ً:‬ا أشكال الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل الفإريقي‪ً:‬ا‬

‫تشهد دول الساحل الفإريقي تنامي ظاهرة الجريمة المنظمة بك دل أنواعها وأشكالها‪ ،‬من غسيل الموال‪ ،‬إلى التجارة بالعضاء‬
‫البشرية‪ ،‬إلى تهريب السجائر‪ ،‬خصوصال فإي منطقة ديكال المالية التي تتعدد أهم منطقة‪ ،‬أو الحلقة الساسية لتهريب السجائر‪.‬‬

‫كما تشهد دول الساحل الفإريقي تنامي ظاهرة التجارة غير المشروعة‪ ،‬ومنها تجارة المخدرات‪ ،‬خصوصا ل بعد تحدول المنطقة إلى‬
‫مكان عبو مر للمخدرات الصلبة‪ ،‬مثآل الهيروين والكوكايين والكراك‪ ،‬من أمريكا اللتينية إلى أوروبا عبر إفإريقيا الغربية ثآم الساحل‬
‫الفإريقي‪ ،‬وعبر المغرب العربي ‪.1‬‬

‫تنبع أهمية هذا النشاط )تجارة المخدرات( هناك من قلة النشطة البديلة التي تحدقق ثآرالء سريعلا‪ ،‬وهذا ما ينطبق على ثآلث مهمات‬
‫توسعت بشكمل ملحظ‪ ،‬أبرزها تجارة المخدرات التي تحدقق نموال سريعلا)‪(10‬؛ فإقد تودسعت وبسرعة اثآنان من التدفإقات المختلفة‪،‬‬
‫وهما‪ً:‬ا الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا عن طريق ليبيا ومصر العام ‪2005‬م تقريبلا‪ ،‬وتدفإق صمغ الحشيش المغربي إلى‬
‫ليبيا ومصر وشبه الجزيرة العربية‪ ،‬وتيعزى هذا النمو إلى ارتفاع الطلب فإي أوروبا والمشرق‪ ،‬كذلك بسبب فإرض ضوابط مشددة‬
‫على طول السواحل والحدود المغربية الجزائرية؛ المر الذي جعل الطرق المارة عبر منطقة الساحل التي تضعف السيطرة عليها‬
‫جذابة للمهدربين‪.‬‬

‫لقد توسعت تجارة الكوكايين بالمنطقة فإي الفترة بين ‪2005‬م ‪2007 -‬م‪ ،‬وهي ل تزال مستمرة على الرغم من انكماشها فإي العام‬
‫‪2008‬م‪ ،‬فإقد ق ددر مكتب المم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة‪ً:‬ا أدن نحو ‪ %14‬من المخدرات التي تمدر عبر غرب‬
‫إفإريقيا إلى أوروبا تصل أو لل إلى إحدى الدول الساحلية‪ ،‬وبخاصة غينيا – بيساو‪ ،‬وتوغو‪ ،‬وبينين‪ ،‬وغانا‪ ،‬وبعد ذلك يتم نقلها عن‬
‫طريق الجو أو بواسطة القوارب‪ ،‬وكبديل يتم إرسال الكوكايين عبر خدمات الشحن الجوي إلى أوروبا‪ ،‬مستخدمة المطارات الداخلية‬
‫فإي غرب إفإريقيا‪ ،‬وتتع دد مطارات‪ً:‬ا )نيامي‪ ،‬وباماكو‪ ،‬و واغادوغو( من بين مراكز الشحن الجوي‪ ،‬حيث يمدر بعضها عبر المطارات‬
‫الجزائرية‪.‬‬

