You are on page 1of 74

‫جميل حمداوي‬

‫التواصل التربوي اللفظي وغيراللفظي‬

‫‪1‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫املؤلف‪ :‬جميل حمداوي‬


‫الكتاب‪ :‬التواصل التربوي اللفظي وغيراللفظي‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‬
‫السنة‪2222:‬م‬
‫منشورات املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث ‪ ،‬سلسلة ملفات تربوية تكوينية‪،‬‬
‫رقم‪ ،6:‬الناظور‪ -‬طنجة‪ /‬املغرب‪.‬‬
‫‪ISBN : 978-9920-9199-1-3‬‬
‫الهاتف‪2333366632/2332322363 /2332632660:‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة للمؤلف‬

‫‪2‬‬
‫اإلهداء‬

‫أهدي هذا الكتاب إلى صديقي العزيزبالل داوود‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الفهرس‬
‫اإله ـ ــداء‬
‫الفهرس‪2.....................................................................................................‬‬
‫مقدم ــة ‪3..........................................................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم التواصل وأنواعه ونماذجه‪3.....................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التواصل اللساني والسيميائي‪62............................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التواصل التربوي اللفظي وغير اللفظي‪22............................................‬‬
‫خاتم ــة ‪32.........................................................................................................................‬‬
‫املصادر واملراجع‪32..........................................................................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬
‫يذهب كثير من الدارسين إلى أن الدوال تدل‪ ،‬وتتواصل بطريقة مباشرة وغير‬
‫مباشرة‪ ،‬ومنها‪ :‬اللغة‪ ،‬والعالمات‪ ،‬والخطابات‪ ،‬واألنساق‪ ،‬واإلنسان‪ ،‬وسائر الكائنات‬
‫املوجودة في الطبيعة‪ .‬ويعني هذا أن كل ش يء في عاملنا يحمل داللة ووظيفة‪ .‬وهذه‬
‫الوظيفة قد تكون ذات مقصدية أو دون مقصدية‪ ،‬ذات ميزة فردية أو جماعية‪،‬‬
‫طبيعتها مادية أو معنوية‪ .‬وقد تكون هذه الدوال التواصلية لفظية أو غير لفظية‪،‬‬
‫تعبر عن وعي أو عن غير وعي‪ .‬واليوم‪ ،‬أصبح التواصل عبارة عن تقنية إجرائية‬
‫وأساسية في فهم التفاعالت البشرية‪ ،‬وتفسير النصوص والخبرات اإلعالمية‪،‬‬
‫والتحكم في كل طرائق اإلرسال والتبادل‪.‬‬
‫وتعد اللغة من أهم آليات التواصل ‪ ،‬و من أهم تقنيات التبليغ ونقل الخبرات‬
‫واملعارف والتعلمات من األنا إلى الغير‪ ،‬أو من املرسل إلى املخاطب‪ .‬ويالحظ أن هذه‬
‫اللغة‪ ،‬على مستوى التخاطب والتواصل ‪ ،‬ذات مستويين سلوكيين‪ :‬لفظي وغير‬
‫لفظي‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬ما مفهوم التواصل؟ وما أنواعه؟ وما نماذجه؟ وما شروطه؟ وما املقصود من‬
‫التواصل اللفظي وغير اللفظي؟ وما أهم اآلليات اإلجرائية التي يستند إليها التواصل‬
‫اللفظي وغير اللفظي في املجال التربوي؟ وما جهود رومان جاكبسون في مجال‬
‫لسانيات التواصل؟ وكيف يمكن دراسة األدب في املنظور التواصلي؟‬
‫هذا ماسوف نرصده في كتابنا هذا الذي عنوناه بـ(التواصل التربوي اللفظي وغير‬
‫اللفظي)‪ ،‬على أساس أن التواصل فعل تبادلي مهم في حياتنا اإلنسانية‪ ،‬وقد يتخذ‬
‫عدة أشكال وألوان ومظاهر‪.‬ومن أهمها‪ :‬التواصل اللساني ‪،‬والتواصل السيميائي‪،‬‬
‫والتواصل األدبي‪ ،‬والتواصل التربوي‪ .‬باإلضافة إلى التواصل اللفظي والتواصل‬
‫البصري‪.‬‬
‫و نرجو من هللا عز وجل أن يوفقنا في هذا الكتاب املتواضع‪ ،‬و يسدد خطانا‪،‬‬
‫ويرشدنا إلى ما فيه صالحنا‪ ،‬ونستغفره عن أخطائنا وزالتنا‪ .‬كما نستسمح القراء‬

‫‪5‬‬
‫األفاضل عما في هذا الكتاب من نقص وتقصير ونسيان‪ ،‬فالكمال والتمام من صفات‬
‫سبحانه وتعالى جل شأنه وعال‪ ،‬وماتوفيقي إال باهلل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫مفهـ ــوم التواص ــل‪ ،‬و أنواع ــه‪ ،‬ونماذج ــه‬

‫‪7‬‬
‫قبل الخوض في موضوع التواصل التربوي اللفظي وغير اللفظي‪ ،‬البد من التوقف‬
‫عند مفهوم التواصل‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬ونماذجه على النحو التالي‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬مفهوم التواصل لغة واصطالحا‪:‬‬
‫اليمكن فهم التواصل وإدراك آلياته ومجاالته ومفاهيمه إال بتعريفه لغة واصطالحا‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ /1‬التــواصل لغ ــة‪:‬‬
‫يرى ابن منظور ‪ ،‬في كتابه ( لسان العرب)‪ ،‬أن االتصال من فعل وصل وصال ووصوال‬
‫واتصاال‪ " :‬وصل ‪ :‬وصلت الش يء وصال وصلة ‪ ،‬والوصل ضد الهجران ‪ .‬ابن سيده ‪:‬‬
‫الوصل خالف الفصل ‪ .‬وصل الش يء بالش يء يصله وصال وصلة وصلة ؛ األخيرة عن‬
‫ابن جني ‪ ،‬قال ‪ :‬ال أدري أمطرد هو أم غير مطرد ؟ قال ‪ :‬وأظنه مطردا‪ ،‬كأنهم يجعلون‬
‫الضمة مشعرة بأن املحذوف إنما هي الفاء التي هي الواو ‪ ،‬وقال أبو علي الضمة في‬
‫الصلة ضمة الواو املحذوفة من الوصلة ‪ ،‬والحذف والنقل في الضمة شاذ كشذوذ‬
‫حذف الواو في يجد ‪ ،‬ووصله كالهما ‪ :‬ألمه ‪ .‬وفي التنزيل العزيز ‪ :‬ولقد وصلنا لهم‬
‫القول ‪ ،‬أي وصلنا ذكر األنبياء وأقاصيص من مض ى بعضها ببعض ‪ ،‬لعلهم يعتبرون‬
‫‪ .‬واتصل الش يء بالش يء ‪ :‬لم ينقطع ؛ وقوله أنشده ابن جني ‪:‬‬

‫قام بها ينشد كل منشد وايتصلت بمثل ضوء الفرقد‬

‫إنما أراد اتصلت ‪ ،‬فأبدل من التاء األولى ياء كراهة للتشديد ؛ وقوله أنشده ابن‬
‫األعرابي ‪:‬‬

‫سحيرا وأعناق املطي كأنها مدافع ثغبان أضر بها الوصل‬

‫معناه ‪ :‬أضر بها فقدان الوصل ‪ ،‬وذلك أن ينقطع الثغب فال يجري وال يتصل ‪،‬‬
‫والثغب ‪ :‬مسيل دقيق ‪ ،‬شبه اإلبل في مدها أعناقها إذا جهدها السير بالثغب الذي‬
‫يخده السيل في الوادي ‪ .‬ووصل الش يء إلى الش يء وصوال وتوصل إليه ‪ :‬انتهى إليه‬
‫وبلغه ؛ قال أبو ذؤيب ‪:‬‬
‫‪8‬‬
‫توصل بالركبان حينا وتؤلف ال جوار ويغشيها األمان ربابها‬

‫ووصله إليه وأوصله ‪ :‬أنهاه إليه وأبلغه إياه ‪ .‬وفي حديث النعمان بن مقرن ‪ :‬أنه ملا‬
‫حمل على العدو ما وصلنا كتفيه حتى ضرب في القوم أي لم نتصل به ولم نقرب منه‬
‫حتى حمل عليهم من السرعة ‪ .‬وفي الحديث ‪ :‬رأيت سببا واصال من السماء إلى األرض‬
‫أي موصوال ‪ ،‬فاعل بمعنى مفعول كماء دافق ؛ قال ابن األثير ‪:‬كذا شرح ‪ ،‬قال ‪ :‬ولو‬
‫جعل على بابه لم يبعد ‪ .‬وفي حديث علي ‪-‬عليه السالم ‪ : -‬صلوا السيوف بالخطى‬
‫والرماح بالنبل ؛ قال ابن األثير ‪:‬أي إذا قصرت السيوف عن الضريبة فتقدموا‬
‫تلحقوا وإذا لم تلحقهم الرماح فارموهم بالنبل ؛ قال ‪ :‬ومن أحسن وأبلغ ما قيل في‬
‫هذا املعنى قول زهير ‪:‬‬

‫يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا ضاربهم فإذا ما ضاربوا اعتنقا‬

‫وفي الحديث ‪ :‬كان اسم نبله ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬املوتصلة ‪ ،‬سميت بها تفاؤال بوصولها إلى‬
‫العدو ‪ .‬واملوتصلة لغة قريش فإنها ال تدغم هذه الواو وأشباهها في التاء ‪ .‬فيقول‬
‫موتصل وموتفق وموتعد ونحو ذلك ‪ .‬وغيرهم يدغم فيقول متصل ومتفق ومتعد ‪.‬‬
‫وأوصله غيره ووصل ‪ :‬بمعنى اتصل أي دعا دعوى الجاهلية ‪ ،‬وهو أن يقول ‪ :‬يال فالن‬
‫! وفي التنزيل العزيز ‪ :‬إال الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ؛ أي يتصلون ؛‬
‫املعنى اقتلوهم وال تتخذوا منهم أولياء ‪ ،‬إال من اتصل بقوم بينكم وبينهم ميثاق‬
‫واعتزوا إليهم ‪ .‬واتصل الرجل ‪ :‬انتسب ‪ ،‬وهو من ذلك ؛قال األعش ى ‪:‬‬

‫إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل وبكر سبتها واألنوف رواغم‬


‫أي إذا انتسبت ‪ .‬وقال ابن األعرابي في قوله ‪ :‬إال الذين يصلون إلى قوم ؛ أي ينتسبون‬
‫‪1".‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬الجزء الخامس عشر‪ ،‬حرف الوار‪ ،‬مادة وصل‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫طبعة ‪2226‬م‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫يتبين لنا ‪ ،‬من خالل هذه املادة اللغوية‪ ،‬أن التواصل من الفعل املثال املعتل‬
‫(وصل)‪ ،‬ويدل على الوصل‪ ،‬واالقتران‪ ،‬واالقتراب‪ ،‬واالنتساب‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والتضام‪،‬‬
‫والوصول‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬واالنتهاء ‪ .‬ويعد الفراق واالنقطاع واالبتعاد والبين والهجران من‬
‫أضداد التواصل‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬يفيد التواصل ‪ ،‬في اللغة العربية‪ ،‬االقتران‪ ،‬واالتصال‪ ،‬والصلة‪،‬‬
‫والترابط‪ ،‬وااللتئام‪ ،‬والجمع‪ ،‬واإلبالغ‪ ،‬واالنتهاء‪ ،‬واإلعالم‪.‬‬
‫أما كلمة( ‪ ،) Communication‬في اللغة األجنبية‪ ،‬فتعني التراسل‪ ،‬والترابط‪،‬‬
‫واإلرسال‪ ،‬والتبادل‪ ،‬واإلخبار‪ ،‬واإلعالم ‪ ،‬وإقامة عالقة‪ .‬أي‪ :‬هناك تشابه في الداللة‬
‫واملعنى بين مفهوم التواصل العربي ونظيره الغربي‪.‬‬
‫‪ /2‬التواصل اصــطالحا‪:‬‬
‫يدل التواصل‪ ،‬في االصطالح‪ ،‬على عملية نقل األفكار والتجارب‪ ،‬وتبادل املعارف‬
‫واملشاعر بين الذوات واألفراد والجماعات‪ .‬وقد يكون هذا التواصل ذاتيا شخصيا أو‬
‫تواصال غيريا‪ .‬وقد ينبني على املوافقة أو على املعارضة واالختالف‪ .‬ويفترض التواصل‬
‫أيضا ‪ -‬باعتباره نقال وإعالما‪ -‬مرسال‪ ،‬ورسالة ‪ ،‬ومتقبال ‪ ،‬و سياقا مرجعيا ‪،‬‬
‫ومقصدية الرسالة‪ ،‬و شفرة يتفق على تسنينها وتشفيرها كل من املتكلم واملستقبل‬
‫(املستمع)‪.‬‬

‫ويعرف شارل كولي( ‪ ) Charles Cooley‬التواصل قائال‪:‬‬


‫" التواصل هو امليكانيزم الذي بواسطته توجد العالقات اإلنسانية وتتطور‪ .‬إنه‬
‫يتضمن كل رموز الذهن‪ ،‬مع وسائل تبليغها عبر املجال‪ ،‬وتعزيزها في الزمان‪ .‬ويتضمن‬

‫‪10‬‬
‫أيضا تعابير الوجه ‪ ،‬وهيئات الجسم ‪ ،‬والحركات‪ ،‬ونبرة الصوت‪ ،‬والكلمات‪،‬‬
‫والكتابات‪ ،‬واملطبوعات‪ ،‬والقطارات‪ ،‬والتلغراف‪ ،‬والتلفون‪ ،‬وكل ما يشمله آخر ما تم‬
‫في االكتشافات في املكان والزمان"‪2‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يتبين لنا ‪ ،‬عبر هـذا التعريف‪ ،‬أن التواصل هو جوهر العالقات اإلنسانية‪،‬‬
‫ومحقق تطورها‪ .‬لذا‪ ،‬فالتواصل له وظيفتان من خالل هذا التعريف‪:‬‬
‫‪‬وظيفة معرفية‪ :‬تتمثل في نقل الرموز الذهنية ‪ ،‬وتبليغها في الزمان واملكان‪،‬‬
‫بوسائل لغوية وغير لغوية؛‬
‫‪‬وظيفة تأثيرية وجدانية‪ :‬تقوم على تمتين العالقات اإلنسانية‪ ،‬وتفعيلها على‬
‫مستوى اللفظي وغير اللفظي‪.‬‬
‫وهناك من يعرف التواصل بأنه" العملية التي بها يتفاعل املراسلون واملستقبلون‬
‫للرسائل في سياقات اجتماعية معينة"‪.3‬‬
‫ومن املعلوم أن للتواصل ثالث وظائف بارزة يمكن إجمالها في‪:‬‬
‫‪‬التبادل‪Echange:‬‬
‫‪‬التبليغ‪Transfert:‬‬
‫‪‬التأثير‪Impact :‬‬
‫ويعرف التواصل أيضا بأنه " تبادل املعلومات والرسائل اللغوية وغير اللغوية‪ ،‬سواء‬
‫أكان هذا التبادل قصديا أم غير قصدي‪ ،‬بين األفراد والجماعات"‪. 4‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬ال يقتصر التواصل على ماهو ذهني ومعرفي فحسب ‪ ،‬بل يتعداه إلى ماهو‬
‫وجداني‪ ،‬وماهو حس ي حركي وآلي‪ .‬أي‪ :‬ليس التواصل" مجرد تبليغ املعلومات بطريقة‬

‫‪2‬‬ ‫‪- Charles Cooley:(social organisation), cité in:J.Lohisse : la communication anonyme. ED.‬‬
‫‪Universitaire1969, p : 42.‬‬
‫‪ -3‬طلعت منصور‪ (:‬سيكولوجية االتصال )‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬املجلد‪ ،33‬السنة ‪ ،3602‬ص‪.323:‬‬
‫‪4 - Françoise Raynal and Alain Rieunier: Pédagogie: Dictionnaire des concepts clés, 1977,‬‬

‫‪ESF éditeur Paris, P:76.‬‬


‫‪11‬‬
‫خطية أحادية االتجاه‪ ،‬ولكنه تبادل لألفكار واألحاسيس والرسائل التي قد تفهم‪،‬‬
‫وقد التفهم بالطريقة نفسها من طرف كل األفراد املتواجدين في وضعية تواصلية"‪5.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فالتواصل عبارة عن تفاعل بين مجموعة من األفراد والجماعات‪ ،‬بتبادل‬
‫املعارف الذهنية واملشاعر الوجدانية‪ ،‬بطريقة لفظية أو غير لفظية‪.‬‬
‫وترتكز الصورة املجردة للتواصل على ثالثة عوامل أساسية‪:‬‬
‫‪‬املوضوع‪ :‬وهو اإلعالم واإلخبار؛‬
‫‪‬اآللية‪ :‬تتمثل في التفاعالت اللفظية وغير اللفظية؛‬
‫‪ ‬الغائية‪ :‬الهدف من التواصل ومقصديته البارزة( البعد املعرفي أو الوجداني أو‬
‫الحركي)‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن االتصال أو التواصل عبارة عن عملية نقل‪ ،‬واستقبال‬
‫للمعلومات بين طرفين أو أكثر‪ .‬ويستند هذا التواصل‪ ،‬في سياقاته املتنوعة‪ ،‬إلى‬
‫التغذية الراجعة( ‪ ،) Feed Back‬وخاصة عند حدوث سوء االستقبال‪ ،‬أو سوء‬
‫االستيعاب‪ ،‬أو التشويش ‪ ،‬أو االنحراف االنزياحي‪.‬‬

‫‪ -5‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضايا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م ‪،‬ص‪.63:‬‬
‫‪12‬‬
‫ثانيا‪ ،‬أن ــواع التواصل‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من التواصل اإلنساني واآللي والسيميائي‪ .‬فهناك ‪:‬‬
‫التواصل البيولوجي‪ ،‬والتواصل اإلعالمي‪ ،‬والتواصل اآللي‪ ،‬والتواصل السيكولوجي‪،‬‬
‫والتواصل االجتماعي‪ ،‬والتواصل السيميوطيقي‪ ،‬والتواصل الفلسفي‪ ،‬والتواصل‬
‫البيداغوجي‪ ،‬والتواصل االقتصادي‪ ،‬والتواصل الثقافي‪ ...‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول‬
‫طلعت منصور‪:‬‬
‫" إن وظيفة االتصال تتسع لتشمل آفاقا أبعد‪ .‬فكثير من الباحثين يتناولون‬
‫االتصال‪ ،‬كوظيفة للثقافة ‪ ،‬وكوظيفة للتعليم والتعلم‪ ،‬وكوظيفة للجماعات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وكوظيفة للعالقات بين املجتمعات‪ ،‬بل ويعتبرون االتصال كوظيفة‬
‫لنضج شخصية الفرد‪ ،‬وغير ذلك من جوانب توظيف االتصال‪6".‬‬

‫ويرتبط التواصل بعدة علوم ومعارف يمكن حصرها في ‪ :‬علم التدبير والتسيير‪،‬‬
‫والعالقات العامة‪ ،‬والبيداغوجيا والديدكتيك‪ ،‬وعلم التسويق( ‪ ،)Marketing‬وعلوم‬
‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والسيميولوجيا‪...‬‬
‫‪ -6‬طلعت منصور‪ (:‬سيكولوجية االتصال )‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬املجلد‪ ،33‬السنة ‪3602‬م‪ ،‬ص‪.320:‬‬
‫‪13‬‬
‫وسنختار من هذه األنواع‪ :‬التواصل اللساني والتواصل الفلسفي والتواصل‬
‫السيميائي بغية الحديث عنها‪ ،‬والتعريف بها‪ ،‬مرجئين باقي األنواع التواصلية األخرى‬
‫حتى يتيسر ذلك‪.‬‬
‫‪ /1‬التواصل من املنظوراللساني‪:‬‬
‫يذهب مجموعة من اللسانيين إلى أن اللغة وظيفتها التواصل كفرديناند دو سوسير‬
‫(‪ )F.De Saussure‬الذي يرى‪ ،‬في كتابه ( محاضرات في اللسانيات العامة) (‪، )3633‬‬
‫أن اللغة نسق من العالمات واإلشارات والدوال هدفها التواصل والتبليغ‪ ،‬وخاصة في‬
‫أثناء اتحاد الدال مع املدلول بنيويا‪ ،‬أو في أثناء تقاطع الصورة السمعية مع املفهوم‬
‫الذهني‪ .‬وهو املفهوم نفسه الذي كان يرمي إليه تقريبا ابن جني في‬
‫كتابه(الخصائص )‪ ،‬عندما عرف اللغة بأنها " أصوات يعبر بها قوم عن أغراضهم"‪.7‬‬

‫ويعرف أندري مارتيني( ‪ ) André Martinet‬اللغة على أساس أنها تلفظ مزدوج‪،‬‬
‫وظيفتها التواصل‪ .‬ويعني هذا أن اللغة يمكن تقسيمها إلى تمفصل أو تلفظ أول هو‬
‫املونيمات( الكلمات)‪ .‬أما التمفصل أو التلفظ الثاني ‪ ،‬فهو الفونيمات‬
‫واملورفيمات‪.‬وللتمثيل‪ ،‬تتكون كلمة (يلعبون) من مونيم (لعب)‪ ،‬وفونيمات صوتية‬
‫(الالم‪ ،‬والعين‪ ،‬والباء)‪ ،‬ومورفيمات نحوية وصرفية ‪ ،‬مثل‪ :‬ياء املضارعة‪ ،‬وواو‬
‫الجماعة التي تعرب فاعال ‪ .‬لكن الفونيمات اليمكن تقسيمها أكثر‪ ،‬فهي التتجزأ إلى‬
‫وحدات أصغر منها‪ .‬ألن الصوت مقطع ال يتجزأ‪ .‬وإذا جمعنا الفونيمات واملورفيمات‬
‫مع بعضها البعض‪ ،‬فقد نكون ‪ -‬في هذا الصدد‪ -‬مونيمات‪ ،‬وإذا جمعنا الكلمات بين‬
‫بعضها البعض‪ ،‬فقد نكون جمال‪ ،‬وبالجمل نكون الفقرات واملتواليات‪ ،‬وتكون‬

