You are on page 1of 194

‫‪1‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫وصلى اهلل على النىب الكرمي‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫احلمد هلل ال ذى ال أحصى ثن اء عليه هو كما أثىن على نفس ه‪.‬‬
‫والص الة والس الم على س يدنا حممد وعلى من اهت دى هبديه واسنت‬
‫بسنته إىل يوم الدين‪.‬‬
‫ملا أجاز يل معهد اللغات باجلامعة اإلسالمية العاملية بإسالم آباد‬
‫باكس تان الكتابة ح ول موض وع (أص وات العربية كما ينطقها املتكلم‬
‫باهلوسا" كرسالة للماجستري ىف اللغة العربية أصبح من مهمىت الوقوف‬
‫على نطق املتكلم باهلوسا ألص وات العربية أثن اء تالوة الق رآن وق راءة‬
‫احلديث والكتب العربية اخ رتت من الكتب املص نفة من قبل علمائنا‬
‫احملل يني ىف شىت مي ادين املعرف ة‪ .‬وذلك بغية مالحظة نطق اهلوس اوى‬
‫هلذه األص وات وحتليله ‪ .‬ظهر ىل خالل اإلص غاء إىل ق راءة ه ذه‬
‫النص وص ما هلا من قيمة لغوية وثقافية فاش تاقت نفسى إىل مواص لة‬
‫مطالعة ه ذه املؤلف ات الىت مبثابة كن وز مثينة ال متاثلها كن وز‪ .‬وعن دما‬
‫واجهتىن دراسة ال دكتوراه مل أجد مكانا أحق بالدراسة من مؤلف ات‬
‫العلم اء النيج رييني فوقع اختي ارى على عن وان "الفكر املعجمى ل دى‬
‫العالمة عبد اهلل بن فودى ‪1779( .‬هـ – ‪1245‬هـ) (‪ )1‬وعبد اهلل بن‬
‫فودى قد لقب بعالمة السودان ونادرة الزمان يقول املرحوم الشيخ عبد‬
‫اهلل االلورى بـهذا الصدد‪.‬‬
‫"ج اء عبد اهلل بن ف ودى ونضج ونبغ ىف كل مي دان‬
‫فلقب بن ادرة الزم ان وعالمة الس ودان ألنه مل ينازعه‬
‫‪2‬‬

‫واحد وال اثن ان ىف تفسري الق رآن‪ ،‬وتفس ريه ض ياء‬


‫التأويل وكفاية ضعفاء السودان مما يشهدان لذلك‪.‬‬
‫نعم ‪ :‬إنه ن ادرة الزم ان وعالّمة الس ودان ألنه‬
‫حيفظ املت ون ىف مجيع الفن ون كما حيفظ أهم مف ردات‬
‫اللغة ألنه ك ان حيفظ الق اموس احمليط " للفريوزب ادى‪.‬‬
‫وألفيته املس ماة ‪ - :‬احلصن الرصني ىف الص رف واللغة‬
‫شاهدة لذلك‪.‬‬
‫نعم ‪ :‬إنه نادرة الزمان وعالمة السودان بكثرة ما‬
‫ألف من نثر ونظم من شعر ىف خمتلف العلوم والفنون‪،‬‬
‫يعوم ىف حبجها ويغوص ىف أغوارها وجيول ىف أرجائها‬
‫(‬
‫ويصول ىف أعماقها بشكل ال يبارى وحال ال جيارى"‬
‫‪. )2‬‬
‫ال شك أن شخص ية كه ذه ج ديرة ب البحث من ع دة ن واحى ‪.‬‬
‫لقد سبق أن أجريت فيه حبوثا علمية مفصلة متثل طول باع هذا الشيخ‬
‫ىف خمتلف جماالت املعرفة على حنو ما ش اهدناه عند ال دكتور عبد اهلل‬
‫حممد آدم ىف حتقيقه لكت اب الش يخ عبد اهلل "البحر احملي ط" ىف النحو‬
‫والص رف واإلمالء‪ .‬قد ق ام ال دكتور على أب وبكر غون دو ببحث ىف‬
‫مكانة الشيخ عبد اهلل الفقهية على مستوى الدكتوره وقام املستشرق هـ‬
‫‪ .‬هسكيت واألستاذ عمر سعيد بتحقيق ودراسة لديوان الشيخ عبد اهلل‬
‫"تزيني الورقات " الذى ميثل جانبا أدبيا للشيخ عبد اهلل ‪ .‬يقابلنا كذلك‬
‫دراسة مفص لة إلنت اج الش يخ عبد اهلل البالغى على يد ال دكتور عبد‬
‫الباقى شعيب أغاكا الذى قام بعرض جمهودات الشيخ عبد اهلل البالغية‬
‫‪3‬‬

‫ىف رس التيه للماجس تري وال دكتوراه‪ .‬تع رض ال دكتور خفيفا لقض ية‬
‫املعجم ىف حديثه عن األلفاظ ىف رسالته الدكتوراه ‪.‬‬
‫وأما الفكر املعجم ل دى الش يخ عبد اهلل ف البحوث الس ابقة فيه‬
‫إش ارات ع ابرة حيث يقل للب احث مص ادر ىف اجملال ‪ . .‬وعلى ذلك ال‬
‫تربأ حماولة باحث متواضع مثلى من اخلطأ ‪.‬‬
‫الدراسات السابقة ذات عالقة بالموضوع‬
‫والدراسة املعجمية من موض وعات علم الداللة ‪ .‬وعلم الداللة‬
‫علم يتخذ املعىن موض وع دراس ته األساس ية‪ .‬ويلعب املعىن دورا كب ريا‬
‫ىف كل مس تويات التحليل اللغ وى ب دءا من التحليل الف ونيمى إىل‬
‫الصرىف والنحوى واملعجمى واألسلوىب (‪. )3‬‬
‫لقد تن اول قض ية املعىن علم اء خمتفو الثقافة واإلهتم ام من‬
‫الفالسفة واملناطقة واللغويني واالنثربوبولوجيني وعلماء النفس ودارسى‬
‫الفن واألدب‪ .‬ومن أحسن ما ألف ح ديثا من ناحية املع اىن اللغوية‬
‫كتاب (داللة األلفاظ) للمرحوم الدكتور إبراهيم أنيس الذى صدر عام‬
‫‪1958‬م (‪. )4‬‬
‫لقد ت داخلت من اهج علم الداللة مع من اهج النحو منذ ظه ور‬
‫قضية النظم على يد األستاذ عبد القاهر اجلرجاىن عند املسلمني و ‪Katz‬‬

‫‪ Fodor‬عند الغرب يني ‪ ،‬وتوس عت اهتمام ات ه ذا العلم لتش مل ال رتاكيب‬


‫وحتليل اجلمل ببي ان عالق ات كلماهتا بعض ها ببعض ‪ ،‬وإظه ار كيفية‬
‫ارتباط اجلمل منطقيا باجلمل األخرى‪.‬‬
‫وقد أصبحت النظرة إىل التحليل الدالىل على أن يغطى فرعني‪،‬‬
‫ف رع يهتم ببي ان مع اىن املف ردات خ ارج ال دائرة اللغوية كليا أو جزئي ا‪.‬‬
‫أطلق على ه ذا الف رع ‪.‬اسم (املع اىن املعجمية ) ‪. Lexical connotations‬‬
‫‪4‬‬

‫والف رع اآلخر يهتم ببي ان مع اىن اجلمل والعب ارات‪ ،‬أو العالق ات بني‬
‫الوحدات اللغوية مثل املورقيمات والكلمات (‪. )5‬‬
‫ف إن علم املعىن ال يقف فقط عند مع اىن الكلم ات املف ردة ألن‬
‫الكلم ات ما هى إال وح دات يبىن منها املتكلم ون كالمهم‪ ،‬وال ميكن‬
‫اعتبار كل منها حدثا كالميا مستقال قائما بذاهتا ‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى إننا ىف دراسة املعىن حمتاجون إىل االستعانة بعلوم‬
‫اللغة االخرى ‪ ،‬ويتمثل ذلك ىف اجلوانب اآلتية‪:‬‬
‫مالحظة اجلانب الص وتى ال ذى قد ي ؤثر على املعىن ‪ ،‬مثل وضع‬ ‫(‪)I‬‬
‫ص وت مك ان آخ ر‪ ،‬ومثل التنغيم والن رب‪ .‬فنغم التقرير ىف قولك " أنت‬
‫تعب ان " خمتلف عن نغم االس تفهام ىف نفس الق ول ‪" :‬أنت تعب ان؟"‪.‬‬
‫وبدون مراعاة النوع املستخدم من النغمتني ال يظهر معىن الكالم‪ ،‬ففى‬
‫معرفة هذا حاجة إىل األملام ما بعادات نطق أصوات اللغة املعينة ‪.‬‬
‫دراسة ال رتكيب الص رىف للكلمة وبي ان املعىن ال ذى تؤديه‬ ‫(‪)II‬‬
‫ص يغتها‪ .‬فال يكفى لبي ان معىن "استفسر بي ان معناها املعجمى املرتبط‬
‫مبادهتا اللغوية (ف س س ر ) ‪ ،‬بل ال بد أن يضم إىل ذلك معىن‬
‫الص يغة‪ .‬وهى هنا وزن (اس تفعل) أو األلف والسني والت اء الىت ت دل‬
‫على الطلب‪ .‬وهذا يقال ىف أمثلة أخرى من باب صيغ الزوائد‪.‬‬
‫مراع اة اجلانب النح وى‪ ،‬أو الوظيفة النحوية لكل كلمة داخل‬ ‫(‪)V‬‬
‫اجلملة ولو مل ي ؤد تغيري مك ان الكلم ات ىف اجلملة إىل تغيري املعىن ما‬
‫ك ان هن اك ف رق بني قولك ‪( :‬ه اجم الث ور اجلم ل) و (ه اجم اجلمل‬
‫الثور) ‪.‬‬
‫(‪ )VIII‬بي ان املع اىن املف ردة للكلم ات ‪ ،‬وهو ما يع رف ب املعىن املعجمى‬
‫كما أوض حنا س ابقا‪ .‬وإنه من املمكن أن يوجد املعىن املعجمى دون‬
‫‪5‬‬

‫املعىن النح وى (كما ىف الكلم ات املف ردة) ‪ ،‬وك ذلك ميكن أن يوجد‬
‫املعىن النح وى دون املعجمى كما ىف اجلمل الىت ت ركب من كلم ات‬
‫عدمية املعىن‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫(الدرج أكل الطري) ‪.‬‬
‫بل من املمكن أال يوجد للجملة معىن مع ك ون مفرداهتا ذوات مع ان‪.‬‬
‫وذلك إذا كانت معاىن الكلمات ىف اجلملة غري مرتابطة مثل ‪:‬‬
‫(الكتب منكسرة األيدى تتكلم سريعة) ‪.‬‬
‫(هـ) دراسة التعبريات الىت ال يكشف معناها مبجرد فهم كل كلمة‬
‫من كلماهتا فهما لغويا ‪ ،‬والىت ال ميكن ترمجتها حرفيا من لغة إىل لغ ة‪.‬‬
‫وذلك مث ل‪ :‬ال بيت األبيض (‪ )White House‬ىف الوالي ات املتح دة وال بيت‬
‫الشماىل (‪ )Arewa House‬بكدونا ىف نيجرييا ‪ ،‬واحلرب الباردة ( ‪)Cold War‬‬
‫و (خضراء الدمن) للمرأة احلسناء ىف منبت السوء ‪.‬‬
‫من جوانب املعىن الىت اهتم هبا العرب ما يأتى ‪:‬‬
‫اهتمام اللغويني املتمثل فيما يلى ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫حماولة ابن فارس الرائدة ىف معجمه "املقاييس" حيث ربط املعاىن‬ ‫(‪)I‬‬
‫اجلزئية للمادة مبعىن عام جيمعها‪.‬‬
‫حماولة الزخمشرى الناجحة ىف معجمه ‪:‬‬ ‫(‪)II‬‬
‫" أساس البالغة " حيث فرق بني املعاىن احلقيقية واجملازية ‪.‬‬
‫حماولة ابن جىن ىف ربط تقليب ات املادة املمكنة مبعىن واحد ‪،‬‬ ‫(‪)V‬‬
‫ذه أيضا حاهلا‪ .‬وذلك أهنا حيث‬ ‫كقوله ‪( :‬وأما ك – ل – م) فه‬
‫تقلبت فمعناها الداللة على الق وة والش دة (مص در ه ذا الق ول)‪.‬‬
‫واملس تعمل منها أص ول مخسة ‪ ،‬وهى ك – ل – م ‪ ،‬و ك – م – ل ‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫و ل – ك – م – و م – ك ل ‪ ،‬و م – ل – ك ‪ ،‬وأمهلت منه ‪ :‬ل –‬


‫م–ك‪.‬‬
‫(‪ )VIII‬البح وث الداللية الىت امتألت هبا كتب مثل ‪ :‬املق اييس ال بن‬
‫ف ارس – والص احىب ىف فقه اللغة البن ف ارس ‪ ،‬واخلائص ال بن جىن ‪،‬‬
‫واملزهر للسيوطى ‪.‬‬
‫اهتمام ات األص وليني وعلم اء الكالم والفالس فة املس لمني الىت‬ ‫(‪)2‬‬
‫متثلت فيما يأتى ‪:‬‬
‫عقد األصوليني أبوابا للدالالت ىف كتبهم ‪ ،‬تناولت موضوعات‬ ‫(‪)I‬‬
‫مثل ‪ :‬داللة اللفظ – داللة املنط وق – داللة املفه وم تقس يم اللفظ‬
‫حبسب الظه ور واخلف اء – ال رتادف – االش رتاك – العم وم واخلص وص‬
‫– التخصيص والتقييد ‪.‬‬
‫جتد دالالت وإش ارات كث رية للمعىن ىف مؤلف ات الف اراىب وابن‬ ‫(‪)II‬‬
‫س ينا وابن رشد وابن ح زم والغ زاىل والقاضى عبد اجلب ار والفيلس وف‬
‫املعتزىل معمر وغريهم مما حيتاج تفصيله إىل مؤلف مستقل ‪.‬‬
‫اهتمام ات البالغ يني الىت متثلت ىف دراسة احلقيقة واجملاز ‪ ،‬وىف‬ ‫(‪)3‬‬
‫دراسة كثري من األساليب كاألمر والنهى واإلستفهام‪ .‬وىف نظرية النظم‬
‫(‪)6‬‬
‫عند عبد القاهر اجلرجاىن‪.‬‬
‫وإن ك ان ه دف ه ذه الرس الة التع رض للظ واهر املعجمية ىف‬
‫أعم ال الش يخ عبد اهلل فإهنا تض طر أحيانا لإلس تعانة باملس تويات‬
‫اللغوية األخرى من الصوتى والصرىف والنحوى واألسلوىب لدور‬
‫كل من املستويات ىف تأدية معىن الكالم كحدث متكامل مفتقر‬
‫بعضه إىل األخر ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫جيلى لنا استقص اء مؤلف ات الش يخ عبد اهلل إملامه جبميع‬


‫ج وانب املعىن املعاجلة ل دى اللغ ويني واألص وليني واملتكلمني‬
‫والفالسفة والبالغيني ‪ .‬ال تكاد جتد جماال من املعرفة إال وللشيخ‬
‫عبد اهلل مؤلف فيه ‪ .‬له كت اب الفرائد اجلليلة … " والبحر‬
‫احمليط ىف التجويد (الص وت) والص رف والنحو ) وغريمها مهن‬
‫املؤلف ات ىف خمتلف ن واحى املعرفة ‪ .‬وقد أك دت الدراس ات‬
‫العلمية عن مؤلفاته أنه ك ان على ق در كبري من التوفيق ىف‬
‫اختي اره للم ادة املعجمية املناس بة ملؤلفاته الغزي رة‪ .‬فنجد املعجم‬
‫الع رىب الص حيح ممثال ىف مجيع انتاجاته األدبية والعلمية على ح ّد‬
‫سواء ‪ ،‬حبيث تتخيل اعماله انتاجا من عرىب عرقا ولغة‪.‬‬
‫إن ذلك داللة واض حة على وقوفه على املؤلف ات الداللية‬
‫الس ابق ذكرها ومعايش تها‪ .‬ومن ما ش اع ذك ره أنه حيفظ‬
‫(الق اموس احملي ط) للفريوزب ادى عن ظهر القلب‪ .‬وال يعىن ه ذا‬
‫انه معص وم من جمانبة مق اييس الع رب ىف تع اطى املع ىن‪ .‬إن‬
‫ت أثرات البيئة من ع ادات الثقافة احمللية من اللغوية واإلجتماعية‬
‫قد تطغى على تعبرياته أحيانا فيميل إىل اختي ار الف اظ عربية‬
‫للتعبري عن معان غري مقصودة هبا لدى العرب ‪ ،‬كما ورد ذلك‬
‫ىف بعض أعماله وال حظها الباحثون أمثال املرحوم األستاذ على‬
‫نائىب سويد والدكتور عبد الباقى شعيب والباحث ‪.‬‬
‫إن ورود عناصر خارجة عن تقاليد العربية كه ذا ال يعىن‬
‫حبال من األح وال منقصة إذ ال تع دم احلس ناء منقصة تتمثل‬
‫أهداف هذه الرسالة ىف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أهداف الرسالة‪:‬‬
‫‪8‬‬

‫تتمثل أهداف هذه الرسالة ىف النقاط اآلتية ‪:‬‬


‫يس عى ه ذا البحث إىل خدمة اللغة العربية ‪ ،‬لغة الق رآن الك رمي‬ ‫(‪)1‬‬
‫والس نة النبوية املطه رة وبالت اىل خدمة اإلس الم‪ .‬طاملا ق ام املستش رقون‬
‫ببح وث علمية عن اإلس الم واللغة العربية بغية النيل من قيمتهم ا‪ ،‬لكن‬
‫ي أىب اهلل إال أن يتم ن وره‪ .‬ومن هنا ن درك أن دراسة ناحية لغوية معينة‬
‫تش جع أبن اء األمة على فهم ه ذا ال دين عن طريق لغته وهتد هبم إىل‬
‫التدقيق ىف دراستها‪.‬‬
‫إبراز الثروة اللغوية اهلائلة عند العلماء النيجرييني قدميا وحديثا‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ات اللغوية واألدبية والنقدية رغبة‬ ‫إملام الطالب بالدراس‬ ‫(‪)3‬‬
‫مواصلتهم ىف هذا احلقل‬
‫لفت االنظ ار إىل قيمة الش يخ عبد اهلل بن ف ودى ىف العلم واللغة‬ ‫(‪)4‬‬
‫وأثره ىف طالبه مثل أمحد بن سعد‪ ،‬الذى أخذ عنه العلم الشيخ أبوبكر‬
‫ب وىب ‪ ،‬وال ذى تتلمذ عليه بالت اىل املرح وم ال وزير جنيد تتلمذ على‬
‫الوزير دجنيد عدد كبري من اللغويني املعاصرين‪.‬‬
‫الوق وف على مص ادر الش يخ عبد اهلل اللغوية عامة واملعجمية‬ ‫(‪)5‬‬
‫خاصة‪.‬‬

‫منهج البحث‬
‫اتسم منهج الباحث باآلتى‪:‬‬
‫ارخيى ىف تتبع الفكر املعجمى‬ ‫اد على االجتاه الت‬ ‫االعتم‬ ‫(‪)1‬‬
‫ومص طلحاته حسب التسلسل الزمىن منذ ميالده وىف أط واره املتالحقة‬
‫عرب القرون الىت قطعها هذا العلم‪.‬‬
‫اإلستعانة باالجتاه افتقرائى ىف أخضاء أنواع املعجم وأساليبها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪9‬‬

‫اس تخالص حماسن كل ن وع من املع اجم ومس اويه بغية منعاجلة‬ ‫(‪)3‬‬
‫املساوئ ‪.‬‬
‫ومبا أن ه دف ه ذه الرس الة اب راز مكانة عبد اهلل اللغوية ك ان‬ ‫(‪)4‬‬
‫تركيز الباحث على املعاجم اللغوية أكثر من غريها‪ ،‬وخاصة القاموس‬
‫احمليط ولسان العرب وأساس البالغة وما على شاكلتها‪.‬‬
‫ومما ألف ىف املعىن الكتب اآلتية ‪:‬‬
‫األجناس من كالم العرب وما اشتبه ىف اللفظ واختلف ىف املعىن‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬ألىب عبيد القاسم بن سالم (‪. )1938‬‬
‫األش باه والنظ ائر ىف الق رآن الك رمي‪ ،‬ملقاتل بن س ليمان البلخى‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫حتقيق عبد اهلل شحانة (‪. )1975‬‬
‫اخلصائص البن جىن ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫داللة األلفاظ للدكتور إبراهيم أنيس‬ ‫(‪)4‬‬
‫كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه ألىب العميثل اإلعراىب ‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫الكلي ات ألىب البق اء الكف وى‪ ،‬حتقيق ع دنان درويش وحممد‬ ‫(‪)6‬‬
‫املصرى (‪.)1974‬‬
‫املعجم العرىب حلسني نصار ‪ ،‬طباعة مكتبة مصر – الفجالة ثانية‬ ‫(‪)7‬‬
‫(‪1968‬م) ‪.‬‬
‫املقاييس البن فارس ‪ ،‬حتقيق عبد السالم هارون القاهرة ‪ ،‬أوىل‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫نظرية احلق ول الداللية واس تخداماهتا املعجمية ‪ ،‬ألمحد خمت ار‬ ‫(‪)9‬‬
‫عمر‪ ،‬حبث (‪1978‬م) ‪.‬‬
‫املظ اهر البالغية ىف دي وان العالمة بعد اهلل بن ف ودى‪ ،‬رس الة‬ ‫(‪)10‬‬
‫ماجستري ىف البالغة ‪ ،‬جبامعة بايرو كانو ‪ 1405‬هـ (‪1985‬م)‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫البالغة القرآنية ل دى العالمة عبد اهلل بن ف ودى لل دكتور عبد‬ ‫(‪)11‬‬


‫الب اقى ش عيب حيث ع اجل فيها موض وعات طب ائع األلف اظ ‪ ،‬كالغرابة‬
‫وغريها من اخلصائص ) ‪1414‬هـ (‪1994‬م)‪.‬‬
‫أس رار البالغة وأس اس الفص احة‪ ،‬للش يخ آدم عبد اهلل اإلل ورى‬ ‫(‪)12‬‬
‫نظم ملا نثـره الثعالىب النيسابورى ىف فقه اهلل ‪1408‬هـ (‪1987‬م)‪.‬‬
‫حملات البل ور ىف مش اهري علم اء إل ورن للش يخ آدم عبد اهلل‬ ‫(‪)13‬‬
‫اإللورى‪ ،‬مكتبة اآلداب ومطبعتها مصر ‪1402‬هـ (‪.)1982‬‬
‫مصباح الدراسات األدبية ىف الديار النيجرية للشيخ آدم عبد اهلل‬ ‫(‪)14‬‬
‫اإللورى‬
‫المشاكل المواجهة أثناء البحث ‪.‬‬
‫إن مما واجهىن من الصعاب أثناء هذا البحث استقصـاء املؤلفات‬
‫املصنفة ىف مادتى الداللة واملعجم للوقوف على ماهية هذا العلم الواسع‬
‫وغريها من ما ألف ح ول املعىن واملعجم‪ ،‬اس تغرق ذلك مىن ومن‬
‫مشرف البحث مدة مديدة من الزمن ‪ .‬ال عيب ىف ذلك نظرا للفائدة‬
‫املكتس بة من ذل ك‪ .‬ولقلة ‪ .‬املص ادر واملراجع ىف مكتباتنا العامة‬
‫اض طررت إىل االس تعانة مبكتب ات خاصة داخل س وكوتو وخارجه ا‪.‬‬
‫وأنا م دين ألص حاب ه ذه املكتب ات ‪ .‬ومما عان اه الب احث ك ذلك‬
‫صعوبة قراءة بعض مادة الشيخ عبد اهلل مثل شرحه للقصائد العشرية‪.‬‬
‫وحبمد اهلل زالت املش كلة ب الرجوع إىل الق اموس احمليط حيث اس تقى‬
‫الش يخ معظم ش ره للقص ائد العش رية‪ .‬وك ذلك األمر مع ديوانه ت زيني‬
‫الورقات ‪.‬‬
‫وما إن حص لت املادة الوف رية عن مفه وم املعجم حىت عكفت‬
‫على تتبع مؤلف ات الش يخ عبد اهلل األدبية منها والعلمية متأنيا توظيفه‬
‫‪11‬‬

‫ملادة املعىن عامة واملعىن املعجمى خاصة ‪ .‬ك ان ذلك بتع اون مع‬
‫املشرف الذى متثل تضحيته للوقت واملراجع تسهيال كبريا إلجناز هذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫مل خيل البحث من عن اء م ادى ‪ .‬لقد أنفقت عليه أم واال باهظة‬
‫ىف س بيل النقالت وتص وير املراجع حرصا على امتالكها وايف اءا‬
‫على‬
‫باملواعد املض روبة من أص حاهبا‪ .‬وه ذا إض افة إىل ما أنفقته اجلامعة ّ‬
‫من املال‪.‬‬
‫عرض البحث‬
‫تقع الرسالة ىف مقدمة وأربعة أبواب وخامتة‪ .‬فاملقدمة عبارة عن‬
‫منشأ فكرة هذا البحث وأهلية شخصية الشيخ عبد اهلل له ‪ ،‬وتلميح إىل‬
‫اهتم ام العلم اء ب املعىن من خمتلف التخصص ات ‪ ،‬مع اإلش ارة إىل تالزم‬
‫املعىن العام واملعىن املعجمى مع افتقار املعىن إىل سائر مستويات اللغة‪.‬‬
‫أما الب اب األول فهو عب ارة عن مفه وم الق اموس واملعجم لغة‬
‫واصطالحا وتطور فن املعاجم عرب التاريخ اإلنساىن عامة واألمة العربية‬
‫خاصة مع ربط ذلك هبذا البحث‪.‬‬
‫وأما الباب الثاىن فهو عبارة عن عرض حلياة الشيخ عبد اهلل مع‬
‫الرتكيز على الناحية الثقافية منها إذ هى قوام هذه الرسالة ‪.‬‬
‫مث ي أتى الب اب الث الث ويع اجل املالمح املعجمية ىف أعم ال الش يخ‬
‫عبد اهلل األدبية منها والعلمية ش عرها ونثره ا‪ .‬ول ذلك أتى الب اب ىف‬
‫احث ‪ ،‬مبحث ىف األسس النقدية لتحليل العمل األدىب‬ ‫ثالثة مب‬
‫والعلمى ومبحث ىف األعم ال األدبية ومالحمها املعجمية ومبحث آخر‬
‫ىف األعمال العلمية ومالحمها املعجمية‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫والب اب الرابع تن اول أثر الش يخ عبد اهلل فيمن بع ده من الناحية‬


‫املعجمية وهو ىف مبح ثني ‪ ،‬مبحث ىف ش يوخ ال دهاليز ومبحث ىف‬
‫أساتذة اجلامعة ‪.‬‬
‫وىف اخلامتة ع رض ملا توصل إليه الب احث من حق ائق وما يراها‬
‫من وصايا حنو رفع شأن الدراسة املعجمية‪.‬‬
‫واهلل تع اىل أس أل التوفيق ىف كل خط وة خنطوها على طريق‬
‫البحث والدرس ‪ .‬إنه مسيع قريب جميب الدعوات ‪.‬‬

‫ثاىن عمر موس‪.‬‬

‫هوامش المقدمة ‪:‬‬


‫العالمة عبد اهلل بن حممد بن عثم ان‪ ،‬ض ياء التأويل ىف مع اىن‬ ‫(‪)1‬‬
‫التنزيل‪ ،‬مطبعة اإلستقامة بالقاهرة‪1380 ،‬هـ (‪1961‬م) ج ‪ 1‬ص ‪3‬‬
‫الش يخ آدم عبد اهلل اآلل ورى ‪ ،‬الش يخ عبد اهلل بن ف ودى‬ ‫(‪)2‬‬
‫وختميس العش ريات ‪ ،‬ورقة مقدمة ىف ن دوة احي اء آث ار عبد اهلل بن‬
‫ف ودى‪ 6 ،‬مجادى الثانية ‪1404‬هـ ‪ 8‬م ارس ‪ 1984‬جبامعة س وكوتو‬
‫‪ ،‬نيجرييا ص ‪. 2‬‬
‫الف ونيم ‪ :‬أص غر وح دة ص وتية ق ادرة على تغيري معىن ‪ ،‬مثل‬ ‫(‪)3‬‬
‫الص وتني الب اء والت اء ىف كلمىت ‪ :‬ب اب وت اب حيث تغري معىن الكلمة‬
‫األوىل عن معىن الكلمة الثانية الس تبدال ص وت الب اء ىف أول كلمة‬
‫(باب) بصوت التاء ىف أول كلمة (تاب) ‪.‬‬
‫ال دكتور أمحد خمت ار عمر ‪ ،‬علم الداللة ع امل الكتب‪ ،‬الق اهرة‬ ‫(‪)4‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1988‬م ص ‪. 6 – 5‬‬
‫‪13‬‬

‫الفورفيم ‪ :‬أصغر وحدة صرفية مثل األلف والنون املؤديني ملعىن‬ ‫(‪)5‬‬
‫للتثنية ىف كلمة " ولدان " ‪.‬‬
‫الدكتور أمحد خمتار عمر املرجع السابق ص ‪. 21 – 20‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫مفهوم المعجم والقاموس‬ ‫الباب األول ‪:‬‬


‫ت رتدد لفظتا "املعجم" و"الق اموس" على ألس نة الن اس وأقالم‬
‫الكت اب متب ادلتني ‪ .‬لكن ما أصل كل من الكلم تني اش تقاقا ولغة‬
‫واصطالحا ‪ ،‬وهل يصح تبادهلما كما تستعمالن اليوم وأيهما األصل؟‬
‫لإلجابة على ه ذه التس اؤالت حاجة للوق وف على ما ورد ىف املع اجم‬
‫وعند العلم اء املتخصصني ىف فن املع اجم من تعريف ات لغوية‬
‫واصطالحية للكلمتني‪:‬‬
‫المعجم‪:1‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المبحث األول‬
‫المعجم‪ 1‬لغة ‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫جاء ىف لسان العرب البن منظور مانصـه ‪:‬‬
‫ف الْعُ ْرب َوالْ َع َرب‪،‬‬‫الع َج ُم ‪ِ :‬خالَ ُ‬
‫(( َع َج َم ‪ :‬العُ ُج ُم َو َ‬
‫رىب ومجعه‬‫ّ‬ ‫يق ال َع َج ِمى ومجعه َع َج ْم‪ ،‬وخالفه ع‬
‫أع َجم ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫عرب‪ ،‬ورجل أعجم‪ ،‬وقوم ْ‬
‫((سلّوم لو أصبحت وسط األعجم))‬
‫(( ىف الروم أو فارس ىف الديلم))‬
‫(( إذا لزرناك ولو بسلم))‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫ب مجع‬ ‫ِ‬
‫الع َر ُ‬
‫الع َجم ُّى‪ ،‬وك ذلك َ‬
‫والع َج ُم ‪ :‬مجع َ‬
‫َ‬
‫وس ُّى‬ ‫ى واملج ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع َرىِب ُ‪ُُ ،‬‬
‫الي ُه ود ُّ َ ُ‬
‫وحنو من ه ذا مجعهم َ‬ ‫َ‬
‫اليهود واجملوس‪َ .‬والعُ ْج ُم مجع االَ ْع َجم الذى ال يفصح‪،‬‬
‫وجيوز أن يكون العجم مجع العجم‪ ،‬فكأنه مجع اجلمع‪،‬‬
‫ب‪ ،‬يق ال‪ :‬ه ؤالء العُ ْج ُم‬ ‫الع َر ُ‬
‫ب مجع َ‬ ‫وك ذلك العُ ْر ُ‬
‫ب‪ .‬ق ال أبو اس حاق‪ :‬األعجم ال ذى ال يفصح‬ ‫والعُ ْر ُ‬
‫وال ي بني كالمه وإن ك ان ع رىب النسب كزي اد‬
‫األعجم‪.‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫(( منهل للعب اد ال بد منه * منتهى كل أعجم‬
‫وفصيح))‬
‫واالنثى عجماء ‪.‬‬
‫والعجم ‪ :‬النقط بالس واد مثل الت اء عليه نقطت ان‪.‬‬
‫يق ال‪ :‬أعجمت احلرف‪ ،‬وال يق ال عجمت احلرف‪.‬‬
‫ق ال ابن ج ىن‪ :‬أعجمت أزلت اس تعجامه‪ .‬ق ال ابن‬
‫س يده وهو عن ده على الس لب ألن أفعلت وإن ك ان‬
‫أصلها ألثبات فقد جتئ للسلب‪ ،‬كقوهلم أشكيت زيدا‬
‫أى زلت له عما يش كوه‪ ،‬وكقوله تع اىل ‪" :‬إن الس اعة‬
‫آتية أك اد أخفيفه ا…"تأويله واهلل أعلم‪ ،‬عند أهل‬
‫النظر أكاد أظهرها…‪..‬‬
‫وق الوا عجمت الكت اب‪ ،‬فج اءت فعلت للس لب أيضا‬
‫كما جاءت أفعلت)) (‪. )1‬‬
‫‪15‬‬

