Professional Documents
Culture Documents
– عندما يُذكر الخالف في النحو فهو ال يتعدى البصريين وال6كوفيين ،الذين أخذوا النحو عن سكان الجزيرة العربية وقبائلها ، ،التي بلهجاتها
نزل القرآن الكريم ،ودار بينهما الخالف في جل أبواب النحو ومسائله ،على ما تفرع من أصول النحو التي كانت لغة هذه القبائل أو بعضها
سببا ً في وضعها وهو السماع عنها ،ولم يكن ما جاء بعد هاتين المدرستين إال نتيجة لما خلفاه من مسائل وآراء في النحو العربي من حيث
القواعد والفروع .
– ولم يكن بعدهما خالف ذو بال يذكر ،حيث جاء بعدهم أهل بغداد ونحوهم قائم على ما دار بين البصريين والكوفيين وعلى ما جاء في
المذهبين ،ولم يكونوا سوى جهة توفيق بين النحو البصري والكوفي ،فلم يزيدوا على النحو إال أنهم انتقوا من آراء المدرستين ،ولذا سموا
مدرسة االنتخاب أ6و المدرسة المزدوجة أو المدرسة التوفيقية .
– عد استعمال ال6مصطلح أسلوباً متقدما ً في فهم المسائل ،واستيعابها ،ومظهراً من مظاهر اإلدراك المنهجي العميق لحقائق العل6م ،وأصوله .فال
يستقيم منهج علمي إال إذا ارتكز ،وقام على أساس من مصطلحات عل6مية محكمة تؤدي الحقائق العلمية أداء مستوعبا ً دقيقا ً وقديما ً قالوا العلم
لغة أحكم وضعها.
المصطلحات العلمية :
– ألفاظ يجمع العلماء ،وأهل الفن على انتقائها لتدل على شيء محدد في ُعرفهم،
– حداً يمتاز به عن سوا6ه ،فتنتقل هذه األلفاظ من معانيها المعجمية إلى معان اصطالحية جديدة ،على أساس العالقة القائمة بين ا6لمعنى اللغوي،
والمعنى االصطالحي.
– وعلم النحو واحد من تلك العلوم التي تحتاج إلى مصطلحات علمية دقيقة تؤدي عن حقائقه ،وتُستحضر بها معانيه بأيسر وسيلة ،لتقرب إلى
األذهان ،ويسهل فهمها ،وتعلمها.
– يقول الجاحظ" :وهم تخيّروا 6تلك األلفاظ لتلك ا6لمعاني ،وهم اشتقوا لها من كالم العرب تلك األسماء ،وهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن له في
لغة العرب اسم ،فصاروا في ذلك سلفا ً لكل 6خلف ،وقدوة لكل تابع ...
– وكما سمى النحويون الحال ،والظرف ،وما أشبه ذلك ،ألنهم لو لم يضعوا هذه العالمات لم يستطيعوا تعريف القرويين ،وأبناء البلدين عل6م
العروض،والنحو .
– وبحكم سبق البصرة الكوفة في ا6لدراسة النحوية ،فقد نشأت المصطلحات النحوية البصرية قبل المصطلحات ال6نحوية الكوفية.
– فعندما نشأ النحو الكوفي ،وتميز من النحو البصري ،أراد علماؤه أن يميزوا نحوهم من نحو البصريين ،فعمدوا إل6ى أساليب خاصة تكون
عالمات ،وأمارات محددة ومميزة لنحوهم ،فكان من أهم هذه العالمات ،وأوضحها أن اتخذوا لنحوهم مصطلحات تباين معظم مصطلحات
البصريين ،وتغايرها تماماً.
– ويبدو أن القدماء قد لحظوا 6مثل هذه المفارقة بين نحاة المصرين في استعمال المصطل6ح .فقد ذكرأبوالطيب اللغوي أن أبا زكريا يحيى بن
زياد الفراء كان يتعمد مخالفة البصريين في اصطالحاتهم.
– ( كما أكد ذلك المحدثون أيضاً .يقول جوتولد فايل" :كثيراً ما استعمل الفراء اصطالحات تخالف االصطالحات المشهورة عند علماء النحو
الذين يمثلون هذا العلم ،وفي المواضع التي لم تكن فيها االصطالحات القديمة استعمل الفراء اصطالحات جديدة ،وصلنا جانب منها فيما
بعد على أنه اصطالحات الكوفيين) .
– إ ًذا ،فقد تميّز النحو الكوفي من النحو ال6بصري ،وأصبحت له مصطلحات ،وألفاظ خاصة به ،تختلف قليالً ،أو كثيراً عما نعهده لدى
النحويين البصريين.