‫‪ -7‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط ‪ ،33‬ص‪.66:‬‬
‫‪14‬‬
‫الفقرات ما يسمى بالنص‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يكون النص‪ ،‬في حالتي التأليف واالستبدال‪ ،‬ما‬
‫يسمى باللغة التي من أهدافها األساسية فعل التواصل‪.‬‬
‫ويذهب رومان جاكبسون (‪ )Roman Jakobson‬إلى أن اللغة ذات بعد وظيفي‪ ،‬وأن‬
‫لها ستة عناصر‪ ،‬وست وظائف‪ :‬املرسل ووظيفته انفعالية‪ ،‬واملرسل إليه ووظيفته‬
‫تأثيرية‪ ،‬والرسالة ووظيفتها جمالية‪ ،‬واملرجع ووظيفته مرجعية‪ ،‬والقناة ووظيفتها‬
‫تواصلية‪ ،‬واللغة ووظيفتها وصفية‪ .‬وهناك من يضيف الوظيفة السابعة‪ ،‬وهي‬
‫الوظيفة األيقونية‪.‬‬
‫وإذا كان الوظيفيون يرون أن اللغة واضحة ‪ ،‬تؤدي وظيفة التواصل الشفاف بين‬
‫املتكلم واملستمع‪،‬فإن أزوالد دوكرو( ‪ ) Ducrot‬يرى‪ ،‬خالف ذلك‪ ،‬أن اللغة ليست‬
‫دائما لغة تواصل واضح وشفاف‪ ،‬بل هي لغة إضمار ‪ ،‬وغموض‪ ،‬وإخفاء‪ .‬ويعني هذا‬
‫أن الفرد قد يوظف اللغة‪ ،‬في سياق اجتماعي معين‪ ،‬للتمويه والتخفية وإضمار‬
‫النوايا واملقاصد‪ .‬ويكون هذا اإلضمار اللغوي ناتجا عن أسباب دينية‪ ،‬ونفسية‪،‬‬
‫واجتماعية‪ ،‬وسياسية ‪ ،‬وأخالقية‪ .‬فمهرب املخدرات ال يستعمل اسم مهرباته‬
‫بطريقة مباشرة‪ ،‬بل يستعمل الرموز لإلخفاء‪ ،‬كأن يقول لصديقه‪ :‬هل وصلت الحناء‬
‫إلى هولندا؟ كما أن أسلوب األمر في الشريعة اإلسالمية يستعمل للوجوب والدعاء‬
‫والندب على حد سواء‪ ،‬وهذا يعني أن اللغة فيها أوجه داللية عدة؛ مما يزيد من‬
‫غموضها ‪ ،‬ويؤكد عدم شفافيتها التواصلية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يذهب روالن بارت( ‪ ) Roland Barthes‬بعيدا في تأويالته للغة‬
‫اإلنسانية؛ حيث يعدها بعيدة عن التواصل‪ ،‬و يجعلها لغة السلطة‪ ،‬ومصدرها‬
‫السلطة‪ .‬ويعني هذا أن اإلنسان عبد للغة وحر في الوقت نفسه‪ .‬فعندما يريد املتكلم‬
‫أن يتحدث لغة أجنبية‪ ،‬فهو خاضع لقواعدها وتراكيبها‪ ،‬ومقيد بمنظومتها الثقافية‪.‬‬
‫ولكنه في الوقت نفسه‪ ،‬يوظف هذه اللغة كيفما يشاء‪ ،‬ويطوعها جماليا وفنيا‪ .‬فقد‬
‫استبدت اللغة الفرنسية كثيرا بالشعب الجزائري ملدة طويلة‪ ،‬فأخضعته لقواعدها‬
‫وسننها اللساني‪.‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬نجد بعض األدباء الجزائريين‪ ،‬بقدر ما هم‬
‫خاضعون لهذه اللغة األجنبية‪ ،‬يتخذونها سالحا لهم بكل حرية للتنديد باالستعمار‬
‫‪15‬‬
‫الفرنس ي ونقده وتعريته والهجوم عليه‪ ،‬بتطويع تلك اللغة وتعربيها أو جزأرتها‪ .8‬كما‬
‫تفرض السلطة الحاكمة اللغة التي تناسبها على املجتمع لفرض سيطرتها السياسية‬
‫واإليديولوجية‪ .‬أي‪ :‬تفرض اللغة بالقوة السياسية واالقتصادية والثقافية‪ .‬وفي‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬تمنح اللغة الفئة الحاكمة قوة الحكم والسلطة السياسية ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬نستنتج أن اللغة قد تكون أداة للتواصل الشفاف من جهة أولى‪ ،‬وتكون أداة‬
‫لإلضمار والتمويه واإلخفاء من جهة ثانية‪ ،‬و تكون أداة للسلطة من جهة ثالثة‪.‬‬
‫‪ /2‬التواصل من املنظورالفلسفي‪:‬‬
‫طرح مفهوم األنا والغير ‪ ،‬وخاصة في الخطاب الفلسفي‪ ،‬كثيرا من اإلشكاالت التي‬
‫تنصب كلها في كيفية التعامل مع الغير‪ ،‬وكيف يمكن لألنا النظر إلى الغير؟!‬
‫يذهب الفيلسوف األملاني هيجل إلى أن العالقة بين األنا والغير هي عالقة سلبية‬
‫قائمة على الصراع الجدلي‪ ،‬كما توضح ذلك نظريته املسماة بجدلية السيد والعبد‪.‬‬
‫أما الفيلسوف الفرنس ي جان بول سارتر ‪ ،‬فيرى أن الغير ممر ووسيط ضروري لألنا‪،‬‬
‫إال أن الغير جحيم ال يطاق؛ ألنه يش يء الذات أو األنا‪ .‬لهذا‪ ،‬يدعو سارتر إلى التعامل‬
‫مع الغير بحذر وترقب وعدوان‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يستحيل التعايش بين األنا والغير أو‬
‫التواصل بينهما ‪ ،‬مادام الغير يستلب حرية األنا‪ ،‬ويجمد إرادته‪ .‬لذلك‪ ،‬قال قولته‬
‫املشهورة‪ " :‬أنا‪ ،‬واآلخرون إلى الجحيم"‪.‬‬
‫لكن ميرلوبونتي يرفض نظرية سارتر التجزيئية العقالنية‪ ،‬وينطلق من أن العالقة‬
‫بين األنا والغير إيجابية قائمة على االحترام والتكامل والتعاون والتواصل‪ ،‬وأساس‬
‫هذا التواصل هواللغة‪.‬‬
‫أما الفيلسوف األملاني ماكس شيلر‪ ،‬فيرى أن العالقة بين األنا والغير قائمة على‬
‫التعاطف الوجداني ‪ ،‬واملشاركة العاطفية الكلية مع الغير‪ ،‬وال تقوم على التنافر أو‬
‫البغض والكراهية‪ .‬في حين‪ ،‬يرى جيل دولوز أن العالقة التواصلية بين األنا والغير ‪،‬‬
‫في املجال املعرفي البنيوي‪ ،‬قائمة على التكامل اإلدراكي‪.‬‬

‫‪ -8‬نسبة إلى الجزائر‪.‬‬


‫‪16‬‬
‫ويعد هابرماس من أهم الفالسفة األملان الذين اهتموا بالجانب التواصلي والتفاعل‬
‫االجتماعي‪ .‬ويعد أيضا ‪،‬عند توم بوتومور‪ ،‬املفكر األكبر ملا بعد مدرسة فرانكفورت أو‬
‫النظرية النقدية الجديدة‪ .‬و"على الرغم من قربه من املاركسية‪ ،‬فإنه يختلف مع‬
‫ماركس في أمر أساس ي‪ :‬فهو يرى أن ماركس قد أخطأ في إعطائه لإلنتاج املادي املركز‬
‫األول في تعريفه لإلنسان في رؤيته التاريخية‪ ،‬باعتباره تطورا لألشكال واألنماط‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬يرى هابرماس أن التفاعل االجتماعي هو أيضا بعد أساس ي من أبعاد املمارسة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وليس اإلنتاج وحده‪ ،‬وهو ما يوضح فلسفته التي تقوم على مفهوم‬
‫االتصال أو التواصل‪ ،‬وعلى أسبقية اللغة‪ ،‬وأولويتها على العمل‪.‬‬
‫والعقل االتصالي عند هابرماس هو فاعلية تتجاوز العقل املتمركز حول الذات‪،‬‬
‫والعقل الشمولي املنغلق الذي يدعي أنه يتضمن كل ش يء‪ ،‬والعقل األداتي الوضعي‬
‫الذي يفتت الواقع ويجزئه‪ ،‬ويحول كل ش يء إلى موضوع جزئي حتى العقل نفسه‪9".‬‬

‫وقد وجه هابرماس انتقادات صارمة للماركسية ‪ ،‬فأعاد بناءها على أسس جديدة‪،‬‬
‫وتسمى هذه املرحلة من مراحل مدرسة فرانكفورت بمرحلة مابعد املاركسية‪ .‬وقد بدأ‬
‫مقاالته التي كتبها في الستينيات بتقويم الوضعية العلمية واملنطقية على غرار‬
‫أسالفه من مفكري معهد فرانكفورت‪ .‬وقد ميز بين ثالثة أنواع من املعرفة انطالقا من‬
‫منظور املصلحة التي تحققها للجنس البشري‪ ،‬في كتابه(املعرفة واملصالح البشرية)‬
‫(‪3632‬م)‪ ،‬وقد حصرها في مصلحة تقنية‪ ،‬ومصلحة عملية‪ ،‬ومصلحة تحررية‪.‬‬
‫وقد اعتبر هابرماس النموذج النفس ي الفرويدي أداة صالحة للنظرية النقدية‬
‫لتحقيق الثورة التحررية اإلنسانية واملجتمعية‪ .‬وقد أكد هابرماس أسبقية اللغة على‬
‫العمل‪ ،‬وأكد أيضا ترابط اللغة والعمل االجتماعي‪ ،‬فمن الصعب فصل عنصر على‬
‫آخر‪ ،‬وخالف بذلك رأي ماركس الذي كان يعتبر العمل هو الذي يخلق اإلنسان ‪.‬‬

‫‪ - 9‬توم بوتومور‪ :‬مدرسة فرانكفورت ‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعد هجرس‪ ،‬دار أويا‪،‬دار الكتب الوطنية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية سنة ‪2222‬م‪ ،‬ص‪.332:‬‬
‫‪17‬‬
‫ويعتبر هابرماس اللغة هي التي تحقق االستقالل الذاتي واملسؤولية‪ .‬وبهذا‪ ،‬يكون‬
‫هابرماس قد انتقل من نظرية املصالح املعرفية إلى نظرية اللغة واالتصال‪.‬‬
‫ويالحظ أن هناك ارتباطا في فكر هابرماس بين التحليل الفلسفي ونظرية املجتمع‪،‬‬
‫وإن تغيرت طبيعة هذا االرتباط بالتدريج‪ .‬ففي كتابه( املعرفة واملصلحة البشرية)‪،‬‬
‫كان هناك تماثل بين األنواع الثالثة من املعرفة مع قسمات رئيسة للحياة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهي‪ :‬العمل‪ ،‬والتفاعل‪ ،‬والتسلط‪.‬‬
‫وانتقل في املرحلة الثانية إلى تقديم نظرية في الحق التضرب بجذورها في املجتمع‪،‬‬
‫وإنما في اللغة بوصفها ميزة عامة للجنس البشري‪ ،‬وتستمر هذه الفكرة في أعمال‬
‫هابرماس ‪ ،‬وإن كان يشدد في األخير على إعادة بناء النظرية في املجتمع‪ .‬و" بالفعل‪،‬‬
‫فإن هذا التطور يسجل ابتعادا أكثر عن نظرة مدرسة فرانكفورت في مرحلتها األخيرة‬
‫‪ ،‬وأصبح هذا التباعد أكثر صراحة بإعالن هابرماس أنه يتناول النظرية االجتماعية‬
‫بوصفه‪ ":‬منظرا ماركسيا مهتما بمواصلة التعاليم املاركسية في ظل ظروف تاريخية‬
‫متغيرة على نحو كبير"‪ .‬وهكذا‪ ،‬قدم هابرماس عناصر النظرية املاركسية املعاد‬
‫بناؤها في عملين مهمين خالل السبعينيات‪ ،‬دار أولهما حول مشكالت الشرعية في‬
‫املجتمعات الرأسمالية إبان مراحل تطورها األخيرة‪ ،‬والثاني حول املادية التاريخية‪10".‬‬

‫وقد مال هابرماس إلى البنيوية التكوينية بديال لفلسفة التاريخ التي تبنتها مدرسة‬
‫فرانفكورت إبان بدايتها‪ ،‬متأثرا في ذلك بجان بياجيه‪ ،‬ولوسيان كولدمان‪.‬وبعد ذلك‪،‬‬
‫شرع في التمييز بين الرأسمالية املنظمة واالشتراكية البيروقراطية بوصفهما الشكلين‬
‫الرئيسين للترشيد العقالني للمجتمعات الحديثة‪ .‬وبني هابرماس نظريته النقدية في‬
‫علم االجتماع على مرتكزين ضروريين هما‪ :‬الفلسفة والعلم‪ .‬بيد أن نظرية هابرماس‬
‫غير تاريخية ‪ ،‬والتعتني باالقتصاد‪ ،‬كما هو حال النظرية املاركسية األولى‪ .‬و" نرى أن‬
‫السمة األكثر تميزا لنظرية ماركس‪ ،‬وإسهامها األكثر أهمية في إقامة علم واقعي عن‬
‫املجتمع‪ ،‬هي أنها ال تتعامل مع التفاعل االجتماعي على وجه العموم‪ ،‬وإنما تتناول‬

‫‪ - 10‬توم بوتومور‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.333:‬‬


‫‪18‬‬
‫عالقة البشر بالطبيعة‪ ،‬والتفاعل فيما بين البشر في عملية اإلنتاج‪ ،‬كاتجاهات‬
‫سائدة ومولدة ومحددة ألشكال أخرى من التفاعل‪.‬‬
‫إن هذا هو املفهوم الذي منح املاركسية قوتها التفسيرية‪ ،‬و اليزال يمنحها هذه القوة‬
‫حتى اليوم‪.‬ألنه مهما تكن الحاجة إلى إعادة بناء للنظرية املاركسية من أجل فهم‬
‫املراحل املستجدة من تطور املجتمعات الحديثة بشكل مالئم‪ ،‬والسيما دورالدولة‬
‫وطبيعة الصراعات الطبقية‪ ،‬فإنه اليزال ضروريا البدء من تحليل تنظيم اإلنتاج‬
‫وتسييره‪ ،‬سواء كان ذلك على شكل تسلط رأس املال املتركز في شركات وطنية أو‬
‫متعددة الجنسية‪ ،‬أم تسلط اإلدارة البيروقراطية للصناعة املؤممة‪11".‬‬

‫وعليه‪ ،‬فقد مر فكر هابرماس ‪ -‬حسب سامي خشبة‪ -‬بمرحلتين رئيستين‪ :‬مرحلة نقد‬
‫العقل الوضعي الذي ساد الغرب مع نضج الرأسمالية ‪ ،‬وتطور العلوم اإلنسانية‬
‫والتجريبية‪ .‬واملرحلة الثانية التي انشغل فيها هابرماس ببناء نظرية اجتماعية قائمة‬
‫على حركة تنويرية جديدة أو استئناف القديمة‪ ،‬وصياغة عقالنية تسترشد‬
‫باملنجزات العصرية لعلوم الطبيعة والعلوم االجتماعية‪ ،‬وخاصة علم االجتماع‪،‬‬
‫وعلوم اللغة واالتصال‪ ،‬وعلم النفس التربوي التطوري‪12.‬‬

‫ويمكن أن نحدد ‪ ،‬بدورنا‪ ،‬مراحل أخرى لفكر هابرماس‪ ،‬ففي املرحلة األولى‪ ،‬انتقد‬
‫الوضعية العلمية واملنطقية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬انتقل إلى الحداثة ليعتبرها دليال على العقل‬
‫التنويري مقابل النزعات الالعقالنية التقويضية والتفكيكية‪ ،‬وقد اعتبر الحداثة‬
‫نموذجا للتحرر من كل أنواع السيطرة‪ ،‬حيث تتطابق النظرية والتطبيق‪ ،‬واملعرفة‬
‫واملصلحة‪ ...‬و ركز أيضا على االتصال بأنواعه باعتباره وسيلة لبناء املعرفة‪ ،‬وليس‬
‫مجرد تبادلها‪ ،‬كما أشار إلى ذلك في كتابه( االتصال ونشوء املجتمع)(‪ .)3633‬وقد‬
‫أعاد للقيم واملعايير االجتماعية أهميتها‪ ،‬وتبنى الكفاءة األخالقية مضمونا لالتصال‬
‫االجتماعي‪ ،‬وخاصة في كتابه( نظرية الفعل االتصالي)(‪3603‬م)‪ .‬لكن هابرماس ينتقد‬

‫‪ - 11‬نفسه‪ ،‬ص‪.323:‬‬
‫‪ - 12‬نفسه ‪،‬ص‪.333-332:‬‬
‫‪19‬‬
‫(مابعد الحداثة) التاريخية ابتداء من عام ‪3603‬م؛ حيث يرجع فشلها إلى اختالل‬
‫التوازن بين القيمة املعنوية والقيمة املادية؛ مما حول عقالنية التنوير إلى حالة‬
‫مرضية‪ ،‬وتلك هي الحال التي يصف بها تصور فرانسوا ليوتار وجان بودريار ملا بعد‬
‫الحداثة‪.13‬‬
‫‪ /3‬التواصل من املنظورالسيميائي‪:‬‬
‫يمثل هذا االتجاه كل من برييطو( ‪ ،) Prieto‬ومونان( ‪ ،)Mounin‬وبويسنس(‬
‫‪،) Buyssens‬وكرايس( ‪ ،)Grice‬وأوستين( ‪ ،)Austin‬وفتجنشتاين(‪،) Wittgenstein‬‬
‫وأندري مارتينيه( ‪ .)Martinet‬ويرى هذا االتجاه في الدليل على أنه أداة تواصلية‪ .‬أي‪:‬‬
‫مقصدية إبالغية‪ .‬ويعني هذا أن العالمة تتكون من ثالثة عناصر‪ :‬الدال‪ ،‬واملدلول‪،‬‬
‫والوظيفة أو القصد‪ .‬وهؤالء اللسانيون واملناطقة اليهمهم من الدوال والعالمات‬
‫السيميائي ة غير اإلبالغ والوظيفة االتصالية أو التواصلية‪ .‬وهذه الوظيفة التؤديها‬
‫األنساق اللسانية فحسب‪ ،‬بل هناك أنظمة سننية غير لغوية ذات وظيفة‬
‫سيميوطيقية تواصلية‪ .‬إن السيميولوجيا ‪ -‬حسب بويسنس‪ -‬هي دراسة لطرائق‬
‫التواصل والوسائل املستعملة للتأثير في الغير قصد إقناعه أو حثه أو إبعاده‪ .‬أي‪ :‬إن‬
‫موضوع السيميولوجيا هو التواصل املقصود‪ ،‬وال سيما التواصل اللساني‬
‫والسيميوطيقي‪.‬‬
‫وقد طالب" بعض السيميائيين (بويسنس‪ ،‬وبرييطو‪ ،‬ومونان) تالفيا لتفكك موضوع‬
‫السيميائية‪ ،‬بالعودة إلى الفكرة السوسيرية بشأن الطبيعة االجتماعية للعالمات‪،‬‬
‫لقد حصروا السيميائية بمعناها الدقيق‪ ،‬في دراسة أنساق العالمات ذات الوظيفة‬
‫التواصلية‪.‬وهكذا‪ ،‬يذهب مونان إلى القول بأنه ينبغي من أجل تعيين الوقائع التي‬
‫تدرسها السيميائية تطبيق املقياس األساس ي القاض ي بأن هناك سيميوطيقا أو‬
‫سيميولوجيا إذا حصل التواصل‪14".‬‬