‫يذهب د‪ .‬إميل يعقوب إىل أن كلمة املعجم الدالة على الشرح‬


‫والتعريف كانت من أكثر األلفاظ حاجة للشرح والتأويل والتفسري ألن‬
‫اجلذر ع ج م كما يق ول أمحد بن ف ارس ‪(( :‬ثالثة أص ول أح دها ي دل‬
‫على سكوت وصمت (ع) واآلخر على صالبة وشدة(ج) واآلخر على‬
‫عض ومذاقة … ويض يف ابن جىن ىف سر ص ناعة اإلع راب " ‪:‬إن‬
‫(عجم) إمنا وقعت ىف كالم الع رب لالهبام واالخف اء وضد البي ان‬
‫والفصاح… ومن ذلك أيضا قوهلم‪ :‬استعجمت عليه القراءة‪ ،‬مل يقدر‬
‫عليها لغلبة النع اس‪ ،‬ومنه ح ديث عبد اهلل بن عمر ‪( :‬إذا ك ان أح دكم‬
‫يصلى فاستعجمت عليه قراءته فلينم)‪ .‬ومن أقوال عبد اهلل بن عباس ‪:‬‬
‫( إذا تعاجم شئ من القرآن فانظروا ىف الشعر‪ ،‬فإن الشعر عرىب)‪ .‬وقد‬
‫تك ررت املقابلة بني االعجمى والع رىب ىف ع دة آية الق رآن الك رمي ممثال‬
‫ىف قوله تع اىل من س ورة النحل ‪( : 103‬لس ان ال ذى يلح دون إليه‬
‫أعجمى وهذا لسان عرىب مبني) وقوله تعاىل من سورة فصلت ‪: 44‬‬
‫(ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لوال فصلت آياته أأعجمى وعرىب قل‬
‫هو لل ذين آمن وا ه دى وش فاء) وقوله تع اىل ىف س ورة الش عراء ‪: 19‬‬
‫(ولو نزلناه على بعض االعجمني فقراه عليهم ما كانوا به مؤمنني) (‪.)2‬‬
‫ويالحظ د‪ .‬زكى قاسم خطأ اختيار الباحثني للمادة حيث أخذوا معىن‬
‫اإلهبام وجعل وه عاما مطلق ا‪ ،‬غري مهتمني معىن اإلبانة ‪ .‬وه ذا اخلطأ ىف‬
‫االطالق متمثل ىف عب ارة ال بن ج ىن‪ ،‬هى "أال ت رى أن تص ريف(ع ج‬
‫م) أين وقعت ىف كالمهم إمنا (هو لالهبام) وضد البي ان"‪ ،‬وقد أخ ذت‬
‫عب ارة ابن جىن طريقها إىل الب احثني احملدثني‪ ،‬عرب النق ل‪ ،‬بعي دا عن‬
‫التحقيق أو املناقشة !‬
‫‪16‬‬

‫وقد جنم عن ه ذا املوقف اعتم اد الص يغة (أعجم) من (عجم) ‪،‬‬


‫واعترب الب احثون مجيعا دخ ول اهلم زة على الثالثى اجملرد (ع ج م)‪ ،‬من‬
‫باب سلب املعىن ال اثباته‪ ،‬وهو متجه اعتمده القدامى‪ ،‬واحملدثون‪ ،‬على‬
‫السواء ‪ .‬وسنعرض لذلك ىف املناقشة اآلتية‪:‬‬
‫ىف العود إىل رصد داللة الرباعى (الثالثى املزيد باهلمزة أو التضعيف) ‪:‬‬
‫(أعجم) (عجم) ‪ ،‬كما ج اءت ىف معجم ات اللغ ة‪ ،‬ق دميها وح دثيها‪،‬‬
‫جند اآلتى‪:‬‬
‫إن الق ول ( أعجمت ) احلرف ب األلف ‪ :‬أزلت عجمته مبا مييزه عن‬
‫غريه بنقط وش كل ‪ ،‬ف اهلمزة للس لب ‪ .‬وذكر ابن جىن ىف اخلص ائص ‪،‬‬
‫حتت عن وان "ب اب ىف الس لب " ‪ :‬إهنم ق الوا ‪ :‬أعجمت الكت اب إذا‬
‫(بينت ه) وأوص حته فهو (أى ‪ :‬أعجم) إذا لس لب معىن االس تبهام ال‬
‫اثباته" وجاء مثله ىف اللسان‪.‬‬
‫مما تقدم ‪ ،‬خنلص إىل تسجيل مالحظتني اثنتني‪:‬‬
‫(‪ )1‬تتن اول داللة ص يغة (أعجم) وه ذه الداللة تط ورت جمازا‪،‬‬
‫فص ارت تعىن االبانة واأليض اح ‪ ،‬مبعىن أن ص يغة (معجم) اسم مفع ول‬
‫من الرب اعى أعجم‪ ،‬ومن مث ‪ ،‬ف إن املف ردات ال واردة ىف (املعجم) قد‬
‫شرحت مبا يكفل إزالة اللبس عنها‪ ،‬وما يوضح املبهم منها‪.‬‬
‫(‪ )2‬تفيد الداللة أعجم ) اإليضاح واالبانة بفضل دخول اهلمزة على‬
‫الثالثى‪ ،‬الىت سلبت معىن االستبهام منه‪ ،‬وجعلته مغايرا ملا كان عليه ىف‬
‫الثالثى‪ .‬و "أعجمت الكت اب" أزلت عنه اس تعجامه‪ .‬وبالت اىل فص يغة‬
‫(معجم) مص در مبنزلة االعج ام "كما تق ول‪ :‬أدخلته م دخال وأخرجته‬
‫خمرج ا‪ ،‬أى إدخ اال وإخراج ا" ‪ ،‬وتق ول ‪:‬أعجمت الكت اب معجما‬
‫وأكرمته مكرما‪ ،‬واملعىن عنده حروف األعجام ‪ ،‬أى الىت من شأهنا أن‬
‫‪17‬‬

‫تعجم" ‪ .‬وينسب ه ذا الق ول إىل املربد‪ ،‬وهو ق ول ص ائب‪ .‬مستحسن‬


‫عند ابن ب رى‪ ،‬على ما ج اء ىف "اللس ان"‪ .‬وإىل مثل ه ذا يشري‬
‫"الص حاح"‪ ،‬م ادة‪ :‬عجم‪ ،‬إذ يق ول "ون اس جيعل ون املعجم مبعىن‬
‫االعج ام‪ ،‬مص در مثل املخ رج واملدخل‪ ،‬أى من ش أ‪ ،‬ه ذه احلروف أن‬
‫تعجم"‪ .‬وج اء ىف معجم "الكلي ات" للكف وى ما يفيد احلصر بالنق ط‪:‬‬
‫وقد يقال‪ :‬معناه حروف االعجام أى إزالة العجمة وذلك بالنقط"‪.‬‬
‫إذن من معىن الس لب ىف الص يغة (أعجم) ‪ ،‬ومن معىن‬
‫(االعج ام)‪ ،‬أطلقت لفظة (معجم) على الكت اب الفه رس ‪ ،‬ال ذى يضم‬
‫كلم ات اللغة املش روحة‪ ،‬وال ذى ي راعى ىف ت رتيب مادته ت رتيب‬
‫احلروف‪ .‬وكأن هذا الكتاب يزيل اهبام تلك املادة املرتبة على "حروف‬
‫املعجم"‪ ،‬أو لنقل‪.‬إن هذا األعجام يزيل اللبس‪ ،‬ويوضح ما اهبم ‪.‬‬
‫وتس توقفنا عب ارة "ح روف املعجم" وما رافقها من ش رح وتعقيب‪،‬‬
‫ومناقش ة‪ ،‬أوردها ص احب اللس ان ‪ ،‬وجممل ذلك عقد الص لة بني‬
‫"ح روف اهلج اء" و "ح روف املعجم"‪ ،‬مث اخلل وص إىل ما بينهما من‬
‫مناس بة‪ ،‬ألن النقط املوج ود ىف كثري من ح روف اهلج اء يزيل اخلف اء‬
‫احملدق هبا‪ ،‬ويوضح للن اظر املراد منه ا‪ .‬وإىل مثل ه ذا أش ار ابن األثري‬
‫على ما ج اء ىف اللس ان – بقوله ‪" :‬ح روف املعجم أ ب ت ث ‪،‬‬
‫مسيت بذلك من التعجيم ‪ ،‬وهو إزالة العجمة بالنقط"‪.‬‬
‫(ب)المعجم‪ 1‬اصطالحا ‪:‬‬
‫يقول الدكتور عبد السميع هبذا الصدد‪:‬‬
‫(ولعل معىن التيسري امللح وظ ىف نقط احلرف‬
‫واعجام ه‪ ،‬هو ال ذى روعى عند حصر ألف اظ اللغة‬
‫وش رح مفرداهتا ىف ه ذا الل ون من الكتب اللغوية‬
‫‪18‬‬

‫املعروفة باسم "املع اجم" ‪ ،‬خاصة أهنا ت رتب أجبديا‬


‫حسب حروف اهلجائ أى حسب احلروف املعجمة ‪.‬‬
‫فاملعاجم ترتب حسب حروف املعجم‪ ،‬وتودى وظيفة‬
‫هام ة‪ ،‬إذ تعني الب احث على التع رف على اللفظة‬
‫وتش رح له م دلوهلا‪ ،‬أو تيسر له وس يلة العث ور على‬
‫جمموعة من األلف اظ جيمعها موض وع واحد ومن مث‬
‫جند ه ذين الل ونني من املع اجم الل ذين أش رنا إليها من‬
‫قبل (مع اجم األلف اظ أو اجملنسة ومع اجم املع اىن أو‬
‫املبوبة)(‪. )3‬‬
‫أما الدكتور إميل يعقوب فقد عرف املعجم بقوله ‪:‬‬
‫(املعجم أو القاموس كتاب يضم أكرب عدد من‬
‫مف ردات اللغة مقرونة بش رحها وتفسري معانيه ا‪ ،‬على‬
‫أن تك ون املواد مرتبة ترتيبا خاص ا‪ ،‬إما على ح روف‬
‫اهلج اء أو املوض وع‪ .‬واملعجم الكامل هو ال ذى يضم‬
‫كل كلمة ىف اللغة مص حوبة بش رح معناها واش تقاقها‬
‫وطريقة نطقها) (‪. )4‬‬
‫وقد يتوسع ىف هذا املفهوم بعض الدارسني باطالق كلمة املعجم‬
‫على كل قائمة حتت وى جمموعة من الكلم ات من أية لغة مع مراع اة‬
‫ترتيبها بص ورة معين ة‪ ،‬ذات منهج‪ ،‬ومع تفس ريها ب ذكر معناها احلقيقى‬
‫أو اجملازى أو ب ذكر معناها واس تعماال هتا املختلفة ‪ .‬وي دخل ىف ه ذا‬
‫التعريف املع اجم مبفهومها املع روف ل دينا‪ ،‬وما قبلنا ككتب الن وادر‬
‫والغ ريب ورس ائل األلف اظ الىت توضع هلدف تعليمى ترب وى‪ ،‬وهى الىت‬
‫‪19‬‬

‫تتن اول ألفاظا مس تقاة من نص وص يص عب فهمها أو مجعت على حنو‬


‫خاص (‪. )5‬‬
‫يق ول د ‪ .‬ري اض زكى ىف تعريف املعجم اص طالحا ‪:‬‬
‫"مرجع يش تمل على كلم ات لغة ما ‪ ،‬أو مص طلحات‬
‫علم ما ‪ ،‬مرتبة ترتيبا خاص ا‪ ،‬مع تعريف كل كلمة أو‬
‫ذكر مرادفها أو نظريها ىف عب ارة أخ رى‪ ،‬أوبي ان‬
‫اشتقاقها أو استعماهلا أو معانيها املتعددة أو تارخيها أو‬
‫لفظه ا‪ .‬وقد يك ون املعجم أح ادى اللغة أو ثن ائى اللغة‬
‫أو متعدد اللغات‪ .‬وقد يكون عاما أو متخصصا‪ .‬وقد‬
‫يكون وصفيا أو تارخييا أو معياريا‪ .‬وقد يكون معجم‬
‫مف ردات أو مص طلحات‪ .‬كما قد يك ون معجم‬
‫مرتادف ات أو ترمجات أو تع اريف‪ .‬وقد يك ون معجما‬
‫هجائيا مرتبا حسب ح روف اهلج اء‪ ،‬أو خمارج‬
‫احلروف‪ ،‬أو معنويا مرتبا حسب املعاىن)(‪. )6‬‬
‫مث يقسم د‪ .‬زكى املعاجم إىل األنواع اآلتية ‪:‬‬
‫املعجم اللغ وى بفروعه من التط ورى ومعجم املص طلحات‬ ‫(‪)1‬‬
‫واملعي ارى ومعجم التوسع ال دالىل ومعجم املع رب وال دخيل ومعجم‬
‫االضداد ومعجم اإلبدال ‪.‬‬
‫معجم املعاىن أو التجانسى‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫معجم املصلحات‬ ‫(‪)3‬‬
‫املعجم الثنائى اللغة أو متعددها ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫تكاد مجيع التعريفات اإلص طالحية السالفة الذكر تتفق ىف ذكر‬
‫ج وانب أساس ية الزمة ىف املعجم‪ ،‬وهى املادة وال رتتيب املعني هلا طبقا‬
‫‪20‬‬

‫لنوعية املادة املعاجلة في ه‪ ،‬ومن مث إن التعريف الن اجح هو ذلك التعريف‬


‫الذى يلمح إىل أنواع املعجم ‪.‬‬
‫فبن اء على ه ذا إن تع ريفى ال دكتورين إميل يعق وب وري اض‬
‫زكى موفقان غاية التوفيق‪ .‬يبدو جناح الدكتور زكى واضحا ىف حماولة‬
‫التوفيق بني مفهوم املعجم لدى القدامى واحملدثني‪.‬‬
‫وأما أصل اس تعمال كلمة املعجم كعن وان فيق ول ىف ذلك‬
‫األستاذ الدكتور عون الشريف قاسم ‪:‬‬
‫(مل يطلق لفظ املعجم أول ما أطلق عنوانا على معجم‬
‫لغ وى‪ ،‬بل إن أول كت اب أطلق عليه اسم املعجم هو‬
‫"معجم الص حابة ألىب يعلى أمحد بن على بن املثىن‬
‫املوصلى (ت ‪214‬هـ ) مث "املعجم الكبري والصغري" ىف‬
‫احلديث ألىب القاسم البغ وى (ت ‪317‬هـ)‪ .‬وقد قيل‬
‫ان اإلم ام البخ ارى (ت ‪256‬هـ) ك ان أول من أطلق‬
‫لفظ "معجم" وص فا ألحد كتبه املرتبة على ح روف‬
‫املعجم‪ ،‬وقد ذكر ذلك ىف أحد عناوين صحيحه بقوله‬
‫"ب اب تس مية من مسى من أهل ب در ىف اجلامع ال ذى‬
‫وضعه أبو عبد اهلل على حروف املعجم" ويقصد نفسه‬
‫‪ .‬واجلامع املذكور أحد كتبه‪.‬‬
‫وىف الق رن الرابع أطلق على كثري من الكتب مثل‬
‫املعجم الكبري والصغري واألوسط ىف القراءات ألىب بكر‬
‫النق اش (ت ‪351‬هـ)‪ ،‬ومعجم الش يوخ إلب راهيم‬
‫البلخى (ت ‪376‬هـ) ومعجم الش عراء للمزب اىن (ت‬
‫‪384‬هـ)‪ .‬ذكر فيه حنو مخسة آالف شاعر مرتبني على‬
‫‪21‬‬

‫حروف املعجم وتتاىل بعد القرن الرابع تأليف املعاجم‬


‫ىف أغراض علمية شىت يصعب حصرها‪ ،‬على ان علماء‬
‫العربية ال ذين ابت دعوا فك رة "املعجم" ودون وا مف ردات‬
‫اللغة ىف املعجم ات العدي دة الىت ألفوها مل يطلق أى‬
‫واحد منهم على مؤلفه اسم "معجم" بل اخت ار كل‬
‫واحد امسا خاصا مبعجمه فمثال‪ :‬أطلق اخلليل بن أمحد‬
‫(ت ‪170‬هـ) على معجمه اسم "العني"‪ ،‬وأطلق أبو‬
‫عم رو الش يباىن (ت ‪206‬هـ) على معجمه اسم‬
‫"احلروف"‪،‬واهلروى(ت ‪255‬هـ) اسم "اجليم"‪ ،‬وابن‬
‫دريد (ت ‪321‬هـ) "اجلمهرة" والفارا ىب (ت ‪350‬هـ)‬
‫"دي وان األدب" والق اىل (ت ‪356‬هـ) "الب ارع"‬
‫واألزه رى (ت ‪393‬هـ) "ص حاح العربي ة"‪ ،‬وابن‬
‫فارس (ت ‪395‬هـ) "مقاييس اللغة" ‪ ،‬وابن سيده (ت‬
‫‪458‬هـ) "احملكم" "واحمليط االعظم" والزخمش رى (ت‬
‫‪" )538‬أس اس البالغ ة"‪ ،‬والص اغاىن (ت ‪557‬هـ)‬
‫"العب اب" وابن منظ ور (ت ‪711‬هـ) "لس ان الع رب"‪،‬‬
‫والفيومى (ت ‪770‬هـ) "املصباح املنري"‪ ،‬والفريوزبادى‬
‫(ت ‪817‬هـ) "الق اموس احملي ط"‪ ،‬والزبي دى "ت اج‬
‫العروس"(‪. )7‬‬
‫المبحث الثانى ‪ :‬القاموس ‪.‬‬
‫القاموس لغة ‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫وردت كلمة الق اموس ىف لس ان الع رب البن منظ ور فيما نصه ‪:‬‬
‫س ‪ :‬انغط مث‬ ‫(قمس‪ ،‬منه قمس ىف املاء ي ْق ِ‬
‫وس ا َق ْو َم ْ‬
‫س قُ ُم ً‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫س‬ ‫م‬
‫َ ُ‬
‫‪22‬‬

‫ارتفع)‪ .‬ومنه (القاموس والقومس ‪ :‬قعر البحر‪ ،‬وقيل وسطه ومعظمه‪،‬‬


‫وىف ح ديث ابن عب اس‪ :‬و س ئل عن املد واجلزر ق ال‪ :‬ملك موكل‬
‫بق اموس البحر كلما وضع رجله فيه ف اض وإذا رفعها غ اض أى زاد‬
‫س‪.‬‬ ‫ونقص ‪ ،‬وهو فاعول من ال َق ْم ِ‬
‫وىف احلديث أيضا ‪ :‬ق ال ق وال بلغ به ق اموس البحر أى قع ره االقص ى‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬وسطه ومعظمه ‪ ،‬قال أبو عبيد ‪ :‬القاموس ابعد موضع غورا ىف‬
‫البحر‪ ،‬قال ‪ :‬وأصل القمس الغوص (‪. )8‬‬
‫القاموس اصطالحا ‪:‬‬ ‫(‪)II‬‬
‫تقول االستاذة يسرى عبد الغىن‪:‬‬
‫(ولعله من الطريف أن نعلم أن كلمة ق اموس ‪Dictionary‬‬

‫كلها الالتيىن ‪Dictionarious‬‬ ‫ىف اللغة االجنليزي ة‪ ،‬وش‬


‫معناها مجع الكلم ات ‪ ، collection of words‬وك انت‬
‫مستعملة ‪ :‬حواىل عام ‪1225‬م ‪ ،‬فقد استعملها جون‬
‫جارلند ‪ John Garland‬كعن وان لقائمة من الكلم ات‬
‫الالتينية ليتعلمه االطالب وك انت ه ذه الكلم ات أو‬
‫كما تس مى خمطوط ات جارلند غري مرتبة أجبديا‪ .‬أما‬
‫املصطلح اآلخر ‪ Lexicon‬فهو يرجع إىل أصل يوناىن ‪.‬‬
‫ومسيت املع اجم باسم "الق واميس" نس بة إىل‬
‫معجم الفريوزبادى واملسمى بالقاموس احملبط‪ ،‬ومعناه‬
‫البحر الواس ع‪ .‬مث اش تهر ه ذا االسم وأطلق على‬
‫املعاجم اللغوية كلها) (‪. )9‬‬
‫وأما األس تاذ ال دكتور ع ون الش ريف قاسم فيق ول ىف كلمة‬
‫"القاموس" ‪:‬‬
‫‪23‬‬

‫(أما كلمة ق اموس فتعىن البحر أو البحر العظيم أو‬


‫وس طه أو معظمه أو أبعد موضع فيه غ ورا‪ ،‬وقد‬
‫استعملها الفريوزبادى (ت ‪817‬هـ) امسا على معجمه‬
‫"الق اموس احملي ط"‪ .‬ولش هرة ه ذا الق اموس اس تقرت‬
‫الكلمة ىف االذه ان وأص بحت ىف حكم املرادفة لكلمة‬
‫معجم‪ .‬وقد أقر جممع اللغة العربية اس تعماهلاىف ه ذا‬
‫اجملال‪ .‬وكلمة "ق اموس" ليست عربية األص ل‪ ،‬بل هى‬
‫افريقية من "اغوي انوس" “‪ ”Okeanos‬أى البحر احملي ط‪،‬‬
‫ومنها الكلمة االفرحنية "املعاص رة “‪ ”Ocean‬للمحيط ‪،‬‬
‫ويب دو أن الفريوزب ادى أطلق ه ذا االسم على معجمه‬
‫متبعا خطى من س بقوهن ممن مسوا كتبهم بأمساء البحر‬
‫وص فاته‪ .‬وهم كث ريون منهم الص احب بن عب اد (ت‬
‫‪385‬هـ) ال ذى أطلق على معجمه اسم احملي ط‪ ،‬وابن‬
‫س يده (ت ‪)485‬ال ذى مسى معجمية "احملكم" و‬
‫"احمليط االعظم"‪ ،‬والص غاىن (ت ‪ )557‬ص احب‬
‫"العب اب" و "جممع البح رين" ‪ ،‬وأبو حي ان النح وى‬
‫(‬
‫الغرن اطى ال ذى أطلق على تفس ريه "البحر احملي ط"‬
‫‪. )10‬‬
‫يق ول ال دكتور ري اض زكى قاسم ىف معىن الق اموس ىف كتابه‬
‫املعجمى العرىب حبوث ىف املادة واملنهج والتطبيق ‪:‬‬
‫(ويطلق على "املعجم" اسم "الق اموس" أيض ا‪ .‬وهى‬
‫تس مية مت أخرة‪ ،‬تع زى إىل تس مية معجم الفريوزب ادى‬
‫ب ـ "الق اموس احملي ط"‪ ،‬ومعن اه‪ :‬البحر العظيم‪ .‬وص ار‬
‫‪24‬‬

‫اإلسم "الق اموس" علما على ذاك املعجم‪ .‬ومن مث ‪،‬‬


‫اش تهر اس تعمال الق اموس حىت أص بح مرادفا لكلمة‬
‫"معجم" ‪ ،‬تبعا لك ثرة ت داول معجم الفريوزب ادى ىف‬
‫أي دى املت أخرين ‪ ،‬واعتم ادهم علي ه‪ .‬فص ار كل معجم‬
‫لغ وى‪ ،‬أو س واه ‪ ،‬قاموسا ‪ ،‬على س بيل التوسع‬
‫‪.‬واألصل قاموس الفريوزبادى ‪ ،‬ذاك (‪. )11‬‬
‫ومما س بق كله نس تنتج أن كلمة املعجم هى األصل وأس بق‬
‫استعماال ملفهوم املعجم من القاموس ‪.‬‬
‫تاريخ وضع المعاجم عند العرب وغيرهم‪.‬‬
‫فقد ألفت أمم كث رية ىف جمال املع اجم قبل الع رب ىف ق دمي‬
‫الزم ان‪ ،‬أمههم أهل بابل واآلش وريون “‪ ”Babiloinians‬و ”‪”Assyrians‬‬
‫والصينيون واليونان واهلنود‪.‬‬
‫اآلشوريون ‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫فقد اهتم اآلش ورويون بلغتهم االكادية مف ردات وقواع د‪ .‬لقد عرف وا‬
‫املع اجم قبل الع رب ب أكثر من الف ع ام ‪ ،‬وابتك روا مع اجم خاصة‬
‫بلغتهم ذات ت رتيب يغ اير ما عرفه الع رب إذ خ افوا على لغتهم من‬
‫الض ياع ‪ .‬ح اولوا أن يض عوا ق وائم من الرم وز الس ومرية املص ورة‬
‫ومرادفاهتا مبا يوضح قيمها الص وتية وم دلوالهتا باالكادي ة‪ ،‬وك انوا‬
‫يرتبون املفردات حسب موضوعاهتا الىت ترتبط هبا‪.‬إن معامجهم كانت‬
‫رس ائل ص غرية‪ ،‬وإمنا يطلق عليها مع اجم جتاوزا‪ ،‬كما ان احلض ارة‬
‫البابلية واآلش ورية ك انت قد م اتت ‪ ،‬قبل أن تظهر احلض ارة العربية‬
‫اإلس المية بق رون طويلة مما يبعد احتم ال ت أثر الع رب بالب ابليني‬
‫واآلشوريني (‪. )12‬‬
‫‪25‬‬

‫الصينيون ‪:‬‬ ‫(‪)II‬‬


‫‪Yupien‬‬ ‫أما الص ينيون فل ديهم من املع اجم طائفة ص احلة‪ ،‬أق دمها يوبي ان‬
‫طبع ع ام ‪530‬م وآخر امسه ش وفان ‪ Shoowan‬طبع ع ام ‪150‬م‪ ،‬ومها‬
‫أساس معاجم الصني املعاصرة (‪. )13‬‬
‫(ج)اليون‪1‬ان ‪ :‬أما اليونان فقد ورد عنهم ما يزيد على ‪ 35‬مؤلفا‪ ،‬قيل‬
‫إن بعض ها مع اجم‪ ،‬ولكنها فق دت مجيع ا‪ .‬وأق دمها معجم يولي وس‬
‫بولكس (‪ . )Yulius pollux‬وهو كاملخصص البن سيدة مرتب على املعاىن‬
‫واملوض وعات ‪ ،‬مث معجم هال ويس الس كندرى (‪ )Helladius‬ىف الق رن‬
‫الرابع امليالدى‪ ،‬وأش بهها ب املعجم العص رى معجم فالريي اس فالكس (‬
‫‪ )valerious Flaccus‬ىف عهد االم رباطور أغس طس‪ ،‬وىف ايامه ولد الس يد‬
‫املس يح عليه الس الم‪ ،‬وعنوانه "ىف مع اىن األلف اظ" وال ي زال موج ودا‬
‫والف هذا هزيشيوس السكندرى‪ )Hesychius( .‬ىف القرن الرابع امليالدى‬
‫"معجم اللهج ات واحمللي ات" وضع أمو ني وس الس كندرى (‪)Ammonious‬‬
‫"معجم ما اتفق لفظه واختلف معناه‪،‬كمــا ووضع أريون الطبسى (‪Arion‬‬

‫‪ )of Thebes‬معجم اش تقاق طبع بل يزج ع ام ‪1820‬م‪ .‬وأما ق ول البعض‬


‫ب أن الع رب ت أثروا باملع اجم اليونانية عن طريق الرتمجة ش أن الفلس فة‬
‫والنحو ف إن ذلك باطل ألن عملية الرتمجة مل تب دأ إال بعد وضع أول‬
‫معجم عرىب "العني" (‪. )14‬‬
‫الهنود‬
‫إن أول كت اب هن دى تص لنا أخب اره ك ان ىف حنو اللغة اهلندية‬
‫القدمية وال ذى يسمى ب انيىن (‪ ، )Panini‬والف هذا الكت اب حواىل عام‬
‫‪ 300‬ق م‪ .‬ول ذا يق ال دائما إن قواعد النحو وض عت أوال ىف اللغة‬
‫السنسكرتية قبل دراسة املستويات األخرى من اللغة‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫وقد ألف اهلن ود كث ريا من املع اجم الىت تش رح ألف اظ نصوص هم‬
‫الدينية وأش عارهم‪ .‬وأقدم معجم هندى هو معجم "االمـــاراكاكا" (‪The‬‬

‫‪ )Amarakaca‬ال ذى يرجع إىل الق رن اخلامس امليالدى‪ ،‬وهو ي رتب‬


‫األلف اظ حسب معانيه ا‪ .‬وه ذا ال رتتيب كما نعلم‪ ،‬خيالف ال رتتيب‬
‫الرئيسى ىف املع اجم العربي ة‪ .‬مث أخذ اهلن ود بعد ذلك يؤلف ون مع اجم‬
‫مرتبة حسب املعىن ‪ ،‬ومل يس تقرو على ت رتيب منظم منطقى إال ىف‬
‫الق رن العاشر املي دالى‪ .‬أما قبل ذلك فقد ك انوا يركب ون بط رق خمتلفة‬
‫بعضها حبسب املوضوعات‪ ،‬والبعض حبسب شكل الكلمة‪ .‬وىف القرن‬
‫العاشر استقروا على الرتتيب االجبدى‪ ،‬وىف هذا الوقت كانت املعاجم‬
‫العربية قد ظه رت ‪ ،‬وإن ك ان اخلليل بن أمحد الفراهي دي قد رتب‬
‫معجمه حسب االحندية اهلندية ‪ ،‬مما جعل بعض الب احثني يق ول‪ :‬إن‬
‫اخلليل اتبع النظام األجبدى للنحويني اهلنود والذى يبدأ مع احللق ويسري‬
‫إىل الش فاه (كما أوردته دائ رة املع ارف األمريكية (جملد ‪ 9‬ص ‪.)88‬‬
‫ويعارض ذلك الرأى بعض الباحثني‪ ،‬منهم يسرى حيث تقول‪ :‬وأقول‪:‬‬
‫إنه ب الرغم من ه ذه األق وال إال أن ذلك ال يؤكد تأكي دا قاطعا ت أثر‬
‫اخلليل بن أمحد ب اهلنود ىف ت رتيب معجمه العني ويق ول ال دكتور عبد‬
‫السميع حممد أمحد ىف كتابه "املعاجم العربية دراسة حتليلية هذا‪.‬‬
‫"(ولكن االف رتاض مل يقم عليه دليل يؤي ده حىت اآلن ‪،‬‬
‫بل ميكن الق ول إن الع رب حني وض عوا مع امجهم‬
‫اجملنس ة أو املبوبة ‪ ،‬ك انوا مبتك رين غري مقل دين‪،‬‬
‫ّ‬
‫ومب دعني غري متبعني فقد دعتهم إىل وض عها دوافع‬
‫ملحة مل ت رتك هلم فرصة التلقى والكشف عن آث ار‬
‫الس ابقني من أمم أخ رى‪ ،‬ولو أرادوا ألبطأ هبم ال زمن‪،‬‬
‫‪27‬‬

‫ومل تس جل هلم حماوالت وضع املع اجم اللغوية منذ‬


‫عصر صدر اإلسالم (‪. )15‬‬

‫العرب ‪:‬‬ ‫(‪)VIII‬‬


‫لألمة العربية مع اجم كث رية ختتلف ىف أش كاهلا وط رق تبويبها وترتيبه ا‪.‬‬
‫وقد تع ددت ط رق وض عها حىت ك ادت تس تنفد كل االحتم االت‬
‫املمكنة‪ .‬وقد الحظ العرب جانىب الكلمة مبىن ومعىن‪ ،‬فرتبوا معامجهم‬
‫– امجاال – إما على اللف ظ‪ ،‬وإما على املع ىن‪ .‬وب ذلك وج دت مع اجم‬
‫االلف اظ ومع اجم املع اىن ‪ .‬وك ثر االختالف ح ول مع اجم األلف اظ من‬
‫حيث الرتتيب والتبويب ىف حني اتبعت معاجم املعاىن طريقة واحدة‪.‬‬
‫وكان ترتيب معاجم الفاظ على أحد طريقني ‪:‬‬
‫الرتتيب الصوتى الذى يراعى خمارج احلروف وتدرجها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ال رتتيب األلفب ائى ال ذى ي راعى التش ابه الكت اىب لالح رف ‪ .‬ومل‬ ‫(‪)2‬‬
‫يستخدم العرب الرتتيب االجبدى ىف معامجهم‪.‬‬
‫وتقول روايات بأن هناك جهودا لغوية كبرية تركزت منذ بدأ الدعوة‬
‫على تفسري الق رآن الك رمي وش رح األح اديث النبوية كما يس تدل من‬
‫الرواي ات الكث رية الىت س أل فيها بعض الص حابة النىب (ص) عن بعض‬
‫الكلمات والعبارات ىف القرآن الكرمي واحلديث الشريف‪ ،‬وكما روى‬
‫عن عمر (رضى اهلل عن ه) وابن عب اس (رضى اهلل عن ه) وغريمها‪ .‬ومثلما‬
‫دعت احلاجة حلفظ الق رآن لكتابة الص حف ‪ ،‬دع اهم تفسري الق رآن‬
‫واحلاجة ماسة ‪ ،‬وكان أول ما ينسب إليه كتاب (غريب القرآن (ال بن‬
‫عب اس) ‪ ،‬ولكنه ض اع‪ .‬ويب دو أن ال رواة س جلوا ما رواه‪ ،‬وت ذكر‬
‫الرواي ات ىف ه ذا اجملال ع دة مص نفات ىف غ ريب الق رآن الىب س عيد‬
‫‪28‬‬

