You are on page 1of 11

‫خطة البحث‬

‫• مقدمة‪.‬‬

‫• المبحث األول‪ :‬ماهية الدراسات اللغوية عند العرب‬

‫• المطلب األول‪ :‬مفهوم الدراسات اللغوية‬

‫• المطلب الثاني‪ :‬أسباب نشأة الدراسات اللغوية العربية‬

‫• المبحث الثاني‪ :‬ابن جنى مع الدراسات اللغوية‬

‫• المطلب االول‪ :‬تعريف ابن جنى‬

‫• المطلب الثاني‪ :‬منهجية وأهم جهود ابن جنى في الدرس الصوتي‬

‫• المطلب الثالث‪ :‬أهمية عمل ابن جني (استقاللية الدرس الصوتي ونضجه واكتماله)‬

‫• خاتمة‪.‬‬

‫• قائمة المراجع‬
‫مقدمة‬

‫لم يعرف العرب قبل اإلسالم أي بحث لغوي يذكر‪ .‬وكغيرهم من األمم‪ ،‬كان البحث اللغوي خدمة لكتب‬

‫الشريعة لكل أمة‪ ،‬ومن أجل تفسيرها وفهم معانيها‪ .‬ورغم تأخر البحث اللغوي عند العرب حتى القرن‬

‫الثاني للهجرة‪ ،‬إال أن العلماء العرب قد أتقنوا الدرس اللغوي‪ ،‬فجاءت بحوثهم كاملة شاملة لكل علوم‬

‫اللغة العربية من نحو وصرف ومعجم ودراسة األصوات وحتى الدراسة المقارنة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الدراسات اللغوية عند العرب‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الدراسات اللغوية‬

‫مفهوم الدراسات اللغوية قديمًا هو ذلك النشاط اللغوي التقعيدي ‪ Normative‬الذي يستهدف معرفة صحيح‬

‫الكالم وجيده كتابة ونط ًقا‪ ،‬ووضع "قواعد" تميز صحيح الكالم من خطئه‪ ،‬وجيده من رديئه‪ ،‬قواعد "متعلقة‬

‫بهجاء اللغة و"نحوها" ومفرداتها و"بالغتها" وما أشبه هذا‪" ،‬قواعد" تعلم الناشئة صحة الكالم وجودته‪ ،‬وتتخذ‬

‫مقياسًا للحكم على الصواب والخطأ‪ ،‬والجيد والرديء‪ ،‬وهو كذلك معرفة عدد كبير من اللغات‪ ،‬الحية أو‬

‫ً‬
‫فضال عن التبحر في اللغة القومية‪ ،‬هذه المعرفة التي تسمى باإلنجليزية ‪ Polyglattisn‬وبالفرنسة‬ ‫القديمة‪،‬‬

‫‪ Playglattisinal‬والتي ينظر الناس إلى صاحبها بعين اإلكبار والتقدير‪.‬‬

‫إن العالم اللغوي ليس من يتقن ً‬


‫عددا من اللغات فقد يجيد اإلنسان لغات كثيرة وال معرفة له بشيء عن "اللغة"‪،‬‬

‫ً‬
‫لغويا ناجحً ا ومع ذلك ال يعرف إال لغته القومية‪،‬‬ ‫فعلم اللغة ليس معناه معرفة أكثر من لغة‪ .‬فقد يكون اإلنسان‬

‫فالدراسات اللغوية "علم" أما معرفة عدة لغات فهي صفة يتصف بها بعض الناس‪ ،‬وميزة من المميزات وهي‬

‫واجبة في جوانب الدرس اللغوي كالمقارنة بين عدد من اللغات‪ ،‬وكالدراسة التطورية للغة من اللغات‪ ،‬ولكن‬

‫هذه المعرفة وسيلة من وسائل اللغوي‪ ،‬وليس غاية من غاياته‪.1‬‬

‫وفي موضع آخر يشرح الدكتور السعران قول دي سوسير أن علم اللغة يدرس اللغة "في ذاتها" فهو أنه‬

