Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة األولى
الموسم الجامعي2022/2023:
المحتوى
.1مبادئ وأهداف اللسانيات التوليدية
.1.1نظرية اللغة
.1.1.1تحديد بعض المفاهيم األساسية :النحو التوليدي ،القدرة واإلنجاز ،النحوية والمقبولية.
.2.1نظرية اكتساب اللغة
.1.2.1اإلشكال الفلسفي
.2.2.1اإلشكال المنهجي
.2تنظيم النحو التوليدي :النظرية المعيار والمعيار الموسعة
.1.2مستويات التمثيل النحوي في النظرية المعيار والمعيار الموسعة
.2.2القواعد المركبية والتمثيل الشجري
.3.2المعجم (المدخل المعجمي ،قاعدة الدمج المعجمي)
.3تطبيقات على العربية
.1.3الجمل الفعلية البسيطة
.1.3بنية العطف
.3.3الجمل المركبة
تقديم
غالبا ما تعرف اللسانيات بكونها الدراسة العلمية للغة ،وبتأملنا لتاريخ اللسانيات منذ
نشأتها ،يمكن أن نميز داخلها بين خطوتين هامتين :مستوى اللغة ،ومستوى المنهجية
المتبعة لمقاربتها.
اللسانيات
التوليدية البنيوية
-ركزت اللسانيات التوليدية على دراسة اللغة -دراسة اللغة في ذاتها ولذاتها
الداخلية ،أي المعرفة اللغوية الممثل لها في ذهن -تحول مركز االهتمام من دراسة اللغة إلى
المتكلم. دراسة بنيتها.
-على المستوى المنهجي :دمجت اللسانيات -تركيز االهتمام على اللغة الخارجية
في مجال العلوم الطبيعية. -النظر إلى اللغة بوصفها ظاهرة اجتماعية،
-تجاوز الوصف والتصنيف إلى التفسير وإلى وما على اللغوي إال أن ينصت إلى المجتمع
ما وراء التفسير ويسجل اللغة في المتون
-أن المقاربة البنيوية تميزت بطغيان المنهج
الوصفي.
اللسانيات التوليدية
اللسانيات التوليدية التحويلية:
التوليد ) :(Generationيقصد بمبدأ التوليد في اللغة عند شومسكي)(Chomsky
الجانب اإلبداعي في اللغة ،أي القدرة التي يمتلكها كل إنسان لتكوين وفهم عدد ال متناه
من الجمل في لغته األم بما في ذلك الجمل التي لم يسمعها من قبل ،وكل هذا يصدر عن
اإلنسان بطريقة طبيعية دون شعور منه بتطبيق قواعد نحوية معينة.
ومعنى هذا أن اإلنسان لديه مقدرة إبداعية تمكنه من تكوين كل الجمل الممكنة في اللغة،
وتعتبر القاعدة التوليدية جزءا من جهاز توليد الجمل تتخذ شكل قاعدة إعادة الكتابة ،أي
أنها تعيد كتابة رمز يشير إلى عنصر معين من عناصر الكالم برمز آخر أو بعدة رموز
أخرى ،فجواز اشتمال الجملة مثال على مركب فعلي مؤلف من فعل وفاعل ومفعول به
يتمثل بالقاعدة التالية:
فعل+مركب اسمي (فاعل) +مركب اسمي (مفعول به) مركب فعلي
التحويل :يقوم مبدأ التحويل على تحويل جملة إلى أخرى متى تقاربت معانيها وإن
الدرس تعتبر تحويال للعبارة كتب الولد الدرس ،وهي ُ اختلفت مبانيها ،فعبارة ُكتب
جملة محولة من البناء للمعلوم إلى البناء للمجهول (أو البناء لغير الفاعل).
كما أن مبدأ التحويل يمكننا أيضا من دراسة الصلة القائمة بين الجمل ،كما في:
) (1أكل الولد التفاحة
) (2الولد أكل التفاحة
) (3التفاحة أكلها الولد
تفيد هذه الجمل المعنى ذاته بالرغم من تباين تراكيبها.
ولكي نفسر العالقة بين هذه الجمل ال بد لنا من مفهوم يتيح لنا أن نبحث في عالقة
الجمل بعضها ببعض ويسمح بأن نعيد تركيب عناصرها.
يصلح مفهوم التحويل ،في هذا املجال ،على إمكانية تحويل جملة معينة إلى جملة أخرى واعتماد
مستوى أعمق من املستوى الظاهر في الكالم ،كما بإمكان مفهوم التحويل أن يكشف أيضا عن املعاني
الضمنية العائدة للجمل.