‫إ دن هذه الطرق ما زالت نشطة‪ ،‬كما تؤكد المضبوطات خلل العامين ‪2011‬م ‪2012 -‬م فإي هذه المطارات)‪ ,(11‬وقد جاء على‬
‫لسان إمنوال لوكير نائب مدير مكافإحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات قوله‪ً:‬ا »إدن بعض دول إفإريقيا الغربية التي تقع خلف‬
‫الشريط الحدودي الجنوبي للجزائر أصبحت طريقا ل مفض ل‬
‫ل لنشاط التجارة الدولية للكوكايين الوافإد من أمريكا اللتينية فإي اتجاه‬
‫أوروبا«‪.‬‬
‫وكذا تشهد دول الساحل تنامي ظاهرمة خطيرة‪ ،‬أل وهي التجارة بالسلحة‪ ،‬وتيشار فإي هذا السياق إلى أدن النكشاف المني الذي تعيشه‬
‫دولة مالي يمدثآل تهديدال مباشرال للمن بالمنطقة‪ ،‬خصوص ال بعد انتشار مليين قطع السلح الخفيف والثآقيل بعد انتهاء الثآورة الليبية‪،‬‬
‫وإمكانية وصول هذه السلحة إلى أيدي جماعات الجريمة المنظمة المنتشرة فإي المنطقة‪ ،‬فإي هذا الصدد يحذر رزاق بارة من أدن‬
‫هناك‪ً:‬ا »قرابة مليون قطعة سلح تتباع وتتشترى دون رقيب فإي الساحل الفإريقي‪ ،«...‬ويضيف قائلل‪ً:‬ا إدن »سقوط الدولة الليبية بين‬
‫أيدي الميليشيات‪ ،‬والتد دخل غير المدروس لحلف شمال الطلسي فإي هذا البلد‪ ،‬نتج عنه استباحة مخازن السلح وتهريبها‪ ،‬ونقلها إلى‬
‫منطقة الساحل مع قوافإل الجنود التوارق العائدين لديارهم‪ ،‬ومعظمهم من إقليم أزواد شمال مالي مدججين بالسلحة«)‪.(12‬‬

‫ومن جانب آخر؛ تزايدت ‪ -‬مؤخر لا ‪ -‬عمليات الختطاف للحصول على الفدية‪ ،‬والتي ارتبطت ارتباطا ل وثآيقا ل بتنامي وجود تنظيم‬
‫القاعدة فإي المغرب السلمي فإي منطقة الساحل‪ ،‬والتي كانت محركا رئيسال له‪ ،‬وقد ركزت عمليات الختطاف على الرعايا الجانب‬
‫من حيمن لخر‪ ،‬لغايات سياسية أو مالية‪ ،‬حيث تنفذت العديد من عمليات الختطاف‪ ،‬نذكر منها اختطاف ‪ 32‬سائحا ل أوروبيا ل فإي جنوب‬
‫الجزائر عام ‪ 2003‬م‪ ،‬وقد شملت عمليات الختطاف مواقع فإي جنوب الجزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وموريتانيا‪ ،‬والنيجر‪ ،‬فإضلل عن شمال‬
‫مالي‪ ،‬ور دكز الخاطفون على مواطني الدول التي كانت معروفإة باستعدادها للتفاوض على دفإع الفدية)‪.(13‬‬

‫كما تعدد الهجرة غير الشرعية من أخطر المهددات المنية؛ نظر لا لرتباطها الوثآيق بباقي أشكال الجريمة المنظمة‪ ،‬مثآل‪ً:‬ا تهريب‬
‫المخدرات‪ ،‬وتجارة السلح‪ ،‬وتزوير الوراق النقدية‪ ،‬وعملية تبيض الموال‪ ...‬إلخ‪ ،‬وحسب دراسة أجرتها المنظمة العالمية للهجرة؛‬
‫فإإدن ما بين ‪ 15‬و ‪ 30‬مليون مهاجمر غير شرع يي‪ ،‬يجولون فإي مختلف دول العالم‪ ،‬يوجد بينهم ‪ 700‬ألف طفل وامرأة‪ ،‬وهذه الفئة هي‬
‫الكثآر استهدافإا ل من ققبل المه دربين الذي يسعون إلى تهريبهم عبر الحدود والموانئ)‪ ,(14‬وتضطلع المنظمات الجرامية فإي دول‬
‫إفإريقيا عموم لا ودول الساحل الفإريقي بتهريب أعدامد كبيرمة من المهاجرين الذين يغادرون بلدانهم لسباب اقتصادية واجتماعية‬
‫وسياسية‪ ،‬وإدخالهم بصورة غير مشروعة إلى البلدان المتقدمة‪.‬‬

