You are on page 1of 68

‫حبث ل ـنيل شهادة اإلجازة األساسية يف‪:‬‬

‫مسـلك الــدراســات العـربية‬

‫مسار‪ :‬لـغ ــة ولسانيات‬

‫تحت عنوان‪:‬‬
‫قراءة في كتاب آفاق جديدة في دراسة اللغة والذهن‬
‫ترجمة حمزة بن قبالن المزيني‬

‫ت ـ ـ ـحت إشراف األستاذ‬ ‫مـ ـن إن ـ ـ ـجاز ال ـ ـطالبني‪:‬‬

‫ذ‪ :‬املهدي املنهاب‬ ‫امساعيل زمهون‬


‫‪M131422199‬‬

‫فاطمة تيسي‬
‫‪M130003483‬‬

‫السنة الجامعية‪2022-2023 :‬‬

‫‪1‬‬
‫كـــلـــمــــة شـــــــكر‬
‫رسالة نبعثها مليئة ابحلب والتقدير واالحرتام‬

‫ولو أننا أوتينا كل بالغة وأفنينا حبر النطق يف النظم والنثر‬

‫ملا كنا بعد القول إال مقتصرين ‪،‬ومعرتفني ابلعجز عن واجب الشكر‬

‫فلله احلمد حدا يليق جبالل وجهه وعظيم سلطانه الذي وفقنا إلجناز هذا العمل‬

‫ونتوجه أيضا أبمسى عبارات التقدير واإلمتنان إىل الذين حلوا أقدس رسالة‬

‫يف احلياة ومهدوا لنا طريق العلم واملعرفة ‪،‬وخنص ابلذكر األستاذ الفاضل‬

‫"املهدي املنهاب" فلك منا جزيل الشكر وعربون احملبة على كل ماقدمته‬

‫لنا من نصائح وتوجيهات أانرت دربنا ‪،‬وسهلت طريقنا إلمتام هذا البحث‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إهداء‬
‫إىل كل من أضاء بعلمه عقل غيه‬

‫و هدى ابجلواب الصحيح حية سائليه‬

‫فأظهر بسماحته تواضع العلماء وبرحابته مساحة العارفني‬

‫إىل من أمران هللا بربهم واإلحسان إليهم‬

‫إىل رموز العطاء والوفاء والتضحية ‪،‬إىل من بوجودهم انر دربنا‬

‫وبفضلهم استطعنا مواصلة مسيتنا التعليمية‬

‫إليكما أبوينا هندي مثار هذا اجلهد‬

‫وإىل كل من ساهم من قريب أو بعيد وأمدان يد العون‬

‫ولو بكلمة طيبة تستأنس هبا القلوب وختفف هبا اهلموم‬

‫لكم منا خالص احلب واإلحرتام واإلجالل‬

‫‪2‬‬
‫الــــــــــــــــــــــمـــــــحـــــــــتــــــــــــــــــوى‬
‫كلمة شكر وعرفان‪1..................................................................................‬‬

‫اإلهداء‪2.............................................................................................‬‬

‫مقدمة‪5..............................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬نبذة عامة عن شومسكي وتصوره للغة والذهن ‪8............................................‬‬

‫متهيد‪9...............................................................................................‬‬

‫املبحث األول‪:‬شومسكي وحياته الفكرية والعلمية واآلراء النقدية جتاهه‪10...................................‬‬

‫‪.1.1‬نبذة عن شومسكي‪:‬حياته ومؤلفاته‪10.............................................................‬‬

‫‪.2.1‬رصد بعض اآلراء النقدية جتاه شومسكي‪14........................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬املفاهيم واملصطلحات األساسية الواردة يف كتاب آفاق جديدة يف دراسة اللغة والذهن‪:‬‬

‫‪.1.2.1‬مفهوم اللغة‪.16..............................................................................‬‬

‫‪.2.2.1‬مفهوم ثنائية الذهن اجلسد‪19.................................................................‬‬

‫‪.3.2.1‬مفهوما القدرة واإلجناز‪21....................................................................‬‬

‫‪.4.21‬مفهوما البنية السطحية والبنية العميقة‪23........................................................‬‬

‫الفصل الثاين‪:‬حتديد مضامني فصول الكتاب‪27..........................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫متهيد‪28..............................................................................................‬‬

‫‪.1.2‬مضمون الفصل األول‪:‬آفاق جديدة يف اللغة والذهن‪29..............................................‬‬

‫‪.2.2‬مضمون الفصل الثاين‪ :‬تفسري استخدام اللغة‪33.....................................................‬‬

‫‪.3.2‬مضمون الفصل الثالث‪:‬اللغة والتأويل‪:‬التأمالت الفلسفية والبحث اإلختباري‪36........................‬‬

‫‪.4.2‬مضمون الفصل الرابع‪:‬املقاربة العلمية الطبيعية واملقاربة الثنائية يف دراسة اللغة والذهن‪40.................‬‬

‫‪.5.2‬مضمون الفصل اخلامس‪:‬اللغة موضوعا طبيعيا‪44....................................................‬‬

‫‪.6.2‬مضمون الفصل السادس‪:‬اللغة من املنظور الداخلي‪47...............................................‬‬

‫‪.7.2‬مضمون الفصل السابع‪:‬املقاربة الداخلية‪50.........................................................‬‬

‫الفصل الثالث‪:‬حتديد القضااي املطروحة يف الكتاب‪53.....................................................‬‬

‫متهيد‪54.............................................................................................‬‬

‫املبحث األول‪:‬املنهج املعتمد يف أتليف الكتاب‪55........................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬القضااي واإلشكاالت املطروحة‪:‬مشكلة الذهن‪-‬اجلسد وقضية توحيد العلم‪59...................‬‬

‫املبحث الثالث‪:‬آفاق الكتاب وأمهيته‪62.................................................................‬‬

‫خامتة‪64.............................................................................................‬‬

‫قائمة املصادر واملراجع‪66..............................................................................‬‬

‫‪4‬‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫احلمد هلل الذي لواله ما جرى قلم وال تكلم لسان ‪ ،‬والصــالة و الســالم علــى ســيدان مــد كــان أفصــح النــاس‬

‫لساان وأوضحهم بياان‪ ،‬وبعد‬

‫لقد شهد النصفف الثفاين مفن القفرن العشفرين ثفورة معرفيفة هائلفة مسفل افال اللغفة ‪ ،‬فبعفدما أحفدد دو سوسفري‬

‫القطيعف ففة األوس للسف ففانيات احديثف ففة بتحديف ففده ملوضف ففوعها وجعلهف ففا علمف ففا قف ففائم الف ففذات مسف ففتقال نه يتف فه ومفاهيمف ففه‬

‫ومصففطلحاته‪ .‬جففاء شومسففكي ليعيففد النظففر يف أسففس البحففث اللسففاين وحيففدد بففذلي قطيعففة انيففة متثلففل يف وضففعه‬

‫لنظريف ففة جديف ففدة ختلفف فة يف تصف ففوراألا األسف ففاس ومنه ياألف ففا التحليليف ففة للظف فواهر اللغويف ففة عف ففن سف ففابقاألا ‪ .‬وقف ففد اسف ففتهل‬

‫شومس ففكي طريق ففه ه ففذا ب ففرفض ق ففاطع ملب ففاد النظري ففة الس ففلوكية الف ف تع ففد اللغ ففة س ففلوكا آلي ففا يق ففوم علف ف مب ففدأ املث ففري‬

‫واإلست ابة ‪ ،‬مقرتحا مفاهيم جديدة جفديرة بدراسفة اللغفة وكيفيفة اكتسفا ا ‪،‬وداعيفا ىلس جتفاوز حفدود الوصفف الفذي‬

‫ال يه ففتم ىلال طلس ففطحي اللغ ففوي ىلس رحاب ففة التفس ففري ال ففذي يع ففف طملعرف ففة اللغوي ففة الكامن ففة يف أ ه ففان املتكلم ففني ‪ .‬وق ففد‬

‫استطاع النحو التوليدي يف ظرف وجيز أن يتزعم ختلف التصورات املتعلقة بدراسة اللغة ‪،‬بل أكثفر مفن لفي فدت‬

‫النظرية التوليدية حديث زماهنا ‪،‬ومازلل قائمة تطور مشروعها اللساين يف منا ج متتالية‪.‬‬

‫لقففد سففعل الثففورة املعرفيففة ال ف تزعمهففا شومسففكي يف مخسففينيات القففرن العش فرين ىلس ىلعففادة مفهففوم الففذهن ىلس‬

‫اال حبث العلوم اإلنسانية بعد شتاء قارص وطويل من نشدان املوضفوعية ‪ .‬وعرففل هفذه احقبفة نشفاطا حبثيفا مثمفرا‬

‫توج ففه الب ففه ففو دراس ففة امللك ففات املعرفي ففة البش فرية وحتدي ففد طبيعته ففا والط ففرق ال ف ت ففدخل فيه ففا يف الفع ففل والتفس ففري‪.‬‬

‫فبعدما تبف شومسكي األسلوب الغاليلي )‪ (Galilean style‬للبحث يف اللغة بصفة خاصة والذهن بصفة عامفة‬

‫بففدا واضففحا حتففول اهتمففام العففال اللسففاين مففن العنايففة بتغطيففة امل فواد واملعطيففات ىلس العنايففة بغففور وعم ف التفسففري وىلف فراز‬

‫مفهوم دال للغة حبيث تصبح موضوع حبث عقالين ينم عل أساس جتريدي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وقد وقفع اختيفارا يف هفذا البحفث علف واحفد مفن أهفم الكتفيت الف ألفهفا شومسفكي ليكفون موضفوع حبثنفا‬

‫وهو كتاب "آفاق جديدة يف دراسفة اللغفة والفذهن" ‪ ،‬ويبفدو أنفه كتفاب فك رفكفار ومففاهيم حتففز كفل طحفث مهفتم‬

‫ال اللسانيات عل اإلطالع عليه وقراءتفه للتعفرف علف القضفااي واإلشفكاالت الف يعاجلهفا‪ .‬وقفد جفاء موضفوعنا‬

‫ليطففر وجييففيت عل ف اموعففة مففن التسففاؤالت أوهلففا مففا هففو تصففور شومسففكي للغففة والففذهن؟ وعل ف أي أسففاس تقففوم‬

‫دراسففتهما؟ ومففا طبيعففة العالقففة بففني هففذه الدراسففة واألحبففاد الفلسفففية التقليديففة؟ ومففا هففي أهففم القضففااي واإلشففكاالت‬

‫ال يعاجلها هذا الكتاب؟وما هي آفاقه؟ وفيما تكمن أمهيته؟‬

‫وكمرحلف ففة متهيديف ففة نفف ففرت أن شومسف ففكي سف ففيتناول مف ففن خف ففالل هف ففذا الكتف ففاب أهف ففم املنطلقف ففات الفكريف ففة والعلميف ففة‬

‫والفلسفففية الف هنففل منهففا الرجففل ‪،‬والف نكففن عففدها أيضففا دعامففة وركيففزة أساسففية يقففوم عليهففا املففنهج الففذي شففرعه يف‬

‫دراسة اللغة‪ ،‬ىلضافة ىلس لي نففرت أنفه سفيوجه اهتمامفه مفن خفالل هفذه املقفالت فو حتديفد آففاق أخفر جديفدة‬

‫يف دراسة اللغة والذهن‪.‬‬

‫وانسف اما مففع طبيعففة املوضففوع ومففا تقتضففيه ‪،‬فقففد تناولففل الدراسفة منه ففا حتليليففا وصفففيا يقففوم علف املزاوجففة‬

‫بففني منه ففني مهففا امل فنهج الوصفففي وامل فنهج التحليلي‪.‬فقففد قمنففا بدايففة بتحديففد مشففكلة البحففث ومجففع أكففر قففدر مففن‬

‫املعلومات واملعطيات حوهلا؛ و لي طلرجوع ىلس حياة شومسكي واإلطالع عل أهم أعماله واآلراء النقديفة املوجهفة‬

‫لففه‪ .‬مث يف املرحلففة املواليففة قمنففا رخففذ عينففة للدراسففة مففن خففالل حتديففد اجلهففاز املفففاهيمي للكتففاب طلوقففوف عنففد أهففم‬

‫مص ففطلحاته‪،‬وقد س ففاعدا ل ففي يف حتدي ففد مض ففامينه ‪،‬والتو ففل ىلس عم ف مادت ففه الفكري ففة قص ففد حتليله ففا حتل ففيال علمي ففا‬

‫يتناسيت مع موضوع الكتاب وهو دراسة اللغة والذهن‪ .‬وأخريا استخالص النتائج املتوصل ىلليهفا بتحديفد آففاق هفذه‬

‫الدراسة وعالقتها طألحباد ال تلتها واملؤطرة ضمن املشروع اللساين لشومسكي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ووفقففا لكففل مففا سففب عمففدا تقسففيم البحففث ىلس مقدمففة وثالثففة فصففول؛ فأمففا الفصففل األول ف ففاء حتففل عن فوان‬

‫"نبففذة عامففة عففن شومسففكي وتصففوره للغففة والففذهن" ‪،‬وقففد تضففمن مبحثففني رئيسففيني أوهلمففا خصصففناه للحففديث عففن‬

‫احياة الفكرية والعلميفة لشومسفكي‪ ،‬ورصفدا بعفض اآلراء النقديفة جتاهفه ‪.‬مث انتقلنفا يف املبحفث الثفاين ىلس شفر أهفم‬

‫املصطلحات الواردة يف الكتاب‪ .‬وقد تبني لنا أنه كتفاب خيففي يف ثنفاايه وجيمفع بفني سفطوره جهفازا مفاهيميفا ضفخما‬

‫س ففيكون التعري ففف ص ففطلحاته أم فرا مش ففوقا ومبعث ففا للفخ ففر ألنن ففا حظين ففا ففذه الفرص ففة الثمين ففة لنتع ففرف عل ف مكن ففون‬

‫وجففوهر مقاالتففه‪ .‬والفصففل الثففاين فقففد ففل عن فوان "حتديففد مضففامني فصففول الكتففاب" ‪،‬وهففو مففا نكففن اعتبففاره ىلعففالا‬

‫لل ففدخول يف م ففار التنقي ففيت ع ففن مادت ففه الفكري ففة وكش ففف قت فواه والقض ففااي واإلش ففكاالت ال ف يتناوهل ففا‪ ،‬واحل ففول ال ف‬

‫يقدمها‪ ،‬وقد جر حتديد مضامينه وفف سفبعة فصفول كمفا هفي مقسفمة يف الكتفاب‪ .‬أمفا الفصفل األخفري فخصصفناه‬

‫للحففديث عففن القضففااي الف يتناوهلا(الكتففاب ‪ ،‬وهففو مقسففم ىلس ثالثففة مباحث‪:‬املبحففث األول تناولنففا فيففه نففوع املففنهج‬

‫املعتمفد يف أتليففف الكتففاب واملبحففث الثففاين سففلطنا فيففه الضففوء علف القضففااي واإلشففكاالت املطروحففة الف يعاجلهففا؛أي‬

‫العنففاوين الكففر ال ف أارت انتباهنففا ووردت بكثففرة يف ختلففف فص فوله ‪،‬واملبحففث األخففري حتففدثنا فيففه عففن أمهيففة هففذا‬

‫دراس ففة اللغ ففة‬ ‫الكت ففاب وآفاق ففه‪ .‬وختمن ففا ه ففذا العم ففل املتواض ففع بتق ففدص أه ففم اخلالص ففات ال ف توص ففلنا ىلليه ففا فيم ففا خي ف‬

‫والذهن و كر بعض الصعوطت والعراقيل ال اعرتضل سبيلنا يف ىلجناز هذا البحث وىلمتامه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ــل األول‪:‬ن ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــذة‬

‫ع ـ ـ ـ ــامـ ــة عـ ـ ــن ش ـ ـ ــوم ـ ـ ـسـ ـ ــك ـ ـي‬

‫وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوره للـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـة‬

‫والـ ـ ـ ـ ــذه ـ ــن‬

‫‪8‬‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيد‪:‬‬

‫ىلن هذا الفصل هو فصل متهيدي بعنفوان "نبفذة عامفة عفن شومسفكي وتصفوره للغفة والفذهن" ‪،‬وقفد لفل النقفا‬

‫فيه عددا من النقاط األساسية احملددة يف مبحثني رئيسيني ؛فاملبحفث األول تناولنفا فيفه احفديث عفن واحفد مفن كبفار‬

‫املفكرين يف املشهد الفكري املعاصفر ‪،‬وهفو اللسفاين األمريكفي نعفوم شومسفكي الفذي يوصفف أحيفاا طألب الروحفي‬

‫للسف ففانيات التوليديف ففة‪ ،‬والقائف ففد األبف ففرز للثف ففورة املعرفيف ففة الف ففذي اسف ففتطاع أن يهف ففيمن علف ف حقف ففل اللسف ففانيات‪.‬وقد فصف ففلنا‬

‫احديث يف هذا املبحفث عفن حياتفه وأهفم مؤلفاتفه ‪،‬مث رصفدا بعفض اآلراء النقديفة جتاهفه‪ .‬أمفا املبحفث الثفاين فتطرقنفا‬

‫في ففه ىلس أه ففم املص ففطلحات ال فواردة يف الكت ففاب ال ففذي ه ففو موض ففوع حبثن ففا ‪،‬فش ففمل ل ففي مفه ففوم اللغ ففة ومفه ففوم ثنائي ففة‬

‫الذهن‪-‬اجلسد ومفهوما القدرة اللغوية واإلجناز اللغوي وأخريا مفهوما البنية السطحية والبنية العميقة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫املبحث األول ‪:‬شومسكي وحياته الفكرية والعلمية و اآلراء النقدية جتاهه‬

‫‪.1.1‬نبذة عن شومسكي ‪ :‬حياته و مؤلفاته‬

‫هفو أففرام نعففوم شومسفكي ‪ Noam chomsky‬أسفتا لسففانيات وفيلسفوف أمريكفي وأيضففا عفال ىلدراكففي‬

‫وعف ففال منطف ف ومف ففؤرس واقف ففد واشف ف سياسف ففي‪ .‬ولف ففد نعف ففوم يف ‪7‬ديسف ففمر ‪ 1928‬دينف ففة فيالديلفيف ففا (واليف ففة بنسف ففلفانيا‬

‫األمريكية لعائلة يهودية يسارية الفكر‪،‬أبوه ينحدر من أوكرانيا وأمه من فيال روسيا وكالمهفا عمفال يف التعلفيم فوالفده‬

‫عففال يف اللغففة العريففة ووالدتففه مدرسفة‪ ،‬نشففأ نعففوم وترعففرع مففع شففقيقه األصففغر ديفيففد يف بي فة قفففزة فك فراي وتعلففم اللغففة‬

‫العريففة الف كففان والففده يدرسففها ‪،‬دعففم العديففد مففن أففراد أسفرته الكبففرية السياسففة اليسففارية وتعففر وهففو صففغري ألفكففار‬

‫االشرتاكية والفوضوية والسيتالينية ال ساعدت عل تطوير ميوله السياسي‪.‬‬

‫أمفا عففن حياتففه الشخصففية فقففد تففزوج نعففوم شومسففكي مفرتني وكففان لففه ثالثففة أوالد مففن زوجتففه األوس الف كانففل‬

‫هي أيضا لغوية وأخصائية تعليمية درسل اكتساب اللغة لد األطفال‪،‬عفا الزوجفان حيفاة زوجيفة طويلفة اسفتمرت‬

‫حف وففاة كفارول يف عففام ‪.2008‬وقفد نشفأ نعففوم يهفوداي ولكفن فيمفا بعففد ابتعفد عفن تقاليففده اليهوديفة‪ ،‬ويعفرف نفسففه‬

‫حاليا عل أنه " فري ديفك"‪ .‬ويعفد شومسفكي مفن أبفرز مثقففي العفال ‪،‬ىل صفنف يف املرتبفة الثامنفة ضفمن أكثفر املراجفع‬

‫الف يستشفهد ففا علف اإلطففالق ضفمن قائمففة تضفم اإلجنيفل وكففارل مفاركس و ريمهففا مفن الشخصففيات املفؤثرة ‪،‬وعففرف‬

‫كذلي بنقده احاد ملا يسميه "الليرالية املتوحشة" وللسياسة اخلارجيفة حكومفات بفالده وخاصفة تفدخالألا العسفكرية‬
‫‪1‬‬
‫منذ الثلث األخري من القرن العشرين‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر نعوم شومسكي املفكر املناهض لسياسة أمريكا‪،‬شخصيات موقع اجلزيرة ‪www.aljazeera.net‬‬
‫ومن هو نعوم شومسكي ؟ ‪/‬موقع أراجيي ‪www.arageek.com‬‬

‫‪10‬‬
‫يوصففف شومسففكي عففادة طألب الروحففي للسففانيات التوليديففة احديثففة وصففاحيت نظريففة النحففو التوليففدي الف‬

‫تع ففد م ففن أه ففم اإلس ففهامات يف ا ففال اللس ففانيات النظري ففة يف الق ففرن العشف فرين‪ ،‬والف ف خض ففعل يف كث ففري م ففن األحي ففان‬

‫لتعففديالت قفام فا شومسففكي‪،‬لكن مففع احفففاى عل ف مسففلماألا األساسففية ‪،‬ىلضففافة ىلس أنففه يعففد شخص فية رئيسففية يف‬

‫الفلسفة التحليلية ؛ ىل أسهم عمله يف ااالت عدة كعلوم احاسفوب والرايضفيات وعلفم الفنفس‪.‬ول يقفف شومسفكي‬

‫عند حدود متيزه األكادني بل عرف عل نطاق واسع بنقده السياسي كما أشرا سابقا‪.‬‬

‫بففدأ شومسففكي مسففريته الدراسففية ومسففاره التكففويك يف مدرسففة "أوكلففني كففونرتي" وأكمففل املرحلففة الثانويففة يف‬

‫مدرسففة "سففنرتال" دينففة فففيال ديليفيففا وحصففل عل ف البكففالوريس يف الفلسفففة واللسففانيات مففن جامعففة بنسففلفانيا عففام‬

‫‪ ،1949‬وخففالل سففنوات تعليمففه اجلففامعي أتثففر طللغففوي الروسففي زلففيج هففاريس (‪zelig harris )1909-1992‬‬

‫وازداد اهتمام ففه طلفلس فففة ؛بفض ففل تش ف يع الفيلس ففوف األمريك في نيلس ففون ودم ففان ‪ ،‬وال ش ففهادة املاجيس ففرت ع ففام‬

‫‪،1951‬رطروحتففه "الصففيا الصففرفية يف العريففة"‪ ،‬ونشففر بعففد لففي بعففام أول مقالتففه األكادنيففة حففول "نظففم التحليففل‬

‫النحوي يف الة املنط الرمزي" ‪.‬‬

‫قففدم شومسففكي رسففالة الففدكتورة يف التحليففل التحففويلي يف جامعففة بنسففلفانيا وحصففل عل ف درجففة الففدكتورة يف‬

‫اللغوايت عام ‪1955‬م ‪ ،‬ويف العام نفسه عني أستا ا مساعدا يف معهد "ماسا تشوستس للتكنولوجيا" حيفث طلفيت‬

‫من ففه قض ففاء وق ففل طوي ففل يف مش ففروع الرتمج ففة اآللي ففة ىلس جان ففيت واجبات ففه التدريس ففية ‪،‬وخ ففالل ع ففامني ترق ف ىلس منص ففيت‬

‫أسففتا مشففارك ‪ ،‬كففذلي شففغل منصففيت أسففتا زائففر يف جامعففة "كولومبيففا" بففني عففامي ‪ 1958‬م‪1957-‬م ‪ ،‬وحصففل‬

‫عل ف زمال ففة املؤسس ففة الوطني ففة للعل ففوم التابع ففة جلامع ففة [برينس ففتون]‪ ،‬ويف ه ففذا الع ففام أيض ففا نش ففر كتاب ففه "الب ففف النحوي ففة"‬

‫استنادا ىلس سلسلة من احملاضرات ال قدمها لطالبه يف معهد ماسا شوستس للتكنولوجيا‪.1‬‬