قامت النظرية التوليدية على منطلقات فكرية وعلمية متميزة ،وهي في مجملها منطلقات
جديدة بالقياس إلى اللسانيات البنيوية التي ظهر النحو التوليدي في أحضانها ،فقد وجد
شومسكي في الفلسفة العقالنية ركيزة هامة لرفض جملة من التصورات والمبادئ الفكرية،
إذ عاد شومسكي في تصوره لطبيعة اللغة البشرية إلى آراء الفالسفة والنحاة العقالنيين
والسيما آراء الفيلسوف الفرنسي ديكارت ،وتحليل النحاة المعروفين بنحاة بور رويال
) (Port Royalوأراء المفكر األلماني فون همبولدت.
حيث أخد شومسكي عن ديكارت الفكرة المتعلقة بفطرية اللغة ،وهي فكرة مفادها وجود
بنيات لغوية تصورية مجردة جاهزة لالستعمال عند اإلنسان .فاللغة البشرية عند ديكارت
كما عند شومسكي صفة مالزمة للجنس البشري تميزه عن غيره من الكائنات األخرى ،إذ
يؤكد ديكارت ،أوال ،على أهمية التفكير المجرد عند اإلنسان بواسطة العقل ،وهذا العقل وما
يسمح به من عمليات ذهنية ،يشكل في العمق جوهر الذات البشرية وهويتها الثابتة
وخصوصيتها ،أي أن التفكير المجرد هو حقيقة الفرق الجوهري بين اإلنسان والحيوان.
بهذا الموقف كان ديكارت سباقا إلى القول بفطرية اللغة التي تعد من األفكار اللغوية التي
كان لها تأثير كبير على مسار الدرس اللغوي وعلى تصور شومسكي للنحو التوليدي
ابتداء من سنة ( )1957على وجه الخصوص.
ويعتبر أيضا نحو بور رويال نموذجا آخر لتأثير الفلسفة العقالنية في الدراسة اللغوية
عامة ،والنحو التوليدي بشكل خاص .ويندرج هذا التصور النحوي في إطار افتراض فكري
عام يستمد أصوله من الفلسفة العقالنية عند ديكارت ومفاده وجود تطابق تام وكامل بين
البنيات المنطقية والبنيات اللغوية ،إذ أن اللغة في عرف التصور العقالني ليست سوى
تعبير منطقي عن الفكر ،واللغات رغم اختالفها على مستوى القواعد التركيبية تشترك في
كونها تتوافر على بنيات منطقية وعقلية عامة مشتركة بين البشر.
واستوحى شومسكي من الفيلسوف األلماني ويليام فون همبولدت فكرته المتعلق باإلبداع
اللغوي ،وكيف أن المتكلم بواسطة اللغة ،يستطيع أن يوِّلد ما ال حصر له من الجمل
انطالقا من قواعد محدودة العدد؛ وذلك ألن اللغة في حد ذاتها ليست بناء تاما لكنها نشاط
في مرحلة اإلنجاز وأن تعريفها لن يكون إال تكوينيا.
انطالقا من هذه الخلفية العقالنية ،اتسمت نظرية شومسكي اللغوية المعروفة باسم النحو
التوليدي أو التحويلي بعدة سمات أهمها:
• أن النحو عند شومسكي هو مجموع القواعد التي تمكن اإلنسان من توليد مجموعة
النهائية من الجمل ذات البنيات السليمة؛ حيث يفرق بين القدرة التي هي ملكة فطرية
ذهنية تمكن اإلنسان من فهم عدد غير محدود من الجمل ،وبين اإلنجاز الذي هو
عملية استخدام هذه القدرة ضمن نسق محدد ،أي األداء الكالمي للغة ضمن سياق
معين.
• سعى شومسكي في نظرية النحو التوليدي إلى التأسيس لقواعد عامة مشتركة بين
جميع اللغات ،فإذا كانت لسانيات دي سوسير تصب اهتمامها على بنية اللغة بعينها،
فإن شومسكي انطلق من بلورة نحو كلي ،يستطيع تفسير البنيات اللغوية في كل
اللغات الطبيعية.
وللوقوف على القيمة النظرية والمنهجية للنحو التوليدي نعرض بإيجاز التحوالت النظرية
التي عرفها النحو التوليدي منذ نشأته إلى آخر نموذج فيه ،وهو النموذج المعروف
بالبرنامج األدنوي.