‫رابعا ل‪ً:‬ا انعكاسات الجريمة المنظمة‪ً:‬ا‬

‫أصبحت الجريمة المنظمة تمدثآل أحد الخطار التي تهددد المن والستقرار على كدل المستويات‪.‬‬

‫‪ - 1‬الثآار الجتماعية‪ً:‬ا‬

‫تؤدي الجريمة المنظمة إلى تهديد أمن النسان وزوال الطمأنينة لدى المواطنين؛ من خلل إشاعة الخوف وبدثآه فإي نفوس الناس‪،‬‬
‫بسبب لجوء عصابات الجرام المنظم إلى وسائل التهديد والعنف‪ ،‬بل ارتكاب جرائم القتل لرهاب الشعوب‪.‬‬

‫إ دن من شأن النفلت المني والنتشار الواسع لتجارة السلح أن يه ددد على أكثآر من صعيمد استقرار دول منطقة الساحل‪ ،‬وحتى دول‬
‫شمال إفإريقيا؛ إذ تساهم الجريمة المنظمة فإي المساس بالمن الصحي من خلل ما ينتج عن تجارة المخدرات من أضرار تحيق بحياة‬
‫الفرد وبصحته وبحياته وسلوكياته)‪.(15‬‬

‫كما تساهم )الجريمة المنظمة( فإي نشر مختلف أنواع المراض عن طريق المهاجرين غير الشرعيين ونقلهم لكدل أنواع المراض‪،‬‬
‫وبخاصة مرض السيدا‪ ،‬والذي تم دثآل إفإريقيا أعلى النسب العالمية لحامليه‪ ،‬إضافإة إلى المراض الخرى الفتاكة‪ ،‬كالطاعون‬
‫والكوليرا‪ ،‬وهذا النتشار الواسع لهذه المراض مردشح للزحف أكثآر نحو المناطق الشمالية للقارة‪ ،‬خصوصا ل أدن هناك دو ل‬
‫ل‪ ،‬مثآل‬
‫السنغال والنيجر‪ ،‬يدخل مواطنوها التراب المغاربي بسرية دون الخضوع للرقابة الطبية)‪.(16‬‬

‫ومن جانب آخر؛ فإإ دن المخدرات تساهم فإي النحطاط الخلقي والضعف العام للبنى الجتماعية‪ ،‬وتزيد من النقسامات داخل‬
‫المجتمع؛ مهدددة بذلك التجانس المجتمعي للدولة‪ ،‬ومعدرضة إياها للصراعات؛ فإهنالك ارتبا ع‬
‫ط قويي بين تجارة المخدرات وبين تمويل‬
‫بعض النزاعات الداخلية وتجارة السلحة‪.‬‬

‫ويتم دثآل التأثآير السلبي للجريمة المنظمة على الجانب الخلقي فإي نشر الفساد بين أفإراد المجتمع‪ ،‬وانتشار الرشوة‪ ،‬وتفشي الممارسات‬
‫غير الخلقية‪ ،‬وانهيار القيم الدينية والجتماعية؛ ما يؤدي إلى هدم كيان السرة وتفكيكها‪ ،‬وضعف تماسك بنى المجتمع‪ ،‬هذا بجانب‬
‫ما تس دببه بعض أنشطة الجريمة المنظمة‪ ،‬كتجارة الرقيق‪ ،‬من إهدامر لدمية النسان وكرامته‪.‬‬

