Professional Documents
Culture Documents
ادلوسم اجلامعي
2022/2023
نشكر هللا سبحانه وتعالى أوال ونحمده كثيرا على أن
1
إلى خالد الذكر الذي وافته المنية وكان خير مثال لرب ألسرة
العائلة.
2
المحتوى
شكر1...............................................................................................
االىداء2.............................................................................................
ادلقدمة5..............................................................................................
الفصل األول :نظرة عامة عن الكاتب "عبد القادر الفاسي الفهري" وعن أىم ادلصطلحات الواردة يف
ادلؤلف.
متهيد11.........................................................................................
.1.1.1التعريف ابدلؤلِّف " عبد القادر الفاسي الفهرم " كأىم مؤلفاتو12.........................
3
الفصل الثاين :حتديد مضامني الكتاب.
متهيد25..................................................................................
.2.2مضموف الفصل الثاين " .اجلنسية ،ادلعارؼ ،النَّكرات ،كاألمساء العارية "28.......................
متهيد41...............................................................................
خامتة51.............................................................................................
4
مقدمة
5
احلمد هلل رب العادلُت عليو توكلت كبو أستعُت ،كالصالة كالسالـ على سيدان دمحم أشرؼ اخللق كخامت
إف بعض الدراسات ذبمعها رؤية منهجية كاحدة تتمثل يف التتبع النقدم التحليلي للخطاب اللغوم
للوقوؼ على مدل أتثَت اللسانيات الغربية العامة يف البحث اللساين العريب ،كربديدا منذ بداية عصر النهضة
العربية .إذ كاف من ادلتوقع أف ذبد األفكار اللغوية الغربية موقعا يف أحضاف الثقافة العربية .كما اِّقًتح الفكر اللغوم
مجلة من ِّ
االفًتاضات اللغوية األساسية خالؿ عصر النهضة العربية ،كقدـ أعماال كخدمات شليزة ،لكنها مل تستثمر
ألف اإل ىتماـ كاف منصب على كصف بنيات اللغة العربية كصفا اترؼليا يف مستوايت لسانية سلتلفة .ككضع كذلك
إابف مرحلة النهضة رلموعة من األسس اللغوية تنطلق من كاقع اللغة العربية ،كذلك لإلجابة عن التساؤالت اللغوية
سبثلت ىندسة كقياس بداايت اللغة العربية يف دراسات كأحباث مشلت رلاالت لسانية عديدة متنوعة.
بيد أف من الصعب ربديد ىدؼ كغاية الدراسات اللغوية العربية احلديثة ،ألف ىذه األخَتة أاثرت الكثَت من
التساؤالت .كعندما نتحدث عن الدراسات اللغوية العربية فإننا نتحدث ابخلصوص عن اللسانيات العربية .كيف
ىذا الصدد انطلقت من اشكالية مفادىا :ىل ىناك دراسة تسمى ابللسانيات العربية؟ وىل نتوفر على حبث
لساين عريب قائم الذات واضح ادلعامل واحلدود؟ وىل مازالت الغيوم حتوم حول اللسانيات احلديثة وواقعها
إف اللسانيات التوليدية التحويلية انتقلت إىل البحث اللساين يف الثقافة العربية ،بفضل اإلنفتاح الكبَت
للسانيُت العرب على اللسانيات خارج األكطاف العربية .من أبرزىم الفاسي الفهرم الذم كاف لو حظ كافر يف
تقريب اللسانيات التوليدية التحويلية الداللية إىل القارئ العريب ،كذلك بفضل جهوده اللسانية كاقًتاحاتو القيمة
6
يف تناكؿ كثَت من من ظواىر أك قضااي اللغة العربية .إذ جاء حبثنا ادلوسوـ "ذرات اللغة العربية وىندستها ،دراسة
استكشافية أدنوية" من أجل معاجلة عدد من ىذه القضااي اللغوية اليت تتعلق ابللسانيات العربية .كمنها قضية
اجلموع .فما ىو اجلمع أك اجلموع؟ كىل نظاـ العدد يف األفعاؿ كاألمساء العربية سامل؟ كما ىي الطرؽ كادلستوايت
اليت يتم هبا اجلمع فيهما؟ كىل ىناؾ إمكاان للتوازم بُت األمساء/األشياء كاألفعاؿ/األحداث؟ كما صلد أيضا قضية
الضمائر يف اللغة العربية؛ كمن ادلعلوـ أف لغتنا تستعمل بكثرة ضمائر صامتة فارغة .فلمذا تستعملها بكثافة؟
كماىي ىذه الضمائر؟ كالقضي ة األساس أك الظاىرة اللغوية األساسية يف لغتنا تتمثل يف اجلملة ككيفية بنائها أك
نفًتض يف ىذا ادلقاـ أف اللسانيات العربية ىي الكتاابت اللسانية اليت ترتبط ابدلناخ العاـ الذم حكم
الفكر العريب احلديث ،كال يت تعتمد بنيات اللغة العربية موضوعا تشتغل بو .كما نفًتض أف الفاسي الفهرم
سيجيب عن عدد من األسئلة اليت أفرزىا اخلطاب اللساين العريب .كسيعمل على مقارنة اللغة العربية ببعض
اللغات األخرل.
نفًتض أيضا أف الفاسي الفهرم سيصف اللغة العربية كصفا دقيقا ،من خالؿ معاجلتو مجمموعة من
االشكاالت اليت تلحق اللغة العربية ،خاصة على مستول الًتكيب كالداللة .كمن خالؿ تناكلو لعدد من الوقائع
اللسانية كتطبقات كتوقعات أخرل يف النحو العريب .كعليو ،نفًتض أنو سيتناكؿ خصائص اجلملة العربية ككفية
بنائها كتركيبها ،إضافة إىل أنواعها كأظلاطها كصورىا كتطوراهتا يف النظرايت اللسانية .كالعالقات الداخلية بُت
الوحدات اللغوية كالطرؽ اليت تتألف منها اجلمل من الكلمات .كمن جهة أخرل نفًتض أف اجلمع ينشأ يف
مستوايت سلتلفة ،كأف ىناؾ أنواع من اجلموع .كأف اجلمع يف األفعاؿ ستكوف لو أتكيالت متباينة تدين للًتكيب
كالداللة .كنفًتض أيضا أف ادلركبات االمسية قد تنقسم إىل طبقات سلتلفة كمتنوعة.
7
إف تصنيفات الدراسات اللغوية العربية احلديثة لإلجابة عن ىذه االشكاليات ؽلكن القوؿ عنها أهنا
تتشابو .إذ تسعى اللسانيات العربية إىل تسويغ مشركعية كجودىا يف الثقافة العربية من خالؿ كصف اللغة العربية
كصفا كافيا ،كبضركرة تبٍت ادلنهج الوصفي يف الدراسات اللسانية .كذلذا اعتمدت على ادلنهج الوصفي التحليلي
بوصف الظاىرة كربليلها أكال ،مث حل ادلشكالت اليت تلحقها اثنيا ،كصوال يف األخَت إىل نتائج سبكننا يف اإلجابة
يف ضوء ىذا كلو ،قسمت البحث إىل ثالث فصوؿ؛ يتجلى الفصل األكؿ يف زلاكلة الوقوؼ عند
العامل اللساين كاخلبَت الدكيل "عبد القادر الفاسي الفهرم" كعن أىم ادلصطلحات اللسانية الواردة يف ىذا ادلؤلف.
كا لذم تطرقت فيو إىل مبحثُت؛ فتناكلت يف ادلبحث األكؿ معلومات هتم ادلؤلف الفاسي الفهرم ،كيف ادلبحث
الثاين تعريفات بعض ادلصطلحات اللسانية .أما الفصل الثاين ادلوسوـ "ربديد مضامُت الكتاب" تناكلت فيو ستة
مباحث حبسب عدد مضامُت فصوؿ الكتاب .كيف األخَت أييت الفصل الثالت بعنواف ربديد القضااي ادلطركحة يف
الكتاب ،حبيث تناكلت فيو أربعة مباحث؛ فتطرقت يف ادلبحث األكؿ إىل القضااي كاالشكاالت ادلطركحة يف
الكتاب ،كتطرقت يف ادلبحث الثاين إىل ادلنهج ادلتبع فيو ،كادلبحث الثالت إىل ربديد النتائج ادلستنبطة منو ،كيف
ادلبحث الرابع تنا كلت أعلية ىذا الكتاب كآفاقو .كيف النهاية ذيلت البحث خباسبة ،دلا استنتجتو من أىم النتائج اليت
خرجت هبا يف التحليل .كقد استندت الدراسة على مصادر كثَتة ،كاف من أبرزىا الكتاابت اللسانية التوليدية اليت
انقشت قضاايىا بقدر كبَت من التفصيل ،منها :كتاابت األستاذ عبد القادر الفاسي الفهرم ،كدراسة كل من
مصطفى غلفاف كرفاقو دمحم ادلالخ ،كحافظ امساعيلي علوم ،ككذا بعض كتاابت شومسكي chomskyادلًتمجة.
8
كيف األخَت ضلمد هللا الواحد القهار ،العزيز الغفار ،على ما كفقنا إليو ،فإف كفقت فتوفيقي إال ابهلل
عليو توكلت كإليو أنيب ،كإف كاف غَت ذلك فحسب أين حاكلت .كما نتقدـ جبزيل الشكر لألستاذ ادلشرؼ
ادلهدم ادلنهايب على النصائح كالدعم كالتحفيز إلسباـ مسَتة البحث ،فجزاه هللا خَت اجلزاء كأكفاه.
9
الفصل األول:
10
متهيد
قبل اخلوض يف غمار موضوعنا ال أبس من أف نشَت أكال إىل أف عبد القادر الفاسي الفهرم ىو عامل
لسانيات ابدلغرب ،كعامل أبصوؿ النظرايت اللغوية .إذ سأعرؼ يف ىذا ادلقاـ أساسا الفاسي الفهرم كمدل إسهامو
يف تقدـ البحث اللساين العريب احلديث عامة ،كادلغريب خاصة ،كىو ما يندرج عموما يف الكتاابت اللسانية
التوليدية العربية .كاحلاصل أف اللسانيات التوليدية التحويلية انتقلت إىل البحث اللساين يف الثقافة العربية ،بفضل
اإلنفتاح الكبَت للسانيُت العرب على اللسانيات خارج األكطاف العربية .فانتهجت يف البداية أسلوب التعليم بزعامة
مجاعة من الباحثُت ،حيث كاف اذلدؼ ىو تقريب اللسانيات األمريكية من القارئ العريب .قبل أف تتخذ طريقها
الواضح مع الفاسي الفهرم الذم كاف لو حظ كافر يف تقريب اللسانيات التوليدية التحويلية الداللية إىل القارئ
العريب ،كذلك بفضل جهوده اللسانية كاقًتاحاتو القيمة يف تناكؿ كثَت من قضااي اللغة العربية.
كسأخصص احلديث أيضا يف ىذا ادلقاـ عن الوظائف كادلسؤكليات اليت شغلها األستاذ الفاسي الفهرم
يف سلتلف اجلامعات العادلية ،ككذا ذبربتو العلمية العربية كالغربية اليت أاتحت لو توظيف سلتلف ادلناىج العلمية
ادلساعلة يف تقدـ ادلسألة اللغوية يف العامل العريب .إضافة إىل احلديث عن رلموعة من ادلؤلفات اليت ألفها من أجل
مقاربة ككصف اللغة العربية كصفا كافيا .كما سأقدـ بعض اآلراء ادلوجهة ذباىو ،كمنها آراء بعض العلماء
اللسانيُت الغربيُت ،كآراء كل من "مصطفى غلفاف" يف كتابو "اللسانيات العربية احلديثة" ،كاألستاذة "فاطمة الزىراء
بغداد" ،كىي أستاذة ب "جامعة كىراف -أمحد بن بلة" ابجلزائر .كمن جهة أخرل سأقدـ تعريفات بعض
ادلصطلحات اللسانية الواردة يف كتاب "ذرات اللغة العربية كىندستها ،دراسة استكشافية أدنوية" ابعتبارىا
11
ادلبحث األول :معلومات هتم ادلؤلف "عبد القادر الفاسي الفهري".
يعد األستاذ عبد القادر الفاسي الفهرم أحد مفاخر ادلغرب ،فهو عامل لسانيات كخبَت دكيل ،كصاحب
مشركع لغوم سواء تعلق األمر ابلتخطيط اللغوم أك ابلبحث اللساين ،كعامل أبصوؿ النظرايت اللغوية؛ حيث
خصص جهده لبناء النظرية اللغوية العربية على ضوء ادلعطيات احلديثة.
كلد الفاسي الفهرم يوـ 20أبريل 1947يف فاس ابدلغرب ،كعاصر يف طفولتو العقد األخَت من
اإلستعمار الفرنسي .كما أنو نشأ يف أسرة ذكؽ كفن ككاف كالده رجل مبادئ كتربية كموسيقى ،ككانت أمو
متحضرة تتقن كل ما تفعلو ،ففطر على اللغة العربية كآداب اإلسالـ .أما يف ما ؼلص الوظائف كادلسؤكليات ،فقد
حصل على دكتوراه الدكلة كدكتوراه السلك الثالث من "جامعة ابريس السوربوف" يف اللسانيات العامة كالعربية
كفقو اللغة .ككاف زلاضرا يف جامعات أكركبية كأمريكية ،أبرزىا ستانفورد ،كىارفرد ،كليدف أبدلانيا ،كجامعة ابريس
الثالثة .كقد شغل منصب مديرا دلعهد الدراسات كاألحباث للتعريب يف جامعة دمحم اخلامس ابدلغرب من 1994
إىل ،2005كشغل منصب أستاذ الدراسات العليا للسانيات العربية كادلقارنة يف كلية اآلداب كالعلوـ اإلنسانية
ابلرابط ،كشغل منسق جلنة ربرير مشركع أكادمية اللغة العربية ،كرئيسا مؤسسا جلمعية اللسانيات ابدلغرب .كما
كاف عضوا من أعضاء اللجنة الوطنية إلصالح نظاـ الًتبية كالتكوين ابدلغرب.