‫‪ 1‬انظر موقع أراجيي‪،‬من هو نعوم شومسكي؟‪ www.Arageek.com‬ونعوم شومسكي ‪ :‬املفكر املناهض لسياسة أمريكا‪ ،‬موقع اجلزيرة نل‬
‫‪www.Aljazeera.net‬‬

‫‪11‬‬
‫ويف حلففول عففام ‪1961‬م أصففبح أسففتا ا يف قسففم اللغففات احديثففة واللسففانيات طملعهففد نفسففه ‪ ،‬وحصففل بففني‬

‫عامي ‪1966‬م‪1976-‬م عل لقفيت أسفتا فخفري للغفات احديثفة واللسفانيات ‪،‬مث عفني عفام ‪1976‬م برتبفة بروفسفور‬

‫يف معهفد ماساشوسففتس للتكنوجليففا منحفه وظيففة أسففتا فيففه مفد احيففاة ‪،‬ومففع اسفتمراره يف العمففل األكففادني اسففتمر‬

‫يف ىلنتاجه الفكري يف اال اللغة ‪ ،‬ىل نشر العديد من األعمفال املفؤثرة مثفل "جوانفيت النظريفة البنيويفة " عفام ‪1966‬م‬

‫و"مواض ففيع يف نظري ففة القواع ففد التوليدي ففة" ع ففام ‪1966‬م و"اللغ ففوايت الديكارتي ففة ‪:‬فص ففل يف اري ففل الفك ففر العق ففالين يف‬

‫نفس العام‪ ".‬و"آفاق جديفدة يف دراسفة اللغفة والعقفل ‪/‬الفذهن" عفام ‪ 1968‬مفع اخفتالف يف املصفطلح بفني املرتمجفني‬

‫هلففذا الكت فاب الففذي يففدور حولففه موضففوع حبثنففا ؛ونتبففف هنففا مصففطلح "الففذهن" كمففا وظفففه " ففزة بففن قففبالن امل فزيك"‬

‫مرتجم هذا الكتاب الذي يعتر(أي الكتاب ىلضافة نوعية متميزة للدراسة الفلسفية للغة والذهن‪.‬‬

‫أمففا عففن نظريتففه التوليديففة ال ف تعتففر أهففم ىلسففهام يف اففال النظ فرايت اللغويففة نكففن تعريفهففا عل ف أهنففا ‪ :‬نظففام‬

‫دقي ف يص ففف األحك ففام واألرك ففان ال ف تك ففون أي مجل ففة نك ففن ىلنش ففائها يف أي لغ ففة يف الع ففال (النح ففو الكل ففي ‪،‬وتق ففوم‬

‫ىلس‬ ‫نظريتف ففه هف ففذه علف ف شف ففيء مف ففن الفطريف ففة فهف ففو يقف ففول ‪":‬ىلن كف ففل ىلنسف ففان يعف ففرف املبف ففاد العامف ففة للغف ففة منف ففذ أن‬

‫احياة‪،‬وهففذه املبففاد ليسففل حك فرا عل ف لغففة دون أخر ‪،‬فهففي موجففودة يف كففل اللغففات وهففي مبففاد جتتمففع لتكففون‬

‫قواعد شفاملة"‪ .1‬وقفد عمفل شومسفكي علف تطفوير نظريتفه هفذه؛ ألنفه كفان متفقفا مفع فكفرة اللغفة املكتسفبة ‪ ،‬أي أن‬

‫األطفال يتعلمون اللغة ممن حوهلم ‪،‬وهذا من طب التعليم املكتسفيت أو التعلفيم طلتقليفد األعمف ‪ .‬واعتقفد شومسفكي‬

‫أن مسففاع اللغففة املففتكلم ففا يسففاعد علف زايدة القففدرة اللغويففة عنففد األطفففال عنففد والدألففم ‪،‬وهففذا يعففك أن الطفففل يولففد‬

‫وهو نلي قدرة لغوية بسيطة ونلي مباد لغوية عامة ويطورها عند مساعه اللغة ال يتكلم ا األشخاص حوله‪.‬‬

‫هففذه كانففل حملففة خفيفففة عففن أهففم اإلسففهامات القيم فة لشومسففكي يف اللسففانيات احديثففة ال ف خلفففل ثففورة‬

‫حقيقيفة يف النظفر ىلس حقيقففة اللغفة تلتهففا أعمفال أخففر للفل ميفادين واففاالت ختلفة‪،‬فمنفذ أواخففر السفتينات اخنففرط‬

‫انظر احدايب (‪ )2021‬نظرة نقدية للواقع املعاصر‪ ،‬قراءة يف أعمال نعوم شومسكي ‪،‬ص‪.12.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫شومس ففكي بش ففكل كب ففري يف ا ففال النش ففاط التوع ففوي السياس ففي‪ ،‬مع فرا ع ففن موقف ففه السياس ففي جت ففاه السياس ففة اخلارجي ففة‬

‫األمريكية رافضا التدخالت األمريكيفة يف شفؤون اآلخفرين يف سفبيل احففاى علف مصفاحها‪ .‬فففي عفام ‪1969‬م نشفر‬

‫كتابففه السياسففي األول بعنفوان "سففلطة أمريكففا والبريوقفراطيني اجلدد"وشففر فيففه طلتفصففيل معارضففته "حفرب الفيتنفام"‪،‬‬

‫ونشر العديد من الكتيت السياسية األخر خفالل السفنوات الالحقفة منهفا "أوالد البنفات" عفام ‪1973‬م‪ ،‬ىلضفافة ىلس‬

‫كتبه "هيمنة اإلعالم "و"حياة منش " و"احادي عشر من سبتمر"؛حيث فاقفل مؤلففات شومسفكي أكثفر مفن م فة‬

‫كتاب حول اللغة ووسائل اإلعالم والسياسة واحروب‪.‬‬

‫أم ف ففام اإلجن ف فازات الكث ف ففرية واملتنوع ف ففة اختارت ف ففه (لن ف ففدن ان ف ففز يف ع ف ففام ‪1970‬م بص ف فففته أح ف ففد "ص ف ففناع الق ف ففرن‬

‫العشفرين"وكرم جبفائزة (‪ (PAP‬للمسفامهات العلميفة املتميفزة يف علفم الفنفس عفام ‪ ،1948‬وففاز جبفائزة ( ‪(NCTE‬‬

‫للمسففامهة والوضففو يف الصففدق يف اللغففة العامففة م فرتني عففامي‪1987‬م و‪ .1989‬للففل اجل فوائز واألومسففة املتنوعففة ال ف‬

‫حصف ففل عليه ف ففا أيض ف ففا ج ف ففائزة "كيوت ف ففو" يف العلف ففوم األساس ف ففية ع ف ففام ‪1988‬م ‪ ،‬وميدالي ف ففة "هلمه ف فولتز" ع ف ففام ‪1966‬م‪،‬‬

‫و"بن مففاين ففرانكلني" يف اففال احاسففوب والعلففوم املعرفيففة عففام ‪1999‬م ‪ .‬وال يفزال شومسففكي حففدود اللحظففة حيففا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويعيش يف والية بنسلفانيا مسق رأسه‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر احدايب (‪ )2021‬نظرة نقدية للواقع املعاصر قراءة يف أعمال نعوم شومسكي ‪،‬ص ‪12.13.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ .2.1.1‬رصد بعض اآلراء النقدية جتاه شومسكي‬

‫يتبوأ شومسكي (‪ chomsky(1928‬مكانة مميزة يف املشهد الفكري املعاصر؛ فقد كان الشخصفية القيفادة يف‬

‫الثف ففورة املعرفيف ففة يف اخلمسف ففينيات والسف ففتينيات مف ففن القف ففرن املاضف ففي‪ ،‬وحققف ففل أعمالف ففه شف فهرة واسف ففعة يف ختلف ففف أرجف ففاء‬

‫العال‪.‬وقال عنه ستيفن بنكر(‪ »: stiven pinker1954‬يعد شومسفكي اآلن واحفدا مفن الكتفاب العشفرة األوائفل‬

‫الففذين يكث ففر االستش ففهاد ففم يف الدراس ففات اإلنس ففانية (وهففو يتق ففدم عل ف هيغ ففل وشيش ففرون ‪ ،‬وال يس ففبقه ىلال م ففاركس‬

‫ولينني وشكسبري‪ ...‬وهو الوحيد احي من أفراد هذه اجملموعة‪ .‬وهو يثري الناس وجيعلهم يتخفذون مواقفف قفددة ممفا‬

‫يقففوم بففه‪ .‬وتفرتاو ردود األفعففال علف عملفه بففني اإلع ففاب بففه ىلع ففاط مفرطففا وتعظيمففه تعظيمففا يليف رئمففة الطوائففف‬

‫الدينيففة الغربيففة‪ ،‬واهل ففوم الشففرس الففذي طففوره األكففادنيون وجعلففوه فنففا رفيعففا‪ .‬وتعففود هففذه املواقففف ىلس أن شومسففكي‬

‫يهففاجم واحففدة مففن الركففائز السففائدة اآلن للحيففاة الفكريففة يف القففرن العشفرين وهففي منففو ج علففم االجتمفاع املعيففار الففذي‬

‫يففر أن الففنفس اإلنسففانية تشففكلها الثقافففة احمليطففة ا‪.‬كمففا أن هنففاك سففببا هلففذه املواقففف وهففو أنففه لففيس إمكففان أي‬
‫‪1‬‬
‫مفكر أن يت اهل شومسكي‪« .‬‬

‫أمففا الفيلسففوف األمريكففي هففيالري بتنففام (‪، Hilary putnam)2016-1926‬وهففو مففن أشففرس املنففاوئني‬

‫لشومسففكي يقففول ىلننففا‪ »:‬حففني نقفرأ مففا يكتبففه شومسففكي ففس ىلحساسففا عميقففا أننففا يف حضففرة قففوة فكريففة عظيمففة؛‬

‫ىل نكتش ففف أنن ففا أم ففام عقف ففل متف ففوق‪ ،‬ويع ففود لف ففي بق ففدر متس ففاو ىلس س ففحر شخصف ففيته القوي ففة ‪،‬وىلس املف فزااي الفكريف ففة‬

‫الواضحة ال يتمتفع فا ‪،‬ومنهفا األصفالة واألنففة مفن السفطحي السفا ج ‪ ،‬والر بفة يف ىلحيفاء مواقفف تبفدو طليفة (مثفل‬
‫‪2‬‬
‫لي‪ ،‬واالهتمام واضيع هلا أمهية عظيمة مثل بنية العقل اإلنساين‪« .‬‬ ‫فكرة األفكار الفطرية والقدرة عل‬

‫انظر شومسكي(‪ chomsky)2004‬آفاق جديدة يف دراسة اللغة والذهن ‪،‬ترمجة املزيك ص‪16.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر املرجع نفسه ص‪16.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫وهففو الففذي قففال عنففه اللسففاين األمريكففي البففارز راي جاكونففدوف(‪، ray Jackendoff )1945‬وهففو أحففد‬

‫طالبه السابقني "ال أعرف أحدا اسفتطاع أن يهفيمن علف علفم معني[مثفل هيمنفة شومسفكي علف علفم اللسفانيات]‪،‬‬

‫ىلال "فروي ففد" [ال ففذي ه ففيمن عل ف عل ففم ال ففنفس] ‪.‬ومع ففروف أن شومس ففكي يتص ففف طحي فاء ال ففذي ر ففا يص ففل ىلس ح ففد‬

‫اخل ففل وطلتواضففع الشففديد ‪ ،‬علف الففر م مفن ىلجنففازه الففذي ال يكففاد ناثلففه ىلجنففاز ‪ ،‬وممففا يففدل داللففة واضففحة علف هففذا‬

‫التواضع ما ورد يف مقدمة حبثه األول يف املؤمتر الذي عقد يف القفدس‪،‬يقول‪ »:‬أشفعر أن مفن واجفن أن أبفدأ فا نكفن‬

‫وصفففه ببدايففة ففري مهذبففة بففبعض الشففيء لففي أنففك أود تس ف يل اعرتاضففي عل ف الصففورة العامففة املقرتحففة للم فؤمتر‪...‬‬

‫وأظن أن املسائل ال تعاجلها اللسانيات مهمة وتستح البحث فيها‪.‬أما املواضفع الف مفن قبيفل "علفم أحيفاء ففالن"‬

‫أو "علم نفس ففالن " أو مفا ىلس لفي ‪،‬ولفي أن ختتفار ففالن الفذي تريفد ‪ ،‬ففال نكفن أن تكفون مفيفدة ىلال يف الطفور‬

‫البففدائي للبحففث يف موضففوع مففا ‪...‬لففذلي فعبففارة لسففانيات فففالن ليسففل يف قلهففا‪ ...‬ومففؤد هففذا القففول أنففه عل ف‬
‫‪1‬‬
‫ريه‪«.‬‬ ‫الر م من املكانة ال يتبوأ ا شومسكي ويف اللسانيات خباصة ىلال أنه ال ير نفسه فضال عل‬

‫وقففد خ ففرج املهنففدس "فتح ففي حبففويب" يف عرض ففه ملوقففف شومس ففكي جتففاه الثقاف ففة واملثقففف ففذه املقدمففة الناري ففة‬

‫يقول‪ »:‬يف الزمن الفراهن‪ ،‬زمفن املداهنفة واخليانفة ‪ ،‬زمفن الر الفة وعفدم الثبفات علف املبفاد ‪ ،‬زمفن البفائعني لضفمائرهم‬

‫و ممه ففم رخب ففس األ ففان‪ ...‬ويف زم ففن كث ففر في ففه أش ففباه املثقف ففني ىلم ففا ب فدور املتف ففرج أو ب ففدور مثق ففف الس ففلطة‪ ،‬الت ففابع ال‬

‫املتبففوع‪ ،‬كففان االسففتثناء واي للمفارقففة مففن مركففز نقففل الففرداءة وهففو أمريكففا ‪ .‬ىلنففه أهففم املفك فرين األحيففاء عل ف اإلطففالق‬

‫حسففيت اسففتطالع الففة "بروسففبكل" اإلجنليزيففة ‪.‬ىلنففه أبففرز داعيففة سففالم وحقففوق ىلنسففان يف العففال ‪ .‬ىلنففه أسففتا اللغففات‬

‫نع ففوم شومس ففكي ال ففذي ال ي فزال يع ففيش بينن ففا الي ففوم ك ف خر الرج ففال العظم ففاء طعتب ففاره قام ففة فكري ففة س ففامقة يف الفك ففر‬
‫‪2‬‬
‫السياسي املعاصر ومثقفا عضواي طملفهوم الغرامشي‪« .‬‬

‫‪ 1‬انظر شومسكي(‪، chomsky)2004‬آفاق جديدة يف دراسة اللغة والذهن ‪،‬ترمجة املزيك‪،‬ص‪17.‬‬


‫‪ 2‬انظر‪ :‬نعوم شومسكي ‪ :‬مفكر يهودي حيمل احقيقة يف وجه القوة‪ ،‬موقع طلعربية‪www.bilarabiya.net‬‬

‫‪15‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬املفاهيم و املصطلحات األساسية الواردة يف كتاب آفاق جديدة يف دراسة اللغة والذهن‬

‫‪.1.2.1‬مفهوم اللغة‬

‫حتيل كلمة لغة يف املعاجم اللغوية عل معاين اللغو والنط والكالم ري التام‪ ،‬ففي املع م الوسفي يقفال‪ :‬لغفا‬

‫يف القففول لغ فوا‪ :‬أي أخط ففأ وقففال ططففال ‪ ،‬وألغ ف الشففيء عففف أبطل ففه‪ ،‬واإللغففاء يف النحو‪:‬ىلبطففال عم ففل العامففل لفظ ففا‬

‫وق ففال ‪،‬وال ففاه‪ :‬مازح ففه‪ ،‬ويق ففال مسع ففل لغ ففاألم أي اخ ففتالف كالمه ففم ‪ ،‬واللغ ففو م ففا ال يعت ففد ب ففه م ففن ك ففالم و ففريه‪ ،‬وال‬

‫حيصل منه عل فائفدة وال نففع‪ .1‬ويف مع فم لسفان العفرب البفن منظفور يقفال لغفا فهفو مفن اللغفو واللغفا ‪:‬السفق ومفا‬

‫ال يعتد به من كالم و ريه‪ ،‬ويقال لغن من اللغفن ‪ :‬وهفي الفوترة الف عنفد ططفن األ ن‪ ،‬ويف التهفذييت لغف ففالن عفن‬

‫الصفواب وعفن الطريف ىل ا مفال عنفه ‪:‬قالفه ابفن األعفرايب قفال ‪:‬واللغفة أخفذت مففن هفذا ألن هفؤالء تكلمفوا بكفالم مففالوا‬
‫‪2‬‬
‫فيه عن لغة هؤالء اآلخرين ‪،‬واللغو النط يقال هذه لغتهم ال يلغون ا أي ينطقون ا‪.‬‬

‫أم ففا يف امل ففدلول االص ففطالحي ف ففال نك ففاد جن ففد تعريف ففا واح ففدا ملفه ففوم اللغ ففة ‪،‬فه ففي ختتل ففف طخ ففتالف اجمل ففاالت‬

‫مفن أن اللغفة حفدها أصفوات‬ ‫املهتمة ا واملنظرة هلا ‪،‬ومن أشهر تعريفات اللغة ما أورده ابن جك يف كتابه اخلصائ‬

‫يعر ا كل قوم عفن أ راضفهم‪ .‬وهفذا التعريفف يتفف ىلس حفد كبفري مفع آراء رواد املدرسفة التداوليفة يف الفدرس اللسفاين‬

‫احديث وهو دراسة اللغفة حفال االسفتعمال ؛أي حينمفا تكفون متداولفة بفني مسفتخدميها‪ .3‬بينمفا هفيت ابفن خلفدون‬

‫يف مقدمته ىلس القول‪" :‬رن اللغة يف املتعفارف عليفه هفي عبفارة املفتكلم عفن مقصفوده وتلفي العبفارة فعفل لسفاين اشف‬

‫عن القصد إفادة الكالم ‪،‬فال بد أن تصري ملكة متقررة يف العضفو الفاعفل هلفا وهفو اللسفان وهفو يف كفل أمفة حبسفيت‬

‫اصطالحاألم "‪.4‬يفهم من كالمه أن اللغة هي وسيلة يعر ا كل مفتكلم عفن آرائفه ومتطلباتفه وخاصفية تتفيح لفه ىلمتفام‬

‫انظر امع اللغة العربية(‪ )2008‬املع م الوسي ‪،‬ص‪831.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر ابن منظور ( ‪711‬ه) لسان العرب ص‪4049.‬‬ ‫‪2‬‬

‫انظر ابن جك (‪392‬ه) اخلصائ اجلزء ‪،1‬ص‪،33.‬بتصرف‬ ‫‪3‬‬

‫انظر ابن خلدون (‪808‬ه) املقدمة‪،‬اجلزء الثاين ص‪367.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪16‬‬
‫عملية التواصل ليحصل التفاهم بينه وبني بك جنسه‪ .‬وقد حدد ابن خلدون اللغة اإلنسانية بصفورة كليفة بعفدها ميفزة‬

‫خاصة طإلنسان‪ ،‬وتتمايز اللغات فيما بينها تبعا ىلس اختالف اإلصطالحات بني أمة وأخر ‪.‬‬

‫وقففد مي ففز دو سوس فري(‪ f.de saussure)1913-1857‬يف تعريف ففه للغ ففة ب ففني اللغ ففة امللك ففة (‪)language‬‬

‫واللغففة املعينففة (‪، )langue‬فامللكففة اللغويففة هففي مقففدرة فطريففة بطبيعتهففا يففزود ففا كففل مولففود بشففري‪ ،‬وهففي مففن أهففم‬

‫السففمات الفطريففة الف متيففز اإلنسففان عففن احيفوان ‪،‬أمففا اللغففة املعينففة كاللغففة العربيففة أو اإلجنليزيففة أو الصففينية فهففي نظففام‬

‫مكتسففيت مت ففانس" ىلهن ففا نظ ففام مففن العالم ففات قوامه ففا احت ففاد املع ففف طملبففف "‪ .‬واجلدي ففد ال ففذي أض ففافه دو سوس ففري يف‬

‫تعري ففف اللغ ففة املعين ففة (وه ففي املقص ففودة ع ففادة عن ففد ىلط ففالق مص ففطلح اللغ ففة ه ففو عنص ففر النظ ففام كم ففا سنش ففري‪ .‬يق ففول‬

‫دو سوس فري معرفففا اللغففة‪ » :‬وقففد كنففل عرفففل اللغففة منففذ ح فواع عقففد ونصففف مففن الففزمن رهنففا نظففام مففن العالمففات‬

‫املتواض ففع عليه ففا اعتباط ففا ال ف تتس ففم بقبوهل ففا للت زئ ففة ‪،‬ويتخ ففذها الف فرد ع ففادة وس ففيلة للتعب ففري ع ففن أ راض ففه‪ ،‬ولتحقي ف‬

‫االتصال طآلخرين ‪،‬و لي بواسطة الكفالم والكتابفة وقفد صفيا هفذا التعريفف بعفد دراسفة عفدد مفن تعريففات اللغفويني‬

‫اللغفة‪ ،‬ىلضفافة ىلس كونفه يشفري بدقفة‬ ‫القدام واحملدثني ‪.‬وما زلل ح اآلن أعتقفد رنفه تعريفف جفامع ألهفم خصفائ‬
‫‪1‬‬
‫ىلس حقيقتها وطبيعتها‪«.‬‬

‫أما شومسكي فيعرف اللغفة يف كتابفه "البفف النحويفة" قفائال‪ »:‬مفن اآلن فصفاعدا سفأعد اللغفة اموعفة متناهيفة‬

‫أو ري متناهية من اجلمل‪.‬كل مجلة طوهلا قدود ومؤلفة من اموعة متناهيفة مفن العناصفر‪ .‬وكفل اللغفات الطبيعيفة يف‬

‫شكليها املنطفوق واملكتفوب هفي لغفات فذا املعفف ‪،‬و لفي ألن كفل لغفة حتتفوي علف عفدد متنفاه مفن الفونيمفات (أو‬

‫احففروف ‪.‬ومففع هففذا ف ف ن عففدد اجلمففل ففري متنففاه‪ 2« .‬ويف نظففر شومسففكي أن اجلمففل قففد يكففون طوهلففا ففري قففدود‪،‬‬

‫ثففال واضففح كمففا هفو الشففأن يف هففذه اجلملففة ‪ " :‬هففذا الرجففل الففذي‬ ‫ومففع لففي فهففي مجففل ويففة ومقبولففة ‪ ،‬وقففد أتف‬

‫انظر قمد يونس علي (‪ )2004‬مدخل ىلس اللسانيات ‪ ،‬ص ‪25.26.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر أ د مومن (‪ )2005‬اللسانيات‪ ،‬النشأة والتطور‪ ،‬ص‪209.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪17‬‬
‫تزوج البنل ال ألفل الكتاب ‪ "...‬وتدل النقاط الثالد عل ىلمكانية توسيع اجلملة ىلس الطول املر وب فيفه‪ .‬ومفن‬

‫الناحية العلمية ‪،‬هنفاك بعفض احفدود الف ينبغفي أن تقفف عنفدها اجلملفة ‪ ،‬وىلن كانفل فري مضفبوطة مفن قبفل النحفاة‬

‫ومففن جهفة أخففر ‪ ،‬فف ن هففذه اجلمففل الف تتكففون مففن عناصففر قففدودة هففي يف الواقففع ففري متناهيففة ‪ ،‬وتعكففس بصففورة‬
‫‪1‬‬
‫واضحة اجلانيت اإلبداعي أو اخلالق يف اللغة ‪.‬‬

‫‪.2.2.1‬مفهوم ثنائية الذهن‪-‬اجلسد‬

‫انظر مومن (‪ )2005‬اللسانيات‪ ،‬النشأة والتطور‪ ،‬ص‪209.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫قبففل الغ فوص يف حتديففد مفهففوم ثنائيففة الففذهن ‪ -‬اجلسففد البففد بدايففة أن نشففري ىلس أتثففر شومسففكي بففديكارت ‪،‬‬

‫وهففو مففا يبففدو ظففاهرا يف نظريتففه التوليديففة الف صففيغل وفف أسففس عقليففة قضففة ؛حيففث ينطلف شومسففكي مففن فكففرة‬

