You are on page 1of 97

‫المدراسة العليا للاساتذة‬

‫في الاداب و العلوم النسانية‬


‫بوزريعة‬
‫قسم اللغة العربية وآادابها‬

‫محاضرات وتطبيقات علم الدللة‬


‫السنة الثانية‬

‫‪ :‬الدكتور أحمد شامية‬ ‫إعداد‬


‫التستاذة نبيلة عباس‬
‫أبنائي الطلبة الاساتذة‬
‫السل م عليكم ورحمة ال‬

‫هذه محاضرات في علم الدللة حسب المقرر لهذا المقياس ‪،‬للسنة الثانية بالمدرتسة العليا للتساتذة ‪.‬حاولنا‬
‫‪.‬جاهدين القتصار على ما هو ضروري ومفيد وبأتسلوب مبسط نظرا لطبيعة التكوين عن بعد‬
‫وقد بذلنا أقصى جهد لتصحيح الطخطاء المطبعية أو التي كانت نتيجة السهو‪،‬ومع ذلك فربما فاتنا تصحيح‬
‫‪ .‬بعض الطخطاء رغم التدقيق ‪ ،‬نعتذر لكم لذلك‬
‫ول بد من الشارة هنا إلى أننا اعتمدنا عدادا من المراجع والمصاادر‪ ،‬وكان لبعضها النصيب الوفر مثل‬
‫كتاب علم الدللة للدكتور أحمد مختار عمر ‪،‬نظرا لكون البرنامج قد وضع اعتماادا على فهرس هذا‬
‫الكتاب أصل ‪ ،‬وإذا كنا ل نشير ادائما إلى المرجع حتى ل نثقل المحاضرة ) لن طبيعة المحاضرة تختلف‬
‫عن طبيعة تأليف الكتاب ( ‪ ،‬وكذلك كتاب )ادللة اللفاظ( للدكتور إبراهيم أنيس ‪.‬وكان ذلك أيضا بالنسبة‬
‫‪ .‬لكتابي الدكتور حلمي طخليل حول المولد والمعاجم‬
‫‪.‬وننصحكم بالرجوع إلى هذه الكتب بالضافة إلى المراجع الطخرى المذكورة في قائمة المصاادر والمراجع‬
‫‪.‬نتمنى لكم التوفيق‬

‫‪1‬‬
‫أوليات‬
‫المحاضرة الولى‪ :‬تقديم البرنامج و قائمة المصاادر و المراجع‬
‫‪1-‬‬ ‫‪:‬تمهيد عام للماادة و يشمل‬
‫تقديم حول اللغة و حياة النسان ‪-‬‬
‫كيف بدأت اللغة ‪ -‬حاجة النسان إلى اللغة ‪ -‬و العلقة بين اللغة و التفكير و الحضارة و العمران ‪-‬‬
‫‪)).‬العلم‪ ،‬الادب‪ ،‬الزادهار و التقدم‬
‫‪.‬المحاضرة الثانية‪ :‬إشارة تسريعة إلى )فرضيات( نشأة اللغة النسانية‬
‫علم الدللة ‪ -‬تعريف عام ‪ -‬من المعاجم اللغوية و المختصة ‪ -‬وآراء الباحثين ‪ -‬الدللة ‪2-‬‬
‫‪.‬و المعنى‬

‫‪.‬الدال و المدلول و العلقة بينهما ‪ -‬أنواع الدللة‬


‫‪.‬البنية اللغوية ‪ -‬مستويات هذه البنية و علقة ذلك بالدللة ‪3-‬‬
‫‪.‬أنواع الدللت‪ :‬الصوتية‪ ،‬الصرفية‪ ،‬النحوية‪ ،‬البلغية و التسلوبية‪ ،‬الدللة الجتماعية‬
‫‪:‬تفصيل‬
‫ل‪ ،‬يدل‪ ،‬ادللة )بالفتح و الكسر( = الجمع ادلئل‬
‫تعريف علم الدللة ) لغة(‪ :‬اتسم مصدر من اد ‪ّ،‬‬
‫و ادللت يراجع في ذلك معجم متن اللغة للشيخ أحمد رضا – مج‪2/‬‬
‫‪).‬و الدللة في الصطل ح ‪ :‬كيفية ادللة اللفظ على المعنى ) يراجع كتاب التعريفات للشريف الجرجاني‬

‫‪2‬‬
‫‪.‬مفردات مقياس علم الدللة‬
‫أول ‪ :‬علم الدللة‬
‫]مدطخل إلى ادراتسة الدللة‪ ] :‬مفهومه‪ ،‬موضوعه‪ ،‬غاياته‪ ،‬أنواعه ‪-‬‬
‫علقة علم الدللة بعلوم اللغة ‪ ] :‬الدللة و الصوات‪ ،‬الدللة و الصرف‪ ،‬الدللة و النحو‪ ،‬الدللة و ‪-‬‬
‫‪].‬المعجم‬
‫علقة علم الدللة بالعلوم الطخرى ‪ ]:‬الدللة و التعبيرات الصطلحية‪ ،‬الدللة و الفلسفة‪ ،‬الدللة و ‪-‬‬
‫‪].‬علم النفس‪ ،‬الدللة و علوم التصال‪ ،‬الدللة و علم العلمات‬
‫ثانيا ‪ :‬نشأة علم الدللة وتطوره‬
‫]عند القدماء ‪] :‬الدرس الدللي عند اليونان‪ ،‬الهنواد‪ ،‬العرب ‪-‬‬
‫]عند المحدثين ‪] :‬الدرس الدللي عند الغربيين‪ ،‬المريكيين‪ ،‬العرب ‪-‬‬
‫‪ :‬ثالثا ‪ :‬أنواع المعنى‬
‫]المعنى التساتسي‪ ،‬المعنى الضافي‪ ،‬المعنى التسلوبي‪ ،‬المعنى النفسي‪ ،‬المعنى اليحائي [ ‪-‬‬
‫رابعا ‪ :‬مناهج درااسة المعنى‬
‫]نظرية السياق ‪ ] :‬السياق اللغوي‪ ،‬السياق العاطفي‪ ،‬تسياق الموقف‪ ،‬السياق الثقافي ‪-‬‬
‫نظرية الحقول الدللية ‪-‬‬
‫‪.‬النظرية التحليلية ‪-‬‬
‫‪ :‬خامسا ‪ :‬التغييرات الدللية‬
‫]}أتسبابها‪ ،‬أشكالها‪ ،‬مجالتها‪ ،‬العلقات الدللية } التراادف‪ ،‬الشتراك‪ ،‬التضااد [‬
‫‪.‬الوحدة الدللية‬

‫‪3‬‬
‫قائمة بعدد من المراجع ‪2.‬‬
‫إبراهيم أنيس‬
‫ادللة اللفاظ ‪-‬‬
‫اللهجات ‪-‬‬
‫الصوات اللغوية ‪-‬‬

‫إبراهيم بن مرااد ‪ :‬ادراتسات في المعجم العربي‬


‫ابن تسيدة ‪ :‬المخصص‬
‫ابن جني ‪ :‬الخصائص‬
‫أبوهلل العسكري ‪ :‬الفروق في اللغة‬
‫ابن قتيبة ‪ :‬تأويل مشكل القران‬
‫أمين فاطخر ‪ :‬ادراتسات في المعجم العربي‬
‫أحمد مختار عمر‪ :‬علم الدللة‬
‫توفيق شاهين‪ :‬علم اللغة العام‬
‫تمام حسن‪ :‬اللغة العربية معناها و مبناها‬
‫حسين نصار‪ :‬المعجم العربي نشأته و تطوره‬
‫حلمي طخليل‪ :‬ادراتسات لغوية معجمية‬
‫الرازي أحمد بن حمدان‪ :‬كتاب الزينة في الكلمات التسلمية‬
‫تستيفان أولمان ‪ :‬ادور الكلمة في اللغة‬
‫شاكر تسالم‪ :‬مدطخل إلى علم الدللة‬
‫صل ح رواي‪ :‬المدارس المعجمية العربية‬
‫عبد ال ادرويش‪ :‬المعاجم العربية‬
‫فايز الداية‪ - :‬علم الدللة العربي‬
‫الجوانب الدللية في نقد الشعر ‪-‬‬
‫محمد حسن عبد العزيز‪ :‬مدطخل إلى علم اللغة‬
‫محمواد فهمي حجازي‪ :‬علم المصطلح‬
‫المعاجم‬
‫ابن منظور‪ :‬لسان العرب‬

‫‪4‬‬
‫الجرجاني السيد الشريف‪ :‬التعريفات‬
‫الجوهري‪ :‬الصحا ح‬
‫الشيباني أبو عمرو‪ :‬كتاب الجيم‬
‫الفراهيدي الخليل بن أحمد‪ :‬كتاب العين‬
‫الفيروز أباادي‪ :‬القاموس المحيط‬
‫مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ - :‬المعجم الكبير‬
‫المعجم الوتسيط ‪-‬‬
‫المعجم الوجيز ‪-‬‬
‫هانس ادير‪ :‬معجم العربية المعاصرة ‪ :‬عربي ‪ /‬انجليزي‬
‫كتب مترجمة‬
‫تشو مسكي ‪ :‬البنى التركيبية‬
‫مظاهر النظرية التركيبية‬
‫ادوتسوتسير‪ :‬ادروس في اللسانيات العامة‬
‫مارتينيه‪ :‬مباادئ اللسانيات العامة‬

‫مقالت‬
‫عدنان الخطيب‪ :‬المعجم العربي بين الماضي و الحاضر‪ .‬مجلة مجمع ادمشق ج‪ ،2/‬مج‪ 4/‬ص ‪194‬‬

‫مجلة المبرز العداد ‪ 8‬المدرتسة العليا للتساتذة‬ ‫‪.‬أحمد شامية‪ :‬مستويات الدللة و المعنى‬

‫‪:‬من المراجع الجنبية‬


‫‪-‬‬ ‫‪Bloomfield – language‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪J.R Searle : meaning and speech acts‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪S. Ullmonn: meaning and style‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪R. Bartles: Elements of semiology‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Ogden and Richards: the meaning of meaning‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة عامة‬
‫لبد قبل الحديث عن الدللة من الحديث عن اللغة‪ ،‬لتسيما أن الدللة اللغوية هي الهم و الوتسع و الكثر‬
‫‪.‬تعقيدا و أنها هي الموضوع التساتسي في علم الدللة بالضافة إلى الشارة إلى أنواع الدللت الطخرى‬
‫و يمكن القول بإيجاز أن اللغة هي النسان أو أن اللغة أهم طخصائص النسان التي تميزه عن غيره من‬
‫المخلوقات الحية ‪،‬و تجعل له هذه المكانة و المهمة التي طخلق لها )الخلفة في الرض( حتى أننا يمكن أن‬
‫نع‪ّ،‬رف النسان بأنه حيوان ذو لغة‪ ،‬و إن كان النسان قد تميز بعقله و تفكيره و قابليته للتطور و الرقي‬
‫و التقدم في الحضارة و العمران‪ ،‬فان ذلك كان بفضل هذه المزية المعجزة ) مزية اللغة( فال تعالىـ كما‬
‫"جاء في كتابه الكريم ـ " طخلق النسان‪ ،‬علمه البيان "‪ " ،‬و علم آادم التسماء كلها‬
‫و بغض النظر الن عن كيفية نشأة اللغة النسانية حسب الفرضيات المشهورة فإننا يمكن أن نؤكد أن هذه‬
‫اللغة للنسان هي من الضرورات الحيوية التي ما كان للنسان أن يستطيع التستمرار و التطور بدونها‪،‬‬
‫و تأتي ترتيبا بعد الهواء و الماء و الغذاء و ذلك نظرا لمكانيات النسان الجسدية الضعيفة التي ما كان‬
‫قاادرا بها لول اللغة و التفكير و هما مرتبطان‪ ،‬ما كان قاادرا على مواجهة قوى الطبيعة الطبيعية‬
‫و الحيوانية و بالتالي ما كان قاادرا على التستمرار و لكنها حكمة ال و إراادته بأن تستمر الحياة إلى حيث‬
‫‪.‬ق‪ّ،‬در تسبحانه و تعالى لها‬
‫و ليست اللغة في الواقع ـ و أهم غاياتها تأمين التواصل و التصال ـ ليست ال علقة بين صورة صوتية‬
‫ألفاظ ( وصورة مفهومية ) معان ( يتم الربط بينهما ذهنيا‪ ،‬فسواء نشأت اللغة ابتداء في صورتها (‬
‫المكتملة أو كانت قفزة نوعية في طرائق التستدلل و التواصل فهي تعتمد على ربط العلقة بين الدال‬
‫‪.‬و المدلول‬
‫و من هنا كان الهتمام بالدللة‪ ،‬و علم الدللة غاية عند الصوليين و المناطقة و اللغويين )طبعا( و علماء‬
‫‪.........‬النفس‬
‫و كان لهذا العلم علقة بكل هذه العلوم )النسانية( بل إن للدللة علقة بكل أنواع المعرفة و في شتى‬
‫‪.‬مجالت الحياة‬

‫‪6‬‬
‫‪la sémantique‬‬ ‫حصة تطبيقية حول تعريف علم الدللة‬

‫يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح ‪ " :‬اللسان في حد ذاته نظام من الادلة المتواضع عليها ‪ ،‬فاللسان‬
‫على هذا العتبار ليس مجموعة من اللفاظ يعثر عليها المتكلم في القواميس أو يلتقطها بسمعه من‬
‫الخطابات ثم يسجلها في حافظته ‪ ،‬كما أنه ليس أيضا مجموعة من التحديدات الفلسفية للتسم والفعل‬
‫والحرف أو القواعد المسهبة الكثيرة الشواذ ‪ ،‬بل هو نظام من الوحدات يتواصل بعضها ببعض على شكل‬
‫‪ ".‬عجيب وتتقابل فيها بناها في المستوى الواحد التقابل الذي لوله لما كانت هناك ادللة‬

‫‪ .‬المطلوب ‪ :‬حلل النص محدادا منه تعريف علم الدللة ووحدته‬


‫‪ :‬التحليل‬
‫ـ نظا م ‪:‬أي مجموعة من العناصر اللغوية التي ترتبط بعضها مع بعض وفق علقات معينة‬
‫‪ ،‬ـ يتواصل ‪ :‬أي وجواد تلك العلقات المبنية على أتساس التفاق والطختلف‬
‫تهتم اللسانيات بنظام ادللي طخاص ‪ ،‬هو النظام اللغوي ووحداته هي الادلة اللغوية ‪ ،‬جمع الدليل اللغوي ‪،‬‬
‫ويدرتسها علم الدللة )‪ ( la sémantique‬الذي هو فرع من اللسانيات ‪.‬لكن تتنوع الادلة في المجتمع إذ‬
‫نجد الادلة اللغوية وغير اللغوية حيث تنتظم كلها في نظم ادللية طخاصة ‪ .‬والعلم الذي يهتم بها جميعا هو‬
‫علم الدللت أو ما يعرف بالسميولوجيا ) ‪ ( la sémiologie‬واللسانيات فرع منه ‪.‬‬
‫ان كلمة ادليل تعني عموما أن العنصر ) أ ( يدل على العنصر ) ب ( لكن نميز هنا بين الدليل والمؤشر‬
‫والرمز ونميز بينها بوجواد النية في التبليغ وعدم وجوادها ‪.‬‬
‫فنمثل للمؤشر ب ‪ :‬ـ أعراض المرض كضعف الجسم الذي يمكن أن يدل على نقص في التغذية‬
‫ـ الدطخان الذي يدل على اشتعال النار‬
‫فهي مؤشرات طبيعية تدل على معان معينة ادون أن تكون هناك نية للتبليغ‬

‫الدليل ‪:‬نمثل له ب ‪ :‬ـ الراية الحمراء التي تدل على منع السباحة‬
‫ـ أرقام الهاتف‬
‫ـ قوانين المرور‬
‫الرمز ‪ :‬نمثل له ب ‪ :‬ـ الميزان الذي يدل على مفهوم العدل‪.‬‬
‫يشترك الدليل والرمز في كونهما يحملن نية للتبليغ ‪ ،‬لكنهما يختلفان في نوعية العلقة التي تربط بين‬
‫العنصرين )أ ( و ) ب ( فالرمز مرتبط كثيرا بشكله ‪ ،‬واطختياره ليس عشوائيا ول اعتباطيا بل وفق ما‬
‫‪ .‬يحمله ذلك الشكل من معنى‬

‫‪7‬‬
‫أما الادلة فتمت بالتفاق والتواضع والصطل ح بين الناس لتحقيق غرض التبليغ ‪ ،‬والعلقة التي تربط‬
‫العنصرين ) أ( و) ب( ‪ ،‬كمكونات الدليل في هذه الحالة ‪ ،‬علقة غير حتمية ‪ ،‬عشوائية ‪،‬اعتباطية ناتجة‬
‫عن التفاق و التواضع والصطل ح فل توجد بين كلمة )جهاز( ومعناه أية علقة طبيعية كما ل توجد أية‬
‫‪ .‬علقة طبيعية بين اللون الحمر والمر بالوقوف في إشارات المرور‬
‫‪ .‬فنقول إذن إن علم الدللة يدرس المعاني اللغوية وعلقة اللفاظ بمعانيها‬
‫‪.‬ووحدته هي الدليل اللغوي وهو أصوات يستعملها النسان للبانة عن المفاهيم والشياء‬

‫ملحظة ‪ :‬لتوضيح أكثر ارجع إلى كتاب طخولة طالب البراهيمي ‪ ،‬مباادئ في اللسانيات ‪،‬ادار القصبة‬
‫للنشر‬

‫‪8‬‬
‫المحاضرة رقم ‪2‬‬
‫علم الدللة‬

‫تعريف علم الدللة‪ :‬العلم هو ادراتسة ظاهرة معينة و الوقوف على ماهيتها و جزئياتها و ما يتعلق بها‬
‫ادراتسة موضوعية‪ ،‬و الدللة )بالتعريف( قد يختلف تعريفها بين الباحثين و لنأطخذ مثال لتعريفها من كتاب‬
‫التعريفات للجرجاني السيد الشريف حيث قال‪ :‬الدللة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء‬
‫آطخر و الول هو الدال و الثاني هو المدلول ‪ .‬و هي إما ادللة مطابقة أو ادللة تضمن أو ادللة التزام وكل‬
‫ذلك يدطخل في الدللة الوضعية لن اللفظ الدال بالوضع يدل على تمام ما وضع له بالمطابقة و على جزئه‬
‫‪،‬بالتضمن و على ما يلزمه في الذهن باللتزام‪ ،‬كالنسان فانه يدل على تمام الحيوان الناطق بالمطابقة‬
‫و على جزئه بالتضمن و على قابل العلم باللتزام )انظر كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد‪-‬‬
‫)الدار التونسية للنشر ‪ 1971‬ص ‪56-55‬‬
‫و في القاموس المحيط اد‪ّ،‬له عليه ادللة ) و يثلث( و ادلولة فاندل‪ :‬تسداده إليه‪)...........‬الفيروز أباادي‪-‬‬
‫)القاموس المحيط‪ -‬ادار العلم للجميع‪ -‬بيروت ج‪ 3/‬ص ‪377‬‬
‫إن الحديث عن الدللة الوضعية هنا يدفعنا إلى الحديث عن نوعي الدللة أو الدال و هما الدال اللغوي‬
‫‪.‬و الدال غير اللغوي‬
‫و في الدراتسات اللسانية الحديثة تقسيم لنواع )الدليل( الذي ينتج عن ارتباط الدال بالمدلول ارتباطا‬
‫ادليل‬ ‫ذهنيا ‪.‬‬

‫مدلول‬ ‫ادال‬
‫فالدال اللغوي )اللفظ‪ /‬الكلمة‪ /‬الوحدة الدالة( في رأي الباحثين بغض النظر عن بعض التستثناءات هو‬
‫ادال وضعي اعتباطي أي أن علقته بالمدلول علقة عرفية تواضعية )و تستأتي على تفصيل ذلك على‬
‫)حينه‬
‫‪:‬أما التقسيم فيبينه الشكل البياني التالي‬

‫‪9‬‬
‫الدليل‬

‫غير موضوع‬ ‫موضوع‬

‫عقلي‬ ‫طبيعي‬ ‫غير لغوي‬ ‫لغوي‬


‫)الب اكبر من(‬ ‫)الغيم يدل على المطر(‬ ‫اعتباطي ادائما(‬
‫)البن‬

‫غير اعتباطي‬ ‫اعتباطي‬


‫)الميزان يدل على العدالة(‬ ‫)أرقام الهاتف(‬

‫هذا و قد أشار الزمخشري في كتابه )المفصل( إلى هذه العتباطية )الوضع( عندما عرف الكلمة بقوله‪:‬‬
‫‪)).‬الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفراد بالوضع‬
‫و بالعوادة إلى )الدللة( في اللسانيات الحديثة )البنوية( فعند تسوتسور هناك ادال )لفظ( و هناك مدلول‬
‫)معنى( أو مفهوم و الدال و المدلول وجهان لورقة واحدة و ل يمكن الفصل بينهما‪ /‬و إن تحليل الدال‬
‫يؤادي إلى تحليل المدلول )ينظر‪ :‬تسوتسور‪ ،‬ادروس في اللسنية العامة‪ -‬ترجمة صالح القرماادي و محمد‬
‫‪).‬الشاوش و محمد عجينة‪ ،‬ص ‪174‬‬
‫و للتأكيد على أن الدللة تتم من الرتباط الذهني بين الدال و المدلول فقد أوضح تلميذ تسوتسور هذه‬
‫‪ :‬العلقة من طخلل ما يعرف بمربع تسوتسور للدللة حسب الشكل التالي‬
‫مربع تسوتسور للدللة‬
‫صورة حسية للمدلول‬ ‫صورة حسية للدال‬
‫)الشيء في الواقع(‬ ‫)لفظ(‬
‫صورة ذهنية للمدلول‬ ‫صورة ذهنية‬
‫للدال‬
‫الدللة‬

‫‪10‬‬
‫لن تسوتسور يبدو أنه حصر عناصر الدللة في الدال و المدلول ‪،‬و أهمل الموضوع وهو الشيء‬
‫أو المرجع الذي تحيل اليه العلقة الدللية ‪،‬و هو في ذلك يلتقي – في هذه الثنائية – مع ابن تسينا الذي‬
‫حصرها بين اتسم )مسموع( و معنى‪ ،‬في حين يرى )بيرس( أن العلقة ثلثية‪ :‬الصورة )الدال( و المفسرة‬
‫‪).‬المدلول( و الموضوع‪ ،‬و هو ما تحيل إليه العلمة‪ ،‬أي الشيء‬
‫أما الغزالي فيرى أن الشياء لها أربعة مراتب عندما قال " ان للشيء وجوادا في العيان ثم في الذهان‬
‫ثم في اللفظ ثم في الكتابة‪ ،‬فالكتابة ادالة على اللفظ ‪ ،‬و اللفظ ادال على المعنى الذي هو في النفس ‪،‬و الذي‬
‫‪.‬في النفس هو مثال الموجواد في العيان‬
‫‪).‬عن مجلة تجليات الحداثة‪ ،‬معهد اللغة العربية العداد‪ 1993 ،2/‬ص ‪(34‬‬

‫] شجرة )كتابة‬ ‫لفظ كلمة‬ ‫])صورة لهذا‬


‫)شجرة باللسان‬ ‫)الشكل في الذهن‬

‫شجرة في الحقل‬
‫مفهو م علم الدللة و موضوعه‪:‬‬
‫للحديث عن علم الدللة )‪ (sémantique‬و موضوعه أو لتوضيح ذلك ‪ ،‬لبد من تحديد علقة علم الدللة‬
‫بعلم اللغة وذلك باعتبارين الول‪ :‬أن يكون علم الدللة فرعا من فروع علم اللغة )اللسانيات( ‪ ،‬و الثاني‬
‫أن يكون علم اللغة )الدللة اللغوية على الخصوص( فرعا من علم الدللة أو علم العلمات الذي يطلق‬
‫عليه مصطلح )العلمية( أيضا‪ .‬فموضوع العلمية )العلمات و الشارات و الادلة بمفهومها الواتسع‬
‫لغوية كانت أم غير لغوية و هذا ما ذهب اليه اللساني السويسري )تسوتسور(‪.‬‬
‫و اذا بدأنا بالعتبار الول )كون علم الدللة فرعا من اللسانيات) لبد من العوادة إلى مستويات البنية‬
‫اللغوية و هي على الشكل التالي‪ ) :‬للملحظة ( هناك من ل يدطخل المستوى البلغي والمستوى الدللي في‬
‫هذه المستويات (‪.‬‬
‫المستوى البلغي ‪ /‬علم البلغة و التسلوب‬

‫المستوى الدللي‬ ‫المستوى النحوي ‪ /‬علم النحو و التراكيب‬

‫المستوى الصرفي ‪ /‬علم الصرف‬

‫علم الدللة‬ ‫المستوى الصوتي ‪ /‬علم الصوات‬

‫‪11‬‬
‫و هنا نلحظ أن المستوى الدللي في هذا البناء هو مستوى يتقاطع مع جميع المستويات الطخرى ‪،‬لن‬
‫الدللة حاضرة و ناتجة عن تفاعل كل هذه المستويات‪ ،‬حتى المستوى الصوتي الذي يقال أنه مستوى‬
‫الوحدات غير الدالة ‪ .‬وينبغي الشارة هنا إلى أن هذا التقسيم هو تقسيم نظري افتراضي‪ ،‬فاللغة تعمل‬
‫لاداء مهمتها وفق نظام اللغة الذي يندمج فيه كل هذه النظمة‪ .‬فعلى مستوى العمل و الاداء ليس هناك‬
‫مستويات منفصلة ‪،‬و إنما التقسيم إلى هذه المستويات لضرورة البحث و التحليل و الدراتسة اللغوية‪.‬‬
‫فالمتكلم الذي يتكلم وفق نظام اللغة )اللسان( ل علقة له بهذه المستويات التي لها أنظمة طخاصة بها‪.‬‬

‫‪ -‬على أية حال يبدو لنا في هذا التحليل أن علم الدللة الذي يبحث في أحد تلك المستويات هو فرع من علم‬
‫اللغة أو اللسان‪.‬‬

‫‪ -‬أما بالعتبار الثاني فيظهر لنا في المستوى الادائي أن علم اللغة )الدللة اللغوية( هو أهم عناصر علم‬
‫العلمات ‪ ،‬إلى جانب عناصر ادللية أطخرى غير لغوية‪ ،‬و أن العناصر اللغوية هي المع‪ّ،‬ول عليها في‬
‫التصال الذي يقوم أتساتسا على فهم العلقة بين الدال و المدلول ‪ .‬بل أن اللغة حاضرة ادائما في كل فروع‬
‫الدللة لغوية كانت أم غير لغوية‪.‬‬
‫و إذا كنا تسنولي اهتمامنا للدللة اللغوية )الدليل اللغوي( ادون التفصيل في الادلة غير اللغوية )عدا‬
‫إشارات فقط‪ ،‬و بما أننا نستعمل مصطلحات مثل ) لغة‪ ،‬لسان‪ ،‬كلم( فلبد من محاولة تحديد مفهوم هذه‬
‫المصطلحات ‪ ،‬و إن كانت متداطخلة أحيانا في أذهان الناس بل و في أذهان الطلبة و الباحثين في علوم‬
‫اللغة‪.‬‬
‫و قد ل نحتاج هنا إلى التفاصيل التي تدرس في علم اللغة أو اللسانيات و لكن يمكن أن نوضح هذه‬
‫المفاهيم بما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬من الشائع بين اللسانيين أن ماادة علمهم ليست الكلم و ل اللسان و إنما هي اللغة )ينظر عبد السلم‬
‫المسدي‪ :‬مباحث تأتسيسيه في اللسانيات ص ‪. (168‬‬
‫و يلحظ هنا أن هناك ثلثة مصطلحات لثلثة مفاهيم ‪ ،‬و كلها تمثل ما يسمى بالظاهرة اللغوية التي‬
‫ترتقي من )الكلم( و هو كلم الفرااد كما نسمعه أو نحاادثهم فيه و هذه هي المرتبة الفرادية و هذا الذي‬
‫يمكن أن نسجله على آلة التسجيل‪ ،‬ثم تأتي مرتبة )اللسان( و تتطابق مع منزلة الوجواد النوعي و هو‬
‫الشتراك في معرفة ما يتم التحاور به ضمن كل مجموعة لغوية )اللسان العربي أو النجليزي أو‬
‫الصيني(‬

‫‪12‬‬
‫أما مرتبة اللغة فهي تتطابق مع جملة من القوانين التي إن أطلقت صدقت على كل لسان من اللسنة‬
‫البشرية )المرجع السابق ص ‪.(170‬‬
‫و هنا تبدو اللغة أعم من اللسان‪ ،‬و تدرس من طخلل ما يسمى باللسانيات العامة مقابل اللسانيات الخاصة‬
‫التي تدرس نظام كل لسان بشري على حدة‪.‬‬
‫و في تسياق أطخر يذكر أن اللسان أعم من اللغة مع إمكان اتستعمال كل مصطلح لمفهوم الطخر‪.‬‬
‫و الحقيقة أن الظاهرة اللغوية تستوعب المفاهيم الثلثة السابقة )الكلم‪ ،‬اللسان‪ ،‬اللغة( فاللغة )لغة الناس‪/‬‬
‫البشر( و اللسان )لسان الجماعة اللغوية( و الكلم )كلم الفرااد(‪.‬‬
‫اللغة مفهوم كلي و اللسان مفهوم نمطي و الكلم مفهوم انجازي )السابق ص ‪ ،(172‬اللغة جنس‪ ،‬اللسان‬
‫نوع‪ ،‬الكلم شخص‪.‬‬
‫اللغة )صورة القانون( ‪ ،‬اللسان ) نموذج العرف(‪ ،‬الكلم )نموذج السلوك(‪.‬‬

‫إن اللساني يدرس البنية اللغوية في جوانبها الصوتية و الصرفية و التركيبية و الدللية ثم يعمل على‬
‫كشف ارتباط هذه البنية بوظائفها الجتماعية‪.‬‬
‫بعد هذا يظهر لنا أن موضوع علم الدللة هو الادلة بشكل عام و الدليل اللغوي بشكل طخاص ‪ ،‬و علقة‬
‫الدوال بمدلولتها و‪.‬يتفق عداد كبير من الباحثين على أن السيمياء كنوع من اللسانيات كان من أثر اللغوي‬
‫الفرنسي بريال )‪ ،(1883‬باعتبار أن هذا العلم يدرس الدللت و القوانين التي تتحكم في تغير المعاني‬
‫أو أن الموضوع هو المعنى‪ ) .‬ينظر تسالم شاكر ‪ :‬مدطخل إلى علم الدللة ‪ ،‬ترجمة محمد يحياتن ‪ ،‬اديوان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪ .‬الجزائر ‪1992‬ـ ص ‪( 4‬‬
‫أما غاية هذا العلم فهي طخاصة و عامة‪ ،‬فالغاية الخاصة هي أن علم الدللة – مثل أي علم آطخر‪ -‬يسعى إلى‬
‫التستقللية و امتلك الادوات و المناهج الرياضية ‪ ،‬و هنا ينبغي الشارة إلى الهتمام بهذا العلم حيث‬
‫ظهر في عام ‪ 1923‬كتاب عنوانه )‪ (the meaning of meaning‬لمؤلفيه ‪ Richards‬و ‪.Ogden‬‬
‫و أما الغاية العامة فهدف علم الدللة كغيره من العلوم النسانية – و بالتستعانة بها و بالتعاون معها – هو‬
‫التسهام في ترقية الحياة النسانية في جميع المجالت‪ ،‬و تسهيل عملية التصال و التعاون و التفاهم‬
‫المشترك و ضبط المصطلحات و المفاهيم في جميع العلوم لتسيما في العلوم الحديثة و وتسائل التصال‬
‫و طخاصة في محيط العولمة و التقارب ‪ ،‬إن لم نقل الندماج الفكري على القل بين المم و الشعوب‪.‬‬
‫و كان أحد الباحثين قد حداد هدف علم الدللة الجرائي بأنه حصر صور الوضاع الدللية كأنظمة قابلة‬
‫للتحليل ) ينظر بوجراند‪ :‬النص و التطبيق و الجراء(‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫حصة تطبيقية حول الدليل اللغوي ‪le signe linguistique‬‬

