You are on page 1of 210

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة العربي بن مهيدي –أم البواقي‪-‬‬
‫كلية‪ :‬اآلداب واللغات‪.‬‬
‫قسم‪ :‬اللغة العربية وآدابها‪.‬‬

‫تركيب اإلسنادي في بنية الجملة في األدب الكبير‬


‫البن المقفع‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر أكاديمي‬


‫تخصص لغة‬

‫األستاذ المشرف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة‬


‫* رابح بوشعشوعة‬ ‫سليمة زايدي‬

‫السنة الجامعية‪.‬‬
‫‪4102/4102‬‬
‫احِْن﴾ِم‬
‫احْ ْن ا ِل َم‬ ‫﴿ بِس ِم ِّ‬
‫الل َم‬ ‫ْ‬

‫ان ِم ْل عالا ٍق ﴿‪ ٢‬اقْ اْأْ‬ ‫ك احَمذي خالا اق ﴿‪ ١‬خالا اق ْاْلِنسا ا‬


‫اقْْأْ بِاس ِم ربِ ا ِ‬
‫ا ْ اّ‬
‫ِ‬ ‫َم‬ ‫كْم ﴿‪ ٣‬احَم ِذي عالَمم بِا ْحقالاِ‬
‫ان ماا حا ْم يا ْعلا ْم‬‫نس‬
‫ا ا‬ ‫اْل‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ا‬ ‫ل‬‫ع‬
‫ا‬ ‫‪٤‬‬ ‫﴿‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ك ْاْلا ْ اُ‬
‫او اربُّ ا‬
‫ن إِحاى‬
‫استا ْغناى ﴿‪ ٧‬إِ َم‬ ‫ان حا﴾اطْغاى ﴿‪ ٦‬أان َمرآهُ ْ‬‫ن ْاْلِنسا ا‬
‫﴿‪ ٥‬كاَمَّل إِ َم‬
‫صلَمى ﴿‪١١‬‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫ا‬ ‫ت احَم ِذي يا ْن اهى ﴿‪ ٩‬عا ْبدًا إِ‬
‫أاي ا‬
‫أار ْ‬
‫احْ ْجعاى ﴿‪ ٨‬ا‬ ‫ك ُّ‬‫اربِّ ا‬
‫ا‬
‫ت إِن‬
‫أاي ا‬ ‫أاو أاما اْ بِاحتَمقْ اوى ﴿‪ ١٢‬ا‬
‫أار ْ‬ ‫ان عالاى ا ْح ُهداى ﴿‪ْ ١١‬‬ ‫ت إِن كا ا‬ ‫أاي ا‬
‫أار ْ‬
‫ا‬
‫أان احلَمها يا اْى ﴿‪ ١٤‬كاَمَّل حائِل حَم ْم يانتاِه‬
‫ب اوتا اوحَمى ﴿‪ ١٣‬أاحا ْم يا ْعلام بِ َم‬
‫كاذَم ا‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ ٍِ ٍِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حانا ْسفاًعا بِاحنَماص﴾اة ﴿‪ ١٥‬نااص﴾اة كااذباة خااطئاة ﴿‪ ١٦‬فاْل﴾ا ْد ُع ناادياهُ‬
‫اس ُج ْد اواقْتاِْب ﴿‪١٩‬‬‫و‬ ‫ه‬‫ع‬ ‫﴿‪ ١٧‬سند ُع احزَمب انِ﴾ةا ﴿‪ ١٨‬كاَمَّل اَل ت ِ‬
‫ط‬
‫ُ ُْ ا ْ‬ ‫اا ْ ا ا‬
‫مقدمة‬

‫‪ 0‬مقدمة‪:‬‬
‫خلق هللا عز وجل اإلنسان وعلمه البيان وخص النبي العدنان بكمال‬
‫الفصاحة وأنطقه بجوا مع الكلم وأتاه بحكمته إال ليبلغ كالم هللا ويشرح‬
‫مقاصد القرآن ويفصل مجمله‪.‬‬
‫الكالم البشري هو تأدية وتجسيد واستعمال فعلي للغة المجردة المشكلة في‬
‫نظام من القواعد لذا فالكالم يقبل الخطأ والعيب لظروف اجتماعية ونفسية‬
‫مثل‪ :‬ضعف الذاكرة‪ ،‬التعب‪ ،‬الخوف‪ ،‬الخجل وفي الجانب الموازي قد‬
‫يرقى إلى مستوى عالي من الجودة والبراعة واإلبداع الفني‪ ،‬وهذا االنتقال‬
‫من البساطة إلى البيان واإلبداع والجمال يخضع لعمليات تحويلية لغوية‬
‫مثل‪ :‬التعبيرية اإلنشائية اإلقناعية وغيرها من الوظائف التي تكلم عنها‬
‫رومان جاكبسون عند الغري وعند العرب‪ ،‬القدامى السكاكي ثم عند العرب‬
‫المتأخرين أحمد المتوكل‪.‬إن هذا البحث في محاولة لإلجابة عن بعض‬
‫األسئلة الكثيرة وهذا ما يؤدي إلى جملة من األسئلة‪ :‬ما هي البنية؟ وما‬
‫أنواعها؟ وكيف كانت الدراسة النحوية الوظيفية لألحاديث القدسية؟‪.‬‬
‫ولقد اعتمدت الخطة التالية واإلجابة عن اإلشكاليات السابقة جاء البحث‬
‫عبر مقدمة وفصلين فالفصل األول‪ :‬البنية‪ ،‬اللغوية في طور النحو‪،‬‬
‫الوظيفي‪.‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫أما الفصل الثاني (تطبيقي)‪ :‬الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في‬


‫األحاديث القدسية‪.‬‬
‫ولقد اعتمدت في هذا البحث العديد من المصادر والمراجع من أهمها‪ :‬دور‬
‫الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي ألحمد المتوكل‪ ،‬قضايا اللغة‬
‫العربية في اللسانيات الوظيفية ألحمد المتوكل‪.‬‬
‫ولقد إعتمدت هذه الدراسة على منهجين‪ :‬المنهج الوصفي‪ ،‬وصف طبيعة‬
‫وأنواع الروابط التي من شأنها دفع النص نحو اإلتساق واإلنسجام‪ ،‬منهج‬
‫أحصائي‪ :‬تمثل في إحصاء الروابط‪.‬ومن أهم الصعوبات التي واجهت هذه‬
‫الدراسة الصعوبة الكبيرة في إيجاد المراجع وعدم توفرها في المكتبة‪.‬‬
‫وأخي ار كما ال يفوتنا أن نتقدم بجزيل الشكر إلى كل من جعل الدراسة بين‬
‫أيدينا ساعات عظيمة الفائدة خاصة األستاذين المشرفين‪ :‬كعب حاتم‬
‫محمد عرباوي‪.‬‬

‫ب‬
‫تمهيد‬
‫تمهيد‬

‫‪ 4‬تمهيد‪:‬‬
‫تعددت النظريات اللغوية في السنوات األخيرة ويمكن أن نقسم باعتبار‬
‫تصورها لوظيفة اللغات الطبيعية إلى مجموعتين كبيرتين نظريات لغوية‬
‫صورية(غير وظيفية) ونظريات لغوية وظيفية‪ ،‬وتضم المجموعة األولى‬
‫النظريات التي تعتبر اللغة الطبيعية أنساق مجردة يمكن وصفها وتفسيرها‬
‫بمعزل عن وظيفتها التبليغية "التواصلية" في حين أن المجموعة الثانية‬
‫تشمل النظريات التي ترى أنه ال يمكن وصف بنية اللغات الطبيعية‬
‫وتفسيرها بمعزل عن وظيفتها الطبيعية التبليغية وقد نتج عن هذا‬
‫االختالف المنهجي للمبدأين بين المجموعتين اختالف في كيفية معالجة‬
‫الظواهر اللغوية بصفة عامة والظواهر النحوية بصفة خاصة وأصبحنا‬
‫نميز بين النحو القديم والنحو التوليدي‪ ،‬التحويلي‪ ،‬والنحو الوظيفي‪.‬‬
‫‪ 3‬البنية لغة‪:‬‬
‫البناء المبني والجمع أبنية أبنيات جمع الجمع‪ ،‬واستعمل أبو حنيفة البناء‬
‫في السفن فقال يصف لوحا يجعله أصحاب المراكب في بناء السفن‪ :‬وانه‬
‫أصل البناء فيما ال ينميك الحجر والطين ونحوه‪.‬‬
‫والبناء‪ :‬مدبر البنيان وصانعه أما قولهم في المثل‪ :‬أبناءها اجناؤها جمع‬
‫جاني البنية والبنية ما بنيته‪ ،‬وهو البني ‪ ،‬وأنشد الفارسي عن أبي الحسن‪:‬‬
‫أولئك قوم إن بنو أحسنوا البني وان عاهدوا أوفوا وان عقدوا شدوا‬

‫‪2‬‬
‫تمهيد‬

‫ويروي أحسنوا البني قال أبو سحق‪ :‬إنما أراد بالبنية جمع بنية وان أراد‬
‫البناء الذي هو ممدود جاز قصره في الشعر‪ ،‬وقد تكون البناية في الشرق‬
‫والفعل كالفعل قال يزيد ابن الحكم‪:‬‬
‫مود البناية أو ذميم‬ ‫والناس متبنيان‪ :‬مح ـ‬
‫وقال لبيد‪:‬‬
‫فسما إليه كلها وغالمها‪.‬‬ ‫فبنى لنا بيتا رفيعا سمكه‬
‫ابن األعرابي البنى‪ :‬األبنية من المدر أو الصوف‪ ،‬وكذلك البنى من الكرم‬
‫وأنشد بيتا الخطيئة‪:‬‬
‫أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى‬
‫وقال غيره‪ :‬يقال بنية وهي مثل رشوة ورشا كأن البنية الهيئة التي بنى‬
‫عليها مثل المشية والركبة وبنى فالنا بيتا بنى مقصو ار شدد للكثرة‪ ،‬وبنى‬
‫دارا‪ ،‬وبنى بمعنى البنيان الحائط الجوهري‪.‬‬
‫والبنى بالضم مقصور‪ ،‬مثل البنى يقال بنية وبنى بنية وبنى بكسر الباء‬
‫مقصور مثل جزية وجزى وفالن صحيح البنية أي الفطرة وأبنية الرجل‪:‬‬
‫أعطيته بناء أو ما يبتنى به دار وقول البوالني‪:‬‬
‫طاد نفوسا بنت على الكرم‬ ‫نستوقد النبل بالحضيض ونصـ‬
‫أي بنيت‪ :‬يعنى إذا أخطأ يري النار التهذيب‪ :‬أبنيت فالنا بيتا إذا أعطيته‬
‫بيتا يبنيه أو جعلته يبني بيتا‪ ،‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫تمهيد‬

‫كانت له قبة سحق بحاد‪.‬‬ ‫لو وصل الغيث أبنين أم ار‬


‫‪ 2‬اصطالحا‪:‬‬
‫والبناء يكون من الخباء‪ ،‬والجمع أبنية والبناء لزوم آخر الكلمة ضربا‬
‫واحدا من السكون أو الحركة ال لشيء أحدث ذلك من العوامل وكأنهم إنما‬
‫سموه بناء ألنه لزوم ضربا واحدا فلم يتغير تغير اإلعراب ‪.‬‬
‫سمي بناء من حيث كان البناء الزما موضعا ال يزول من مكان إلى غيره‬
‫وليس كذلك سائر اآلالت المنقولة المبتذلة كالخيمة والمظلة والفسطاط ‪.‬‬
‫البنية النحوية الوظيفية‪:‬‬
‫نظرية النحو الوظيفي‪:‬‬
‫نشأ المنحنى الوظيفي بالمغرب بعد نقل نظرية النحو الوظيفي من جامعة‬
‫أمستردام كما صاغها سيمون ديك ومجموعة من الباحثين زمالئه إلى‬
‫المغرب في السنوات األولى من الثمانينات‪.‬‬
‫ولم يكن نقل النظرية إلى المغرب نقال مجردا وانما كان نقال مر بثالث‬
‫مراحل مرحلة االستنبات ومرحلة التأصيل ومرحلة اإلسهام والتطوير‪.‬‬
‫في المرحلة األولى‪:‬‬
‫أخذت نظرية النحو الوظيفي حين نقلت إلى المغرب مكانها بين‬
‫االتجاهات اللسانية التي كانت سائدة آن ذاك وعلى رأسها االتجاه البنيوي‬
‫واالتجاه التوليدي التحويلي باإلضافة إلى الدرس اللغوي العربي القديم نحوه‬

‫‪4‬‬
‫تمهيد‬

‫وبالغته إلى غير ذلك ثم انتقل إلى مرحلة التأصيل حيث تم ربط نظرية‬
‫النحو الوظيفي بالفكر اللغوي العربي القديم على أساس أن الفكر اللغوي‬
‫العربي القديم أصل لمنحى وظيفي بواسطة الدرس اللساني الوظيفي‬
‫الحديث‪.1‬‬
‫في المرحلة الثانية‪:‬‬
‫شرع األستاذ الدكتور أحمد المتوكل باإلسهام في تطوير نظرية النحو‬
‫الوظيفي نفسها‪ ،‬هذا النقل واالستنبات والتأصيل والتطوير كان في بداية‬
‫األمر حك ار على جامعة محمد الخامس بالرباط بالمغرب ثم انتقل منها إلى‬
‫جامعات أخرى في المغرب ثم إلى بلدان أخرى كالجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬ليبيا‪،‬‬
‫المشارق العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬العراق‪ ،‬سوريا وبلدان الخليج العربي حيث تأثر‬
‫بهذا المنحنى وتبناه مجموعة من الباحثين بعد أن استتب للمنحى الوظيفي‬
‫األمر عزم األستاذ الدكتور أحمد المتوكل على أن يضع مشروعا متكامال‬
‫ذا ثالثة اتجاهات رئيسية كبرى‪ :‬أوال اللسانيات واللغة العربية ثانيا‬
‫اللسانيات وقضايا المجتمع ثالثا اللسانيات الفكر اللغوي العربي القديم‪.2‬‬
‫في االتجاه األول أسس األستاذ المتوكل مشروعه اللساني على مجموعة‬
‫من المبادئ منها‪ :‬مبدأ أن المنهج الوحيد لدراسة اللغة العربية باعتبارها‬
‫لغة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ويكبيديا الموسوعة الحرة‪.‬‬


‫‪ - 2‬الموقع السابق (األنترنيت)‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫تمهيد‬

‫الوظيفة والعالقة‪:‬‬
‫المقصود به العالقة القائمة بين مكونين أو مكونات في المركب االسمي‬
‫أو الجملة وهذا المصطلح بهذا المعنى متداول بين جل األنحاء مع‬
‫اختالف من نحو إلى آخر‪ ،‬وتكون الوظائف عالقات مشتقة حين يتم‬
‫تحديدها على أساس موقع المكونات داخل بنية تركيبية معينة‪.1‬‬
‫الوظيفة الدور‪:‬‬
‫ويقصد به الغرض الذي تخسر الكائنات البشرية اللغات الطبيعية من أجل‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫ومما سبق نجد أن مفهومي الوظيفة كعالقة وكدور متباينان‪ ،‬حيث أن‬
‫العالقة هي رابط بنيوي قائم بين مكونات الجملة أو مكونات المركب‪ ،‬في‬
‫حين أن الدور يخص اللغة بوصفها نسقا كامال‪ ،‬إال أن هذا التباين ال‬
‫يلغي ترابطهما من حيث أن وظيفة اللغة تحقيق التواصل بين مستعمليها‬
‫تضاف إليها الوظائف التركيبية والداللية ووظائف أخرى‪ ،‬كما يغلب أن‬
‫تتخذ الوظائف وضع وظائف أولى غير مشتقة‪.2‬‬
‫البنية النحوية‪:‬‬
‫هي الطريقة التي يتم بها جمع الكلمات لتكوين وحدات أكبر ذات معنى‬
‫كالجمل ويمكن للبنية النحوية أن تأخذ أحد الشكلين التاليين أو كليهما‪.‬‬

‫‪ - 1‬الموقع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬موقع ويكبيديا الموسوعة الحرة‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫تمهيد‬

‫الشكل األول‪ :‬ويسمى التراكيب النحوية وهو ترتيب الكلمات بنظام معين‬
‫ويجعل نظام ترتيب الكلمات معناها واضحا‪ ،‬فمثال عندما نقول صافع‬
‫علي محمدا‪ ،‬فإننا نبين أن عليا هو الفاعل للحدث ومحمدا هو الذي وقع‬
‫عليه الفعل‪ ...‬ونقوم بتبيان ذلك بوضع كلمة محمد بعد صافح علي‪...‬‬
‫وتستخدم لغات أخرى أنظمة مختلفة كليا لترتيب الكلمات في الجملة‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فمادام المعنى يعتمد على نظم الكلمات في الجملة فيمكننا القول بأن‬
‫جميع اللغات تستخدم التراكيب النحوية‪.‬‬
‫يدعى الشكل اآلخر للبنية النحوية بالصرف‪ :‬وينطوي استخدام البنية‬
‫الصرفية على تغيير في شكل الكلمة لتبيان وظيفتها في إطار مجموعة‬
‫من الكلمات تستخدم بعض اللغات كالصينية مثال التراكيب النحوية فقط‪،‬‬
‫بينما نجد في لغات أخرى مثل الالتينية أن نظم الكلمات في الجملة ليست‬
‫لها أهمية ألن لواحق الكلمات هي التي تبين وظائف الكلمات‪ ،‬وكانت‬
‫االنجليزية القديمة أو األنجلو سكسونية‪ ،‬وهي شكل االنجليزية المستخدمة‬
‫حتى حوالي عام ‪ 0011‬تشبه الالتينية في هذا الجانب‪.‬‬
‫البنية الوظيفية‪:‬‬
‫وفيما تتمثل الخصائص الوظيفية بنقل البنية الحملية التامة التحديد إلى‬
‫بنية وظيفية عن طريق تطبيق مجموعتين من القواعد‪ ،‬قواعد إسناد‬
‫الوظائف‪ ،‬وقواعد تحديد مخصص الحمل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫تمهيد‬

‫لكن قبل ذلك علينا أن نعرف ما معنى الوظيفة في النحو الوظيفي؟‬


‫لقد واكب استعمال مصطلح الوظيفة مفاهيم مختلفة‪ ،‬ويمكن إرجاع هذه‬
‫المفاهيم إلى مفهومين اثنين‪ :‬الوظيفة كعالقة‪ ،‬والوظيفة كدور‪.1‬‬
‫كسائر اللغات البشرية غيرها هو المنهج اللساني الذي يعد له منهج آخر‬
‫من المبادئ‪ ،‬أيضا أن أقرب المقاربات إلى وصف ظواهر اللغة وتفسيرها‬
‫هي المقاربات التي تربط بنية اللغة بوظيفتها التواصلية وتدرس هذه البنية‬
‫على أساس أنها تابعة لتلك الوظيفة التواصلية إلى حد كبير‪ ،‬وهو الذي‬
‫تعتمده نظرية النحو الوظيفي‪ .‬ومن المبادئ التي قام عليها المشروع‬
‫المتوكلي اللساني أن اللغة العربية تخضع لمل تخضع إليه اللغات األخرى‬
‫وينطبق عليها من المناهج ما ينطبق على اللغات الطبيعية بوجه عام‪.‬‬
‫يهدف مشروع األستاذ المتوكل إلى دراسة اللغة العربية صرفا وتركيبا‬
‫وداللة وتداوال من نفس المنظور‪ ،‬أي ترابط البنية بالوظيفة‪ ،‬وتنميط اللغة‬
‫العربية بمقارنتها مع غيرها من اللغات ودراسة تطورها‪.‬‬
‫وضع األستاذ أحمد المتوكل نحوا وظيفيا متكامال للغة العربية‪ ،‬ودرس‬
‫عالقة اللغة العربية من نفس المنظور بلغات أخرى‪ ،‬ووصل إلى تنميط‬
‫يميز بين فنين كبيرين من اللغات المؤسسة تداوليا واليها تنتمي اللغة‬
‫العربية اللغات التي تغلب المستوى التداولي على المستويين الداللي‬

‫‪ - 1‬الموقع السابق (األنترنيت)‪.‬‬


‫‪8‬‬
‫تمهيد‬

‫والصرفي التركيبي‪ .‬وبالنسبة للدراسة التطورية للغة العربية أثبت األستاذ‬


‫المتوكل أن اللغة العربية تنزع إلى االنتقال عن طريق دوارجها من الفئة‬
‫األولى فئة اللغات المغلبة للتداول على الداللة إلى فئة اللغات المغلبة‬
‫للداللة وأوضح أن اللغات العربية الدوارج اآلن لم تعد تحرر الرتبة للداللة‬
‫على الوظائف التداولية‪ ،‬ألنها فقدت اإلعراب ‪,‬أصبحت الرتبة هي الدالة‬
‫على الوظائف التركيبية‪.‬‬
‫حين نقلت نظرية النحو الوظيفي إلى المغرب ثم العالم العربي لم يقم‬
‫األستاذ "أحمد المتوكل" باستنباتها فقط بل |أصلها ولم يؤصلها فقط بل‬
‫أسهم في تطويرها وجوانب اإلسهام كثيرة جدا نجدها في الوظائف التداولية‬
‫ونجدها في القوة االنجازية التي تواكب الجمل ونجدها كذلك في إخراج‬
‫نظرية النحو الوظيفي من حيز الجملة إلى حيز الخطاب ومن أهم‬
‫إسهامات األستاذ المتوكل في نظرية النحو الوظيفي هي أنه كان سباقا‬
‫إلى نقل اللسانيات من الوصف اللغوي المحض إلى القطاعات االجتماعية‬
‫واالقتصادية فلم يسبقه أحد إلى هذا داخل نظرية النحو الوظيفي نفسها‪.‬‬
‫وفي هذا المضمار دافع األستاذ المتوكل عن فكرة أن النظرية اللسانية‬
‫وظيفية كانت أم غير وظيفية يجب أن تحرز كفايتين اثنتين‪ :‬كفاية لغوية‬
‫وكفاية إجرائية‪ .‬كفاية لغوية تحرزها حين تستشرق مستوى الوصف المالئم‬
‫لظواهر اللغات البشرية وكفاية إجرائية تحرزها حين تستطيع نفس النظريةـ ـ‬

‫‪9‬‬
‫تمهيد‬

‫ال نظرية أخرى ـ أن تطبق في مجاالت اجتماعية اقتصادية كالترجمة‬


‫وتحليل النصوص واألمراض النفسية المسببة لالضطرابات اللغوية‪ ،‬وفي‬
‫مجال تعليم اللفات قدم األستاذ المتوكل نظنها من األفكار التي يسبق إليها‬
‫وهي أن تعليم اللغات يجب أن يتم عن طريق الوظائف ال عن طريق‬
‫البنيات‪ ،‬وهو نفس المبدأ الذي طبقه في معالجته لترجمة النصوص حيث‬
‫أثبت أن الترجمة ال تكون بين عبارتين بل تكون بين بنيتين تحتيتين لعبارة‬
‫مصدر وعبارة هدف‪.‬‬
‫وبالنسبة لالضطرابات اللغوية فقد أشرف األستاذ المتوكل على بحوث‬
‫انتهى فيها الباحثون إلى أن النحو الوظيفي يمكن من رصد االضطرابات‬
‫الثاوية خلف االضطرابات اللغوية وجل هذه االضطرابات اضطرابات‬
‫تداولية تمس الوظائف التداولية والقوة االنجازية للعبارة اللغوية وتناسق‬
‫الخطاب الذي يكون عن طريق المحافظة على نفس المحور إلى غير‬
‫ذلك‪ .‬وقد وصل الباحثون في هذا المجال إلى نتائج مرضية سيكون لها‬
‫دور كبير في مساعدة األطباء النفسيين في معالجتهم األمراض العقلية و‬
‫النفسية على السواء‪.‬‬
‫فقد أنفق األستاذ المتوكل على مشروعه بسخاء قل نظيره‪ ،‬فقد تفرغ طيلة‬
‫أزيد من ثالثين عاما لخدمة هذا المشروع اللساني العربي الذي يعد من‬

‫‪01‬‬
‫تمهيد‬

‫أنضج المشاريع‪ ،‬لكونه مشروعا واضح المعالم من حيث موضوعه‬


‫وأهدافه وأدواته المفاهيمية‪.‬‬
‫إشكاالت عالقة‪:‬‬
‫تعرض في هذا المبحث لبعض الظواهر أو القضايا التي أشكلت علينا ولم‬
‫نستطيع أن نقترح لها حال مرضيا والتي نفضل في الوقت الراهن‪ ،‬أن‬
‫نكتفي بطرحها للمزيد من البحث‪.‬‬
‫" س‪/‬سوف" و"لن"‪1:‬زمن أو وجه؟‬
‫يظل السؤال التالي واردا طرحه" هل تستعمل "السين" للداللة على‬
‫المستقبل القريب في حين تستعمل "سوف" للداللة على المستقبل البعيد أم‬
‫هل هاتان األداتان تتعاقبان في نفس التراكيب دون تغيير المعنى؟ بعبارة‬
‫أخرى هل ثمة فرق بين (‪ 503‬أ)و(‪ 503‬ب)أم هما بمعنى واحد؟‬
‫أ‪ -‬سأرقب وعدها‬ ‫(‪)503‬‬
‫ب‪ -‬سوف أرقب وعدها‬
‫ويترتب عن اإلجابة على هذا السؤال إمكان القول بورود التقابل الزمني "‬
‫مستقبل قريب‪/‬مستقبل بعيد" صرفيا في اللغة العربية أو بعدم وروده‪.‬‬
‫كثي ار ما يعد دخول إحدى هاتين األداتين على صيغة المضارع تأشي ار إلى‬
‫توكيد تحقق الواقعة الدال عليها المحمول‪.‬‬

‫‪ -1‬د أحمد المتوكل‪ :‬قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية‪ ،‬ص ‪ 011‬دار األمان للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫زنقة المامونية‪ ،‬مطبعة ومكتبة األمنية‪.‬‬
‫‪00‬‬
‫تمهيد‬

‫حسب هذا الحدس تكون هاتان من الوسائل التي تحقق صرفيا الوجه‬
‫الحملي المعرفي "مؤكد" واذا صح االفتراض أمكن القول بأن هاتين‬
‫األداتين تدالن مع صيغة المضارع على ما تدل عليه األداة "قد" مع‬
‫صيغة الماضي كما يتبين من التقابل التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬قد عاد األمن‬ ‫(‪)503‬‬
‫ب‪-‬سوف‪/‬سيعود األمن‬
‫في نفس االتجاه يمكن أن نذهب إلى افتراض أن في "سوف"‪1‬توكيدا أقوى‬
‫من التوكيد الذي نجده في "السين" بحيث يمكن افتراض فرق في درجة‬
‫التوكيد بين (‪ 501‬أ) و(‪ 501‬ب)‪:‬‬
‫أ‪-‬سيعود األمن‬ ‫(‪)501‬‬
‫في نفس االتجاه إال أن ما يمكن يشكل في ورود افتراض أن لهاتين‬
‫األداتين قيمة وجهية هو أنهما الوسيلتان الوحيدتان اللتان يتحقق‬
‫بواسطتهما صرفيا مخصص الزمن المستقبل دليل ذلك أن بحذفهما ننتقل‬
‫من المستقبل إلى الحاضر ال من المستقبل المؤكد إلى المستقبل إلى‬
‫الحاضر ال من المستقبل المؤكد إلى المستقبل المحايد قارن‪:‬‬
‫(‪ )503‬أ‪-‬يكلم بكر أخاه في الهاتف‪.‬‬
‫ب‪-‬سوف‪/‬سيكلم بكر أخاه في الهاتف‪.‬‬

‫‪1‬ـ المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪02‬‬
‫تمهيد‬

‫(ب) في نفس السياق‪ ،‬تضاف عادة إلى قيمتي "لن"‪ 1‬الزمن المستقبل‬
‫والنفي قيمة حملية معرفية ثانية وهي التوكيد على هذا األساس تكون "لن"‬
‫في الجملة التالية تحققا لثالثة مخصصات مخصص زمني ومخصصين‬
‫وجهتين والتوكيد على اعتبار أن التوكيد هنا توكيد للنفي‪:‬‬
‫(‪)503‬لن تعود هند‪.‬‬
‫ويصدق على "لن" ما يصدق على "سوف" و"السين" من حيث إنه ال توجد‬
‫أداة أخرى تضطلع بالداللة على االستقبال والنفي دون التوكيد لذلك يظل‬
‫التوكيد بالنسبة لألداة "لن" مجرد حدس‬
‫األدوات النافية"مركبة"‬
‫تعرضنا في المباحث السابقة لفئة األدوات النافية "البسيطة "ولم نتناول ما‬
‫يمكن تسميته "األدوات النافية المركبة"‪2‬وهي األدوات الواردة في الجمل‬
‫التي من قبيل(‪ 521‬أ‪-‬د)‪:‬‬
‫(‪ )521‬أ‪-‬ما شربت شيئا‪.‬‬
‫ب‪-‬لم أقابل أحدا‪.‬‬
‫ج‪-‬لم أدخن قط‪.‬‬
‫د‪-‬لن أبكي أبدا‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪013‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه ص ‪.013‬‬
‫‪03‬‬
‫تمهيد‬

‫خاصية (‪ )523‬أ‪-‬د أن أداة النفي فيها مصحوبة باسم "شيء""أحد" أو‬


‫ظرف زمان(قط‪ ،‬أبدا) يكاد يكون معها صرفة واحدة متقطعة وواضح أن‬
‫هذا العنصر(اسم أو ظرف)‪.‬‬
‫خضع ومازال يخضع لمسلسل تحجر من عالمات ذلك ما يلي‪:‬‬
‫(أ) لم يعد من الممكن باستثناء "شيء"‪ 1‬استعمال هذه العناصر خارج‬
‫سياق النفي‪:‬‬
‫(‪)520‬أ‪-‬شربت شيئا‬
‫ب‪-‬رأيت أحدا‬
‫ج‪-‬دخنت قط‬
‫د‪-‬سأبكي أبدا‬
‫(ب)‪2‬لم يعد من الممكن أيضا تقديم هذه العناصر على أدوات النفي التي‬
‫تتحمل ذلك عادة‬
‫(‪ )522‬أ‪-‬شيئا لم أشرب‬
‫ب‪-‬أحدا لم أقابل‬
‫ج‪-‬قط لم أدخن‬
‫د‪-‬أبدا لن أبكي‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪04‬‬
‫تمهيد‬

‫(ج)بلغ ‪"1‬شيء" في العربيات الدوارج من التحجر أنه أصبح مجرد‬


‫الصقة‪:‬‬
‫(‪)525‬أ‪-‬ماجيتش‬
‫ب‪-‬ما كليتش‬
‫وأنه أصبح من السائغ لذلك أن يلحق بأي فعل ولو كان الزما‪:‬‬
‫(‪)523‬أ‪-‬ما خرجتش‬
‫ب‪-‬ما نعستش‬
‫بل إنه أصبح ممكنا أن تلحق هذه الالصقة بأداة النفي فتكون معها صرفة‬
‫واحدة‪:‬‬
‫(‪)523‬أ‪-‬ماشي عادتك هادي‬
‫ب‪-‬مش حاقولك‬
‫(د)أصبح العنصر المعنى باألمر يتكفل لوحده في بعض العربيات الدوارج‬
‫بتحقيق النفي مثال ذلك‪:‬‬
‫(‪)523‬أ‪-‬فيه حاجة؟‬
‫ب‪-‬أبدا‬
‫(‪ )521‬تكونشي عايز تكوش ع المليون بتاع أختك؟‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪05‬‬
‫تمهيد‬

‫السؤال الذي يرد طرحه بعد هذه المالحظات هو ما الوضع الذي يمكن أن‬
‫تتخذه المفردات التي من قبيل "شيء" "أحد" "أبدا" "قط" في نظرية كالنحو‬
‫الوظيفي وما هو التمثيل المالئم لهذه المفردات في هذه النظرية؟ثمة‬
‫امكانات ثالثة وهي‪:‬‬
‫تعد تلك المفردات حدودا موضوعات بالنسبة‪ 1‬ل"شيء" و"أحد"‬ ‫‪)0‬‬
‫ولواحق زمن بالنسبة ل"قط" و"أبدا" كباقي الحدود تحمل وظائف داللية‬
‫ووظائف تركيبية ويمثل لها في البنية التحتية على هذا األساس‪.‬‬
‫‪ )2‬تعد تلك المفردات مجرد صرفات تتحقق بواسطتها سمات وجهية‬
‫أوجهية أو زمنية في سياق نقي ‪ ...‬في هذه الحالة يمثل لها في شكل‬
‫مخصصات وجهية أو زمنية أو جهية على أساس تواردها مع مخصص‬
‫النفي‪.‬‬
‫‪ )5‬حسب اإلمكان المتاح الثالث تعد تلك العناصر‪2‬صرفات نافية تشكل‬
‫مع أداة النفي واحدة وهي متقطعة على هذا األساس يمثل لألداة المتقطعة‬
‫ككل في شكل مخصص واحد مخصص للنفي‪.‬‬
‫في الواقع ال تناسب هذه االقتراحات الثالثة العناصر المعينة باألمر على‬
‫حد السواء إذ إن هذه العناصر ال تتساوي كما رأينا‪ ،‬من حيث درجة‬
‫التحجر‪ .‬فاالقتراح األول قد يناسب "شيئا" و "أحدا" في اللغة العربية‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.001‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.001‬‬
‫‪06‬‬
‫تمهيد‬

‫الفصحى واالقتراح الثاني قد يناسب "قط" و "أبدا" في حين يناسب االقتراح‬


‫الثالث "شيئا" في العربيات الدوارج حيث بلغ التحجر منتهاه‪.‬‬

‫إعراب المحمول‪:‬‬
‫يحدد إعراب المكونات في‪ 1‬نظرية النحو الوظيفي كما هو مبين معلوم‬
‫الوظائف (الداللية أو التركيبية أو التداولية) التي يحملها هذه المكونات إال‬
‫أن ثمة إعرابات ال يمكن إرجاعها إلى الوظائف من ذلك إعراب المحمول‬
‫سواء أكان محموال فعليا أم محموال غير فعلي‪.‬‬
‫في هذا المبحث نعرض بإيجاز إلشكال اإلعراب المحمول وما يمكن‬
‫اقتراحه لمقاربة هذه الظاهرة في إطار النحو الوظيفي‪.‬‬
‫المحمول الغير الفعلي‪:‬‬
‫من المعلوم أن المحمول الغير الفعلي االسم أو الصفة يأخذ الحالة‬
‫اإلعرابية الرفع أو الحالة اإلعرابية النصب كما هو مبين في الجمل‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬بكر مهندس‬ ‫(‪)523‬‬
‫ب‪ -‬هند بارعة‬
‫أ‪ -‬كان سيكون بكر مهندسا‬ ‫(‪)523‬‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬


‫‪07‬‬
‫تمهيد‬

‫ب‪ -‬أصبح سيصبح بكر مهندسا‬


‫ج‪ -‬مازال ال يزال بكر مهندسا‬
‫أ‪ -‬كانت‪/‬ستكون هند بارعة‬ ‫(‪)551‬‬
‫ب‪ -‬أصبحت‪/‬ستصبح هند بارعة‬
‫ج‪ -‬ظلت‪/‬هند بارعة زغم مرضها‬
‫د‪ -‬مازالت‪/‬ال تزال هند بارعة‬
‫(‪ )550‬أ‪ -‬يكون الجو حا ار في شهر أغسطس‬
‫ب‪ -‬تظل السماء زرقاء طوال النهار‬
‫سبق أن اشرنا إلى أن اإلعراب في النحو الوظيفي تحدده الوظائف وان‬
‫إعراب المحمول ال يمكن إرجاعه إلى الوظائف فال وظيفة داللية للمحمول‬
‫وال وظيفة تركيبية‪ .‬الوظيفة الوحيدة التي يمكن أن تستند إلى المحمول هي‬
‫الوظيفة التداولية "البؤرة" كما هو الشأن في الجملتين التاليتين‪:‬‬
‫(‪ )552‬أ‪ -‬أمهندس بكر أم أستاذ؟‬
‫ب‪ -‬أمهندسا كان بكر أم أستاذ؟‬
‫غير أن البؤرة‪1‬ال تحدد في اللغة العربية إعراب المكون الذي تستند إليه‬
‫من روائز ذلك تغير المحمول في(‪ 252‬أ‪ -‬ب) بيد أن الوظيفة (= البؤرة)‬
‫واحدة في الجملتين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ المرجع السابق‪،‬ص ‪.002‬‬
‫‪08‬‬
‫تمهيد‬

‫مؤدى أن هذا يجب البحث عن محدد إعراب المحمول في مجال آخر‬


‫غير مجال الوظائف ويمكن التفكير في إمكانية‪:‬‬
‫(أ) يمكن أن نعد إعراب المحمول الغير الفعلي إعرابا تحتيا (= إعرابا‬
‫عميقا) تحدده المخصصات التحتية خاصة المخصصات الزمنية والجهية‬
‫والوجهية‪ ،‬في هذا االتجاه يمكن أن نعقد القاعدتان التاليتان القاعدتين‬
‫المسؤوليتين عن إسناد إعراب المحمول غير الفعلي‪:‬‬
‫(‪ )555‬أ‪ -‬ثب حض (اسم‪/‬صفة)=اسم رفع‪/‬صفة‪ -‬رفع‪.‬‬

‫ثب مض‬
‫ب‪-‬ثب سف (اسم‪/‬صفة) =اسم‪ -‬نصب ‪ /‬صفة نصب‬
‫ثب زم‬
‫نف حض‬
‫تفيد القاعدتان (‪ )555‬أن المحمول االسمي أو الوصفي يأخذ الحالة‬
‫اإلعرابية الرفع إذا ورد في حيز مخصص اإلثبات ومخصص الزمن‬
‫الحاضر‪ ،‬ويأخذ الحالة اإلعرابية النصب إذا ورد في حيز مخصص‬
‫اإلثبات مع مخصص المضي أو مخصص اإلثبات مع مخصص‬
‫المستقبل أو مخصص اإلثبات مع مخصص الزمن الصفر أو مخصص‬
‫الزمن الحاضر ويمكن على سبيل التبسيط أن نعوض القاعدة (‪)555‬‬
‫بالقاعدة (‪. )553‬‬

‫‪09‬‬
‫تمهيد‬

‫(ثب خص)‪( ،‬اسم صفة)=اسم‪-‬نصب‪/‬صفة‪-‬نصب التي تفيد أن‬


‫المحمول يأخذ الحالة النصب حين يرد في غير حيز صوغ مخصص‬
‫اإلثبات والزمن الحاضر‪.‬‬
‫(ب)ويمكن أن نعد إعراب المحمول االسمي‪1‬أو الوصفي إعرابا سطحيا‬
‫يسنده إما الرابط أو أداة النفي("ليس" أو "ما") حسب هذا االفتراض يمكن‬
‫صوغ قاعدتي إعراب المحمول‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.005‬‬
‫‪21‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مبحث أول‪:‬‬
‫البنى وأنساقها‬
‫الحملية‬
‫َ‬ ‫البنية‬
‫البنية الوظيفية‬
‫البنية المكونية‬
‫‪ 2‬الفصل األول‪ :‬البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬
‫في هذا المبحث سيتطرق للبنى الثالث وسيعرض بتفصيل بناء كل بنية‬
‫على حد وقبل ذلك سنوضح هذه البنى في المخطط اآلتي‪:‬‬

‫األســــاس‬

‫اطار حملي‬

‫بنية حملية‬

‫قواعد اسناد الوظائف التركيبية والتداولية‬

‫بنية وظيفية‬

‫قواعد التعبير‬
‫‪2‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫البنية الحملية‪:‬‬
‫ينقسم األساس إلى عنصرين اثنين "معجم" و "قواعد تكوين المحموالت‬
‫والحدود"‬
‫التمييز بين صنفين من المحموالت والحدود أصول والمحموالت والحدود‬
‫المشتقة حيث أن المحموالت والحدود األولى يضطلع بالتمثيل لها المعجم‬
‫في حين أن المحموالت والحدود الثانية تضطلع باشتقاقها قواعد تكوين‬
‫المحموالت والحدود‪.‬‬
‫أ‪ .‬المعجم‪:‬‬
‫تكون القدرة المعجمية للمتكلم –السامع من صنفين اثنين من المعارف‪:‬‬
‫معرفة مجموعة من المفردات يتعلمها تعلما قبل استعمالها ومعرفة نسق‬
‫من قواعد االشتقاق تمكنه من تكوين مفردات جديدة (لم يسبق له أن‬
‫سمعها أو استعملها) انطالقا من المفردات األصول المتعلمة‪.‬‬
‫في مكان آخر أن تعد مفردات‬ ‫(‪)0‬بنية مكونية(ما قبل التمثيل)‬
‫اقترحنا‬
‫في اللغة العربية‪ ،‬المفردات‬ ‫أصوال‬
‫فعل‪ ،‬فعلل" باعتبار‬ ‫ِ‬
‫فعل‪ٌ ،‬‬
‫الفعلية المصوغة على األوزان األربعة "فعل‪َ ،‬‬
‫المفردات المصوغة على هذه األوزان تشكل أبسط فردات اللغة العربية‬
‫معنى ومبنى‪.1‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪3‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يمثل في المعجم المفردات األصول في شكل اطار حملي وهو بنية‬