‫يدرسها من حيث هي لغة‪ ،‬يدرسها كما هي‪ ،‬يدرسها كما تظهر فليس للباحث فيها أن يغير من طبيعتها‪ ،‬كما‬

‫أنه ليس للباحث في موضوع أي علم من العلوم أن نغير من طبيعته‪ ،‬فليس له أن يقتصر في بحثه على جوانب‬

‫من اللغة مستحس ًنا إياها‪ ،‬وينحي جوانب أخرى استهجا ًنا لها‪ ،‬أو استخفا ًفا بها‪ ،‬أو لغرض في نفسه‪ ،‬أو ألي‬

‫سبب آخر من األسباب‪ .‬وبما أن علم اللغة "يدرس اللغة" من أجل ذاتها "فمعناه أنه يدرسها لغرض نفسها‪،‬‬

‫يدرسها دراسة موضوعية تستهدف الكشف عن حقيقتها‪ ،‬فليس من موضوع دراسته أن يحقق أغراضًا تربوية‬

‫ً‬
‫مثال‪ ،‬أو أية أغراض عملية أخرى‪ .‬أنه يدرسها هد ًفا إلى "ترقيتها" أو إلى تصحيح جوانب منها أو تعديل آخر‪،‬‬

‫إن عمله مقصور على أن يصفها ويحللها بطريقة موضوعية‪.2‬‬

‫علم اللغة د‪ .‬محمود السعران ‪15-12‬‬ ‫‪1‬‬

‫علم اللغة د‪ .‬السعران ص‪54-53‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب نشأة الدراسات اللغوية العربية‬

‫يتفق معظم الدارسين على أن العرب في الجاهلية كانوا يتكلمون لغتهم بالسليقة ولم يكونوا بحاجة الى قواعد‬

‫لغوية‪ ،‬مع وجود بعض االستثناءات التي لم تكن تشكل خطرا على اللغة علما أن الخطأ واللحن واالنحراف‬

‫اللغوي كان من العيوب التي قد ال تغتفر‪.‬‬

‫فقد جاء االسالم ونزل القرآن الكريم في المستوى األعلى من البالغة والفصاحة (بلسان عربي مبين) أي باللغة‬

‫المشتركة أو ما يسمى اآلن بالفصحى‪ ،‬التي يرى بعضهم أنها لهجة قريش التي كان لها من العوامل والظروف‬

‫ما جعلها اللهجة األرقى التي تبناها العرب وجعلوها لغتهم الرسمية التي يتعاملون بها على الصعيد الرسمي‬

‫والمناسبات األدبية والمواسم‪ .‬وقد كان ما جاءنا من الشعر الجاهلي كله بهذه اللغة المشتركة مع اشارات الى‬

‫بعض اللهجات العربية الخاصة التي ظهرت أيضا باللغات العربية المسموح بها (الجائزة)‪.‬‬

‫هذا وقد ظل األمر كذلك بعد مجيء اإلسالم‪ ،‬اذ أن السليقة لم تزل قاسما مشتركا بين العرب الذين دخلوا تحت‬

‫راية هذا الدين‪ ،‬وتوحدوا تحت لوائه وعزز القرآن وحدتهم اللغوية‪ ،‬ولم تكن الدروس اللغوية اال مالحظات‬

‫عابرة تصحح بها بعض األخطاء‪ ،‬وكان الرسول صلى هللا عليه وسلم ومن معه من الصحابة المالزمين يتلون‬

‫القرآن الكريم كما أنزل فيتبعهم في ذلك المسلمون حفظا وتالوة‪ .‬لكن األمر لم يبق على هذه الحال ألن االسالم‬

‫جاء وبأمر من هللا الى الناس كافة‪ ،‬وكان ال بد أن ينطلق العرب المسلمون بهذه األمانة لتبليغها للناس خارج‬