‫يقول ادو تسوتسير ‪ ":‬يظن بعض الناس أن اللسان إنما هو في أصله مجموع اللفاظ أي قائمة من التسماء‬
‫تطلق على عداد من المسميات ‪ .‬وفي تصوره هذا نظر‪ ،‬من عدة وجوه‪ :‬انه يفترض وجواد معان جاهزة‬
‫قبل وجواد ألفاظها ثم إننا ل نتبين به هل التسم هو جوهر صوتي أم نفساني‪......‬ويشعرنا أيضا أن ارتباط‬
‫التسم بالمسمى هو عملية في غاية البساطة وهذا بعيد جدا عن الواقع‪ ......‬إن الدليل اللغوي ل يربط‬
‫مسمى ما باتسمه الملفوظ بل مفهوم ذلك الشيء أو تصوره الذهني بصورة لفظه الذهنية فهذه الصورة‬
‫الصوتية ليست هي الصوت الماادي لنه شيء فيزيائي محض بل انطباع هذا الصوت في النفس‬
‫والصورة الصاادرة عما تشاهده حواتسنا ‪ .‬فالدليل اللغوي إذن كيان نفساني ذو وجهين ويسمى ادليل لغويا‬
‫المركب المتكون من المفهوم والصورة الصوتية ) صورة اللفظ في الذهن (‪...‬ولكن نقتر ح لفظة الدليل‬
‫‪ ".‬للدللة على الكل واتستبدال لفظتي المفهوم والصورة الصوتية بلفظتي الدال والمدلول‬

‫ادروس في اللسانيات العامة لدوتسوتسير ص ‪97‬‬


‫ترجمة اد عبد الرحمان الحاج صالح ص ‪ 45‬من مجلة اللسانيات‬

‫‪.‬المطلوب ‪ :‬اتستخرج من النص المفاهيم الدللية واشرحها‬


‫‪ :‬الجابة ‪:‬أهم المفاهيم الدللية الوارادة في النص هي‬
‫أ ـ الدليل اللغوي‪ :‬وهو وحدة علم الدللة‪ ،‬نعرفه بأنه اللفظ الدال على شيء أو معنى معين و ركيزته‬
‫‪ .‬الماادية هي الصوت‬
‫ب ـ الصورة الصوتية )‪ (le signifiant‬هي انطباع الصوت في الذهن ‪.‬‬
‫ج ـ الصورة الذهنية ‪(Le signifié ) :‬هي انطباع الشيء في الذهن ‪.‬‬

‫ادوتسوتسير في هذا النص ينفي فكرة تساادت ‪،‬وهي أن اللفاظ ألقاب للمسميات ويبين لنا الدليل اللغوي ل‬
‫يربط بين لفظ ومسماه ) الشيء والمعنى ( إنما يربط بين المفهوم والصورة الصوتية في قوله " إن الدليل‬
‫‪ ".‬اللغوي ‪.........‬لفظه الذهنية‬
‫يعني هذا أننا ل ننظر إلى الدليل اللغوي كحقيقة ماادية لننا ل نتحدث عن المعنى كشيء جاهز ول عن‬
‫‪ ".‬اللفاظ كمجموعة من الصوات نسمعها في قوله " يفترض وجواد معان جاهزة ‪................‬نفساني‬

‫‪14‬‬
‫لكن ادوتسوتسير يتصور الدليل اللغوي كيانا ذهنيا مكونا من دال هو الصورة الصوتية ومدلول هو المفهوم‬
‫الذي يتصوره النسان لذلك الشيء الخارجي‪ ،‬أي الموجواد طخارج ذهن النسان والذي ندرج فيه كل‬
‫‪.‬الشياء الماادية والمعنوية التي تحيط بنا و نسميه المرجع أو المدلول عليه‬
‫فالدليل اللغوي إذن يتكون عندما يريد النسان الحديث عن المرجع ) الشيء ( فيبحث في نظامه التقديري‬
‫عن المفهوم الذي ينطبق على ذلك المرجع وقد تعلمه وورثه عن أفرااد مجتمعه ‪ ،‬والمسمى المدلول أو‬
‫) الصورة الذهنية ( ‪ .‬ثم يعبر عنه بصورة صوتية وهي ) التصور الذهني للصوات الذي يتم في ذهن‬
‫‪ :‬النسان ( وهنا تتم عملية تكوين الدليل اللغوي ‪ ،‬ويمكننا التمثيل له بالشكل التالي‬
‫)ادال ) صورة صوتية‬
‫ادليل لغوي‬ ‫المرجع‬
‫) مدلول )صورة ذهنية‬

‫‪ :‬أما عن ميزات الدليل اللغوي فهي‬


‫أ ـ العتباطية ‪ ( arbitraire):‬أي ل يوجد في اللفظ ما يدل حتما على معناه ‪ ،‬ونعطي لذلك مثل‬
‫توضيحيا كلمة شجرة‪.‬‬
‫فلو كانت الشين مثل تدل على الوراق والجيم على الساق والراء على الغصان لقلنا بطبيعية العلقة‬
‫وحتميتها ‪ ،‬لكن ‪ ،‬بما أن المر عكسي فنقول بأنها علقة اعتباطية وضعية ناتجة عن التواضع والتفاق‬
‫بين بني البشر ‪.‬والدليل على ذلك اطختلف اللغات ففي اللغة العربية نستعمل ـ مثل ـ كلمة ) كرتسي (‬
‫للدللة على شيء معين ‪،‬في حين يستعمل الناطق باللغة الفرنسة كلمة )‪ (chaise‬للدللة على الشيء‬
‫ذاته ‪ ،‬فأي الصوات من الكلمتين تدل على المعنى أكثر من الطخرى ؟‬

‫ب ـ الخطية ‪ (liniaire):‬بما أن الركيزة الماادية للدليل اللغوي هي الصوت فانه يتسلسل عند إحداثه‬
‫تسلسل الزمن في طخط واحد أفقي يسمى مدرج الكلم ‪ ،‬مثل كلمة ) صدق ( التي تنطق حروفها متسلسلة‬
‫ص‪+‬اد‪+‬ق وإذا تغير التسلسل ق‪ +‬ص‪ +‬اد تغير المعنى‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المحاضرة رقم ‪3‬‬
‫علقة علم الدللة بعلو م اللغة‬

‫كنا في المحاضرة السابقة قد بينا العلقة المتباادلة بين علم الدللة )العلمية( و علم اللغة )اللسانيات( حيث‬
‫ل و جزء‪.‬‬
‫أنها علقة عموم و طخصوص أو ك ‪ّ،‬‬
‫و قد ذكرنا أن علم الدللة – كغيره من العلوم – ‪ ،‬يعتمد أتساتسا على اللغة كأاداة في كل ما يتعلق بهذا‬
‫العلم ‪ ،‬و نبين بعد ذلك بشيء من التفصيل علقة )الدللة( بعناصر )مستويات( البنية اللغوية بافتراض‬
‫اتستقللية هذه العناصر نظريا فقط‪.‬‬
‫و بشكل عام ينصرف مفهوم علم الدللة إلى الدللة اللغوية‪.‬‬

‫أول‪ :‬علقة علم الدللة بالصوات )المستوى الصوتي(‪.‬‬


‫مازلنا نذكر حين حديثنا عن المستوى الصوتي أن الصوات ] الحروف ‪) /‬حروف البناء([ وحدات غير‬
‫ادالة ‪ ،‬و هي القطع الصوتية الصغرى التي تتشكل منها بجمع بعضها إلى بعض الوحدات الدالة‬
‫)الكلمات(‪ .‬هذه القطع الصوتية الصغيرة التي تظهر في التقطيع الثاني عند البنويين الوظيفيين )مارتينيه(‪.‬‬
‫و هنا يجب أن نشيرإلى أن هناك ما يسمى بالوحدات الدللية التي هي أقل من الكلمة و تتمثل في‬
‫)المورفيم المتصل( مثل السوابق و اللواحق و الضمائر المتصلة بل أن هناك وحدة ادللية أقل من‬
‫المورفيم ‪ ،‬مثل ادللة الحركات على تاء الفاعل ) كتبتم ‪ ،‬كتبت ‪،‬كتبتما ‪ (..‬أنظر أحمد مختار عمر ص‬
‫‪.34‬‬
‫هذه الصوات في الواقع تدرس من جانبين‪ .‬الجانب الول ‪ :‬هو من حيث طبيعتها الفيزيائية‬
‫– الفيزيولوجية‪ ،‬و الجانب الثاني‪ :‬من حيث وظيفتها )الدللية( في بنية الكلمة أو الوحدة الدالة و لذلك‬
‫صار للصوات علمان أحدهما‪ :‬علم التصويت و الثاني ‪ :‬علم وظائف الصوات‪ ،‬حيث تدرس وظائف‬
‫هذه الصوات من طخلل التقابلت الثنائية التي تظهر القيمة الدللية أو المعنوية للصوت بالشتراك مع‬
‫أصوات أطخرى‪.‬‬
‫فالفرق الدللي بين قال و مال جاء من التقابل بين )ق( و )م(‪.‬‬
‫و تبدو علقة الدللة بالصوات جلية هنا‪ .‬و هناك كلمات يتغير أحد أصواتها و ل تتغير ادللتها مثل‪:‬‬
‫الصراط مقابل السراط‪ .‬و السقر‪ ،‬و الزقر‪ ،‬و الصقر‪ ،‬و هذا ما يسمى كيفيات أو وجهات أاداء‪ .‬و لبد‬
‫من الشارة أيضا إلى أن هناك من يرى أن الصوت )الحرف( الواحد منفرادا له قيمة تعبيرية )ادللية(‬
‫طخاصة به‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫و قد ذهب عداد من الباحثين إلى هذا الرأي و من هؤلء ابن جني ت ‪392‬ه‪ .‬الذي أوراد في كتابه‬
‫الخصائص عدادا من العناوين و المثلة التي تؤكد قناعته بهذا الرأي‪ ،‬من ذلك تصاقب اللفاظ لتصاقب‬
‫المعاني‪ .‬و باب في إمساس اللفاظ أشباه المعاني‪ .‬فالصوت )الحرف( مفرادا أو مركبا يحمل قيمة ادللية‬
‫في ذاته ‪،‬و ليس ذلك بغريب على ابن جني الذي لم يخف ميله إلى النظرية التي ترى أن أصل اللغات إنما‬
‫هو من الصوات المسموعة‪ ،‬فهذا المذهب عنده وجه صالح و متقبل‪.‬‬
‫و هناك أمثلة كثيرة غايتها تأكيد القيمة التعبيرية )الدللية( للحرف الواحد‪ ،‬مركبا في الكلمة من ذلك‪:‬‬
‫نضح و نضخ‪ ،‬قال تعالى " فيها عينان نضاطختان "و بما أن النضخ أقوى من النضح فقد جعلوا الحاء‬
‫لرقتها للماء الضعيف‪ ،‬و الخاء لغلظها لما هو أقوى منه‪ ،‬و كذلك ‪ :‬قضم و طخضم ‪ ،‬فالقضم للصلب اليابس‬
‫و الخضم للرطب‪ .‬و كان أحمد بن فارس )توفي ‪395‬ه( قد وضع معجما تسماه‪) :‬مقاييس اللغة( وجه فيه‬
‫كل جهده لتستنباط الصلت بين اللفاظ و ادللتها‪ ،‬و لكنه غالى و تكلف‪ ،‬كما فعل ابن جني‪.‬‬

‫و لم يكن علماء العرب و حدهم الذين يعتقدون بهذه القيمة التعبيرية للصوات )الحروف(‪ ،‬فمن المحدثين‬
‫الغربيين )جسبرتسن( الذي يلخص آراء المحدثين في الصلة بين اللفاظ و الدللت فتعرض لمقال‬
‫)همبلت( الذي يزعم أن اللغات بشكل عام تؤثر التعبير عن الشياء بواتسطة ألفاظ أثرها في الذن يشبه‬
‫أثر تلك الشياء في الذهان‪ ،‬و هذا ما يسمى بالمناتسبة الطبيعية بين اللفاظ و معانيها ‪،‬و إن كان يرى أن‬
‫هذه الصلة كانت في البداية‪ ،‬و لكنها تطورت حتى أصبحت العلمة غامضة‪.‬‬
‫و كان جسبرتسن يضرب بعض المثلة عن المناتسبة الطبيعية‪ ،‬من ذلك أن طائرا في أوربا يسمى)كوكو(‬
‫فهو يصيح فيصدر صوتا هو – كوكو ‪.-‬‬
‫ويمكن أن نمثل لهذا كذلك بكلمة الصفق و هو الصفع على الوجه‪ ،‬و هو ما يشبه الصوت الصاادر عن‬
‫ذلك‪.‬‬

‫و من مظاهر الدللة الصوتية )النبر( فالنبر و العتمااد بقوة أو الضغط على مقطع ما أو كلمة ما يجعل‬
‫لها معنى طخاصا ‪ .‬وفي لغات أطخرى يحداد موضع النبر نوع الكلمة ‪ ،‬اتسما أو فعل ‪.‬‬
‫و من مظاهر الدللة الصوتية كذلك‪ ،‬النغمة الكلمية ففي اللغة الصينية قد يكون للكلمة الواحدة عدة معان‬
‫يفرق بينهما النغمة‪.‬‬
‫و مثال ذلك في العربية قولنا ‪):‬هكذا( فقد تكون بمعنى التستفهام إذا كان المتكلم يريد التستفسار عن كيفية‬
‫عمل شيء ‪ ،‬و قد تكون للشجب و التستنكار‪ ،‬و قد تكون للقرار و الطخبار‪.‬‬
‫و مما يتعلق بهذه الدللة الصوتية ما ذكر من أن بعض اللغات تعبر عن الصول المختلفة للفعل ‪،‬أي‬
‫لحدوث الفعل من الفاعل بكلمات إضافية تدل من حيث اليقاع الصوتي على تلك الحالة أو الكيفية‪ ،‬من‬

‫‪17‬‬
‫ذلك ما ذكره الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه )ادللة اللفاظ( من أن من لغات وتسط إفريقيا أن الفعل الذي‬
‫يدل على مطلق المشي هو )‪: (zo‬‬
‫‪ZO KA KA‬‬ ‫و يمشي منتصبا ‪:‬‬
‫‪ZO DES DES‬‬ ‫يمشي بنشاط و حماس ‪:‬‬
‫‪ZO TYA TYA‬‬ ‫يمشي بسرعة‪:‬‬
‫‪ZO BOHO BOHO‬‬ ‫يمشي متثاقل ‪:‬‬

‫) ارجع إلى ص ‪ 69/70‬من هذا الكتاب ‪ /‬مكتبة النجلو مصرية ط‪(1984 5/‬‬

‫‪18‬‬
‫حصة تطبيقية حول علقة علم الدللة بمستويات التحليل اللساني‬

‫‪ :‬أ ـ علقته بالمستوى الصوتي‬

‫‪ :‬النص الول‬
‫يقول ابن جني في باب إمساس اللفاظ أشباه المعاني ‪ " :‬اعلم أن هذا موضع شريف لطيف وقد نبه عليه‬
‫الخليل وتلقته الجماعة بالقبول له والعتراف بصحته ‪.‬قال الخليل كأنهم توهموا في صوت الجندب‬
‫‪،‬اتستطالة ومدا فقالوا صر ‪ ،‬وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر‬
‫وقال تسيبويه في المصاادرالتي جاءت على الفعلن أنها تأتي للضطراب والحركة ‪ ،‬نحو الغليان والغثيان‬
‫‪ ".‬فقابلوا توالي حركات المثال بتوالي حركات الفعال‬
‫الخصائص ج ‪ 2‬ص ‪152‬‬

‫‪ :‬النص الثاني‬
‫و يقول أيضا ‪ " :‬فأما مقابلة اللفاظ بما يشاكل أصواتها من الحداث ‪ ،‬فباب عظيم وواتسع ونهج متلئب‬
‫عند عارفيه ‪ ،‬ذلك لنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على تسمت الحداث المعبر بها عنها ‪،‬‬
‫فيعدلونها بها ويحتذونها عليها بذلك أكثر مما نقدره وأضعاف ما نستشعره من ذلك كقولهم طخضم وقضم ‪،‬‬
‫فالخضم لكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب ‪ ،‬والقضم للصلب اليابس‬
‫‪ " .‬نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك‬
‫الخصائص ج ‪ 2‬ص ‪157‬‬
‫‪ :‬النص الثالث‬
‫أما في باب تصاقب اللفاظ لتصاقب المعاني فيقول ‪ ":‬من ذلك قول ال تسبحانه ‪ ":‬ألم تر أنا أرتسلنا‬
‫الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " أي تزعجهم وتقلقهم ‪ .‬فهذا في معنى تهزهم هزا ‪ ،‬والهمزة أطخت‬
‫الهاء ‪ ،‬فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين ‪ .‬وكأنهم طخصوا هذا المعنى بالهمزة لنها أقوى من الهاء وهذا‬
‫‪ ".‬المعنى أعظم في النفوس من الهز لنك قد تهز ما ل بال له ‪ ،‬كالجذع وتساق الشجرة ونحو ذلك‬

‫الخصائص ج ‪ 2‬ص ‪ 146‬ـ ‪147‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ .‬المطلوب ‪ :‬حلل هذه النصوص مبرزا أهم الظواهر الدللية‬

‫التحليل ‪ :‬نلحظ في النص الول أن ابن جني قد التفت إلى وجواد صلة بين صوت الجندب والفعل الذي‬
‫يدل عليه " صر " ‪ .‬وبسبب تشابه صوت البازي وصوت الجندب مع وجواد اطختلف في الكيفية ‪ ،‬جاء‬
‫‪ " .‬الفعل الذي يصف صوت البازي مضعفا " صرصر‬
‫فنجد ابن جني يركز على تقارب المعاني نتيجة لتقارب جرس الصوات ‪ ،‬ويفرق بين المعاني نتيجة‬
‫لطختلف الجرس ‪.‬ويضيف ابن جني ما قاله تسيبويه في هذا الباب " أن المصاادر التي جاءت على‬
‫الفعلن ‪ ،‬أنها تأتي للضطراب‪ ...........‬حركات الفعال "‪.‬فالمصاادر التي على وزن " فعلن " ـ بفتح‬
‫‪ .‬الفاء والعين ـ تدل على الحركة المصاحبة للحدث‬
‫ثم يوضح في النص الثاني أثر الصوات في المعاني ‪ ،‬فالصوت الرطخو يدل على المعنى الرطخو وبالمقابل‬
‫يدل الصوت الغليظ على المعنى الغليظ ويعطينا مثال لذلك كلمتي ‪:‬الخضم التي تدل على أكل الرطب‬
‫‪.‬و القضم لكل الصلب اليابس‬
‫أما في النص الثالث فيوضح لنا أن تقارب الحروف أو الصوات ناتج عن تقارب المعاني ويقدم مثال‬
‫لذلك كلمتي الهز و ال ز المتقاربتين في المعنى ومعناهما ‪ :‬تزعجهم وتقلقهم ‪ .‬أما إذا نظرنا إلى الكلمتين‬
‫من الناحية اللفظية فنجد أنهما ل تختلفان إل في حرف الهاء والهمزة وهما حرفان متقاربان أيضا من‬
‫‪ .‬الناحية الصوتية فالهاء مخرجه الحلق وهو المخرج ذاته للهمزة‬
‫فتتصور من مجموع هذه النصوص أن ابن جني يريد القول بوجواد العلقة الطبيعية بين الحرف ومعناه‬
‫أو ما يسمى بالقيمة التعبيرية للحرف الواحد ‪ ،‬إذ تتقارب المعاني أحيانا نتيجة تقارب مخارج الحروف‪،‬‬
‫‪ .‬وترتبط قوة المعاني بقوة الحروف‬

‫‪ .‬ملحظة ‪ :‬هذه فكرة توضيحية وعلى الطالب أن يتعمق في الشر ح والتعليل كنموذج تدريبي‬

‫‪20‬‬
‫تابع للمحاضرة رقم ‪3‬‬
‫علقة الدللة بعلم الصرف )الدللة الصرفية(‪.‬‬
‫بالرجوع إلى المستوى الصرفي من مستويات البنية اللغوية نذكر أن عناصر هذا المستوى هي )المفرادات‬
‫أو الكلمات أو الوحدات الدالة( التي تنشأ من جمع الصوات )الوحدات غير الدالة( بصورة اعتباطية )مع‬
‫التحفظ هنا على هذه العتباطية( ليكون لدينا وحدات لها ادللة مفرادة )بالوضع( كما ذكر الزمخشري في‬
‫كتابه )المفصل(‪ .‬هذه الوحدات ذات الدللة المفرادة تأطخذ أشكال صرفية مختلفة و هي التي تسمى الصيغ‬
‫الصرفية ‪ ،‬و لكل صيغة ادللة معينة بالضافة التي ادللة الماادة الصوتية التي تتشكل منها‪ .‬فللأتسماء‬
‫و الفعال و الوصاف )المشتقات المختلفة( ادللة إضافية تحدادها الصيغة‪ .‬فلكل فعل من الفعال‬
‫)الماضي‪ ،‬المضارع و المر( و بصورها المختلفة )المجرادة و المزيدة ( هيئة صرفية تدل على المعنى‬
‫أو على جزء من المعنى ‪ .‬مثل‪ :‬فعل‪ ،‬يفعل‪ ،‬افعل‪ ،‬اتستفعل‪ ،‬تفاعل‪............‬و كذلك فاعل‪ ،‬مفعول‪ ،‬مفعل‪،‬‬
‫مفعل‪ ،‬فعال‪ ،‬مفعال‪.‬‬

‫و قد تدل صيغة واحدة على عدة معان يحدادها السياق‪ ،‬مثل صيغة اتسم الفاعل و المفعول‪.‬‬
‫)مختار( ‪ ،‬بضم الميم ‪ ،‬المتحولة من البنيتين العميقتين‪ :‬مختير و مختير‪ ،‬بفتح الياء في الولى وكسرها‬
‫في الثانية ‪،‬و من ذلك الصيغة التي تدل على اتسم الزمان و المكان و اتسم المفعول و المصدر الميمي‬
‫يضوع ‪،‬التي تدل على الظهور‬ ‫)مسعى( على وزن مفعل ‪ ،‬ومن ذلك أيضا ‪ :‬الفعل ضاع‬
‫و الطختفاء و ندرك ذلك بالرجوع إلى المضارع‪ :‬ضاع يضيع و ضاع يضوع ‪،‬و كذلك رام يروم و يريم‬
‫)حلمي طخليل مقدمة لدراتسة فقه اللغة ص ‪.(182‬‬
‫إن علم الصرف الذي يدرس هذه الصيغ )هذه الوحدات( التي تعد من المفرادات على الرغم من أنها قد‬
‫تتألف من أكثر من وحدة ادالة حسب مبدأ تحديد الوحدات الدالة بناء على المعنى‪ ،‬أقول إن علم الصرف‬
‫هنا يتقاطع مع علم الدللة لن الصل في تصريف الصيغة الولى إلى صيغ مختلفة الحاجة إلى الدللت‬
‫المختلفة التي نحتاج إليها ضمن النظام اللغوي لتؤادي اللغة وظيفتها بشكل كامل و ادقيق‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫حصة تطبيقية حول علقة علم الدللة بالمستوى الصرفي‬

‫النص‬
‫يقول ابن جني في " باب في الدللة اللفظية والصناعية والمعنوية " ‪ :‬اعلم أن كل واحد من هذه الدلئل‬
‫معتد مراعى مؤثر إل أنها في القوة والضعف على ثلث مراتب ‪ ،‬فأقواهن الدللة اللفظية ثم تليها‬
‫الصناعية ثم تليها المعنوية ولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض فمنه جميع الفعال ‪ ،‬ففي كل واحد منها‬
‫الادلة الثلثة ‪ ،‬أل ترى إلى قام وادللة لفظه على مصدره وادللة بنائه على زمانه وادللة معناه على فاعله‬
‫‪ ،‬فهذه ثلث ادلئل من لفظه وصيغته ومعناه ‪ ،‬وإنما كانت الدللة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل‬
‫أنها وان لم تكن لفظا فإنها صورة يحملها اللفظ ويخرج عليها و يستقر على المثال المعتزم بها ‪ ،‬فلما‬
‫كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به ‪ ،‬فدطخل بذلك في باب المعلوم والمشاهدة و أما‬
‫‪ ".‬المعنى فإنما ادللته لحقة بعلوم التستدلل وليست في حيز الضروريات‬

‫الخصائص ج ‪ 3‬ص ‪98‬‬

‫‪ .‬المطلوب ‪ :‬حلل النص ‪ ،‬واتستخرج أهم المفاهيم الدللية المتضمنة مع التمثيل‬


‫‪ :‬التحليل‬
‫أبرز ابن جني في هذا النص أنواع الدللت في الكلمة الواحدة‪ ،‬بحيث فصل بينها وجعلها مستقلة عن‬
‫بعضها البعض وصنفها حسب قوتها مبتدئا بالقوى ادللة وهي الدللة اللفظية ثم الدللة الصناعية وأطخيرا‬
‫‪.‬الدللة المعنوية ‪ .‬ثم بين أن الفعال تشتمل على هذه النواع من الدللت مجتمعة‬
‫‪ .‬أ ـ الدللة اللفظية ‪ :‬عرفها ابن جني بقوله أنها " ادللة لفظه على مصدره " ‪ ،.‬وهو يقصد ادللة الجذر‬
‫ويوضح لنا المر بمثال هو الفعل قام وادللة لفظه هي ادللة جذره أي الجذر )ق‪ ،‬و‪ ،‬م ( الذي يدل على‬
‫‪.‬حدث يختلف عن معنى الجذر ) س ‪ ،‬م ‪ ،‬ع ( مثل ‪ ،‬فلكل جذر إذن ادللة طخاصة به تميزه عن جذر آطخر‬
‫ب ـ الدللة الصناعية ‪ :‬عرفها ابن جني بقوله أنها " ادللة بناء الفعل على الزمن " ‪ ،‬ويقصد بها ادللة الوزن‬
‫أو الصيغة الصرفية ‪ .‬فالكلمة في اللغة العربية تتكون من الجذر ‪ +‬الوزن ‪،‬و لكل وزن ادللة طخاصة به ‪،‬إذ‬
‫نجد مثل أن كلمتي )قام ومقام ( تشتركان في نفس الدللة اللفظية وهي ادللة الجذر )ق ‪ ،‬و ‪ ،‬م( لكن‬
‫‪ :‬معناهما مختلف نتيجة تباين وزنيهما مما ينتج عنه تباين في معنى كل وزن‬
‫‪،‬ـ فوزن قام هو ) فعل ( الذي يدل على حدث القيام في الزمن الماضي‬
‫ـ و وزن مقام هو) مفعل( الذي يدل على معنى اتسم المكان‬

‫‪22‬‬
‫‪ .‬يتبين لنا أن الصيغ الصرفية تلعب ادورا كبيرا في الدللة على معنى الكلمة‬
‫فصيغ الفعال بأنواعها ‪ :‬الماضي والمضارع و المر تدل على الحدث وزمانه ‪،‬وما يتصل بهذه الفعال‬
‫من حروف وما يدطخلها من التضعيف ‪ ،‬فتضعيف العين مثل يدل على قوة الحدث وكثرته مثل ‪ :‬اطخضر‬
‫‪ .‬واطخضوضر‬
‫وتحمل صيغ التسماء العديد من المعاني التي تتنوع بتنوعها ‪ ،‬كأتسماء الفاعلين وأتسماء المفعولين وصيغ‬
‫‪ .‬المبالغة والتصغير والنسب والجموع ‪ ،‬فلكل منها معنى تؤاديه‬
‫‪ .‬ويمكننا التعرف على معاني تلك الوزان بالرجوع إلى كتب الصرف‬
‫‪.‬ج ـ الدللة المعنوية ‪:‬عرفها ابن جني بقوله "ادللة معناه على فاعله " أي ادللة فاعل الفعل‬
‫‪ ).‬فالدللة المعنوية للفعل ) قام ( هي الفاعل الذي قام بالفعل ) هو‬
‫والدللة المعنوية في التسم )قافلة ( هي ‪ :‬قافلة ‪ ،‬تسيارة ‪ ،‬كواكب ‪ ...‬أي مختلف المعاني الصلية‬
‫‪ .‬و المجازية‬
‫‪ :‬يمكن أن نمثل لمختلف تلك الدللت بالشكل التالي‬

‫ادللة الفعل قا م‬

‫ادللة معنوية‬ ‫ادللة صناعية‬ ‫ادللة لفظية‬


‫) ادللة الفاعل هو (‬ ‫) ادللة الوزن ) فعل(‬ ‫) ادللة الجذر ق ‪،‬و ‪ ،‬م (‬
‫الذي يدل على وقوع الحدث‬
‫‪.‬في الزمن الماضي‬
‫و يختلف بالتالي في ادللته‬
‫عن وزن المضارع‬
‫يفعل( و باقي الوزان (‬
‫‪ ).‬الطخرى‬

‫‪23‬‬
‫ادللة التسم اسيارة‬

‫ادللة معنوية‬ ‫ادللة صناعية‬ ‫ادللة لفظية‬


‫) آلة تنقل ميكانيكية(‬ ‫) الوزن فعالة يدل‬ ‫ادللة الجذر س ‪ ،‬ي ‪ ،‬ر (‬
‫قافلة‪ ،‬كواكب‬ ‫‪ ......‬مثل على السرعة‬
‫وهي معاني تتحداد‬ ‫والكثرة‪(....‬‬
‫هنا حسب السياق الذي‬
‫) ورادت فيه‬

‫‪ .‬ملحظة ‪ :‬لنجد كل هذه النواع من الدللت إل في التسماء المتمكنة والفعال المتصرفة‬


‫‪ :‬تمرين‬
‫‪ :‬ـ بين أنواع الدللة التي تتضمنها الكلمات التالية حسب تقسيم ابن جني لها ‪1‬‬

‫‪ .‬ـ هاتف ‪ 2 ،‬ـ صه ‪ 3 ،‬ـ من ‪ 4 ،‬ـ نعم ) بكسر النون وتسكين العين ( ‪ 5 ،‬ـ يسلم ‪1‬‬

‫‪ ) :‬ـ ما المعنى المستفااد من الصيغ المتقابلة التالية ) اتستعن بالمعاجم العربية ‪2‬‬
‫)أ ـ القوام ) بكسر القاف ( والقوام )بفتحها‬
‫) ب ـ الذل ) بكسر الذال ( والذل ) بضمه‬
‫ج ـ حاتسوب ‪ ،‬حاتسب‬