‫تتضمن المعلومات التالية(أ)صورة المحمول و(ب)مقولته التركيبية (فعل‪،‬‬
‫اسم‪ ،‬صفة) و(ج)عدد محالت موضوعاته و(د)الوظائف الداللية(ينفذ)‬
‫"متقبل" "مستقبل" التي تحملها محالت الموضوعات و(ه)القيود التواردية‬
‫التي يفرضها المحمول على محالت موضوعاته‪.1‬‬
‫ولنمثل ذلك باإلطارين الحملين(‪)23‬و(‪)23‬للفعلين "شرب" و"أعطى"‬
‫(‪ )33‬شرب ف(س ‪ :0‬حي(ش) منف(س ‪ :2‬سائل (س ‪ )2‬متق‪.‬‬
‫(‪ )33‬أعطى ف (س ‪ :0‬إنسان(س ‪ )0‬منف(س ‪ :2‬حي (س ‪)2‬‬
‫مشتق(س ‪.)5‬‬
‫يفاد من اإلطار الحملي (‪ )33‬أن "شرب" محمول فعلي ]أخذ موضوعين‬
‫اثنين‪ ،‬موضوعا منفذا وموضوعا متقبال‪ ،‬يفرض عليها قيدي التوارد "حي"‬
‫و"سائل" بالتوالي ومن اإلطار الحملي(‪ )33‬يفاد أن "أعطى"محمول فعلي‬
‫يأخذ ثالثة موضوعات ‪ ،‬موضوعا منفذا وموضوعا مستقبال وموضوعا‬
‫متقبال يفرض على أولهما وثانيهما قيدي التوارد "انسان" "حي"‪.2‬‬
‫ب‪ .‬قواعد التكوين‪:‬‬
‫تكون المفردات المشتقة عن طريق نسق من القواعد "المنتجة تزامنيا" تعد‬
‫قاعدة اشتقاقية القاعدة المتوافرة فيها الخاصيتان التاليتان‪( :‬أ) أن تربط بين‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.030‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪4‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مفردات متواردة تزمنياأي في مرحلة نفسها من مراحل تطور لغة معينة‬


‫و(ب) أن تكون المفردات الناتجة عنها مجموعة غير محصورة العناصر‬
‫أي أن تكون قاعدة منتجة‪.1‬‬
‫من القواعد التي تعد قواعد اشتقاق قواعد تكوين المحموالت "العلية"‬
‫والمحموالت "المطاوعة" وقواعد "انصهار الموضوع" وغيرها‪.2‬‬
‫فيما يخص الحدود فإنها تنقسم كالمحموالت إلى حدود "أصول" وحدود‬
‫"مشتقة" يمثل الحدود األصول في المعجم أما الحدود المشتقة فيتم تكوينها‬
‫بواسطة قواعد كوين الحدود طبقا للبنية العامة التالية‪:‬‬
‫(‪()31‬س س‪(0 Q :‬س)‪(2 Q :‬س)‪Q:...‬ن(س)‬
‫حيث س‪ :‬مخصص حد اعتباطي و ‪ :Q‬ممول اعتباطي‪.‬‬
‫ولنمثل لقواعد تكوين المحموالت بقاعدة اشتقاق المحموالت "العلية" تصاغ‬
‫قاعدة التكوين هذا الضرب من لمحموالت في صورتها العامة كالتالي‪:‬‬
‫(‪ )33‬تكوين المحموالت العلية‬
‫دخل‪(Q :‬س ‪(...)0‬س ن)‪.‬‬
‫خرج‪ :‬عل‪(Q-‬س ‪)1‬معلل(س ‪)0‬معلل‪(...‬س ن)‪.‬‬
‫معنى‪" :‬يتسبب (س ‪ )1‬في أن نتحقق الواقعة الدال عليها اإلطار‬
‫الحملي‪-‬الدخل"‬

‫‪-1‬أنظر كتاب قضايا معجمية‪ :‬المحوالت الفعلية المشتقة‪ ،‬ص ‪.032‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه ص ‪.032‬‬
‫‪5‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مفاد القاعدة(‪ )33‬أن المحمول العلي يشتق من محمول غير علي بتغيير‬
‫صيغة المحمول‪-‬الدخل(أو إضافة فعل مساعد كما في اللغتين اإلنجليزية‬
‫والفرنسية مثال)واضافة موضوع واحد(الموضوع س ‪ )1‬إلى موضوعات‬
‫المحمول‪-‬الدخل واالنتقال من معنى غير علي إلى معنى علي‪.1‬‬
‫هذه القاعدة إذا كيفت حسب معطيات اللغة العربية‪ ،‬كانت القاعدة‬
‫المسؤولة عن اشتقاق المحمولين"شرب" و "أشرب" والمحمول المعقد "جعل‬
‫يشرب" من المحمول "شرب" كما يتبين من المقارنة بين الجملة(‪ 33‬أ)‬
‫‪2‬‬
‫والجمل(‪ 33‬ب‪-‬د)‪:‬‬
‫(‪ )33‬أ‪-‬شرب الطفل الدواء‪.‬‬
‫ب‪-‬شرب الطبيب الطفل الدواء‪.‬‬
‫ج‪-‬اشرب الطبيب الطفل الدواء‪.‬‬
‫د‪-‬جعل الطبيب الطفل يشرب الدواء‪.‬‬
‫ولنمثل لقواعد تكوين الحدود بتكوين الحد"الرجل الكريم" الوارد في الجملة‬
‫(‪ )31‬مثال‪:‬‬
‫(‪ )31‬جاء الرجل الكريم‪.‬‬
‫يشكل خرج قاعدة تكوين هذا الحد طبقا للبنية (‪ )31‬ما يلي‪:‬‬
‫(‪( )30‬ع ‪ 0‬ذ س ‪:0‬رجل(س ‪ :)0‬كريم(س ‪)0‬‬

‫‪-1‬أحمد المتوكل اللسانيات الوظيفية ‪ ،‬ص ‪.032‬‬


‫‪ - 2‬كياب قضايا معجمية تفصل هذه األنماط من المحموالت المشتقة في هذا الكتاب‪ ،‬ص ‪.042‬‬
‫‪6‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حيث ع ‪ 0‬ذ‪ :‬معرف مفرد مذكر‪.1‬‬


‫نشير في ختام هذا العرض المقتضب لقواعد األساس إلى أن التمييز بين‬
‫المعجم وقاعد التكوين بين التمثيل لما يتعلمه المتكلم‪-‬السامع تعلما وما‬
‫يقوم باشتقاقه طبقا لقواعد معينة‪ ،‬يكفل عكس "القدرة المعجمية" قدرة‬
‫المستعمل للغة على تكوين مفردات جديدة بالنسبة إليه‪ ،‬مفردات لم يسبق‬
‫له أن يستعملها‪ ،‬هذا الضرب من التمثيل يحظى بواقعية نفسية ال يحظى‬
‫بها تمثيل يسوى بين المفردات األصول والمفردات المشتقة كالتمثيل الذي‬
‫يقترحه‪ 2‬جاكندوف مثال‪.‬‬
‫ج‪ .‬من اإلطار الحملي إلى البنية الحملية‪:‬‬
‫تقدم أن المعجم عبارة عن قائمة من المفردات (محموالت وحدود أصول)‬
‫الممثل لها في شكل بنية صورية (إطار حملي) وأن قواعد تكوين‬
‫المحموالت والحدود تنقل إطا ار حمليا أصال إلى إطار حملي مشتق‪ ،‬ناتج‬
‫المعجم وقاعد التكوين إذن إطار حملي يمثل للخصائص الداللية للمفردة‬
‫هذا اإلطار الحملي يعد مصد ار لبناء البنية الحملية التامة التحديد الذي‬
‫يتم عبر المراحل التالية‪:‬‬
‫‪ )0‬البنية الداللية للجملة‪:‬‬

‫‪-1‬أحمد المتوكل‪ ،‬اللسانيات الوظيفية‪ ،‬ص ‪.035‬‬


‫‪ - 2‬أنظر جاكندوف ‪ ،0975‬ص ‪.042‬‬
‫‪7‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حسب النحو الوظيفي تقوم على محمول يدل على واقعة "عمل" أو "حدث"‬
‫أو "وضع"أو "حالة" وعدد من الحدود تدل على الذوات المشاركة في‬
‫الواقعة الدال عليها المحمول‪.1‬‬
‫هذه الحدود بالنظر إلى أهميتها بالنسبة للواقعة صنفان‪ :‬حدود تسهم في‬
‫تعريف الواقعة ذاتها(كالحد المنفذ والحد المتقبل والحد المستقبل) وحدود ال‬
‫يتعدى دورها تخصيص الواقعة من حيث "الزمان" و "المكان" و"الحال"‬
‫وغير ذلك‪.‬‬
‫ففي الجملة (‪)32‬تدل الحدود "خالد" و "زينب" و "الكتاب" على ذوات تقوم‬
‫بأدوار مؤسسة للواقعة الدال عليها المحمول "أعطى" في حين أن الجدير‬
‫"البارحة" و"أمام المكتبة" يدالن على ذاتين تقومان بدوري التخصيص‬
‫الزماني والمكاني فقط‪.‬‬
‫(‪ )32‬أعطى خالد زينب الكتاب البارحة أمام المكتبة‪.‬‬
‫يصطلح في النحو الوظيفي على تسمية الحدود األولى "موضوعات"‬
‫وتسمية الحدود الثانية "لواحق" البنية العامة للحمل‪ ،‬إذن تقوم على محمول‬
‫وموضوعات والحق كما يتضح من التمثيل التالي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫محمول (س‪()0‬س‪(.....)2‬س ن) (ص‪(،)0‬ص‪(.....)2‬ص ن)‬
‫لواحق‬ ‫موضوعات‬
‫ت‬
‫حمل‬
‫‪-1‬اللسانيات الوظيفية‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪8‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعلى أساس الوضوعات وحدها تصنف المحموالت محموالت "أحادية"‬


‫(ذات موضوع واحد) ومحموالت "ثنائية" (ذات موضوعين) ومحموالت‬
‫"ثالثية"(ذات ثالثة موضوعات) كما هو شأن المحموالت في لجمل (‪33‬‬
‫أ) و (‪ 33‬ب) و(‪ 33‬ج) بالتوالي‪:‬‬
‫(‪ )33‬أ‪-‬جلست زينب‬
‫ب‪-‬شربت زينب شايا‪.‬‬
‫ج‪-‬وهبت زينب هندا فستانا‪.‬‬
‫وال يتضمن اإلطار الحملي مصدر اشتقاق الجملة (اإلطار الجملي الوارد‬
‫في المعجم أو الناتج عن قاعدة تكوين) إال الحدود الموضوعات أي‬
‫موضوعا واحدا إذا كان المحمول أحاديا أو موضوعين إذا كان ثنائيا أو‬
‫ثالثة موضوعات إذا كان ثالثيا يصطلح على تسمية اإلطار الحملي الذي‬
‫‪1‬‬
‫ال يتضمن إال الحدود الموضوعات "إطا ار حمليا نوويا"‬
‫ويتخذ اإلطار الحملي النووي دخال لـ"قواعد توسيع األطر الحملية" التي‬
‫تنقله إلى "إطار حملي موسع' عن طريق إضافة محل حد الحق أو‬
‫محالت حدود لواحق بواسطة هذه القواعد ينتقل اإلطار الحملي(‪ )33‬مثال‬
‫من إطار حملي نووي إلى إطار حملي موسع حيث يضاف إلى‬
‫موضوعية (س ‪)0‬و(س ‪ )2‬الحد الالحق الزماني (ص ‪:)0‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪9‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(‪ )33‬شرب ف(س ‪ :0‬حي (س ‪ )0‬منف(س ‪ :2‬سائل (س ‪ )2‬منف‬


‫ص ‪ 0‬ز م‪.‬‬
‫‪ )4‬تقدم أن اإلطار الحملي‪:‬‬
‫سواء أكان إطا ار حمليا نوويا أم كان إطا ار حمليا موسعا‪ ،‬يتضمن محموال‬
‫‪1‬‬
‫ومحالت حدود مفيدة بالنسبة للحدود الموضوعات بقيود توارد‬
‫يشكل هذا اإلطار الحملي دخال لقواعد "إدماج الحدود" التي يتم بواسطتها‬
‫المرضية لقيود‬ ‫ملء محالت الحدود بالمفردات المالئمة (المفردات‬
‫التوارد)‪.‬‬
‫زتتم هذه العملية حسب المسطرة التالية‪ :‬ينبغي من بين المداخل المعجمية‬
‫الممثل لها في المعجم أو الناتجة عن قاعدة تكوين الحد المالئم فيدمج في‬
‫محل الحد المعد له طبقا لهذه المسطرة ينقل اإلطار الحملي الموسع(‪)33‬‬
‫إلى البنية الحملية الجزئية (‪ 2)33‬حيث أدمجت الحدود "طفل" و "دواء" و"‬
‫بارحة" في محلي الموضوعين( س ‪( )0‬س ‪ )2‬ومحل الالحق(ص ‪:)0‬‬
‫(‪ )33‬شرف‪( :‬س ‪ :0‬طفل(س ‪ )0‬منف (س ‪ :2‬دواء (س ‪ )2‬منف (ص‬
‫‪ :0‬بارحة ص ‪ )0‬زم‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪01‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ )5‬يحصل على بنية حملية تامة التحديد عن طريق تطبيق مجموعتين‬


‫اثنتين من القواعد‪ :‬قواعد تحديد مخصص المحمول وقواعد تحديد‬
‫‪1‬‬
‫مخصصات الحدود‪.‬‬
‫يقصد بمخصص المحمول المقوالت التقليدية الثالث‪ :‬مقولة"الصيغة"‬
‫‪2‬‬
‫ومقولنا "الجهة" و "الزمن"‪.‬‬
‫الصيغتان األساسيتان في اللغات الطبيعية كما هو معلوم صيغة "التدليل"‬
‫وصيغة"التذييب" في اللغة العربية تواكب المحمول صيغة التدليل في‬
‫الجملة البسيطة المستنقلة أو في الجملة المدمة كما هو الشأن في‬
‫الجملتين(‪ 31‬أ) و( ‪ 31‬ب) وتواكب صيغة التذييت في الجمل المدمجة‬
‫التي من قبيل( ‪ 31‬ج)‪.‬‬
‫(‪ )31‬أ‪-‬تدرس هند الرياضيات‬
‫ب‪-‬ساء هندا أن رسب خالد‪.‬‬
‫ج‪-‬تخاف هند أن يرسب خالد‪.‬‬
‫المقوالت الجهية مقوالت "تحدد البنية الداخلية للواقعة" الدال عليها‬
‫المحمول فتكون‪ 3‬هذه الواقعة إما "تامة" أو " غير تامة" "مستمرة" أو غير‬
‫مستمرة" "مشروعا فيها أو مقاربة‪...‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬قضايا الرابط في اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪00‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إلى غير ذلك أما المقوالت الزمنية فهي بالنظر إلى زمن التكلم ‪،‬‬
‫"الماضي" و "الحاضر" و"المستقبل" ويميز إضافة إلى هذه المقوالت‬
‫الزمنية األساسية الثالث‪.‬‬
‫(‪)33‬أ‪-‬يكتب خالد رسالة‪.‬‬
‫ب‪-‬كتب خالد رسالة‪.‬‬
‫ج‪-‬سيكتب خالد رسالة غدا‪.‬‬
‫د‪-‬كان خالد قد كتب رسالة قبل أن يغادر المكتب‪.‬‬
‫لرصد الخصائص الصيغية والجهية والزمنية‪ ،‬واقترحت‪ ،‬في إطار النحو‬
‫‪1‬‬
‫الوظيفي‪ ،‬القواعد التالية‪:‬‬

‫‪Tβφ‬‬ ‫‪π‬‬ ‫(‪)33‬‬

‫تد‬
‫ذت‬ ‫‪φ‬‬ ‫(‪)011‬‬
‫تا‬
‫تا‬ ‫‪β‬‬ ‫(‪)010‬‬

‫سمر‬
‫غ سمر‬ ‫غ تا‬ ‫(‪)012‬‬
‫سر‬ ‫تعد مخص‬
‫طع‬

‫صاغت الحدود في النحو الوظيفي المقوالت التالية‪:‬‬


‫مض‬
‫حض‬ ‫‪T‬‬ ‫(‪)013‬‬
‫سقل‬

‫طق‬ ‫مض‬ ‫(‪)014‬‬


‫نس‬

‫‪-1‬اللسانيات الوظيفية‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪02‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"التعريف" والتنكير" و"العدد" و" الجنس" و"اإلشارة" و"التسوير" ويؤشر لهذه‬


‫المقوالت في بنية الحد كما تبين من التمثيل الحملي للمكونات ""الكتاب"‬
‫و" الطالبان" و" مسلمون"‬
‫و "مسلمات"‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫(‪( )013‬ع ‪ 0‬م س ‪ :0‬كتاب (س ‪))0‬‬
‫(‪( )013‬ع ‪ 2‬م س ‪ :0‬طالب (س ‪))0‬‬
‫(‪( )011‬ث ج م س ‪ :0‬مسلم (س ‪))0‬‬
‫(‪( )013‬ن ج ث س ‪ :0‬مسلم (س ‪))0‬‬
‫حيث ع=معرف‪=0 ،‬مفرد‪=2،‬مثنى‪،‬ج=جمع‪ ،‬م=مذكر‪ ،‬ن=مذكر‪،‬‬
‫ث=مؤنث‪.‬‬

‫‪ 3‬البنية الوظيفية‪:‬‬
‫تنقل البنية الحملية التامة التحديد إلى بنية وظيفية بواسطة إجراء‬
‫مجموعتين من القواعد‪( :‬أ)قواعد إسناد الوظائف (ب)قواعد تحديد‬
‫مخصص الحمل(وهو العنصر المؤشر للقوة اإلنجازية)‪.‬‬
‫أ‪ .‬إسناد الوظائف‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪03‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الوظائف في النحو الوظيفي كما سبقت اإلشارة إلى ذلك أنواع ثالثة‬
‫وظائف داللية(المنفذ‪ ،‬المتقبل‪ ،‬األداة) ووظائف تركيبية(فاعل‪ ،‬مفعول‪)...‬‬
‫‪1‬‬
‫ووظائف تداولية (بؤرة محور‪.)...‬‬
‫فيما يتعلق بالنوع األول من الوظائف يتم التمثيل لها بدءا من اإلطار‬
‫الحملي ذاته كما يتضح من اإلطار الحملي(‪ )33‬المكرر سوقه هنا‬
‫للتذكير‪:‬‬
‫(‪ )33‬شرب ف(س ‪ :0‬حي(س ‪))0‬منف (س ‪ :2‬سائل (س ‪ ))2‬متق‪.‬‬
‫حيث يحدد الموضوعان (س ‪ )0‬و(س ‪ )2‬دالليا على أنهما يأخذان‬
‫‪2‬‬
‫الوظيفتين الدالليتين"المنفذ و" المتقبل" بالتوالي‪.‬‬
‫أما الوظائف النوع الثاني والثالث فإنهما تسند بعد إتمام تحديد البنية‬
‫الحملية عن طريق تطبيق قواعد معينة‪.‬‬
‫فيما يخص اللغة العربية استدللنا في مكان‪ 3‬آخر على ورود كل من‬
‫الفاعل والمفعول به في وصف الخصائص (الرتبة‪ ،‬اإلعراب)هذه اللغة‪.‬‬
‫تجاه هذا اإلشكال النظري يتخذ في إطار النحو الوظيفي الموقف التالي‬
‫تعد الوظائف التركيبية مفاهيم واردة في النظرية كأوليات لوصف تستخدم‬
‫حين تمس الحاجة إلى استخدامها بمعنى أنها تستعمل في أنحاء خاصة‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪-3‬أنظر‪':‬د ارسات في نحو اللغة العربية الوظيفي" ومن البنية التحولية إلى البنية المكونة‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪04‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(أوصاف لغات خاصة) وال تستعمل في أنحاء خاصة أخرى بتعبير آخر‬
‫يعد تطبيق قواعد اسناد الوظائف التركيبية واردا في نحو بعض اللغات‬
‫الطبيعية ولكنه يلغى في نحو لغات طبيعية أخرى بحيث ال يتضمن نسق‬
‫قواعد اسنادا الوظائف في هذه اللغات إال قواعد اسناد الوظائف التداولية‪.1‬‬
‫ب‪ .‬اسناد الوظائف التركيبية‪:‬‬
‫تقدم أن حمل الجملة محمول دال على "واقعة" (عمل‪ ،‬حدث‪ ،‬وضع‪،‬‬
‫حالة) عدد من الحدود الدالة على المشاركين(أساسيين وثانويين) في‬
‫الواقعة الدال عليها المحمول‪.‬‬
‫تقدم الواقعة انطالقا من "وجهة" معينة فتنتقى بعض الحدود لتكون‬
‫إما"منظور رئيسيا" أو منظور ثانوي" وتظل الحدود األخرى خارج مجال‬
‫الوجهة‪.2‬‬
‫الحدان "الوجيهان" حدان اثنان الحد المتخذ"منظو ار رئيسيا" والحد المتخذ‬
‫"منظو ار ثانويا"‪.‬‬
‫إلى هذين الحدين‪ ،‬تسند بالتوالي الوظيفتان التركيبيتان "الفاعل" و"‬
‫المفعول" وتظل الحدود "غير الوجهية" بدون وظيفة تركيبية‪.3‬‬
‫يمكن على هذا األساس تعريف الوظيفتين الفاعل والمفعول بالشكل التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬اللسانيات الوظيفية ‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪-2‬أنظر التفصيل حول مفهوم "الوجهة" في (فيلور ‪ ، )0311‬ص‪.031‬‬
‫‪-3‬من البنية الحملية إلى البنية التكوينية‪ ،‬ص ‪.031‬‬
‫‪05‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(‪" )002‬تسند الوظيفة الفاعل إلى الحد الذي يشكل المنظور الرئيسي‬
‫للوجهة"‪.‬‬
‫(‪" )005‬تسند الوظيفة المفعول إلى الحد الذي يشكل المنظور الثانوي‬
‫للوجهة"‪.‬‬
‫ولنمثل ذلك بالجملتين (‪ 003‬أ‪-‬ب) حيث انتقى الحدان المنفذ والمتقبل‬
‫منظو ار رئيسيا ومنظو ار ثانويا بالتوالي في الجملة األولى والحد المتقبل‬
‫‪1‬‬
‫منظو ار رئيسيا في الجملة الثانية‪:‬‬
‫(‪ )003‬أ‪-‬ناقش األساتذة أطروحة هذا المساء في المدرج‪.‬‬
‫ب‪-‬نوقشت أطروحة هذا المساء في المدرج‪.‬‬
‫يؤشر للوظيفتين التركيبيتين الفاعل والمفعول على غرار التأشير للوظائف‬
‫الداللية كما يتضح من البنية الوظيفية الجزئية(‪:)003‬‬
‫(‪( )003‬تد (تا (مض شرب ف (ع ‪ 0‬م س ‪ :0‬طفل(س ‪ ))0‬منف فا‪.‬‬
‫(ع ‪ 0‬م س ‪ :2‬دواء(س ‪ ))2‬متق مف‪.‬‬
‫(ع ‪ 0‬ن ص ‪ :0‬بارحة(ص)) ز م‪.‬‬
‫ج‪ .‬اسناد الوظائف التداولية‬
‫تنحصر الوظائف التداولية في النحو الوظيفي في خمس وظائف وتقسم‬
‫بالنظر إلى وضعها بالنسبة للجمل‪ ،‬قسمين وظائف "خارجية" ووظيفتين‬

‫‪-1‬اللسانيات الوظيفية‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪06‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫"داخليتين" تسند الوظائف الخارجية إلى المكونات التي ال تنتمي إلى‬


‫الجمل ذاته‪ ،‬أي الوظيفة "المنادى" والوظيفة "المبتدأ والوظيفة "الذيل" أما‬
‫الوظيفتان الداخليتان فهما الوظيفتان اللتان تسندان إلى مكونات تعد‬
‫أو‬ ‫المحمول‬ ‫ذاته(موضوعات‬ ‫الحمل‬ ‫عناصر‬ ‫من‬ ‫عناصر‬
‫لواحقه)الوظيفتان التداوليتان الداخليتان هما الوظيفتان "بؤرة جديد" و"بؤرة‬
‫‪1‬‬
‫مقابلة"‪.‬‬
‫تمتاز الوظائف التداولية عن الوظائف التركيبية والوظائف الداللية بكونها‬
‫عالقات تقوم بين مكونات الجملة على األساس البنية اإلخبارية المرتبطة‬
‫بالمقام بعبارة أخرى تسند هذه العالقات إلى المكونات حسب المعلومات‬
‫اإلخبارية التي تحملها وطبقا للطبقات المقامية التي يمكن أن تنجز فيها‬
‫الجملة‪.‬‬
‫يعرف "المبتدأ" على أساس أنه المكون الذي يدل على "مجال الخطاب"‬
‫الذي يعد الحمل الموالي واردا بالنسبة إليه"‪.2‬‬
‫في الجملة(‪ )003‬يشكل المكون "هند" مجال الخطاب المحمول عليه‬
‫الحمل يليه "عشقت عينيها" كما كما يوضح ذلك التمثيل(‪)001‬‬
‫(‪ )003‬هند‪ ،‬عشقت عينيها‪.‬‬
‫عشقت عينيها‬ ‫هند‬ ‫(‪)001‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪07‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خطاب‬ ‫مجال خطاب‬


‫حمل‬ ‫مبتدأ‬
‫ويعرف الذيل بأنه"المكون الذي يوضح أو يعدل أو يصحح معلومة واردة‬
‫في الحمل‪.‬‬
‫ينسحب هذا التعريف على المكونات'هند' و'تأديه' و'سعاد' في الجمل‬
‫الثالث اآلتية‪:‬‬
‫(‪ )003‬أ‪-‬عشقت عينيها‪ ،‬هند‪.‬‬
‫ب‪-‬سرني خالد‪ ،‬تأدبه‪.‬‬
‫ج‪ -‬ازرتني هند بل سعاد‪.‬‬
‫الجملة إذن تتألف من ثالثة مكونات مبتدأ أو حمل وذيل كما يتبين من‬
‫التمثيل التالي‪:‬‬
‫(‪( )003‬المبتدأ‪ ،‬حمل‪ ،‬ذيل)‬
‫ويضاف إلى هذه المكونات المكون"المنادى" الذي اقترضنا تعريفه كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫"تسند الوظيفة "المنادى" إلى العنصر الذي يشكل محط النداء في الجملة"‬
‫ينطبق هذا التعريف على المكونات المتصدرة للجمل (‪ 021‬أ‪-‬ج)‬
‫(‪ )021‬أ‪-‬يا حبيبي‪ ،‬هذه ليلة حبي‪.‬‬
‫ب‪-‬يا واقفا اجلس‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ج‪-‬يا عمرو عادت هند من مراكش‪.1‬‬


‫إذا أخذ بعين االعتبار المكون المنادى كانت البنية العامة للجملة هي‬
‫البنية (‪:)020‬‬
‫(‪()020‬منادى‪ ،‬مبتدأ‪ ،‬حمل‪ ،‬ذيل)‬
‫ونشير إلى أن المكونات الثالثة (المنادى المبتدأ والذيل)مكونات اختيارية‬
‫إذ يمكن أن يرد الحمل بدون أحدها أو بدونها جميعا‪:‬‬
‫(‪ )022‬أ‪ -‬ازرتني هند‪.‬‬
‫ب‪-‬عشقت عينيها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ج‪-‬هذه ليلة حبي‪.‬‬
‫أما الوظيفتان التداوليتان الداخليتان المحور والبؤرة فتعرفان كما يلي‪:‬‬
‫"تستند الوظيفة المحور إلى المكون الدال على الذات التي تشكل محط‬
‫الحديث داخل الحمل"‪.3‬‬
‫ينطبق هذا التعريف على المكونين "خالد" و"الطفل" في الجملتين (‪025‬‬
‫ب) و(‪ 025‬ب)‪ ،‬مثال‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.032‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.032‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.032‬‬
‫‪09‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ 1‬البنية المكونية‪:‬‬
‫يقصد بالبنية المكونية البنية الصرفية‪-‬التركيبية ويتم بناء هذه البنية عن‬
‫طريق اجراء النسق الثالث من القواعد "قواعد التعبير" التي تطبق طبقا‬
‫المعلومات المتوفرة في البنية الوظيفية‪.1‬‬
‫يشمل نسق قواعد التعبير مجموعات القواعد التالية‪:‬‬
‫قواعد صياغة الحدود‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقاعد صياغة المحمول‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقاعد ادماج مؤشر القوة االنجازية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقواعد الموقعة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقاعد اسناد النبر والتنغيم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫صياغة الحدود‪:‬‬
‫تقدمت اإلشارة إلى أن البنية الحملية للحد من منطقية تقوم أساسا على‬
‫مفهوم التقييد حيث تقيد مجموعة من "األشخاص"(المجموعة الدال عليها)‬
‫"المتغير" بعدد معين من "المقيدات"‪ 2‬على هذا األساس بالمثل للحد"الفتاة‬
‫الجميلة المجتهدة" في الحملة (‪ )033‬في شكل البنية(‪:)033‬‬
‫(‪)033‬قابلت الفتاة الجميلة المجتهدة‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.031‬‬
‫‪21‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(‪()033‬ع ‪ 0‬ث س ‪:0‬فتاة(س ‪ :)0‬جميلة(س ‪:)0‬مجتهدة(س ‪))0‬متق‬


‫ففي البنية (‪)033‬يحصر المقيد األول مجموعة األشخاص الدال عليها‬
‫المتغير(س ‪ )0‬في مجموعة "الفتيات" ويحصر المقيد الثاني مجموعة‬
‫الفتيت الجميالت في مجموعة قواعد"صياغة الحد" بنقل البنية الحملية التي‬
‫من قبيل البنية (‪ )033‬إلى بنية صرفية‪-‬تركيبية أو بعبارة أخرى إلى‬
‫مركب هذه المجموعة من القواعج إذن هي القواعد التي تضطلع بنقل الحد‬
‫‪1‬‬
‫إلى مركب برصد العالقة بين األزواج الممثل لها في الرسم التالي‪:‬‬
‫محمول (حد ‪( ،)0‬حد ‪(.... ،)2‬حد ‪)1‬‬ ‫(‪ )031‬أ‪-‬‬
‫محمول (مركب ‪( ،)0‬مركب ‪(....)2‬مركب ‪)1‬‬

‫أ‪ .‬يتألف الحد إما من مقيد واحد أو من مقيدات متعددة ويرد عادة‪ ،‬المقيد‬
‫األول اسما كما هو شأن المقيد "فتاة" في البنية(‪ )033‬في حين ترد‬
‫المقيدات األخرى إما صفات أو جمال كما في الجملة (‪ )030‬حيث المقيد‬
‫الثاني جملة موصولية‪.2‬‬
‫(‪ )030‬قابلت الفتاة التي حيتنا أمس‪.‬‬
‫في الحالة األولى يكون لمقيد الوحيد "رأس" المركب إال مقي آخر ينازعه‬
‫هذه الخاصية‪ ،‬أما في الحالة الثانية حالة تعدد المقيدات داخل الحد‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪-2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪20‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الواحد‪ ،‬فإن المقيد األول هو المقيد الذي ينتقى رأسا للمركب في حين‬
‫تأخذ مقيدات األخرى وضع "الفضالت"‪.‬‬
‫على أساس هذا المبدأ ينتقى المقيد "فتاة" في البنية (‪" )033‬رأسا" ويأخذ‬
‫المقيدان الثاني والثالث("جميلة"‪" ،‬مجتهدة")‪.‬‬
‫وضع الفضلتين فتنقل في ذلك البنية(‪ )033‬إلى البنية(‪ )032‬طبقا للنية‬
‫‪1‬‬
‫العامة(‪:)035‬‬
‫خص فتاة‪ ،‬جميلة‪ ،‬مجتهدة‬ ‫(‪)032‬‬

‫خص‪ ،‬رأس‪ ،‬فص‬ ‫(‪)035‬‬


‫حيث خص=مخصص وفض=فضلة‬
‫ب‪ .‬يتم ادماج المخصص عن طريق اجراء القواعد من قبيل القاعدة(‪)033‬‬
‫‪.2‬‬
‫التي يدمج بمقتضاها المعرف"األلف والالم" في محل المخصص "ع"‪.‬‬
‫ج‪ .‬إى حد اآلن تظل عناصر الحد غير مرتبة لترتيب هذه العناصر‬
‫يجب التمييز بين نمطين من اللغات ذات المجال القبلي واللغات "ذات‬
‫المجال البعدي" لغات النمط األول هي اللغات التي تتقدم فيها فضالت‬
‫البنية على رأسها كاللغات التي يحتل فيها الفعل الموقع األخير في‬

‫‪-1‬المرجهع نفسه‪ ،‬ص ‪.030‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪22‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الجملة‪ ،‬في اللغات نجد الفضلة في امركب متقدمة على الرأس‪ ،‬سواء‬
‫أكانت الفضلة صفة ام كانت جملة (موصولية مثال)‪.‬‬
‫أما لغات النمط الثاني فيتقدم فيها رأس البنية على الفضالت بخالف ما‬
‫حصل في لغات النمط األول بالنسبة للمركب على الخصوص ‪.‬‬
‫يالحظ أن الغات ذات المجال البعدي تقدم الرأس على فضالته سواء‬
‫أكانت هذه الفضالت أسماء‪ ،‬صفات‪ ،‬أم جمل‪.1‬‬
‫تنتمي اللغة العربية كدوارجها للغة ذات المجال البعدي كما يتبين من‬
‫‪2‬‬
‫المقارنة بين الجمل التالية‪:‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬رسب الطالب المتكاسل‪.‬‬
‫ب‪-‬رسب المتكاسل الطالب‪.‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬حضرت عرس خالد‪.‬‬
‫ب‪-‬حضرت خالد عرس‪.‬‬
‫(‪ )031‬أ‪ -‬تصفحت الكتاب الذي أعرتني‪.‬‬
‫ب‪-‬تصفحت الذي أعرتني الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬جاء الرجل السمين‪.‬‬
‫ب‪-‬جاء السمين الرجل‪.‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬قريت الكتاب لي اعطيتني‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪.032 ،‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.032‬‬
‫‪23‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪-‬قريت لي اعطتني الكتاب‪.‬‬


‫(‪ )031‬أ‪-‬جاني الحبيب األوالني‪.‬‬
‫ب‪ -‬جاني االوالني الحبيب‪.‬‬
‫(‪ )030‬أ‪-‬عزموني على فرح سنيه‪.‬‬
‫ب‪-‬عزموني على سنيه فرح‪.‬‬
‫(‪ )032‬أ‪-‬صدقت الكالم اللي انت باعته من سنة‬
‫ب‪-‬صدقت الكالم اللي انت باعته من سنة الكالم‪.‬‬
‫(‪ )035‬أ‪-‬جاني القمر ومعاه هدية فرحت بيها‪.‬‬
‫ب‪-‬جاني القمر ومعاه فرحت بيها هدية‪.‬‬
‫في اللغات المنتمية إلى نمط اللغات ذات المجال البعدي كاللغة العربية‬
‫الفصحى واللغتين العربيتين المغربية والمصرية‪ ،1‬تترتب المكونات داخل‬
‫المركب طبقا للبنية العامة اآلتية‪:‬‬
‫(‪( :)033‬مخصص‪ ،‬رأس‪ ،‬فضلة)‪.‬‬
‫حيث يتقدم المخصص (أداة تعريف) غلى العنصر الرأس الذي يتقدم بدوره‬
‫على العنصر الفضلة(أو العناصر الفضالت)‪.2‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.035‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.035‬‬
‫‪24‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫على هذا األساس يمكن صوغ قاعدة التي تترتب المكونات بمقتضاها‬
‫داخل المكب في اللغة العربية(وفي اللغات ذات المجال البعدي بوجه‬
‫عام)على النحو التالي‪:‬‬
‫(خاصة‪ ،‬رأس‪ ،‬فض)‪.‬‬ ‫(‪( )033‬خاصة‪ ،‬رأس‪ ،‬فضة)‬
‫د‪ .‬يستكمل المركب صياغته بأن تسند إليه حالة اعرابية تسند الحاالت‬
‫االعرابية في اطار النحو الوظيفي (وفي إطار كل نحو يعتمد افتراض‬
‫"أولوية" الوظائف)‪ ،‬طبقا للوظيفة المسندة إلى الحد في مستوى البنية‬
‫الوظيفية‪.‬بما أن الحد الواحد يمكن أن يحمل وظيفة واحدة(وظيفة داللية)‬
‫أووظيفتين اثنتين (وظيفة داللية ووظيفة تركيبية) أو ثالث وظائف (وظيفة‬
‫داللية ووظيفة تركيبية ووظيفة تداولية) يجدر التساؤل عن أي هذه‬
‫الوظائف تحدد الحالة االعرابية التي تسند إلى الحد؟‪.1‬‬
‫بصفة عامة تتفاعل الوظائف الثالث جميعا في تحديد الحاالت االعرابية‬
‫إال أن هذا التفاعل يختلف من لغة إلى لغة فيما يخص اللغة العربية‬
‫الفصحى‪ ،‬استدللنا‪2‬على ورود سلمية تحديد اإلعراب التالية ‪:‬‬
‫(‪ )033‬سلمية تحديد اإلعراب‪:‬‬
‫الوظائف التركيبية>الوظائف الداللية>الوظائف التداولية‪.‬‬
‫مفاد سلمية(‪ )033‬ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.035‬‬


‫‪-2‬أنظركتابنا‪ :‬الوظائف التداولية في اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪25‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ ‬إذا كان المكون ال يحمل إال الوظيفة تداولية فإنه يأخذ الحالة‬
‫اإلعرابية التي تخوله اياها وظيفته التداولية نفسها‪ ،‬ويصدق هذا على‬
‫الوظائف التداولية الخارجية كوظيفة المنادى والوظيفة المبتدأ والوظيفة‬
‫الذيل‪.‬‬
‫إذا كان المكون منتميا إلى الحمل ذاته وكان ال يحمل إال وظيفة‬ ‫‪‬‬
‫داللية فإنه يأخذ الحالة اإلعرابية (النصب) التي تخوله اياها وظيفته‬
‫الداللية ذاتها‪.1‬‬
‫‪ ‬حين تتوارد على المكون الواحد وظيفتان اثنتان‪ ،‬وظيفة داللية‬
‫ووظيفة تركيبية‪ ،‬أو ثالث وظائف‪ ،‬وظيفة دالليه ووظيفة تركيبية ووظيفة‬
‫تداولية فإنه يأخذ الحالة اإلعرابية التي تقتضيها وظيفته التركيبية أيا كانت‬
‫وظيفته الداللية وأيا كانت وظيفتاه الداللية والتداولية‪.2‬‬
‫فالمكن المبتدأ مثال ‪ ،‬باعتبار خارجا عن الحمل ذاته وغير حامل بالتالي‬
‫لوظيفة داللية وال لوظيفة تركيبية يأخذ الحالة االعرابية الرفع بمقتضى‬
‫وظيفته التداولية(المبتدأ) نفسها‪:‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬األطفال‪ ،‬ناموا منذ ساعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الكتاب‪ ،‬قرأته مرات متعددة‪.‬‬

‫‪-1‬أحمد المتوكل‪ ،‬السانيات الوظيفية مدخل نظري‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-‬امرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪26‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتأخذ المكونات غير الوجهية (غير الحاملة لوظيفة تركيبية) الحالة‬


‫اإلعرابية التي تقنتضيها وظيفتها الداللية‪ ،‬أي "النصب" أو "الجر"‪:‬‬
‫(‪ )031‬أ‪-‬عادت سعاد من الحفل مساء‪.‬‬
‫ب‪-‬وقف خالد احتراما ألبيه‪.‬‬
‫ج‪-‬أقبلت هند مبتسمة‬
‫ويأخذ المكونات الفاعل والمفعول الحالة اإلعرابية الرفع والحالة اإلعرابية‬
‫النصب بالتوالي‪ ،‬اللتين "تحجبان" الحالتين االعرابيتين المطابقتين لوظيفتها‬
‫‪1‬‬
‫الداللتين‪:‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬حزن بكر‪.‬‬
‫ب‪-‬سكن البيت‪.‬‬
‫ج‪-‬أعطيت هند باقة الورد‪.‬‬
‫د‪-‬سير فرسخان‪.‬‬
‫ه‪-‬صم يوم الجمعة‪.‬‬
‫و‪-‬حزن حزن شديد‪.‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬أنهى خالد األطروحة‪.‬‬
‫ب‪-‬وهب خالد عم ار ماال‬
‫ج‪-‬سارت زينب فرسخين‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪27‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫د‪-‬صامت زينب شهر رمضان‪.‬‬


‫ه‪-‬حزن بكر حزنا شديدا‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويأخذ هذان المكونات الحالتين اإلعرابيتين نفسيهما سواء أكانا محورين‪:‬‬
‫(‪ )011‬أ‪-‬كتب الزمحشري المفضل‪.‬‬
‫ب‪-‬كتب المفصل الزمخشري‪.‬‬
‫أم كانا بؤرتي جديد‪:‬‬
‫(‪ )010‬أ‪ -‬ازرني ابراهيم (بنبر ابراهيم)‬
‫ب‪-‬اشتريت سيارة(بنبر سيارة)‬
‫‪2‬‬
‫أم كانا بؤرتي مقابلة‪:‬‬
‫(‪ )012‬أ‪-‬ما ازرني إال ابراهيم(بنبر ابراهيم)‬
‫ب‪-‬هندا رأيت(بنبر هندا)‬
‫ج‪-‬ما رأيت إال هندا(بنبر هندا)‬
‫فيما يتعلق بالمركب فإنه يأخذ باعتباره كال الحالة اإلعرابية التي تقتضيها‬
‫وظيفته التداولية (إن كان من المكونات الخارجية)أو وظيفته الداللية(إن‬
‫كان مكونا غير وجهي) أو وظيفته التركيبية(إن كان فاعال أو مفعوال‪ ،‬كما‬
‫يتبين من البنية العامة التالية‪:‬‬
‫(‪()015‬خص‪ ،‬رأس‪ ،‬فض)‪.1‬‬

‫‪-1‬امرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪28‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حيث ظ=وظيفة و=حالة اعرابية‪.‬‬


‫إال أنه من المالحظ أن الحالة االعرابية المسندة إلى المركب برمته تظهر‬
‫على العنصر الرأس كما تتنبأ بذلك القاعدة (‪.)013‬‬
‫(خص رأس‪ ،‬فض)ظ‬ ‫(‪()013‬خص‪ ،‬رأس فض) ظ‬
‫أما الحالة االعرابية التي تظهر على فضلة المركب فإنها حالة "مطابقة"‬
‫تأخذها الفضلة عن طريق التبعية بالنظر إلى الحالة االعرابية الظاهرة‬
‫على الرأس‪.2‬‬
‫ولنمثل السناد االعراب إلى المركب ما يلي‪:‬‬
‫بنية المركب "الطالب المجتهد" في الجملة(‪ )013‬في مستوى ما قبل البنية‬
‫االعرابية هي البنية الممثل لها في (‪.)013‬‬
‫(‪ )013‬فاز الطالب المجتهد‬
‫‪3‬‬
‫(‪()013‬حب(تد(تا(مض(فاز ف {الطالب المجتهد} سق فا مح بؤ جد)‬
‫تتخذ البنية (‪ )013‬دخال لقواعد اسناد االعراب حيث نسند إلى المركب‬
‫"الطالب المجتهد" الحالة االعرابية الرفع بمقتضى وظيفته التركيبية الفاعل‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪-3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪29‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(‪()011‬حب(تد(تا(مض فاز ف(الطالب المجتهد) منف فا مح) بؤ جد‬