‫أساسف ففية تقف ففول رن اللغف ففة هف ففي ات حقيقف ففة عقليف ففة ووجودهف ففا هف ففو وجف ففود عقلف ففي طألسف ففاس‪،‬خالفا ملف ففا تبنتف ففه املدرسف ففة‬

‫الس ففلوكية القائل ففة رن اللغ ففة ختض ففع ملب ففدأي املث ففري واالس ففت ابة ‪،‬وال ف تص ففف اح ففدد اللغ ففوي عل ف أن ففه اس ففت ابة ملث ففري‬

‫خارجي ال دخل للعقل فيه ‪،‬وهو ما يرفضه شومسكي ‪،‬متبنيا بذلي مذهبا هنيا يف دراسة اللغة‬

‫لقد وجد شومسكي يف آراء ديكارت عن العقل ما يصبوا ىلليه ‪،‬فرجوع شومسكي ىلس املبفاد الديكارتيفة كفان‬

‫بفدافع الكشففف عففن عمففل العقففل اإلنسففاين مففن خففالل ىلقفرار املفففاهيم الفلسفففية األساسففية الف تنصففل عنهففا البنيويففون‪،‬‬

‫و ذا عد شومسكي من العقالنيني الذين يرون أن الذهن اإلنساين هو وسيلة املعرففة علف النقفيض مفن الت فريبيني ‪،‬‬

‫ل ففي وجه فة نظ ففر‬ ‫يق ففول "ج ففون الين ففز" ‪ :‬أم ففا شومس ففكي فق ففد وق ففف ىلس جان ففيت العقالني ففني ‪ ،‬وك ففان ل ففه ع ففالوة عل ف‬

‫مشا ة للفكرة ال جاءوا ا ‪ ،‬ىل قال ىلن املباد ال عمل العقل وفقفا هلفا هفي مبفاد فطريفة ؛ أي أن العقفل لفيس‬

‫شففرحية بيضففاء خاليففة مففن أي تعبففري تففرتك الت ربففة بص فماألا عليهففا ‪ ،‬هكففذا تبففف شومسففكي آراء ديك فارت يف تفسففري‬

‫العقل اإلنساين ‪ ،‬والقول رن اللغة هي عمل العقل ‪ ،‬لذا عد شومسكي اللغة تنظيما عقليفا ‪ ،‬وأداة للتعبفري والتفكفري‬
‫‪1‬‬
‫ال ختضع للتفسري اآلع احافز واملثري ‪.‬‬

‫يتميففز القففرن الواحففد والعش فرين ي فزات منه يففة أعففادت طففر مففا يتعل ف بفلسفففة ثنائيففة العقل‪/‬الففذهن ‪ -‬اجلسففد‪،‬‬

‫وهي فلسفة طرحها ديكارت معتقدا أنه قد مت التوصل ىلس حلها بيولوجيا ‪ ،‬فما بدأت فلسفة الفذهن تظهفر بوضفو‬

‫ح ف ش ففقل طريقه ففا ففو العل ففوم املعرفي ففة ‪ ،‬وم ففع ه ففذه النظ ففرة الطبيعي ففة ملفه ففوم ال ففذهن ‪ ،‬ي ففر شومس ففكي رن اللغ ففة‬

‫(بوصفففها عمليففة هنيففة ىلحيائيففة جيففيت أن تففدرس ‪ ،‬كمففا يففدرس أي شففيء مففادي آخففر‪ ،‬ويبففك منه يتففه العلميففة يف‬

‫دراسة اللغة عل ما يعرف "طألسلوب الغاليلي" ‪،‬هذه املنه ية الف تعتمفد علف الت ريفد ‪ ،‬ففال تكفرتد كثفريا برصفد‬

‫انظر شومسكي (‪ chomsky )2017‬بنيان اللغة ‪،‬ترمجة الكلثم ‪ ،‬ص‪12 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪19‬‬
‫معطيات » ‪« data‬وتعقدها ‪،‬قدر ما ألتم ا حيدد خلفف هفذا التعقفد‪ .‬وتقتضفي هفذه املنه يفة " أن نضففي علف‬

‫املعطي ففات ففري املت انس ففة والغريب ففة ق ففدرا كب فريا م ففن الوض ففو "النيوت ففوين" ‪ ،‬أي ‪ :‬االهتم ففام بوض ففو النظري ففة ال الع ففال"‪.‬‬

‫ونكن أن نر هذا – كما كرت – يف اهتمام التوليدي طلقدرة اللغوية نفسفها الف أصفبحل فذه الرؤيفة موضفوعا‬
‫‪1‬‬
‫اردا عل الر م من واقعية معطيات اللغة ‪.‬‬

‫‪ .3.2.1‬مفهوما الكفاءة (املعرفة اللغوية ‪/‬القدرة) واألداء الكالمي (اإلجناز)‬

‫‪1‬انظر شومسكي (‪ chomsky )2017‬بنيان اللغة ‪،‬ترمجة الكلثم‪ ،‬ص‪13.‬‬

‫‪20‬‬
‫تعد ثنائية الكفاية اللغوية واألداء الكالمي من بني أهفم الثنائيفات الف متيفزت فا النظريفة التوليديفة لشومسفكي؛‬

‫فالكفاية هي املعرفة الضمنية بقواعد اللغة وهي القدرة عل توليفد اجلمفل وفهمهفا وعلف التمييفز بفني صفحيح الكفالم‬

‫وسفقيمه أي بففني اجلمففل النحويففة واجلمففل االحنففة ‪ ،‬بينمففا اإلجنففاز هففو متظهففر هففذه القففدرة يف عمليففة الففتكلم ‪ ،‬ويففذكر‬

‫أيضا أن اإلجناز خيضع ىلس عوامل نفسية متعددة ‪ ،‬وطلتاع فهو ال يعكس مباشرة قدرة املتكلم‪ .1‬ىلن كفل مفن نتلفي‬

‫لغة معينة قد اكتسيت يف اته وبصورة مفا تنظفيم قواعفد حتفدد الشفكل الصفو لل ملفة وقتواهفا الفدالع اخلفاص فهفذا‬

‫اإلنسففان قففد طففور يف اتففه مففا نسففميه طلكفايففة اللغويففة ال ف تعففك قففدرة املففتكلم ‪-‬املسففتمع املثففاع عل ف أن جيمففع بففني‬

‫األصفوات اللغويففة وبففني املعففاين يف تناسف وثيف مففع قواعففد لغتففه‪ .‬وإمكاننففا ترمجففة امففتالك اللغففة علف الصففعيد املبففدئي‬

‫طلقففدرة عل ف ىلنتففاج اجلمففل وفهمهففا وهففي بففذلي عمليففة هنيففة داخليففة‪.‬بينما اإلجنففاز فيمثففل الظففاهر املنطففوق للمعرفففة‬

‫الضمنية الكامنة يف اللغة‪.2‬‬

‫ىلن مفهففومي الكفايففة " (‪ )competence‬واألداء (‪)performance‬الففذين ظه فرا ألول مففرة بطريقففة جليففة يف‬

‫مؤل ففف شومس ففكي "مظ ففاهر النظري ففة الرتكيبي ففة" (‪ )1965‬يرتبط ففان فه ففومي اللغ ففة"(‪ )langue‬والك ففالم (‪)parole‬‬

‫اللذين استحدثهما دو سوسري ‪ ،‬ولكن شومسكي رفض فكرة "دو سوسري" القائلة رن "اللغة" كتلفة مفن املفادة‪ ،‬أو‬

‫"الكففالم" ‪ ،‬و هففيت ىلس التمييففز بففني الكفاي فة ال ف تتمثففل يف املعرفففة‬ ‫قائمففة مففن املفففردات‪ ،‬ال ف ينتقففي منهففا الشففخ‬

‫اللغوية الباطنية للفرد ؛أي اموعة القواعد ال تعلمها‪ .‬واألداء وهفو االسفتعمال الفعلفي للغفة يف املواقفف احقيقيفة ‪.‬‬

‫فالكفاية ىل ن نظام عقلي حت كامن خلف السلوك الفعلي‪ ،‬وعليه ف نه ري قابفل للدراسفة الت ريبيفة املباشفرة‪ ،‬ونكفن‬

‫لصففورة الكفففاءة واألداء أن تتوضففح أكثففر ىل ا علمنففا أن املتعلمففني ‪ -‬عل ف العمففوم جييففدون ىلج فراء العمليففات احسففابية‬

‫كففاجلمع‪ ،‬والقسففمة‪ ،‬والضففرب ‪،‬ولكففن ىل ا طلففيت مففنهم ىلج فراء عمليففة مففا‪ ،‬ف ف هنم حيتففاجون ىلس وقففل مففن الففزمن ‪ ،‬ومففع‬

‫فو مماثفل ‪،‬فف ن جفل النفاس تقريبفا نتلكفون مقفدرة لغويفة متكفنهم مفن اسفتعمال اللغفة‬ ‫هذا ف نه خيط فون أحيفاا‪ ،‬وعلف‬

‫‪ 1‬انظر شومسكي (‪ chomsky )2017‬بنيان اللغة ترمجة الكلثم‪ ،‬ص‪.11.‬بتصرف‬


‫‪ 2‬انظر ميشال زكراي(‪)1986‬امللكة اللسانية يف مقدمة ابن خلدون‪.‬ص‪.18.‬بتصرف‬

‫‪21‬‬
‫اسففتعماال جيففدا‪ ،‬ولكففنهم عنففد تطبيف هففذه املقففدرة خففالل الكففالم أو التلقففي قففد حيتففاجون ىلس وقففل للتفكففري‪ .‬وعل ف‬
‫‪1‬‬
‫الر م من هذا فقد يرتكبون بعض األخطاء‪.‬‬

‫يف األخري ىلس أن الكفاية اللغوية ملكة اتية خاصة تكلم اللغة الفذي ترعفرع ‪ ،‬بصفورة طبيعيفة يف البي فة‬ ‫خنل‬

‫لفففان (‪1952‬م) ه ففي ام ففوع القواعففد الض ففمنية ال ف يت فوافر‬ ‫ال ف يتكلمه ففا ‪ ،‬فالق ففدرة اللغويففة كم ففا يعرفه ففا مص ففطف‬

‫عليها املتكلم وجتعله قادرا عل ىلنتاج وأتويل ما ال حصفر لفه مفن اجلمفل النحويفة ‪،‬والشفيء فري اجلمفل النحويفة ؛ ىلن‬

‫القدرة ذا املعف هي املعرفة اللغوية ال يدخلها كل فرد متكلم بلغة معينة يف شكل قواعفد ؛ومتكنفه مفن ىلنتفاج مفا ال‬

‫حصفر لففه مففن اجلمففل النحويففة الف ل يسففب أن مسعهففا مففن قبففل‪ .‬أمففا األداء فهففو مفرتب طلت سففيد املففادي لنظففام اللغففة‬

‫والتنفيذ العملفي لقواعفد القفدرة وآليتهفا ‪ ،‬ىلنفه التحقيف الفعلفي للقواعفد الضفمنية الف نلكهفا الففرد املفتكلم عفن لغتفه ‪،‬‬

‫وينبغي اإلشارة هنا ىلس أن اإلجناز ليس دائما صورة مطابقة للقدرة الضمنية ال تتسم بطابع الت ريفد العفام ‪ ،‬فهنفاك‬

‫اموعة من العوامل ال تتداخل يف اإلجناز مما يقود ىلس عدد من التغريات املتفاوتة األمهيفة يف بنيفات األقفوال كاملقفام‬
‫‪2‬‬
‫والظروف ال ين ز فيها القول واحالة النفسية للمتكلم والتفاوت احاصل يف املستو الثقايف لألفراد‪...‬‬

‫‪.4.2.1‬مفهوم البنية العميقة والبينية السطحية‬

‫انظر أ د مومن (‪ )2005‬اللسانيات النشأة والتطور ‪،‬ص ‪211.210.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر لفان وآخرون (‪ )2010‬اللسانيات التوليدية من النمو ج ما قبل املعيار ىلس الرامج األدنوي‪ ،‬ص ‪41.43.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫ورد يف مع ففم لس ففان الع ففرب الب ففن منظ ففور م ففا يل ففي ‪ :‬البن ففاء‪ :‬املب ففك ‪ ،‬واجلم ففع أبني ففة ‪ ،‬وأبني ففات مج ففع اجلم ففع‬

‫واسففتعمل "أبففو حنيفففة" البنففاء يف السفففن فقففال يصففف لوحففا جيعلففه أصففحاب املراكففيت يف بنففاء السفففن ‪ :‬و ىلنففه أصففل‬

‫البناء فيما ال ينم كاح ر والطني والنحفوي ‪ ،‬والبنيفة والبنيفة ‪ :‬مفا بنيتفه وهفو البفف والبفف ؛ وأنشفد الفارسفي عفن أيب‬

‫احسففن ‪ :‬أول ففي قففوم ‪ ،‬ىلن بنففو أحسففنوا البففف ‪ ...‬وىلن عاهففدوا أوففوا ‪ ،‬وىلن عقففدوا شففدوا ‪ ،‬وقففال ففريه ‪ :‬يقففال بنيففة ‪،‬‬

‫وهي مثل رشوة ورشفا كفأن البنيفة اهليفأة الف بفك عليهفا مثفل املشفية والركبفة وبفف ففالن بيتفا بنفاء وبفف ‪ ،‬مقصفورا شفدد‬

‫وحتليففل اخلطففاب دراسففة مع ميففة أن‬ ‫للكثففرة‪ 1.‬وجففاء يف مع ففم املصففطلحات اللسففانية األساسففية يف لسففانيات الففن‬

‫البنية العميقة هي القواعد ال أوجدت التتابع بني الكلمات‪ ،‬وهفي الف تتمثفل يف هفن املفتكلم املسفتمع املثفاع ؛أي‬

‫ىلس خارجففه‬ ‫أهنففا عبففارة عففن حقيقففة عقليففة يعكسففها التتففابع اللفظففي لل ملففة بعففدا تففداوليا يقصففد بففه جتففاوز عمف الففن‬

‫واالهتمام بعالقة العالمة اللسانية طملستعمل من حيث أتديته للخطاب‪ ،‬بينما البنية السطحية كما يراها شومسفكي‬
‫‪2‬‬
‫فهي البنية الظاهرة عر تتابع الكلمات ال تصدر عن املتكلم ‪.‬‬

‫ىلن أول من استعمل مصطلح "البنية السطحية" و"البنية العميقة" هو تشفارلز هوكيفل (‪)2000-1916‬‬

‫‪ Charles F Hockett‬يف مؤلفففه الشهري"قاضففرة يف اللسففانيات احديثففة "‪ .‬ولكففن هففا ين املصففطلحني ل يظه فرا‬

‫القفول ىلن لكفل مجلفة بنيتفني بنيفة‬ ‫عند شومسكي بطريقة جلية ىلال يف "مظفاهر النظريفة الرتكيبيفة" (‪ .)1965‬وملخف‬

‫عميقففة وبنيففة سففطحية ‪ .‬أمففا البنيففة العميقففة فهففي شففكل جتريففدي داخلففي يعكففس العمليففات الفكريففة ‪ ،‬ونثففل التفسففري‬

‫الدالع الذي تشت منه البنيفة السفطحية مفن خفالل سلسفلة مفن اإلجفراءات التحويليفة ‪ .‬وأمفا البنيفة السفطحية فتمثفل‬

‫اجلملففة كمففا هففي مسففتعملة يف عمليففة التواصففل أي يف شففكلها الفيزايئففي بوصفففها اموعففة مففن األص فوات أو الرمففوز ‪.‬‬

‫وحسيت التحويليني ف ن هاتني اجلملتني ‪ " :‬كتيت أ فد الرسفالة " و "كتبفل الرسفالة مفن قبفل أ فد " ال ختتلففان ىلال‬

‫‪ 1‬انظر ابن منظور(‪711‬ه) مع م لسان العرب ‪،‬ص‪365.‬‬


‫وحتليل اخلطاب ‪،‬دراسة مع مية‪ ،‬ص‪95.‬‬ ‫‪ 2‬انظر نعمان بوقرة(‪ )2009‬مع م املصطلحات األساسية يف لسانيات الن‬

‫‪23‬‬
‫مففن الناحيففة الرتكيبيففة ؛ أي عل ف مسففتو البينيففة السففطحية ‪ ،‬ولكنهمففا مرتبطتففان ارتباطففا وثيقففا ىلن ل نقففل متطابقتففان‬
‫‪1‬‬
‫عل مستو البنية العميقة ‪.‬‬

‫لتوضففيح الصففورة أكثففر حففول مفهففوم البنيففة العميقففة والبنيففة السففطحية ال رس مففن العففودة ىلس اهليكففل العففام‬

‫للنمو ج املعيار الذي يعد أحد أهم أطوار النظريفة التوليديفة لنتعفرف علف موقعهمفا ضفمن مسفتوايت التمثيفل يف هفذا‬

‫شومسكي أن كل مجلة تتوافر علف بنيتفني ‪ :‬بنيفة عميقفة وبنيفة‬ ‫النمو ج والقواعد املتحكمة يف توليدمها ‪،‬فقد افرت‬

‫سففطحية يففتم ال فرب بينهمففا بواسففطة اموعففة مففن القواعففد التحويليففة حيففث ىلن كففل زوج (بنيففة عميقففة وبنيففة سففطحية‬

‫يتفوافر علف أتويففل دالع وأتويفل صفو ‪.2‬ىلن املعرفففة الضفمنية بقواعففد اللغفة عنفد كففل ففرد مفتكلم ‪ ،‬أو مففا يسفم عففادة‬

‫"بسليقة املتكلم" ‪ ،‬نكن اعتبارها متتالية من الدخالت واخلرجات ال نكن أن جيسدها الرسم املبيان اآل ‪:‬‬

‫انظر أ د مومن (‪ )2005‬اللسانيات النشأة و التطور‪ ،‬ص‪212.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر مصطف لفان وآخرون (‪ )2010‬اللسانيات التوليدية من النمو ج ما قبل املعيار ىلس الرامج األدنوي‪ ،‬ص‪110.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪24‬‬
‫األساس‬

‫القواعد املقولية‬

‫قواعد الدمج‬
‫املعجم‬
‫املعجمي‬

‫البنيات العميقة‬

‫القواعد التحويلية‬

‫البنيات السطحية‬
‫املكون الدالل‬

‫القواعد الصواتية‬

‫التمثيالت الداللية‬ ‫التمثيالت الصوتية‬

‫‪25‬‬
‫يتبففني مففن خففالل الرسففم املبيففاين أعففاله أن البنيففة العميقففة يولففدها املكففون األسففاس ‪ ،‬وتكففون دخففال للمكففون التحففويلي‬

‫واملك ففون ال ففدالع ‪ ،‬بينم ففا تس ففتعمل البني ففة الس ففطحية ال ف يول ففدها املك ففون التح ففويلي دخ ففال للمك ففون الص ففو ‪ .‬وينبغ ففي‬

‫التنبيه هنفا ىلس أن مسفتوايت التمثيفل يف النمفا ج التوليديفة تتغفري مفن منفو ج ىلس آخفر تبعفا للتطفورات والتعفديالت الف‬
‫‪1‬‬
‫ختضع هلا هذه النما ج‪.‬‬

‫انظر‪ :‬لفان (‪ )2010‬اللسانيات التوليدية من النمو ج ما قبل املعيار ىلس الرامج األدنوي ‪ ،‬ص ‪110.111.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪26‬‬
‫الفــــــصـــــــل الــــــثــــــــانــــــــــي ‪:‬‬

‫تـــــــحــــديـــــد مضـــــــــامـــــــين فــــــــصـــول الـــكتــاب‬

‫‪27‬‬
‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيد‬

‫هذا الفصل لتحديد مضامني فصول الكتاب قيد الدراسفة والتحليفل الفذي مت فيفه مناقشفة عفدد مفن‬ ‫لقد خص‬

‫القض ففااي األساس ففية املتعلق ففة بدراس ففة اللغ ففة وال ففذهن‪ .‬ومتث ففل اموع ففة ه ففذه املق ففاالت املوزع ففة يف س ففبعة فص ففول توض ففيحا‬

‫ألفكار وتصورات اشتهر ا شومسكي منذ أمد طويل‪ ،‬أمهها أن جزءا كبريا من معرفتنا طللغفة قفدد وراثيفا ‪،‬وأن كفل‬

‫اللغففة اجلوهريففة موجففودة يف الففذهن منففذ البدايففة ‪ .‬ويف حتديففدا ملضففامني هففذه الفصففول السففبعة مففل يف أن‬ ‫خصففائ‬

‫نكففون قففد جنحنففا يف أن نبففني املنظففور الففداخلي عنففد شومسففكي يف دراسففة اللغففة ‪،‬ويف الوقففل نفسففه أن نقففدم شففرحا‬

‫ختصرا ىلس حد ما حملتوايت هذا الكتاب الذي يعتر ىلضافة نوعية للدراسة الفلسفية للذهن واللغة ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪.1.2‬مضمون الفصل األول ‪ :‬آفاق جديدة يف دراسة اللغة‬

‫حتظ دراسفة اللغفة طهتمفام كبفري ومكانفة مميفزة عنفد العلمفاء والبفاحثني واملنظفرين هلفا عفر التفاريل ‪ ،‬فقفد كانفل‬

‫بدايتها عند اهلنود واليوانيني القدماء ‪ ،‬وهي بذلي واحفدة مفن أقفدم ففروع الدراسفة املنه يفة ‪ .‬فري أن مفا قفدم اليفوم‬

‫ومففا أجنففز مففن دراسففات وأحبففاد يف هففذا اجملففال ومففا بعففث مففن أفكففار جديففدة حففول اللغففة قففد فففتح الطريف لبنففاء تصففور‬

‫علمففي جديففد حقيقففة اللغففة اإلنسففانية‪ .‬ونكففن القففول ىلن هففذا الفصففل املعنففون بف فف"آفاق جديففدة يف دراسففة اللغففة " هففو‬

‫ثاب ففة مقدمف ففة ختص ففرة ف ففري تقني ففة لتفكف ففري شومسف ففكي (‪ chomsky )1928‬يف الوق ففل الف فراهن ع ففن طبيعف ففة امللكف ففة‬

‫اللغوية‪ ،‬وتسع ىلس ىليضا مكان أفكفاره يف ىلطارهفا التفارخيي والفكفري؛ أي التقاليفد اجلاليليفة والديكارتيفة [نسفبة ىلس‬

‫اليلو(‪1642-1564‬م) ‪ Galilée‬وديكارت (‪1650-1596‬م) ‪.]Descartes‬‬

‫وتوصففف امللكففة اللغويففة رهنففا "عضففو للغففة " طملعففف نفسففه الففذي يتحففدد بففه العلمففاء عففن نظففام الففدورة الدمويففة‬

‫ونظ ففام اإلبص ففار ونظ ففام املناع ففة ‪ .‬وك ففل لغ ففة ه ففي يف احقيق ففة حص ففيلة لتفاع ففل ب ففني ع ففاملني مه ففا ‪ :‬احال ففة األوس(الق فدرة‬

‫البيولوجيف ففة ومسف ففار الت ربف ففة‪،‬ونكن أن ننظف ففر ىلس احالف ففة األوس رهنف ففا جهف ففاز الكتسف ففاب اللغف ففة خف ففذ الت ربف ففة دخف ففال‬

‫ويعطفي اللغففة خرجففا ؛أي خرجففا نثففل داخليففا يف الففذهن‪.‬كما يظهفر فاحالففة األوس مشففرتكة بففني أففراد النففوع البشففري ‪،‬‬

‫فلو افرتضنا أن طفال ىلجنليزاي نشأ يف بي ة ايطنية فحتما سيتحدد اللغة الياطنية وليس اللغة اإلجنليزية‪.‬‬

‫حقيق ففة اللغ ففة اإلنس ففانية ‪.‬ىل حت فول‬ ‫ىلن النح ففو التولي ففدي ففذا املع ففف ق ففد ش ففكل ث ففورة معرفي ففة هائل ففة فيم ففا خي ف‬

‫االهتمفام مففن مالحظفة السففلوك والنتففائج احملصفلة منففه ىلس اآلليففات الداخليفة الف تففدخل يف التفكفري والفعففل ؛ أي ففو‬