‫‪24‬‬
‫تابع للمحاضرة رقم ‪3‬‬
‫الدللة و علم التراكيب )الدللة النحوية(‪.‬‬
‫يقول الجرجاني عبد القاهر في كتابه المشهور )ادلئل العجاز في علم المعاني( ‪) :‬إن اللفاظ المفرادة‬
‫التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لن يضم بعضها إلى بعض فيعرف‬
‫فيما بينها فوائد ‪) (.....‬ادلئل العجاز ص ‪.(353‬‬
‫إن ما يقال من أن الوحدات الدالة في المستوى الصرفي تتشكل من تجمع لعناصر من الوحدات غير الدالة‬
‫)الصوات( ادون صدور ذلك عن نظام عقلي )إن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط‪) (....‬انظر‬
‫ادلئل العجاز ص ‪ ).(353‬مع التحفظ على ذلك(‪ .‬فان ذلك ل ينطبق على تشكيل الجمل من الوحدات‬
‫الدالة و إنما يتم ذلك بالتآلف بين هذه الوحدات فيأتلف بعضها و ل يأتلف بعضها الطخر‪ ،‬كما يذكر‬
‫الجرجاني نفسه في كتابه الجمل )اعلم أن الواحد من التسم و الفعل و الحرف يسمى كلمة‪ ،‬فإذا ائتلف منها‬
‫اثنان فأفاادا ) ‪ (.....‬يسمى كلما ويسمى جملة ) الجمل ص ‪. (107‬‬
‫و على هذا تكون الفاادة ليس معنى المفرادات في حد ذاتها ‪ .‬و هو ما يوضحه في قوله السابق في الدلئل‪.‬‬
‫و إنما الفاادة هنا في هذا المستوى )مستوى التراكيب( أو المستوى النحوي هو تعريف المخاطب )بفتح‬
‫الطاء ( و إبلغه بالعلقات النحوية أو ما يسمى بمعاني النحو‪ ،‬و هو المعنى التسناادي الذي يربط بين‬
‫الوحدات اداطخل التركيب فيفهم من الذي قام بالفعل أو اتصف بالوصف و على من وقع هذا الفعل‪ ،‬و مع‬
‫ترابط عناصر التركيب بما في ذلك الملحقات مثل الحال و التمييز و غيرها‪ ،‬حيث يوضع كل عنصر في‬
‫موضعه المناتسب لصحة المعنى‪ ،‬وإل لن يفهم المخاطب ‪ ،‬بفتح الطاء ‪) ،‬السامع( أي معنى مع أنه من‬
‫المفترض أنه يعرف المعاني المفرادة لللفاظ و إنما المعنى المقصواد هنا هو معنى النحو‪ ،‬أو الوظائف‬
‫النحوية‪ .‬و يرى الجرجاني أن ذلك النظام يقوم على ربط الكلمات ببعضها يقول " ليس الغرض بنظم‬
‫الكلم أن توالت ألفاظها في النطق بل أن تناتسقت ادللتها وتلقت معانيها ‪ ،‬على الوجه الذي اقتضاه العقل‬
‫)ص ‪. (35‬‬
‫وكان الجرجاني قد ضرب مثل ببيت امرئ القيس ـقفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ـ فقال‬
‫ما معناه أننا لو غيرنا ترتيب الكلمات فهل يعني قول امرئ القيس مبينا بعد ذلك ‪.‬‬
‫وقد ع‪ّ،‬د بعضهم الجملة )التركيب( هي الوحدة الدللية التساتسية‪.‬‬
‫وهذا ل يعني –طبعا‪ -‬أن المعاني المعجمية )الجتماعية( بمعزل عن فهم المعنى لن اللغة تعمل بنظام‬
‫متفاعل تتداطخل فيه المستويات ‪ ،‬و يظهر ذلك عند تشو مسكي فيما يسمى مبدأ السلمة النحوية ‪،‬‬
‫و يضرب لذلك المثلة ‪ ،‬فقد يكون التركيب تسليما نحويا من حيث التسنااد‪ ،‬و لكنه ل يؤادي للمخاطب‬
‫)بفتح الطاء ( معنى صحيحا مثال ذلك ‪) :‬شرب الجدار النجمة المؤمنة( ‪ .‬و إنما قد يكون ذلك فيما يسمى‬
‫باطختراقات الشعراء مثل‪ ) .‬شربتني قهوتي ( ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫و إذا كنا قد ركزنا هنا على الجرجاني فلنه ركز على العلقة بين النحو و البلغة أو البل غ و ليس‬
‫البل غ إل نقل المعاني و تباادلها بين المخاطب ) بفتح الطاء ( و المخاطب )بكسر الطاء ( ‪.‬و من هنا كان‬
‫لعلم الدللة علقة متينة بعلم النحو فليست اللغة إل مجموعة من العلقات بين اللفاظ و ادللتها ‪،‬و هذا ما‬
‫تؤكده كثير من المذاهب اللسانية الغربية الحديثة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ :‬حصة تطبيقية حول علقة علم الدللة بالمستوى التركيبي‬

‫‪ :‬النص الول‬
‫يقول عبد القاهر الجرجاني ‪ ":‬اعلم أن ههنا أصل أنت ترى الناس فيه في صورة من يعرف من جانب‬
‫وينكر من آطخر ‪ ،‬وهو أن اللفاظ المفرادة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و‬
‫لكن لن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد ‪ ،‬وهذا علم شريف وأصل عظيم ‪ ،‬والدليل على‬
‫ذلك أنا إن زعمنا أن اللفاظ التي هي أوضاع اللغة ‪ ،‬إنما وضعت ليعرف بها معانيها في أنفسها ‪ ،‬لادى‬
‫"‪ .....‬ذلك إلى ما ل يشك عاقل في اتستحالته‬
‫ادلئل العجاز ص ‪469‬‬
‫‪ :‬النص الثاني‬
‫و يقول أيضا ‪ ":‬ليت شعري كيف يتصور وقوع قصد منك إلى معنى كلمة من ادون أن تريد تعليقها‬
‫بمعنى كلمة أطخرى ‪ ،‬ومعنى القصد إلى معاني الكلم أن تعلم السامع بها شيئا ل يعلمه ؟‬
‫و معلوم أنك أيها المتكلم لست تقصد أن تعلم السامع معاني الكلم المفرادة التي تكلمه بها فل تقول ‪ :‬طخرج‬
‫زيد لتعلمه معنى طخرج في اللغة ومعنى زيد ‪ ،‬كيف ومحال أن تكلمه بألفاظ ل يعرف هو معانيها كما‬
‫تعرف ‪ ،‬ولهذا لم يكن الفعل وحده ادون التسم ‪ ،‬ول التسم وحده ادون اتسم آطخر أو فعل كلما ‪ ،‬أو كنت لو‬
‫قلت ‪:‬زيد ولم تأت بفعل ول باتسم ول قدرت فيه ضمير الشأن ‪ ،‬أو قلت زيد ولم تأت بفعل ول اتسم آطخر‬
‫" ولم تضمره في نفسك ‪،‬كان ذلك وصوتا تصوته تسواء فاعرفه‬
‫المرجع نفسه ص ‪372‬‬
‫‪ :‬النص الثالث‬
‫ويقول ‪ " :‬و اعلم أن مثل واضع الكلم مثل من يأطخذ قطعا من الذهب أوالفضة فيذيبها بعضها في بعض‬
‫حتى تصير قطعة واحدة ‪ ،‬وذلك أنك إذا قلت ‪ :‬ضرب زيد عمرا يوم الجمعة ضربا شديدا تأاديبا له ‪ ،‬فانك‬
‫تحصل من مجموع هذه الكلم كلها على مفهوم هو معنى واحد ل عدة معان كما يتوهمه الناس ‪ ،‬وذلك‬
‫لنك لم تأت بهذه الكلم لتفيده أنفس معانيها إنما جئت بها لتفيده وجوه التعلق التي بين الفعل الذي هو‬
‫ضرب وبين ما عمل فيه ‪ ،‬أو الحكام التي هي محصول التعلق ‪ ........‬وإذا كان ذلك كذلك بان منه وثبت‬
‫أن المفهوم من مجموع الكلم معنى واحد ل عدة معان وهو إثباتك زيدا فاعل ضربا لعمرو في وقت كذا‬
‫‪.‬ولغرض كذا‬

‫المرجع نفسه ص ‪372‬‬

‫‪27‬‬
‫التحليل‬

‫ـ التعريف بصاحب النص ‪1‬‬


‫هو عبد القاهر الجرجاني أبو بكر بن عبد الرحمان ولد بجرجان قرب طخراتسان ‪ ،‬وبها تلقى علومه وثقافته ‪،‬‬
‫وتوفي بها تسنة ‪471‬ه ـ ‪1093‬م ‪ .‬اهتم بالدراتسات النحوية والادبية وتفسير القرآن ‪ ،‬له عدة مؤلفات ‪:‬‬
‫‪ .‬أشهرها ‪ :‬ادلئل العجاز ‪ ،‬أتسرار البلغة‬
‫ـ أهمية كتاب دلئل العجا ز ‪2‬‬

‫تناول فيه إعجاز القرآن من زاوية تخصصه اللغوي اللساني والتسلوبي‪ ،‬مؤتسسا بذلك نظرية النظم و التي‬
‫جمع فيها بين علوم ثلث‪ :‬النحو‪ ،‬البلغة‪ ،‬النقد‪ ،‬وهي نظرة مكتملة تمكننا من فهم النص الادبي من طخلل‬
‫‪.‬صياغته‬
‫والنظم في جوهره يتصل بالمعنى من حيث هو تصور للعلقات النحوية كتصور علقة التعدية بين الفعل‬
‫والمفعول به ‪ ،‬وتصور علقة السببية بين الفعل والمفعول لجله ‪ ،‬ثم تأتي المزية من وراء ذلك بحسب‬
‫‪ .‬موقع الكلمات بعضها من بعض‬
‫ارتبطت نظرية النظم بقضية فكرية ادينية شغلت المسلمين حقبة طويلة‪ ،‬احتدم الجدال حولها‪ :‬القرآن أمخلوق‬
‫‪.‬هو أم قديم؟‬
‫وقد تزعم المعتزلة القول بخلق القرآن ‪ ،‬واتصل البحث فيها بماهية الكلم ‪ ،‬حيث قال المعتزلة إن كلم الناس‬
‫حروف ‪ ،‬وكذلك كلم ال وقد مر ذلك إلى تناول الصلة بين اللفاظ ومدلولتها ‪ ،‬فمن العلماء من رأى‬
‫‪ .‬أنها طبيعية ذاتية ومنهم من قال بأنها علقة اعتباطية اتفاقية‬
‫كل ذلك وصل إلى عبد القاهر الجرجاني الذي أادرك تسوء الفهم لدى أهل زمانه إذ منهم من مال إلى اللفظية‬
‫‪ .‬الجامدة ‪ ،‬وأعطى اللفاظ بعض القداتسة‬
‫كما تجاوز آراء العلماء طخاصة في المسائل النحوية التي ارتبطت بقضايا الصواب والخطأ في الاداء إلى‬
‫‪ .‬الهتمام بالعلقات المتنوعة بين الكلمات ثم بين الجمل‬

‫‪28‬‬
‫‪ :‬التحليل‬
‫ـ يبين الجرجاني في النص الول أن الدللة ل تقتصر على الجانب الفراادي فقط إنما تتعداه إلى المستوى‬
‫التركيبي النحوي ‪ ،‬ثم نجده يفاضل بين الدللتين عندما يبين لنا أن الغرض من اللغة الذي هو التعبير‬
‫والتواصل ل يتحقق بالنظر في معاني اللفاظ المفرادة ‪ ،‬لن هذه المعاني ناتجة عن التواضع والصطل ح ‪،‬‬
‫ول نحقق أية فائدة عند الكتفاء بمعرفتها ‪ ،‬لنها معروفة أصل عند كل المتخاطبين ‪،‬بل الفائدة تتحقق‬
‫‪ ".‬بمعرفة المعاني الناتجة عن ضم تلك الكلمات بعضها مع بعض ‪ ،‬ويصفه بأنه "علم شريف وأ صل عظيم‬

‫ـ وفي النص الثاني‪ ،‬يبين أيضا أن الفائدة المرجوة من اللغة ـ أي تبليغ معاني جديدة للمستمع ل يعرفها ـ ل‬
‫تتحقق إل بتعليق أي ضم الكلمات بعضها ببعض وفق قواعد نحوية معينة ‪ ،‬و هنا نتحدث عن معنى‬
‫‪.‬الجملة‬
‫يقدم لنا الجرجاني مثال توضيحيا لذلك بجملة " طخرج زيد " ‪ ،‬فالقصد هنا ليس إعلم أو إفاادة السامع بمعنى "‬
‫طخرج " أو بمعنى " زيد " لن معناهما ناتج عن التواضع ـ مثلما ذكر في النص الول ـ إنما إعلمه‬
‫‪ .‬بمعنى التركيب ‪) :‬طخرج ‪ +‬زيد( أو) زيد ‪ +‬طخرج ( و هنا تتحقق الفائدة‬

‫ـ نلحظ أن الجرجاني في النص الثالث يوضح أكثر معنى " ادللة الجملة " ‪ ،‬باتستعماله ‪" :‬ضرب زيد عمرا‬
‫يوم الجمعة ضربا شديدا تأاديبا له " ‪ ،‬وهي عبارة تحمل بكلماتها المجتمعة معنى واحدا هو معنى‬
‫‪ .‬الثبات أي إثبات زيد فاعل ضربا لعمرو في وقت كذا وعلى صفة كذا ولغرض كذا‬
‫فمعنى الثبات هو المعنى النحوي ‪،‬ويقول عنه الجرجاني أنه " معنى واحد ل عدة معان كما يتوهمه الناس‬
‫‪".‬‬
‫‪ .‬لن المعاني المنفصلة الخاصة بكل كلمة ‪ ،‬ناتجة كما ذكر عن التواضع والصطل ح‬
‫نستنتج أن المعنى النحوي عند الجرجاني يخضع لقواعد معينة ‪ ،‬وأي تغيير في ترتيب الكلمات وتركيبها‬
‫يخضع لتلك القواعد ‪ .‬ومن أنواع المعاني النحوية التي يمكن ذكرها هي‪ :‬معنى التستفهام في جملة‬
‫‪ ...........‬التستفهام ‪ ،‬معنى الثبات في جملة الثبات ‪ ،‬معنى النفي في جملة النفي‬

‫‪29‬‬
‫الدللة و علم البلةغة‬

‫قد ل يذكر الباحثون في الغالب ـ أن هناك مستوى في البنية اللغوية يسمى المستوى البلغي ‪،‬لنه‬
‫متداطخل مع المستوى البلغي الذي يعتمد التراكيب أو التسنااد أتساتسا ‪ ،‬و إنما هناك أنواع من التصرف‬
‫في الكلم قد تجعله بليغا ‪ ،‬و يتفاوت في ذلك المتكلمون ‪ ،‬و مما يشير إلى أن الدللة البلغية في تسياقاتها‬
‫تختلف عن الدللت الطخرى مع ارتباطها بها أننا لو أطخذنا المثال المشهور من التراث اللغوي العربي‬
‫)كثير الرمااد(‪ .‬فالدللة النحوية هنا لو وققنا عندها كانت أن شخصا ما عنده الكثير من الرمااد )بقايا النار(‬
‫و قد يكون ذلك للتجار به أو أن يكون للقذارة و عدم التخلص منه‪ ،‬و لكن في السياق البلغي تكون‬
‫ادللة )كثير الرمااد( الكرم ‪ .........‬وهذا الذي تسمي عند الجرجاني بمعنى المعنى‪ .‬و كنا قد ذكرنا أن‬
‫)أوجدن‬
‫و ريتشاراد( قد ألفا كتابا في عام ‪ 1923‬بعنوان "معنى المعنى" ‪the meaning of meaning‬‬
‫و كان عبد القاهر الجرجاني قد تسبق إلى ذلك و إن كان بمجراد إشارة‪.‬‬
‫هذا بالضافة إلى علقة الدللة بالنص )الدللة النصية(‪ ،‬إذ أن هناك من يرى أن الوحدة الدللية هي )‬
‫‪ . (atext‬و أن أي امتدااد للكلم ابتداء من المورفيم ـ و ربما ادون ذلك ـ هو وحدة ادللية )انظر‪ :‬أحمد‬
‫مختار عمر‪ .‬علم الدللة ‪،‬عالم الكتب ص ‪ (32‬علما بأن أبرز وحدة ادللية هي الكلمة لنها المستوى‬
‫التساتسي في البنية اللغوية )مستوى الوحدات الدالة( كما كنا قد أشرنا تسابقا عند حديثنا عن مستويات البنية‬
‫اللغوية‪.‬‬

‫الدللة و المعجم‪) :‬الدللة الجتماعية(‬

‫كل كلمة من كلمات اللغة العربية لها ادللة معجمية مستقلة عما توحيه أصواتها أو صيغتها من ادللت‬
‫زائدة على تلك الصلية أو المركزية أو القاعدية ‪ ،‬و يطلق عليها الدللة الجتماعية‪ .‬و لكن عندما تنتظم‬
‫الكلمة ضمن الجملة تضاف إلى الكلمة كل الدللت الطخرى و ل يتم الفهم إل بالوقوف عليها جميعها‪.‬‬
‫و أصل المعنى المعجمي هو ما تدل عليه الكلمة من المعنى الوضعي ‪،‬و هذا ما أشار إليه الزمخشري‬
‫عندما قال في كتابه المفصل‪ " :‬الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفراد بالوضع "‪ .‬هذا المعنى المرتبط‬
‫–مبدئيا‪ -‬بالصول الصوتية )العربية ثلثية الصوات( هو الذي تنطلق منه المعاني الطخرى ‪،‬و قد‬
‫ارتبطت المعاجم العربية القديمة و الحديثة )غالبا( بمبدأ الصول الثلثية ‪،‬حتى رأى بعضهم )ابن جني(‬

‫‪30‬‬
‫و ربما من قبله )الخليل بن أحمد( ‪ :‬أن المعنى الصلي يظل مرتبطا بهذه الصول و ل يكااد يفارقها حتى‬
‫و إن تغير ترتيبها في الكلمة الواحدة )الشتقاق الكبير( ـ أو حتى لو أبدلنا بها ما يقاربها من الصوات‬
‫)الشتقاق الكبر( و إن كان الذين اعتمدوا هذا الرأي قد تأولوا كثيرا‪.‬‬
‫هذا بالضافة إلى أن هناك من ع‪ّ،‬د الماادة الصوتية الولى في الكلمات اللغة كانت صوتين فقط‬
‫أو ما يعرف بالمقطع الصوتي القصير المغلق )قط‪ ،‬شد‪ ،‬شك( هذا تاريخيا ثم انتقلت هذه الثنائية إلى‬
‫ض( الثلثي المضاعف و نظرا للحاجة إلى تنويع المعنى‬
‫ط‪ ،‬ش‪ّ،‬د‪ ،‬ع ‪ّ،‬‬
‫المعجم بتضعيف الصوت الثاني )ق ‪ّ،‬‬
‫أضيف فيما بعد صوت ثالث تتويجا أو حشوا أو كسعا من ذلك قط ‪ +‬ع = قطع – و ‪ +‬ر = قطر‪ ،‬و‪ +‬م‬
‫= قطم‪.......‬وفج بإادطخال صوت في وتسطها تصبح فلج أو فرج ‪..........‬‬
‫و لعل ما يشير إلى علقة الدللة بالمعجم أن هناك معاجم بنيت على أتساس المعاني‪ ،‬و تسميت معاجم‬
‫المعاني ‪،‬و قد كان هذا في التراث اللغوي العربي عندما وضع جامعو اللغة الول ما يسمى بالرتسائل‬
‫اللغوية المتعلقة بأحد الموضوعات أو المعاني مثل‪ :‬كتاب البل‪ ،‬و كتاب الخيل‪ ،‬و النواء و غير ذلك‬
‫و كما أن هناك الن معاجم نبحث فيها اعتماادا على اللفظ‪ ،‬فان هناك معاجم أطخرى يبحث فيها اعتماادا‬
‫على المعنى‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المحاضرة رقم ‪04‬‬
‫علقة علم الدللة بالعلو م ةغير اللغوية‬
‫ي من العلوم الطخرى ‪،‬تسواء النسانية أو الرياضية و الطبيعية‪،‬‬
‫في الواقع ل يمكن فصل علم الدللة عن أ ‪ّ،‬‬
‫فالعلوم كلها تعتمد الدللة في جميع مساراتها‪ .‬بل كل شيء في الحياة و في علقة النسان بما يحيط به من‬
‫الكون و ما ينشأ عنه من فعاليات يعتمد الدللة أتساتسا‪.‬‬

‫‪ -1‬الدللة و التعبيرات الصطلحية‪:‬‬


‫إذا كان المعنى النحوي الذي ينشأ من التركيب أو التسنااد هو معنى )ادللة( مختلفة عن ادللة عناصر‬
‫التسنااد المفرادة المعجمية )ارجع إلى ما ذكره الجرجاني(‪ ،‬فان هناك تعابير مركبة )اصطلحات طخاصة(‬
‫ادللتها غير الدللة التسناادية المباشرة التي قد تفهم من التركيب‪ ،‬فهي مستوى ثالث من الدللة يتكون من‬
‫عداد من الكلمات أو المورفيمات الحرة كقولنا )البيت البيض( الذي يشير إلى مؤتسسة إادارية تسياتسية‬
‫و ليس إلى بناء أو قصر من حيث الدللة‪ .‬و مثل ذلك تعبير )الصحافة الصفراء(‪) ،‬الباب العالي(‪،‬‬
‫و عندما نقول عندنا )قصر المراادية( و نقصد مؤتسسة رئاتسة الجمهورية‪.‬‬
‫و يجب أن نميز بين هذا النوع من التعابير المركبة و بين ما شبهها كقولنا )الدار البيضاء( علما على‬
‫مدينة إذ أن هذه التسمية لم تزل تشير إلى الصل فربما كانت هناك ادار بيضاء اللون‪.‬‬

‫‪ -2‬الدللة و الفلسفة‪.‬‬
‫من المعروف أن ارتباط الدللة بالفلسفة و المنطق كان أظهر من ارتباطه بأي علم آطخر‪ .‬بل كان الباحثون‬
‫ل يفرقون – ربما – بين علم الدللة و الفلسفة ‪،‬غير أن علم الدللة بدأ ينفصل تدريجيا و يدطخل بل يتمركز‬
‫في ادائرة العلوم اللغوية بل مازال علماء الفلسفة يدرتسون علقة موضوعاتهم الفلسفية بعلم اللغة‪ ،‬و قد‬
‫كان فلتسفة اليونان قد اهتموا بهذه العلقة‪.‬‬
‫و لعل ما يراد في الدراتسات اللغوية من الحدواد و التقسيمات ‪ ،‬و من مصطلحات مثل ‪ :‬الخبر و النشاء‬
‫و اتسم الجنس و اتسم النوع ‪ ،‬ل ينفك عن علم المنطق‪ ،‬بل أن هناك من المناطقة من اطختص بعلم الدللة و‬
‫ربما كانت المثلة اللغوية المستقلة في المنطق تبين بوضو ح مثل هذه العلقة مثل‪:‬‬
‫محمد فان‬ ‫محمد إنسان‬ ‫‪ -‬كل إنسان فان‬
‫ليس كل ادطخان يدل على النار‪.‬‬ ‫‪ -‬كل نار لها ادطخان‬

‫‪32‬‬
‫‪ -3‬الدللة و علم النفس‪.‬‬
‫يبحث علم النفس في طريقة اكتساب اللغة‪ ،‬و كيفية التعلم ‪ ،‬و لعل اهتمام علماء النفس بموضوع الادراك‬
‫من أبرز ما يربط بين علم النفس و علم اللغة و )منه الدللة( إذ أن الادراك ظاهرة فرادية و الناس‬
‫يختلفون في إادراك الكلمات و في تحديد ادللتها‪ .‬و يلحظ أن للغة جوانب نفسية تتغير بتغير الحوال من‬
‫فر ح و حزن و غير ذلك‪ .‬و يظهر هذا من طخلل كلم المتكلمين‪.‬‬

‫‪ -4‬الدللة و علم الجتماع‪.‬‬


‫اللغة ظاهرة اجتماعية و حدها كما ذكر ابن جني‪ " :‬أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم "‪ ،‬فهي‬
‫تعبير عن الغراض و العاادات و التقاليد الجتماعية ‪ ،‬و علم الدللة يهتم بحياة الناس و عااداتهم ‪ ،‬و كل‬
‫ما يتعلق بفعالياتهم الحياتية‪ .‬بل و تعكس بعض ألفاظ اللغة و تراكيبها نمط التفكير الجتماعي‪ ،‬من ذلك ما‬
‫يذكر من أن العرب يقولون رجل للادمي الذكر البالغ ‪ ،‬و لكنهم ليقولون رجلة للادمية النثى البالغة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫حصة تطبيقية حول الدللة عند الفلاسفة والبلةغيين‬

‫ـ يقول ابن تسينا )أبو علي الحسين بن عبد ال ‪428‬ه( ‪" :‬إن النسان قد أوتي قوة حسية ترتسم فيها ‪1‬‬
‫صور المور الخارجية و تتأادى عنها إلى النفس فترتسم فيها ارتساما ثانيا ثابتا و إن غابت عن‬
‫الحس ‪ ................‬ومعنى ادللة اللفاظ أن يكون إذا ارتسم في الخيال مسموع اتسم ارتسم في النفس‬
‫" معنى‪ ،‬فتعرف النفس أن هذا المسموع لهذا المفهوم‪ ،‬فكلما أوراده الحس على النفس التفتت إلى معناه‬
‫الشفاء ص ‪ 3‬ـ ‪4‬‬

‫ـ يقول الغزالي ) أبوحامد ‪505‬ه( ‪ " :‬إن للشيء وجوادا في العيان ‪ ،‬ثم في الذهان ‪ ،‬ثم في اللفاظ ‪2 ،‬‬
‫ثم في الكتابة ‪ .‬فالكتابة ادالة على اللفظ‪ ،‬واللفظ ادال على المعنى الذي في النفس‪ ،‬والذي في النفس هو مثال‬
‫‪".‬الموجواد في العيان‬

‫معيار العلم ص ‪ 35‬ـ ‪36‬‬

‫ـ يقول حازم القرطاجني ) توفي تسنة ‪684‬ه ( ‪ " :‬كل شيء له وجواد طخارج الذهن فانه إذا أادرك ‪3‬‬
‫حصلت له صورة في الذهن تطابق ما أادرك منه ‪ ،‬فإذا عبر عن تلك الصورة الذهنية الحاصلة عن‬
‫الادراك ‪ ،‬أقام اللفظ المعبر به هيئة تلك الصورة الذهنية في أفهام السامعين وأذهانهم فصار للمعنى وجواد‬
‫آطخر من جهة ادللة اللفاظ ‪ ،‬فإذا احتيج إلى وضع رتسوم من الخط تدل على اللفاظ لمن لم يتهيأ له تسمعها‬
‫من المتلفظ بها ‪ ،‬صارت رتسوم الخط تقيم في الفهام هيئات اللفاظ ‪ ،‬فتقوم بها في الذهان صور المعاني‬
‫‪ " .‬فيكون لها أيضا وجواد من جهة ادللة الخط على اللفاظ الدالة عليه‬

‫من كتاب منهاج البلغاء وتسراج الادباء ص ‪ 18‬ـ ‪19‬‬

‫المطلوب ‪ :‬حلل هذه النصوص ‪ ،‬مستخرجا أهم الظواهر اللغوية الوارادة فيها ثم قارنها بما توصلت إليه‬
‫‪ ".‬اللسانيات الحديثة ممثلة بآراء " ادوتسوتسير‬

‫‪34‬‬
‫التحليل‬

‫اهتم الدارتسون القدامى على اطختلف اتجاهاتهم العلمية من فلتسفة ‪ :‬أبو حامد الغزالي ‪ ،‬ابن تسينا‬
‫وبلغيين ) لغويين( ‪ :‬حازم القرطاجني بطبيعة الدليل اللغوي من حيث هو شيء محسوس بديل في‬
‫‪ .‬الواقع المدرك عن الشيء الموجواد في المحيط الخارجي حتى وان غاب عن العيان‬

‫‪ :‬ففي النص الول يحداد لنا ابن تسينا أهم العناصر التي تساهم في تشكيل العملية الدللية وهي‬
‫ـ صور المور الخارجية‬
‫ـ النفس‬
‫ـ مسموع اتسم‬
‫ـ ادللة اللفظ‬
‫ـ المعنى‬

‫فعندما يواد النسان التعبير عن شيء ما موجواد في المحيط الخارجي‪ ،‬يبدأ بإادراكه أول‪ ،‬أي يحداد تصوره‬
‫لذلك الشيء‪ ،‬فتتشكل في ذهنه صورة له )وهو المعنى(‪ ،‬حتى وان غاب عن الحس ثم يعبر عن ذلك‬
‫‪.‬التصور الذهني باتسم‬
‫‪ ) .‬إذن الدليل اللغوي عند ابن تسينا يتكون من ثنائية ) مسموع اتسم‪ ،‬معنى ( وهو بذلك يلغي ) المرجع‬
‫‪ :‬فإذا قارنا هذا الرأي مع ما توصلت إليه اللسانيات الحديثة يتبين لنا أن‬
‫‪ :‬ـ تصور ابن تسينا يتوافق مع تصور ادوتسوتسير للدليل اللغوي ‪ ،‬فكلهما يلغي المرجع منه‬
‫صورة صوتية‬
‫مسموع اتسم‬

‫الدليل اللغوي‬ ‫‪ :‬الدليل اللغوي ‪:‬‬


‫) ادوتسوتسير (‬ ‫)ابن تسينا (‬
‫صورة ذهنية‬ ‫معنى‬

‫لكن نلحظ في النص الثاني ‪ ،‬أن الغزالي يعتبر المرجع عنصرا أتساتسيا في الدليل اللغوي ‪ ،‬والذي يتشكل‬

‫‪35‬‬
‫‪ :‬من أربعة أطراف أتساتسية هي‬
‫ـ الموجواد في العيان‬
‫ـ الموجواد في الذهان‬
‫ـ الموجواد في اللفاظ‬
‫ـ الموجواد في الكتابة‬
‫يتبين لنا أن الغزالي اتستطاع أن يثبت قدرة النسان التكيف مع العالم الخارجي ) العيان ( باتستعماله‬
‫لعقله ) الذهن ( الذي تسمح له بإبداع الدال ) اللفاظ ( كرموز تعبر عما أادركه في ذهنه للعالم الخارجي‬
‫‪.‬ثم تأتي عملية الكتابة لتثبيت ذلك الادراك‬
‫فالشياء الموجوادة في المحيط الخارجي والتي اصطلح عليها بتسميات مختلفةـ حسب اتجاهات العلماء ـ‬
‫وهي المدلول عليه‪ ،‬المرجع‪ ،‬العيان‪ ،‬المور الخارجية‪ ،‬الشيء‪،‬ل يمكن للنسان أن يعبر عنها إل بعد‬
‫إادراكها ‪ ،‬أي وضع تصوره لها في الذهن ‪ ،‬فيتشكل له مدلول عن ذلك الشيء ثم يشكل الصورة اللفظية‬
‫‪ .‬أو الدال الذي تسيتلفظ به ويمكنه من التواصل مع باقي البشر‬