‫‪ - 2‬الثآار القتصادية‪ً:‬ا‬

‫للجريمة المنظمة دتأثآيعر واضعح على اقتصاديات دول الساحل الفإريقي؛ بحكم ما تسدببه عصابات الجريمة المنظمة على حركة الفإراد‬
‫والموال من تهديدات‪ ،‬خصوصا ل فإي ظدل وجود أشكا مل مختلفة للجريمة القتصادية وتنوع أساليب ارتكابها)‪.(17‬‬

‫فإض ل‬
‫ل عن تأثآيرها السلبي على المناخ الستثآماري للدول‪ ،‬وغالبال ما يكون القطاع السياحي أكثآر القطاعات تضدررال فإي هذه الدول‪.‬‬

‫وبالنظر إلى أ دن أغلب العمليات الجرامية تهدف إلى نشر الرعب والخوف فإي الوساط الجتماعية؛ فإإن ذلك يدفإع الحكومات إلى‬
‫ل عن توجيهها نحو أغراض أخرى تنموية بالدرجة الولى‪ ،‬فإعلى المستوى‬ ‫توجيه مخططات أكبر لغراض المن والدفإاع؛ بد ل‬
‫القتصادي تقوم عصابات الجريمة المنظمة بالسيطرة على قطا مع ما من القتصاد أو على القتصاد بأكمله‪ ،‬وذلك بسبب ما تملكه من‬
‫ل عن تأثآيرها على بعض المسؤولين فإي القطاع الخاص‪ ،‬واستغللهم لتنفيذ جرائمها أو التغاضي عنها عن طريق‬ ‫مبالغ طائلة‪ ،‬فإض ل‬
‫الرشوة أو البتزاز‪.‬‬

‫كما تقوم عصابات الجريمة المنظمة بالته درب الضريبي‪ ،‬والتشجيع على المعاملت المشبوهة‪ ،‬إضافإة إلى عمليات غسيل الموال التي‬
‫تقوم بها لخفاء مصادر أموالها غير المشروعة؛ وهو ما يؤدي فإي النهاية إلى خسائر اقتصادية على مستوى الفإراد والشركات‪،‬‬
‫وحتى على مستوى القتصاد بأكمله)‪ ,(18‬فإهو يخفي من جهمة آثآار العمل الجرمي‪ ،‬ويمككن من جهمة أخرى الفاعل من التمتع بثآمار‬
‫عمله؛ فإيكون بذلك عاملل مشجع ال على استمرار الجريمة وازديادها وارتكاب المزيد من الفساد‪.‬‬

‫كما يترتب على تسلل العائدات غير المشروعة إلى قطاعات كاملة من القتصاديات الوطنية آثآاعر سلبيعة تضدر بالتنمية القتصادية‪،‬‬
‫وتؤثآر تأثآيرال مباشرال فإي اقتصاديات الدول المغاربية‪.‬‬

‫‪ - 3‬الثآار السياسية‪ً:‬ا‬

‫تساهم الجريمة المنظمة بشك مل كبير فإي زعزعة الستقرار السياسي للدول‪ ،‬وذلك من خلل فإقدان الثآقة فإي العملية الديمقراطية‪ ،‬وفإشل‬
‫الحكومات فإي السيطرة على الجريمة‪ ،‬ودور الخيرة فإي إفإساد أجهزة الدولة عن طريق رشوة المسؤولين وأصحاب القرار السياسي‬
‫فإي الدولة وابتزازهم‪ ،‬واختراق الحزاب والتنظيمات السياسية للوصول للسلطة والحفاظ على مصالحها؛ ما يؤدي فإي النهاية إلى‬
‫تشويه العملية الديمقراطية‪ ،‬وسقوط النظمة السياسية فإي هذه الدول‪.‬‬
‫كما تع درض المنظمات الجرامية سيادة الدول للخطر؛ فإتنظيم المرور عبر حدود كدل دولة هو صفة أساسية من صفات سيادتها‪ ،‬وهو‬
‫ما تتجاوزه المنظمات الجرامية عبر الدول؛ حيث تجتاز بجرمها الحدود‪ ،‬والدولة عاجزة عن التحكم فإي حدودها ومنع انتقال الجريمة‬
‫إلى أراضيها؛ وفإي هذا تحيد لسلطة الدولة وسيادتها‪ ،‬بل لما يشدكل جزءال جوهريا ل من مفهوم الدولة‪.‬‬