‫حدود الجزيرة العربية‪ .‬وقد أيدهم هللا بالنصر وفتح على االسالم والمسلمين‪ ،‬فدخلت األمم والشعوب في هذا‬

‫الدين‪ ،‬الذي كانت اللغة العربية لغته الرسمية ولغة دستوره (القرآن الكريم)‪.‬‬

‫وكان ال بد للمسلمين غير العرب من تعلم هذه اللغة أو االلمام بها‪ ،‬ال سيما أن بعض شعائر االسالم ال بد أن‬

‫تؤدى باللغة العربية‪ ،‬وأن تالوة القرآن عبادة يتقرب بها المسلم الى ربه‪.‬‬

‫زيادة عن العالقات االجتماعية التي جعلت المسلمين على اختالف أجناسهم امة واحدة يختلطون ويتعاملون‪.‬‬

‫فال بد من لسان يساعدهم على تمتين الروابط بينهم‪ ،‬وقد كان اللسان العربي ‪ -‬بال شك ‪ -‬هو المثل األعلى‬

‫وكان العرب المسلمون هم القدوة‪ .‬ولكن أ من السهل محاكاة العرب ومجاراتهم في لغتهم لكل من دخل االسالم؟‬

‫وهل يمكن للعرب أال يتأثروا بلغات تلك األمم ورطانتاها؟‬

‫‪3‬‬
‫بدأت السليقة تضعف وبدأت آثار االختالط تظهر سلبا على العربية‪ ،‬وبدأ اللحن يتفشى ليس على ألسنة غير‬

‫العرب فحسب‪ ،‬بل وعلى ألسنة العرب أنفسهم‪ ،‬حتى الخاصة منهم‪ .‬ووصل األمر‪ -‬كما تذكر بعض الروايات‬

‫الى تالوة القرآن الكريم وعلى لسان بعض المقرئين‪ ،‬مما أدى الى االستنكار ورفع القضية الى الخليفة لتدارك‬

‫األمر‪.‬‬

‫وهكذا كانت الفتوحات االسالمية وتوسع الحدود عامال وسببا في شيوع اللحن وكان شيوع اللحن من األسباب‬

‫التي دفعت الى نشأة الدراسات اللغوية العربية‪ .‬وال شك أن العامل الديني كان العامل المركزي‪ ،‬فالخوف على‬

‫لغة القرآن ‪ -‬وليس على القرآن نفسه كما يذكر على بعض األلسنة ‪ -‬دفع الغيورين للقيام بعمل يصون األلسنة‬

‫من الزلل واالنحراف‪.‬‬

‫ولذا يمكن أن نسجل العوامل واألسباب كما يلي‪:‬‬

‫‪- 1‬العامل الديني‪ :‬للمحافظة على فهم القرآن وحسن تالوته واستخراج األحكام الشرعية‪.‬‬

‫ويرتبط بهذا العامل أسباب الخوف من فساد األلسنة بسبب‪:‬‬

‫أ‪ -‬توسع الحدود بعد الفتوحات االسالمية ونتج عنه االختالط وتأثر العربية بغيرها من اللغات (األلسن)‬

‫‪ - 2‬هناك من يرى بوجود عامل آخر‪ ،‬هو العامل القومي ويتمثل في حب العرب للغتهم وغيرتهم عليها‪.‬‬

‫‪ - 3‬عامل فكري حضاري‪ ،‬وهو ارتقاء التفكير عند العرب بسبب حضارية الدين االسالمي ودعوته الى العلم‬

‫باإلضافة الى االحتكاك الفكري باألمم األخرى‪.‬‬

‫‪ - 4‬وقد نضيف عامل الظروف العامة من حب خدمة الدين وهو بمثابة الجهاد وربما بعض الفراغ لخلو الحياة‬

‫من بعض التعقيدات المعاصرة‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ابن جنى مع الدراسات اللغوية‬