‫االهتم ففام الي ففات ال ففذهن الداخلي ففة والط ففرق ال ف تنف ففذ ففا ه ففذه اآللي ففات األفع ففال وت ففؤول ففا الت رب ففة ‪.‬كم ففا أعي ففدت‬

‫صيا ة كثري من الفهوم العميقة يف أواس القرن العشفرين بفضفل التطفور احاصفل يف العلفوم الصفورية الفذي مكفن مفن‬

‫فهففم واضففح املعففال لفكففرة أن اللغففة تتميففز طسففتخدام ففري قففدود لوسففائل قففدودة‪ .‬وقففد اهتمففل النظريففة التوليديففة منففذ‬

‫بداايألا إجياد حل ملشكلة اكتساب اللغة لفد الطففل ؛ لفي أن األطففال منفذ األطفوار املبكفرة يعرففون أكثفر بكثفري‬

‫‪29‬‬
‫مما توفره الت ربة ؛حيفث يكتسفيت الطففل الكلمفات عفدل كلمفة يف السفاعة ‪ ،‬طلفر م مفن التعفر احملفدود جفدا للغفة‬

‫وحدوث ففه يف ظ ففروف امض ففة‪ .‬مم ففا جيع ففل عملي ففة االكتس ففاب ه ففذه ش ففبيهة بنم ففو األعض ففاء عموم ففا فه ففي ش ففيء حي ففدد‬

‫للطفل ال شيء ين زه ‪.‬‬

‫لقد أضحل القضفية املركزيفة للدراسفة احديثفة للغفة هفي كيفف نكفن أن نبفني أن اللغفات مجيعهفا ال تعفدو أن‬

‫تكون تنوعات لشيء واحد يف الوقفل الفذي نرصفد فيفه خصائصفها الصفوتية والدالليفة املتشفابكة بصفورة دقيقفة ‪.‬وهفو‬

‫ففو كففل لغففة أن‬ ‫مففا يعففك ىلمكانيففة بنففاء أ ففاء كليففة صففاحة لوصففف مجيففع اللغففات الطبيعيففة بففدون اسففتثناء‪ .‬حبيففث علف‬

‫الف‬ ‫حيق ف شففرطني مففن الكفايففة أوال‪ :‬الكفايففة الوصفففية ونعففك ففا قففدرة النحففو عل ف تقففدص وصففف دقي ف للخصففائ‬

‫يعرفهففا كففل مففتكلم عففن لغتففه‪ .‬بينمففا حتقف شففرط الكفايففة التفسففريية فهففو مرهففون بقففدرة النظريففة اللسففانية علف أن تبففني‬

‫كيففف نكففن أن تشففت أيففة لغففة مففن احالففة األوس املتماثلففة عنففد البشففر حتففل شففروط احففدود الف تفرضففها الت ربففة ؛أو‬

‫طألحر تفسري مشكل اكتساب اللغة عند الطفل ‪.‬لذلي جند النحو التوليفدي يف مراحلفه املتطفورة خاصفة يف منفو ج‬

‫املبففاد و الوسففائ يسففتغك عففن أنظمففة القواعففد ال ف كانففل متعارفففة يف النمففا ج التوليديففة السففابقة (منففو ج القواعففد‬

‫التعبفريات اللغويفة أو‬ ‫املركبية ليتم تعفويض هفذه القواعفد بفاد عامفة للملكفة اللغويفة‪ .‬وهفي تتفاعفل لتنفتج خصفائ‬

‫ما يسم طلوسفائ وهفي عبفارة عفن خيفارات متاحفة ات قيمتفني تسفمح بتحديفد التنفوع احاصفل بفني نظفم القواعفد‬

‫اخلاصففة‪ .‬ومنثففل هلففذه احقيقففة رن احالففة األوس للملك فة اللغويففة نكففن أن ننظففر ىلليه فا أهنففا شففبكة قففارة موص فولة بل ففو‬

‫مفاتيح ‪ ،‬وتتكون هذه الشبكة من مباد عامة‪ ،‬أما املفاتيح فتمثل اخليارات املعينة ال حتددها الت ربة ‪.‬‬

‫والوسففائ والطريقففة ال ف‬ ‫وقففد حففددت املهمففة الرئيسففية ضففمن هففذا الففرامج للبحففث يف أن نكتشففف املبففاد‬

‫تتفاع ففل فيم ففا بينه ففا ونوض ففحها ‪،‬ون ففدرس ك ففذلي بع ففض املظ ففاهر األخ ففر للغ ففة واس ففتخدامها‪ .‬وجي ففيت أن تص ففاغ ه ففذه‬

‫األس لة بصورة أكثر حتديدا‪ ،‬وهناك أكثر من طريقفة للسفري يف هفذا االجتفاه ‪ .‬لفي أن امللكفة اللغويفة مدافة يف البنيفة‬

‫األوسع للذهن وتتفاعل مفع األنظمفة األخفر الف تففر شفروطا جيفيت أن تتوافف مفع اللغفة‪ ،‬وهفذه الشفروط تسفم‬

‫‪30‬‬
‫بش ففروط املقروئي ففة (‪ )Legibility conditions‬واملقص ففود ب ففذلي أن يك ففون طس ففتطاعة األنظم ففة األخ ففر ق فراءة‬

‫تعبفريات اللغففة وأن تسففتخدمها بوصفففها "تعليمففات" للفكففر والفعل‪.‬كففأن يكففون طسففتطاعة األنظمففة العصففبية احركيففة‬

‫ق فراءة التعليمففات ات الصففلة طلصففوت؛ أي التمثففيالت الصففوتية ال ف ولففدألا اللغففة‪ ،‬وقففد شففكل بففرامج احففد األدىن‬

‫جهفدا موجهفا لتقصفي هفذه املسفائل‪ ،‬والفذي يقفوم إخضفاع االفرتاضفات التقليديفة للتقصفي املتفأين مفن مثفل قضفية أن‬

‫للغفة صفوا وداللففة الف أعيففدت صفيا تها ىلس الفدعوة الف تقضفي رن امللكففة اللغويفة تلتقفي طألنظمففة األخفر للففذهن‬

‫عند "مستويني وجيهيني" يتصل أحدمها طلصوت واآلخر طلداللة ‪.‬‬

‫فري املسفتويني الفوجيهيني ؛أي‬ ‫السؤال الذي قد يتبادر ىلس أ هاننا هنا هو ىلن كانفل هنفاك مسفتوايت أخفر‬

‫سفتوايت البنيفة السفطحية والبنيفة العميقفة؟ حيفث نثفل بفرامج‬ ‫هل توجد مستوايت داخليفة للغفة خاصفة فيمفا يتعلف‬

‫احففد األدىن هففذا الففذي اقرتحففه شومسففكي يف التسففعينيات قاولففة جذريففة إلعففادة التفكففري يف أسففس مشففروع البحففث‬

‫اللسففاين‪ ،‬وهففو يتخل ف عففن الصففيا ففري الضففرورية ال ف ال تفرضففها الضففرورة اإلختباريففة ‪ ،‬بففل ح ف تلففي االخرتاعففات‬

‫الناجحة كمستو البنية العميقة ومستو البنية السطحية‪ .‬وتفر شروط املقروئية هذه تفريعفا ثالثيفا للسفمات الف‬

‫جتمع يف الوحدات املع مية‪:‬‬

‫أ‪.‬مسات داللية وتؤول عند املستو الوجيهي الدالع‬

‫ب‪ .‬مسات صوتية وتؤول عند املستو الوجيهي الصو‬

‫ج‪ .‬مسات ال تؤول عند أي من املستويني الوجيهيني‬

‫ىلن كففل مسففة يف اللغففة املصففممة تصففميما قكمففا ىلمففا مسففة دالليففة أو صففوتية‪ ،‬وال وجففود أليففة مسففات صففورية ففري‬

‫مؤولففة‪ ،‬فلففيس هنففاك أتويففل لففبعض السففمات الصففورية النمطيففة كاحالففة اإلعرابيففة البنيويففة كففالرفع والنصففيت يف الالتينيففة‪.‬‬

‫وأيضا خصيصة اإلزاحة وهي من أكثر مظاهر اللغة شيوعا‪ .‬وكلها مسات تظهر جانبا مفن عفدم اإلحكفام يف اللغفة ‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫وتنفف ففذ خصيصف ففة اإلزاحف ففة قتضف ف التحف ففويالت النحويف ففة أو بوسف ففائل أخف ففر ‪ .‬والسف ففبيت الف ففذي يوجف ففيت وجف ففود هف ففذه‬

‫اخلصيص ففة يف اللغ ففة أم ففر الف ففل للنظ ففر‪ ،‬ويف اعتق ففادا يع ففود ىلس الظ فواهر الف ف كان ففل توص ففف يف ض ففوء أتوي ففل البني ففة‬

‫الس ف ف ف ففطحية وكث ف ف ف ففري منه ف ف ف ففا م ف ف ف ففألوف يف النح ف ف ف ففو التقلي ف ف ف ففدي كاملبت ف ف ف ففدأ واخل ف ف ف ففر)‪ (topic-comment‬والتخص ف ف ف ففي‬

‫)‪. specificity‬‬

‫ويتكون اإلجراء احوسن األمثفل مفن عمليفة "أدمفج" والعمليفات الف تصفوغ خصيصفة اإلزاحفة؛ أي العمليفات‬

‫التحويلية الف مت اختزاهلفا يف أبسف شفكل هفي قاعفدة أنقفل ‪.‬وتعفك أساسفا أنقفل أيفة وحفدة ىلس أي مكفان ‪ .‬واملسفألة‬

‫األخففر هففي أن نبففني أن السففمات الف ال نكففن أتويلهففا هففي حقففا اآلليففة الف تنفففذ خصيصففة اإلزاحففة‪ .‬وهففو مففا يعففك‬

‫اختزال النوعني األساسيني من عدم اإلحكام يف النظام احوسن ىلس نوع واحد‪ .‬وقفد سفع النحفو التوليفدي املعاصفر‬

‫ىلس تن ففاول االهتمام ففات ال ف ش ففغلل أنظ ففار التوجه ففات التقليدي ففة خاص ففة الفك ففرة الديكارتي ففة ال ف مفاده ففا أن الف ففارق‬

‫احقيقي بني البشر واملخلوقفات األخفر أو اآلالت هفو قفدرة البشفر علف التصفرف طلطريقفة الف يروهنفا أوضفح متثيفل‬

‫يف االسففتخدام العففادي للغففة ‪،‬ويسففع كففذلي ىلس اإلسففهام يف دراسففة كيفيففة اسففتخدام هففذه اآلليففات طلطريقففة اخلالقففة‬

‫للحياة العادية ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪.2.2‬مضمون الفصل الثاين‪:‬تفسي استخدام اللغة‬

‫يسففتهل شومسففكي هففذا الفصففل املعنففون ب"تفسففري اسففتخدام اللغففة " بنقففد بعففض التصففورات واآلراء الفلسفففية‬

‫ال تر أن اللغة شأن خارجي‪ ،‬وأن وجودهفا وجفود مفادي طألساس‪.‬خاصفة الفيلسفوف األمريكفي املعاصفر هفيالري‬

‫بتنفام (‪ Hilary putnam )2016-1926‬الفذي يقفول بصفعوبة تفسفري بعفض الظفواهر املتعلقفة بفبعض القفدرات‬

‫البشرية ‪ ،‬ويف مقفدمتها "تكلفم اللغفة "‪ .‬ويعفود لفي حسفيت اعتقفاده ىلس أن هفذه الظفواهر ال نكفن تفسفريها نظفراي ‪،‬‬

‫ىلال ىل ا أخذت ضمن منو ج كامفل للتنظفيم الفوظيفي ‪ ،‬مفع أننفا نعلفم أنفه مفن الصفعيت الظففر بنمفو ج تفسفريي مفصفل‬

‫للنوع الطبيعي "البشر "‪ .‬وقد أورد بتنام يف نقده احاد للنزعة الذهنيفة احملنكفة بعفض امللحوظفات املتممفة عفن البحفث‬

‫النظففري الففذي ر ففا لفن يسففاعدا يف تفسففري " تكلففم اللغففة" ‪،‬ومنهففا أن احتمففال اكتشففاف العلففوم املتخصصففة يف دراسففة‬

‫الدماغ والذهن قد يكون مفيدا وىلضافة نوعية لعلم النفس وعلفوم الفدماغ ‪ ،‬لكنفه لفن يفيفدا شفي ا يف دراسفة املسفائل‬

‫اللغويففة خاصففة والقففدرات البش فرية عامففة‪ .‬وهففذا يعففك أن مثففل هففذه التصففورات واالهتمامففات (تصففور "بشففر" وتصففور‬

‫"تكلم اللغة " حسيت بتنام ال نكن أن تدخل يف الوقل الفراهن ضفمن النظفرايت التفسفريية الف تنتمفي ىلس البحفث‬

‫العلمي الطبيعي‪ .‬فما منلكه من تصورات عن اإلنسان ال يعدو أن يكون جزءا من فهمنا البفديهي له‪،‬والشفيء نفسفه‬

‫طلنسبة للتصورات البديهية عموما‪ ،‬فهي ال تصلح ألن تكون موضوعا للبحث العلمي الطبيعي‪.‬‬

‫الواض ففح أن شومس ففكي ي ففرفض وينتق ففد بش ففدة مث ففل ه ففذه التوجه ففات ‪ ،‬ويؤس ففس حقيق ففة جوهري ففة تكم ففن يف‬

‫الرهنففة اجلديففدة عل ف وجهففة النظففر الداخليففة للغففة‪ .‬وأن أكثففر معاجلففات اللغففة جناحففا هففي تلففي ال ف تصففاغ يف ضففوء‬

‫احوسبات ال جتفر علف التمثفيالت الذهنيفة الداخليفة ‪،‬وهفو اجملفال الفذي جنفد فيفه ىلسفهاماته التقنيفة العظيمفة ‪ .‬وقفد‬

‫قففدم شومسففكي يف هففذا الفصفل أمثلففة ختلفففة لففبعض الكلمففات واألفكففار الف ال تصففلح طبيعتهففا ألن تكففون ضففمن‬

‫أهففداف البحففث العلم في‪ ،‬ومنهففا عل ف سففبيل املثففال الكلمففات ال ف تفتقففد ىلس البنيففة العالئقيففة الداخليففة ومففن أبرزهففا‬

‫مصفطلحات األنفواع الطبيعيفة‪ .‬ونعفك طلبنيفة العالئقيفة الداخليفة)‪ (internal relational structure‬اخلصفائ‬

‫‪33‬‬
‫ال‬ ‫االنتقائيففة لكلمففات مثففل أعطف الف تنتقففي فففاعال منفففذا ومفعففوال قففورا ومفعففوال ففري مباشففر هففدفا وهفي خصففائ‬

‫تتوفر يف كلمات مثل "قطة" و"سائل" ‪.‬‬

‫الكلمفات‬ ‫وقد أصبح من املمكن اآلن بعد مسار من التقدم يف البحث العلمي اقفرتا نظفرايت نكنهفا ختلفي‬

‫م ففن البق ففااي املض ففللة للفه ففم الب ففديهي ‪ ،‬مث ىلقام ففة ص ففلة بينه ففا وب ففني بع ففض الوح ففدات املفرتض ففة ‪ ،‬ويع ففني هل ففا مك ففان يف‬

‫مصف فففوفة مف ففن املبف ففاد كاألعف ففداد احقيقيف ففة‪ .‬وقف ففد حف ففذر سرتاوسف ففن يف هف ففذا الصف ففدد ممف ففا مسف ففاه ب ف ف" خرافف ففة اسف ففم العلف ففم‬

‫املنطق ففي"يف اللغ ففة الطبيعي فة واخلراف ففات ات الص ففلة ب ففه ال ف تع ففف إش ففارات التواف ف والض ففمائر‪.‬كما أن األحب ففاد ال ف‬

‫أجنزت مؤخرا عن النشاط الكهرطئي للدماغ تكشف عفن اسفت اطت متمفايزة للتعبفريات اللغويفة الصفحيحة واملخالففة‬

‫وتتمثل هذه املخالفات والتمايزات يف‪:‬‬

‫أ‪ -‬التوقعات عن معف الكلمة‬

‫ب‪ -‬قواعد البنية املركبية‬

‫ج‪ -‬قيد دقة حتديد اإلحالة بعد استخراج الرواب‬

‫ت‪ -‬قيود احمللية عل النقل‬

‫ومففن الواضففح أن هلففذه النتففائج صففلة قويففة بدراسففة اس فتخدام اللغففة وبدراسففة املعففف خاصففة‪ .‬وبنففاء عليففه فقففد بففني‬

‫شومسففكي اموعففة املسففتوايت الف يففتم فيهففا دراسففة الفذهن‪ ،‬كالففذرات‪ ،‬واخلففالاي ‪ ،‬واموعففات اخلففالاي ‪ ،‬والشففبكات‬

‫العصف ففبية‪ ،‬واألنظمف ففة التمثيليف ففة احوسف ففبية ىلس آخف ففره ‪.‬وتعتف ففر هف ففذه األخف ففرية أي نظف فرايت التمثف ففيالت احوسف ففبية أفضف ففل‬

‫النظ فرايت العلمي ففة الطبيعي ففة للغ ففة واس ففتخدامها أتسيس ففا ‪ ،‬يف الوق ففل ال فراهن ‪ ،‬فه ففي تتمت ففع بق ففدر أعل ف م ففن التأيي ففد‬

‫اإلختبفاري ‪ ،‬مقارنففة ببففاقي املسفتوايت األخففر ‪،‬وتقففع ضففمن العلفوم الطبيعيففة ىلس حففد ال تبلغفه دراسففة اسففتعمال اللغففة‬

‫يف هففذه املسففتوايت‪ .‬وإمك ففان هففذه النظريففة ك ففذلي أن تقففدم لنففا بع ففض اإلرشففادات للبحففث ع ففن العناصففر واملب ففاد‬

‫‪34‬‬
‫ات الصلة يف بنية الدماغ ‪ ،‬بشكل ال يبعد عمفا وفرتفه الكيميفاء يف القفرن التاسفع عشفر مفن شفروط اختباريفة حامسفة‬

‫للمراجعة اجلذرية للفيزايء األساسية‪.‬‬

‫كم ففا متكن ففل أيض ففا مق ففارطت التمث ففيالت احوس ففبية م ففن تق ففدص أفض ففل التفس فريات العلمي ففة الطبيعي ففة وأكثره ففا ففف‬

‫للمظ ف ففاهر األساس ف ففية الس ف ففتخدام اللغ ف ففة‪ .‬ويتعل ف ف األم ف ففر بتص ف ففور أس ف ففاس أال وه ف ففو اإلج ف فراء التولي ف ففدي ال ف ففذي يك ف ففون‬

‫الصفوتية والدالليففة والبنيويففة ‪.‬وهفو ىلجفراء‬ ‫"األوصففاف البنيويففة"؛ حيففث يكففون كففل منهففا اموعففا معقففدا مففن اخلصففائ‬

‫داخلففي وفففردي ومفهففومي‪ .‬وقففد أشففار هنففا شومسففكي ىلس أن هففذا اإلج فراء التوليففدي الففذي يسففميه طللغففة " د " هففو‬

‫خصيصففة للفذهن وعنصففر قففار نسففبيا للحفاالت املتحولففة للملكففة اللغويففة‪ .‬وأن أي تعبففري لغففوي أي كففل وصففف بنيففوي‬

‫يتضمن أنظمة لألداء تفؤدي دورا يف النطف والتأويفل والتعبفري عفن االعتقفادات والر بفات واإلحالفة وسفرد احكفاايت ‪.‬‬

‫وهذه األنظمة تتبع منطني عامني ‪ :‬األول نطقي‪-‬ىلدراكي ‪ ،‬والثاين تصوري قصدي‪.‬‬

‫ويثري نقا اللغة واستخدامها عددا من املسائل املتعلقة طلبنية املشرتكة ‪ ،‬كاجلماعفات بلغاألفا‪ ،‬واللغفات املشفرتكة‬

‫عففر ثقافففة أوسففع‪ .‬ول يسففتطع أحففد ىلس اآلن صففيا ة مفهففوم دقيف "للغففة املشففرتكة" ريففة طريقففة مفيففدة أو متماسففكة ‪،‬‬

‫ر فم تقففدص بعففض املقرتحففات الف ارتففب جلهففا طلقففرب املكفاين والتشففابه يف املظهففر‪ .‬وكففل مقاربففة لدراسففة اللغففة تعتمففد‬

‫عل ف مث ففل ه ففذه املف ففاهيم مش ففكوك فيه ففا ىلس أبع ففد اح ففدود‪.‬كما أن للعوام ففل االجتماعي ففة املزعوم ففة يف اس ففتخدام اللغ ففة‬

‫أتوي ففل ف ففردي طبيع ففي؛ أي أتوي ففل داخل ففي‪ ،‬ف ف ا افرتض ففنا أن شخص ففني حي ففاوالن ىلج ففادة اللغ ففة اإليطالي ففة م فثال ف هنم ففا‬

‫يسفريان ىلس التشففابه ‪،‬مففع تنففوع طريقهمففا لالقفرتاب مففن النمففو ج‪ .‬وينتهففي هففذا الفصففل بتقففدص اموعففة مففن التصففورات‬

‫عن تفسري استخدام اللغة ‪ ،‬مع التأكيد عل أن دراسة أنظمة التمثيل احوسن ‪ ،‬ويشفمل لفي "الداللفة الداخليفة "‬

‫أكث ففر أش ففكال البح ففث العلم ففي الطبيع ففي‪ .‬أم ففا فه ففم أنظم ففة األداء فم ففا ي فزال يف بداايت ففه‪ ،‬لكن ففه ي ففدخل يف ح ففدود ه ففذا‬

‫البحث من زوااي معينة يف األقل ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪.3.2‬مضمون الفصل الثالث‪ :‬اللغة و التأويل ‪ :‬التأمالت الفلسفية و البحث االختباري‬

‫متيففزت الفلسفففة خففالل األربعففني سففنة املاضففية بففروز تيففارات فلسفففية تبففدو مثففرية لكشففكال مففن بعففض الففزوااي‪.‬‬

‫ونقصد هنا املقارطت ال تنطل مفن بعفض التصفورات للكيفيفة الف يفدرس فا العفال االختبفاري اللغفة أو ينبغفي لفه أن‬

‫يدرسففها ففا‪ ،‬كمففا جنففد الطففر نفسففه عنففد ويففالرد كففوين (‪ willard Quine)2000-1908‬ودوالففد دفدسففون‬

‫(‪ donald davidson )1908-2000‬ىلس جانفيت طحثفني آخفرين ممفن كانفل هلفم توجهفات ختلففة مثفل‪ :‬مايكفل‬

‫دوميل (‪ Dummet Michael )2011-1925‬وكثري ممن تتأثروا بفنغنشتني وبفالسفة اللغة حتديدا‪ .‬وكما يظهفر‬

‫مففن مالحظففة رور (‪ Rorty )2007-1931‬أن"اللسففاين امليففداين" (أول ففي الففذين يقومففون طلبحففث اللسففاين فعففال ‪،‬‬

‫ويشففري كففذلي ىلس الطريقففة الف ينبغففي ملثففل هففذا البحففث أن ين ففز ففا أو العففال االختبففاري جيففيت أن يهففتم الحظففة‬

‫فري اللغويفة أثنفاء تفاعفل مفتكلم اللغفة األصفلي مفع‬ ‫الطريقة ال يتألف ا السفلوك اللغفوي مفع أنفواع السفلوك األخفر‬

‫بي ت ففه‪ .‬وم ففرد ه ففذا التص ففور يع ففود ىلس آراء ك ففوين ودفيدس ففون الل ففذان يتفق ففان أن " نظري ففة املع ففف" ه ففي م ففا يتحص ففل م ففن‬

‫البحث االختباري يف السلوك اللغوي حني يقام به بطريقة مالئمة ‪.‬‬

‫وقففد أكففد دوميففل أن املعففف األسففاس الففذي جيففيت علينففا أن نفهففم بففه تصففور اللغففة هففو لففي الففذي تكففون بففه‬

‫اللغففة اهلولنديففة واللغففة األملانيففة لغتففني ختلفتففني حبيففث تكففون كففل واحففدة منهمففا ممارسففة اجتماعيففة ينخففرط فيهففا النففاس‪.‬‬