‫البك رى (ت ‪141‬هـ) وأبو قيد م ؤرج السدوسى ‪(0‬ت ‪، )195‬‬


‫واليزيدى (ت ‪202‬هـ)‪ ،‬والنضر بن مشيل (ت ‪203‬هـ) وأبو عبيدة(ت‬
‫‪210‬هـ) ‪ ،‬واالص معى (ت ‪213‬هـ) ‪ ،‬واالخفش األوسط (ت‬
‫‪215‬هـ) ‪ ،‬وأبو عبيد القاسم بن سالم (ت ‪234‬هـ) ‪ ،‬وحممد بن سالم‬
‫اجلمحى (ت ‪231‬هـ) ‪ .‬وقد فق دت كل ه ذه الكتب ما ع دا غ ريب‬
‫القرآن البن قتيبة‪ ،‬ومنهجه خليط من منهج كتب اللغة والتفسري‪.‬‬
‫تتالىالت أليف ىف غ ريب الق رآن حيث ألفت ىف الق رن الرابع‬
‫اهلج رى ع دة كتب ىف املوض وع ‪ .‬ولكن لألسف الش ديد مل يبق من‬
‫ه ذه الكتب املؤلفة ىف الق رن الرابع إال كت اب ال راغب األص فهاىن (ت‬
‫‪502‬هـ – ‪1108‬م) "مف ردات الف اظ الق رآن"‪ ،‬وهو أش به ما يك ون‬
‫مبعجم كامل لأللف اظ القرآنية ‪ .‬مث ألفت بع ده كتب كث رية‪ .‬ك انت‬
‫تسري على أحد طريقني‪ ،‬إما تتبع الكلمات حبسب السور مرتبة حسب‬
‫ورودها ىف اآلي ات املختلفة ‪ ،‬وإما ترتيبها ألفيائي ا‪ ،‬متفاوتة ىف التعقيد‬
‫والتيسيط ‪.‬‬
‫وأما الت أليف ىف غ ريب احلديث فقد ب دأ مت أخرا عن غ ريب‬
‫الق رآن‪ ،‬وأول من ألف فيه أبو ع دنان عبد الرمحان بن عبد العلى راوية‬
‫أىب البدراء الرياحى‪ .‬وهو معاصر ليونس بن حبيب البصرى أستاذ أىب‬
‫عبي دة ومعاصر س يبويه‪ .‬ذكر ىف كتابه األس انيد وص نفه على أب واب‬
‫الس نن والفقه إال أنه ليس ىف األلف اظ اللغوية الىت ت دور ح ول موض وع‬
‫واحد ‪ ،‬اجتهوا إىل هذه الناحية أول ما اجتهوا ‪ ،‬لسهولة تأتيها‪ ،‬وإمكان‬
‫حص رها‪ ،‬فجمع وا األلف اظ الىت تتصل بالنب ات واألش جار والكأل‪،‬‬
‫وباإلنس ان‪ ،‬وب احليوان كاخليل والف رس‪ ،‬وباحلش رات‪ ،‬وباألم اكن‬
‫كالدارات‪ ،‬كما كتبوا ىف املعرب والدخيل والعجمى وغري ذلك‪ .‬وبرز‬
‫‪29‬‬

‫هذا اللون من كتب اللغة‪ ،‬خطوة تالية خلطوة املصنفات اخلاصة بغريب‬
‫القرآن واحلديث‪ .‬وحفظ لنا الزمن فيما حفظ‪ ،‬ثروة قيمة بعضها اختذ‬
‫ش كل للرس ائل الص غرية‪ ،‬ككت اب املطر ألىب زيد س عيد بن أوس (ت‬
‫‪215‬هـ) ‪ ،‬وكتب النخل والك رم واخليل والدرارات األصمعى (‪123‬‬
‫– ‪216‬هـ)‪ .‬وبعضها مجع ما سطره السابقون ىف موضوعه‪ ،‬وأضاف‬
‫إليه‪ ،‬ونسق كل ذلك تنسيقا منظما‪ ،‬كما صنع أبو عبيد (ت ‪224‬هـ)‬
‫ىف كتاب ه‪( :‬الغ ريب املص نف) ‪ ،‬واهلم ذاىن (ت ‪327‬هـ) ىف‪" :‬ألف اظ‬
‫الكتابي ة" والثع الىب (ت ‪429‬هـ) ىف "فقه اللغة وسر العربي ة" ‪ ،‬وابن‬
‫سيده (ت ‪458‬هـ) ىف كتابه اجلامع ‪" :‬املخصص" ‪.‬‬
‫غري أن هذا اللون من كتب اللغة ال يغىن عن لون آخر كان ال‬
‫بد من التوصل إلي ه‪ ،‬بش رح اللفظة وجيلو غامض ها‪ ،‬ويع اجل مش تقاهتا‬
‫حني ت رد ىف نص أدىن يتوقف فهمه على فهم م دلوهلا‪ ،‬وال تس تطيع‬
‫الكتب املش ار إليها قبل اإلرش اد إليه ‪ ،‬إذ أهنا تسري ىف طريق مقاب ل‪،‬‬
‫تف رتض معرفة املوض وع واملعىن مث ترشد إىل اللف ظ‪ .‬وق اد اخلليل بن‬
‫أمحد(‪ 170 – 100‬أو ‪175‬هـ) اللغويني ىف هذا امليدان اجلديد ‪ ،‬مبا‬
‫ابتك ره حني وضع أول معجم ع رىب مسى ‪" :‬كت اب" العني" ‪ ،‬مث تت ابع‬
‫الغيث‪ :‬ف نرى " اجلمه رة" البن دريد (‪321 – 223‬هـ) و"الته ذيب"‬
‫لألزه رى (‪370 – 282‬هـ) ‪ ،‬والص حاح للج وهرى (‪– 322‬‬
‫‪398‬هـ)‪ ،‬و "أساس البالغة" للزخمشرى (‪538 – 467‬هـ)‪ ،‬و"لسان‬
‫الع رب" البن منظ ور (‪711 – 630‬هـ) ‪ .‬و"الق اموس احملي ط"‬
‫للفريوزبادى (‪816 – 729‬هـ) ‪ .‬و"خمتار الصحاح "للرازى (فرغ من‬
‫تلخيصه سنة ‪660‬هـ ) ‪ ،‬واملصباح املنري للفيومى (ت ‪772‬هـ)‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫ومن املع اجم احلديثة "املنج د" لألب ل ويس معل وف اليس وعى (‬
‫‪1946 – 1867‬م)‪ ،‬و"املعجم الكب ري" ال ذى أص در اجملمع اللغ وى‬
‫بالق اهرة‪ ،‬القسم األول من اجلزء األول منه س نة ‪ ، 1956‬مث أع اد‬
‫إص داره بعد تع ديل ه ام به ‪ ،‬س نة ‪1970‬م ‪ ،‬واملعجم الوس يط" ال ذى‬
‫أصدره اجملمع (‪1961 – 1960‬م)(‪. )16‬‬
‫ومما س بق عرضه نس تنتج أن املع اجم العربية مب دايا تنقسم إىل‬
‫ن وعني من حيث املادة املعاجلة ‪ ،‬ومها مع اجل األلف اظ (أو اجملنس ة)‬
‫ومع اجم املع اىن‪ ،‬املقص ود مبع اجم األلف اظ تلك املع اجم الىت تع اجل‬
‫اللفظ ة‪ :‬تض بطها‪ ،‬وت بني أص لها‪ ،‬ومش تقاهتا‪ ،‬وتش رح م دلوهلا‪،‬‬
‫واستعماهلا احلقيقى أو اجملازى وتتخذ هلا هنجا خاصا ىف ترتيب األلفاظ‬
‫معتمدا على الرتتيب اهلجائى أيا كان لون ذلك الرتتيب ومداره‪ ،‬سواء‬
‫أبىن حسب نظام خمارج احلروف ‪ ،‬كما صنع اخلليل ومن لف لفه ‪ ،‬أم‬
‫س ار حسب اال جبدية ىف ترتيبها املألوف‪ ،‬كما جند ىف مع اجم من س ار‬
‫على غري طريقة اخللي ل‪ .‬ففى مع اجم األلف اظ اللفظ هو املع روف‬
‫واجملهول هو املعىن ‪.‬‬
‫والن وع الث اىن‪ ،‬مع اجم املع اىن ‪ ،‬أو "مع اجم املوض وعات " أو‬
‫املع اجم املبوبة هى تلك املع اجم الىت جتمع األلف اظ الىت ت دور ىف فلك‬
‫واحد وح ول موضع واح د‪ ،‬وجتعل فىرس ائل أو كتب أو أب واب من‬
‫كتب ‪ ،‬كما صنع أبو زيد بن أوس األنصارى (ت ‪215‬هـ) ىف كتاب‬
‫املط ر‪ ،‬واالص معى (ت ‪216‬هـ) ىف كتب ‪ :‬ال دارات ‪ ،‬والنب ات‬
‫والش جر‪ ،‬والنخل والك رم ‪ ،‬وابن س يده (ت ‪458‬هـ) ىف املخصص ‪.‬‬
‫واملعىن هو املعروف واجملهول هو اللفظ (‪. )17‬‬
‫‪31‬‬

‫مناهج ترتيب المادة فى المعاجم العربية‪:‬‬


‫أوال ‪ :‬ترتيب المادة فى المعاجم اللغوية ‪:‬‬
‫ينحصر ت رتيب املادة اللغوية ىف املع اجم العربية ق دميا وح ديثا ىف‬
‫األمناط اآلتية‪:‬‬
‫نظام التقاليب‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ه ذا النظ ام وس يلة حلصر ألف اظ اللغة بش كل رياضى على حنو ما رأينا‬
‫عند اخلليل بن أمحد‪ .‬ذهب اخلليل إىل أن الكلم ات العربي ة‪ ،‬من حيث‬
‫البن اء‪ ،‬إما ثنائية أو ثالثية أورباعية أو مخاس ية‪ ،‬وال شئ غري ذل ك‪.‬‬
‫اس تنتج اخلليل من استقص ائه أنه ‪:‬يتحصل من الثن ائى ص ورتان‪ ،‬ومن‬
‫الثالثى ست ص ور‪ ،‬ومن الرب اعى أربعة وعش رون ص ورة‪ ،‬ومن‬
‫اخلماسى مائة وعشرون صورة (‪. )18‬‬
‫إنه ال بد من إع ادة ت رتيب الكلمة املطلوبة على أح رف احللق‬
‫قبل البحث عنها ىف املعجم ‪ .‬فكلمة (بق ل) مثال جندها ىف معجم العني‬
‫مش روحة حتت (قلب)‪ ،‬أى أننا حتت كلمة قلب جند ش رح مجيع‬
‫األلف اظ الىت تنقلب عنه ا‪ ،‬علما بأنه ال يعيد ش رح كلمة (يق ل) ىف‬
‫مكان آخر ألنه سبق أن شرحها ىف تقاليب مادة (قلب)‪ .‬لذلك جاءت‬
‫األب واب األوىل ىف املعجم طويل ة‪ ،‬مكتظة ب املواد اللغوية مع تقاليبها‬
‫املختلفة املستعملة واملهملة‪ ،‬بينما جاءت األبواب األخرية أقصر حجما‬
‫واقل م ادة‪ .‬أش ار الفراهي دى ىف األبنية الثنائية والثالثية إىل الكلم ات‬
‫املس تعملة واملهملة ‪ ،‬بينما مل يشر إىل األبنية الرباعية واخلماس ية إال إىل‬
‫الكلمات املستعملة فقط ‪ ،‬ألن املهملة هنا كثرية (‪. )19‬‬
‫‪32‬‬

‫لقد لقيت طريقة اخلليل رواجا عند ع دد كبري من املعجم يني ‪،‬‬
‫غري أن أنصار هذه املدرسة انقسموا ىف معاجلة املادة اللغوية إىل قسمني‬
‫على النحو اآلتى‪:‬‬
‫تق ‪11 1 1‬اليب الم ‪11 1 1‬ادة وفق مخ ‪11 1 1‬ارج الح ‪11 1 1‬روف ‪ :‬وهو طبق طريقة‬ ‫(‪)I‬‬
‫اخلليل ‪ ،‬إذ رتب احلروف حسب خمارجها مبت دا بأبع دها ىف احللق‬
‫خمرجا ومنتهيا مبا ك ان خمرجه من الش فتني ‪ .‬ملا تتبع اخلليل احلروف‬
‫العربية وجد ح رف العني أبعد ه ذه احلروف كلها بع دا ىف احللق مث ما‬
‫ق رب منه ‪ ،‬األرفع ف االرفع حىت أتى على آخرها وهو امليم فب دأ حبرف‬
‫العني وجعل كل ح رف كتاب ا‪ ،‬فك ان العني أول كت اب معجمه وغلب‬
‫إمسه على املعجم فسمى كتاب "العني "‪.‬‬
‫من ال ذين تبع وا اخلليل ىف ه ذا ال رتتيب أبو منص ور حممد بن أمحد‬
‫األزه رى (ت ‪370‬هـ) ىف "هتذيب اللغ ة"‪ ،‬وأب وبكر حممد بن حسن‬
‫الزبي دى (ت ‪379‬هـ) ىف "خمتصر العني" وابو على امساعيل بن القاسم‬
‫بن عب دون بن ه ارون الق اىل (ت ‪356‬هـ ) ىف "الب ارع" وأبو احلسن‬
‫على بن امساعيل بن س يده األندلسى (ت ‪458‬هـ‪ 9‬ىف "احملكم"‬
‫والص احب بن عب اد (‪385 – 324‬هـ) ىف "احمليط " وأمحد ف ارس‬
‫الشدياق ىف معجمه "سر الليال"‪.‬‬
‫إختلف أنص ار ه ذا ال رتتيب فيما بينهم ىف ت رتيب اجملموع ات‬
‫الص وتية وخاصة ت رتيب احلروف ‪ .‬بينما جند اخلليل واألزه رى ىف‬
‫"العني" و"الته ذيب يرتب ان احلروف ك اآلتى ( ع ‪ ،‬ح ‪ ،‬هـ ‪ ،‬خ ‪ ،‬غ‬
‫حلقية ‪ /‬ق ‪ ،‬ك هلوية ‪ /‬ج ‪ ،‬س ‪ ،‬ش جربة ‪ /‬ص ‪ ،‬س ‪ ،‬ز أس لية ‪ /‬ط ‪ ،‬ت ‪ ،‬د‬
‫نطعية ‪ /‬ظ ‪ ،‬ذ ‪ ،‬ث لثوية ‪ /‬ر ‪ ،‬ل ‪ ،‬ن زلقية ‪/‬ف ‪ ،‬ب ‪ ،‬ش فوية ‪ /‬و ‪ ،‬أ‪ ،‬ى‬
‫هوائية ‪ ،‬فقد رتب أبو على القاىل احلروف ىف "البارع" على النحو اآلتى‬
‫‪33‬‬

‫‪" :‬هـ ‪ ،‬ح ‪ ،‬ع ‪ ،‬خ ‪ ،‬غ ‪ ،‬ق ‪ ،‬ك ‪ ،‬ض ‪ ،‬ج ‪ ،‬ش ‪ ،‬ل ‪ ،‬ر‪ ،‬ن ‪ ،‬ط‬
‫‪،‬د‪،‬ت‪،‬ص‪،‬ز‪،‬س‪،‬ظ‪،‬ذ‪،‬ث‪،‬ف‪،‬ب‪،‬م‪،‬و‪،‬ى‪/‬ء‬
‫‪ .‬هنج ابن س يده ىف "احملكم " ت رتيب اخلليل غري أنه خ الف اخلليل ىف‬
‫اجملموعة الص وتية األخ رية‪ ،‬ف رتب ابن س يده بعد امليم األلف والي اء‬
‫والواو‪.‬‬
‫وأما أمحد فارس الشدياق فقد رتب احلروف ىف "سر الليال"‬
‫على النحو اآلتى‪" :‬أ ‪ ،‬ح ‪ ،‬خ ‪ ،‬ع ‪ ،‬غ ‪ ،‬هـ ‪ ،‬ب ‪ ،‬ت ‪ ،‬ث ‪ ،‬ج‪ ،‬د‬
‫‪ ،‬ذ ‪ ،‬ر‪ ،‬ز ‪ ،‬س ‪ ،‬ش ‪ ،‬ص ‪ ،‬ض ‪ ،‬ط ‪ ،‬ظ ‪ ،‬ف ‪ ،‬ق ‪ ،‬ك ‪ ،‬ل ‪ ،‬م‬
‫‪،‬ن‪،‬و‪،‬ى‬
‫رغم ما يع ود إىل الق ارئ ىف ت رتيب املادة املعجمية حسب خمارج‬
‫احلروف من فائدة اإلملام مبخارج احلروف ال يتأتى استعمال هذا النوع‬
‫من املع اجم إال خبلفية ىف خمارج احلروف‪ .‬لكن رغم ه ذه الفائ دة‬
‫لوحظ هج ران طالب العلم ه ذا الن وع من املع اجم ف رارا من عن اء‬
‫(‪)20‬‬
‫مراعاة املخارج‪.‬‬
‫تقاليب املادة وفق الرتتيب العرىب الشماىل‪.‬‬ ‫(‪)II‬‬
‫وهو ال رتتيب املألوف حالي ا‪ :‬أ ‪ ،‬ب ‪ ،‬ت ‪ ،‬ث ‪ ،‬ج ‪ ،‬ح ‪ ،‬خ ‪ ،‬د ‪،‬‬
‫ذ‪ ،‬ر‪،‬ز‪ ،‬س‪ ،‬ش‪ ،‬ص ‪ ،‬ض ‪ ،‬ط ‪ ،‬ظ ‪ ،‬ع ‪ ،‬غ‪ ،‬ف ‪ ،‬ق‪ ،‬ك ‪ ،‬ل‪ ،‬م‬
‫‪ ،‬ن ‪ ،‬هـ ‪ ،‬و ‪ ،‬ى‪.‬‬
‫ممن س ار على ه ذا النهج أب وبكر حممد بن احلسن بن دريد (ت)‬
‫‪321‬هت) ص احب "اجلمه رة" حيث س اق ت رتيب املواد ىف تقاليبها‬
‫على حسب احلروف املعجمة معتم دا ىف ذلك ت رتيب نصر بن عاصم‬
‫املسابق ذكره (‪. )21‬‬
‫‪34‬‬

‫نظام اعتماد احلرف األخري من الكلمة اجملردة‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬


‫يع رف ه ذا املنهج مبنهج القافي ة‪ .‬وهو م رتب على احلروف حبسب‬
‫أواخر الكلمة اجملردة‪ ،‬وهو ما يعرف اآلن بنظام الباب والفصل ‪.‬‬
‫من معجمى هذا الرتتيب أبو إبراهيم اسحاق بن إبراهيم الفاراىب‬
‫(ت ‪350‬هـ) وهو أول من اتبع ه ذا املنهج ىف ت رتيب الف اظ اللغ ة‪ .‬ىف‬
‫معجمه مراعاة األبنية مما جعل املعجم ذا منهج مركب‪.‬‬
‫املعروف بـ "ديوان األدب"‪ .‬أصاف الفاراىب إىل ما سبق ذكره ‪.‬‬
‫ج اء اإلم ام أبو نصر إمساعيل بن محاد اجلوهرى ‪392 – 332‬هت)‬
‫بعد إسحاق بن إبراهيم الفاراىب بعفود عدة‪ ،‬واضعا معجمه ‪ :‬تاج اللغة‬
‫وصحاح العربية " على منهج القافية‪ ،‬مرتبا ما صح عنده على حروف‬
‫املعجم حبسب أواخر الكلم ‪ ،‬ومجع ال واو والي اء ىف ب اب واح د‪ ،‬وأتى‬
‫بع ده بب اب األلف اللين ة‪ ،‬وقسم األب واب إىل فص ول حبسب احلرف‬
‫األول ‪ ،‬واتبع الرتتيب نفسه ىف احلرفني الثاىن والثالث‪ .‬كما أمهل نظام‬
‫اإلبنية ‪ ،‬من جعل كتابه من حيث املنهج اك ثر وض وحا ويس را من‬
‫"دي وان األدب"‪ .‬ولعل رواج ص حاح اجلوهرى‪ ،‬ومخول ذكر دي وان‬
‫األدب‪ ،‬جعل زيادة هذا املنهج تنسب إىل اجلوهرى‪.‬‬
‫ومن أنص ار ه ذا النظ ام ىف ت رتيب املادة اللغوية رضى ال دين‬
‫احلسن بن حممد بن احلسن ب حيدر بن على العدوى العمرى الصغاىن‬
‫(ت ‪650‬هـ) ص احب "التكملة وال ذيل والص لة " و "العب اب" و حممد‬
‫بن أب وبكر بن عبد الق ادر ال رازاى ( من أهل الق رن الث امن) ص احب‬
‫"خمت ار الص حاح" وأبو الفضل مجال الدين حممد بن مك رم بن منظور (‬
‫‪711 – 630‬هـ) ص احب "لس ان الع رب" و "أبو ط اهر حممد بن‬
‫يعق وب بن حممد الفريوزب ادى (‪ 816 – 729‬أو ‪817‬هـ) ص احب‬
‫‪35‬‬

‫"القاموس احمليط" و حمب الدين أبو الفيض السيد حممد مرتضى احلسيىن‬
‫الواس طى الزبيدى (‪1205 – 1145‬هـ ) ص احب تاج الع روس من‬
‫جواهر القاموس" ‪.‬‬
‫نظام اعتماد الحرف األول من الكلمة المجردة ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وهو منهج ت رتب األلف اظ فيه على ح روف اهلج اء كما هو م ألوف‬
‫لدينا اليوم‪ .‬وأول من اتبع هذا املنهج اسحاق بن مراد املكىن بأىب عمر‬
‫الشيباىن (ت ‪213‬هـ) صاحب كتاب "اجليم"‪ ،‬إال أنه مل يلتنزم قاعدة‬
‫معينة ل رتتيب األلف اظ داخل الب اب الواح د‪ ،‬بل كث ريا ما أوردها دون‬
‫مراعاة لرتتيب احلرف الثاىن والثالث من الكلمة‪.‬‬
‫مث جاء بعده أبو املعاىل حممد بن متيم الربمكى (من علماء القرن‬
‫الرابع اهلج رى)‪ ،‬نظر ال ربمكى إىل احلرف األول للكلمة (كما فعل‬
‫الش يباىن) وراعى احلرف الث اىن إذا ك انت الكلمة ثالثية ‪ ،‬والثالثة إذا‬
‫ك انت رباعيه ‪ ،‬والرابع إذا ك انت مخاس ية‪ ،‬بينما اقتصر الش يباىن منهج‬
‫ترتيبه على أول الكلمة إن ال ربمكى أحكم ترتيبه مبراع اة ما بعد احلرف‬
‫األول من الكلم ة‪ .‬لعل ذلك ما جعل بعض الب احثني أن ينس وا ه ذا‬
‫النظ ام إىل ال ربمكى ب دل الش يباىن لقد أخذ ال ربمكى م ادة معجمه من‬
‫الص حاح للج وهرى ورتبها على أوائل احلرف مراعيا للح رف الث اىن‬
‫والث الث من ب اب اهلم زة وفصل اهلم زة إىل آخر ح رف ىف ح روف‬
‫اهلجاء‪.‬‬
‫مث ج اء الزخمش رى والف معجمه "أس اس البالغ ة‪ ،‬على ال رتتيب‬
‫األلفبائى‪ ،‬ناظرا إىل الكلمة مبحردة عن زوائدها‪ ،‬حسب احلرف األول‬
‫والث اىن والث الث‪ ،‬وج اعال األول باب ا‪ ،‬والث اىن فص ال‪ ،‬لكنه مل يشر إىل‬
‫ذلك ىف مقدمة كتابه صراحة‪.‬‬
‫‪36‬‬

‫وه ذا املنهج األلفب ائى املراعى للكلمة جمردة عن الزوائد جمموعة‬


‫حسب احلرف األول إن علم اء احلديث أس بق إليه من علم اء اللغ ة‪.‬‬
‫اعتم ده فيما بعد علم اء اللغة على حنو ما رأينا عند الش يباىن ىف "اجليم"‬
‫وابن دريد ىف "اجلمه رة" وابن ف ارس ىف معجميه "اجملم ل" و"مق اييس‬
‫اللغة‪ ،‬وإن كان األخريان احتفظا بنظام األبنية ‪.‬‬
‫ومن أتب اع ه ذا املنهج أمحد بن حممد بن على املق رئ الفي ومى‬
‫(ت ‪770‬هـ)* ىف املص باح املنري وبط رس البس تاىن (‪– 1819‬‬
‫‪1889‬م) ىف حميط احمليط وخمتص ره "قط ره احمليط " وس عيد الش رتوىن (‬
‫‪1912 – 1849‬م) ىف أق رب املوارد ىف فصح العربية والش وارد"‬
‫والش يخ أمحد رضا الع املى (‪ )1953 – 1872‬ىف منت اللغة "‬
‫وجرجس مها الشويوى (‪ )1921 – 1856‬ىف معجم الطالب واألب‬
‫ل ويس املعل وف ‪1947 – 01863‬م) وأخ ريا جممع اللغة العربية ىف‬
‫املعجم الوسيط (القاهرة ‪.)1960‬‬
‫لقد ق ام بعض املعجم يني احملدثني باع ادة ت رتيب بعض مع اجم‬
‫القافية الغبائيا وفقا ألوائل األص ول‪ .‬منهم‪ :‬الط اهر أمحد ال زاوى ىف‬
‫"ت رتيب الق اموس احمليط على طريقة املص باح املنري وأس اس البالغة "‪،‬‬
‫وله أيضا "خمت ار الق اموس" على الطريقة نفس ها‪ .‬وحمم ود خ اطر ىف‬
‫"خمتار الصحاح" (‪ )22‬وندمي مرعشلى ويوسف خياط ىف "لسان العرب‬
‫احمليط‪.‬‬

‫نظام اعتماد ترتيب المفردات الفبائـا بأوائلها بحسب نطقها‬ ‫(‪)4‬‬


‫‪ ،‬دون مراعاة ألصلى أو مزيد ‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫تق ول املراجع ب أن أغلب الظن إن أبا هالل العس ركى (ت ‪395‬هـ)‬


‫أول من اعتمد هذا املنهج ىف ترتيب املفردات اللغوية ‪ .‬وذلك ىف كتابه‬
‫"املعجم ىف بقية األشياء فقد رتب الفاظ معجمه ألفبائيا بأوائلها حبسب‬
‫نطقها‪.‬‬
‫وي ؤثر ه ذا ال رتتيب أيضا عند مؤلف آخر ت وىف قبل أىب هالل‬
‫العس كرى بـ ‪ 85‬س نة ‪ ،‬هو ك راع النمنل ىف كت اب "املنجد ىف اللغ ة"‬
‫إال أنه مل يكمل املعجم ‪ .‬راعى ك رام النمل ال رتتيب اهلج ائى حبسب‬
‫أوائلها بغض النظر عن كوهنا أصلية أو زائدة‪.‬‬
‫مث ج اء بع دمها احلسني بن حممد حممد ال دامغاىن ىف "ق اموس‬
‫القرآن" حيث مشى على نفس النمط‪.‬‬
‫قد اعتمد نفس املنهج أبو الس عادات ابن األثري (‪– 544‬‬
‫‪606‬هـ) ىف معجمه اللغ وى "املرصع ‪ :‬وك ذلك عبد الك اىف ن امق (ت‬
‫‪1910‬م) ىف معجمه "احلضارة" غري أنه مل يكمل املعجم ‪.‬‬
‫ومن املعاجم احلديثة ىف هذا األطار من الرتتيب "معجم املرجع"‬
‫للش يخ عبد اهلل العال يلى ومعجم "الرائ د" جلربان مس عود ‪ ،‬ومعجم‬
‫"املنجد اال حبدى املأخوذ من "املنجد" لألب لويس املعلوف (‪. )23‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ترتيب المادة فى معاجم المعانى ‪:‬‬
‫هذا النوع من املعاجم سائر على منهج قوامه توزيع املوضوعات‬
‫على أبواب ‪ ،‬مث خيتص كل باب مبوضوع تدرج فيه ألفاظه ومسمياته‪.‬‬
‫ينسب ه ذا املنهج ىف احلقيق ة‪ ،‬إىل فريق اللغ ويني األوائ ل‪ ،‬ال ذين‬
‫عن وا جبمع اللغة من االع راب ىف الباديه ‪ ،‬أو من وف ادة االع راب اليهم‬
‫ىف احلاض رة‪ ،‬فقد ك ان اللغ وى منهم يلجأ إىل مجع األلف اظ والش واهد‬
‫الىت ت دور ح ول موض وع واحد ‪ ،‬من ذلك مثال ص نيع أىب س عيد عبد‬
‫‪38‬‬

‫امللك بن ق ريب األص معى (‪216 – 122‬هـ) ىف "كت اب اخليل " و‬


‫"النح ل" و"اإلنس ان" وص نيع س عيد بن أوس األنص ارى _‪– 119‬‬
‫‪215‬هـ) ىف كتاب " املطر " و "خلق اإلنسان " و"الشجر" وصنيع أىب‬
‫يوسف يعق وب بن اس حاق (‪244 – 186‬هـ) املع روف ب "ابن‬
‫الس كيت " ىف "النب ات والش جر‪ ،‬وص نيع أىب ح امت س هل بن حممد‬
‫اجلش مى السجس تاىن (‪248 – 000‬هـ) ىف كتب "احلش رات" و‬
‫"اجلراد" و "النحل والعسل" ‪.‬‬
‫مث ج اء أبو عبيد القاسم بن س الم (‪224 – 157‬هـ) وألف‬
‫كتابه الكبري "الغ ريب املص نف " وعقد فيه أب واب وفص وال للمس ميات‬
‫الىت تتشابه ىف املعىن أو تتقارب ‪.‬‬
‫تبع ابو احلسن اهلن ائى ك راع النمل ابن س الم ىف كتابه "املنج د"‬
‫واقتدى به ابن سيده ىف "املخصص ‪.‬‬
‫هنج منهج ابن س الم من املعاص رين ص احبا معجم "األفص اح ىف‬
‫فقه اللغ ة‪ .‬كانا قد عم دا إىل هتذيب املخصص " مث ي أتى أمني ناصر‬
‫ال دين (‪1953 – 1875‬م) ويلخص "املخصص " ويس مى معجمه‬
‫"الرافد"‪.‬‬
‫لقد ق ام احملقق ون احملدثون بوضع كش اف ألغب ائى مبواد مع اجم‬
‫املعاىن ‪ ،‬كصنيع حممد الطالىب التونسى عام ‪ 1956‬حني وضع فهرسا‬
‫لكتاب املخصص ىف قسمني ‪ :‬األول دراسة له وتعريف مبؤلفه ‪ ،‬والثاىن‬
‫كش اف الفب ائى مبواده ‪ .‬وق ام الش يخ إب راهيم الي ازجى بنفس العمل‬
‫فنج ده يص نع فهرسا لكل من معجمى "الراف د" و "جنعة الرائد وش رعة‬
‫الوارد ىف املرتادف واملتوارد" ‪ .‬ومن ذلك تصحيح األب لويس شيخو‬
‫(‪1927 – 1859‬م ) لكت اب " األلف اظ الكتابي ة" ‪ ،‬حيث أردف‬
‫‪39‬‬