‫المطلب االول‪ :‬تعريف ابن جنى‬

‫أبو الفتح عثمان بن جني المشهور بـابن جني عالم نحوي كبير‪ ،‬ولد بالموصل عام ‪ 322‬هـ‪ ،‬ونشأ وتعلم النحو‬

‫فيها على يد األخفش ويذكر ابن خلكان أن ابن جني قرأ األدب في صباه على يد أبي علي الفارسي حيث‬

‫‪1‬‬
‫‪https://salim-mezhoud.hooxs.com/t968-topic‬‬
‫‪4‬‬
‫توثقت الصالت بينهما‪ ،‬حتى نبغ ابن جني بسبب صحبته‪ ،‬حتى أن أستاذه أبا علي‪ ،‬كان يسأله في بعض‬

‫المسائل‪ ،‬ويرجع إلى رأيه فيها‪ .‬على الرغم أن ابن جني كان يتبع المذهب البصري في اللغة إال أنه كان كثير‬

‫النقل عن أناس ليسوا بصريين في النحو واللغة وقد يرى في النحو ما هو بغدادي أو كوفي‪ ،‬فيثبته‪.‬‬

‫التقى ابن جني بالمتنبي بحلب عند سيف الدولة الحمداني كما التقاه في شيراز‪ ،‬عند عضد الدولة وكان المتنبي‬

‫يحترمه ويقول فيه‪« :‬هذا رجل ال يعرف قدره كثير من الناس‪ ،‬وكان إذا سئل عن شيء من دقائق النحو‬

‫والتصريف في شعره يقول‪ :‬سلوا صاحبنا أبا الفتح»‪ .‬ويعد ابن جني أول من قام بشرح أشعار ديوان المتنبي‬

‫وقد شرحه شرحين الشرح الكبير والشرح الصغير‪ ،‬ولم يصل إلينا في العصر الحديث سوى الشرح الصغير‪.‬‬

‫كان ابن جني يثني دوما على المتنبي ويعبر عنه بشاعرنا فيقول‪« :‬وحدثني المتنبي شاعرنا‪ ،‬ومعرفته إال‬

‫صادقا»‪ .‬وكان كثير االستشهاد بشعره بلغ ابن جني في علوم اللغة العربية من الجاللة ما لم يبلغه اال القليل‬

‫ويبدو ذلك واضحا في كتبه وأبحاثه التي يظهر عليها االستقصاء والتعمق في التحليل‪ ،‬واستنباط المبادئ‬

‫واألصول من الجزئيات‪ .‬اشتهر ببالغته وحسن تصريف الكالم واإلبانة عن المعاني بأحسن وجوه األداء‬

‫ووضع أصوال في االشتقاق ومناسبة األلفاظ للمعاني‪.‬‬

‫له ما يفوق الخمسين كتابا‪ ،‬أشهرها كتاب الخصائص الذي يتحدث فيه عن بنية اللغة وفقهها‪.‬‬

‫يرد بعض الباحثين اهتمام ابن جني بالصرف ألبعد الحدود إلى حادثة وقعت له وهو صغير عندما عجز أمام‬

‫أبي علي الفارسي في أول لقاء بينهما في مسألة قلب الواو ألفا‪.‬‬

‫عاش ابن جني في عصر ضعف الدولة العباسية ومع ذلك فقد وصل ابن جني إلى مرتبة علمية لم يصل اليها‬

‫إال القليل‪ ،‬وكانت وفاته سنة ‪ 392‬هـ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬منهجية وأهم جهود ابن جنى في الدرس الصوتي‬

‫هو أول من منح الدرس الصوتي استقالليته واسمه ومصطلحه في مؤلف خاص سماه (سر صناعة‬

‫اإلعراب) ‪.‬‬

‫غية الوعاة في أخبار اللغويين والنحاة ل جالل الدين السيوطي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪5‬‬
‫يقول في ذلك‪ ":‬هذا القبيل من العلم‪-‬أعني علم األصوات والحروف‪-‬له تعلق ومشاركة للموسيقى لما فيه من‬