أما على مستول الدراسة كالتكوين فقد تلقى تعليمو األكيل يف فاس ،كانؿ اإلجازة يف اللغة العربية،
كشهدت مرحلتو الدراسية تفوقا انجحا يف الفرنسية كاحلساب .كقد أراد التخصص يف رلاؿ الفلسفة لكنها كانت
ثقيلة كعميقة -كما يقوؿ -مث اذبو بعد ذلك إىل اإلقتصاد ،لكن فقو اللغة ىي قدره .كيطوؿ بنا احلديث لو أردان
أف نتحدث عن ذبربتو العلمية ،حيث كظف الفاسي الفهرم مناىج علمية ساعلت يف تقدـ ادلسألة اللغوية يف
12
العامل العريب ،كساعلت أيضا يف تقعيد أصوؿ الدراسات اللسانية اليت تناكلت اللغة العربية .الشيء الذم ساعده
على بناء النظرية اللغوية العربية على أسس علمية حديثة .كيف ادلقاـ نفسو نفصح عن كجهة أخرل تكشف عن
رلموعة من ادلؤلفات اليت ألفها الفاسي الفهرم اليت تتضمن رلموعة من الدراسات كاألعماؿ خلدمة الفكر اللساين
احلديث كتطبيقاتو على العربية ،كالسعي إىل بناء سياسات لغوية كزبطيطية عربية عقالنية كعادلة .كمن أبرز ىذه
الكتب:
.1ادلقارنة والتخطيط يف البحث اللساين العريب ( :)1998يتناكؿ ىذا الكتاب دراسة سبثل ظلوذجا
للعالقة القائمة بُت البحث النظرم كالبحث التطبيقي للغة العربية ابعتبارىا لغة ادلعرفة .كىي دراسة جامعة بُت
.2اللسانيات واللغة العربية :مناذج تركيبية وداللية ( :)1985يدرس ىذا الكتاب الوضع الذم
تعيشو اللغة العربية؛ حبيث إف قواعدىا ىي قواعد ضلاة القرف الثاين .فهذا الوضع مل ػلضى دبا حضي مثيلو من
أكضاع اللغات األخرل ،الشيء الذم جعل ىذه اللغة لغة كظفية.
.3البناء ادلوازي :نظرية يف بناء الكلمة وبناء اجلملة ( :)1988تدكر أحداث ىذا الكتاب حوؿ
بناء الكلمات كبناء اجلمل؛ إذ أنو كضع ظلوذجا عاما لرصد الًتابط القائم بُت بناء الكلمة كبناء اجلملة بشكل
متوازم.
. 4أزمة اللغة العربية يف ادلغرب بني اختالالت التعددية وتعثرات الرتمجة ( :)0212يقدـ ىذا
الكتاب رلموعة من احللوؿ التصورية كالعملية حلل ادلشكالت اللغوية كالفكرية اليت سبر منها اللغة العربية يف ادلغرب.
كما يقدـ أيضا نظرة بنائية للتعدد اللغوم كالثقايف ،كيتناكؿ ادلشركع الثقايف العاـ كأىم فوائد الًتمجة.
13
.5السياسة اللغوية يف البالد :حبثا عن بيئة طبيعية ،عادلة ،دميوقراطية ،وانجعة( :)0212يعاًف ىذا
الكتاب ما تطرحو قضية اللغة كاذلوية من إشكاالت هتدد ىوية العربية الفصحى كتؤثر سلبا على أتزـ الوضع
الثقايف كالسياسي كالفكرم .فهي مسألة استبقاء اللغة العربية كمحايتها ،كابدلقابل إيقاؼ زحف اللغات األجنبية.
.6العدالة اللغوية والنظامة والتخطيط ( :)0202كتاب حاكؿ من خاللو الفاسي الفهرم اجلمع بُت
السياسة اللغوية كالعدالة كاألخالؽ من خالؿ أحباث كدراسات التعدد اللغوم .إذ تناكؿ موضوعات جديدة يف
األدبيات اللسانية كالسياسة العربية هتدؼ إىل بلورة عدالة لغوية كتدبَت قضااي الوحدة كالتنوع كالتعدد.
.7ادلعجم العريب :مناذج حتليلية جديدة ( :)1986حاكؿ من خالؿ ىذا ادلؤلف معاجلة إشكاالت
عامة زبص اإلطار النظرم كادلنهجي لتحليل خصائص ادلفردات كادلواد ادلعجمية ،ككذلك ما ؼلص ادلادة العربية
ادلعجمية تصورا ككصفا .إضافة إىل إشكاالت خاصة هتم صيغة من الصيغ كمعانيها كميزاهتا الًتكيبية ،أك معٌت من
.8معجم ادلصطلحات اللسانية :إنكليزي -فرنسي -عريب .مبشاركة د .اندية العمري عام
( :)0229معجم سلتص عمل على خلق لغة اصطالحية جديدة ،تتكوف من مصطلحات متداخلة كغَت متزامنة،
ىي مصطلحات يف توالد كمي ككيفي يدعو إىل ادلواكبة كادلراجعة ابستمرار .كما يعمل على غلق دالالت
ادلفردات عند أىل اإلختصاص ،كذلك من أجل عزؿ كزبصيص لغة موحدة.
كمن بُت ادلؤلفات األخرل صلد" :البحث اللساين كالسيميائي(" ،")1981اللسانيات ادلقارنة
كاللغات يف ادلغرب (" ،")1996ادلعجمة كالتوسيط" ،")1997( :لسانيات الظواىر كابب التعليق (،")2018
14
كما ىو مستخلص من كتاابتو أنو أراد كصف اللغة العربية احلالية كصفا كافيا ،مؽلَ ِّك من من بناء نظرية اللغة
1
العربية أك(ضلو) ؽلثل ادللكة الباطنية دلتكلم ىذه اللغة كمستعملها.
شلا ال شك فيو أف "عبد القادر الفاسي الفهرم" أستاذ ابحث فريد من نوعو .فقد كصفو علماء
لسانيوف غربيوف أبنو عبقرم كابحث كبَت يف رلاؿ اللسانيات ،كاف لو دكرا كبَتا يف أخذ اللسانيات العربية مكانة
علمية مهمة داخل ميادف البحث كمراكزه ،كفتح الباب على مصراعو للبحث يف سلتلف رلالتها.
كحضي إبعًتاؼ كاسع من قبيل األكساط العلمية اللسانية ،مثل معهد" ماسا-سوستش" ابلوالايت
ادلتحدة األمريكية ،كما أشاد بقيمة أحباثو العامل اللغوم ادلعركؼ "شومسكي ."Chomskyكقد أشاد بقيمة
أحباثو أيضا الكاتب مصطفى غلفاف كقاؿ" :أبنو يقارب اللغة العربية يف أحدث النماذج اللسانية ،بل يف آخر
ظلوذج لساين توليدم كىو ظلوذج الربط العاملي يف كقت ما تزاؿ الكثَت من الكتاابت للتوليدية العربية (مهما كانت
2
طبيعتها سبهيدية أك تطبيقة)".
كأعماؿ ىذا الباحث ادلغريب ال صلد ذلا ذكر يف ادلصادر كادلراجع اليت تقدـ اللسانيات للقارئ العريب أك
رباكؿ أف تطبقها على الللغة العربية .يف أعماؿ ىذا اللساين ابتكار كاجتهاد ال ؽلكن اغفاذلما بسهولة ،كصلد
شومسكي كغَته من التولديُت يضعوف أعماؿ الفاسي ضمن مصادرىم ،ىذا ىو اإلسهاـ احلقيق للسانيات
3
العربية.
15
كلعل كتاابت الفاسي تتميز عن غَتىا من الكتاابت اللسانية ،كال ربتاج إىل تنبيو القارئ للفرؽ اذلائل بُت
كتاابت الفاسي العربية كغَتىا من الكتاابت ،إذ أنو كيَّف قواعد النظرية التوليدية دبا يتوافق مع الطبيعة الًتكيبية
للغة العربية .كهبذا يتميز عن غَته ألنو اتصف بشمولية التحليل كتكمالو ،مشولية ال تتميز هبا أم مقارنة توليدية
1
عربية أخرل.
لعلنا ال صلانب الصواب إذا قلنا إف نشأة البحث اللساين العريب احلديث ترتبط ابدلناخ العاـ الذم
حكم الفكر العريب احلديث ،ابتداءا شلا عرؼ بعصر النهضة العربية .إذ تناكلت العديد من الدراسات مسألة كاقع
البحث اللساين احلديث يف الثقافة العربية ،كالتعريف بو يقتضي احلديث عن ادلعرفة اللسانية بغية تقوؽلها كأتكيل
2
قراءاهتا ،كاستقراء قضااي البحث اللساين العريب عامة كادلغاريب خاصة ،كما يرتبط بو من قضااي نظرية كمنهجية.
فاللسانيات العربية مصطلح مركب ،كىو من ادلصطلحات ادلتداكلة كالرائجة يف ساحة الدراست اللغوية
العرب ية احلديثة .فهناؾ من يرل أف ىذا ادلصطلح يطلق على اجلهود العربية الًتاثية ألهنا تتوافق يف أمور كثَتة من
الدراسات اللسانية الغربية احلديثة ،كىناؾ من يرل أنو أطلق على الكتاابت اللسانية العربية احلديثة دبختلف
توجهاهتا سواء أكانت كتاابت سبهيدية أك تراثية أك توفيقية .إذ ؼلتلف مدلولو من ابحث إىل آخر إبختالؼ
1انظر بغداد ( )2017أطركحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يف اللسانيات ،البحث اللساين يف ادلغرب العريب ،ص.232
2ادلرجع نفسو ،ص .2
16
اخللفيات ادلعرفية ،كإذا أردان أف ضلدد أك نبحث عن مدلولو السليم غلب أف نعود إىل أصل ادلصطلحات ادلركبة
1
لو.
اللسانيات يف أبسط تعريف ذلا ىي العلم الذم يهتم بدراسة اللغات اإلنسانية كدراسة خصائصها
كتراكيبها كدراجات التشابو كالتباين فيما بينها .كىي الدراسة العلمية ادلوضوعية للساف البشرم ،كىو علم غريب
أراد سوسَت من خاللو دراسة اللغة يف ذاهتا كمن أجل ذاهتا .كعندما نظيف إىل ىذا ادلصطلح كلمة "العربية"
علميا ،غلب أف يكوف ادلطلوب أك ادلقصود الدراسة العلمية للساف البشرم اليت قدمتها اجلهود كالدراسات العربية.
2
كىنا تطرح الكثَت من التساؤالت اليت تثبت أك تنفي كجود ىذا النوع من الدراسة.
فاللسانيات العربية ىي الكتابة اللسانية اليت تعتمد بنيات اللغة العربية موضوعا تشتغل بو كيتمحور
حولو كل اىتماماهتا .كيتم النظر للغة العربية يف ىذه الكتاابت ابعتبارىا نسقا صوراي أك كظيفيا ؽلكن كصفو أك
3
تفسَته يف سلتلف ادلستوايت ادلعركفة يف التحليل اللساين احلديث.
لقد تدرجت الكتابة اللسانية العربية احلديثة كأصبحت متفاكتة يف قمتها ادلنهجية كمستواىا العلمي
ابلقياس دلا كصل إليو البحث اللساين العاـ ،كبلغت الكتاابت اللسانية العربية اليت تعرؼ ابللسانيات مستول
جيدا .كتمع َكس الكتاابت اللسانية العربية مهما اختلفت مشاريعها الفكرية كطبيعتها النظرية ،كتنوعت دراجتها
4
العلمية كادلعرفية كاإلىتماـ البالغ الذم توليو الثقافة العربية احلديثة للسانيات.
17
Minimaliste Program .0.0.1تعريف مصطلح الربانمج األدنوي
األكىل للسانيات التوليدية .إذ مثل أحد أبرز التشكالت اجلديدة للبحث يف ربديد معامل ادلعرفة اللغوية ،أك
خصائص النحو ابعتباره عضوا ذىنيا ،أك ملكة بشرية تدخل دراستها ضمن الدراسات اللغوية.
كيعترب ىذا الربانمج امتدادا طبيعيا لصيغ سابقة للنحو التوليدم يف البنية ادلنطقية للنظرية اللسانية منذ
1955؛ إذ ؽلكن اعتباره امتدادا لنظرية العمل كالربط من جهة الكشف عن اخلصائص العامة للملكة اللغوية
كتدقيق آليات اشتغاذلا ،كادلبادئ العامة ادلتحكمة يف بنائها 1.كيشًتؾ يف عدة اِّفًتاضات أساسية مع أسالفو من
النظرايت منذ مخسينيات القرف ادلاضي حىت اآلف ،على الرغم من التغَتات اليت طرأت على ىذه النظرايت على
طوؿ تقدـ مسار البحث 2.فاألمر يتعلق بربانمج كليس نظرية ،أم أنو يتبٌت رلموعة من التوجهات كاإلختيارات
كاإلفًتاضات اليت مل هتيكل بعد دبا يكفي يف إطار نظرية كاضحة قابلة للدحض كالركز .حيث شكل ربوال نظراي ال
مثيل لو يف اتريخ النظرية التوليدية ،كسبيز ابستغنائو عن عدد من ادلفاىيم التوليدية كاإلجراءات اليت كانت متبعة يف
3
النماذج السابقة ،كاقًتح بعذ ذلك مفاىيم جديدة مل ترد يف تلك النماذح كالتصورات اللسانية.