‫ـ ول يخرج حازم القرطاجني ـ كبلغي ـ في النص الثالث عن هذا التصور العام للعملية الدللية فهو‬
‫‪:‬يحداد أيضا أنواع العلقات الدللية التي ترتبط مع بعضها انطلقا من مختلف العناصر المكونة لها وهي‬
‫" ـ المرجع أو المدلول عليه والذي عبر عنه ب‪ ":‬كل شيء له وجواد طخارج الذهن‬
‫"ـ والمدلول " إذا أادرك حصلت له صورة تطابق ما أادرك منه‬
‫" ـ الدال " أقام اللفظ المعبر به هيئة تلك الصورة الذهنية في أفهام السامعين وأذهانهم‬
‫فالمعنى عنده بوصفه مدلول تدل عليه علمة لغوية هو محصلة لعملية إادراك الواقع الخارجي فالدال‬
‫اللفظ( يعبر عن الصورة الذهنية المدركة وهنا يتساوى اللفظ في دللته على تلك الصورة الذهنية مع (‬
‫ادللة الرموز الكتابية ـ عبر عنها حازم القرطاجني ب " رتسوم الخط "ـ في دللتها على اللفظ " لمن لم‬
‫يتهيأ له تسمعها " ـ حسب ماجاء في النص ـ لن الرتسم الخطي يدل على هيئات اللفاظ ‪ ،‬وهي هيئات تدل‬
‫بدورها على المعاني الحاصلة في الذهان ‪ ،‬هذه الطخيرة تدل على الشياء الخارجية ‪ ،‬فالعالم الخارجي‬
‫يتحول عن طريق الادراك في الذهن إلى مجموعة من المفاهيم ) المدلولت ( ثم يتحول إلى ادللت‬
‫‪ .‬صوتية ) ادوال( ثم إلى رموز كتابية ‪ ،‬إذا اقتضت الحاجة ذلك‬

‫‪:‬ويمكن لنا توضيح تلك العلقات الدللية بين مختلف العناصر ب‬

‫‪36‬‬
‫الصورة الصوتية أي اللفظ ) مدلول‬ ‫) الرموز الكتابية) ادال (‬
‫الصورة الذهنية ) مدلول‬ ‫) الصورة الصوتية أي اللفظ ) ادال (‬
‫الشياء طخارج الذهن ) مدلول‬ ‫) الصورة الذهنية ) ادال (‬

‫فكل مدلول ـ حسب تصور حازم القرطاجني ـ يتحول بدوره إلى مدلول ‪ ،‬فالصورة الصوتية تكون مدلول‬
‫في علقتها بالرموز الكتابية ‪ ،‬لكنها تصبح ادال في علقتها بالصور الذهنية ‪ ،‬والصور الذهنية تكون‬
‫‪ .‬مدلول في علقتها بالصورة الصوتية وتتحول إلى ادال في علقتها بالعالم الخارجي المحيط بنا‬

‫المحاضرة رقم ‪5‬‬

‫‪37‬‬
‫علم الدللة – نظرة تاريخية موجزة –‬
‫عند اليونان‪ :‬من الطبيعي أن تكون الدللة من الموضوعات التي يهتم بها الفكر النساني منذ القدم‪ .‬و كان‬
‫ذلك عند فلتسفة اليونان‪ ،‬فقد رأى أرتسطو أن المعنى يتطابق مع التصور الموجواد في العقل و ميزبين‪:‬‬
‫‪ -1‬الشياء في العالم الخارجي‬
‫‪ -2‬التصورات أو المعاني‬
‫‪ -3‬الصوات أو الرموز أو الكلمات‪.‬‬
‫و فتح ذلك الباب لكثير من الفكار و المناقشات حول الدللة و المعنى في العصور الوتسطى‪ ،‬كما تعرض‬
‫أفلطون إلى قضية العلقة بين اللفظ و المعنى و اتجه إلى أن العلقة بينهما طبيعية ذاتية‪.‬‬
‫بينما اتجه أرتسطو إلى أن هذه العلقة اصطلحية عرفية ‪ ،‬أي متواضعة عليها و قام بشر ح هذه العلقة‬
‫العرفية و بيانها‪.‬‬
‫) ينظر ‪ .‬أحمد مختار عمر ص ‪(17‬‬
‫عند الهنود‪ :‬اهتم الهنواد بالتأمل في لغتهم و قاموا بدراتستها بدافع اديني للحفاظ على كتابهم المقدس‬
‫)الفيدا( ـ و هذا ما يشبه ما كان من أمر العرب عندما ادرتسوا لغتهم‪.‬‬
‫و كان )بانيني( الذي عاش في القرن الخامس و الرابع قبل الميلاد وضع كتابا في السنسكريتية تسماه‬
‫)المثمن( قيل أنه أشبه بكتاب تسيبويه‪.‬‬
‫و كان من أهم الموضوعات التي ناقشها الهنواد‪ ،‬نشأة اللغة و اكتساب بعض الصوات لمعانيها و قد كانوا‬
‫فريقين‪ :‬أحدهما يرى أن اللغة نشأت باللهام ‪،‬و الثاني‪ :‬من اطختراع البشر‪.‬‬
‫كما ناقشوا قضية اللفظ و المعنى فمنهم من رأى أن اللفظ والمعنى ل ينفصلن عن بعضهما ‪ ،‬و منهم من‬
‫رأى أن العلقة بين اللفظ و المعنى علقة فطرية و طبيعية ‪ ،‬و منهم من رأى أن العلقة بين اللفظ‬
‫و المعنى علقة ضرورية لزومية‪.‬‬
‫و من القضايا التي ناقشوها‪ :‬أنواع الدللت للكلمة‪ .‬و توصلوا إلى أن هناك أربعة أقسام للدللت ‪ :‬حسب‬
‫عداد الصناف الموجوادة في الكون و هي )ينظر المرجع السابق ص ‪:(19‬‬
‫‪ -1‬قسم يدل على مدلول عام )رجل(‬
‫‪ -2‬قسم يدل على كيفية )طويل(‬
‫‪ -3‬قسم يدل على حدث )جاء(‬
‫‪ -4‬قسم يدل على ذات )محمد(‪.‬‬

‫عند العرب‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫قام العرب بدراتسة لغتهم لسبب أتساتسي اديني ‪،‬يتمثل في المحافظة على لغة القران لصحة تلوته‬
‫و اتستخلص الحكام و التشريعات منه ‪ .‬و كان للخوف من اطختلف المعنى أو إفسااده في تلوة اليات‬
‫بشكل غير صحيح أكبر الثر في النهوض بهذه الدراتسة ‪ ،‬لذلك كانت أوائل العمال اللغوية المتعلقة‬
‫بالدللة بشكل طخاص ذات صلة بالقرآن الكريم مثل‪ :‬معاني الغريب في القرآن الكريم‬
‫و مجاز القرآن ‪ ،‬بالضافة إلى معاجم الموضوعات )المعاني( ‪ .‬و معنى ذلك ضبط المصحف الشريف‪.‬‬
‫و قد تجلت أهم أعمال الدراتسيين العرب الدللية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عمل ابن فارس في معجمه )المقاييس( بربط المعاني الجزئية بالمعنى العام‪.‬‬
‫‪ -‬عمل الزمخشري في معجمه )أتساس البلغة( للتفريق بين المعاني الحقيقية و المجازية‪.‬‬
‫‪ -‬أعمال ابن جني في ربط تقلبات الماادة )اللفظة( بمعنى واحد‪.‬‬
‫هذا بالضافة إلى أعمال لغوية أطخرى ذات صلة بعلم الدللة‪.‬‬
‫و لبد من الشارة هنا إلى ما قام به الصوليون و علماء الكلم ‪ ،‬و ما ذكروه من‪ :‬ادللة اللفظ و ادللة‬
‫المنطوق و ادللة المفهوم‪.‬‬
‫بالضافة إلى أعمال البلغيين في ادراتسة الحقيقة و المجاز‪ ،‬و نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني‪.‬‬
‫كانت هذه فكرة مقتضبة جدا عن الدراتسات الدللية قديما ‪ ،‬و نعرج بعد ذلك إلى تقديم فكرة عن الدراتسات‬
‫الدللية في العصر الحديث‬

‫الدللة في العصر الحديث‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫لم تكن الدراتسات الدللية القديمة ادراتسة علمية حقيقية ‪ ،‬و إنما كانت مثل هذه الدراتسة العلمية بمفهوم العلم‬
‫و مناهج البحث من ثمرة الدراتسات اللغوية الحديثة‪.‬‬
‫و بهذا المفهوم الخاص يمكن القول أن بواكير هذا العمل نشأت في أواتسط القرن التاتسع عشر هذا و لم‬
‫تزل الدراتسات الدللية في العصر الحديث تتسع و تستقل في مؤلفات طخاصة بالضافة إلى ما تأطخذه من‬
‫مساحات ضمن إطار الدراتسات اللغوية و علم اللغة الذي اتستوى و تطور في الفترة الطخيرة و كان هناك‬
‫عداد من الباحثين العرب الذين اهتموا بالسيمياء مثل الدكتور أحمد مختار عمر )و قد اعتمدنا كثيرا على‬
‫كتابه )علم الدللة( أثناء إعدااد هذه المحاضرات كذلك على كتب الدكتور حلمي طخليل و الدكتور إبراهيم‬
‫أنيس و غير ذلك‪.‬‬
‫و في الدراتسات اللغوية الغربية و اعتبارا من تشومسكي الذي ادعا في البداية إلى ضرورة فصل النحو‬
‫عن المعنى إل أن عدل عن موقعه بتأثير عداد من اللسانيين الذين أادطخلوا المكون الدللي في التحليل‬
‫و نذكر على تسبيل المثال )تستيفن أولمن( الذي أصدر عدادا من الكتب حول ادراتسة المعنى‪ ،‬منها‪ :‬أتسس‬
‫علم المعنى ‪ ،‬و ادور الكلمة في اللغة‪.‬‬
‫و في الدراتسات اللغوية الغربية الحديثة ر‪ّ،‬اد عداد من اللغويين مثل كاتز و فوادور العتبار إلى المعنى‬
‫و أادرج المكون الدللي في التحليل بعد أن كان قد اتستبعد هذا المكون الذي يقوم بإعطاء تفسيرات ادللية‬
‫للبنية العميقة‪.‬‬
‫و كان تشو مسكي الذي عرف بنظرية النحو التوليدي التحويلي ‪ ،‬و الذي ط‪ّ،‬ور نظريته التي ظهرت في‬
‫كتابه )البنى التركيبية( عندما أطخرج كتابه )مظاهر النظرية التركيبية( كان يدعو إلى فصل النحو عن‬
‫المعنى و لكنه عدل عن موقعه ربما بتأثير أولئك اللسانيين ‪ ،‬فأادرج القواعد الدللية في نموذجه المعياري‬
‫عند الغربيين و كان على رأس من أتسهم في وضع أتسس هذه الدراتسات ماكس مولر)‪) max muller‬‬
‫و ميشال بريال اللغوي الفرنسي الذي وضع بحثا بعنوان مقالة في السيمانتيك )‪essai de‬‬
‫‪ (sémantique‬عام ‪ ،1879‬و قد اهتمت هذه المقالة بدللة اللفاظ القديمة في اللغات الهندوأوربية‪.‬‬
‫و ربما كان من أبرز العمال في هذا السياق المؤلف الضخم بعنوان )لغتنا( للعالم السويدي أادولف نورين‬
‫)‪( adolf noreen‬الذي طخصص قسما كبيرا لدراتسة المعنى مستخدما مصطلح )‪.(somology‬‬
‫حيث قسم ادراتسة المعنى إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪ -1‬الدراتسة الوظيفية‪.‬‬
‫‪ -2‬الدراتسة اليتمولوجية التي تعالج تطور المعنى التاريخي‪.‬‬
‫و قد تطورت الدراتسة الدللية حديثا ‪ ،‬عند الوربيين و ظهرت أتسماء مهمة مثل ‪ :‬أوجدن و ريتشاراد‬
‫اللذان أطخرجا مؤلفهما الشهير الذي عنوانه )‪ (the meaninig of meaning‬أي معنى المعنى عام‬
‫‪ 1923‬حيث وضعا نظرية للعلمات و الرموز‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫و في الدراتسات المريكية يمكن أن نذكر أتسماء مثل‪:‬‬
‫بلومفيلد الذي يقال أنه و أتباعه أراادوا إطخراج ادراتسة المعنى من مستويات الدراتسة اللغوية و أن‬
‫)السيمانتيك( ـ في رأيهم ـ تقع طخارج المجال الواقعي للغة ‪ ،‬أو هي على القل أضعف نقطة في الدراتسة‬
‫اللغوية ‪ ،‬مما أادى إلى إهمال المعنى و إن كانت تفسيرات أقوال بلومفيلد ل تعبر بدقة عما أرااد‪.‬‬
‫و ربما لم يراد العتبار لدراتسة المعنى )الدللة( في أمريكا في النصف الثاني من القرن العشرين و‬
‫طخاصة في التجاه التوليدي عند تشو مسكي‪.‬‬
‫و من المؤلفين العرب الذين اهتموا بعلم الدللة في العصر الحديث الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه ادللة‬
‫اللفاظ( حيث عالج في هذا الكتاب عدة قضايا منها ارتباط اللفاظ بمدلولتها – أقسام الدللة – العلقة‬
‫بين اللفظ و المعنى – اكتساب الدللة عند الطفل و الكبار – التطور الدللي‪.‬‬

‫المحاضرة رقم ‪6‬‬


‫أنواع المعنى‬

‫‪41‬‬
‫كثيرا ما يتحدث الباحثون عن أن معنى الكلمة يظل ضبابيا و شبه غامض طخارج تسياق الكلم ‪ ،‬بل إن‬
‫بعضهم نفى أن يكون للكلمة أي معنى طخارج السياق‪ .‬و إذا كان الرجوع إلى المعجم هو الوتسيلة – غالبا –‬
‫للبحث عن معنى الكلمة و رغم أنه يدون عاادة في المعاجم عداد من المعاني فان معظم الكلمات ل يمكن‬
‫الوقوف في معانيها عندما يذكر في المعجم‪.‬‬
‫و قد اطختلف الباحثون و تفاوتوا في حصر عداد المعاني المحتملة للكلمة ‪ .‬و كان الدكتور أحمد مختار عمر‬
‫)في كتابه علم الدللة ص ‪ 36‬و ما بعدها( ‪ .‬قد ذكر طخمسة أنواع ع‪ّ،‬دها أهم أنواع الدللة و هي‪:‬‬

‫‪ .1‬المعنى الاسااسي أو المركزي‪ :‬و هو العامل الرئيسي للتصال اللغوي‪.‬‬


‫و يشترط للمتكلمين بلغة واحدة أن يكونوا مشتركين في تصور هذا المعنى التساتسي الذي يتم من طخلله‬
‫التصور و نقل الفكار‪ .‬حيث تملك الكلمات ملمح معينة تميزها عن غيرها أو عن مضااداتها ‪ .‬فكلمة‬
‫)رجل( تتميز ببعض الخصائص المعنوية عن كلمة )امرأة( أو )ولد( و كلمة )عصفور( تتميز كذلك عن‬
‫كلمة )إوزة(‪ .‬إن هذا المعنى هو المعنى المعجمي للكلمة عندما تكون منفرادة‪.‬‬

‫‪ .2‬المعنى الضافي أو الثانوي ‪ :‬و هو المعنى الذي يزيد عن المعنى التساتسي و ل يكون يكتسب صفة‬
‫الثبوت‪ ،‬و إنما يتغير حسب أنواع الثقافات و الزمنة و الخبرات‪.‬‬
‫فإذا كانت كلمة )طفل( لها ملمح أتساتسية هي )‪ +‬إنسان ‪ +‬ذكر – بالغ( فان هناك معاني إضافية تتعلق‬
‫بكلمة طفل كلبس نوع من الثياب‪ ،‬البكاء و التأثر‪ ،‬عدم الخبرة‪.........‬‬
‫و كلمة الوالدة التي معناها التساتسي النثى التي ولدت الولد إل أن من معانيها الضافية الحنان و العطف‬
‫و الخوف على الوليد‪..........‬‬
‫و من المؤكد أن هذا المعنى مفتو ح و قابل للتغير مع ثبات المعنى الصلي‪.‬‬

‫‪ .3‬المعنى الاسلوبي‪ :‬إن أي قطعة لغوية تحمل طخصائص أتسلوبية تتعلق بمستوى اللغة المستعملة‬
‫‪،‬كاللغة الادبية أو العامية أو المبتذلة وكذلك بنوع البيئة و المستوى الجتماعي و العصر و لذا يلحظ أن‬
‫بعض الكلمات التي قد تبدو متراادفة هي في الحقيقة غير متطابقة المعنى تماما من حيث إادراك معانيها‬
‫الضافية و مثال ذلك ‪ :‬الزوجة في العربية فهي ) الحرم و الزوجة و المرأة أو المرة أو الدار أو الهل‬
‫أو الطخرى(‬
‫‪ .4‬المعنى النفسي‪ :‬و هو المعنى الخاص المتعلق بالفراد المتكلم الذي ل علقة له بالتداول بين الفرااد‬
‫حيث يعكس الفراد في أحااديثه معاني فرادية تتعلق بحالته النفسية الخاصة و كثيرا ما يظهر في كتابات‬
‫الادباء و الشعراء‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ .5‬المعنى اليحائي‪ :‬و هو ما تتركه بعض الكلمات من ظلل إيحائية )شفافية( طخاصة ‪.‬‬
‫و قد ذكر ألمان )أنظر أحمد مختار عمر( ثلثة أنواع لتأثيرات هذا المعنى و هي‪:‬‬
‫‪ -‬التأثير الصوتي‪ :‬مثل كلمة )صليل( لصوت السيف و )طخرير( لصوت المياه‪.‬‬
‫‪ -‬التأثير الصوتي‪ :‬و يمكن أن تمثل لذلك بالفعل الرباعي المضعف بالعربية )شلشل (‪.‬‬
‫‪ -‬التأثير الدللي‪ :‬و هو ما تتركه بعض المعاني الكثر شيوعا من المعاني التساتسية من أثر إيجابي على‬
‫المعنى الطخر‪ ،‬مثل المعاني المتعلقة بالجنس أو الموت أو قضاء الحاجة‪.‬‬

‫حصة تطبيقية حول أنواع المعنى ‪:‬‬


‫المطلوب ‪ :‬وضح الدللة المركزية والهامشية في النص التالي مبينا أهمية الدللة الهامشية في تعميق‬
‫المعنى ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫) نص لفدوى طوقان ويمكن للطالب أن يعتمد أي نص لشاعر حديث آطخر (‬

‫على أبواب يافا يا أحبائي‬


‫وفي فوضى حطام الدور‬
‫بين الرادم والشوك‬
‫وقفت وقلت للعينين ‪ :‬يا عينين‬
‫قفا نبك‬
‫على أطلل من رحلوا وفاتوها‬
‫تناادي من بناها الدار‬
‫وكان هناك جمع البوم والشبا ح‬
‫غريب الوجه واليد واللسان وكان‬
‫يحوم في حواشيها‬
‫يمد أصوله فيها‬
‫و كان المر الناهي‬
‫وكان ‪.....‬و كان‬
‫وغص القلب بالحزان‬

‫مناهج درااسة المعنى‬


‫نظرية السياق‪ :‬السياق اللغوي – السياق العاطفي – اسياق الموقف – السياق الثقافي‪.‬‬
‫ربما ارتبطت النظرية السياقية باللغوي النجليزي )فيرث( ‪ ،‬الذي ركز على الوظيفة الجتماعية للغة‬

‫‪44‬‬
‫و أتساتسها مفهوم تسياق الحال الذي يعرفه فيقول " هو جملة من العناصر المكونة للموقف الكلمي و من‬
‫ذلك شخصية المتكلم و السامع )المخاطب و المخاطب(‪ ،‬و تكوينهما الثقافي بالضافة إلى شخصيات من‬
‫يشهدون الكلم‪ ،‬غير المتكلم و السامع – إن وجدوا – و بيان ما لذلك من علقة بالسلوك اللغوي‪،‬‬
‫و العوامل و الظواهر الجتماعية ذات العلقة باللغة و السلوك اللغوي لمن يشارك في الموقف الكلمي‬
‫مثل حالة الجو‪ ،‬و الوضع السياتسي ‪،‬و مكان الكلم‪.‬‬
‫ومن هنا نعرف أن تسياق الحال تتشابك في ادللته عناصر كثيرة‪.‬‬
‫و أصحاب هذه النظرية يحدادون معنى الكلمة بأنه‪ :‬اتستعمالها في اللغة ‪ ،‬فالمعنى ل يظهر إل إذا كانت في‬
‫السياق‪ .‬و إذا أريد معرفة كلمة )ادللتها( فيجب وضعها في تسياقات مختلفة‪ ،‬لن الوحدات اللغوية‬
‫المجاورة لها ذات أهمية في تحديد معناها‪ ،‬فدراتسة معاني الكلمات تتطلب تحليل للسياقات و المواقف التي‬
‫تقع فيها لغوية أم غير لغوية ‪ .‬ويتعداد معنى الكلمة تبعا لتعداد السياقات التي تقع فيها ‪ ..‬يقول العالم اللغوي‬
‫)هرادر( ما معناه ‪ :‬إذا اعتقدنا أن للكلمة أكثر معنى واحد في تسياق واحد فنحن في حالة انخداع كبير‪،‬‬
‫و يقول مارتينيه‪" :‬طخارج السياق ل تتوفر الكلمة عن معنى"‪.‬‬
‫و من السياقات التي اقترحها الباحثون ما ذكرناه في البداية و ل بأس من ذكره ثانية‪ :‬السياق اللغوي –‬
‫السياق العاطفي – تسياق الموقف – السياق الثقافي و يكفي لتوضيح هذه السياقات أن نأتي بأمثلة لكل‬
‫تسياق منها‪:‬‬
‫‪ .1‬السياق اللغوي‪ :‬و نمثل له بلفظ )كلمة( صالح فنقول‪:‬‬
‫رجعت من السفر صالحا‪ ،‬أي تسالما معافى‬ ‫‪-‬‬
‫تجهزت جهازا صالحا‪ ،‬أي جيدا حسنا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تزواد المسافرون زاادا صالحا‪ ،‬أي كثيرا‪.‬‬
‫‪ -‬لشدن الحبل شدا صالحا ‪ ،‬أي )شديدا‪ ،‬قويا(‪.‬‬
‫‪ -‬وجدت في رحلتي صالحا ‪ ،‬أي نافعا‬
‫‪ -‬رزقني ال ولدا صالحا أي ‪ ،‬بارا مستقيما‬
‫و كلمة قرن مثل قد تعني حسب السياق ‪ :‬قرن الثور أو الخروف‪ ،‬أو القرن الفريقي أو القرن العشرين‬
‫أو قرن اللوبياء‪.‬‬
‫و كلمة ‪ good‬بالنجليزية ‪ ،‬فإذا ورادت مع كلمة رجل ‪ good man‬فهي تعني الناحية الخلقية و إذا‬
‫ورادت وصفا لطبيب فهي تعني التفوق في المهنة‪ ،‬و هكذا )ينظر أحمد مختار عمر ص )‪.(70- 60‬‬

‫السياق العاطفي‪ :‬وهو الذي يحداد ادرجة النفعال بين القوة و الضعف مثال الفرق بين الضغينة و الكره‬

‫‪45‬‬
‫و يمكن أن نستعمل كلمة )أحب( فنقول )أحب الشتاء( و أحب والدي فالسياق الكلمي بين المعنيين يفرق‬
‫بين المعنيين‪.‬‬
‫اسياق الموقف‪ :‬و مثاله قولنا )ال يسهل( فقد تكون بمعنى ادعني و ابتعد في موقف معين‪ ،‬و قد تكون‬
‫بمعنى الدعاء للمخاطب بأن يسهل ال له طريقه و عمله‪ ،‬و قد تكون بمعنى التستنكار لما يصدر عن‬
‫المخاطب من فعل‪.‬‬

‫السياق الثقافي‪ :‬و يمكن أن أمثل له بكلمة )الخط( ‪.‬‬


‫فهي عند الطالب أو التستاذ تعني الكتابة و حسنها أو عدم حسنها من الناحية الفنية ‪ ،‬أو نوع طخط من‬
‫طخطوط الكتابة عند الخطاطين أو ادروس الخط ‪ ،‬كالخط الكوفي‪ ،‬أو الرقعي أو الثلث أو غير ذلك‪.‬‬
‫و هي غير ذلك عند عامل الهاتف ‪ ،‬أو عند النجار‪ ،‬أو الفل ح أو العامل في وزارة النقل و المواصلت‪،‬‬
‫مثل طخط الحافلت‪ ،‬أو السكك الحديدية‪.‬‬

‫على أن السياق الثقافي قد يكون أوتسع من ذلك مع اتساع ادائرة التستعمال اللغوي‪.‬‬
‫أما أهم ميزات المنهج السياقي فهي‪:‬‬
‫أنه يجعل المعنى قابل للتحليل الموضوعي‪.‬‬
‫‪ .1‬لم يخرج في التحليل اللغوي عن ادائرة اللغة ‪ ،‬أي ادون الخروج عن ادراتسة العلقات اللغوية كما‬
‫فعل بعض الباحثين عندما أراادوا ادراتسة المعنى و شرحه في ضوء متطلبات غير لغوية‪.‬‬
‫أما ما واجهته نظرية السياق من انتقاادات فيتمثل في‪:‬‬
‫‪ .1‬أن نظرية السياق – كما جاء بها فيرث – )اهتمت بدراتسة المعنى في معزل عن مستويات البنية‬
‫اللغوية الطخرى(‬
‫‪ .2‬إن الحديث عن السياق – لتسيما في تسياق الموقف – كان غامضا و غير محداد نوعا ما‪.‬‬
‫‪ .3‬هذا المنهج قد ل يكون مفيدا لمن يبحث عن معنى كلمة ل يوضح السياق معناها‪.‬‬
‫و قد ركز بعض أصحاب هذه النظرية على السياق اللغوي‪ ،‬عندما اهتموا بما تسمي بالرصف و هو‬
‫علقة كلمة أو عدة كلمات بأطخر علقة شبه ملزمة فكلمة )النصهار( تلزم المعاادن مثل‪ :‬الحديد و‬
‫النحاس‬
‫و الذهب و الفضة و ل تلزم الجلد و الخشب‪.‬‬
‫و إذا كانت الكلمة قد تنتظم مع أكثر من مجموعة‪ ،‬و تقع في أكثر من تسياق لغوي فقد ظهر مصطلح‬
‫)الوقوع المشترك( أو مصطلح )احتمالية الوقوع(‬

‫‪46‬‬
‫و لذا ل بد من تبديل أنواع السياقات اللغوية أو وضع الكلمة في تسياقات مختلفة لصدار الحكام‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫فكلمة )نزل( لها تسياقات لغوية مختلفة مثل‪ :‬نزل المطر‪ -‬نزل إلى السوق – نزل عند رأي الجماعة –‬
‫نزل منزلة رفيعة في قومه‪...........‬‬

‫حصة تطبيقية حول نظرية اسياق الحال‬

‫‪47‬‬
‫النص الول‬
‫يقول ابن جني في باب ذكر علل العربية أكلمية هي أم فقهية ‪ " :‬نعم ‪ ،‬وقد يمكن أن تكون أتسباب التسمية‬
‫تخفى علينا لبعدها في الزمان عنا ‪ .‬أل ترى إلى قول تسيبويه ‪ :‬أو لعل الول وصل إليه علم لم يصل إلى‬
‫الطخر ‪ ،‬يعني أن يكون الول الحاضر شاهد الحال ‪ ،‬فعرف السبب الذي له ومن أجله ما وقعت عليه‬
‫التسمية ‪ ،‬والطخر لبعده عن الحال لم يعرف السبب للتسمية ‪ ،‬أل ترى إلى قولهم للنسان إذا رفع صوته ‪:‬‬
‫قد رفع عقيرته ‪ ،‬فلو ذهبت تشتق هذا ‪ ،‬بأن تجمع بين معنى الصوت ‪ ،‬وبين معنى ) ع ق ر ( لبعد عنك‬
‫وتعسفت ‪ .‬و أصله أن رجل قطعت إحدى رجليه‪ ،‬فرفعها على الطخرى‪ ،‬ثم صرخ بأعلى صوته فقال‬
‫‪ ".‬الناس‪ ،‬رفع عقيرته‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪66‬‬ ‫الخصائص‬

‫‪ :‬النص الثاني‬

‫يقول ابن جني معقبا على قول العرب "تسير عليه ليل " وهم يريدون ليل طويل‪..........‬وكأن هذا إنما‬
‫حذفت فيه الصفة لما ادل من الحال على موضعها ‪ ،‬وذلك أنك تحس في كلم القائل لذلك من التطويح‬
‫والتطريح ) التطويل والتفخيم والتعظيم ( ما يقوم مقام قوله طويل أو نحو ذلك ‪ .‬وأنت تحس هذا من نفسك‬
‫إذا تأملته و ذلك أن تكون في مد ح إنسان أو الثناء عليه فتقول ‪ :‬كان وال رجل ‪ .‬فتزيد في قوة اللفظ‬
‫" بال " وتتمكن في تمطيط اللم وإطالة الصوت بها وعليها أي رجل فاضل أو شجاعا أو كريما أو نحو‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫و كذلك تقول تسألناه فوجدناه إنسانا‪ ،‬وتمكن الصوت بإنسان وتفخمه فتستغني بذلك عن وصفه بقولك إنسانا‬
‫تسمحا أو جواادا أو نحو ذلك‪ .‬وكذا إذا ذممته أو وصفته بالضيق قلت تسألناه‪ ،‬وكان إنسانا ؟ تزوي وجهك‬
‫و تقطبه فيغني ذلك عن قولك ‪ ،‬إنسانا لئيما أو إنسانا لحزا ـ ضيق الخلق ـ أو مبخل أو نحو ذلك " ‪.‬‬

‫الخصائص ج ‪ 2‬ص ‪370‬ـ ‪371‬‬

‫التحليل‬

‫‪48‬‬
‫ـ يشير ابن جني في النص الول إلى ادور تسياق الحال في تحديد المعنى‪ .‬ونقصد بسياق الحال هنا ‪ ،‬كل ‪1‬‬
‫‪.‬الظروف الجتماعيةو النفسية‪....‬التي تحيط بالمتكلم‬
‫فالمعنى الجتماعي أعم من المعنى المعجمي‪ ،‬وهذا الطخير موجواد في المعاجم محداد‪ ،‬تعارف عليه الناس‪ ،‬أما‬
‫‪.‬المعنى الجتماعي فهو متعلق بمجموعة الظروف والمواقف المحيطة بالنسان‬
‫يوضح ابن جني هذه الظاهرة اللغوية بكلمة ) ع ق ر(‪ ،‬مميزا بين معناها المعجمي وهو الرجل المقطوعة‬
‫‪.‬ومعناها الجتماعي وهو الصوت‬
‫ويرجع السبب في هذا الطختلف إلى عدم علم الشخاص الذين لم يشاهدوا الواقعة بالظروف التي وقعت فيها‬
‫هذه الحاادثة‪ ،‬فربطوا بين تسماعهم للفظ )عقيرة( وارتفاع صوت الشخص‪ ،‬فتصوروا أن معنى رفع‬
‫‪ .‬عقيرته هي رفع صوته‪ ،‬وهو المعنى الجتماعي‬

‫ـ أما النص الثاني فيبين لنا فيه ابن جني بعض العناصر التي تلعب ادورا هاما في تحديد المعنى والتي ‪2‬‬
‫‪:‬تؤثر في فهم الحدث اللغوي على المستوى الجتماعي ‪ ،‬ونحدادها ب‬

‫أ ـ التنغيم ‪ :‬الذي يعرفه العلماء بأنه ‪ " :‬الرتفاع والنخفاض في ادرجة الجهر بالكلم " ‪ .‬فكل تغير‬
‫‪ .‬في ادرجة الجهر بالكلم يدل على معنى معين‬
‫وللتوضيح يضرب لنا ابن جني عدة أمثلة في النص ‪ ،‬فيقول أنه يمكننا حذف الصفة " طويل "في عبارة‬
‫تسير عليه ليل طويل " و الكتفاء بقولنا " تسير عليه ليل "‪ ،‬ويمكننا فهم معنى طويل في طريقة نطق "‬
‫‪ .‬كلمة " ليل " بالتطويل والتفخيم والتعظيم‬
‫ويمكننا أيضا إادراك معنى الثناء على شخص في عبارة " كان وال رجل " ‪ ،‬وذلك إذا زادنا في قوة لفظ‬
‫اتسم الجللة " ال " فنمطط اللم ونطيل الصوت بها فنفهم من هذه التغيرات الصوتية معنى ‪ :‬الشجاعة‬
‫‪ ........‬والكرم‬