‫صنعة األصوات والنغم"‪...‬‬

‫ويقول أيضا‪" :‬وما علمت أن أحداً من أصحابنا خاض في هذا الفن هذا الخوض‪ ،‬وال أشبعه هذا اإلشباع "‪...‬‬

‫بدأ ابن جني كتابه (سر صناعة اإلعراب) بعرض دراسة عامة عن األصوات فرق فيها بين الصوت والحرف‪،‬‬

‫إذ قال‪" :‬اعلم أن الصوت َع َرض يخرج مع النفس مستطيال متصال حتى َيعرض له في الحلق والفم والشفتين‬

‫مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته فيسمى المقطع أينما عرض له حرفا وتختلف أجراس الحروف بحسب‬

‫اختالف مقاطعها وإذا تفطنت لذلك وجدته على ما ذكرته لك أال ترى أنك تبتدئ الصوت من أقصى حلقك ثم‬

‫تبلغ به أي المقاطع شئت فتجد له َجرْ سا ما فإن انتقلت منه راجعا عنه أو متجاوزا له ثم قطعت أحسست عند‬

‫ذلك صدى غير الصدى األول وذلك نحو الكاف فإنك إذا قطعت بها سمعت هناك صدى ما فإن رجعت إلى‬

‫القاف سمعت غيره وإن جزت إلى الجيم سمعت غير ذينك األولين "‪...‬‬

‫الصوت‪ :‬هو امتداد التصويت وعند انتهائه يسمى حرفا‪.‬‬

‫المقطع‪ :‬هو موضع اعتراض الهواء‪.‬‬

‫‪ -‬عقد بابا سماه (باب أسماء الحروف وأجناسها ومخارجها وفروعها المستحسنة وفروعها المستقبحة) يقول‪:‬‬

‫"اعلم أن أصول حروف المعجم عند الكافة تسعة وعشرون حرفا‪...‬إال أن أبا العباس فإنه كان يعدها ثمانية‬

‫وعشرين حرفا‪...‬واعلم أن هذه الحروف التسعة والعشرين قد تلحقها سيبويه والخليل – أيضا ً ستة أحرف‬

‫تتفرع عنها حتى تكون خمسة وثالثين حرفا وهذه الستة حسنة يؤخذ بها في القرآن وفصيح الكالم وهي النون‬

‫الخفيفة ويقال الخفية والهمزة المخففة وألف التفخيم وألف اإلمالة والشين التي كالجيم والصاد التي كالزاي‪.‬‬

‫وقد تلحق بعد ذلك ثمانية أحرف وهي فروع غير مستحسنة وال يؤخذ بها في القرآن وال في الشعر‪...‬وهي‬

‫الكاف التي بين الجيم والكاف والجيم التي كالكاف والجيم التي كالشين والضاد الضعيفة والصاد التي كالسين‬

‫والطاء التي كالتاء والظاء التي كالثاء والباء التي كالميم وال يصح أمر هذه الحروف األربعة عشر الالحقة‬

‫للتسعة والعشرين حتى كملتها ثالثة وأربعين إال السمع والمشافهة "‬

‫‪ -‬ذكر ترتيب الحروف (ء‪ ،‬ا‪ ،‬هـ‪ ،‬ع‪ ،‬ح‪ ،‬غ‪ ،‬خ‪ ،‬ق‪ ،‬ك‪ ،‬ج‪ ،‬ش‪ ،‬ي‪ ،‬ض‪ ،‬ل‪ ،‬ر ن‪ ،‬ط‪ ،‬د‪ ،‬ت‪ ،‬ص‪ ،‬ز‪ ،‬س‪،‬‬

‫ظ‪ ،‬ذ‪ ،‬ث‪ ،‬ف‪ ،‬ب‪ ،‬م‪ ،‬و)‬


‫‪6‬‬
‫‪ -‬قسم الحروف إلى أنواع بحسب صفاتها فذكر المجهور والمهموس وحروف الذالقة واإلصمات وغيرها‪،‬‬