‫الكت اب بفه رس مط ول رتبه على ح روف املعجم تيس ريا إلدراك‬


‫املطلوب (‪. )24‬‬
‫املعاجم العربية ىف امليزان ‪.‬‬
‫إن نظرة تقوميية للمعاجم العربية جتلى لنا عدة مآخذ على رأسها‬
‫كثرة التصحيف لصعوبة ضبط الكلمات العربية ىف املعاجم‪ .‬لقد حاول‬
‫بعض أص حاب املع اجم األوىل االتق اء من ه ذا اخلط ر‪ .‬وقد ض بط أبو‬
‫على الغ اىل ىف الب ارع ألفاظه بالعب ارة‪ ،‬غري أن العلم اء بعد أمهل وا ه ذا‬
‫الصنيع حىت أحياها الفريوزبادى ىف "القاموس احمليط" ‪.‬‬
‫يؤخذ على املعاجم العربية أيضا عدم وضوح الغرض عند معظم‬
‫مؤلفيها مما جعل معظم املعاجم خمتلطة األصناف‪ .‬فابن دريد مثال الذى‬
‫رمى إىل مجع مجهرة اللغة أو اجلمهور من كالم العرب يأتى مبا مل يعرفه‬
‫غ رب الش مال إال من أبعد منهم ىف اجلن وب إىل اليمن ‪ .‬وابن ف ارس‬
‫حيشو جممله مبا زخر به كتابه األكرب "املق اييس" واليس وعيون ال ذين‬
‫يؤلف ون للتالميذ يرجع ون إىل أحد مع اجم اللغة الك ربى "الق اموس"‬
‫ويس عون إىل الزي ادة عليه ‪ ،‬وال خيتص رون منه إال قليال أو حيذفون منه‬
‫دون خطة معينة ‪ .‬وهن اك من يوغل ىف الغ ريب واللهج ات واملعرب ات‬
‫وامساء العالم واألم اكن ومص طلحات العل وم املختلفة دون خطة‬
‫واض حة‪ ،‬وينسى بعض ه ذه املع اجم كلم ات ش ائعة هام ة‪ .‬وذلك‬
‫يتطلب مع اجم متخصصة لكل فن من ه ذه الفن ون‪ ،‬كما يقتضى متثل‬
‫الغرض من املعجم ‪ .‬فاملعجم املختصر غري الوسيط ومها غري الكبري‪.‬‬
‫يؤخذ على املعاجم العربية قصورها عن متطلبات اللغة‪ .‬ويكفى‬
‫أن نذكر أن أى معجم عرىب مل يستقصى املعروف من اللغة مبا ىف ذلك‬
‫تاج العروس آخر املعاجم الكربى‪ ،‬وأقرب مثال لذلك "معجم األلفاظ‬
‫‪40‬‬

‫الىت مل ت رد ىف املع اجم امللحقة بكت اب املفض ليات ‪ .‬وهى أمني ش عر‬
‫العرب‪ .‬وكل شعرائها حجة ىف اللغة‪ .‬ومن أسباب هذا الفصور نظرة‬
‫العلم اء للغة نظ رة ناق دة ال جامع ة‪ ،‬فلم يعنوا جبمع اللغة املوج ودة‪ ،‬بل‬
‫كان هدفهم االقتصار على الفصيح الصحيح فقط‪ .‬وبذلك ضاع كثري‬
‫من اللغة خاصة هلج ات كثري من قبائل الع رب ال ذين مل جتمع لبع دها‬
‫عن قريش وما جاورها‪ ،‬وأمهل بذلك كثري منم املولد لعدم اعتباره من‬
‫اللغ ة‪ .‬وأمهل بالت اىل الع امى ىف كل العص ور مما أص اب اللغة ب اجلمود‬
‫واقتصارها على القرنني األولني للهجرة ‪ ،‬وبعض القرن الثالث‪ .‬وميكن‬
‫تع ويض بعض النقص باستقص اء املؤلف ات العربية واس تخراج مع اجم‬
‫للش عراء والكت اب ومن إليهم مما ميكن أن يض اف إىل مع اجم اللغة‬
‫فتص بح هن اك مع اجم متحصصة للمع رب وال دخيل والع امى واملولد‬
‫والفاظ العلوم والفنون وما إليها‪.‬‬
‫ولعل من اكرب ما يؤخذ على املع اجم العربية ترتيبها إىل أب واب‬
‫وفص ول وختبطها بني ح روف الكلمة أوهلا وآخرها وما يتصل ب ذلك‬
‫من مش اكل التقليب ات واألبنية واض طراب االلف اظ بني ه ذه االبنية‬
‫خاصة من ج راء ح روف العلة واهلم زات وما إليها واض طراهبم ىف‬
‫ح روف الزي ادة واالش تقاق مث ع دم تقي دهم بنظ ام واحد داخل املادة‬
‫الواح دة ‪ ،‬ك أن تب دأ مثال بص يغة الفعل مث املص در مث اجلمع وما إىل‬
‫ذل ك‪ .‬ويض اف إىل كل ذلك ما يع رتى الش رح والتفسري من اض طراب‬
‫وتقليدي ة‪ .‬ف إن معظم املع اجم تنقل عن بعض ها ك أن اللغة ال تتط ور‬
‫معانيها بتط ور العص ور ‪ .‬وقد أحست املدرسة احلديثة مبعظم ه ذه‬
‫النقائص وسعت إىل جتاوزها‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫ح اول اخلورى بط رس البس تاىن أن يرسم ص ورة للمعجم ال ذى‬


‫حنت اج إليه ىف مقدمته لبس تان الش يخ عبد اهلل البس تاىن فتع رض ألوجه‬
‫القصور ىف املعاجم العربية آنفة الذكر‪ ،‬ونصح املؤلفني حبذف اآلتى ‪:‬‬
‫املهمل من اللغة ال ذى أص بح خ ارج العصر وال يس تعمل ألن‬ ‫(‪)1‬‬
‫لكل عصر لغته ولكل زمان بيانه وذوقه ‪.‬‬
‫املرتادف لتضارب اآلراء حوله خاصة الغريب منه ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫املش رتك ألنه ي ؤدى لأللتب اس خاصة إذا ك انت القرينة خفية‬ ‫(‪)3‬‬
‫املراد‪.‬‬
‫اإلضداد الىت هى أقرب لالحاجى واأللغاز ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الف روق وهو من عالم ات س عة العربية وغناه ا‪ ،‬وهو وإن دل‬ ‫(‪)5‬‬
‫على دقة تص ور الب دوى وفس حة خ اطره‪ ،‬ف إن حي اة احلاض رة فيها ما‬
‫يشغل الناس عن هذا التوسع خاصة إن الناس حيتاجون إىل الوقت لتعلم‬
‫اللغة احلية ‪ ،‬بدل هدره ىف مثل هذا الرتف اللغوى‪.‬‬
‫وك ان الش يخ عبد اهلل العال يلى أك ثر توفيقا فيما اقرتحه ىف كتابه ‪:‬‬
‫"مقدمة ل درس لغة الع رب" ‪ .‬فقد ذكر حاجة الع رب إىل أن واع خمتلفة‬
‫من املعاجم ‪.‬‬
‫املعجم املادى كاملعاجم القدمية ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫املعجم العلمى ‪ ،‬يبحث ىف اإلصطالحات املتحصصة ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫املعجم اإلصطالحى على نسق كليات أىب البقاء وتعريفات عبد‬ ‫(‪)3‬‬
‫القاهر اجلرحاىن ‪.‬‬
‫املعجم التارخيى أو النشوئى يبحث ىف تطور اللغة وتراوحها بني‬ ‫(‪)4‬‬
‫احلقيقة واجملاز مقيدة بالعصور على أسلوب مادى‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫املعجم املعلمى وهو يضم مجيعها باختص ار‪ .‬مث ش رح منهج كل‬ ‫(‪)5‬‬
‫منها ووضع منوذجا ىف كتابه لطريقة عالج املواد ىف املعجم االدى‬
‫متخذا رموزا لإلشارة إىل أبواب األفعال واملعىن املشرتك بني صيغ املادة‬
‫مجيعها واملعىن اخلاص ىف كل ص يغة منه ا‪ ،‬واملص در والفعل املتع دى‬
‫واالشتقاق واجلموع واملذكر واملؤنث واالسم والصفة ‪ ،‬وانه سيقدم ىف‬
‫أول املواد معناها املش رتك بتص ريف أفعاهلا مث ص يغ األمساء والص فات‪،‬‬
‫ويضع كال منها ىف أول السطر‪.‬‬
‫واللغة العربية ىف حاجة إىل معجم ت ارخيى يع اجل نش أة األلف اظ وميكن‬
‫تقسيمها إىل أنواع ثالثة ‪ :‬األلفاظ العربية ىف اللغات السامية‪ ،‬األلفاظ‬
‫املعربة من اللغ ات الفارس ية أو اليونانية أو الالتينية وغريه ا‪ ،‬األلف اظ‬
‫العربية الىت ابتكرها الع رب وال نظري هلا ىف الس اميات ‪ ،‬وذلك يقتضى‬
‫تتبع ذلك ىف اللغ ات الس امية وغريها وينظر املعجم ىف ال زمن ال ذى‬
‫انتقلت فيه األلف اظ إىل العربية بطريق مباشر أو غري مباشر وما أص اهبا‬
‫من تغري ومنوذج معجم اكس فورد الت ارخيى الكبري خري ه اد ىف منهجه‬
‫ملعاجلة هذه النواحى التارخيية واإلستشهاد هلا (‪. )25‬‬
‫لقد تن اول ال دكتور ري اض زكى قاسم ن واحى قص ور املعجم‬
‫الع رىب ىف كتابه "املعجم الع رىب ‪ ،‬حبوث ىف املادة واملنهج والتط بيق "‬
‫آنف ال ذكر ىف الفصل الث امن حتت عن وان "ىف توثيق املعجم الع رىب"‬
‫تع رض هلذه القص ور مث ق دم اقرتاح ات لتالىف ه ذه التص ور‪ .‬ميكن‬
‫الرجوع إليه ملزيد من البيان (‪. )26‬‬
‫ملا سجل لنا اللغويون املعجميون املادة املعجمية بأنواعها املختلفة‬
‫للرج وع إليها عند احلاجة أخذ واألدب اء ه ذه املادة ووظفوها ىف‬
‫انتاج اهتم العلمية واألدبية ‪ .‬وه دف كل من الفئ تني متمثل ىف حماربة‬
‫‪43‬‬

‫اللحن وفشو الركاكة والضعف ىف املفردات والرتاكيب والصور ومحاية‬


‫النص وص املقدسة من ه ذه الفنت ‪ ،‬وان ظهر ح ديثا بعض األه داف‬
‫املعاكسة عند فئ ات من اللغ ويني كاليس وعيني واملستش رقني ال ذى‬
‫اس هموا ىف مي دان املعىن بت أليف مع اجم متنوعة خدمة لعقائ دهم‬
‫وميوهلم املعاكسة ىف أغلب األحيان لنصوص القرآن واحلديث ال يزال‬
‫هن اك لغوي ون ي دافعون عن دور العربية ىف احلف اظ على النص وص‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ينبغى التنوية هنا إىل ض رورة احلذر ىف اس تخدام مع اجم الفئة‬
‫املعادية لإلسالم خوف التورط ىف ما ينقض عقيدة املسلم ‪.‬‬
‫ومما هو جدير باالشارة هنا أن اهتمام هذه الرسافلة منصب ىف‬
‫املعجم اللغ وى عند الش يخ عبد اهلل بن ف ودى ب دليل أن ه دفها اب راز‬
‫مكانته اللغوية املعجمي ة‪ .‬و املعجم اللغ وى من حيث مادته على ثالثة‬
‫مس تويات‪ ،‬املس توى االبت دائى ال ذى من ش أنه ش رح املف ردات اللغوية‬
‫ش رحا م وجزا ‪ ،‬وميثل ه ذا املس توى الق اموس احمليط للفريوزب ادى وما‬
‫على ش اكلته‪ .‬وي اتى مس توى ث انوى وهو ال ذى من ش أنه تق دمي ش رح‬
‫مطول للمادة اللغوية مع اإلستشهاد بنصوص القرآن واحلديث والعشر‬
‫العرىب‪ .‬وميثل هذا املستوى معجم "لسان العرب" البن منظور وما على‬
‫شاكلته‪ .‬ويأتى مستوى ثالث وهو الذى يشرح املفردات اللغوية ذات‬
‫احياءات أغلب ما تك ون بالغية مثلما نقابل ىف ( أس اس البالغ ة)‬
‫للزخمشرى ‪.‬‬
‫لقد وظف الشيخ عبد اهلل املعاجم اللغوية وفق مستوياهتا‪ .‬نقابله‬
‫يس تعني بالق اموس احمليط ىف نظم قص ائده وش رح مفرداهتا ومف ردات‬
‫قص ائد غ ريه على حنو ما نقابل ىف ديوانه ت زويني الورق ات وش رحه‬
‫‪44‬‬

‫للقصائد العشرية‪ .‬وأما نوعا املستوى الثاىن والثالث فنجدمها موظفني‬


‫ىف تفس ريه "ض ياء التأويل ىف مع اىن التنـزيل" حيث يش رح املف ردات‬
‫واآليات القرآنية مستعينا بالقواميس املطولة ذات احياءات بالغية‪.‬‬
‫هوامش الباب األول ‪:‬‬
‫أبو الفضل مجال ال دين حممد بن مك رم بن منظ ور ‪ :‬لس ان‬ ‫(‪)1‬‬
‫العرب بال عدد الطبعة ‪ .‬قم – إيران ‪ .‬نشر أدب احلوزة سنة ‪1405‬هـ‬
‫– ‪1963‬م ج ‪ 12‬حرف امليم ص ‪.389 – 385‬‬
‫ال دكتور إميل يعق وب ‪ :‬املع اجم اللغوية العربية ‪ ،‬ب داءهتا‬ ‫(‪)2‬‬
‫وتطورها ‪ .‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار العلم للماليني ‪ ،‬ب ريوت ‪ ،‬لبن ان‪ ،‬س نة‬
‫‪198‬م ص ‪. 9‬‬
‫الدكتور عبد السميع حممد أمحد ‪ :‬املعاجم العربية دراسة حتليلية‬ ‫(‪)3‬‬
‫الكت اب األول ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬دار الفكر الع رىب س نة ‪1974‬م ص‬
‫‪. 17 – 16‬‬
‫د‪ .‬إميل يعقوب املرجع السابق ص ‪9‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫د‪ .‬إميل يعقوب املرجع السابق ص ‪6-5‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫ال دكتور ري اض زكى قاس م‪ .‬املعجم الع رىب‪ ،‬حبوث ىف املادة‬ ‫(‪)6‬‬
‫واملنهج والتط بيق ‪ .‬الطبعة األوىل ‪ ،‬ب ريوت لبن ان ‪ ،‬دار املعرفة ‪ ،‬س نة‬
‫‪1987‬م – ‪1407‬هـ ص ‪. 16 – 11‬‬
‫األس تاذ ال دكتور ع ون الش ريف قاسم ‪ .‬حماض رات ىف املع اجم‬ ‫(‪)7‬‬
‫عند الع رب وغ ريهم لطلبة املاجس تري ىف معهد اخلرط وم ال دوىل للغة‬
‫العربية ‪1988 – 1987‬م ص ‪ 27‬و ‪. 28‬‬
‫ابن منظورلسان العرب املرجع السابق ج ‪ ( 6‬ص – ش ) ص‬ ‫(‪)8‬‬
‫‪ 182‬و ‪. 183‬‬
‫‪45‬‬

‫يس رى عبد الغىن عبد اهلل ‪ :‬معجم املع اجم العربية بال ع دد‬ ‫(‪)9‬‬
‫الطبعة بريوت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬دار اجليل سنة ‪1409‬هـ – ‪1989‬م ص ‪. 9‬‬
‫األستاذ عون الشريف املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 27‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫د‪ .‬ري اض زكى ‪.‬املعجم الع رىب‪ ،‬حبوث ىف املادة واملنهج‬ ‫(‪)11‬‬
‫والتطبيق املرجع السابق ‪ .‬ص ‪. 18‬‬
‫يسرى عبد الغىن عبد اهلل‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 22‬‬ ‫(‪)12‬‬
‫االستاذ عون الشريف حماضرات ىف املعاجم عند العرب وغريهم‬ ‫(‪)13‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 27‬‬
‫االستاذ عون الشريف املرجع نفسه ص ‪27‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫الدكتور عبد السميع حممد أمحد ‪ ،‬املعاجم العربية دراسة حتليلية‪،‬‬ ‫(‪)15‬‬
‫املرجع السابق نفس الصفحات ‪.‬‬
‫األستاذ عون الشريف املرجع السابق ‪19-16‬‬ ‫(‪)16‬‬
‫األستاذ عون الشريف املرجع السابق ‪19-16‬‬ ‫(‪)17‬‬
‫د‪ .‬زكى املرجع السابق ص ‪112 – 111‬‬ ‫(‪)18‬‬
‫نفس املرجع والصفحة‬ ‫(‪)19‬‬
‫نفس املرجع ص ‪113 – 112‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫نفس املرجع ص ‪114-113‬‬ ‫(‪)21‬‬
‫نفس املرجع ص ‪118 – 116‬‬ ‫(‪)22‬‬
‫نفس املرجع ص ‪120 – 119‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫نفس املرجع ص ‪128 – 126‬‬ ‫(‪)24‬‬
‫األستاذ عون الشريف املرجع السابق ص ‪52 - 51‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫د‪ .‬زكى املرجع السابق ص ‪292 – 259‬‬ ‫(‪)26‬‬
‫‪46‬‬

‫الباب الثانى ‪ :‬حياة الشيخ عبد اهلل بن فودى‬


‫بيئة الشيخ عبد اهلل الواسعة ‪ :‬غوبر ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المبحث األول‬
‫أس هم ىف نشر اإلس الم والثقافة العربية ىف نيجرييا ع دد كبري من‬
‫العلم اء الواف دين والنيج ريين‪ .‬ك ان الواف دون ميرون هبذه البالد ىف‬
‫ط ريقهم إىل احلج ذاه بني أو عائ دين ‪ ،‬أمث ال الش يخ حممد بن عبد‬
‫الك رمي املغيلى وأمحد بابا التمبكىت ‪ .‬ومن النيجريي يني خرجيو األزهر‬
‫الش ريف كمحمد األمني الك امنى وخرجيو معاهد املغ رب واالك دز‬
‫كجربيل بن عمر وعثمان بن فودى وأخوه عبد اهلل بن فودى وغريهم‬
‫من العلماء االجالء الني أفنوا حياهتم ىف نشر اإلسالم والثقافة العربية‪.‬‬
‫قام الشيخ عثمان بن فودى وأنصاره من الشيخ عبد اهلل وحممد‬
‫بلو وغريمها حبركة اصالحية وثقافية بأرض غوبر‪ .‬والشيخ عبد اهلل من‬
‫أركان هذه احلركة جهادا وعلما ‪.‬‬
‫إن "غ وبر" قبل جه اد الش يخ عثم ان متثل ىف ت اريخ ه ذه البالد‬
‫عنص را هاما من العناصر الش مالية لغ ة‪ ،‬وش عبا ودولة ‪ ،‬وهى تقع ىف‬
‫اجلزء الش رقى بني جاراهتا "زنف را" و"كتش نا" ‪ ،‬و"كن و" و "دوره" ‪ ،‬و‬
‫"زك زك" و "غ ارن غبس ‪ .‬و "رنو "‪ ،‬و "رن و" وىف غرهبا والية "‬
‫كب"‪.‬‬
‫و"برغو" و "نفى " و "يوربا" (‪. )1‬‬
‫وضع مملكة غوبر اإلقتصادى ‪.‬‬
‫ليس ململكة غ وبر دور اقتص ادى ي ذكر‪ .‬ىف تلك اآلونة ولعل‬
‫ذلك راجع إىل نوعية أرضها إذ كانت أرضا جدباء قحطاء بل أجدب‬
‫بالد هوس ا‪ .‬وه ذا إض افة إىل انش غاهلا ب احلروب املس تمرة بينها وبني‬
‫‪47‬‬

‫املناطق املتجاورة على حنو ما جرى بينها وبني كب وهذا رغم مكانتها‬
‫السياسية املؤثرة ىف املنطقة ‪.‬‬
‫وذلك ما عرب عنه الدكتور عبد الباقى شعيب ىف‬
‫رس الته لل دكتوره ق ائال‪ (( :‬ومهما يكن األمر من شئ‬
‫ف إن غ وبر س كنت ىف أقصى البالد الص حراويه ‪ ،‬وهى‬
‫ر‪ ،‬وهى‬ ‫منطقة مغرقة ىف اجلدب متامخة لبالد نيج‬
‫ك ذلك غ ريذات زرع ‪ ،‬وليس هلا م وارد تكفى أهلها‬
‫بدال أن تصدر ما زاد على حاجات أهلها إىل غريهم‬
‫للبناء احلضارى‪ ،‬ومل تكن أضف إىل ذلك هلذه اململكة‬
‫س وق تنـزل فيها القوافل فتع وض ما فاهتا من احلص ائد‬
‫الزراعية بالتج ارة أس وة بأخواهتا " مغم" و"زنفر " و‬
‫"كش نة " و "كنو " ‪ ،‬فتكسب منها ما تسد به غ زو‬
‫الص حراء الىت جترف ‪ ،‬وال ت ذر من شئ أتت عليه إال‬
‫جعلته ك الرميم ‪ ،‬على أن القوافل ع ادة تتبع األراضى‬
‫املرزوعة الىت حتوى آب ارا وعيونا ووديان ا‪ ،‬وم راعى‬
‫تسهل احلياة القاسية لألناخة أو اإلقامة‪ ،‬فيتبادل الظائن‬
‫واملقيم املن افع واملص احل‪ ،‬ولكن دولة "غ وبر" ‪،‬مل متلك‬
‫ه ذه اجلوانب ومل تعرها إهتمام ا‪ ،‬بل ص رفت عنايتها‬
‫الك ربى ىف مي ادين احلروب والغ ارات‪ .‬وس نرى فيما‬
‫بعد ان الرك ود االقتص ادى ه ذا قد أدى إىل تقلص‬
‫الوفادة العلمية الىت كانت منتظمة بني الشرق والغرب‬
‫قبل قي ام ه ذه اململك ة‪ .‬ومل ال يك ون ف إن الظالل‬
‫اء تقيم للعلم دولته ‪،‬‬ ‫الوارقة من االمن والرخ‬
‫‪48‬‬

‫وللحض ارة قوهتا ‪ ،‬وب دال أن تقيم "غ وبر" ه ذه الق وة‬
‫اجملي دة ‪ ،‬بل اختذت شن الغ ارات غايتها القص وى‬
‫(‪.)2‬‬
‫للملك والعزة واجملد"‬
‫وضع غوبر العلمى ‪.‬‬
‫تك اد الكتاب ات ح ول غ وبر تس كن عن ذكر دور ه ذه اململكة‬
‫العلمى مما ي وحى بع دم اهتمامها هبذا اجلانب اهلام وه ذا عكس جاراهتا‬
‫أق دس وكتش نه وكنو حيث وردت روايت ات حتمل آثارها العلمى‬
‫املتمثلة ىف تاريخ دخول ‪.‬‬
‫إلسالم فيها والشخصيات اإلسالمية البارزة الىت لعبت أدوارا كبرية ىف‬
‫نشر اإلس الم وثقافته ‪ ،‬لقد عاشت قبيلتا الت وارق والفالن متنعم تني‬
‫بكن وز علمية وأدبية وفنية منتش رة ىف أق دس الواقعة ىف أحض ان س لطنة‬
‫"أزين " الىت حبوار غوبر مباشرة ‪ .‬ومن ما ورد أن باوا جنغورزو ملك‬
‫غوبر مجع الف عامل ىف مغمى جملادلة الشيخ عثمان بن فودى‪ ،‬كما ان‬
‫علم اء ون اغرة وف دوا إىل غ وبر قبل انتق اهلم إىل كتش نه وكنو ‪ .‬ومن‬
‫املس تغرب أنه ه ذه املؤثرات مجيعا مل ت رتك اث را ىف مملكة غ وبر ي ذكر‪.‬‬
‫هذا امر حمري جدا ‪.‬‬
‫ولعل أسباب عدم اإلستفادة من العوامل للثقافية املذكورة أعاله‬
‫املتاحة ململكة غ وبر راجع إىل حداثة عهد غ وبر ىف منطقة أق دس من‬
‫قدوم اهلها من برنو وملا تزل ىف مرحلة النشأة التكوين ‪ ،‬حبيث مل تكن‬
‫تأثرت بالثقافة املوجودة ىف اقدس‪ .‬أما عدم استفادة اململكة من العلماء‬
‫اجملاورين فلعل ذلك راجع إىل أن غ رض امللك ىف احض ارهم ىف موقع‬
‫واحد ك ان غرضا دفاعي ا‪ ،‬أراد ب ذلك محاية ملكه ‪ ،‬مثلما ح دث بني‬
‫‪49‬‬

‫ملوك غوبر مع علماء بيوا ويندوت ال بطال دعوة الشيخ عثمان واىب‬
‫اهلل إال ان ينصر اجملاهدين ىف سبيله وميحق الباطلني‪.‬‬
‫ويلى السببني سبب ثالث هلذا اجلمود من قبل غوبر حنو احلركة‬
‫العلمية ‪ :‬حوهلا‪ .‬وهو قلة اإلنت اج ال زراعى ‪ ،‬إذ ك انت االرض‬
‫ص حراوية ج دباء‪ .‬وعالوة على ذلك ك انت اململكة معدومة االمن من‬
‫أجل احلروب املتك ررة ‪ ،‬وزاد الوضع ت وترا سياسة القمع والتهديد الىت‬
‫طاملا مارس ها مل وك غ وبر‪ .‬أىن يعيش العلم اء ىف مثل ه ذا الض غط‬
‫الشديد كم هامحت الدولة الطوارق والفالنيني هنبا وقتال‪.‬‬
‫ومما س بق ميكن الق ول ب أن هم مل وك غرب ىف ذلك احلني مل يكن‬
‫س وى حشد ق وة عس كرية متكن دولتهم من اهليمنة الكلية على بقعتها‬
‫بل على املماليك ىف املنطقة ‪ .‬وبطيعة احلال ال تص لح مثل ه ذه البيئة‬
‫لرتبية الثقافة والعلم‪ ،‬كما أثبتته التجارب (‪. )3‬‬
‫وضع غوبر السياسى‬
‫يرجع تاريخ نفوذ غوبر السياسى إىل سقوط مملكة صنغاى‪ .‬أثر‬
‫اهني ار مملكة ص نغاى ىف نشر الثقافة العربية ىف نيجريي ا‪ .‬بق دوم علم اء‬
‫جامعة سنكرى كتسنه هاربني‪ .‬استقر أولئك العلماء االجالء بكتشنة‬
‫فش رعوا ىف بث العل وم والفن ون اإلس المية ىف دولة كتش نه وغريها من‬
‫املناطق املتجاورة ‪.‬‬
‫كان هلذا األهنيار أثر ىف التطورات السياسية ىف الواليات التابعة‬
‫ململكة ص نغاى حيث أص بحت بس قوط ص نغاى ‪ .‬قد أص بح كل من‬
‫كب وزنف را وغ وبر دولة بعد أن ك انت والية ىف أحض ان ملكة‬
‫صنغاى‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫ك انت كب أول دولة حتررت من ص نغاى حيث أعلى ملكها‬


‫كنتا اس تقالله من أس كيا حمد ‪ .‬فأخذ نف وذ دولة كب ينتشر إىل أن‬
‫أص بحت مهينة على بالد زنف را وكتش نه وكنو وغ وبر وزك زك وبالد‬
‫أه ري‪ .‬ما ب رح حىت ض عفت دولة كب فاقتسم أراض يها س الطني أهري‬
‫وغوبر وزنفرا‪ ،‬وكانت أغلبية بالدها حتت سيطرة زنفرا ‪.‬‬
‫وما أن ض عفت بالد زنف را حىت اقتحم معظمها ملك غ وبر‬
‫باب ارى وظلت لبنيه مخسني عاما ‪ ،‬وعندئذ أص بحت غ وبر دولة ب ارزة‬
‫ىف سياسة ه ذه البالد‪ ،‬وهنضت هنضة واس عة تشن الغ ارات واحلروب‬
‫لبث نفوذها ىف املدن اجملاورة والبعي دة‪ ،‬ومل تلبث حىت س يطرت على‬
‫كافة أراضى زنفرا وكب وكنو وكتشنه وأزبن وضوا حى برنو (‪. )4‬‬
‫يقسم الباحثون تاريخ مملكة غوبر السياسى إىل قسمني ‪ ،‬اوهلما‬
‫ما قبل جهاد الشيخ عثمان بن فودى والثاىن ما بعده‪ .‬وأما القسم األل‬
‫فيمثل عه دا ذهبيا للملكة حيث حققت انتص ارات رائعة ىف حروهبا‬
‫املت وايل ضد أع دائها وبنت عاص متها الش هرية "بألقاض اوا" ‪ ،‬أعظم‬
‫القالع حص انة ىف عص رها‪ ،‬أى الق رن الث امن عشر امليالدى ومن آث ار‬
‫ذلك امتناعها عن أداء اخلراج والغالت لس لطان برن و‪ .‬ومت ذلك اجملد‬
‫على يد سالطينها حممد تشروما ( السلطان التاسع والسبعني ىف سلسلة‬
‫ملوكهم ) وثوبا وبابارى (باىن عاصمتهم املنيعة القاضاوا ) وباوا جن‬
‫غورزو ‪.‬‬
‫وأما القسم الث اىن من ت اريخ ه ذه اململكة العريقة فيمثل مرحلة‬
‫ض عف س لطاهنا ونكس تها نتيجة الت واتر املتمثل ىف ويالت احلروب‬
‫املس تمرة‪ ،‬وه ذا إض افة إىل جرميتها اجلثيمة ىف حماولة قمع ال دعوة‬
‫االص الحية الثقافية بيد الش يخ عثم ان وأنص اره الىت من ش أهنا ختطيط‬
‫‪51‬‬

‫طريقة مثلى لغ وبر حنو إع ادة بنائها روحيا وتطويرها ثقافيا وسياس يا‬
‫واجتماعيا‪ .‬بينما كان هدف ملوك غوبر بناء قوة تضمن رفاهية دنيوية‬
‫ال غري‪ ،‬كان اجلهاديون ساعني إىل إقامة دولة إسالمية ربانية من شأهنا‬
‫حترير العب اد من عب ادة العـباد إىل عب ادة رب العب اد‪ .‬واحلق هو املنتصر‬
‫دائما ‪.‬‬
‫وما إن ظه رت حركة اجله اد على يد الش يخ عثم ان وأنص اره‬
‫حىت اتضح هن اك اصل بني اجله اد مبفهومه ال دقيق من الع دل واخلري‬
‫واحلق وبني احلرب ىف مضموهنا الظلم والبغى والشر‪.‬‬
‫ومن أب رز أع وان الش يخ عثم ان ىف رسم خط وات حركته‬
‫اإلص الحية ش قيقه العالمة الش يخ عبد اهلل بن ف ودى ال ذى ميثل ص ورة‬
‫واض حة ملع امل ه ذه احلركة ىف أدق مواطنها وأص دقها وىف أطوارها‬
‫وأدوارها األمر ال ذى جعل الب احثني الق دماء واحملدثني ىف ه ذه البالد‬
‫جيدون ىف عبد ا هلل ‪ .‬م ادة غزي رة املبحث ىف جماالت العلم واألدب‬
‫وباقى ميادين املعرفة ‪.‬‬
‫إنه جدير بالذكر هنا أن ما خلفه لنا الشيخ عبد اهلل من اإلنتاج‬
‫الفكرى يسع قرنا من الزمن قبل استفراغه حبثا‪ .‬وهذا إن دل على شئ‬
‫فإمنا ي دل على أن عوامل تك وين شخص ية عبد اهلل موهوبة ومكتس بة ‪.‬‬
‫لقد اطلع اهلل على خ الص إميانه ونيته فوفقه ىف تعلمه وب ارك فيه بركة‬
‫تبهر الق ارئ او الب احث‪ .‬إنه ألمة ىف ما خلفه من ال رتاث ‪ .‬وال أدل‬
‫على ذلك مثل حماولة تفقه بعض مؤلفاته الت اى تف وق ما ألفه الع رب‬
‫ىف هذا الزمان‪ .‬إن بعض مؤلفاته تتطلب تسلحا علميا مدى احلياة قبل‬
‫اإلملام مبض موهنا ‪ ،‬ليس "احلصن الرصني " وتفس ريه "ض ياء التأوي ل"‬
‫ببعديدين (‪. )5‬‬
‫‪52‬‬

