You are on page 1of 6

‫محاضرة رقم ( ‪) 2‬‬ ‫ـ مادة ( المهارات اللغوية )‬

‫ـ الفرق بين الفصحى والعامية في اللغة العربية ‪:‬‬

‫إن اللغة العربية لها ثالثة مستويات وهي ‪ :‬الفصيح واللهجي والعامي ‪ ،‬فالفصيح‬
‫يمثل اللغة النموذجية المنتقاة في األلفاظ والمعاني والتراكيب ‪ ،‬وهي التي استعملت ‪ -‬وما‬
‫زالت تستعمل ‪-‬في الكتابة والتأليف والفنون األدبية ‪ ،‬وتسمى اللغة المشتركة ‪ ،‬أو اللغة‬
‫المثالية ‪ ،‬وقد وصلت إلينا عن طريق القرآن الكريم ‪ ،‬والسنة المطهرة ‪ ،‬والشعر العربي ‪،‬‬
‫وأقوال العرب وأمثالهم ‪.‬‬
‫واللهجة معناها ‪:‬الخصائص اللغوية التي تشترك فيها بيئة من البيئات ‪ ،‬أو ينفرد بها مجتمع‬
‫من المجتمعات ‪ ,‬وتنتمي إلى مجموعة أكبر تتفق جميعها في سمات وخصائص مشتركة ‪،‬‬
‫والعامية لها تعريفان ‪ ،‬األول ‪ :‬هى تلك األلفاظ واالستعماالت التي يكثر دورانها على ألسنة‬
‫الناس ‪ ،‬واآلخر ‪ :‬هى تحريفات أللفاظ كانت من قبل عربية صحيحة أو تشويه لمعاني تلك‬
‫األلفاظ ‪.‬‬
‫ـ مستويات اللغة ‪:‬‬
‫وضع اللغويون مقاييس للحكم على االستعمال اللغوي بأنه صواب وصحيح ‪ ،‬وما يخالف‬
‫تلك المقاييس يعد خارجا عن االستعمال الصحيح الذى يتفق وطريقة العرب الفصحاء في‬
‫النطق والكالم ‪ ,‬و ينبغي أن نفرق بين ثالثة مستويات من االستعمال اللغوي ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫المستوى األول ‪ :‬الفصيح ‪:‬‬
‫يقال ‪ :‬فصح الشيء ؛ أي ‪ :‬صار خالصا من الشوائب ‪ ،‬يتبين ذلك من قول نضلة السلمي ‪:‬‬
‫الرغوة اللبن الفصيح ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫وتحت‬ ‫‪..............................‬‬
‫صيح أي ‪ :‬خالص من العيوب ‪ ،‬ولغة فصيحة ؛ أي ‪ :‬ال لحن فيها ‪ ،‬والفصاحة ‪:‬‬
‫ولفظ ف ِ‬
‫البيان ‪ ،‬ولسان فصيح ؛ أي ‪ :‬ط ْلق ‪ ،‬قال ابن منظور ‪ :‬وفصح األعجمى بالضم فصاحة ‪:‬‬
‫تكلم بالعربية وفهم عنه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬جادت لغته حتى ال يلحن ‪ ,‬واللغة العربية الفصحى هى‬