‫وقد فصل في عرض األصوات بمخارجها وصفاتها‪.‬‬

‫‪ -‬اهتم بالتشكيل الصوتي وأحكام تجاور الحروف كما اهتم بالربط بين األصوات ودالالتها بقوله‪ ":‬فأما مقابلة‬

‫األلفاظ بما يشاكل أصواتها من األحداث فباب عظيم واسع وذلك أنهم يجعلون أصوات الحروف على سمت‬

‫األحداث المعبر عنها من ذلك قولهم خضم وقضم فالخضم ألكل الرطب كالبطيخ والقثاء‪...‬والقضم للصلب‬

‫اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك"‬

‫‪-‬قدَّم معيارا للحركات العربية في باب ‪ِ ( :‬كمِّية الحركات) ‪ ،‬تناو َل فيه الحركات العربيَّة األصليَّة والفرعيَّة‪،‬‬

‫"اعلم أن الحركات أبعاض حروف المد واللين‪ ،‬وهي األلف والياء والواو فكما أن هذه الحروف ثالثة فكذلك‬

‫الحركات ثالث وهي الفتحة والكسرة والضمة‪ .‬فالفتحة بعض األلف‪ ،‬والكسرة بعض الياء‪ ،‬والضمة بعض‬

‫الواو‪...‬أال ترى أن األلف والياء والواو اللواتي هن حروف توام كوامل قد تجدهن في بعض األحوال أطول‬

‫وأتم منهن في بعض‪...‬ويدلك على أن الحركات أبعاض لهذه الحروف أنك متى أشبعت واحدة منهن حدث‬

‫بعدها الحرف الذي هي بعضه ‪...‬فلوال أن الحركات أبعاض لهذه الحروف وأوائل لها لما نشأت عنها ولكانت‬

‫"‬ ‫تابعة لها‬

‫‪ -‬هو أول من تحدث عن تشبيه مجرى النفس أثناء نطق الحروف بالمزمار وبين من خالل ذلك كيفية حدوث‬

‫الصوت اللغوي حين قال‪َّ ":‬شبه بعضهم الحلق والفم بالناي‪ ،‬فإن الصوت يخرج فيه مستطيالً أملس ساذجاً‪،‬‬

‫كما يجري الصوت في األلف غفالً بغير صنعة‪ ،‬فإذا وضع الزامر أنامله على خروق الناي المنسوقة‪ ،‬وراوح‬

‫بين أنامله اختلفت األصوات‪ ،‬وسمع لكل حرف منها صوت ال يشبه صاحبه‪ ،‬فكذلك إذا قطع الصوت في‬

‫سبب استماعنا هذه األصوات المختلفة‪ .‬ونظير ذلك وتر العود‪،‬‬


‫َ‬ ‫الحلق والفم باعتماد على جهات مختلفة‪ ،‬كان‬

‫فإن الضارب إذا ضربه وهو مرسل سمعت له صوتاً‪ ،‬فإن حصر آخر الوتر ببعض أصابع يسراه أدى صوتا ً‬

‫آخر‪ ،‬فإن أدناها قليالً سمعت غير االثنين‪ ،‬ثم كذلك كلما أدنى أصبعه من أول الوتر تشكلت لك أصداء مختلفة‪...‬‬

‫فالوتر في هذا التمثيل كالحلق والخفقة بالمضراب عليه كأول الصوت من أقصى الحلق‪ ،‬وجريان الصوت فيه‬

‫غفالً غير محصور كجريان الصوت في األلف الساكنة‪ ،‬وما يعترضه من الضغط والحصر باألصابع كالذي‬

‫‪7‬‬
‫يعرض للصوت في مخارج الحروف من المقاطع‪ ،‬واختالف األصوات هناك كاختالفها هنا‪ ،‬وإنما أردنا بهذا‬

‫التمثيل اإلصابة والتقريب"‪.1‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أهمية عمل ابن جني (استقاللية الدرس الصوتي ونضجه واكتماله)‬