‫‪:‬ب ـ تصرفات الناس أثناء كلمهم‬

‫يبرز ابن جني في آطخر النص عامل آطخر من عوامل تحديد المعنى ‪،‬وهو مرتبط بتصرفات الناس‬
‫وتعابير وجههم أثناء الكلم ‪ .‬فيقول عن عبارة تسألناه وكان إنسانا ! ‪ ،‬أننا نفهم في ذلك النسان معنى اللؤم‬
‫و البخل وضيق الخلق إذا كان الكلم مرتبطا بتغييرات محدادة ‪ ،‬تظهر على وجه المتكلم عند تلفظه بتلك‬
‫العبارة ‪ ،‬إذ نجده يزوي وجهه ويقطبه وكل ذلك يغنيه ـ حسب قول ابن جني ـ على أن يقول أنه إنسان لئيم‬
‫‪.....‬يتبين لنا من هذين النصين أهمية العنصر الجتماعي في تحديد المعنى‪ ،‬رغم ما تطرحه من صعوبات‬

‫‪49‬‬
‫عند وضعها لقواعد تحداد تلك الدللة الجتماعية‪ ،‬نتيجة تنوع العناصر الجتماعية والثقافية المحيطة‬
‫‪.‬بالقول‪ ،‬وصعوبة حصرها‬
‫وقد حاول "فيرث " ضبط تلك العناصر التي تصور أنها تساهم في تحديد المعنى على المستوى‬
‫‪ :‬الجتماعي وهي‬
‫أ ـ تصرفات المتكلم والسامع أثناء الحدث الكلمي‬
‫‪ .‬ب ـ الظروف المحيطة بالموقف‬

‫‪50‬‬
‫المحاضرة رقم ‪7‬‬
‫نظرية الحقول الدللية‬
‫لم تتبلور فكرة الحقول الدللية إل في العشرينات و الثلثينات من القرن العشرين على يد علماء‬
‫تسويسريين و ألمان ثم تطور السيمانتيك في فرنسا باتجاه طخاص حيث ركز ‪motore‬و أتباعه )‪(1953‬‬
‫على حقول تتعرض ألفاظها للتغيير و المتدااد و تعكس تطورا تسياتسيا و اقتصااديا و اجتماعيا هاما‪.‬‬
‫تبني هذه النظرية على المفهوم الحقلي‪ ،‬و هو المفهوم الذي يندرج تحته مجموعة من العناصر التي‬
‫تربطها علقة ما ‪ ،‬لن المفهوم قاعدة تصنيفية‪ ،‬تصنف من طخللها أشياء الكون و عناصره وفق قواعد‬
‫معينة ‪).‬ينظر أحمد مختار عمر ص ‪(38‬‬
‫و يعرف الدكتور عبد السلم المسدي الحقول الدللية بما يلي‪ " :‬أما الحقل الدللي لكلمة ما فتمثله كل‬
‫الكلمات التي لها علقة بتلك الكلمة‪ ،‬تسواء كانت علقة تراادف أو تضااد أو تقابل جزئي أو كلي‪.....‬فكل‬
‫مجموعة نسميها الحقل ‪ ،‬و الحقل هو المعنى العام الذي يشمل كل الوحدات )الحيوان هو الحقل الذي‬
‫تندرج فيه كل الحيوانات )المخلوقات التي فيها الحياة و الحركة("‪.‬‬
‫و تعتبر منهجية تحليل الحقول الدللية هي الكثر حداثة في علم المعاني )علم الدللة( فهي ل تسعى إلى‬
‫تحديد البيئة الداطخلية لمدلول الكلمات فحسب‪ ،‬و إنما إلى الكشف عن بيئة أطخرى تسمح بالتأكد من أن هناك‬
‫قرابة ادللية بين مدلولت عداد من الكلمات ‪ ،‬و ل تصنف هذه الطريقة مدلول الكلمات في حقول ادللية‬
‫مبنية على التراادف و التماثل فقط مثل‪ :‬طالب‪ ،‬تلميذ‪ .‬و إنما تكون كذلك مبنية على التضااد مثل الطويل ‪-‬‬
‫القصير‪ ،‬البيض – التسواد‪ ،‬الصغير‪ -‬الكبير‬
‫أو على علقة التدرج ‪ ،‬أو على علقة السبب بالمسبب‪.‬‬
‫بالضافة إلى ذلك فقد تكون العلقة في الحقل الدللي مبنية على الوزان الشتقاقية و التصنيفات النحوية‬
‫أو الحقول السنتجماتية ) وتسوف نفصل ذلك فيما بعد( ‪.‬‬
‫إن هذا التحليل الولي للحقول الدللية تتبعه امتداادات فمن جهة‪:‬‬
‫‪ -‬التقابل الكلي‪ :‬ليل ‪ /‬نهار‬
‫‪ -‬التقابل الجزئي‪ :‬يوم ‪ /‬نهار‬
‫‪ -‬التدرج‪ :‬هزيل ‪ /‬ضامر ‪ /‬أعجف‪ ،‬والمرأة ‪ :‬ربحلة ـ تسبحلة ـ ضناك ـ عفضاج‬
‫‪ -‬السبب و المسبب‪ :‬تسحاب ‪ /‬مطر‪.‬‬
‫إن أصحاب هذه النظرية )نظرية الحقول الدللية( يذهبون إلى أن فهم معنى كلمة ما يقتضي فهم مجموعة‬
‫الكلمات التي ترتبط بها ادلليا ‪ ،‬و لذا يعرف أحد العلماء معنى الكلمة بأنه محصلة علقاتها بالكلمات‬
‫الطخرى اداطخل الحقل الدللي و المعجم‪) .‬ينظر‪ :‬ليون‪ ،‬الحقول الدللية ص ‪ 22‬عن أحمد مختار عمر‪ .‬علم‬

‫‪51‬‬
‫الدللة ص ‪ .(79‬و هدف التحليل في هذه النظرية هو جمع كل الكلمات التي تخص حقل معينا و الكشف‬
‫عن صلتها الواحدة بالطخرى ‪ ،‬و صلتها بالمصطلح العام )ينظر السابق ليون ص ‪.(1‬‬
‫و هناك جملة من المباادئ تتعلق بهذه النظرية )ذكرها أحمد مختار عمر ص ‪ (80‬هي‪:‬‬
‫‪ .1‬ليست هناك وحدة )لغوية معجمية( تنتمي إلى أكثر من حقل‬
‫‪ .2‬ليست هناك وحدة معجمية ل تنتمي إلى حقل معين‬
‫‪ .3‬ل يصح إغفال السياق الذي تراد فيه الكلمة‪.‬‬
‫‪ .4‬يستحيل أن تدرس المفرادات مستقلة عن تركيبها النحوي‪.‬‬
‫و هذا ل يعني تسهولة تصنيف الكلمات في حقول ادللية‪ ،‬فقد يستعصي أحيانا إادراج بعض الكلمات في‬
‫حقل ادللي معين و لهذا تبدو مشكلة تصنيف المعجمات وفقا للحقول الدللية مستعصية الحل‪ ،‬و يظهر‬
‫ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬صعوبة حصر الحقول الدللية ‪ ،‬أو المفاهيم الموجوادة في اللغة و تصنيفها ‪.‬‬
‫‪ .2‬صعوبة التمييز بين الكلمات التساتسية ‪ ،‬و الكلمات الهامشية اداطخل الحقل ن فالكلمة التساتسية هي‬
‫الوحدة المعجمية المفرادة‪ ،‬و ل يمكن التنبؤ بمعناها من طخلل معنى أجزائها فقد يعتمد التمييز على‬
‫التستقراء و الحصاء للكلمات الكثر اتستعمال‪.‬‬
‫‪ .3‬صعوبة تحديد العلقات بين الكلمات اداطخل الحقل و العلقات هي‪ :‬التراادف – الشتمال – التضااد –‬
‫التنافر‪ . (...‬و التضااد منه الحااد مثل‪ :‬ميت‪/‬حي ‪ .‬و المتدرج مثل‪ :‬تساطخن‪/‬باراد و المتعاكس مثل‪:‬‬
‫باع‪/‬اشترى‪.‬‬
‫كما أنه من الصعب وضع الحقول الدللية لعداد كبير من الكلمات ‪ ،‬فل نستطيع أن نقول إن هذا المر‬
‫ينتمي إلى حقل ادللي معين )النسر( الذي ينتمي إلى حقل )الطيور( أو حقل الجوار ح أو حقل الطيور غير‬
‫الليفة فهناك تداطخل في الحقول الدللية‪.‬‬
‫كما أن الحقول الدللية ليست مغلقة بل هي مفتوحة‪ ،‬و يضاف إليها ادائما‪.‬‬
‫لن التطور الجتماعي يؤثر على المعاجم‪ ،‬و يمكن التمثيل لذلك بحقل وتسائل النقل و المواصلت مثل‬
‫)حمار‪ ،‬جمل‪ ،‬عربة‪ ،‬تسيارة‪ ،‬طائرة‪ ،‬تسفينة فضاء‪.(..........‬‬
‫و قد تنقرض أو تنزوي بعض الوحدات المعجمية لتفسح المجال لوحدات أطخرى في التستيرااد إذ عندما‬
‫تظهر لفظة جديدة بواتسطة التوليد أو القتراض أو غير ذلك فان مدلول هذه الوحدة الجديدة يبنى على‬
‫حساب مدلول الوحدات السابقة التي تفقد جزءا من ادللتها عندئذ‪.‬‬
‫و هكذا تقع هذه الوحدة الجديدة في السياقات و الحقول التي كانت تقع فيها الوحدات السابقة مثل‪ :‬المحراث‬
‫اليدوي ‪ /‬التراكتور‪.......‬و إن كانت قد تتعايش معها لفترات طويلة‪......‬‬

‫‪52‬‬
‫و إن كانت الصعوبة تتعلق بتصنيف المفاهيم ‪ ،‬فقد وضع الباحثون أتسسا يمكن بها تصنيف المفاهيم في‬
‫حقول بعد أن حدادوا المفهوم بأنه قاعدة معرفية‪ ،‬يم‪ّ،‬كن الفراد من تحديد صفة تصنيفية معينة و قد أشار‬
‫بعضهم )تشو مسكي( إلى مجموعة من المثلة‪.‬‬
‫إن مجموعة الملمح المشتركة بين كرتسيين بالرغم من طابعيهما المختلفين تكون التفريق الصحيح‬
‫للمداول )كرتسي( ‪.....‬في الفرنسية مثل‪ ،‬وهذه الملمح هي‪:‬‬
‫بظهر – على قدم‪ ،‬لشخص واحد‪ ،‬للجلوس‪ ،‬بمساند‪ ،‬من ماادة صلبة )طخشب(‪ ،‬هذه هي الملمح الخاصة‬
‫للكرتسي‪،‬و بالمقارنة مع الريكة نجد أنها‪ :‬للنوم و ليست للجلوس فهناك طخاصية تميزها عن الكرتسي‪.‬‬
‫و هكذا فان الخصائص التي اكتشفت بشكل مستمر تعطي للكرتسي مميزاته الدللية المركبة‪.‬‬
‫إن هذا التحليل الولي تتبعه امتداادات فمن جهة إذا قارنا هذا التمييز الدللي واضعين في العتبار مدلول‬
‫معينا مع مميزات ادللية مركبة مجاورة جامعة تقريبا فإننا نتوصل إلى تعيين تلك الميزات الدللية‬
‫المركبة التي يعين غيابها كل واحد من العناصر التي تنتمي إلى حقل ادللي واحد‪.‬‬
‫و فيما يلي جدول يبين المميزات الدللية المركبة المميزة لخمسة عناصر في حقل الكرتسي‪:‬‬

‫م‪6‬‬ ‫م‪5‬‬ ‫م‪4‬‬ ‫م‪3‬‬ ‫م‪2‬‬ ‫م‪1‬‬


‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫كرتسي‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫متكأ‬
‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫اتسكملة‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫أريكة‬
‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ادشكة‬
‫من ماادة‬ ‫بمساند‬ ‫للجلوس‬ ‫لشخص‬ ‫على قدم‬ ‫بظهر‬ ‫المميزات‬
‫صلبة‬ ‫واحد‬

‫و في أطروحة قدمها الدكتور حسن عبد الكريم بعنوان )الموضوعية البنوية – ادراتسة في شعر السياب(‬
‫تبين أن أكبر الحقول الدللية التي ورادت في شعر السياب هي حقل الحب ‪ ،‬و حقل الموت ‪ ،‬وحقل الحياة‪،‬‬
‫وحقل اللون‪....‬بالضافة إلى حقل الصيغ الصرفية مثل فعلل‪.‬‬
‫ففي حقل الموت تكررت لفظة الموت ‪ 93‬مرة ‪.......‬ومن اللفاظ الطخرى في هذا الحقل‪ :‬الحمام‪ ،‬اللحد‪،‬‬
‫الرمس‪ ،‬الجدث‪ ،‬الضريح‪ ،‬الشاهد‪ ،‬الجنازة النعش‪ ،‬التابوت الجثة‪ ،‬الرفات‪ ،‬الدفن‪ ،‬المواراة‪ ،‬الجثمان‪،‬‬
‫الجبانة‪ ،‬النزع‪ ،‬النفر‪ ،‬المنية‪ ،‬الحتف‪ ،‬الرادى‪ ،‬الهلك‪ ،‬الفناء‪ ،‬الحتضار‪.‬‬
‫أما حقل الحياة فوراد فيه ‪ :‬الحياة ‪ 184‬مرة و فيه‪ :‬العيش‪ ،‬الخلواد‪ ،‬الولادة‪ ،‬البعث‪ ،‬النشور‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫و أما حقل اللون فقد وراد منه ما يلي ‪ :‬أتسواد ‪ 67‬مرة و منه أيضا ‪ :‬أبيض‪ ،‬أحمر‪ ،‬قان‪ ،‬أرجواني‪ ،‬أكحل‪،‬‬
‫أزرق‪ ،‬أتسمر‪ ،‬أطخضر‪،‬أصفر‪ ،‬أشقر‪ ،‬أغبر‪ ،‬طخضيب‪..........‬‬
‫و يقال ‪ :‬إن تسوتسير كان هو الس‪ّ،‬باق إلى طر ح المجالت الدللية حيث أشار إلى أن الدليل يمكن أن يخضع‬
‫إلى نوعين من العلقات المترابطة‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ علقات مبنية على الصيغة‪ ،‬فكلمة )تعليم( توحي بكلمات مثل‪ :‬ع‪ّ،‬لم – علم ‪ -‬معلم‬
‫‪ 2‬ـ علقات مبنية على المعنى والمدلول ‪ ،‬فكلمة تعليم توحي بكلمات مثل ‪ :‬تربية ‪،‬تكوين ‪ ،‬تنشئة ‪،‬‬
‫رعاية‪.‬‬
‫و قد طر ح جورج منان قضية الحقول الدللية بدقة بقوله " هل يمكن ـ من الوجهة النظرية ـ بناء على‬
‫هيكلة مجموعة مكونة من عداد غير متناه من الوحدات‪ ،‬كوحدات المعجم اللغوي‪ ،‬و هل يمكن على نحو‬
‫أكثر شمولية و ادقة القيام بذلك بالنسبة إلى مجموعة الظواهر اللغوية التي تتوفر على معنى"‬
‫و يفهم من هذا الكلم أن مونان يشكك في إمكانية وضع الحقول الدللية لكلمات كثيرة ‪ ،‬حيث يرى أن‬
‫ذلك من الصعوبة بمكان‪........‬‬
‫و هذا ما كنا قد أشرنا إليه عندما مثلنا بكلمة ) النسر( و إلى أي حقل ادللي يمكن أن تنتمي حيث تتداطخل‬
‫الحقول الدللية‪.‬‬
‫كما أشرنا إلى أن الحقول الدللية مفتوحة و ليست مغلقة و م‪ّ،‬ثلنا لذلك بوتسائل النقل )الحمار‪ ،‬العربة‪،‬‬
‫السيارة‪(...........‬‬
‫و لذا فانه لضبط طخصائص العلقات القائمة اداطخل حقل من الحقول فان الكيفية المعتمدة متمثلة في تحليل‬
‫الوحدات إلى صفات‪ ،‬فالوحدات المنتمية إلى النظام الدللي نفسه تتوفر كلها على صفة مشتركة واحدة‬
‫على القل و هي الصفة المحدادة للحقول‪.‬‬
‫و تختلف بعضها عن بعض بصفة واحدة على القل و حينئذ فان المظهر الصوري للتحليل تسيسمح‬
‫بالوقوف على العلقات و الطختلفات الموجوادة ‪ ،‬و من مكونات الحقل ‪ ،‬و نوضح ببعض المثلة أيضا‪:‬‬
‫‪ .1‬ادراجة نارية‪ :‬صفاتها‪:‬‬
‫بعجلتين لشخصين على الكثر‪ ،‬تنتقل بمحرك‪ ،‬لها فرامل‪ ،‬مقواد من الجانبين‪.‬‬
‫‪ .2‬الحافلة‪ :‬صفاتها‪:‬‬
‫تنتقل بمحرك أربع عجلت على القل‪ ،‬الركاب أكثر من ثمانية‪ ،‬المقواد ادائري‪ ،‬فرامل زيتية‪،‬‬
‫مخطاف‪......‬‬
‫‪ .3‬تسيارة‪ :‬صفاتها‪:‬‬
‫تنتقل بمحرك‪ ،‬أربع عجلت‪ ،‬مقواد ادائري‪ ،‬عداد الركاب ل يقل عن أربعة و ل يزيد عن تسبعة بفرامل‬
‫زيتية‪ ،‬مغطاة‪.........‬‬

‫‪54‬‬
‫و لو ادرتسنا هذه الخصائص المعنوية لوتسائل النقل السابقة لوجدنا أنها تختلف في بعض الخصائص‬
‫و تتفق في أطخرى‪.‬‬
‫و لهذا نجد أن أبا هلل العسكري قد تناول الفروق في اللغة في كثير من الكلمات التي توهم الناس أنها‬
‫متراادفة فأشار إلى ما بينها من فروق ادقيقة ‪ ،‬رغم انتظامها في حقل ادللي واحد‪.‬‬
‫و بقي أن نعواد إلى توضيح مفهوم الحقول السنتجماتية التي تشمل الكلمات التي تترابط عن طريق‬
‫التستعمال ‪ ،‬ادون أن تقع في الموقع النحوي ذاته‪............‬‬
‫فكلمات مثل كلب ‪ /‬نبا ح‪ ،‬فرس ‪ /‬صهيل‪ ،‬زهر ‪ /‬يتفتح‪ ،‬طعام ‪ /‬يقدم‪......‬أشقر ‪ /‬شعر‪ ،‬يسمع ‪ /‬أذن‪....‬‬
‫)ينظر أحمد مختار عمر ص ‪.(81‬‬
‫و بعضهم يقسم العلقات بين كلمات الحقل السنتجماتي إلى‪:‬‬
‫‪ .1‬الوقوع المشترك مثل في النجليزية ‪ travel by foot‬أو ‪.go by foot‬‬
‫و ‪run by foot‬‬ ‫‪ .2‬التنافر مثل ‪walk by foot‬‬
‫معجم الحقول الدللية‪:‬‬
‫أادت نظرية الحقول الدللية إلى وضع يعتمد كافة الحقول الدللية في اللغة و تقدم فيه المفرادات اداطخل كل‬
‫حقل‪.‬‬
‫و ربما كان أشهر معجم أوربي مبكر صنف على أتساس الموضوعات هو المعجم الذي وضعه ‪Roget‬‬
‫لكلمات اللغة النجليزية و عباراتها‪ ،‬الذي ذكر في مقدمة هذا المعجم إلى أنه مرتب ليس على حساب‬
‫النطق و ل الكتابة و إنما حسب المعاني‪.‬‬
‫و لعل أحدث معجم يعتمد نظرية الحقول الدللية هو المعجم الذي عنوانه ‪Greek New Testament‬‬
‫و ل بد من الملحظة هنا إلى أنه كان للعرب أتسبقية في ميدان المعاجم المعنوية ابتداء من رتسائل‬
‫الموضوعات التي وضعها جامعو اللغة الول‪.‬‬
‫و يقوم عمل معجم مصنف للمفاهيم على أتساتسين‪:‬‬
‫‪ .1‬وضع قائمة بمفرادات اللغة ‪.‬‬
‫‪ .2‬تصنيف هذه المفرادات حسب المجالت أو المفاهيم التي تتناولها‪.‬‬
‫و كان )أولمن( قد قسم الحقول الدللية إلى ثلثة أنواع )عن أحمد مختار عمر ص ‪. (107‬‬
‫‪ .1‬الحقول المحسوتسة المتصلة‪ :‬و المثال على ذلك نظام اللوان إذ أن مجموعة اللوان امتدااد متصل من‬
‫الممكن تقسيمه بطرق مختلفة‪ ،‬و تختلف اللغات في ذلك التقسيم‪.‬‬
‫‪ .2‬الحقول المحسوتسة ذات العناصر المنفصلة كنظام العلقات التسرية‪ ،‬و هي أيضا يمكن أن تصنف‬
‫وفق معايير مختلفة‪.‬‬
‫‪ .3‬الحقول التجريدية و تمثلها اللفاظ الخاصة بالمعاني الفكرية غير المحسوتسة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫حصة تطبيقية حول نظرية الحقول الدللية‬
‫الحقل الدللي أو المعجمي هو مجموعة من الكلمات التي ترتبط ادللتها ‪ ،‬وتوضع عاادة تحت لفظ عام‬
‫" يجمعها ‪ ،‬مثل الكلمات الدالة على اللوان في اللغة العربية ‪. .‬فهي تقع تحت مصطلح عام هو " اللون‬
‫‪ .‬وتضم ألفاظا مثل‪ :‬الحمر ‪ ،‬الزرق ‪ ،‬الصفر ‪ ،‬الطخضر ‪ ،‬البيض‬
‫من هنا يعرف " لينز " معنى الكلمة بأنه " محصلة علقاتها بالكلمات الطخرى اداطخل الحقل المعجمي " ‪.‬‬
‫والهدف من التحليل للحقول الدللية هو جمع كل الكلمات التي تخص حقل معينا‪ ،‬والكشف عن صلتها‬
‫‪:‬الواحد منها بالطخر‪ ،‬وصلتها باللفظ العام و ل تخرج هذه العلقات في أي حقل معجمي عن‬
‫) ـ التراادف‪ :‬يكون ) أ( و ) ب ( متراادفين إذا كان ) أ( يتضمن ) ب ( و )ب ( يتضمن ) أ ‪1‬‬
‫‪.‬ـ الشتمال‪ :‬وهي أهم العلقات ‪ ،‬و يختلف عن التراادف في أن التضمن يكون من طرف واحد ‪2‬‬
‫‪ .‬يكون) أ( مشتمل على) ب( حين يكون) ب( أعلى في التقسيم التصنيفي أو التفريعي‬
‫ـ علقة الجزء بالكل ‪ :‬مثل علقة اليد بالجسم ‪ ،‬والفرق واضح بينها وبين علقة الشتمال ‪ ،‬فاليد جزء ‪3‬‬
‫‪ .‬من الجسم وليس نوعا منه‬
‫‪.‬ـ التضااد‪ :‬أ ـ في النقيض‪ :‬حي ‪ /‬ميت ‪4‬‬
‫ب ـ التضااد المتدرج ‪ :‬مثل ‪ :‬غال ‪ /‬حار ‪ /‬ادافئ ‪ /‬معتدل ‪ /‬مائل للبروادة ‪ /‬باراد ‪ /‬قارس ‪/‬‬
‫‪ .‬متجمد‬
‫‪ .‬ج ـ العكس‪ :‬باع ‪ /‬اشترى‬
‫اد ـ التضااد التجاهي ‪ :‬أعلى ‪ /‬أتسفل ‪ ،‬يصل ‪ /‬يغاادر‬

‫‪:‬تمرين تطبيقي‪ :‬صنف هذه الكلمات في حقل ادللي مبينا نوع العلقات‬
‫الجمبري ‪ ،‬قرش ‪ ،‬هدهد ‪ ،‬رجل ‪ ،‬كلب ‪ ،‬تسوتسن ‪ ،‬بعوض ‪ ،‬حمام ‪ ،‬امرأة ‪ ،‬عصفور ‪ ،‬كاميليا ‪،‬‬
‫بلبل ‪ ،‬ذباب ‪ ،‬لوتس ‪ ،‬ياتسمين ‪ ،‬ولد ‪ ،‬تبن ‪ ،‬حصان ‪ ،‬نمل ‪ ،‬بقرة‪ ،‬بنت ‪ ،‬الصنوبر ‪ ،‬حنكليس ‪ ،‬زعتر ‪،‬‬
‫الزيتون‬
‫‪.‬كركدن‪ ،‬السلق ‪ ،‬صقر‬

‫‪56‬‬
‫‪:‬الجابة‬
‫المخلوقات الحية‬

‫إنسان‬ ‫حيوان‬ ‫نبات‬

‫بالغ‬ ‫طفل‬ ‫ثديي‬ ‫طائر‬ ‫تسمك‬ ‫حشرة‬ ‫عشب‬ ‫شجر‬ ‫زهر‬

‫رجل‬ ‫ولد‬ ‫كلب‬ ‫حمام‬ ‫بعوض جمبري‬ ‫تسوتسن صنوبر تبن‬


‫امرأة‬ ‫بنت‬ ‫عصفور حصان‬ ‫ذباب قرش‬ ‫لوتس الزيتون زعتر‬
‫كركدن‬ ‫هدهد‬ ‫حنكليس‬ ‫نمل‬ ‫تسلق‬ ‫ياتسمين‬
‫بقرة‬ ‫زرزور‬
‫بلبل‬
‫صقر‬
‫فالعلقات في هذا التشجير هي علقة اشتمال ‪ ،‬حيث تشتمل المخلوقات الحية على مجموعة من‬
‫المفاهيم ‪ ،‬هذه الطخيرة تشتمل على مفاهيم فرعية طخاصة بها ‪ ،‬وهكذا ادواليك ‪ .‬كما نجد علقة التضااد بين‬
‫ولد‪/‬بنت‬

‫‪57‬‬
‫المحاضرة رقم ‪08‬‬
‫النظرية التحليلية‪.‬‬
‫تعتمد النظرية التحليلية ادراتسة المعنى من طخلل تحليل الكلمات ضمن كل حقل ادللي و بيان العلقات بين‬
‫معانيها و كذلك تحليل كلمات المشترك اللفظي و تحليل المعنى الواحد إلى عناصره التكوينية المميزة‪.‬‬
‫أول‪ :‬تحليل كلمات المشترك اللفظي‪:‬‬
‫كل معنى للكلمة يمكن تحديده عن طريق المتابعة من المحداد النحوي إلى المحداد الدللي إلى المميز مثال‬
‫ذلك )كما جاء في كتاب علم الدللة لحمد مختار عمر ص ‪ 115‬عن مقال لكتز و فوادر(‬
‫‪Bachelor‬‬

‫اتسم‬

‫)إنسان(‬ ‫)حيوان(‬

‫) ذكر(‬ ‫]من يحمل الشهاادة‬ ‫)ذكر(‬


‫الجامعية الولى[‬

‫]أعزب[‬ ‫]فارس صغير يخدم‬ ‫]حيوان بحري بدون‬


‫تحت فارس اكبر[‬ ‫أنثاه وقت الطخصاب[‬

‫حيث أن المعاجم تعطي لكلمة )‪ (bachelor‬المعاني التالية‪:‬‬


‫‪ .1‬فارس صغير يخدم تحت فارس آطخر‪.‬‬
‫‪ .2‬حامل الشهاادة الجامعية الولى‪.‬‬
‫‪ .3‬الرجل العزب‬
‫‪ .4‬حيوان بحري بدون أنثاه طخلل فترة الطخصاب‪.‬‬
‫فالمحور النحوي ‪ /‬اتسم ‪ /‬كان طخارج القواس و المحداد الدللي و هو الموضوع بين هللين ‪ ،‬و المميز‬
‫و هو الذي وضع بين معقوفتين‪.‬‬
‫و قد يحداد المحداد الدللي بين عنصرين مختلفين في الجنس مثل‪ :‬بنت ‪ /‬ولد ‪ -‬بقرة ‪ /‬ثور‪.‬‬
‫فكلمة ولد لها المحدادات الدللية‪ :‬اتسم – حي – إنسان – ذكر – صغير السن‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫و تمتلك كلمة )بنت( العناصر نفسها عدا )أنثى( بدل )ذكر(‪.‬‬
‫تحليل المعنى إلى عناصر تكوينية‬
‫و يعتبر هذا النوع من التحليل امتداادا لنظرية الحقول الدللية حيث يلجأ الباحث إلى اتستخلص أهم‬
‫الملمح التي تجمع كلمات الحقل من ناحية و التمييز بين أفرااده من جهة أطخرى‪.‬‬
‫أما الخطوات الجرائية لهذا التحليل فهي‪:‬‬
‫‪ .1‬اتستخلص مجموعة من المعاني تشكل مجال ادلليا طخاصا نتيجة تقاتسمها عناصر تكوينية‬
‫مشتركة )أب‪ ،‬أم‪ ،‬ابن‪ ،‬بنت‪ ،‬أطخت‪ ،‬عم‪) (..........‬كائن بشري يتصل بالطخر عن طريق الدم أو‬
‫المصاهرة(‪.‬‬
‫‪ .2‬تقرير الملمح التي تستخدم لتحديد المحتويات التي تستعمل للتمييز )الجنس – الجيل – النحدار‬
‫و المباشرة و قرابة الدم و المصاهرة(‪.‬‬
‫‪ .3‬تحديد المكونات التشخيصية لكل معنى على حدة – فمعنى )أب( يتميز بملمح أو مكونات – كذا‬
‫و كذا ‪.-‬‬
‫‪ .4‬وضع الملمح إما في شكل مشجر أو شكل جدول‪.‬‬

‫ابن‬
‫ابنة‬ ‫ابن‬ ‫أطخت‬ ‫أخ‬ ‫عمة‬ ‫عم‬ ‫أم‬ ‫أب‬ ‫المكونات‬
‫العم‬
‫الشخصية‬
‫ذكر‬
‫ذ‬ ‫ث‬ ‫ذ‬ ‫ث‬ ‫ذ‬ ‫ث‬ ‫ذ‬ ‫ث‬ ‫ذ‬ ‫الجنس‬
‫أنثى‬
‫‪1+‬‬
‫نفسه‬ ‫‪1-‬‬ ‫‪1-‬‬ ‫نفسه‬ ‫نفسه‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1-‬‬ ‫الجيل‬
‫نفسه‬
‫مباشر‬
‫‪2+‬‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫‪1+‬‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫‪1+‬‬ ‫التصال‬
‫‪1-‬‬
‫ادم ‪ :‬م‬
‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫اد‬ ‫القرابة‬
‫مصاهرة ‪ :‬ص‬

‫‪59‬‬
‫)ينظر أحمد مختار عمر‪ .‬علم الدللة ص ‪(123‬‬

‫كان ذلك مختصرا لهذه النظرية و يستحسن الرجوع إلى كتاب علم الدللة لحمد مختار عمر للوقوف‬
‫على التفاصيل و العديد من المثلة و التطبيقات‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫حصة تطبيقية حول النظرية التحليلية‬