كما ؽليز ىذا التصور اجلديد ىو اعتبار اللغة نظاما زلكما ( )Perfect systemذا تصميم أمثل؛
كمعٌت ىذا أف أضلاء اللغات الطبيعية ،كاألنساؽ الذىنية األخرل تتفاعل كتتناسب فيما بينها ،كخاصة أنظمة
1انظر غلفاف ( )2010اللسانيات التوليدية :من النموذج ما قبل ادلعيار إىل الربانمج األدنوم ،ص .365
2
انظر Naom Chomsky: The Minimalist Program Cambridge MA MIT Press 1995
نعوـ شومسكي :مقدمة للربانمج األدنوم.ترمجة أكراس اجلاين.
3انظر ادلالخ ،كإمساعيلي علوم )2017( ،رللة العلوـ اإلنسانية كاإلجتماعية ،الربانمج األدنوم :األسس كالثوابت .ص .171
18
الفكر كالنطق .فالربانمج األدنوم ىو إطار عاـ توجهو أسئلة للبحث كزلاكر لالستكشاؼ ،ؽلكنها أف تزج
ابلبحث يف اذباىات غاية يف التنوع كالثراء .إنو برانمج مفتوح على آفاؽ عديدة كمتنوعة كسلتلفة للبحث يف اللغة
1
طادلا مل توجد بعد نظرية أدنوية مكتملة للغة.
كيندرج ىذا الربانمج من جهة أخرل يف إطار عاـ للمقاربة العلمية اذلادفة إىل تفسَت عاـ للظواىر
ادلدركسة أببسط الطرؽ ،كذلك ابإلعتماد على اإلستنتاجات الصورية القائمة على عدد زلدكد من الفرضيات
القادرة على تغطية أكرب عدد من ادلعطيات كالوقائع .فهذا الربانمج ىو زلاكلة لتبسيط النظرية إىل أبعد حد سواء
2
يف مستول الصياغة الصورية ،أك يف عدد مستوايت التمثيل اللساين.
اجلمع لغة :الضم ،يقاؿ" :مجع الشيء عن تفرقة غلمعو مجعا" 3.كقاؿ ابن فارس" :اجليم كادليم كالعُت أصل
4
كاحد يدؿ على تضاِّـ الشيء".
5
اصطالحا :استعمل لفظ اجلمع منذ بداايت الدرس النحوم؛ إذ صلده يف مواضيع كثَتة من كتاب سيبويو،
6
كاستعمل آخركف كالزسلشرم كابن معطي لفظ امجمموع أك اجلموع.
كأقدـ ما كجدتو من تعاريف اجلمع من حيث مدلولو اإلصطالحي ،قوؿ الرماين" :اجلمع :صيغة مبنية
من الواحد للداللة على العدد الزائد على اإلثنُت" 1.كيدؿ مفهوـ اجلموع أك اجلمع يف اللغوايت على كمية أكثر
1ادلرجع نفسو.
2ادلرجع نفسو.
3انظر ابن منظور ،لساف العرب ،مادة "مجع".
4انظر ابن فارس ،مقاييس اللغة ،مادة "عجم".
5انظر سيبويو (ت 180ق) الكتاب ،صص .484 ،417 ،322|3 ،48|2
6انظر الزسلشرم (ت 530ق) ،ادلفصل يف علم العربية ،صص .188-111-110
19
من اإلثنُت ،كعادة ما تطلق على األمساء .كما تستخدـ كلمة مجع لتدؿ على كمية غَت الكمية اإلفًتاضية لإلسم
كاليت ىي عادة الواحد .كيوجد اجلمع يف مجيع اللغات الطبيعية ،كؽلثل بعدة طرؽ زبتلف حسب اللغات.
اجلمع يف اللغة العربية ىو اإلسم الذم يدؿ على أكثر من اثنُت أك اثنتُت ،بزايدة يف آخره ضلو[ مدرس
– مدرسوف ] أكتغيَت يف بنائو ،ضلو[ طفل–أطفاؿ ] .كينقسم إىل ثالثة أنواع :مجع ادلذكر السامل ،كمجع ادلؤنث
السامل ،كمجع التكسَت؛ كيسمى النوعاف األكالف مجعا سادلا ،ألهنما ال يغَتاف كثَتا يف ادلفردة أك الكلمة ،بل يغَتاف
حرفُت على األكثر ،كحسب قواعد اثبة .أما النوع الثالث كىو مجع الكسر أك التكسَت فيغَت الكثَت من األحرؼ
كيطوؿ بنا احلديث لو أردان أف نفرد لكل نوع من الثالثة دراسة تبُت خصائص كل كاحد منهم:
فاجلمع ادلذكر السامل ،ىو مادؿ على اجلمع ادلذكر بزايدة يف آخره ،كمن دكف تغيَت يف بنائو ،ضلو:
"مهندسوف ك كاتبوف" كيسمى سادلا ألنو ال يغَت شيئا يف تركيب الكلمة األصلية ،بل يضيف حرفُت فقط ،كعلا
الواك كالنوف يف حالة الرفع ،كايء كنوف يف حاليت النصب كاجلر .كتكوف ىذه الواك كالياء ادلظافة ىي عالمة إعرابو؛
فهو يرفع ابلواك ،كينصب كغلر ابلياء[ .الرفع :أكل العاملوف – النصب :كافأ ادلدير العاملُت – اجلر :ذىب دمحم
إىل العاملُت].
أما اجلمع ادلؤنث السامل ،ىو مجع أبلف كاتء زائدتُت ،ضلو [ :مدرسات – مؤمنات – فاضالت –
ىندات ]...كيسمى سادلا ألنو يغَت حرفا كاحدا فقط من الكلمة األصلية .كأما من حيث احلالة اإلعرابية ،يرفع
ِّ
الورقات على ادلكتب] ادلعلمات] كينصب ابلكسرة النائبة عن الفتحة :ضلو [ ،إف ابلضمة الظاىرة :ضلو [،جاءت
م
ِّ
القاعات] كغلر ابلكسرة الظاىرة [ :غلتمعوف يف
1انظر الرماين(ت 384ق) احلدكد النحوية ،كتاب رسائل يف اللغة كالنحو.39 ،
20
وأما مجع التكسري ،كيسمى أيضا مجع الكسر ،فهو مجع يقوـ بتغيَت عددا كثَتا من األحرؼ يف اإلسم
ادلفرد دكف اإلعتماد على قاعدة اثبتة ،كيسمى مجع تك سَت ألنو يكسر الكلمة كيغَت أصلها .كذلذا التغيَت ثالثة
أشكاؿ:
مس ٌد".
َس ٌد – أ م
الثالث :تغيَت احلركات ،ضلو" :أ َ
كحالتو اإلعرابية ىي نفسها لإلسم ادلفرد .الضمة للرفع ،الفتحة للنصب ،كالكسرة للجر.
اجلملة لغة :من فعل (مجل) كأييت دبعٌت ذبميع شيء مع شيء .يقوؿ ابن فارس(" :مجل) ،اجليم كادليم
كالالـ أصالف :أحدعلا َذبَ ُّمع كعظم اخللق ،كاآلخر محسن .فاألكؿ قولك :أمجلت الشيء ،كىذه مجلة الشيء،
كأمجلتو حصلتو" 1كقد أييت دبعٌت ربصيل حساب أك إمجالو ،كقد أييت دبعٌت احلم ِّ
سن كاجلماؿ .اصطالحا تعرؼ
اجلملة يف النحو العريب أبهنا كل كالـ أك لفظ سواء كاف مفيدا أك غَت مفيد .إذ عرفها ابن جٍت (ت 392ق)
2
أبهنا كل كالـ مفيد مستقل بنفسو .كأهنا على ضربُت ،مجلة مركبة من مبتدأ كخرب ،كمجلة مركبة من فعل كفاعل.
كتفيد اجلملة حبسب الزسلشرم (ت 538ق) "جاء من األظلوذج الزسلشرم أف الكالـ مؤلف إما من امسُت ،أسند
21
أحدعلا إىل األخر ضلو :زيد قائم ،كإما من فعل كاسم ضلو :ضرب زيد ،كيسمى كالما كمجلة" 1.أما ابن يعيش
2
(ت 643ق) عرفها بقولو" :كالكالـ ىو ادلركب من كلمتُت أسندت إحداعلا إىل األخرل ،...كيسمى اجلملة"
كعموما اعتٌت النحاة بدراسة اجلملة كأنواعها كأظلاطها كصورىا ،لكن من الصعب اإلحاطة بكل ما
كمن جهة أخرل حضيت اجلملة العربية دبكانة متميزة يف اللسانيات التوليدية ،إذ تعد من الناحية
اللسانية احلد األدىن من الكالـ الذم ػلسن السكوت عليو .كما عرفها لسانيوف ابحثوف أبهنا كحدة لسانية
ربكمها مبادئ صرفية كصوتية كتركيبية كداللية .فقد حضيت اجلملة بعناية فائقة يف اللسانيات ،كأخذت جانبا
مهما من جهود اللسانيُت احملدثُت ،زلاكلُت استثمار ما توصلت إليو اللسانيات احلديثة ،كاختلفت مذاىبهم يف
3
ربديد مفهومها أيضا ابِّختالؼ زكااي نظرىم كمنطلقاهتم ادلعرفية.
كقد عرفت اجلملة تطورات عديدة بتطور النظرايت اللسانية ،ففي اللسانيات التوليدية مر ربليل اجلملة
بتطورات سريعة مرتبطة بتطور اللسانيات التوليدية .فبنية اجلملة يف ظلوذج شومسكي ( )1957ليست ىي بنية
اجلملة يف ظلوذج ادلبادئ كالوسائط ،أك يف ظلوذج الربانمج األدنوم؛ ذلك أف ربليل اجلملة كاشتقاقها تطور من
4
حيث ادلفاىيم ككيفية اإلشتغاؿ من ظلوذج إىل آخر.
كنستنتج من خالؿ ذلك ،إف تعريف اجلملة يقوـ على اإلستقالؿ الًتكييب كالتماـ الداليل؛ ابعتربىا أكرب
عالمة لسانية شلكنة يف اتريخ الفكر اللساين احلديث ،كابعتبارىا اآلداة الرئيسة للتواصل كالتعبَت ،كأهنا رلموعة من
22
أتسيسا على ما تقدـ ذكره ؽلكن القوؿ إف اجلملة منطلق كل دراسة لسانية ،كبداية كل كصف لساين.
فاجلملة ىي كحدة التفاىم كالتخاطب بُت ادلتكلم كادلتلقي ،كالوحدة الداللية الرئيسية يف عملية التواصل اللغوم.
23
الفصل الثاين
24
متهيد
ال ؼلتلف رأايف يف القوؿ إف الفاسي الفهرم أراد من خالؿ كتاابتو كصف اللغة العربية كصفا كافيا،
مؽلَ ِّك من من بناء نظرية اللغة العربية أك(ضلو) ؽلثل ادللكة الباطنية دلتكلم ىذه اللغة كمستعملها 1.حبيث ضمن ىذا
الكتاب بعضا من التحاليل كالنتائج اليت توصل إليها من أحباث كمساعلات سابقة كتبها ابإلصلليزية ألف األحباث
اجليدة عن العربية اندرة كقليلة .فالعربية ال ربضى ابإلىتماـ الكايف ،كابإلعًتاؼ ادلشجع ،كاألحباث العربية مشتتة،
ذلذا تفًتض قراءة ىذا الكتاب أف يقع الًتصيد كالًتاكم يف فهم اإلشكاالت اليت يعاجلها الفاسي
الفهرم ابللغة العربية ،حيث يعاًف موضوعا جديدا كدقيقا يف اللسانيات العربية ،كخاصة على مستول الًتكيب
كالداللة .يتعلق األمر ابلبحث يف ذرات األمساء ،كذرات األفعاؿ كاألحداث ،كيعاًف العدد العريب كما يرتبط بو من
مفاىيم اجلنس كالنوع كالكتل كالزمر (امجممعات) ،كأصناؼ األمساء .إضافة إىل اجلمع يف األفعاؿ كاألحداث،
كالًتاكيب ادلعكوسة ،كبنيات الكل كاجلزء ،كخصائص الضمائر الصامتة ،كما يتناكؿ بعض خصائص اجلملة
العربية.
سبثل ىذه الدراسات مدخال للسانيات األدنوية ،كما كصلت إليو من دقة ككعرة استداللية .إذ إف الثورة
العلمية الشاملة أصبحت متسعة يف العقود األخَتة ،كأصبحت تشمل رلاالت متعددة يف العلوـ ادلعرفية
كاحلاسوبية .شهدت ابخلصوص نقالت نوعية يف ربديد التصورات كالنظرايت كادلناىج كالتقنيات ،مع إبراز سبثالت
كمبادئ كمقاييس جديدة ،كبناءات استداللية كمنطقية غَت مسبوقة .من بينها الربانمج األدنوم الذم يعد الركيزة
25
األساسية لدراسات كأحباث ىذا الكتاب ،على أساس أنو أحد أبرز التشكالت اجلديدة للبحث يف ربديد معامل
ادلعرفة اللغوية.