‫إ دن المنظمات الجرامية عبر الدول ‪ -‬بحكم طبيعتها ‪ -‬تق دوض المجتمع المدني‪ ،‬وتضيف درجة من الضطراب على الشؤون السياسية‬
‫المحلية‪ ،‬وتتحدى الداء المعتاد للحكومة وسريان القانون‪ ،‬وتش دل سلطة الحكومة‪ ،‬ولربما هيمنت على الحكومة نفسها وأصبح النفوذ‬
‫والسلطة بيدها‪ ،‬فإطوال الثآمانينيات كانت الجريمة المنظمة فإي إيطاليا وكولومبيا على علقات وثآيقة بالحزاب السياسية الحاكمة‬
‫وتسللت إلى داخل الحكومة‪ ،‬كما قامت بقتل رجال الشرطة والقضاة والسياسيين والموظفين العموميين)‪.(19‬‬

‫خامسا ل‪ً:‬ا آليات مكافإحة الجريمة المنظمة‪ً:‬ا‬

‫‪ - 1‬على المستوى الدولي )دور المم المتحدة(‪ً:‬ا‬

‫تتع دد مؤتمرات المم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين )التي تتعقد ك دل خمس سنوات( من أهم المؤشرات على الهتمام الذي‬
‫توليه المم المتحدة لمكافإحة الجريمة المنظمة‪ ،‬ومن أبرز هذه المؤتمرات نذكر‪ً:‬ا‬

‫أ ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة الخاص بمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد بجنيف سنة ‪1975‬م‪ً:‬ا تيعدد أول مؤتممر يطرح الجريمة‬
‫المنظمة للدراسة والنقاش بوصفها ظاهرة قائمة‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد فإي كاراكاس عام ‪1980‬م‪ً:‬ا أكد أدن الجرائم المرتكبة ضدد‬
‫الشخاص والممتلكات ليست وحدها أخطر الجرائم وأشدها ضررلا‪ ،‬فإهناك أيضال ما تيعرف بإساءة استخدام السلطة‪ ،‬أو الجرائم‬
‫القتصادية التي تتعدد من أخطر الجرائم‪.‬‬

‫ج ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد فإي ميلنو عام ‪1985‬م‪ً:‬ا الذي أوصى بضرورة بذل الجهود‬
‫لمكافإحة ظاهرة التجار غير المشروع بالعقاقير المخدرة وإساءة استعمالها‪.‬‬

‫د ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة الثآامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد بهافإانا عام ‪1990‬م‪ً:‬ا دعا إلى اتخاذ إجراءات وطنية ودولية‬
‫فإ دعالة ضد الجريمة المنظمة والنشاطات الرهابية‪ ،‬ووضع عدد لا من الجراءات الموضوعية لتعزيز التعاون الدولي فإي مجال مكافإحة‬
‫الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية‪ ،‬وذلك باعتماد المعاهدات النموذجية بشأن تسليم المجرمين وتبادل المساعدات فإي المسائل‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫ذ ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة التاسع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد بالقاهرة فإي القاهرة عام ‪1995‬م‪ً:‬ا أكد انتشار ظاهرة‬
‫الجريمة المنظمة فإي مختلف أنحاء العالم‪ ،‬ودعا إلى ضرورة وضع الخطط والسياسات‪ ،‬وتوسيع التعاون والبحث فإي مجال الجريمة‬
‫المنظمة ومكافإحتها بكدل الوسائل‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد فإي فإيينا عام ‪2000‬م‪ً:‬ا أشار إلى جسامة الخطار المترتبة‬
‫ص الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها‪.‬‬ ‫على ارتكاب الجرائم الخطيرة ذات الطبيعة العالمية‪ ،‬وبشكمل خا ي‬