‫‪ - 13‬نفسه‪،‬ص‪.336-332:‬‬
‫‪ - 14‬عواد علي‪ :‬معرفة اآلخر‪ ،‬مدخل إلى املناهج النقدية الحديثة‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪ ،3662‬ص‪.03:‬‬
‫‪20‬‬
‫والتواصل لدى بويسنس هو الهدف املقصود من السميولوجيا‪ ،‬وهذا ما أكده‬
‫برييطو" ينبغي للسيميولوجيا حسب بويسنس‪ ،‬أن تهتم بالوقائع القابلة لإلدراك‬
‫املرتبطة بحاالت الوعي‪ ،‬واملصنوعة قصدا من أجل التعريف بحاالت الوعي هذه‪،‬‬
‫ومن أجل أن يتعرف الشاهد على وجهتها‪ ...‬التواصل في رأي بويسنس هو ما يكون‬
‫موضوع السيميولوجيا"‪.15‬‬
‫وثمة أمارات متنوعة‪ ،‬كاألمارات العفوية ‪ ،‬واألمارات العفوية املغلوطة‪ ،‬واألمارات‬
‫القصدية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تركز السيميولوجيا على الدالئل القائمة على القصدية‬
‫التواصلية‪ .‬ويرى برييطو " أنه من املمكن اعتبار سيميولوجيا التواصل فرعا من‬
‫سيميولوجيا تدرس البنيات السيميوطيقية مهما كانت وظيفتها‪ .‬إال أن سيميولوجيا‬
‫من هذا النوع ستلتبس بعلوم اإلنسان‪ ،‬منظورا إليها في مجموعها‪ .‬إذ يبدو أن موضوع‬
‫علوم اإلنسان جميعا هو البنيات السيميوطيقية التي ال تتميز فيما بينها إال بالوظيفة‬
‫التي تميز‪ ،‬على التوالي‪ ،‬هذه البنيات"‪.16‬‬
‫ولسيماء التواصل محوران اثنان هما‪ :‬العالمة والتواصل‪ .‬ويتشعب كل محور من‬
‫هذين املحورين إلى أقسام‪ .‬وهكذا‪ ،‬يمكن أن ينقسم التواصل السيميائي إلى إبالغ‬
‫لساني‪ ،‬وإبالغ غير لساني‪ .‬فالتواصل اللساني يتم عبر الفعل الكالمي‪ ،‬فعند‬
‫دوسوسير البد من متكلم وسامع‪ ،‬باإلضافة إلى تبادل الحوار عبر الصورة الصوتية‬
‫والصورة السمعية‪.‬بينما التواصل لدى شينون وويفر يتحقق عبر الرسالة من قبل‬
‫املتكلم إلى املستقبل‪ ،‬وهذه الرسالة تشفر‪ ،‬فترسل عبر القناة‪ ،‬ويشترط فيها الوضوح‬
‫وسهولة املقصدية لنجاح هذه الرسالة قصد أداء وظيفتها‪ .‬وبعد التسليم‪ ،‬يقوم‬
‫املرسل إليه بتفكيك الشفرة وتأويلها‪.‬‬

‫‪ - 15‬عواد علي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.03:‬‬


‫‪ - 16‬حنون مبارك‪ :‬دروس في السيميائيات‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪3603‬م‪ ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪21‬‬
‫أما التواصل غير اللفظي أو غير اللساني‪ ،‬فيعتمد على أنظمة سننية غير أنساق‬
‫اللغة‪ ،‬وهي حسب بويسنس مصنفة حسب معايير ثالثة‪:‬‬
‫‪ -3‬معيار اإلشارية النسقية‪ :‬حيث تكون العالمات ثابتة ودائمة ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫الدوائر‪ ،‬واملثلثات‪ ،‬واملستطيالت‪ ،‬وعالمات السير‪.‬‬
‫‪ -2‬معيار اإلشارية الالنسقية‪ :‬عندما تكون العالمات غير ثابتة وغير دائمة‪ ،‬على‬
‫عكس املعيار األول نحو‪ :‬امللصقات الدعائية‪.‬‬
‫‪ -6‬معيار اإلشارية‪ :‬حيث العالقة جوهرية بين معنى املؤشر وشكله‪ ،‬كالشعارات‬
‫الصغيرة التي ترسم عليها مثال‪ :‬قبعة‪ ،‬أو مظلة‪ .‬ثم‪ ،‬تعلن على واجهات املتاجر دليال‬
‫على ما يوجد فيها من البضائع‪17.‬‬

‫ويمكن الحديث ضمن هذا املعيار األخير عن معيار آخر لإلشارية ذات العالقة‬
‫االعتباطية أو الظاهرية‪ " ،‬كالصليب األخضر الذي يشير إلى الصيدلية‪ ،‬ويتفرع عنه‬
‫أيضا معيار لإلشارية يقيم عالقة بين معنى الرسالة والعالمات التي تنتقل هذه‬
‫الرسالة بواسطتها‪ .‬كما يتفرع عنه أخيرا معيار لإلشارية ينوب مناب املعيار األول‪:‬‬
‫فالكالم معيار لإلشارية املباشرة‪ ،‬إذ الش يء يحول بين األصوات امللتقطة ودالالتها‬
‫التي رسمت لها‪ ،‬ولكن املورس يعد معيارا نيابيا‪ ،‬إذ إنه لكي يتوصل إلى املعنى الذي‬
‫يريد هذا املورس أن ينقله‪ ،‬البد من االنتقال من العالمة فيه إلى العالمة في الكتابة‬
‫الصوتية‪ ،‬ثم من العالمة في الكتابة الصوتية إلى العالمة الصوتية‪18".‬‬

‫‪ - 17‬عواد علي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.62:‬‬


‫‪ - 18‬نفسه‪ ،‬ص‪.66-62:‬‬
‫‪22‬‬
‫وما يهمنا في هذه السيميولوجيا هو موضوع التواصل؛ ألن املقاربة السيميوطيقية‬
‫للنصوص تبحث في وظائف خطاباتها وملفوظاتها اإلبداعية‪ ،‬فتبرز مقاصدها‬
‫املباشرة وغير املباشرة‪ .‬وإذا أخذنا العنوان الذي يعلق على أغلفة الدواوين الشعرية‬
‫أو فوق النصوص‪ ،‬فليس تموقعه زائدا ومجانيا‪ ،‬بل يؤدي دورا في التدليل ‪ ،‬ويسهم‬
‫في فهم الداللة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فالعنوان هو املفتاح اإلجرائي الذي يمدنا بمجموعة من‬
‫املعاني التي تساعدنا على فك رموز النص‪ ،‬وتسهيل مأمورية الدخول في أغواره‪،‬‬
‫واستكشاف تشعباته الوعرة‪ .‬ويمكن أن نستلهم من هذه السيميولوجيا بعض‬
‫أنماط عالماتها التواصلية‪ ،‬كاإلشارة‪ ،‬واأليقون‪ ،‬والرمز‪ ،‬وهذه املصطلحات اإلجرائية‬
‫ذات كفاية منهجية ناجعة في مقاربة الدال العنواني‪ ،‬باعتباره العتبة الحقيقية لولوج‬
‫عالم املدلوالت النصية والسياقية‪.‬‬
‫ثالثا‪ ،‬أنم ــاط التواص ــل‪:‬‬
‫يمكن الحديث عن أنواع عدة من التواصل اإلنساني التي يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪‬التواصل مع الذات الذي يكون عن طريق وعي الذات بوجودها وكينونتها‪،‬‬
‫وتحقيق إنيتها األنطولوجية ووعيها الداخلي بالعالم؛‬
‫‪‬التواصل بين الفرد واآلخرين؛ ألن إدراك اآلخر يساعد الفرد على إدراك ذاته؛‬
‫‪‬التواصل بين الجماعات االجتماعية قصد تنمية الروح التشاركية‪ ،‬وتفعيل املبدإ‬
‫التعاوني‪ ،‬وتحقيق التعارف املثمر البناء‪.‬‬
‫ومن األنماط التواصلية األخرى ‪ ،‬نذكر‪ :‬التواصل البشري‪ ،‬والتواصل الحيواني ‪،‬‬
‫والتواصل اآللي ( السيبرينطيقا)‪ ،‬والتواصل اإلعالمي (تكنولوجيا االتصال بصفة‬
‫عامة)‪.‬‬
‫رابعا‪ ،‬مفاهيم التواصل ومكوناته األساسية‪:‬‬
‫يشترط فعل التواصل استحضار مجموعة من املفاهيم النظرية والعناصر األساسية‬
‫التطبيقية‪ ،‬على أساس أنها مكونات جوهرية في عملية التبادل والتفاعل‪ ،‬وخاصة‬

‫‪23‬‬
‫عندما نريد مقاربة نص أو خطاب تواصلي ما بغية فهم أنسقته التفاعلية والتبادلية‬
‫والتواصلية وتفسيرها‪ .‬وهذه العناصر هي‪:‬‬
‫‪‬زمنية التواصل(‪) temporalité‬؛‬
‫‪ ‬املكانية أو املحلية( ‪)localisation‬؛‬
‫‪ ‬السنن أو لغة التواصل( التشفير والتفكيك)(‪)code‬؛‬
‫‪‬السياق(‪)contexte‬؛‬
‫‪‬رهانات التواصل( ‪)enjeux de communication‬؛‬
‫‪‬التواصل اللفظي( اللغة املنطوقة) والتواصل غير اللفظي(اللغة الجسدية‬
‫والسيميائية)( ‪) communication verbale et non verbale‬؛‬
‫‪‬إرادة التواصل( بث اإلرسالية قد تكون إرادية أو غير إرادية)( ‪volonté de‬‬
‫‪)communication‬؛‬
‫‪‬الفيدباك أو التغذية الراجعة‪ ،‬بتصحيح التواصل‪ ،‬وتقويته‪ ،‬وتدعيمه‪،‬‬
‫وإنهائه( ‪)feedback‬؛‬
‫‪‬شبكة التواصل(‪.)le Réseau.‬‬

‫خامسا‪ ،‬نم ــاذج من التواص ــل‪:‬‬


‫هناك كثير من نظريات التواصل التي حاولت مقاربة نظام التراسل واالتصال وفهمه‬
‫وتفسيره‪ .‬لذلك‪ ،‬من الصعب استقراء كل النظريات التي تتحدث عن التواصل‪ ،‬بل‬

‫‪24‬‬
‫سنكتفي ببعض النماذج التواصلية املعروفة قصد معرفة التطورات التي لحقت هذه‬
‫النظريات ‪ ،‬والعالقات املوجودة بينها‪:‬‬
‫‪ /1‬النموذج السلوكي‪:‬‬
‫وضع هذا النموذج املحلل النفس ي األمريكي الزويل( ‪ ) D . Harold Lasswell‬سنة‬
‫‪ 3620‬م‪ .‬ويتضمن هذا النموذج مايلي‪:‬‬
‫من؟ ( املرسل)‪ ،‬يقول ماذا؟( الرسالة)‪ ،‬بأية وسيلة؟ ( وسيط)‪ ،‬ملن؟ (املتلقي)‪ ،‬وألي‬
‫تأثير( أثر)‪.‬‬
‫ويرتكز هذا النموذج على خمسة عناصر هي‪:‬املرسل‪ ،‬و الرسالة‪ ،‬والقناة‪ ،‬واملتلقي‪،‬‬
‫و األثر‪.‬‬

‫ويمكن إدراج هذا النموذج ضمن املنظور السلوكي الذي انتشر كثيرا في الواليات‬
‫املتحدة األمريكية‪ ،‬ويقوم على ثنائية املثير واالستجابة‪ .‬ويظهر هذا املنظور بجالء‬
‫عندما يركز الزويل على الوظيفة التأثيرية‪ .‬أي‪ :‬التأثير في املرسل إليه من أجل تغيير‬
‫سلوكه إيجابا وسلبا‪.‬‬
‫ومن سلبيات هذا النظام أنه يجعل املتقبل سلبيا في استهالكه‪ ،‬ويمتاز منظوره‬
‫بتملكه للسلطة في استعمال وسائل التأثير اإلشهاري في جذب املتلقي ‪ ،‬والتأثير فيه‬
‫لصالح املرسل‪.‬‬
‫‪ /2‬النموذج الرياض ي‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫لقد وضع املهندس كلود شانون( ‪ ،) Claude Shannon‬والفيلسوف وارين‬
‫و ايڤر(‪ ) Waren Weaver‬هذا النموذج سنة ‪3626‬م‪ .‬ويركز هذا التصور الرياض ي‬
‫على املرسل‪ ،‬والترميز‪ ،‬والرسالة‪ ،‬وفك الترميز‪ ،‬والتلقي‪.‬‬

‫ويهدف هذا النموذج إلى فهم اإلرسال التلغرافي بغية فهم عملية اإلرسال من نقطة‬
‫‪A‬إلى ‪ B‬بوضوح دقيق‪ ،‬دون إحداث أي انقطاع أو خلل في اإلرسال بسبب التشويش‪.‬‬
‫ويتلخص مبدأ هذا النظام بكل بساطة فيمايلي‪:‬‬
‫"يرسل مرسل شفرته املسننة إلى متلق يفك تلك الشفرة"‪.‬‬
‫ومن ثغرات هذا النظام الخطي أنه ال يطبق في كل وضعيات التواصل‪ ،‬خاصة إذا‬
‫تعدد املستقبلون‪ ،‬وانعدم الفهم االجتماعي والسيكولوجي في أثناء التفاعل التواصلي‬
‫بين الذوات املفكرة‪ .‬كما يبقى املتقبل سلبيا في تسلمه للرسائل املشفرة‪.‬‬
‫‪ /3‬النموذج االجتماعي‪:‬‬
‫هو نموذج ريلي وريلي( ‪ ) Riley &Riley‬الذي يعتمد على فهم طريقة انتماء األفراد إلى‬
‫الجماعات‪ .‬فاملرسل هو املعتمد‪ ،‬واملستقبل هم الذين يودعون في جماعات أولية‬
‫اجتماعية‪ ،‬مثل‪ :‬العائالت‪ ،‬والتجمعات‪ ،‬والجماعات الصغيرة‪...‬‬
‫وهؤالء األفراد يتأثرون‪ ،‬ويفكرون‪ ،‬ويحكمون‪ ،‬ويرون األشياء بمنظار الجماعات التي‬
‫ينتمون إليها‪ ،‬والتي بدورها تتطور في حضن السياق االجتماعي الذي أفرزها‪ .‬ويالحظ‬
‫أن هذا النموذج ينتمي إلى علم االجتماع‪ ،‬وخاصة علم النفس االجتماعي؛ حيث‬
‫يرصد مختلف العالقات النفسية واالجتماعية بين املتواصلين داخل السياق‬
‫االجتماعي‪ .‬وهذا ما يجعل هذا النظام يساهم في تأسيس علم تواصل الجماعة ( ‪la‬‬
‫‪.)communication de groupe‬‬
‫ومن املفاهيم التواصلية املهمة داخل هذا النظام مفهوم السياق االجتماعي واالنتماء‬
‫إلى الجماعة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ /4‬النموذج اللساني‪:‬‬
‫إن الذي وضع هذا النموذج اللساني الوظيفي هو رومان جاكبسون( ‪Roman‬‬
‫‪ )Jackobson‬في سنة ‪ 3632‬م عندما انطلق من مسلمة جوهرية أال وهي أن التواصل‬
‫هو الوظيفة األساسية للغة‪ ،‬وارتأى أن اللغة تتضمن ستة عناصر هي‪ :‬املرسل‪،‬‬
‫والرسالة‪ ،‬واملرسل إليه‪ ،‬والقناة‪ ،‬واملرجع‪ ،‬واللغة‪ .‬ولكل عنصر وظيفة خاصة‪:‬‬
‫فاملرسل وظيفته انفعالية تعبيرية‪ ،‬والرسالة وظيفتها جمالية من خالل إسقاط‬
‫محور االستبدال على محور التركيب‪ ،‬واملرسل إليه وظيفته تأثيرية وانتباهية‪ ،‬والقناة‬
‫وظيفتها تواصلية وحفاظية‪ ،‬واملرجع وظيفته مرجعية أو موضوعية‪ ،‬واللغة أو السنن‬
‫وظيفتها(ه) لغوية أو وصفية‪.‬‬
‫وهناك من يزيد الوظيفة السابعة إلى الخطاب اللساني‪ ،‬وهي الوظيفة األيقونية‪ ،‬بعد‬
‫ظهور كتابات جاك دريدا( ‪ ، )J . Derrida‬وانبثاق السيميوطيقا التواصلية‪.‬‬
‫وقد تأثر جاكبسون ‪ ،‬في هذه الخطاطة التواصلية‪ ،‬بأعمال فرديناند‬
‫دوسوسير( ‪ ،) Ferdinand. De Saussure‬والفيلسوف املنطقي اللغوي جون‬
‫أوسطين( ‪.)John L. Austin‬‬
‫‪ /5‬النموذج اإلعالمي‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫يقوم هذا النموذج اإلعالمي على توظيف التقنيات اإلعالمية الجديدة‪ ،‬كالحاسوب‪،‬‬
‫واإلنترنت‪ ،‬والذاكرة املنطقية املركزية في الحاسوب‪ .‬ومن مرتكزات هذا النموذج‪:‬‬
‫خطوة االتصال‪ ،‬وخلق العالقة الترابطية( ‪phase de mise en contact/‬‬
‫‪ ،)connexion‬و خطوة إرسال الرسائل‪ ،‬وخطوة اإلغالق( ‪phase de‬‬
‫‪ .)clôture/déconnexion‬أي‪ :‬يستند هذا النموذج اإلعالمي إلى ثالث مراحل أساسية‪:‬‬
‫الشروع في االتصال‪ ،‬والتشغيل‪ ،‬وإيقاف التشغيل‪.‬‬
‫‪ /6‬النموذج التربوي‪:‬‬
‫يتكئ التواصل التربوي على املرسل ( املدرس)‪ ،‬والرسالة ( املادة الدراسية)‪ ،‬واملتلقي (‬
‫التلميذ)‪ ،‬والقناة( التفاعالت اللفظية وغير اللفظية)‪ ،‬والوسائل الديدكتيكية (‬
‫املقرر واملنهاج ووسائل اإليضاح والوسائل السمعية البصرية‪،)...‬‬
‫واملدخالت(الكفايات واألهداف)‪ ،‬والسياق(املكان والزمان واملجزوءات)‪ ،‬واملخرجات(‬
‫تقويم املدخالت)‪ ،‬والفيدباك (تصحيح التواصل ‪ ،‬وإزالة عمليات التشويش وسوء‬
‫الفهم)‪.‬‬
‫هذه نظرة مختصرة إلى مفهوم التواصل‪ ،‬وعناصره‪ ،‬وأنواعه‪ ،‬ومكوناته‪ ،‬ونظرياته‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يبدو أن التواصل عبارة عن عملية تبادل للرسائل بين املرسل واملتلقي في‬
‫سياق ما بقصد التأثير‪ ،‬والتبليغ‪ ،‬واإلقناع‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالتواصل أنواع عدة‪ ،‬ومن‬
‫أهمها‪ :‬التواصل اللساني‪ ،‬والتواصل السيميائي‪ ،‬والتواصل التربوي‪ .‬ويترتب على هذا‬
‫التواصل مجموعة من املنظورات والنماذج‪ ،‬مثل‪ :‬النموذج اإلعالمي‪ ،‬والنمودج‬
‫الرياض ي‪ ،‬والنمودج االجتماعي‪ ،‬والنموذج التربوي‪ ،‬والنموذج اللساني‪ ،‬والنموذج‬
‫اللساني‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫التواصل اللساني والسيميائي‬

‫‪29‬‬
‫إذا كانت اللسانيات تعتمد على التواصل اللغوي والتعبيري باستعمال اللغة‬
‫املنطوقة‪ ،‬فإن السيميائيات تنبني على التواصل البصري واإلشاري‪.‬‬
‫أوال‪ ،‬التواص ــل اللفظ ــي‪:‬‬
‫يشغل التواصل اللغوي ‪ -‬الذي يتحقق بين الذوات املتكلمة ‪ -‬وحدات فونيمية‪،‬‬
‫ومقطعية‪ ،‬ومورفيمية‪ ،‬ومعجمية‪ ،‬وتركيبية‪ .‬أي‪ :‬يعتمد التواصل اللغوي على‬
‫أصوات‪ ،‬ومقاطع‪ ،‬وكلمات‪ ،‬وجمل‪.‬‬
‫ويتجسد التواصل اللغوي عبر القناة الصوتية السمعية‪ .‬أي‪ :‬يتكئ أساسا على اللغة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويتحقق سمعيا وصوتيا‪ .‬فاللغة املنطوقة لها مستوى لغوي‪ ،‬وهو عبارة‬
‫عن نظام من العالمات الدالة ( عالقة الدال باملدلول باملفهوم السوسيري) التي هي‬
‫بمثابة نسق من الوحدات نسميها‪ :‬وحدات الخطاب‪.‬‬
‫وتتفق البنيوية والتداولية على اعتبار اللغة وسيلة للتواصل ‪ ،‬على عكس التوليدية‬
‫التحويلية بزعامة نوام شومسكي التي ترى أن اللغة ذات وظيفة تعبيرية‪ .‬و من ثم‪،‬‬
‫تقر أن التواصل ما هو إال وظيفة إلى جانب وظائف أخرى قد تؤديها اللغة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وترى املدرسة الوظيفية األوربية‪ ،‬بشقيها الشرقي والغربي‪ ،‬أن اللغة اإلنسانية‬
‫وظيفتها التواصل‪ .‬فأندري مارتيني يعرف اللغة‪ -‬كما قلنا سابقا ‪ -‬على أنها تلفظ‬
‫مزدوج ‪ ،‬وظيفتها األساسية هي التواصل‪ .‬ويعني بالتلفظين‪ :‬املونيمات والفونيمات‪.‬‬
‫وتذهب سيميولوجية التواصل إلى تبني وظيفة املقصدية ‪ ،‬ويمثل هذا االتجاه‪ :‬جورج‬
‫مونان‪ ،‬وبرييطو‪ ،‬وبويسنس‪ ،‬واملدرسة الوظيفية بصفة عامة‪.‬‬
‫فالذي يريد أن يدرس اللغة أداة للتواصل‪ ،‬ينبغي له أن يستند إلى علوم لسانية‪،‬‬
‫كعلم الداللة‪ ،‬والسيميوطيقا‪ ،‬والسيميولوجيا‪ .‬ويقول نادرمحمد سراج‪:‬‬
‫" يتواصل متكلمو لغة إنسانية معينة فيما بينهم بسهولة ويسر‪ ،‬وذلك مرده إلى أن‬
‫كال منهم يمتلك ويستخدم في البيئة اللغوية عينها‪ ،‬نسق القواعد نفسه‪ ،‬األمر الذي‬
‫يتيح له سهولة استقبال‪ ،‬وإرسال‪ ،‬وتحليل املرسالت اللغوية كافة‪ ،‬هذا ما يحدث‬
‫مبدئيا عبر ما نسميه شكل التواصل الكالمي( ‪ )Communication verbal‬وهو‬
‫الشكل األكثر انتشارا واستعماال"‪.19‬‬
‫وكانت الوظيفة التواصلية في اللغة معروفة عند النحاة وعلماء اللغة العربية‬
‫القدامى‪ ،‬فابن جني يقول في باب‪ ":‬القول على اللغة وما هي‪:‬‬
‫" أما حدها‪ :‬فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"‪.20‬‬
‫أما علماء اللغة‪ ،‬فقد طرقوا‪ ،‬بدورهم‪ ،‬موضوع وظيفة اللغة‪ ،‬فاتفق أغلبهم على أن‬
‫وظيفتها هي التعبير والتواصل والتفاهم‪ ،‬ويبرز في هذا املجال األلسني الفرنس ي‬
‫أندريه مارتيني الذي يؤكد‪ -‬بدوره ومن خالل كالمه عن اللغة اإلنسانية باعتبارها‬
‫مؤسسة من املؤسسات اإلنسانية‪ -‬أن هذه األخيرة " إنما تنتج عن الحياة في املجتمع‪،‬‬
‫وهذا هو تماما حال اللغة اإلنسانية التي تدرك بشكل أساس ي كأداة للتواصل"‪21.‬‬