.1مرحلة البنى التركيبية
تعد مرحلة البنى التركيبية أولى المراحل التي مرت بها النظرية التوليدية في تطوراتها
النظرية والمنهجية ،وتمثل الصورة األولية األولى المبسطة للنحو التوليدي ،وبها بدأ
التأريخ لظهور هذا النحو؛ خاصة بعد ظهور كتاب شومسكي البنى التركيبية سنة
( ،)1957وتنبع أهمية هذا الكتاب من كونه أول أعمال شومسكي الذي عرف من خالله
عن بعض مالمح نظريته اللغوية األولية ،ومن أهم القضايا التي تناولها هذا الكتاب:
• الدعوة إلى تغيير األسس الفلسفية التي يتأسس عليها البحث اللغوي ،فقد دعا
شومسكي في كتابه هذا إلى أن يتحول النظر إلى اللغة من نظرة سلوكية ليس
فيها إال ما نجده في ظاهر الكالم ،وأنه يجري تعلمها كما يجري تعلم أي
سلوك آخر ،وأن اإلنسان يولد بصفحة بيضاء ،إلى النظر إليها على أنها نظام
معرفي عقلي ال يكفي لمعرفته وصف ما يظهر منه ،بل يتعدى ذلك إلى
تفسير طبيعة اكتسابه ،واستخدامه ضمن ما تفرضه حدود العقل البشري عليه
وعلى غيره من النظم المعرفية ،وأن اإلنسان ال يولد صفحة بيضاء بل يولد
وعنده استعداد فطري الكتساب اللغة.
• تحليل قدرة المتكلم أو كفايته اللغوية على إنتاج الجمل التي لم يسمعها من قبل
وعلى أن يفهمها.
كما أشار شومسكي ،في هذا الكتاب أيضا ،إلى ما سماه بالنحو الكلي (Universal
) Grammarوعرفه بأنه قواعد قائمة على عدد قليل من المبادئ العامة لتحصيل أنظمة
القواعد المعقدة ،الخاصة بكل لغة.
كان جل تركيز شومسكي في هذه المرحلة على علم التركيب ،حيث دعى إلى استقاللية
المستوى التركيبي عن باقي المستويات األخرى ،كالمستويين الصرفي والصوتي من جهة
والداللي من جهة أخرى.
وقد امتازت هذه المرحلة بظهور بعض المفاهيم والمصطلحات التي لم تكن معهودة من
قبل في الدرس اللساني ،من أهم هذه المفاهيم:
القدرة اإلبداعية في اللغة ،النحوية ،القدرة اللغوية ،اإلنجاز اللغوي ،البنية العميقة ،البنية
السطحية ،النحو الكلي.
.2نظرية المعيار والمعيار الموسع
تجمع هذه المرحلة من مراحل التطورات النظرية والمنهجية للنظرية التوليدية بين
نموذجين :أولهما نظرية المعيار ونظرية المعيار الموسع .ولعل أهم مسوغات الجمع بين
هذين النموذجين في مرحلة واحدة هو عدم وجود حقبة زمنية طويلة بينهما ،فقد ظهر
النموذج الموسع بعد الخالف بين شومسكي ومؤيديه من جهة ،والمذهب المخالف لهم من
جهة أخرى حول ما أثير من قضايا في كتاب شومسكي مظاهر النظرية التركيبية سنة
(.)1965
يمثل لنظرية المعيار بعمل شومسكي الصادر سنة ( )1965مظاهر النظرية التركيبية،
وضع شومسكي في هذا العمل األسس النظرية والمنهجية لنظرية النحو التوليدي ،ومن
أهم هذه األسس:
• وضع نماذج للتحليل اللساني ذات طبيعة صورية يكون هدفها توليد الجمل النحوية
وال شيء غير الجمل النحوية.
• تحديد اللغة بوصفها نحوا صوريا توليديا؛ أي نسقا من القواعد .يتكون هذا النسق من
مجموعتين من القواعد:
-القواعد المركبية :وهي قواعد إعادة الكتابة التي تنتج البنيات العميقة.
-القواعد التحويلية :التي تحول البنيات العميقة إلى بنيات سطحية.
• استقاللية المكون التركيبي عن الداللة وعن غيرها من المكونات المعرفية األخرى
الفاعلة في استعمال اللغة وتداولها.
• اعتبار القدرة اللغوية عند األفراد جزءا من الملكة المعرفية العامة.
أما بالنسبة لإلضافات والتطورات التي أحدثها النموذج الموسع فيكمن إجماله في النقاط
التالية:
• اإلبقاء على مبدأ مركزية التركيب واستقالليته في التوليد.
• رفض الطروحات األساس للداللة التوليدية المتمثلة في:
• القول بأن التمثيالت العميقة للتركيب تمثيالت منطقية وداللية.