‫وتنقل بمقتضى القاعدة (‪ )013‬البنية (‪ )011‬إلى البنية االعرابية التامة‬
‫التحديد(‪)013‬حيث ينقل اسناد والحالة االعرابية الرفع إلى الرأس‪.‬‬
‫(‪()013‬حب(تد(تا(مض فاز ف(الطالب المجتهد( منف فا مح(بؤ جد)‬
‫يتم صوغ المحمول عن طريق اجراء مجموعة من القواعد يصطلح على‬
‫تسميتها"قواعد صياغة المحول" تضطلع هذه القواعد بنقل المحمول من‬
‫صورته المجردة إلى صياغة صرفية تامة‪.1‬‬
‫ونشير بهذا الصدد إلى أن الصرف في النحو الوظيفي صرفان صرف‬
‫اشتقاق وصرف تصريفي يتموقع النوع األول من الصرفي مستوى األساس‬
‫في مستوى قواعد تكوين المحموالت بصفة أدق حيث يتم اشتقاق محموالت‬
‫فرعية من محموالت مفترض فيها أنها أصول في هذا المستوى يتم اشتقاق‬
‫مفردات مصوغة على أوزان معينة من مفردات مصوغة على أوزان تعد‪،‬‬
‫حسب معايير معينة‪ ،‬أوزانا أصوال كاألوزان الثالث" "فعل" و "فعل"‬
‫‪2‬‬
‫و"فعل"‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪-2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.031‬‬
‫‪31‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إال أن هذه القواعد ال تحدد الصياغة التامة للمحمول إذ أن اإلطار الحمل‬


‫خرجها يتضمن محموال مجردا من التصرفات الدالة على الصيغة والجهة‬
‫والزمن والمطابقة‪.1‬‬
‫هذه المميزات ال يتم تحديدها إال في مستوى البنية المكونية بواسطة النوع‬
‫الثاني من القواعد الصرفية قواعد الصرف "التصريفي" وبخاصة"قواعد‬
‫صياغة المحمول" تتكفل قواعد صياغة المحمول انطالقا من المعلومات‬
‫الواردة في البني الوظيفية حول مخصص المحمول الصيغي‪-‬الجهي‪-‬‬
‫الزمني بإعطاء الصيغة الصرفية التامة للمحمول المجرد على أساس هذه‬
‫المعلومات يأخذ المعلومات المحمول الفعل صيغة "الماضي"أو صيغة‬
‫"المضارع" محددتين كما في الجملتين‪ 013( :‬أ‪-‬ب)‪.‬‬
‫(‪)013‬أ‪-‬باعت هند سيارتها‪.‬‬
‫ب‪-‬يكتب خالد كتابا في النحو‪.‬‬
‫أو مضافا إليها "فعل مساعد" كما في الجمل(‪ 031‬أ‪-‬ه)‪:‬‬
‫(‪ )031‬أ‪-‬كان خالد يكتب كتابا في النحو‪.‬‬
‫ب‪-‬ما زالت هند تعشق خالدا‬
‫ج‪-‬أصبح خالد يدرس الرياضيات‪.‬‬
‫د‪-‬ظللت أرقب وعدها‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.031‬‬


‫‪30‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ه‪-‬كان خالد قد أتم كتابه في النحو حين طفق يؤلف رواية ويتكفل‬
‫قواعد صياغة المحمول‪ ،‬كذلك‪ 1‬بإدماج "الفعل الرابط" في الجمل‬
‫ذات المحمول غير الفعلي كالجمل التي من قبيل(‪ 030‬أ‪-‬د)‪:‬‬
‫(‪ )030‬أ‪-‬كان سيبويه نحويا‪.‬‬
‫ب‪-‬ظلت هند واقفة بباب البيت‪.‬‬
‫ج‪-‬أصبح خالد مدرسا للحساب‪.‬‬
‫د‪-‬ما زلت منتظ ار مجيئها‪.‬‬
‫أفردنا في مكان آخر‪ ،2‬دراسة خاصة لقواعد صياغة المحمول في اللغة‬
‫العربية وسنقتطف من هذه الدراسة جزءا نقدمه كنموذج لصوغ هذا النمط‬
‫من العربية القواعد‪ ،‬لذا نكتفي هنا بإيراد مثال واحد‪:‬‬
‫بنية الجملة(‪ )013‬المتخذة دخال لقواعد صياغة المحمول هي البنية‬
‫(‪ )013‬المكرر سوقها هنا التذكير‪()013( :‬خب(تد(تا(مض فاز ف‬
‫‪3‬‬
‫(الطالب المجتهد(منف فا مح بؤ جد)‬
‫طبقا للمعلومات الواردة في هذه البنية حول مخصص المحمول صيغة‬
‫الماضي مجردة(غير مضاف إليها فعل مساعد) بموجب قاعدة صياغة‬
‫المحمول (‪ )032‬فتنقل البنية (‪ )013‬إلى البنية (‪:)035‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬أنظر كتابنا من قضايا الرابط في اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪-3‬أحمد المتوكل اللسانيات الوظيفية‪ ،‬ص ‪.033‬‬
‫‪32‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(ماض‪(Q -‬س ‪(...)0‬س ن))‬ ‫(‪()032‬تد(تا(ف(س ‪(....0‬س ن)‬


‫(‪()035‬خب(فاز( ف الطالب المجتهد منف فا مح( بؤ جد)‬
‫ادماج مؤشر القوة االنجازية‪:‬‬
‫بينا في مكان آخر‪1‬ان المكونات التي تتصدر الحمل التي تحتل موقع‬
‫الصدارة المطلقة في الحمل أنماط ثالثة‪ :‬مكونات حدود ومؤشرات للقوة‬
‫اإلنجازية ومعلقات دوامج‪.‬‬
‫تنتمي إلى النمط األول أسماء االستفهام التي تعد في النحو الوظيفي‬
‫حدودا كباقي الحدود إال أنها تمتاز بأنها تحتل عادة صدر الحمل كما‬
‫يتبين من الحمل(‪ 033‬أ‪-‬د)‪:‬‬
‫(‪ )033‬أ‪-‬من نغيب اليوم؟‬
‫ب‪-‬ماذا وهب خالد هندا؟‬
‫ج‪-‬متى ميعادنا؟‬
‫د‪-‬كيف تم نقل عمر والى الرباط؟‬
‫وتنتمي إلى النمط الثاني من المكونات األدوات التي تؤدي وظيفته التأشير‬
‫للقوة اإلنجازية المراكبة للحمل ويشمل هذا النمط في اللغة العربية أداتي‬

‫‪-1‬أنظر‪:‬كتابنا الجملة المركبة في اللغة العربية‪ ،‬ص ‪.033‬‬

‫‪33‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫االستفهام "الهمزة" و"هل" واألداة الدالة على "االستفهام االنكاري""أو" (بفتح‬


‫الواو) واألداة "إن" (بكسر الهمزة)‪. 1‬‬
‫أما األدوات المعلقة الدامجة فإنها األدوات التي تستخدم للربط بين حملتين‬
‫مدمجة ثانيتها في أولهما كاألداة "أن" (بفتح الهمزة) والضمائر الموصولة‬
‫(الذي‪ ،‬ما‪ ،‬من)‪.‬‬
‫يوضح هذا التقسيم المكونات الصدور في اللغة العربية الرسم التالي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫(‪)033‬‬
‫المكونات الصدور‬

‫األدوات‬ ‫الحدود‬

‫البنية‬ ‫معلقات دامجة‬ ‫مؤش ارت القوة‬


‫أسماء االستفهام‬
‫االنجازية‬

‫الضمائر الموصولة‬ ‫أن‬ ‫‪3‬‬


‫إن‬
‫هل‬ ‫المكونية‬
‫الذي‬
‫الهمزة‬
‫التحتية‬ ‫من‬ ‫كي‬
‫أو‬ ‫تنقل كما تقدم البنية‬
‫ما‬ ‫إذ‬
‫إن‬
‫حين‬ ‫الداللي‪-‬‬ ‫التمثيل‬ ‫(أو‬

‫‪-1‬أحمد المتوكل اللسانيات الوظيفية ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪-3‬قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية‪ :‬د‪.‬أحمد المتوكل‪ ،‬ص ‪ ،30‬دار األمان للنشر والتوزيع‪3 ،‬‬
‫زنقة المامونية‪ ،‬مطبعة الكرامة‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التداولي)إلى بنية مكونات (أو تمثيل صرفي‪-‬تركيبي)بواسطة اجراء قواعد‬


‫التعبير التي تتضمن ثالثة أنساق من القواعد قواعد صرفية وقواعد تركيبية‬
‫وقواعد تطريزية تجرى بهذا الترتيب كما تتضح من الرسم ظل هذا التصور‬
‫المسطرة الربط بين بنيتي الجملة سائدا في عمومه إلى اآلن ولم ينل وافر‬
‫حظ من البحث والتمحيض لكون جل األبحاث الوظيفية منذ(ديك ‪)0333‬‬
‫كرست لمناقشة قضايا البنية التحتية مع العلم أن هذا التصور ال يخلوا من‬
‫اشكاالت تتفاوت في األهمية منها على سبيل المثال االشكاالت المتعلقة‬
‫بطبيعة دخل قواعد التعبير واإلشكاالت المتعلقة بترتيب هذه القواعد‬
‫واشكال طبيعة البنية خرج هذه القواعد أي البنية المكونية‪ ،‬خاصة اشكال‬
‫التمثيل لها في هذه الفقرة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬


‫‪ 3‬أوال‪ :‬الضمائر‬
‫‪ .0‬مفهوم الضمائر‬
‫الضمير اسم موضوع ليشير إلى مسماه الذي سبق تعيينه وذكره‬
‫يعرف"السكاكي" الضمير بقوله"اعلم أن الضمير عبارة عن االسم‬
‫المتضمن االشارة إلى المتكلم أو إلى المخاطب أو إلى غيرهما بعد سابق‬
‫ذكره"‪.1‬‬
‫وعرفه "المرادي" بقولة "الضمير هو الموضوع لتعيين مسماه مشع ار بتكلمه‬
‫أو خطابه أو غيبته"‪.2‬‬
‫تستخدم الضمائر عوضا عن األسماء والصفات التي ال لزوم لتكرارها‬
‫فالربط بالضمير بدليل إلعادة الذكر في االستعمال وأدعى إلى الخفة‬
‫واالختصار‪3‬فمثال جملة(شرح الطبيب العملية ثم بدأ في تنفيذها)‬
‫اعتبرت الضمائر من المعارف واختلف النحاة في عدها من المبهمات فقد‬
‫عد "المبرد" جمع الضمائر من المبهمات‪ ،4‬في حين نص "سيبويه" على‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪:‬دور الروابط في اتساق ةانسجام الحديث القدسي‪ ،‬دار الوسيط‪ ،‬الطبعة األولى‪-0355 ،‬‬
‫‪ 2102‬ص ‪.35‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪-4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪2‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اعتبار ضمائر الغياب فقط من المبهمات‪1‬وقد عبروا عن هذا االبهام في‬


‫الضمائر بالكتابة "فالمضر أو الضمير اسم يكني به عن الظاهر من‬
‫متكلم أو مخاط أو غائب"‪.2‬‬
‫وألنك بالضمير تستر االسم الصريح فال تذكره فإنك إذا قلت (أنا) فأنت لم‬
‫نذكر اسمك وانما سترته بهذه اللفظة‪ ،3‬فالضمير اسم غير صريح يدل‬
‫على شخص متكلم أو مخاطب أو غائب‪.4‬‬
‫وخالف "الرضي" في حمل جميع الضمائر على الكناية ولم يعتبر منها‬
‫سوى ضمير الغائب بخالف المتكلم والمخاطب قال"أنا وأنت ليس بكناية‬
‫ألنه تصريح بالمراد وضمير الغائب كناية إذ هو دال على المعنى بواسطة‬
‫الرجوع إليه غير صريح بظاهره فيه" من خالل هذا الحكم يتوضح أن‬
‫المرجوع إليه في الغائب هو مفسر ذكري‪ ،‬وليس حضوري‪.‬‬
‫‪ 9‬تقسيمات الضمائر‪:‬‬
‫وضع النحاة العرب نظريتهم في وصف نظام الضمائر وضعا‬
‫مستقال عن النظرية التي وضعها نحاة بالد الهند واليونان‪ ،‬فضمائر النحو‬
‫العربي ثالثة أنواع‪ :‬المتكلم‪ ،‬المخاطب‪ ،‬الغائب يقابلها في النحو الهندي‪:‬‬

‫‪-1‬سيبويه الكتاب‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.11،13‬‬


‫‪-2‬محمد عرباوي‪:‬دور الرواية ص‪.35 ،‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪-4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪3‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشخص األخير‪ ،‬اشخص األوسط‪ ،‬الشخص األول‪ ،‬وفي النحو اليوناني‬


‫الشخص األول‪ ،‬الشخص الثاني‪ ،‬الشخص الثالث‪ ،‬على الترتيب‪ 1‬تصنيف‬
‫العرب للضمائر على ما تدل عليه من دور في عملية التخاطب وال عالقة‬
‫بمفهوم األشخاص فيها‪ ،‬وهذا ما يؤكد أنهم ليسوا مدنيين في كبيرة وال‬
‫صغيرة إلى غيرهم بشأن وضع نظام الضمائر في اللغة العربية‪ ،‬وهذا‬
‫كذلك دليل على أن النحاة العرب لم يأخذوا من أحد من غيرهم من النحاة‬
‫الذين سبقوهم‪ ،‬وهذا ال يعني أنهم لم يطلعوا على ما وجد عند غيرهم‪.‬‬
‫تتفرع الضمائر في العربية حسب وجودها في المقام إلى "ضمائر الغياب‬
‫ثم تتفرع ضمائر الحضور إلى متكلم وهو الباث والى مخاطب يقابله في‬
‫ذلك المقام ويشاركه فيه وهو المتقبل‪ 2‬فضمائر المتكلم تفتقد إلى المتكلم‬
‫وضمائر الخطاب تفتقد إلى المخاطب فيكون األول بمثابة المرجع لضميره‬
‫ويكون المخاطب كذلك أما ضمير الغيبة فيفتقد في العادة إلى مذكور يعد‬
‫مرجعا فال يتضح معنى الضمير إال بجود المرجع‪.3‬‬
‫وهناك من يقسم الضمائر حسب البروز إلى ضمائر ظاهرة (منفصلة‬
‫ومتصلة) وضمائر ضمنية(مستترة) فالضمائر المنفصلة فيها ضمائر‬
‫الرفع(هو‪ ،‬هي‪ ،‬هما‪ ،‬هن‪ ،‬أنت‪ ،‬أنت‪ ،‬انتما‪ ،‬انتم‪ ،‬انتن‪ ،‬أنا‪ ،‬نحن)‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪4‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وضمائر النصب(اياه‪ ،‬اياها‪ ،‬اياهما‪ ،‬اياهم‪ ،‬اياهن‪ ،‬اياك‪ ،‬اياك‪ ،‬اياكما‪،‬‬


‫اياكم‪ ،‬اياكن‪ ،‬اياي‪ ،‬ايانا) أما الضمائر المتصلة ففيها(تاء الفاعل‪ ،‬ألف‬
‫اإلثنين‪ ،‬واو الجماعة‪ ،‬نون النسوة‪ ،‬ياء المخاطبة‪ ،‬ياء المتكلم‪ ،‬كاف‬
‫الخطاب‪ ،‬هاء الغيبة‪ ،‬نا الفاعلين أو المفعولين)الضمائر المستترة(هو‪،‬‬
‫هي‪ ،‬أنا‪ ،‬نحن)‪.1‬‬
‫وتقسم إلى ضمائر رفع نصب وجر اعتمادا على محلها االعرابي والبعض‬
‫اآلخر يقسمها إلى ضمائر وجودية وضمائر ملكيةإلخ‪...‬‬
‫واذا نظرنا إلى الضمائر من زاوية االتساق أمكن التمييز فيها بين ضمائر‬
‫محلية خارج النص يشكل نمطي وهي الدالة على المتكلم والمخاطب‬
‫وضمائر اتساقية محلية داخل النص وهي ضمائر الغائب‪.2‬‬
‫‪ .4‬دور الضمير في الربط واإلحالة‪:‬‬
‫قبل أن نتطرق إلى دور الضمائر بمدى تحقيقه في الترابط النصي‬
‫أمكن أن نتساءل عن حظ الضمائر باعتبار جمعها بين التعريف واالبهام‬
‫من حقيق الترابط بين أجزاء نص الخطاب؟‬
‫الضمير وهو خارج الخطاب ليس سوى صيغة فارغة فهو ال يكتسب‬
‫حقيقته وطبيعته إال من خطاب ينع اإلضمار يحدد الداللة في الخارج فإذا‬
‫قال القائل(جاء زيد وأكرمت زيدا) جاز أن يكون الزيدان شخصين مختلفين‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪-2‬المرجع السابق (ص‪.)33‬‬
‫‪5‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أو شخصا واحداـ فإذا أضمرت ولم تظهر ارتفع اللبس ألن تكرار اللفظ‬
‫المدكور يوهم أنه غير األول‪.1‬‬
‫كشف "الحرجاني" عن الدور الرابطي لإلضمار في سياق تفريقه بين‬
‫اإلظهار واإلضمار بقوله"اإلظهار للقطع واالستئناف ووضع الكالم‬
‫موضعا ال يحتاج فيه إلى ما قبله"‪.2‬‬
‫والربط بالضمير العائد في التركيب يقوم على المعنى وليس على االعراب‬
‫يدللك على ذلك تنوع المواضيع والمحالت التي يحتلها فيما يربطه فقد‬
‫يكون رفعا ونصبا وجراء وهو ما يكون رابطا بين أجزاء الجملة الواحدة‬
‫زكذا بين الجمل المستقلة في النص حيث ال تشترط وحدة البنية العاملية‪.3‬‬
‫إن الضمائر فائدة تعود على مستعمل اللغة في اقتصاده للجهد اللغوي‬
‫باستعمالها فالضمائر بواسطتها نتفادى التكرار وكذلك اعادة الذكر وهذا ما‬
‫وضحه كثير من اللغويين القدماء حيث يقول"السيرافي" اعلم أن االسم‬
‫الظاهر متى احتيج إلى تكريره في جملة واحدة كان االختيار ذكر ضميره‬
‫نحو‪ :‬زيد ضربته وزيد ضربت أباه وزيد مررت به"‪.‬‬

‫‪ - 1‬سيبوية الكتاب‪ ،‬ج‪ ،0‬ص ‪.62‬‬


‫‪-2‬الجرجاني‪ ،‬دالئل االعجاز‪ ،‬ص ‪.035‬‬
‫‪-3‬سيبويه الكتاب‪ ،‬ص ‪.053‬‬
‫‪6‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما يحقق الضمير أمن اللبس ألن اعادة ذكر المحال اللفظ قد يفضى إلى‬
‫االلتباس في فهم المقصود حيث يقول الرضي"‪...‬ولو كرر اللفظ المذكور‬
‫مكان ضمير الغائب فربما توهم أنه غير األول"‪.‬‬
‫إن الضمير أحيانا قد يتسبب في االلتباس وهنا يجوز للمتكلم االظهار بدل‬
‫االظمار أمنا للبس ففي قولنا(جاء اخوة علي وهو) قد يتوهم أن الضمير‬
‫(هو) شخص آخر غير(علي) وهنا يكون التكرار واعادة الذكر هو من‬
‫يؤمن به اللبس فيقال جاء أخوة علي وعلي)‪.‬‬
‫تعتبر الضمائر من أدوات االحالة إلى مراجع موجودة داخل النص أو‬
‫خارجه ومثلها في االحالة أسماء االشارة وأسماء الموصول لذلك يطلق‬
‫بعض اللغويين صفة الضميرية على هذه األسماء المبنية‪.‬إن الدور‬
‫األساسي للضمائر هو االحالة التي تعني تطابق الخصائص الداللية بين‬
‫العنصر المحيل والعنصر المحال إليه‪.1‬‬
‫حيث تعد الضمائر أفضل األدوات التي يعبر بها المتكلمون االحالة على‬
‫كيانات مختلفة فمثال ضمير الغائب ليس له معنى ولن يتضح إذا وجد‬
‫منعزال‪ ،‬بل يتضح معناه بارتباطه بلفظ آخر‪ ،‬وقد أدى هذا بالعديد من‬
‫اللغويينإلى القول بأن صيغة اسمية "هو" ليست في الواقع أداة محيلة بذاتها‬

‫‪ - 1‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪7‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فهي تستعمل إال في االحالة داخل نص يحتوي على صيغة اسمية‬


‫‪1‬‬
‫كاملة‪.‬‬
‫يرى الباحث "محمد الشاوش" أن الربط النصي بالضمائر يتحقق بضمائر‬
‫الغائب دون ضمائر المتكلم والمخاطب إن ضمائر الغائب من بين‬
‫الضمائر األخرى التي تلعب دور اإلحالة‪ ،‬وتنقسم هذه األخيرة إلى أشكال‬
‫متعددة هي‪:‬‬
‫‪ ‬من حيث العالقة بالنص تنقسم إلى داخلية وخارجية ومن حيث رتبة‬
‫الضمير من المرجع تنقسم إلى قبلية وبعدية من حيث قرب الضمير من‬
‫المرجع تنقسم إلى قريبة وبعيدة‪.‬‬
‫‪ ‬فاالتساق واالنسجام في النصوص ال يستغني عن األدوار المهمة‬
‫للضمير في النص وهي الربط واإلحالة وأمن اللبس‪ ،‬واالقتصاد اللغوي‪.‬‬
‫ويتقد المفسر لفظا وأصال عن المضمر وله أربع حاالت‪:2‬‬
‫‪ ‬التقدم لفظا وتحقيقا‪ ،‬مثال‪ :‬ضرب زيد غالمه‪.‬‬
‫‪ ‬التقدم تقديرا‪ ،‬مثال ضرب غالمه زيد حيث أبدل المضمر بالمظهر‪.‬‬
‫التقدم معنى مثال‪ :‬أعدلوا هو أقرب للتقوى فإن مفسر الضمير هو‬ ‫‪‬‬
‫العدل المفهوم من اعلوا‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.86‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪8‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التقدم حكما إذا ثبت في الذهن كما في ضمير الشأن أو القصة الذي‬
‫يؤتى به قبل تقدم ذكره قصد تعظيم القصة بذكرها مبهمة فيعظم وقعها في‬
‫النفس وهو ضمير الغائب يتقدم الجملة ويعو إلى ما في الذهن من الشأن‬
‫والقصة فإن اعتبر مرجعه مذكر سمي ضمير الشأن وان وان اعتبر مؤنثا‬
‫سمي ضمير القصة رعاية للمطابقة نحو (إنه يوم يسير) وتفسير تلك‬
‫الجملة المذكورة بعده‪.1‬‬
‫وقد يتقدم المضمر لفظا ورتبة ال حما وتقدي ار كما في المثل المشهور 'في‬
‫بيته يؤتي حكما وهي الحالة التي سماها النحاة اإلضمار على شريطة‬
‫التفسير‪.2‬‬
‫فاألصل أن يعمد المتكلم إلى اإلظهار في مفتتح خطابه والى االضمار‬
‫في درجة ولكن من أظهر في موطن االضمار فقد قصد قوة الكالم وبيانه‪.‬‬
‫فاإلظهار شأنه شأن سائر مظاهر التعريف مشروط بعلم المخاطب بما‬
‫أضمر وبعلم المتكلم بعلم المخاطب بذلك‪ ،‬حتى يتحقق انسجام اخطاب‬
‫وهو ما عبر عنه سيبويه بقوله"وانما صار اإلضمار معرفة لألنك إنما‬
‫تضمر اسما‪.‬‬
‫بعدما تعلم أن من يحدث قد عرف من تعني وما نعني وأنك تريد شيئا‬
‫يعلمه‪.1‬‬

‫‪ -1‬محمد عرباوي‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪9‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أي أن االضمار ال يكون إال بعد حصول التعريف والتعيين والتخصيص‬


‫ويرى ابن جني أن الضمائر في حاجة إلى المفسر لتعيين الشخص‬
‫وتخصيصه فيقول"ال يضمر ما ال دليل عليه وال تفسير له" واألصل في‬
‫المفسر الذي يرفع االبهام عن معنى المضمر أن يكون مقاميا حضوريا‬
‫قائما على شهادة الحال في ضمائر المتكلم والمخاطب ومقاليا قائما على‬
‫التقدم في الفكر في ضمائر الغائب‪.2‬‬
‫ولئن كان االضمار يحدثه المتكلم خالل عملية الكالم فإن امخاطب دو ار‬
‫محوريا فيه يتمثل في سابق معرفته بالشيء المضمر واال خرج الكالم إلى‬
‫األلغاز واإلبانة المقتولة"وانما صار الضمير معرفة ألنك ال تضمره‬
‫إالبعدما يعرفه السامع وذلك ألنك ال تقول‪:‬‬
‫(مررت به)وال(ضربته)وال(ذهب) وال شيء من ذلك حتى تعرفه وتدري إلى‬
‫من يرجع هذا الضمير"‪.3‬‬
‫ويمكن للضمير أن يحيل إلى غير ما هو معتاد إليه تجاو از في النص‪،‬‬
‫ألن اللغة قادرة على تعويض المتكلم والمخاطب الغائب في عملية‬
‫الخطاب لتحقيق غرض التعظيم(العبد اللئيم يطمع في مغفرة الرحمن‬
‫الرحيم)استعملت صيغة الغائب للداللة على المتكلم لتحقيق غرض الدعاء‪،‬‬

‫‪-1‬سيبويه الكتاب‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪-3‬ابن جني‪ ،‬الخصائص‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2112 ،2‬ج ‪ ،0‬ص ‪.013‬‬
‫‪01‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مع االشارة إلى أن ضمير المتكلم يمكن أن يكون محدثا أو متحدثا عنه‬
‫‪1‬‬
‫فقط‪.‬‬
‫فظاهرة تركيب النص وبساطته ليست رهينة ظهور الصيغ اللغوية الدالة‬
‫على المتخاطبين إنما هي رهينة بما يحدث فيها من تغير في أدوار‬
‫التخاطب بصيرورة المتكلم مخاطبا والعكس أو باختالف ما تحيل عليه‪،‬‬
‫أنظر المثال "أنا جائع وأنا أيضا" واضح أن المخاطب والمتكلم يمكنهما‬
‫تبادل األدوار في االتجاهين‪ ،‬أما االنتقال من أحدهما إلى الغائب فال يقوم‬
‫على تبادل األدوار إنما يقوم على تبدلها وتحولها في نقل الكالم على‬
‫الحكاية مثال‪( :‬قلت لفاطمة أدخلي وال ترددي)استطاع الغائب أن يفارق‬
‫دوره ويصبح مخاطبا فبإمكان المتكلم أن يتوجه بالكالم إلى المخاطب‬
‫مخب ار عن الغائب‪.2‬‬
‫وفي هذا السياق وجدنا في مدونتنا هذا المثال‪ :‬عن أبي سعيد الخدري‬
‫وأبي هريرة رضي هللا عنهما قاال قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫(العز ا ازره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته) ومعناه أن العز والكبراء‬
‫يختص بهما المولى سبحانه وتعالى ومن ينازعه فيهما يعذبه في النار‪،‬وقد‬
‫استعمل هللا عز وجل في البداية ضمير الغائب(الهاء) لوصف نفسه ثم‬
‫استغنى عن هذا الضمير وعوضه بضمير المتكلم(الياء والتاء)عن حديثه‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪00‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عن الذي ينازع هللا في العز والكبرياء ألن هذا المقام يناسبه للحضور‬
‫أكثر من الغياب لبيان قوة هللا وعظمته‪ ،‬فهذا التبادل في الدور ينقل النص‬
‫إلى حالة من الحركة تؤثر في المتلقي وتجعله يتواصل مع النص وينسجم‬
‫معه وأنت إذ تق أر لهذا النص تجد أن هللا عز وجل محدث عنه في نفس‬
‫الوقت وال تشعر بانفكاك تراكيبه رغم ذلك التبادل في الضمائر‪.‬‬
‫والضمير يلعب دو ار هاما في الربط بين المسند والمسند إليه إذا كان‬
‫المسند جملة مثل‪:‬الخبر‪ ،‬الحال‪ ،‬الصفة‪ ،‬الصلة‪ ،‬وذلك عن طريق عودته‬
‫واحالته إلى المسند إلى حين يأخذ الضمير موقعا في جملة المسند في‬
‫النص كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الضمير في جملة الخبر‪:‬‬
‫األصل في الخبر أن يأت مفردا ال يحتاج إلى رابط لفظي يربطه‬
‫بالمبتدأ وقد يرد هذه الخبر جملة نائبة عن المفرد وتحتوي على معنى‬
‫المبتدأ الذي سيقتله وال يتحقق هذا االحتواء المعنوي إال بوجود عائدا أو‬
‫رابط في جملة الخبر يعود على المبتدأ او يربطها به‪ ،‬وهذا الرابط جعله‬
‫"ابن هشام" ال يخرج عن واحد من عشرة روابط سماها(روابط الجملة بما‬
‫هي خبر عنه)وهذه الروابط هي الضمير‪ ،‬االشارة‪ ،‬اعادة المبتدأ بلفظه‪،‬‬
‫اعادة المبتدأ بمعناه‪ ،‬عموم يشمل المبتدأ‪ ،‬أن يعطف بفاء السببية جملة‬
‫ذات ضمير مدلول على جوابه بالخبر (أل)النائبة عن الضمير ‪ ،‬أن يكون‬

‫‪02‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫معنى الجملة هو ذاته معنى المبتدأ وجعل الضمير هو األصل في‬


‫الربط‪.1‬‬
‫حيث تستعين جملة الخبر برابط حتى ال يفهم أنها مستقلة عن المبتدأ وهذا‬
‫‪2‬‬
‫ففي جملة "زيد أبوه قائم"‬ ‫الراب بينهما هو ضمير المبتدأ نفسه‬
‫الضمير(الهاء) المتصل بلفظ (أبوه)يعود على المبتدأ (زيد) وربط جملة‬
‫الخبر (أبوه قائم)بالمبتدأ ويوظف ضمير الفصل أو ضمير العماد للتفريق‬
‫بين النعت والخبر وذكره دليل على أن اللفظ الوارد بعده خبر وليس‬
‫نعت‪.3‬‬
‫وقد ورد الضمير في جملة الخبر من األحاديث القدسية في أزيد من مئة‬
‫وعشرين موضعا‪ ،‬ولبيان دور الضمير الوارد في جملة الخبر في االتساق‬
‫انصي اخترت النماذج التالية من مدونة البحث ‪:‬‬
‫‪ ‬النموذج األول‪:‬‬
‫عن معاذ بن جبل –رضي هللا عنه‪-‬قال سمعت رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم يقول‪:‬قال هللا عز وجل‪ :‬المتحابون في جاللي لهم منابر‬
‫من نور يغبطهم النبيون والشهداء)‪ 4‬في هذا الحديث نجد الجملة االسمية‬

‫‪-1‬ينظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪-4‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪03‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫(المتحابون في جاللي) هي المبتدأ وشبه الجملة(لهم منابر من نور)‬


‫متكونة من جار ومجرور متعلقين بخبر محذوف المبتدأ تقديره (كائن)‬
‫ويتضمنان ضمير المتصل للغائب الجماعة 'هم' يعود على المبتدأ أو‬
‫يحيل إليه احالة قلية في النص‪،‬وعو الضمير نفسه في الجملة‬
‫الفعلية(يغبطهم) يحيل إلى المرجع نفسه‪ ،‬وهو مطابق له نوعا وعددا فهذا‬
‫الضمير الموجود في جملة الخبر جعل كل الجمل مترابطة متماسكة في‬
‫النص تؤدي معنى فضل الحب في هللا ولواله لبدا الكالم متناف ار ومفككا‬
‫يحتاج إلى بيان مقصودة بتراكيب أخرى‪,‬‬
‫‪ ‬النموذج الثاني‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن الرسول عليه الصالة والسالم‬
‫قال (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث‬
‫الليل اآلخر يقول من يدعوني أستجب له؟من يستغفرني فاغفرله؟)‪ ،1‬أداة‬
‫االستفهام (من) في الحديث هي المبتدأ في كل مرة تكررت فيها‪ ،‬وخبرها‬
‫هو الجمل الخبرية بميتدئها ويحيل إليه احالة قبلية داخلية ثالث مرات‬
‫اتسق بفضلها النص‪ ،‬ودل على معنى واحد هو فضل العبد يدعو هللا في‬
‫جوف الليل‪ ،‬وبفضل هذه االحالة الداخلية لم نحتج إلى البحث خارج‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪04‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النص لمعرفة المراد بالضمير امستتر واالحالة من هم أهم العوامل المؤدية‬


‫إلى االتساق لنصبي‪.‬‬
‫‪ ‬النموذج الثالث‪:‬‬
‫عن أبي مسعود قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫(حوسبت رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إال أنه كان‬
‫يخالط الناس‪ ،‬وكان موس ار فكان يأمر غلملنه أن يتجاو از عن المعسر‪ ،‬قال‬
‫هللا عز وجل‪:‬نحن أحق بذلك منه تجاو از عنه)‪ ،1‬الضمير إن لم يكن‬
‫مذكو ار في جملة الخبر فهو محذوف مقدر فالجملة الفعلية (يخالط الناس)‬
‫هي الخبر للفعل الناسخ كان‪ ،‬وهي مشتملة على ضمير مستتر تقديره هو‬
‫يعود على اسم الفعل الناسخ الذي هو مبتدأ في األصل وهو ضمير‬
‫مستتر نفسه في اللفظ والقصد "هو" وهذا من الشروط التي ينبغي أن‬
‫تتوفر في الضمير الرابط إال وقع اللبس فشرط الربط بالضمير "ان يكون‬
‫بين الضمير ومرجعه مطابقة في اللفظ والقصد بحيث لو عدنا باإلضمار‬
‫إلى اإلظهار لحصلنا على اللفظ نفسه وعلى المدلول نفسه"‪.2‬‬
‫وقد تم الربط بالضمير العائد "هو" على مستويين على المستوى التركيبي‪،‬‬
‫من خالل ربطه الجملة المشتمل عليها بما قبلها وعلى المستوى األول من‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪05‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالل المطابقة بين الضمير والمرجع الذي يعود عليه داخل تالبنية اللغوية‬
‫فجاء الترابط في النص مبنيا والنسخ محكما‪.‬‬
‫والكالم نفسه يقال على جملة (يأمر غلمانه) إال أن هذه الجملة إلى جانب‬
‫الضمير المستتر"هو"في الفعل 'يأمر) فهي تتضمن ضمي ار متصال آخر‬
‫"الهاء" المضافة إلى 'غلمانه" وكالهما يعودان على اسم كان الذي أصله‬
‫مبتدأ والضمير المتصل للغائب المفرد "الهاء" نالحظ أنه ظاهر في مواقع‬
‫أخرى من النص غير جملة الخبر مثل(له)‪( ،‬منه)‪( ،‬عنه)‪ ،‬وعمل على‬
‫تخصيص التركيب من التفكك وزيادة تحصيل الترابط في النص واتساقه‬
‫من خالل االحالة إلى مرجع واحد موجود في صدر النص هو (الرجل)‬
‫وفي هذا النص نجد ضمير الغائب هو الذي تساهم في تحقيق االحالة‬
‫ومن ثم كان دوره بار از في اتساق النص أكثر من بقية الضمائر‪ ،‬وهو ما‬
‫أكده "هالبداي" و"حسن" في قولهما (حين نتحدث عن الوظيفة االتساقية‬
‫إلحالة شخص أي الضمير المحيل إلى الشخص أو الشيء‪ ،‬فإن صيغة‬
‫‪1‬‬
‫الغائب التي نقصد على الخصوص"‬
‫‪ ‬النموذج الرابع‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي اله عنه‪-‬عن رسول هللا عليه الصالة‬
‫والسالم قال‪( :‬يلقى اراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر فترة وغبرة‪،‬‬

‫‪-1‬تمام حسن‪ ،‬البيان في ورايع القرآن‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪06‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فيقول له ابراهيم ألم أقل لك أال تعصني؟ فيقول أبوه‪ :‬فاليوم ال أعطيك‬
‫فيقول ابراهيم يا رب أنك وعدتني أن ال تخزيني يوم يبعثون فأي جري‬
‫أخرى من أبي األعد؟فيقول تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين ثم‬
‫يقول‪ :‬يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه‬
‫ويلقى في النار)‪1‬يتحدث النص عن خطر الشرك في حوار بين ابراهيم‬
‫وأبيه ثم بين ابراهيم وربه‪ ،‬فهي جملة الخبر لفعلية(وعدتني)تجد الفاعل‬
‫ضمير المفرد المتصل(التاء) يعود إلى ضمير (الكاف) المتصل الناسخ‬
‫(إن) وهو اسمها أصله مبتدأ كما تحيل إلى طرف الحوار األول المخاطب‬
‫وهو هللا عز وجل وضمير المفرد المتصل (الياء) تحيل إلى طرف الحوار‬
‫الثاني وهو ابراهيم عليه السالم الحظ كيف يبنى الخطاب وتتحدد أطرافه‬
‫ويتماسك نصه بالضمائر المتصلة الواقعة في حمل الخبر والتي تتطابق‬
‫في عددها وجنسها حيث ال يمكن أن يتم الربط بالضمير في غنى عن‬
‫المطابقة‪ ،‬فهي تساهم في الربط إلى جانب الضمير وفي أمن اللبس‬
‫وجالء المعنى‪.‬‬
‫وفي الجملة الخبرية(حرمت) تجد الفاعل ضمير المتكلم المتصل "التاء"‬
‫تعود إلى ضمير متصل آخر هو "الياء" في "إني" وهي اسم الناسخ(إن)‬
‫أصلها مبتدأ‪ ،‬وهذه العودة ارتبطت جملة الخبر بمبتدئها وواضح أن جملة‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪07‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫(حرمت)جملة مستقلة قائمة بذاتها ولوال االتصال (تاء الفاعل) بها لما‬
‫صح أن تكون خب ار لـ ( إن) ومن هنا ندرك قيمة هذا الضمير أكانت هذه‬
‫الجملة أجنبية وغريبة عما قبلها لعدم وجود ما يربطها بهو لكان الخلل في‬
‫التركيب بينا‪ ،‬والذي دلنا على ذلك هو سياق الحال فاهلل عز وجل قد حرم‬
‫الجنة على الكافرين قاصدا أنها حرام أيضا على آزر والد ابراهيم الذي‬
‫تقدم ذكره في الحوار السابق فقد أحال كل من الضميرين المتصلين(التاء‪،‬‬
‫والياء)إلى المتكلم وهو هللا سبحانه وتعالى وهي احالة داخل النص من‬
‫حيث سبق الذكر واحالة إلى مرجع خارج النص هو أحد طرفي‬
‫الحوار(المتكلم)‪.‬‬
‫واذا كانت جملة الخبر ليست المبتدأ نفسه في المعنى فإنها تشترط‬
‫الضمير رابطا لها بالمبتدأ حيث يقول المبرد"واعلم أن خبر المبتدأ ال يكون‬
‫إال شيئا هو االبتداء في امعنى فإنها تشترط الضمير رابطا لها بالمبتدأ‬
‫فالخبر هو االبتداء في المعنى أو يكون الخبر غير األول فيكون له فيه‬
‫ذكر فإن لم يكن على أحد هذين الوجهين فهو محال ونظير ذلك زيد‬
‫يذهب غالمه وزيد أبوه قائم‪ ،‬وزيد قام عمرو إليه‪ ،‬ولو قلت‪ :‬زيد قام عمرو‬
‫‪1‬‬
‫لم يجز األنك ذكرت اسما ولم تخبر عنه بشيء وانما خبرت عن غيره"‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪08‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أي أن أصل الخبر أن يبدأ به في المعنى واذا لم يكن كذلك فيجب أن‬
‫يتضمن رابطا يرجع إليه على المبتدأ فجملة(قام عمرو) في مثال‪( :‬زيد قام‬
‫عمرو)خالية من الضمير العائد الذي يرجع إلى المبتدأ فصارت أجنبية‬
‫عن المبتدأ وليست من تمامه وأصبح الكالم ال معنى له النقطاع الصلة‬
‫بين اجزائه فكون جملة الخبر غير مستقلة بمعناها ألنها تحتاج إلى رابط‬
‫يربطها بغيرها‪.‬‬
‫واعتبر الدكتور"مصطفى حميدة" الضمير المستتر رابطا معنويا وليس‬
‫لفظيا مهمته تحقيق االرتباط وليس الربط ألن اللغة في رأيه تنشئ الربط‬
‫بواسطة اللفظ وتنشئ االرتباط بدون لفظ حيث يقول"‪...‬والذي ارتضيته‬
‫وأطمئن إليه أن تقدير الضمير البارز إنما هو قرينة لفظية على نشوء‬
‫‪1‬‬
‫ربط"‬
‫غير أن الضمير في رأينا مهما كان شكله هو الوسيلة واألداة التي من‬
‫شأنها ربط أجزاء النص واالحالة بين عناصره وتحقيق االتساقة أما‬
‫االرتباط فهو الصورة النهائية التي تظهر العالقة الحاصلة بين هذه‬
‫األجزاء بعد أن يفعل الضمير فعله وتقدير الضمير هو ضرورة يحتمها‬
‫التحليل النصي ككل وليس التحليل النحوي الجملي فقط كما اعتمد الدكتور‬
‫حين قال‪":‬إن تقدير الضمير المستتر ضرورة يحتمها التحليل النحوي‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪09‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للجملة العربية ففي قولنا(خذ)يصبح تقدير الضمير ضروريا من الناحية‬