‫‪ -19‬محمد نادر سراج‪ ( :‬التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر الراهن)‪ ،‬الفكر العربي‬
‫املعاصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬العددان‪ ،03/02 :‬السنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪ -20‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬ص‪.66:‬‬
‫‪21 - André Martinet: Eléments de linguistique générale. Armand Colin. Paris 1970.p:9.‬‬

‫‪31‬‬
‫ويسير في هذا االتجاه لسانيو التيار البراجماتي أو الذرائعي أو التداولي‪ ،‬كڤان ديك‪،‬‬
‫وهاليداي‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬التواصـ ــل غيراللف ــظي‪:‬‬
‫تقوم القناة البصرية بدور أساس ي في التواصل‪ ،‬على أساس أن فعل التواصل بين‬
‫املرسل واملرسل إليه ال يوظف فقط نسقا لغويا منطوقا فحسب‪ ،‬بل إنه يستعمل‬
‫نظاما من اإلشارات والحركات واإليماءات التي تندرج فيما نسميه بالتواصل غير‬
‫اللفظي ‪ ،‬وهو" مجموع الوسائل االتصالية املوجودة لدى األشخاص األحياء‪ ،‬والتي ال‬
‫تستعمل اللغة اإلنسانية أو مشتقاتها غير السمعية ( الكتابة‪ ،‬لغة الصم والبكم)"‪22‬‬

‫وتستعمل لفظة التواصل غير اللفظي للداللة على " الحركات وهيئات وتوجهات‬
‫الجسم وعلى خصوصيات جسدية طبيعية واصطناعية‪ ،‬بل على كيفية تنظيم‬
‫األشياء والتي بفضلها تبلغ معلومات"‪23.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإن مالحظة عادية ملا يجري داخل الفصل الدراس ي من سلوكات غير لفظية‬
‫بين املدرس والتالميذ تشكل كنزا من املعلومات واملؤشرات على جوانب انفعالية‬
‫ووجدانية‪ .‬كما أنها تكشف عن املخفي واملستتر في كل عالقة إنسانية‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقول فرويد‪:‬‬
‫" من له عينان يرى بهما يعلم أن البشر اليمكن أن يخفوا أي سر‪ ،‬فالذي تصمت‬
‫شفتاه يتكلم بأطراف أصابعه‪ ،‬إن كل هذه السموم تفضحه"‪.24‬‬
‫من هنا‪ ،‬يساعدنا التواصل املرئي على تحديد الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد املؤشرات الدالة على االنفعاالت والعالقات الوجدانية بين املرسل‬
‫واملتلقي ؛‬

‫‪ - 22‬بيير جيرو‪ :‬السيمياء‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنطون أبي زيد‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،3602 ،3‬ص‪:‬‬
‫‪.336‬‬
‫‪ -23‬بيير جيرو‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.322:‬‬
‫‪24 - Edward .T.Hall: la dimension cachée. Ed Seuil. Coll. Point, n° 89.1971, P:13.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ ‬تعزيز الخطاب اللغوي ‪ ،‬وإغناء الرسالة بتدعيمها بالحركات لضمان استمرارية‬
‫التواصل بين املرسل واملتلقي؛‬
‫‪ ‬يؤشر التواصل غير اللفظي على الهوية الثقافية للمتواصلين من خالل نظام‬
‫الحركات واإلشارات الجسدية‪.‬‬
‫وقد حدد هاريسون( ‪ ) Harrisson‬بعض العناصر التي تتصل بالتواصل غير‬
‫اللفظي‪ ،‬وحصرها في‪:‬‬
‫‪ ‬كل التعابير املنجزة بواسطة الجسد( حركات‪ ،‬مالمح‪ ،)...‬وتنتمي إلى شفرة‬
‫اإلنجاز؛‬
‫‪ ‬العالمات الثقافية كطريقة اللباس‪ ،‬وتتمثل في الشفرة االصطناعية؛‬
‫‪ ‬استعمال املجال والديكور‪ ،‬وتمثل الشفرة السياقية؛‬
‫‪ ‬اآلثار التي تحدثها أصوات وألوان‪ ،‬مثل‪ :‬نظام إشارات املرور‪ ،‬وهي الشفرة‬
‫الوسيطة‪25.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬مستويات خطابية البـ ــد منها‪:‬‬


‫هناك مجموعة من اآلليات واملفاهيم اإلجرائية التي ينبغي االعتماد عليها في تحليل‬
‫أنظمة التواصل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪‬العالمة‪ :‬وهي في اللغة العالقة بين الدال ( صورة صوتية) واملدلول(مفهوم ذهني)‪،‬‬
‫فكل خطاب منطوق أو مكتوب هو نسق من العالقات اللغوية‪ .‬أما العالمات غير‬
‫اللغوية‪ ،‬فهي نظام اإلشارات غير املنطوقة‪ ،‬كعالمات املرور ‪ ،‬و املؤشرات‪ ،‬والرموز‬
‫املرئية‪،‬وامللصقات‪ ،‬واإلشهار ‪ ،‬والصورة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪‬األيقونة‪ :‬وهي تمثيل محسوس لش يء قصد تبيان خصائصه وسماته‪ ،‬مثل‪ :‬صورة‬
‫شخص أو خريطة بلد‪.‬‬

‫‪25‬‬‫‪- Hall.E.T: (Proxemics: the study of man's spatial relations and bounderies), in: Man's‬‬
‫‪image in medicine and anthropology. New-York International University Press 1963.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪‬املؤشر(‪ :) Indice‬وهو ما يخبر عن ش يء مستتر كالدخان‪ ،‬فهو مؤشر على النار‪،‬‬
‫إذا لم تكن مرئية‪ ،‬وعالمات الوجه قد تكون مؤشرا على فرح أو غضب أو حزن‪.‬‬
‫‪‬الرمز(‪ :)Symbole‬وهو كل عالمة تشير إلى هوية ش يء‪ ،‬مثل‪ :‬الحمامة رمز‬
‫للسالم‪ ،‬و امليزان رمز للعدالة‪.‬‬
‫ولقد حظي التواصل غير اللفظي ‪ -‬مؤخرا‪ -‬باهتمام كثير من الدارسين‪ ،‬مع تطور‬
‫اللسانيات والسميوطيقا وعلم النفس االجتماعي؛ حيث" تزايد اهتمام املجتمع‬
‫العلمي في السنوات املاضية بموضوع التواصل اإلشاري أو التواصل غير الكالمي‬
‫الذي أضحى ميدانا خصبا للحلقات واألبحاث واملؤلفات‪ ،‬فباإلضافة إلى آالف‬
‫املقاالت وعشرات الكتب التي صدرت‪ ،...‬فقد نظمت مئات الحلقات الدراسية التي‬
‫خصصت الستجالء معالم هذا العلم املستجد‪ ،‬وإلبراز مجاالته التطبيقية‬
‫العملية"‪26‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬فالتواصل غير اللفظي هو تواصل بدون استخدام للغة اإلنسانية‪ .‬أي‪ :‬بدون‬
‫تحقق سمعي وصوتي‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالحقبة املعاصرة" هي التي شهدت توسع مفهوم‬
‫التواصل املتعدد القنوات من خالل أعمال وتأمالت علماء العادات وعلماء اإلنسان‬
‫وعلماء االجتماع‪ ،‬إضافة إلى علماء النفس وأطباء األمراض العقلية‪ ،‬وكان قد سبق‬
‫لبعض علماء اإلنسان أن أكدوا تعدد قنوات االتصال في بداية القرن"‪27‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن التواصل غير اللفظي مهم في تمتين العالقات اإلنسانية والبشرية ؛ حيث‬
‫يسهم في كشف رضا األفراد وانفعاالتهم داخل جماعات معينة‪ ،‬واستخالص‬
‫مميزاتهم الثقافية والحضارية‪ ،‬وتبيان مقوماتهم السلوكية والحركية في التعامل مع‬
‫األشياء واملواقف داخل سياقات معينة‪ .‬بيد أن الخطاب اإلشاري أو الحركي غير كاف‬
‫لتأدية كل الرسائل بوضوح وشفافية‪ ،‬فالبد أن يعزز بالتفاعالت اللفظية التي تزيل‬
‫كل إبهام وتشويش عن كل إرسالية غير لفظية في مجال التواصل‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فاملعرفة‬

‫‪26 -‬‬ ‫‪A regarder Hall: La dimension cachée. Paris, Seuil, 1966.‬‬
‫‪27 - Hall: (Proxemics), In: Current Anthropology, 1968, p: 108.‬‬

‫‪34‬‬
‫الضمنية" بالدالالت االجتماعية كنسق إشاري ما ضرورية وأساسية لنجاح أية‬
‫عملية تواصل إنساني‪ ،‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬فإن التواصل اإلشاري يبقى عرضة لسوء‬
‫التفسير أو اللبس‪ ،‬وصوال إلى سوء التقدير‪ ،‬حتى أيضا‪ ،‬ألفراد البيئة اللغوية‬
‫الواحدة‪ ،‬وما يمكن استخالصه كمالحظة أولية في هذا املجال هو أنه ال يمكن‬
‫للتواصل اإلشاري أن يعتمد كقناة وحيدة وأساسية للتخاطب‪ ،‬بل يجب أن تكون‬
‫األولوية للغة املنطوقة التي تؤدي في أغلب الحاالت والظروف إلى اتصال أوضح‪ ،‬وأكثر‬
‫دقة وأسرع داللة‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬إلى تفاهم أفضل"‪28‬‬

‫ولقد ركز الباحثون كثيرا ‪ ،‬في دراساتهم وأبحاثهم ‪ ،‬على التواصل اللفظي‪ ،‬مهملين‬
‫السلوكات غير اللفظية وشبه اللغوية‪:‬‬
‫" وإذا كان التواصل اللفظي وغير الكالمي يشكالن إحدى سمات السلوك البشري ‪.‬‬
‫فمن باب أولى أن نعيد إلى األذهان أن الباحثين ركزوا جهودهم سابقا على االعتناء‬
‫بشكل أساس ي بالجوانب الكالمية لهذا التواصل متجاهلين‪ ،‬وحسب التقليد‪ ،‬الرموز‬
‫غير الكالمية التي كانوا ينسبونها عادة للتنوع الصوتي( كيفية صوتية‪ ،‬تنغيم‪ ،‬وقفة)‬
‫أو لغير الصوتي( نظرة‪ ،‬تعبير وجهي‪ ،‬إشارات‪ ،‬وصفة الجسم وحركته)‪ ،‬بالرغم من‬
‫تزايد االهتمام املوجه إلى التحليل التحادثي(‪ )Indicatives‬إما للقواعد االجتماعية‪،‬‬
‫وإما للحاالت النفسية للمرسل"‪29‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬فإن املقاربة الوظيفية لدور هذه الرموز غير الكالمية في التفاعل االجتماعي‬
‫هو " ما ينبغي التركيز عليه والسعي إلبرازه في أية دراسة مستقبلية من هذا النوع‪،‬‬
‫وإذا كان الكالم يشكل النشاط املركزي لنمط التفاعل اإلنساني الذي نسميه عادة‬
‫بالتحادث‪ ،‬فإن األهمية تكمن في اعتبار هذا التحادث ورؤيته كظاهرة لالتصال‬
‫املتعدد القنوات الذي يشتمل على عالئق متبنية جدا للرموز كالمية كانت أم غير‬
‫كالمية‪.‬‬

‫‪ -28‬بيير جيرو‪ :‬السيمياء‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنطون أبي زيد‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪،‬‬
‫‪3602‬م‪ ،‬ص‪.330:‬‬
‫‪ -29‬بيير جيرو‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.330:‬‬
‫‪35‬‬
‫إن ما يجب أن نخلص إليه في هذه املقاربة التي سعينا من خاللها أن أية دراسة‬
‫للرموز غير الكالمية يجب أن ال يتم بشكل منعزل‪ ،‬كعزل القناة البصرية عن القناة‬
‫السمعية‪ ،‬بل باألحرى ينبغي إيالء وظائف األشكال العام (‪ )Configurations‬املتعددة‬
‫القنوات للرموز أهمية كبرى نظرا لدورها املميز في هذا املجال"‪.30‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن للتواصل أن يتحقق" أيضا بواسطة أشكال تخاطبية ليست بالضرورة‬
‫كالمية تحل أحيانا محل التواصل الكالمي‪ ،‬ال بل وتصاحبه أحيانا كثيرة‪ .‬وهذه‬
‫األشكال األخيرة التي تعرف بالتواصل غير الكالمي أو باسم اللغة الالمنطوقة أو غير‬
‫اللفظية ليست حكرا على اإلنسان‪ ،‬بل هي معروفة أيضا لدى الفصائل الحيوانية‬
‫التي يتصل بعضها ببعض عن طريق األصوات والحركات واإلشارات"‪.31‬‬
‫ويسمح التواصل غير اللفظي بفهم التحفيزات والتفاعالت اإلنسانية‪ .‬وقد كان هذا‬
‫التواصل غير السلوكي وراء عدة بحوث مهمة تعتمد على تقنيات الفيديو‪،‬‬
‫وماكينوطوسكوب‪ ،‬والحاسوب في مختلف التخصصات‪ ،‬مثل‪ :‬علم النفس‪ ،‬وعلم‬
‫النفس االجتماعي‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والسميوطيقا‪ ،‬واألنتروبولوجيا‪ ،‬واإلثنولوجيا (علم‬
‫العادات)‪.‬‬
‫وقد وقع تقدم ملحوظ ومعتبر في هذه املجاالت‪ ،‬على عكس البيداغوجيا التي هي‬
‫بعيدة عن هذا املجال‪ ،‬ولم تخض غمار هذا البحث إال مؤخرا‪.‬‬
‫ولقد قدم علماء اإلثنولوجيا أبحاثا مهمة في هذا الصدد‪ ،‬فحضور التواصل غير‬
‫اللفظي يتجلى‪ ،‬بشكل واضح ‪ ،‬في املسرح وامليم واملوضة والرقص والرسم والنقش‬
‫والنحت‪ ،‬غير أن السلوكيات غير اللفظية لم تثر انتباه املفكرين والباحثين قديما‬
‫وحديثا ‪ ،‬على الرغم من استعمالهم لها‪.‬‬
‫وإذا كانت األنساق الداللية تنقسم إلى قسمين كبيرين‪ :‬أنساق داللية طبيعية‬
‫وأنساق داللية اجتماعية‪ ،‬فإن األنساق الداللية االجتماعية تنقسم إلى أنساق‬

‫‪30 - A regarder Corraze Jacques: les communications non verbales. ED : PUF.1980.‬‬

‫‪31 - Julia Kristeva: Recherches pour une sémanalyse. ED, n°:96.Paris 1969.P:39.‬‬

‫‪36‬‬
‫داللية اجتماعية لفظية‪ ،‬وأنساق داللية اجتماعية غير لفظية‪ .‬فاألنساق الداللية‬
‫الطبيعية هي تلك األنساق التي توجد في حضن الطبيعة‪ .‬ومن سمات هذه األنساق‬
‫أنها غير مؤسسية‪ ،‬فاإلنسان هو الذي وظفها داخل مجال الدالئل‪ ،‬وأسند إليها‬
‫دالالت معينة‪ .‬أما األنساق الداللية االجتماعية ‪ ،‬فهي" في اآلن نفسه األنسنة وكل ما‬
‫نتج عنها‪ .‬أي‪ :‬إنها ما قبل التاريخ اإلنساني والتاريخ اإلنساني منظورا إليه من زاوية‬
‫السيميوطيقا العامة"‪32‬‬

‫أما األنساق الداللية االجتما عية‪ ،‬فهي تلك األنساق التي تتميز بكونها مؤسسية‪ ،‬وأنها‬
‫أيضا من نتاج عمل اإلنسان‪ ،‬وهي تتفرع إلى أنساق لفظية وغير لفظية‪ .‬فاللفظية‬
‫هي" تلك األنساق التي لها لغات ولها خصوصياتها املتنوعة وإعدادات‪ ،‬مثل‪ :‬األنواع‬
‫السننية‪ .‬وتقوم هذه األنواع السننية على التمايزات التي يحدثها اإلنسان في مادة‬
‫الصوت"‪33‬‬

‫ومن الواضح أن روس ي الندي" يقص ي من هذا النوع من األنساق اللغة الشعرية‬
‫واللغات التقنية واللغة الطقوسية واللغات اإليديولوجية املختلفة ولغة الرياضيات‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن مفهوم األنساق اللفظية عنده ال يأخذ بعين االعتبار تمايز بين‬
‫ماهو منطوق وماهو مكتوب‪ ،‬فهذا املفهوم يشملهما معا"‪.34‬‬
‫أما األنساق الداللية االجتماعية غير اللفظية ‪ ،‬فهي تلك التي " ال تستعمل أنواعا‬
‫سننية قائمة على أصوات بها‪ ،‬ولكنها تستعمل أنواعا سننية قائمة على أنماط أخرى‬
‫من األشياء‪ ،‬هاته األشياء األخرى التي يسميها باألجسام هي إما أشياء توجد قبليا في‬
‫الطبيعة‪ ،‬وإما أن اإلنسان أنتجها لغايات أخرى‪ ،‬وإما أنها أنتجت لغرض أن تستعمل‬
‫بوصفها دالئل‪ ،‬أو أنها استعملت باعتبارها دالئل في الفعل نفسه الذي نتجت فيه"‪35‬‬

‫وتتكون األنساق غير اللفظية التي لها وظيفة تواصلية مما يلي‪:‬‬

‫‪ -32‬حنون مبارك‪ :‬دروس في السيميائيات‪،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪ ،‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ -33‬حنون مبارك‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪ -34‬نفسه‪ ،‬ص‪.26-22:‬‬
‫‪ -35‬نفسه‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ -3‬حركات األجسام( ‪ )Kinesic‬وأوضاع الجسد( ‪ :)Postural‬مثل‪ :‬التواصل‬
‫باإلشارات ‪ ،‬وتعابير الوجه‪ ،‬وتعابير أخرى ‪ ،‬وأوضاع الجسد‪....‬‬
‫‪ -2‬اإلشارات الدالة على القرب( ‪ :)Proxémique‬يتعلق باستعمال اإلنسان‬
‫للمجال املكاني؛‬
‫‪ -6‬التواصل اللمس ي والشمي والذوقي والبصري والسمعي إلى درجة نستطيع‬
‫فيها إبعاد أنساق داللية غير لفظية أخرى ‪ ،‬قائمة أيضا على السمع والبصر؛‬
‫‪ -2‬التواصل الشيئي‪ :‬هي األنساق القائمة على أشياء يروضها اإلنسان‪ ،‬وينتجها ‪،‬‬
‫ويستعملها‪ :‬ثياب‪ ،‬وحلي ‪ ،‬وزخارف‪ ،‬وأدوات مختلفة ‪ ،‬وآالت بناء من كل نوع ‪،‬‬
‫وموسيقا‪ ،‬وفنون رمزية؛‬
‫‪ -3‬التواصل املؤسساتي‪ :‬املقصود به كل أنواع التنظيمات االجتماعية‪،‬‬
‫وبالتحديد كل األنساق املتصلة بروابط القرابة والطقوس واألعراف والعادات‬
‫والنظم القضائية والديانات والسوق االقتصادي‪36.‬‬