وجود روابط متينة بين التركيب والداللة. •
إسهام التمثيالت السطحية في التأويل الداللي للجمل بعد أن كان التأويل الداللي •
للجمل في النموذج المعيار منحص ار في البنية العميقة.
وضع افتراض عام يتعلق بطبيعة البنية الداخلية لمكونات الجملة الكبرى (المركب •
االسمي ،والمركب الفعلي ،والمركب الوصفي) وهو االفتراض المعروف بنظرية س
خط.
ضبط اآلليات المتعلقة بأجزاء التحويالت ،مثل مبدأ السلكية ،ووضع القيود أو الشروط •
على قواعد التحويالت وتقليص عددها ونوعها ،ودورها في التوليد.
مقاربة المبادئ والوسائط
عرفت بداية الثمانينات ظهور مقاربة المبادئ والوسائط ،وقد كانت هذه المقاربة محاولة
متقدمة جدا لإلجابة عن أسئلة قديمة أعيدت صياغتها صياغة جديدة ،نقدم أهمها كاآلتي:
ما هو نظام المعرفة اللغوية؟ أي ماذا يعرف المتكلم عندما يتكلم لغة خاصة؟
كيف تنشأ المعرفة اللغوية في ذهن أو دماغ المتكلم؟ أي كيف يكتسب الطفل اللغة؟
تهتم بالجواب عن السؤال األول نظرية اللغة؛ أي النحو الخاص ،الذي يقوم بوصف
مكونات اللغة الخاصة التي يعرفها المتكلم .ويرتبط السؤال الثاني بالمشكل الفلسفي
المعروف بمشكل أفالطون الذي صاغه راسل كاآلتي :كيف يمكن ألفراد النوع البشري أن
يعرفوا ما يعرفونه على الرغم من قصر تجربتهم مع الكون ومحدوديتها؟ ويمكننا أن نعيد
صياغة السؤال في مجال اللغة ،كاآلتي :كيف يصل الطفل في ظرف وجيز وداخل عشيرة
لغوية غير متجانسة وناقصة إلى اكتساب نسق معرفي كامل ومعقد؟
الجواب عن هذا السؤال تقدمه نظرية النحو الكلي ،واالفتراض العام في هذه النظرية أن
الطفل مزود بمكلة لغوية فطرية يحددها استعداده األحيائي ال التجربة ،وتسمى هذه
المعرفة بالحالة الذهنية األولى ،وتتكون هذه الحالة ،التي يمثلها النحو الكلي ،من مجموعة
من المبادئ العامة التي تحكم جميع اللغات الطبيعية ،ويرجع االختالف اللغوي إلى
مجموعة محدودة من الوسائط العامة ذات قيم غير موسومة ،تقوم اللغة بوسم سمة من
سماتها وفقا لمعطياتها اللغوية الخاصة بها.
كما أعادت مقاربة المبادئ والوسائط تحديد مفهوم اللغة ،فقامت بنقل بؤرة االهتمام من
اللغة الخارجية إلى االهتمام باللغة الداخلية ،أي االنتقال من دراسة السلوك اللغوي وما
ينتج عنه إلى دراسة أنظمة التمثيل الذهني.
مرحلة البرنامج األدنوي
يعد البرنامج األدنوي من أكثر النماذج تقدما في تاريخ اللسانيات ،بدأت هذه المرحلة مع بداية
التسعينات ( .)1995 ،1993ويندرج البرنامج األدنوي في إطار عام للمقاربة العلمية الهادفة لتفسير
عام للظواهر المدروسة بأبسط السبل باعتماد استنتاجات صورية قائمة على عدد محدود من
الفرضيات القادرة على تغطية أكبر قدر من المعطيات والوقائع .ولتحقيق هذه الغاية يتميز البرنامج
األدنوي بسمات البساطة والتقليص واالقتصاد.
والبرنامج األدنوي محاولة لتبسيط النظرية إلى أبعد حد ،سواء في مستوى الصياغة الصورية ،أو في
عدد مستويات التمثيل اللساني ،ويلعب مبدأ االقتصاد دو ار في صياغة القواعد وعددها ونوعيتها ،وفي
تشكيل الهيكل العام للنظرية ،مما يعني ضرورة وجود عدد ضئيل -حد أدنى -من عمليات االشتقاق
والتمثيالت .ويشكل البرنامج النموذج المقترح تحوال نظريا ال مثيل له في تاريخ النظرية التوليدية ،فقد
اقترح مفاهيم جديدة لم تكن واردة في النماذج التوليدية السابقة كما أنه اتسم بالتخلي عن جل المفاهيم
التوليدية والتصورات اللسانية التي كانت متبعة في السابق.
شكرا