‫الداللية واال كان الفعل حدثا دون محدث وكان االسناد مفتقر إلى مسند‬
‫إليه كما أن تقدير الضمير هنا تحتمه القياس النحوي ويشير إليه‪.1‬‬
‫ب‪ .‬الضمير في جملة النعت‪:‬‬
‫النعت هو أحد التوابع الخمسة (النعت‪ ،‬التوكيد‪ ،‬البدل‪ ،‬عطف‪،‬‬
‫البيان‪ ،‬وعطف النسق) والتابع هو"االسم المشارك لما قبله في اعرابه‬
‫مطلقا"‪ 2‬فإذا جاء مفردا فهو ال يحتاج إلى واسطة لفظية تربطه بمنعوته‪،‬‬
‫أما إذا وقع النعت جملة شأنه في ذلك شأن الخبر فالبد من أن تشمل‬
‫جملته على رابط لفظي يربطها بالمنعوت وهذا الرابط هو الضمير دون‬
‫غيره فيؤدي إلى اتصال الكالم والمعنى وتماسكهما ‪.‬‬
‫ويرى ابن هشام أن هذا الرابط الذي يربطها بالموصوف يكون إما ملفوظا‬
‫به أو مقد ار‪.3‬‬
‫وردت الجمل التي وقعت نعتا في األحاديث القدسية أربع وثالثين مرة نورد‬
‫منها هذه النماذج‪:‬‬
‫‪ ‬النموذج األول‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪21‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عن ابي هريرة رضي هللا عنه أن النبي عليه الصالة والسالم قال‪:‬‬
‫(إن هللا أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجاله األرض وعنقه منثن‬
‫تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا فيرد عليه ما يعلم ذلك‬
‫من حلف بي كاذبا)‪ ،1‬جاءت لفظة (ديك) نكرة ونعتت بثالث جمل هي‬
‫"الجملة الفعلية"(قد مرقت رجاله األرض) تضمنت ضمير الغائب أيضا‬
‫"الهاء" وكال الضميرين عاد على منعوته وهو(الديك) وأحال إليه احالة‬
‫داخلية قبلية جملة (وهو يقول) بدأت بواو الحال وتضمنت ضمير‬
‫بارز"هو" وآخر مستتر تقديره أيضا "هو" في (يقول) يحيالن إلى المنعوت‬
‫نفسه ويتطابقان معه في االفراد والتذكير‪ ،‬وهي أيضا احالة داخلية ألن‬
‫المرجع كان متواجدا في النص ولم نحتج إلى أن نخرج خارجه وهي قبلية‬
‫ألن المراجع سابق للضمير وقريبة ألن المراجع والضمير متواجدان في‬
‫تركيب لغوي واحد وغير بعيدين عن بعضهما‪.‬‬
‫‪ ‬النموذج الثاني‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال‪( :‬يخرج من النار أربعة يعرضون على هللا عز وجل فيأمر بهم‬
‫إلى النار فيلتفت أحدهم فيقول أي رب قد كنت أرجو إن أخرجتني منها ال‬

‫‪-1‬مصطفى العدوي‪ ،‬صحيح األحاديث القدسية‪ ،‬ص ‪.35‬‬


‫‪20‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعيدني فيها فيقول فال نعيدك فيها)‪( ،1‬أربعة )فاعل نكرة يدل على‬
‫الجماعة لكن لم نعرف حقيقتهم إال حينما وصف الفاعل بالجملة‬
‫الفعلية(يعرضون على هللا) الواقعة في محل رفع صفة للفاعل وجاء فيها‬
‫ضمير جمع الذكور "الواو" يحيل إلى هؤالء األربعة فتبين أنهم من عباد‬
‫هللا المعذبين في النار يخرجون منها لعرضهم على هللا فربط الضمير بين‬
‫السابق بالالحق وبين المعنى وهذا الضمير كما هو ظاهر قد وافق العائد‬
‫عليه في النوع والعدد ولوال وجوده النقسمت العالقة بين النعت بوصفها‬
‫تابعا فأصلها أن تأتي بعد المتبوع وهذا يعني أن الضمير المشتملة عليه‬
‫يرجع إلى متقدم فاإلحالة هنا نصية قبلية أو احالة إلى سابق في النص‬
‫ولم نحتج إلى المقام أو السياق الخارجي لتعيين المحال إليه ومن حيث‬
‫المدى هي احالة قريبة بمعنى أن االتساق تم على مستوى النص نفسه‪.2‬‬
‫‪ ‬النموذج الثالث‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال‪ :‬بينا رسول هللا (ذات يوم‬
‫بين أظهرنا إذا أغفى اغفاءه تم رفع رأسه مبتسما فقلنا ما أضحكك يا‬
‫رسول هللا قال‪( :‬أنزلت على آنفا سورة فق أر لبسم هللا الرحمن الرحيم (إنا‬
‫أعطيناك الكوثر(‪)0‬فصل لربك وانحر(‪)2‬إن شانئك هو األبتر)‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪،‬ص ‪35‬‬


‫‪-2‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪22‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أتدرون ما هو الكوثر؟فقلنا هللا ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪( :‬فإنه نهر وعدنيه ربي‬
‫عز وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد‬
‫النجوم فيختلج العبد منهم فأقول‪ :‬إنه من أمتي فيقول ما تدري ما أحدثت‬
‫بعدك)‪ 1‬افتتح الحديث بذكر نزول سورة الكوثر على الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم وورد في نصه لفظ (الكوثر) وهو غريب نكره عن الصحابة‬
‫لذلك بينه النبي بعدة جمل منها الخبرية ومنها النعتية فجملة (إنه نهر‬
‫وعدنيه ربي)تضمنت خب ار نكره هو (انهر) ونعتا له هو (وعدنيه ربي) هذا‬
‫النعت اتصل به ضمير الغائب 'الهاء" ليحيل إلى النهر ومن ثم إلى‬
‫المرجع األصل وهو الكوثر فاإلحالة هنا متعددة من شأنها خلق صور‬
‫كثيرة في ذهن المتلقي وجملة (هو حوض ترد عليه أمتي)اشتملت على‬
‫خبر نكره هو (حوض) ونعت له هو (ترد عليه أمتي) هذا النعت اتصل‬
‫به ضمير الغائب "الهاء" ليحيل إلى الحوض ومن ثم إلى المرجع األصل‬
‫وهو الكوثر وهذه اإلحاالت المتعددة بواسطة الضمائر ف يجمل النعوت‬
‫صورت في خيال المتلقي مشهدا فياضا مغريا في أعظم موقف للجبر‬
‫والعذاب أين ينتفع بالكوثر المؤمنون الذين اتبعوا دين محمد عليه الصالة‬
‫والسالم ويستثني منه العبد الذي بدل بعده ولفظ (العبد) هو المرجع‬
‫األصيل الذي أحال إليه الضمير الغائب المستتر "هي" دلت عليه "تاء"‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪23‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التأنيث المتصلة في (أحدثت) تجاو از لمبدأ المطابقة التي لم تحصل على‬


‫مستوى اللفظ وانما على مستوى المعنى لما يظهر على الضمير المستتر‬
‫"هي" من أنه يحيل إلى (األمة) فطابق الضمير المحيل معنى المحيل إليه‬
‫(العبد) وليس لفظه‪ ،‬والغرض هو بيان أن ذلك العبد ليس فردا واحدا بل‬
‫ما هو في الحقيقة إال أمة (من يدخل) خالفت الرسول من بعده‪.1‬‬
‫‪ ‬النموذج الرابع‪:‬‬
‫عن عبد هللا بن عمرو بن العاص أن رسول هللا عليه الصالة‬
‫والسالم قال‪( :‬أول من يدخل الجنة من خلق هللا الفقراء والمهاجرون الذين‬
‫تسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره‪ ،‬ويموت أحدهم وحاجته في صدره وال‬
‫يستطيع لها قضاء فتأتيهم المالئكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل العباد‬
‫ألنها عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)‪ ،2‬استغربت المالئكة عند ذلك‬
‫فيدخلون عليهم من كل باب سالم عليكم لكنها نفذت أمره بمجرد أن‬
‫عرفت ذلك من خالل الجمل الناعتة لهم وهي جملة (يعبدوني) وجملة (ال‬
‫يشركون بي) وهما في محل نصب صفة للعباد ويتصل بهما 'واو"‬
‫الجماعة الذي يحيل إلى هؤالء العباد وبجملة (تسد بهم الثغور) وجملة‬
‫(يتقى بهم المكاره) اللتان اشتملتا على ضمير الجماعة الغائب "هم"‬
‫المتصل بحرف الجر "الباء" فوصل النعت الجملة باالسم النكرة امنعوت‬

‫‪-1‬مصطفى العدوي‪ ،‬صحيح األحاديث القدسية‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.003‬‬
‫‪24‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بها وعاد إليه وطابقه في الجمع والتنكير فهو يحيل حالة قبلية نصية إلى‬
‫العباد الذين سبق ذكرهم وهم محل سالم المالئكة ثم إلى امرجع األول في‬
‫النص وهو أول من يدخل الجنة ولو لم يكن ذلك الرابط المحيل بين‬
‫الموصوف والصفة لكان الظالم والضبابية في النص وال يفهم المتلقي‬
‫قصد الكالم واللغة إنما نتوخى الوضوح وتسعى إلى الفهم الصحيح‬
‫‪1‬‬
‫للخطاب لتحقيق التأثير في المتلقي واالنسجام معه‪.‬‬
‫ج‪ .‬الضمير في جملة الحال‪:‬‬
‫الحال الجملة تركيب لغوي يأتي بعد معرفة لبيان هيأتها حين مالبسة‬
‫الفعل والبد للحال الحملة من رابط يربطها بصاحبها ورابطها إما الواو أو‬
‫الضمير أو كالهما‪ 2‬ووظيفة هذا الرابط هو اتصال المعنى بين الجملتين‬
‫واال كانتا منفصلتين ال صلة بينهما‪.‬‬
‫ووردت الجمل الحالية في المدونة ما يزيد عن خمسين مرة نذكر منها‬
‫النماذج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬النموذج األول‪:‬‬
‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬لما أصيب اهخوانكم بأحد جعل هللا أرواحهم في جوف طبر‬

‫‪-1‬مصطفى العدوي‪ ،‬صحيح األحاديث القدسية‪ ،‬ص ‪.033‬‬


‫‪-2‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتاق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪25‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خضر‪ ،‬ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب‬
‫معلقة في ظل العرش‪)..‬‬
‫الحال هنا في الجمل الفعلية‪-‬ترد أنهار الجنة) (تأكل من ثمارها)‪( ،‬تأوي‬
‫إلى قناديل)‪ ،‬وهي كلها تبدأ فعل المضارع فاعله ضمير مستتر تقديره‬
‫"هي" دلت عليه تاء التأنيث في بداية الفعل وهو عنصر محيل في النص‬
‫معنى هذا أن المحال إليه يكون مفردا مؤنثا فإذا بحثنا عنه في المتقدم من‬
‫النص نجد لفظتي(األرواح والطير) كالهما معرفة وجمع يتطابقان مع‬
‫الضمير المفرد المؤنث معنى وليس لفظا وهنا يتعاضد الضمير المحيل‬
‫مع قرينه الرتبة فيتبين أن المحال إليه هو(األرواح) التي سبقت بالذكر أما‬
‫(طير) فهي مضافة إلى جار ومجرور متعلق بالمحال إليه و(األرواح)‬
‫يدورها تعود إلى المرجع األول في النص وهو (اخوانكم) وبعيدا عن هذا‬
‫التحليل النحوي فإنه المتلقي في هذا له الدور الرئيسي في فهم النص‬
‫حينما يدرك أن موضوع الحديث ال يتعلق بالطير وانما بشهداء غزوة أحد‬
‫الذين أنعم هللا عليهم بالحياة في الجدة ويبدو جليا أن اتساق هذا النص‬
‫بني على االحاالت وعلى المبدأ تعاضد الروابط ودور المتلقي‪.1‬‬
‫‪ ‬النموذج الثاني‪:‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪26‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عن عقبة بن عامر رضي هللا عنه قال‪ :‬سمعت رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم يقول‪( :‬يرحب ربكم من راعي غنم في رأس شنطية بجبل‬
‫يؤذن بالصالة يصلي فيقول هللا عز وجل أنظروا إلى عبدي هذا يؤذن‬
‫‪1‬‬
‫ويقيم الصالة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة)‬
‫تكرر صاحب الحال ثمان مرات كما يلي‪( :‬راعي غنم) (ضمير مستتر في‬
‫يؤذن ‪ ،‬يصلي‪ ،‬يقيم‪ ،‬يخاف)‪( ،‬عبدي)‪( ،‬الضمير المتصل في أدخلته)‬
‫وتالحظ كثي ار في األحاديث القدسية أن األحوال ارتبطت بتالهي هللا بعباده‬
‫المؤمنين فها هو هنا أيضا يتباهى بعبده ويعجب من حالة الذي عرضه‬
‫بالجمل (يؤذن)‪( ،‬يقيم الصالة)‪( ،‬يخاف مني) وهي الجمل فعلية فعلها‬
‫مضارع فاعلها ضمير مستتر تقديره "هو" يحيل إلى العبد الذي أشار إليه‬
‫هللا عز وجل وهو في األصل ذلك الراعي المذكور في صدر الكالم والذي‬
‫أعيد ذكره في عجز الكالم بأنه نال مغفرة هللا ورد العجز على الصدر هنا‬
‫من المقومات التي دعمت دور الضمائر في اتساق وانسجام النص‬
‫القدسي وبواسطة الضمير العائد على صاحب الحال تم نسج العالقة‬
‫الترابطية بين عدة جمل حالية والجملة المشتملة على صاحب الحال مما‬
‫فدور الضمير تعدي أثره من‬ ‫أشاع االنساق في كامل أجزاء النص‪،‬‬
‫مستوى الجملة الواحدة إلى مستوى النص‪.‬‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪،‬دور وابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪27‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬النموذج الثالث‪:‬‬
‫عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنهما قال‪ :‬صلينا مع رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم المغرب فرجع من رجع وعقب فجاء رسول هللا مسرعا‬
‫قد حفزه النفس وقد حسر عن ركبته فقال‪( :‬ابشروا هذا ربكم قد فتح باب‬
‫من أبواب السماء يباهي بكم المالئكة يقول انظروا إلى عبادي قد قضوا‬
‫فريضة وهم ينتظرون أخرى)‪ 1‬الجمل الحالية هي (قد قضوا فريضة )‪،‬‬
‫(وهم ينتظرون أخرى) المحيل هو "واو" الجماعة الذي اتصل في الجملة‬
‫األولى بفعل ماض مسبوق بقد التي تفيد التحقيق واتصل في الجملة‬
‫الثانية بفعل مضارع مسبوق بضمير منفصل للجماعة الغائبة وتحيل هذه‬
‫الضمائر جميعا إلى لفظ (عبادي) وحتى تعرف من هؤالء العباد يجب أن‬
‫تستعين بالمقام وسياق نزول الحديث وهو مجموعة المصلين التي قضت‬
‫صالة المغرب وبقيت في المسجد تنتظر صالة العشاء ففتح لهم باب من‬
‫أبواب السماء وهو ما جعل الرسول يعود مسرعا وقد حفزه النفس وحسر‬
‫عن ركبتيه ليبشرهم بهذا الخبر فالضمير أحال جمل الحال إلى صاحبها‬
‫(عبادي) احالة قبلية نصية قريبة ولو لم يكن هذا الضمير موجودا لحدث‬
‫تفكك في النتركيب وفقدت اللغة اتساقها ونشير هنا إلى أن الضمير يجب‬
‫أن يكون متأخ ار عن المرجع ليؤدي وظيفة الربط والسبك بين أوصال‬

‫‪-1‬المرجع السابق ص ‪.33‬‬


‫‪28‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التركيب وفي هذا النص وجدناه يتعاضد مع المقام ليصنع اتساق وانسجام‬
‫النص‪.1‬‬
‫فجملة الحال هنا ال تختلف عن جملة النعت في شيء سوى أن األول‬
‫تأتي مبنية هيئة االسم المعرفة الذي يرد قبلها حيث تقع الحال الجملة‬
‫موقع المفرد فتنوب عنه وتأتي من حيث الترتيب بعد معرفة‪.2‬‬
‫د‪ .‬الضمير في جملة الصلة‪:‬‬
‫جملة الصلة هي الجملة الواقعة بعد االسم الموصول إلزالة االبهام عنه‬
‫قال صاحب المقتضى‪ :‬واعلم أن الصلة موضحة لالسم فلذلك كانت هذه‬
‫األسماء المبهمة وما شاكلها في المعنى‪ ،‬أال ترى انك لو قلت‪ :‬جاءني‬
‫الذي أو مررت بالذي‪ ،‬لم يدللك ذلك الشيء حتى تقول ‪ :‬مررت بالذي‬
‫قام‪ ،‬أو مررت بالذي من حاله كذا وكذا أو بالذي أبوه منطلق فإذا قلت‬
‫هذا وما أشبهه وضعت اليد عليه" فالصلة إذا هي التي تحدد مدلول‬
‫الموصول االسمي وتجعله واضح المعنى والبد لهذه الجملة من أن تشمل‬
‫على ضمير يعود على االسم الموصول حيث يضيف المبرد‪ ":‬وقد اعلمتك‬
‫أن (الذي) يوصل بالفعل والفاعل واالبتداء والخبر والظرف والبد في‬
‫صلة(الذي) من راجع إليه يوضحه فإذا قلت رأيت الذي قام فاسمه قام‪"...‬‬

‫‪-1‬محمد عرباوين دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪29‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فهذا راجع إلى الموصول االسمي (الذي) هو العائد على االسم الموصول‬
‫فيربطه بجملة الصلة‪.1‬‬
‫وهذا الرابط ال يكون غالبا إال ضمير وهو ما عبر عنه "ابن هشام" بقوله‪:‬‬
‫"الجملة الموصول بها االسماء ال يربطها غالبا إال الضمير إما مذكو ار‬
‫نحو‪":‬وما عملته أيديهم" يس=‪" ،53‬وفيها ما تشهيه األنفس" الزخرف=‪،10‬‬
‫واما مقدار نحو ‪":‬أيهم أشد" مريم=‪ ،33‬فالضمير العائد على االسم‬
‫الموصول في اآلية األولى هو "هاء الغائب" المتصل بالفعل (عمل)‬
‫والضمير الرابط صلة الموصول باسمها في اآلية الثانية هو (هاء الغائب)‬
‫المتصل بالفعل(تشتهي) أما في اآلية الثالثة فالضمير في الربط اسم‬
‫ظاهر يقع موقع ذلك الضمير وهو تحليل‪.2‬‬
‫وسمى سيبويه الصلة حشوا وأشار إلى جواز حذف الضمير العائد في‬
‫جملة الصلة مع بنية التقدير بقوله‪" :‬وان أردت الحشو قلت مررت بمن‬
‫صالح‪ ،‬فيصير صالح خبر الشيء مضمر كأنك قلت‪ :‬مررت بمن هو‬
‫صالح‪ ،‬وينجح هذا الحذف حين يتحقق أمن اللبس ويتضح امعنى بدونه‬
‫‪3‬‬
‫ومن أهم مظاهر أمن اللبس أال يكون الباقي بعد حذفه صالحا صلة‪.‬‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الجديث القدسي‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪-3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪31‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ورد ضمير في الجملة الصلة في الحديث القدسي أزيد من سبعين مرة‬


‫اخترت منها النموذج التالي‪:‬‬
‫عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬نجيء يوم القيامة عن كذا وكذا‪ ،‬أنظر أي ذلك فوق الناس‪ ،‬فتدعى‬
‫األمم بأوثانها وما كانت تعبد األول فألول ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من‬
‫تنظرون؟ فيقولون ننظر ربنا فيقول أنا ربكم فيقولون حتى ننظر إليك‬
‫فيتجلى لهم يضحك فينطلق بهم ويتبعونه ويعطى لكل انسان منهم منافق‬
‫ومؤمن نو ار ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كالليب وحسك تأخذ من شاء هللا‬
‫ثم يطفوا نور المنافقين ثم ينجوا المؤمنين فتنجوا أول زمرة وجوههم كالقمر‬
‫ليلة البدر‪ ،‬سبعون ألفا ال يحاسبون ثم الذين يلونهم كأضواء نجم في‬
‫السماء ثم كذلك ثم تحل الشفاعة ويشفعون حتى يخرج من النار من قال‪:‬‬
‫ال أله إال هللا وكان في قلبه من الخير ما تزن شعيرة فيجعلون بفناء الجنة‬
‫ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السبيل‪،‬‬
‫ويذهب حراقه ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها‪.1‬‬
‫هذا النص على الرغم من طوله بالنظر إلى بقية نصوص األحاديث‬
‫القدسية فإنه مختصر ومقتصد أشد االقتصاد اللغوي يدل على ذلك كثرة‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪30‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أسماء الموصول الموجودة فيه وتنوءها وهي أربعة موصوالت (أي‪ ،‬ما‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫من‪ ،‬الذين)ذكرت في مجملها ست مرات كما يلي‪:‬‬
‫"أي" وصلتها جملة( ذلك فوق الناس) وهو تركيب ال يستقيم إال‬ ‫‪‬‬
‫بتقدير ما حذف منه وهو الضمير المنفصل "هو" فيكون أصل‬
‫التركيب(ذلك هو فوق الناس( والضمير المحذوف "هو" في جملة الصلة‬
‫هو العائد والمحيل إلى الموصول "أي" إحالة قبلية قريبة وبهذا الضمير‬
‫يرفع االبهام القائم على الموصول كما اشتملت الصلة على اسم االشارة‬
‫"ذلك" الذي أحال إلى سابق في النص هو كذا وكذا أي مدى كثرة أمة‬
‫محمد بين الناس يومئذ‪.‬‬
‫‪" ‬ما" لغير العاقل تبعت بصلة في الجملة (كانت تعيد) التي‬
‫أصلها(كانت تعبده)فحذف ضمير الغائب المتصل وهو "الهاء" وهو الذي‬
‫ربط بين الصلة وموصولها من جهة وأحال إلى مرجعه األصلي وهي‬
‫(الشيء المعبود) الذي يطابق اسم الموصول المشترك "ما" الدال في لفظه‬
‫على المفرد المذكر وفي مكان آخر تصلها جملة أخرى هي(يزن شعيرة)‬
‫التي تضمنت ضمي ار مستت ار تقديره "هو" يحيل احالة قبلية قريبة إلى‬
‫الموصول"ما"‪.2‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪-2‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي صن ‪..33‬‬
‫‪32‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪" ‬من" للعاقل وصلتها الجملة الفعلية (يلونهم) التي رفعت االبهام عن‬
‫الموصول واحتوت ضمي ار متصال يتعلق بالغائب الجماعة وهو يحيل إلة‬
‫اسم الموصول الذي سبق ذكره "الذين" ويطابقه في الجمع والتذكير وهي‬
‫احالة قبلية نصية قريبة جدا كما أن الضمير "هم" يطابق الموصول‬
‫"الذين" في التذكير والجمع وكانت هذه المطابقة كاملة ألنها تمت على‬
‫مستوى لفظ الموصول ومعناه والمطابقة التامة تشترط في الضمير العائد‬
‫على الموصول المختص أما إذا كان علما فإن المطابقة قد تتم على‬
‫مستوى اللفظ أو المعنى أو على مستوى اللفظ والمعنى معا باستثناء‬
‫الموصول االسمي المشترك"أل"ألن المطابقة فيه تتم على مستوى المعنى‬
‫وحده الخفاء موصوليتها بغير المطابقة‪.1‬‬
‫وهنا يقول الدكتور "عباس حسن" والضمير العائد يجب أن تكون مطابقة‬
‫تامة بأن يوافق لفظ الموصول ومعناه وهذا حين يكون الموصول اسما‬
‫مختصا‪ ،‬فيطابقه الضمير في االفراد والتأنيث وفروعهما أما إذا كان االسم‬
‫الموصول عاما(أي مشتركا) فال يجب في الضمير مطابقته مطابقة تامة‬
‫ألن االسم الموصول العام لفظة مفرد ذكر دائما مثل (من‪ ،‬ما‪،‬‬
‫ذو‪)...‬ولكن معناه قد يكون مقصودا به المفردة أو المثنى أو الجمع‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪33‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بنوعيهما ولهذا يجوز في العائد أي الرابط عند أمن اللبس وفي غير "أل"‬
‫‪1‬‬
‫مراعاة اللفظ وهو األكثر ومراعاة المعنى وهو كثير أيضا‪.‬‬
‫تضافرت الضمائر الموجودة في هذا النص لتلخص مشهدا من مشاهد‬
‫اآلخرة يتضمن مراجع عديدة ألحداث كثيرة وهي (تجمع البشر‪ ،‬تتويجهم‬
‫وفق ما كانوا يبعبدون‪ ،‬اتباع هللا يعد انتظاره المرور بجسر جهنم‪،‬‬
‫الشفاعة)‪ ،‬وهذه الضمائر التي اشتملت عليها الجمل الصالت تحيل غلى‬
‫موصولتها وهذه األخيرة تحيل بدورها إلى مراجعها وعلى تركيبه تماسكا‬
‫واتساقا وعلى معانيه تأثي ار وانسجاما‪.‬‬
‫ه‪ .‬ضمير الفصل‬
‫ضمير الفصل ضمير رفع منفصل يفصل بين ركني الجملة االسمية ليفيد‬
‫أن ما بعده خبر لنعت المبتدأ أو ما أصله مبتدأ وهي تسمية بصرية‪،‬‬
‫ويسميه بعض الكوفيين عمادا‪ ،‬ألنه يعتمد عليه في بيان أن الثاني خبر ال‬
‫تابع‪ ،‬وفي هذا المقام يقول "ابن يعيض"‪ :‬ويقال له فصل وعماد فالفصل‬
‫من عبارات البصريين كأنه فصل االسم األول عما بعده وأذن بتمامه وان‬
‫لم يبق منه بقية من نعت وال بدل إال الخبر لغير‪ ،‬والعماد من عبارات‬
‫‪2‬‬
‫الكوفيين كأنه عمد االسم األول وقواه بتحقيق الخبر بعده‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪-2‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪34‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وضمير الفصل عند النعاة ليس للربط وانما إلفادة التوكيد والقصر أو‬
‫االعالم بأن ما بعده خبر لتابع فيرفع بذلك االبهام ويزيل اللبس وهو‬
‫يتوسط بين مفعولي ظن وأخواتها ويشترط فيه أن يكون مطابقا لما قبله في‬
‫المعنى وفي التكلم وفي الخطاب والغيبة وفي االفراد والتذكير وفروعهما‪.1‬‬
‫اما المحدثون فاعتبروه من الروابط ألنه يوافق ما قبله في المعنى وفي‬
‫التكلم والخطاب والغيبة وفي النوع والعدد ويشير إلى ما بعده بأنه المقصود‬
‫باإلخبار وفي هذا الصدد يقول الدكتور"مصطفى حميدة"(فإذا قيل زيد‬
‫العالم وكان يراد انشاء عالقة اسناد نشأ لبس فهم العالقة الوصفية ألن‬
‫كال االسمين معرفة وبينهما مطابقة ولذلك لجأت العربية إلى الربط بين‬
‫االسمين بضمير الفصل كي يزول احتمال فهم عالقة الوصفية فتظهر‬
‫عالقة االسناد واضحة"‪ 2‬ونحن نرى أنه من أدوات الربط واإلحالة بين‬
‫العناصر اللغوية في التركيب وهو يحيل احالة بعدية الجزء المتم للفائدة‬
‫ولم يرد ضمير الفصل في األحاديث القدسية إال في النموذجين التاليين‪:‬‬
‫‪ ‬النموذج األول‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( :‬إذا سمعتم رجال يقول‪ :‬هلك الناس فهو أهلكهم‪ ،‬يقول هللا‪:‬إنه هو‬
‫هالك)ضمير الشأن "الهاء" المتصل بالناسخ (إن) هو اسمها الذي أصله‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.,011‬‬


‫‪-2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪35‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مبتدأ وخبر الناسخ هو (هالك) وما توسط اسم(إن) وخبرها هو ضمير‬


‫الفصل "هو" وقد أحال إلى خبر (إن) إحالة بعدية قريبة شكلت اتساق‬
‫النص كما جيء به لتأكيد معنى االسناد في الجملة حيث ذكر"الزمخشري"‬
‫بأن ضمير الفصل "هم" في اآلية‪( :‬أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم‬
‫المفلحون) البقرة=‪ ،13‬فائدته الداللة على أن الوارد بعده مخب ار صفة‬
‫والتوكيد وايجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره‪.1‬‬
‫‪ ‬النموذج الثاني‪:‬‬
‫في حديث الكوثر الذي سبق ذكره ق أر الرسول عليه الصالة والسالم‬
‫سورة الكوثر التي انزلت عليه والشاهد هو اآلية إن شانئك هو األبتر)‬
‫الكوثر=‪ ،15‬فضمير الفصل "هو" قد ربط اسم إن (شانئك) الذي ورد قبله‬
‫بخبر إن (األبتر) الذي ورد بعده وهو يحيل إلى المرجع المذكور بعده‬
‫والذي يطابقه في االفراد والتذكير وهي احالة داخلية ألن المرجع والضمير‬
‫لم تطل المسافة بينهما وهي احالة بعدية عاد فيها الضمير على متأخر‪.‬‬
‫ضمير الشأن‪:‬‬ ‫و‪.‬‬
‫ضمير الشأن هو تسمية بصرية أما الكوفيون فيسمونه الضمير‬
‫المجهول لعدم تقدم شيء عليه ليكون مرجعه وهذا الضمير يتصدر جملته‬
‫ويؤتى به في مواضع التعظيم والتفخيم واثارة االنتباه إلى ما يليه والجملة‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬


‫‪36‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التي تأتي بعده تفسير له ففي قوله تعالى (قل هو هللا أحد)اإلخالص=‪،10‬‬
‫نجد الضمير المنفصل "هو " هو ضمير الشأن وقد تصدر الجملة االسمية‬
‫وهو في موضع االشارة وتوجيه األنظار إلى تعظيم المولى عز وجل‬
‫والجملة االسمية (هللا أحد) هي التي فسرته ‪،‬وقد جاء في هذه اآلية داال‬
‫على المفرد المذكر وقد يأتي للمفرد المؤنث فيسمى ضمير القصة كما في‬
‫قوله تعالى‪( :‬واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا‬
‫ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) األنبياء=‪ ،31‬فالضمير‬
‫المنفصل "هي" الواقع بعد إذ الفجائية هو ضمير القصة وقد فسرته الجملة‬
‫الواقعة بعده‪.1‬‬
‫يرى الدكتور "تمام حسن" أن ضمير الشأن يقوم بوظيفة الربط ويعود دائما‬
‫على متأخر لفظا ورتبة ويتطابق تذكي ار وتأنيثا في الغالب مع المسند إليه‬
‫في الجملة المفسرة ومن ثم تتشكل عالقة الربط فضمير الشأن يعود دائما‬
‫إلى ما بعده أي أن مرجعه متأخر عنه وهذا المرجع ال يكون إال جملة‬
‫مفسرة له وال يمكن أن نتقدم عليه أي أن ضمير الشأن يقوم بإحالة بعدة‬
‫أو اإلحالة إلى الحق وهذه اإلحالة داخلية ألن المرجع جملة مفسرة‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.010‬‬


‫‪37‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫موجودة داخل النص وليس خارجه كما أن هذه اإلحالة من حيث المدى‬
‫تعد قريبة لعدم وجود فاصل بين هذا الضمير ومرجعه‪.1‬‬
‫وقد ورد ضمير الشأن في االحاديث القدسية أزيد من عشرين مرة نورد‬
‫منها المثال التالي‪:‬‬
‫في حديث عن أحد أهل الجنة دخوال للجنة يقول الرسول عليه الصالة‬
‫والسالم‪( :‬ثم يفرغ هللا من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجهه على‬
‫النار هو آخر أهل النار دخوال للجنة فيقول‪ :‬أي رب اصرف وجهي عن‬
‫النار فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها‪ ،)...‬الضمير المنفصل للمفرد‬
‫الغائب "هو" هو ضمير الشأن حيث وقع مبتدءا خبره هو الجملة الواقعة‬
‫بعده (آخر أهل النار) التي عملت على تفسيره فتالحظ أن الضمير "هو"‬
‫أحال إلى ما بعده احالة بعدية داخلية قريبة وتطابق مع المحال إليه في‬
‫االفراد والتذكير نجد في النص أيضا الضمير المتصل للمفرد الغائب‬
‫"الهاء" الواقع اسما للناسخ في (فإنه) هو ضمير الشأن فسرته الجملة‬
‫الفعلية بعده(قد قشبني ريحها) المسبوقة بقد التي تفيد التحقيق ولم تكف‬
‫هذه الجملة الثانية معطوفة عليها وضمير الشأن المتصل "الهاء" قد أحال‬
‫اليهما أحالة بعدية قريبة وتطابق مع شأن القشب والحرق في االفراد‬
‫والتذكير‪ ،‬فضمير الشأن بإحالته البعدية قد حقق نوعا آخر من اتساق‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪010‬‬


‫‪38‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النص يختلف عن الذي تفعله معظم الضمائر التي تحيل في النص‬


‫احاالت قبلية‪.1‬‬
‫وقد تناول "ابن هشام" في كتابه (مغنى اللبيب عن كتب األعاريب)‬
‫الروابط التي تحيل احالة بعدية في مبحث "المواضع التي يعود الضمير‬
‫فيها على المتأخر وهو ما يعني مدى اهتمام علمنا بالدور الرابطي‬
‫للضمير من خالل مرجعيته على متقدم أو متأخر وسبقهم إلى مالحظة‬
‫فكرة االحالة وان كان تناولهم لها بقي في إطار الجملة‪,‬‬
‫والنحاة العرب لما عالجوا أمر االحالة والربط بالضمير في إطار نحو‬
‫الجملة لم يتحدثوا عن هذا األمر بشكل أكثر شمولية حتى يشمل النص‬
‫ككل بوصفه الوحدة اللغوية الكبرى كما هو جار في مباحث لسانيات‬
‫النص ألن معظم دراساتهم النحوية كانت تدور في فلك الجملة وانطالق‬
‫النحو العربي من نحو الجملة وانحصاره في هذا اإلطار ال يعد عيبا أو‬
‫قصو ار وال ينقص من قيمة الدرس النحوي العربي وانما يرد إلى األسباب‬
‫التي من أجلها تم القيام بتقعيد اللغة وكان من أهم هذه األسباب الرغبة في‬
‫تقويم اللسان في نطق الجملة واإلهتمام بالقواعد التي تضمن سالمة‬
‫الجملة بمستوياتها المختلفة‪.2‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.010‬‬


‫‪ -2‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪39‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ال يجوز معاقبة نحاتيا على أشياء حديثة ال تراعى اإلطار الزمني الذي‬
‫عاشوا فيه وال تأخذ في الحسبان السياقات التي نشأت في جوها النظرية‬
‫النحوية العربية ويكفيهم فضال أنهم عبدوا الطريق للباحثين المحدثين في‬
‫مجال علم اللغة النهي‪ ،‬وهو ما اعترف به علماء النص حينما أروا في‬
‫نحو الجملة تمهيدا ضروريا للسانيات النص‪ ،‬حيث يقول الباحثان"فولفجانج‬
‫هاينه من" و"ديترفيهفيجر"‪:‬‬
‫"نحن ننطلق من كون العالقة تكاملية بين علم اللغة النصي وعلم اللغة‬
‫الجملي حيث ينظر إلى دراسات علم اللغة الجملي على أنها تمهيد‬
‫ضروري ألبحاث علم اللغة لنصي من جهة لكنها من جهة أخرى يمكن‬
‫أن تتجاوز في علم اللغة النصي األكثر شموال‪.1‬‬
‫واذا كان الربط بلضمير في المواضيع التي أوردها النحاة لم يتجاوز حدود‬
‫الجملة فهذا ال يعني أن علماءنا لم يعنوا مرجعية الضمير على مستوى‬
‫النص فهذا الغراء (تا ‪ 211‬ه) يحدد مرجعية الضمير امتصل "الهاء" في‬
‫قوله تعالى‪( :‬يأتيكم به) األنعام=‪ ،33‬إلى لفظ (الهدى) المذكور في اآلية‬
‫(ولو شاء هللا لجمعهم على الهدى) األنعام=‪ ،53‬والذي تقدم عن الضمير‬
‫في السورة بعشر آيات كاملة‪ 2‬أي أنه تجاوز مرجعية الضمير من مستوى‬
‫الجملة إلى مستوى النص مراعاة للنظم وهذا يبين ادراكه لمدى مساهمة‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪41‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االحالة بالضمير في ابراز محور الخطاب وليست فحسب إلى تلك‬


‫الموجودة معه في الجملة وهو ما يسمى بمبدأ التغريض الذي هو آلية من‬
‫آليات االنسجام النصي‪،‬وهو ما يدل على أن علماءنا قد أسسوا لكثير من‬
‫المفاهيم التي انبنى عليها علم اللغة النصي‪.‬‬
‫وقد كان مجموع الضمائر الواردة في نصوص األحاديث القدسية حوالي‬
‫مئتان وسنة وتسعون (‪.1)233‬‬
‫ضمي ار وأظهرنا عملنا االحصائي لنسب هذه الضمائر من خالل الدائرة‬
‫النسبية التالية والتي يتجلى فيها بوضوح مدى تركيز األحاديث القدسية‬
‫على استعمال الضمائر في جمل الخبر لإلحالة على مبتدأتها في النص‬
‫وتحقيق تماسكه‪ ،‬واعتمادها على مبدأ اإلخبار عن أحداث وأحوال اعباد‬
‫والمالئكة في تحقيق التأثير والتواصل بين المرسل والمتلقي‪.‬‬
‫ثانيا‪- :‬أل‪ -‬التعريف‪:‬‬
‫أداة التعريف "أل" تدخل على االسم النكرة فتجعله معرفة ولكي تكون‬
‫للتعريف البد أن يكون االسم بعدها نكرة محتاجا إلى التعريف وينسب إليها‬
‫أنها من األحرف المختصة وتتقدم العبارات الدالة على ما سبق ذكره‪ ،‬كما‬
‫ينسب إلى أداة التنكير أنها تسبق ما لم يذكر من قبل‪ ،‬حيث "تشير أداة‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.015‬‬


‫‪40‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التعريف إلى ما يسمى المعلومات السابقة‪ ،‬بينما تعد أداة التنكير اشارة إلى‬
‫معلومات الحقة أي الوحدات اللغوية التي لم يوضحها المتكلم بعد‪.1‬‬
‫يعتبر سيبويه األلف في "أل" التعريف زائدة قدمت إلسكان الالم بخالف ما‬
‫ذكره "الخليل" من أنها ثابتة ولخص "السكاكي" الخالف بين "سيبويه" و‬
‫"الخليل" بشأن أصل الالم بقوله‪":‬والالم على مذهب سيبويه تأتي للتعريف‬
‫نحو الغالم والهمزة عنده للوصول ولذلك ال تثبت فيه بخالف الخليل فإن‬
‫‪2‬‬
‫سقوطها عنده بمجرد التخفيف لكثرة دورانها"‬
‫تجعل الدراسات اللسانية الحديثة "أل" التعريف محققة للترابط النصي‪،‬‬
‫يأتيها ذلك من اتفاق الحالة بين االسم المعرف وعنصر آخر متقدم عليه‬
‫أو متأخر‪ ،‬عدت أداة التعريف من الظاهر المحققة للترابط واالتساق في‬
‫النص فقد اعتبر "هاليداي وحسن" أداة تعريف "‪ "the‬في اإلنجليزية من‬
‫قبيل الوحدات االشارية المحايدة ولها نوعان من اإلحالة‪ :‬احالة مقامية‬
‫تتحدد بالسياق المقامي أو بالداللة على الجنس أو العرق‪ ،‬واحالة مقالية‬
‫قبيلة وبعدية فالدور األساسي لـ"أل" التعريف هو التحديد واإلحالة التي‬
‫تخضع لقيد داللي وهو وجوب تطابق الخصائص الداللية بين العنصر‬
‫المحيل والعنصر المحال إليه و"أل" التعريف وردت في األحاديث القدسية‬

‫‪-1‬محمد العرباوي‪ ،‬ص ‪.015‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.015‬‬
‫‪42‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثالثين وخمسمائة مرة وتنقسم إلى قسمين عهدية وجنسية نعرضهما كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪" )0‬أل" العهدية‪:‬‬
‫تفيد تحديد شيء في النص معهود عند المخاطب حيث تؤدي إلى‬
‫عملية ذهنية في المتلقي تتم باالنتقال من االسم النكرة إلى االسم المحلى‬
‫باأللف والالم فبقولك(رجل) تعني واحد ممن يقع عليه هذا االسم‪ ،‬أما‬
‫قولك (الرجل) فهو تذكير المتلقى بشيء تقدم ليعود إلى ذهنه ما عهده من‬
‫أمره‪1‬وهي على ثالثة أنواع‪:‬‬
‫أ‪ .‬ذات العهد الذكري‪:‬‬
‫وهو أن يتقدم مصحوب "أل" ذكر في الكالم حقيقة أو تقديرا‪ ،‬نحو‬
‫قوله تعالى "هللا نور السموات واألرض مثل نوره كمشكاة فيه مصباح‬
‫المصباح في زجاجة" النور=‪ ،53‬في البداية تقدم ذكر االسم النكرة‬
‫(مصباح) ذك ار حقيقيا في النص ثم جاء ذكرها عرف بعد اقترانها بأداة‬
‫التعريف "أل" ولذا تسمى عهدية ذكرية ألن ما اتصلتا به معهود بما سبق‬
‫ذكره في النص‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪43‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وحسب صاحب المغنى فإن ضابط العهد الذكري أن يسد الضمير مسد‬
‫"أل" مع مصحوبها‪ ،1‬كقولك‪( :‬كتبت كتبا ثم أهديت الكتاب)نالحظ هنا أن‬
‫االسم المقترن بـ"أل" التعريف جاء في درج الكالم ال في مفتتحه وقد‬
‫اقتضى الحال هنا إلظهار "أل" يدل االضمار وهذا يكون لغرض التعظيم‬
‫أو البيان أو التجنب اللبس ويجوز هنا تعويض مصحوب "أل" بضمير‬
‫الغائب فنقول‪( :‬كتبت كتابا ثم أهديته) حيث سد ضمير المتصل "هاء"‬
‫الغائب مسد "أل" مع مصحوبها‪.‬‬
‫فكانت "أل" فيه‪ 2‬من محققات ربط الجملة بسابق الكالم‪ ،‬وصحة حلول‬
‫ضمير الغائب محل المعهود عهدا ذكريا يدعم قيامها بالدور الرابط لكونه‬
‫هو أيضا من أسس الترابط ف "أل" هنا تجاوزت فائدة تعريف الشيء‬
‫المعهود ذكره بدل المخاطب إلى الربط بين نكرتين‪ :‬النكرة الثانية هي‬
‫الضمير والنكرة األولى هي مرجع الضمير‪ ،‬منبهه إلى أن مدلول ما دخلت‬
‫‪3‬‬
‫عليه هو مدلول النكرة السابقة المماثلة لها في لفظها الخالية من "أل"‬
‫وهنا تكون قد حققت الربط المعنوي بين الجملتين واالتساق الداللي في‬
‫النص‪.‬‬