ؽلثل ىذا الفصل ذرات الذكات (الكلمات ،ادلفردات ،كاألجزاء) كالعالئق األساسية اليت تعمل يف
أتليفها ،كالطبقات الضركرية للتمييز بينها .كيعتمد ىذا التحليل نظاما للسمات يعتمد على ثالث خصائص،
كىي[ :ذرم ،فرادم ،كرلمع] ،كيعرج على طبقات تصنيف األمساء دبا فيها األفراد كامجممعات(الزمر) كاألنواع
كالكتل.
كيهتم كذلك أبنواع اجلموع كضركب العدد كربليالهتا النظرية؛ إال أف نظاـ العدد يف العربية معقد كملتو.
كمن ادلعركؼ أف نظاـ العدد يف العربية نظاما ثالثيا مبنيا على العد< :مفرد ،مثٌت ،كمجع> إال أف الواقع كما قلنا
أكثر تعقيدا ،كأقل نسقية من ىذا النموذج العدم الرقمي .فالنموذج العدم الرقمي الثالثي للعدد ِّ
االمسي ؽلكن
بواسطتو اشتقاؽ ادلثٌت كاجلمع من ادلفرد بقاعدة إلصاؽ ،مثل (مدرس ،مدرساف ،مدرسوف) .ىذا النظاـ السلسلي
(السامل) يكاد يكوف ىامشيا ابلنسبة للجموع ،فاجلموع يف األمساء مكسرة عادة ،ضلو( :رجل ← رجاؿ،
*رجلوف) ،كيظهر على الفعل تركيبيا ،من مثل( :الرجاؿ جاؤكا ،أربعة رجاؿ ،ألف رجل) .كىناؾ اجلمع غَت العاقل
الذم يبدك ككأنو مؤنث مفرد ،مثل (الكالب تنبح (*نبحوا)) ،كألف األمر يتعلق جبمع ،فإف احلديث عن ادلفرد
كعن ادلؤنث يف مثل ىذه احلاالت مضلل ،ألف الكالب قد تكوف ذكورا.
كىكذا يتبُت أف اجلمع ؽلكن أف ينشأ يف مستوايت سلتلفة من تركيب ادلركبات ِّ
االمسية أك احلدية .كمن
جهة اثنية يعد امجممع كامسا للوحدة ،كىو مايصطلح عليو ابسم النوع؛ ِّ
فاالسم الذم يشتق منو اسم الوحدة إسم
يدؿ على النوع ،كرغم كونو مفردا فإنو يدؿ على اجلمع ال على ادلفرد فقط .كيتم اشتقاؽ مفردة منو عرب الصقة،
26
قد تكوف التاء أك الياء ،ضلو( :مسك ← مسكة ،يوانف ← يوانين) ،كما ؽلكن اشتقاؽ قاعدة من اسم الوحدة
(مسكة) للجمع الذم يدؿ على كحدات (مسكات) ،ككما يف (يوانين ← يواننيوف).
كيبٌت اِّسم النوع مع زلموؿ ذلذا النوع أك امجممع ،ضلو( :ذبمع السمك ،ذبمعت السمكات) ،كزلمولو
ؽلكن أف يكوف مجعا ،مثل(:السمك أمساؾ) ،كال ؽلكنو أف يبٌت مع ادلفرد أك اسم الوحدة ،ضلو*( :ذبمعت
السمكة).
كليس النوع زمرة (رلمعات) ألف النوع ىو اللفظ الذم يدؿ على عموـ ما يدؿ عليو لفظو كعلى
الوحدات اليت تتحقق يف العامل احملسوس كادلوضوعات كالفرادات .أما الزمر فهي التصل إىل أجزائها عادة ،كليست
ذلا مسة فرادم ،فالفركؽ األساسية بُت الزمر تتمثل يف كوهنا مبنية يف ادلعجم ،أك مركب يف الًتكيب .من الزمر
ادلعجمية "فريق ،جلنة" ،كالفرؽ بينهما ال ػلمل أم فرؽ داليل ،كيدخل عليها اجلمع ،كىو مجع رلموع ،نقوؿ:
(فمػ مرؽ ،كجلاف) .إذ تتميز ىذه الزمر خبصائص أعلها أف تكوف مفردة ،كأتنيثها عادة شكلي.
كابلتايل ؽلكن التميز بُت أ نوع سلتلفة من امجممعات منها رلمعات معدكدة ،ضلو( :فريق) ،كرلمعات ال
معدكدة ،مثل( :أاثث) .ابإلضافة إىل رلمعات تركيبية تتصرؼ بصفة ملتبسة يف الًتكيب .مثل "انس" حيث
تتصرؼ كجمع موزع ،لو تطابق اجلمع العاقل (الناس يصلوف لرهبم) ،أك كزمرة ذلا تطابق ادلؤنث (الناس تصلي
لرهبا) ،ابعتباره عنصرا أساسيا من أجل بناء مجع خاص ،يدؿ على مجاعة خاصة ،أك ذبمع أك زمرة.
كمن جهة أخرل ليس النوع كثلة ،فالكثلة أك ادلادة ،مثل <زيت> ليس ذلا موضوع منفصل ؽلكن أف
يكوف كحدة لو .كالكتلة ىي أساسا ربييد للفرؽ بُت اجلمع كادلفرد ،كإحالتها إضافة إىل إحالة اجلنس مرتبطة ابحلد
أم أداة التعريف ،كأف داللة األمساء ،دبا فيها داللة اِّسم النوع تظل مستقلة ذاتيا عن داللة احلد .فتأكيل ادلركبات
ِّ
اال مسية أك احلدية مرتبط بوجود أداة التعريف أك عدـ كجودىا ،ففي احلالة األكىل تكوف القراءة جنسية،
27
ضلو(:الكال ب تنبح) ،كيف الثانية تكوف القراءة كجودية ،ضلو(:كالب تنبح) .كنفس الشيء يصدؽ على قراءة
الكتلة اجلنسية (اشًتيت الزيت) ،يف مقابل القراءة الوجودية (اشًتيت زيتا).
فرز ظلائط اللغات يف ىذا امجماؿ؛ إذ ىناؾ الكثَت من ادلقارابت اليت تبنت االفًتض احلدم للمركبات االمسية.
كتتمثل كظيفة احلد على أهنا انقلة ظلطية ،ينقل ادلركب ِّ
االمسي الذم يدؿ عادة على محل "ذ" (ذات) ،أك
"ز" (زماف)؛ دبعٌت أف الكالـ ػلصر يف النقل من احلمل إىل الذات على اعتبار أف اِّسم اجلنس مثل (كلب) يدؿ
على خاصية الكلب أك على احلمل ،كيصبح ذاات صاحلة ألف تكوف موضوعا حُت يركب مع حد ،قد يكوف أداة
التعريف ،مثل( :نبح الكلب) أك التنكَت مثل( :رأيت كلبا) .كما تستعمل أداة التعريف للداللة على التأكيل
اجلنسي (الكالب تنبح) ،عالكة على التأكيل الوجودم (كالب تنبح) .ففي غياب ىذه األداة يكوف التأكيل
كجوداي ابلضركرة .كال بد من اإلشارة إىل أف الوجودية ادلشار إليو ىنا ال تصدؽ على كل األمساء العارية.
الًتكيب ،أـ يف ادلعجم ،كإذا كانت ىناؾ مؤشرات تدؿ على أف اإلدماج يتم يف الًتكيب ،فإف مسألة زبريج التنوين
تظل عالقة .فالتنوين ليس أداة للتنكَت ابلضركرة ،بل قد يكوف ضراب من التمكُت يف االمسية.
إشكاليا ،ككذلك غياب أتكيل النوع .ككما رأينا أف التأكيل اجلنسي يف العربية يتطلب كركد أداة التعريف عادة؛ إال
أف ىناؾ أتكيال جنسيا يظهر مع النكرة ،كما يف (كلب صغَت ينبح) ،كىذا التأكيل مشركط بضركرة كصف ِّ
لالسم
(صغَت).
28
كعالكة على ىذا بُت كارسن ( ،Karsen 1977ككستنر ككريفيكا ()Krifka,Gestner )1987
أف احلد يف اجلنسي ادلعرفة ،مثل (األسد) ينبغي أف يقًتف دالليا بنوع معهود أك نوع طبيعي ؽلكن أف ػليل عليو
ادلركب احلدم .أم أف إحالة احلد غلب أف تقًتف خبلفية معرفية أك معلومة معهودة ،كأف نقوؿ مثال (األسد
سينقرض قريبا) .كإذا صح ىذا ،فإف احلد الؽلكن أف يكوف فارغا أك حشواي.
يفًتض الفاسي الفهرم ىو اآل خر أف احلد ىنا عائد معرفة معهودة ،كال ؽلكن أف يكوف صنيفة
(نفسو)( ،كأف يكوف نوعا مثال) .فاحلد ال ؼللق النوع أك الكثرة أك الفردة ،كإذا كاف ىذا صحيحا ،فإف احلد يف
جنس ادلعرفة ليس أقل إحالية من احلد الذم يستعمل يف الفرادات ،كالذم ؽلكن اعتباره عائدا خطابيا .بيد أف
أمساء التفضيل يف العربية حينما تكوف مفردة على األقل ،ال تكوف إال نكرة يف الًتكيب ،ضلو( :أكرب اجلبل مغطى
ابلثلج* .األكرب) ،كإذا كصف التفضل يكوف كصفو نكرة ابلضركرة (*ادلغطى) .كحُت يقع بعد اإلسم فإنو يكوف
معرفة ابلضركرة (اجلبل األكرب مغطى ابلثلج* .أكرب) .كمن خصائص اِّسم التفضيل أنو ال يدخل يف اإلضافة
ادلعرفة ،حىت حُت يكوف معرفة (*أكرب اجلبل) ،كما ال يدخل التعريف عليو حُت يكوف قبليا (*األكرب اجلبل).
كقد تناكؿ الفاسي الف هرم كذلك يف ىذا الفصل من الكتاب طبقة األمساء الطبيعية؛ حبيث قسمها إىل
أربعة أقساـ/طبقات ،أكذلا طبقة األفراد (الفرادات) ،كمن أمثلتها( :أكلت سبرة) ،كىي طبقة تدؿ عليها صرفية
خاصية ىي الصقة التاء مثال .كاثنيها ،طبقة األنواع :ضلو( :أكلت سبرا) ،إذ يتبُت من خالؿ ىذا ادلثاؿ أف النوع
يدؿ عليو مفرد .كاثلثها طبقة الزمر/اجلماعات ،ضلو( :لقيت فريقا) .كرابع ىذه الطبقات ىي الكتل ،ضلو:
(اشًتيت زيتا).
كاحلاصل أف األفراد أك الفرادات زبتلف عن األنواع ادلرتبطة هبا ،كوهنا التسمي إال الوحدات ادلنفصلة
اليت ذلا حدكد فاصل ة حوزية .كىناؾ ما يدؿ على أف األفراد مشتقة صرفيا من األنواع ،فتلتصق هبا التاء ،إذا كانت
29
من اِّسم ذات غَت إنساف ،مثل( :كرؽ ← كرقة) كتكوف الوحدة من اسم إنساف ابلياء( ،يهود ← يهودم) .كما
زبتلف الزمرة عن كل من الكتلة كالفرد كالنوع؛ إذ إف الزمرة ؽلكن أف تكوف سابقا لعائد مجع بصفة مباشرة أك غَت
مباشرة .فالزمرة سباثل اجلمع يف التطابق مع الفعل أبف يكوف الفعل مجعا ،كأف نقوؿ( :الفالسفة يقولوف ىذا) ،أك
مؤنثا أتكيلو على الزمرة ،ال على التأنيث ،ضلو( :الفالسفة تقوؿ ىذا).