‫‪1‬‬
‫التي استعملت ‪ -‬وما زالت تستعمل – في التأليف والفنون األدبية ‪ ،‬وتسمى اللغة النموذجية‪،‬‬
‫أو اللغة المشتركة‪ ،‬أو لغة الكتابة ‪ ،‬وهي لغة منتقاة في ألفاظها ومعانيها وتراكيبها‪.‬‬
‫المستوى الثاني ‪ :‬اللهجة ‪:‬‬
‫واللهجة معناها ‪:‬مجموعة من الخصائص اللغوية التي تشترك فيها بيئة من البيئات‪ ،‬أو‬
‫يتكلم بها مجتمع من المجتمعات وتنتمي إلى بيئة أكبر تضم عددا من اللهجات التي تحمل‬
‫سمات مشتركة وتؤلف فيما بينها لغة لها خصائص ومميزات‪ ،‬وقد عرفها أحد اللغويين‬
‫بقوله " ‪ :‬مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة‪ ،‬وتشترك في هذه الصفات‬
‫جميع أفراد هذه البيئة ‪ ،‬وبيئة اللهجة هى جزء من بيئة أوسع وأشمل يضم عدة لهجات " ‪،‬‬
‫أو اللهجة هى " العادات الكالمية لمجموعة قليلة من مجموعة أكبرمن الناس تتكلم لغة‬
‫واحدة " ‪ ,‬وفصحاء العرب كانوا يتكلمون لغة مثالية منتقاة في ألفاظها ومعانيها ‪ ،‬وذلك إذا‬
‫قرضوا الشعر أو ألقوا خطبة في مجتمع فيه علية القوم وأرباب البيان ‪ ،‬فإذا خلوا إلى‬
‫بيئاتهم الخاصة نراهم يتكلمون بما يوافق تلك البيئة ‪ ,‬وما يشيع وينتشر فيها من الخصائص‬
‫اللغوية ‪ ,‬ويقول الدكتور صبحى الصالح ‪ " :‬والوحدة اللغوية التي صادفها اإلسالم حين‬
‫قواها قرآنه بعد نزوله ‪ ،‬ال تنفي ظاهرة اللهجات عمليا قبل اإلسالم وبقاءها بعده‬
‫ظهوره‪ ،‬و ّ‬
‫‪ ،‬بل من المؤكد أن عامة العرب لم يكونوا إذا عادوا إلى أقاليمهم يتحدثون بتلك اللغة المثالية‬
‫الموحدة ‪ ،‬وإنما كانوا يعبرون بلهجاتهم الخاصة ‪ ،‬وتظهر على تعابيرهم صفات لهجاتهم‬
‫وخصائص ألحانهم " ‪.‬‬
‫المستوى الثالث ‪ :‬العامي ‪:‬‬
‫قد يقال ‪ :‬لفظ عامي‪ ،‬أو لغة العوام ‪ ،‬أو اللغة العامية ‪ ،‬واستعمال مصطلح العامي ارتبط‬
‫عند بعض علماء اللغة بمعنى اللحن أو التحريف ‪ ,‬أما لغة العوام أو اللغة العامية ‪ ,‬فهذان‬
‫المصطلحان ال يدالن على أنها تخالف الفصحى أو أنها تطلق على كل استعمال ال يوافق‬
‫االستعمال الصحيح ‪ ،‬بل لغة العامة أو لغة العوام معناها ‪ :‬هى تلك األلفاظ التي يكثر‬
‫دورانها على ألسنة غير العارفين بلغة العرب ‪ ،‬و أطلق على هذه األلفاظ عامية باعتبار‬
‫كثرة استعمال العوام لها في محادثاتهم ومخاطباتهم ‪ ،‬ويسميه بعض البالغيين بالمبتذل ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ولغة العوام منها صحيح وموافق للغة العرب ‪ ،‬ويسمى ‪ ( :‬العامي الفصيح ) ‪ ،‬ومنها غير‬
‫صحيح وهو ما أطلق عليه علماء اللغة مصطلح ) لحن العامة أو لحن العوام ) ‪ ,‬وكل‬
‫مستوى من تلك المستويات التي سبق الحديث عنها ‪ ،‬له مواطن يستعمل لها ‪ ،‬ومقامات‬
‫يستخدم فيها ‪ ،‬فاللغة الفصحى تستعمل في الكتابة والتأليف وصياغة التشريعات والفنون‬
‫األدبية ‪ ،‬واللهجات تستعمل في التعامالت واألحاديث اليومية بين مجموعة من الناس في‬
‫الحرف ‪ ,‬وعوام الناس فيما بينهم ‪ ،‬وال‬
‫بيئة معينة ‪ ،‬والعامية تستعمل في محادثات أصحاب ِ‬