‫هذه النظرية تتبع نظرية الحقول الدللية ‪ ،‬فنجد مثل أننا لم نبين الملمح الدللي لكلمة )ولد( ـ في المشجر‬
‫المعطى في تطبيقات نظرية الحقول الدللية ‪ ،‬إذ اكتفينا لتحديد معناها بتوضيح علقاتها الدللية مع باقي‬
‫‪ .‬الكلمات ـ لكن النظرية التحليلية تستساعد على النظر في ادللة الكلمة ‪ ،‬بحصر مكوناتها الدللية‬
‫‪ :‬تدرس هذه النظرية المعاني بشكل متدرج‬
‫أ ـ أحلل كلمات الحقول الدللية‬
‫ب ـ أحداد الكلمات المشتركة أو المتراادفة‬
‫ج ـ أحلل المعنى إلى عناصره التكوينية المميزة فاللغوي يجمع هنا بين نظرية الحقول الدللية وعلم‬
‫‪ ....‬الصوات في تحليلها لكل حرف إلى صفاته المميزة ‪ ،‬مثل قولنا ‪ ] :‬ب [‪ :‬شفوي ‪ ،‬مجهور ‪ ،‬انفجاري‬
‫فالهدف من هذه النظرية هو الوصول إلى نظرية تكون قاادرة على توضيح معاني الكلمات‪ ،‬وتحديد‬
‫العلقات فيما بينها‬
‫تمرين تطبيقي ‪ :‬حداد معنى الكلمات التالية ‪ ،‬مبينا مكوناتها ‪ ،‬انطلقا من النظرية التحليلية ) مستعينا‬
‫‪ ) :‬بما قدم في ادرس المحاضرة‬
‫الكلمات هي ‪ :‬عرق ‪ ،‬وتين ‪ ،‬أطخدع ‪ ،‬أبجل ‪ ،‬نسا‬

‫نسا‬ ‫أبجل‬ ‫أخدع‬ ‫وتين‬ ‫عرق‬ ‫الكلمة‬


‫المكون‬
‫الدللي‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫أنبوب يجري في الد م‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫يكون في القلب‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫يكون في العنق‬
‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫يكون في الذراع‬
‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫يكون في الساق‬

‫‪:.‬تمرين‬
‫يقول الثعالبي ‪ ":‬إذا كان في طعم الشيء كراهة ومرارة وحفوف كطعم الهليلج و ما أشبهه فهو بشع ‪،‬‬
‫فإذا كانت فيه بشاعة وقبض وكراهة كطعم العفص فهو عفص ‪ ،‬فإذا لم تكن له حلوة محضة ول‬

‫‪61‬‬
‫حموضة طخالصة ول مرارة صاادقة فهو تفه ‪ ،‬فإذا كانت فيه حراوة وحرارة ‪ ،‬كطعم الفلفل فهو حامر ‪،‬‬
‫" فإذا لم يكن له طعم فهو مسيخ أو مليخ‬
‫فقه اللغة وتسر العربية ص ‪459‬‬
‫‪.‬المطلوب ‪ :‬حداد معاني الكلمات الموجوادة في النص التالي متبعا نفس المنهج التحليلي مع التمرين السابق‬

‫‪62‬‬
‫المحاضرة رقم ‪9‬‬
‫تغيير المعنى )التطور الدللي(‬

‫انطلقا من أن قائمة اللفاظ )الكلمات( منتهية مهما كثرت ‪ ،‬و أن المعاني قائمة مفتوحة غير محدوادة فان‬
‫تطور معاني الكلمات أو تغييرها و انتقالها أظهر ما يكون في تطور النظام اللغوي في جميع مستوياته‪.‬‬
‫الصوتية و الصرفية و النحوية التي قد تكون شبه ثابتة إلى حد بعيد‪ ،‬و هذا ل يعني أن التطور في صورة‬
‫الكلمات غير واقع و لكنه يظل أقل بكثير من التطور في الجانب الدللي و هو ظاهرة شائعة في كل‬
‫اللغات و ذلك لن العوامل الجتماعية و التغيرات الحياتية التي تواكبها اللغات تفرض ذلك‪ .‬و لنمثل لذلك‬
‫بما يلي )ينظر إبراهيم أنيس‪ .‬ادللة اللفاظ ص ‪ ،124‬فيما نقله عن كتاب اللغة لبلومفيلد ص ‪.(429‬‬
‫كثيرا ما نطلق اليوم اتسم أو لقب )قيصر( على كل حاكم عظيم أو جبار لنه كان اتسم علم لحد أباطرة‬
‫الرومان )يوليوس قيصر( و قد اشتق هذا التسم من فعل لتيني معناه يقطع أو يشق‪ .‬لن ذلك المبراطور‬
‫قد ولد بعملية شق البطن فأطلق عليه هذا التسم‪ ،‬و ل زلنا نقول )عملية قيصرية( عن عملية الولادة التي‬
‫تجرى بشق البطن‪.‬‬
‫و قد أوراد الدكتور إبراهيم أنيس أيضا عداد من الكلمات المستعملة في عاميتنا التي انحدرت من أصل‬
‫عربي فصيح من ذلك‪ :‬كلمة )البغدادة( التي تعني التدلل‪ ،‬و ربما اقتصر اتستعمالها على وصف المرأة‬
‫بهذه الصفة‪ ،‬و قد جاءت من اتستعمال قديم هو " تبغداد الرجل أي انتسب إلى بغدااد و أهلها" ‪ ،‬أي أصبح‬
‫متحضرا راقيا في تسلوكه‪ ،‬لن نظرتهم إلى بغدااد حينئذ كانت كنظرة بعضنا اليوم إلى المدن الوربية‪.‬‬
‫و من ذلك أن )طول اليد( كان قديما وصفا للسخاء و الكرم ‪ ،‬و أصبح اليوم يعبر عن السرقة‪.‬‬
‫و لعل موضوع الحقيقة و المجاز هو الذي يتصل بهذا التطور الدللي‪ .‬و قد وصف القدماء الحقيقة بأنها‬
‫الدللة الصلية للفظ أي ادللة الوضع الول ‪،‬و أن المجاز هو المعاني الطخرى التي قد تكون للفظ غير‬
‫ذلك المعنى الصلي‪.‬‬
‫و قد اطختلف العلماء في ذلك فمنهم من أصر على أن الكلم كله حقيقة في حين يرى آطخرون أنه كله مجاز‬
‫بالضافة إلى من يرى أن بعضه حقيقة و بعضه مجاز‪.‬‬
‫و الحقيقة أن قضية الحقيقة و المجاز فيها شيء من النسبية‪ ،‬و ربما يكون من الصعب تحديد المعاني‬
‫الحقيقية الصلية لن المعنى ينتقل من الحقيقة )المعنى الول الوضعي( الذي قد يصعب تحديده إلى معنى‬
‫آطخر على تسبيل المجاز و لكنه يستقر فيصبح معنى حقيقيا ثم ينتقل إلى مجاز جديد و هكذا )ينظر أحمد‬
‫شامية ‪ .‬في اللغة ص ‪(156‬‬
‫و يمكن أن نوجز أهم عوامل التطور الدللي بما يلي )ينظر إبراهيم أنيس ص ‪ 135‬و مابعدها(‬
‫أن الناس يتداولون اللفاظ و يتباادلونها عن طريق الذهان و النفوس التي تتباين بين أفرااد الجيل الواحد‬

‫‪63‬‬
‫و البيئة الواحدة‪ ،‬و تتكيف الدللة تبعا لذلك‪.‬‬
‫و مع اشتراك الناس في معاني اللفاظ المركزية ‪ ،‬إل أنهم يختلفون في حدوادها الهامشية و في ظللها‬
‫و ما يكتنفها من ظروف و ملبسات تتغير و تتنوع بتنوع التجارب و الحداث و لذلك تتم النحرافات في‬
‫الدللة مع توارث الجيال‪ .‬و أبرز ما يمكن ذكره من عناصر هذا العامل )التستعمال( ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تسوء الفهم‪ :‬فقد يسمع أحد لفظا و يفهم معناه بغير ما يقصده المتكلم ‪ ،‬ثم ينقل هذا الفهم الخاطئ‬
‫و يتكرر و قد يعيش جنبا إلى جنب مع المعنى الصلي المرااد من المتكلم‪ ،‬و يحدث ما يسمى بالمشترك‬
‫اللفظي‪....‬‬

‫‪ .2‬بلى اللفاظ‪ :‬أو شيء من التطور الصوتي فينتقل اللفظ من صورة إلى صورة أطخرى له ادللة مختلفة‪،‬‬
‫ففي كلمة )السغب( تطورت السين إلى تاء‪ ،‬فصارت الكلمة )تغب( و تعني الدرن و الوتسخ‪.‬‬

‫‪ .3‬البتذال‪ :‬الذي يصيب بعض اللفاظ لتسباب تسياتسية‪ ،‬أو اجتماعية أو عاطفية فكلمة )الحاجب( التي‬
‫كانت تعني في الدولة العربية الندلسية )رئيس الوزراء( ثم أصبحت تدل على طخاادم أو حارس على‬
‫الباب‪.‬‬

‫و مما يؤادي إلى ابتذال اللفاظ و انزوائها أن تكون متصلة بمعنى القذارة و الدنس أو الغريزة الجنسية‬
‫و يستعاض عنها بكلمات أطخرى أكثر غموضا‪ .‬و من ذلك أيضا اللفاظ المتصلة بالموت و المراض مما‬
‫يثير الهلع و الخوف في النفوس فتستبعد من التستعمال و يستعاض عنها بكلمات أطخرى أو يكنى عنها ‪.‬‬
‫و نحن اليوم نسمع بعض الناس يقولون عن السرطان )ذاك المرض( كناية ‪ ،‬أو قد يقال عن تسمية ما‬
‫يكره بالدارجة )اللي ما يتسمى(‬
‫أما العامل الثاني فهو الذي يسمى الحاجة‪ ،‬أي الحاجة إلى التجديد و التغيير في معاني اللفاظ‪ ،‬ويتم بقصد‬
‫و إراادة من قبل الفئة النابهة الموهوبة من الشعراء و الادباء أو من قبل الهيئات اللغوية الرتسمية‪،‬كالمجامع‬
‫اللغوية حيث يتم نقل اللفظ من مجاله المألوف إلى مجال آطخر جديد‪.‬‬
‫أما ادوافع هذه الحاجة فتتمثل في التطور الجتماعي و السياتسي و القتصاادي‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫مظاهر التطور الدللي‪) :‬للوقوف على هذا الموضوع ارجع إلى‪ :‬أحمد شامية اللغة ص ‪ 155‬و ما بعدها‬
‫حيث نقلناه من هناك(‬
‫غالبا ما تمر التطورات و التغيرات الدللية بمرحلتين ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ مرحلة التغيير الولي ‪ ،‬أو البتداع‬
‫‪ 2‬ـ مرحلة انتشار المعنى أو المفهوم الجديد وتعميمه ‪.‬‬
‫و أهم مظاهر هذا التغير كما ذكرها الباحثون ‪:‬‬
‫)يمكن الرجوع إلى إبراهيم أنيس‪ :‬ادللة اللفاظ ص ‪ 152‬و ما بعدها(‪.‬‬
‫‪ .1‬تخصيص الدللة أو تضييقها‪.‬‬
‫إذ أن هناك ألفاظا تدل على العموم أو على الجناس فتحداد و تخصص ادللتها باطختصارها على نوع‬
‫معين أو على فراد معين ‪ ،‬حتى تصبح كأنها علم عليه‪ ،‬فالعلم هي أقصى ادرجات الخصوص ‪.‬و لعامل‬
‫ما تتطور ادللة اللفظ من العموم إلى الخصوص و ضيق المجال‪ ،‬فكلمة ‪ MEET‬النجليزية كانت تعني‬
‫مجراد الطعام و تعني الن )اللحم( فقط‪ .‬و مثل ذلك عندما تطلق الن – في اللهجة المصرية – كلمة‬
‫)العيش( على الخبز فقط ‪ .‬و كلمة الحج كانت تعني القصد إلى أي مكان فتخصصت بمعنى الحج إلى بيت‬
‫ال الحرام بمكة‪.‬‬

‫‪ .2‬تواسيع المعنى أو تعميم الخاص‬


‫)عكس الحالة السابقة( ‪ ،‬و هي أقل شيوعا من الولى‪ .‬فقد يكون لكلمة ما ادللة محدادة ‪ .‬فكلمة )البأس( مثل‬
‫كانت طخاصة بالحرب‪ ،‬ثم أصبحت تطلق على كل شدة‪ .‬و مثال ذلك إطلق كلمة )الوراد( على كل زهر‪.‬‬
‫و من ذلك أيضا إطلق بعض الصفات التي كانت طخاصة‪ .‬و كانت علما على بعض الشخاص على‬
‫أشخاص اتصفوا بصفاته مثل )عنترة( عند إطلقها على كل شجاع و قد يرى طفل مصري نهرا فيقول‪:‬‬
‫النيل ‪......‬و قد يسمى كل النهار النيل‪.‬‬

‫‪ .3‬انتقال الدللة‪.‬‬
‫أو تغيير مجال اتستعمالها بسبب المشابهة بين مدلولين كقولنا‪ :‬اتستقبال حار‪ ،‬و صوت عذب ‪.‬و قد يكون‬
‫النتقال لحالة غير المشابهة كما هو في المجاز المرتسل فتطلق كلمة )شتاء( على المطر و )الغيث( على‬
‫العشب‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ .4‬انحطاط الدللة و انحدارها‪:‬‬
‫قد يكون لكلمة ما معنى ذو بال و أهمية في حياة المجتمع فتفقد هذه المكانة بسبب الشيوع أو كثرة‬
‫التستعمال‪ ،‬أو تغير الظروف السياتسية و الادارية و القتصاادية و العاادات و التقاليد‪ .‬مثال ذلك أن كلمة‬
‫)الحاجب( كانت تعني في الدولة الندلسية رئيس الوزراء‪ ،‬أما اليوم فتعني الحارس أمام أبواب الادارة‪.‬‬
‫" و قد كان لكلمة )ثور( معنى شريف‪ ،‬و هو السيد‪ ،‬و ربما ورث العرب في الادب القديم احترام الثور‬
‫من المم السامية‪ ،‬حيث كان الثور نموذجا لله القوة و الصالة و الكرم‪.‬‬
‫و كان له في أتساطيرهم جناحان يطير بهما فجعلوه للسيد مجازا حتى تسميت به أعلمهم مثل‪ :‬حميد بن ثور‬
‫الهللي‪ ،‬و تسفيان الثوري‪ ،‬و هو من أصحاب الحديث‪ .‬أما اليوم فقد اقترن الثور بالمعنى السلبي‪ ،‬فهو‬
‫علمة الحمق و الغباء و البلادة ]ينظر إبراهيم السامراني‪) .‬مقال الدللة بين السلب و اليجاب( مجلة‬
‫مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬ج ‪ ،37‬نوفمبر ‪ 1993‬ص ‪.[69-68‬‬

‫‪ .5‬رقي الدللة‪:‬‬
‫على العكس من السابقة‪ ،‬قد يكون للفظ أو الكلمة ادللة أو معنى منحط أو متواضع ثم يعلو شأنها‪ .‬فكلمة‬
‫)القماش( كانت تدل على ما يتناثر من متاع البيت ‪ ،‬أو ما على الرض من فتات الشياء‪ ،‬ثم أصبحت تدل‬
‫على نوع من النسيج المتقن الصنع‪ .‬و كلمة )السفرة( كانت في التساليب القديمة تعني بعض الطعام الذي‬
‫يحمله المسافر‪ ،‬و من هذا المعنى كانت تسميتها ‪،‬ثم أصبحت تدل اليوم على مائدة لها صفاتها و عليها ما‬
‫عليها‪.‬‬
‫و نشير هنا إلى أن الكلمة قد يكون لها معنى عظيم في تسياق‪ ،‬و وضيع في تسياق آطخر‪ ،‬فكلمة )القلم( التي‬
‫ورادت في القرآن الكريم )ن‪ ،‬و القلم وما يسطرون( لها وقع ادللي في النفس غير كلمة )قلم( في حقل‬
‫العمال المدرتسية‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫حصة تطبيقية حول التغير الدللي‬

‫‪ .‬ملحظة ‪ :‬تسنجري ـ إن شاء ال ـ هذه الحصة على شكل تمرينات‬

‫التمرين الول ‪ :‬وضح التوتسع في المعاني وانتقالها في اللفاظ التالية‪ ،‬مستعينا في ذلك بمعجمين أحدهما‬
‫قديم كلسان العرب لبن منظور أو الصحاح للجوهري أو تاج العروس للزبيدي ‪.......‬وآطخر حديث مثل‬
‫‪ :‬المعجم الوتسيط الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة‬
‫‪ .‬الهاتف‪ ،‬السيارة ‪ ،‬الطالب ‪ ،‬المحرك ‪ ،‬المناخ‬

‫‪ :‬التمرين الثاني‪ :‬تحت أي مظهر من مظاهر تغير الدللة يمكن تصنيف اللفاظ التالية‬
‫‪.‬أ ـ الحائط ‪ :‬كانت تدل على البستان ثم أصبحت تدل على الجدار‬
‫ب ـ الصلة ‪ :‬كانت تدل على الدعاء ثم أصبحت تدل ـ في التسلم ـ على القوال والفعال المخصوصة‬
‫‪ .‬المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم بشرائط طخاصة‬
‫‪.‬ج ـ السفير ‪ :‬كانت تدل على حامل الجرة من الطين ثم أصبحت تدل على مندوب الدولة في الخارج‬
‫د ـ العقيقة ‪ :‬كانت تدل على الشعر الذي يخرج على الولد من بطن أمه ثم نقل الى الذبيحة التي تنحر عند‬
‫‪ .‬حلق ذلك الشعر على تسبيل المجاز‬

‫التمرين الثالث‪:‬هذه مجموعة من الكلمات أحياها الناس وطخلعوا عليها ادللت جديدة تعبر عن حاجتهم ‪.‬‬
‫‪ .‬فما أصل ادللة هذه اللفاظ ؟ اتستعن بمجموعة من المعاجم القديمة‬

‫‪،‬الطيارة‪ ،‬الجريدة‪ ،‬الصحيفة‪ ،‬المحافظة‪ ،‬القاطرة‬

‫‪ :‬التمرين الرابع ‪ :‬ناقش هذه المقولة‬

‫‪ .‬مظاهر تغير الدللة برهان على تطور اللغة ونموها‬

‫‪67‬‬
‫المحاضرة رقم ‪10‬‬
‫العلقات الدللية‬
‫مما ل شك فيه أن الصل أن يكون لكل لفظ )كلمة( ادللة )معنى( واحدة محدادة‪ ،‬و لكن كما لحظنا عند‬
‫حديثنا عن تطور الدللة أن الدللت تتغير و تنتقل ‪ ،‬و تتشابك بحيث أنه قد تجتمع عدة ادللت على اللفظ‬
‫الواحد‪ ،‬حتى تلك الدللت التي تبدو متباعدة المجالت ‪،‬و قد تصل إلى ادرجة التضااد الذي يوحي بعدم‬
‫منطقية اللغة‪ ،‬كما أن حركية الدللت قد تجعل عدادا من اللفاظ لها جميعها ادللة واحدة‪ .‬ومن هنا ظهر‬
‫في اللغة ما يسمى بظواهر‪ :‬التراادف‪ ،‬و الشتراك‪ ،‬و التضااد‪.........‬‬
‫إن هذه الظواهر ظاهرة عامة في كل اللغات‪ ،‬و ان هناك من يرى أنها في العربية أكثر ظهورا حتى‬
‫عدت من طخصائص العربية ]مع شيء من التحفظ[‪.‬‬
‫و أن البحث الدللي يقتضي الوقوف عند هذه الظواهر التي تتعلق بالمستوى الدللي للغة‪ .‬إنما تسنحاول‬
‫– هنا – اليجاز قدر المكان لن هذه الموضوعات تدرس أيضا في تسياق ادراتسة فقه اللغة‪ .‬و تسيكون‬
‫اهتمامنا منصبا على هذه الظواهر في اللغة العربية لتسيما فيما نسوقه من أمثلة‪.‬‬

‫المشترك اللفظي‬
‫اهتم القدماء من علماء العربية بهذه الظاهرة و كانت هناك مؤلفات عديدة لمعالجتها تسواء فيما يتعلق‬
‫بالقرآن الكريم أو الحديث الشريف أو اللغة العربية بشكل عام‪.‬‬
‫ووصل إلينا عداد من العناوين مثل )الشباه و النظائر( ‪،‬أو )الوجوه و النظائر( ‪،‬أو عنوان )ما اتفق لفظه‬
‫و اطختلف معناه من القرآن المجيد( للمبراد‪.‬‬
‫و ربما كان من أشهر المؤلفات القديمة في هذا الموضوع هو الذي وضعه كراع )علي بن حسن الهنائي‬
‫ت ‪310‬ه( الذي عنوانه )المنجد في اللغة(‪.‬‬
‫و بشكل عام كان تعريف المشترك هو )ما اتفق لفظه و اطختلف معناه( أو بعبارة أطخرى )اتحااد الصورة‬
‫و اطختلف المعنى(‪ ،‬و قد ذكر تسيبويه في )الكتاب( ذلك فقال " اعلم أن من كلمهم اتفاق اللفظين‬
‫و اطختلف المعنيين( )ينظر الكتاب ج‪ 1/‬ص ‪.(7‬‬
‫و قد كان هناك من القدماء من ض‪ّ،‬يق مفهوم المشترك حتى كااد أن ينكر وقوعه مثل )ابن ادرتستويه(‪،‬‬
‫و هناك من أكد وجواده و ربما بالغ في ذلك مثل ابن فارس و ابن طخالويه و هناك منهم من اعتدل فلم ينكر‬
‫و لم يبالغ بل أق‪ّ،‬ر بأن هناك بعض المشترك اللفظي في اللغة‪ ،‬إذ أن ذلك ل ينافي المنطق بل أنه قد يكون‬

‫‪68‬‬
‫تسنة لغوية إن لم يكن ضرورة ‪،‬و ل يقتصر وجواده على العربية بل هو في كل اللغات‪ ،‬و الشواهد على‬
‫ذلك كثيرة‪.‬‬
‫و فيما يروى من الشواهد في ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫إذا رحل الجيران عند الغروب‬ ‫يا ويح قلبي من ادواعي الهوى‬
‫و ادمع عيني كفيض الغروب‬ ‫اتبعتهم طرفي وقد أزمعوا‬
‫تفتر عن مثل أقاصي الغروب‬ ‫كانوا و فيهم طفلة حرة‬
‫فالغروب الولى غروب الشمس‪ ،‬و الغروب الثانية جمع غرب‪ ،‬و هو الدلو الكبيرة المملوءة و الثالثة‬
‫جمع غرب و هي الو هااد المنخفضة )المزهر ج‪.(1/381/‬‬
‫و قد عزا اللغويين وقوع المشترك إلى عداد من التسباب من أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬تداطخل اللهجات‪.‬‬
‫‪ .2‬التطور الصوتي لبعض الكلمات حتى تتطابق لفظتان في لفظة تدل على المعنيين لكل منهما أو يحدث‬
‫فيهما أو في أحدهما قلب مكاني ‪.‬‬
‫‪ .3‬التطور المعنوي أي تغيير المعنى عن طريق المشابهة و التستعارة و المجاز‪ .‬من ذلك توتسيع‬
‫المعنى‪ ،‬أو تضييقه أو السببية فكلمة )الثم( كان معناها الذنب‪ ،‬ثم أصبحت تطلق على الخمر لنها تسبب‬
‫في الثم‪.‬‬
‫أما المحدثون فقد بلوروا أنواع المشترك بما يلي‪:‬‬
‫معنى مركزي للفظ تدور في فلكه عدة معان فرعية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تعداد المعنى نتيجة اتستعمال اللفظ في مواقف مختلفة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ادللة الكلمة الواحدة على أكثر من معنى بسبب تطور المعنى‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وجواد كلمتين تدل كل واحدة منهما على معنى ثم اتحااد صورتي الكلمتين في كلمة واحدة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫و ربما يتقارب النوعان الول و الثاني‪ ،‬و نمثل لهما بكلمة )عنق( فالمعنى المركزي هو )الرقبة( ومن‬
‫المعاني الهامشية عنق الزجاجة و عنق الواادي‪....‬‬
‫أما النوع الثالث فقد تسماه اللغويون )البوليزيمي( أو)كلمة واحدة ـ معنى متعداد( فكلمة )عملية( ل يفهم لها‬
‫معنى محداد منعزلة عن السياق و يحداد لها معنى من المعاني حسب السياق أو الحقل فتكون عملية‬
‫جراحية أو عسكرية أو اقتصاادية‪.‬‬
‫أما النوع الرابع و يسمى )الهومونيمي( فيمكن أن يمثل له بكلمة )قال( الفعل الماضي الذي يدل على‬
‫يقيل ‪.‬‬ ‫يقول أو قال‬ ‫معنى القول‪ ،‬أو القالة و يحداد ذلك صيغة المضارع‪ ،‬قال‬
‫و قد يصعب الفصل أحيانا‪ ،‬في التفريق فيما إذا كان لدينا معنى مركزي تدور حوله معان أطخرى‪ ،‬أو أن‬
‫لدينا عداد من المعاني لكلمة واحدة مثال كلمة)يد( التي تراد في عداد من التستعمالت‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ -‬كسرت يد فلن‬
‫‪ -‬يد الفأس‪.‬‬
‫‪ -‬يد الطائر )جناحه(‬
‫‪ -‬طويل اليد )تسمح جوااد أو تسارق(‪.‬‬
‫‪ -‬يد الرجل )قومه أو أنصاره(‬
‫و للملحظة‪ :‬هناك نوعان من المجاز‪ ،‬أو لهما المجاز الحي الذي نشعر به و نلحظه كقولنا أتسد عن‬
‫الرجل الشجاع و المجاز الميت أو الذي تنوتسيت علقته و انتقاله من الحقيقة فأصبح كأنه حقيقة مثل‬
‫الكتابة لمعنى النسخ و أصل معناها الجمع‪ ،‬إذ هي جمع للحروف و الكلمات‪.‬‬

‫نماذج من المشترك اللفظي من كتب بعض اللغويين القدماء )ينظر أحمد مختار عمر ص ‪(153‬‬
‫عن كراع‪ :‬العين‪ :‬مطر يدوم طخمسة أيام ل يقلع‪.‬‬
‫عين كل شيء‪ :‬طخياره‬
‫و عين القوم ‪ :‬ربيئتهم الناظر لهم‬
‫و عين الرجل‪ :‬شاهده‬
‫و العين‪ :‬عين الشمس‪.‬‬
‫عن أبي عبيدة‪ :‬العين‪ :‬الذهب‬
‫العين‪ :‬عين الماء‬
‫العين‪ :‬نفس الشيء‬
‫العين‪ :‬النقد‬
‫العين‪ :‬التي يبصر بها‬
‫عن أبي العميثل‪:‬‬
‫العين‪ :‬النقد من ادنانير و ادراهم‬
‫العين‪ :‬عين البئر و هو مخرج مائها‬
‫و العين‪ :‬ما عن يمين القبلة‬
‫و العين‪ :‬عين الميزان‪.‬‬
‫و أطخيرا هناك من يرى أن المشترك كظاهرة هو مزية ايجابية في اللغة فهو‪:‬‬
‫‪ .1‬يعد من طخواص التسلوب و يساعد الادباء و الشعراء في فنهم‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه يخفف من حفظ الكلمات الكثيرة لجميع المعاني إذ يعبر بكلمة واحدة عن أكثر من معنى‪ .‬و لكن‬
‫ذلك ينقضه وجواد التراادف‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ومن الثار السلبية للمشترك‪:‬‬
‫‪ .1‬ما يؤادي إليه من الغموض و عدم الدقة و تعمية الفهم‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الضداد‬
‫يمكن اعتبار التضااد نوعا من المشترك اللفظي يصل فيه اطختلف المعنى للفظ الواحد إلى ادرجة الضدية‬
‫و تعريفه هو اتستخدام اللفظ الواحد في معنيين متضاادين‪.‬‬
‫و قد اهتم علماء العربية قديما بهذه الظاهرة ووضعوا فيها كثيرا من المؤلفات‪ ،‬من أشهرها‪:‬‬
‫‪ -‬الضدااد لبن النباري )ت ‪328‬ه(‬
‫‪ -‬الضدااد للصمعي ‪ 216‬ه‬
‫‪ -‬الضدااد لبن السكيت ‪ 244‬ه‬
‫و كما كان بالنسبة للمشترك فقد اطختلف العلماء قديما بين مثبت و منكر و متوتسط‬
‫و من المنكرين ابن ادرتستويه )‪347‬ه( الذي وضع كتابا في إبطال الضدااد‪ ،‬كما فعل بالنسبة للمشترك‬
‫و كذلك الجواليقي‪.‬‬
‫و كان مما علل به المنكرون موقفهم أن وجواد الضدااد ينافي الحكمة‪ ،‬و واضع اللغة ل بد أنه كان حكيما‪.‬‬
‫أما الذين يقرون بوجواد الضدااد فهم كثر منهم‪:‬‬
‫ابن النباري‪ ،‬و ابن فارس‪ ،‬الذي قال " وأنكر ناس هذا المذهب‪ ،‬و أن العرب تأتي باتسم واحد للشيء‬
‫و ضده‪) ".........‬ينظر الصاحبي ص ‪(98‬‬
‫على أية حال هناك من توتسع في التضااد فأادطخل فيه ما ليس منه‪ ،‬و هناك من ضيق فاعتبر أن بعضه لغات‬
‫وليس من الضدااد‪.‬‬
‫بل هناك من بالغ كثيرا مثل‪ :‬قطرب و ابن النباري‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫المحاضرة رقم ‪ 11‬و ‪12‬‬

‫الترادف‬

‫إن كثيرا مما قيل عن المشترك يقال عن التراادف و لكن في وضع معكوس بالنسبة للمفهوم‪.‬‬

‫فالتراادف لغة هو التتابع ‪ ،‬وهو مصدر تراادف الذي يدل على الحدث ادون الدللة على الزمان وهذا‬
‫المصدر ماادته رادف الذي يدطخل ضمن ادللتها الدللة على التبعية و الخلفة ومن ذلك الرادف الراكب‬
‫طخلف الراكب التابع ‪) .‬ينظر ‪ :‬فريد عوض حيدر ‪ ،‬كتاب علم الدللة ادراتسة نظرية وتطبيقية ‪ ،‬كلية ادار‬
‫العلوم جامعة القاهرة ‪ ،‬فرع الفيوم (‬

‫دَردَاددَفه ودَرادف له دَرًفْاد اًفا تبعه وركب طخلفه وصار له ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وكل ما تبع شيئا فهو رًفْاد هُفه ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تراادفت الكلمات تشابهت في المعنى ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وأما اصطلحا فالمتراادف هو ما اطختلف لفظه واتفق معناه أو هو إطلق عدة كلمات على مدلول‬
‫واحد كالتسد و السبع و الليث التي تعني مسمى واحدا‬

‫وهو أيضا كما عرفه المام الرازي ‪ :‬اللفاظ المفرادة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد‪ .‬على‬ ‫‪-‬‬
‫أية حال فالتراادف هو من مجالت ادراتسة المعنى‪ ،‬إذ أن لفظين أو عداد من اللفاظ تحمل ادللة‬
‫واحدة أو تدل على معنى واحد أو متقارب بوجواد بعض الفروق كما تسيتبين ‪.‬‬