ال ؼلفى على دارس م بادئ كأصوؿ األدبيات احلديثة ما عرفتو من توازايت ىندسية قوية بُت تركيب
األمساء كتركيب األفعاؿ اعتمادا على بعض الدراسات الغربية من قبيل( ،أبٍت ( ،Abney )1987كابخ
( ،Bach)1986ككريفكا ( .)Krifka )1992إذ إف التحليل ادلدقق للجمع يف األفعاؿ كاألحداث يبُت أف
قد يولد الفعل مجعا؛ مثل الفعل <رقص> ،فهو فعل نشاط يدؿ على مجع ألحداث متتالية يف فًتات
زمنية متتالية ،قد تكوف قصَتة كلكنها متعددة ،زايدة على كونو قد يكوف مفردا استثناءا .كؽلكن ركز خاصية اجلمع
(أك التعدد) يف الفعل بطرؽ سلتلفة؛ إذ ؽلكن (مثال) قياس عدد ادلرات اليت يقع فيها احلدث ،كما يف (رقص
الرجاؿ ثالث مرات) ،أك عدد كحدات احلدث ،ضلو( :رقص الرجاؿ ثالث رقصات) .كىناؾ تراكيب أخرل تفيد
أبف احلدث الذم يدؿ عليو الفعل متعدد ،كمن بينها عبارة "أكثر من" اليت تفيد اجلمع ،ضلو( :رقص الرجاؿ أكثر
من رقصة) .ف هذه القراءات امجمامعة كادلراكمة للحدث تربز يف مجل ،كأف نقوؿ( :رقص أربعة رجاؿ ثالث
رقصات) ،كما يهمنا ىنا ىو أف رلموع الرقصات يف القراءة ادلوازعة ىو ،3كرلموع ادلشاركُت يف الرقص ال يزيد
30
كمن ادلعلوـ أف العربية تتضمن صرفا يدؿ على تعدد احلدث ،كيتعلق األمر ىنا بتضعيف الصامت؛ أم
أف احلمل ادلتعدم قد يؤكؿ للتكثَت( ،جرح اجلندم األطفاؿ) ،فهذا الًتكيب ملتبس ،كالتضعيف يفيد أكال أف
اجلن دم أكقع جركحا كثَتا ابألطفاؿ ،كىي قراءة سبثل احلدث ،دبعٌت أف التكثَت ينطبق على احلدث .كاثنيا أنو جرح
كثَتا من األطفاؿ ،كىي قراءة سبثل قراءة ادلشارؾ ،دبعٌت أف التكثَت يصدؽ على ادلوضوع ادلشارؾ .كعليو فالتكثَت
ىنا ؽلكن قراءتو على أنو مجع ضلوم ،كاجلمع يؤكؿ على أنو مجع تكثَت أك كمية كبَتة ،شلا يعٍت أنو ضرب من اجلمع
أنخذ على سبيل ادلثاؿ( ،جرح أربعة جنود طفال)؛ نالحظ ىنا أف الذات الفاعلة تقع بصفة رلامعة أك
رلتمعة على احلدث ،إذ ىناؾ حدث كاحد -أدىن -يف التأكيل أك سلسلة من األحداث الفرعية ادلتطابقة ،ينجزىا
نفس الفاعل ادلشارؾ .كعليو ،ليس ىناؾ إال طفال كاحدا يف التأكيل كاحلدث رلامع ،كالتأكيل ىو أف أربعة جنود
ىذا الطرح يتماشى مع أتكيل شليز أك صيغة أخرل ذلذا الًتكيب ،ضلو( :أربعة جنود جرحوا طفال)،
ىذا التأكيل شليز ابمتياز؛ كىو يعٍت أف كل كاحد من اجلنود األربعة قد جرح طفال كاحدا ،كاحلصيلة ؽلكن أف تصل
إىل أربعة أطفاؿ مجرحوا .فهذا التأكيل ادلوزع القوم قد غلد مصدره يف تطبيق اجلمع على ادلركب الفعلي.
ابدل قابل ،صلد أف ىناؾ نوع من التطابق يف اجلمع امجمامع كاجلمع غَت امجمامع كما رأينا سابقا ،من مثل
(الناس تصلي لرهبا ،الناس يصلوف لرهبم) .كاجلملتاف معا ذلما قراءة رلامعة أك زمرية ،حبيث تطابق الزمرة (انس) مسة
رلامع ،كليس مسة التأنيث .ككاضح أف "انس" ليست مؤنثة ابلنظر إىل التعارض التايل( :الناس يصلوف لرهبم،
31
يتبُت إذف أف سبظهرات اجلمع تكوف مرة يف شكل زمر ،كمرة أخرل يف شكل رلموع .إضافة إىل
سبظهرات متنوعة يف الًتاكيب العكائسية؛ إذ تتطلب ىذه األخَتة تناظر احلمل ،كتم َربز يف مستوايت معجمية أك
مركبات صرفية أك تركيبية حبسب داللتها كتركيبها/صرفها .فالعكائس اليت تلتصق ابلفعل صرفيا تمف زرز خصائص
متعددة ،قد تلتقي أكزبتلف مع خصائص عكائس من طبيعة أخرل ،فيكوف مركبا حداي مجعا ،ضلو( :زباصم
الرجاؿ) ،أك مركب ا عطفيا دلركبات حدية مفردة ،ضلو( :زباصم زيد كعمر) .كال ؽلكن أف يكوف فاعل ىذا الفعل
مفردا (*زباصم زيد) .إال أف تركيب ادلعية (مع) مؽل ِّكن من ربويل مركب فردم إىل متعدد ،ضلو( :زباصم زيد مع
زيد).
كقد يمستعمل الًتكيب العكائسي ؼ صيغة "فاعل" ،ضلو( :خاصم الرجاؿ بعضهم بعضا) .كىي صيغة
ليست عكائسية ابلضركرة ،كإف كانت تدؿ يف بعض احلاالت على ضرب من التفاعل أك ادلشاركة بُت الفاعل
كادلفعوؿ يف تنفيذ العمل الذم يدؿ عليو الفعل .كما اليقبل الًتكيب العبارة الكائسية اليت ربمل إعراب النصب،
الرجاؿ بعضهم بعضا)؛ إذ ال تتقابل العكائسية ادلنصوبة مع العكائسية الصرفية ،كإذا أردان أف
َ ضلو*( :زباصم
بعض).
نستنتج إذف أف الفاسي الفهرم قدـ يف ىذا الفصل عددا من سبظهرات اجلمع يف األفعاؿ ،انىيك طبعا
عن أتكيالتو ادلتباينة ،كىذا أتكيل مدين للًتكيب أساسا .فاجلمع يف األفعاؿ يرد يف مستوايت سلتلفة ،على غرار
كركده يف األمساء.
32
.4.0مضمون الفصل الرابع :الكل واجلزء يف األشياء واألحداث
انشغل اللغويوف كالفالسفة كادلناطقة أبمساء األشياء كاألحداث ،كربديد خصائصها كصنائفها
(تصنيفاهتا) ،كالعالئق القائمة بُت ىذه األصناؼ؛ إذ تطرؽ الفاسي الفهرم يف ىذا الفصل إىل تصنيفات األمساء
اليت تسمي األشياء ،)2004 ،2003( ،كتطرؽ بعد ذلك إىل تصنيفات األحداث/األفعاؿ بتواز دقيق مع
األشياء/األمساء .كعرض جوانب من عناصر التفكَت يف ىذه التصنيفات األنطولوجية/ادلنطقية كاللغوية ،كدكر
إف أساس التصنيف عند ادلناطقة كاللغويُت مبٍت على ثنائية الكتلة كادلعدكد ،كخصائص ادلوازعة (التقسيم
كالتجزمء) كادلراكمة اليت اقًتحها ادلناطقة لتحديد عالئق الكل ابجلزء .غَت أف ىذا التصنيف الثنائي قاصر تصوراي
الزمرة/اجلماع ،كالكتلة" .فالطبقة األكىل (الفردة) تشتق بتاء الوحدة ،مثل (كرقة ← كرؽ) ،كأتكيلها زلدكد يف
الوحدة من كرؽ؛ أم أف ادلركب االمسي "كرقة" ذَرم كمقًتف بعددية أحادية خالفا للمركب "كرؽ" الذم يعد نوعا.
فهو يتصرؼ تصرؼ ادلفرد ،كيدؿ على عدد غَت زلدد من الورؽ ،قد يكوف كرقة كاحدة ،أك كرقتُت ،أك أكثر.
إضافة إىل أف مجع النوع ال ؽلكن أف تكوف لو رقمية ،كإدخاؿ العدد عليو يؤكؿ على عد األصناؼ ،ال على عد
الوحد ات (ثالثة سبور) .أما فيما ؼلص اسم اجلماع (الزمرة) الذم يسميو القدماء اسم اجلمع ،ضلو( :فريق ،انس)،
فإف داللتو ذلا عددية رقمية ،كتستلزـ كجود أجزاء لو ،كمن مث ؽلكن مجعو كتعداده .كيف األخَت صلد اسم الكثلة،
من قبيل (خل) الذم لو أجزاء ليست ابحلوزية ،بل ؽلكن دائما ذبزيئها ،فكل جزء للخل خل ،فالكتلة ليست ذرية
33
كال فرادية ،كليس يف داللتها عددية زلددة أك كحدات حوزية .كيف السياؽ نفسو ،ؽلكن أف صلمع اسم الوحدة
كاسم النوع على احلد السواء ،كخَت مثاؿ على ذلك" ،أكلت سبرات ،كأكلت سبورا" ،إال أف التأكيل ليس كاحدا،
فاجلمع يف اجلملة األكىل ىو مجع ذرات ،بينما ىو يف اجلملة الثانية مجع أصناؼ.
إىل جانب ىذا التصنيف الرابعي لألشياء ،صلد تصنيف فندلر ( Vendler )1967الرابعي
(كذلك) للحموؿ الدالة على األكضاع؛ حبيث يتمثل الصنف األكؿ يف اإلسبامات ،كمن ظلاذجها( ،كجد الرجل
احلل) ،كيتمثل الثاين يف اإلصلازات ،من مثل (أخذ الرجل اجلائزة) ،كيتمثل الثالث يف األنشطة ،من مثل (جرل
الولد) ،كيتمثل الصنف الرابع يف احلاالت ،من قبيل (عرؼ الرجل اجلواب).
كلربط العالئق بُت ىذه الطبقات اعتمد الفاسي الفهرم على مسيت الذرية كالفرادية كذلك .فاإلسباـ
كاإلصلاز ؽلكن توحيدعلا عرب مسة الذرية ،كما يظهر عرب عد احلدث ادلعدكد ،ضلو( :أكلت تفاحة مرتُت ،كجدت
احلل مرتُت) ،فالقراءة العدية ذلاتُت اجلملتُت تبُت أف احلدث ىنا ؽلكن عده كوحدة ،خبالؼ عد النشاط أك احلالة،
(مرض مرتُت ،رقص رقصتُت) .ىذه الفركؽ تتيح توظيف الفركؽ بُت الفردة كاجلماع ادلوجودين يف امجماؿ اإلمسي
كلدعم كتوسيع ىذا النظاـ أك التصور ادلالئم ،كصف الفاسي الفهرم تطبيقات كتوقعات يف أبواب
أخرل من النحو ،منها اشتقاؽ ادلصادر كالوحدة من احلدث .إذ يعترب ادلصدر يف األصل امسا للحدث ،كصورتو
القياسية من الثالثي أتيت على صيغة "فعل" ،كسبثل ىذه الصيغة صنف اجلنس أك النوع ،كتنطبق للداللة على عموـ
احلدث أك جنسو أك نوعو.كما يف( :جرل جراي ،رقص رقصا) ،ابدلقابل صلد صيغة أخرل للداللة على احلدث،
كىي الصيغة اليت تدؿ على كحدة احلدث اليت تلتحق هبا الصقة التاء ،يف تواز اتـ مع الصيغة االمسية (جرل ←
جرية ،رقص ← رقصة) .كؽلكن عد ىذه الوحدة كأتكيلها التأكيل ادلناسب ،كأف نقوؿ( :رقص رقصتُت* ،رقص
34
رقصُت) ،حبيث يوازم ىذا السلوؾ سلوؾ "سبر" ك "سبرة" يف امجماؿ اإلمسي .كىكذا يكوف التوازم اتما بُت األشياء
كما صلد أيضا أف اسم الوحدة من احلدث أييت بصفة منتظمة من النشاط ،مثلو يف ذلك مثل
ادلصدر(أكل الرجل أكلة ،رقص الرجل رقصة) ،كال يتوارد مع ادلفعوؿ بو لقيامهما بدكر شلاثل ،كأف نقوؿ مثال
(*أكل الرجل التفاحة أكلة) .كيف نفس اإلذباه ال صلد اسم كحدة من اإلصلاز أك احلالة ،ألف اسم احلدث النوع ال
أييت منها( ،كجد احلل* .كجدة) .اب دلقابل صلد أفعاؿ مصادرىا على فعوؿ ،كمع ذلك أييت منها اسم الوحدة ،كمن
ظلاذجها( :جلس جلوسا ،جلس جلسة) ألف اشتقاؽ ىذا اإلسم يوحي أبنو مبٍت على افًتاض مصدر اعتيادم
كصفوة القوؿ إف ىناؾ إمكاان للتوازم بُت األشياء كاألحداث؛ إذ ػلتاج ىذا التوازم إىل أكليات كمسات
لعلنا ال صلانب الصواب إذا قلنا أف اللغات ذلا فاعل ضمَتم صامت فارغ ،أك خفي ،أك مستًت ،مثل
العربية كاإلطالية كاإلرلندية .إذ تتميز بكوف الصرفة اليت تلتصق أبفعاذلا تكوف غنية ،كتقًتف بضمَت فارغ ،أك فاعل
حبث الفاسي الفهرم يف ىذا الفصل يف طبيعة التالزـ بُت ضمَت ادلعرفة/احمليل ،كضمَت النكرة/اجلنسي
يف العربية على اخلصوص مقارنة بلغات أخرل .فاللغات مثل العربية معركفة بكوهنا تستعمل بكثافة ضمائر فاعلة
فارغة ،كيقًتف ىذا بوجود صرفة غنية على الفعل سبكن من اسًتجاع التأكيل الضمَتم ادلناسب ،مثل (يكتب).