‫يخفى التداخل بين اللهجات والعامية في االستعمال ‪.‬‬
‫ـ وبعد هذا يمكن أن نذكر بعض الفروقات بين الفصحى والعامية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ العامية أو اللهجة هي لغة السواد األعظم لمجموعة من الناس ‪ ،‬بينما الفصحى تقتصر‬
‫على الخاصة أي لغة الطبقة المتعلمة ‪ ،‬وتعتبر اللغة الرسمية المعترف بها في إطار‬
‫مؤسسات السلطة وفي المحافل الدولية واإلعالمية والتربوية والعلمية واألدبية ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ تحرر العامية من التقييدات واألحكام اللغوية لتنطلق على سجيتها الكالمية باعتبارها‬
‫اللغة المحكية‪ ،‬بينما تحدّد الفصحى بأحكام الصرف والنحو واأللفاظ الداللية المنتقاة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تقتصر العامية بتشعبات لهجاتها المختلفة على مجموعات سكانية متميّزة في البلد‬
‫الواحد من جراء تعايش المجاميع في مواقع جغرافية متفاوتة من البلد كشماله ‪ ،‬ووسطه‬
‫وجنوبه ‪ ،‬بينما تفرض الفصحى نفسها على البلد قاطبة من خالل العملية التعليمية‬
‫واألعالمية رغم انحصار تأثيرها واستعمالها على النخبة الخاصة والمتميّزة بحكم العمل‬
‫الوظيفي والشؤون الرسمية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ تتميز العامية بلهجاتها الكثيرة بطابع المغايرة النبرية في البلد الواحد كأن تقول هذه‬
‫لهجة عراقية ‪ ,‬أو سورية أو مصرية ‪ ،‬لبنانية ‪ ،‬بينما تتمثل الفصحى والحالة هذه بمصدرها‬
‫البليغ المتمثل بالقرآن الكريم الذي يتوجب قراءته وفق األصول المحتمة وبشكل خاص في‬
‫عملية التجويد ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ 5‬ـ من يتحدث بالعامية وال يقوى القراءة والكتابة‪ ،‬عادة ما يعاني صعوبة في فهم‬
‫واستيعاب ما تعنيه الفصحى من خالل احتوائها على مفردات لم تطرق سمعه في المحيط‬
‫الذي نشأ وترعرع فيه‪ ،‬وسهولة العملية لمن تسلح بسالح القراءة والكتابة‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ إفتقار العامية إلى ما ال يحصى من المصطلحات العلمية والفنية والمفردات المستحدثة‬
‫وال سيِّما العصرية التي تمليها مستلزمات التطور الحضاري والتقدم التكنولوجي لتستدرج‬
‫في قاموس الفصحى تيسيرا ألستعمالها وضرورة انسجامها مع متطلبات مناهج البحث‬
‫العلمي والعلوم المستحدثة‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ اختالف اللهجات العامية في البلد الواحد باختالف طبقات الناس وفئاتهم أي ما يسمى‬
‫باللهجات اإل جتماعية حيث تتشعب لغة المحادثة كلهجة االرستقراطيين والتجار والمهن‬
‫األخرى والنساء الالئي ينعزلن عن مجتمع الرجال ‪ ،‬بينما تفتقد هذه الظاهرة في عرف‬
‫الفصحى ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ ندرة المترادفات في العامية واقتصار المعنى في لفظ واحد يفي بالغرض المطلوب أو‬
‫الضرورية منها للحديث‪ ،‬بينما تزخر الفصحى بالمترادفات التي ال حصر لها في لغة‬
‫العرب‪.‬‬