‫موقف الباحثين من ظاهرة الترادف في العربية ‪.‬‬ ‫‪•1‬‬

‫لقد ظهر الخلف بين القدامى كما ظهر بين المحدثين العرب و الغربيين حول ظاهرة التراادف‬
‫بين معترف بوجوادها ومنكر لذلك‪.‬‬

‫ولقد تعرض كثير من الدارتسين لهذه الظاهرة من وجهة نظر القدامى ولكن قل منهم من تناولها‬
‫من وجهة النظر اللغوية الحديثة‪ ،‬ورأينا أن نتعرض أول إلى موقف القدامى من هذه الظاهرة ثم نتعرض‬
‫بعدها لموقف المحدثين منها‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫موقف القدامى من الترادف‪.‬‬ ‫‪•2‬‬

‫اطختلف اللغويون العرب القدامى اطختلف واتسعا في إثبات هذه الظاهرة أو إنكار وجوادها في‬
‫اللغة العربية حيث كانت هذه الظاهرة إحدى القضايا التي تناولها الباحثون و اللغويون القدامى‪.‬‬

‫الفريق الول‪.‬‬ ‫‪•3‬‬

‫يثبت التراادف ويغالي في إثباته ويتوتسع فيه ومن هؤلء ابن طخالويه ) ت ‪ 370‬هـ (‬
‫ويظهر رأيه من طخلل تلك الرواية التي تذكر الخلف الذي وقع بينه وبين أبي علي الفارتسي حول أتسماء‬
‫السيف‪ .‬وتعد هذه الرواية من أشهر الروايات حول الخلف في ظاهرة التراادف في العربية ‪ ،‬حيث يروى‬
‫أن أبا علي الفارتسي قال " كنت بمجلس تسيف الدولة بحلب وبحضرة جماعة من أهل اللغة ومنهم ابن‬
‫طخالويه فقال ابن طخالويه أحفظ للسيف طخمسين اتسما فتبسم أبو علي الفارتسي وقال ‪ :‬ما أحفظ له إل اتسما‬
‫واحدا وهو السيف ‪ .‬قال ابن طخالويه ‪ :‬فأين المهند و الصارم وكذا وكذا ‪ ،‬فقال أبو علي هذه صفات‪.‬‬

‫تدل هذه الحاادثة على أن ابن طخالويه يثبت ظاهرة التراادف وأبو علي الفارتسي ينكرها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ولقد ألف ابن طخالويه كتابين في التراادف أحدهما في أتسماء التسد و الثاني في أتسماء الحية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ومن الذين أثبتوا التراادف أيضا مجد الدين الفيروزباادي صاحب القاموس المحيط الذي ألف كتابا‬
‫في التراادف] أتسماه الروض المسلوف فيما له أتسمان إلى ألوف [ ‪ .‬ومن هذا الفريق أيضا ابن جني حيث‬
‫عبر عن ذلك في باب في اتستعمال الحروف بعضها مكان بعض واتستدل على ذلك بوقوع التراادف فقال "‬
‫وجدت في اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا ل يكااد يحاط به "‬

‫وفيه موضع يشهد على من أنكر أن يكون في اللغة لفظتان بمعنى واحد من تكلف لذلك أن يوجد‬
‫فرقا بين قعد وجلس وبين ذراع وتساعد ‪ ) .‬ينظر فريد عوض حيدر ‪،‬علم الدللة ‪ .‬ادراتسة نظرية تطبيقية ‪،‬‬
‫مكتبة النهضة المصرية ص ‪(121‬‬

‫الفريق الثاني ‪.‬‬ ‫‪•4‬‬

‫وهو الذي ينكر التراادف ويرفضه رفضا تاما ومن هؤلء أبو علي الفارتسي وذلك لما كان بمجلس‬
‫تسيف الدولة وكان بحضرة المجلس ابن طخالويه عندما راد عليه كما ذكر آنفا ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫وكذلك كان أبو عبد ال محمد بن زيااد العرابي وأبو العباس أحمد بن يحي ثعلب وأبو محمد عبد ال بن‬
‫جعفر ادرتستويه ‪.‬‬

‫قال ابن ادرتستويه ‪ :‬كذلك ذهب ابن فارس مذهب معلمه ثعلب فأنكر وقوع التراادف قائل ‪" :‬‬
‫ويسمى الشيء الواحد بالتسماء المختلفة نحو السيف و المهند و الحسام و الذي نقوله في هذا أن التسم‬
‫واحد هو السيف وما بعده من اللقاب صفات ) ينظر إميل بديع يعقوب ‪ .‬فقه اللغة العربية وطخصائصها‬
‫ص ‪. (177‬‬

‫ومن المنكرين أيضا للتراادف أبو هلل العسكري ) توفى تسنة ‪ 395‬هـ ( حيث قال ‪ " :‬فأما في‬
‫لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظ و المعنى واحد‪ ،‬كما ظن كثير من النحويين و اللغويين ‪ ،‬وهو يقول‬
‫أيضا ‪ " :‬الشاهد على أن اطختلف العبارات و التسماء يوجب اطختلف المعاني أن التسم كلمة تدل على‬
‫المعنى ادللة الشارة‪ ،‬وإذا أشير إلى الشيء مرة واحدة فإن معرفة الشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة‬
‫ويؤيد ذلك ثعلب الذي يرى أن ما يظن من المتراادفات هو من المتباينات ‪،‬كما يرى ابن فارس أن كل‬
‫صفة من الصفات لها معنى طخاص فالفعال ) مضى ‪ ،‬ذهب ‪ ،‬انطلق ‪ ،‬ليست بمعنى واحد " ‪.‬‬

‫ورغم أن أبا هلل العسكري كان من هذا الفريق الرافض للتراادف المبالغ في رفضه في كتابه الفروق‬
‫غير أنه في كتابين آطخرين له نسي هذا المبدأ اللفاظ المتراادفة بل اعتراض عليها أو محاولة التفريق‬
‫بينها‪.‬‬

‫ويبدو أن كل من الفريقين أتسرف فيما ذهب إليه فالول أتسرف في إثبات الظاهرة و الثاني أتسرف في‬
‫البحث عن الفروق الدللية بين اللفاظ ‪.‬‬

‫أما الباحثون المحدثون فيمكن إيجاز موقفهم فيما يلي ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬المثبتون للترادف من العرب المحدثين‪.‬‬

‫يجمع المحدثون من علماء اللغات على إمكان وقوع التراادف في أي لغة من لغات البشر بل‬
‫إن الواقع المشاهد أن كل لغة تشمل على بعض تلك الكلمات المتراادفة‪ ،‬ولكنهم يشترطون شروطا معينة‬
‫لبد من تحققها حتى يمكن أن يقال أن بين الكلمتين تراادفا وهذه الشروط هي ‪:‬‬

‫التفاق في المعنى بين الكلمتين اتفاقا تاما على القل في ذهن الكثرة الغالبة لفرااد البيئة الواحدة‬ ‫‪-1‬‬
‫… فإذا تبين لنا بدليل قوي أن العربي كان حقا يفهم من الكلمة جلس شيئا ل يستفيده من كلمة قعد قلنا‬
‫حينئذ ليس بينهما تراادف ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫التحااد في البيئة اللغوية أي أن تكون الكلمتان تنتميان إلى لهجة واحدة ومجموعة منسجمة من‬ ‫‪-2‬‬
‫اللهجات وبذلك يجب أل نلتمس التراادف من لهجات العرب المتباينة فالتراادف بمعناه الدقيق هو أن يكون‬
‫للرجل الواحد في البيئة الواحدة الحرية في اتستعمال كلمتين أو أكثر في معنى واحد يختار هذه حينا‬
‫ويختار تلك حينا آطخر وفي كلتا الحالتين ل يكااد يشعر بفرق بينهما إل بمقدار ما يسمح به مجال القول‬
‫)ينظر إبراهيم أنيس في اللهجات العربية ص ‪(177‬‬

‫ولم يتفطن المغالون في التراادف إلى مثل هذا الشرط بل اعتبروا كل اللهجات وحدة متماتسكة‬
‫وعدوا كل الجزيرة العربية بيئة واحدة‪ .‬ولكنا نعتبر اللغة النموذجية الادبية بيئة واحدة ونعتبر كل لهجة أو‬
‫مجموعة منسجمة من اللهجات بيئة واحدة‬

‫التحااد في العصر فالمحدثون حين ينظرون إلى المتراادفات ينظرون إليها في عهد طخاص وزمن‬ ‫‪-3‬‬
‫معين وهي تلك النظرة التي يعبرون عنها بالنظرة الوصفية ل تلك النظرة التاريخية التي تتبع الكلمات‬
‫المستعملة في عصور مختلفة ثم تتخذ منها متراادفات ‪.‬‬

‫فإذا طبقت هذه الشروط على اللغة العربية اتضح لنا أن التراادف ل يكااد يوجد في اللهجات‬
‫العربية القديمة‪ ،‬إنما يمكن أن يلتمس في اللغة النموذجية الادبية ‪.‬‬

‫أما المنكرون للتراادف من المحدثين العرب فمنهم الدكتور السيد طخليل و الدكتور محمواد فهمي‬
‫حجازي وله رأي معتدل حيث يقول ‪ :‬يندر أن تكون هناك كلمات تتفق في ظلل معانيها اتفاقا كامل ومن‬
‫الممكن أن تتقارب الدللت ل أكثر ول أقل …‬

‫وأما المحدثون الغربيون فقد ع‪ّ،‬رفوا التراادف بأنه الحالة التي يكون فيها لصيغتين أو أكثر المعنى‬
‫نفسه ‪ ،‬ومن أول المنكرين للتراادف من الغربيين أرتسطو " ويبدو ذلك من النص الذي نقله الدكتور‬
‫إبراهيم تسلمة من كتاب الخطابة لرتسطو حيث يقول ‪ :‬وكذلك الكلمة يمكن مقارنتها بالكلمة الطخرى‬
‫ويختلف معنى كل منهما ‪.‬‬

‫ومن الذين أنكروا وجواد التراادف من علماء اللغة الغربيين المحدثين " بلومفيلد " حيث يقول ليس‬
‫هناك تراادف حقيقي ‪.‬‬

‫وبعد النظر في هذه المواقف و الراء المختلفة لدى الباحثين القدامى و المحدثين العرب و‬
‫الغربيين نرى أنه من التعسف الشديد إنكار وجواد التراادف في العربية وإيجااد معنى لكل اتسم من أتسماء‬
‫التسد أو السيف ‪ ،‬وغيرها مختلف عن غيره في بعض الصفات أو التفاصيل ‪.‬فالتراادف ظاهرة لغوية‬

‫‪76‬‬
‫طبيعية في كل لغة نشأت من عدة لهجات متباينة في المفرادات و الدللة ‪،‬وليس من الطبيعي أن تسمي كل‬
‫القبائل العربية الشيء الواحد باتسم واحد وعليه نرى أن التراادف واقع في اللغة العربية الفصحى التي‬
‫كانت مشتركة بين قبائل العرب في الجاهلية وكان من الطبيعي أن نقع على بعض الكلمات في القرآن‬
‫الكريم لنزوله بهذه اللغة المشتركة )ينظر اميل بديع يعقوب‪ ،‬فقه اللغة العربية و طخصائصها ص ‪(175‬‬

‫ول بأس أن نذكر أو نذ‪ّ،‬كر أطخيرا بأن هناك رأيا ظل تسائدا قديما وحديثا وهو أن ل تراادف في‬
‫العربية وأن هناك فروقا بين المعاني لللفاظ التي تبدو متراادفة ذكرها العلماء في مؤلفاتهم وأورادوا لها‬
‫أمثلة ‪،‬من ذلك ما جاء في كتاب فقه اللغة للثعالبي )ارجع إلى هذا الكتاب( فهو يرى أن هزال الرجل على‬
‫مراحل ‪ ،‬فالرجل هزيل ثم أعجف ثم ضامر ثم ناحل ‪.‬‬

‫و قد يدل على ادرجات الحالت النفسية المتفاوتة ‪ ،‬فالهلع أشد من الفزع ‪ ،‬و البث أشد من الحزن‬
‫‪ ،‬و النصب أشد من التعب و الحسرة أشد من الندامة ‪.‬‬

‫كما أوراد أبو هلل العسكري في كتابه الفروق في اللغة ) ارجع إلى هذا الكتاب( أمثلة كثيرة‬
‫ومتنوعة لهذه الفروق نذكر منها قوله ‪:‬‬

‫الفرق بين الصفة و النعت‪ :‬أن النعت لما يتغير من الصفات‪ ،‬و الصفة لما يتغير ول يتغير‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫و الفرق بين اللذة و الشهوة‪ :‬أن الشهوة توقان النفس إلى ما يلذ‪ ،‬و اللذة ما تاقت إليه النفس ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الفرق بين الغضب و الغيظ و السخط و الشتياط‪ :‬أن الغضب يكون على الطخرين وليس على‬ ‫‪-‬‬
‫النفس ‪ ،‬و الغيظ يكون من النفس ‪ ،‬و السخط هو الغضب من الكبير على الصغير وليس العكس ‪،‬‬
‫أما الشتياط‪ :‬فهو تلك الخفة التي تلحق النسان عند الغضب ‪.‬‬

‫الفرق بين القد و القط‪ :‬أن القد الشق طول و القط هو الشق عرضا‬ ‫‪-‬‬

‫الفرق بين البخل و الشح‪ :‬أن الشح هو بإضافة الحرص على البخل أي البخيل يبخل على‬ ‫‪-‬‬
‫الطخرين أما الشحيح فهو يبخل على الطخرين وعلى نفسه ‪.‬‬

‫الفرق بين السرعة و العجلة‪ :‬أن السرعة التقدم فيما ينبغي وهي محموادة‪ ،‬ونقيضها البطاء وهو‬ ‫‪-‬‬
‫) في التأني السلمة و‬ ‫مذموم ‪ .‬و العجلة‪ :‬التقدم فيما ل ينبغي ونقيضها الناة‪ ،‬و الناة محموادة‬
‫في العجلة الندامة (‬

‫الفرق بين الفوز و النجاة‪ :‬أن النجاة هي الخلص من المكروه‪ ،‬و الفوز هو الخلص من‬ ‫‪-‬‬
‫المكروه و الوصول إلى المحبوب‪.‬‬

‫و يمكن تلخيص أهم أاسباب الترادف حسب رأي الباحثين بما يلي )و هذا يخص اللغة العربية‬

‫‪77‬‬
‫ادون غيرها(‬

‫انتقال كثير من مفرادات اللهجات العربية إلى لهجة قريش بفعل طول الحتكاك بينهما وكان بين‬ ‫‪-1‬‬
‫هذه المفرادات كثير من اللفاظ التي لم تكن قريش بحاجة إليها لوجواد نظائرها في لغتها مما أادى إلى‬
‫نشوء التراادف في الوصاف و التسماء و الصيغ ‪.‬‬

‫أطخذ واضعي المعجمات عن لهجات قبائل متعدادة كانت مختلفة في بعض مظاهر المفرادات‪ ،‬فكان‬ ‫‪-2‬‬
‫من جراء ذلك أن اشتملت المعجمات على مفرادات غير مستخدمة في لغة قريش ويوجد لمعظمها‬
‫متراادفات في متن هذه اللغة ‪.‬‬

‫تدوين واضعي المعجمات كلمات كثيرة كانت مهجورة في التستعمال ومستبدلتها ) مفرادات‬ ‫‪-3‬‬
‫أطخرى(‪.‬‬

‫عدم تمييز واضعي المعجمات بين المعنى الحقيقي و المعنى المجازي فكثير من المتراادفات لم‬ ‫‪-4‬‬
‫توضع في الصل لمعانيها بل كانت تستخدم في هذه المعاني اتستخداما مجازيا )ينظر اميل بديع‬
‫يعقوب‪ ،‬فقه اللغة العربية و طخصائصها ص ‪. (177‬‬

‫انتقال كثير من نعوت المسمى الواحد من معنى النعت إلى معنى التسم الذي تصفه فالمهند‬ ‫‪-5‬‬

‫و الحسام و اليماني من أتسماء السيف يدل كل منها على وصف طخاص للسيف مغاير لما يدل عليه‬
‫الطخر ‪.‬‬

‫إن كثيرا من المتراادفات ليس في الحقيقة كذلك‪ ،‬بل يدل كل منها على حالة طخاصة من المدلول‬ ‫‪-6‬‬
‫تختلف بعض الطختلف عن الحالة التي يدل عليها غيره‪ ،‬فقد يعبر كل منها عن حالة طخاصة للنظر تختلف‬
‫عن الحالت التي تدل عليها اللفاظ الطخرى ف)رمق ( يدل على النظر بمجامع العين و" لحظ " على‬
‫حدَدجه " معناه رماه ببصره مع حدة و" شفن " يدل على نظر المتعجب الكاره‬
‫النظر من جانب الذن و " دَ‬
‫و " رنا " يفيد إادامة النظر في تسكون و هكذا‪.........‬‬

‫انتقال كثير من اللفاظ السامية و المولدة و الموضوعة و المشكوك في عربيتها إلى العربية وكان‬ ‫‪-7‬‬
‫لكثير من هذه اللفاظ نظائر في متن العربية ‪.‬‬

‫كثرة التصحيف في الكتب العربية القديمة وبخاصة عند ما كان الخط العربي مجرادا من العجام‬ ‫‪-8‬‬
‫و الشكل )نفسه ص ‪(176/177‬‬

‫تعداد الواضع أو توتسع ادائرة التعبير وتكثير وتسائله‪ ،‬وهو المسمى عند أهل البيان بالفتنان‬ ‫‪-9‬‬

‫‪78‬‬
‫أو تسهيل مجال النظم و النثر وأنواع البديع‪ ،‬فإنه قد يصلح أحد اللفظين المتراادفين للقافية أو الوزن‬

‫أو السجع ادون الطخر وقد يحصل التحسين و التقابل و المطابقة ونحو ذلك بهذا ادون الطخر ‪.‬‬

‫‪ - 10‬اتستخدام ادللت متعدادة للمدلول الواحد على تسبيل المجاز‪.‬‬

‫‪ - 11‬أصل الحدث أي الفعل الذي يقع في محدث ما يقع من غيره‪ .‬فيرمز الول باتسم غير الثاني‬
‫فالهمس ‪.‬مثل من النسان‪ ،‬و الهيس أيضا صوت أطخفاف البل‪ .‬و الهسهسة عام في كل شيء‪ .‬وقد يكون‬
‫الحدث واحدا في الحالت المختلفة ‪،‬فالخرير صوت الماء الجاري أما إذا كان تحت ورق فهو قسيب‪ ،‬فإذا‬
‫ادطخل في مضيق فهو فقيق ‪،‬فإذا تراداد في جرة فهو بقبقة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫حصة تطبيقية حول العلقات الدللية‬

‫‪ :‬الترادف ‪ ،‬الشتراك ‪ ،‬التضاد‬

‫‪ .‬هذه مجموعة من الكلمات تربطها علقات معينة بمعانيها ‪ ،‬حداد هذه العلقات ثم بين السبب لكل نوع‬
‫اتستعن بالمعاجم العربية القديمة منها و الحديثة ـ ذكر بعضها في الحصة الخاصة بالتغير الدللي ـ (‬
‫‪ ).‬وببعض الكتب التراثية ككتاب المزهر للسيوطي‬

‫) أ ـ العين ‪ ،‬الخال ‪ ،‬الهجرس ‪ ،‬وجد ‪ ،‬حضر )حظر‬


‫) ب ـ الجون ‪ ،‬الصريم ‪ ،‬الشعب ‪ ،‬الوزن ) مفتعل مثل مختار‬
‫ج ـ ‪ 1‬ـ الخطار ‪ ،‬الخطام ‪ ،‬الباتسل ‪ ،‬الصمصام ‪ ،‬الصيد‬
‫ـ السعابيب ‪ ،‬الختم ‪ ،‬الصوت ‪ ،‬الورس ‪ ،‬الذواب ‪2‬‬

‫‪80‬‬
‫المحاضرة رقم ‪ 12‬و ‪13‬‬

‫المعاجم العربية‬

‫)تقدم هنا فكرة موجزة عن أبرز المعاجم العربية المشهورة مع الشارة إلى المصاادر و المراجع التي‬
‫اقتبسنا منها هذه المعلومات و طخاصة مؤلفي الدكتور حلمي طخليل‪ :‬المولد قبل التسلم و المولد بعد‬
‫التسلم(‪.‬‬

‫‪ .1‬المعجم الكبير الذي وضعه المجمع اللغوي بمصر‪:‬‬

‫رتب الماادة اللغوية حسب المعاني الكبرى متدرجا بها من المولد الحسي إلى المدلولت المجرادة ‪،‬فاتستشهد‬
‫على ذلك بنصوص من الشعر و النثر على اطختلف العصور‪ ،‬ادون التقيد بعصر معين‪.‬‬

‫‪ .2‬المعجم الواسيط‪ :‬صدرت الطبعة الولى للمعجم الوتسيط تسنة ‪ 1961‬و الثانية ‪.1972‬‬

‫في مقدمة الطبعة الولى عرف المولد بأنه ‪ :‬المحدث من كل شيء‪.......‬و من الكلم كل لفظ عربي‬
‫الصل غيرته العامة‪..........‬و ما اتستخدمه العرب و لم يكن من كلمهم فيما مضى‪.‬‬

‫الوتسيط ج‪ 68/‬ط ‪1‬‬ ‫حلمي طخليل – الحديث ص ‪182‬‬

‫و في مقدمة الطبعة الثانية قالوا‪ :‬المولد المحدث من كل شيء‪........‬ومن الكلم كل لفظ عربي الصل‪ ،‬ثم‬
‫تغير في التستعمال و اللفظ العربي الذي يستعمله الناس بعد عصر الرواية ‪.‬‬

‫الوتسيط ج‪ 56/‬ط ‪1‬‬

‫‪ .3‬لسان العرب‪:‬‬

‫نعلم أن الماادة اللغوية التي ضمها معجم لسان العرب المؤلف في القرن الثامن الهجري قد أطخذت من‬
‫معاجم تسبق تأليفها في مراحل تسابقة‪ ،‬و هذه المعاجم بدورها أطخذت ماادتها من الرتسائل اللغوية التي‬
‫أتسفرت عنها معركة جمع اللغة في الباادية منذ أواطخر القرن الهجري الول و أوائل القرن الهجري الثاني‬
‫ثم على امتدااد القرن الثالث كله ‪،‬و من ثم فماادة اللسان ماادة بدوية تمثل العربية و هي في اداطخل الجزيرة‬
‫وقبل انتشارها مع المسلمين عقب الفتح التسلمي‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫خ ح ص ‪190-189‬‬

‫ملحظة ‪ :‬هذا الرمز )خ ح ( أينما وراد يعني ‪ :‬طخليل حلمي‬

‫‪ .4‬معجم دو زي‪ :‬يزيد إلى المعاجم القديمة ألفاظ الحضارة التسلمية التي ادطخلت العربية بعد الفتح‬
‫ترجمتهم للعلوم و المعارف المختلفة و التي اعتبرتها المعاجم القديمة من المولد فأهملتها ‪.‬‬

‫ادوزي ملحق المعاجم العربية ص ‪ -8‬ص ‪13‬‬ ‫خ ح ص ‪191‬‬

‫المعجم الوتسيط يعكس ما أثبت من ألفاظ مولدة و مستخدمة في صورة العربية الحديثة و يحذف كثيرا‬ ‫‪.5‬‬

‫من اللفاظ التي ماتت بفعل التطور‪.‬‬

‫خ ح ص ‪191‬‬

‫‪ .6‬يرى الدكتور طخليل أنه من الضروري وجواد مجمع لغوي واحد لوضع مسميات موحدة و طخاصة‬
‫لللت و الادوات الحديثة على أن نكثر هذه المسميات و تتعداد بتعداد اللهجات و القطار العربية‪.‬‬

‫خ ح ص ‪230‬‬

‫‪ .7‬نتيجة‪.............‬يجب أن نفرق بين المصطلحات المولدة و اللفاظ العامة‪........‬حتى يسهل علينا‬


‫وضع معجم مستقل لمصطلحات كل علم من العلوم بعد ذلك‪.‬‬

‫خ ح ص ‪239‬‬

‫‪ .8‬من حصيلة هذين المصدرين ]قراءة المعاجم الغربية القديمة و معاجم المصطلحات قراءة ادقيقة‬
‫و التجاه إلى النصوص الادبية و التاريخية و العلمية في التراث العربي و حديثا على أن نقسم النصوص‬
‫تاريخيا‪ [....‬يمكن ترتيب هذه الماادة اللغوية و اتستكمال المعجم المنشواد لللفاظ المولدة ‪.‬‬

‫خ ح ص ‪239‬‬

‫‪ .9‬طخصص الرازي المتوفي ‪ 322‬لهذا اللون من اللفاظ التي جاء بها التسلم معجما كامل تسماه كتاب‬
‫الزينة في الكلمات التسلمية العربية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫الزينة ج ‪ 1‬ص ‪.6‬‬ ‫خ‪ .‬المولد بعد التسلم ص ‪67‬‬

‫‪ .10‬شهدت هذه الفترة )عصر النهضة( حركة التأليف في المعاجم اللغوية التي كانت قد توقفت منذ أن‬
‫أطخرج الزبيدي )ت ‪ (1205‬معجمه تاج العروس فظهر أول معجم عربي حديث هو محيط المحيط‬
‫لبطرس البستاني ‪ 1866‬تبعه بقطر المحيط و هو مختصر لهذا المعجم ثم ظهر أقرب المواراد ‪ .1889‬ثم‬
‫معجم الطالب لجرجس همام الشويري ‪ 1907‬ثم المنجد ‪ 1908‬للب لويس المعلوف‪.‬‬

‫و قد اعتنت هذه المعاجم جميعا بالمصطلحات و اللفاظ المولدة و أكثر من فعل ذلك بطرس البستاني في‬
‫محيط المحيط‬

‫خ ح ص ‪46‬‬

‫‪ .11‬و شهدت هذه المرحلة )عصر النهضة( ظهور مجموعة من المعاجم العلمية من أشهرها معجم‬
‫الدكتور محمد شريف بالنجليزية و العربية في العلوم الطبيعية و الكيمياء و الطبيعة و النبات و معجم‬
‫الحيوان و المعجم الفلكي لمين المعلوف و معجم أتسماء النباتات للدكتور احمد عيسى و معجم اللفاظ‬
‫الزراعية للمير مصطفى الشهابي كما نشرت صحف و مجلت هذه المرحلة بحوثا في الكثير من‬
‫المصطلحات العلمية و المعربة‪.‬‬

‫مصطفى الشهابي‪ -‬المصطلحات العلمية‪.‬‬ ‫ ح خ ص ‪55‬‬

‫‪ .12‬و لسد هذا النقص وضع مصطفى الشهابي معجمه في اللفاظ الزراعية في الزراعة العامة‬
‫والبساتين و يضم هذا المعجم حوالي عشرة آلف مصطلح كان للمولد نصيب كبير فيها‪.‬‬

‫و الغرض من هذا المعجم أن يجد العلماء و الادباء و أتساتذة الجامعات و المدارس الزراعية و الثانوية‬
‫وأرباب الزراعة و المتأادبون أصلح الكلمات العربية التي يمكن اتستعمالها في زبدة العلوم الزراعية‬
‫الحديثة و في زبدة علوم المواليد من نبات و حيوان و جمااد‪.‬‬

‫الشهابي معجم اللفاظ الزراعية‪ -‬المقدمة‪ -‬ص ‪.2‬‬ ‫خ ص ‪119‬‬ ‫ ح‬

‫‪ .13‬و لذلك فكر الكرملي في وضع معجم لسد هذا النقص في مفرادات العربية يذكر فيه ما أغفلته‬
‫المعاجم من اللفاظ و تسمى معجمه هذا ذيل لسان العرب ثم عدل عن هذه النسبة و أطلق عليه )المساعد(‪.‬‬

‫ ح خ ‪ 87‬و ما بعدها‬

‫‪83‬‬
‫مجلة لغة العرب ‪ 7/883‬نقل عن اد‪ .‬إبراهيم ‪ -‬الب انستاس الكرملي و آراؤه اللغوية ص ‪.111‬‬

‫‪ .14‬و قد نتج عن هذه القطيعة إتسقاط ألف من اللفاظ – المصطلحات من المعجم العربي العام‪ ،‬و قد‬
‫اقتفى المحدثون إل من رزقه ال التسامح – أثار اللغويين القدماء في هذه القطيعة فكانت المعاجم العامة‬
‫الحديثة – في الغالب – صورا مشذبة متفرعة من المعاجم القديمة ‪.‬‬

‫إبراهيم مرااد ص ‪5‬‬ ‫ادراتسات في المعجم العربي‬

‫‪ .15‬ظهر في اللغة العربية طخلفا لبقية لغات العالم الحية – مستويان مستقلن منفصلن للرصيد‬
‫المعجمي العربي – توقيفي و منظور و قد حظي الول بالتدوين و همش الثاني‪ .‬و تهميش هذا المستوى‬
‫قد أحدث في المعجم العربي انفصاما بين مستويات اللغة‪.‬‬

‫إبراهيم مرااد ص ‪8‬‬ ‫ادراتسات في المعجم العربي‬

‫معجم العين للفراهيدي )ت ‪ (791-175‬في اللغة العامة‬ ‫‪.16‬‬

‫في أواطخر القرن الثاني و بداية الثالث ظهرت مؤلفات معجمية كثيرة و لكنها لم تكن معاجم‬ ‫‪-‬‬
‫حقيقية ومعظمها إما في غريب القرآن و الحديث أو في مظاهر لغوية معجمية مثل الضدااد‬
‫والمعلقات هو في صفات البداع و هي الكثر عدادا لهذه المعاجم مثل‪ :‬الرتسائل في المطر‬
‫واللبن ‪.....‬والنبات وطخلق النسان ‪ ،‬أو أكثر المعجميين المؤلفين لهذه المعاجم ‪.‬‬

‫النضر بن شميل )‪818-203‬م( ‪ -‬قطرب بن المستنير )‪ (821-206‬و أبو عبيدة معمر بن المثنى‬ ‫‪-‬‬
‫)‪ (825-210‬و أبو زيد النصاري )‪ (830-215‬و أبو تسعيد عبد الملك الصمعي )‪(828-214‬‬
‫و أبو عبيد القاتسم بن تسلم الهروي )‪ (839-223‬و كتاب الغريب المصنف أهم مدونة معجمية‬
‫بعد كتاب العين ‪،‬و قد رتب فيه اللفاظ اللغوية التي جمعت من المؤلفات السابقة بحسب مجالتها‪.‬‬

‫ادراتسات في المعجم العربي – بن مرااد ص ‪9‬‬

‫في النصف الول من القرن الثالث ظهر في اللغة العربية معجمان علميان مختصان إل أنهما ليسا‬ ‫‪.17‬‬
‫من وضع علماء عرب بل هما معجمان مترجمان من اللغة اليونانية هما‪:‬‬

‫‪84‬‬
‫معجم المقالت الخمس من القرن الول الميلادي أو كتاب ]الحشاشين[ للعالم‬ ‫‪-1‬‬
‫اليوناني اديوتسفيريدس العين زربي من القرن الول الميلادي‪ ،‬من نقل اتسطفن بن بسيل )من‬
‫القرن الثالث( و إصل ح حنين إتسحاق )‪873-260‬م((‬

‫كتاب الادوية المفرادة للعالم اليوناني جالينوس البرغامي ‪199‬م‪ .‬من نقل حنين بن‬ ‫‪-2‬‬
‫إتسحاق‪.‬‬

‫و أطخر كتاب عربي ألف في الادوية المفرادة على طريقة القدامى هو]كشف الرموز[ لعبد الرزاق‬ ‫‪-‬‬
‫بن ح‪ّ،‬ماادوش الجزائري المتوفي )‪1168‬ه – ‪1754‬م(‬