‫‪-1‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪-3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪44‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫جاءت "أل" العهد الذكري خمس عشرة مرة في لمدونة ومثالنا‪ :‬قال أبو‬
‫هريرة رضي هللا عنه سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪( :‬كان‬
‫رجالن في بني اسرائيل متواخيين فكان أحدهما يذنبا واآلخر مجتهد في‬
‫العبادة فكان ال يزال المجتهد يرى اآلخر على الذنب فيقول‪ :‬أقصر فوجده‬
‫يوما على ذنب فقال له‪ :‬أقصر فقال‪ :‬خلني وربي أبعثت علي رقيبا؟فقال‬
‫وهللا ال يغفر هللا لك أوال يدخلك هللا الجنة فقبض أرواحهما فاجتمعا عند‬
‫رب العالمين فقال لهذا المجتهد أكنت بي عالما؟أو كنت على ما في يدي‬
‫قادرا؟وقال للمذنب‪ :‬اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال لآلخر اذهبوا به إلى‬
‫النار"‪ 1‬كال اللفظين (المذنب والمجتهد) قد سبق ذكهما ما نكرة في لنص‬
‫فهما رجالن اسرائليان متواخيين أولهما مذنب وثانيهما عابد ثم اقترنا ب‬
‫"أل" عند ذكرهما في المرة الثانية ألنهما أصبحا معهودين بالذكر فصار‬
‫الرابط اللفظي "أل" يثير لدى المتلقي معرفة خلفية عنهما بناء على ما تم‬
‫تقديمهما به في بداية النص أما لفظ (اآلخر) فهو غير ثابت فتارة يعود‬
‫على المجتهد وتارة أخرى يعود على المذنب فهو أيضا مسبوق بالذكر‬
‫لكنه ذكر حكمي أو تقديري وليس حقيقيا واألداة "أل" المقترنة به هي كذلك‬
‫للعهد الذكري ونالحظ أن هذه األداة ساهمت في ترابط وتماسك تراكيب‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪45‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫النص وهي في كل مواضعها منه قد جعلته كتلة واحدة تدفع لداللة واحدة‬
‫وهي أن ال يقنط المذنب من رحمة هللا وأن ال يغتر العابد بعمله‪.‬‬
‫ويبدو جليا دور "أل" العهدية الذكرية في االحالة إلى سابق في النص‬
‫والداللة عليه ذلك أن أصل االحالة الربط بالضمير والضمير يصح أن‬
‫يسد مسد "أل" العهدية عهدا ذكريا مع مصحوبها فالمحيل هو أداة التعريف‬
‫مع مصحوبها المذنب‪ ،‬المجتهد) والمحال إليه هو المتقدم ذكره (رجالن‬
‫من بني إسرائيل متواخيين‪ ،‬أحدهما يذنب واآلخر مجتهد في العبادة) وقد‬
‫تقدم ذكر المحال إليه نكره كما تقدم ذكره معرفة عند تكرار لفظي (المذنب‬
‫والمجتهد) وهكذا يتحقق االتساق النصي من خالل احالة"أل" مع‬
‫مصحوبها حالة داخلية قبلية‪.‬‬
‫والمتلقي حين يق أر النص ال يذهب تأويله إلى أن هذا المجتهد هو مجتهد‬
‫في الدراسة مثال‪ ،‬بل يبقى تأويله محليا وهو المجتهد في العبادة وهكذا‬
‫بفضل "أل" ومصحوبها التي قيدت هذا التأويل عن طريق االحالة إلى ما‬
‫تقدم ذكره في النص وهذا ما يسمى مبدأ التأويل المحلي الذي يضمن عدم‬
‫إنشاء سياق أكبر مما هو ضروري لضمان الفهم الصحيح للخطاب‬
‫وتحقيق انسجام النص‪.1‬‬
‫ب‪ .‬ذات العهد الذهني‪:‬‬

‫‪(1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪46‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وهو أن يتةفر في ذهن المخاطب معرفة سابقة أو خلفية عن‬


‫مصحوب "أل" التعريف وال يشترط ذكرها في الكالم كقولنا‪( :‬تقل درجة‬
‫الح اررة في أعالي الجبال) ففي هذا المثال أسماء معرفة ب"أل" مصحوبها‬
‫معهود دون أن يتقدم له ذكر في سابق المقال فالح اررة والجبال من االشياء‬
‫المعهودة والمألوفة بالنسبة للمخاطبين عهدا يقوم على سابق المعارف‬
‫والعرف‪.‬‬
‫وتحدث "سيبويه" عن "أل" التعريف بالعهد الذهني للمخاطب بقوله‪":‬واذا‬
‫ادخلت األلف والالم فإنما تذكره رجال قد عرفه فتقول‪ :‬الرجل الذي من‬
‫‪1‬‬
‫أمره كذا وكذا ليتوهم الذي كان عهده ما تذكر من أمره"‬
‫أما المعرفة السابقة التي تصلح لتعريف النكرة فتختص بالمتلقى ألنه هو‬
‫الذي يحكم في النهاية على نجاح عملية التواصل من عدمها وهو ما‬
‫يسمى في لسانيات النص ب"المعرفغة الخلفية للعالم" أي أن يكون‬
‫للمخاطب السابق معرفة بالشيء تساعده على تأويل النص تأويال مقبوال‬
‫يحقق انسجامه‪.‬‬
‫وأغلب "أل" العهدية كانت في المدونة من العهد الذهني( اثنان وستين‬
‫وثالث مائة مرة) ألن األلفاظ التي ارتبطت بها معروفة وتكررت كثي ار مثل‬

‫‪-1‬سيبويه الكتاب‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪47‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الجنة والنار‪ ،‬الدنيا واآلخرة‪ ،‬الحياة والموت‪ ،‬األرض والسماء‪ ،‬الليل‬


‫والنهار‪ ،‬الشمس والقمر‪ ،‬الخير والشر‪ ،‬الصالة‪ ،‬الصدقة‪ ،‬الصيام‪...‬الخ‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬أن رجال من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع‪ ،‬فقال‪ :‬أ ولست‬
‫فيما شئت؟قال‪ :‬بلى ولكني أحب أن ازرع فأسرع وبذر فتبادر الطرف نباته‬
‫واستواؤه واستحصاؤه وتكويره أمثال الجبال فيقول‪ :‬دونك يا ابن آدم ال‬
‫‪1‬‬
‫يشبعك شيء‪.‬‬
‫فكل األلفاظ(الجنة‪ ،‬الزرع‪ ،‬الطرف‪ ،‬الجبال) كلها معهودة في ذهن النتلقى‬
‫ومعروفة بحكم العرف لذا فقد أتى تعريف"أل" المقترنة بها هي "أل"‬
‫العهدية الذهنية وهي تحيل إلى مراجع كلها خارج النص أي أن "أل"‬
‫ومصحوبها يحيالن احالة خارجية تفيد في انسجام النص وتفسيره وفهمه‬
‫فدلت بذلك على تقدم مصحوبها دون أن يكون له ذكر في الكالم أي أنها‬
‫صرفت النظر إلى ذلك المعهود في ذهن المخاطب‪ ،‬ف "أل" تشير مع‬
‫مصحوبها إلى شيء سابق يعلمه المخاطب ولكن هذا الشيء غير مذكور‬
‫في نص الكالم وهي بذلك تشبه ضمائر المتكلم والمخاطب من حيث أنها‬
‫تحيل في غالب األحيان احالة إلى خارج النص‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪48‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ج‪ .‬ذات العهد الحضوري‪:‬‬


‫وهي ليست للربط حيث يشترط أن يكون مصحوب "أل" حاض ار‬
‫وقت الكالم وهو حاصل من المقام الذي ينشأ فيه القول مثال‪( :‬أغلق‬
‫النافذة )نقولها للمخاطب في مكان معين فيه نافذة واحدة‪ ،‬فالنافذة معروفة‬
‫بالمقام ولم يسبق ذكرها‪ ،‬ف "أل" هنا عهدية حضورية وليست ذكرية أي‬
‫مقامية وليست مقالية‪.‬‬
‫فنقل ابن هشام أن "أل" العهدية الحضرية ال تقع إال في المواضع التالية‪:‬‬
‫‪ ‬في اسم الزمان الحاضر نحو(اآلن‪ ،‬اليوم‪ )...‬مثل‪( :‬ليوم أكملت لكم‬
‫دينكم) المائدة=‪.15‬‬
‫‪ ‬بعد اسماء االشارة نحو(جاءني هذا الرجل)‪.‬‬
‫‪ ‬بعد "أي" في النداء نحو (يا أيها الرجل )‪.‬‬
‫‪ ‬بعد إذا الفجائية نحو (خرجت فإذا االسد)‪.‬‬
‫نالحظ أن "أل" في المنادى في العهد الحضوري كون المنادى في النداء‬
‫الحقيقي هو المخاطب وهو حاضر في النداء و "أل" اسم الزمان الدال‬
‫على زمان التخاطب رغم أنك تحس بوجود صيغة الغائب فيها إال أنه‬
‫غلب عليها معنى التخاطب وصرف معهود "أل" إلى العهد الحضوري‪ ،‬أما‬
‫"ال" المقترنة باسم االشارة واذا الفجائية فإنها تحتمل العهد الحضوري مثلما‬
‫تحتمل العهد الذكري وهذا بحسب سياقها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فما خلص للعهد الحضوري ل "أل" في المنادى وأسماء الزمان الدالة على‬
‫زمان التخاطب ال يمكن أن يكون له دور رابطي أما "أل بعد إذا الفجائية‬
‫واسم اإلشارة فإنها قد تقوم بدور الربط بين الجمل متى كان مصحوبها‬
‫قائما على العهد الذكري‪.1‬‬
‫"أل" العهد الحضوري في األحاديث القدسية اثنا عشرة مرة‬ ‫وردت‬
‫مثال‪:‬عن ابي بن كعب رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬انتسب رجالن على عهد موسى عليه السالم‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬أنا‬
‫فالن بن فالن حتى عد تسعة‪ ،‬فمن أنت ال أم لك؟قال‪ :‬أنا فالن بن فالن‬
‫بن االسالم فأوحى هللا إلى موسى عليه السالم‪ :‬إن هذين المنتسبين‪ ،‬أما‬
‫أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم وأما أنت‬
‫يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة"‪.2‬‬
‫فهذا موسى عليه السالم يخاطب الرجلين المنتسبين مستعمال النداء‬
‫واإلشارة فكانت "أل" المقترنة بلفظ (المنتمي) بعد أداة النداء "أي" وبلفظ‬
‫(المنتسب) بعد اسم اإلشارة "هذا" من العهد الحضوري ألنهما حاضرين‬
‫في الخطاب فلم تؤدي دور الربط إنما قام مقامها بالربط واإلحالة في‬
‫النص أداة النداء واسم اإلشارة‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪.013 ،‬‬


‫‪-2‬لمرجع نفسه ‪ ،‬ص‪.011‬‬
‫‪51‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ )4‬أل‪-‬الجنسية‪:‬‬
‫وهي ليست للربط أيضا وتدخل على نكرة فتفيد معنى الجنس وال يراد بها‬
‫واحد معين من أفراد الجنس كما في العهدية‪ ،‬ولذلك ليس لها معهود بل‬
‫‪1‬‬
‫لها مدخول في ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪ .0‬استغراق جميع أفراد الجنس‪ ،‬ولها ثالث عالمات‪:‬‬
‫‪ ‬أن تعوض بـ"كل" حقيقة نحو قوله تعالى‪":‬وخلق اإلنسان ضعيفا"‬
‫النساء=‪.23‬أي كل جنس اإلنسان دون استثناء‪.‬‬
‫‪ ‬صحة االستثناء من مدخولها نحو"إن اإلنسان لفي خسر إال الذين‬
‫آمنوا"العصر=‪،5-2‬أي كل‬
‫جنس اإلنسان في خسر باستثناء الذين آمنوا‪.2‬‬
‫‪ ‬وصفه بالجمع نحو‪":‬من الرجال والطفل الذين لم يظهروا على‬
‫عورات النساء" النور=‪ ،50‬فالطفل مفرد لكن اقترانه بـ"أل" الجنسية جعله‬
‫يوصف بالجمع ويستغرق جميع جنس األطفال‪.‬‬
‫‪ .2‬استغراق جميع خصائص اإلفراد وعالمته أن يخلفها (كل) مجا از ال‬
‫حقيقة‪ ،‬نخو‪":‬ذلك الكتاب" البقرة=‪ ،2‬أي (الكتاب الكامل في الهداية‬
‫الجامع لصفات جميع الكتب)‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪50‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .5‬تعريف الماهية والحقيقة والجنس وال يخلفها "كل" حقيقة وال مجا از‬
‫نحو‪":‬وجعلنا من الماء كل شيء حي" األنبياء =‪ ،51‬أي متعلقة بنوع‬
‫الجنس فال يجوز قولنا‪ :‬وجعلنا من كل ماء كل شيء حي‪.‬‬
‫وتحدث "سيبويه" عن استعماالت "أل" الجنسية في قوله‪...":‬واعلم أنك ال‬
‫يجوز أن تقول‪(:‬قومك نعم صغارهم وكبارهم) إال أن تقول‪( :‬قومك نعم‬
‫الصغار نعم الكبار) و(قومك نعم القوم)‪ ،‬وذلك إن أردت أن تجعلهم من‬
‫جماعات ومن أمم كلهم صالح‪ ،...‬وما أضاف إليه وما أشبهه نحو(غالم‬
‫الرجل) إذا لم ترد شيئا بعينه"‪.1‬‬
‫ونالحظ من هذا القول انتقال حكم المضاف إليه فما أضيف إلى ما‬
‫اتصلتا به "أل" الجنسية يكتسب منه اإلطالق ال التعيين وبالتالي فاإلضافة‬
‫ال تكون ذات دور رابطي إال إذا كانت "أل" في المضاف إليه قائمة على‬
‫العهد المقالي الذكري أو الذهني‪.‬‬
‫والمعرف بـ"أل" الجنسية يدل على الحقيقة بقيد حضورها في الذهن وهو ما‬
‫يفرقه عن اسم الجنس النكرة الذي يدل على المطلق الحقيقة مثال‪:‬‬
‫(التراب‪ ،‬لبن‪)...‬ذلك اعتبر بعض النحاة "أل" الجنسية لتعريف العهد أيضا‬
‫ألن األجناس أمور معهودة في األذهان بالعرف‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪-2‬سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.011‬‬
‫‪52‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ذكرت "أل" الجنسية في المدونة سبع عشرة ومائة مرة منها‪ :‬عن أبي‬
‫مسعود قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬حوسب رجل ممن كان‬
‫قبلكم فلم يوجد لهم من الخير شيء إال أنه كان يخالط الناس وكان موس ار‬
‫وكان يأمر غلمانه أن يتجاو از عن المعسر‪ ،‬قال هللا عز وجل‪ :‬نحن أحق‬
‫بذلك منه تجاو از عنه" فجاءت لفظة (المعسر) مقترنة ب"أل" الجنسية ألنها‬
‫تفيد استغراق الكالم بخصائص األفراد المعسرين‪ ،‬وواضح أنها لم تؤدي‬
‫دور الرابط النصي‪.‬‬
‫‪" )3‬أل" النائبة عن الضمير‪:‬‬
‫هذا أنواع ذكره "الكوفيون وتبعهم في ذلك ابن مالك‪ 1‬وده ابن هشام رابط‬
‫من روابط الجملة بما هي خبر خير عنه ألن العربية قديما كانت تستخدم‬
‫"أل" للربط بدال من الضمير‪ ،‬وذكرها الدكتور "تمام حسن" بقوله‪" :‬وقد‬
‫يتحقق الربط ب"أل" التي يعاقبها الضمير وهي الدالة عن الجنس المقيد‬
‫بمضاف إليه مقدر أغنت عنه "أل" فكما في قوله تعالى‪" :‬وأما من خاف‬
‫مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى"‬
‫النازعات=‪ ،31،30‬أي نهى نفسه عن هواها فإن الجنة مأواه‪ ، 2‬فنالحظ‬
‫أن مصحوب "أل" النائبة عن الضمير لم يسبق له ذكر في النص فهي‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط ‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬
‫‪53‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ليست من العهد الذكري وتحتمل أن تكون جنسية أو ذات عهدين غير أن‬
‫إمكانية تعويضها بضمير هي ما يجعلها النائبة عن الضمير‪.‬‬
‫و"أل" النائبة عن الضمير وردت في األحاديث القدسية أربع وعشرين مرة‪،‬‬
‫منها المثال التالي‪ :‬عن جندب بن عبد هللا رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫هللا عليه الصالة والسالم‪" :‬كان في من كان قبلكم رجل به جرح فجزع‬
‫فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات‪ ،‬قال هللا تعالى‪ :‬بادرني‬
‫عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة"‪.1‬‬
‫موضوع الحديث ف"أل" في (الدم) أغنت عن مضاف إليه مقدر ولذلك‬
‫يصح أن يعقبها ضمير أي (فما رقٌأ دمه) هو الضمير المتصل عائد على‬
‫الرجل الذي حز يده بالسكين وبذلك تكون "أل" المقترنة بلفظ الدم النائبة‬
‫عن الضمير ومؤدية وظيفته في الربط عن طريق اإلحالة الداخلية القبلية‬
‫أو إلى سابق فيتحقق االتساق الداللة هو الترهيب من االنتحار‪.‬‬
‫إن "أل" التعريف أساسية في التمييز بين التعريف والتنكير‪ ،‬فلقد رأينا أنها‬
‫تتعلق بعملية ذهنية عرفاني للمخاطب دور أساسي فيها فلكل" أل" تعريف‬
‫مصحوب يكون إما معهودا في الالم العهدية واما مدخوال في الالم‬
‫والمعهود إما ذكري أو ذهني أو حضوري والمدخول إما‬ ‫الجنسية‪،‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪54‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫استغراق األفراد واما استغراق خصائص أفراد واما الماهية الحقيقة‬


‫والجنس‪.‬‬
‫والعلماء لم يقفوا عند حدود الحديث عن وظيفة لنقلها االسم من النكرة إلى‬
‫المعرفة بل تجاو از ذلك إلى النظر على أنها أداة رابطة ربطا يشبه ربط‬
‫إحالة بالضمير من حيث أنها تشير إلى شيء سبق ذكره‪ ،‬على أنهم‬
‫قصروا وظيفتها الرابطية على "أل" العهدية عهدا ذكريا أو ذهني‬
‫و"أل"النائبة عن الضمير‪.‬‬
‫أما الجنسية وذات العهد الحضورية فليستا كذلك على خالف ما يراه‬
‫الباحث محمد الشاوش بأن "أل" التعريف المؤدية للربط النصي هي ذات‬
‫العهد الذكري فقط أما "أل" ذات العهد الحضوري والذهني و"أل" الجنسية‬
‫فهي أدوات تؤدي دور التعريف فقط والتعريف مظهر من مظاهر ربط‬
‫النص وليست مؤسس له‪.1‬‬
‫وتم استعمال "أل" التعريف بمختلف أنواعها في المدونة خمس مائة‬
‫وثالثون مرة وفيما يلي دائرة نسبية توضح تركيز األحاديث القدسية على‬
‫استعمال "أل" ذات العهد الذهني لتحقيقها التماسك النصي أكثر من بقية‬
‫األنواع وألن الخطاب في أساسه هو عملية ذهنية‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪،‬ص ‪.013‬‬


‫‪55‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 01‬ثالثا‪ :‬الموصوالت االسمية‪:‬‬


‫الموصوالت نوعان اسمية وحرفية فالموصول االسمي هو ما افتقر إلى‬
‫الوصل بجملة خبرية معهودة أو بظرف أو جار ومجرور تأمين بوصف‬
‫صريح والى عائد‪ ،‬وأما الموصول الحرفي فهو ما أول مع صلته بالمصدر‬
‫ولم يحتاج إلى عائد‪.1‬‬
‫وما يهمنا هنا هو الموصول االسمي لما له من أهمية بالغة في اتساق‬
‫النص فهو يقوم بوظيفتين أساسيتين في النص هما الربط واإلحالة‪.‬‬
‫الموصول االسمي هو"اسم غامض مبهم يحتاج دائما لتعيين مدلوله‬
‫واإليضاح المراد منه إلى أحد شيئيتا إما جملة أو شبهها"‪ ،2‬وجملة الصلة‬
‫هي تركيب لغوي يأتي بعد اسم موصول وال يتم مهنا هاال بها وهذا دليل‬
‫على ترابط الموجود بينه وبين صلته‪ ،‬والصلة ال يجوز أن تتقدم على‬
‫الموصول ألنها كبعضه والبد أن يكون في صلة األسماء الموصولة ما‬
‫يرجع إليها حيث يشترط فيها أن تشتمل على ضمير يعود على اسم‬
‫الموصول ويطابقه وهذا الضمير يسمى العائد أو الرابط‪.3‬‬

‫‪-1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.013‬‬


‫‪2‬‬
‫ـ المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.001‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.001‬‬
‫‪56‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫والموصوالت االسمية بدورها نوعان‪ :‬مختصة تدل على نوع معين مثل‪:‬‬
‫الذي‪ ،‬التي‪ ،‬اللذان‪ ،‬الذين‪ ،‬الالتي‪ ،‬ومشتركة تصلح لجميع األنواع ال‬
‫تتغير صيغها مثل‪ :‬من‪ ،‬ما‪ ،‬أي‪.‬‬
‫العملية اإلحصائية التي أجريناها على األحاديث القدسية بينت وجود مئة‬
‫وثمانية وسبعين(‪ )013‬مثاال لالسماء الموصولة‪ ،‬بحيث ترتكز على‬
‫الموصوالت المشتركة بعدد مئة وثالثة واربعينا ضمت ما(ثالث وسبعين‬
‫مرة) من (ست وستين مرة)‪ ،‬أي (أربع مرات)‪ ،‬وأقلها الموصوالت‬
‫المختصة بعدد خمسة وثالثون فقط تنوعت بين‪:‬الذي (عشرين مرة)‪،‬‬
‫الذين(عشر مرات)‪ ،‬التي(خمس مرات)‪.‬‬
‫وفي هذا المثال الفائدة النصية التي أضفتها الموصوالت االسمية‪ :‬عن‬
‫عياض بن حمار المجاشعي‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فالذات‬
‫يوم خطبته‪":‬أال إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا‬
‫كل ما نحلته عبدا حالل‪ ،‬واني خلقت عبادي حنفاء كلهم‪ ،‬وانهم أتتهم‬
‫الشياطين فاجتالتهم عنادهم‪ ،‬وحرمت عليهم ما أحللت لهم‪ ،‬وأمرتهم أن‬
‫يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا‪ ،‬وان هللا نظر إلى أهل األرض فمقتهم‬
‫عربهم وعجمهم إال بقايا من أهل الكتاب‪ ،‬وقال‪ :‬إنما بعثتك ألبتليك وأبتلي‬
‫بك‪ ،‬وأنزلت عليك كتابا ال يغسله الماء‪ ،‬تقرؤه نائما ويقضان‪ ،‬وان هللا‬
‫أمرني ان احرق قريشا‪ ،‬فقلت رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أستخرجهم كما استخرجوك وأغزك نغزك‪ ،‬وأنفق فستنفق عليك‪ ،‬وابعث‬


‫جيشا نبعث خمسة مثله‪ ،‬وقاتل بمن أعطاك من عصاك‪ ،‬قال‪ :‬وأهل الجنة‬
‫ثالثة‪ :‬ذو سلطان مقسط متصدق موفق‪ ،‬ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي‬
‫قربى ومسلم‪ ،‬وعفيف متعفف ذو عيال‪ ،‬قال‪ :‬وأهل النار خمسة‪ :‬الضعيف‬
‫الذي ال يخفى له طمع وان دق إال خانه‪ ،‬ورجل ال يصبح وال يمسي إال‬
‫وهو يخادعك عن أهلك ومالك‪ ،‬وذكر البخل‪ :‬والكذب والشنظير الفحاش‪.1‬‬
‫توفر في هذا النص أربعة أنواع من األسماء الموصولة هي‪ :‬من‪ ،‬ما‪،‬‬
‫الذين‪ .‬ووضع المخاطب في البداية اسم الموصول المشترك "من" مرتين‬
‫لمناسبة اشتراكه وشموله كل العباد سواء الطائعين أو العاصيين‪ ،‬ووضع‬
‫"ما"مرتين ليعوض بها أشياء معنوية هي الجهل والعلم‪ ،‬واختار وضع‬
‫االسم المختص المبهم "الذي" و "الذين" ألهل النار دون أهل الجنة‬
‫لمناسبة اختصاصهم بأكثر األصناف عددا (لخمسة مقابل ثالثة )وخطورة‬
‫مقعدهم‪ ،‬وابهام وغموض أفعالهم وعدم منطقيتها فهذه الضعيف ليس له‬
‫عقل يزبره ويمنعه مما ال ينبغي وهو يتبع القوم وال يريد لنفسه األهل‬
‫والمال(الذي ال زبر له) (الذين هم فيهم تبعا) (الذي ال يفض له طمع)‬
‫المختص وبهذا االختيار وجد االتساق الداللي في النص‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪ -2‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪ ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪58‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وفي بيان أحد أصناف أهل النار وهو الضعيف اعتمد المتكلم على وصفه‬
‫بجملتين األولى تتكون من الموصول "الذي" ولصلة(ال زبر له)الثانية‬
‫تتكون من الموصول "الذين" والصلة (هم فيكم تبعا) ونالحظ أمن المتكلم‬
‫خالف الوزن الصرفي السم الموصول من الفرد إلى الجماعة رغم عودتهما‬
‫على المفرد واحد هو (الضعيف) معتمدا في ذلك على االتساق الداللي‬
‫الذي يحس به المخاطب في النص فيجعله قاد ار على فهم المعنى رغم‬
‫المخالفة الصرفية كما أنه باستعماله الموصول الجمع(الذي) قد اختصر‬
‫كالما آخر يؤول ب (الذي ومن مثله هم فيكم تبعا)‬
‫نالحظ أن االتساق في نص هذا الحديث قام على ثالثة عالقات ارتباط‬
‫محورها االسم الموصول‪:‬‬
‫األولى‪ :‬نذكر موصول في النص ارتبط وتمسك لذاته بجملة الصلة حتى‬
‫توضح المقصود منه ألنه اسم غامض وقد تبين الصالت السابقة إبهام‬
‫موصالتها(ما‪ ،‬الذي‪ ،‬الذين)فعالقة الصلة بالموصول عالقة ترابطية هامة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬ان كل موصول في النص قام بربط جملة الصلة الالحقة له‬
‫بالجمل التي قبل فالموصول (الذي) عائد على (الخائن) وربطه بالصلة‬
‫(اليحق له الطمع) وقبله عاد الموصول (الذين) على (الضعيف) وربطه‬
‫بالصلة(الزير له) والموصول(الذين) عائدا يضاعف (الضعيف) في معنى‬
‫الجماعة وربطه بالصلة(هم فيكم تبعا) والموصول (ما) عائد على جملة‬

‫‪59‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫(أمرني أن أعلمكم) وربطها بالصلة (جهلتكم‪ ،‬علمني) ولوال الموصول‬


‫االسمي كما حصل الربط بين أجزاء الكالم واذا أردنا معرفة أن قيمة‬
‫الربطية تقوم بحذفه من التركيب الذي ورد فيه‪ ،‬لنرى كيف يفقد هذا‬
‫التركيب أهم مواصفات صحته وجماله اللغوي ويفقد كامل النص اتساقه‪.‬‬
‫يعتبر (الجر جاني) أن اسم الموصول(الذي) اجتلب ليكون وصلة إلى‬
‫وصف المعارف بالجمل أي أن هذا الموصول االسمي يصل بين‬
‫المعارف والجمل الواصفة لها‪ ،‬وهو بذلك يؤدي وظيفة الربط بين العناصر‬
‫اللغوية من خالل الوصل بين ما قبله بما بعده ولعل سبب ذلك هو‬
‫مشابهته الضمير حسب رأي الدكتور"تمام حسن" حيث قال"‪...‬ونحن نعلم‬
‫أن الموصول يدل على مطلق غائب وبين ثم يشبه ضمير الغائب في‬
‫مجال الشبه المعنوي وال يكون له معنى إال مع ذكر موصوفة أو تقديره‬
‫في ضوء المقام وبهذا الذكر أو التقدير يربط الموصول بين موصوفة‬
‫‪1‬‬
‫وجملة الصلة وذلك بأصل وظيفته"‬
‫الثالثة‪ :‬أن الضمير الذي عليه جملة الصلة عائد على اسم الموصول‬
‫ورابط بينهما فلوال هذا الضمير لوجدنا تناف ار بين العناصر اللغوية واشتملت‬
‫الصلة األولى على ضمير متصل دال على المفرد (الهاء في له) يعود‬
‫على الموصول(الذي) والصلة الثانية على ضمير منفصل دال على‬

‫‪-1‬تمام حسان‪ ،‬الخالصة النحوية‪ ،‬ص ‪.35‬‬


‫‪61‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الجماعة (هم)يعود على الموصول المشترك (ما) والرابط فيهما هو‬


‫الضمير المحذوف الهاء وأصل الكالم ما جهلتموه وما علمتموه وقام هذا‬
‫الرابط بشد الثاني باألول ومد أواصل القرابة والتالحم بين االسم الموصول‬
‫والصلة ولو أننا قدرنا اقتران هذه الصالت بالضمير الرابط لكان التفكك‬
‫واالنكسار بين أجزاء العناصر اللغوية إن ضمائر التي تربط الصلة‬
‫بالموصول هي من األهمية بمكان في تماسك النسق اللغوي‪.1‬‬
‫واالتساق في نص الحديث يتحقق أيضا عن طريق اإلحالة التي محورها‬
‫االسم الموصول فهو يأتي محيال ومحاال إليه في الوقت ذاته فالعناصر‬
‫المحيلة هي إحاالت داخلية قبلية فريبة للمدى بحكم تواجد المرجع داخل‬
‫النص من جهة وألن العنصر المحيل والمرجع الذي عاد عليه يتواجدان‬
‫في تركيب لغوي واحد من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما يحيل الموصول بدوره على ما قبله من الكالم فقد جاء االسم‬
‫الموصول "الذي" ليحل مكان االسم المذكور في الجملة التي‬
‫قبله(الضعيف)أو (الخائن) فصار شبيها بالضمير إذ يحل مكان االسم‬
‫الظاهر أي أن الموصول يظهر بديال الستعمال الضمير وهو ما عبر عنه‬
‫البالغيون بقولهم اإلظهار في موطن اإلضمار وعودة الموصول االسمي‬
‫على متقدم هو إحالة قبلية أو إحالة على سابق ويسمى الموصول هنا‬

‫‪-1‬محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق‪.02 ،‬‬


‫‪60‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عنصر محيال ويسمى العائد عليه محاال إليه‪ ،‬واالسم الموصول(ما)في‬


‫نص الحديث يحيل إلى متقدم (أعلمكم)ويحيل إليه الضمير المحذوف في‬
‫‪1‬‬
‫جملة الصلة فيصير محاال إليه‬
‫ومن خالل هذا كله يمكن أن نقول أنا االسم الموصول من األدوات‬
‫والمكونات اللغوية التي تشد من آزر التالحم وتشكل قوام االتساق النص‬
‫في األحاديث القدسية وقد اعتمدت بشكل أساسي على األسماء الموصولة‬
‫المشتركة (ما‪ ،‬من) أكثر من المختصة (الذي الذين التي) لعموم‬
‫المخاطبين وشمولهم عبر األزمنة واألمكنة ‪.‬‬
‫‪ 00‬رابعا‪ :‬أسماء اإلشارة‬
‫اسم اإلشارة لفظ مبهم يستعمله المتكلم للداللة على الشخص المتحدث عنه‬
‫أو المشار إليه وهو ال يدل على شيء معين مفصل مستقل إال بأمر خارج‬
‫عن لفظه ولذلك يكثر بعده المجيء النعت أو البدل أو عطف البيان‪.‬‬
‫اسم اإلشارة مثل باقي الروابط يحقق لوصل حيث يرى "ابن العيش" اسم‬
‫اإلشارة وصلة إلى نقل االسم من تعريف العهد إلى تعريف العهد إلى‬
‫تعريف الحضور واإلشارة ويجوز أن يتوصل ب" هذا " إلى نداء ما فيه‬
‫األلف والالم فتقول يا هذا الرجلكما تقول‪-‬يا أيها الرجل كما ذكر ابن‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.002‬‬


‫‪62‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫هشام أن اللغة العربية تستعمل اسم اإلشارة كوسيلة لربط الحملة بما هي‬
‫خبر عنه‪. 1‬‬
‫تفيد اإلشارة أكمل تمييز وتعيين إذ ال يبقى اشتباه أصال بعدها وهي بمنزلة‬
‫وضع اليد ويظهر القصد بها على مستوى العقل والحس معا بخالف العلم‬
‫والمضمر فإن المقتصد بهما يمتاز عند العقل وحده وهي تدل على معنى‬
‫في ذاتها عكس الحروف التي تدل علة معنى في غيرها وهذه الميزة‬
‫‪2‬‬
‫تخلصها من حد الحرف‬
‫ومن أسماء اإلشارة‪ :‬هذا‪ ،‬هذان‪ ،‬هذه‪ ،‬هاتان‪ ،‬هؤالء‪ ،‬ذلك‪ ،‬ذاتك‪ ،‬تلك‪،‬‬
‫وكلها فارغة غير مشحونة بالمعنى المقصود بها‪ ،‬ولها داللة وضعية فقط‪،‬‬
‫مثل الداللة على الشخص في الخطاب تكلما ومخاطبة وغيبة وعلى‬
‫الجنس والعدد والمحل العرابي رفعا ونصبا وج ار وكون أسماء االشرة من‬
‫المبهمات من حيث الوضع فالبد لها من معين حتى تعد من المعارف أي‬
‫أن استعمالها يقتضي أن يتوفر معها ما يرفع عنها ذلك اإلبهام ويجعلها‬
‫قادرة على اإلحالة على الخارج‪.3‬‬
‫وكذا كانت األسماء مالزمة لمسمياتها وتحليل إليها ألنها غير مبهمة فإن‬
‫أسماء اإلشارة ليست مالزمة لمسمياتها ألنك نتشي ربها إلى ما هو‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪005‬‬


‫‪2‬‬
‫امرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.005‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪005.‬‬
‫‪63‬‬
‫الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بحضرتك وقد يوجد بحضرتك أكثر من شيء فتخصص بالصفة للتقليل‬


‫من االشتراك كما أنها ال تحيل على مسمى لكون داللتها مبهمة وانما‬
‫تحيل على مشار إليه والمشار إله يقوم على العموم أما المسمى فيقوم‬
‫على الخصائص لذلك ال يتحقق اإلشارة إال متى توفر ما يعين المشار‬
‫غله ولهذا هي تدل وضعا على اإلشارة واستعماال على انتقاء شيء ما قد‬
‫‪1‬‬
‫يخصص بالصفة لحصول المعنى وتحقيق اإلحالة على الخارج‪.‬‬

‫‪-1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪005‬‬


‫‪64‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫‪ 04‬خاتمة‪:‬‬
‫بعد هذا الجهد المتواضع حاولنا من خالله بحث الجوانب المختلفة‬
‫لموضوع دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي أوردنا فيما يلي‬
‫جملة من االستنتاجات التي كشفت عنها هذه الدراسة للروابط دو ار مباش ار‬
‫في اتساق نص الحديث القدسي‪ ،‬ودور غير مباشر في انسجام هذا النص‬
‫ويتحقق هذا األخير من خالل قيام الروابط أوال بتحقيق االتساق ألنه‬
‫انسجام للنص بدون توفر اتساقه‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة أخرى تساعد‬
‫عليها بعض الروابط على قيام اآلليات والمبادئ التي يبنى عليها االنسجام‬
‫النصي‪..‬‬
‫الضمير إذا اعتبرته خارج الخطاب الفعلي الحقيقي ليس سوى صيغة‬
‫فارغة ال يمكن أن تتعلق بشيء وبمتصور تحقق "أل" التعريف‪ ،‬الترابط‬
‫النصي‪ ،‬يأتيها ذلك من اتفاق اإلحالة بين االسم المعرف وعنصر آخر‬
‫متقدم عليه أو متأخرا‪ ،‬فهي أداة رابطة تشبه الضمير من حيث أنها تشير‬
‫على شيء سبق ذكره‪.‬‬
‫جاءت الروابط في نصوص الحديث القدسي عفوية فجعلت النص متسقا‬
‫سهل التداول ومعانيه منسجمة قوية التأثير في المتلقي‪ ،‬فهذه الروابط‬
‫كانت لها أهمية كبرى في الجوانب التواصلية لألحاديث القدسية‪ ،‬وكان لها‬
‫دورها في بناء النص‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫خاتمة‬

‫وفي نهاية هذا العمل ال ندعي أننا أتينا على كل عناصر البحث وجزئياته‬
‫كما ال نقول أنه عمل ناجح أو فريد أو غير ذلك من األوصاف المركبة له‬
‫وانما هو جهد مقل وعمل متواضع نرجو منه اإلفادة لغيرنا واالستفادة لنا‬
‫بعد كشف عيوبه نقائصه نكساته فالكل شيء إذا ما تم نقائصه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫قائمة المصادر المراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ 03‬قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫الدكتور أحمد المتوكل‪ ،‬قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية‪ ،‬دار‬
‫األمان للنشر والتوزيع‪ ،‬زنقة المامونية‪ ،‬مطبعة ومكتبة األمينة‪.‬‬
‫الدكتور أحمد المتوكل‪ ،‬اللسانيات الوظيفية مدخل نضري‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الجديدة المتحدة‪.‬‬
‫األستاذ محمد عرباوي‪ ،‬دور الروابط في اتساق وانسجام الحديث القدسي‪،‬‬
‫دار الوسيط‪ ،‬الطبعة األولى‪.2102-0355 ،‬‬
‫ابن حني‪ ،‬كتاب الخصائص‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫‪.2102‬‬ ‫الثانية‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫ا لفهرس‬
‫ا‬
‫فهرس‬

‫مقدمة‪............................................................................................................................... :‬أ‬ ‫‪0‬‬


‫تمهيد‪2 ............................................................................................................................. :‬‬ ‫‪2‬‬
‫البنية لغة‪2 ........................................................................................................................ :‬‬ ‫‪5‬‬
‫اصطالحا‪4 ........................................................................................................................ :‬‬ ‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪ :‬البنية اللغوية في طور النحو الوظيفي ‪2 .....................................................................‬‬ ‫‪3‬‬
‫البنية الحملية‪3 .................................................................................................................... :‬‬ ‫‪6‬‬
‫البنية الوظيفية‪03 ................................................................................................................ :‬‬ ‫‪7‬‬
‫البنية المكونية‪21 ................................................................................................................. :‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪2 .......................................................‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الدراسة النحوية الوظيفية لألدوات في األحاديث القدسية‬
‫أوال‪ :‬الضمائر ‪2 ....................................................................................................................‬‬ ‫‪3‬‬
‫تقسيمات الضمائر‪3 ............................................................................................................. :‬‬ ‫‪10‬‬
‫ثالثا‪ :‬الموصوالت االسمية‪56 .................................................................................................. :‬‬ ‫‪00‬‬
‫رابعا‪ :‬أسماء اإلشارة‪62 ...........................................................................................................‬‬ ‫‪02‬‬
‫خاتمة‪2 .............................................................................................................................:‬‬ ‫‪05‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪2 ...................................................................................................... :‬‬ ‫‪03‬‬

‫‪0‬‬
‫دعاء‬
‫«اللهم ارزقني من طاعتك ما تحول به بيني وبين معصيتك وارزقني من خشيتك ما تبلغني به‬

‫رحمتك وارزقني من اليقين ما تهون به على مصائب الدنيا وبارك لي في سمعي وبصري‬

‫واجعلهما الوارث مني»‬

‫أمي ـ ـ ــن‬

‫«اللهم أنت األول فـليس قبلك شيء وأنت األخر فـليس بعدك شيء وأنت الظاهر فـليس‬

‫فوقك شيء وأنت الباطن فـليس دونك شيء‪،‬فـاغفر لي جميع مامضى من ذنبي‬

‫واعصمني فيما بقي من عمري وارزقني عمال زكيا ترضى به عني»‬

‫أمي ـ ـ ــن‬

‫«يارب إذا أعطيتني نجاحا فـال تأخذ تواضعي‪،‬وإذا أعطيتني تواضعا فـال تأخذ اعتزازي‬

‫بكرامتي‪ ،‬وال تجعلني يارب أصاب بالغرور إذا نجحت وال باليأس إذا أخفقت‪ ،‬وذكرني‬

‫أن اإلخفـاق هو التجربة الوحيدة التي تسبق النجاح»‬

‫أمي ـ ـ ــن‬

‫«ربي اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم الحساب وقنا عذاب النار»‬

‫أمي ـ ـ ــن‬
‫شكر وعرفان‬
‫إلى من تذل له المخلوقـات وتخر له الجبال وتخشع له القـلوب إلى الوهاب الواحد األحد‬

‫الرؤوف الرحمان‪ ،‬أحمدك اللهم على نعمتك هذه وأدعوك بأن تنير دربي دائما خاصة‬

‫في مشواري الدراسي‪،‬اشكر هللا سبحانه وتعالى لمنحي قوة الصبر وتجاوز الصعاب أوال‬

‫وثانيا إلى من مشيت على خطوات نصائحه واقتراحاته في سبيل اكتساب المعرفة األستاذ‬

‫المحترم‪":‬رابحبوشعشوعة" جزاه هللا بكل خير‪.‬‬

‫إلى كل أساتذة ومؤطري دائرة اللغة العربية وآدابها خاصة األستاذ المحترم الحنون الذي‬