‫قلة التدوينات والمنشورات بالعامية سواء المخطوطة أو المطبوعة ‪ ،‬واكتظاظ‬ ‫‪ 9‬ـ‬


‫المكتبات بما يقتصر على اللغة الفصحى ‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ عدم تواجد المعاجم والقواميس التي تفي بالغرض المطلوب في العامي ـ إالَّ ما ندر‬
‫ولحاجات خاصة تقتضيها الضرورة ـ بينما معاجم وقواميس الفصحى تغطي مساحة واسعة‬
‫في عالم الكتب ‪ ،‬وخاصة ما يتعلق بالعربية الفصحى ‪ ,‬واللغات األجنبية بسبب ظروف‬
‫الهجرة والدراسات األكاديمية أو التعليمية كما هو الحال في السويد والدنمارك والدول‬
‫األوروبية األخرى ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وهناك سؤال مهم كيف نحسن لغتنا الفصحى ؟ واإلجابة على هذا السؤال يكون عن طريق‬
‫قراءة عدد من المصادر منها ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ القرآن الكريم ‪:‬‬


‫فالقرآن الكريم أول المصادر لتحسين لغتنا الفصحى ‪ ,‬إذ معجزة لغوية وقف عندها الكثير‬
‫من علماء البالغة والنحو كأبي األسود الدؤلي‪ ،‬الزمخشري ‪ ,‬وغيرهم الكثير… لهذا ‪،‬‬
‫احرص على قراءة جزءٍ صغير من المصحف الشريف يوميا ‪ ،‬وهنا أؤكد على جعل عدد‬
‫الصفحات المقروءة قليال وليس كثيرا ‪ ,‬فقراءة القرآن الكريم ستساعد على تحسين مخارج‬
‫الحروف وضبط اللسان والنطق ‪ ،‬واكتشاف أساليب لغوية قوية وكلمات قد تستوقفنا إن قرأنا‬
‫بتأن وتمهل… لهذا‪ ،‬وبصفة عامة‪ ،‬ال تجعل الكم هدفك من القراءة بقدر ما حاول‬
‫المصحف ٍ‬
‫أن تكتشف عظمة المعاني‪ ،‬الكلمات واألساليب المختلفة الكثيرة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ البيان والتبيين – الجاحظ ‪:‬‬

‫يعد كتاب البيان والتبيين من أعظم كتب الجاحظ‪ ،‬بل ومن أعظم الكتب التي ُكتبت باللغة‬
‫العربية على اإلطالق ‪ ,‬يقع في ‪ 4‬مجلدات‪ ،‬غلبت على موضوعات الكتاب الصبغة األدبية ‪،‬‬
‫بخالل كتابه الحيوان الذي عالج موضوعات أقرب للعلمية ‪ ,‬ولكن على الرغم من غلبة‬
‫األدبية على كتاب البيان والتبيين‪ ،‬إال أن روح الجاحظ ظلت حاضرة‪ ،‬فهو بطبيعته يتطرق‬
‫‪.‬‬ ‫لموضوعات فلسفية عميقة ‪ ،‬مما يمنح القارئ متعة األدب وعمق الفكر‬

‫‪ 3‬ـ القصائد الشعرية ‪:‬‬


‫الشعر هو فن جميل ‪ ،‬وقسم رائع من الكتابة اإلبداعية‪ ،‬فيه يُبرز الشاعر قاموسه الدّسم‬
‫الغني بالكلمات والتعابير‪ .‬لل ّ‬
‫شِّعر فروع عديدة‪ ،‬بعضها أفضل من اآلخر؛ فلن تساعدك قصائد‬
‫الحب والغزل في تقوية لغتك ‪ ،‬بل إن فروعا أخرى كشعر السجون وغيرها هي ما تساعدك‬
‫حقا ‪ ,‬ابدأ بقراءة قصائد ودواوين أفضل شعراء العرب ال ُمعاصرين والقدماء ( من عصر‬
‫الجاهلية ) ‪ ،‬ابتداء بال ُمعلّقات التي يُقال أنها نشرت على أستار الكعبة مرورا بأشعار أحمد‬
‫‪5‬‬
‫شوقي في القرن الماضي ‪ ,‬وليس انتهاء باألشعار الحديثة إلبراهيم طوقان ومحمود درويش‬
‫‪.‬‬ ‫وغيرهم‬

‫‪ 4‬ـ ألف حكاية وحكاية من األدب العربي القديم – حسين أحمد أمين ‪:‬‬

‫يضم هذا الكتاب مجموعة رائعة من الحكايات والطرائف التي امتألت بها كتب األدب‬
‫القديم‪ ،‬حيث قام مؤلفه حسين أحمد أمين بتجميع أفضل ما جاء في الكتب األدبية القديمة من‬
‫طرف وروائع تحبّب إليك اللغة العربية ودروبها‪ .‬وقد كان موفقا جدا في اختياراته وعرضه‬
‫لموضوعاته‪ .‬وقد عرض في هذا الكتاب مئة حكاية عربية منتقاة من كتب األدب العربي‬
‫اإلسالمي ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ وحي القلم – مصطفى صادق الرافعي ‪:‬‬

‫كتاب رائع في أسلوبه وموضوعاته‪ ،‬فمصطفى صادق الرافعي في هذا الكتاب قد بلغ قمة‬
‫اإلبداع ‪ ،‬حين تقرأ الكتاب تجد أسلوبا رصينا يحبب إليك اللغة العربية ‪ ،‬وعرض قصص‬
‫تاريخية بهذا األسلوب الرائع ‪ ،‬حوارات قمة في العمق‪ ،‬وامتالك دقيق لناصية اللغة العربية ‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like