‫ويمكن تقسيم هذه األنساق إلى قسمين‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬عبارة عن أنساق داللية عضوية تحيل على جسم اإلنسان‪ .‬أي‪:‬‬
‫العضوية اإلنسانية ( حركات األجسام‪ ،‬واملوضعية‪ ،‬والحواس الخمس)‪ .‬أما القسم‬
‫الثاني‪ ،‬فيحتوي على أنساق داللية أداتية‪ .‬أي‪ :‬إن اإلنسان يقوم بسلوك بواسطة‬
‫ش يء‪ ،‬وهذه األشياء خارجة عن العضوية اإلنسانية‪.‬‬
‫وفي املقابل‪ ،‬يقسم السيميوطيقي اإليطالي أومبرطو إيكو (‪ ) Umberto Eco‬األنساق‬
‫الداللية إلى ثمانية عشر نسقا‪ .‬وينطلق في هذا التصنيف من األنساق التواصلية التي‬
‫تبدو في الظاهر أكثر طبيعية وعفوية‪ .‬أي‪ :‬أقل من خاصيتها الثقافية‪ ،‬وصوال إلى‬
‫العمليات الثقافية األكثر تعقيدا‪ .‬وهذه األنساق هي‪:‬‬
‫‪ -3‬سيميوطيقا الحيوان‪ :‬ويخص األمر بالسلوكيات املتصلة بالتواصل داخل‬
‫الجماعات غير اإلنسانية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬الجماعات غير الثقافية؛‬

‫‪ -36‬نفسه‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ -2‬العالقات الشمية‪ :‬كالعطور مثال؛‬
‫‪ -6‬التواصل اللمس ي‪ :‬كالقبلة والصفعة؛‬
‫‪ -2‬سنن الذوق‪ :‬ويتعلق األمر بممارسة الطبخ؛‬
‫‪ -3‬العالمات املصاحبة ملا هو لساني( ‪ :)Paralinguistique‬كأنماط األصوات في‬
‫ارتباطها مع الجنس والسن والحالة الصحية‪ ...‬ومثل العالمات املصاحبة للغة‬
‫كالكيفيات الصوتية ( علو الصوت‪ ،‬ومراقبة العملية النطقية‪ ،)...‬وكالصوتيات (‬
‫األمزجة الصوتية‪ :‬الضحك‪ ،‬والبكاء‪ ،‬والتنهدات)؛‬
‫‪ -3‬السيميوطيقا الطبية‪ :‬وهي تبين لنا عالقة األعراض باملرض؛‬
‫‪ -3‬حركات األجسام واإلشارات الدالة على القرب‪ :‬ويتعلق األمر باللغات اإلشارية‬
‫الحركية( ‪)Gestuels‬؛‬
‫‪ -0‬األنواع السننية املوسيقية؛‬
‫‪ -6‬اللغات الرمزية أو املشكلنة( ‪ ،)Formalisés‬مثل‪ :‬الجبر‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬وسنن‬
‫الشفرة(‪)Morse‬؛‬
‫‪ -11‬اللغات املكتوبة واألبجديات املجهولة واألنواع السننية السرية؛‬
‫‪ -33‬اللغات الطبيعية‪ :‬مثل‪ :‬اللغة العربية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬واإلنجليزية‪ ،‬واإلسبانية؛‬
‫‪ -32‬التواصل املرئي‪ :‬مثل‪ :‬األنساق الخطية‪ ،‬واللباس‪ ،‬واإلشهار؛‬
‫‪ -36‬نسق األشياء‪ :‬مثل املعمار وعامة األشياء؛‬
‫‪ -32‬بنيات الحكي والسرد؛‬
‫‪ -33‬األنواع السننية الثقافية‪ :‬مثل‪ :‬آداب السلوك‪ ،‬والتراتبات‪ ،‬واألساطير‪،‬‬
‫واملعتقدات الدينية القديمة؛‬
‫‪ -33‬األنواع السننية والرسائل الجمالية‪ :‬مثل علم النفس‪ ،‬واإلبداع الفني‪،‬‬
‫والعالقات بين األشكال الفنية واألشكال الطبيعية؛‬
‫‪ -33‬التواصل الجماهيري‪ :‬مثل‪ :‬علم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪ ،‬والبيداغوجيا‪،‬‬
‫ومفعول الرواية البوليسية‪ ،‬واألغنية؛‬

‫‪39‬‬
‫الخطابة ‪37.La rhéthorique‬‬ ‫‪-30‬‬

‫ً‬
‫تلكم – إذا‪ -‬هي أهم اآلليات التواصلية التي تتعلق بلسانيات التواصل اللفظي وغير‬
‫اللفظي ‪ ،‬وهي أساسية في تفكيك الخطابات كيفما كانت‪ ،‬وتركيبها من جديد‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فالسيميائيات في حاجة ماسة إلى معرفة األنظمة التواصلية‪ ،‬وتحديد‬
‫شفراتها السننية‪ ،‬وإرساء مصطلحاتها اإلجرائية والتطبيقية لفهم نظام التواصل‬
‫وتفسيره‪ ،‬وتبيان طرائق اإلرسال والتلقي‪ ،‬ورصد الوسائل واملدخالت واملخرجات التي‬
‫يرتكن إليها التواصل اللفظي وغير اللفظي على حد سواء‪.‬‬
‫وإذا كانت اللسانيات مؤهلة لدراسة التواصل اللفظي كما يثبت ذلك فرديناند‬
‫دوسوسير‪ ،‬في كتابه( محاضرات في اللسانيات العامة)‪ ،‬فإن السيميولوجيا أو‬
‫السيميوطيقا مؤهلة أيضا لدراسة األنظمة التواصلية غير اللفظية‪ .‬في حين ‪ ،‬يرى‬
‫روالن بارت‪ ،‬في كتابه( عناصر السيميولوجيا)‪ ،‬أن اللسانيات هي التي تملك القدرة‬
‫وحدها على رصد التواصل اللفظي وغير اللفظي‪.‬‬

‫‪ -37‬نفسه‪ ،‬ص‪.22:‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫التواصل التربوي اللفظي وغير اللفظي‬

‫‪41‬‬
‫ينبني التواصل التربوي على ماهو لفظي وغير لفظي‪ .‬بمعنى أن التواصل التربوي‬
‫يستعمل قناة لغوية اتصالية قائمة على اللغة املصوتة واملسموعة لفظيا‪ .‬في‬
‫حين‪ ،‬يعتمد التواصل التربوي غيراللفظي على قناة بصرية وسيميائية‪.‬‬
‫أوال‪ ،‬التواص ــل اللفظ ــي البيداغوجي‪:‬‬
‫تستند العملية الديدكتيكية الناجحة‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي‪ ،‬إلى تفعيل الحوار‬
‫التربوي الهادف والبناء‪ ،‬وتنشيط الدرس بصياغة أسئلة ووضعيات متدرجة من‬
‫البساطة نحو الصعوبة بغية التثبت من مدى تحقق الكفايات املسطرة‪ ،‬وتنفيذ‬
‫األهداف املرسومة من قبل املدرس واملنهاج املدرس ي‪.‬‬
‫وترتبط عملية التواصل‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي املغلق‪ ،‬بين مرسل وهو املدرس‪،‬‬
‫ومتلق وهو التلميذ املتعلم‪ ،‬فيقوم املدرس بتقديم املادة الدراسية وفق أهداف‬
‫وكفايات محددة بدقة‪ ،‬وهذه األهداف والكفايات قد تكون عامة أو نوعية أو خاصة‬
‫أو إجرائية‪ .‬ويقسم املدرس املادة الدراسية التي تعتبر في النموذج التواصلي عبارة عن‬
‫رسالة تربوية إلى مراحل ووحدات دراسية وأنشطة تربوية‪ ،‬باحترام وحدة التمهيد ‪،‬‬
‫ووحدة العرض ‪ ،‬ووحدة الخاتمة‪ ،‬ويكون تقطيع املادة في انسجام كلي مع التقويم‬
‫القبلي‪ ،‬والتقويم التكويني‪ ،‬والتقويم التشخيص ي‪.‬‬
‫ويوجه املدرس املادة الدراسية التي تكون جزءا من املقرر الدراس ي أو املنهاج التعليمي‬
‫إلى متعلم قد يكون صفحة بيضاء‪ ،‬أو قد يكون وارثا ملجموعة من القدرات الفطرية‬
‫الذهنية التي تؤهله للتعلم واالكتساب‪ ،‬باستخدام مجموعة من الوسائل‬
‫الديدكتيكية املادية واملعنوية‪ ،‬مثل‪ :‬توظيف الكتب‪ ،‬والوثائق‪ ،‬والوسائط السمعية‬
‫البصرية ‪ ،‬والشروح املستفيضة ‪ ،‬واملذكرات الوزارية‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫وال ينجح الدرس الديدكتيكي إال إذا أخضع للتشخيص والتقويم والتغذية الراجعة(‬
‫‪ ) Feed Back‬من أجل دعم العملية التعليمية‪ -‬التعلمية‪ ،‬وتصحيح األخطاء املنهجية‬
‫‪ ،‬بملء الفراغات التي أثرت سلبا في خطوات العملية الدراسية‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬يستهدف التواصل البيداغوجي الديدكتيكي فهم آليات نقل الخبرات‬
‫والتعلمات والقيم واألنشطة الحركية من املدرس إلى املتعلم‪ ،‬والعمل على إدراكها‬
‫وتفسيرها‪ ،‬وضبط طرائق التفاعل والتبادل والحوار‪ .‬ويتخذ التواصل البيداغوجي‬
‫أنواعا ثالثة‪:‬‬
‫‪ /1‬التواصل املعرفي‪:‬‬
‫يهدف التواصل املعرفي إلى نقل املعلومات واستقبالها‪ ،‬وهو تواصل يركز على‬
‫الجوانب املعرفية ومراقيها‪ .‬أو بتعبير آخر‪ ،‬إنه يركز على اإلنتاجية واملردودية‪ .‬ويهدف‬
‫هذا التواصل إلى نقل الخبرات والتجارب إلى املتلقي وتعليمه طرائق التركيب‬
‫والتطبيق والفهم والتحليل والتقويم بصفة عامة‪ .‬إنه يهدف إلى تزويد املتلقي باملعرفة‬
‫واملعلومات الهادفة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم هذا التواصل على تبادل اآلراء‪ ،‬ونقل املعارف‬
‫وتجارب السلف إلى الخلف‪.‬‬
‫ويسهم السلوك اللفظي وغير اللفظي في التواصل املعرفي‪ ،‬إذا احترم شروط‬
‫السيكولوجيا التي تحيط باملتلقي أو يعيشها‪ .‬فالرفع من اإلنتاجية املعرفية اليتم إال‬
‫بسلوكيات لفظية ديمقراطية‪ ،‬تعتمد على روح املشاركة‪ ،‬والطريقة التربوية‬
‫الالتوجيهية‪ ،‬وتمثل مبدإ التسيير الذاتي‪ ،‬واألخذ بالتفاعل الديناميكي البناء‪ ،‬وكذلك‬
‫عبر سلوكات لفظية وغير لفظية‪ ،‬مثل‪ :‬حركات التنظيم‪ ،‬والحركات الديدكتيكية‪،‬‬
‫وحركات التقويم والتمجيد‪ .‬وهكذا‪ ،‬اليمكن عزل التواصل املعرفي عن التواصل‬
‫الوجداني إال من باب املنهجية ليس إال‪.‬‬
‫وثمة صنافات بيداغوجية في مجال التواصل املعرفي كصنافة بلوم( ‪ ) Bloom‬التي‬
‫تتمثل في املراقي التالية‪ :‬املعرفة‪ ،‬والفهم‪ ،‬والتطبيق‪ ،‬والتحليل‪ ،‬والتركيب‪ ،‬والتقويم‪.‬‬

‫‪43‬‬
44
‫‪ /2‬التواصل الوجداني‪:‬‬
‫إن من بين أهم وظائف التواصل التأثير في املتلقي سلبا أو إيجابا‪ ".‬فهناك تواصل‬
‫كلما أمكن لجهاز معين وباألخص جهاز حي أن يؤثر في جهاز آخر بتغيير فعله انطالقا‬
‫من تبليغ إرسالية"‪.38‬‬
‫وبهذا املفهوم‪ ،‬يقصد بالتواصل كل التأثيرات التي يمارسها نظام في آخر‪ ،‬مثل‪ :‬تلك‬
‫العالقة التي تنبني على تطبيق أوامر وتعليمات أو ترديد إحداث تغيير في سلوك‬
‫اآلخر‪ .‬وتعتبر السلوكية من أهم التيارات السيكولسانية التي ركزت على الوظيفة‬
‫التأثيرية؛ ألن التواصل ‪ -‬حسب املنظور السلوكي‪ -‬يرتكز على مفهومي املثير‬
‫واالستجابة‪ .‬لذلك‪ ،‬يترك السلوك اللفظي أو غير اللفظي‪ ،‬في وجدان املتلقي‪ ،‬تأثيرات‬
‫شعورية‪ ،‬تكون لها انعكاسات إيجابية‪ ،‬مثل‪ :‬التعاون‪ ،‬والتماثل‪ ،‬واالندماج؛‬
‫وانعكاسات سلبية مثل‪ :‬التعارض‪ ،‬والصراع‪ ،‬والتنافس‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فالعمليات‬
‫اإليجابية" أقوى أثرا وأبقى من العمليات السلبية‪ ،‬وإال ملا بقيت املجتمعات‬
‫اإلنسانية أو تقدمت نحو الرقي والنهوض‪ ،‬فالصراع والعمليات السالبة عموما‬
‫مجالها محدود‪ ،‬وكذلك أسلوبها؛ ذلك ألن الحياة تضطر األفراد بمختلف مصالحهم‬
‫أو مواقفهم إلى أن يوافقوا أنفسهم باآلخرين‪ ،‬و يتخلصوا من الصراع إلى االندماج أو‬
‫التكيف مع البيئة"‪.39‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يقصد بالتواصل الوجداني‪ ،‬في مجال البيداغوجيا ‪ ،‬اكتساب امليول واالتجاهات‬
‫والقيم‪ ،‬وتقدير جهود اآلخرين‪ ،‬بتفاعل املتعلم مع املادة املدروسة‪ ،‬واكتسابه‬
‫الخبرات بأنواعها املباشرة وغير املباشرة‪.‬‬
‫ولقد خصص للمجال الوجداني صنافات بيداغوجية‪ ،‬ومن بين املهتمين بهذا املجال‬
‫كراتهول( ‪ )Krathwol‬الذي خصص صنافة تتكون من خمسة مستويات ذات صلة‬

‫‪38‬‬‫‪- Gilles Amado/ André Guillet: la dynamique des communications des groupes. ED.‬‬
‫‪Armand Colin.P:3.‬‬
‫‪ -39‬جميلة العسال‪ :‬دروس في التربية وعلم النفس‪ ،‬املركز التربوي الجهوي بفاس‪ ،‬مطبوع جامعي‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية‪ ،3603-3602:‬ص‪.323:‬‬
‫‪45‬‬
‫وثيقة باملواقف والقيم واالهتمامات واالنفعاالت واألحاسيس والتوافق واملعتقدات‬
‫واالتجاهات‪ ،‬فكرية كانت أم خلقية‪ .‬وهذه املستويات هي‪:‬‬
‫‪ ‬التقبل‪.‬‬
‫‪‬االستجابة‪.‬‬
‫‪‬الحكم القيمي‪.‬‬
‫‪‬التنظيم‪.‬‬
‫‪‬التمييز بواسطة قيمة أو بواسطة منظومة من القيم‪.‬‬

‫‪ /3‬الجانب الحس ي – الحركي‪:‬‬


‫يمكن الحديث عن التواصل الحركي والحس ي الذي يتناول ماهو غير معرفي ووجداني‪.‬‬
‫ويظهر هذا التواصل جليا في مجاالت تستدعي الحركة‪ ،‬مثل‪ :‬السيبيرنيطيقا‪ ،‬واآللية‪،‬‬
‫واملسرح امليمي‪ ،‬والرياضة البدنية‪...‬‬
‫ويتضمن هذا التواصل‪ ،‬في املجال التربوي‪ "،‬مجموعة متسلسلة من األهداف تعمل‬
‫على تنمية املهارات الحركية‪ ،‬واستعمال العضالت والحركات الجسمية"‪.40‬‬
‫ومن أهم صنافات هذا التواصل الحركي نجد صنافة هارو( ‪ ) Harrow‬التي وضعها‬
‫صاحبها سنة ‪ 3632‬م‪ .‬وتتكون هذه الصنافة من ستة مراقي أساسية هي‪:‬‬
‫‪‬الحركات االرتكاسية‪.‬‬
‫‪‬الحركات الطبيعية األساسية‪.‬‬

‫‪ -40‬مادي لحسن‪ :‬األهداف والتقييم في التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.33:‬‬
‫‪46‬‬
‫‪‬االستعدادات اإلدراكية‪.‬‬
‫‪‬الصفات البدنية‪.‬‬
‫‪‬املهارات الحركية لليد‪.‬‬
‫‪‬التواصل غير اللفظي‪.‬‬
‫وتوجد صنافة أخرى لسيمبسون (‪ )Simpson‬تتكون من‪:‬اإلدراك الحس ي‪ ،‬والتهيؤ‪،‬‬
‫واالستجابة املوجهة‪ ،‬واآللية‪ ،‬واالستجابة املعقدة‪ ،‬والتكيف‪ ،‬واالبتكار‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬ينبني املنهاج الدراس ي على تجميع مجموعة من الوحدات الداللية والخبرات‬
‫التعلمية ‪ ،‬في شكل معارف ذهنية وعقلية ‪ ،‬وميول وجدانية ‪ ،‬وتداريب حركية ‪،‬‬
‫وأنشطة تطبيقية ‪ ،‬وأسئلة تكوينية في شكل وضعيات كفائية‪ ،‬ينبغي أن يترجمها‬
‫املدرس ميدانيا داخل قاعة الدرس‪ ،‬بواسطة حوارات ترد في شكل أسئلة وأجوبة ‪،‬‬
‫أوفي شكل تفاعالت لفظية كالمية مندمجة في وحدات صوتية ومقطعية وكلمات‬
‫وجمل تتسم باالتساق واالنسجام الداللي والتركيبي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وقد يكون التواصل‪ ،‬في املدرسة التقليدية‪ ،‬تواصال خطيا أحدادي الجانب‪ ،‬يتجه من‬
‫املدرس نحو املتلقي‪ ،‬على أساس أن املدرس يملك املعلومات الجاهزة‪ ،‬وأن التلميذ‬
‫صفحة بيضاء‪ ،‬يجب أن تنقش ذاكرته باملعلومات التي يزود بها املدرس التلميذ‪ .‬وهنا‬
‫‪ ،‬يكون التلميذ مستمعا سلبيا اليحق له الحوار والنقاش والنقد والتفاعل مع‬
‫املدرس‪ ،‬بل عليه أن يحفظ ويجتر املعلومات املخزنة في الذاكرة‪ .‬وكل متعلم أخل‬
‫بواجبه يتعرض للعقاب والرسوب‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يبدو هذا املدرس الذي يستخدم هذه‬
‫الطريقة التقليدية مدرسا مستبدا ‪ ،‬يحتكر سلطة الكالم والعقاب والتأنيب ‪ ،‬وقتل‬
‫كل فرص الحوار والتفاعل التشاركي‪.‬‬

‫وفي املقابل‪ ،‬يمكن الحديث عن التواصل الفعال الذي يكون إما تواصال عموديا‪ ،‬وإما‬
‫تواصال أفقيا‪ ،‬وإما تواصال دائريا‪ ،‬وإما تواصال شبه دائري‪ .‬ويتكئ هذا التواصل‬
‫الديمقراطي على الحوار بين التالميذ فيما بينهم في إطار بيداغوجيا الالتوجيهية ‪ ،‬أو‬
‫البيداغوجيا املؤسساتية‪ ،‬أو البيداغوجيا الفارقية‪ ،‬أو بيداغوجيا الكفايات‬
‫واملجزوءات‪ ،‬أو البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬أو بيداغوجيا امللكات‪...‬‬
‫ويتخلى املدرس‪ ،‬في هذا التواصل الفعال‪ ،‬عن سلطة التلقين والتعليم واحتكار‬
‫الكالم ليأخذ صفة املرشد واملوجه؛ إذ يعتمد التالميذ على أنفسهم في إعداد الدروس‬
‫في إطار التعلم الذاتي من أجل إيجاد الحلول الناجعة لإلجابة عن كل الوضعيات‬
‫السياقية التي يواجهونها في الواقع أو في سوق الشغل ‪.‬‬
‫ويقوم التواصل ‪ ،‬في الطرائق الفعالة‪ ،‬على التعلم الذاتي‪ ،‬و اللعب‪ ،‬والحرية‪ ،‬وتعلم‬
‫الحياة عبر الحياة‪ .‬فضال عن مبدإ االنسجام‪ ،‬ومبدإ التبادل املستمر‪ ،‬ومبدإ اإلدراك‬