‫هو بمثابة األب الناصح والمرشد البنته الشافعي بديار إلى كل طالب وطالبات دفعة‬

‫‪ 5102‬بجامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي‪.‬‬

‫إلى كل من قدم لنا النصيحة بابتسامة‪ ،‬وبكلمة طيبة وبصدق من القـلب إلى القـلب‬

‫بتمنياتنا للجميع بالمثابرة في الدراسة والنظر دائما إلى العلى ومزيدا من التألق‬

‫والنجاح‪ ،‬والنظر إلى المستقبل بنظرة تفـاؤلية فيها الكثير من األمل‪.‬‬

‫س‬
‫الطالب ــــــة‪ :‬ليمةزايدي‬
‫مقدمــــــة‬
‫مقدمــــــة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫مقدم ة‬

‫إن اللغة العربية لغة القرآن الكريم والسنة واألدب العربي‪ ،‬بمختلف فنونه‪ ،‬وال يخفى علينا ما‬

‫للغة العربية من كبير األهمية فهي اللغة الحية واألداة القيمة للتعبير‪ ،‬وايصال المعارف‬

‫العلمية للناس واللغة العربية كغيرها من اللغات اإلنسانية لها خصائص تميزها عن كثير من‬

‫اللغات وقد اخترت في بحثي قضية من قضايا اللغة العربية أال وهو اإلسناد الذي هو قرينة‬

‫معنوية مهمة‪ ،‬ودراسته في األساليب العربية‪ ،‬وأنماط الجملة السائدة في التعبير اللغوي‬

‫الفصيح‪ ،‬من شأنها أن تميط اللثام عن أسرار التركيب‪ ،‬وأسس البيان التي ما فتئت جهود‬

‫اللغويين من النحاة والبالغيين‪ ،‬تتضافر وتتساند‪ ،‬من أجل تبريز مالمحا‪ ،‬وتوظيف قواعدها‪،‬‬

‫واظهار مكامن الروعة ومواطن الجمال والتناسق في نماذجها وأشكالها‪ ،‬فاإلسناد في عمومه‬

‫يتعلق باألغراض البالغية من تقديم وتأخير‪ ،‬وفصل وصل‪...‬‬

‫أما عن سبب اختياري لهذا الموضوع رغبة مني لجمعه في هذا البحث والذي دفعني لدراسة‬

‫ظاهرة «اإلسناد» حتى يسهل على دارسي لغتنا العربية والمتذوقين لجماليتها التعبيرية فهمها‬

‫وتمثلها وفق أساليب تعتمد على خصوصيتها في لغة الكتاب‪ ،‬وفهم العالقات اإلسنادية‬

‫واألغراض البالغية المتعلقة به‪ ،‬وليس شرطا من دراسة النحو واإلتيان بالجديد وانما التعمق‬

‫في النحو‪ ،‬وصون اللسان من الوقوع في اللحن واثبات بأن هذا الموضوع إن كان مختصا‬

‫بالبالغة فهو له جانب نحوي‪.‬‬

‫لذا كان عنوان البحث التركيب اإلسنادي في بنية الجملة عند ابن المقفع دراسة تطبيقية‬

‫ويسعى هذا البحث إلى إبراز العالقة الموجودة بين طريقة بناء الجملة وتركيبها اإلسنادي‪،‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫من حيث الدالالت المتولدة عنها‪ ،‬والهدف من هذا العمل هو وصف نظام وقرينة لغوية‬

‫معينة في وثيقة فكرية أدبية الستخالص الخصائص اللغوية المميزة للجملة‪ ،‬فبماذا تميز‬

‫أسلوب ابنالمقفع وكيف تتركب الجملة بأنواعها عنده؟‬

‫جاء هذا البحث في مقدمة وتمهيد وفصلين وخاتمة وملحق عن ابن المقفع‪.‬‬

‫تناولنا في الفصل األول الذي عنوانه التركيب اإلسنادي ماهية اإلسناد األحكام المعلقة بهو‬

‫أن واع اإلسناد وأغراض ذكر المسند والمسند إليه والتقديم والتأخير في الجملة اإلسمية والفعلية‪،‬‬

‫أما في الفصل الثاني الذي عنوانه اإلسناد في الجملة اإلسمية والفعلية في األدب الكبير إلبن‬

‫المقفع فتناولنا فيه خصائص التركيب في الجملة اإلسمية البسيطة والمركبة ‪ ،‬واإلسناد في‬

‫الجملة اإلسمية المنسوخة وخصائص التراكيب فيها‪ ،‬واإلسناد في الجملة الفعلية البسيطة‬

‫والمركبة ‪.‬‬

‫إعتمدت في دراستي على المنهج الوصفي التحليلي الوظيفي الذي يصف المادة اللغوية‬

‫ويحللها إلى عناصرها المكونة‪ ،‬ويحدد وظائفها النحوية وجنحت في أثناء ذلك إلى التفسير‬

‫والتعليل في حدود اإلمكان وفي ضوء هذا المنهج ربطت التركيب والداللة ألن الجمع بينهما‬

‫يؤدي إلى استكشاف خصوصية التعبير عند الكاتب‪.‬‬

‫أما النص الذي إعتمدته في هذا البحث هو « األدب الكبير البن المقفع»‪ ،‬وقد إعتمدت في‬

‫هذه الدراسة على مجموعة من المصادر والمراجع أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬فاضل صالح السامرائي‪ ،‬الجملة العربية تأليفها وأقسامها‪.‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫‪ -‬حسن خميس الملخ‪ ،‬التفكير العلمي في النحو العربي ‪.‬‬

‫‪ -‬سناء حميد البياتي‪ ،‬قواعد النحو العربي في ضوء نظرية النظم‪.‬‬

‫‪ -‬ابن المقفع األدب الكبير‬

‫‪ -‬عبد القاهر الجرجاني دالئل اإلعجاز‬

‫‪ -‬عبد العزيز عتيق علم المعاني‪.‬‬

‫وقد واجهتني بعض الصعوبات أشدها مشقة الحصول على بعض الكتب األمهات احتياج‬

‫البحث إلى اإللمام بكل ما يتعلق بمصطلح اإلسناد ومتعلقاته ‪ ،‬وال يسعني في الختام إال أن‬

‫أتقدم بجزيل الشكر إلى أستاذي المشرف « رابح بوشعشوعة» الذي يسر لي الكثير من‬

‫الصعوبات التي ال يقدر مجاوزتها الباحث الناشئ‪ ،‬وتحمل تقصيري وهفواتي وجزاه هللا على‬

‫كل خير‪.‬‬

‫ج‬
‫تمهيد‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إن التركيب اإلسنادي لدى النحاة مرتكز مهم في تناولهم للجملة‪ ،‬باعتبار أهمية اإلسناد‬

‫القصوى‪ ،‬التي منها ينطلق الدرس وبها تتحقق الفائدة ويحصل المراد‪ ،‬فقد نال اإلسناد حظوة‬

‫كبيرة عند علماء اللغة‪ ،‬من النحاة والبالغيين‪ ،‬وما تتضمنه كتب النحو والبالغة والتفسير‪،‬‬

‫من إشارات عميقة ودراسات ذوقية علمية‪.‬‬

‫«فاإلسناد هو جوهر اللغة‪ ،‬ألنه ال تقوم جملة إال عليه‪ ،‬وال يتألف مبنى وال يستقيم معنى‪،‬‬

‫دون مراعاة العالقات اإلسناديةبين طرفي اإلسناد »‪،1‬وقد تحدثت الكتب النحوية عن اإلسناد‬

‫ومن ذلك ما ورد في كتاب سيبويه‪ ،‬وكبار النحاة من بعده‪ ،‬وكذلك ما تمخضت عنه تأمالت‬

‫عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬وما أنتجته تقنيات السكاكي‪ ،‬ومالحظات القزويني واستنتاجات‬

‫التفتازاني‪.‬‬

‫أما اإلسناد في اصطالحات النحاة‪«:‬هو عبارة عن ضم إحدى الكلمتين إلى األخرى على‬

‫‪2‬‬
‫وجه اإلفادة التامة‪ ،‬أي على وجه يحسن السكوت عليه» ‪.‬‬

‫فاإلسناد إذن هو عملية ذهنية‪ ،‬وهو رباط معنوي يربط بين المسند والمسند إليه‪ .‬وليس في‬

‫العربية لفظ خاص باإلسناد يدل عليه وانما األمر مرتبط في النحو العربي بنظام القرائن‬

‫باعتبار أن اإلسناد من بين القرائن المعنوية األساسية الكبرى التي يقوم عليها النحو عند‬

‫العرب‪.‬‬

‫‪-1‬الجرجاني‪:‬التعريفات‪،‬دار الفكر بيروت‪،‬لبنان‪ ،‬ط‪8،8991‬م‪،‬ص‪. 32 :‬‬


‫‪-2‬المصدر نفسه‪ ،‬ن ص‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫تمهيد‬

‫فاإلسناد بصفة عامة هو عملية ذهنية ينجزها ذهن المتكلم عندما يدرك عالقة معينة بين‬

‫شيئين يريد التعبير عنهما فيتم في الذهن الربط بينهما فالجملة التامة التي تعبر عن أبسط‬

‫الصور الذهنية في الجملة التي يصح السكوت عليها وتتألف من ثالثة عناصر أساسية هي‪:‬‬

‫‪-8‬المسند إليه‪ :‬المتحدث عنه‪.‬‬

‫‪-3‬المسند‪ :‬فهو يبنى على المسند إليه‪.‬‬

‫‪-2‬اإلسناد‪ :‬وهو المعنى المدرك‪.‬‬

‫فلإلس ناد أهمية كبيرة في النحو و النظم‪ ،‬وال يتمكن المتكلم من تأليف أية جملة ما لم تبنى‬

‫على اإلسناد‪ ،‬فاإلسناد أعم من اإلخبار‪،‬إذا كان يقع على اإلستفهام واألمر وغيرهما وليس‬

‫اإلخبار كذلك‪ ،‬بل هو مخصوص بما صح أن يقابل بالتصديق والتكذيب‪ ،‬فكل إخبار إسناد‬

‫وليس كل إسناد إخبار‪ ،‬ولذلك كان لفظ اإلسناد اليفيد بما يحتمل للصدق والكذب بل منه ما‬

‫يحتملهما وماال يحتملهما‪.‬‬

‫أما فيما يخص مصطلحي البنية والجملة‪« ،‬فالبنية كلمة واسعة فضفاضة ال تكاد تعني شيئا‬

‫ألنها تعني كل شيء‪ ،‬ويفيد ذلك أنها اقتحمت معظم العلوم وقد أفضى هذا التنوع الداللي‬

‫‪1‬‬
‫إلى وجود تعريفات كثيرة لها» ‪.‬‬

‫فانطلقت بعض التعريفات من مفهوم النظام‪ ،‬وبعضهم أنها مجموعة من العالقات التي تربط‬

‫بين عناصر الجملة‪ ،‬وبعضهم يعرف البنية على أنها مادة تحويلية أي عناصرها تخضع‬

‫للتغيير بالتقديم والتأخير‪.‬‬

‫‪-1‬محمد كراكبي‪،‬بنية الجملة في األدب الكبير‪،‬جامعة عنابة‪8911-8041،‬م‪،‬ص‪.88‬‬


‫‪5‬‬
‫تمهيد‬

‫أما عن الجملة التي هي محل الدراسة والتي تتكئ عليها كل القوانين النحوية والبالغية والتي‬

‫هي نقطة اإلنطالق والتغيير‪«،‬فقد تعددت اآلراء النحوية العربية القديمة في تحديد مفهوم‬

‫الجملة وأهمها‪:‬‬

‫‪-8‬ارتبط مفهوم الجملة بالكالم ومن القائلين بذلك(سيبويه والمبرد وابن فارس‪ ،‬وابن سنان‬

‫الخفاجي‪ ،‬وعبد القاهر الجرجاني‪،‬وابن مالك‪...‬وغيرهم)‬

‫‪-3‬عدم التسوية بين الكالم والجملة أي أن الكالم ال يراد في الجملة ومن القائلين بذلك(ابن‬

‫هشام‪،‬السيوطي)»‪. 1‬‬

‫وتفيد هذه اإلختالفات اضطراب النحاة في تحديد الجملة ويحاول البحث العربي الحديث‬

‫توضيحها‪.‬‬

‫فالتركيب اإلسنادي وبنية الجملة مصطلحان متداخالن‪ ،‬فاإلسناد يحدثداخل الجملة‪«،‬وتورد‬

‫المصادر والمراجع القديمة والمحدثة لفظا ظاه ار للغة اإلسناد قديما كان يطلق عليه البناء‬

‫والتفريغ والشغل وهي تدل على معنى واحد‪ ،‬ولذلك أمثلة في (الكتاب) إذ عبر سيبويه في‬

‫الكتاب بقوله‪:‬شغل به الفعل‪،‬وقوله‪:‬فرغ له‪ ،‬وبنى له‪ ،‬وأسند له»‪.2‬‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.83‬‬


‫‪-2‬سيبويه‪:‬الكتاب‪،‬تحقيق محمد عبد السالم هارون‪،‬دار الجيل‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬ط‪(،8‬د‪،‬ت) ج‪،8‬ص‪.22‬‬
‫‪6‬‬
‫‪‬الفصل األول‪ :‬التركيب اإلسنادي ‪.‬‬

‫تعريف اإلسناد لغةواصطالحا ‪.‬‬

‫العالقة اإلسنادية ‪.‬‬

‫تعريف المسند والمسند إليه ‪.‬‬

‫األحكام المتعلقة بالمسند والمسند إليه ‪.‬‬

‫أنواع اإلسناد ‪.‬‬

‫اإلسناد التام واإلسناد الناقص ‪.‬‬

‫اإلسناد المعنوي واإلسناد الحقيقي ‪.‬‬

‫اإلسناد بين المجاز والحقيقة ‪.‬‬

‫العمدة والفضلة ‪.‬‬

‫الجملة الكبرى والجملة الصغرى ‪.‬‬

‫مواضع المسند والمسند إليه في الجملة اإلسمية ‪.‬‬

‫مواضع المسند والمسند إليه في الجملة الفعلية ‪.‬‬

‫أغراض ذكر المسند ‪.‬‬

‫أغراض ذكر المسند إليه ‪.‬‬

‫التقديم والتأخير في الجملة اإلسمية ‪.‬‬

‫التقديم والتأخير في الجملة الفعلية ‪.‬‬


‫الفصل األول‬
‫التركيب اإلسنادي‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‪ :‬التركيب اإلسنادي‬

‫‪ .1‬تعريف اإلسناد‪:‬‬
‫أوال‪ :‬لغةواصطالحا‬
‫«‬

‫سنديسند‪،‬سندافهوساندوالمفعولمسنودسندالشيءدعمهوجعللهعمدايعتمدعليهسندمبنىمتصدعا‪،‬كادال‬

‫عمودأنيقعفسندته‬

‫سند إلى الحائط‪ ،‬إعتمد عليه وأتكئ‪ ،‬ركن إليه أحس بالتعب فسند إلى شجرة‬

‫أسند ظهره إلى الجدار‪ ،‬أسند السلم إلى الحائط‬

‫أسند الحديث إلى قائله رفعه نسبة إليه‪ ،‬حديث مسند إلى أحد الصحابة‪ ،‬فإسناد جمع أسانيد‬

‫نسبة الحديث إلى رواده أو رفع الحديث إلى قائله‬

‫أما نحويا ضم كلمة إلى أخرى على وجه يفيد معنا تاما كإسناد الخبر إلى المبتدأ‪ ،‬والفعل‬

‫‪1‬‬
‫إلى الفاعل‪».‬‬

‫في معجم المنجد‪ «:‬إسناد في النحو إيقاع نسبة تامة بين كلمتين كنسبة الخبر إلى المبتدأ في‬

‫نحو" العلم مفيد"‪ ،‬والفعل إلى الفاعل في نحو "نام الولد" »‪.2‬‬

‫فاإلسناد إذن هو ضم شيء إلى شيء آخر ونسبته إليه كضم الفعل إلى فاعله ‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد المختار عمر‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المجلد الثاني‪ ،‬ط‪ ،8‬ص‬
‫‪.8881‬‬
‫‪-2‬لويس معلوف المنجد في اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬دار المشرق بيروت‪ ،‬تحرير أنطوان نعمه وعصام‬
‫مدور ولويس عجيل ومتري شماس‪ ،‬ط‪ ،3444 ،8‬ص ‪.141‬‬
‫‪9‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪ :‬في اصطالح النحويين‪:‬‬


‫« هو ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى‪ ،‬بحيث يفيد الحكم وهو نقطة االرتكاز بأن‬

‫مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم األخرى أو منفي عنه »‪1‬وارتفاعنسبة تامة بين كلمتين لوجود‬

‫عالقة تبين تعلق إحداهما باألخرى‪.‬‬

‫فاإلسناد إذن عند النحاة هو عبارة عن عملية ذهنية تربط بين طرفين هما المسند والمسند‬

‫إليه‪ ،‬والبد من تواجدهما ليكمال بعضهما البعض ‪.‬‬

‫‪ .2‬العالقة اإلسنادية‪:‬‬
‫عالقة اإلسناد هي المكون األساسي للجملة أو الوحدة اإلسنادية وهيالنسبة‪ ،‬كما عرفها "‬

‫الشريف الجرجاني" « هي إيقاع التعليق بين الشيئينأي بين اللفظين المكونين للتركيب‬

‫اإلسنادي‪ ،‬كنسبة الخبر إلى المبتدأ وكنسبة الفعل إلى مرفوعه‪ ،‬ذلك أن التعليق قد يكون بين‬

‫اسم واسم أو فعل واسم وقد يكون اإلسناد الخبري بين وحدتين إسناديتينوذلك بضم إحداهما‬

‫إلى األخرى نحو‪ :‬قوله تعالى‪َ (:‬والَّ ِذي َخ ُبثََال َي ْخ ُر ُجِإَّال َن ِك ًدا ) األعراف ‪ .85‬حيث كال من المسند‬

‫‪2‬‬
‫والمسند إليه هو وحدة إسنادية »‪.‬‬

‫‪ -1‬رابح بومعزة مجلة العلوم اإلنسانية جامعة محمد خيضر يسكرة‪ .‬ط‪ ،3442 ،8‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -2‬المصدر نفسه ص ‪.81‬‬
‫‪10‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫فالعالقة اإلسنادية تكون إنطالقا من التركيب اإلسنادي الذي تبنى الجملة أو الوحدة‬

‫اإلسنادية‪ ،‬ليس مطلق التركيب‪ ،‬بل تركيب الكلمة مع الكلمة إذا كان إلحداهما تعلق باألخرى‬

‫على السبيل التي يحسن موقع الخبر‪.‬‬

‫إ ن الجملة تتألف من مسند ومسند إليه بحقيقتهما النحوية وهما الفعل والفاعل والمبتدأ‬

‫والخبر‪ ،‬إذن فالجملة تتكون من ركنين أساسيين هما المسند والمسند إليه وهما عمدتا الكالم‬

‫« واليمكن أن تتألف الجملة من غير مسند ومسند إليه كما يرى النحاة وهما المبتدأ والخبر‬

‫‪1‬‬
‫وما أصله مبتدأ أو خبر والفعل والفاعل ونائبه‪ ،‬ويلحق بالفعل اسم الفعل »‪.‬‬

‫فالجملة في العربية تنقسم إلى اسمية مسند إليه ومسند‪ ،‬وجملة فعلية مسند ومسند إليه‪،‬‬

‫فالمسند والمسند إليه هما المركبان األساسيان في الجملة وال يستغني أحدهما عن األخر واذا‬

‫حدث إختل المعنى وسنعرض ركنا الجملة كال علىحدى ‪.‬‬

‫‪ .3‬تعريف المسند واالمسند إليه‬


‫أوال‪ « :‬المسند إليه‪ :‬هو المتحدث عنه أو المحدث عنه بتعبير سيبويه وال يكون إال اسما وهو‬

‫المبتدأ الذي له خبر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسند‪ :‬هو المتحدث به أو المحدث به‪ .‬ويكون فعال واسما فالفعل هو مسند على‬

‫وجه الدوام وال يك ون إال كذلك والمسند من األسماء هو خبر المبتدأ وما أصله ذلك والمبدأ‬

‫‪-1‬فاضل صالح السامرائي‪ :‬الجملة العربية تأليفها وأقسامها‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪3441 .8‬م ص‪.30 :‬‬
‫‪11‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الذي له مرفوع أغنى عن الخبر نحو‪ :‬أقائم الرجالن ف "قائم" مسند و "الرجالن" مسند إليه‬

‫‪1‬‬
‫وأسماء األفعال » ‪.‬‬

‫فاإلسم يصلح أن يكون مسند ومسند إليه والفعل يكون مسند ال مسند إليه‪.‬‬

‫ذكر المسند والمسند إليه عند النحاة‪:‬‬


‫ذكر النحاة المسند والمسند إليه في بداية الحكم في النحو‪ ،‬فقد ذكرهما سيبويه وعقد لهما بابا‬

‫» باب المسند والمسند إليه وهما ما يستغني واحد منهما عن األخر وال يجد المتكلم منه‬

‫بدا«‪ 2‬وقد بين سيبويه بقوله " وال يجد فيه المتكلم بدا " أن الكالم البدا أن يتألف منهما‪.‬‬

‫وذكرهما الفراء في معانيالقرآنفقال« ضقت به ذرعا فلما جعلت للضيق مسندا إليك "ضقت"‬

‫‪3‬‬
‫جاء الذرع مفس ار له ألن الضيق فيه» ‪.‬‬

‫في هذا المثال " ضقت به ذرعا" أسند الضيق إلى الذي مل منه ويريد أن يحاشيه فقال‬

‫ضقت به ذرعا بضمير الغائب مخاطبا إياه به‪.‬‬

‫كما نجد الفراء ذكر مصطلحي الفضلة والعمدة وأنه « ال يمكن أن يتألف كالم من دون‬

‫عمدة مذكورة أو مقدرة‪ ،‬في حين يمكن أنه يتألف من فضلة نقول‪" :‬محمد قائم"‪"،‬سافر خالد"‬

‫‪-1‬المصدر نفسه ص‪.30:‬‬


‫‪-2‬المصدر نفسه ص ‪.30‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ص‬
‫‪12‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫وجاء في شرح الكافية" الكالم ما تضمن كلمتين باإلسناد وال يتأتى ذلك إال في اسمين أوفي‬

‫‪1‬‬
‫فعل و اسم‪. » "....‬‬

‫وجاء فيه أيضا «فاإلسمان يكونان كالما لكون أحدهما مسندا واآلخر مسند إليه وكذا اإلسم‬

‫مع الفعل لكون الفعل مسندا واإلسم مسندا إليه واإلسم مع الحرف ال يكون كالما لو جعلت‬

‫اإلسم مسندا فال مسند إليه ولو جعلته مسندا إليه فال مسند‪ ،‬وأما الحرف مع الحرف فال‬

‫مسندا فيهما وال مسندا إليه فظهر بهذا المعنى في قوله وال يتأتى أي ال يتيسر اإلسناد إال في‬

‫إسمين أو فعل و إسم‪. »2‬‬

‫وجاء في دالئل اإلعجاز‪ ،‬أنه ال يكون من جزء واحد أنه ال بد من مسند ومسند إليه‬

‫«‪...‬وجملة األمر أنه ال يكون كالم من حرف وفعل أصال وال من حرف واسم إال في النداء‬

‫نحو ‪ :‬ياعبد هللا‪ ،‬وذلك أيضا إذا حقق األمر كان كالما بتقدير الفعل المضمر الذي هو‬

‫‪3‬‬
‫اعني وأريد وأدعو (يا) دليل عليه وعلى قيام معناه في النفس‪. »...‬‬

‫فالمسند هو الحكم والمسند إليه هو المحكوم عليه‪ ،‬فلكل نوع من أنواع المسند خصوصياته‬

‫وأغراضه‪ .‬فالمسند إليه هو الذي يعتمد عليه الفعل وشبهه فاعال أم نائبا‪ ،‬أم غيرهما‪ .‬فلذكر‬

‫المسند أغراض ولحذفها أغراض أخرى ومما سبق نستخلص‪:‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪32‬‬


‫‪ -2‬عبد القهار الجرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬تحقيق دار المعرفة‪ ،‬بيروت ‪ 8913‬م ص ‪.12‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ص ‪.12‬‬
‫‪13‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .4‬األحكام المتعلقة بالمسند والمسند إليه‬


‫أن الجملة تتألف من ركنين أساسيين هما المسند والمسند إليه وهما عمدة الكالم وال تتألف‬

‫من غير ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬ما زاد عن المسند والمسند إليه فهو فضلة عند المضاف إليه فيمكن أن يلتحق بالعمدة‬

‫أو أن يلتحق بالفضلة بحسب موقعه في اإلضافة‪.‬‬

‫‪ -2‬ليس الفضلة أنه يمكن االستغناء عنها من حيث المعنى أو من حيث الذكر بل‬

‫المقصود أنه يمكن أن يتألف الكالم من دونها‪.‬‬

‫‪ -3‬أن المسند إليه ال يكون إال إسما‪.‬‬

‫‪ -4‬يمكن أن يكون االسم مسندا إليه ويمكن أن يكون مسندا أيضا وأما الفعل فهو مسند‬

‫دائما وأما الحرف فال يكون طرفا في اإلسناد‪.‬‬

‫‪ -8‬ال تتألف جملة من فعل وفعل وال من حرف مع حرف أو من حرف مع اسم أو من‬

‫حرف مع فعل‪.‬‬

‫‪.5‬أنواع اإلسناد‪:‬‬
‫أ‪-‬اإلسناد التام واإلسناد الناقص‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اإلسناد التام‪:‬‬
‫« وهو ما اشتمل على طرفي اإلسناد مذكورين أو مقدرين أو مذكو ار أحدهما واألخر مقدر‬

‫ون" ( سورة الذاريات‪ ،‬اآلية ‪.1»)28‬‬


‫قال َسالم قَ ْوم ُم ْن َك ُر َ‬
‫نحو‪:‬قوله تعالى‪":‬فَقالُوا َسالما َ‬

‫‪ -1‬فاضل صالح السامرائي‪،‬الجملة العربية تأليفها وأقسامها‪ ،‬دار الفكر‪،‬األردن‪ ،‬ط‪ 8،3441‬م‪ ،‬ص‪31 :‬‬
‫‪14‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫سالما‪:‬إسناد تام حذف منه المسند والتقدير "سالم عليكم"‪.‬‬

‫قوم‪:‬إسناد تام حذف منه المسند إليه والتقدير أنتم قوم‪.‬‬

‫فاإلسناد التام سواء كان طرفا اإلسناد مذكورين نحو‪ :‬الحق واضح أو غير مذكورين في‬

‫الجملة(مقدرين)فالمسند والمسند إليه موجودين في الجملة سواء أكان مقدرين أو مذكورين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلسناد الناقص‪:‬‬


‫« وهو ماذكر فيه أحد الطرفين من دون ذكر الطرف األخر ال لفظا وال تقدي ار »‪ 1‬نحو‪:‬‬

‫إكمال الوصف الرفع ال لكونه مسندا بل لكونه وصفا نحو"رأيت المنطلق أخوه"‪ ،‬فأخوه مسند‬

‫إليه السم الفاعل وليس له مسند‪،‬فالمنطلق فضلة وهو مفعول به فهذا اإلسناد ناقص إذ ذكر‬

‫المسند إليه وليس له مسند‪.‬‬

‫مثال أخر‪ :‬قوله تعالى‪ ":‬الهية قلوبهم "( سورةاألنبياء‪ ،‬اآلية‪ )33 :‬فقلوبهم فاعل السم الفاعل‬

‫الواقع حاال وهو مسند إليه و ليس له مسند أل ن الرافع له فضلة و ليس عمدة فهذا إسناد‬

‫ناقص‪.‬‬

‫فاإلسناد الناقص عكس اإلسناد التام‪.‬‬

‫نستنج من هذين القسمين أن اإلسناد هو عملية ذهنية تقوم على تفكير يسبق على النطق‬

‫بالجملة‪ ،‬فالمسند هو عمدة الجملة‪.‬‬

‫فاإلسناد التام واإلسناد الناقص الخالف فيهما لفظي‪،‬ألنه مجرد اقتراح لفاضل صالح‬

‫السامرائي‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ن ص‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫ب‪-‬اإلسناد اللفظي واإلسناد المعنوي‪:‬‬

‫أوال‪:‬اإلسناد المعنوي‪:‬‬
‫« هو أن تنتسب للكلمة ما لمعناها نحو‪ :‬حضر أخوك‪،‬و خالد مسافر و معنى ذلك انك‬

‫تنسب الحضور في األولى للشخص الذي هو أخوك ال للفظ و تنسب السفر للشخص‬

‫المسمى بخالد و ليس للفظ‪ ،‬وهذا اإلسناد هو اإلسناد الشائع في اللغة و إذا أطلق فإنما يراد‬

‫هذا النوع من اإلسناد»‪ 1‬فاإلسناد المعنوي تنسب معنى المسند للمسند إليه‪ ،‬أي تنسب المعنى‬

‫للمعنى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلسناد اللفظي‪:‬‬


‫« هو أن ينسب الحكم إلى اللفظ نحو‪:‬زعموا مطية الكذب‪ ،‬أي لفظ مطية الكذب‪ ،‬ومنه‬

‫حديث الصحيحين" ال حول والقوة إال باهلل كنز من كنوز الجنة" أي لفظ كنز من كنوز الجنة‬

‫أي كالكنز في نفاسته ف" زعموا" في الجملة األولى مبتدأ و" مطية" خبر‪،‬و" الحول والقوة إال‬

‫‪2‬‬
‫باهلل " مبتدأ و "كنز" خبر» ‪.‬‬

‫فاإلسناد اللفظي تخبر بالخبر عن المبتدأ و المخبر عنه‪ ،‬أي هناك لفظ (مبتدأ) البد من أن‬

‫نوضح مدلوله من خالل الخبر يلفظ بمسمى معين فاإلسناد المعنوي هو األصل ألن اإلسناد‬

‫فيه يكون لمعنى الكلمة‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.24 :‬‬


‫‪-2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 24:‬‬
‫‪16‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪.6‬اإلسناد بين المجاز و الحقيقة‪:‬‬


‫« في جملة "حضر زيد" اسند الحضور إلى زيد وزيد يمكن أن يتصف بالحضور فيحضر‪،‬‬

‫فاإلسناد على الحقيقة‪ .‬ولو قلنا( ما حضر زيد) فزيد اسند إليه عدم الحضور ال الحضور‪،‬‬

‫فعدم إسناد الحضور الحقيقي إلى زيد أمر ممكن »‪ ،1‬و لو قلنا( ولد الهدى) فإن الهدى ال‬

‫يولد‪ ،‬إذ الوال دة من صفات األحياء‪،‬فاإلسناد غير حقيقي‪،‬لهذا ال يشترط النحاة في اإلسناد‬

‫الحقيقي بل يشترطون العالقة الشكلية اللفظية بين مسند إليه‪،‬ومعنى يتصف به هذا المسند‬

‫إليه اتصافا نحويا يمكن أن يطابق الواقع و يمكن أن يخالفه « فاإلسناد لفظي شكلي قد‬

‫يكون حقيقة و قد يكون مجا از »‪.2‬‬

‫« نحو"مات زيد" لو عاملت المعنى لوجب أن تقول(مات زيدا) ألن هللا تعالى هو الذي أماته‬

‫و لكنك عاملت اللفظ‪.‬‬

‫فالمعاني تنقسم إلى أصول و فروع‪ ،‬فاألصول هي التي تتحدد بداللة اللفظ ليس إال »‪.3‬‬

‫فاإلسناد الحقيقي هو ما اسند الفعل للفاعل النحوي‪ ،‬وكان مدلول ذلك الفاعل هو الفاعل‬

‫الحقيقي‪،‬فاإلسناد هنا يكون حقيقي‪،‬واإلسناد المجازي يعنى به البالغيون‪.‬‬

‫‪-1‬حسن خميس الملخ‪ ،‬التفكير العلمي في النحو العربي‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪، 8‬‬
‫‪ 3444‬م‪ ،‬ص‪. 821:‬‬
‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 821 :‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 821 :‬‬
‫‪17‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫لإلسناد في اللغة العربية طريقتين يتحقق من خاللهما هما‪:‬الجملة اإلسمية و الجملة الفعلية‪،‬‬

‫و هذا يدخل في باب ما تتيحه العربية للمتكلم في التعبير عن المعني الواحد بأشكال‬

‫متعددة‪،‬و في كل جملة سواء أكانت فعلية أو اسمية نجد فضلة و عمدة‪.‬‬

‫‪.7‬الفضلة و العمدة‪:‬‬
‫أوال‪«:‬العمدة‪ :‬يسمى النحاة جذر الجملة( المسند والمسند إليه) بالعمد و ذلك أن فكرة الجملة‬

‫مهما تعددت عناصرها تعتمد عليه‪ ،‬فهو ما يترتب على األخذ بمفهوم حروف الجذر من‬

‫ضرورة الوجود بالقوة أو بالفعل »‪.1‬‬

‫فالعمدة هي أساس الجملة‪،‬وان الجملة مهما كثرت مكوناتها فإنها تعتمد بالدرجة األولى على‬

‫العمدة‪ ،‬ففي الوحدة اإلسنادية أو التركيب اإلسنادي نجد المسند والمسند إليه هما العمدة و‬

‫بهما يتم المعنى‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الفضلة‪ «:‬هي ما زاد في الجملة على المسند و المسند إليه‪ ،‬و الفضلة هي تسمية غير‬

‫بعيدة عن مفهوم أحرف الزيادة‪،‬فالفضلة هي عناصر الزيادة في التركيب النحوي فال يقال في‬

‫إعراب على سبيل المثال جملة‪:‬حضر زيد أن فيها عناصر محذوفة هي المفعول المطلق و‬

‫الحال و النعت‪...‬الخ‪،‬فالفضلة تشير إلى غير المقدر في البنية النحوية اإلعرابية للكلمة‪ ،‬و‬

‫ليس صحيحا أنها فضلة في المعنى‪،‬بل يمكن أن تكون الفضلة العنصر األهم في تحديد‬

‫‪-1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 829:‬‬


‫‪18‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫(النساء‪» )43‬‬ ‫الص َالةَ َوأ َْنتُم ْْ ُس َك َارى"‬


‫معنى الجملة نحو‪:‬جملة الحال في قوله تعالى " َال تَ ْق َرُبوا َّ‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬‬

‫فعناصر الفضلة يمكن أن تكون توضيحا هاما لعناصر العمدة‪ ،‬ونجد حاالت أخرى يمكن أن‬

‫تكون العمدة كافية شارحة لمعناها دون الفضلة وهنا في هذه الحالة الفضلة مجرد عناصر‬

‫زائدة على مستوى التركيب‪.‬‬

‫إن النحاة في تناولهم لطبيعة الجملة وتحديد أنواعها ووظائفها النحوية وبيان مواقعها من‬

‫ناحية اإلعراب‪ ،‬إختلفوا‪،‬وكل فئة منهم أخذت مسلك تنحو منحاه‪،‬فمثال نجد الجملة بسيطة‬

‫ومركبة‪ ،‬ونجد ابن هشام األنصاري قسمها إلى قسمين‪ ،‬جملة كبرى وجملة صغرى‪،‬وفيما يلي‬

‫شرح لهذين القسمين‪.‬‬

‫‪ .8‬الجملة الصغرى والجملة الكبرى‬


‫أوال‪ :‬الجملة الصغرى‪ «:‬وهي ما احتوت على مسند واحد‪ ،‬و تم به المعنى سواء أكان المسند‬

‫فعال‪:‬نحو‪:‬سافر زيد‪،‬أم إ سما نحو‪:‬زيد كريم ‪،‬أم ظرفا نحو زيد في الدار‪ ،‬و سواء أتم المعنى‬

‫باإلسناد وحده كما في األمثلة السابقة‪ ،‬أم تعلقت باإلسناد كلمات تكمل المعنى‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫كتبزيدرسالةمؤثرةإلىصديقه‪،‬فمادامفيالجملةمسندواحدفالفكرةبسيطةوالمسندبسيطوالجملةصغرى» ‪.‬‬

‫فالجملة الصغرى هي م ا احتوت على مسند واحد تعبر عن حدث بسيط وقع في زمن‬

‫معين‪،‬وسواء قد كان المعنى قد تم باإلسناد وحده دون المتممات أم بالمتممات‪ ،‬فتبقى الجملة‬

‫الصغرى ذات مسند واحد‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ن ص‪.‬‬


‫‪19‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪:‬الجملة الكبرى‪«:‬هي الجملة التي تحتوي على إسنادين فأكثر يتم بها جميعا التعبير عن‬

‫الفكرة»‪.1‬‬

‫و الجملة الكبرى بدورها نوعان‪:‬‬

‫أ‪ :-/‬الجملة المركبة‪ «:‬وهي ماكان فيها مركب إسنادي واقع موقع المفرد ويؤدي في الجملة‬

‫معنى من معاني النحو ‪،‬سواء أكان هذا المركب هو المسند أم غير المسند‪ ،‬والبد من وجود‬

‫رابط يربط المركب اإلسنادي الواقع موقع المفرد بما يتعلق به»‪.2‬‬

‫فالجملة المركبة هي التي يكون فيها المسند(مركبا إسناديا)‪ ،‬نحو‪ :‬زيد كريم أبوه‪،‬وزيد سافر‬

‫أبوه‪ ،‬وزيد في الدار أبوه‪ ،‬فالضمير العائد في الجمل الثالثة يربط المركب اإلسنادي الواقع‬

‫موقع المسند بالمسند إليه المذكور في بداية الجملة‪.‬‬

‫ب‪ :-/‬الجملة المعقدة‪«:‬هي ما إحتوت على أكثر من إسناد يرتبط الالحق بالسابق بواسطة‬

‫أداة تختص بمعنى منالمعاني‪ ،‬كمعنى التعليل الذي تفيده األداة كي حين تربط اإلسناد الواقع‬

‫بعدها بما قبلها و تجعله تعليال لإلسناد السابق»‪.3‬‬

‫نحو‪":‬يصوم المسلم كي ينال رضا هللا"‪ ،‬فنجد هذه الجملة قد بنيت على اإلسناد األولال‬

‫(يصوم المسلم) ثم ارتبط به إسناد ثان (ينال) و أدت األداة "كي" وظيفة الربط فاستخدمت‬

‫هذه األداة لتفيد أن اإلسناد الثاني هو الغاية من اإلسناد األول‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه ص‪.810‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ن ص‪.‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه ص ‪.814‬‬
‫‪20‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪«-‬قدأفرد الجرجاني لهذا النوع من الجمل بابا سماه(باب الفصل و الوصل) ذكر فيه مواضع‬

‫‪1‬‬
‫الوصل و مواضع الفصل التي تحتاج للربط بأدوات الوصل »‬

‫فاألداة التي تقوم بالربط تؤدي وظيفة الوصل و التعليق أو الربط فالجملة الصغرى و الجملة‬

‫الكبرى مصطلحان حديثان أتى بهما ابن هشام األنصاري فهذا التقسيم للجملة الحديث الولدة‬

‫يختلف عن التقسيم القديم و التقليدي للجملة الذي يقتصر على الجملة اإلسمية و الجملة‬

‫الفعلية‪.‬‬

‫إن من أهم خصائص التركيب اإلسنادي أنه ثنائي الشكل والتكوين يتألف من ركنين‬

‫ضروريين هما المسند و المسند إليه اللذين يمثالن وحدة لغوية متماسكة متكاملة في الجملة‬

‫أو الوحدة اإلسنادية سواء أكانت تلك الجملة أو الوحدة اإلسنادية فعلية أم اسمية‪.‬‬

‫‪ .9‬مواضع المسند إليه والمسند في الجملة االسمية‪:‬‬


‫« إن مواضع المسند إليه في الجملة االسمية هي‪ :‬المبتدأ و ما أصله مبتدأ كإسم كان‬

‫وأخواتها‪ ،‬واسم كاد و أخوتها‪ ،‬واسم أفعال الشروع واسم إن وأخواتها‪،‬أما ما يكون مسندا‬

‫‪2‬‬
‫في الجملة اإلسمية فهو خبر المبتدأ و أخبارالنواسخ الفعلية و الحرفية»‬

‫‪-1‬البياتي سناء حميد‪ ،‬قواعد النحو العربي في ضوء نظرية النظم‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪3443،‬م‪ ،‬ط‪ ،8‬ص‪. 814 :‬‬
‫‪-2‬رابح بومعزة‪ :‬الحد الدقيق للجملة و الوحدة االسنادية الوظيفية في اللغة العربية‪،‬مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪3442،‬م‪،‬ص ‪2‬‬
‫‪21‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫فالمسند إليه هو المبتدأ و المسند هو الخبر في الجملة االسمية في جميع أحوالها سواء كان‬

‫المسند خبر المبتدأ أو خبر النواسخ الفعلية و الحرفية‪.‬‬

‫‪ .01‬مواضع المسند إليه والمسند في الجملة الفعلية‪:‬‬


‫«مواضع المسند في هذا الصنف من التركيب اإلسناديهي‪:‬الفعل التام واسم الفعل والمصدر‬

‫النائب عن فعل األمر والوصف‪ ،‬والمفعول الثاني لظن وأخواتها‪ ،‬والمفعول الثالث ألرى‬

‫وأخواتها‪.‬‬

‫أما ما يكون مسندا إليه في الجملة الفعلية‪ ،‬فاعل الفعل التام أو شبهه و نائب الفاعل للفعل‬

‫التام أو شبهه‪ ،‬والمفعول الثاني ألرى وأخواتها والمفعول األول لظن وأخواتها»‪.1‬‬

‫فالمسند بهذا الموضع هو الحكم ويكون في الفعل أو الخبر أو مايقوم مقامهما‪،‬والمسند إليه‬

‫بهذا الموضع يكون المحكوم عليه أو شخصا أو شيئا يقوم بالحكم ويكون في الفاعل أو مبتدأ‬

‫أو ماقام مقامهما‪.‬‬

‫فالمسند والمسند إليه هما ركنا الجملة األساسيان وما زاد عليهما فهي قيود‪ ،‬فهما جزأي‬

‫الجملة اللذان ال يستغنيان عن بعضهما‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ن ص ‪.‬‬


‫‪22‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪1‬‬
‫و فيما يلي مخطط يحدد مواضع المسند و المسند إليه‪:‬‬