‫كما أن اقرتاحه هذا له صلة قوية طلدراسفة اإلختباريفة للغفة ‪ ،‬فف ا اعتفرا تصفور دوميفل أساسفيا للبحفث االختبفاري‬

‫الفلسفية حقفا ‪ ،‬فف ن الفلسففة أو البحفث العلمفي للغفة والسفلوك ‪ ،‬أو لكليهمفا يواجهفان مشفكالت مجفة ‪،‬‬ ‫وأل را‬

‫لي أن تصور اللغة الذي يراه دوميل أساسيا يتضمن عناصر اجتماعية‪-‬سياسية وارخيية وثقافية ومعياريفة معقفدة‬

‫و امض ففة‪.‬كما ه ففو اح ففال طلنس ففبة لدراس ففة اكتس ففاب اللغ ففة ‪ ،‬ف ففنحن نق ففول‪ ،‬يف االس ففتخدام الع ففادي ‪ ،‬ىلن الطف ففل و‬

‫السنوات اخلمس والبالا األجنفن يسفريان فو اكتسفاب اللغفة اإلجنليزيفة ‪،‬لكننفا ال منلفي وسفيلة لوصفف لفي الشفيء‬

‫الذي نتلكانه‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وىل ا أخففذا اللغففة عل ف أهنففا ممارسففة اجتماعيففة كمففا تصففورها هففذه املناقشففات سففيكون مففن املغففري أن ننظففر ىلس‬

‫معرف ففة اللغ ففة عل ف أهن ففا الق ففدرة املتعلم ففة م ففن أج ففل القي ففام ث ففل ه ففذه املمارس ففات ؛ أي طعتباره ففا ق ففدرة نك ففن ممارس ففتها‬

‫طلففتكلم والفهففم والقفراءة واحففديث ىلس الففنفس ىلس آخففره‪ .‬عففف أن معرفففة لغففة مففا ال تعففدو امففتالك القففدرة علف القيففام‬

‫ثل هذه األمور ‪ ،‬وهو مفا يتطفاب مفع الفهفم الشفائع للمعرففة علف أهنفا قفدرة ؛حيفث تكفون معرففة اللغفة هفي التمثيفل‬

‫الداخلي ملثل هفذا اإلجفراء يف الفذهن ‪ .‬ويعتقفد الفبعض أن هفذا التصفور هفو الطريف الصفحيح لدراسفة املعرففة اللغويفة‬

‫ضفمن اإلطففار العففام للعلففوم الطبيعيففة‪ ،‬ويف املقابففل اآلخففر فقففد برهنففل املقاربففة يف ضففوء القففدرة العمليففة أهنففا ففري مثمففرة‬

‫أبففدا وال نكففن التمسففي فا ىلال حففني تفهففم القففدرة بطريقففة مفارقففة لالسففتخدام اللغففوي اليففومي بشففكل حاسففم‪ .‬فلففو‬

‫افرتضففنا أن "جففونز" وهففو مففتكلم للغففة اإلجنليزيففة ‪،‬حسففن مففن قدرتففه علف تكلففم لغتففه طلتحاقففه بففدرس للخطابففة أو أنففه‬

‫فقد هذه القدرة بسبيت جر أو مر ‪ ،‬مث اسرتد هذه القدرة نتي ة ألخذه عالجا مثال ‪،‬والشيء نفسفه ينطبف علف‬

‫متكلم اللغة الياطنية يف الظروف نفسها ‪،‬فهو سيسفتعيد اللغفة الياطنيفة ‪ ،‬ال اإلجنليزيفة حفني يسفتعمل العفالج نفسفه؛‬

‫أي عففف وجففود شففيء ابففل ‪ ،‬لنقففل عنففه " اخلصيصففة م" يف الوقففل الففذي تتنففوع فيففه القففدرة علف الكففالم والفهففم ىلس‬

‫آخفره‪ .‬حيففث متثفل "اخلصيصففة م" املعرففة اللغويففة؛ هلفذا بقيففل معرفففة جفونز ابتففة يف الوقفل الففذي حتسفنل فيففه قدرتففه‬

‫عل استخدام اللغة‪ ،‬أو تضاءلل أو استعيدت‪.‬‬

‫وهفذه التصففورات واحملففاوالت ليسففل ابعففة مففن رو آراء فينغنشففتاين األخففرية كمففا يتففوهم الففبعض‪ .‬فهففذا األخففري‬

‫كان جيادل ططراد ضد املمارسة ال تسع لصيا ة تصورات اصفطناعية‪ ،‬معزولفة عفن االسفتخدام اليفومي‪ ،‬مفن أجفل‬

‫الففدفاع عففن بعففض االعتقففادات الفلسفففية املعينففة‪ .‬والواقففع أن النففاس ليسفوا مهي ففني الكتسففاب لغففة دون األخففر ‪ ،‬بففل‬

‫بففدال مففن لففي أن "احالففة األوس" مللكففاألم اللغويففة متماثلففة ىلس حففد بعيففد‪ .‬وهففذا يعففك أن الطفففل ىل ا‬ ‫نكففن االففرتا‬

‫قفدم لففه قفدر مففن األدلفة ف نففه يكتسففيت لغفة معينففة ‪ ،‬مسفتفيدا مففن مفوارد احالففة األوس الف حتفدد قففدرا عاليفا مففن املعرفففة‬

‫(القدرة ال اكتسبها ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ىلن املهمففة األساسففية للباحففث اللسففاين هففي اكتشففاف املعرفففة الف اكتسففبها الطفففل ‪ ،‬وحيفاول حتديففد خصففائ‬

‫الفذهن الفطريففة املسف ولة عففن هففذه العمليفة لنمففو املعرفففة (فهففو حيففاول أن يكتشفف مففا يعرفففه الطفففل قبففل الت ربففة ‪.‬كما‬

‫الفطري ففة بغ ففض النظ ففر ع ففن املص ففدر ال ففذي ج ففاءت من ففه ‪.‬‬ ‫س ففيتعني بص ففورة مالئم ففة طلنت ففائج ات الص ففلة طخلص ففائ‬

‫وحينما نعود ىلس ىللزامات كفوين الف يعتفر تطبيقهفا اطفرادا أكثفر تطرففا جنفد أن أي عفال ينظفر ىلس األدلفة الف أت مفن‬

‫اللغويفة أو التنوعففات اللغويفة بففني األسفر اللغويففة أو البنيفة العصفبية‪ ...‬هففي يف األصفل مرتبطففة بتحديفد احالففة‬ ‫األمفرا‬

‫األوس أو حالة املعرفة احملصلة ‪.‬‬

‫ويف صف ف ففليت هف ف ففذا النقف ف فا يعف ف ففرت كف ف ففوين ودفيف ف ففد لف ف ففويس ودمويف ف ففل ‪ ،‬وآخف ف ففرون حف ف ففني يعف ف ففزو اللسف ف ففانيون ىلس‬

‫مف ففتكلم‪-‬سف ففامع معف ففني نظامف ففا داخليف ففا قف ففددا‪ ،‬مث يسف ففع هف ففؤالء ىلس استقصف ففاء صف ففدق هف ففذه النظريف ففة عف ففن الشف ففخ ‪،‬‬

‫مسففتخدمني املن فاهج النمو جيففة املطبقففة يف العلففوم‪ .‬وهففذا اإلج فراء أقففرب ىلس احماقففة كمففا يصفففونه‪ .‬وقففد قففدم ك ففوين‬

‫وج ففود ن ففوعني م ففن األدل ففة لوض ففع اح ففد األك ففر للمركب ففات بع ففد‬ ‫ح ت ففه فيم ففا يتعل ف حب ففدود البني ففة املركبي ففة ‪ ،‬واف ففرت‬

‫الفاعل‪،‬فالنوع األول من االعتماد اإلحاع يف الياطنيفة هفو الفدليل اللغفوي والثفاين مفن اإلزاحفة اإلدراكيفة للطقطقفات‬

‫ه ففو ال ففدليل النفس ففي‪ .‬ويف أح ففدد جه ففوده لتري ففر القي ففود ال ف يفرض ففها أك ففد أن امل ففنهج الس ففلوكي الزم اللس ففاين‪ ،‬فف ففي‬

‫ىلس أن السفلوك الفذي ينبغفي أن‬ ‫اكتسابنا للغفة نعتمفد حصفرا علف السفلوك الظفاهر يف السفياقات املالحظفة ‪ ،‬وخلف‬

‫يهتم به اللساين ىلمنا هو سلوك متكلمي اللغة الذي يعزو ىلليهم معرفة لغة ‪.‬‬

‫وكما هو متعارف‪ ،‬فليس هناك أثر للبي ة اللغويفة علف منفو اللغفة ‪ ،‬يف يفاب البنيفة الفطريفة ‪ ،‬ىل ال نكفن مفثال‬

‫"جل ففونز" أن تص ففل ملكت ففه اللغوي ففة ىلس حال ففة املعرف ففة الناض ف ة ال ف تؤس ففس لس ففلوكه وتفس ففره يف ي ففاب ه ففذه البني ففة ‪،‬‬

‫فبفضلها ينمو الطفل ليصل ىلس حد النضج حبسفيت مسفار موجفه داخليفا‪ .‬ومهمفة اللسفاين هفي اكتشفاف طبيعفة هفذا‬

‫اإلعداد الداخلي وطبيعة احالة ال حصلل‪ .‬وأفضل نظرية يف هذا الصفدد أن احالفة األوس للملكفة اللغويفة تتضفمن‬

‫بعض املباد العامة لبنية اللغفة ‪ ،‬ويشفمل لفي املبفاد الصفوتية والدالليفة‪ .‬وأن احالفة الناضف ة للمعرففة اللغويفة هفي‬

‫‪38‬‬
‫ىلج فراء توليففدي يعففني األوصففاف البنيويففة للتعب فريات اللغويففة وتفاعالأل فا مففع األنظمففة األخففر ‪،‬ىلال أن هففذا االق فرتا يف‬

‫ضفوء مففا اسففتحدد مففن تصففورات يوجففيت التخلففي عنففه‪ .‬وينتهففي هففذا الفصففل بتقففدص بعففض التصففورات الف نكففن مففن‬

‫خالهلففا أن نطففور تصففورا للمعرفففة اللغويففة يكففون مالئمففا للبحففث يف اللغففة والففذهن ‪ ،‬واسففتخالص بعففض األس ف لة ال ف‬

‫نكن أن تكون موضوعا للبحث االختباري يف اللغة طلطرق املالئمة ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪.4.2‬مضمون الفصل الرابع ‪ :‬املقاربة الطبيعية و املقاربة الثنائية يف دراسة اللغة والذهن‬

‫يركز شومسكي يف هذا الفصل عل قضفية أساسفية وقوريفة ‪ ،‬أال وهفي املقاربفة الطبيعيفة واملقاربفة الثنائيفة يف‬

‫دراسة اللغة والذهن‪.‬وهي قضية تعود أساسا ىلس اهل فوم علف الفالسففة لتبنفيهم الضفمك للفدعو التفريعيفة الف تقفوم‬

‫علف ضففرورة ىلخضففاع اللغففة لنمففا ج وشففروط ىلضففافية علف تلففي الف تراعف يف العلففوم الطبيعيففة عمومففا‪ .‬ويوضففح بدايففة‬

‫الطريقففة الف نكففن أن نعتمففدها يف فهففم املصففطلحات الفواردة يف عنفوان هففذا الفصففل ‪ ،‬بففدءا صففطلح " هففك" ومففرورا‬

‫ص ففلح "املقارب ففة الطبيعي ففة"‪.‬تتمثل ه ففذه الطريق ففة يف أن ال يك ففون اس ففتخدامنا هل ففذه املص ففطلحات ي ففوحي ىلس أي ممي ففز‬

‫ين‪ ،‬أو عف آخر من ري أن يكون لذلي مقتضيات أعم ؛ حيث سنتناول مصطلح " هك" كما يشفبه مفا يعنيفه‬

‫يف اإلسففتخدام التقليففدي بغففض النظففر عففن أمهيففة تعيففني املعيففار الصففحيح ملففا يكففون هنيففا أو مففا يكففون عالمففة عليففه‪.‬‬

‫ويقصر شومسكي اهتمامه هنا عل الذهن البشري (أي عل نظام اإلبصار ‪ ،‬والتعليل ‪ ،‬واللغة ىلخل‪.‬‬

‫بعد لي ينتقل شومسفكي للحفديث عفن مصفطلح املقاربفة الطبيعيفة للفذهن‪،‬وهي مقاربفة تبحفث يف املظفاهر‬

‫الذهنية للعال طلكيفية الف نكفن أن نبحفث فا مظفاهره األخفر ‪،‬سفاعني ىلس صفيا ة نظفرايت تفسفريية معقولفة ‪،‬مفع‬

‫األمل بداها يف هناية املطاف مع العلوم الطبيعية ‪ .‬ونكن أن تقابل هذه "املقاربفة الطبيعيفة املنه يفة " فا نكفن أن‬

‫يسففم "طملقاربففة الثنائيففة " الف تسففتلزم التخلففي عففن املنه يففة العلميففة ‪،‬ومففن الواضففح أن لففبعض املفزاعم الفلسفففية دور‬

‫كب ففري يف رف ففض النظ فرايت التفس ففريية لل ففذهن‪ ،‬ويف دراس ففة اللغ ففة خاص ففة ‪ ،‬ل ففيس ألهن ففا خالف ففة ملع ففايري املقارب ففة الطبيعي ففة‬

‫املنه ية ‪ ،‬بل لفزعم هفذه التوجهفات الفلسففية أن هفذه النظفرايت مريبفة‪ ،‬ور فا متطرففة‪ ،‬علف الفر م مفن الن فا الفذي‬

‫حققتففه قففاييس الن ففا املألوفففة يف العل ففوم‪ .‬وهففذا النق ففد كمففا بففني شومس ففكي مففا ه ففو ىلال شففكل م ففن أشففكال النزع ففة‬

‫الثنائية املنه ية ‪،‬وهو من األحباد ال شغلل اهتمام الفلسفة املعاصرة للذهن واللغة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫وتقففودا املقاربففة املنه يففة الطبيعيففة يف دراسففة الففذهن واللغففة خاصففة ىلس اعتبففار أن الففدماغ يتضففمن مكففوا فففل‬

‫نسففميه "امللكففة اللغوية"مقصففورا علف اللغففة واسففتخدامها ‪ .‬وللملكففة اللغويففة عنففد أي فففرد حالففة أوس حيففددها اإلعففداد‬

‫األحيائي ‪ ،‬وال خيتلف فيها البشر ‪ .‬وكل دراسة جادة ينبغي هلا حتديد ماهية احاالت اخلالصة للملكفة اللغويفة حتفل‬

‫الظففروف املثاليففة‪ ،‬عففزل عففن أي اسففتثناءات أو تففدخالت قففد تنففتج عففن الظففروف املعقففدة للحيففاة اليوميففة ‪.‬فغايتنففا هنففا‬

‫هففي حتديففد الطبيعففة احقففة للملكففة اللغويففة وحتققاألففا ‪ ،‬وهففذا مففا متليففه معففايري املنه يففة الطبيعيففة‪ .‬ففري أن وجهففة النظففر‬

‫هذه دائما ما تكون موضعا خلالف بسبيت شيوع التصور اخلاط للنزعة الثنائية الذي مفؤداه أن دراسفة اللغفة يوجفيت‬

‫ىلخضففاعها لشففروط ىلضففافية عل ف تلففي الف تراع ف يف العلففوم الطبيعيففة ‪ .‬وحتففدد احالففة احملصففلة للملكففة اللغويففة فصففيلة‬

‫الصففوتية والبنيويففة والدالليففة ‪.‬‬ ‫ففري هنائيففة مففن التعب فريات اللغويففة ‪ ،‬يتففألف كففل منهففا مففن امففوع قففدد مففن اخلصففائ‬

‫وهفذه احالفة هفي نظفام حوسفن (توليفدي ‪ .‬نكفن أن نسفميها " لغفة‪ -‬د " ) ‪ ، I - Language‬وقفد اخفرتت‬

‫"د" ( ‪ I‬للداللف ففة علف ف أن هف ففذا التصف ففور داخلف ففي ‪ ،‬وفف ففردي‪ ،‬ومفهف ففومي (طملعف ففف التقف ففك ؛ أي أنف ففه حتديف ففد لدالف فة يف‬

‫الفهم‪.‬‬

‫وينبغف ففي علينف ففا هنف ففا التمييف ففز بف ففني املقاربف ففة الطبيعيف ففة املنه يف ففة وبعف ففض التنوعف ففات األخف ففر للمقاربف ففة الطبيعيف ففة ‪،‬‬

‫مستعينني يف لي رحد التفسريات املفيدة لتصور املقاربة الطبيعية عنفد بولفدوين (‪ Baldwin )1934-1861‬يف‬

‫حديثه عن أحد أبرز املوضوعات يف الفلسفة املعاصرة ‪ ،‬وهو ىلخضفاع الفلسففة للمقاربفة الطبيعيفة ‪ .‬حيفث هفيت ىلس‬

‫التمييز بني منطفني ختلففني منهفا(أي املقاربفة الطبيعيفة ‪ ،‬أحفدمها يسفميه املقاربفة الطبيعيفة "الغيبيفة" واآلخفر يطلف عليفه‬

‫"املقاربة املعرفية"‪ .‬فأما النوع األول فيعك ىلخضاع الفلسفة للمقاربة الطبيعية ‪ ،‬ونستحضفر يف هفذا املقفام قفول دينيفل‬

‫(‪ " : Dennet )1942‬أنفه جيففيت أن تكفون التفسفريات الفلسفففية لعقولنفا ومعرفتنففا ولغتنففا متماشفية ‪ ،‬يف هنايففة األمففر‬

‫مف ف ففع العلف ف ففوم الطبيعيف ف ففة‪ ،‬ومتنا مف ف ففة معهف ف ففا"‪ .1‬أمف ف ففا املقارب ف ف ففة الطبيعيف ف ففة املعرفيف ف ففة املعاصف ف ففرة ‪ ،‬فهف ف ففي مشف ف ففتقة مف ف ففن عل ف ف ففم‬

‫انظر شومسكي (‪ chomsky 2004‬آفاق جيدة يف دراسة اللغة و الذهن ‪ ،‬ترمجة املزيك ‪ ،‬ص‪222.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫املعرفة(‪ )epistemology‬الذي خيضع للمقاربة الطبيعية عند ويالرد كوين(‪.willard quine (2000-1908‬‬

‫وتشرتط هذه املقاربفة وجفوب أن تلحف دراسفة املعرففة واالعتقفاد بففرع ضفي مفن علفم الفنفس السفلوكي الفذي لفيس لفه‬

‫أمهيف ففة علميف ففة معروفف ففة ‪ .‬وقف ففد أشف ففار بولف ففدوين كف ففذلي ىلس أن هنف ففاك توجهف ففا أوسف ففع مف ففن هف ففذه املقاربف ففة يعف فف طلنظف ففر يف‬

‫"العالقات الطبيعية" بني األوضاع اخلارجية واحاالت الذهنية بعيدا عن أية قيود اعتباطية ‪.‬‬

‫وىل ا كانففل املقاربففة الطبيعيففة الغيبيففة أكثففر ىلشففكاال و موضففا ‪ ،‬فف ن مشففروع املقاربففة الطبيعيففة املعرفيففة التقليديففة‬

‫ففري خاليف‪،‬طسففتثناء املصففطلح ‪ ،‬فهففو مضففلل بطريقففة معاصففرة ريبففة؛ لففي أن املقاربففة املعرفيففة ‪ ،‬قففد كانففل علمففا يف‬

‫القرنني السابع عشر والثامن عشر ؛ أي أهنا قاولفة لصفيا ة نظريفة اختباريفة عفن الفذهن ‪ .‬ىل يعفد البحفث العلمفي يف‬

‫احالففة األوس للملك ففة اللغويففة م ففثال‪ ،‬قاولففة الكتش ففاف املبففاد واألفك ففار املغروسففة يف ال ففذهن ‪،‬أمففا اآلن فق ففد ق ففدمل‬

‫وتعقي ففد املقارب ففة الطبيعي ففة الغيبي ففة حس ففيت اعتق ففادا ىلس أح فد األس ف لة‬ ‫عل ف أهن ففا موق ففف فلس فففي‪ .‬بينم ففا يع ففود م ففو‬

‫اجلوهرية ال يطرحها بولدوين هي ‪ :‬ما العلوم الطبيعية ؟‬

‫لكفي تكفون املقاربفة الغيبيففة موقففا متماسفكا ‪،‬ينبغففي أن يبفني لنفا املففدافعون عنهفا مفا الففذي نكفن عفده "فيزايئيففا"‬

‫أو"ماداي"‪ ،‬وبدون لفي ففال نكفن فهفم هفذا املفذهيت‪ .‬واألمفر نفسفه ينطبف علف نقفاد املقاربفة املاديفة ؛فهفم يواجهفون‬

‫مشففكلة مففا الففذي ينتقدونففه‪ ،‬ومففن أبففرز هففؤالء تومففاس اجففل (‪ ،Nagel )1937‬الففذي يقففدم عرضففا مفصفال واضففحا‬

‫لوجهات النظر املهيمنة ونقده ىلايها‪ .‬ري أن عرضه هلذه القضااي كما ير شومسكي كفان خاط فا ونتائ فه مشفكوك‬

‫فيها‪ ،‬ويشمل لي النتائج ال انتهف ىلليهفا عفن "جهفاز اكتسفاب اللغفة " والنظريفة عفن الفذهن ‪ .‬وخبصفوص مشفكلة‬

‫الذهن‪-‬اجلسد يقول اجل‪ »:‬ىلن مشكلة الذهن ‪-‬اجلسد ل تثر بشكلها احديث ىلال يف القرن السفابع عشفر‪ ،‬بتفزامن‬

‫مفع نشففوء التصفور العلمففي للعففال الفيزايئفي الففذي نشففأا عليفه مجيعففا اآلن (أي التصففور النيفوتك « ‪ . 1‬وقففد أورد اجفل‬

‫بعفض اإلشفارات عفن حقيقفة الفذهن ‪،‬تتمثفل أساسفا يف اعتبفار الشفعور جفوهر الفذهن؛ أي أن الظفواهر الذهنيفة كلهفا‬

‫انظر شومسكي (‪ ،chomsky )2004‬آفاق جديدة يف دراسة اللغة و الذهن ‪ ،‬ترمجة املزيك‪،‬ص‪232.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫شف ففعورية ‪ ،‬ىلمف ففا حقيقف ففة أو ىلمكف ففاا‪ .‬ويبف ففدو أن هف ففذا االقف فرتا يواجف ففه صف ففعوطت مجف ففة‪ .‬وهنف ففاك اف ففال واسف ففع خصصف ففه‬

‫شومسفكي يف هففذا الفصففل للحفديث عففن هففذه القضفااي طلتفصففيل ‪ ،‬منطلقففا مفن عففر بعففض التصففورات و اآلراء ‪،‬‬

‫وحديثه كذلي عن "النزعة اإلقصائية" ‪.‬‬

‫يتسففاءل شومسففكي يف هففذا املوضففوع عففن ردود فعففل أوالئففي الفذين يتبنففون "املاديففة اإلقصففائية"‪،‬منتقدا بشففدة‬

‫أح ففد زعمائه ففا وه ففو ويلي ففارد ك ففوين ال ففذي ترتك ففز وجه ففة نظ ففره دائم ففا عل ف فك ففرة مؤداه ففا أن تش فييء األجس ففاد(ىلدراك‬

‫علف مراحففل يف أثنففاء اكتسففاب اللغففة‪ ،‬حيففث تكففون "املرحلففة األخففرية " مففن هففذا‬ ‫األشففياء اجملففردة بصففورة ماديففة‬

‫التشييء ىلدراك ماهية الشيء من ري اعتبار للزمن‪ .‬وهذا األمر يرفضه شومسكي طبعا ؛ لفي أن دراسفات األطففال‬

‫يف السنوات املاضية توفر لنا أسباط وجيهية جدا لالعتقاد رن مثل هذا التشييء حيدد يف األشهر املبكرة مفن حيفاة‬