‫المبحث الثانى ‪ :‬بيئة الشيخ عبد اهلل الضيقة ‪.‬‬


‫واملقص ود بالبيئة الض يقة هنا هى البيئة ذات عالقة مباش رة‬
‫بالشيخ عبد اهلل من مسقط رأسه واالماكن الىت وطأهتا قدمه ىف سبيل‬
‫طلب العلم ونش ره حال وترح اال‪ .‬ومن ذلك الشخص يات الىت لعبت‬
‫دورا ىف تكوينه خلقيا وثقاقيا‪.‬‬
‫نسب الشيخ عبد اهلل ونشأته‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫"تكاد املصادر ىف ترمجة الشيخ عبد اهلل جتتمع على أنه‬
‫عبد اهلل بن حممد فودى بن عثمان بن صاحل بن هارون‬
‫بن حممد غ رط بن حممد جب بن حممد ثنب بن أي وب‬
‫بن ماس ران بن أي وب بن موسى جكل ال ذى ق دم من‬
‫بالد فوت اتور قائ دا هج رة قبيلة ت ورىب الفالتية إىل بالد‬
‫هوسا ىف منتصف الق رن اخلامس عشر امليالدى يق ال‬
‫ب أن ىف رفقة جكل أربعمائة مه اجر ميثل ون ف روع‬
‫(‪)6‬‬
‫القبيلة الفالتية الىت انتشرت ىف خمتلف نواحى العامل‬
‫‪.‬‬
‫اس تقرت عش رية عبد اهلل ىف ب رنن كن ىف‬
‫احلدود الص نغائية والربنوية ‪ ،‬إىل أن ه اجر بعض هم إىل‬
‫مرتا بقيادة جد عبد اهلل وهو عثمان‪ ،‬مث واصل اهلجرة‬
‫وال ده حممد بن ف ودى‪ ،‬إىل "فنقل و" وأخ ريا إىل طغل‬
‫عام ‪1752‬م (‪. )7‬‬
‫ولد عبد اهلل ىف مجادى اآلخ رة ‪1180 .‬هـ ‪-‬‬
‫‪1766‬م ‪ .‬ىف عهد ملك غ وبر دان غط بن باب ارى‬
‫املتوىف ‪1771‬م‪ .‬بينما اتفق الباحثون على هذا التاريخ‬
‫‪53‬‬

‫إهنم اختلف وا ىف مك ان والدت ه‪ ،‬منهم من ذهب إىل أنه‬


‫ولد ىف "مقم" ومنهم من ي رى أنه ولد ىف مرنون ا‪.‬‬
‫وي ذهب فريق آخر إىل أنه مرنون ا‪ .‬وي ذهب فريق آخر‬
‫إىل أنه ولد بطغل‪.‬‬
‫لعبد اهلل ألق اب ع دة أش هرها ‪" .‬ن ادرة الزم ان" و "عالمة‬
‫السودان" ألن البالد مل ترزق أعلم منه ىف زمانه‪ ،‬ومن ألقابه "األستاذ"‬
‫تلقيبا من وال ده‪ ،‬لقب ب " مى بوطنغ ا" ‪ ،‬أى ص احب قرية بوطنغ ا‪،‬‬
‫الىت أسس ها بنفسه بعد عودته من كن و‪ ،‬قيل إن ه ذه التس مية م أخوذة‬
‫من كلمة فالتية " بوطنغ ا" تلفظ هبا ش قيقه عثم ان عن دما مسع ب نزول‬
‫عبد اهلل هبذا املوض وع‪ .‬معناها نعمت القري ة‪ .‬يقلب عبد اهلل ب " مى‬
‫غون دو" ص احب غون د‪ ،‬وهى عاص مة املنطقة الغ ريب خلالفة س وكوتو‪،‬‬
‫وهى الىت تولىعبد اهلل إمارهتا قبل أن ي ركن إىل اخلل وة ىف آخر حيات ه‪.‬‬
‫(‪.)8‬‬
‫يكىن عبد اهلل بابن حممد اسم والده وبأىب حممد أحد أبنائه البارزين‬
‫ثقافة عبد اهلل‪:‬‬ ‫(‪)II‬‬
‫بدأ تكوين عبد اهلل الثقاىف منذ صغره‪ ،‬قد نشأ بني عشرة مثقفة‬
‫تلقى منها مب ادئ العل وم الدينية والثقافة العربية تلقى الق رآن الك رمي من‬
‫وال ده حممد ف ودى وأمه ح واء بنت حممد بن عثم ان ‪ .‬وملا بلغ عبد اهلل‬
‫الثالث عشر من عمره احاله الده حممد فودى إىل عثمان بن فودى ‪.‬‬
‫ق رأ عبد اهلل على يد الش يخ عثم ان ‪ .‬العش رينيات والوتري ات‬
‫والش عراء الس نة وعلم التوحيد من الكتب السنوس ية وش روحها‪،‬‬
‫واآلجرومية وامللحة وقطر الن دى‪ ،‬وعلم التص وف وكتب الفقه‬
‫األساسية كاألخضرى والعشماوى ورسالة أىب زيد وغريها ‪. )9( .‬‬
‫‪54‬‬

‫درس عبد اهلل على الش يخ عثم ان تفسري الق رآن الك رمي من أول‬
‫الفاحتة إىل آخر الق رآن ‪ ،‬كما أخذ عنه علم احلديث دراية ك العراقى‬
‫ورواية كالبخ ارى‪ ،‬وق رأ عليه علم احلس اب وخمتلف مؤلف ات الش يخ‬
‫عثم ان نفسه ‪ ،‬فأخذ عبد اهلل ينتقل من ع امل إىل آخر ىف عش ريته‬
‫وخارجها ‪.‬‬
‫ومن ش يوخ عبد اهلل من عش ريته ابن خالته حممد بن حممد ال ذى‬
‫أخذ عنه مقام ات احلري رى ‪ ،‬وخاله عبد اهلل بن حممد بن احلاج احلسن‬
‫بن ع ال ال ذى أخذ عنه كتب النحو أمث ال قطر الن دى وش رحه‬
‫للمارديىن ‪ ،‬وشذور الذهب وشرحه بلوغ األرب‪ ،‬وخالصة ابن مالك‬
‫مع شرحه البهجة املرضية للسيوطى‪.‬‬
‫ق رأ عبد اهلل على الش يخ اب راهيم ال ربنوى بعض كتب العربية‬
‫مثل التحفة الوردية‪ ،‬واخلالصة وبعض شرحها منهج السالك لألمشوىن‪،‬‬
‫كما أخذ عن حممد بن عبد الرمحن املعرف مبج الذى أعاد عنده قراءة‬
‫اخلالصة ‪.‬‬
‫أخذ عبد اهلل علم الع روض والق واىف والرتي اق ىف علم األوف اق‬
‫عن اب راهيم املن درى‪ .‬أخذ من ابن خاله حممد الغرب رى بن حممد علم‬
‫املنطق وأصول الفقه‪.‬‬
‫وأما علم البالغة فقد درسه عند الش يخ أمحد ابن أىب بكر بن‬
‫غ ار‪ ،‬وذلك مثل التلخيص مع ش رحه ألفية املع اىن مع ش رحه واجلوهر‬
‫املكنون مع شرحه وشرح النقاية للسيوطى ‪.‬‬
‫ومن ش يوخ عبد اهلل املص طفى بن احلاج عثم ان بن حممد ال ذى‬
‫أخذ عنه الك وكب الس اطع ‪ .‬ك ان املص طفى من تالميذ الش يخ جربيل‬
‫بن عمر البارزين ‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫وممن أخذ عنه عبد اهلل العلم الش يخ حممد املغ ورى املش هور‬
‫بتعليم املختصر ىف بالد هوسا وقتئ ذ‪ .‬أخذ عنه عبد اهلل كت اب املختصر‬
‫للخليل‪ .‬أعاد عبد اهلل قراءة املختصر عند تلميذ الشيخ حممد املغورى ‪،‬‬
‫املسمى حممد ثنب ابن عبد الرمحن ‪.‬‬
‫ومنهم الش يخ املتفنن حمم ود الزنف رى الط ورى ال ذى تلقى منه‬
‫عبد اهلل علم القراءات كمنظوم ابن الربى وقصيد الشاطىب ‪.‬‬
‫ومن اب رز ش يوخ عبد اهلل ش يخ الش يوخ واملص لح الكبري احلاج‬
‫جربيل بن عمر‪ .‬قال عبد اهلل ىف الشيخ جربيل بن عمر‪:‬‬
‫" …‪ ..‬وهلل شهرته ىف العلماء شرقا وغرباده تغىن عن‬
‫ذكر مشائله‪ .‬أخ ذت منه كتب أص ول الفقه ك القراىف‬
‫والك وكب الس اطع ومجع اجلوامع مع ش روحها‪.‬‬
‫وقرأت عليه بعض تواليفه والزمته واستفدت منه كثريا‬
‫ولقنىن كلمة مع أخى وشيخى عثمان املتقدم وأجازنا‬
‫مجيع مروياته وأعطانا ألفية الس ند ال ذى ألفه ش يخه‬
‫املص رى مرتضى وأج ازه له وجلميع مرويات ه‪ .‬وه ذا‬
‫الش يخ هو ال ذى ق ال فيه أمري املؤم نني أخى عثم ان‬
‫ميدحه‪:‬‬
‫" إن قيل ىف حبسن الظن ما قيل * فموجة أنا من‬
‫(‪)10‬‬
‫أمواج جربيل"‬
‫ذكر الش يخ حممد بلو بن الش يخ عثم ان األس تاذ‬
‫جربيل ض من علم اء أق اليم اهلوسا الس يعة ىف كتابه‬
‫(إنف اق امليس ور ىف ت اريخ بالد التك رور) ‪ .‬ج اء ما‬
‫نصه‪ " :‬ومنهم األستاذ جربيل بن عمر‪ ،‬شيخ اإلسالم‪،‬‬
‫‪56‬‬

‫العالمة احملقق ‪ ،‬الق دوة النظ ار الص احل الربكة احلاج‪،‬‬


‫قال الوالد ىف "شفاء الغليل ىف حل ما أشكل من كالم‬
‫ش يخنا جربيل " وهو يعد فض ائله – فق ال ‪ " :‬ليعلم‬
‫أهل بالدنا الس ودانية ه ذه بعض ما أنعم اهلل عليهم‪،‬‬
‫ليجتهدوا ىف شكر اهلل تعاىل ‪ ،‬على وجود هذا الشيخ‬
‫ىف هذا البلد فيستوجبوا املزيد" (‪. )11‬‬
‫ع ّد الشيخ حممد بلو مناقب الشيخ جربيل قائال ‪:‬‬
‫"ومن فض ائله رضى اهلل عن ه‪ ،‬أنه ك ان ممن محل ل واء‬
‫العلم ىف زمان ه‪،‬فش رف بزي ارة بيت اهلل احلرام وزي ارة‬
‫قرب نبيه حممد صلى اهلل عليه وسلم مرتني ‪.‬‬
‫ومن فضائله رضى اهلل عنه أنه الغاية ىف االشتغال‬
‫بالكتاب والسنة ‪ ،‬وحض الناس عليهما ‪.‬‬
‫ومن فض ئاله رضى اهلل عنه أنه أول من ق ام هبدم‬
‫العوائد الذميم ة‪ ،‬ىف بالدنا الس ودانية ه ذه‪ ،‬وك ان‬
‫كمال ذلك بربكته على أيدنا‪.‬‬
‫ائله رضى اهلل عنه أنه بلغ الغاية ىف‬ ‫ومن فض‬
‫العب ادة واخللق احلس ن‪ ،‬والغ رية على اإلس الم‪ .‬ك ان‬
‫حليما هينا ‪ ،‬لين ا‪ ،‬حسن الكالم مع من لقيه ‪ ،‬متبس ما‬
‫معه وال حيقد على أحد‪ ،‬وال يعبس ىف وجهه‪ ،‬ويطيب‬
‫كالمه جلميع الن اس على طريق البس طة ‪ ،‬حىت تظن‬
‫أن كل واحد صديقه ‪.‬‬
‫‪57‬‬

‫ومن فض ائله أنه بلغ الغاية ىف تعظيم املص طفى‬


‫ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬حىت أنه قل أن ي ذكره إال بامسه‬
‫(أفضل اخللق) ‪.‬‬
‫وأما عن تالم ذة الش يخ جربيل بن عمر فقد‬
‫وص فه الش يخ حمد بلو بش يخ الش يوخ إذ أخذ عنه‬
‫معظم شيوخ منطقة اهلوسا البارزين (‪.)12‬‬
‫وأما عن أساتذة الشيخ جربيل بن عمر فقد قال الشيخ حممد بلو‬
‫ىف ذلك ‪:‬‬
‫" وأخذ ( الش يخ جربي ل) عن الش يخني الن بيلني ‪،‬‬
‫األخ وين املتفن نني ‪ ،‬االص وليني ‪ ،‬العالم تني ‪ ،‬النظ ارين‬
‫الفاض لني‪ ،‬أىب بكر واخيه على ابن احلاج عثم ان تـوىف‬
‫أحدمها بغزان‪ .‬وقد حج أبوبكر مرتني‪.‬‬
‫ومن ش يوخ االس تاذ جربيل حممد بن احلاج‬
‫املتفنن ‪ ،‬تعلم منه حسن اخلط‪ ،‬ورحل معه إىل احلج‬
‫قد لقى جربيل وش يخه حممد بن احلاج هنالك يوسف‬
‫احلفن اوى وأخ ذا عنه ‪ .‬ت وىف الش يخ حممد بن احلاج‬
‫هنالك ‪ .‬ورجع الشيخ جربيل لبلده‪.‬‬
‫قد رجع الش يخ بن عمر للحج للم رة الثانية‬
‫حيث لقى الش يخ مرتضى الزبي دى اليمىن ص احب‬
‫القاموس املشهور " تاج العروس من جواهر القاموس‬
‫( ‪1205 – 1140‬هـ) وأخذ عنه ورجع إىل بالده‬
‫وتوىف هبا‬
‫‪58‬‬

‫ق ال الش يخ جربيل بن عمر ىف م دح ش يخه‬


‫مرتضى ‪:‬‬
‫"فريد الدهرفائق كل قرن *عجيب شأنه ىف كل فن "‬
‫"ولوال{ال تزال}لقلت ال ال * وجود ملثله فىكل قرن"(‪.)13‬‬
‫إن التك وين الثق اىف لعبد اهلل بن ف ودى ميثل اس تمرار التقاليد‬
‫العلمية املوروثة ىف افريقيا منذ عهد متبكتو جيال بعد جيل إىل يومنا‬
‫ه ذا‪ .‬س بق أن س لك الش يخ أمحد بابا التمبكىت زعيم احلركة العلمية ىف‬
‫متبكتو نفس املنهج وذلك قبل ف رتة عبد اهلل ‪ .‬ينتمى الش خي أمحد بابا‬
‫إىل بيت علم وإنه ق رأ النحو على عمه والتفسري والفقه واألص ول‬
‫والعربية والبي ان على ش يخه العالمة حممد وأخذ احلديث عن وال ده‬
‫مسعا‪ ،‬وقرأ الرسالة ومقامات احلريرى على غريهم‪ ،‬وختم خمتصر خليل‬
‫حنو مثان م رات ‪ ،‬واملوطأ وش رح اجلزائرية وحكم ابن عط اء اهلل‬
‫حيح‬ ‫واهلامشية ىف التنجيم ورجز املغيلى ىف املنطق واخلزرجية وص‬
‫البخ ارى…‪ .‬وه ذا تك وين علمى مش ابه ىف ص ورته العامة وىف معظم‬
‫مكوناهتا لتفصيلية للتكوين العلمى الذى تسىن للشيخ عبد اهلل‪.‬‬
‫للتكوين العلمى‪ ،‬على منهج هذه املدرس التليدة حيتاج اإلنسان‬
‫غالبا إىل اإلملام بعدة مصنفات ومبوجب هذه القاعدة فقد درس الشيخ‬
‫عبد اهلل اآلتية منها على حد قوله ‪:‬‬
‫العربية‬ ‫(‪)1‬‬
‫األدب ‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫(‪ )1‬الش عراء الس تة (‪ )2‬العش رينيات (‪ )3‬املقام ات (‪)4‬‬
‫الوتريات ‪.‬‬
‫‪ :‬البالغة ‪- :‬‬ ‫(‪)II‬‬
‫‪59‬‬

‫(‪ )2‬تلخيص املفتاح (‪ )3‬اجلوهر املكنون (‪)4‬‬ ‫(‪ )1‬ألفية املعاىن‬


‫شرح املفتاح ‪.‬‬
‫‪ :‬النحو والصرف ‪:‬‬ ‫(‪)V‬‬
‫(‪ )1‬اآلجرومية (‪ )2‬البهجة املرضية (‪ )3‬التحفة الوردية ‪.‬‬
‫(‪ )4‬اخلالصة (‪ )5‬الدرر اللوامع (‪ )6‬شذور الذهب‬
‫(‪ )7‬الفريدة (‪ )8‬قطر الندى وشرحه للمارديىن ‪ )9( .‬ملحة‬
‫اإلعراب ‪ )10( .‬املنهج السالك ‪.‬‬
‫علم العروض والقواىف ‪:‬‬ ‫(‪)VIII‬‬
‫الرامزة ىف علم العروض والقواىف ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫(هـ) القرآن وعلومه ‪:‬‬
‫(‪ )1‬حفظ القرآن (‪ )2‬دراسة التفسري على شيخ (‪ )3‬الشاطبية‬
‫ىف القراءات (‪ )4‬منظومة ابن الربى ىف القراءات ‪.‬‬
‫(‪ )XXVII‬احلديث وعلومه ‪:‬‬
‫(‪ )1‬ألفية األثر (‪ )2‬ألفية الس ند (‪ )3‬ص حيح البخ ارى (‪)4‬‬
‫علم احلديث دراية للعراقى ‪.‬‬
‫(ز) الفقه وعلم أصول الفقه ‪.‬‬
‫(‪ )1‬األخضرى (‪ )2‬مجع اجلوامع (‪ )3‬القراىف ‪ ،‬أصول الفقه‪.‬‬
‫(‪ )4‬رس الة الق ريواىن (‪ )5‬الك وكب الس اطع ‪ )6( .‬منت‬
‫العش ماوية (‪ )7‬خمتصر خليل وش رحه للخراشى (‪ )8‬الورق ات‬
‫للجويىن إمام احلرمني ‪.‬‬
‫(ح) علم التوحيد ‪:‬‬
‫الكتب السنوس ية ‪0‬قل ما وصل إىل البالد من كت اب توحيد إال‬ ‫(‪)1‬‬
‫قرأه عبد اهلل ) ‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫(ط) علم احلساب ‪ )1( :‬القريب منه اليسري ‪.‬‬


‫(ى) التصوف ‪ :‬علم التصوف الذى للتحقق والذى للتخلق ‪.‬‬
‫(ك)علم املنطق ‪ :‬درسه عبد اهلل دون تعيني كتاب‬
‫(م)علم األوقاف ‪ :‬الرتياق ىف علم األوفاق ‪.‬‬
‫املوسوعات وتآليف أخرى ‪.‬‬ ‫(‪)VI‬‬
‫النقاية ىف أربعة عشر علما‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫مؤلفات جربيل بن عمر‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫تآليف عثمان بن فودى كلها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫العربية والعجمية (‪. )14‬‬
‫تلك ثقافة عبد اهلل العلمي ة‪ .‬فالغ رو إذن أن يتبحر ىف خمتلف‬
‫مي ادين املعرفة ‪ .‬ومما انف رد الش يخ عبد اهلل به بني علم اء عص ره ثقافته‬
‫املغرقة ىف مت ون العربية األمر ال ذى اث ار اإلعج اب والدهش ة‪ .‬إذ ح ذق‬
‫ما خييل إىل الدارسني أنه حفظ الق اموس احملطي للفريوزب ادى‪ .‬وال‬
‫يستبعد ذلك لتقوية معظم الباحثني ىف أعماله‪ ،‬هذا القول‪.‬‬
‫يق ول املرح وم الش يخ آدم بن عبد اهلل االل ورى وهو يعد الق اب‬
‫الش يخ عبد اهلل‪ (( :‬نعم ‪ :‬إنه ن ادرة الزم ان وعالمة الس ودان ألنه حيفظ‬
‫املت ون ىف مجيع الفن ون‪ ،‬كما حيفظ أهم مف ردات اللغة ألنه ك ان حيفظ‬
‫القاموس احمليط للفريوزبادى)) (‪. )15‬‬
‫ذهب الدكتورعبد اهلل حممد آدم نفس املذهب ‪ ،‬بل ذكر بعض‬
‫األدلة القاطعة على حفظ عبد اهلل بن فودى القاموس احمليط ‪ .‬وذلك ىف‬
‫كالمه عن مصدر عبد اهلل لتسمية كتابه النحوى "البحر احمليط"‪.‬استمع‬
‫إليه وهو يق ول‪ " :‬ه ذا وليست املص نفات أو امساؤها بعي دة كل البعد‬
‫عن مسع هذا الفقيه املفسر النحوى الشيخ عبد اهلل بن فودى حني فكر‬
‫‪61‬‬

‫ىف اختي ار اسم ش امل لكتابه ال ذى يزمع على تأليفه أو ألفه فعال ‪ ،‬بل‬
‫ك ان (الق اموس احملي ط) جملد ال دين الفريوزب ادى (ت ‪817‬هـ) ال ذى‬
‫حيمل معىن البحر – بني يديه ‪ ،‬ألنه ك ان مرجعه اللغ وى املفضل‬
‫واألساسى ال ذى الزمه ط ول حياته ىف حله وترحال ه‪ ،‬وكما ي دل على‬
‫ذلك ما اس تقى منه لكتب ه‪ ،‬وتعليقات ه‪ ،‬وتص حيحاته ألخط اء غ ريه‪،‬‬
‫واس تدركاته اللغوية والص رفية على من س بقه‪ ،‬كقوله ىف م دخل كتابه‬
‫اءه أثر من قبله ومنبها على بعض ما ىف‬ ‫"احلصن الرصني مبينا اقتف‬
‫(اجلامع) الذى هو أصل كتابه هذا‪:‬‬
‫(( وقد أثرهتم بذى املهايــع * منبها لبعض ما ىف اجلامــع‬
‫(‪)16‬‬
‫((من غلط واخللف ىف القاموس * إذ هو ىف ذا العلم كالغميس))‬
‫مث إن اصل نظمه – وهو (مجع اجلوامع ) ‪ ،‬وص فه مص نفه الس يوطى‬
‫بأنه (خمتصر ىف العربية ج امع …‪ .‬حميط ) ‪ ،‬فمن الس هل على الش يخ‬
‫ال ذكى أن ي أتى ب البحر بـ (ال) ويع رف (احملي ط)‪ ،‬فيض حى النعت‬
‫واملنع وت معا علما ملنظومته الض خمة‪ ،‬وقد وصف ( مهع اهلوام ع) ‪،‬‬
‫ال ذى هو أص له اآلخر ىف ه ذه املنظومة بأنه (ال روى احمليج ط) ‪ .‬واهلل‬
‫أعلم) (‪. )17‬‬
‫وأما مص در الش يخ عبد اهلل للق اموس احمليط ‪ ،‬فت دل س ريته أنه‬
‫تلقى هذا القاموس عن مصدر أصيل‪ .‬سبق أن ذكرت أن شيخه جربيل‬
‫بن عمر حج م رتني‪ ،‬ولقى مرتضى الزبي دى ص احب ت اج الع روس‬
‫(شرح القاموس احمليجط) وما دام لقاؤمها (شرح القاموس احمليط) وما‬
‫دام لقاؤمها لق اء علميا حيتمل تب ادل األفك ار العلمية بينهما بل تب ادل‬
‫الكتب الىت يتوقع أن يك ون الق اموس احمليط منه ا‪ ،‬وه م ادة ش رح‬
‫‪62‬‬

‫الزبي دى‪ .‬فقد يك ون الش يخ جربيل بن عمر محل معه الق اموس احمليط‬
‫إىل هذه البالد فيحظى عبد اهلل باألطالع عليه‪.‬‬
‫يعترب مثل ه ذا التلقى أص يال حيث يك ون هن اك اتص ال متواصل‬
‫بني املتلقى واملتلقى عنه ‪ .‬وك ون عبد اهلل متيما بالش يخ جربيل بن عمر‬
‫لن يتوان ىف أخذ كل ما رآه شيخه حسنا‪ ،‬السيما كان ذلك التأثر ىف‬
‫مرحلة التقليد ل دى عبد ا هلل بن ف ودى‪ .‬وذلك مثلما رأين اه يقتفى‬
‫أغلب ما طالعه ىف مؤلفات االمام السيوطى قبل نضوجه الكامل حيث‬
‫تنجلى شخصيته واضحة جليلة ‪.‬‬
‫آثار ثقافة عبد اهلل ىف املتون العربية‪.‬‬
‫تتجلى ث روة عبد اهلل اللغوية ىف انتاجاته املختلف ة‪ ،‬لقد ك ثر‬
‫استعماله أللفاظ القاموس ىف قصيدته اجليمية عند مدح شيخه جربيل‬
‫وتالمي ذه أمث ال الش يخ عثم ان والغربر واحلاج مص طفى‪ .‬وليس اي راده‬
‫األلف اظ الغريبة ىف منظوماته النحوية والص رفية كاحلصن والبحر احمليط‬
‫وملع ال ربق إال داللة قاطعة ملعايش ته هلذه املت ون اللغوية املس تفادة من‬
‫القاموس والكتب األدبية املدروسة ىف زمانه ‪.‬‬
‫آثار ثقافة عبد اهلل األدبية‪.‬‬
‫مثلما جتلو مهارته ىف التفاعل مع مف ردات اللغة األمر ال ذى محله‬
‫إىل اس تدراك اعم ال غ ريه ‪ ،‬ف إن معايش ته املؤلف ات األدبية ت ركت ىف‬
‫نفس عبد اهلل أث را كب ريا إذ خلقت فيه ش اعرية بارعة ‪ .‬ومن مظ اهر‬
‫ه ذه الش اعرية ديوانه "ت زيني الورق ات " ال ذى مساه "ت زيني الورق ات‬
‫جبمع بعض م اىل من األبي ات وفيها من فن ون الع رب واألمث ال واحلكم‬
‫(‪.)18‬‬
‫والصايا والوقائع واملديح والتهنئة واملرثية واألفتخار وغري ذلك")‬
‫‪63‬‬

‫إذا ك ان األدب عند الع رب فنا من الفن ون اجلمالية يعرب به‬


‫اإلنسان عن أفكاره وأحاسيسه بأسلوب مثري للعاطفة‪ ،‬فإنه فوق ذلك‬
‫عن األدب اء األفريق يني ‪ ،‬إنه اض افة إىل تعبري ما جيول ىف ض مائرهم ف إن‬
‫األدب اء األفريق يني املس لمني يتخ ذون الش عر وع اء ال ي داع الف اظ اللغة‬
‫العريبة ض مانا هلا إذ مبعرفتها يت أتى للمس لم الس يما األعجمى فهم‬
‫مصادردينه من القرآن واحلديث وآثار السلف الصاحل‪ .‬ولذلك جندهم‬
‫ينظمون قصائد مشحونة باملفردات الصعبة‪ ،‬فمنهم من ينظم القاموس‬
‫تسهيال حلفظه عند النشأة‪.‬‬
‫ما رأيك ىف قص يدة أحد تالم ذة مدرسة عبد اهلل ىف الق رن‬
‫العش رين‪ ،‬األس تاذ أىب بكر ب وىب ؟ يق ول فيها وهو ي ذم بعض املل وك‬
‫وحيث الناس إىل اهلجرة‪.‬‬
‫يا أيهنات غوجوا عن وتاوتكم * إىل البواىب هللتات األماليت‬
‫إن الرتاتر مل تذمل موالبـ ــة * باالعتكاب إىل ضوج الصناتيت‬
‫(‪.)19‬‬
‫إن القداميس أصواهتن مثل كركرة *ىف جعرخرشنة ال كالفواخيت‬
‫يقول الشيخ عبد اهلل ىف قصيدته اآلنفة الذكر‪:‬‬
‫عج حنو أضواج االحبة من مـج * واشرب من االنشاج ماء الزعبج‬
‫ثج الدموع على منازهلم هبــا * اشف اجلنان من اهلموم الدمــج‬
‫(‪)20‬‬
‫قف عندهاسل من هبا فعسى جتب*حوجاءأو لوجاء ترضىمن شج‬
‫ىف ال ديوان عش رون قص يدة ‪ ،‬واربعمائة وس بعني بيت ا‪ ،‬متفاوتة‬
‫الرتبة ىف اجلودة‪ ،‬والط ول‪ .‬أجودها الىت ش كى فيها الزم ان‪ ،‬يق ول ىف‬
‫مطلعها‪.‬‬
‫وملا مضىصحىب وضاعت مئارىب*وخلفت فىاألخالف أهل األكاذب‪.‬‬
‫يقول ماال يفعلونه وتابعــوا * هواهم وطاعوا الشح ىف كل واجب‬
‫‪64‬‬

‫وقطع أرحاما وأزرى معارفا * وآثر عن قرباه مجع االشائ ــب‬


‫وما مههم أمر املساجد بل وال * مدارس علم بله أمر الكائ ــب‬
‫(‪)21‬‬
‫ومهتهم ملك البالد وأهلهــا * لتحصيل لذات ونيل املراتب‬
‫من قصائد هذا الديوان جيميه ىف مدح الكنىت وجيميته ىف رثاء‬
‫املص طفى من آث ار ثقافة الش يخ عبد اهلل األدبية شر حه ديوانه‬
‫والعش ريات وتفس ريه ض ياء التأويل ىف مع اىن التنزيل وكفاية ض عفاء‬
‫الس ودان‪ ،‬حيث ظه رت قدرته على إدراك املع اىن وال رتاكيب والص ور‬
‫املؤدية هلا‪ ،‬وأي ام الع رب وملحها وخواطرها ونوادرها واملتعة العقلية‬
‫والعلمية املس تفادة من املادة املعاجلة‪ ،‬وكشف اخلص ائص البانية ىف‬
‫املادة‪.‬‬
‫تناول الباحثون اعمال الشيخ عبد اهلل األدبية بالدراسة ‪ ،‬السيما‬
‫ديوانه "التزيني " ‪ .‬ومن أولئك الباحثني املستشرق هسكت والربوفيسر‬
‫احلاج على واألس تاذ على ن ائىب س ويد واألس تاذ ب الوغن واألس تاذ عمر‬
‫س عيد الس وداىن وال دكتور عبد الب اقى ش عيب أغاكا واألس تاذ عيسى‬
‫أب وبكر أل ىب‪ ،‬كما حقق عمر ب وىب ج زء من ال ديوان ىف رس الته‬
‫للماجستري‪.‬‬
‫بينما سوى هسكت شعر الشيخ عبد اهلل بالقصائد الكالسكية‬
‫ديوان بأنه وثيقة‬ ‫ىف العصر اجلاهلى وصف الربوفيسر احلاج على ال‬
‫تارخيية ‪ .‬أما األستاذ عمر سعيد فذهب مذهبا وسطا حيث يقول بأن‬
‫ال تزيني مؤلف ذو ج انبني ‪ ،‬ج انب ت ارخيىي وج انب أدىب ‪ .‬أما اجلانب‬
‫التاخيى فهو تضمني املؤلف حقائق تارخيية عن حركة الشيخ عثمان بن‬
‫ف ودى االص الحية (اجلانب اجله ادى) ‪ .‬وأما اجلانب األدىب فيكمن ىف‬
‫‪65‬‬

‫القص ائد ال واردة فيه وقيمته الفني ة‪ ،‬تن اول األس تاذ عمر س عيد املؤلف‬
‫بالتحليل تارخييا وأدبيا‪.‬‬
‫وخالصة ما وصل إليه األستاذ عمر سعيد هو إن تزيني الورقات‬
‫" ىف حقيقته كتاب أدىب ميكن االستفادة منه ىف تاريخ اجلهاد ‪ ،‬شأنه ىف‬
‫(‪)22‬‬
‫ذلك شأن الشعر العرىب ىف كل عصوره‪.‬‬
‫يق ول ال دكتور عبد الب اقى ش عيب عن دي وان الش يخ عبد اهلل‪" :‬‬
‫وه ذه الثقافة األدبية ( لعبد اهلل) متجلية ىف ديوانه " ت زيني الورق ات "‬
‫حيث ي رتاءى فيه أحد الش عراء الفقه اء ال ذين آت اهم اهلل حسا وش عورا‬
‫وفك را وعاطفة للتعبري عن عظمة اإلس الم ونشر مزاي اه ‪،‬الىت حتلى هبا‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعون هلم باحسان‪،‬‬
‫فال ب أس إذا ك ات ش اعريته نابعة من مص ادر ه ذا ال دين ك القرآن‬
‫الكرمي‪ ،‬واحلديث الشريف‪ ،‬وآثار السلف الصاحل‪ ،‬ولكن ذلك ال جيعل‬
‫قص ائد ديوانه جافة تغلب عليه نزعة العلم ال فيها روح األدب ‪ ،‬وإال‬
‫فنهمل منها تذوق روعة الشعر وجودة البيان(‪. )23‬‬
‫واق ول‪ ،‬إذا ك ان ع زل الش عر عن مالمح دينية ما جيعله ش عرا‪،‬‬
‫فال عالقة لإلسالم بالشعر‪ ،‬وملا مسى شعر شعراء عصر النبوة شعرا إذ‬
‫مل خيل من مسات عقي دة التوحيد واخللقية الرفيع ة‪ .‬إن ما ي دعو إليه‬
‫بعض الش عراء احملدثني أمث ال ش عراء املهجر من جتريد األدب من ال دين‬
‫أمر مس تحيل‪ ،‬إن ذلك يكسو األدب ثوثا متص نعا‪ ،‬فلن يع ود ترمجة‬
‫الحاس يس وعواطف ص احبه‪ ،‬ومن هنا تظهر موض وعية األدب‬
‫اإلسالمى‪ .‬إذا كان اإلسالم منهجا شامال جلميع نواحى احلياة‪.‬‬
‫واألدب تص وير مجيل وم رآة يعكس حي اة األم ة‪ ،‬ف إذا ق ام أبن اء األمة‬
‫يلفظ ون خبلج ات قل وهبم فما لعيب فيه وهل فصل ال دين عن ال دنيا‬
‫‪66‬‬