‫فاعاللفعاللتام‬
‫المبتدأ‬

‫فاعل شبه الفعل التام‬


‫ما يكون‬

‫نائب فاعل الفعل التام‬ ‫مسند إليه‬

‫ما أصله مبتدأ كأسماء‬


‫المفعول األول لظن وأخواتها‬ ‫النواسخ الفعلية أو‬
‫الحرفية‬
‫المفعول الثاني لرأى وأخواتها‬

‫خبر مبتدأ‬ ‫الفعل التام‬

‫إسم الفعل‬

‫ما يكون‬
‫المصدر النائب عن الفعل‬
‫مسندا‬

‫الوصف‬

‫المفعول الثاني لظن وأخواتها‬


‫خبر النواسخ الفعلية‬
‫‪ -1‬المصدر السابق ص‪ 1 :‬يتصرف‪.‬‬
‫المفعول به الثالث لرأى‬
‫‪23‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫إن المسند كالمسند إليه األصل فيه الذكر‪ ،‬ولهذا يذكر المسند كذلك كالمسند إليه وجوبا‪،‬‬

‫فهما يكمالن بعضهما‪ ،‬فهما كوجهي القطعة النقدية ولحذف المسند في الكالم ال يعدل عنه‬

‫إال لقرينه تستوجب حذفه فلذكر المسند أغراض منها‪:‬‬

‫‪ .00‬أغراض ذكر المسند‬


‫‪«-1‬االحتياط لضعف القرينة وعدم التعويل عليها‪:‬‬

‫نحو قولك‪":‬عنترة أشجع وحاتم أجود" في جواب من قال‪ :‬من أشجع العرب في الجاهلية‬

‫وأكرمهم؟ فلو حذف المسند أجود لفهم أن حاتما يشارك عنترة في الحكم السابق وهو‬

‫‪1‬‬
‫الشجاعة»‪.‬‬

‫فذكر المسند هنا واجب ألن القرينة ضعيفة واليعول عليها في إيضاح المعنى ‪.‬‬

‫‪ «-2‬التعريض بغباوة السامع‪":‬و ذلك مثل قولنا‪:‬سيدنا محمد نبينا" في جواب من قال من‬

‫‪2‬‬
‫نبيكم؟» ‪.‬‬

‫فهنا شيء بديه ي ومعلوم لدى كافة العالمين أن محمد صلى هللا عليه وسلم هو النبي فذكر‬

‫نبينا(مسند إليه) تعريضا للسامع و لو كان ذكيا لم يسال عن نبينا‪ ،‬ألنه اظهر من أن يتوهم‬

‫خفاؤه‪ ،‬و من أجل ذلك يجاب بذكر أجزاء الجملة إعالما بأن مثل هذا السائل غبي ال يكفي‬

‫معه إال التنصيص‪ ،‬لعدم فهمه بالقرائن الواضحة‪.‬‬

‫‪-1‬عبد العزيز عتيق‪:‬علم المعاني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪8912 ،‬م‪ ،‬ص ‪820‬‬
‫‪-2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 822:‬‬
‫‪24‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪«-3‬إفادة أن المسند فعل أو اسم‪:‬فإن كان فعال فهو يدل بأصل وضعه على التجدد‬

‫والحدوث مقيدا بأحد األزمنة الثالثة بطريق اإلختصار وان كان إسما فهو يفيد بأصل وضعه‬

‫كذلك الثبوت من غير داللة على الزمان»‪.1‬‬

‫نحو قولنا‪" :‬إن الخبثاء يخادعون الطيبون وهم بريئون معهم" فيخادعون يفيد تجدد الخداع‬

‫منهم مرة بعد أخرى فهي مقيدة بالزمان‪ ،‬كذكر اآلن‪ ،‬الغد وقولنا‪:‬وهم بريئون يفيد الثبوت من‬

‫غير داللة على الزمان‪.‬‬

‫ففي ذكر المسند أغراض علينا أن نراعيها وهذه األغراض نستنتجها من خالل المقام‪،‬‬

‫وندركها في سياق تعامالتنا‪.‬‬

‫‪«-4‬االهانة‪ :‬وذلك لما يحمله إ سمه و يدل عليه من معنى الحقارة نحو قولك‪ :‬إبليس اللعين‬

‫‪2‬‬
‫هو الذي اخرج آدم من الجنة‪،‬في جواب من سألك من اخرج ادم من الجنة»‬

‫فهنا نذكر المسند إليه بهدف التحقير والتقليل من شأنه وابراز نبذه من خالل إهانته‪.‬‬

‫‪«-5‬االستلذاذ بذكره‪ :‬نحو‪:‬قول الشاعر بشارة الخوري‪:‬‬

‫حيا وقول عباس محمد العقاد‪:‬‬ ‫ا ْلهوى والشبـاب واألمـل ا ْلمنــش****ود تُ ِ‬


‫الشعر ّ‬
‫َ‬ ‫فتبعث‬
‫ُ‬ ‫وحي‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬

‫الحب أن نصعد فوق الذرى**** والحب أن نهبط تحت الثرى‬

‫و الحب أن نؤثر لذاتنا**** و أن نرى أالمنا آث ار»‪.1‬‬

‫‪-1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.822‬‬


‫‪-2‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.822‬يتصرف ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫فذك ار لمسند إليه هنا في كل ما يهواه المرء ويتوقف إليه ويعتز به‪ ،‬ويكون فخو ار إلمتالكه‪.‬‬

‫‪«-6‬التبرك و التيمن بإسمه‪ :‬نحو‪ :‬قولك‪ :‬محمد رسول هللا خير الخلق»‪ ،2‬فنذكر المسند‬

‫إليه محبة فيه فذكر محمد"ص" طلبا لشفاعته‪،‬و اعت از از إلى انتمائنا إلى امة محمد و تبركا و‬

‫تيمنا باسمه العظيم‪.‬‬

‫إن األصل في المسند إليه أن يذكر في الكالم‪ ،‬واليحذف إال إذا كانت هناك قرينة في الكالم‬

‫تستوجب الحذف‪ ،‬ويذكر المسند إليه ألغراض‪.‬‬

‫‪.01‬أغراض ذكر المسند إليه‬


‫كل لفظ يدل على معنى في الكالم‪ ،‬وجد هذا اللفظ لتأدية المعنى المراد به ولهذا يذكر‬

‫المسند إليه وجوبا‪ ،‬ألغراض هي‪:‬‬

‫‪«-1‬القصد إلى زيادة التقرير واإليضاح‪ :‬نحو قول القائل‪ :‬الوطنية الحقة أن تخلص لوطنك‬

‫إخالصك لنفسك‪ ،‬والوطنية الحقة أن تبذل قصارى جهدك فيما تعمل به‪ ،‬و الوطنية الحقة أن‬

‫تلبي نداء ه عن رضا في كل ما يدعوك إليه‪ .‬ذلك ألن عزتك من عزته‪ ،‬و شرفك من شرفه‪،‬‬

‫وسالمتك فيسالمته»‪.3‬‬

‫نجد تكرار لفظ الوطنية الذي هو مسند إليه‪ ،‬لزيادة التقرير واإليضاح وترسيخ المعنى في‬

‫ذهن السامعوتوكيده ‪.‬‬

‫‪-1‬عبد العزيز عتيق‪:‬علم المعاني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪8912 ،‬م‪ ،‬ص ‪ 822‬يتصرف‪.‬‬
‫‪ -2‬المصدر السابق‪ ،‬ن ص بتصرف‪.‬‬
‫‪-3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.823‬‬
‫‪26‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫‪«-2‬اإلعتماد على القرينة لضعف التعويل على السامع‪" :‬نحو‪:‬إذا استدعى أستاذ أحد‬

‫طالبه وكلمه في شأن ما‪ ،‬ثم سأله أحد زمالئه‪:‬ماذا قال لك أستاذنا؟ فمثل هذا السؤال يمكن‬

‫‪1‬‬
‫الجواب عليه يحذف المسند إليه مرة أخرى فيقال أستاذنا قال لي كذا و كذا»‬

‫فذكر المسند إليه هنا لإلحتياط‪ ،‬أل ن فهم السامع من اللفظ اقرب من فهمه من القرينة‪ ،‬و‬

‫عدم الوثوق بنباهة و فطانة السامع‪.‬‬

‫‪«-3‬إظهار تعظيم المسند إليه بذكر إسمه‪ :‬نحو قولك‪ :‬هللا ربي‪ ،‬ومحمد نبي‪،‬و اإلسالم‬

‫ديني في جواب من سالك‪ :‬من ربك؟‪،‬و من نبيك؟ ومادينك؟»‪.2‬‬

‫فالسؤال هنا يكون عن شيء عظيم يتعلق بالمسند إليه‪.‬‬

‫إن الجملة العربية لها أساليب تفرضها ظروف الكالم عليها‪ ،‬وتتنوع هذه األساليب حسب‬

‫الغرض المنشود الذي تريد التعبير عنه‪ ،‬ولها تراكيب تربط عناصرها بحيث تؤدي معنى‬

‫مفيد‪ ،‬حسب الغرض بتقديم وتأخير العناصر‪ ،‬ويعد هذا األخير ظاهرة متعلقة ببنية الجملة‬

‫وموقع المسند والمسند إليه سواء كانت إسمية أو فعلية ‪.‬‬

‫‪-1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ 823‬بتصرف‪.‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه ص ‪ 822‬بتصرف‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫* تعريف التقديم والتأخير‪:‬‬

‫جاء في لسان العرب‪ «:‬التأخير ضد التقديم ومؤخر كل شيء بالتسديد‪ ،‬خالف مقدمه‪،‬يقال‬

‫ضرب مقدم رأسه ومؤخره وأخر العين ومؤخرتها ومؤخرها »‪.1‬‬

‫‪ -‬ورد في معجم الوسيط‪:‬‬

‫« قدم‪ :‬فالن قدما‪ ،‬تقدما وقدما‪ :‬شجع فهو قدوم ومقدام والقوم قدما وقدوما‪ ،‬سبقهم فصار‬

‫امة‪ (...‬سورة هود اآلية‪)85 :‬‬ ‫ِ‬


‫قدامهم في التنزيل العزيز قال تعالى‪َ":‬ي ْق ُدم قَ ْومه َي ْوم ا ْلقَي َ‬

‫قدم على األمر قدوما‪ ،‬أقبل عليه‬

‫أخر‪ :‬تأخر والشيء جعله بعد موضعه والميعاد أجله‪ ،‬تأخر عنه جاء بعده‪ ،‬وتقهقر عنه ولم‬

‫يصل إليه)»‪.2‬‬

‫فالتقديم والتأخير هما ضدان فهما ظاهرة بالغية ونحوية تحدث على النظام النحوي تغيير‬

‫يمس األصل فينزاح إلى فرع‪.‬‬

‫‪.13‬التقديم والتأخير في الجملة االسمية‪:‬‬

‫األصل أن يتقدم المبتدأ (المسند إليه) على الخبر (المسند) هذا في الحالة العادية‪ ،‬وقد يرد‬

‫غير ذلك فيتقدم المسند أي ( الخبر) على المسند إليه ( المبتدأ) وهو ما نطلق عليه الفرع‪.‬‬

‫«األصل في الجملة اإلسمية تقديم المسند إليه (المحكوم عليه) وهو المبتدأ أو ما يتصل به‬

‫وتأخير المسند ( المحكوم به)»‪.1‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪،‬دار صادر‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪ ،8994 ،‬مادة أ‪،‬خ‪ ،‬ر‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪12‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬المكتبة اإلسالمية ‪،‬اسطنبول‪،‬د ط ‪،‬د ت‪ ،‬ج‪،8‬ص‪.1 :‬‬
‫‪28‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫أصل‬ ‫نحو‪ :‬زيد في البادية‬

‫فرع‬ ‫فيالبادية زيد‬

‫في المثال األول فهو األصل في الترتيب أي المسند إليه (في البادية) ثم يليه المسند‬

‫( زيد ) ‪.‬‬

‫أما المثال الثاني فهو انحراف للنظام النحوي من حيث الترتيب فتقدم المسند وتأخر المسند‬

‫إليه وهذا ما يسمى التقديم والتأخير‪.‬‬

‫أ‪ -‬تقديم المبتدأ على الخبر‪:‬‬

‫‪«-‬يتقدم المبتدأ على الخبر في عدة مواضع هي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون المبتدأ اسما مستحقا للصدارة في الجملة كأسماء االستفهام والشرط و"ما"‬

‫التعجبية وكذلك أن تتصل به "الم" االبتداء مثل‪( :‬للمجد ناجح)‬

‫‪ -‬أن يكون الخبر جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ مثل ( زيد ينظم)‬

‫‪ -‬أن يكون المبتدأ أو الخبر متساويان في رتبة التعريف والتكبير مثل (أخي صديقي)‬

‫‪ -‬أن يكون المبتدأ محصو ار في لخبر مثل (إنما محمد رسول)»‪.2‬‬

‫ب ـ تقديم الخبر على المبتدأ‪:‬‬

‫‪ -1‬الميداني‪ ،‬البالغة العربية‪ ،‬أسسها وعلومها وفنونها‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪،‬ط‪ 8991 ،8‬م‪،‬‬
‫ص‪.224:‬‬
‫‪ -2‬عبده الراجحي ‪ ،‬التطبيق النحوي ‪ ،‬دار المعرفة اإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،8991 ،3‬ص‪ 824‬وينظر السيوطي‪،‬‬
‫همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ‪ ،‬تحقيق عبد الحميد هنداوي‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪،‬‬
‫ج ‪ ،8‬ص ‪.22،21‬‬
‫‪29‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫يتقدم الخبر (المسند) على المبتدأ (المسند إليه) في عدة مواضع هي‪:‬‬

‫‪ «-‬أن يكون الخبر من األلفاظ التي تستحق الصدارة كأسماء االستفهام مثل (أين بيتك)‬

‫‪ -‬أن يكون الخبر محصو ار في المبتدأ مثل‪ :‬ما ناجح إال المجد‬

‫‪ -‬أن يكون المبتدأ نكرة محضة وفي هذه الحالة البد أن يكون الخبر جملة أو شبه جملة‬

‫مثل ( في الفصل طالب )‬

‫‪ -‬أن يكون في المبتدأ ضمير يرجع إلى الخبر مثل‪ :‬في البيت أهله‬

‫‪ -‬أن يكون داال على ما يفهم بالتقديم وال يفهم بالتأخير مثل هلل درك فلو أخر لم يفهم منه‬

‫معنى التعجب ما يفهم منه التقدم‪.‬‬

‫‪-‬أن يكون الخبر مسندا ـ دون ما ـ إلى أن المفتوحة المشددة وصلتها مثل قوله‬

‫تعالى‪َ (:‬و َآيةلَهُ ْمأََّن َ‬


‫اح َم ْلَنا‪ )....‬سورة يساألية‪.1»08‬‬

‫‪ -‬فنفه م من هذا أن التقديم والتأخير في اللغة العربية أمر طبيعي فاللغة العربية من اللغات‬

‫ذات الترتيب الحر‪ ،‬إذ أن النحاة العرب يخلصون إلى أن الجملة اإلسمية لها ترتيب خاص‬

‫بمفردات داخلها ‪.‬‬

‫‪ .01‬التقديم والتأخير في الجملة الفعلية‪:‬‬


‫األصل أن يتقدم المسند ( الفعل) على المسند إليه (الفاعل) هذا في الحالة العادية وقد يرد‬

‫غير ذلك فيتقدم المسند إليه (الفاعل) عن المسند وهنا نطلق عليه الفرع‪.‬‬

‫األصل نحو‪ :‬خرج زيد‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ 21-22‬بتصرف‪.‬‬


‫‪30‬‬
‫التركيب اإلسنادي‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع نحو‪ :‬زيد خرج‬

‫« األصل في ا لجملة الفعلية تقديم المسند (المحكوم به) وهو الفعل‪ ،‬ويلحق به ما يعمل عمل‬

‫الفعل‪ ،‬وتأخير المسند إليه (المحكوم عليه) وهو الفاعل أو ما ينوب منابه‪ ،‬ثم تأتي متعلقات‬

‫‪1‬‬
‫الفعل أو ما يعمل عمله»‪.‬‬

‫نحو قال الشاعر‪:‬‬

‫ع‬
‫الخ ُشو ْ‬
‫الك ْو َن ُ‬
‫ق َ‬ ‫عان َ‬
‫لما**** َ‬ ‫ون اللَّ ِ‬
‫يل َّ‬ ‫فيس ُك ِ‬
‫ُ‬

‫ففي عجز البيت جملة فعلية‪،‬فعلها ماض (عانق) مفعوله مقدم جواز (الكون) على الفاعل‬

‫على الخشوع وذلك لغرض بالغي هو العناية واإلهتمام ‪.‬‬

‫فيقدم المسند على المسند إليه غالبا ألسباب بالغية‪،‬فالبالغة تقتضي أن تكون صورة الذوات‬

‫متقدمة على صورة األفعال ‪.‬‬

‫نستنج أن المسند والمسند إليه يتقدمان ويتأخران سواء في الجملة الفعلية أو الجملة االسمية‬

‫فيجوز ذلك بالغيا ونحويا‪ ،‬فالبالغيون يقدمون ويؤخرون لتظهر وتبرز براعة الكلمة‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد حسين معاسلة‪ ،‬النحو الشافي الشامل‪ ،‬دار الميسر للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن ط‪ ،3441 ،8‬ص‬
‫‪.41‬‬
‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫اإلسناد في الجملة االسمية والجملة الفعلية في‬
‫األدب الكبير إلبن المقفع‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪‬الفصل الثاني‪ :‬اإلسناد في الجملة اإلسمية والجملة الفعلية في األدب‬


‫الكبير البن المقفع ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلسناد في الجملة اإلسمية ‪.‬‬

‫اإلسناد في الجملة اإلسمية في األدب الكبير ‪.‬‬

‫خصائص التركيب في الجملة اإلسمية المحضة في األدب الكبير عند ابن المقفع‬
‫‪.‬‬

‫اإلسناد في الجملة اإلسمية المنسوخة ‪.‬‬

‫خصائص التراكيب في الجملة اإلسمية المنسوخة في األدب الكبير ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اإلسنادفيالجملةاالسميةالمركبة ‪.‬‬

‫جملة المبتدأ ‪.‬‬

‫جملة الخبر ‪.‬‬

‫إستنتاج خصائص التراكيب في جملة المبتدأ وجملة الخبر في األدب الكبير ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلسناد في الجملة الفعلية ‪.‬‬

‫التحديد القديم للجملة الفعلية ‪.‬‬

‫التحديد الحديث للجملة الفعلية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رابعا‪ :‬اإلسناد في الجملة الفعلية البسيطة ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬اإلسناد في الجملة الفعلية المركبة ‪.‬‬

‫تعريف الجملة المركبة ‪.‬‬

‫مفهوم الجملة المركبة عند المحدثين ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪ :‬اإلسناد في الجملة االسمية‬


‫إن الجملة االسمية هي التي تتصدر باسم‪ ،‬والجملة اإلسمية تحتوي على معنى التجدد والزمن‬

‫من جهة إذا كان خبرها جملة فعلية وتحمل معنى الثبوت والتجدد إن كان خبرها جار‬

‫ومجرور‪.‬‬

‫سنورد تعريفا مفصال «‪...‬تسمى اسمية إن بدأت باسم صريح كزيد قائم أو مؤول نحو‪"َ :‬وأَن‬

‫وموْا َخ ْير لَّ ُك ْم" البقرة ‪ ،810‬أو يوصف رافع لكتف به نحو‪ :‬قائم الزيدان‪ ،‬أو اسم فعل‬
‫ص ُ‬‫تَ ُ‬
‫‪1‬‬
‫نحو هيهات العقيق‪. »...‬‬

‫ونستنج من هذا التعريف أن للجملة االسمية أنواع وهي‪:‬‬

‫‪ ‬الجملة المبدوءة باسم جامد مسند إليه‬

‫‪ ‬الجملة المبدوءة باسم مشتق‪.‬‬

‫‪ ‬الجملة المبدوءة باسم فعل‪.‬‬

‫‪ ‬وكذلك نجد الجمل التي تتصدرها األدوات وهي ال تغير نوع الجملة وانما تغير شكلها‬

‫اإلعرابي‪.‬‬

‫يقول مهدي المخزومي‪« :‬الجملة االسمية هي الجملة التي ال يكون فيها المسند فعال وذلك‬

‫نحو‪ :‬محمد أخوك والحديد معدن فأخوك ومعدن داالن هنا على الدوام‪ ،‬أي دوام اتصاف‬

‫‪ -1‬محمد كراكبي‪ ،‬بنية الجملة العربية البن المقفع‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل الماجستير في اللغة‪ ،‬عالم الكتب‬
‫الحديث‪3441 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،8‬ص‪.89‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المسند إليه بهما‪ ،‬الن اإلخوة ثابتة لمحمد ال تتغير وال تصير منحال إلى حال‪ ،‬والن المعدنية‬

‫‪1‬‬
‫وصف ثابت للحديد ال تتغير‪ ،‬فكل من هاتين الجملتين‪ ،‬جملة اسمية»‬

‫فالجملة االسمية باالتجاه الحديث هي التي ورد فيها المسند(الخبر) اسما جامدا‪.‬‬

‫‪.0‬اإلسناد في الجملة االسمية البسيطة‪:‬‬


‫إن التقسيم الذي قسمه النحاة للجملة في مفهومها اإلسنادي االسمي واإلسنادي الفعلي‪ ،‬إنما‬

‫يرجع إلى اعتبارهم للصدارة‪ ،‬وهو مرتبط بمفهومهم للجملة الن الجملة االسمية تبنى على‬

‫تركيب ثنائي يكون فيه الطرفان المسند والمسند إليه مستقال أحدهما عن األخر‪ ،‬فقد صنف‬

‫محمد كراكبي الجملة االسمية إلى أنماط سأوجز نمطان هما‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أ‪-‬النمط األول‪ :‬المسند والمسند إليه‬

‫يفيد هذا النمط أن الجملة تخلو أحيانا من المتممات لتدل على مدلول عام أو مطلق مثال‬

‫قولنا‪ :‬محمد نبي دل اإلسناد على أن محمد نبي مطلق ومن هذا النمط أشكاال كثيرة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ب‪-‬النمط الثاني‪ :‬المسند إليه والمسند والمتمم‬

‫يبين هذا النمط أن عددا من الجمل االسمية العادية وردت في األدب الكبير مكونة من‬

‫عناصر أساسية ومتممة‪ ،‬مرتبة حسب القانون النحوي العام‪ ،‬وقد تتفرع إلى أشكال كثيرة‪.‬‬

‫‪-1‬مهدي المخزومي‪:‬في النحو العربي‪،‬نقدوتوجيه‪،‬المكتبة العصرية‪،‬صيدا‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬ط‪ 8910 ،8‬م‪،‬‬


‫ص‪.881 :‬‬

‫‪-2‬محمد كراكبي‪ ،‬بنية الجملة في األدب الكبير البن المقفع‪ ،‬ص‪.30 :‬‬
‫‪-3‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪:‬األشكال التي تتفرع من النمط األول‪:‬‬


‫الشكل األول‪ :‬المسند إليه معرف بألـ والمسند جار ومجرور ومضاف إليه مزدوج‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫نحو‪« :‬العجب من دواعي المقت والشنآن»‪.‬‬

‫فالمسند إليه(العجب) والمسند(من دواعي المقت والشنآن)‬

‫فالمسند إليه هنا مصدر محلى ب "أل" والمسند جار ومجرور‪ ،‬وحرف الجر(من)يفيد‬

‫التبغيض‪،‬ومعنى ذلك أن المسند إليه جزء من كل والمجرور(دواعي)مضاف إلى اللفظين‪:‬‬

‫المقت والشنآن(المتضمنين إلى داللة واحدة)‪ ،‬والتعبير بهما مقو للمعنى‪.‬‬

‫فهنا تقدم المسند إليه على المسند وهو األصل في الترتيب‪.‬‬

‫الشكل الثاني‪ :‬المسند إليه (والمصدر ب إنما والمسند) (نكرة مطلقة)‬

‫‪2‬‬
‫نحو‪« :‬إنما النساء أشباه»‬

‫يدل تعريف المسند إليه ب(أل) على الشمول الجنسي(النساء)‪،‬وتنكير المسند على مجرد‬

‫اإلخبار‪ ،‬وأكد مضمون الجملة باألداة (إنما)‪ ،‬وهي بمثابة إشارة تستوقف المخاطب ألهمية‬

‫الخبر بعدها‪.‬‬

‫فالكالم هنا في المثالين موجب ومثبت عن أصل ترتيب الجملتان فكالهما نسبة مقومة‬

‫للمقول يفاد بها المخاطب‪ ،‬فإسناد الكلمة إلى الكلمة شيء يحصل يقصد المتكلم دون واضع‬

‫اللغة‪.‬‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.838‬‬


‫‪-2‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكل الثالث‪ :‬المسند إليه (ضمير منفصل‪،‬مصدر ب إنما)‪،‬والمسند(تركيب إضافي مزدوج)‬

‫‪1‬‬
‫«فإنما هو رضاه وحكمه» ‪.‬‬

‫فالمسند إليه(فإنما هو) هو ضمير منفصل‪،‬عائد على متأخر ويسمى عند النحاة العرب‬

‫ضمير الشأن وغيره والمسند(رضاه وحكمه) مصدر مضاف إلى فاعله‪ ،‬واصل التركيب «‬

‫فإنما رضى الصديق وحكم » ‪ ،‬فقمت بتأويل المثال فأستنتج أن أصل التركيب تغير عند ابن‬

‫المقفع فلجأ إلى ظاهرة التقديم والتأخير‪.‬‬

‫الشكل الرابع‪ :‬المسند إليه (اسم إشارة للقريب‪ ،‬مصدر ب إنما) والمسند (جار ومجرور‬

‫ومضاف إليه)‬

‫‪2‬‬
‫«فإنما هذا من صفات الحمير» ‪.‬‬

‫فالمسند إليه إنما هذا والمسند من صفات الحمير فالترتيب هنا أصلي في محله فالجملة‬

‫االسمية تتصدر بمسند إليه ثم يليه المسند‪.‬‬

‫الشكل الخامس‪:‬المسند إليه(تركيب إضافي مصدر ب إنما)‪،‬المسند(تركيب إضافي مزدوج)‬

‫‪3‬‬
‫« فإنما مروة الرجل إخوانه وأخدانه»‬

‫فالمسند إليه (إنما مروة الرجل) فهو نكرة مضافة إلى اسم محلى ب"ال" الدالة على استغراق‬

‫الجنس‪،‬إنما تفيد القصر والمقصور عليه والواو في المسند إليه المزدوج(إخوانه وأخدانه)‬

‫جمعت لفظين مترادفين‪.‬‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪-2‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪-3‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكال لسادس‪:‬المسند إليه(تركيب إضافي ومضاف إليه مزدوج) والمسند(جار ومجرور‬

‫ومضاف إليه وضمير متصل مضاف إليه)‬

‫‪1‬‬
‫«إنما تمام إصابة الرأي والقول بإصابة موضعه»‬

‫إنما للقصر والمسند (بإصابة موضعه) مقصور عليه والمسند إليه (وانما تمام إصابة الرأي‬

‫والقول)‪ ،‬ففي هذا النمط الذي اقترحه محمد كراكبي فمعظم ترتيب الجملة االسمية التي في‬

‫األدب الكبير البن المقفع ترتيبها أصلى‪ ،‬المسند إليه ثم المسند‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األشكال التي تتفرع عن النمط الثاني‪ :‬المسند إليه والمسند والمتمم‬
‫الشكل األول‪ :‬المسند إليه (اسم إشارة للقريب)‪ ،‬والمتمم(نعت)‪ ،‬المتمم (جار ومجرور)‬

‫‪2‬‬
‫«وهذا من سوء األدب الفاشي قي الناس» ‪.‬‬

‫المسند إليه(وهذا) اسم إشارة عائد على كالم سابق‪ ،‬والمسند(من سوء األدب) جار ومجرور‪،‬‬

‫ومن للتبعيض‪،‬أوللداللة على النوع‪ ،‬الن األدب نوعان سيء وحسن‪ ،‬والمتممات(الفاشي وفي‬

‫الناس) يزيدان في توضيح المنعوت(األدب)‪.‬‬

‫الشكل الثاني‪ :‬المسند إليه (اسم إشارة للبعيد) والمسند(نكرة) والمتمم (جار ومجرور)‬

‫والواو والمسند(نكرة) والمتمم (جار ومجرور)‬

‫‪3‬‬
‫«وذلك غرة للسبيل وانزياح للمقدرة» ‪.‬‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫‪-2‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪-3‬نفس المصدر‪،‬ص‪.849‬‬
‫‪39‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫«وذلك ضعف في العقل ولؤم في األخالق» ‪.‬‬

‫المسند إليه(ذلك) عائد على ملفوظ سابق ومقترن بمعنى ذلك الملفوظ‪ ،‬والمسند نكرة‬

‫مخصصة بالجار والمجرور والتخصيص مفيد لتقييد(الخبر) من التنكير المطلق‪،‬أي المسند‬

‫من خصائصه الطالقة في المعنى‪.‬‬

‫الشكل الثالث‪ :‬المسند إليه(تركيب إضافي)‪،‬المسند(نكرة)‪،‬المتمم(جار ومجرور ومضاف‬

‫إليه)‬

‫‪2‬‬
‫«وجرح اللسان اشد من جرح اليد» ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫«وسوء األصدقاء اضر من بغض األعداء» ‪.‬‬

‫في المثال األول مقابلة بين شيئين احدهما معنوي وهو ما تعلق بجرح اللسان وثانيهما‬

‫محسوس وهو ما تعلق ب(جرح اليد)‪ ،‬وقدم المعنوي على المحسوس ألهميته في الكالم‪،‬‬

‫وفي المثال الثاني ميز بين شيئين معنويين هما‪:‬سوء األصدقاء وبعض األعداء‪ ،‬وقدمت‬

‫إساءة األصدقاء على بغض األعداء‪ ،‬ألنها أكثر وقعا وتأثي ار على المخاطب والمسند إليه في‬

‫المثالين معرف باإلضافة‪ ،‬وهي مركبة في األصل من(فعل وفاعل) واصل التركيب(يجرح‬

‫اللسان‪،‬ويسيء األصدقاء)فهي من إضافة المصدر إلى فاعله والمسند فيها نكرة مخصصة‬

‫بالجار والمجرور إلزالة إبهامه‪.‬‬

‫‪-1‬نفس المصدر‪،‬ص‪.883‬‬
‫‪-2‬المصدر السابق ص‪.831‬‬
‫‪-3‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪40‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكل الرابع‪:‬المسند إليه(تركيب إضافي)والمسند‪( 1‬تركيب إضافي) والمتمم‪( 1‬جار ومجرور)‬

‫والواو والمسند‪(2‬تركيب إضافي) والمتمم‪(2‬جار ومجرور)‬

‫‪1‬‬
‫«ورأى القوة أحقهما بالتبدية وأوالهما باألثرة» ‪.‬‬

‫المسند إليه والمسند معرفان باإلضافة‪ ،‬والمتممات مؤدية لوظيفة التمييز‪.‬‬

‫‪.0‬خصائص التراكيب في الجملة االسمية المحضة البسيطة‪:‬‬


‫يرتكز المركب اإلسنادي االسمي على عنصري اإلسناد الرئيسيين وهما المبتدأ والخبر فهو‬

‫أمر شائع وواضح في األشكال السابقة‪ ،‬فعنصري المركب اإلسنادي االسمي هما وحدة داللية‬

‫متكاملة ويحققان الغاية المرجوة‪.‬‬

‫«أفضى الوصف إلى مجموعة من الخصائص التركيبية‪،‬منها ما يتصل بركني اإلسناد‪،‬‬

‫ومنها ما يتعلق بالعناصر المتممة‪،‬ومنها ما يخص دالالت التراكيب‪ ،‬فالترتيب النحوي بركني‬

‫اإلسناد في النماذج المدروسة هو مجيء المسند إليه أوال ثم المسند ثانيا‪ ،‬ولم يشذ هذا النظام‬

‫النحوي إال مجموعة قليلة من الجمل تقدم فيها الخبر عن المبتدأ‪ ،‬وذلك ألمر بالغي أو غيره‬

‫‪2‬‬
‫يستفاد من السياق»‬

‫يدل هذا التوزيع النحوي بركني اإلسناد على حسن اختيار العناصر اللغوية وربطها ببعضها‬

‫البعض ربطا محكما‪ ،‬حتى تؤدي وظيفتها اإلبالغية على أتم وجه ممكن‪ ،‬أما المتممات فقد‬

‫توزعت في الجمل االسمية البسيطة حسب المواطن التالية‪:‬‬

‫‪-1‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.39:‬‬
‫‪ -2‬محمد كراكبي‪ ،‬بنية الجملة ودالالتها البالغية البن المقفع‪ ،‬ص‪.00-02 :‬‬
‫‪41‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-8‬جاءت فيه بعد ركني اإلسناد‪،‬وهو ترتيب نحوي أصلي‪.‬‬

‫‪-3‬توسطت ركني اإلسناد‪،‬ويفيد توسطها توضيح العالقة اإلسنادية أو احد ركني الجملة‪.‬‬

‫‪-2‬اتخذت مكانين في الجملة الواحدة التوسط‪ ،‬ومجيئها بعد ركني اإلسناد ووردت تراكيب‬

‫النماذج المدروسة مثبتة إثباتا مجردا واثباتا مؤكدا‪.‬‬

‫اإلسناد في الجملة االسمية المنسوخة‪:‬‬


‫الجملة االسمية المنسوخة هي كل جملة صدرت بناسخ حرفي مثل"إن" أو فعلي مثل"كان"‪،‬‬

‫جعل لها محمد كراكبي أنماطا سأوجز بعض هذه األنماط‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫النمط األول‪ :‬الناسخ والمسند إليه والمسند‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫النمط الثاني‪ :‬الناسخ والمسند إليه والمتمم‪.‬‬

‫األشكال التي يمكن اشتقاقها من النمط األول‪:‬‬


‫الشكل األول‪ :‬الناسخ الحرفي والمسند إليه والمسند‬

‫‪3‬‬
‫نحو‪«:‬إن المشنوع شانع صاحبه»‬

‫المسند إليه وصف معرف ب"ألـ" وكذا المسند وصف نصب مفعوال به‪ ،‬والعالقة اإلسنادية‬

‫مؤكدة باألداة(إن)ومما زاد الجملة تأكيدا ورود الخبر(شانع) مفردا‪ ،‬وهو أوكد من الجملة‬

‫الفعلية (يشنع صاحبه)‪.‬‬

‫فهنا الرتبة والعامل أث ار في ثبوت العالقة اإلسنادية‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪-2‬نفس المصدر ص‪.28‬‬
‫‪-3‬ابن المقفع‪ ،‬األدب الكبير‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكل الثاني‪ :‬الناسخ الفعلي(تكون)مصدر بـ إنما المفيدة للقصر‪ ،‬والمقصور عليه‬


‫الخبر(الفراغ)‬

‫‪1‬‬
‫«وانما تكون الدقة بعد الفراغ»‬

‫معنى الجملة مؤكدة ب إنما المفيدة للقصر‪ ،‬والمقصور عليه المسند(الخبر)(الفراغ)‬

‫الشكل الثالث‪:‬الناسخ الفعلي(تكون)مصدر ب ال النافية والمسند إليه(تركيب إضافي وضمير‬

‫متصل(مضاف إليه) والمسند(مفرد‪،‬نكرة مطلقة)‬

‫‪2‬‬
‫«فال تكون حقيقة دركهم دركا» ‪.‬‬

‫النفي في الجملة مطلق‪ ،‬واإلضافة في المسند إليه دالة على تحديد المضاف(حقيقة)‬

‫والمسند(دركا) نكرة عامة‪.‬‬

‫‪-1‬األشكال التي يمكن اشتقاقها من النمط الثاني‪:‬‬


‫من هذا النمط أشكاال كثيرة في األدب الكبير سأوجز بعضها‬

‫الشكل األول‪ :‬الناسخ الحرفي والمسند إليه والمسند نكرة والمتمم (تركيبإضافي )‬

‫‪3‬‬
‫«فان األخالق مستحيلة مع السلطان» ‪.‬‬

‫المسند إليه (األخالق) والمسند ورد نكرة(مستحيلة)‪ ،‬فالخبر مفردا‬

‫الشكل الثاني‪:‬الناسخ الحرفي والمسند إليه والمسند(تركيب إضافي) والمتمم(جار ومجرور)‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.49‬‬


‫‪-2‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.00 :‬‬
‫‪-3‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫«فان المعاتبة مقطعة للود» ‪.‬‬

‫فالمسند إليه(المعاتبة) اسم مصدر بـ ـألـ ‪،‬والمسند(مقطعة) نكرة مخصصة بالمتمم(للود)‬

‫والعالقة اإلسنادية مؤكدة باألداة (إن)‪.‬‬

‫الشكل الثالث‪:‬الناسخ الحرفي والمسند إليه والمسند(تركيب إضافي) ومضاف إليه والمتمم‬

‫(جار ومجرور وواو العطف وجار ومجرور)‬

‫‪2‬‬
‫« فان األنساب اقل مناقب الخير غناء عن أهلها في الدين والدنيا »‬

‫فالمسند إليه اسم معرف ب ألـ(المعاتبة)‪ ،‬والمسند موضح باإلضافة‪ ،‬والمتممات (غناء عن‬

‫أهلها في الدين والدنيا) مبنية للمسند‪.‬‬

‫الشكل الرابع‪ :‬الناسخ الحرفي والمسند إليه والمسند(نكرة) والمتمم (جار ومجرور)‬

‫و(مضاف إليه أو جار ومجرو ار وواو العطف وجار ومجرور)‬

‫‪3‬‬
‫«فان هذا مجانب ألدب الحكماء» ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫«فان ذلك شبيه بالوحشية والغربة» ‪.‬‬

‫فالمسند إليه اسم إشارة للقريب في المثال الثالث وللبعيد في المثال الرابع وهو يعد ضمي ار‬

‫عائدا على كالم سابق والمسند نكرة مخصصة بالجار والمجرور والخبر المفرد أكثر توكيدا‬

‫من الخبر الجملة‪.‬‬

‫‪-1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.884 :‬‬


‫‪-2‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.882‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.832‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.23‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشكل الخامس‪ :‬الناسخ الفعلي والمسند إليه (اسم إشارة للبعيد) وال مسند‪( 1‬نكرة) وال‬

‫متمم‪(1‬جار ومجرور) وواو العطف وال مسند‪( 2‬نكرة) وال متمم‪( 2‬جار ومجرور)‬

‫‪1‬‬
‫« فيكون ذلك أيسر لنقص وابعد من البغضة »‬

‫فالمسند إليه هنا إشارة للبعيد والمسند نكرة مخصصة والواو في (وسبيل ذلك) وفي (ابعد‪)...‬‬

‫أشركت المعطوف والمعطوف عليه في وظيفة نحويو واحدة وهي "الخبر"‬

‫‪.0‬خصائص التراكيب في الجملة المنسوخة البسيطة في األدب الكبير البن‬


‫المقفع‪:‬‬
‫أبرزت قراءتي لألدب الكبير وحسب النظرة عامة واألشكال المختلفة لألنماط أنواع النواسخ‬

‫ودالالتها اللغوية‪ ،‬وقدم فيها وصف لركني اإلسناد المنسوخين والعناصر المتمم‪ ،‬واهم ما‬

‫يمكن استخالصه ما يلي‪:‬‬

‫‪ -8‬إن للمؤلف أكثر من استعمال إن لتثبيت اآلراء واألفكار في األذهان السامعين‪.‬‬

‫‪ -3‬يكثر من تصدير الجمل المنسوخة بالفاء وغايته في ذلك تعليل معاينة لتكون أكثر‬

‫نفعا‪،‬الن النفس ترتاح لألمور المعللة‪.‬‬

‫‪-2‬يكثر بالمتممات وال يكتفي بالعمدات بل دوما يتممها بالفضالت باألخص الجار‬

‫والمجرور‪.‬‬

‫‪-0‬النظام النحوي للجمل المنسوخة وافق على العموم النظام النحوي العربي ولم يشد عن ذلك‬

‫إال بعض الجمل التي تقدم فيها المسند على المسند إليه‪.‬‬

‫‪-1‬ابن المقفع‪ ،‬األدب الكبير‪ ،‬ص‪.834‬‬


‫‪45‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن هذا نستنج أن الجملة ال قوام لها إال بالمسند والمسند إليه‪ ،‬والمعنى ال يكتمل إال بإسناد‬

‫أحدهما إلى األخر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلسناد في الجملة االسمية المركبة‪:‬‬


‫إذا قلنا الجملة االسمية المركبة تعني بها دراسة الوظائف النحوية الواردة من حيث‬

‫نوعيتها وداللتها‪.‬‬

‫فالنحاة القدامى لم يحددوا مفهوم الوظيفة النحوية‪ ،‬وانما عرضوا لها في أبواب نحوية كثيرة‬

‫منها‪ :‬إضمار الجمل‪ ،‬وقوع الخبر والنعت والحال وغيرها‪،...‬فحين انطلق ابن هشام في‬

‫دراسة الوظائف النحوية‪،‬لم يرضى بعض النحاة عنه قال محمد الكراكبي« لم يرضى عنه‬

‫بعض اللغويين العرب المحدثين ألنه غفل مجموعة أخرى من الوظائف النحوية التي من‬

‫شانها أن ترد جملة‪ :‬مثل الجملة الواقعة مفعوال مطلقا‪،‬أو مفعوال ألجله أو المجرور الذي‬

‫يمكن أن يكون جملة‪-‬أيضا‪ -‬لم يتعرض إلى كل المعاني المختلفة التي تؤديها الجملة‬

‫الواحدة في الخطاب‪ ،‬وبالرغم من هذا القصور‪-‬حسب رأيهم‪ -‬فان ابن هشام حاول قدر‬

‫وسعه أن يدرس الوظائف النحوية التي يمكن أن تقوم بها الجملة »‪ 1‬فمحاولة ابن هشام‬

‫لدراسة الوظائف النحوية التي تقوم بها الجملة يعني انه تطرق إلى التفصيل في الجملة‬