‫‪48‬‬
‫الشامل‪ .41‬ومن هنا ‪ ،‬فالتواصل البيداغوجي الفعال هو الذي بتسم بالحرية‪،‬‬
‫والتعبير ‪ ،‬والتبادل‪ ،‬والفعالية‪.42‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬لن يكون التواصل اللفظي فعاال وناجحا ‪ ،‬على مستوى الكالم‬
‫والكتابة‪ ،‬إال باعتماد أسلوب واضح ومتين ومتسق‪ ،‬واستعمال أسلوب حي مشوق‬
‫ومثير ‪ ،‬يستفز املتعلم بشكل مثير‪ ،‬ويحركه ذهنيا ووجدانيا وحركيا من أجل اإلجابة‬
‫عن األسئلة املطروحة داخل الفصل الدراس ي‪ .‬عالوة على احترام البناء املنطقي في‬
‫التواصل ‪ ،‬بتقسيم املادة الدراسية بشكل متسلسل ومترابط زمنيا وسببيا ‪ ،‬باختيار‬
‫القناة املناسبة لتوصيل املعارف والقيم ‪ ،‬وتنمية األفكار عن طريق احترام مجموعة‬
‫من املتواليات والخطوات املتعاقبة واملتسلسلة‪ ،‬في شكل وحدات وأنشطة متراكبة‬
‫متسقة ومنسجمة‪.‬‬
‫وينبغي أن يتفادى التواصل اللفظي كل الصعوبات والعوائق الباتولوجية (املرضية)‬
‫التي تحول دون تحقيق تواصل فعال‪ ،‬قد تؤثر سلبا في عملية التراسل بين املدرس‬
‫والتلميذ‪ .‬ونذكر من هذه الصعوبات‪ :‬الضجيج‪ ،‬والتشويش‪ ،‬والتمركز على الذات‪،‬‬
‫وعدم االنفتاح على الغير‪.‬‬
‫ناهيك عن الصعوبات الداللية الناتجة عن الرسالة املفعمة باالنزياح‪ ،‬والدالالت‬
‫التضمينية التي تحمل إيحاءات شعرية متعددة‪ ،‬وتشييء املتعلم بتحويله إلى كائن‬
‫سلبي مستلب‪ ،‬وإغفال تمثالت التالميذ ؛ مما يجعل التواصل داخل الفصل‬
‫مستحيال‪ .‬دون أن ننس ى عوائق أخرى كانفصال التلميذ عن عامله الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫وارتكان املدرس إلى الوثوقية واالستغالل؛ حيث يلتجئ املعلم إلى تقديم معلومات‬
‫خاطئة للمتمدرس على أنها صحيحة ‪ ،‬يستغل بواسطتها سذاجة التالميذ وعفويتهم‬
‫البريئة باعتباره شخصا اليخطىء‪ .‬ناهيك عن مجموعة من األخطاء التي يرتكبها‬

‫‪ -41‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضايا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪،‬الطبعة األولى ‪2223 ،‬م‪ ،‬ص‪.63-63:‬‬
‫‪42 -Bernard Sannanès: Les fondements d'une communication efficace, Dunod, 2002,‬‬

‫‪pp:8-9.‬‬
‫‪49‬‬
‫املدرس‪ ،‬مثل‪ :‬اللحن‪ ،‬والتلعثم‪ ،‬وارتكاب األخطاء النحوية والصرفية‪ ،‬واملساهمة في‬
‫خلق ضعف الثقة في النفس لدى املتمدرسين؛ بسبب تسلطنه املتعجرف‪،‬‬
‫واستبداده داخل الفصل‪ ،‬ومنعه للحوار واملناقشات النقدية البناءة‪.43‬‬
‫وإذا كان التواصل البيداغوجي يعتمد على ثالثة مرتكزات‪ :‬املدرس‪ ،‬واملقرر‪ ،‬واملتعلم‪،‬‬
‫فال ينبغي للمدرس أن يركز على نفسه كثيرا على حساب املقرر والتلميذ ‪ ،‬أو يركز‬
‫على املقرر على حساب التلميذ واملدرس‪ ،‬أو يركز على التلميذ مع التضحية باملقرر‪،‬‬
‫وبوجوده الهام داخل العملية الديدكتيكية‪.‬‬
‫ومن الذين اهتموا كثيرا بالتواصل التربوي اللفظي نستحضر كال من‪ :‬بازل برنشتاين‪،‬‬
‫والبوف‪ ،‬وپيير بورديو‪ ،‬وپاسرون‪ ،‬وصوفي مواران‪ ،‬وأوليفيي روبول‪ ،‬وكوكوال‪ ،‬وباير‪،‬‬
‫وطيط‪...‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬يستدعي التواصل التربوي اللفظي " قيام عالقة ثنائية أو جماعية‪.‬‬
‫والتعلم الناجح هو املبني على التفاعل والتبادل‪ .‬ولذلك‪ ،‬اليمكن أن نتصور عملية‬
‫تعليمية‪ -‬تعلمية ناجحة ليس فيها تواصل وتفاعل‪ .‬كما يمكن القول بأن التواصل‬
‫التربوي داخل فصولنا الدراسية‪ ،‬يكون إما نازال خطيا أحادي االتجاه‪ ،‬يقوم على‬
‫نقل املعلومات واملعارف من األستاذ إلى التالميذ؛ الش يء الذي يتنافى مع التفاعل‬
‫والتشارك والحوار؛ وإما تشاركيا يقوم على حوارات أفقية وعمودية بين األستاذ‬
‫والتالميذ‪ ،‬وبين التالميذ أنفسهم‪ .‬وقد تأثر أصحاب التواصل األحادي‪ ،‬بمنظري‬
‫اإلعالم وبعض النماذج الديداكتيكية التي ترى أن عقل التلميذ عبارة عن صفحة‬
‫بيضاء تنطبع باإلحساس والتجربة‪ ....‬أما أصحاب التواصل التشاركي‪ ،‬فإنهم‬
‫يستندون إلى نظرية العقل املاقبلي ؛ بمعنى أن التلميذ يتوفر على أفكار قبلية سابقة‬
‫على اإلحساس والتجربة"‪.44‬‬

‫‪ -43‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬نفسه‪ ،‬ص‪.22-60:‬‬


‫‪ -44‬نفسه‪ ،‬ص‪.23-22:‬‬
‫‪50‬‬
‫وعلى أي حال‪ ،‬البد أن تستند البيداغوجيا اإلبداعية إلى الحوار املتكافئ‪ ،‬والتواصل‬
‫املتعدد االتجاهات من أجل خلق روح التعاون والشراكة والتشاركية‪ ،‬واالندماج‬
‫داخل فريق تربوي‪ ،‬وتعويد التلميذ على تقبل اآلخر في إطار فلسفة التعايش‬
‫والتسامح‪ .‬واليمكن أن نخلق مجتمعا سويا يؤمن بالتعارف واالنفتاح وضرورة‬
‫التواصل إال إذا طبقنا أسلوب الحوار في مدارسنا التربوية‪ ،‬وفصولنا الدراسية‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬التواصل غيراللفظي‪:‬‬
‫لقد حظي السلوك اللفظي باهتمام الباحثين العرب بصفة عامة‪ ،‬واملغاربة بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬في املجال التربوي والديدكتيكي‪ ،‬وأهملوا السلوكات غير اللفظية‪ .‬وآن األوان‬
‫إلعادة النظر في السلوكات غير اللفظية في علوم التربية لفهم التواصل في إطار‬
‫العملية الديدكتيكية من جميع جوانبها‪ ،‬والسيما الجانب السيكواجتماعي‪ .‬أي‪ :‬اآلثار‬
‫املعرفية والوجدانية التي تحدثهما السلوكيات غير اللفظية في التالميذ باملدرسة‬
‫العربية بصفة عامة‪ ،‬واملدرسة املغربية بصفة خاصة‪.‬‬
‫لذا على املؤطرين واملفتشين واألساتذة أن يعيروا انتباههم للحركات الوظيفية‬
‫والسلوكيات غير اللفظية؛ نظرا ألهميتها التربوية والتكميلية والتوضيحية للسلوكات‬
‫اللفظية؛ ألن الحركات املعبرة لم تعد قاصرة على تعويض اللغة الطبيعية فقط‪ ،‬بل‬
‫هي تكمل مهمتها وتوضحها عن طريق التشخيص والتجسيد‪ .‬وقد تستقل بنفسها في‬
‫كثير من األحيان‪ ،‬ولكن من األفضل ينبغي أن ينظر إلى هذه السلوكات غير اللفظية‬
‫بمنظار بنيوي كلي‪ .‬أي‪ :‬على أساس أنه نسق متفاعل مع جميع السلوكات األخرى‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يستخدم كثير من املدرسين سلوكيات غير لفظية بطريقة قصدية أو غير‬
‫قصدية‪ ،‬دون إعارة أي اعتبار لها‪ ،‬على الرغم من أهميتها ووظيفتها الكبرى في أداء‬
‫الخطاب التعليمي‪.‬‬
‫وللسلوكات غير اللفظية تأثيرات سلبية وإيجابية في مستوى التواصل املعرفي‬
‫والوجداني‪ .‬وملعرفة هذه السلوكات‪ ،‬البد للمدرس من االطالع على أحدث النظريات‬
‫في علم التواصل‪ ،‬واللسانيات‪ ،‬والسيميوطيقا‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع ‪،‬‬

‫‪51‬‬
‫وكذلك ضرورة االستمرار في التكوين وإعادة التكوين ‪ ،‬بتجريب اآلليات الحديثة في‬
‫املالحظة ومشاهدة السلوكات غير اللفظية‪ ،‬كاستخدامه للڤيديو‪ ،‬والحاسوب‪،‬‬
‫واملاكينوطوسكوب‪ ،‬إلخ‪...‬‬
‫و يالحظ أن املدرس يوظف في قسمه أنواعا من الحركات‪ ،‬وكل حركة لها داللتها‪ ،‬ولها‬
‫تأثيرها في عملية التواصل‪ ،‬وكذلك التأثير في املتلقي معرفيا‪ ،‬ووجدانيا‪ ،‬وحركيا‪.‬‬
‫ونستحضر من بين هذه الحركات الحركات التعبيرية ‪ ،‬و الحركات اإلشارية‪ ،‬والحركات‬
‫العالئقية املتمثلة في حركات التقويم‪ ،‬وحركات التلويح باليدين‪ ،‬واستخدام خطاب‬
‫العيون في التأديب أو التعبير أو التشخيص‪ .‬عالوة على الحركات التي تخص تنظيم‬
‫القسم‪ ،‬دون أن نغفل الحركات التي تتعلق بتنقالت املدرس داخل الفصل الدراس ي‪،‬‬
‫وكذلك الحركات الجانبية الزائدة وغير الوظيفية‪ ،‬كالنظر إلى ثيابه‪ ،‬وملس لحيته‪،‬‬
‫واللعب بشواربه‪.‬‬
‫ويبدو أن املدرس الناجح هو الذي يلقي درسه مستعينا بالسلوكات اللفظية وغير‬
‫اللفظية بشكل متكامل دون فصلها عن بعضها البعض‪ .‬ويشترط أن تكون هذه‬
‫السلوكات وظيفية جدا ليكون لها تأثير فعال وإيجابي في املتعلمين‪ ،‬إن على املستوى‬
‫املعرفي ( اإلنتاجية واملردودية)‪ ،‬وإن على املستوى الوجداني ( تمثل السلوكيات‬
‫اإليجابية‪ :‬كالسلوك الهادئ‪ ،‬واإلحساس بالرضا واالرتياح أو بالفرح والسرور)‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬البد أن يكون للسلوكات غير اللفظية دور معتبر جدا في املجال‬
‫التربوي‪ ،‬وخاصة داخل الفصل الدراس ي‪ .‬وينبغي للمتخصصين في علوم التربية أن‬
‫يولوها أهمية كبرى لألخذ بها‪ ،‬والعمل بها تمثال ‪ ،‬وتطبيقا‪ ،‬واسترشادا؛ نظرا لجوانبها‬
‫املهمة‪ ،‬وفعاليتها الكبيرة في تحقيق األهداف اإلجرائية املسطرة‪ ،‬وتفعيل الكفايات‬
‫البيداغوجية املرسومة في بداية السنة الدراسية‪ ،‬أو في بداية كل حصة أو مجزوءة‬
‫دراسية‪ .‬وعليهم أيضا أن يخصصوا لهذا التواصل املعرفي والوجداني املؤدى بواسطة‬
‫السلوك غير اللفظي حلقات وأبحاثا وندوات جادة ملدارسة هذا املوضوع ‪ ،‬والخروج‬
‫بتوصيات وحلول موضوعية قد تخدم املدرس والتلميذ على حد سواء‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وبناء على ماسبق‪ ،‬فإن البحث في التواصل غير اللفظي يثير االنتباه ‪ -‬على حد قول‬
‫هنري ديوزيد( ‪ - ) Henri Dieuzeid‬إلى األثر الذي تمارسه الوسائل السمعية‬
‫البصرية في مجال الـتأثير‪ ،‬والتي التسعى فقط إلى تطوير االستقبالية لدى التالميذ ‪،‬‬
‫بل تسعى أيضا إلى إيجاد وضعيات إدراكية جديدة"‪.45‬‬
‫ومن املعلوم أن املرء يتعلم‪:‬‬
‫‪ %3 -‬بواسطة الذوق؛‬
‫‪ % 6.3 -‬بواسطة الشم؛‬
‫‪ % 3.3 -‬بواسطة اللمس؛‬
‫‪ %33 -‬بواسطة السمع؛‬
‫‪ % 06 -‬بواسطة البصر‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإنه يتذكر‪:‬‬


‫‪ %32 -‬مما يقرؤه؛‬
‫‪ %22 -‬مما يسمعه؛‬
‫‪ %62 -‬مما يراه؛‬
‫‪ %32 -‬مما يراه ويسمعه؛‬
‫‪ %22 -‬مما يقوله وهو يفعل شيئا‪.46‬‬
‫وبناء على هذه املعطيات‪ ،‬تفرض كل النسب املائوية على الباحث واملهتم إعادة النظر‬
‫في العملية الديدكتيكية بمدارسنا العربية بصفة عامة‪ ،‬واملدارس املغربية بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬بعد تطور علوم التربية‪ ،‬واستعانتها بمناهج العلوم األخرى‪ .‬فضال عن تطور‬
‫اللسانيات والسيميائيات اللتين اهتمتا بالعالمات البصرية والحركية من جهة ‪،‬‬
‫والتواصل الذي يستند إلى الشفرة الحركية الجسدية كانت أم بصرية من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪45 - Suzette Ghodsi-Jose: La 3 dimension éducative, éd. Labor.:60.‬‬

‫‪46 - IBID.P:60.‬‬

‫‪53‬‬
‫وهذا ما يحتم علينا أن ندرج التواصل غير اللفظي في شبكاتنا ملراقبة دروس التأطير‬
‫والتكوين‪ .‬وكذا االستعانة به لتكملة نجاعة التواصل اللفظي إلغناء العملية التربوية‬
‫داخل املؤسسات التعليمية‪ ،‬وإثارة انتباه األساتذة واملشرفين على التسيير التربوي‬
‫ومراقبته إلى أهمية السلوكات غير اللفظية في املؤسسات التربوية التعليمية ‪ ،‬ومعرفة‬
‫أثرها وجدانيا ومعرفيا في نجاح العملية الديدكتيكية ‪ ،‬بعدما أن أشبع السلوك‬
‫اللفظي درسا وتمحيصا من قبل كثير من الباحثين‪ ،‬أمثال‪ :‬فالندرس ( ‪،)Flanders‬‬
‫وليپيت( ‪ ،) Lippit‬ووايت( ‪ ،) White‬إلخ‪...‬‬
‫وقد أجريت عدة تجارب في الغرب من أجل معرفة آثار التواصل غير اللفظي‪ ،‬واألدوار‬
‫التي يقوم بها‪ ،‬والوسائل التي يمكن أن تقننه‪ ،‬وكانت هذه التجارب تجري خارج‬
‫امليدان البيداغوجي ‪ .‬أي‪ :‬في البيولوجيا‪ ،‬واإلثنولوجيا ‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬تم نقله إلى البيداغوجيا من أجل دراسة التفاعالت اإلنسانية داخل القسم‪.‬‬
‫ومن أهم الباحثين الذين خصصوا للتواصل غير اللفظي مكانة مهمة في أبحاثهم‬
‫جيلبير دوالندشير( ‪ ) Gilbert de Landsheere‬وأندري ديلشامبر( ‪André Del‬‬
‫‪( Chambre‬املدرسين بجامعة لييج ببلجيكا‪ ،‬في كتابهما القيم( السلوكات غير‬
‫اللفظية للمدرس‪.47)Les comportements non verbaux de l'enseignant /‬‬
‫ويتجلى التواصل غير اللفظي‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي‪ ،‬في توظيف الحركات املعبرة‪،‬‬
‫وتحويل القسم إلى محترف مسرحي‪ ،‬يشخص فيه األستاذ املادة الدراسية‪ ،‬ويشاركه‬
‫في ذلك التلميذ من أجل إثراء العملية الديدكتيكية‪.‬‬
‫ويالحظ أن املدرس‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي‪ ،‬يزاوج بين التواصل اللفظي والتواصل‬
‫غير اللفظي‪ ،‬بتشغيل حركات تعبيرية‪ ،‬وحركات إيقاعية‪ ،‬وحركات عالئقية ( حركات‬
‫التنظيم‪ ،‬وحركات التقويم‪ ،‬وحركات الجسم العامة)‪ ،‬والحركات الزائدة‪ ،‬والحركات‬

‫‪47‬‬ ‫‪- Gilbert de Landsheere, André Del chambre: les comportements non verbaux de‬‬
‫‪l'enseignent. 2. Fernand Nathan, éd. Labor. Bruxelles, 1974.‬‬
‫‪54‬‬
‫الخارجية( التنقالت) ‪ ،‬والحركات الديدكتيكية‪ ،‬ويستعين املدرس أيضا بامليم‬
‫والبانتوميم في تشخيص املادة‪ ،‬وتمثيل املواقف الدرامية ‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى الحركات‪ ،‬يستغل املدرس املكان والزمان في عملية التدريس‪ .‬أي‪:‬‬
‫يشغل التموضعية( ‪ ) Proxémique‬في كل إمكاناتها العالئقية ‪ ،‬ويتحكم في املسافة‬
‫التواصلية بينه وبين التلميذ قربا وبعدا‪ .‬وقد تكون هذه املسافة التواصلية مسافة ود‬
‫وحب وتقريب‪ ،‬أو مسافة نفور وإقصاء وتغريب‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬ينبغي للمدرس أن‬
‫يستغل جيدا حركات النظر والجسد‪ ،‬أو ما يسمى باللغة الكينيسية‪ ،‬ألداء درسه‬
‫أحسن أداء تربوي وديدكتيكي‪ ،‬بالجمع بين التلفظ اللغوي والتشخيص الكوريغرافي‬
‫الجسدي‪.‬‬
‫ويسمى هذا التواصل املكاني بالتقريبية (‪ ،)Proxémique‬وقد نظر له هول(‬
‫‪ ،)E.T.Hall‬في كتابه( الكالم الصامت‪ )The Silent Language /‬؛ حيث قدم الكاتب‬
‫فيه املسافات الداللية الثمانية بين متحدثين أمريكيين‪:48‬‬

‫‪ - 48‬انظر‪ :‬بيير جيرو‪ :‬علم اإلشارة ‪/‬السيميولوجيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬منذر عياش ي‪ ،‬طالس للدراسات والترجمة‬
‫والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬طبعة سنة ‪3662‬م‪ ،‬ص‪.323-323:‬‬
‫‪55‬‬
‫سري جدا‬ ‫همس خفيف‬ ‫‪ -3‬قريب جدا‬
‫(من‪ 3‬إلى ‪ 22‬سنتم)‬
‫حميمي‬ ‫همس مسموع‬ ‫‪ -2‬قريب‬
‫(من ‪ 22‬إلى ‪ 62‬سنتم)‬
‫صوت منخفض في حميمي‬ ‫‪ -6‬مجاور‬
‫الداخل‪ /‬صوت مرتفع في‬ ‫(من‪ 62‬إلى ‪ 32‬سنتم)‬
‫الخارج‬
‫صوت منخفض‪ ،‬حجم موضوع شخص ي‬ ‫‪ -2‬حيادي‬
‫ضعيف‬ ‫(من ‪ 32‬إلى ‪ 62‬سنتم)‬
‫موضوع غير شخص ي‬ ‫صوت مرتفع‬ ‫‪ -3‬حيادي‬
‫(من‪ 3.62‬إلى ‪3.32‬م)‬
‫صوت مرتفع مفخم قليال أخبار عمومية موجهة‬ ‫‪ -3‬مسافة عمومية‬
‫لتكون مسموعة من‬ ‫(من‪ 3.32‬إلى ‪2.22‬م)‬
‫أشخاص‬
‫متكلما إلى مجموعة‬ ‫صوت عال‬ ‫‪ -3‬عبرالغرفة‬
‫(من‪ 2.22‬إلى ‪3‬م)‬
‫تحيات من بعيد‪ ،‬رحيل‪،‬‬ ‫صوت عال‬ ‫‪ -0‬دون حدود‬
‫الخ‬ ‫(من‪ 3‬إلى ‪62‬م)‬

‫هنا‪ ،‬نالحظ أن املسافة املكانية تتحدد انطالقا من خاصية السمع‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فاملسافة اصطالحية واعتباطية؛ ألنها تتغير من شعب إلى آخر‪ ،‬ومن ثقافة إلى أخرى‪.‬‬
‫" فاألنكلوسكسونيون يحافظون على مسافة معينة بين املتحدثين‪ .‬وعلى العكس من‬
‫ذلك‪ ،‬يميل الالتينيون إلى التقليل منها‪ .‬وينتج عن هذا أن األنكلوسكسون يشعرون‬

‫‪56‬‬
‫بضيق وانزعاج من الالتينيين‪ ،‬بينما يراهم هؤالء باردين ومتحفظين‪ .‬وهذا ماذكره‬
‫هال‪:‬‬
‫"إن املسافة في أمريكا الالتينية أصغر منها في الواليات املتحدة‪ .‬وإن الناس‪ ،‬في الواقع‪،‬‬
‫ال يستطيعون الكالم براحة إال عبر مسافة قريبة جدا‪ ،‬الش يء الذي يثير في أمريكا‬
‫الشمالية مشاعر جنسية أو عدائية‪ .‬والنتيجة أنهم كلما اقتربوا ابتعدنا‪ .‬وبناء على‬
‫هذا فإنهم يظنون أننا متعجرفون‪ ،‬وباردون‪ ،‬ومحافظون‪ ،‬وغير وديين‪ .‬بينما نتهمهم‬
‫نحن دائما بأنهم ينفخون في وجوهنا‪ ،‬ويحاصروننا‪ ،‬ويرشون من لعابهم على وجوهنا‬
‫أثناء حديثهم‪.‬‬
‫إن األمريكيين الذين عاشوا بعضا من الوقت في أمريكا الالتينية دون أن يدركوا معنى‬
‫هذه املسافات يستخدمون حيال أخرى‪ .‬إنهم يتحصنون خلف مكاتبهم‪ ،‬ويستعملون‬
‫الكراس ي والطاوالت لكي يبقوا األمريكي الالتيني واقفا على مسافة يعتبرونها مريحة‪.‬‬
‫والنتيجة‪ ،‬فإن األمريكي الالتيني يستطيع أن يذهب إلى حد يصعد فيه الحاجز ليصل‬
‫إلى مسافة حيث يتحدث براحة"‪49.‬‬