‫كتاب النبات لبي حنيفة الدينوري )‪(282/895‬‬ ‫‪-‬‬

‫الرحلة المشرقية لبي العباس النباتي الشبيلي )‪ (1239-637‬و هو معجم في النبات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫معجم البلدان لياقوت الحموي )ت ‪1229-620‬م(‬ ‫‪-‬‬

‫كشاف اصطلحات الفنون لمحمد بن علي التهانوي الذي انتهى من تأليفه )‪(1745-1158‬‬ ‫‪-‬‬

‫ادراتسات في المعجم العربي ص ‪ 9‬و ما بعدها‬

‫‪ .18‬أول معجم علمي مختص يؤلف في اللغة العربية هو كتاب الادوية المفرادة لتسحق بن عمران‬

‫بالقيروان و هو مفقواد‪...‬و قد أطخذ منه ابن البيطار في كتابه الجامع في النبات و المداواة ‪ 22‬مفرادة‬

‫و في النبات ‪30‬‬

‫ادراتسات في المعجم العربي ص ‪.13‬‬

‫‪ .19‬لسان العرب لبن منظور ]جمال الدين أبو الفضل محمد بن مك‪ّ،‬رم ابن منظور )‪630‬ه‪711-‬ه( )‬
‫‪1232‬م‪ (1311 -‬في مستوى الجمع كان تابعا لعمال تسابقيه لنه لم يتسع إلى اتستيعاب الرصيد‬
‫المعجمي العربي كله‪ ،‬من مختلف مظانه‪ ،‬بل تعمد النحصار في طخمسة مصاادر فضلها على كل‬
‫ماعداها و اعتبرها كافية و هي‪:‬‬

‫التهذيب للزهري )ت ‪ 370‬ه ‪ 980/‬م(‪ ،‬الصحا ح للجوهري )ت ‪393‬ه‪1003/‬م( و المحكم لبن تسيدة‬
‫)ت ‪458‬ه‪1066/‬م( و الحواشي لبن بري)ت ‪ 582‬ه‪1187/‬م( و النهاية لبن الثير)ت ‪606‬ه ‪/‬‬

‫‪85‬‬
‫‪1210‬م(‪.‬‬

‫و من مزايا هذه المصاادر أنها‪:‬‬

‫* تنتمي إلى عصور مختلفة‪ ،‬ما بين النصف الول من القرن الرابع إلى نهاية القرن الساادس‬
‫الهجريين‬

‫* كما تنتمي إلى بيئات مختلفة‪.‬‬

‫* و من حيث الطختصاص تنتمي تلك المصاادر إلى مجالي المعجمية و علم الحديث )ابن الثير(‬

‫ـ كانت غاية ابن منظور اتستيعاب لسان العرب و الحاطة به‪.‬‬

‫‪ -‬ومن منهجيته أنه لم يكن يتقيد بالنقل الحرفي ادائما عن مصاادره فكان ذا موقف و منهج في الطخذ‬
‫فكانت مدونته معبرة عن شخصيته العلمية‪.‬‬

‫‪ -‬كان موقفه متحيزا ضد العجمة و ذلك ادفاعا عن العربية التي كانت في حالة جزر‪ .‬حيث فشت‬
‫العجمة و اتستفحلت ‪.‬‬

‫‪ -‬أفقد العجمة ألفاظا كثيرة‪ .‬حيث ادون مداطخل أعجمية كثيرة و لكنه اعتبرها عربية طخالصة ولم يشر‬
‫إلى عجمتها مثل البوارج و البريز و النزيم و بندق و البستان ‪ ..........‬و البطيخ‪.‬‬

‫‪ -‬اعتمد في اثبات العجمة لبعض اللفاظ على أراء عداد كبير من العلماء‪.‬‬

‫‪ -‬اقتصر في أطخذ المقترضات اللغوية على إثبات ما اعترف به أئمة اللغة من المقترضات و ادونوه في‬
‫متونهم و طخاصة المعرب العلمي‪.‬‬

‫‪ -‬كان يخضع العجمي لجذور عربية فوضع التستبرق تحت برق كما اشتق جذور وهمية من ألفاظ‬
‫أعجمية مثل بطرك الذي وضع للبطريك‪.‬‬

‫‪ -‬أطلق مصطلحات مختلفة على العجمي مثل )المعرب – الدطخيل – العجمي – المولد‪(.......‬‬

‫و نسب العجمي إلى لغات مختلفة مثل )الفارتسية – النبطية‪ -‬العبرانية )البعير( – الرومية و أهمل‬
‫كثيرا من نسبة اللفاظ إلى لغاتها‪.‬‬

‫‪ -‬لسان العرب لبن منظور‪.‬‬ ‫ادراتسات في المعجم العربي ‪ 157‬إلى ‪191‬‬

‫‪ .20‬من الكتب ذات الهمية التي اعتمدها المعجميون العرب في تعريف الماادة النباتية )كتاب النبات‬
‫لبي حنيفة الدينوري(‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ادراتسات في المعجم العربي ص ‪182‬‬

‫‪ .21‬مستدرك ادوزي‪ :‬ادوزي هو المستشرق الهولندي رينحارت ادوزي المتوفي ‪ 1883‬و هو مجمع‬
‫لمستدركات متعدادة لخصها في المستدرك على المعاجم العربية – صدرت طبعته الولى في لندن ‪.1881‬‬

‫‪ -‬جمع ماادته من المصاادر التي اتستقرأها و التي بلغت ‪ 450‬مصدرا ينتمي معظمها إلى ما بين القرن‬
‫الرابع و العاشر الهجريين‪.‬‬

‫‪ -‬حاول تدوين المولد و المستحدث من اللفاظ و العبارات الجديدة التي طرأت في مختلف العصار‬
‫التسلمية‪ ،‬طخلفا لمن تسبقوه الذين اكتفوا بتدوين الفصيح فقط في حدواد الجزيرة العربية و بعض التخوم‬
‫و نهاية عصر الحتجاج )ق ‪ 3‬ه(‬

‫‪ -‬و مع ذلك فكان في مدونة ادوزي بعض مصاادر النقص إذ لم يستقرأ كل المصاادر و طخاصة التي‬
‫كانت قبل عصر الحتجاج مع وجواد مؤلفات كثيرة في العلوم و طخاصة في القرن الثالث وفيها ألفاظ لم‬
‫تدون في المعاجم العربية‪.‬‬

‫‪ -‬رتب معجمه ألفبائيا بحسب الجذور معراة من الزوائد )و هذا من السلبيات(‪.‬‬

‫‪ -‬كان معجم ادوزي ثنائي )عربي ‪ /‬فرنسي( اللفظ بالعربي و الشر ح بالفرنسي‪.‬‬

‫‪ -‬كان لديه في كثير من الحيان ظاهرة الحشو بتكرار تعاريف بعض المداطخل و طخاصة المركبة‪.‬‬

‫‪ -‬كان المدطخل المركب تارة حسب الجزء الول و تارة حسب الثاني و أطخرى حسب‬

‫‪ -‬يعتبر معجم ادوزي أول معجم يقر بلغة المصار التسلمية من ادور في إثراء اللغة العربية‬

‫و ينطلق من مبدأ أن الفصاحة فصاحات‪.‬‬

‫ادراتسات في المعجم العربي ص ‪ 199‬و ما بعدها‪.‬‬

‫‪ .22‬كتاب الجامع لبن البيطار و معالجة المصطلح النباتي و الصيدلي‪.‬‬

‫ضياء الدين أبو محمد عبد ال بن أحمد المعروف بالعشاب و النباتي ولد في مالقة بالندلس في النصف‬
‫الثاني من القرن الساادس الهجري )الثاني عشر الميلادي( و توفي في ادمشق ‪1248 /646‬م‬

‫‪87‬‬
‫أهم كتبه التي وصلت‪ - :‬المغني من الادوية المفرادة‬

‫‪ -‬تفسير كتاب ادياتسفاريدوس‬

‫‪ -‬البانة و العلم بما في المنهاج من الخلل و الوهام‪.‬‬

‫‪ -‬الجامع لمفرادات الغذية للادوية‪.‬‬

‫‪ -‬المصطلحات النباتية و الصيدلية‪ :‬احتوى كتاب الجامع على ‪ 3000‬مصطلح علمي منها القديم‬
‫و منها الحديث الذي اطختص به ابن البيطار‪.‬‬

‫و اعتمد في منهجه على ‪ .1‬اتستقراء المصاادر القديمة‪ .2 .‬البحث الميداني‪ .3 .‬اعتمااد المخبرين‪.‬‬

‫وجد في القتراض اللغوي وتسيلة هامة لنماء معجمه اللغوي و توتسيعه إذ يلحظ تفتح المؤلف على‬
‫معجم اللهجات العامية في عصره و على معجم اللغات العجمية فقام بدور العالم المصطلحي و‬
‫المعجمي‪،‬كان يكتب المصطلح حسب نطقه بلغته الم فبدأ بالساكن مثل )تسطوبي (‬

‫إن عمل ابن البيطار العلمي و المعجمي منهج يحتذى به و طريقة ل تزال صالحة‪.‬‬

‫ابن بيطار – الجامع – ‪ 1/3‬و ‪3/14‬‬ ‫ادراتسات في المعجم العربي ‪293 – 271‬‬

‫‪ .23‬أهم المعاجم المتخصصة في العصر الحديث )طخلل القرن العشرين(‪.‬‬

‫‪ .1‬معجم العلوم الطبية و الطبيعية لمحمد شرف الصاادر في القاهرة ‪1926‬‬

‫‪ .2‬معجم أتسماء النبات لحمد عيسى الصاادر في القاهرة ‪) 1930‬لتيني‪ -‬فرنسي –‬


‫انجليزي عربي(‪.‬‬

‫‪ .3‬معجم الحيوان لمين المعلوف الصاادر في القاهرة ‪.1932‬‬

‫‪ .4‬معجم اللفاظ الزراعية للمير مصطفى الشهابي ادمشق ‪) 1943‬فرنسي – عربي(‬

‫‪ .5‬معجم المصطلحات الطبية الكثير اللغات الذي صدر في ادمشق ‪ 1956‬للتساتذة مرشد‬
‫طخاطر – أحمد حمدي الخياط – محمد صل ح الدين الكواكبي‪.‬‬

‫‪ .6‬مجموعة المصطلحات العلمية و الفنية الصاادر عن مجمع اللغة العربية بالقاهرة في تستة‬
‫أجزاء بين ‪ 957‬و ‪964‬‬

‫‪ .7‬الموتسوعة في علوم الطبيعة لادواراد غالب الصاادر في بيروت ‪ – 965‬ثلثة أجزاء‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ .8‬المعجم الطبي الموحد الصاادر في بغدااد ‪1973‬عن اتحااد الطباء العرب‪.‬‬

‫‪ .9‬المعجم الموحد للمصطلحات العلمية في مراحل التعليم العام الصاادر عن المنظمة‬


‫العربية للتربية و الثقافة و العلوم ممثلة في مكتب تنسيق التعريب بالرباط في ادمشق ‪ .‬و‬
‫بغدااد بين‪ 1976-‬ـ ‪ 1978‬في تستة أجزاء هي الرياضيات‪ ،‬الفيزياء‪ ،‬الكيمياء‪ ،‬الحيوان‪،‬‬
‫النبات‪ ،‬الجيولوجيا‪.‬‬

‫و السمة التساتسية في كل هذه المعاجم المتخصصة هي الترجمة‪ ،‬فهي جميعا ثنائية اللغة‬

‫أو متعدادة اللغات‪.‬‬

‫و قد رتبت مداطخلها المعجمية على حروف المعجم العجمية عدا الموتسوعة في علوم‬
‫الطبيعة‪.‬‬

‫ادراتسات في المعجم العربي ص ‪.295‬‬

‫‪ - .24‬معجم مصطلحات علم النبات ادمشق ‪ – 1978‬عداد مداطخله الصلية ‪ 4237‬ماادة‪.‬‬

‫‪ -‬اعتبرت في ترتيب مداطخله المصطلحات النجليزية أصول ثم اتبعت بالفرنسية و قوبلت جميعها‬
‫بالعربية‪.‬‬

‫‪ -‬و كان ترتيب المعجم من حيث الصفات عربيا )من اليسار إلى اليمين( طخاص بقسم النبات‪.‬‬

‫‪ -‬هذا المعجم مؤهل لن يكون أحسن ما ألف المحدثون في مصطلحات علم النبات و ذلك لتوفر‬
‫أربع طخصائص‪:‬‬

‫أ‪ -‬لنه تتويج للبحاث العربية في علم النبات‪.‬‬

‫ب‪ -‬لنه ثمرة عمل جماعي و مر بثلث مراحل – فقد أعد ماادته الولى مكتب تنسيق‬
‫التعريب‪ ،‬ثم أعاادت النظر فيه لجنة علمية في الجزائر ‪ ، 1973‬ثم أعاادت مراجعته‬
‫لجنة علمية متخصصة ‪.1974‬‬

‫ج‪ -‬انه معجم موحد بمعنى أن تحظى مصطلحا ته بنوع من الجماع العربي‪.‬‬

‫اد‪ -‬انه موجه إلى جمهور التعليم العام‪.‬‬

‫ادراتسات في المعجم ‪ 295‬إلى ‪.298‬‬ ‫المعجم الموحد‬

‫‪89‬‬
‫‪ .25‬ومع المزايا اليجابية فان معجم النبات ل يخلو من بعض السلبيات مثل‪:‬‬

‫‪ .1‬أنه طخال من التعريف و يكتفي بذكر المقابل العربي فيعرف المصطلح بمصطلح آطخر و كأنه‬
‫معجم لغة عامة مع أنه معجم مصطلحات علمية‬

‫‪ .2‬هناك نوع من التسيب المنهجي في وضع المصطلحات و من مظاهر ذلك عدم التقيد بمنهج‬
‫ادقيق في معالجة السوابق و اللواحق كترجمة اللحقة ‪ OIDE‬ذات الصل اليوناني بست طرق‬
‫مختلفة‪ ،‬و الضطراب في تعريب الصوات العجمية مثل ‪ .V. G‬بالضافة إلى تحريف‬
‫مصطلحات عربية كانت اللغة اللتينية قد اقترضتها في القرون الوتسطى مثل مصطلح تسماق‬
‫الذي جاءت محرفة تسماك‪.‬‬

‫هذا بالضافة إلى القطيعة بين واضعي هذا المعجم و العلماء السابقين من القدماء و المحدثين‬

‫ادراتسات في المعجم العربي ص ‪203-299‬‬

‫‪ .26‬من ناحية أطخرى يلحظ تزايد ظهور المعاجم الفنية التخصصية في كثير من مجالت العلوم بفضل‬
‫جهواد مؤتسسات التعريب و مجامع اللغة العربية في عدة أقطار عربية في المشرق و المغرب‪.‬‬

‫محمد جابر النصاري‬ ‫تجديد النهضة باكتساب الذات و تقدمها‬

‫‪ .27‬من المعاجم الحديثة‪ :‬الجاتسوس على القاموس لحمد فارس الشدياق )‪ (1887-1804‬ينتقد فيه‬
‫القاموس المحيط للفيروز أباادي‪.‬‬

‫كنز الرغائب ‪1/205‬‬

‫خ ح ‪75‬‬

‫‪ .28‬البرقيات لحمد تيمور )‪ (1930-1871‬و هو معجم صغير كان هدفه احياء بعض الكلمات العربية‬
‫خ ح ص ‪.101‬‬ ‫القديمة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫حصة تطبيقية حول تعريف المعجم لغة واصطلحا‪:‬‬

‫‪ :‬النص‬
‫يقول ابن جني ‪ " :‬اعلم أن عجم وقعت في كلم العرب للبهام و الطخفاء وضد البيان والفصا ح ‪،‬‬
‫فالعجمة الحبسة في اللسان ‪ ،‬ومن ذلك رجل أعجم وامرأة عجماء ‪ ،‬إذا كانا ل يفصحان ول يبينان‬
‫كلمهما ‪ ،‬والعجم الطخرس ‪ ،‬والعجم و العجمي غير العرب لعدم إبانتهم أصل ‪ ،‬واتستعجم العربي‬
‫القراءة ‪ ،‬لم يقدر عليها لغلبة النعاس عليه ‪ ،‬والعجماء البهيمة لنها ل توضح ما في نفسها ‪ ،‬واتستعجم‬
‫‪ .............‬الرجل ‪ :‬تسكت ‪ ،‬واتستعجمت الدار عن جواب تسائلها تسكتت‬
‫اعلم أن أعجمت وزنه أفعلت و أفعلت هذه وان كانت في غالب أمرها تأتي للثبات و اليجاب نحو‬
‫أكرمت زيدا أي أوجبت له الكرامة ‪ ،‬فقد تأتي أفعلت أيضا ويرااد بها السلب والنفي ‪ ،‬وذلك نحو أشكيت‬
‫‪ " .‬زيدا أي أزلت له ما يشكوه ‪ ،‬وكذلك قولنا أعجمت الكتاب أي أزلت عنه اتستعجامه‬

‫ابن جني ‪ :‬تسر صناعة العراب ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪40‬‬

‫التحليل‬

‫يتضح لنا من اتستعمال مشتقات كلمة عجم أنها ل تفيد الوضو ح إنما تدل على الغموض ‪ ،‬فكيف يكون‬
‫‪.‬المعجم من مشتقاتها ؟ والمعروف أن من أهدافه التساتسية التيسير والتسهيل ؟‬

‫‪:‬جمع ابن جني في هذا النص مشتقات كلمة عجم محدادا معانيها ب‬

‫عجم ‪ :‬وقعت في كلم العرب للبهام والطخفاء و ضد البيان والفصا ح‬


‫العجمة ‪ :‬الحبسة في اللسان‬
‫رجل أعجم ‪ ،‬امرأة عجماء ‪ :‬إذا كان ل يفصحان ل يبينان كلمهما‬
‫العجم ‪ :‬الطخرس‬
‫العجم ‪ ،‬العجمي ‪ :‬غير العرب لعدم إبانتهم أصل‬
‫ااستعجم القراءة ‪ :‬لم يقدر عليها لغلبة النعاس عليه‬
‫العجماء ‪ :‬البهيمة لنها ل توضح ما بنفسها‬

‫‪91‬‬
‫ااستعجم الرجل ‪ :‬تسكت‬
‫ااستعجمت الدار عن جواب اسائلها ‪ :‬تسكتت‬

‫‪ :‬فباتستقرائنا لمعاني كل هذه الكلمات يتبين لنا أنها تدل على‬


‫عدم البيان والفصاحة ‪ ،‬على عدم القدرة ‪ ،‬على السكوت ‪ ،‬عدم التوضيح ‪.‬وكلها إذن تشترك في ادللتها‬
‫على عدم الوضو ح أي على الغموض ‪ ،‬فكيف يكون المعجم من مشتقاتها ‪ ،‬مع العلم أننا نستعمل المعجم‬
‫‪.‬لتوضيح معاني الكلمات ؟‬
‫‪ :‬لكن ابن جني يوضح لنا في الجزء الثاني من النص أن أعجمت على وزن أفعلت التي تدل على معنى‬
‫أ ـ الثبات‪ :‬أكرمت زيدا أي أوجبت له الكرامة‬
‫ب ـ النفي‪ :‬أشكيت زيدا أي أزلت له ما يشكوه‬
‫أعجمت الكتاب أي أزلت عنه اتستعجامه‬

‫‪ :‬المعنى الصطلحي لكلمة المعجم‬


‫هو كتاب يضم أكبر عداد من مفرادات اللغة مقرونة بشر ح معناها واشتقاقها وطريقة نطقها و شواهد تبين‬
‫‪.‬مواضع اتستعمالها‬

‫‪92‬‬
‫حصة تطبيقية حول تحليل مادة معجمية‬

‫يحلل المعجم معنى الكلمات بالنظر إلى مستوياتها اللغوية المختلفة وهي مستويات تمثل مجموعة من‬
‫‪ :‬المعلومات التي يتوقع أي طالب أن يقدمها له المعجم‬
‫أ ـ المعلومات الصوتية‪ :‬وهو تمثل صوتي ادقيق يمثل الحرف في الكتابة رمزا كتابيا واحدا مستقل كأن‬
‫‪ .‬تصف حركات الكلمة و مدها واعجام الحروف وإهمالها‬
‫ب ـ المعلومات الصرفية ‪ :‬يقدم المعجم تحديد المبنى الصرفي للكلمة إذا كانت اتسما أو صفة أو فعل ‪،‬‬
‫وهذا غالبا ما يحدث في صيغ صرفية محايدة مثل فاعل ) بكسر العين ( تقال لصفة فاعل و المر من‬
‫‪ .‬فاعل نحو قاتل‬
‫ج ـ المعلومات النحوية‪ :‬حينما يسوق المعجمي شواهد الكلمة عاادة ما يوراد بعض الشارات النحوية‪،‬‬
‫‪.‬وذلك بعرض بعض القواعد النحوية وذكر معناها الوظيفي في فهم المعنى‬
‫د ـ المعلومات الدللية ‪ :‬يكون شر ح المعنى بذكر المعاني المتعدادة التي يصلح كل واحدة منها لسياق‬
‫‪ :‬معين‪ ،‬وذلك‬
‫ـ بعرض الشكال التي تستعمل في عصر واحد مثل ‪ :‬بكة ومكة‬
‫ـ تخصيص مدطخل لكل اشتقاق من اشتقاقات الماادة‬
‫‪ .‬ـ يتجنب الشر ح بالمراادف‬
‫ـ التستشهااد على كل معنى من المعاني التي يورادها المعجم للكلمة إذ يساعد في تركيبها‬

‫‪ :‬نموذج تطبيقي على معجم تاج اللغة وصحاح العربية‬


‫ينتمي إلى معاجم اللفاظ ‪ ،‬ويمثل المدارس التي اعتمدت على نظام القافية ‪ ،‬أي الترتيب اللفبائي للكلمات‬
‫‪ .‬مع اعتبار أواطخر الصول‬

‫مؤلفه هو أبو نصر إتسماعيل بن حمااد الجوهري المتوفي تسنة ‪400‬ه ‪ .‬تتلمذ على يد أبي علي الفارتسي‬
‫و أبي تسعيد السيرافي ‪ .‬و يدلنا عنوان المعجم على أن صاحبه قصد إلى أرقى اللفاظ والصحيح منها‬
‫بصفة طخاصة‪ .‬يقول في مقدمته‪ " :‬أوادعت هذا الكتاب ما صح عندي من هذه اللغة التي شرف ال تعالى‬
‫" منزلتها‬
‫ترك الجوهري نظام ترتيب الحروف على المخارج ‪ ،‬ونظام ترتيبها على اللف باء ‪ .‬و ابتدع نظاما‬
‫جديدا‬

‫‪93‬‬
‫منهج المعجم‬

‫راعى فيه ترتيب اللفاظ حسب أواطخرها‬


‫فالمعجم عنده ينقسم إلى ثمانية وعشرين بابا ‪ ،‬كل واحد منها يتناول اللفاظ المتحدة الحرف الطخير ‪،‬‬
‫‪ .‬فباب لما آطخره همزة ‪ ،‬وباب لما آطخره باء ‪ ،‬وباب لما آطخره تاء ‪ ،‬وهكذا تتوالى البواب إلى آطخر الحروف‬
‫ثم قسم كل باب من هذه البواب إلى فصول معتمدا على الحرف الول من الكلمة ومرتبا لها على اللف‬
‫باء أيضا ‪ .‬فباب الهمزة مثل يحوي فصل الهمزة ‪ ،‬ففصل الباء ‪.....‬إلى آطخر الحروف والفصول‪ ،‬وهذه‬
‫‪.‬الفصول تحوي جميع اللفاظ الثنائية والثلثية و الرباعية‬
‫‪ :‬تسار على طريقة الصحا ح معاجم كثيرة ‪ ،‬أشهرها‬

‫ـ لسان العرب لبن منظور ت تسنة ‪711‬ه ‪1‬‬


‫ـ القاموس المحيط للفيروز آباادي ت تسنة ‪817‬ه ‪2‬‬
‫ـ تاج العروس للزبيدي تسنة ‪1205‬ه ‪3‬‬

‫كيفية ااستخدامه ‪ :‬إذا أرادنا مثل البحث عن معنى كلمة اتستكتب ‪ :‬جرادناها من الحروف الزائدة وهي‬
‫‪ .‬همزة الوصل والسين والتاء ‪ ،‬فيكون أصلها كتب ‪ ،‬فنبحث عنها في باب الباء فصل الكاف‬

‫نموذج من المعجم‬

‫) مادة عق ) باب القاف فصل العين‬

‫العقيقة ‪ :‬صوف الجذع ‪ .‬و شعر كل مولواد من الناس و البهائم الذي يولد عليه ‪ :‬عقيقة وعقيق وعقة‬
‫‪ :‬أيضا بالكسر ‪ .‬قال ابن الرقاع يصف حمارا‬
‫و اجتاب أطخرى جديدا بعدما ابتقل‬ ‫تحسرت عقة عنه فأنسلها‬
‫و منه تسميت الشاة التي تذبح عن المولواد يوم أتسبوعه ‪ :‬عقيقة ‪ .‬وقال أبو عبيد ‪ :‬العقة في الناس والحمر‬
‫ولم نسمعه في غيرهما‬
‫‪ :‬وعقيقة البرق ‪ :‬ما انعق منه ‪ ،‬أي تضرب في السحاب و به شبه السيف ‪ .‬قال عنترة‬

‫‪94‬‬
‫تسلحي ل أفل ول فطارا‬ ‫وتسيفي كالعقيقة فهو كمعي‬

‫وكل انشقاق فهو انعقاق ‪ .‬وكل شق وطخرق في الرمل وغيره فهو عق‪ .‬ويقال انعقت السحاب ‪ ،‬إذا تبعجت‬
‫‪ .‬بالماء‬

‫والعقيق‪ ،‬ضرب من الفصوص ‪ .‬والعقيق وااد بظاهر المدينة ‪ .‬وكل مسيل شقه ماء السيل فوتسعه فهو‬
‫‪ .‬عقيق والجمع أعقة‬

‫‪ :‬وعق بالسهم إذا رمى به نحو السماء ‪ ،‬وينشد للهذلي‬

‫ياليتني في القوم إذا مسحوا اللحى‬ ‫عقوا بسهم ثم قالوا صالحوا‬

‫و ذلك السهم يسمى عقيقة ‪ ،‬وهو تسهم العتذار وكانوا يفعلونه في الجاهلية ‪ .‬فان رجع السهم ملطخا بالدم‬
‫لم يرضوا إل بالقوة‪ ،‬و إن رجع نقيا مسحوا لحاهم وصالحوا على الدية ‪ .‬وكان مسح اللحى علمة للصلح‪،‬‬
‫‪:‬قال ابن العرابي‪ :‬لم يرجع ذلك السهم إل نقيا‪ .‬ويروي عقوا بسهم‪ ،‬بفتح القاف‪ ،‬وهو من باب المعتل و ينشد‬

‫ثم اتستفاءوا وقالوا حبذا الوضح‬ ‫عقوا بسهم فلم يشعر به أحد‬
‫وعق عن ولده يعق ‪ :‬إذا ذبح عنه يوم أتسبوعه ‪ ،‬وكذلك إذا حلق عقيقته ‪ .‬وعق والده يعق عقوقا ومعقة‬
‫فهو عاق وعقق ‪ ،‬مثل عامر وعمر ‪ ،‬والجمع عققة مثل كفرة ‪ .‬وفي الحديث ) ذق عقق( أي ذق جزاء فعلك‬
‫‪ .‬يا عاق‬
‫أعق فلن ‪ :‬إذا جاء بالعقوق ‪ .‬وأعقت الفرس ‪ :‬أي حملت فهي عقوق ‪ ،‬ول يقال معق إل في لغة‬
‫‪ .‬راديئة ‪ ،‬وهو من النواادر ‪ ،‬والجمع عقق مثل لرتسول رتسل‬

‫‪ .‬ونوى العقوق ‪ :‬نوى رطخو تعلفه البل العقق ‪ ،‬وربما تسموا تلك النواة عقيقة‬
‫والعقاق الحوامل من كل حافر ‪ ،‬وهو جمع عقق مثل قلص وقلص وتسلب وتسلب ‪ .‬والعقاق بالفتح ‪:‬‬
‫‪ ............‬الحمل ‪ ،‬يقال أظهرت التان عقاقا وكذلك العقق‬

‫‪ ) .‬المطلوب ‪ :‬حداد المعلومات التي ذكرها الجوهري لماادة ) عق‬

‫‪95‬‬
‫‪:‬الجابة ‪ :‬لقد شر ح الجوهري الماادة ) عق ( بذكره لمجموعة من المعلومات نفصلها ب‬

‫أ ـ المعلومات الصوتية ‪ :‬أوراد الجوهري طريقة نطق بعض الكلمات مثل قوله ‪ :‬عقة أيضا بالكسر وعقوا‬
‫‪ .‬بسهم بفتح القاف ‪ ،‬العقاق بالفتح‬
‫ب ـ المعلومات الصرفية ‪ :‬قدم لنا مجموعة من اشتقاقات الجذر ) عقق ( ‪ ،‬ابتداء من الفعل الماضي عق‬
‫في قوله‪ :‬عق بالسهم ‪ ،‬أعق ‪ ،‬العقاق ‪ ،‬العقوق إضافة لذكر بعض الجموع مثل الجمع عقق‬
‫‪ .‬وعققة‪.‬وبعض أبواب الفعل في قوله ‪ :‬عقوا بسهم هو من باب الفعل المعتل‬
‫ج ـ المعلومات الدللية ‪ :‬شر ح الجوهري معاني الكلمات المشتقة من الفعل ) عقق(‪ ،‬كتعريفه للعقيق ‪:‬‬
‫‪.‬بأنها ضرب من الفصوص و العقاق ‪ :‬الحوامل من كل حافر‬
‫الشواهد ‪ :‬اتستعان مؤلف المعجم لتحديد معاني بعض الكلمات بمجموعة من البيات الشعرية لشعراء‬
‫‪ .‬يعتد بفصاحتهم اللغوية‬

‫‪ :‬تمرين‬

‫‪:‬ـ رتب هذه الكلمات على حسب طريقة عرضها في معجم الصحا ح ‪1‬‬

‫أ ـ ندم‪ ،‬علم‪ ،‬تسلم‪ ،‬وهم‪ ،‬قدم‪ ،‬رادم‪ ،‬ثلم‬


‫ب ـ عنف ‪ ،‬عكف ‪ ،‬عفف ‪ ،‬عاف ‪ ،‬عقف ‪ ،‬عسف ‪ ،‬عرف‬

‫‪ :‬ـ اقرأ تسورة القارعة ‪2‬‬


‫باتسم ال الرحمان الرحيم‪ .‬القارعة ‪ ،‬ما القارعة‪ .‬وما أادراك ما القارعة‪ ،‬يوم يكون الناس كالفراش"‬
‫المبثوث‪ ،‬وتكون الجبال كالعهن المنفوش‪ .‬فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية‪ ،‬وأما من طخفت‬
‫‪ ".‬موازينه فأمه هاوية‪ ،‬وما أادراك ماهيه ‪ ،‬نار حامية‬

‫المطلوب ‪:‬اتستخرج معاني المفرادات التالية من معجم الصحا ح أواللسان ‪ ،‬أو تاج العروس ‪ ،‬أوالقاموس‬
‫‪:‬المحيط ‪ ،‬مبينا نوع المعلومات التي يقدمها كل معجم‬

‫القارعة‪ ،‬المبثوث‪ ،‬العهن‪ ،‬المنفوش‪ ،‬هاوية‬

‫‪96‬‬

You might also like