‫لعل ابن جني" أكثر من سابقيه استقرا ًء وتناوالً للدراسة الصوتية والوقوف بتوسع ودقة حيال الظاهرة الصوتية‬

‫والمصطلحات ذات العالقة بهذا العلم‪ ،‬والمطلع على كتابيه (الخصائص) و (سر صناعة اإلعراب) يتبين له‬

‫مدى اهتمام هذا العالم الكبير بالدراسة الصوتية‪ ،‬وكيف استطاع أن يجعل من كتابيه المذكورين مصدراً من‬

‫المصادر األساسية لعلم األصوات اللغوية"‪.‬‬

‫ويشير أحد الباحثين إلى فضل ابن جني في إرساء دعائم الدرس الصوتي وتطويره بقوله «جمع ابن جني‬

‫في كتابه الدراسات الصوتية السابقة‪ ،‬التي نشأت ضئيلة عند الخليل وسيبويه‪ ،‬ثم تتابع عليها المعنيون بها من‬

‫بعدهما‪ ،‬حتى وصلت على يده إلى القدر الذي يحتويه هذا الكتاب‪ ،‬فقد كان القرن الرابع عصر تطور ونهضة‬

‫في العلوم اإلسالمية عامة‪ ،‬وجاء كتاب (سر الصناعة) موضحا لمعالم الدراسات الصوتية التي عني بها أهل‬

‫اللغة في هذا القرن من جملة ما عنوا به من علوم‪.2"...‬‬

‫األستاذة‪ :‬زينة مدواس‪ ،‬الدرس الصوتي العربي القديم‪ ،‬السنة األولى ماستر‪ ،‬لسانيات عربية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع السابق‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫الخاتمة‬

‫ليس من السهل أن نعرف متى بدأ التفكير اللغوي عند العرب‪ ,‬وبخاصة عندما نتحدث عن هذا التفكير في‬

‫ضوء التعريف السابق للدراسات اللغوية‪ ،‬أو للتفكير اللغوي الذي ينظر في اللغة بأي صورة من الصور‪،‬‬

‫وليس من السهل أيضا ‪-‬كما يقول األستاذ الدكتور عبد هللا ربيع محمود في كتابه (فقه اللغة) باالشتراك مع‬

‫األستاذ الدكتور عبد العزيز عالم‪ -‬أن يسلم اإلنسان للرأي القائل بأن هذا التفكير لم يبدأ إال بعد ظهور اإلسالم‪،‬‬

‫وانتشار العربية في أرجاء األرض‪ ،‬مستندا في رأيه هذا إلى أن أمة العرب ‪-‬التي عنيت في عصر الجاهلية‬

‫بفنون القول؛ کالخطابة‪ ،‬والشعر‪ ،‬عناية فائقة‪ -‬ال يتصور بسهولة خلو حياتها من أي تفكير يتصل باللغة في‬

‫جوانبها األساسية‪ ،‬وبخاصة بعد أن أصبح في حكم المسلم به تقريبا أنه كانت للعرب بعض ألوان التفكير‬

‫المتصل بجماليات اللغة وأساليبها الفنية من شعر ونثر‪ ،‬وكلنا يعلم مدى اعتماد األحكام النقدية والقوانين األدبية‬

‫التي ژوي بعضها عن عرب ما قبل اإلسالم على الوعي بأصوات اللغة‪ ,‬ومفرداتها‪ ,‬وتراكيبها المختلفة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫علم اللغة د‪ .‬محمود السعران‬ ‫‪-‬‬

‫‪- https://salim-mezhoud.hooxs.com/t968-topic‬‬

‫‪ -‬غية الوعاة في أخبار اللغويين والنحاة ل جالل الدين السيوطي‪.‬‬

‫األستاذة‪ :‬زينة مدواس‪ ،‬الدرس الصوتي العربي القديم‪ ،‬السنة األولى ماستر‪ ،‬لسانيات عربية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

You might also like