‫ال ذى ت دعو إليه احلض ارة الغربية املعاص رة منطبق على كل الن اس ال‬
‫واهلل‪ ،‬لن ينفك املس لمون عن عقي دهتم حيثما ك انوا‪ ،‬إهنم هبا س ادوا‬
‫الدنيا علما وخلقا‪ ،‬ويوم تركوها فشلوا وخذلوا‪.‬‬
‫آثار ثقافة عبد اهلل الفكرية ‪.‬‬
‫وعات الىت عاجلها ىف‬ ‫جتلو ثقافة عبد اهلل الفكرية ىف املوض‬
‫مؤلفاته‪ .‬جنده يعاجل قضايا اقتصادية أحيانا وسياسية تارة أخرى ويؤلف‬
‫ىف االخالق أحيانا أخ رى‪ .‬ما من علم إال وي دىل الش يخ عبد اهلل ب دلوه‬
‫في ه‪ .‬وحني يفعل ذلك يضع نصب عينيه حكم الش ارع فيه مس تندا إىل‬
‫مصادر الشريع النقلية والعقلية ليخرج عن التقليد ‪ .‬ومن مظاهر حترره‬
‫من التقليد االش ادة بأساس يات علم املنطق خالفا ألس تاذه املبجل عبد‬
‫الرمحن السيوطى لقد نظر الشيخ عبد اهلل إىل الفقه نظرة مبنية على فقه‬
‫األولوي ات‪ .‬ملا استقصى ح وائج جمتعه الحظ انه أح وج إىل أحك ام‬
‫اجله اد والسياسة الش رعية والتص وف … اخل ف انطلق مؤلفا ىف ه ذه‬
‫املي ادين‪ .‬وه ذا داللة واض حة على ح دة تفك ريه الثق اىف ‪ ،‬إذ كث ريا من‬
‫يعيش العامل ىف عصر سابق لعصره (‪. )24‬‬
‫ومن مص ادر ثقافة الش يخ عبد اهلل جوالته عرب بالد هوسا‬
‫السيما مملكة غوبر ىف صحبة شقيقه تارة ‪ ،‬ووحده تارة أخرى ‪ .‬قد‬
‫زار مدينة ش يخه جربيل "مج" مع ش قيقه عثم ان ‪ .‬رافق أخ اه إىل‬
‫عاص مة غ وبر‪ ،‬القاض اوا ومدينة مغمى وبيو ذات كب ار العلم اء من‬
‫أنصار الشيخ عثمان‪.‬‬
‫شهد الشيخ عبد اهلل خالل زياراته مدينة يندوتو الزنفرية املعتربة‬
‫نظ رية ملدن متبكتو وجىن والق اهرة ىف العلم والثقافة ىف الق رىن الس ابع‬
‫والث امن عشر امليالديني ‪ .‬روى أن خ ال عبد اهلل " الش يخ س عد س كن‬
‫‪67‬‬

‫مدينة ين دوتو وت زوج فيها قبل عودته إىل ب رنن كن ‪ .‬ومن مش اهري‬
‫العلم اء ال ذين تلق وا العلم بين دوتو الش يخ البك رى ال ربنوى ‪ ،‬قيل إنه‬
‫درس اللغة العربية والبالغة قبل عودته إىل برن و‪ .‬يق ال ب أن جد ناصر‬
‫كربا توىف مبدينة يندوتو ‪. )25( .‬‬
‫ي ذهب الب احثون ىف ت ايخ مدينة ين دوتو القدمية ب أن هلا انتاجا‬
‫ناض جا غزي را ‪ .‬ىف خمتلف مي ادين الثقافة اإلس المية العربي ة‪ ،‬غري أنه‬
‫لألسف الش ديد ض اع معظم النت اج عند هج وم حممد بلو بن عثم ان‬
‫للمدينة ملا ن زل املدينة لقمع مجاحهم واحتق ارهم ل دعوة الش يخ عثم ان‬
‫ومجاعت ه‪ .‬قيل ب أن س كان ين دوتو وجه وا ع داوة عنيفة ضد مسبو ملك‬
‫غسو ممثل مجاعة الش يخ وملا اش تد األمر وهجم حممد بلو على ين دوتو‬
‫ّفراهل املدينة هربا آخ ذين معهم مؤلف اهتم الثمين ة‪ ،‬وقد تك ون بعض‬
‫تلك األنتاج ات هلكت خالل اش تباك احلرب‪ .‬تق ول ه ذه الرواية ب أ‪،‬‬
‫بعض انتاج ات علم اء مدينة ين دوتو القدمية ال ت زال ىف أي دى أحف اد‬
‫أهلها املتف رقني ىف شىت بالد معم ورة بالد هوسا ‪ .‬من س اللة اولئك‬
‫العلماء أسرة أئمة مدينة زكزك احلالية‪ .‬ويشاع بأن لديهم بعض أعمال‬
‫أجدادهم ومن حفدهتم الشيخ ناصر كربا رمحة اهلل عليه‪.‬‬
‫واحملاولة للعث ور على ه ذه اآلث ار مس تمرة من بعض الب احثني‬
‫أمثال بلو غسو طالب الدكتوره ىف القسم العرىب جبامعة عثمان بن ف‬
‫ودى والدكتور عتيق احلاج بالرىب وعبد القادر ثاىن ‪ ،‬ومها من أعضاء‬
‫هيئة التدريس ىف القسم العرىب بنفس اجلامعة (‪. )26‬‬
‫ك ان هن اك مراس الت بني اجملاه دين وعلم اء ين دوتو‪ .‬من ذلك‬
‫قص يدة الش يخ عبد اهلل الىت بعث هبا إىل علم اء بيو وتالم ذهتا اقناعا‬
‫ملناصرة الشيخ عثمان‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫ال بد من ان تت اثر مثل شخص ية عبد اهلل ببيئة ذات ثقافة ىف‬
‫مستنوى يندوتو‪ ،‬وقد مت ذلك أخذا وعطاء‪.‬‬
‫ومدينة غ دو مهجر اجملاه دين بالغة الت أثري ىف عبد اهلل مثل جاراهتا من‬
‫مدن بالد هوسا‪ ،‬إذ أججت ىف عبد اهلل شاعرية أصبحت لسانا مدافعا‬
‫عن اإلس الم بعد أن ك ان عبد اهلل م دافعا عن اإلس الم بس يفه ‪ ،‬ظل‬
‫الشيخ عبد اهلل لدى اجملاهدين ىف موقف حسان بن ثابت لدى الرسول‬
‫"ص" ىف معارضة املشركني‪.‬‬
‫يقول الشيخ عبد اهلل ىف معركة جرت بني اجملاهدين وملك غوبر‬
‫ينفا ىف مك ان يس مى "كت و" ‪ ،‬قد كتب اهلل للمجاه دين النص ر‪ .‬يق ول‬
‫الشيخ عبد اهلل ىف ذلك‪:‬‬
‫بدأت ببسم اهلل والشكــر يتبع * على قمــع كفار علينا جتمع‬
‫ليستاصلوا اإلسالم واملسلمني من *بــالدهم واهلل ىف الفصل أوسع‬
‫توارق مع غوبر وينف سفيههم * حيزهبــم واهلل برءى ويسمـع‬
‫وملا أتوا قنغنغى ما فيه أفسـدو * حبرق وختريب وأسرى تقطــع‬
‫وقيل لنا ساروا إىل كت غربكـم* لكى يرجعوكم حنو شرق فتجمع‬
‫فقلت النجا ال يسبقونا ألهلنــا * بعشر ربيع بدرها يتطل ــع‬
‫وصلنا ألهلينا فجاوزت منـزلـى* بغري جلوس فيه والناس هجـع‬
‫فذدنا مجوع الكفر عن حوضه وقد* رأوا مجعهم مثلى مجاعتنا فـع‬
‫فظنوا حمل الغيل ينصر مجعنــا * وأن الرىب من ناصريهم ستنفع‬
‫فضروا إليها مث صفوا وانطقــوا* طبوهلم واجلمع يدنو ويتبــع‬
‫إىل أن تراءينا وزادا قرتابن ــا * رموا فرميناهم فولوا وأشــع‬
‫فلم يك إال أن رأيت جهامه ــم* قد انكشفت عن مشس اإلسالم تلمع‬
‫بنصر الذى نصر النىب على العدى* ببدر جبمع من املالئك جبمــع‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫وكم ذى جالل صرعته اكفنــا * فجزت فئوس رأسه يتقطـع‬


‫وكم من كمى جدلته سها منــا * واسيافنا واراه طرب واضبــع‬
‫فحلوا لنا أمواهلم ونساءه ــم * على رغمهم واهلل يعطى ومينـع‬
‫وحنن على االسالم مجع تناصـرو * ولسنا بشئ غريه ترتف ــع‬
‫قبائل اسالم فتوردب حين ــا * فال نينا حوسينا الكل جممـع‬
‫وفينا سواهم من قبائل مجعــت * على نصر دين اهلل كان التجمع‬
‫وىف مدينة غن دو عاص مة اخلالفة اإلس المية الغربية ظل عبد اهلل‬
‫ينشر العلم والع دل إىل أن ض اقه ميل الن اس إىل حط ام ال دنيا فق رر‬
‫اهلج رة إىل مكة املكرمة عله يتس لى من مهوم ه‪ .‬وش اءت االق دار أن‬
‫حبسه أهل كنو يستضيؤون به ىف أمور دينهم إىل أن وضع هلم من أمتن‬
‫زب دة ثقافته العلمية حيث ألف هلم " ض ياء احلك ام " وتفسري "ض ياء‬
‫التأويل ىف معاىن التنزيل" كما وضع هلم أساس مسجدهم اجلامع الواقع‬
‫(‪.)27‬‬
‫ىف اجلزء الشماىل ىف قصر األمارة‬
‫قد أق ام الش يخ عبد اهلل بقرية بوظنغا بعد عودته من كن و‪،‬‬
‫ومكث هبا إىل وف اة الش يخ عثم ان بن ف ودى وتولية حممد بلو بن أخيه‬
‫امريا للخالفة‪ .‬وعندئذ اشتعلت فيه جذوة الزهد ىف الدنيا‪.‬‬
‫فوجه اهتمامه حنو الت أليف وانتف اد االحنراف عن م يزان القسط ىف‬
‫إدارة‪ .‬ميثل فعل الش يخ عبد اهلل ه ذا اجتاها من االجتاه ات بعد وف اة‬
‫الش يخ عثم ان‪ :‬االجتاه الناقد ألى ش كل من االحنراف مبثله عبد اهلل‬
‫وأتباعه واالجتاه املعت دل ىف نق ده مبثله حممد بلو واتباعه واالجتاه الناقد‬
‫لبعض تص رفات اخلالف ة‪ ،‬املائل إىل موفق عبد اهلل أك ثر ميثله حممد‬
‫البخ ارى ‪ ،‬وقد أب دى ذلك ىف لغة ش عرية ‪ .‬أما حممد ثنبو ف آثر‬
‫‪70‬‬

‫التصوف من شئوون اخلالفة ‪ .‬كان هلذه الروح االنتقادية دور كبري ىف‬
‫تشجيذ ملكته األدبية‪.‬‬
‫من انتاجه ىف هذا املضمار قصيدته الىت مطلعها‪:‬‬
‫وملا مضى صحىب وضاعت مئارىب * وخلفت ىف االخالق أهل الكاذب‬
‫السابقة الذكر‪.‬‬
‫نستنتج مما سبق أن لتكوين الشيخ عبد اهلل الثقاىف عوامل عدة‬
‫ابرزه ا‪ :‬رعاية مربية الش يخ عثم ان وش يوخه من األعم ام واألخ وال‬
‫وجربيل بن عم ر‪ ،‬وزيازاته للبالد اخلتلفة ‪ .‬لقد ت زود من البيئة الض يفة‬
‫والواسعة ثقافة معقة وخربات مجة‪ .‬جاءت ترمجة هذه الثقافة واخلربات‬
‫ىف انتاجاته الفكرية واألدبية ىف س بيل ال دفاع عن دع وة احلق ونشر‬
‫تعاليم اإلسالم من مجيع الزوايا(‪. )28‬‬
‫مؤلفات الشيخ عبد اهلل ‪.‬‬
‫وفقا لتقاليد احلركة العلمية الىت عرفتها البيئ ات العلمية ىف غ رب‬
‫افريقي ا‪ ،‬والىت ورثها ه ذه البيئ ات منذ عهد متبكتو من إض افة مؤلف ات‬
‫جديدة إىل املصنفات املوجودة قد قام الشيخ عبد اهلل بتأليف عدد من‬
‫املؤلفات ‪ ،‬كانت هذه املؤلفات تدرس للطالب ىف مرحلة متقدمة من‬
‫منوهم العلمى‪ ،‬بعد أن يق وى ع ودهم ويش تد س اعدهم‪ ،‬ويس تقون‬
‫املعلومات األساسية‪.‬‬
‫ىف تع داد مؤلف ات الش يخ عبد اهلل أق وال‪ .‬منها اهنا مائتا مؤلف‬
‫حيث يقول رأى بأهنا سبعة ومثانون مؤلفا‪ ،‬ويذهب آخر إىل أهنا مثانية‬
‫ومثانون ‪ ،‬وينـزهلا آخر إىل ثالثة وس تني مؤلف ا‪ .‬وه ذا كله اعتم ادا على‬
‫ما وقف عليه أصحاب كل رأى ‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫ومن الطريف ىف ش أن ه ذه املؤلف ات تقس يمها إىل ثالثة أن واع‬


‫حسب املرحلة الزمنية لتأليفها‪ .‬واملراحل كاآلتى‪:‬‬
‫(أ) مرحلة ما قبل اجله اد (ب) مرحلة اجله اد ( ج ) مرحلة ما‬
‫بعد عودته من كنو‪.‬‬
‫مرحلة ما قبل الجهاد ‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫متت از مؤلف ات عبد اهلل ىف ه ذه املرحلة أهنا عب ارة عن ت دوين العل وم‬
‫وتصنيفها ‪ .‬أغلبها منظومة تسهيال حلفظها لدى طالب العلم ووعيها ‪.‬‬
‫ويغلب عليها م يزة النقل من أمه ات الكت اب‪ ،‬قل حتمل آراء عبد اهلل‬
‫اخلاص ة‪ .‬متثل ه ذه املؤلف ات مرحلة ش باب املؤل ف‪ ،‬مرحلة األعج اب‬
‫ب الغري والتقليد به لع دم النضج الفك رى الكامل ‪ .‬جنده معجبا كل‬
‫االعجاب بالشيخ عبد الرمحن السيوطى ىف آرائه‪ .‬كان مالزما ملؤلفاته‬
‫مالزمة شديدة‪ .‬جند الشيخ عبد اهلل يؤلف كتابه "نيل السال من تفاكري‬
‫الرسول صلى اهلل عليه " الذى ليس سوى تلخيص لكتاىب " االتقان "‬
‫و"النقاب ة" لإلم ام الس يوطى‪ .‬مث يؤلف " مفت اح التفس ري" مقتبسا من‬
‫الكت ابني املذكورين أيض ا‪ ،‬كما ق ام بتلخيص "الك وكب الس اطع" ىف "‬
‫األصول" ومن مؤلفات الشيخ عبد اهلل ىف هذه املرحلة "منن املنان" ىف‬
‫التص وف املأخوذ من كالم الس يوطى ىف التص وف‪ ،‬و"البحر احملي ط" و‬
‫"ملع ال ربق" ىف النحو املأخوذان من مهع اهلوام ع" ومنها درع الكيئة ىف‬
‫هجاء اهليئة" املأخذ من كتاب " السنية على اهليئة" الف الشيخ عبد اهلل‬
‫ىف ه ذه املرحلة "س اللة املفت اح" و "س راج البخ ارى" و "الفرائد‬
‫اجلليلة…" و"مصباح الراوى" "ألفية األصول" و "احلصن الرصني" و‬
‫"ض وء املص لى"‪ .‬كل املؤلف ات الس ابقة ال ذكر منظمة ما ع دا كت اب‬
‫(‪.)29‬‬
‫"ضوء املصلى"‬
‫‪72‬‬

‫مرحلة اجلهاد ‪.‬‬ ‫‪II‬‬


‫متتاز مؤلفات الشيخ عبد اهلل ىف هذه املرحلة بتناول قضايا أمهها اهلجرة‬
‫واجله اد ىف س بيل اهلل واحلث عليهما وجزائهم ا‪ .‬وهى مرحلة ظه ور‬
‫اصالة شخصية عبد اهلل العلمية واألدبية لقد بدأ يتحرر من أفكار الغري‪،‬‬
‫أص بح اآلن ذا رأى وفكر مس تقلني‪ .‬تتضح ه ذه الذاتية واض حة ىف‬
‫قصائده اجلياد وكتاب " ايداع النسوخ من أخذت منه من الشيوخ "‬
‫وكت اب " ض ياء الس ند " ‪ ،‬تن اولت بعض ه ذه املؤلف ات ردوده على‬
‫منكرى مكانته أو املتجاهلني ذوى األهواء‪.‬‬
‫من سلس لة انتاجاته العلمية ىف ه ذه الف رتة "خالصة األص ول" و"كفاية‬
‫العوام ىف البيوع " و "التقريب ىف علم الذوق" ‪.‬‬
‫يق ول املرح وم الش يخ آدم عبد اهلل االل ورى ىف ذاتية الش يخ عبد اهلل ىف‬
‫التفسري‪:‬‬
‫"نعم‪ ،‬إنه ن ادرة الزم ان وعالمة الس ودان ألنه مل ينازعه واحد‬
‫وال اثنان ىف تفسري القرآن ‪ ،‬وتفسسريه "ضياء التأويل" وكفاية ضعفاء‬
‫السودان " مما يشهدا لذلك (‪. )30‬‬
‫مرحلة ما بعد عودته من كانو ‪.‬‬ ‫(‪)V‬‬
‫س بق أن راينا ق رار الش يخ عبد اهلل للع ودة إىل بل ده من ك انو دون‬
‫املواص لة إىل احلج از ألداء احلج ‪ .‬وذلك ملا وجد الن اس ىف نفس‬
‫األمراض الىت أصابت قومه من اإلحنطاط الروحى‪ .‬رأينا كيف ركن إىل‬
‫رفض ال دنيا ورغ دها وانتق اد أى ن وع من االحنراف عن الطريق‬
‫السوى‪ .‬ترجم الشيخ عبد اهلل هذا االنطباع ىف مؤلفاته‪ .‬فنجد مؤلفاته‬
‫ىف هذه املرحلة تصطبغ بطابع التقشف والزهد ىف الدنيا‪ ،‬وقد تيقن ميل‬
‫الن اس إىل حط ام ال دنيا منح رفني عن اإلس تقامة اجلادة ب دل التوجه إىل‬
‫‪73‬‬

‫اهلل تع اىل بامتث ال أوام ره‪ .‬متتمد ه ذه الف رتة من بعد عودته من كنو‬
‫(قبيل وفاة الشيخ عثمان) إىل أن رفع هو نفسه إىل الرفيق األعلى ‪.‬‬
‫من سلس لة مؤلفاتا الش يخ عبد اهلل ىف ه ذه الف رتة ‪" :‬س بيل الس المة" و‬
‫"ضياء السياسة" ‪ .‬وكفاية ضعفاء السودان " ‪ ،‬وهو عبارة عن تبسيط‬
‫وتلخيص تفسريه " ضياء التأويل" وآخر كتاب الفه الشيخ عبد اهلل هو‬
‫"منش كر اإلحس ان (ش رح منن املن ان)" املؤلف ع ام ‪1245‬هـ (‬
‫‪1829‬م) ‪ .‬وقد ت وىف الش يخ عبد اهلل مبدينة غن دو ىف ش هر احملرم‬
‫(‪)31‬‬
‫‪1245‬هـ (يوليو ‪1829‬م) وهو ابن ستة وستني عاما‬
‫تالمذة الشيخ عبد اهلل ‪.‬‬
‫ىف قمة تالم ذه الش يخ عبد اهلل‪ ،‬ابن أخيه حممد بل بن عث ان‬
‫ال ذى ت وىل عبد اهلل رعايته منذ ص غره‪ .‬تلقى حممد بلو علومه األساس ية‬
‫العربية واإلس المية من الش يخ عبد اهلل‪ .‬ظل حممد بل حتت تربية عمه‬
‫إىل أن وصل مرحلة علمية رفيع ة‪ .‬يق ول حممد بلو ىف ذلك (( أخ ذت‬
‫العربية وا لبالغة عن العم عبد اهلل‪ ،‬وق رأت عليه األص لني‪ ،‬وق رأت عليه‬
‫إض اءة الدجن ة‪ ،‬والك وكب الس اطع ‪ ،‬وق رأت عليه األلفي ة‪ ،‬والمية‬
‫األفعال بشرحها اجلاع بني اللغة والتصريف‪ ،‬وقرأت عليه ىف البالغة "‬
‫تلخيص املفتاح" و "اجلوهر املكنون…‪. )32( )).‬‬
‫ومن تالم ذة الش يخ عبد اهلل حممد البخ ارى جنل ش قيقه ال ذى‬
‫نشأ ىف رعايت ه‪ ،‬كش أن حممد بلو ‪ ،‬مل يكن حممد البخ ارى تلمي ذا لعبد‬
‫اهلل فحس ب‪ ،‬وان ام ك ان من املخلصني لعبد اهلل حبا وطاع ة‪ .‬ك ان‬
‫مالزما للش يخ عبد اهلل ومقتفيا آث اره ىف مجيع تص رفات عبد اهلل ولعل‬
‫ذلك ما خلق من حممد البخ ارى ش اعرا موفقا حىت إن بعض الب احثني‬
‫يقيمون مقارنة بني الشاعرين‪.‬‬
‫‪74‬‬

‫انتقل حممد البخارى إىل مدينة متبول بعد إذن الشيخ عبد اهلل له‪،‬‬
‫فأصبح بذلك أمريها لقب حممد البخارى بنمامل (صاحب العلم) لوالءه‬
‫املتناهى لعبد اهلل إىل وفاة الشيخ عبد اهلل‪.‬‬
‫ومن أولئك التالم ذة حممد ثنب ص احب ك نز األوالد ‪ ،‬وم امل‬
‫أمحد بن سعد الذى رىب بدوره مامل أبابكر بوىب‪ .‬ومن مامل بوىب تلقى‬
‫علومه ال وزير جنيد بن حممد البخ ارى ع امل س وكوتو وش اعرها أط اب‬
‫اهلل مثواه‪.‬‬
‫مل تنحصر التلم ذة على عبد اهلل ىف س وكوتو‪ ،‬وانا مشلت مجيع‬
‫املدن الشمالية واواسط مدن غرب نيجرييااحلالية‪ .‬فمدينة كنو املفتخرة‬
‫بثقافتها اإلس المية الي وم مدينة لعبد اهلل ل ذلك‪ .‬س بق أن رأينا ما أسسه‬
‫الش يخ عبد اهلل من جمالس الق رآن الك رمي متمثلة ىف تفس ريه "ض ياء‬
‫التأويل" ‪،‬‬
‫وعن دما أحيا آث ار املغيلى بت دوين مع امل الش ريعة متض منة ىف كت اب "‬
‫ضياء احلكام" ‪.‬‬
‫إن شهرة زارياىف علمى النحو والصرف راجعة إىل مدرسة عبد‬
‫اهلل بن فودى الىت انتجت أبا حجى والقاضى سعد‪ ،‬ومها من تالمذته ‪.‬‬
‫وليس مامل نسإيا ببعيد عنا ‪.‬‬
‫وما ان التفتنا إىل الق رن العش رين حىت ص ادفنا مدرسة عبد اهلل‬
‫قد خ رجت طالبا ىف النحو والص رف والبالغ ة‪ ،‬وه ذا ىف مجيع أقط ار‬
‫نيجريي ا‪ ،‬مشاال وغربا وجنوبا وش رقا‪ .‬ىف مدينة إلورن على سبيل املث ال‬
‫نقابل الش يخ أمحد بن أبىبكر االل ورى‪ ،‬ال ذى تتلمذ على تالمذته م امل‬
‫أىب بكر بوىب‪ .‬وىف مدينة إبادن يقابلنا األديب الشاعر عبد اهلل روفوغو‪،‬‬
‫وليس إال قبس من نور عبد اهلل بن فودى‪.‬‬
‫‪75‬‬

‫وه ذا كله إض افة إىل الش يوخ واألس اتذة ىف ال دهاليز واملعاهد‬
‫واجلامعات الىت تتلمذوا على كتب عبد اهلل ومنهجه ‪.‬‬
‫أقوال الناس فى عبد اهلل‪:‬‬
‫لقد أثىن على الش يخ عبد اهلل أرب اب الثقافة اإلس المية والعربية‬
‫قدميا وحديثا ‪ .‬فمن املثنني عليه ابنا أخيه ‪ ،‬حممد بلو وحممد البخارى‪.‬‬
‫قال فيه حممد بلو‪:‬‬
‫"ش يخنا الربكة املص نف‪ ،‬املفسر احملدث الراوية احلافظ املق رى‪ ،‬اجملود‪،‬‬
‫النحوى ‪ ،‬اللغوى‪ ،‬البياىن‪ ،‬املتفنن…" (‪. )33‬‬
‫ومن املعاص رين ال ذين أب دوا آراءهم ىف الش يخ عبد اهلل املرح وم‬
‫الش يخ آدم عبد اهلل االل ورى‪ ،‬حيث يق ول ‪ " :‬إنه قطب رحى ال ذين‬
‫أعادوا غرس شجرة األدب ىف عصر الفالنيني … (‪. )34‬‬
‫ومن ال ذين غلب وا ج انب االنتق اد ىف التعليق على عبد اهلل‬
‫املستش رق هس كت الربيط اىن‪ .‬زعم هس كت التخصص ىف ت اريخ‬
‫اجملاه دين واعم اهلم رغم قصر باعه ىف اللغة العربية ‪ .‬ول ذلك أص در‬
‫بعض األحك ام ىف الش يخ عبد اهلل جبانبها الص واب‪ .‬من ذلك وص فه‬
‫دي وان ت زيني الورق ات خاليا من أية م يزة أدبي ة‪ .‬غري أن الن اهبني من‬
‫املتخصصني ىف أعم ال اجله اديني عارض وه ىف ذلك ‪ .‬منهم املرح وم‬
‫األس تاذ على ن ائىب س ويد واألس تاذ عمر س عيد وال دكتور عبد الب اقى‬
‫ش عيب‪ .‬ذهب اولئك الب احثون إىل أن كت اب ت زيني الورق ات ذو‬
‫جانبني‪ ،‬جانب علمى وجانب أدىب ‪ .‬مثلما قدم لنا هذا الكتاب حقائق‬
‫تارخيية للجه اد إنه ق دم لنا روائع أدبية ال تقل بعض ها عن نت اج حس ان‬
‫بن ث ابت وعبد اهلل بن رواحة ش اعرا ‪ .‬ال دعوة اإلس المية ىف عهد‬
‫الرس ول "ص" ‪ .‬وإذا ك ان األدب م رآة تعكس حي اة أمة بكل ما جيول‬
‫‪76‬‬

‫ىف خ واطر أبنائها فكيف يتص ور نت اج من مثل عبد اهلل‪ ،‬وهو خ ال من‬
‫آي ات قرآنية وأح اديث نبوية وحق ائق تارخيية مس تلهمة ما ت اريخ‬
‫اإلسالم؟‬
‫إن أقوال الباحثني أمثال األستاذ آدم اإللورى وشيخو عمر عبد‬
‫اهلل ال ي رتك جماال للق دم ىف عبد اهلل وأعمال ه‪ .‬وأما ما يص در منه زالت‬
‫ىف التعبري األدىب ف ذلك ال يعترب عيب ا‪ ،‬إن مل تكن العربية اللغة االم لديه‬
‫كما وضع ذلك ىف بعض أعماله (‪. )35‬‬

‫الهوامش الباب الثانى‪:‬‬


‫انظر ‪ :‬ال دكتور عبد الب اقى ش عيب البالغة القرآنية ل دى‬ ‫(‪)1‬‬
‫العالمة عبد اهلل بن ف ودى‪ ،‬رس الة مقدمة لنيل درجة ال دكتوره ىف‬
‫البالغة ومنهج األدب اإلسالمى ‪1994‬م ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 34‬‬
‫انظر ‪ :‬ال دكتور عبد الب اقى ش عيب ‪ ،‬البالغة القرآنية ل دى‬ ‫(‪)2‬‬
‫العالمة عبد اهلل بن فودى املرجع نفسه ص ‪36‬‬
‫انظر ‪ :‬الدكتور عبد الباقى شعيب املرجع السابق ص ‪4 – 36‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫انظر ‪ :‬الدكتور عبد الباقى شعيب ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪41‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪77‬‬

‫انظر ‪ :‬ال دكتور عبد الب اقى ش عيب ‪:‬املرجع الس ابق ص‪–41‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪46‬‬
‫انظر ‪ :‬ال دكتور عبد الب اقى ش عيب ‪:‬املرجع الس ابق ص ‪–46‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫‪74‬‬
‫انظر ‪ :‬الدكتور عبد الباقى شعيب ‪ :‬املرجع السابق ص ‪47‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫انظر ‪ :‬الدكتور عبد الباقى شعيب ‪ :‬املرجع السابق ص ‪48‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫انظر ‪ :‬الش يخ عبد اهلل بن ف ودى – اي داع النس وخ من أخ ذت‬ ‫(‪)9‬‬
‫من الشيوخ ‪ ،‬حتقيق ودراسة من د ‪ .‬أمحد حممد بدوى ‪1984‬م‪.‬‬
‫الشيخ عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪26‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫انظر ‪ :‬حممد بلو بن عثمان بن فودى – انفاق امليسور ىف تاريخ‬ ‫(‪)11‬‬
‫بالد التكرور‪،‬دارمطابع الشعب القاهرة بال تاريخ ص ‪54–46‬‬
‫انظر ‪ :‬حممد بلو بن عثمان انفاق امليسور ‪ :‬املرجع السابق ص‬ ‫(‪)12‬‬
‫‪56 – 54‬‬
‫انظر ‪ :‬حممد بلو بن عثمان املرجع السابق ص ‪56‬‬ ‫(‪)13‬‬
‫انظر ‪ :‬د ‪ .‬أمحد حممد الب دوى ‪ ،‬اي داع النس وح من أخ ذت منه‬ ‫(‪)14‬‬
‫من الشيوخ ‪ .‬حتقيق ودراسة ‪ ،‬ورقة مقدمة ىف مؤمتر اسالمى عن حياة‬
‫وأعم ال الش يخ عبد اهلل بن ف ودى‪ ،‬تنظيم مركز الدراس ات اإلس المية‬
‫جامعة ‪ 11 – 8‬مارس ‪1984‬م ص ‪. 10 – 3‬‬
‫الشيخ آدم عبد اهلل االلورى‪ :‬الشيخ عبد اهلل بن فودى وختميس‬ ‫(‪)15‬‬
‫العش ريات ‪ -‬ورقة مقدمة ىف م ؤتر مركز الدراس ات اإلس المية‬
‫جامع ةعثمان بن ف ودى ‪ 60 ،‬من مجادى الثانية ‪1414‬هـ (‪– 8‬‬
‫‪ )11‬مارس ‪ )1984‬ص ‪. 2‬‬
‫‪78‬‬