‫خ ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة الحادي عشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد فإي بانكوك عام ‪2005‬م‪ً:‬ا ندوه إلى أدن المدة التي تعقد‬
‫فإيها المؤتمر شهدت تغيرات سريعة فإي صور الجرام العالمية‪ ،‬وأدن المن أصبح شاغلل رئيسا ل‪.‬‬

‫و ‪ -‬مؤتمر المم المتحدة الثآاني عشر لمنع الجريمة المنظمة ومعاملة المجرمين المنعقد فإي السلفادور عام ‪2010‬م‪ً:‬ا أقدر بضرورة‬
‫اتخاذ التدابير الجنائية اللزمة من أجل التصدي لتهريب المهاجرين والتجار بالشخاص‪ ،‬وغيرها من الجرائم المنظمة‪ ،‬وتوثآيق‬
‫التعاون الدولي فإي هذا المجال على كدل المستويات)‪.(20‬‬

‫ومن الجلي أ دن منظومة المم المتحدة تحظى بطائفة عريضة من الخبرات التي يمكن أن تقددمها إلى المجتمع الدولي وهو يصارع‬
‫التحديات المعقدة التي أوجدتها شبكات التجار فإي منطقة الساحل‪ ،‬ويقوم العديد من هيئات المم المتحدة بالفعل بالعمل فإي المنطقة‬
‫بشأن موضوع شبكات التجار‪ ،‬مثآل‪ً:‬ا مكتب المم المتحدة لغرب إفإريقيا‪ ،‬ومكتب المم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة‪،‬‬
‫والمنظمة الدولية للهجرة‪ ،‬ومفوضية المم المتحدة لشؤون اللجئين)‪.(21‬‬

‫‪ - 2‬على المستوى القليمي )الدور الفإريقي(‪ً:‬ا‬

‫يمكن تقسيم الجهود القليمية على المستوى الفإريقي إلى مرحلتين‪ً:‬ا‬

‫المرحلة الولى‪ً:‬ا ما قبل تأسيس النيباد )أي الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفإريقيا(‪ً:‬ا حيث تدم إدراج بعض المواد الخاصة بتعريف‬
‫الجريمة والرهاب فإي المعاهدة التمنشئة لمنظمة الوحدة الفإريقية‪ ،‬فإمثآلل حددد الميثآاق التأسيسي للمنظمة النشاطات التي تضدر بأمن‬
‫الفإراد والجماعات وأدانها بشكمل صريح‪ ،‬وذلك فإي المادة )‪ (05‬من الفصل )‪ ،(03‬حيث‪ً:‬ا »يدين بكدل صراحة كدل أشكال الغتيالت‬
‫السياسية والنشاطات التخريبية من طرف دول مجاورة أو أي دولة أخرى«‪.‬‬

‫وقد تعززت هذه المواقف فإيما بعد بقمة داكار بالسنغال‪ ،‬والتي قررت وضع آليات للوقاية من النزاعات وتسييرها بما يضمن حلها‬
‫بشكمل سلمي‪.‬‬

‫المرحلة الثآانية‪ً:‬ا ما بعد النيباد‪ً:‬ا أفإرزتها محدودية الترتيبات السابقة‪ ،‬والنقائص التي شابت المؤسسات القليمية التي اضطلعت بدور‬
‫تعزيز إجراءات المن والستقرار فإي القارة‪ ،‬حيث اندلعت عد عد من الصراعات المسلحة‪ ،‬وتفاقمت الجريمة المنظمة والرهاب فإي‬
‫شمال القارة وجنوبها‪.‬‬