‫الطفل‪ ،‬قبل وقل طويل من أي حتق للغة‪.‬‬

‫شومسففكي يف هفذا الفصففل اففاال للحففديث عفن أنفواع كثففرية مففن املقاربفة الثنائيففة أحففدها بففرز يف‬ ‫وقفد خصف‬

‫ثنففااي النقففا عففن اكتسففاب اللغففة مففن حفوار ريففيت عففن "الفطريففة" أو "الفرضففية الفطريففة"‪ .‬وتعففد النزعففة السففلوكية عنففد‬

‫كوين نوعا من هذا الشكل ‪،‬فهو جيادل رن املقاربة السفلوكية الزمفة لدراسفة اللغفة ؛ألننفا يف اكتسفاب اللغفة‪ ،‬نعتمفد‬

‫اعتمادا حامسا عل السلوك الظاهري يف السياقات املالحظة‪ .‬وتتصل وجهة النظر هفذه اتصفاال قفواي بنمفو ج الرتمجفة‬

‫املتطرفففة عنففد كففوين ‪ ،‬الففذي حصففر دراسففة التفاعففل يف اللغففة البش فرية عل ف مففا يكففون داخففل احففدود املقففررة ‪ .‬ففري أن‬

‫النتائج املستخلصة من هذا النمو ج نتائج بعيدة املد عن اللغة والفكر ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪.5.2‬مضمون الفصل اخلامس ‪ :‬اللغة موضوعا طبيعيا‬

‫ىلن املوضففوع الففذي يناقش ففه هففذا الفصففل ي فدور حففول اعتبففار اللغ ففة والظ فواهر املماثلففة هل ففا موضففوعا طبيعي ففا ؛أي‬

‫عدها عناصر للعال الطبيعي ‪،‬وينبغي أن تدرس نفاهج البحفث االختبفاري املعهودة‪.‬وقفد اعتمفد شومسفكي يف تناولفه‬

‫هلففذه القضففااي علف مصففطلحني أساسففيني مهففا " هففن" و" هففك"‪ ،‬وأوضففح أن فهمنففا هلففا ين املصففطلحني سففيكون مففن‬

‫ري أن يوحي لي ىلس أي مميز ين ؛ أي كما هو شائع يف االسفتخدام التقليفدي أو العفادي‪ .‬واألمفر نفسفه ينطبف‬

‫عل ف مص ففطلح "اللغ ففة" و"لسففاين" ‪ ،‬ف ففنحن نوج ففه اهتمامنففا ففو بع ففض مظففاهر الع ففال ال ف تففدخل حت ففل ه ففذا العن فوان‬

‫العريض ري التقك ‪،‬مث اول فهمها بشكل أفضل‪.‬‬

‫وألففدف املقاربففة العلميففة الطبيعيففة ملظففاهر العففال اللسففانية والذهنيففة ىلس صففيا ة نظ فرايت تفسففريية معقولففة ‪ ،‬مففع‬

‫التأكيففد عل ف أمهي ففة التوحي ففد م ففع العل ففوم الطبيعي ففة احق ففة ‪.‬وال نقص ففد طلتوحي ففد هن ففا أن يك ففون عل ف ش ففكل اخت فزال ‪،‬‬

‫فففاالختزال الكاسففح ادر يف اريففل العلففوم ‪ ،‬بففل الشففائع أن خيضففع ىلس مراجعففة جذريففة ليحصففل التوحي فد ‪،‬خففري مثففال‬

‫ل ففي حال ففة الكيمي ففاء والفي فزايء ؛ حي ففث وح ففد تعلي ففل ب فولنج(‪ pauling )1954-1901‬لل فراب الكيمي ففائي‬ ‫عل ف‬

‫هفذين العلمففني‪ .‬بيففد أننفا ال نعففرف الكيفيففة الف ينبغففي أن يسففري فا هففذا التوحيففد وىلن كنفا اكتشفففنا املقففوالت املالئمففة‬

‫الذهنيف ففة ىلس‬ ‫ببسف ففاطة وجف ففوب أن ختتف ففزل اخلصف ففائ‬ ‫الف ف ينبغف ففي توحيف ففدها‪.‬ىل ال وجف ففود لشف ففيء يبف ففيح لنف ففا أن نفف ففرت‬

‫للشبكة العصبية‪ ،‬كما تقول ىلحد املزاعم النمطية‪.‬‬ ‫خصائ‬

‫لقففد أار رينففه ديكففارت مسففألة تتعلف رن بعففض مظففاهر العففال املعينففة‪ ،‬ومنهففا أساسففا االسففتخدام العففادي للغففة‬

‫لتعلي ففل ه ففذه املظ ففاهر مب ففدأ جدي ففدا ؛أي ج ففوهرا اني ففا‬ ‫تق ففع وراء ح ففدود اآللي ففة (م ففا ك ففان يفه ففم رن ففه جس ففد ‪،‬واف ففرت‬

‫أساسه التفكري يف اإلطار النظري عنده‪ .‬وظهرت مشفكلة التوحيفد بصففتها سفؤاال عفن التفاعفل بفني اجلسفد والفذهن‪.‬‬

‫بي ففد أن ه ففذا التص ففور ال ففديكار اهن ففار بع ففد ل ففي بقلي ففل ح ففني ب ففني ني ففوتن (‪1727-1642‬م) ‪ Newton‬أن حرك ففة‬

‫األر والكواكففيت تقففع وراء حففدود الفلسفففة اآلليففة (اجلسففد ‪ ،‬أمففا مففا بقففي فكففان صففورة للعففال تتصففف رهنففا مضففادة‬

‫‪44‬‬
‫للماديففة ‪،‬وتعتمففد علف القففو الروحيففة‪ .‬وقففد جلففأ نيففوتن ىلس العففودة ىلس فكففرة اجلا بيففة لتعزيففز أطروحتففه هففذه ‪،‬ممففا جعففل‬

‫رواد الفلسفة اآللية ينظرون ىلس النظرية اجلا بية وكأهنا انتكاسة عظم ىلس تصورات القرون الوسط ‪.‬‬

‫ىلن كل هذه االنشغاالت هي يف ف ر العلم احديث نقا جاد ملشفكلة الفذهن‪-‬اجلسفد؛ حيفث يفر تومفاس‬

‫اجل(‪ Nagel )1937‬أن احملاوالت املتعددة إلجناز هفذه املهمفة الف تبفدو مسفتحيلة [اختفزال الفذهن ىلس املفادة ]‪،‬‬

‫واح ج ال يقصد ا تبيني ىلخفاق هذه احملاوالت تشكل اريفل فلسففة الفذهن يف اخلمسفني سفنة املاضفية‪.‬وال تبفدو‬

‫قناعة بريستلي (‪ Priestley )1804-1733‬األساسفية و فريه مفن العلمفاء يف القفرن الثفامن عشفر موض فعا خلفالف‪.‬‬

‫فففالتفكري واللغففة خصيصففتان ملففادة منظمففة‪ ،‬وهففي يف هففذه احالففة الب فا الففدماغ ال الكليففة أو القففدم‪ .‬وقففد بعثففل هففذه‬

‫الفك ففرة بع ففد ق ففرون وكأهن ففا اق فرتا جدي ففد إلدع ففاء ج ففريء مف ففاده أن الظ فواهر الذهني ففة طبيعي ففة بص ففورة خالصة‪،‬وتس ففببها‬

‫النشاطات العضلية العصبية للدماغ‪.‬‬

‫ومع هذا الوضع احاع أصبح مفن املمكفن أن نتحفدد عفن نظفرايت جيفدة ومتطفورة عفن بعفض مظفاهر اللغفة‬

‫لففي أننففا نفهففم اآلن‬ ‫والفذهن‪ ،‬ففري أنففه ال منلفي ىلال قففدرا قلففيال مفن األفكففار بففني أي منهففا والفدماغ‪ .‬وخففري مثففال علف‬

‫فهمففا جيففدا ىلس درجففة بعيففدة يف ىلطففار النظفرايت احوسففبية عففن امللكففة اللغويففة للففدماغ الفففروق بففني أنفواع الشففذو ؛ أي‬

‫اخلروج عن مبدأ عام أو آخر من مبفاد امللكفة اللغويفة‪ .‬كمفا تسفع أي مقاربفة طبيعيفة للغفة والفذهن ىلس حتسفني كفل‬

‫مقاربففة ‪،‬مففع األمففل يف الوصففول ىلس توحيففد أكثففر داللففة‪ .‬وتثففري "النظريففة الذهنيففة " هنففا واملؤسسففة أتسيسففا أقففو علف‬

‫أسس علمية طبيعية أمرا مشكال عل درجة عميقفة‪ ،‬وأيضفا يف مشفكل النزعفة اإلقصفائية أو النزعفة الفيزايئيفة اللتفني‬

‫ل تصا ا ىلس اآلن صيا ة متماسكة ‪.‬‬

‫ىلن السؤال املركزي الذي يشغل طلنا اآلن عندما نضع مثفل هفذه التوجهفات جانبفا هفو أن نسفأل كيفف يسفري‬

‫البحففث العلمففي الطبيعففي‪ ،‬و ففن نبففدأ ففا خ فذه موضففوعا طبيعيففا ‪ ،‬ك ففونز مففثال وهففو مففتكلم لنففوع ملففا نسففميه اللغففة‬

‫‪45‬‬
‫اإلجنليزية‪ .‬وهنتم بداية ببعض املظاهر اخلاصة جبونز أي مظاهره اللغوية ‪،‬حيفث جنفد أن عناصفر معينفة يف دمفاغ جفونز‬

‫خصصة للغة أو ملفا نسفميه امللكفة اللغويفة ‪ ،‬وقفد يكفون لفبعض أجفزاء اجلسفد األخفر تصفميم قفدد و عالقفة قفددة‬

‫طللغ ففة‪ ،‬كم ففا نك فن أن ت ففدخل عناص ففر امللك ففة اللغوي فة يف بع ففض مظ ففاهر احي ففاة األخ ففر ‪ .‬وهن ففاك أدل ففة قوي ففة تؤك ففد أن‬

‫للملكة اللغوية مكفونني ختلففني يف األقفل مهفا ‪ :‬نظفام ىلدراكفي خيتفزن املعلومفات بصفورة مفا ‪ ،‬وأنظمفة لفألداء تسفتخدم‬

‫ه ففذه املعلوم ففات للنط ف واإلدراك والك ففالم ع ففن الع ففال ‪ ،‬وص ففيا ة األس ف لة ‪ ،...‬كم ففا أن للملك ففة اللغوي ففة نظ ففام إلدراك‬

‫الففدخل ونظففام إلنتففاج اخلففرج‪ .‬ولنتأمففل قلففيال النظففام اإلدراكففي للملكففة اللغويففة‪ ،‬وحالتهففا األوس ‪،‬وحالتهففا التاليففة‪ .‬فمففن‬

‫الواضح أن هناك تغريات للحالة تعكس الت ربة ؛ فليسل اإلجنليزية اللغة السفواحيلية أو أهنفا ليسفل هفي بدقفة‪ ،‬مفا‬

‫جيعلنا نقول أن هذا التنوع هو سطحي ىلس حد بعيد وأن هناك لغة بشرية واحدة فحسيت بتنوعات هامشية‪.‬‬

‫وأخ فريا نك ففن الق ففول ىلن ه ففذا الفص ففل يرك ففز ىلمج ففاال عل ف مس ففألة تتعل ف عرف ففة اللغ ففة‪ ،‬وأن اللس ففانيات كم ففا ي ففر‬

‫شومسففكي تنتمففي ىلس العلففوم الطبيعيففة ‪،‬وعل ف الففر م مففن تكفراره هلففذا الففزعم املسففوغ عففن مكانففة اللسففانيات العلميففة‪،‬‬

‫ف نه كان صارما يف نقاشه للمحاوالت االختزالية ال تسع ىلس اختزال اللغة ىلس العضوي والفيزايئي ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪.6.2‬مضمون الفصل السادس‪ :‬اللغة من منظور املقاربة الداخلية‬

‫يناقش مضمون هذا الفصل قضية مركزية تتعل أساسا طللغة من منظفور املقاربفة الداخليفة‪ .‬ويوسفع يف تفصفيل‬

‫بعف ففض امللحوظف ففات الف ف ألف ففتم بدراسف ففة اللغف ففة والف ففذهن الف ف سف ففب تقف ففدنها يف الفصف ففول السف ففابقة‪ ،‬خاصف ففة يف الفصف ففل‬

‫اخلامس‪ .‬وال بد بداية من التمييز بني "املقاربة الداخلية" و "املقاربة العلمية الطبيعية"‪ ،‬فهفذه األخفرية تعفك قاولفة أن‬

‫ندرس البشر طلطريقة نفسها ال ندرس ا أي شيء آخر يف العفال الطبيعفي‪ .‬بينمفا تسفع األوس ىلس فهفم احفاالت‬

‫الداخلية لكائن عضوي ما‪ ،‬وال يقتصفر اهتمفام املقاربفة العلميفة الطبيعيفة عنفد هفذا احفد طبعفا ‪.‬فقفد تتخفذ الدراسفات‬

‫ري الداخلية للبشر أشكاال كثرية حبيث نكن أن تدرسهم كأطوار يف دورة التحفول مفن األكسف ني ىلس اين أكسفيد‬

‫الكربون وأطوار النتقال املورات‪ ،‬أو أعضاء يف مجعيات ومجاعات‪.‬‬

‫ومففا سففنركز عليففه هنففا هففو السففعي ففو الفهففم النظففري ‪،‬وهففو لففي النففوع احملففدد مففن البحففث الففذي يسففع ىلس‬

‫تفسري بعض مظاهر العال انطالقفا مفن بعفض البفف واملبفاد التفسفريية املتواريفة خلفف ظفواهر األشفياء البفا‪ .‬ففال يعفد‬

‫منهج البحث العلمي الطبيعي املنهج الوحيد لبلوغ احقيقة واليقني وتفسري الظواهر تفسريا علميا قضا ‪ ،‬فقفد نكفن‬

‫مففثال أن نففتعلم مففن دراسففتنا للتففاريل أو ق فراءة الففرواايت عففن االهتمامففات البش فرية اخلاصففة عففن الكيفيففة الف يفكففر ففا‬

‫النففاس ويشففعرون ويتصففرفون أكثففر ممففا نتعلمففه عنهففا عففن طريف البحففث العملففي كلففه‪ .‬أمففا عففن طبيعففة االهتمامففات الف‬

‫يففوع هلففا هففذا املفنهج أمهيففة فتتمثففل يف مظهففري العففال الففذهك واللغففوي‪ ،‬بففنفس الطريقففة الف نسففتخدم ففا مصففطلحات‬

‫"كيميائي" أو "كهرطئي" من أجل انتقاء بعفض الظفواهر واألحفداد والعمليفات املعقفدة ‪ .‬وأعفك ب ف ف "املقاربفة العلميفة‬

‫الطبيعيففة املنه يففة" يف مقابففل "املقاربففة الثنائيففة املنه يففة " لففي املففذهيت الففذي يففر أنففه ينبغففي يف سففعينا فو الفهففم‬

‫النظري أن تدرس اللغة والفذهن مفن حيفث املبفدأ ‪ ،‬بكيفيفة ختلففة عفن الطفرق الف تفدرس فا املوضفوعات الطبيعيفة ‪،‬‬

‫وقليل من هم يعتنقون هذا املذهيت ‪،‬ىلال أنه قد هيمن عل تيار عريض من املمارسات البحثية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وال تعتر دراسة املوارد الداللية للملكة اللغويفة علمفا ىلثنيفا ‪ ،‬كمفا ينبغفي أن نيفز املشفروعان كالمهفا عفن البحفث‬

‫العلمي الطبيعي من حيث مد املوضفوعات الف تتناوهلفا اللغفة الطبيعيفة‪ ،‬ويتناوهلمفا العلفم الشفعن بطرقهمفا اخلاصفة‪.‬‬

‫وهففذه املالحظففة بديهيففة يف حالففة سففقوط التفففا ‪ ،‬وتوجففه النبففاات ففو الضففوء مففثال‪ .‬فففال يتوقففع أحففد أن تففدخل اللغففة‬

‫العاديففة أو العلففم الشففعن يف احملففاوالت الف ألففدف ىلس الوصففول ىلس فهففم نظففري للعففال ‪،‬وىلن كانففل الوحففدات الذهنيففة‬

‫ستفقد مكانتها يف قاولتنا وصف العال وتفسريه فيما يسم "طلنزعة املادية اإلقصائية"‪،‬كما يصفها بفريج ف هنفا تيفار‬

‫ع فريض ضففمن اجلهففود ال ف تسففع جلعففل الفلسفففة علميففة؛ ور ففا تكففون هففذه الففدعو خاط ففة لكنهففا مهمففة‪ ،‬أم فا عففن‬

‫س ففبيت أمهيته ففا فه ففذا ففري واض ففح‪ .‬وىل ا اس ففتبدلنا "فيزايئ في" بف ف ف " ه ففك" ف ف ن ه ففذه ال ففدعو س ففتفقد أمهيته ففا؛ ل ففي أن‬

‫النق ففا الفيزايئ ففي والوح ففدات الفيزايئي ففة فق ففدت من ففذ زم ففن بعي ففد مكانته ففا يف قاولتن ففا وص ففف الع ففال وتفس ففريه‪ ،‬ىلن ك ففان‬

‫قصففدا مففن النقففا الفيزايئففي مفففاهيم اخلطففاب العففام أو العلففم الشففعن‪ .‬ومففن الواضففح أنففه ال وجففود هنففا أليففة مشففكلة‬

‫تتعلف بثنائيففة الففذهن واجلسففد وال سففبيت للشففي يف دعففو دفدسففون الف مفادهففا أنففه ال توجففد قفوانني نفسففية فيزايئيفة‬

‫ترب األحداد الذهنية طألحداد الفيزايئية يف منظومة تفسريية مالئمة ‪.‬‬

‫وت ففوحي الدراسف ففة الداخلي ففة للغف ففة ىلس متثف ففيالت م ففن ختلف ففف األنف فواع منهف ففا التمثف ففيالت الص ففوتية والدالليف ففة عنف ففد‬

‫املسفتوايت الوجيهيفة‪ .‬ولفيس هفدفنا هنفا أن ننشفغل طلبحفث عففن مفا الفذي نثفل‪ ،‬لفي أن التمثفيالت وحفدات هنيففة‬

‫مفرتض ففة‪ ،‬وينبغ ففي أن تفه ففم طلطريق ففة ال ف تفه ففم ففا ص ففورة هني ففة ملكع ففيت يت ففأرجح‪ ،‬س فواء أك ففان نتي ففة لتمث ففيالت‬

‫اكيستوسكوبية أو كفان متثفيال ملكعفيت متفأرجح حقيقفي‪ .‬وتفدخل التمثفيالت الداخليفة للغفة حفني تنففذ أنظمفة األداء‬

‫ىلليه ففا‪،‬يف التأوي ففل والفكف ففر والفع ففل‪.‬ويعتر شومس ففكي أن خطف ففأ اإلدراك ال يث ففري ص ففعوطت هلف ففذه املقارب ففة ؛فه ففو يتعلف ف‬

‫طلكيفية ال حيفدد النفاس فا بعفض التفأويالت للتففاعالت الف يالحظفون‪ .‬ويقفدم بفذلي عفددا مفن األمثلفة املختلففة‬

‫للحاالت الذهنية الداخلية وأسبا ا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫شومسف ففكي ىلس القف ففول ىلن أي مظهف ففر مف ففن مظف ففاهر دراسف ففة اللغف ففة والف ففذهن يتضف ففمن بعف ففض‬ ‫ويف األخف ففري خيلف ف‬

‫االفرتاض ففات ففري املس ففو ة ال ف ال تنتم ففي ىلس البح ففث العلم ففي الطبيعي‪.‬وم ففا جيع ففل مث ففل ه ففذه األفك ففار يف نظ ففره تب ففدو‬

‫مقنعففة ج ففدا ر ففم أهنففا ال تنتم ففي ىلس البح ففث العلمففي الطبيع ففي‪ ،‬ه ففي أن الصففورة البديهي ففة ال ف لففدينا ع ففن الع ففال ثنائي ففة‬

‫ففروب الش ففمس‪،‬أو مش ففاركة ني ففوتن يف‬ ‫بش ففكل عمي ف ‪ ،‬ال نك ففن نقض ففه‪ ،‬وتش ففبه متام ففا ع ففدم ق ففدرتنا عل ف أن ال ن ففر‬

‫اعتقاده ب فف"الفلسفة اآللية" ال زعزعها هو نفسه‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ .7.2‬مضمون الفصل السابع‪ :‬البحث الداخلي‬

‫يواص ففل الفص ففل الس ففابع م ففن ه ففذا الكت ففاب‪ ،‬تبي ففني املنظ ففور ال ففداخلي عن ففد شومس ففكي يف تفس ففري طبيع ففة اللغ ففة‬

‫اإلنس ففانية‪ ،‬وحيك ففم ال فرب ب ففني ه ففذا النق ففا وأحباث ففه األخ ففرية يف ب ففرامج اح ففد األدىن‪ .‬فف ففي بداي ففة ه ففذا الفص ففل يق ففدم‬

‫فا ممارسفات ثقافيفة ولغويفة يسفميها‬ ‫شومسكي مثاال لبعض املوضوعات ال تعد ق اهتمام يف احياة ‪،‬وال تتعلف‬

‫علففوم‬ ‫عففادة ب ف ف ف"البديهية" أو "العلففم الشففعن"‪ .‬واعتففر أن دراسففة هففذه املوضففوعات تعففد واضفحة ففا يكفففي فيمففا خيف‬

‫األر ‪ ،‬لكنها يف املقابل اآلخر تعد أكثر التواء وصعوبة طلنسبة لعلم الطبيعفة البشفرية الفذي يعفد مفن بفني اهتماماتفه‬

‫البحث يف البديهة ‪،‬وال نكن أن نسميها طلعلم اإلثك ‪.‬‬

‫ويف س فياق حديث ففه ع ففن الواقعي ففة الذهني ففة والواقعي ففة الفيزايئي ففة‪ ،‬يلق ففي شومس ففكي الض ففوء عل ف بع ففض القض ففااي‬

‫املتعلقففة طلففذهن‪ ،‬ويففر أن اجلهففود املثمففرة الف سففعل ىلس ىلزالففة لففبس و مففو مففا يسففم " هنيا" قففد قففادت البففاحثني‬

‫ىلس اس ففتنتاج أن التنظ ففيم ال ففذي ص ففيا ب ففه النظ ففام العص ففن نفس ففه‪ ،‬ه ففو ال ففذي يش ففغل بص ففورة ح ففرة يف ح ففال الصف ففحة‪،‬‬

‫الففذهن كلهففا‪ .‬واعتففر أن الظفواهر الذهنيففة نكفن داهففا مسففتقبال يف ىلطففار التفسففري الفيزايئففي الففذي سيوسفع‬ ‫خصففائ‬

‫ليشمل كل ما يكتشف يف هذا اجملال ‪.‬وأن النظرايت اللسانية ال تسفع ىلس تفسفري اللغفة وفهمهفا نكفن أن تسفم‬

‫" هني ففة" بش ففكل مالئ ففم وأن يف ففرت أهن ففا اجت ففة ع ففن بني ففة عض ففوية ففري أن الكيفي ففة ال ف س ففيتم ففا ل ففي ال نعلمه ففا‪،‬‬

‫وننتظر اكتشافها ‪.‬‬

‫بعففد هففذه الفسففحة مففن القضففااي املتعلقففة طلففذهن يوجففه شومسففكي النظففر ىلس مفا يسففم طمللكففة اللغويففة‪،‬وهي‬

‫خصيصفة مقصفورة علف النففوع البشفري ‪،‬ومشفرتكة بففني أففراد هفذا النوع‪.‬كمففا تتخفذ حفاالت تتنففوع بطفرق قفدودة تبعففا‬

‫لتنففوع الت ربففة‪ .‬وتسففهم هففذه احففاالت بتفاعلهففا مففع أنظمففة أخففر (معرفيففة‪ ،‬واحساسففية وحركيففة يف حتديففد صففوت‬

‫التعب فريات اللغويففة ومعناهففا‪ .‬وأكثففر نظريففة اجحففة يف دراسففة حففاالت امللكففة اللغويففة هففي تلففي ال ف تفففرت أن هففذه‬