‫الغميس ‪ :‬الشئ ال ذى مل يظهر للن اس ومل يع رف بعد ‪ .‬ومنه‬ ‫(‪)16‬‬


‫قص يدة غميس‪ ،‬واإلمجة وكل ملتف بغميس فيه أويس تخفى الق اموس‬
‫احمليط ولسان العرب ( غ م س ) ‪.‬‬
‫دكتور عبد اهلل حممد آدم‪" ،‬املدخل لتحقيق البحر احمليط‬ ‫ال‬ ‫(‪)17‬‬
‫للشيخ عبد اهلل بن فودى‪ ،‬مؤمتر حول حياة وأعمال عبد اهلل بن فودى‬
‫ىف مركز الدراسات اإلسالمية ‪ ،‬جامعة سوكوتو ‪ 9 – 6‬مجادى الثانية‬
‫‪ 11 – 8 ( 404‬مارس ‪1984‬م ص ‪8 – 7‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل حممد آدم ‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 8‬‬ ‫(‪)18‬‬
‫حيىي حممد األمني‪ ،‬األستاذ أبوبكر بوىب صكو ‪ ،‬حياته وانتاجاته‬ ‫(‪)19‬‬
‫الش عرية‪ ،‬حبث تكميلى لنيل درجة الليس انس ىف العربية يوليو ‪1983‬‬
‫ص ‪ ،35‬قدم ىف القسم العرىب جبامعة سوكوتو ‪.‬‬
‫الشيخ عبد اهلل‪ ،‬املرجع السابق ص ‪20‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫الشيخ عبد اهلل ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪73‬‬ ‫(‪)21‬‬
‫األس تاذ عمر س عيد‪" ،‬دراسة حتليلية لكت اب ت زيني الورق ات‬ ‫(‪)22‬‬
‫للشيخ عبد اهلل بن فودى‪ .‬مؤمتر حول حياة وأعمال الشيخ عبد اهلل بن‬
‫ف ودى‪ ،‬مركز الدراس ات اإلس المية ‪ ،‬جامعة س وكوتو م ارس ‪– 8‬‬
‫‪1984 11‬م ص ‪. 99 ، 75 ، 73‬‬
‫الدكتور عبد الباقى شعيب ‪ :‬املرجع السابق ص ‪50 – 49‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫انظر ‪ :‬الدكتور عبد الباقى ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪51‬‬ ‫(‪)24‬‬
‫انظر الشيخ حممد بلو بن عثمان ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪. 37‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫مقابلة ش فوية مع بعض أبن اء منطقة ين دوتو ي وم ‪/ 5 / 17‬‬ ‫(‪)26‬‬
‫‪1999‬م‬
‫‪79‬‬

‫أنظ ر‪:‬الش يخ عبد اهلل ‪:‬ت زيني الورق ات املرجع الس ابق ص ‪–51‬‬ ‫(‪)27‬‬
‫‪54‬‬
‫انظر ‪ :‬أمحد حممد كاىن ‪ The Last Days of Abdullahi bn Fodio :‬ورقة‬ ‫(‪)28‬‬
‫مقدمة ىف الندوة عن حياة عبد اهلل بن فودى وأعماله‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬جامعة سوكوتو ‪ 10 – 8‬مارس ‪1984‬م ص ‪ . 14‬و ‪:‬‬
‫د ‪ .‬عبد الباقى شعيب ‪ ،‬ص ‪56 – 55‬‬
‫الدكتور عبد الباقى شعيب‪ :‬املرجع السابق ص ‪58‬‬ ‫(‪)29‬‬
‫الشيخ آدم عبد اهلل االلورى‪ :‬الشيخ عبد اهلل بن فودى وختميس‬ ‫(‪)30‬‬
‫العش ريات ‪ .‬املرجع الس ابق ص ‪ . 2‬وال دكتور عبد الب اقى ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ص ‪. 60 – 59‬‬
‫الدكتور عبد الباقى شعيب‪ :‬املرجع السابق ص ‪59‬‬ ‫(‪)31‬‬
‫الدكتور عبد الباقى شعيب ‪ :‬املرجع السابق ص ‪60‬‬ ‫(‪)32‬‬
‫حممد بلو ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪211‬‬ ‫(‪)33‬‬
‫آدم االلورى‪ ،‬املرجع السابق ص ‪87‬‬ ‫(‪)34‬‬
‫انظر ‪ :‬عمر سعيد ‪ :‬املرجع السابق ص ‪.13‬‬ ‫(‪)35‬‬
‫الباب الثالثـ ‪ :‬املالمح املعجمية ىف اعمال الشيخ عبد اهلل ‪.‬‬
‫ه ذا الب اب ذو مب احث ثالثة ‪ ،‬يع اجل األسس النقدية الىت يتم ىف‬
‫ض وءها احلكم على عمل عبد اهلل األدىب والعلمى ب اجلودة أو ال رداءة‪،‬‬
‫وهذا وارد عرضه ىف املبحث األول من الباب‪ ،‬واما املبحث الثاىن فهو‬
‫ع رض لبعض أعم ال الش يخ عبد اهلل األدبية وحتليلها ىف ض وء املق اييس‬
‫الفنية الب راز مكانته األدبية ‪ ،‬مع الرتك يز على الناحية املعجمي ة‪ .‬وأما‬
‫املبحث الث الث فهو ع رض لنم اذج من أعم ال الش يخ عبد اهلل العلمية‬
‫‪80‬‬

‫وحتليلها من منظار املعجم العرىب للوقوف على توظيف الشيخ عبد اهلل‬
‫للمادة املعجمية‪.‬‬

‫األسـس النقدية لتحليل العمل األدىب والعلمى‬ ‫المبحث األول ‪:‬‬


‫‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬التأثير والتأثر ‪:‬‬
‫مما ع نيت به الدراس ات البالغية والنقدية موض وع الس رقات‬
‫األدبية واملوازن ات األدبية ‪ .‬وخالل ه ذه الدراس ات ت ربز ظ اهرة لت أثري‬
‫والت أثر بني األعم ال األدبية والعلمي ة‪ .‬بعب ارة أخ رى هبا يظهر ما‬
‫اص طالح عليه النق اد الق دامى " ما يعد س رقة أدبية وما ال يعد ذلك "‬
‫وهبا يهت دى إىل مص ادر ثقافة ألديب أو الع امل‪ .‬تتفقد ه ذه الدراس ات‬
‫املس تويات اللغوية من ص رفية وتركيبية ومعجمية وأس لوبية وما دوهنا‬
‫لبيان األصل من الفرع والصحيح من اخلطأ ‪.‬‬
‫من املص طلحات املوظفة ىف ه ذه الدراس ات اإلنتح ال والنقل‬
‫والقلب واإلقتباس والتضمني والعقد واحلل والتلميح وغريها من وسائر‬
‫التأثري والتاثر (‪. )1‬‬
‫يرجع النقاد تأثر األديب أو العامل بغريه إىل األمناط اآلتية‪:‬‬
‫النمط األول ‪:‬‬
‫ما ال يعد أخ ذا وال س رقة وال اس تعانة وال حنومها ‪ .‬يش مل ه ذا‬
‫الباب صور التأثر اآلتية‪:‬‬
‫اتفاق القائلني ىف الغرض على العموم ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫النمط الثاىن ‪:‬‬
‫ما يعد أخذا وسرقة ىف بعض األحيان ‪.‬‬
‫‪81‬‬

‫وما مل يش رتك الن اس ىف معرفته ‪ -‬ج از أن ي دعى فيه الس بق‬


‫والزيادة وأن يقضى بني القائلني بالتفاضل‪ ،‬وأن أحدمها زاد على اآلخر‬
‫أو نقص ‪ .‬فاألخذ والسرقة نوعان ‪ :‬ظاهر وغري ظاهر ‪.‬‬
‫األخذ الظاهر ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫اما األخذ الظاهر فهو أن يؤخذ املعىن كله‪ ،‬إما مع اللفظ كله او‬
‫مع بعض اللفظ وإما أن يؤخذ املعىن وحده ‪ .‬وبيان صور األخذ الظاهر‬
‫كاآلتى ‪:‬‬
‫أخذ املعىن كله مع اللفظ كله من غري تغيري لنصه ‪ ،‬ويس مى "‬ ‫(‪)I‬‬
‫انتح اال أو نس خا ‪ .‬وهو م ذموم وم ردود ‪ ،‬ويعترب س رقة حمضة ‪ .‬ومثله‬
‫قصة عبد اهلل بن الزبري أنه دخل على معاوية يوما فأنشده البيتني اآلتيني‬
‫على أهنما له ‪:‬‬
‫إذا أنت مل تنصف أخاك وجدتـه * على طرف اهلجران إن كان يعقل‬
‫ويركب ح ّدالسيف من أن تضيمه *إذا مل يكن عن شفرةالسيف مزحل‬
‫فاكتشف معاوية فيما بعد أن البيتني ملعن بن أوس املزىن‪.‬‬
‫ويدخل ىف هذا النوع من كان التغيري فيه بابدال كلمة أو أكثر‬
‫مبا يرادفها كقول امرئ القيس ‪:‬‬
‫على مطيهم * يقولون ال هتلك أسى وجتهل‬
‫وقوفا هبا صحىب ّ‬
‫وق ول طرفة حيث نقل نفس ال بيت بتغيري لفظ " وجته ل" بلفظ "‬
‫وجتلد"‪.‬‬
‫أخذ املعىن كله مع تغيري ىف بعض لفظ النص‪ .‬يس مى ه ذا‬ ‫(‪)II‬‬
‫الصنيع من األخذ إغارة ومسخا‪ .‬وهو ثالثة أنواع ‪ :‬أن يكون القائل‬
‫األول أبلغ من الث اىن فيك ون عمل الث اىن م ذموما‪ ،‬أو أن يك ون عمل‬
‫الث اىن أبلغ من األول الختص احه بفض يلة كاملبالغة وحسن الس بك أو‬
‫‪82‬‬

‫االختصار أو االيضاح أو زيادة معىن‪ ،‬فيكون عمل الثاىن ىف هذه احلال‬


‫ممدوحا ومقب وال‪ ،‬أو أن يك ون عمل الث اىن مثل عمل األول‪ .‬فيك ون‬
‫عمل الثاىن ىف هذه احلال بريئا من الذم‪ ،‬لكن الفضل للعمل األول ‪.‬‬
‫وأمثلة أصناف االغارة كاآلتى ‪:‬‬
‫مث ال ك ون عمل الث اىن دون األول (االغ ارة املذموم ة) ق ول أىب‬ ‫‪-‬‬
‫متام ‪:‬‬
‫هيهات ال يأتى الزمن مبثل ــه * إن الزمان مبثله لبخـيل‬
‫وقول أىب الطيب ‪:‬‬
‫أعدى الزمان سخاؤه فسخابه * ولقد يكون هبا الزمان خبيال‬
‫ف إن املص ارع الث اىن ألىب متام أحسن س بكا من املص راع الث اىن‬
‫ألىب الطيب ألن أبا الطيب أراد أن يقول ‪ " :‬ولقد كان الزمان به خبيال‬
‫" فعدل من املاضى إىل املضارع للوزن (‪. )2‬‬
‫مثال كون الثاىن أبلغ من األول (اإلغارة املمدوحة) قول بشار‬ ‫‪-‬‬
‫بن برد‪:‬‬
‫من راقب الناس مل يظفر حباجته * وفاز بالطيبات الفاتك اللهج‬
‫أى اجلرئ احلريص‬
‫وقول سلم ‪:‬‬
‫من راقب الناس مات مها * وفاز باللذة اجلســور‬
‫أى السجاع ‪ ،‬فإن بيت سلم أجود سبكا واخضر ‪.‬‬
‫مثال كون عمل الثاىن مثل األول ‪ ،‬قول بشار ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يا قوم أذىن لبعض احلى عاشقة * واألذن تعشق قبل العني أحيانا‬
‫وقول ابن الشحنة املوصلى ك‬
‫وإىن امرؤ أحببتكم ملكارم * مسعت هبا واآلذن كالعني تعشق‬
‫‪83‬‬

‫أخذ املعىن وحده ‪ ،‬يسمى إملاما وسلخا ‪.‬‬ ‫(‪)V‬‬


‫تع ود ج ودة اإلملام (الس لخ) أو ع دمها إىل حسن الس بك أو‬
‫البالغة ىف ق ول الالح ق‪ .‬ف إذا ت وفرت مظ اهر احلسن ىف الالحق‬
‫فحسن اإلملام وإال قبح‪ ،‬ومن أمثلة اإلملام قول البحرتى ‪:‬‬
‫تصد حياء أن تراك بأوجه * أتى الذنب عاصيها‪ ،‬فليم مطيعها‬
‫وقول أىب الطيب ‪:‬‬
‫وجرم جره سفهاء قوم * وحل بغري جارمه العذاب‬
‫فإن بيت أىب الطيب أحسن سبكا‪ ،‬وكأنه اقتبسه من قوله تعاىل ‪:‬‬
‫" أهتلكنا مبا فعل السفهاء منا"‬
‫سورة األعراف ‪. )3( 155 :‬‬
‫األخذ غري الظاهر ‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫وأما األخذ غري الظ اهر فهو أن يتش ابه معىن األول إىل غري حمله‬
‫(يس مى نقال) او أن يك ون معىن الث اىن نقيض معىن األول‬
‫(يس مى قلب ا) أو أن يؤخذ بعض املعىن ويض اف إليه زي ادة‬
‫حتسنه‪.‬وبيان هذه الصور كاآلتى ‪:‬‬
‫مثال تشابه معىن األول والثاىن قول الطرماح بن حكيم الطائى‪:‬‬ ‫(‪)I‬‬
‫لقد زادىن حبا لنفسى أنىن * بغيض إىل كل امرئ غري طائل‬
‫وقول أىب الطيب ‪:‬‬
‫وإذا أتتك مذمىت من ناقص * فهى الشهادة ىل بأىن كـامل‬
‫فإن ذم الناقص ابا الطيب كبغض من هو غري طائل الطرماح‪ ،‬وشهادة‬
‫حب الطرماح لنفسه ‪.‬‬
‫ذم الناقص أبا الطيب كزيادة ّ‬
‫مثال نقل معىن األول إىل غري حمله قول البحرتى ‪:‬‬ ‫(‪)II‬‬
‫سلبوا وأشرقت الدماء عليهم * حممرة فكأهنم مل يسلبـوا‪.‬‬
‫‪84‬‬

‫نقله أبو الطيب إىل السيف فقال ‪:‬‬


‫يبس النجيع عليه وهو جمرد * على غمده فكأمنا هو مغمـد‬
‫مثال كون معىن الثاىن أمشل من معىن األول ‪.‬‬ ‫(‪)V‬‬
‫قول جرير ‪:‬‬
‫إذا غضبت عليك بنو متيم * وجدت الناس كلهم غضابا‬
‫وقول أىب نواس ‪:‬‬
‫ليس على اهلل مبسنكــر * أن جيمع العامل ىف واحـد‬
‫مث ال ك ون معنىالث اىن نقيض معىن األول (القلب)‪.‬ق ول أىب‬ ‫(‪)VII‬‬
‫الشيص ‪:‬‬
‫أجد املالمة ىف هواك لذيذة * حبا لذكرك فليلمىن اللوم‬
‫وقول أىب الطيب ‪:‬‬
‫أأحبه وأحب فيه مالمة ؟ * إن املالمة فيه من أعدائه‬
‫(هـ) مثال أخذ بعض املعىن وإضافة زيادة إليه حتسنه قول االفوه األودى‬
‫‪:‬‬
‫وترى الطري على آثارنا * رأى عني ثقة أن ستمار‬
‫وقول أىب متام ‪:‬‬
‫وقد ظللت عقبان أعالمه ضحى * بعقبان طري ىف الدماء نواهل‬
‫أقامت مع الرايات حىت كأهنـا * من اجليش إال أهنا مل تقاتل‬
‫ف إن االف وه أف اد بقوله ‪" :‬رأى عني" قرهبا ‪ :‬ألهنا إذا بع دت ختيلت ومل‬
‫تر ‪ ،‬وإمنا يك ون قرهبا توقعا للفريس ة‪ ،‬وه ذا يؤكد املعىن املقص ود ‪ ،‬مث‬
‫يلم بشئ‬
‫ق ال "ثقة أن س تمار " فجعلها واثقة ب املرية‪ .‬وأما أبو متام فلم ّ‬
‫من ذلك‪ .‬لكن زاد على االفوه بقوله "إال أهنا مل تقاتل‪ ،‬وهذه الزيادات‬
‫حسنت قوله‪ ،‬وإن كان قد ترك بعض ما أتى به االفوه (‪. )4‬‬
‫ثالثا ‪ :‬جمموعة أمناط من وسائل األخذ ‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫ثالثا ‪ :‬جمموعة امناط من وسائل األخذ ‪.‬‬


‫االقتب اس ‪ :‬وهو أن يض من الكالم ش يئا من الق رآن أو احلديث‬ ‫(‪)I‬‬
‫ال على أنه منه ‪.‬‬
‫من االقتباس ما ال ينقل فيه اللفظ املقتبس عن معناه األصلى إىل‬
‫معىن آخر‪ .‬ومنه ما ينقل فيه اللفظ املقتبس عن معناه األصلى‪.‬‬
‫مث ال االقتب اس ال ذى ال يؤخذ فيه اللفظ املقتبس عن معن اه األص لى إىل‬
‫معىن آخر قول احلريرى ‪:‬‬
‫"فلم يكن إال كلمح البصر أو هو أقرب"‬
‫ىف هذا النص اقتب اس من اآلة الكرمية ‪" :‬وهلل غيب السموات واألرض‪،‬‬
‫وما أمر الس اعة إال كلمح البصر أو هو اق رب‪ ،‬إن اهلل على كل شئ‬
‫قدير ( سورة النحل ‪. )77 :‬‬
‫ومن هذا القبيل أيضا قول ابن عباد‪:‬‬
‫"قال ىل ‪ :‬إن رقيبىب سئ اخللق‪ ،‬فداره – اى ال طفه وخادعه – قلت‪:‬‬
‫دعىن ‪ ،‬وجهك اجلنة حفت باملكاره‪ ،‬وحفت النار بالشهوات " ‪.‬‬
‫مثال اإلقتباس الذى ينقل اللفظاملقتبس عن معناه األصلى إىل معىن‬ ‫‪‬‬
‫آخر‪ ،‬قول ابن الرومى ‪:‬‬
‫"لئن أخطأت ىف مدحيك ما أخطأت ىف منعى "‬
‫لقد أنزلت حاجتــى * بواد غري ذى زرع‬
‫ىف النص السابق اقتباس من اآلية الكرمية "ربنان إىن أسكنت من ذريىت‬
‫ب واد غري ذى زرع عند بيتك احملرم‪ ،‬ربنا ليقيم وا الص الة فاجعل أفئ دة‬
‫من الن اس هتوى إليهم وارزقهم من الثم رات لعلهم يش كرون ‪ .‬س ورة‬
‫إبراهيم " سورة إبراهيم ‪. 37 :‬‬
‫‪86‬‬

‫ال ب اس ىف االقتب اس بتغيري يسري الجل ال وزن أو غ ريه ‪ ،‬كق ول أىب متام‬
‫عند موت ابنه‪:‬‬
‫قد كان ما خفت أن يكونا * إنا إىل اهلل راجعونا‬
‫االقتباس من اآلية الكرمية ‪ " :‬وإذا سألك عبادى عىن فإىن قريب أجيب‬
‫دع وة ال داع إذا دع ان فاليس تجيبوا ىل وليؤمن وا ىب لعلهم يرش دون"‬
‫سورة البقرة ‪. )5( 156 :‬‬
‫التض مني ‪ :‬وهو أن يض من (الش عر) ش يئا من (ش عر) الغري مع‬ ‫(‪)II‬‬
‫التنبيه عليه إن مل يكن مشهورا عند البلغاء ألن ال ينسب إىل السرقة مع‬
‫تعرفه لغ ريه‪ .‬ومث ال التض مني ق ول ابن خلك ان أىب اعب اس أمحد بن‬
‫إبراهيم‪:‬‬
‫قد قلت ملا أطلعت وجناته * حول الشقيق الغض روضة آس‬
‫أعذاره السارى العجول ترفقا* ما ىف وقوفك ساعة ما باس‬
‫املصراع األخري ألىب متام ‪.‬‬
‫يسمىتض مني ال بيت فما زاد اس تعانة ‪ ،‬وتض مني املص راع فما‬
‫دونه ابداعا او رفوا (‪. )6‬‬
‫العقد ‪ :‬وهو أن ينظم نثر ‪.‬‬ ‫(‪)V‬‬
‫مثال عقد القرآن الكرمي قول احلسني بن الوانساىن الدمشقى ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أنلىن بالذى استقرضت خطا * وأشهد معشرا قد شاهـدوه‬
‫فإن اهلل خالق الرباي ــا * عنت جلالل هيبته الوجــوه‬
‫يقول إذا تداينتم بديــن * إىل أجل مسمى فاكتب ــوه"‬
‫العقد ىف النص السابق من بعض اآلية ‪ 282‬من سورة البقرة ‪.‬‬
‫مثال عقد احلديث ‪ ،‬ما روى عن اإلمام الشافعى ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫عمدة اخلري عندنا كلمـات * أربع قاهلن خري الربيــه‬
‫اتق املشبهات ‪ ،‬وازهد ودع ما* ليس يعنيك واعملن بنيـه‬
‫‪87‬‬

‫مثال عقد غريمها قول أىب العتاهية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫"ما بال من اوله نطف ــة * وجيفة آخره يفخــرو ؟‬
‫عقد ق ول على رضى اهلل عنه ‪ " :‬وما البن آدم والفخ ر‪ ،‬وإمنا أوله‬
‫نطفة‪ ،‬وآخره جيفة " (‪. )7‬‬
‫احلل ‪ :‬وهو أن ينثر نظم ‪.‬‬ ‫(‪)VIII‬‬
‫يش رتط ىف احلل أال يتقاصر س بكه عن س بك أص له وأن يك ون‬
‫حسن املوقع‪ ،‬مستقرا ىف حمله‪ .‬وذلك كقول ابن االثري ىف كتابه‬
‫"الوشى املرق وم ىف حل املنظ وم" وهو يصف قلم ك اتب‪ .‬يق ول‪:‬‬
‫" فال حتظى به دولة إال فخ رت على ال دول‪ ،‬وغ نيت به عن‬
‫اخليل واخلول ( العبيد واالم اء وغ ريهم من احلاش ية) ‪ ،‬وق الت ‪:‬‬
‫أعلى املمالك ما يبىن على االقالم ال على األسل (الرماح)‬
‫حل ابن االثري قول أىب الطيب‪:‬‬
‫أعلى املمالك ما يبىن على األسل (‪. )8‬‬
‫(هـ) التلميح ‪ :‬هو أن يشار إىل قصة أو شعر من غري الذكر‪.‬‬
‫مثال التلميح املشار فيه إىل قصة قول ابن املعتز ‪:‬‬
‫أترى اجلرية الذين تــداعوا * عند سري احلبيب وقت الزوال‬
‫علموا أنىن مقيــم وقلبـى * راحل فيهم أمام اجلمــال‬
‫مثل صاح العزيز ىف أرحل القو * م وال يعلمون ما ىف الرجال‬
‫ملح األديب إىل قصة صاع العزيز صاحب مصر أيام سيدنا يوسف عليه‬
‫السالم (‪. )9‬‬
‫مثال التلميح املشار فيه إىل شعر قول احلريرى ‪ " :‬وإىن واهلل لطاملا‬ ‫‪‬‬
‫تلقيت الش تاء بكافاته وأع ددت له األهب قبل موافاته " أش ار احلري رى‬
‫ىف قوله السابق إىل قول بن سكرة ‪:‬‬
‫‪88‬‬

‫جاء الشتاء وعندى من حوائجه * سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا‬


‫كن ‪ ،‬وكيس وكانون وكأس طال *يعد الكباب‪ ،‬وكس ناعم‪،‬وكسـا‬
‫والكن ‪ :‬ال بيت ‪ ،‬والك انون ‪ :‬املوقد ‪ ،‬والطال ‪ :‬اخلمر ومن مث ال ذلك‬
‫قول احلريرى أيضا ‪:‬‬
‫"بت بليلة نابغية " أو مأبه إىل قول النابغة ‪:‬‬
‫فبت كأىن سورتىن ضئيلة * من الرقش ىف أنياهبا السم ناقع (‪. )10‬‬
‫استنتاج ‪:‬‬
‫أيا ك انت ص ورة األخذ عن الغ ري‪ ،‬كلما ك ان أشد خف اء ك ان‬
‫أق رب إىل القب ول‪ .‬حيكم على أحد الق ائلني باألخذ من األول عن علم‬
‫أنه كان حيفظ قول األول حني أصدر قوله ‪ ،‬أو بأن خيرب هو عن نفسه‬
‫أنه أخذ منه ‪ ،‬جلواز أن يك ون االتف اق من قبيل ت وارد اخلواطر‪ ،‬أى‬
‫جميئه على س بيل االتف اق من غري قصد إىل األخذ والس رقة‪ .‬وهلذا ال‬
‫ينبغى ألحد بت احلكم على أديب او ع امل بالس رقة ما مل يعلم احلال‪:‬‬
‫وإال فالذى ينبغى أن يقال " قال فالن كذا‪ ،‬وقد سبقه إليه فالن فقال‬
‫كذا"‪ .‬فيغتنم به فضيلة الصدق‪ ،‬ويسلم من دعوى العلم بالغيب ونسبة‬
‫(‪)11‬‬
‫النقص إىل الغري‪.‬‬
‫ومبا أن املعرفة ليست احتكارا ألمة دون أخرى أو شخص دون‬
‫آخر الس يما حبل ول عصر الرك ود العقلى لألمة اإلس المية‪ .‬وذلك منذ‬
‫منتصف الق رن الس ابع اهلج رى ملا هجم املغ ول حاض رة امللك ومثابة‬
‫العلم والعالء بقيادة هوال كو وقو ضوا صرح اخلالفة العباسية ‪ ،‬وقتلوا‬
‫اخلليفة القائم وشردوا الشعب وخربوا املدن‪ ،‬العراق وفارس واالندلس‪،‬‬
‫وأحرقوا خزائن الكتب ففر العلماء حيارى مدهولني ‪ ،‬مث تقبض مصر‬
‫والش ام ( ىف ح وزة الس الطني من املماليك ) بزم ام احلركة العلمية‬
‫‪89‬‬

‫واألدبية والدينية والسياس ية فيه رع العلم اء إليها فتع ود لألمة حيويتها‬


‫املعرفيةبص ورة مبنية على منهج اجلمع والنقل وإع ادة ت رتيب املادة‬
‫املعرفي ة‪ .‬قد يتن اول الع امل املادة فيختص رها او يبس طها او يش رحها‬
‫متخذا خمتلف وسائل األخذ‪ .‬وقد يبدع العامل ىف بعض األحيان ‪.‬‬
‫ومأخوذا كان انتاج العامل أو اصيال فإن شخصيته تظهر واضحة‬
‫كما ينجلى ت أثره بغ ريه ومص ادر ثقافته ‪ .‬إن ألسـس األخذ دوراكب ريا‬
‫ىف بيان العناصر املذكورة أعاله (‪. )12‬‬
‫ثانيا ‪ :‬خصائص األلفاظ والتراكيب ‪.‬‬
‫ت رتاوح األلف اظ اللغوية بني الفص يح والغ ريب واملبت ذل واحلوشى ‪.‬‬
‫فالفصيح ما كثر استعماله على ألسنة العرب املوثوق بعربيتهم‪.‬‬
‫أما الغ ريب فهو تلك الكلمة الىت ال يظهر معناه ا‪ ،‬فيحت اج ىف‬
‫معرفتها إلىتعق دهاىف كتب اللغة املبس وطة‪ ،‬كما روى عن عيسى بن‬
‫عمر الثقفى النح وى ( أس تاذ اخلليل وس يبويه) أنه س قط عن محاره‬
‫ف اجتمع عليه الن اس‪ ،‬فق ال‪" :‬م الكم تكأك أمت على تك أكؤكم على ذى‬
‫جنة‪ ،‬افرنقعوا عى " أى اجتمعتم تنحوا‪.‬‬
‫واملبتذل من الكلمات ما يكون شائعا بني العامة دون اخلاصة ‪.‬‬
‫واما الوحش ىفهو ذلك اللفظ ال ذى ينفر عنه الس مع ‪ ،‬ويق ال حوشى ‪،‬‬
‫وهو مبعىن الغريب (‪. )13‬‬
‫إن موض وع غ رائب األلف اظ مظهر جليل اهتم به الق دماء‬
‫واحملدثون اهتماما كب ريا على حد س واء ‪ .‬فنجد كال من الط ائفتني‬
‫يؤلف فيه مؤلف ات ‪ .‬بينما جند الق دماء يؤلف ون ىف الغ ريب كتبا حاملة‬
‫اسم الغ ريب ‪ ،‬إن احملدثني تن اولوا موض وع الغ ريب ىف مع اجم منهجية‬
‫‪90‬‬

‫اجم لغوية وعلمية‬ ‫انية من مع‬ ‫من حمتلف ن واحى املعرفة اإلنس‬
‫واصطالحية وتارخية … اخل ‪.‬‬
‫اختذ العلماء السيما االفارقة وسيلة ثالثة لضبط غرائب األلفاظ‬
‫‪ ،‬وهى اعداد قصائد مكتظة ب الغرائب مسى هذا قيد األوابد " واعتم اد‬
‫طالب إفريقيا على مثل هذه القصائد للتسلح باأللفاظ الغربية أكثر من‬
‫اعتم ادهم على الق واميس اللغوية املنهجية ‪ .‬ينظم العب اقر ه ذه األلف اظ‬
‫خ وف ض ياعها وتس هيال حلفظها على الطالب ‪ ،‬على حنو ما ش اهدنا‬
‫عند أصحاب املقامات واملدائح احلررى واهلمزاىن والبوصريى والفازى‪.‬‬
‫إن ظاهرة ختري األلفاظ الرصينة ظاهرة أصلية وشاملة حيث جند‬
‫ا لق رآن الك رمي قد تناوهلا اق رارا لتف اوت اذواق الن اس ولرتقية املس توى‬
‫األس لوىب ك ان ختري الق رآن الك رمي لأللف اظ وال رتاكيب الرص ينة وفق‬
‫احلاجة واملبدأ البالغى ‪ :‬مالئمة القول للمقام ‪.‬‬
‫تص ديقا لق ول الع رب ق دميا‪ " :‬لكل مق ام مق ال " ‪ .‬فتع اطى‬
‫الق رآن لأللف اظ والرتاكيب السهلة أحيانا ال ينزله منزلة منزلة السوقية‪،‬‬
‫كما ال ينزله تعاطى األلفاظ والرتاكيب الرزينة منزلة الغرابة كليا‪.‬‬
‫تأمل قول اهلل عز وجل ‪:‬‬
‫"اهلل نور السموات واألرض‪ ،‬مثل نوره كمشكوة فيها مصباح‪،‬املصباح‬
‫ىف زجارج ة‪ ،‬الزجاجة كأهنا ك وكب درى يوقد من ش جرة مباركة‬
‫زيتونة ال ش رقية وال غربي ة‪ ،‬يك اد زيتها يضئ ولو مل متسسه ن ار‪،‬ن ور‬
‫على نور يهدى اهلل لنوره من يشاء‪ ،‬ويضرب اهلل األمثال للناس‪ ،‬واهلل‬
‫بكل شئ عليم(‪. )14‬‬
‫وتأمل قوله تعاىل ‪:‬‬
‫‪91‬‬

‫"إنا فتحنا لك فتحا مبينا ‪ ،‬ليغفر لك اهلل ما تق دم من ذنبك وما ت أخر‬


‫ويتم نعمته عليك ويهديك صراط مستقيا) (‪. )15‬‬
‫تالحظ ما بني اآلية األوىل وجمموعة االي ات الثانية من تف اوت‬
‫األسلوب‪ .‬بينما جاءت اآلية األوىل صعبة إاللذوى األبصار‪ ،‬إن اآليات‬
‫ىف اجملموعة الثانية ىف منتهى الوضوح لكل من له أدىن إملام بالعربية‪.‬‬
‫ك ان الرس ول عليه الص الة والس الم يتخري األلف اظ الرص ينة ىف‬
‫مواطن دعت إىل ذلك حيث مييل إىل أخرى لينة عند اقتضاء املقام‪ .‬ملا‬
‫أراد عليه الس الم أن يكتب إىل ملك ف ارس اخت ار أس هل األلف اظ‬
‫واوضحها فقال‪:‬‬
‫" من حممد رس ول ا هلل إىل كس رى عظيم ف ارس س الم على من اتبع‬
‫اهلدى وآمن باهلل ورس وله‪ ،‬أدع وك بدعاية اهلل‪ ،‬ف إىن أنا رس ول اهلل إىل‬
‫اخللق كافة لين ذر من ك ان حيا وحيق الق ول على الك افرين‪ ،‬فأس لم‬
‫تسلم‪ ،‬فإن أبيت فإمث اجملوس عليك" (‪. )16‬‬
‫وحني أراد أن يكتب إىل أكي در ص احب دومة اجلن دل فخم‬
‫األلفاظ واتى باأللفاظ اجلرلة النادرة ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"من حممد رس ول اهلل ألكي در حني أج اب إىل اإلس الم وخلع األن داد‬
‫واألص نام‪ ،‬إن لنا الض احية من البعل والب ور واملع امى وأغف ال األرض‬
‫واحللقة والس الح ولكم الض امنة من النخل واملعني من املعم ور‪ ،‬ال‬
‫تع دل س ارحتكم وال تعد ف اردتكم وال خيطر عليكم النب ات ‪ ،‬تقيم ون‬
‫الصالة لوقتها وتؤدون الزكاة‪ ،‬عليكم بذلك عهد اهلل وميثاقه" (‪. )17‬‬
‫ك ان أدب اء الع رب على وعى ت ام بطبيعة األلف اظ ‪ ،‬غريبها‬
‫وس هلها‪ ،‬على م دى العص ور‪ .‬من ذلك ما لوحظ على بش ار بن ب رد‪:‬‬
‫‪92‬‬