‫ك دل هذه المعطيات دفإعت لعادة النظر فإي التنظيمات القائمة لجعلها أكثآر مرونة‪ ،‬وكانت أول خطوة من القادة الفإارقة إبدال منظمة‬
‫الوحدة الفإريقية بمنظمة التحاد الفإريقي‪ ،‬وذلك خلل اللقاء الوزاري فإي ‪2/6/2000‬م‪ ،‬حيث العلن الرسمي عن ميلد التنظيم‬
‫القديم الجديد خلل قمة »لومي« بتوغو بين ‪ 10‬و ‪ 12‬جويلية ‪2000‬م‪.‬‬

‫لم تستطع دول الساحل أن تتبنى سياسة متطورة ومتجانسة قائمة على العدل واحترام الحقوق والواجبات للجميع دون تمييز‬
‫وكنتيجة لهذا التصور الجديد الذي طرأ على العمل الفإريقي المشترك تدم خلل الدورة ‪ 37‬لجتماع زعماء القادة الفإارقة من خلل‬
‫التحاد الفإريقي طرح وثآيقة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفإريقيا ‪ NEPAD‬فإي جويلية ‪2001‬م‪ ،‬حيث تم التأكيد فإي هذه الوثآيقة‬
‫ب مركز يي للمن والسلم والستقرار السياسي والجتماعي والقتصادي‪ ،‬وركزت المبادئ الجديدة التي‬ ‫على تدعيم الحكم الرشيد كمطل م‬
‫انبثآقت عن المبادرة الجديدة على وضع الليات اللزمة والضرورية للوقاية من عدة مخاطر؛ أبرزها الجريمة المنظمة‪.‬‬

‫وتبذل بلدان الساحل جهودلا لمكافإحة الجريمة المنظمة‪ ،‬إل أنها لم تحدقق سوى تقددمم ضئيمل فإي تفكيك بعض شبكاتها‪ ،‬فإعلى الرغم من‬
‫ت كبيرمة من الخارج‬
‫الجهود الحالية التي تبذلها دول منطقة الساحل فإي إطار منظمة التحاد الفإريقي؛ فإإنها ما لم تحصل على مساعدا م‬
‫لن تتمكن من القضاء الفعلي على شبكات التجار‪.‬‬

‫وفإي خلل السنوات الخيرة قددمت دوعل عديد عة مساعدات ثآنائية‪ ،‬عسكرية ومالية وتقنية‪ ،‬ويذكر هنا ‪ -‬على سبيل المثآال ‪ -‬إعلن‬
‫واشنطن عن إجراء مناورات عسكرية بدولة مالي‪ ،‬بمشاركة ك يل من الوليات المتحدة المريكية ودول المنطقة‪ً:‬ا تشاد‪ ،‬ومالي‪،‬‬
‫وموريتانيا‪ ،‬والمملكة المغربية‪ ،‬والنيجر‪ ،‬والسنغال‪ ،‬وأخيرال نيجيريا)‪.(22‬‬

‫كما نجد تقرير لا لبعثآة التقييم المعنية بتأثآير الزمة الليبية على منطقة الساحل‪ ،‬الذي قتددم إلى مجلس المن فإي كانون الثآاني‪/‬يناير‬
‫‪2012‬م‪ ،‬بالضافإة إلى التدابير الوارد تفصيلها فإي التقرير؛ فإإ دن المم المتحدة والتحاد الفإريقي والجماعة القتصادية لدول غرب‬
‫إفإريقيا؛ قامت جميعها باتخاذ خطوات لوضع ترتيبات للتنسيق بهدف تعزيز جهودها المبذولة للقضاء على التجار غير المشروع‪.‬‬