‫االسمية المركبة‪ ،‬ولكن لم يكسب رضى بعض اللغويين العرب المحدثين وذلك انه تناسى‬

‫عن بعض الوظائف النحوية التي يمكن أن ترد جملة كاملة التركيب‪.‬‬

‫‪-1‬محمد كراكبي‪،‬بنية الجملة في األدب الكبير البن المقفع‪،‬ص‪.12 :‬‬


‫‪46‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-‬إ ن معنى الوظائف النحوية ورد بمصطلح(المعاني النحوية) عند عبد القاهر الجرجاني‪،‬‬

‫وليست المعاني المعجمية والداللية كما ذهب بعض اللغويين‪.‬‬

‫*إن الوظيفة النحوية عنصر لغوي يفيد معنى معين في الخطاب ويكون إما أصليا (أي‬

‫مسند ومسندا إليه)‪ ،‬واما متمما (النعت والحال والبدل والمفاعيل‪ )...‬وغيرها وان كانت هذه‬

‫العناصر اللغوية كلمات مفردة أو تركيبات التصل إلى حد الجملة‪« ،‬فان الجملة تسمى‬

‫من جهة جملة نحوية بسيطة‪ ،‬وان وردت جمال فالجملة توصف بالمركبة‪ ،‬وهي الكبرى‬

‫‪1‬‬
‫االسمية التي خبرها جملة»‬

‫نحو‪ :‬زيد قائم أبوه‪ ،‬زيد أبوه قائم‪ ،‬وقد تكون الجملة عند ابن هشام مصدرة بالفعل نحو‪:‬‬

‫ظننت زيدا يقوم أبوه‪.‬‬

‫ومنه نستنتج إن الجملة المركبة هي ما احتوت على عمليات إسنادية أو جمل فرعية يتوسع‬

‫مدلولها‬

‫بعد استقرائي لألدب الكبير الحظت إن الوظائف النحوية الواردة جملة في الجملتين االسمية‬

‫المنسوخة صنفان هما‪:‬‬

‫‪-8‬ما قام مقام عنصر أصلي وهو المبتدأ والخبر‪.‬‬

‫‪-3‬ما قام مقام عنصر متمم‪.‬‬

‫«وفي النصف األول نوعين من الجمل‪:‬‬

‫أ‪-‬جمل عوضت المبتدأ‬

‫‪-1‬ابن هشام‪ ،‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.214 :‬‬
‫‪47‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫ب‪-‬جمل عوضت الخبر» ‪.‬‬

‫جملة المبتدأ‬ ‫‪.I‬‬


‫‪-0‬المصدرة بأن المثبتة إثباتا مجردا‬
‫‪2‬‬
‫«ليس للملك أن يغضب ألن القدرة من وراء حاجته» ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫«وليس له أن يكون حقودا‪ ،‬الن خطره قد عظم من مجاراة كل الناس» ‪.‬‬

‫اشتملت جملة األدب( أن يغضب ) و( أن يكون حقودا ) على معنى التجدد واالستمرار‬

‫وبينتا صفة ذميمة أي إسنادا للكينونة الغضب والحقد‪.‬‬

‫‪-1‬جملة المبتدأ المنفية‬


‫« ومن رأيه أال يوارب العاقل المستقيل الطريقة‪ ،‬والذي يطلع على غامض رأيه ويوقفه عليه‬

‫‪4‬‬
‫فيمقته لذلك»‪.‬‬

‫يفيد النفي بال بالسياق االستمرار الن الجملة صيغة في قالب حكمه غير مرتبط بزمن معين‬

‫فاإلسناد هنا عالقة تربط بين كلمتين صيغة على شكل حكمة‪ ،‬ومنطقيا أن ينطق بهذه العبارة‬

‫في شكل تركيبة محمول وموضوع‪.‬‬

‫‪-1‬محمد كراكبي‪،‬بنية الجملة في األدب الكبير البن المقفع‪،‬ص‪.21-21 :‬‬


‫‪-2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه‪ ،‬ن ص‪.‬‬
‫‪ -4‬إبن القفع‪ ،‬األدب الكبير‪ ،‬ص‪.90 :‬‬
‫‪48‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪-3‬المزدوجة‬
‫« وان من أحزم الرأي لك في أمر عدوك أن ال تذكره إال حيث تسره‪ ،‬وأن ال تعد يسير‬

‫‪1‬‬
‫الضرر له ضرراة»‪.‬‬

‫جملة المبتدأ ( أن ال تذكره) مصدرية مصدرة بـ "ال" النافية عطف عليها جملة من نوعها‬

‫والجملتان المعطوفتان بالواو مشتركتان في وظيفة نحوية هي المبتدأ ( المسند إليه) جملة‬

‫‪-1‬جملة المبتدأ المصدرة بأن‪:‬‬


‫« ومن لؤمه أنه موكل باألدنى فاألدنى من األقارب‪ ،‬واألكفاء والمعارف والخلفاء‬

‫‪2‬‬
‫واألخوان»‪.‬‬

‫دلت جملة المبتدأ " أنه موكل" على معنى الثبوت‪ ،‬ونالحظ أن جملة المبتدأ المصدرية‬

‫أرء النحاة والعرب القدامى موصالن‬


‫(أن) وهما حسب ا‬
‫(أن) أو ْ‬
‫إرتبطت بالخبر بواسطة ّ‬

‫(أن) تعين الفعل المضارع في‬


‫حرفيان مؤوالن مع ما بعدهما بمصدر‪ ،‬ويتفرقان في كون ْ‬

‫(أن) تأكد المعنى الوارد بعدها‪.‬‬


‫الزمن والمستقبل إذا لم يوجد مانع وفي كون ّ‬

‫جملة الخبر‬ ‫‪.I‬‬


‫وردت جملة الخبر في األدب الكبير إما جملة مصدرية أو جملة منسوخة‬

‫‪.0‬جملة الخبر المصدرية‪:‬‬


‫وردت مثبة في بعض النماذج ومصدرة بـ "ال" النافية‬

‫مثال‪:‬‬

‫‪ -1‬نفس المصدر‪ ،‬ص‪.881 :‬‬


‫‪ -2‬نفس المصدر‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪49‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫«ومنتهى علم عالمنا في هذا الزمان أن يأخذ من علمهم»‬

‫« وغاية اإلحسان محسن ان يقتدي بسيرتهم »‪.‬‬

‫الجملتان المصدريتان (أن يأخذ‪ )...‬في المثال األول و (أن يقتدي‪ )...‬في المثال الثاني‬

‫مكونتان من موصول حرفي وصلته‪ ،‬وهما على رأي النحاة القدامى في موضع مصدر مقدم‪.‬‬

‫فاإلسناد في الجمل المصدرة فهو ال ينفك عن معنى اإلنظماموالقوة ‪.‬‬

‫‪ .1‬جملة الخبر المنسوخة‬


‫اشتملت على نواسخ حرفية وفعلية‪ ،‬ومن النواسخ الفعلية ( إن وأن وكأن ولعل)‬

‫مثال « فأما ملك الدين فإنه إذا أقام لرعية دينهم‪ ،‬وكان دينهم هو الذي يعطيهم الذي لهم‬

‫ويلحق بهم الذي عليهم‪ ،‬أرضاهم ذلك وأنزل الساخطة منهم منزلة الراضي في اإلقرار‬

‫‪2‬‬
‫والتسليم »‪.‬‬

‫في هذه الجملة التي هي جملة الخبر نجد‪:‬‬

‫‪-‬فاء الربط (ف)‪ ،‬الناسخ الحرفي (إن) ‪ ،‬والمسند إليه ضمير متصل (هـ) والمسند (جملة‬

‫شرطية)‬

‫‪-‬أداة الشرط (إذا) ‪ ،‬وجملة الشرط فعلية ماضوية (أقام لرعية دينهم) واعتراض ( جملة‬

‫منسوخة) وكان دينهم ‪ ...‬ويلحق بهم الذي عليهم‬

‫‪ -1‬مصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.8‬‬


‫‪ -2‬مصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪50‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فالجملة األولى ماضوية وأداة العطف واو تفصل بين الجملة الثانية ‪ :‬ماضوية‪ :‬أنزل الساخط‬

‫منهم منزلة الراضي في اإلقرار‪.‬‬

‫أفضى هذا المخطط إلى توضيح الجمل الفرعية الواردة في صلب جملة الخبر‬

‫« وذلك أن العدو خصم تصرعه بالحجة‪ ،‬وتغلبه باألحكام‪ ،‬وأن الصديق ليس بينك وبينه‬

‫‪1‬‬
‫قاضي »‪.‬‬

‫إن الجملة الفعلية المضارعية المزدوجة (تصرعه بالحجة وتغلبه باألحكام) فهي تحتوي على‬

‫فعلين وجار ومجرور مزدوجان كذلك‪ ،‬فهي تورد لنا الصفة والحال‪ ،‬ألن بها ضمي ار في الفعل‬

‫(تصرعه) يعود إلى العدو والمعرف تعريفا جنسيا وأن االزدواج في جملتي الخبر المعطوفتين‬

‫بالواو (أن العدو‪ )...‬و (أن الصديق‪ )...‬يدل على معنى المقابلة وكانت بين معنيين‬

‫متضادين العدو والصديق‪ ،‬وغايتها تبين ما هو أفضل وأصلح للمخاطب ‪.‬‬

‫فاإلسناد في هذه الجملة أي جملة الخبر األولى (ناسخ حرفي أن) والمسند إليه (العدو)‬

‫والمسند (خصم) فالجملة األولى تصرعه بالحجة والجملة الثانية تغلبه باألحكام فصل بينهما‬

‫أداة العطف (واو) وأما جملة الخبر الثانية الممسوخة تحتوي هي كذلك على ناسخ حرفي هو‬

‫أن والمسند إليه الصديق والمسند (ليس بينك وبينه قاض)‬

‫‪ -1‬ابن القفع األدب الكبير‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪51‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪.I‬استنتاج خصائص التراكيب في جملة المبتدأ وجملة الخبر في األدب الكبير‪:‬‬


‫‪ -‬إن نوعية الجملة تعرف بنوعية المسند فإن كان فعال‪ ،‬كانت الجملة فعلية وان كان اسما‬

‫كانت الجملة إسمية‪.‬‬

‫‪ -‬إن الجمل المنسوخة نوع من أنواع الجمل العربية‪ ،‬سواء المصدرة بناسخ فعلي أو حرفي‬

‫دون أن نطلق عليه اسمية أو حرفية ‪.‬‬

‫قدمت دراسة الجملة االسمية على الجملة الفعلية‪ ،‬لكثرتها في االستعمال أكثر من‬
‫‪ّ -‬‬

‫الفعلية‪ ،‬وهذا راجع إلى نوعية الموضوع المعالج في األدب الكبير‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلسناد في الجملة الفعلية‬


‫‪.0‬التحديد القديم للجملة الفعلية‪:‬‬
‫تحدث النحاة العرب القدامى عن الجملة الفعلية في أبواب نحوية كثيرة أهمها‪ :‬بابا الفاعل‬

‫والمحل‪ ،‬وأشمل تعريف لها ما ذكره ابن هشام قائال‪« :‬تسمى فعلية‪ ،‬إن بدأت بفعل‪ ،‬سواء‬

‫كان ماضيا أو مضارعا أو أمرا‪ ،‬وسواء كان الفعل متصرفا أو جامدا‪ ،‬وسواء كان تاما أو‬

‫ناقصا‪ ،‬وسواء كان مبينا للفعل‪ ،‬أو مبينا للمفعول مثل‪ " :‬قام زيد" و " يضرب عمرا" و "‬

‫اضرب زيدا" و "نعم العبد"‪" ،‬وكان زيد قائما"‪ ،‬وال فرق في الفعل بين أن يكون مذكورا‪ ،‬أو‬

‫‪1‬‬
‫محذوفا‪ ،‬تقدما معموله عليه أوال‪ ،‬تقدم عليه حرفا أم ال‪ ،‬نحو" هل قام زيد"»‬

‫يتبين لنا من هذا التعريف أن الجملة الفعلية عند ابن هشام أنواع هي‪:‬‬

‫‪ -‬جملة فعلية مصدرة بفعل تام مبني للمفعول‪ ،‬أو لما لم يسمى فاعله‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن يعيش‪ ،‬شرح المفصل‪ ،‬إدارة الطباعة والنشر المنيرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د ت‪ ،‬ج ‪ ،8‬ص ‪.11‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬جملة فعلية حذف فعلها‪.‬‬

‫‪ -‬جملة فعلية مسبوقة بحروف لها الصدارة‪.‬‬

‫‪ -‬جملة فعلية باعتماد التقدير‪.‬‬

‫‪ -‬جملة فعلية تقدم فيها المفعول على الفعل‪.‬‬

‫نستنج أن الجملة الفعلية عند القدامى هي الجملة الفعلية في بكل أحوالها وال يشترط فيها رتبة‬

‫الفعل سواء تقدم أو تأخر أو توسط أو سبق‪.‬‬

‫‪.1‬التحديد الحديث للجملة الفعلية‬


‫التعريف الحديث للجملة الفعلية يبنى على أساس كون المسند فعال‪ ،‬تقدم أو تأخر أو داال‬

‫على التجدد‪ ،‬يقول مهدي المخزومي معرفا للجملة الفعلية «هي ما كان المسند فيها فعال‪،‬‬

‫سواء تقدم مسند إليه أم تأخر‪ ،‬التي يدل فيها المسند على التجدد‪ ،‬أو التي يتصف فيها‬

‫‪1‬‬
‫المسند إليه بال مسند اتصافا متجددا» ‪.‬‬

‫ومما يمكن استنتاجه من آراء القدامى والمحدثين‪ ،‬أن التحديد القديم للجملة الفعلية روعيتا فيه‬

‫الع نصر األصلي المتقدم في الجملة‪ ،‬وال عبرة بالحروف التي تتصدر‪ ،‬وال بالمعموالت‪ ،‬ألنها‬

‫على نية التأخير كما رأى ابن هشام‪.‬‬

‫أما التحديد الحديث روعي فيه نوع المسند‪ ،‬فإن كان فعال عدت الجملة فعلية‪ ،‬وال يهم تقديم‬

‫المسند إليه أو تأخيره‪.‬‬

‫اإلسناد في الجملة الفعلية‪:‬‬

‫‪ -1‬مهدي المخزومي‪ ،‬النحو العربي‪ ،‬نقد وتوجيه‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،8910 ،8‬ص ‪.01‬‬
‫‪53‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يسند ا لفعل في الجملة الفعلية إلى الفاعل‪ ،‬ورتبة المسند في التركيب الفعلي اإلسنادي التقدم‪،‬‬

‫كما أن رتبة المسند إليه التأخر وقد أشار مهدي المخزومي بقوله البد أن يتقدم المسند إليه‬

‫في الجملة الفعلية‪.‬‬

‫«يقابل المركب اإلسنادي اإلسمي‪ ،‬مركب إسنادي فعلي‪ ،‬ركن مهم في بناء الجملة العربية‪،‬‬

‫بالزمن»‪1.‬‬ ‫ودل على حدث مقترن‬


‫وهو عند سيبويه ما أخذ من لفظ أحداث األسماء ّ‬

‫وعليه فإن الجملة الفعلية تنتظم بوجود الفعل في المرتبة األولى ثم الفاعل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬اإلسناد في الجملة الفعلية البسيطة‬


‫« والجملة الفعلية البسيطة تتحد وفقا للعنصر اإلسنادي الفعلي الذي يتصدرها والفعل‬

‫يخبر في التركيب الفعلي عن المسند إليه الفاعل‪ ،‬تماما كمتا يخبر الخبر في اإلسناد‬

‫‪2.‬‬ ‫اإلسمي عن المسند إليه المبتدأ »‬

‫فالجملة الفعلية البسيطة هي ما تضمنت عملية إسناد واحدة‪ ،‬سواء أكانت عناصرها مفردة‬

‫مثل‪ :‬ظهر الحق‪ ،‬أم كان أحد عناصرها مركبا تركيبا غير إسنادي مثل‪ :‬نجح التلميذ‬

‫المجتهد‪.‬‬

‫فالجملة الفعلية البسيطة إذن يمكن أن تكون على صورتين‪ :‬إما تتكون من ركني اإلسناد فقط‬

‫واما تضاف إلى ركني اإلسناد عنصر أو أكثر من المتممات نحو‪:‬‬

‫‪ -1‬السامرائي‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬الفعل زمانه وابنيته‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪8914 ،3‬م‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -2‬المبروك زيد الخير‪ ،‬العالقات اإلسنادية في القرآن الكريم‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪54‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫« ويستتب ذلك األمر زمنا غير طويل»‬

‫فعل ماضي ( مسند ) وفاعل ( مسند إليه ) ومفعول ومتمم‪ .‬وهذا يندرج‬ ‫ففي هذا المثال‪:‬‬

‫ضمن الصورة الثانية‪ :‬أي ركني اإلسناد والعناصر المتممة ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬اإلسناد في الجملة الفعلية المركبة‪:‬‬


‫‪.1‬تعريف الجملة المركبة ‪ «:‬هي ما تألفت من مركبيين إسناديين‪ ،‬أحدهما مرتبط باآلخر‬

‫متوقف عليه‪ ،‬والثاني يؤدي فكرة غير كاملة وال مستقلة وال معنى لها إال بالمركب اآلخر‪،‬‬

‫واإلرتباط بينهما يحصل بعدة عالقات‪ :‬بالقسم أو الشرط‪ ،‬أو بالظرفية الزمنية والمكانية‪ ،‬أو‬

‫»‪2.‬‬ ‫اإلستثناء أو المصاحبة أو المعية‬

‫بمعنى أن الجملة المركبة تضم نواتين إسناديتان فأكثر‪ ،‬وهي أعم من الجملة الكبرى عند‬

‫القدامى‪ ،‬ألنهم يقصرونها على الجملة اإلسمية التي خبرها جملة ‪.‬‬

‫‪ .2‬مفهوم الجملة المركبة عند المحدثين‪ «:‬فيشتمل على ما يطلق عليه الجملة الكبرى عند‬

‫القدماء ويزيد عليه كثي ار من أنماط الجمل الفعلية واإلسمية التي تحتوي فيها الجملة المركبة‬

‫‪3‬‬
‫على جملة أو أكثر تقع في موقع الخبر أو النعت أو الحال أو الصلة‪. »...‬‬

‫‪ -1‬إبن المقفع‪ ،‬األدب الكبير‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪ -8‬إبراهيم عبادة‪ ،‬الجملة العربية دراسة نحوية لغوية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬د ط‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8912 ،‬ص‪:‬‬
‫‪810‬‬
‫‪ -3‬طاهر سليمان حمودة‪ ،‬أسس اإلعراب ومشكالته‪ ،‬الدار الجامعية للطبع والنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫د ط‪ ،‬ص‪.08 :‬‬
‫‪55‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فالجملة المركبة قد ترد جملة فعلية أو مركبة تشتمل على جملة أصلية ترتبط بها جملة‬

‫أخرى‪ ،‬على أن تقوم الجملة الفرعية مقام عناصر الجملة األصلية ‪.‬‬

‫حاولنا فيما سبق تحديد الجملة الفعلية عند النحاة العرب وفي ما يلي الجملة الفعلية البسيطة‬

‫في األدب الكبير‪ ،‬وسأخص دراستي بالجملة الماضية البسيطة‪ ،‬فوردت الجملة الماضية‬

‫البسيطة في األدب الكبير حسب محمد كركبي أربعة أنماط ‪.‬‬

‫النمط األول‪ :‬الفعل الماضي والفعل المتمم‬

‫نحو‪ :‬قول ابن المقفع « وقل من تجده إال مخادعا لنفسه في أمر جسده عند الطعام‬

‫والشراب والواء وفي أمر مرؤته عند األهواء والشهوات‪ ،‬وفي أمر دينه عند الريبة والشبهة‬

‫»‪1 .‬‬ ‫والطمع‬

‫الفاعل ( مسند إليه ) جملة موصولة ذات اسم موصول عام ( من ) دال على العموم وفصل‬

‫بين مفعولين فعل جملة الصلة ( تجد ) باألداة إن ‪.‬‬

‫النمط الثاني‪ :‬الفعل الماضي والفاعل والمفعول والمتمم ‪.‬‬

‫»‪2.‬‬ ‫« فمحق ذلك حسناتك الماضية‬

‫الفاعل ( المسند إليه ) اسم إشارة للبعيد‪ ،‬والمفعول به ( حسناتك )‬

‫‪3.‬‬ ‫«وضربو األمثال الشافية »‬

‫‪ -1‬إبن المقفع‪ ،‬األدب الكبير‪ ،‬ص‪.848 :‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ -3‬الصدر نفسه‪ ،‬ص‪.48 :‬‬
‫‪56‬‬
‫اإلسنادفيالجملةاالسميةوالفعليةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ضربو( مسند ) األمثال ( مسند إليه )‪ ،‬ضمر الفاعل لداللة السياق عليهووصفالمفعول بلفظ‬

‫( الشافية )‬

‫أما الجملة الماضية المركبة لها سبعة أنماط في األدب الكبير حسب محمد كراكبي ‪.‬‬

‫النمط األول‪ :‬الفعل الماضي والفاعل جار ومجرور والمتمم جار ومجرور والمفعول جملة‬

‫منسوخة والمتمم جملة حالية‪.‬‬

‫« وبلغ من اهتمامه لذلك أن الرجل منهم كان يفتح له الباب من العلم أو الكلمة من‬

‫‪1‬‬
‫الصواب وهو في البلد غير المأهول »‪.‬‬

‫نالحظ أن الفاعل ( من اهتمامهم ) جر لفظا بمن‪ ،‬وهو( مسند إليه )‪ ،‬أسند إلى الفعل بلغ‬

‫وأصل التركيب ( بلغ اهتمامهم ) وأن جملة المفعول به ( أن الرجل منهم‪ )...‬التحمت بما‬

‫قبلها بـ ـ ( أن ) وقيدت بالجملة الحالية ( وهو في البلد الغير المأهول ) ‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المصدر‪ ،‬ن ص‪.‬‬


‫‪57‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫في الختام يمكن القول أن أهم مايمكنإستخالصه من بحث هذا وبعد تخطي العديد من‬

‫المراحل أكون قد وصلت إلي مايلي‪:‬‬

‫‪ ‬أن علم النحو هو أكثر العلوم إستعابا واحتضاننا خاصة وأن اإلسناد كان من أهم قرائن‬

‫اللغة ومنابع التطبيق فيها‪.‬‬

‫‪ ‬إن ظاهرة اإلسناد في كتاب األدب الكبير ظاهرة في معظمها محفوظة األصل والترتيب‬

‫خاصة في الجمل اإلسمية جاءت تقريبا على شكل ⇐ المسند إليه ثم المتمم وهذا هو‬

‫األصل‪.‬‬

‫‪ ‬التعرف على الجملة بوصفها تركيب بصفة عامة من اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫‪ ‬التعرف على التركيب اإلسمي أكثر من التركيب الفعلي في األدب الكبير وأنها تقوم على‬

‫أساس اإلسناد بين المسند ( الخبر ) والمسند إليه ( المبتدأ )‪ ،‬بعد ورود الجمل اإلسمية أكثر‬

‫من الجمل الفعلية لهذا ركزت في دراستي على اإلسناد في الجملة اإلسمية أكثر من الجملة‬

‫الفعلية‪.‬‬

‫‪ ‬التعرف على صور المسند والمسند إليه في األدب الكبير‪ ،‬فوجدت أن اإلسم فيه –‬

‫المسند إليه – قد يكون معرفة كما قد يكون نكرة معربا في حاالت ومبنيا في حاالت أخرى‪،‬‬

‫ظاه ار أو مضمرا‪ ،‬مفردا أو جملة‪ ،‬مذكور أم محذوف‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ ‬ومن حيث الرتبة في األغلب ورد كل من المسند والمسند إليه على أصله ولم يتطرق‬

‫لظاهرة التقديم والتأخير قل ما نجد ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬غلب على أسلوب ابن المقفع‪ ،‬النصح واإلرشاد والحكم وورود جمله على شكل حكم‬

‫ونجد الجمل الفعلية عنده تبدأ بأفعال األمر‪.‬‬

‫‪ ‬وظف في دراسته اإلسناد الحقيقي وهذا الموضوع الخاص باألخالق واألدب والصفات‬

‫الجلية هو الذي فرض عليه تطبيق ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬أكثر من المتممات في جمله وأكث ر من الجمل الفعلية المركبة‪ ،‬فمعظم جمله لم تكن‬

‫عادية‪.‬‬

‫‪ ‬كثرت المتممات التي هي عناصر لغوية ترتبط إما بالمسند واما بالمسند إليه بمعنى من‬

‫المعاني كالظرف وغيره‪ ،‬وقد وردت في مواضيع مختلفة فتوسطت الفعل والفاعل‪ ،‬والمفعول‬

‫به ويعني هذا مكانها في التركيب غير محدد والمعنى يتعين بوجودها في الكالم‪.‬‬

‫‪ ‬الجملة البسيطة هي المكونة من مركب إسنادي واحد يؤدي فكرة مستقلة‪ ،‬أما الجملة‬

‫المركبة هي المكونة من إسنادين فأكثر أحدهما مرتبط باآلخر ومتوقف عليه‪ ،‬والثاني يؤدي‬

‫فكرة غير كاملة وال مستقلة وال معنى له إال بالمركب اآلخر‪.‬‬

‫وفي األخير أرج و أن يكون بحثي هذا مفيد‪ ،‬فرغم كل ما توصلت إليه من نتائج حول هذه‬

‫الدراسة إال أنه ال يمكنني اعتبارها ملمة بكل شاردة وواردة‪ ،‬حيث أن لكل عمل إنساني‬

‫نقائص وإلكمال في الدنيا للبشر فالكمال وحده هلل سبحانه وتعالى وهللا ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ملحق‬

‫ملحق‬
‫ملحق‬

‫ملح ق‬

‫التعريف بابن المقفع(‪457-424‬م)‬

‫هو عبد هللا بن المقفع‪ ،‬وكان اسمه روزبه قبل أن يسلم‪ ،‬ولد في حور في فارس‪ ،‬لقب أبوه‬

‫بالمقفع لتشنج أصابع يديه على اثر تنكيل الحجاج به بتهمة مد يده إلى أموال الدولة‪.‬‬

‫درس الفارسية وتعلم العربية في كتب األدباء واشترك في سوق المربد‪.‬‬

‫رافق األزمات السياسية في زمن الدولتين األموية والعباسية‪.‬‬

‫سئل ابن المقفع"من أدبك"؟ فقال‪ ":‬نفسي‪ .‬إذا رأيت من غيري حسنا أتيه‪ ،‬وان رأيت قبيحا‬

‫أبيته"‬

‫صفاته‪:‬‬

‫كان فاضال ونبيال وكريما ووفيا‪ ،‬ونستطيع أن نعرف عنه صدقه من خالل كتاباته‪.‬‬

‫من القصص التي تدل على صدقه ووفائه‪ ،‬انه لما قتل مروان بن محمد‪ ،‬آخر خلفاء بني‬

‫أمية‪ ،‬اختفى عبد الحميد الكاتب‪ ،‬فعثر عليه عند ابن المقفع‪ ،‬وكان صديقه‪ .‬وعندما سئل‬

‫الرجالن‪ :‬أيكما عبد الحميد؟ قال كل واحد منهما "أنا" خوفا على صاحبه‪.‬‬

‫سبب مقتله‪:‬‬

‫في ظل الدولة العباسية اتصل ابن المقفع بعيسى بن علي عم السفاح والمنصور واستمر‬

‫يعمل في خدمته حتى قتله سفيان بن معاوية والي البصرة من قبل المنصور‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫ملحق‬

‫واألرجح أن سبب مقتله يعود إلى المبالغة في صيغة كتاب األمان الذي وضعه ابن المقفع‬

‫ليوقّع عليه أبو جعفر المنصور‪ ،‬أمانا لعبد هللا بن علي عم المنصور‪ .‬وكان ابن المقفع قد‬

‫أفرط في االحتياط عند كتابة هذا الميثاق بين الرجلين (عبد هللا بن علي والمنصور) حتى ال‬

‫يجد المنصور منفذا لإلخالل بعهده‪ .‬ومما جاء في كتاب األمان‪ :‬إذا أخل المنصور بشرط‬

‫من شروط األمان كانت "نساؤه طوالق‪ ،‬وكان الناس في حل من بيعته"‪ ،‬مما أغاظ المنصور‬

‫فقال‪" :‬أما من أحد يكفينيه"؟ وكان سفيان بن معاوية يبيت البن المقفع الحقد‪ ،‬فطلبه‪ ،‬ولما‬

‫قيده وأخذ يقطعه عضوا فعضوا ويرمي به في التنور‪.‬‬


‫حضر ّ‬

‫ابن المقفع بي فكي التاريخ‪:‬‬

‫يحاول البعض اإلنقاص من شأن ابن المقفع كقولهم إن مذهبه مجوسي من أتباع زرادشت‪،‬‬

‫وانه لم يسلم إال للمحافظة على روحه وللتقرب إلى العباسيين‪ ،‬ويتهمونه كذلك بالزندقة‪.‬‬

‫يقدر الصداقة حق قدرها‪ .‬وقد رأى باألصدقاء عماد‬


‫ولكن الحقيقة انه صاحب نفس شريفة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫الحياة ومرآة النفس‪ ،‬لذا نصح بالدقة في اختيار األصدقاء‪.‬‬

‫وكان ابن المقفع صاحب علم واسع‪ ،‬وعرف الثقافة العربية والفارسية واليونانية والهندية‪ .‬واذا‬

‫كان ابن المقفع اظهر عيوب النظم اإلدارية في عصره وفضل النظم اإلدارية الفارسية‪،‬‬

‫فالحقيقة إن العرب كانوا بعيدين عن النظم اإلدارية‪ .‬فبعد قيام الدولة اإلسالمية في عهد‬

‫‪63‬‬
‫ملحق‬

‫الرسول‪ ،‬أخذ الفاروق عمر بن الخطاب الكثير من النظم اإلدارية عن الفرس‪ ،‬واستطاع بهذا‬

‫تطور الدولة العربية‪.‬‬


‫بناء دولة قوية‪ .‬وكان لهذا أثره الكبير في ّ‬

‫قتل ابن المقفع وهو في مقتبل العمر‪ ،‬ولم يتجاوز السادسة والثالثين عند موته‪ .‬إال انه خلف‬

‫لنا من اآلثار الكثيرة ما يشهد على سعة عقله وعبقريته‪ ،‬وانه صاحب المدرسة الرائدة في‬

‫النثر‪.‬‬

‫مؤلفاته‪:‬‬

‫بعض مؤلفات ابن المقفع نقل من الفارسية واليونانية والهندية‪ .‬ومن مؤلفاته‪:‬‬

‫‪ -‬الدرة الثمينة والجوهرة المكنونة‪(.‬األدب الكبير)‬

‫‪ -‬مزدك‪.‬‬

‫‪ -‬باري ترمينياس‪.‬‬

‫‪ -‬أنالوطيقا ‪.‬تحليل القياس‪.‬‬

‫‪ -‬أييننامة ‪ .‬في عادات الفرس‪.‬‬

‫‪ -‬التاج ‪ .‬في سيرة أنو شروان‪.‬‬

‫‪ -‬أيساغوجي ‪ .‬المدخل‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫ملحق‬

‫‪ -‬األدب الصغير‪.‬‬

‫‪ -‬رسالة الصحابة‪.‬‬

‫‪ -‬كليلة ودمنة‪ .‬نقله عن الهندية‪.‬‬

‫بقي ابن المقفع وبقيت الكتب التي كتبها أو نقلها عن الفارسية أو الهندية أو اليونانية مرجعا‬

‫ألن الكتب األصلية ضاعت‪.‬‬

‫يعمر طويال‪ ...‬لكن أدبه عمر‬


‫وقد ترك لنا ابن المقفع الكثير من الكنوز رغم انه لم ّ‬

‫وسيعمر‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫بيبليوغرافيا المصادر والمراجع‬

‫بيبليوغرافيا المصادر والمراجع‬


‫بيبليوغرافيا المصادر والمراجع‬

‫بيبليوغرافيا ا لمصادر والمراج ع‬

‫القرآن الكريم‬

‫‪ .1‬إبراهيم عبادة‪ ،‬الجملة العربية‪ ،‬دراسة نحوية لغوية‪ ،‬دار المعارف‪ ( ،‬د ط )‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬

‫‪1891‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬ابراهيم مصطفى واخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬المكتبة االسالمية‪ ،‬اسطنبول‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪،‬‬

‫ج‪.1‬‬

‫‪ .1‬ابن المقفع‪ ،‬األدب الكبير‪ ،‬مكتبة ومطبعة محمد علي صبح وأوالده‪1891 ،‬م‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪ .4‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‬

‫‪ .5‬ابن هشام‪ ،‬مغني اللهيب عن كتب األعاريب‪ ،‬دار الفكرلطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ج‪.2‬‬

‫‪ .9‬ابن يعيش‪ ،‬شرح المفصل‪ ،‬إدارة الطباعة والنشر المنيرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ( ،‬د ت )‪ ،‬ج‪.1‬‬

‫‪ .7‬احمد المختار عمر‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المجلد الثاني‪،‬‬

‫ط‪.1‬‬

‫‪ .9‬حسن خميس الملخ‪ ،‬التفكير العلمي في النحو العربي‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬

‫األردن‪ ،‬ط‪2119 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ .8‬رابح بومعزة‪ ،‬الحد الدقيق للجملة والوحدة االسنادية‪ ،‬مجلة العلوم االنسانية‪ ،‬جامعة محمد‬

‫خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ط‪2115 ،1‬م‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫بيبليوغرافيا المصادر والمراجع‬

‫‪ .11‬سناء حميد البياتي‪ ،‬قواعد النحو العربي في ضوء نظرية النظم‪ ،‬دار وائل للنشر‪،‬‬

‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪2119 ،1‬م‪.‬‬

‫‪ .11‬سيبوي‪ ،‬الكتاب‪ ،‬تحقيق محمد عبد السالم هارون‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪( ،1‬د‬

‫ج‪1‬‬ ‫ت)‪،‬‬

‫‪ .12‬السيوطي‪ ،‬همع الهوامع في شرح جمع الجوامع‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الحميد هنداوي‪ ،‬المكتبة‬

‫التوفيقية‪ ،‬مصر‪،‬د ط‪،‬ج‪. 1‬‬

‫‪ .11‬طاهر سليمان حمودة‪ ،‬أسس اإلعراب ومشكالته‪ ،‬الدار الجامعية للطبع والنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ( ،‬د ط ) ‪.‬‬

‫‪ .14‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬علم المعاني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪1895 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .15‬عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1،1889‬م‪.‬‬

‫‪ .19‬عبده الراجحي‪ ،‬التطبيق النحوي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪.1889 ،2‬‬

‫‪ .17‬فاضل صالح السامرائي‪ ،‬الجملة العربية تأليفها واقسامها‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪2119‬م‪.‬‬

‫‪ .19‬لويس معلوف‪ ،‬المنجد في اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬

‫تحرير أنطوان نعمة وعصام مدور ولويس عجيل ومنزي الشماس‪ ،‬ط‪2111 ،1‬م‬

‫‪ .18‬محمد حسين معاسلة‪ ،‬النحو الشافي الشامل‪ ،‬دار الميسر للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪2117‬م‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫بيبليوغرافيا المصادر والمراجع‬

‫‪ .21‬محمد كراكبي‪ ،‬بنية الجملة في األدب الكبير‪ ،‬جامعة عنابة‪ 1419 ،‬هـ‪1899،‬م‪.‬‬

‫‪ .21‬مهدي الخزومي‪ ،‬النحو العربي نقد وتوجيه‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1894‬م‪.‬‬

‫‪ .22‬الميداني‪ ،‬البالغة العربية اسسها وعلومها وفنونها‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1889‬م‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫فهرس المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬

‫مقدمة ‪ ...........................................................................................................................................................‬أ‬

‫تمهيد‪0 ......................................................................................................................................................... :‬‬

‫الفصالألول‪ :‬التركيباإلسنادي ‪9 ..............................................................................................................................‬‬

‫‪ .1‬تعريفاإلسناد‪9 ............................................................................................................................................ :‬‬

‫أوال‪ :‬لغتاواصطالحا ‪9 ..........................................................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬فياصطالحالنحويين‪84 ............................................................................................................................... :‬‬

‫‪ .2‬العالقةاإلسنادية‪84 ...................................................................................................................................... :‬‬

‫‪ .3‬تعريفالمسندواالمسندإليه ‪88 .............................................................................................................................‬‬

‫ذكرالمسندوالمسندإليهعندالنحاة‪83 ......................................................................................................................... :‬‬

‫‪ .4‬األحكامالمتعلقةبالمسندوالمسندإليه ‪80 ................................................................................................................‬‬

‫‪.5‬أنواعاإلسناد‪80 ............................................................................................................................................ :‬‬

‫أ‪-‬اإلسنادالتامواإلسنادالناقص‪80 .......................................................................................................................... :‬‬

‫أوال‪ :‬اإلسنادالتام‪80 .......................................................................................................................................... :‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلسنادالناقص‪82 ..................................................................................................................................... :‬‬

‫أوال‪:‬اإلسنادالمعنوي‪81 .......................................................................................................................................:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلسناداللفظي‪81 ..................................................................................................................................... :‬‬

‫‪.6‬اإلسنادبينالمجازوالحقيقة‪81 ............................................................................................................................ :‬‬

‫‪.7‬الفضلةوالعمدة‪81 ......................................................................................................................................... :‬‬

‫‪ .8‬الجملةالصغرىوالجملةالكبرى ‪89 .........................................................................................................................‬‬

‫‪ .7‬مواضعالمسندإليهوالمسندفيالجملةاالسمية‪38 ....................................................................................................... :‬‬

‫‪ .11‬مواضعالمسندإليهوالمسندفيالجملةالفعلية‪33 ...................................................................................................... :‬‬

‫‪ .11‬أغراضذكرالمسند ‪30 .....................................................................................................................................‬‬

‫‪71‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪.12‬أغراضذكرالمسندإليه ‪31 ..................................................................................................................................‬‬

‫‪ .14‬التقديموالتأخيرفيالجملةالفعلية‪24 ................................................................................................................... :‬‬

‫أوال‪ :‬اإلسنادفيالجملةاالسمية ‪22 ............................................................................................................................‬‬

‫‪.1‬اإلسنادفيالجملةاالسميةالبسيطة‪21 .................................................................................................................... :‬‬

‫أوال‪:‬األشكااللتيتتفرعمنالنمطاألول‪21 ...................................................................................................................... :‬‬

‫ثانيا‪ :‬األشكااللتيتتفرععنالنمطالثاني‪ :‬المسندإليهوالمسندوالمتمم ‪29 ..................................................................................‬‬

‫‪.1‬خصائصالتراكيبفيالجملةاالسميةالمحضةالبسيطة‪08 ................................................................................................ :‬‬

‫اإلسنادفيالجملةاالسميةالمنسوخة‪03 ..................................................................................................................... :‬‬

‫األشكااللتييمكناشتقاقهامنالنمطاألول‪03 ................................................................................................................. :‬‬

‫‪-2‬األشكااللتييمكناشتقاقهامنالنمطالثاني‪02 ............................................................................................................ :‬‬

‫‪.1‬خصائصالتراكيبفيالجملةالمنسوخةالبسيطةفياألدبالكبيرالبنالمقفع‪02 ..............................................................................:‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلسنادفيالجملةاالسميةالمركبة‪01 ................................................................................................................. :‬‬

‫جملةالمبتدأ ‪01 .........................................................................................................................‬‬ ‫‪.I‬‬

‫‪ -1‬المصدرةبأنالمثبتةإثباتامجردا ‪01 .......................................................................................................................‬‬

‫‪ -2‬جملةالمبتدأالمنفية ‪01 ...................................................................................................................................‬‬

‫‪ -3‬المزدوجة ‪09 ...............................................................................................................................................‬‬

‫‪ -4‬جملةالمبتدأالمصدرةبأن‪09 ............................................................................................................................ :‬‬

‫جملةالخبر ‪09 ..............................................................................................................................‬‬ ‫‪.I‬‬

‫‪.1‬جملةالخبرالمصدرية‪09 ................................................................................................................................... :‬‬

‫‪ .2‬جملةالخبرالمنسوخة ‪24 ...................................................................................................................................‬‬

‫‪23.......................................................‬‬ ‫‪ .I‬ستنتاجخصائصالتراكيبفيجملةالمبتدأوجملةالخبرفياألدبالكبير‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلسنادفيالجملةالفعلية ‪23 .............................................................................................................................‬‬

‫‪72‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪.1‬التحديدالقديمللجملةالفعلية‪23 .......................................................................................................................... :‬‬

‫‪.2‬التحديدالحديثللجملةالفعلية‪22 ............................................................................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬اإلسنادفيالجملةالفعليةالبسيطة ‪20 ..................................................................................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬اإلسنادفيالجملةالفعليةالمركبة‪22 ............................................................................................................... :‬‬

‫خاتمة‪29 ....................................................................................................................................................... :‬‬

‫ملحق ‪13 ........................................................................................................................................................‬‬

‫بيبليوغرافياالمصادروالمراجع ‪11 .............................................................................................................................‬‬

‫‪73‬‬
:‫الملخص‬

‫ باعتبار أهمية اإلسناد‬،‫إن التركيب اإلسنادي لدى النحاة مرتكز مهم في تناولهم للجملة‬

‫ فقد نال اإلسناد حظوة‬،‫ التي منها ينطلق الدرس وبها تتحقق الفائدة ويحصل المراد‬،‫القصوى‬

،‫ وما تتضمنه كتب النحو والبالغة والتفسير‬،‫ من النحاة والبالغيين‬،‫كبيرة عند علماء اللغة‬

.‫من إشارات عميقة ودراسات ذوقية علمية‬

:‫الكلمات المفتاحية‬

.‫ التركيب اإلسنادي‬،‫ األغراض البالغية‬،‫ القرائن المعنوية‬،‫ البنية‬،‫اإلسناد‬

Résumé :
Les opérations auprès de l'installation fondé important ils aborderont
la phrase, comme il est important d'attribution au maximum, qui en
découle pas d'intérêt leçon qui compte reçoit à. il a obtenu
d'attribution faveurs la langue, de scientifiques ‫والبالغيين النحاة‬, et a
écrit qu'il contient interprétation, des références ‫ ذوقية‬profondes et
des études scientifiques.

Discours ‫المفتاحية‬:

d'attribution, l'infrastructure, morale, preuves fins


rhétorique, installation opérations.

You might also like