‫ففري متغففرية ىلس حففد بعيد‪.‬ويسففمي شومسففكي امففتالك لغففة معنيففة بلغففة "ل" ‪ ،‬عففف‬ ‫األخففرية نظففام حوسفن و مبففاد‬

‫‪50‬‬
‫أن "ل" ىلجراء قدد يولد تعبريات كثرية ري هنائيفة‪ ،‬وتبفف هفذه التعبفريات مفن وحفدات مع ميفة يتفألف كفل منهفا مفن‬

‫الصواتية والداللية ‪.‬‬ ‫اموع من اخلصائ‬

‫يففر كثففريون أن أحكففام الن ففاس اللغويففة أو مففا يس ففم عففادة طحففدوس(مفرد حففدس عن ففد الفالسفففة ‪،‬هففو م ففا‬

‫يشففكل املوضففوع احقيقففي للسففانيات‪.‬وال تعففدو األحكففام احدسففية أن تكففون مففادة أوليففة‪ ،‬ونكففن أن تصففري دلففيال يف‬

‫ىلطار نظريفة تفسفريية مفا‪ .‬أمفا تعاملنفا مفع هفذه األحكفام ‪،‬فينبغفي أن يفتم بقفدر كفاف مفن احفذر مفع حفذف التوقعفات‬

‫العاديففة منهففا‪ .‬وقففد دعففا شومسففكي هنففا ىلس االلتفففات ىلس بعففض املسففائل ال ف تتعل ف طمللكففة اللغويففة واحففاالت ال ف‬

‫تتخففذها والكيفيففة ال ف تففدمج ففا مففع املك ففوات األخففر للففذهن يف اس ففتخدام اللغففة‪ .‬ونقص ففد طلتحديففد املس ففتوايت‬

‫الوجيهي ففة ؛ حبي ففث ىلن ك ففل عب ففارة تت ففألف م ففن زوج ففني مه ففا [مس ففتو ص ففو و مس ففتو دالع ]‪ .‬ونع ففك طملس ففتوايت‬

‫الوجيهيففة نقطففة التقففاطع والتمففاس بففني ه فذه املسففوتيات ‪ ،‬فاملسففتو الصففو والففدالع مسففتواين وجيهيففان بففني امللكففة‬

‫اللغوية واألنظمة األخر ‪.‬‬

‫وتدخل التمثيالت الصوتية والدالليفة ضفمن نطفاق الرتكيفيت عنفاه األضفي ‪،‬فهفي تتصفل اتصفاال وثيقفا سفائل‬

‫التأويففل الففدالع والتأويففل الصففو ‪ .‬وتثففار عففدد مففن األس ف لة املهمففة يف هففذا اجلانففيت يتعل ف معظمهففا وضففع املسففتو‬

‫الففوجيهي؛ حبيففث عل ف اجلانففيت الصففو أن حيففدد هففل األنظمففة احركيففة احسففية خاصففة طللغففة جزئيففا ‪،‬فتكففون ضففمن‬

‫امللكة اللغوية‪،‬ىل ن‪ ،‬وهو ما يعك أنه جييت أن يكون املستو الوجيهي وراء ما يعد عادة متثفيال صفوتيا‪ .‬بينمفا اجلانفيت‬

‫الدالع فتتعل به أس لة عن العالقات بني امللكة اللغوية واألنظمة املعرفية األخر ‪.‬‬

‫يناقش شومسكي يف بقية الفصفل اموعفة مفن األسف لة املتعلقفة طملشفروعية ‪ ،‬ويفورد بعفض وجهفات النظفر فيمفا‬

‫األدل ففة الف ف تس ففتخدم يف الت ففدليل علف ف مب ففاد امللك ففة اللغوي ففة ‪ ،‬ومنه ففا أن امللك ففة اللغوي ففة فطري ففة يف األدمغ ففة‬ ‫خي ف‬

‫البش فرية‪.‬وهذا ال يع ففك أبع ففد م ففن الق ففول بوج ففود مس ففتو عض ففوي للتفس ففري يف ض ففوء بني ففة اجله ففاز‪ ،‬ومس ففتو وظيف ففي‬

‫‪51‬‬
‫للتفسري يصف أنواع اللغات ال نكن اكتسفا ا‪ .‬والقفول بوجفود مسفتو عضفوي مسفألة ال خفالف عليهفا ىلن قصفد‬

‫ففا احتمففال أن الففذرات واخلففالاي ‪ ،‬و ريهففا تففدخل احتمففاال يف بنيففة جهففاز امللكففة اللغويففة الف تتصففف رهنففا فطريففة يف‬

‫األدمغة البشرية‪ .‬وأفضل طريقة نكن اعتمادها لفهم أكثر هلذه القضااي واإلحاطة ا ‪،‬كما دعا ىلليفه شومسفكي هفو‬

‫أن نتب ففع نص ففيحة جوزي ففف ب ففالك(‪1799-1728‬م)‪ ، Joseph black‬فنص ففوغ رص ففيدا م ففن املب ففاد ع ففن امللك ففة‬

‫اللغويففة‪ .‬ويهففتم رصففيد املبففاد هففذا طلسفؤال عففن مففا أنفواع اللغففات الف نكففن اكتسففا ا؟ ومففا خصائصففها؟ وتفاعالألففا‬

‫مع األنظمة األخر ؟ وما الطريقة ال تكتسيت ا؟‬

‫‪52‬‬
‫الفـ ـ ـصـ ــل الـ ــثالـ ــث ‪ :‬تـ ـ ـ ـح ـ ــدي ـ ـ ــد‬
‫القـ ـ ـضـ ــايـ ــا ال ـ ـم ـ ـطـ ــروحـ ــة يف‬
‫الـ ـ ـكـ ـ ـتـ ـ ـ ــاب‬

‫‪53‬‬
‫تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيد‬

‫ىلن ه ففذا الفص ففل ه ففو فص ففل خت ففامي خصص ففناه للح ففديث ع ففن القض ففااي املطروح ففة يف الكت ففاب ال ففذي قمن ففا بدراس ففته‬
‫وحتليله‪ .‬وهو مقسم ىلس ثالثة مباحث رئيسية ‪ :‬فاملبحث األول تطرقنا فيفه ىلس نفوع املفنهج الفذي اعتمفده شومسفكي‬
‫يف أتليففف كتابففه (املففنهج التحليلففي ‪،‬وقمنففا بتعريفففه وىلب فراز خصائصففه ‪،‬وأهففم أسسففه ومبادئففه‪ ،‬وبينففا كيفيففة تعاملففه مففع‬
‫الظواهر واملشكالت البحثية‪ ،‬مث بعفد لفي قفدمنا اح فج والراهفني الف تثبفل صفحة مفا نقولفه‪ .‬بينمفا املبحفث الثفاين‬
‫فق ففد س ففلطنا في ففه الض ففوء علف ف أه ففم القض ففااي واإلش ففكاالت املطروح ففة الف ف يتناوهل ففا الكت ففاب ويتعل ف األم ففر بقض ففيتني‬
‫جوهريتني مها‪ :‬مشكلة الذهن‪ -‬اجلسد وقضية توحيد العلم‪ .‬أما املبحث األخري فبينفا فيفه آففاق هفذا الكتفاب وأمهيتفه‬
‫يف توجيه الدراسة احقيقية للغة من العناية طلسطحي اللغوي ىلس االهتمام طلعمليات الذهنية والوقائع الت ريدية ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬املنهج املعتمد يف أتليف الكتاب (املنهج التحليلي)‬

‫حتيفل كلمففة "مفنهج" يف املعففاجم والقفواميس اللغويفة علف معففاين اخلطفة والطريقففة واهلففدف والسفري الواضففح‪ .‬فقففد‬

‫ورد يف مع ففم اللغ ففة العربي ففة املعاص ففرة أن كلم ففة م ففنهج مش فتقة م ففن الفع ففل هن ففج ومجعه ففا من ففاهج‪ .‬واملنه ففاج ه ففو الطري ف‬

‫الواضففح ‪ ،‬ووسففيلة قففددة توصففل ىلس ايففة معنيففة "منففاهج البحففث العلمففي ‪ ،‬مففنهج الدراسففة ‪ ،‬لكففل علففم منه ففه ‪".‬‬

‫واملففنهج العلمففي خطففة منظمففة لعففدة عمليففات هنيففة أو حس فية بغيففة الوصففول ىلس كشففف حقيقففة أو الرهنففة عليهففا ‪.‬‬

‫ويقال انتهج الطري أي سلكه ‪ ،‬وانتهج سبيل اح أي سار عليه‪.1‬‬

‫يف املدلول اإلصفطالحي يقصفد طملفنهج تلفي الطريقفة الف مفن خالهلفا يصفل اإلنسفان ىلس اكتشفاف حقيقيفة أو‬

‫معرفففة‪ .‬وهففو ب فذلي ينتمففي ىلس علففم اإلبسففتمولوجيا ويعففك علففم املعرفيففات أو نظريففة املعرفففة ‪.‬فففاملنهج ىل ن هففو الطري ف‬

‫املنتظم املؤد للكشف عن احقيقيفة يف العلفوم بواسفطة اموعفة القواعفد الف يلتفزم فا الباحفث يف دراسفته للمشفكلة‬

‫البحثيفة حف يصفل ىلس نتي ففة معلومفة أو قفددة‪ .‬وىلجرائيفا يعففك املفنهج اإلطفار الفذي توضففع فيفه البيفاات واملعلومففات‬

‫ويففتم تنظيمهففا ومعاجلتهففا‪ ،‬والتعامففل معهففا مففن حيففث ىلخضففاعها إلجفراءات معينففة‪ .‬ويتسففع مفهففوم املففنهج ليشففمل كففل‬

‫شيء يتصل طلعمليفة التعليميفة سفواء أكفان لفي االتصفال اتصفاال مباشفرا أو فري مباشفر‪ .‬فهفو خطفة للفتعلم وبفرامج‬

‫للدراسففة ‪،‬وامففل احقففائ واملفففاهيم واملعلومففات اخلاصففة ففادة دراسففية معينففة ومنظمففة بصففيغة تربويففة ونفسففية ليسففهل‬

‫عل الطاليت تعلمها ‪.2‬‬

‫يقصففد طلتحليففل م ففن الناحيففة اللغويففة الت ففزيء والتفكيففي ‪،‬فق ففد ورد يف مع ففم اللغففة العربي ففة املعاصففرة أن كلم ففة‬

‫حتليل مصفدر للفعفل "حلفل" ‪ ،‬وهفي عمليفة تقسفيم الكفل ىلس أجزائفه ورد الشفيء ىلس عناصفره‪ .‬فنقفول حتليفل اجلملفة؛‬

‫أي بيففان أجزاءهففا ووظيفففة كففل منهففا ‪ ،‬ويقففال حتليففل الففذات ؛أي دراسففة املففرء لذاتففه وعواطفففه‪ .‬والعقففل التحليلففي هففو‬

‫انظر أ د ختار عمر (‪ )2008‬مع م اللغة العربية املعاصرة ‪ ،‬ص‪2291.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر ضياء العرنوسي (‪ )2013‬املناهج وحتليل الكتيت ‪ ،‬ص ‪، 5.6‬بتصرف‬ ‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫عقل يفطن ألجزاء الشيء خالفا للعقل الرتكيفن الفذي يفطفن جملمفوع الشفيء دون أجزائفه‪ .‬وختفر حتليفل أو حتلفيالت‬

‫فهو خاص طلتحليل الطن أو الكيميائي‪ 1.‬وجاء يف املع م الوسي أن مادة "حلل" تعفك ففي عقفدة شفيء‪ ،‬ويقفال‬

‫أيضففا حلففل نفسففية فففالن‪ :‬درسففها لكشففف خباايهففا‪ ،‬والتحليففل النفسففاين فففرع مففن علففم الففنفس‪ .‬وحتليففل اجلملففة‪ :‬بيففان‬
‫‪2‬‬
‫أجزاءها ووظيفة كل منها‪.‬‬

‫أما التحليل (‪(Analyse‬يف اجلانيت االصفطالحي ففاملراد منفه التوضفيح عفن طريف ىلبفراز مفا هفو متضفمن مفن‬

‫عناصفر بسففيطة يف املوضففوع ‪ ،‬والف تكففون امضففة بسففبيت طريقففة تركيبهففا‪ .‬فالتحليففل ىل ن مففنهج عففام ي فراد بففه تقسففيم‬

‫الكففل ىلس أجزائففه ورد الشففيء ىلس عناصففره املكونففة لففه‪ ،‬فمنففه التحليففل الرايضففي ومنففه الطبيعففي‪ ،‬ومنففه التحليففل النفسففي‬

‫(‪ )Psychoanalysis‬والتحليففل القصففدي (‪)Analyse intentionnel‬وحتليففل الظفواهر العقليففة والتحليففل النحففوي‬

‫)‪ )Analyse grammaticale‬ومنففه التحليففل املنطقففي )‪ 3.)Analyse logique‬أمففا ىل ا نظففرا ىلس التحليففل‬

‫أن كل مشكلة تتألف من عدد من العناصفر ‪،‬ينبغفي عزهلفا يف ظفل عمليفة تفكيفي‬ ‫كمنهج علمي فهو منهج يفرت‬

‫جلملة املوضوع ‪ ،‬ومن مث الشروع يف دراسة كل عنصر عل حدة‪.‬‬

‫لقد ظهر املنهج التحليلفي مفع بدايفة القفرن العشفرين ‪ ،‬وهفو بفذلي واحفد مفن املنفاهج العلميفة احديثفة‪ .‬ول يكفن‬

‫ل ففه بع ففد ارخي ففي عمي ف كب ففاقي املن ففاهج األخ ففر مث ففل امل فنهج االس ففتقرائي أو االس ففتنباطي أو الت ففارخيي ‪ ...‬وكان ففل م ففن‬

‫دواعي ظهوره أمهية القيام بعملية التحليل للمواد اإلعالمية ‪،‬واخلطيت السياسية‪ .‬وأهم ما نيز هذا املنهج قدرته علف‬

‫املتعلف ف طملوضف ففوعات املف فراد حتليلهف ففا مف ففن خف ففالل املبف ففاد الف ف يعتمف ففد عليهف ففا ‪ ،‬وتركيف ففزه علف ف فهف ففم‬ ‫كشف ففف الغمف ففو‬

‫املص ف ففطلحات العلمي ف ففة والكلم ف ففات املفتاحي ف ففة وك ف ففذلي الرم ف ففوز‪ .‬يض ف ففاف ىلس ل ف ففي أن ه ف ففذا امل ف ففنهج يتس ف ففم طحيادي ف ففة‬

‫واملوضوعية عند تناول اإلشكاالت العلمية‪.‬‬

‫انظر أ د ختار عمر (‪ )2008‬مع م اللغة العربية املعاصرة ‪ ،‬ص‪550.‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر املع م الوسي (‪ )2013‬ص‪194.‬‬ ‫‪2‬‬

‫انظر أ د عبد احليم عطية (‪ )2018‬الفلسفة التحليلية ماهيتها ‪،‬مصادرها ومفكروها ‪ ،‬ص‪25.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪56‬‬
‫يقفوم املففنهج التحليلففي علف اموعففة مففن األسففس أوهلفا التفكيففي أو التحليففل لعناصففر املشففكلة‪ .‬ويف هففذه املرحلففة‬

‫يعمل الباحث عل تفكيفي وجتفزيء القضفية املطروحفة ىلس قضفااي أخفر أوليفة مفع التطفرق ألدق التفاصفيل ؛ألن كفل‬

‫قضية شائكة يف املها وعل الباحث أن يتشفعيت يف أكثفر مفن جزئيفة لبلفوغ النتفائج الف يرجوهفا مفن خفالل ىلثبفات‬

‫صحة الفرضيات‪.‬وانيها التقوص أو النقد املوضوعي ففي ضوء عملية التفكيي ال يقوم ا الباحث عليفه يف مرحلفة‬

‫انية من مراحل املنهج التحليلي أن يقوم بت ميع أكفر كفم مفن املعلومفات حفول كفل عنصفر‪ ،‬مفن خفالل الرجفوع ىلس‬

‫الكتيت واملراجع واملخطوطات والدراسات السابقة‪ .‬وبعد لي يقوم الباحث بنقفد املعلومفات‪ ،‬واسفتبعاد مفا يفراه فري‬

‫مناسف ففيت‪ .‬واملرحلف ففة األخف ففرية مف ففن مراحف ففل املف ففنهج التحليلف ففي هف ففي االسف ففتنتاج أو االسف ففتنباط وفيهف ففا ينتهف ففي الباحف ففث ىلس‬
‫‪1‬‬
‫استنباط أحكام قد تكون قابلة للتعميم عل ظواهر كثرية أو تتسم طخلصوصية‪.‬‬

‫بعفد قراءتنفا املتأنيفة حملتفوايت هفذا الكتفاب ‪ ،‬وحتديفدا ملضفامني فصفوله يتبفني أن شومسفكي اعتمفد يف أتليففف‬

‫الدراس ففة الفلس فففية يف ا ففال اللس ففانيات املعرفي ففة‪ ،‬وين ففاقش بعم ف التنظ فريات‬ ‫كتاب ففه عل ف م ففنهج حتليل ففي يب ففني ن فواق‬

‫الفلسفية الغربية املعاصرة عن كثري من القضااي ال تتعل طلذهن والشفعور واللغفة‪ .‬فف ا كفان التحليفل كمفنهج علمفي‬

‫ي فراد ب ففه تفكي ففي وجت ففزيء الظ فواهر أو املش ففكالت البحثي ففة ىلس العناص ففر األولي ففة املكون ففة هل ففا ف ف ن شومس ففكي يف ه ففذا‬

‫الكت ففاب ين ففاقش قض ففيته األساس ففية املتعلق ففة بدراس ففة اللغ ففة وال ففذهن يف ض ففوء استحض ففار قض ففااي أخ ففر أولي ففة تكوهن ففا‬

‫كمسففألة تفسففري اسففتخدام اللغففة أو املقاربففة الطبيعيففة العلميففة واملقاربففة الثنائيففة يف دراسففة اللغففة والففذهن أو قضففية اللغففة‬

‫من املنظور الداخلي ‪.‬‬

‫ومففا يثففري االنتبففاه أيضففا كففون هففذا الكتففاب يراعففي أهففم األسففس ال ف يقففوم عليهففا املففنهج التحليلففي واملتمثلففة يف‬

‫مرحلففة النقففد أو التقففوص ؛ لففي أن شومسففكي يعففر ارخيففا مففن األفكففار والتصففورات الفلسفففية التقليديففة الف صففرفل‬

‫اهتمامهففا ىلس اللغففة بوص فففها كيففاا عامففا ال نل ففي األف فراد ىلال معرفففة جزئي ففة بففه‪ .‬مث حيففاول نق ففدها وتقونهففا مففن خ ففالل‬

‫‪ 1‬انظر موقع ‪ www.mob3atah.com‬معلومات قورية عن املنهج التحليلي يف البحث العلمي ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫اعتبففار معرفففة اللغففة فرديففة وداخليففة يف الففذهن البشففري‪ .‬ويرتتففيت عففن هففذا أنففه جيففيت أن توجففه الدراسففة احقيقيففة للغففة‬

‫اهتمامهففا ىلس هففذه البنيففة الذهنيففة وهففي وحففدة نظريففة يسففميها طملصففطلح اجلديففد "اللغففة د" للداللففة عل ف أهنففا داخليففة‬

‫ومفهومية وفردية‪.‬‬

‫ال يكتم ففل امل ففنهج التحليل ففي ىلال برتكي ففيت املف ففاهيم واس ففتخالص النت ففائج ح ففول الظ ففاهرة املدروس ففة‪ .‬وه ففي مرحل ففة‬

‫رحلفة اإلسفتنباط‪ .‬ويشفمل لفي كفل عمفل يهفدف ىلس وضفع نظريفة عمليفة مفا ‪،‬‬ ‫أساسية من مراحل التحليل تسم‬

‫ىللي ففه شومس ففكي يف الفص ففل الس ففابع م ففن ه فذا الكت ففاب ؛ عن ففدما حت ففدد ع ففن‬ ‫أو بن ففاء قاع ففدة معين ففة‪ .‬وه ففذا م ففا خل ف‬

‫مفهوم امللكة اللغوية‪ .‬مث ربطه بفني هفذا النقفا‬ ‫املقاربة الداخلية لدراسة اللغة ‪،‬وبني النتائج املتوصل ىلليها فيما خي‬

‫مففن كثففري مففن التقني ففات الوصفففية والتفسففريية ال ف‬ ‫وأحباثففه األخففرية يف بففرامج اح ففد األدىن الففذي يسففع ىلس ال ففتخل‬

‫هفذه الوسفائل ىلس عفدد قليفل مفن املبفاد العامفة‬ ‫كانل تسفتعمل يف األطفوار السفابقة مفن النظريفة التوليديفة‪ ،‬وتقلفي‬

‫والوسائ ‪ .‬وبذلي يكون شومسكي قد التزم يف عرضه لقضيته اجلوهرية املتعلقة بدراسة اللغفة والفذهن جبميفع مراحفل‬

‫املنهج التحليلي بدءا من التفكيي أو التفسري مرورا طلنقد أو التقوص مث انتهاء طلرتكييت أو االستنباط‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬القضااي و اإلشكاالت املطروحة ‪ :‬مشكلة الذهن‪-‬اجلسد وقضية توحيد العلم‬

‫يكشففف ه ففذا الكت ففاب الففذي حيم ففل عن فوان "آف ففاق جديففدة يف دراس ففة اللغ ففة والففذهن" بع ففض خف ففااي التش ففويش‬

‫والتحامففل اللففذين أصففاط الدراسففة الفلسفففية للغففة ويقففدم حلففوال جديففدة لأللغففاز التقليديففة ومنظففورات جديففدة لففبعض‬

‫القضففااي ال ف تففدخل يف االهتمففام العففام بففدءا شففكلة الففذهن‪-‬اجلسففد وانتهففاء بقضففية توحيففد العلففم‪ .‬وتتعل ف القضففية‬

‫األوس ؛أي مشفكلة الفذهن‪ -‬اجلسففد طلعالقفة اجلدليففة القائمفة بففني هفا ين اإلثنفني ؛ فقففد أثفريت عففدد مفن التسففاؤالت‬

‫املهمففة عففن طبيعففة هففذه العالقففة ‪،‬كففان أبرزهففا التصففور القائففل رن الففذهن واجلسففد جففوهران متمففايزان‪ ،‬حبيففث أن كففال‬

‫منهمففا مسففتقل عففن اآلخففر‪ ،‬وأن الظ فواهر الذهنيففة يف بعففض النفواحي ففري ماديففة‪ .‬وهففذا الفرأي نثلففه أصففحاب النظريففة‬

‫الثنائيففة ال ف نكففن ىلرجاعهففا ىلس ديكففارت يف الفلسفففة احديثففة‪ .‬ويف املقابففل اآلخففر جنففد النظريففة الفيزايئي فة ال ف تفسففر‬

‫العالقفة بففني الففذهن واجلسففد طعتبففار كففل منهمففا كمففادة‪ ،‬ىلس جانفيت النظريففة األحاديففة الف تنطلف مففن فرضففية أساسففية‬

‫مؤداها أن الذهن واجلسد حيددمها جوهر واحد ‪.‬‬

‫لقد كانل املشكلة األبدية يف الفلسفة هي تفسري كيفيفة أتثفري مفا هفو عقلفي هفك علف مفا هفو جسفدي؛أي‬

‫كيف لشيء يوصف أنه ارد ري ملموس أن حيدد تغيريات يف كياات قددة املوقع مكانيفا‪ ،‬أو بتعبفري آخفر كيفف‬

‫نكن للذهن أن حيرك اجلسد ‪ .‬ويف نظر شومسكي أن هذه املشكلة ال نكن ح صيا تها ويعود السفبيت يف لفي‬

‫ال ألننا منتلي فهما قدودا أكثر مما ينبغي عن الفذهن بفل ألننفا ال منتلفي قاكفاة ملفا يشفكل اجلسفد ‪.‬ويف طرحفه هلفذه‬