‫وهناك على‪ -‬وجه التحديد‪ -‬خطة عمل للستجابة القليمية تابعة للجماعة القتصادية لدول غرب إفإريقيا‪ ،‬اعتمدها رؤساء الدول‬
‫والحكومات فإي أبوجا فإي كانون الول‪/‬ديسمبر ‪2008‬م‪ ،‬والتي انتهت رسميا ل فإي كانون الول‪/‬ديسمبر ‪2011‬م‪ ،‬وخطة عمل للتحاد‬
‫الفإريقي بشأن مراقبة المخدرات ومنع الجريمة )‪2007‬م – ‪2012‬م(‪ ،‬ومبادرة ساحل غرب إفإريقيا المشتركة بين المم المتحدة‬
‫والجماعة القتصادية لدول غرب إفإريقيا‪ ،‬والتي يتم بموجبها تنسيق بناء القدرات فإي سيراليون‪ ،‬وغينيا‪ ،‬وغينيا – بيساو‪ ،‬وكوت‬
‫ديفوار‪ ،‬وليبيريا‪ ،‬وهي تركز أساسال فإي إنشاء وحدات لمنع الجريمة عبر الوطنية فإي كدل بلد‪.‬‬

‫الخاتمة‪ً:‬ا‬

‫على الرغم من الجهود التي تبذلها دول منطقة الساحل فإي مكافإحة الجريمة المنظمة؛ فإإدن التطور الواضح الذي شهدته شبكات التجار‬
‫فإي المنطقة يعكس مدى عجز الجهود المبذولة فإي مكافإحة الجرام المنظم‪ ،‬وتيعزى جزعء من المعضلة‪ ،‬التي تكتنف تنظيم استجابة‬
‫فإ دعالة لهذه المشكلة‪ ،‬إلى ضعف القدرة المؤسسية لدول المنطقة‪ ،‬والتي تتعدد من أشدد المناطق حرمانا ل من المزايا فإي العالم‪.‬‬

‫ت أقوى منها‪ ،‬وبأولويات أخرى‪ ،‬وهو ما يتطلب فإرض حلول لمجابهة هذا الخطر‬ ‫ص وشبكا م‬‫فإكثآيرال ما تواجه هذه الجهود بأشخا م‬
‫المتنامي‪ ،‬وقد خلصت الدراسة إلى طرح مجموعة حلول للتصدي لخطر الجريمة المنظمة‪ ،‬تتمثآل فإي‪ً:‬ا‬

‫‪ (1‬إقامة أنظمة حكم ديمقراطية مع دبرة عن الرادة الحرة للشعوب‪ ،‬تحرص على سلطة القانون وتوفإير الحريات للمواطنين‪ ،‬وتحترم‬
‫حقوق النسان‪ ،‬ومؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬وتتفاعل معها باعتبارها شريكا ل حقيقيال فإي إدارة شؤون البلد وتنفيذ برامج التنمية‪.‬‬
‫‪ (2‬اعتماد التنمية المستدامة والحكم الصالح والديمقراطية فإي الساحل الفإريقي‪ ،‬فإهي آليات ضرورية لحداث التغيير داخل أنظمة‬
‫دول الساحل‪ ،‬التي ستجد نفسها ‪ -‬إذا التزمت وطبقت آليات الحكم الراشد والتنمية المستدامة ‪ -‬مؤظهلة للدخول فإي مسامر تكامليي مع‬
‫توفإر إرادة سياسية‪ ،‬وتشريعات ضامنة ومؤسسات وقضـاء مستقل‪ ،‬التي تتعدد ضمانا ل لممارسة الحكم الرشيد‪.‬‬

‫‪ (3‬ضرورة استعانة دول الساحل الفإريقي يبعضها البعض على نحمو يتدم فإيه حشد الجهود والطاقات الوطنية والدولية جميعها‬
‫لمواجهة تحديات جرائم من نومع جديمد فإي السلوب والقوة والنطاق‪.‬‬

You might also like