المدرسة البصرية:
فإن علم النحو الذي نما وشاع حتى عصرنا – تعتبر البصرة بحق واضعة النحو ،وفاتحة أبوابه حيث على أيديهم استغلظ ،واستوى على سوقهَّ ،
الحاضر هو النحو البصري ،فجميع ما يتعلق بالمصطلحات واألصول النحوية وردت عنهم ،وذلك أنهم سبقوا الكوفيين فيه نتيجة انشغال الكوفيين
وإن استدراكات الكوفيين في ذلك كانت بسيطة تتعلق بالفروع النحوية ومرد ذلك أنهم أخذوا علمهم عن البصريين ،وعدا ذلك بمشاغل 6ذكرت سابقَّ ،
إن شهرة البصريين تأتت لهم من خالل أسلوبهم في استقراء اللغة من مصادرها لم نؤثر عن الكوفيين كتبا نحوية جامعة للنحو .ويمكننا القول هنا َّ
حيث اعتمدوا على السماع والقياس ،وكانت طريقتهم في السماع أنهم قيدوا ذلك بمقاييد من مثل البيئة والمكان والثقة والكثرة ،وقد اشترطو ،وحددوا
عمن يأخذون اللغة ،وقيدوا ذلك بالقبائل البدوية التي حافظت على لغته ،وكانت بعيدة ك َّل البعد عن مخالطة الحواضر والعجم وحددوها بأسد وتميم
أن الكسائي أعجبه علم الخليل ،فسأله من أين علمك؟ فأجابه :من بوا6دي ا6لحجازوقيس ،وأخذوا من هذيل ،وبعض كنانة ،وبعض الطائيين ،كما روي َّ
ونجد وتهامة ،وهذا يجسد دقة البصريين في األخذ عن القبائل العربية الخالصة البداوة ،وهم يتفاخرون في ذلك ،ويدلل عليه قول الرياشي(( :نحن
نأخذ اللغة عن حرشة الضباب ،وأكلة اليرابيع ،وهؤالء أخذوا اللغة عن أهل السواد أصحاب الكواميخ ،وأكلة الشواريز)).
– ومما يزيد ذلك أنهم كانوا ال يروون إال من يثقون بهم ك َّل الثقة؛ لذلك خرج من مصادرهم كثير من القبائل العربية؛ لمخالطتهم العجم ،أو لشيوع
وأن مع صلتهما بمنزل6ة غيرهما من األسماء قال :قولك(( :ما أتاني إال أنهم قالوا:أن ْ أن سيبويه في باب ما تكون فيه َّ اللحن فيه ،ومن أمثلة السماع َّ
فأن في موضع اسم مرفوع كأنَّه قال(( :ما أتاني إال قول6هم كذا وكذا)). كذا وكذا)) َّ
المصطلح النحوي عند البصرة والكوفة :
– يجدر الحديث عن المصطلح النحوي بين المدرسة البصرية والمدرسة الكوفية ،وهذا يرتبط بالحديث عن النشأة وأسباب الخالف بين المدرستين
أن الكوفة حاولت من خالل أقطابها (الكسائي ،والفراء ،وثعلب) أن تجد ونتائجه ،وقد آتى الحديث أكله من خالل المبحث السابق ،وخالصة ما يهم هنا َّ
لنفسها ساحة في الوسط النحوي أمام قدمة البصريين ونفوذهم المسيطر ،ولذلك أخذوا بقول ((خالف تعرف)) إلثبات الذات ،ففي مجال المصطلح
النحوي حاولوا إيجاد مصطلحات جديدة للموضوعات النحوية.
– وهنا الب َّد من طرح نماذج تمثل كيفية استخدام المصطلح النحوي عند بعض النحاة الذين يمثلون كال المدرستين ،فمثالً سيبويه من البصرة استخدم
مصطلح (الحال) فقد أفرد بابًا سماه (باب ما ينتصب ألنه حال صار فيه المسؤول والمسؤول عنه) ومثل لذلك نحو(( :ما شأنك قائ ًما؟)) ونحو(( :ما
شأن زيد قائ ًما؟)) حيث قال :هذا حال ،وانتصب بقولك(( :ما شأنك؟)) كما ينتصب الحال ((قائ ًما)) في قولك(( :هذا زيد قائ ًما)) بما قبله وكذلك الزجاج
من البصرة يستخدم مصطلح الحال ففي ففي إعراب قوله تعالى(( :حنيفًا)) ذكر أنها حال ،وقدر المعنى على أنه :بل نتبع ملة إبراهيم في حال حنيفته.
– وفي جانب المدرسة الكوفية كانت الوقفة مع الفراء الذي استخدم مصطلح (القطع) بدل الحال.
أن ما يفصل به بين النعت والخبر يسمى (عمادا) وله موضع من األعراب ،وذهب بعضهم إلى َّ
أن حكمه حكم ما قبله ،وذهب – ذهب الكوفيون إلى َّ
أن حكمه حكم ما بعده ،وذهب البصريون إلى أنه يسمى (فصال)؛ ألنه يفصل بين النعت والخبر إذا كان الخبر مضارعا لنعت االسم؛بعضهم إلى َّ
ليخرج من معنى النعت كقولك :زيد هو العاقل .وال موضع له من اإلعراب.
– أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا :إنما قلنا َّ
إن حكمه حكم ما قبله؛ ألنه توكيد لما قبله فتنزل منزلة النفس إذا كانت توكيد ،وكما أنك إذا قلت :جاءني
زيد نفسه .كان نفسه تابعا لزيد في إعرابه فكذلك ا6لعماد إذا قلت :زيد هو العاقل .يجب أن يكون تابعا في إعرابه ،وأما من ذهب إلى َّ
أن حكم ما
بعده قال :ألنه مع ما بعده كالشيء الواحد ،فوجب أن يكون حكمه بمثل حكمه.
– وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا :إنه ال موضع له من اإلعرا6ب؛ ألنه إنما دخل لمعنى وهو الفصل بين النعت والخبر؛ ولهذا سمي فصال كما
تدخل الكاف للخطاب في ذلك وتلك وتثنى وتجمع ،وال حظ لها في اإلعراب ،وما التي للتوكيد ،وال حظ لها في اإلعراب.
– ومما سبق تبين كيفية استخدام المصطلح النحوي عند النحاة سواء كانوا من البصرة ،أ6و من الكوفة ،أو من المدارس النحوية الالحقة التي قامت
االنتخاب والترجيح ،وتقديم آراء نحوية جديدة.
– ويمكن توضيح الخالف في المصطلح النحوي بين ا!لمدرستين من خالل ما ذكره شوقي ضيف ،وما ذكره عوض القوزي ،فقد تناول الرجالن
الحديث عن المصطلح النحوي بين البلدين حيث ذكرا جوانب االختالف بينهما ويمثل ذلك الجدول التالي:
المصطلح الكوفي المصطلح البصري
الفعل الدائم اسم الفاعل
المكنى والكناية الضمير
النعت الصفة
عطف النسق الشركة
الترجمة ،التكرير البدل
التفسير التمييز
حروف الجحد حروف النفي
ال التبرئة ال النافية للجنس
الصلة والحشو الزيادة
وما يجري وما ال يجري المصروف والممنوع من الصرف
الصفة حروف الجر
المصطلح الكوفي المصطلح البصري
( المحل) عند الفراء ،وجل الكوفيين ( غاية) الظرف ،المفعول فيه
الم القسم الم االبتداء
الفعل الواقع الفعل المتعدي
الفعل الذي لم يسم فاعله الفعل المبني للمجهول
التشديد التوكيد
القطع الحال
األسماء المضافة األسماء الستة
التفسير المفعول ألجله
أشباه المفاعيل المفعول معه ،المفعول له ،المفعول فيه ،المفعول المطلق
عالمات اإلعراب والبناء جعلوا التسمية عكس البصريين. عالمات اإلعراب :الرفع ،النصب ،الجر ،الجزم.
عالمات البناء :السكون ،الضم ،الفتحة ،السكون.
الصرف جعله الفراء عامل النصب في المفعول معه والفعل البصريون جعلوا عامل النصب في المفعول معه الفعل بتوسط
المضارع بعد واو المعية ،والفاء ،و ثم ،و أو. الواو ،وفي الفعل المضارع بأن مضمرة.
– تعتبر المدرسة البصرية هي ال6سابقة في الدراسات النحوية ،كما ال ينسى اإلسهام الكوفي الذي أدى إلى نضج ال6درس النحوي وا6كتماله ،وذلك من
خالل إكمال الجهد البصري باتباع ال6منهج التوسعي في السماع والقياس الذي ع َّد أقرب إلى المنهج الوصفي الحديث في الدراسات اللغوية ،وهذا
بدوره أدى إلى وجود الخالف بين المدرستين ،باإلضافة إلى التنافس العلمي نتيجة مواقف الخلفاء العباسيين وميلهم إلى الكوفيين ،والعصبية
أن المصطلح النحوي البصري هو الذي استخدم اإلقليمية ،وهذا بدوره طال المصطلح النحوي في التعبير عن الموضوعات النحوية على َّ
واشتهر ،ولم يشتهر من المصطلح الكوفي إال النعت وعطف النسق ،وقد انعكس ذلك على النحاة المتأخرين من المدارس النحوية ال6بغدادية
والمصرية واألندلسية ،فمثالً العكبري استخدم المصطلح النحوي البصري في إعرابه للقرآن الكريم ،بينما ابن النحاس استخدم المصطلح ال6نحوي
البصري ،واستخدم بعض ال6مصطلحات الكوفية من مثل (ال التبرئة) وهي ال النافية لل6جنس ،وربما يعود السبب في ذلك إلى الحضور الكبير
أن ا6لرجل له مؤلف اسمه ألقطاب النحو الكوفي (الكسائي والفراء وثعلب) في كتابه (إعراب القرآن) من خالل ذكر الوجوه اإلعرابية ،كما َّ
أن المصطلح النحوي عند النحاة من األقل حظًّا في (معاني القرآن) ،وهذا االسم يتشابه مع كتاب الفراء (معاني القرآ6ن).ومما يجدر اإلشارة إليه َّ
الدراسة البحثية؛ لذلك أهيب ببعض الباحثين وضع هذا الموضوع نصب أعينهم الستيفائه حقه من الدراسة.
عمل الطالبات :