ابإلضافة إىل أنو قدـ ربليال للصمت/الفراغ الذم يرتبط أساسا بتخصيص الشخص كتسويغو .بيد أف ضمَت
35
النكرة كالالشخص يف العربية يتميز بثالث ضمائر ،أكذلا ضمَت ادلتكلم اجلمع (ضلن) ،كأف نقوؿ( :من اخلطأ /أف
نستهل احللوؿ) ،فالضمَت ىنا احتوائي ،دبعٌت أنو يشمل عموـ الناس ،دبا فيهم ادلتكلم .كاثنيها ضمَت الغائب
اجلمع (ىم) ،ضلو( :يف الصحراء ػلبوف الشام احمللي) كىو ضمَت إقصائي ،أم أنو ال يشمل ادلتكلم .كاثلث ىذه
الضمائر ىو ضمَت ادلخاطب ادلفرد (أنت) ،من مثل( :بعد اخلطب ذبد أف األسعار ارتفعت) ،كىو ضمَت ليس
إقصائيا ،بل قد يكوف احتوائيا .كيبدك جليا أف ادلعٌت اجلنسي ىو عموـ الناس ،بشموؿ ادلتكلم كادلخاطب يف
كللحديث عن الضمَت الصامت احمليل نالحظ أف اجلملة "تكتنب" ،ذلا نفس بنية اجلملة "أننت تكتنب"
وضع ليس منطوقا بو يف اجلملة األكىل .يف حُت صلده يف اجلملة الثانية منطوقا بو يف
إذا كضعنا جانبا أف الضمَت ادل َ
م
وضع ،أك أعيد إغصانو بعد أف أغصن أكال كمخصص ؿ ـ ؼ .كيظهر رلددا الصرفة الزمنية ،كمت نقلو إىل موقع ادل َ
م
عندما تدخل عليو "إف" مثال( ،إنكن تكتنب) .ىذا الطرح ال يتماشى مع الضمَت ادلبهم الزائد أك احلشوم ،كأف
نقوؿ*( :إنو تكتنب) ،لكن ؽلكن ذلذا الضمَت أف يتوافق مع الضمَت اجلنسي ،ضلو( :إنو يتخاصم إىل أيب بكر).
فهذه ادلقابالت توحي أبف الضمَت الصامت احمليل يف (تكتنب) يوجد يف موقع أعلى من الزمن ،كليس
أسفل منو .كما ىو احلاؿ يف اجلمل غَت الضمَتية ادلبتدئة بفعل ،مثل (جاءت ىند) اليت ؽلكن إقحاـ مبهم
حشوم ىناؾ (إنو جاءت ىند) ،فادلبهم احلشوم ادلوضع ال يتطابق مع الفاعل يف أم مسة إال يف اجلنس يف بعض
األحياف .كعليو ،يفًتض الفاسي الفهرم يف مثل ىذا النوع من اجلمل أف الفاعل فيها ال يشبع مبدأ اإلسقاط
ادلوسع .إذ يعد ىذا ادلبدأ إحدل اآلليات الشكلية اليت تسوغ ظهور ادلبهمات احلشوية يف موقع الفاعل.
توجد الضمائر ادلبهمة احلشوية يف مواقع غَت زلورية ،كيم َس َّوغم كركدىا عادة بصفة شكلية/صورية ،إال أف
ادلبهمات العربية توجد يف مواقع تنعت عادة أبهنا مواقع مواضع ،كليست مواقع فواعل .فالعربية ذلا فواعل ظاىرة
36
كليست مضمرة ،كما يف احلموؿ ادلتعلقة ابلطقس (أمطرت السماء ،سقط الثلج) .كيف ىذا الصدد قدـ الفاسي
الفهرم أمثلة إيطالية منها :Costoso é( ،مكلف ىو ) إذ ليس يف العربية مايقابل ىذا ادلثاؿ ،فالعربية تلجأ
ىنا إىل فواعل معجمة ظاىرة( ،ىذا مكلف) حيث يكمن الفرؽ بُت العربية كاإليطالية يف التعبَت عن ىذه ادلعاين
ذات طبيعة مع جمية .دبعٌت أهنا تتعلق بطبقة الذكات اليت ؽلكن أف ينطبق عليها ضمَت زليل .كال يتعلق األمر ىنا
كسيتبُت ذلك جيدا يف داللة البٌت اليت يوجد فيها مبهم جلي( ،ىو هلل ريب ،ىي احلياة) ،فهذه اجلمل
يتق دمها ضمَت ينعت أبنو "ضمَت الشأف" ،كىو يستعمل للتقدًن أك اإلعالف عن حدث أك ذات أيتياف يف
الًتتيب .كتبعا ذلذا دلنطق فالعربية ليس ذلا مبهمات خفية أك صامتية ،كأما ادلبهمات الظاىرة فتوجد يف مواقع احملور
فقط.
يهدؼ ىذا الفصل إىل تفحص خصائص عدد من السَتكرات كالبٌت يف النحو العريب ،كيبُت أف
التحليل الالئق ذلذه السَتكرات كالبٌت يقتضي أف يكوف ادلركب ادلصدرم (ـ مص) ىو ادلوقع ادلصدر ذلذه
اخلصائص .كيبُت كذلك أف ادلصدرم (مص) يتميز بكونو ينتقي أك ال ينتقي بنية إسنادية محلية كفضلة لو.
صلد عند شومسكي ( Chomsky )2005أف ـ مص ك ـ ؼ الصغَت علا الرحيلتاف الوحيداتف يف
اجلملة؛ فادلصدرم كليس الزمن (ز) ىو الذم يكوف رأسا للرحيلة ،كيقوـ بدكر اآلداة الرئيسية للسمات التطابقية
فام .Phiكعليو ،يعترب ـ مص ىو الرحيلة العليا يف اجلملة ،بينما يعد ـ ؼ (الصغَت) ىو الرحيلة الدنيا.
كلتوضيح ىذا ،أقاـ الفاسي الفهرم تالزما بُت ادلصدرايت كالرتبة؛ إذ زبتلف الرتبة من تركيب إىل
آخر .فادلصدرم قد يظهر مع رتبة فعل فاعل ،ضلو( :أراد أف أييت الرجل) ،كيف ىذا الًتكيب ال ؽلكن أف تكوف
37
الرتبة فاعل فعل ،كأف نقوؿ*( :أراد أف الرجل أييت) .أما يف الًتكيب( ،حسبت أف النساء دخلت مكاتبهن)،
نالحظ أف ادلصدرم يظهر مع رتبة فا ؼ ،كال ػلدث العكس*( ،حسبت أف دخلت النساء مكاتبهن) .كىناؾ
إعراابف للبنيتُت ،حبيث أف مصدر البنية األكىل يسند إعرااب زمنيا (كجهيا) إىل الفعل ،بينما مصدر البنية الثانية
يسند إعرااب إمسيا إىل الفاعل (النساء) .كمن الصعب أف نتصور الثنائية اإلعرابية (اإلمسية كالزمنية) خاصية للزمنُت
يف اجلملتُت.
كاحلاصل أف الثنائية اإلعرابية كثنائية الرتبة ترتبطاف ابختيارات ادلصدرم ،حيث كل مصدرم يبحث
عن ىديفة سلتلفة بسمات غَت مؤكلة متباينة .كابلنظر إىل السمات اليت تربز يف رتبة الفعل (أراد) ،أك يف الفعل
(حسب) ،فالتطابق مع الفاعل يف الفعل األكؿ يكوف "فقَتا" ،أم زلصورا يف اجلنس .بينما التطابق يف الفعل
الثاين يكوف "غنيا" ،أم يشمل العدد كالشخص ،إضافة إىل اجلنس.
كىناؾ من يدؿ أف التطابق يف اجلنس يغيب يف العربية القدؽلة يف بعض احلاالت ،مثل (عاد نسوة يف
ادلدينة) ،كمن مظاىر غياب تطابق التأنيث الذم يعد أيضا تطابقا صنيفيا ،عدـ كجود سبييز بُت ما يعقل كما ال
يعقل ،كما يف لغة "أكلوين الرباغيث" اليت حلنها النحاة .كابلتايل ؽلكن القوؿ إف التطابق الضعيف (االمسي) يكوف
مع ؼ/ز ،كأما التطابق الغٍت أك تطابق العدد(كالشخص) ،فهو ربقيق لضمَت فارغ .كمرد ىذا إىل اخلصائص
كيف ادلقاـ نفسو نفصح عن كجهة أخرل تكشف قسما ربدث فيو الفاسي الفهرم عن ادلصدرايت
االستفهامية؛ إذ من ادلعركؼ أف العربية ذلا حرفاف لال ستفهاـ " ،أ " ك "ىل" .فاحلرؼ األكؿ (اذلمزة) يظهر مع
أم رتبة ،ضلو( :أزينب أتت؟ ،أأتت زينب؟) .يف حُت صلد احلرؼ الثاين "ىل" يعد ضراب من ادلوجهات يتم بو
التأكيد أك التصديق ،كال يظهر إال مع الفعل ،من مثل( :ىل أتى الرجل* ،ىل الرجل أتى) .ابدلقابل صلد األدكات
38
ادلوجهة ال تسبق إال رتبة الفعل( ،قد أييت الرجل* ،قد الرجل أييت) ،كقد يظهر ادلوجو يف بنية يتقدـ فيها الفاعل
أما أدكات النفي فهي رؤكس يف العربية من أنواع سلتلفة ،ىناؾ نوع يتصرؼ مثل ادلوجهات ،كىناؾ
نوع آخر زلايد .ؼ "لن" مثال ،موجو نفي يدؿ على ادلستقبل ،كينتقي فعل مثل ابقي ادلوجهات( ،لن أييت
الرجل* ،لن الرجل أييت) .كأما "ما" فهي رأس زلايد ،كربتل موقعا أعلى يف البنية من بعض رؤكس النفي األخرل
مثل "ال" (كمشتقاهتا) ،كمن ظلاذجهما( :ما أتى عمر ،ما عمر أتى* ،أتى ما عمر)( ،كنت ال أنوم ىذا* ،ال
كيف األخَت ؽلكن القوؿ إف الفاسي الفهرم قاـ برصد ثنائيات متعددة يف ضلو العربية ،كبُت أف مردىا
إىل اخلصائص اإلنتقائية للمصدرايت .ابدلقابل تقدـ ادلعطيات الوصفية ذلذا الفصل دعما لنظرية الرحائل اليت
أتسيسا على ما تقدـ ذكره ،ؽلكن القوؿ إف الفاسي الفهرم فصل القوؿ يف الفصل األكؿ يف ذرات
األمساء كأتليفاهتا ،كأنواع اجلموع ،كاألجناس ،كاألنواع ،كفرؽ بُت اجلموع ادلعجمية كالًتكيبية .كيف الفصل الثاين،
حلل اجلنسية كالتعريف كالتنكَت ،كخصائص األمساء العارية يف العربية .كيف الفصل الثالث ،تفحص سبظهرات اجلمع
يف األفعاؿ ،كضركبو ،كدقق خصائص العكائسية الًتكيبية كالداللية .كيف الفصل الرابع ،عاد إىل عناصر التوازم بُت
الكل كاجلزء يف األشياء كاألحداث ،ككازف بُت طبقات األمساء كاألفعاؿ .كيف الفصل اخلامس حبث يف خصائص
الضمائر الصامتة ،كخاصة خصائص الشخص فيها ،ككذلك خصائص البناء .كتطرؽ إىل خصائص ادلبهمات
احلشوية يف اللغات ذات الفاعل الضمَتم الفارغ .كيف الفصل السادس عمد إىل دعم سبثل ادلصدرم على أساس
أنو الرحيلة العليا يف اجلملة ،كقاـ إبعادة ربليل عدد من القضااي يف التطابق كالنفي كاإلستفهاـ ،إخل.
39
الفصل الثالث
40
تمهيد
تبُت إذف أف ىذا ادلؤلف يعاًف عددا من القضااي ك ِّ
االشكاالت اليت تلحق اللغة العربية أك اللسانيات
العربية إف صح التعبَت .إذ سنتناكؿ يف ىذا ادلقاـ أساسا رلموعة من العوائق كادلشاكل اليت تواجو بناء النظرية
اللغوية ،كاليت عاجلها الفاسي الفهرم من خالؿ التحليل ادلقدـ كادلعطيات الوصفية لبعض الظواىر اللغوية كاليت
تتماشى مع توجهات الربانمج األدنوم االستكشايف ،هبدؼ نشر ثقافة لسانية مواكبة .كما سنتناكؿ أيضا ادلنهج
الوصفي التحليلي ،كإبراز أىم خصائصو ككل ما يتعلق بو كونو حبث شامل يبحث عن الظاىرة كيقدـ حلوال
للمشكالت اليت تلحقها .إذ اِّعتمد عليو الفاسي الفهرم يف كصف الظواىر اللغوية ادلتعلقة أبحباث ىذا ادلؤلف
إضافة إىل عرضنا مجمموعة من النتائج ادلستنبطة من ىذا ادلؤلف ،كمن دراسة الظواىر اللغوية كادلواقف
كالعالقات كما ىي حاضرة كموجودة .كعرضنا أيضا آلفاؽ كأعلية ىذا الكتاب الذم ؽلكن اعتباره آلة كاصفة
41
.1.2حتديد القضااي واالشكاالت ادلطروحة يف الكتاب.
مثل ىذا ادلؤلف فرصة جديدة ِّالستكناه خصائص اللغة العربية يف عدد من األبواب كالقضااي
كاإل شكاالت اليت مل تعاجلها اللسانيات العربية من قبل بصفة شاملة كنسقية ،كمل تعط الوصف كالتحليل حقهما
من التنقيب .كدبا أف األحباث كالدراسات اجليدة عن العربية اندرة كقليلة ،كال ربضى ابلًتصيد الكايف ،فإف ىناؾ
الكايف .على أساس أف اللسانيات العربية احلديثة مازالت تعاين من رلموعة من ادلشاكل .كيتعلق األمر أكال،
بقضية ىندسة ا دلركب االمسي ابعتبار مساتو كذراتو ،ككذالك ابحلدث (ادلصدر) كابلفعل .إضافة إىل قضية احلد
الذم يكوف دائما مدرلا يف االسم ،كمن الصعب معرفة ىل ىذا االدماج يتم يف الًتكيب ،أـ يف ادلعجم.