‫القض ف ف ففية ي ف ف ففورد شومس ف ف ففكي ع ف ف ففددا م ف ف ففن اآلراء والتص ف ف ففورات ال ف ف ف اهتم ف ف ففل ف ف ففذا املوض ف ف ففوع‪ ،‬ويف مق ف ف ففدمتها تص ف ف ففور‬

‫اج فل(‪ nagel)1937‬وه ففو أح ففد نق ففاد املقارب ففة املادي ففة ال ففذي اعت ففر أن مش ففكلة ال ففذهن–اجلس ففد ل تث ففر بش ففكلها‬

‫احديث ىلال يف القرن السابع عشر بتزامن مع نشوء التصور العلمي للعال الفيزايئفي الفذي نشفأا عليفه مجيعفا اآلن؛أي‬

‫اجل فهما مسبقا للفذهن واجلسفد فينظفر ىلس جفوهر الفذهن علف أنفه الشفعور وأن الظفواهر‬ ‫التصور النيوتك‪ .‬ويفرت‬

‫الذهنيففة ففذا املعففف كلهففا شففعورية ىلمففا حقيقففة أو ىلمكففاا‪ .‬ويبففدو لففي واضففحا يف دع فواه القائلففة رن حتديففد مففا هففو‬

‫‪59‬‬
‫هك سيكون يف ضفوء مفا يسفم طلنففا ىلس الشفعور الفذي يفؤدي ىلس التمييفز بفني الفذهن واجلسفد‪ .‬وهفذا يقفودا ىلس‬

‫القففول رن مشففكلة الففذهن اجلسففد هففي مشففكلة تفسففري الكيفيففة الف يتصففل ففا الشففعور طلبففف األعصففابية ويبففدو أهنففا‬

‫مماثلة تقريبا للمشكالت األخر ال برزت طوال اريل العلم ‪،‬وهي ال تبق من ري حفل أحيفاا كمشفكلة تفسفري‬

‫حركة الكواكيت يف ضوء الفلسفة اآللية ومشكلة حركة األشياء األرضية‪.‬‬

‫يف األخري ىلس أن عالقة الذهن طجلسد مفن بفني النقاشفات واألحبفاد الف راعفل اهتمفام فالسففة الفذهن‬ ‫خنل‬

‫وظه ففرت بكث ففرة يف ا ففال امليتافيزيقي ففة ‪ ،‬وق ففد عرفه ففا ش ففوبنهاور(‪1860-1788‬م)‪ schopenhauer‬رهن ففا عق ففدة‬

‫الع ففال ال ف ت فرب بش ففكل ملت ففبس بع ففدين يب ففدو أهنم ففا البع ففدان األساس ففيان لكنس ففان‪ .‬وكم ففا يب ففدو فالتص ففور التقلي ففدي‬

‫ملشففكلة الففذهن اجلسففد أصففبح مت ففاوزا يف وقتنففا الفراهن يف عصففر عففرف طلعلمنففة املميففزة للعففال اإلنسففاين وأزمففة مفهففوم‬

‫اجلوهر واإلجنفازات الف حققهفا علفم وظفائف األعصفاب وعلفم التأويفل اللغفوي ‪ .‬ىل ل يعفد طإلمكفان تفسفري اإلنسفان‬

‫بعده ىلنساا مزدوجا ‪ ،‬فالعقل ال يوجد ككيان واجلسد هو مفهوم عام ىلس أقص درجة‪.‬‬

‫قضفية توحيفد العلفم فقفد بفرزت بصففتها سفؤاال عفن التفاعفل بفني الفذهن واجلسفد ‪ .‬وتفرتب بشفكل‬ ‫أمفا فيمفا خيف‬

‫مباشففر بففزعم مففؤداه أن اللسففانيات علففم ينتمففي ىلس العلففوم الطبيعيففة ‪،‬ور ففم تك فرار شومسففكي هلففذا الففزعم املسففوغ عففن‬

‫مكان ففة اللس ففانيات العلمي ففة فق ففد أب ففد رفض ففه لك ففل احمل ففاوالت االختزالي ففة ال ف تس ففع ىلس اخت فزال اللغ ففة ىلس العض ففوي‬

‫والفيزايئففي ‪ ،‬مؤك ففدا عل ف أن م ففا تاجففه هن ففا هففو التوحي ففد ال االخت فزال ‪ .‬ف ففاإلختزال الكاسففح ادر يف اري ففل العل ففوم‪،‬‬

‫والشائع أن خيضع العلم ىلس مراجعة جذرية ىلس أن يتم التوحيد كما حصل مع الفيفزايء و الكيميفاء؛ فقفد وحفد تعليفل‬

‫بولنج(‪ pauling )1994-1901‬للراب الكيميائي هذين العلمني‪ .‬لكن لي ل حيدد ىلال بعد أن جعلفل الثفورة‬

‫الكمية يف الفيزايء هذه اخلطوات ممكنة‪ .‬ويبفدو أن شومسفكي يقفر بوجفود صفعوطت وعوائف حتفول دون جنفا عمليفة‬

‫نكن أن يسري ا وىلن كانل لدينا معرفة طملقوالت الف ينبغفي توحيفدها‪.‬‬ ‫التوحيد هذه ؛فنحن ال نعلم الكيفية ال‬

‫‪60‬‬
‫الش ففبكة‬ ‫الذهني ففة ىلس خص ففائ‬ ‫ببس ففاطة وج ففوب أن ختت ففزل اخلص ففائ‬ ‫فل ففيس هن ففاك م ففن م ففرر يفس ففر لن ففا أن نف ففرت‬

‫العصبية كما تدعي ىلحد املزاعم النمطية ‪.‬‬

‫وي ففتم شومس ففكي نقاش ففه ح ففول قض ففية توحي ففد العل ففم يف ض ففوء حديث ففه ع ففن مقارب ففة لل ففذهن أتخ ففذ اللغ ففة والظ فواهر‬

‫املماثلففة هلففا موضففوعا طبيعيففا ‪ ،‬وتلففزم حتليليهففا طملنه يففة املتبعففة يف العلففوم الطبيعيففة ‪ ،‬مففن ففري أن يكففون هنففاك مكففان‬

‫لقيففود علف البحففث اللسففاين وراء تلففي القيففود املألوفففة يف العلففوم كلهففا ‪ .‬لكففن هففذا ال يعففك ىلمكففان اختفزال اللسففانيات‬

‫ىلس الفيزايء أو ىلس أي علم مفن العلفوم الطبيعيفة ؛فاللسفانيات هلفا قوانينهفا وآليفات اشفتغاهلا اخلاصفة وتعميماألفا الف ال‬

‫نكن وصفها بلغفة "الكواركفات وأشفباهها" ‪ .‬كمفا أن ىلعطفاء نفوع مفن األولويفة للفيزايئفي أو للعضفوي خفاط ‪ ،‬لفي‬

‫أن النظفرايت اللسففانية علف درجففة مففن الغففف جتعلهففا قففادرة علف تقففدص بعففض التنبفؤات احملففددة عففر اففال واسففع مثلمففا‬

‫تفعل النظرايت الكيميائية والنظرايت األحيائية ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬آفاق الكتاب و أمهيته‬

‫نثف ففل هف ففذا الكتف ففاب املعنف ففون بف ف ف فف"آفاق جديف ففدة يف دراسف ففة اللغف ففة والف ففذهن مراجعف ففة شف ففاملة للمنطلقف ففات الفكريف ففة‬

‫والفلسفية والعلمية ال بف عليها شومسفكي صفرحه اللسفاين واسفتق منهفا أفكفاره وتصفوره حقيقفة اللغفة اإلنسفانية ‪.‬‬

‫فق ففد مكن ففه اطالع ففه الواس ففع عل ف ا ففاالت معرفي ففة ختلف ففة كالفلس فففة الديكاريت ففة وعل ففم ال ففنفس املع ففريف وعل ففم األحي ففاء‬

‫احففديث ‪،‬وىلملامففه طألسففس اللغويففة ملدرسففة بففور روايل ورفكففار هبمولففدت خاصففة فكففرة اإلبداعيففة الف اقتبسففها عنففه‬

‫وأعفاد طرحهففا بقففوة يف الدراسففات اللسففانية احديثفة مففن صففيا ة نظريففة لسففانية لفيس هلففا نظففري‪ ،‬وال نكففن ألي طحفث‬

‫لساين أن يغفلهفا ‪ .‬ويطلعنفا هفذا الكتفاب علف كثفري مفن التنظفريات الفلسففية الغربيفة املعاصفرة الف اهتمفل بعفدد مفن‬

‫القض ففااي املتعلق ففة طل ففذهن والش ففعور واللغ ففة ‪ ،‬فيس ففع شومس ففكي م ففن خ ففالل ه ففذه املق ففاالت أن يش ف طريق ففا واض ففحا‬

‫ل ففبعض أن فواع اللغ ف والتحي فزات ال ف ابتلي ففل ففا دراس ففة فلس فففة اللغ ففة ‪ ،‬ويق ففدم بعمل ففه ه ففذا حل ففوال جدي ففدة ل ففبعض‬

‫املشففكالت التقليديففة احملففرية ومنظففورات جديففدة لففبعض القضففااي الف تففدخل يف اإلهتمففام بففدءا شففكلة الففذهن اجلسففد‬

‫وانتهاء بقضية توحيد العلم‪.‬‬

‫تكمن أمهية هفذا الكتفاب بوصففه أتمفال موسفعا يف أتويفل شومسفكي الفداخلي مللكفة اللغفة البشفرية ‪ ،‬فهفو يفدافع‬

‫عففن وجهففة نظففر مفادهففا أن معرفففة اللغففة فرديففة وداخليففة يف الففذهن عكففس مففا تصففوره التقاليففد الفلسفففية مففن أن اللغففة‬

‫كيان عام ال نلي األفراد ىلال معرفة جزئية به ‪ .‬وقد استطاع شومسكي من خالل عمله هذا أن يثفري بعفض القضفااي‬

‫البحفث يف امللكفات الذهنيفة العليفا وأيضفا قصفور الفهفم لف ف "تفاعفل الذهن‪/‬الفدماغ"‪.‬‬ ‫املهمة الف مت ىل فاهلفا فيمفا خيف‬

‫ويبدو أن هذا النوع من البحفث نكفن عفده جفزءا مفن علفم الفنفس أو علفم األحيفاء البشفري بصفورة أعفم ‪ ،‬فقفد أطلف‬

‫عليففه بعففض البففاحثني مصففطلح "اللسففانيات األحيائيففة" ال ف تتخففذ بعففض احففاالت احملففددة للنففاس وهففي بففدون شففي‬

‫ح ففاالت أدمغف ففتهم موضف ففوعا هلف فا ‪.‬فتسف ففع ىلس الكشف ففف ع ففن طبيعف ففة هف ففذه اح ففاالت وخصائصف ففها وتطوراألف ففا وأنواعهف ففا‬

‫واألس ففس ال ف تق ففوم عليه ففا يف اإلع ففداد األحي ففائي الفط ففري ال ففذي حي ففدد ملك ففة لغوي ففة تتص ففف رهن ففا مك ففون فري ففد م ففن‬

‫‪62‬‬
‫مكوات امللكات الذهنية العليا ‪ ،‬وخصيصة مقصورة عل النوع ومشفرتكة بفني بفك البشفر ىلس حفد بعيفد ‪ ،‬لفيس هفذا‬

‫فق بل ألتم كذلي طلطرق ال تدخل ا (هذه احاالت يف استخدام اللغة‪.‬‬

‫يبدو أن املقاربة العلمية الطبيعية كما يراها شومسكي هي الطري املالئم للبحث يف ظفواهر اللغفة واسفتخدامها‪.‬‬

‫فر م ما وجه هلا من انتقادات ستبق قضية مسفلمة للبحفث البنفاء يف هفذه اجملفاالت ‪ ،‬وينبغفي علينفا الرهنفة علف أن‬

‫أن فواع النقففد املوجهففة هلففا مضففللة ىلس حففد بعيففد ‪ .‬وبففذلي يكففون شومسففكي مففن خففالل هففذا الكتففاب قففد بففني املسففار‬

‫الصحيح الذي ينبغي أن تسري وفقه الدراسة احقيقية للغة وهو الرتكيز علف اجلانفيت الفداخلي ؛ أي علف هفذه البنيفة‬

‫الذهنية ال تسم طملصطلح التقك القدرة اللغوية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫لقففد أوشففكل قففاطرة البحففث عل ف هنايتهففا بعففد مسففار شففاق وجهففد وفففري بففدلناه يف سففبيل حتصففيل العلففم وحتقي ف‬

‫اموعففة مففن األهففداف واملرامففي املسففطرة ضففمن مشففروعنا البحثففي‪ .‬وقففد توصفلنا ىلس اموعففة مففن اخلالصففات والنتففائج‬

‫اهلامة‪ :‬نبدأها طلتأكيد عل أن دراسة اللغفة حتظف طهتمفام كبفري وعنايفة فائقفة مفن قبفل العلمفاء والبفاحثني طخفتالف‬

‫عصففورهم ‪،‬وتشففكل موضففوعا مرك فزاي لعففدد كثففري مففن األحبففاد والدراسففات‪ .‬أمففا يف عصففرا ال فراهن فقففد زادت العنايففة‬

‫طللغففة وبظواهرهففا وخواصففها ‪،‬وتنوعففل بففذلي النظ فرايت اللسففانية السففاعية ىلس تفسففريها وكشففف حقيقتهففا‪.‬مث ىلن هففذا‬

‫الكتففاب الففذي هففو موضففوع حبثنففا يعففد ىلضففافة رئيسففية للدراسففة الفلسفففية للففذهن واللغففة‪ ،‬فقففد اسففتطاع شومسففكي مففن‬

‫خ ففالل اموع ففة ه ففذه املق ففاالت أن يكش ففف بع ففض خف ففااي التش ففويش والتحام ففل ال ففذين أص ففاط الدراس ففة الفلس فففية للغ ففة‬

‫ويقدم بفذلي حلفوال جديفدة لفبعض القضفااي الف تصفنف ضفمن االهتمامفات العامفة كمشفكلة الفذهن اجلسفد وقضفية‬

‫توحيد العلم‪.‬‬

‫كم ففا تبف ففني أيض ففا أن هف ففذا الكتف ففاب املوس ففوم افف ففاق جديف ففدة يف دراس ففة اللغف ففة والف ففذهن نث ففل مراجعف ففة شف ففاملة‬

‫امل ففنهج ال ففذي‬ ‫للمنطلق ففات الفكري ففة والعلمي ففة والفلس فففية ال ف اس ففتق منه ففا شومس ففكي أفك ففاره وتص ففوراته فيم ففا خي ف‬

‫ش ففرعه يف دراس ففة اللغة‪.‬أض ففف ىلس ل ففي أن املقارب ففة الطبيعي ففة ه ففي مركزي ففة يف أحب ففاد شومس ففكي كله ففا وطري ف مالئ ففم‬

‫للبحففث يف ظفواهر اللغففة واسففتخدامها ر ففم االنتقففادات املوجهففة هلففا‪ .‬يف املقابففل شففكي شومسففكي مجلففة وتفصففيال يف‬

‫مش ففروعية املقارب ففة الثنائي ففة يف دراس ففة اللغ ففة وال ففذهن‪ ،‬مؤك ففدا عل ف أهن ففا ينبغ ففي أن تك ففون موض ففع خ ففالف وج ففدل كب ففري‬

‫عكففس مففا نفراه اليففوم‪ ،‬وهففذه مسففة ريبففة يف اريففل الفكففر املعاصففر كمففا وصفففها شومسففكي‪ .‬ومففن النتففائج الف توصففلنا‬

‫ىلليها أيضا كون هذا الكتاب يكشف عن بعض التفاصيل واحيثيفات املتعلقفة طلدراسفة الداخليفة للغفة ويركفز بشفكل‬

‫كب ففري عل ف اللغ ففة املبني ففة داخلي ففا؛أي عل ف املعرف ففة اللغوي ففة الكامن ففة يف أ ه ففان املتكلم ففني ال ف نك ففن اعتباره ففا املوض ففوع‬

‫‪64‬‬
‫احقيقي للنظرية اللسانية‪ .‬أما فيما يتعل بدراسة استعمال اللغة فقد أطنل مقاربة التمثيالت احوسيبية عن جناعتهفا‬

‫يف تقدص أفضل التفسريات العلمية للمظاهر األساسية الستخدام اللغة ويتعل األمر طإلجراء التوليفدي الفذي يكفون‬

‫األوصففاف البنيويففة‪ .‬وطلتففاع تتضففح معففال الصففلة بففني هففذا الكتففاب واألحبففاد األخففرية املففؤطرة ضففمن الففرامج العلمففي‬

‫للنظري ففة التوليدي ففة‪.‬حيث نك ففن ع ففده كم ففدخل أس ففاس لفه ففم تفك ففري شومس ففكي يف الوق ففل ال فراهن ع ففن طبيع ففة امللك ففة‬

‫اللغوية‪.‬‬

‫ل يكفن وصفولنا ىلس هففذه املرحلفة اخلتاميفة حففض صفدفة وىلمنفا جففاء نتي فة جهفد ومثففابرة ‪،‬ر فم بعفض الصففعوطت‬

‫الف واجهتنففا وعرقلففل سففريا يف رحلتنففا املعرفيففة هففذه ؛منهففا طبيعففة املدونففة الف حتتففاج ىلس ق فراءات متعففددة للنفففا ىلس‬

‫عمقها وفهمها‪ ،‬وأيضفا صفعوبة فهفم مفا يتضفمنه الكتفاب‪ ،‬و لفي راجفع ىلس أن شومسفكي ال يفورد طلتفصفيل مواضفع‬

‫لفي النقفا الغفك‪.‬‬ ‫التنازع بني النظرايت الفلسفية املختلففة‪ ،‬بفل يشفري ىلليهفا مفرتضفا اطفالع القفار بصفورة مفا علف‬

‫وال ننس ف أيضففا ىلشففكالية الرتمجففة ؛فاألكيففد أننففا واجهنففا صففعوطت يف ضففب بعففض املصففطلحات ال فواردة يف الكتففاب‬

‫عففز‬ ‫وفهمهففا فهمففا صففحيحا‪ ،‬وأخفريا الظففروف الصففحية والنفسففية الف كففان هلففا أتثففري سففلن علينففا‪ .‬ىلال أنففه وبفضففل‬

‫وج ففل وتوفيق ففه متكن ففا م ففن جت ففاوز ج ففل ه ففذه الص ففعاب بك ففل ع ففزم وق ففوة واس ففتطعنا أن منض ففي ق ففدما وىلكم ففال مش ففروعنا‬

‫الدراسي يف الوقل احملدد‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫قـ ـ ـائ ـ ـم ـ ـة املـ ـ ـص ـ ـادر وال ـ ـ ـمـ ـ ـراجـ ـ ـ ـع‬
‫مومن‪ ،‬أ د(‪،)2005‬اللسانيات النشأة والتطور‪،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬الطبعة الثانية‬

‫ختار عمر‪ ،‬أ د(‪،)2008‬معجم اللغة العربية املعاصرة‪،‬نشر وتوزيع طباعة القاهرة ‪،‬عال الكتيت ‪ ،‬الطبعة األوس‬

‫عطي ففة ‪،‬أ ففد عب ففد احمي ففد(‪،)2018‬الفلس ــفة التحليلي ــة ماهيتها‪،‬مص ــادرها‪ ،‬ومفكروه ــا‪ ،‬دار خطوط ففات العتب ففة‬
‫العباسية املقدسة‪ ،‬الطبعة األوس‬

‫شومسففكي ‪،‬أف فرام نعففوم (‪،)2005‬آفــاق جديــدة يف دراســة اللغــة والــذهن‪ ،‬ترمجففة امل فزيك ففزة بففن قبالن‪،‬املشففروع‬
‫القومي للرتمجة‪ ،‬ىلشراف جابر عصفور‪،‬اجمللس األعل للثقافة ‪،‬الطبعة األوس‬

‫شومسففكي ‪ ،‬أف فرام نعففوم (‪ ، )2017‬بنيــان اللغــة ‪،‬ترمجففة الكلففثم ىلب فراهيم ‪،‬جففداول للنشففر والتوزيففع والرتمجففة ‪،‬الطبعففة‬
‫األوس‪.‬‬

‫احدايب‪ ،‬ىلهلام(‪ ،)2021‬نظرة نقدية للواقع املعاصــر‪،‬قراءة يف أعمــال نعــوم شومســكي‪،‬مركفز الفكفر االسفرتاتي ي‬
‫للدراسات‪،‬الطبعة األوس‬

‫صففاحيت الففزويك‪ ،‬ابتسففام‪ ،‬ضففياء ‪،‬العرنوسففي‪،‬حيدر‪ ،‬حففامت(‪ ،)2013‬املن ــاهج وللي ــل الكت ــب ‪،‬دار صفففاء للنشففر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪1‬‬

‫مجال الدين ‪ ،‬أبو الفضل قمد بن منظور (‪711‬ه)‪ ،‬معجــم لســان العــرب‪20،‬جزء(مادة‪:‬لغفا‪،‬بك حتقي خنبفة مفن‬
‫‪،‬حس ف ففيت ‪،‬قم ف ففد أ ف ففد ‪،‬الشا ع‪،‬هاش ف ففم قم ف ففد‪،‬دار املع ف ففارف ‪،‬الطبع ف ففة‬ ‫األس ف ففاتذة ه ف ففم‪ :‬عل ف ففي الكب ف ففري ‪،‬عب ف ففد‬
‫األوس‪،‬القاهرة‬

‫ميش ففال ‪ ،‬زك فراي (‪ ،)1986‬امللك ــة اللس ــانية يف مقدم ــة اب ــن خل ــدون‪،‬املؤسس ففة اجلامعي ففة للنش ففر والتوزيع‪،‬الطبع ففة‬
‫األوس‪.‬‬

‫قمف ف ففد ‪،‬دار البلخف ف ففي ج‪ 2‬الطبعف ف ففة‬ ‫اب ف ففن خلف ف ففدون ‪،‬عبف ف ففد الر ف ففان‪808(،‬ه ‪ ،‬املقدمـ ـ ــة ‪،‬حتقيف ف ف درويف ف ففش ‪،‬عب ف ففد‬
‫األوس‪،‬دمش ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫أبو الفتح ‪،‬عثمان ابن جك (‪392‬ه ‪،‬اخلصائص‪ ،‬حتقي الن ار علي‪ ،‬مطبعة دار الكتيت املصرية‪ ،‬ج‪،1‬مصر‬

‫يونس علي‪ ،‬قمد (‪ ،)2004‬مدخل إىل اللسانيات ‪،‬دار الكتاب اجلديدة املتحدة ‪ ،‬الطبعة األوس‪.‬‬

‫لفان ‪،‬مصطف ‪ ،‬املالس‪ ،‬اقمد‪ ،‬ىلمساعيلي علوي ‪،‬حافظ (‪ ، 2010‬اللســانيات التوليديــة مــن النمــوذ مــا قبــل‬
‫املعيار إىل الربانمج األدنوي ‪:‬مفاهيم وأمثلة‪ ،‬عال الكتيت احديث للنشر والتوزيع ‪،‬الطبعة األوس‬

‫بوقرة‪،‬نعمان(‪،)2009‬املصطلحات األساسية يف لسانيات الــنص ولليــل اخلطاب‪،‬دراســة معجميــة‪،‬عفال الكتفيت‬


‫احديث‪ ،‬الطبعة األوس‪.‬‬

‫امع اللغة العربية‪،)2008(،‬املعجم الوسيط‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪،‬طب اجليم(مادة‪ :‬بك‪،‬حلل الطبعة الرابعة‪.‬‬

‫م ـ ــواق ـ ــع األنـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـرن ـ ـ ـ ــت‬

‫نعوم شومسكي املفكر املناهض لسياسة أمريكا ‪،‬شخصيات موقع اجلزيرة نل‪www.aljazeera.net‬‬

‫من هو نعوم شومسكي؟موقع أراجيي ‪www.arageek.com‬‬

‫نعوم شومسكي مفكر يهودي حيمل احقيقة يف وجه القوة‪،‬موقع طلعربية‪.‬نل ‪www.bilarabiya.net‬‬

‫معلومات قورية عن املنهج التحليلي يف البحث العلمي‪،‬موقع ‪www.bilarabiya.net‬‬

‫‪67‬‬

You might also like