‫وإذا كان التواصل اللغوي اللفظي هو املهيمن داخل مؤسساتنا التعليمية‪ ،‬وخاصة في‬
‫املناهج التربوية التلقينية التي تتمركز حول املدرس‪ ،‬باعتباره صاحب السلطة‬
‫واملعرفة في الحقل الديدكتيكي‪ ،‬فقد أصبح للتواصل غير اللفظي أهمية كبرى في‬
‫الطرائق التربوية الفعالة‪ ،‬وفي البيداغوجيا اإلبداعية‪ ،‬بعد تطور العلوم اللسانية‬
‫والسيميائية والنفسية واالجتماعية واإلثنولوجية‪.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬صار الخطاب البيداغوجي املعاصر يهتم بالسلوكات غير اللفظية لكونها‬
‫ذات أهمية كبرى‪ ،‬اليمكن االنتقاص من قيمتها في املسار التواصلي معرفيا ووجدانيا‬
‫‪ ،‬وهي تساعد السلوكيات اللفظية على أداء أدوارها كاملة‪ ،‬وتوضيح إرسالياتها‬
‫الشفوية؛ حيث تخدمها مباشرة‪ ،‬بتجسيدها وتفسيرها وتنغيمها والتركيز عليها‪ .‬لذا‪،‬‬
‫يساعد أثرها ‪ ،‬في كثير من األحيان ‪ ،‬على فهم جيد في إطار العملية الديدكتيكية‪.‬‬

‫‪ - 49‬انظر‪ :‬بيير جيرو‪ :‬علم اإلشارة ‪/‬السيميولوجيا‪ ،‬ص‪.320-323:‬‬


‫‪57‬‬
‫ويختلف هذا األثر حسب الخصائص املعرفية والوجدانية لألفراد‪ .‬وفي كثير من‬
‫األحيان‪ ،‬نجد السلوكات غير اللفظية دواال مستقلة‪ ،‬وخصوصا أنها تمثل ‪ ،‬بطريقة‬
‫مباشرة أو عبر اصطالح ثقافي‪ ،‬األشكال والحركات واألفعال والخصائص والحاالت‪.‬‬
‫وتنظم السلوكات غير اللفظية ‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي‪ ،‬كثيرا من األوامر‪،‬‬
‫واملمنوعات‪ ،‬والنفي‪ ،‬والرفض‪ ،‬والحث‪ ،‬واإلغراء‪ ،‬واالكتساب‪ ،‬وتعبر أيضا عن‬
‫االنفعاالت والهيئات‪.‬‬
‫وفي األخير‪ ،‬ينبغي أن تكون السلوكات غير اللفظية أفعاال بيداغوجية وظيفية‪ ،‬تخدم‬
‫العملية الديدكتيكية بمدارسنا التربوية معرفيا ووجدانيا ‪ ،‬مثل‪ :‬حركات التنظيم‪،‬‬
‫وحركات التحفيز‪ ،‬وحركات التجسيد‪ ،‬والحركات الديدكتيكية املصاحبة للشرح‬
‫والتفسير‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يتبين لنا ‪ ،‬مما سبق ذكره‪ ،‬أن التواصل عملية تبادلية وتفاعلية‬
‫وتبالغية بين طرفين فأكثر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يقوم التواصل على عناصر أساسية هي‪ :‬املرسل‪،‬‬
‫واملرسل إليه‪ ،‬والرسالة‪ ،‬واملرجع‪ ،‬والقناة‪ ،‬واللغة‪ .‬واليمكن الحديث عن التواصل إال‬
‫بوجود مجموعة من الشروط‪ ،‬مثل‪ :‬طرفي التواصل‪ ،‬واإلرسالية‪ ،‬والتبادل‪ ،‬والتأثير‪،‬‬
‫واإلقناع‪ ،‬والسياق الزماني واملكاني‪ ،‬وعنصر املقصدية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فهناك أنواع عدة‬
‫من التواصل‪ ،‬مثل‪ :‬التواصل اإلعالمي‪ ،‬والتواصل اللساني‪ ،‬والتواصل التربوي‪،‬‬
‫والتواصل النفس ي‪ ،‬والتواصل االجتماعي‪ ،‬والتواصل اآللي‪ ،‬والتواصل الرقمي‪،‬‬

‫‪58‬‬
‫والتواصل األدبي‪ ،‬والتواصل الفني‪ ،‬والتواصل الفلسفي‪ ،‬والتواصل السيميائي‪...‬؛ بل‬
‫ثمة نماذج تواصلية معروفة‪ ،‬كالنموذج اإلعالمي‪ ،‬والنموذج السلوكي‪ ،‬والنموذج‬
‫اللساني‪ ،‬والنموذج الرياض ي‪ ،‬والنموذج االجتماعي‪...‬‬
‫وتعد املدرسة الوظيفية ‪ ،‬سواء أكانت بنيوية أم توليدية أم تداولية‪ ،‬من أهم املدارس‬
‫التي اهتمت اهتماما كبيرا بالبعد التواصلي والتبادلي‪ ،‬كما يبدو ذلك جليا عند‪:‬‬
‫دوسوسير‪ ،‬وأندري مارتينيه‪ ،‬وتروبسكوي‪ ،‬ورومان جاكبسون‪ ،‬وفان ديك‪،‬‬
‫وهاليداي‪...‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن الحديث عن نوعين من التواصل‪ :‬التواصل اللفظي والتواصل غير‬
‫اللفظي‪.‬فالتواصل األول ذو طبيعة تلفظية لسانية‪ ،‬يقوم على تشغيل اللغة بمختلف‬
‫ملفوظاتها الصوتية‪ ،‬والتعبيرية‪ ،‬والصرفية‪ ،‬والتركيبية‪ ،‬والداللية‪.‬والثاني ذو طبيعة‬
‫سيميائية لكونه يستند إلى الحركات‪ ،‬واإلشارات‪ ،‬وسيمياء املكان‪ ،‬ولغة الوجه‬
‫والجسد واألطراف‪...‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬يستخدم املدرس‪ ،‬داخل الفصل الدراس ي‪ ،‬التواصل التربوي بنوعيه‪:‬‬
‫اللفظي وغير اللفظي‪ .‬وإن كان هذا املدرس يكثر مما هو لغوي على حساب ماهو‬
‫بصري وسيميائي وغير لفظي‪.50‬‬

‫‪ -50‬انظر‪ :‬جميل حمداوي‪ :‬دروس في لسانيات التواصل (التواصل التربوي أنموذجا)‪ ،‬مطبعة املقدم‪،‬‬
‫الناظور‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪30-32 ،‬؛ والتواصل اللساني والسيميائي والتربوي‪ ،‬موقع األلوكة‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬الطبعة األولى‪ 02 ،‬صفحة‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫ثبت المصادر والمراجع‬
‫املصادر‪:‬‬
‫‪-3‬ابن جني‪ :‬الخصائص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار الهدى‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الحادية عشرة‪.‬‬
‫‪-2‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬دار صبح بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬وأديسوفت‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫املراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -6‬بيير جيرو‪ :‬السيمياء‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنطون أبي زيد‪ ،‬منشورات عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط ‪.3602 ،3‬‬
‫‪ -2‬بيير جيرو‪ :‬علم اإلشارة ‪/‬السيميولوجيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬منذر عياش ي‪ ،‬طالس‬
‫للدراسات والترجمة والنشر‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬طبعة سنة ‪3662‬م‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -3‬توم بوتومور‪ :‬مدرسة فرانكفورت‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعد هجرس‪ ،‬دار أويا‪،‬دار الكتب‬
‫الوطنية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪2222‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬جميل حمداوي‪ :‬دروس في لسانيات التواصل (التواصل التربوي أنموذجا)‪،‬‬
‫مطبعة املقدم‪ ،‬الناظور‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪6‬‬
‫‪ -3‬حنون مبارك‪ :‬دروس في السيميائيات‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫الطبعة األولى سنة ‪3603‬م‪.‬‬
‫‪ -0‬العربي أسليماني ورشيد الخديمي‪ :‬قضايا تربوية‪ ،‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪2223‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬عواد علي‪ :‬معرفة اآلخر‪ ،‬مدخل إلى املناهج النقدية الحديثة‪ ،‬املركز الثقافي‬
‫العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪.3662‬‬
‫‪ -32‬مادي لحسن‪ :‬األهداف والتقييم في التربية‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬املغرب‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪3662‬م‪.‬‬
‫املراجع باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪11-André Martinet: Eléments de linguistique générale. Armand Colin.‬‬
‫‪Paris 1970.‬‬
‫‪12- Bernard Sannanès: Les fondements d'une communication efficace,‬‬
‫‪Dunod, 2002.‬‬
‫‪13- Charles Cooley:(social organisation), cité in:J.Lohisse : la‬‬
‫‪communication anonyme. ED. Universitaire1969.‬‬
‫‪14- Corraze Jacques: les communications non verbales. ED : PUF.1980.‬‬
‫‪15- Edward .T.Hall: la dimension cachée. Ed Seuil. Coll. Point, n°‬‬
‫‪89.1971.‬‬
‫‪16-Françoise Raynal and Alain Rieunier: Pédagogie: Dictionnaire des‬‬
‫‪concepts clés, 1977, ESF éditeur Paris.‬‬

‫‪61‬‬
17-Gilbert de Landsheere, André Del chambre: les comportements non
verbaux de l'enseignent. 2. Fernand Nathan, éd. Labor. Bruxelles, 1974.
18-Gilles Amado/ André Guillet: la dynamique des communications des
groupes.ED. Armand Colin.
19-Hall.E.T: (Proxemics: the study of man's spatial relations and
bounderies), in: Man's image in medicine and anthropology. New-York
International University Press 1963.
20- Hall: (Proxemics), In: Current Anthropology, 1968.
21-Hall: La dimension cachée. Paris, Seuil, 1966.
22-Julia Kristeva: Recherches pour une sémanalyse. ED, n°:96.Paris
1969..
23-Suzette Ghodsi-Jose: Les 3 dimensions éducatives, éd. Labor.

:‫املطبوعات الجامعية‬

،‫ املركز التربوي الجهوي بفاس‬،‫ دروس في التربية وعلم النفس‬:‫ جميلة العسال‬-22
.3603-3602:‫ السنة الدراسية‬،‫مطبوع جامعي‬

:‫املق ــاالت‬
،3‫ العدد‬،‫املغرب‬،‫ مجلة بيت الحكمة‬، )‫ (مدخل إلى السيمياء‬:‫ ترنس هوكس‬-23
.‫م‬3603 ‫ سنة‬،‫السنة الثانية‬
،33‫ املجلد‬،‫ الكويت‬،‫ عالم الفكر‬،) ‫( سيكولوجية االتصال‬:‫ طلعت منصور‬-26
.‫م‬3602 ‫السنة‬

62
‫‪ -23‬محمد نادر سراج‪ ( :‬التواصل غير الكالمي بين الخطاب العربي القديم والنظر‬
‫الراهن)‪ ،‬الفكرالعربي املعاصر‪ ،‬لبنان‪ ،‬العددان‪ ،03/02 :‬السنة ‪3662‬م‪.‬‬