كما صلد أيضا قضية اجلمع يف األفعاؿ اليت تبُت أف ىناؾ امكاان للتوازم بن األشياء كاألحداث ،إال أف افًتاض
كمن بُت االشكاالت أك القضااي األخرل اليت عاجلها الفاسي الفهرم ،قضية الضمائر الصامتة.
كالسؤاؿ الذم يطرح نفسو ىنا ،ىل كل اللغات ذلا ضمائر صامتة أك فارغة أك خفية؟ العربية ذلا فاعل ضمَتم
صامت فارغ ،إذ تتميز بكوف الصرفة اليت تلتصق أبفعاذلا تكوف غنية كتقًتف هبذا الضمَت الفارغ.
اضافة إىل ذلك ،صلد قضية ادلركب ادلصدرم كادلركب الفعلي الصغَت على أساس أهنما الرحيلتاف
الوحيداتف يف اجلملة .إذ يعترب ـ مص ىو الرحيلة العليا يف اجلملة ،يف حُت يعترب ـ ؼ (الصغَت) ىو الرحيلة
الدنيا.
42
كيف كل ىذا ،توخى الفاسي الفهرم أف يكوف التحليل ادلقدـ ربليال دقيقا ككاضحا ،كأف يتماشى كثَتا
مع توجهات الربانمج األدنوم .إذ حدد ِّ
االستكشافية منهجا لركز النتائج ،أك ااثرة االشكاالت يف اللغة العربية.
كيف ىذا الربانمج ِّ
االستكشايف ال بد من إ قامة التواصل كالتعاكف بُت اللسانييُت العرب هبدؼ نشر ثقافة لسانية
مواكبة .فالفاسي الفهرم يتساءؿ عن مىت نغَت برامج تكوين لسانيينا ليصبح التخصص اللساين ابلفعل زبصصا
علميا؟ كمىت نتالىف األخطاء ادلنهجية اليت تؤدم إىل جعلنا غرابء يف عامل ادلعرفة اللسانية؟ أكجعلنا مضلَ ِّمل تراثنا
أتكليالت ال ػلتملها .إف ادلسافة بعيدة بُت ما يمكتب ابلعربية ،كما يمكتب بغَتىا يف علم اللساف كعلم العربية،
فمىت نقصرىا؟
إف اللسانيات يف الثقافة العربية تعيش نوعا من العبث النظرم كالًتدم اللذاف ؼللفاف كضعية التدمر
كاليأس من لسانيات كاف يعوؿ عليها كثَتا لتبُت أقداـ احلداثة كادلعاصرة ،كلتدليل الصعاب كحل مشاكل لغوية
1
مجة ،ما النتيجة ؟
إف اجلهد مازاؿ خجوال ،كما زالت كثَت من الغيوـ ربوـ حوؿ اللسانيات احلديثة ،ككاقعها ،كمستقبلها
يف العامل العريب .كأف الدراسات العربية مازالت تعاين من كوف اللسانيات الدقيقة احلديثة مازالت ىامشية فيها.
فمنها البحث التقليدم الذم قد يكوف فيو جهد أترؼلي أك كصفي ،كلكنو ال يواكب نظراي .كمنها البحث الذم
يغرؽ يف ادلرجعيات الغربية ،كلكنو ينقصو التطبيق ادلقنع .كمنها البحث الذم تغيب عنو اإلشكاالت احلامسة اليت
كقد يكوف مرد ىذا إىل أف البيئة العربية مل تنضج بعد إلقامة حبث علمي انجع كمدمج .كقد يكوف
ضمور تكوين الطلبة كاألساتذة .كقد يكوف امجمتمع زلافضا ال يقول على التغيَت ،إخل .فليس ىناؾ قسما خاصا
ابللسانيات ،كما يف اجلامعات الغربية ،كال رللة لسانية علمية يف ادلستول ادلطلوب ،كال معاىد لسانية دكرية ،كقس
43
على ذلك .إذ من ادلؤسف لو ،أننا يف رلاؿ اللسانيات كما يف معارؼ أخرل ،مل نؤسس بعد ثقافة ادلساءلة
1
ادلستمرة كمراجعة الذات دلا نقوـ بو.
إف كل الدراسات ابختالؼ أنواعها كأشكاذلا ،كابختالؼ ميادف تطبيقها ربتاج إىل منهج مستخدـ يف
الدراسة .إذ ىناؾ رلموعة من ادلناىج زبتلف ابختالؼ الدراسات ،كتتعدد بتعدد الظواىر زلل البحث كالدراسة.
2
كقد يصلح منهج للتعامل مع ظاىرة كلكنو قد يعجز مع أخرل.
كتعتمد البحوث الرصينة على ادلنهج الذم ػلدد مسَتىا كينظم أفكارىا ،كيسبغ عليها صفة الوضوح
كالعلمية 3.كإذا كاف لكل علم منهج يستعُت بو يف عرض قضاايه ،كيتخذه كسيلة يف االرتقاء أبفكاره ،فإف لعلم
اللغة منهجو أيضا .كيعد ادلنهج الوصفي يف دراسة اللغة من أكثر ادلناىج اللغوية شيوعا 4.فما ىو ادلنهج الوصفي
التحليلي...؟
أكال كقبل تعريف ادلنهج الوصفي التحليلي ال بد أف نتطرؽ إىل تعريف أك ماىية ادلنهج يف حد ذاتو .إذ
يعرؼ ادلنهج لغة على أنو كضوح األمر" .النهج أك ادلنهج أك ادلنهاج :الطريق الواضح" 5.كقد كردت ىذه اللفظة
يف القراف الكرًن هبذا ادلعٌت يف قولو تعاىل" :لكل جعلنا منكم شرعة كمنهاجا" 6.أما ادلعٌت االصطالحي للمنهج
فهو أسلوب للتفكَت كالعمل يعتمده الباحث يف تنظيم أفكاره كربليلها كعرضها ،كابلتايل الوصوؿ إىل نتائج
1المرجع نفسه.
2انظر دمحم شلبً( " :)1992المنهجٌة فً التحلٌل السٌاسً" .ص .13
3انظر نوزاد حسن أحمد( :)1996المنهج الوصفً فً كتاب سٌبوٌه .ص 34
4انظر المرجع نفسه.
5انظر المرجع نفسه ،ص 33
6انظر سورة المائدة ،اآلٌة .48
44
كحقائق معقولة حوؿ الظاىرة موضوع الدراسة 1.دبعٌت أنو الطريق ادلؤدم إىل الكشف عن احلقيقة يف العلوـ
2
بواسطة طائفة من القواعد العامة هتيمن على سَت العقوؿ كربدد عملياتو حىت يصل إىل نتيجة معلومة.
إذف فادلنهج عموما ىو أسلوب علمي أك طريقة يتبعها الباحث يف الوصوؿ إىل نتائج أك حقائق علمية
معينة ،أك الوصوؿ إىل حل مشكلتو أك اإلجابة على فرضيات بدأ هبا .دبعٌت أنو الربانمج الذم ػلدد لنا السبيل
3
للوصوؿ إىل احلقيقة أك الطريق ادلؤدم إىل الكشف عن احلقيقة يف العلوـ.
كىذا ما يقوـ بو ادلنهج الوصفي التحليلي ،كىو عبارة عن اجتماع منهجُت مع بعضهما البعض ،كعلا
ادلنهج الوصفي كادلنهج التحليلي .إذ صلد أف ادلنهج االساسي ادلعتمد يف البحث ىو ادلنهج الوصفي ،كيساعده
ادلنهج التحليلي هبدؼ البحث عن الظاىرة كحل ادلشكالت اليت تلحقها .ككل ذلك من أجل صلاح عملية
البحث.
ادلنهج الوصفي ىو استقصاء ينصب على ظاىرة من الظواىر كما ىي قائمة يف احلاضر ،بقصد
تشخيصها ككشف جوانبها ،كربديد العالقات بُت عناصرىا كبُت ظواىر أخرل 4.دبعٌت أنو يعتمد على دراسة
الظاىرة كما توجد يف الواقع كيهتم بوصفها كصفا دقيقا كيعرب عنها كيفيا أك كميا .فالتعبَت الكيفي يصف لنا
الظاىرة كيوضح خصائصها ،أما التعبَت الكمي فيعطيها كصفا رقميا يوضح مقدار ىذه الظاىرة أك حجمها أك
درجة ارتباطها مع الظواىر األخرل 5.كتتمثل كظيفة ىذا ادلنهج يف كصف الظاىرة اليت يدرسها من خالؿ مجع
6
ادلعلومات عنها ،ككصفها بدقة كتقدؽلها بتعابَت كيفية أك كمية.
45
كيهدؼ البحث الوصفي ا ساسا إىل دراسة الظركؼ أك الظواىر أك ادلواقف أك العالقات كما ىي
موجودة ،كاحلصوؿ على كصف دقيق ذلا يساعد على تفسَت ادلشكالت اليت تتضمنها اإلجابة عن األسئلة اخلاصة
1
هبا.
كذلذا ادلنهج أربع خطوات تتمثل يف ربديد ادلشكلة كصياغة الفركض كربقيقها أك الرد على التساؤالت،
مث تفسَت النتائج 2.كما يتميز دبجموعة من األدكات ؽلكن أف صلملها يف ادلالحظة كادلقابلة كاإلختبارات
3
كاالستباانت كادلقاييس ادلتدرجة كربليل الواثئق كالسجالت.
كيتمتع دبجموعة من ادلزااي أك اإلجابيات ،حبيث أنو يساعد يف إعطاء معلومة حقيقية دقيقة تساعد يف
تفسَت الظواىر االنسانية كاالجتماعية .كيقدـ توضيحات للعالقات بُت الظواىر ،كالعالقة بُت السبب كالنتيجة
مثال 4.دبعٌت أنو ؽلدان دبعرفة كاقعية زلددة ككمية عن الكثَت من الظواىر كالقضااي كادلشكالت اليت تواجهنا يف
رلاالت احلياة االنسانية كافة .كال شك يف أف ربديد الواقع ربديدا كميا يفيد ادلخطط السياسي كالًتبوم ككل من
5 لو اىتماـ بنمو امجمتمع كفق الرؤل السياسية ك ِّ
االجتماعية.
ابدلقابل قد صلد بعض السلبيات اليت تنتج عن البياانت كادلعلومات اليت ذبمع يف البحوث الوصفية من
األفراد الذين ؽلثلوف عينة الدراسة موضوع البحث .كىذا يعٍت أف عملية مجع ادلعلومات تتأثر بتعدد األشخاص
كاختالؼ آراءىم حوؿ موضوع البحث 6.فالبحث الوصفي قد يستند إىل معلومات مشوىة كال تستند إىل الواقع،
46
الواقع ،سواء كانت عن قصد من قبل الباحث أك غَت قصد .كىناؾ احتماؿ ربيز الباحث آلراءه كمعتقداتو،
1
فيأخذ البياانت كادلعلومات اليت تنسجم مع تصوره كيستبعد اليت تتعارض مع رأيو.
كخالصة القوؿ إف ادلنهج الوصفي التحليلي يتميز بطريقتو الواقعية يف التعامل مع الظاىرة أك مع مشكلة
البحث .كابلرغم من كجود عيوب كسلبيات يف نتائجو ،فإنو يبقى ىو ادلسيطر يف الدراسات البحثية كذلك من
إف مجيع لغات العامل زبضع إىل رلموعة من القوانُت ربكمها كتتحكم هبا .إذ نستنتج من خالؿ ىذا
ادلؤلف أف اللغة العربية ترتب كزبضع إىل رلموعة من التصنيفات ،كربكمها رلموعة من الظواىر اللغوية ضمن
األطر التطبيقية فتطبق عليها مجيعا .إذ يهدؼ الفاسي الفهرم إىل كضع قواعد منظمة تعٌت بتفسَت اللغة العربية
للناطقُت هبا ،فهو يدرس الطريقة اليت تعمل هبا ىذه اللغة كيبحث يف آلية تطورىا .ككضف رلموعة من النماذج
كالنظرايت تعمل على تفسَت الوقائع اللسانية العربية كالظواىر اللغوية العربية تفسَتا علميا.
كمن ىذا ادلعطى استنتجنا أف طبقة األمساء تصنف إىل أربع طبقات ،كىي األفراد ،الزمر ،األنواع،
كالكتل .بيد أف نظاـ العدد أك اجلمع فيها أعقد شلا نتصور؛ ابعتباره مجعا ينشأ يف مستوايت سلتلفة من تركيب
ادلركبات االمسية كاحلدية .كما نستنتج أف امجممعات تنقسم إىل رلمعات معدكدة كرلمعات غَت معدكدة.
أما ابلنسبة لطبقة الكتل .فالكتلة ليست ذلا مسة رلمع ،بل ىي ترتبط بوجود اداة التعريف أك عدـ
كجودىا؛ إذ تتمثل كظيفة احلد على أهنا انقلة ظلطية ،ينقل ادلركب الذم ػليل على احلمل أك الزماف.
يتمثل ىذا احلد يف اداة التعريف أك التنكَت ،كتستعمل ىذه اآلداة للداللة إما على التأكيل اجلنسي أك على التأكيل
47
الوجودم .كعندما يوظف احلد يف جنس ادلعرفة ينبغي أف يقًتف دالليا بنوع معهود أك نوع طبيعي ؽلكن أف ػليل
عليو ـ حد .أم اف إحالتو غلب أف تقًتف خبلفيية معرفية أكمعلومة معهودة .كنستنتج أيضا أف أمساء التفضيل
تكوف يف أغلب األحياف نكرة يف الًتكيب ،إال يف حالة كاحدة كىي إذا كقعت بعد االسم فإهنا تكوف معرفة.