‫السيرة العلمية ‪:‬‬

‫‪ -‬جميل حمداوي من مواليد مدينة الناظور (املغرب) ‪.‬‬


‫‪ -‬حاصل على دبلوم الدراسات العليا سنة ‪3663‬م في موضوع (العنوان في الشعر‬
‫العربي الحديث واملعاصرنحو مقاربة سيميائية) بميزة حسن جدا‪.‬‬
‫‪ -‬حاصل على دكتوراه الدولة سنة ‪2223‬م في الرواية ‪ ،‬وكان موضوع األطروحة (‬
‫مقاربة النص املوازي في روايات بنسالم حميش) بميزة حسن جدا‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬حاصل على إجازتين‪ :‬األولى في األدب العربي‪ ،‬والثانية في الشريعة والقانون‪ .‬كما تابع‬
‫دراساته الجامعية في الفلسفة وعلم النفس وعلم االجتماع بكليتي اآلداب بفاس‬
‫وتطوان‪.‬‬
‫‪ -‬دكتور بروفيسور في األدب العربي الحديث واملعاصر‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ التعليم العالي باملركز الجهوي ملهن التربية والتكوين بالناظور‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ ديدكتيك اللغة العربية‪ ،‬والديدكتيك العامة‪ ،‬وعلوم التربية باملركز الجهوي‬
‫ملهن التربية والتكوين بالجهة الشرقية (وجدة‪/‬املغرب)‪.‬‬
‫‪ -‬نشر أكثر من ‪ 32‬كتابا في املجال السياس ي والقانوني ككتاب علم االجتماع‬
‫السياس ي‪ ،‬ومغاربة العالم واملشاركة السياسية‪ ،‬والت ــرب ـيــة والديمقراط ـي ــة‪ ،‬والشباب‬
‫املغربي واملشاركة السياسية‪ ،‬والشباب العربي واملشاركة السياسية‪ ،‬وكتاب األحزاب‬
‫السياسية باملغرب‪ ،‬والعنف بين الرفض واملشروعية (مقاربة فلسفية)‪ ،‬والتسامح‬
‫الصوفي والطرقي باملغرب‪ ،‬ومبادىء علم االجتماع االقتصادي‪ ،‬وعلم التدبير‪ ،‬ومن‬
‫اإلدارة البيروقراطية إلى اإلدارة البديلة‪ ،‬ومفهوم اإلدارة التربوية‪ ،‬والعــدوان‬
‫الكيـماوي عـلى منطقة الـريـف‪ ،‬واملفاهيم السوسيولوجية عند بيير بورديو ‪ ،‬واملقاربة‬
‫الثقافية أساس التنمية البشرية‪ ،‬والنظرية النقدية أو مدرسة فرانكفورت ‪ ،‬وعلم‬
‫اجتماع البيئة و التنمية‪ ،‬وسوسيولوجيا التطرف ‪ ،‬والجماعات اإلسالمية وسالح‬
‫التكفير‪ ،‬والسياسات العمومية باملغرب‪ ،‬والفضاء الـعــام في ضوء علم االجتماع‬
‫السياس ي‪ ،‬واملغرب وصدمة الحداثة(مقاربة سوسيولوجية)‪ ،‬ومناهج العلوم‬
‫االجتماعية والقانونية‪ ،‬وسيميولوجيا الهجرة املغربية‪ ،‬وحجاج الخطاب السياس ي‪،‬‬
‫والحرب العادلة أو الحرب األخالقية املشروعة في منظور العالقات الدولية‪ ،‬وهل من‬
‫مستقبل لألحزاب السياسية في الوطن العربي؟ واملقاربة الثقافية أساس التنمية‬
‫والحكامة الجيدة ‪ ،‬وعلم االجتماع اإلداري ‪ ،‬وأثر التقلبات السياسية العربية الراهنة‬
‫في السلوك االجتماعي‪ ،‬ومقاربة سوسيو‪-‬سياسية‪ ،‬وجهود ماكس فيبر في مجال‬
‫السوسيولوجيا‪ ،‬وسوسيولوجيا النخب(النخبة املغربية أنموذجا)‪ ،‬وسوسيولوجيا‬
‫الثقافة‪ ،‬و هل هناك حرب عادلة؟‪ ،‬إلخ‪...‬‬
‫‪64‬‬
‫‪ -‬كان سابقا أستاذ األدب الرقمي ومناهج النقد األدبي بماستر الكتابة النسائية بكلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪.‬‬
‫‪ -‬كان سابقا أستاذ الرواية ومناهج مابعد الحداثة وعلم التحقيق بماستر النثر العربي‬
‫القديم بكلية اآلداب تطوان‪.‬‬
‫‪ -‬كان سابقا أستاذ الصحافة بماستر الترجمة والتواصل والصحافة بمدرسة فهد‬
‫العليا بطنجة (املغرب)‪.‬‬
‫‪ -‬كان سابقا أستاذ مادة حضارات البحر األبيض املتوسط بالكلية املتعددة‬
‫التخصصات بالناظور‪.‬‬
‫‪ -‬أستاذ األدب العربي‪ ،‬والصحافة‪ ،‬ومناهج البحث التربوي‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪،‬‬
‫وعلوم التربية‪ ،‬والتربية الفنية‪ ،‬والحضارة األمازيغية‪ ،‬وديداكتيك التعليم األولي‪...‬‬
‫‪ -‬يدرس ‪ -‬اآلن‪ -‬علم النفس التربوي‪ ،‬وعلوم التربية‪ ،‬ومناهج البحث التربوي‪ ،‬وطرائق‬
‫التدريس‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪ ،‬ومناهج البحث التربوي‪.‬‬
‫‪ -‬يعد من املنظرين العرب األوائل للقصة القصيرة جدا‪ ،‬والكتابة الشذرية‪ ،‬والبالغة‬
‫الرحبة‪ ،‬والصورة السردية‪... ،‬‬
‫‪ -‬صاحب مقاربات نقدية جديدة عربيا ‪ :‬املقاربة امليكروسردية في دراسة القصة‬
‫القصيرة جدا‪ ،‬واملقاربة الشذرية في دراسة الشذرات‪ ،‬واملقاربة امليديولوجية في‬
‫دراسة األدب الرقمي‪ ،‬واملقاربة الكوسمولوجية في دراسة العوالم املمكنة‪ ،‬واملقاربة‬
‫الهايكية في دراسة شعر الهايكو‪ ،‬واملقاربة املقاصدية في دراسة مقاصد األدب‪،‬‬
‫واملقاربة الفيزيائية في دراسة حركة الشعر‪ ،‬والبيداغوجيا اإلبداعية في مجال التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬ومقاربة البالغة الرحبة في دراسة الصور السردية‪; ،‬‬
‫واملقاربة الطوبيقية في دراسة املواضع الحجاجية‪ ،‬والتربية الناقدة في حقل التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬ونظرية امللكات في الحقل نفسه‪...‬‬
‫‪ -‬كتب حوالي ‪ 622‬كتاب ورقي وإلكتروني ‪.‬وبهذا‪ ،‬يكون أكثر إنتاجا في الثقافة العربية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬نشر أكثر من ‪ 3622‬مقال علمي محكم وغير محكم في الصحف األجنبية والعربية‬
‫واملغربية‪ ،‬دون أن ننس ى ما نشرناه من مقاالت في مواقع إلكترونية‪ ،‬فهي كثيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬له موقع إلكتروني مجاني يضم كتبا عديدة موجهة للباحثين والطلبة للتحميل‬
‫بعنوان( موقع الثقافة للجميع)‬
‫‪Hamdaoui.ma‬‬
‫‪ -‬رئيس مركز جسور للبحث في الثقافة والفنون بالناظور‪/‬املغرب‪.‬‬
‫‪ -‬أديب ومبدع وناقد وباحث‪ ،‬يشتغل ضمن رؤية أكاديمية موسوعية‪.‬‬
‫‪ -‬حصل على جائزة مؤسسة املثقف العربي (سيدني‪/‬أستراليا) لعام ‪2233‬م في النقد‬
‫والدراسات األدبية‪.‬‬
‫‪ -‬حصل على جائزة ناجي النعمان األدبية سنة‪2232‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حصل على درع التميز ‪ 2222‬الذي يمنحه مركز آفاق للدراسات الثقافية املغربية‬
‫اليمنية ضمن مائة شخصية ناجحة ومؤثرة‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس الرابطة العربية للقصة القصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس املهرجان العربي للقصة القصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس الهيئة العربية لنقاد القصة القصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس الهيئة العربية لنقاد الكتابة الشذرية ومبدعيها‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس جمعية الجسور للبحث في الثقافة والفنون‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس مختبر املسرح األمازيغي‪.‬‬
‫‪ -‬رئيس االتحاد املغربي للمبدعين بالجهة الشرقية باململكة املغربية‪.‬‬
‫‪ -‬عضو الجمعية العربية لنقاد املسرح‪.‬‬
‫‪-‬عضو رابطة األدب اإلسالمي العاملية‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في االتحاد الدولي للغة العربية رقم العضوية ‪.3666/22‬‬
‫‪ -‬عضو اتحاد كتاب العرب‪.‬‬
‫‪-‬عضو اتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪.‬‬
‫‪-‬عضو اتحاد كتاب املغرب‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪ -‬عضو في الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين الشعوب‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث‪.‬‬
‫‪ -‬عضو لجنة القراءة والتحكيم بمجلة سلسلة دراسات أكاديمية محكمة‪ ،‬تصدر عن‬
‫املركز املتوسطي للدراسات واألبحاث باململكة املغربية‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في الهيئة التحريرية واالستشارية في مجلة جامعة ابن رشد في هولندا‪.‬‬
‫‪-‬عضو في اللجنة العلمية ملجلة أدب الطفل الصادرة عن قسم اللغة واألدب العربي‬
‫س ي الحواس‪ ،‬بريكة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عضو مجلة مقامات للدراسات اللسانية واألدبية والنقدية‪ ،‬املركز الجامعي –‬
‫آفلو‪ ،‬معهد اآلداب واللغات‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عضو اللجنة العلمية املشرفة على(مجلة الصورة واالتصال)‪ ،‬قسم علوم اإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عضو اللجنة االستشارية ولجنة القراءة لـ(مجلة كلية اآلداب واللغات)‪ ،‬جامعة‬
‫محمد البشير اإلبراهيمي‪ ،‬برج بوعريرج‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عضو اللجنة االستشارية ولجنة القراءة لـ(مجلة كلية اآلداب واللغات) ‪ ،‬جامعة‬
‫جامعة الشهيد حمه لخضر الوادي ‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في هيئة التحرير في( مجلة القلم األدبي) اللندنية التي ترأسها الدكتور محمد‬
‫عبد العزيز عبد الدايم‪.‬‬
‫‪-‬عضو في الهيئة االستشارية ملجلة (أجراس الثقافية) الصادرة بالدار البيضاء‪ ،‬وقد‬
‫ترأسها سعيد بوكرامي‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار في مجلة (عتبات) الثقافية املصرية‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار (مجلة كتابات معاصرة) الصادرة بلبنان‪ ،‬ابتداء من العدد‪ 323‬سنة‬
‫‪2230‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار مجلة (العلوم القانونية) املغربية التي يشرف عليها نبيل بوحميدي‬
‫وميمون خراط ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -‬عضو الهيئة العلمية لـ (مجلة اآلداب واللغات والعلوم اإلنسانية) الصادرة عن‬
‫كلية اآلداب واللغات بجامعة الشاذلي بن جديد‪ ،‬الطارف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬خبير في التربية والثقافة األمازيغية‪.‬‬
‫‪ -‬ترجمت مقاالته ودراساته إلى اللغة الفرنسية‪ ،‬واللغة الفارسية‪ ،‬واللغة الكردية‪،‬‬
‫والبنغالية‪ ،‬واألندونيسية‪...‬‬
‫‪ -‬شارك في مهرجانات عربية عدة في كل من‪ :‬الجزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وليبيا‪ ،‬ومصر‪،‬‬
‫واألردن‪ ،‬والسعودية‪ ،‬والبحرين‪ ،‬والعراق‪ ،‬واإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬وسلطنة‬
‫عمان‪...‬‬
‫‪ -‬مستشار في مجموعة من الصحف واملجالت والجرائد والدوريات الوطنية والعربية‪.‬‬
‫‪ -‬منح جميل حمداوي لقب شخصية العام من أفضل مائة شخصية مؤثرة في العالم‬
‫لعام ‪2223‬م من قبل الجامعة الدولية لإلبداع والعلوم اإلنسانية والسالم بين‬
‫الشعوب‪.‬‬
‫‪ -‬نشر الباحث مقاالته في املجالت املغربية ( مجلة ضفاف‪ -‬مجلة املجرة‪ -‬مجلة‬
‫فضاءات مغربية‪ -‬مجلة فكر‪ -‬مجلة املقاومة وجيش التحرير املغربي‪ -‬مجلة فكر‬
‫ونقد‪ -‬مجلة علوم التربية‪ -‬مجلة آفاق‪ -‬مجلة إيقاظ‪ -‬مجلة الحياة املدرسية‪ -‬مجلة‬
‫الفرقان‪ -‬مجلة رهانات‪ -‬مجلة التذكرة‪ -‬مجلة نغم‪ -‬مجلة كتابات‪ -‬مجلة الحياة‬
‫الفنية‪-‬مجلة أدليس‪-‬مجلة نوافذ‪ -‬مجلة األزمنة الحديثة‪-‬مجلة التاريخ العربي‪-‬مجلة‬
‫امللتقى‪ -‬مجلة طنجة األدبية‪ -‬مجلة شؤون إستراتيجية‪ -‬مجلة لكل النساء‪ -‬مجلة‬
‫اهتمامات تربوية – مجلة دعوة الحق‪ -‬مجلة أمل‪ -‬مجلة رهانات‪ -‬مجلة مدارات‬
‫التربية والتكوين‪ -‬مجلة اإلدارة التربوية‪ -‬مجلة الذاكرة الوطنية‪ -‬ومجلة الغنية‪،‬‬
‫ومجلة الثقافة املغربية‪.)...‬‬
‫‪ -‬نشر في املجالت العربية والخليجية‪ ،‬مثل‪ :‬مجلة الكويت (الكويت)‪ ،‬ومجلة عالم‬
‫الفكر(الكويت)‪ ،‬ومجلة الراوي(السعودية)‪ ،‬ومجلة الفيصل (السعودية) ‪ ،‬ومجلة‬
‫الشؤون التربوية (الكويت)‪ ،‬ومجلة األدب اإلسالمي ( السعودية) ‪ ،‬ومجلة جريدة‬
‫الفنون( الكويت) ‪،‬ومجلة عشتروت (سوريا)‪ ،‬ومجلة الكرمل( فلسطين) ‪ ،‬ومجلة‬
‫‪68‬‬
‫املجلة العربية (السعودية)‪ ،‬ومجلة العربي (الكويت) ‪،‬ومجلة نزوى (عمان)‪،‬ومجلة‬
‫البيان (الكويت)‪ ،‬ومجلة الجوبة (السعودية)‪ ،‬ومجلة التسامح (سلطنة عمان)‪،‬‬
‫ومجلة الغدير(لبنان)‪ ،‬ومجلة الفرقان (األردن)‪ ،‬ومجلة اآلطام (السعودية)‪ ،‬ومجلة‬
‫شانؤ (كوردستان)‪ ،‬ومجلة (هةنار) كوردستان‪ ،‬ومجلة الدوحة (قطر)‪ ،‬ومجلة‬
‫حوليات التراث (الجزائر)‪ ،‬ومجلة أبعاد (السعودية)‪ ،‬ومجلة اإلشراق (العراق)‪،‬‬
‫ومجلة املنهاج (لبنان)‪ ،‬ومجلة املسرح العربي (اإلمارات العربية املتحدة) ‪ ،‬ومجلة‬
‫إبداع (مصر)‪ ،‬ومجلة املعرفة(السعودية)‪ ،‬ومجلة الرافد (اإلمارات العربية املتحدة)‪،‬‬
‫ومجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية(الكويت)‪،‬ومجلة الحياة املسرحية(سوريا)‪،‬‬
‫ومجلة الفيصل األدبية (السعودية)‪ ،‬ومجلة جرش الثقافية (األردن)‪ ،‬ومجلة‬
‫سيميائيات (الجزائر)‪ ،‬ومجلة قضايا إستراتيجية (تونس)‪ ،‬ومجلة املسرح (الشارقة)‪،‬‬
‫ومجلة العربية والترجمة (لبنان)‪ ،‬ومجلة الجسرة (قطر)‪ ،‬ومجلة كتابات معاصرة‬
‫(لبنان)‪ ،‬ومجلة العربية والترجمة (لبنان)‪ ،‬ومجلة عتبات الثقافية (مصر)‪ ،‬ومجلة‬
‫الصورة واالتصال(الجزائر)‪ ،‬ومجلة الكلمة (لبنان)‪،‬ومجلة لسان العرب (ليبيا)‪،‬‬
‫‪.‬وسردم العربي(كردستان)‪ ،‬ومجلة قصص(تونس)‪ ،‬ومجلة املستقبل العربي (لبنان)‪،‬‬
‫ومجلة اإلمارات الثقافية (اإلمارات)‪ ،‬والحياة الثقافية (تونس)‪،‬ومجلة اإلصالح‬
‫اإللكترونية (تونس)‪ ،‬ومجلة الرقيم(العراق)‪ ،‬ومجلة أيقونات (الجزائر)‪ ،‬ومجلة رؤية‬
‫سينمائية (اإلمارات العربية املتحدة)‪ ،‬ومجلة (املوقف األدبي) السورية‪ ،‬ومجلة‬
‫(قصص) تونس‪ ،‬ومجلة الحرس الوطني(السعودية)‪ ،‬ومجلة العالم (السعودية)‪،‬‬
‫ومجلة فصول (مصر)‪ ،‬ومجلة سمات(البحرين)‪ ،‬ومجلة املنافذ الثقافية (لبنان)‪،)...‬‬
‫ومجلة الفكر العربي املعاصر(لبنان)‪،‬ومجلة جيل العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫(الجزائر)‪ ،‬ومجلة (األقالم) العراق‪،‬ومجلة شؤون عربية (مصر)‪ ،‬ومجلة جرش‬
‫الثقافية (األردن)‪ ،‬ومجلة أدب ونقد (مصر)‪ ،‬ومجلة االجتهاد املعاصر (لبنان)‪،‬‬
‫ومجلة أقالم عربية(اليمن)‪ ،‬ومجلة أبحاث ودراسات تربوية(لبنان)‪ ،‬ومجلة فرقد‬
‫اإلبداعية (السعودية)‪ ،‬ومجلة دراسات معاصرة(الجزائر)‪( ،‬مجلة الطفولة العربية)‬
‫الكويت‪ ،‬ومجلة االستغراب(لبنان)‪ ،‬ومجلة شؤون األوسط (لبنان)‪ ،‬وصحيفة فنون‬
‫‪69‬‬
‫الخليج (السعودية)‪ ،‬ومجلة الفيصل (السعودية)‪ ،‬ومجلة جيل الدراسات السياسية‬
‫والعالقات الدولية (لبنان)‪ ،‬ومجلة (املوقف األدبي) سورية‪ ،‬ومجلة دراسات‬
‫استشراقية (لبنان)‪ ،‬ومجلة (شرفات) (العراق)‪ ،‬ومجلة (أقالم عربية) (اليمن)‪،‬‬
‫ومجلة (ضفاف عربية) العراق‪ ،‬ومجلة (أبحاث ودراسات تربوية) لبنان‪ ،‬ومجلة‬
‫(جيل) لبنان‪...‬‬
‫‪ -‬نشر أيضا مقاالته في املجالت العاملية ( مجلة العرب األسبوعي ( لندن)‪ ،‬ومجلة‬
‫الكلمة ( لندن)‪ ،‬صوت العروبة(الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬ومجلة القلم األدبي‬
‫(لندن)‪ ،‬ومجلة صدى املهجر(الواليات املتحدة األمريكية)‪ ،‬ومجلة عالم الغد (ڤيينا‬
‫بالنمسا)‪ ،‬وصحيفة العاملية (كاليفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية)‪ ،)...،‬ومجلة‬
‫جامعة ابن رشد (هولندا)‪ ،‬ومجلة الزمان (لندن)‪...‬‬
‫‪ -‬نشر دراساته في الجرائد العربية واإلسالمية والدولية (جريدة املواطن العراقية‪،‬‬
‫والكلمة الحرة العراقية‪ ،‬وصحيفة العدالة العراقية‪ ،‬وجريدة الجريدة العراقية‪،‬‬
‫وجريدة املنارة العراقية‪ ،‬وجريدة امليثاق البحرينية‪ ،‬وجريدة األيام البحرينية‪،‬‬
‫وجريدة العراق اليوم‪ ،‬وجريدة السيادة العراقية‪ ،‬وجريدة الوفاق اإليرانية‪ ،‬وجريدة‬
‫بغداد العراقية‪ ،‬وجريدة صوت العروبة الصادرة بالواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬
‫والصحيفة البحرينية‪ ،‬وجريدة الثورة العراقية‪ ،‬وجريدة العدالة العراقية‪ ،‬وجريدة‬
‫املؤتمر العراقية‪ ،‬وصحيفة الوقت البحرينية‪ ،‬وجريدة الثورة العراقية‪ ،‬وجريدة‬
‫الزمان العراقية اللندنية‪ ،‬وجريدة الدعوة العراقية‪ ،‬وجريدة البينة العراقية‪،‬‬
‫وجريدة االتحاد العراقية‪ ،‬وجريدة مسرحنا املصرية‪ ،‬وجريدة منبر الرأي( األردن)‪،‬‬
‫واملدينة (السعودية)‪ ،‬وجريدة املستشار(العراق)‪ ،‬وجريدة الثقافية(تونس)‪ ،‬وجريدة‬
‫أقالم الغد (املغرب)‪ ،‬الرأي (األردن)‪ ،‬وجريدة املشرق (العراق)‪ ،‬وجريدة بدر‬
‫(العراق)‪ ،‬وكالة النهار األخبارية (العراق)‪ ،‬والحياة الطيبة (لبنان)‪ ،‬وجريدة بدر‬
‫(العراق)‪ ،‬وجريدة االتحاد (كردستان)‪ ،‬وصحيفة عكاظ (السعودية)‪ ،‬وجريدة‬
‫الوركاء‪،‬وصحيفة وار( كردستان)‪ ،‬وجريدة التآخي (العراق) ‪ ،‬وصحيفة منارة الشرق‬
‫للثقافة واإلعالم(العراق)‪،‬وجريدة الخليج (اإلمارات العربية املتحدة)‪)....،‬‬
‫‪70‬‬
‫‪ -‬نشر مقاالته في الجرائد املغربية الوطنية ( االتحاد االشتراكي ‪ -‬العلم‪ -‬طنجة األدبية‬
‫‪ -‬روافد ثقافية‪ -‬املنعطف الثقافي‪-‬الشمال‪ -‬رسالة األمة‪-‬أنغميس‪ -‬العالم األمازيغي‪-‬‬
‫املنعطف‪ -‬أگراو‪ -‬يومية الناس‪ -‬جريدة مالمح ثقافية‪ -‬جريدة الرأي املغربية‪ -‬جريدة‬
‫التجديد‪-‬الجريدة التربوية‪ -‬مرايا مغربية‪ -‬جريدة الرأي الحر‪ -‬بيان اليوم‪-‬العدالة‬
‫والتنمية‪ -‬النهار املغربية‪ -‬املنتدى األمازيغي‪ -‬عين على الفن‪ -‬الشروق املغربية‪ -‬األيام‪-‬‬
‫الفسحة‪-‬القصة املغربية‪ -‬الخبر‪-‬املساء‪ -‬أقالم املغرب‪ -‬اقالم الغد‪ -‬جريدة العاصمة‪-‬‬
‫األخبار‪.)......‬‬
‫‪ -‬نشر مقاالته في الصحف املحلية (البديل‪ ،‬وصوت الريف‪ ،‬والصدى‪ ،‬والساعة‪،‬‬
‫وأنوال اليوم‪ ،‬والريفي‪ ،‬والعبور الصحفي‪ ،‬وصوت الشمال‪ ،‬وأمنوس‪ ،‬وبين السطور‪،‬‬
‫وتيفراس‪ ،‬وأصداء الريف‪ ،‬وأنباء الريف‪ ،‬واألسبوعية الجهوية‪ ،‬وجريدة الريف‬
‫املغربية‪ ،‬والصحيفة الشرقية‪ ،‬ونوميديا‪ ،‬وأصوات الريف‪ ،‬واملساء‪.)....‬‬
‫‪ -‬نشر مقاالت عدة في كثير من املواقع اإللكتورنية‪ ،‬مثل‪ :‬دروب‪ ،‬واملثقف‪ ،‬والوطن‪،‬‬
‫والحوار املتمدن‪،‬والندوة العربية ‪ ،‬واملثقف‪ ،‬وملتقى شعراء العرب‪ ،‬واملجلة العربية‪،‬‬
‫والفوانيس‪ ،‬ومنبر دنيا الوطن‪ ،‬وصوت العروبة‪ ،‬والصحيفة‪ ،‬وديوان العرب‪ ،‬وأقالم‬
‫الثقافية‪ ،‬وأفق الثقافي‪ ،‬وفراديس‪ ،‬وفضاءات‪ ،‬وجدار‪ ،‬ومنتدى مسرحيون‪ ،‬ومسرح‬
‫الطائف‪ ،‬والتجديد العربي‪ ،‬والقصة العربية‪ ،‬والقصة العراقية‪ ،‬ورجال األدب‪،‬‬
‫وعراق الكلمة‪ ،‬وشعراء العراق‪ ،‬وبوابة املغرب‪ ،‬واتحاد كتاب اإلنترنت العرب‪،‬‬
‫والفوانيس‪ ،‬واملناهل ‪.....‬‬
‫‪ -‬ومن أهم كتبه‪ :‬البالغة الجديدة‪ ،‬و الجديد في الدرس البالغي‪ ،‬واالستغراب‪،‬‬
‫واالستعراب اإلسباني في خدمة األدب العربي‪ ،‬واالستشراق‪ ،‬وسوسيولوجيا‬
‫األسلوب‪ ،‬ونحو املقاربة الكوسمولوجية‪ ،‬ومن هم البربر؟‪ ،‬والحكاية الشعبية‬
‫األمازيغية‪ ،‬والسرد األمازيغي بمنطقة الريف‪ ،‬ومدخل إلى اللسانيات األمازيغية‪،‬‬
‫ولسانيات النص‪ ،‬واألدب الرقمي‪ ،‬والجهة في اللغة العربية‪ ،‬واملقاربة امليديولوجية‪ ،‬و‬
‫سيميوطيقا التوتر‪ ،‬وفقه النوازل‪ ،‬ومفهوم الحقيقة في الفكر اإلسالمي‪ ،‬ومحطات‬
‫العمل الديدكتيكي‪ ،‬وتدبير الحياة املدرسية‪ ،‬وبيداغوجيا األخطاء‪ ،‬ونحو تقويم‬
‫‪71‬‬
‫تربوي جديد‪ ،‬والشذرات بين النظرية والتطبيق‪ ،‬والقصة القصيرة جدا بين التنظير‬
‫والتطبيق‪ ،‬والرواية التاريخية‪ ،‬تصورات تربوية جديدة‪ ،‬واإلسالم بين الحداثة وما‬
‫بعد الحداثة‪ ،‬ومجزءات التكوين‪ ،‬ومن سيميوطيقا الذات إلى سيميوطيقا التوتر‪،‬‬
‫والتربية الفنية‪ ،‬ومدخل إلى األدب السعودي‪ ،‬واإلحصاء التربوي‪ ،‬ونظريات النقد‬
‫األدبي في مرحلة مابعد الحداثة‪ ،‬ومقومات القصة القصيرة جدا عند جمال الدين‬
‫الخضيري‪ ،‬وأنواع املمثل في التيارات املسرحية الغربية والعربية‪ ،‬وفي نظرية الرواية‪:‬‬
‫مقاربات جديدة‪ ،‬وأنطولوجيا القصة القصيرة جدا باملغرب‪ ،‬والقصيدة الكونكريتية‪،‬‬
‫ومن أجل تقنية جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ‪ ،‬والسيميولوجيا بين النظرية‬
‫والتطبيق‪ ،‬واإلخراج املسرحي‪ ،‬ومدخل إلى السينوغرافيا املسرحية‪ ،‬واملسرح‬
‫األمازيغي‪ ،‬ومسرح الشباب باملغرب‪ ،‬واملدخل إلى اإلخراج املسرحي‪ ،‬ومسرح الطفل‬
‫بين التأليف واإلخراج‪ ،‬ومسرح األطفال باملغرب‪ ،‬ونصوص مسرحية‪ ،‬ومدخل إلى‬
‫السينما املغربية‪ ،‬ومناهج النقد العربي‪ ،‬والجديد في التربية والتعليم‪ ،‬وببليوغرافيا‬
‫أدب األطفال باملغرب‪ ،‬ومدخل إلى الشعر اإلسالمي‪ ،‬واملدارس العتيقة باملغرب‪،‬‬
‫وأدب األطفال باملغرب‪ ،‬والقصة القصيرة جدا باملغرب‪،‬والقصة القصيرة جدا عند‬
‫السعودي علي حسن البطران‪ ،‬وأعالم الثقافة األمازيغية‪...‬‬
‫‪ -‬عنوان الباحث‪ :‬جميل حمداوي‪ ،‬صندوق البريد‪ ،3366‬الناظور‪ ،32222‬املغرب‪.‬‬
‫‪ -‬الهاتف النقال‪2332632660:‬‬
‫‪ -‬الهاتف املنزلي‪2363666200:‬‬
‫‪ -‬الواتساب‪2332632660:‬‬
‫‪ -‬اإليميل‪Hamdaouidocteur@gmail.com:‬‬
‫‪Jamilhamdaoui@yahoo.fr‬‬

‫‪72‬‬
‫كلمة الغالف الخارجي‪:‬‬
‫يذهب كثير من الدارسين إلى أن الدوال تدل‪ ،‬وتتواصل بطريقة مباشرة وغير‬
‫مباشرة‪ ،‬ومنها‪ :‬اللغة‪ ،‬والعالمات‪ ،‬والخطابات‪ ،‬واألنساق‪ ،‬واإلنسان‪ ،‬وسائر الكائنات‬
‫املوجودة في الطبيعة‪ .‬ويعني هذا أن كل ش يء في عاملنا يحمل داللة ووظيفة‪ .‬وهذه‬
‫الوظيفة قد تكون ذات مقصدية أو بدون مقصدية‪ ،‬ذات ميزة فردية أو جماعية‪،‬‬
‫طبيعتها مادية أو معنوية‪ .‬وقد تكون هذه الدوال التواصلية لفظية أو غير لفظية‪،‬‬
‫تعبر عن وعي أو عن غير وعي‪ .‬واليوم‪ ،‬أصبح التواصل عبارة عن تقنية إجرائية‬
‫وأساسية في فهم التفاعالت البشرية‪ ،‬وتفسير النصوص والخبرات اإلعالمية‪،‬‬
‫والتحكم في كل طرائق اإلرسال والتبادل‪.‬‬

‫‪73‬‬
74

You might also like