إف اجلمع يف األفعاؿ يتم بطرؽ سلتلفة ،كيرد يف مستوايت سلتلفة على غرار كركده يف األمساء .إذ
نستنتج من خالؿ ىذا أف ىناؾ امكاان للتوازم بُت األشياء كاألحداث .كادلستدؿ على ذلك ،أف طبقات األمساء
األربعة تعتمد على مسيت الذرية كالفرادية ،ككذلك طبقات احلموؿ الدالة األربعة ىي األخرل تعتمد على نفس
السمتُت.
تستعمل اللغة العربية بكثافة ضمائر فاعلة فارغة ،كيقًتف ىذا بوجود صرفة غنية على الفعل سبكن من
اسًتجاع التأكيل الضمَتم ادلناسب .من بُت ىذه الضمائر صلد ضمَت النكرة كالالشخص الذم يتميز بثالثة
ضمائر ،كىي" :ضلن ،ىم ،أنت" .ابالضافة إىل الضمَت ادلبهم احلشوم أك الزائد (إنو) الذم يتوافق مع الضمَت
اجلنسي .كضمَت الشأف من قبيل "ىو ،ىي" الذم يعترب مبهم جلي للتقدًن أك اإلعالف عن حدث أك ذات أيتياف
يف الًتتيب.
كمن االستنتجات األ خرل نستنتج أف ادلركب ادلصدرم ىو ادلوقع ادلصدر لعدد من السَتكرات كالبٌت يف
النحو العريب ،على اساس أف ـ مص ك ـ ؼ الصغَت علا الرحيلتاف الوحيداتف ؼ اجلملة .فادلصدرم ىو الذم
يكوف رأسا للرحيلة العليا يف اجلملة ،بينما يكوف ـ ؼ الصغَت ىو الرحيلة الدنيا.
كابلتايل ؽلكن القوؿ إف الدراسات كاألحباث اللسانية العربية استطاعت الكشف عن األصوؿ التارؼلية
للغة العربية.
48
.4.2آفاق الكتاب وأمهيتو.
تكمن أعل ية ىذا الكتاب يف كصف اللغة العربية كصفا دقيقا؛ إذ مل يعد ينظر إليها نظرة حرة اعتباطية
قائمة على التأمل كاالنطباع ،كإظلا تتقيد ادلقاربة ابإلطار النظرم للنموذج الذم تشتغل فيو ،كزلاكلة تطبيقو على
اللغة العربية .كذلك بواسطة رلموعة من كسائل االستدالؿ كالربىنة .فالنماذج ادلستعملة كادلطبقة يف ىذا الكتاب
تشجع على قراءة نصوص أخرل صدرت ابلعربية من قبيل ىذا ادلؤلف .كما تتمثل أعلية ىذا ادلؤلف أيضا يف
ربديث اآللة الواصفة دلعطيات اللغة العربية؛ كذلك ابالطلراط يف مستجدات األسئلة اليت أفرزىا اخلطاب اللساين
أحباث ىذا ادلؤلف تبُت أف البحث اللساين يتحرؾ كيتقدـ كيبحث عن اِّكتشافات كاطرادات تضم
ظلاذج نظرية كاضحة .ىي أحباث كدراسات مشلت مستوايت لسانية سلتلفة كعديدة ،كحققت نتائج نوعية يف
الًتكيب كالداللة على اخلصوص .إذ صلد الكثَت من ادلعلومات اليت تنتسب إىل الًتكيبات أك البٌت ؽلكن التنبؤ هبا
من مبادئ عامة تنتظم حسب األنساؽ الفرعية اليت تمكوف النسق الكلي .كما أهنا أحباث تقدـ رلموعة من
الوسائل كاإلمكانيات إلنشاء مجل كتعابَت كنصوص صحيحة سليمة القواعد ،مع مراعاة حسن التعبَت ابِّستخداـ
األلفاظ ادلناسبة دلعانيها ادل ناسبة .كذلك من أجل احلفاظ على اللغة العربية الفصحى كتعلمها تعلما سليما .كىذا
إف دؿ فإنو يدؿ على تصحيح كتقوًن كتقييم اللغة بواسطة علم اللسانيات.
يعٌت ىذا الكتاب ابلطريقة اليت يتم هبا تركيب اجلمل ،كيعٌت كذلك بتصنيف القواعد ،كدرس العالقات
الداخلية بُت الوحدات اللغوية كالطرؽ اليت تتألف منها اجلمل من الكلمات .فهذا امجماؿ يعٌت بدراسة الكلمات أك
ما يعرؼ ابلرتبة .كىذا ما يؤدم أك يدفعنا إىل االطالع على ما يتصل بعلم الًتاكيب يف ضلو اللغة العربية من
قضااي كموضوعات تتعلق ابجلمل .كما يؤدم االىتماـ احملض لدراسات العالقات العائدية بُت التعابَت كالًتاكيب
49
كالبٌت احمللية ،إضافة إىل الضمائر كالعوائد ،إىل استكناه خصائص اللغة العربية أك اجلملة العربية يف عدد من
األبواب.
50
خاتمة
51
كبعد...
فهذه هناية مطاؼ رحلتنا العلمية اليت مجعت ما ىو موجود يف البحث اللساين العريب؛ إذ إف العودة إىل
األحباث اللسانية العربية من أجل معرفة اآلراء ادلتطورة فيها ،من األمور اذلامة اليت من شأهنا أف تسلط الضوء على
مواضيع عديدة تلتقي فيها األحباث العربية مع أحدث ما توصل إليو البحث اللساين احلديث .كالذم بال شك
إف اللغة العربية زبضع إىل رلموعة من التصنيفات ،كربكمها رلموعة من الظواىر اللغوية؛ إذ تتميز عن
أغلب اللغات الطبيعية األخرل بقواعد منظمة تعمل على تفسَتىا .كما تتميز بعدة مزااي جعلتها من
تتناكؿ اللغة العربية علوـ متعددة كعلم اللسانيات الذم استطاع أف يكشف عن األصوؿ التارؼلية للغة
العربية؛ إذ تسعى اللسانيات العربية إىل تسويغ مشركعية كجودىا يف الثقافة العربية من خالؿ كصف اللغة
العربية كصفا دقيقا .كعليو ،أراد الفاسي الفهرم كصف اللغة العربية كصفا كافيا ؽلكن من بناء نظرية اللغة
تطلق اللسانيات العربية على الكتاابت اللسانية العربية احلديثة دبختلف توجهاهتا ،سواء أكانت كتاابت
سبهيدية أك تراثية أك توفيقية .فالكتاابت اللسانية تعتمد بنيات اللغة موضوعا تشتغل بو كيتمحور حولو
كل اىتماماهتا .كما أهنا تدرجت كأصبحت متفاكتة يف قمتها ادلنهجية كمستواىا العلمي ابلقياس دلا
52
إف اجلملة العربية حضيت دبكانة متميزة يف اللسانيات التوليدية ،كعرفت تطورات عديدة بتطور النظرايت
اللسانية؛ ابعتبارىا أكرب عالمة لسانية يف اتريخ الفكر اللساين احلديث ،كأهنا اآلداة الرئيسية للتواصل
كالتعبَت .كابلتايل فهي منطلق كل دراسة أك حبث لساين ،كبداية كل كصف لساين.
كثرة ادلصادر كادلراجع اليت ربدثت عن ىذا ادلوضوع شلا شعب علي اخلوض أكثر يف خباايه.
كيف ختاـ ىذا البحث ،نرجو أف أكوف قد كفقت كلو ابلقدر القليل يف معاجلة كتاب "ذرات اللغة
العربية وىندستها" كاإلدلاـ أبىم جوانبو ،كضلمد هللا على ما أعطاان من صرب كإرادة إلصلاز ىذا العمل.
53
قائمة ادلراجع وادلصادر
54
-ابن جٍت ،أبو الفتح عثماف ( 392ق) اللمع يف العربية ،ربقيق فائز فارس ،دار الكتب الثقافية ،الكويت،
-ابن يعيش ،يعيش بن علي( 643ق) شرح ادلفصل ،اجلزء األكؿ ،إدارة الطباعة ادلنَتية دبصر ،ص .18
-ابن فارس ،أبو احلسُت أمحد ( 395ق) معجم مقاييس اللغة ،ربقيق ىاركف عبد السالـ ،دار الفكر للطباعة
-بغداد فاطمة الزىراء )2017-2016( ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه يف اللسانيات .البحث
اللساين يف ادلغرب العريب ،اجلزائر ،جامعة كىراف - 1أمحد بن بلة ،كلية اآلداب كالفنوف ،قسم اللغة العربية
-بدكم عبد الرمحن ( ،)1977مناىج البحث العلمي ،ككالة ادلطبوعات ،شارع فهد السامل ،الكويت ،ط ،3
ص .5
-الدليمي محيد جاعد ( :)2008أساسيات البحث ادلنهجي ،منشورات جامعة قاريونس ،ليبيا ،ط ،1ص
.80
-الرماين(ت 384ق) رسائل يف اللغة والنحو ،احلدود النحوية ،ربقيق مصطفى جواد كيوسف مسكوين،
ادلؤسسة العامة للصحافة كالطباعة ،دار اجلمهورية ،بغداد ،1969 ،ص .39
-الزسلشرم ،زلمود بن عمر اخلوارزمي( 538ق) األمنوذج يف النحو ،ربقيق األردبيلي دمحم كمعو حاشية قاسم
بنعيم احلنفي ،مطبعة السمياء ،دار الكتب كالواثئق ببغداد لسنة ،2013ص .8
55
-الزسلشرم ،زلمود بن عمر اخلوارزمي ( 538ق) ادلفصل يف علم اللغة العربية .صص .188-111-110
-سيد سليماف عبد الرمحاف ( :)2014مناىج البحث ،عامل الكتب ،كلية الًتبية ،جامعة عُت مشس ،صص
.138-137-136-135-131
-شليب دمحم ( ،)1992ادلنهجية يف التحليل السياسي ،ادلفاىيم ،ادلناىج ،االقرتاابت ،واألدوات ،القاىرة،
ص .13
-غلفاف مصطفى )2010( :اللسانيات التوليدية :من النموذج ما قبل ادلعيار إىل الربانمج األدنوي ،مفاىيم
وأمثلة .دبشاركة ادمحم ادلالخ ،كحافظ إمساعيلي علوم ،عامل الكتب احلديث األردف ،ط ،1ص .365
-غلفاف مصطفى ،)2006( :اللسانيات يف الثقافة العربية احلديثة ،حفرايت النشأة والتكوين ،شركة النشر
-غلفاف مصطفى )1998( :اللسانيات العربية احلديثة ،رؤية منهجية يف ادلصادر واألسس النظرية،
-غلفاف مصطفى )1998( :اللسانيات العربية احلديثة ،دراسة نقدية يف ادلصادر واألسس ادلنجية ،جامعة
احلسن الثاين ،عُت الشق ،كلية اآلدب كالعلوـ اإلنسانية ،سلسلة رسائل كأطركحات.
56
-الغريسي دمحم ،)2019( :مقال حول بنية اجلملة بني النحو العريب واللسانيات التوليدية ،حنو مقاربة تركيبة
أدنوية ،جامعة الدكتور موالم الطاىر سعيدة كلية اآلداب كاللغات كالفنوف سلرب اللسانيات كالًتمجة ،اجلزائر ،امجملد
-عبد القادر الفاسي الفهرم )1993( ،اللسانيات واللغة العربية ،مناذج تركيبية وداللية ،دار توبقاؿ للنشر،
-عمارة معهد التسيَت التطبيقي ،الدار البيضاء ،05ادلغرب ،ط )1985( 1ط )1988( 2ط ،)1993(3
صص .33-32
-العيساكم عبد الرمحاف )1998( ،مناىج البحث العلمي يف الفكر اإلسالمي والفكر احلديث ،دار الراتب
-علي احملمودم ،دمحم سرحاف )2019( ،مناىج البحث العلمي ،دار الكتب صنعاء ،اجلمهورية اليمنية ،ط ،3
صص .50-49-48
-ادلالخ ادمحم ،كإمساعيلي علوم )2017( ،جملة العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،الربانمج األدنوي :األسس
-ادلشهداين سعد سلماف ( )2019منهجية البحث العلمي ،دار أسامة للنشر كالتوزيع ،األردف – عماف ،ط
-ادلائدة ،خامس سورة من سور القرآف ،ذلا 120آية ،سورة مدنية ابإلمجاع ،اآلية .48
-نعلوؼ كرؽلة )2021 – 2020( ،حماضرات يف اللسانيات العربية ،جامعة عبد الرمحاف مَتة –جباية -كلية
اآلداب كاللغات ،قسم اللغة العربية كآداهبا ،السنة الثالثة لسانيات عامة ،صص .12-11
57
-نعوـ شومسكي :مقدمة للربانمج األدنوي ،ترمجة أكراس اجلاين ،رللة جسور ثقافية ،دمشق ،سوراي.
-The Minimalist Program Cambridge MA MIT Press 1995: Naom Chomsky
-نوزاد حسن أمحد ( ،)1996ادلنهج الوصفي يف كتاب سيبويو ،منشورات جامعة قاريونس ،دار الكتب
58