‫إنك لتجئ بالشئ اهلحني املتفاوت‪ ،‬قال بشار ذاك؟قال‪ :‬بينما تثري النقع‬
‫وختلع القلوب بقولك ؟‬
‫إذا ما غضبنا غضبة مضريتة * هتكا حجاب الشمس أو متر الدما‬
‫إذا ما أعرنا سيدا من قبيلة * ذرا منرب صلى علينا وسلم ــا‬
‫نراك تقول ‪:‬‬
‫ربابة ربة البيـ ــت * تصب اخلل ىف الزيـ ــت‬
‫هلا عشر دجاج ــات * وديك حسن الصـ ــوت‬
‫فق ال بش ار‪ :‬لكل وجه ‪ .‬وموضع ‪ ،‬ف القول األول ج د‪ ،‬والث اىن قلته ىف‬
‫ربابة ج اريىت ‪ ،‬وأنا ال آكل ال بيض من الس وق‪ ،‬وربابة هلا عشر‬
‫دجاجات وديك فهى جتمع ىل البيض ‪ ،‬فهذا القول عندها أحسن من‬
‫"قفانبك من ذكرى حبيب ومنزل" عندك ‪.‬‬
‫ول ذا كث ريا ما جتد الش اعر يس هل أحيانا ويلني حىت يش به ش عره‬
‫لغة اخلط اب‪ ،‬وخيشن آونة ويص لب حىت كأنه يق ذفك بالص خر‪ ،‬كل‬
‫ذلك على حسب موض وعه ال ذى يق ول فيه والطبقة الىت ينش دها‬
‫شعره(‪. )18‬‬
‫وواضح أن الق رآن الك رمي يوثق نفسه بأنه كالم ع رىب م بني ويوثق ا‬
‫لرس ول نفسه بأنه ع رىب خالل ممارس ته األس لوبني اجلزل‪ ،‬والس هل‪.‬‬
‫فتن اول عبد اهلل الظ اهرتني ليس إال اقتف اء لس نة الق رآن الك رمي والس نة‬
‫النبوية ‪ .‬وملا انتقل الرس ول "ص" إىل الرفيق األعلى ‪ ،‬وقد ك ان هو‬
‫الش ارح ملا غمض من ألف اظ الق رآن ‪ ،‬بعد وفاته عليه الص الة والس الم‬
‫توىل ذلك مجاعة من الصحابة على رأسهم عبد اهلل بن عباس كما ورد‬
‫ذلك عن الرواة‪ .‬من ذلك ما أورده االمام الس يوطى ىف االتقان بقول ه‪:‬‬
‫"فقد أخ رج ال بيهقى من ح ديث أىب هري رة مرفوعا ‪ :‬عرب وا الق رآن‬
‫‪93‬‬

‫والتمسوا غرائبه "‪ .‬وأخرج البيهقى أيضا من حيدث بن عمر مرفوعاه‬


‫من ق رأ الق رآن فأعربه ان له بكل ح رف عش رون حس نة ‪ ،‬ومن ق رأه‬
‫بغري اع راب ك ان له بكل ح رف عشر حس نات " املراد باعرابه معرفة‬
‫معاىن ألفاظه ‪ ،‬وليس املراد به االعراب املصطلح عليه عند النحاة الذى‬
‫يقابل اللحن‪.‬‬
‫ومما ورد عن ابن عب اس (ت ‪68‬هـ)ىف ش رح غ ريب الق رآن ‪" :‬‬
‫ى قوله تعاىل ‪ :‬يؤمنون ‪،‬قال يصدقون يعمهون‪ :‬يتمادون‪ ،‬مطهرة‪ :‬من‬
‫(‪.)19‬‬
‫القذر واألذى‪ .‬إال أماىن ‪ :‬أحاديث‪ .‬والصاحب باجلنب الرفيق‬
‫ك ان الص حابة والت ابعون كثري االحتج اج على غ ريب الق رآن‬
‫ومش كله بالش عر‪ ،‬وأنكر مجاعة ال علم هلم ب النحويني ذل ك‪ .‬وق الوا إذا‬
‫فعلتم ذلك جعلتم الش عر أصال للق رآن‪ .‬ق الوا وكيف جيوز أن حيتح‬
‫بالش عر على الق رآن وهو م ذموم ىف الق رآن واحلديث‪ .‬ق ال أب وبكر‬
‫األنب ارى وليس األمر كما زعم وه من أنا جعلنا الش عر أصال للق رآن‪،‬‬
‫بل أردنا تبيني احلرف الغريب من القرآن بالشعر‪ ،‬ألن اهلل تعاىل قال‪" :‬‬
‫إنا جعلن اه قرآنا عربي ا" وق ال‪" :‬بلس ان ع رىب م بني" وق ال ابن عب اس‪:‬‬
‫الشعر ديوان العرب‪ ،‬فإذا خفى علينا احلرف من القرآن الذى أنزله اهلل‬
‫بلغة الع رب رجعنا إىل ديواهنا فالتمس نا معرفة ذلك من ه‪ .‬ومن طريق‬
‫عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬إذا سالتمونىعن غريب القرآن فالتمسوه ىف‬
‫الش عر‪ .‬س ئل ابن عب اس عن قوله تع اىل‪" :‬وابتغ وا إليه الوس يلة ق ال‪:‬‬
‫الوسيلة ‪:‬احلاجة فسئل إذا ما كانت العرب تعرف ذلك؟ قال نعم‪ ،‬أما‬
‫مسعت عنرتة وهو يقول‪:‬‬
‫(‪)20‬‬
‫إن الرجال هلم إليك زسبيلـة * إن يأخذوك تكحلى ووختضىب‬
‫‪94‬‬

‫قد الف الق دماء ىف غ ريب الق رآن كتبا ورس ائل هامة منها جماز‬
‫الق رآن وغريبه ألىب عبي دة (ت ‪210‬هـ) وغ ريب الق رآن بن قتيبة (‬
‫‪276‬هـ) والسجس تاى والزج اج واالخفش واالنب ارى‪ .‬وأهم ه ذه‬
‫املؤلفات معجم مفردات الفاظ القرآن للراغب األصفحاىن ‪.‬‬
‫لقد حظى غريب احلديث بعد غريب القرآن بالدراسة ‪.‬‬
‫ومن املؤكد أن تدوين غريب احلديث عن تدوين غريب القرآن‬
‫وإن ب دأالكالم فيهما ىف وقت واحد ‪ .‬ولعل الس بب ىف ذلك ك ون‬
‫حفظ القرآن والتعبد بتالوته وفهمه ودرسه أهم ما اشتغل به املسلمون‬
‫فاضطروا إىل تفهمه غريبه وتقييده أكثر من اهتمامهم بغريب احلديث‪.‬‬
‫ي ذكر أن أول من أس هم ىف ت دوين غ ريب احلديث أبو ع دنان عبد‬
‫ال رمحن بن عبد األعلى (معاصر أىب عبي دة معمر بن املثىن ) وأبو عبيد‬
‫القاسم بن س الم (ت ‪2‬ص‪24‬هـ) ص احب الكت اب املش هور "غ ريب‬
‫احلديث" (‪. )21‬‬
‫يرتبط ب الغريب ن وادر الكالم أو تلك الكتب والرس ائل الىت‬
‫تبحث ىف األلف اظ العربية غري املألوفة وبالتحديد " بعض اللغ ات غري‬
‫املعروف ة" ‪ ،‬أو ما يعبرت عنه اللغوي ون الق دامى بـ "أقل من القلي ل" نقل‬
‫السيوطى عن ابن هشام قوله ‪" :‬اعلم أهنم يستعملون "غالبا" و "كثريا"‬
‫و "ن ادرا" و"قليال" و "مط ردا" ‪ .‬ف املطر ال يتخل ف‪ ،‬والغ الب أك ثر‬
‫األشياء‪ ،‬ولكنه يتخلف ‪ ،‬والكثري دونه ‪ ،‬والقليل دن الكثري والنادر اقل‬
‫من القليل" (‪. )22‬‬
‫لقد أص بحت كتب الغ ريب الن واة لنش أة املع اجم اللغوية العامة‬
‫ألهنا ك انت هتتم ب ايراد اللفظة أو الكلم ة‪ ،‬مث تش رح معناها املراد منها‬
‫وتستدل على هذا املنعىن بشئ من مأثور العرب ىف هذا الشأن من شعر‬
‫‪95‬‬

‫أو ن ثر‪ .‬لقد ص ار ما قدمته هذه الكتب فيها بعد ‪ ،‬بعد الزي ادة ىف املادة‬
‫اللغية وترتيب هذه املادة وتنسيق شرحها صارت املعاجم الىت نتعامل‬
‫معها اآلن‪.‬‬
‫رغم ك ثرة الكالم والت أليف ىف الغ ريب ما وص لنا منها إال ج زء‬
‫قليل مشتت ىف باطن املعجم (‪. )23‬‬
‫بني األلف اظ ف روق ‪ .‬دقيقة ىف داللته ا‪ ،‬يس تخدم كل حيث‬
‫ي ؤدى معن اه ىف دقة فائقة يك اد املالحظ ي ؤمن ب أن ه ذا املك ان كأمنا‬
‫خلقت له تلك الكلمة بعينه ا‪ ،‬وأن كلمة أخ رى ال تس تطيع أداء املعىن‬
‫ال ذى تؤديه الكلمة املس تعملة‪ ،‬فكل لفظة وض عت لت ؤدى معىن معينا‬
‫أقوى أداء‪ ،‬ومن مث ضرورة اختيار األلفاظ جسب املواقف املختلفة ‪.‬‬
‫وحري ما حيت ذى ىف ها األس لوب الق رآىن ال ذى دعا أال تس تعمل لفظة‬
‫مكان أخرى‪ ،‬كما ورد ىف خطاب املوىل عز وجل‪" :‬قالت االعراب‬
‫آمن ا‪ ،‬ق ل‪:‬مل تؤمن وا ‪ ،‬ولكن قول وا ‪ :‬أس لمنا‪ ،‬وملا ي دخل اإلميان ىف‬
‫قل وبكم…" وليس ه ذا احتاق ارا أللف اظ معينة وإمنا تلميح إىل الت دقيق‬
‫ىف استعمال األلفاظ اللغوية للداللة على احلقيقة من غري لبس وال متويه‪.‬‬
‫وعلى ه ذا ذهب أغلب اللغ ويني إىل ع دم وج ود ال رتادف ىف الكالم‬
‫الق رآىن بل ىف الكالم الع رىب عامة‪ ،‬ومن ذلك تفريق الق رآن الك رمي بني‬
‫كلمىت "انظر" و "راع" رغم ما يشعر السامع من التقارب ىف املعنني ‪.‬‬
‫وذلك ىف قوله تع اىل ‪" :‬يأها ال ذين آمن وا ال تقول وا راعنا وق وال انظرنا‬
‫…‪ . ".‬ففى كلمة كلمة "راعن ا" رائحة ال ذم ىف العربية بينما ىف‬
‫"انظرنا رائحة إجيابية فأثر القرآن الثانية على األوىل اقتضاء للمقام ‪.‬‬
‫وقد يك ون التخري ىف ص يغة من ص يغ الكلمة الواح دة ألداء‬
‫الص يغة املعىن املطل وب‪ .‬فاختي ار املوىل فع ل" ي ّذحبون " بالتش ديد على‬
‫‪96‬‬

‫"يذحبون"بالتخفيف تصوير حى ملا جرى بني آل فرعون وبىن اسرائيل‬


‫‪ ،‬ملا ك ان يع اىن منه بنو إس رائيل من الطاغية فرع ون من تقتيل وإب ادة‬
‫عنص رية حيث ال يبقى إال من ق در اهلل له البق اء‪ .‬وه ذا بالض بط ما‬
‫تصوره صيغة الفعل ىف اآلية الكرمية‪:‬‬
‫"واذ جنين اكم من آل فرع ون‪ ،‬يس ومونكم س وء الع ذاب‪ ،‬ي ذحبون‬
‫(‪.)24‬‬
‫أبناءكم ويستحيون نساءكم وىف ذلك بالء من ربكم عظيم…"‬
‫ومما ي ربز دقة اختي ار األلف اظ القرآنية ختريه لأللف اظ الغريب ة‪،‬‬
‫فاللفظ الغ ريب األقل دورانا على األلس نة وال ذى يتحاشى اخلطب اء‬
‫والش عراء الي وم اس تعماله‪،‬إن ىف الق رآن الك رمي ع ددا منه ‪ .‬ل ّـمـا ك انت‬
‫ق درة الص حابة على فهم نص وص الق رآن الك رمي مل تكن ىف درجة‬
‫واح دة‪ .‬فك ان منهم املثقف ثقافة أدبية راقية كفئة الش عراء ومنهم من‬
‫دون ذل ك‪ .‬وملا ك انت األلف اظ املوس ومة بالغرابة ىف العصر املت اخرة ‪.‬‬
‫معروفة ل دى مجه ور املت أدبني ومت ذوق مجاهلا ومتثل ىف ال وقت نفسه‬
‫املستوى األدىب الرفيع آثر القرآ هذا األسلوب األدىب الراقى‪.‬‬
‫وعلى ه ذا فااللف اظ املعت ربة غريبة ىف الق رآن الي وم على أس اس‬
‫ثقلها على اللس ان وكراهتها على الس مع فإهنا مل ت رد ىف الق رآن إال‬
‫قليال‪ .‬وذلك مثل كلم ات ‪" :‬أب ا" ما ترع اه األنع ام …" و "غ دا ‪":‬‬
‫األمر العظيم" فمثل ه ذه الكلم ات الغريب ة‪ ،‬قد يفس رها الس ياق احمليط‬
‫هبا حنو "اركسوا" ىف قوله تعاىل "كلما ردوا إلىالفتنة أركسوا فيها …"‬
‫قد يت وىل الق رآن نفسه تفسري األلف اظ الغريبة ال واردة في ه‪ ،‬وذلك ىف‬
‫مواضع ال رتهيب والزجر أو الوعد ب اخلري اث ارة لإلنتب اه الس امع حىت إذا‬
‫جاء هذا املعىن استقر ىف النفس فمألها خوفا أو رجاء‪ .‬ومن أمثة ذلك‬
‫قوله تعاىل‪" :‬كال إن كتاب الفجار لفى سجني ‪ ،‬وما أدرك ما سجني‪،‬‬
‫‪97‬‬

‫كتاب مرقوم …‪ ".‬وقوله تعاىل ‪ :‬كال إن كتاب االبرار لفىعليني‪ ،‬وما‬


‫أدراك ما عليون كتاب مرقو‪ ،‬يشهده املقربون …"‬
‫ومما نس تلهم من اس تعمال الق رآن لأللف اظ الغريبة الىت مل تشع‬
‫على األلسنة إال قليال اختياره صنف هذه املفردات ما حسن وقعه على‬
‫األذن‪ ،‬وجريه على اللسان ‪،‬وحيث اليغىن غريه عنه ىف وضعه ‪ ،‬ملناسبة‬
‫جرسه واملوق ف‪ ،‬وقد يك ون اختي ار مثل ه ذه األلف اظ ي ؤدى املعىن‬
‫ال دقيق دون غ ريه‪.‬ففى األلف اظ الغريبة روعة اإلس تعمال ال تك اد توجد‬
‫ىف املستعملة الشائعة‪.‬‬
‫ت دبر قوله تع اىل‪" :‬احلاقة ‪ ،‬ما حلاق ة‪ ،‬وما أدراك ماحلاق ة…؟ "‬
‫ف إن كلمة "احلاقة أنسب من أية أخ رى هبذا املعىن إذا تص ورنا املعىن‬
‫املراد هبذا التعبري القرآىن ‪.‬‬
‫وه ذا ش أن احلي دث الش ريف ىف ختري األلف اظ الرص ينة عن دما‬
‫تدعو احلاجة إىل ذلك كما سبق ىف خطاىب سيد األنام "ص" ‪.‬‬
‫وهكذا ينطلق األدباء مغرتفني من املنبع القرآىن يكسون أعماهلم‬
‫ه ذه األلف اظ الرفيعة تعب ريا عن خمتلف املواقف الىت ال يك اد يص ورها‬
‫سوى هذه األلفاظ الرفيعة‪ ،‬على حنو ما رأينا عند بشاربن برد آنفا‪.‬‬
‫وقد م ارس الش يخ عبد اهلل ه ذه الظ اهرة خالل عديد من‬
‫انتاجاته العلمية واألدبية على حنو ما س نلقى عند ع رض بعض أعماله‬
‫املختلفة إن شاء اهلل (‪. )25‬‬
‫ومبا أن اللغة مس تويات ب دء باألص وات فالكلم ات ف الرتاكيب‬
‫فاألس لوب‪ ،‬يس تطلب املرء األملام جبميع ه ذه املس تويات حلذف لغة‬
‫معينة ‪ ،‬ب دقائقها‪ .‬ف ادراك طب ائع األلف اظ املف ردة مرتبط اشد ارتب اط‬
‫ب ادراك طبيعتها عن دما تك ون مركبة ىف كالم مسلسل ‪.‬للمعجم دخل‬
‫‪98‬‬

‫جبميع ه ذه املس تويات إذ يتن اول اش تقاق الكلمة وداللتها واس تعماالهتا‬
‫السياقية وإن كان شرح معاىن املفردات فىت قمة اهتما ماله‪.‬‬
‫وه ذا ي ؤدى بنا إىل احلديث عن تفاضل الكلم ات بعض ها على‬
‫بعض من حيث املع ىن‪ .‬ي ذهب اللغوي ون إىل أنه ليس هن اك تف اوت‬
‫معن وى بني كلم تني إالم من حيث خفة النطق وس هولته او من حيث‬
‫الغرابة أو الش يوع ‪ .‬ولكن عندما تنتظم الف اظ املفردة ىف سلك الكالم‬
‫(‬
‫فتتالئم مع ما قبلها وترتبط مبا بع دها‪ ،‬إهنا تكتسب هبذا مجاال وجالال‬
‫‪. )26‬‬
‫ل رتكيب الكلم ات تركيبا ص حيحا أثر ق وى ىف تأدية املعىن‬
‫املقص ود ‪ ،‬وذلك مبراع ات عالقة املف ردات بعض ها ببعض ىف الكالم ‪.‬‬
‫يش رتط النق اد مراع اة قواعد اللغة املط ردة لس المة ال رتكيب‪ ،‬وإال‬
‫يوصف الرتكيب بالضعف وذلك كرجوع الضمري إىل أقرب مسمى ‪.‬‬
‫ومن مواصفات الرتكيب اللغوى السليم خلوصه من الكلمات املتنافرة‬
‫ىف النطق من غري ض رورة ‪ .‬وإذا تطلب املق ام إىل ذلك فهو احلسن‬
‫والفص يح حنو قوله تع اىل ىف وصف ح ال بعض املؤم نني ىف اخلروج‬
‫للجهاد "يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل انفروا ىف سبيل اهلل اثاقلتم إىل‬
‫األرض‪ ،‬أرض يتم باحلي اة ال دينا من اآلخ رة‪ ،‬فما مت اع احلي وة ال دنيا ىف‬
‫اآلخ رة إال قلي ل" عن كلمة اث اقليم – ىف اآلية الكررمية‪ ،‬رغم ما حتدثة‬
‫من ثقل النطق على اللسان إهنا مناسبة للمقام لتصويرها الدقيق الواقعى‬
‫حلال املتح دث عنهم‪ .‬ف إذا راعى الك اتب ه ذه اخلاص ية ىف عمله فال‬
‫يعاب تركيبه بالتنافر أو التعقيد (‪. )27‬‬
‫لقد راعى الش يخ عبد اهلل ختري األلف اظ وال رتاكيب جزالة ورقة‬
‫حسب املقام خالل أعماله الفنية والعلمية ‪.‬‬
‫‪99‬‬

‫جنده يؤثر اشتقاقا على آخر وجيتهد إجتهادا كبريا ىف بيان أسرار املعاىن‬
‫عى ه دى مما تلق اه من األص ول العربية وما منحه اهلل من احلسن‬
‫املره ف‪ ،‬واخلربة الواس عة‪ ،‬فيغم رك منه أدب رفيع وعلم جم ‪ .‬إن ما‬
‫يقابلنا ىف الفصلني القادمني اكرب شاهد على هذا االدراك ‪.‬‬
‫وأما أمر الت أثر واإلس تفادة من غ ريه ىف ض وء األسس النقدية‬
‫السابق عرضها فانه واضح جدا ىف أعماله لقد الحظ أحد الباحثني ىف‬
‫أعمال عبد اهلل هذه الظاهرة وعربها عنها بقوله‪:‬‬
‫"جـرى الش يخ عبد اهلل على االقتب اس والتلخيص واألخذ من كتب‬
‫العلم اء ال ذين س بقوه ولكنه يناقش ها وينقد آرائها مث ي ورد رأيه اخلاص‬
‫ىف املس ائل الىت أوردها غري متقيد بتنظيم ه ذه الكتب إذ رمبا ق دم او‬
‫أخر ىف األبواب والفصول" (‪. )28‬‬
‫(أ) استمر الباحث ذاكرا بعض مصادر الشيخ عبد اهلل وكيفية تأثره‬
‫هبا‪ .‬وذلك ىف قوله ‪( :‬فمن ال ذين أخذ منهم حممد بن حممد العي درى‬
‫الفاسى املع روف ب ابن احلاج ‪ ،‬فقد أخذ منه كتابيه (لب اب املدخل)‬
‫والني ات ىف األعم ال الدنيوية والديني ة) وكالمها من كت اب املدخل‪.‬‬
‫ومنهم ايضا ابن عاشر الذى خلص منه كتابه (السبيل املعني على الرشد‬
‫املعني على الضرورى من علوم الدين ‪ .‬كما اقتبس من كتابابن العباس‬
‫الدمشقى املسمى ( مسارع األشواق كتابه ضياء اجملاهدين مخاة الدين‪.‬‬
‫ومن صور استفادة عبد اهلل بغريه ىف ضوء األسس السابقة أخذه‬
‫كتابه (كفاية الطالب ىف النك اح من خمتصر خليل ىف الفقه كما نظم‬
‫كتاب (الوسطى) للشيخ السنوسى‪.‬‬
‫لقد ق ام الش يخ عبد اهلل بتخميس وش رح القص ائد العش رية‬
‫لألديب ابن عبد ال رمحن الف ازازى ‪ ،‬كما أخذ ونظم من كتب‬
‫‪100‬‬

‫الس يوطى كث ريا من الكتب الىت كتبها ىف العل وم املختلف ة‪ .‬لقد خلص‬
‫كتابه (نيل الس ول من تف اكري الرس ول) من كت اىب الس يوطى (االتق ان)‬
‫و (النقاي ة)‪ .‬وليس كت اب عبد اهلل (خالصة األص ول) إال نظم ملا ىف‬
‫كت اب (الك وكب الس اطع ) لس يطوطى‪ .‬وأخذ كتابه (منن املن ان) من‬
‫كالم الس يوطى ىف التص وف‪ .‬لقد اقتبس كتابه (ض ياء الس لطان من‬
‫كتاىب شقيقة الشيخ عثان (سراج اإلخوان ) ومصباح أهل الزمان ‪.‬‬
‫وق ام بتع ريب ما كتبه الش يخ عثم ان بالفالتية ىف كتابه ( تع ريب م ام‬
‫اعجم الش يخ)‪ ،‬وألفه كتابه املنظ وم (س راج الق ارئ) من كت اب اجلامع‬
‫لإلم ام البخ ارى‪ .‬وج اء كتابه (النص ائح ىف أهم املص احل) تلخيص‬
‫لكتاب األستاذ أمحد زروق ( النصيحة الكافية ملن خصه اهلل بالعافية‪.‬‬
‫وإن كتاب عبد اهلل (ضياء األنام ىف احلالل واحلرام) مستفاد من‬
‫كت اب ( احي اء عل وم ال دين) لإلم ام أىب حامد الغ زاىل ‪ .‬ويرجع ج زء‬
‫كبري من كتابه (ضياء السلطان) إىل عمل عبد الكرمي املوسوم بـ (أجوبة‬
‫للح اج حممد اس كيا) ‪ .‬وللش يخ املخت ار الكنىت أثر كبري ىف أعم ال عبد‬
‫اهلل بن فودى ‪.‬‬
‫ومما اتسم به انتاجاته التلخيص والش رح ألعماله نفسه أيضا‬
‫عندما يالحظ صعوبتها على طالب كما حدث ىف شأن ضياء التأويل‬
‫وخلصه ىف (الكفاي ة) و (احلصن الرصني ) ال ذى خلص منه (تلخيص‬
‫احلصن) وشرحه للقصائد العشرية أللفازازى بعد ختميسها ‪.‬‬
‫وللشيخ عبد اهلل ىف جمال اللغة مؤلفات استفادها من اعمال غريه‬
‫نظمه كتابه الكبري البحر احمليط الذى جاء على هنج كتاب السيوطى‬
‫( جع اجلوامع ومهع اهلوامع ) مع زي ادات علي ه‪ .‬وله ت زيني الورق ات‬
‫الذى مبثابة ديوانه ىف خمتلفة املناسبات‪.‬وميثل صدى مصادر لغوية استقى‬
‫‪101‬‬

‫علومه اللغوية الس يما الناحية املعجمي ة‪ .‬وله ك ذلك كتابه املتني ىف فن‬
‫الص رف ( احلصن الرص ني) املعرب عن ما ورد ىف الق واميس اللغوية من‬
‫احك ام ص رفية واس تدراكات على بعض االخط اء ال واردة ىف الكتب‬
‫الص رفية املتدولة ىف أي دى الن اس من كت اب اجلامع ش رح المية األفع ال‬
‫وذلك بعض هذه الصور املستدركة على ما ورد ىف القاموس ( احمليط)‬
‫وكتب األدب‬

‫املعجم الفىن لدى الشيخ عبد اهلل‬ ‫المبحث الثانى ‪:‬‬


‫يقصد هبذا الن وع تلك املمارسة اللغوية الىت ق ام هبا عبد اهلل بن‬
‫ف ودى خالل فنونه األدبي ة‪ .‬وت ربز لنا قيمة ه ذه املمارسة باألس تناد إىل‬
‫أسس تقييم العمل األدىب من طبيعة املعاىن املعاجلة والعواطف املعرب عنها‬
‫واألخيلة والصور الفنية املؤلفة ‪ ،‬وكذلك االلفاظ والرتاكيب املستعملة‬
‫والتأليف املوسيقى الناشى عن اختيار األلفاظ وتنسيق الرتاكيب‪ .‬وذلك‬
‫كله خالل نظم قيد األوابد واالستش هادات واإلس تدراكات الىت‬
‫مارسها عبد اهلل ‪.‬‬
‫إنه من ه دف ه ذا الفصل أيضا حماولة الوق وف علىمص ادر‬
‫األديب لعمله ‪ ،‬والىت ال تبعد أن تك ون الق رآن الك رمي والس نة النبوية‬
‫وداواوين الش عراء اجلاهليني وغيهم والنص وص النثرية من مقام ات‬
‫ورسائل وقواميس لغووية السيما القاموس احمليط للفريوزبادى ‪.‬‬
‫إن أب رز اعم ال الش يخ عبد اهلل الفنية ديوانه "تزيينالورق ات"‬
‫وختميسه لقصيدة العشرينات ألىب زيد عبد الرمحان بن سعيد بن خيلفنت‬
‫بن أمحد الف ازازى األندلسى احد وزراء مل وك الطووائف ال ذين ارتقا‬
‫‪102‬‬

‫إىل منصب ال وزارة ب أدهبم (‪ )29‬وت رتاوح ه ذه القص ائد بني الق وة ىف‬
‫األلفاظ واملعاىن وبني رقيهما ‪.‬‬
‫إن مما جيذب انتباه الباحثني ىف انتاجات الشيخ عبداهلل إزدواجية‬
‫انتاجاته الثقافي ة‪ .‬إنه أديب من الط راز األول وهو ىف ال وقت ذاته ع امل‬
‫ىف قمة العلم خيطر بالب ال إذا ‪ :‬إن ك انت مسة العلمية ش ائعة بني‬
‫املس لمني مبا ىف ذلك عالء زمانه تفقها لل دين ونش ره كف رض من‬
‫ف رائض ال دين وقد حصل الشخ عبد اهلل ذلك املق ام فما ال ذى محله إىل‬
‫ح ذق األدب والتم يز بني اقرانه بتع اطى غ رائب األلف اظ وال رتاكيب ىف‬
‫أعماله األدبية‪.‬‬
‫ي ؤدى بنا ه ذا التفكري إىل تس اؤالت أبرزه ا‪ :‬ما دوافع ش اعريته‬
‫وما مص ادر ه ذا العمل األدىب الس يما املادة املعجمية من مف ردات‬
‫وت راكيب وما حتمل ىف طياهتا من مع اىن‪.‬مث ما م دى توفيقه ىف توظيف‬
‫هذه املادة املعجمية األمر الذى يربز لنا حسه اللغوى الذى طاملا تكلم‬
‫عنه الباحثون ىف نتناجه اللغوى ‪.‬‬
‫اوال ‪ :‬دوافع شاعرية الشيخ عبد اهلل ‪.‬‬
‫تتمثل دوافع شاعرية الشيخ عبد اهلل ىف امور أبرزها ما يأتى ‪:‬‬
‫ميله الفط رى إىل الش عر السيما بعد اغ رتاف ثقافة ادبية واس عة‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وه ذا بتص ريح منه ىف مقدمة ديوانه "ت زيني الورق ات" حيث ق ال‪" :‬إن‬
‫الشعر للشاعر املطبوع عليه كلغام ىف صدر املصدور‪ ،‬ال يسرتيح إال إذا‬
‫ع ّـمـاه" (‪. )30‬‬
‫كون الشعر وسيلة التخاطب املباشر املؤثر‪ ،‬حيث يلتجأ إليه كل‬ ‫(‪)2‬‬
‫ص احب ذوق رفيع الب داء ما خيلج ىف خل ده‪ .‬لقد اختذ الش يخ عبد اهلل‬
‫‪103‬‬

‫الش عر وس يلة لتص وير خمتلف مع اىن حياته ىف مراحلها املختلف ة‪ ،‬حال‬
‫وترحاال‪ ،‬سلما وجهادا ‪.‬‬
‫ارتباط الشعر بالسرية النبوية ‪ .‬إنه من أهم مصادر السرية النبوية‬ ‫(‪)3‬‬
‫وت اريخ الص احلني على حنو تص وره املدائح النبوية وم دح العلم اء‪ .‬من‬
‫ذلك ب ردة املديح للبوص ريى والوس ائل املتقبلة والعش ريات للف ازازى‬
‫والدالية للبوصريى‪ .‬وقد عايش الشيخ عبد اهلل مجيع هذه القصائد حىت‬
‫إنه مخس العش ريات‪،‬وجارىالدالي ة‪ .‬وحبذف الش عر ي رتقى إىل مس توى‬
‫السهام ىف هذا املضمار النبيل‪ ،‬سرية النىب والصاحلني ‪.‬‬
‫ك ون الش عر وس يلة حلذق اللغة كوس يلة لفهم الق رآن الك رمي‬ ‫(‪)4‬‬
‫ونصوص السنة النبوية وسائر نصوص الدين‪ .‬وبعبارة أخرى تعلم سنن‬
‫الع رب ىف كالمهم وس يلة لتحقيق غاية أمسى من الوس يلة ‪.‬وإن أمكن‬
‫فهم ال دين نقال عن العلم اء ف إن فهمه من النص وص األص لية أوىل ‪ .‬إن‬
‫عبد اهلل من أصحاب العزمية الذين يرون ضرورة اختاذ كل ما من شأنه‬
‫تق ريب تع اليم ال دين‪ .‬إنه مل يطمئن إىل التقلي د‪ ،‬بل فضل ارتق اء س لم‬
‫اإلجتهاد ‪ .‬ولذلك جند له مؤلفات ىف مجيع املعارف تقريبا ‪.‬‬
‫تش جيع الش يخ عثم ان له على ق رض الش عر‪ .‬ملا الحظ الش يخ‬ ‫(‪)5‬‬
‫عثم ان ه ذه القابلية ىف أخيه ك ان يس ند اليه لغ رض كل ما فيه حجة‬
‫لصوغه شعرا‪ .‬والشيخ عبد اهلل مبثابة لسان القوم السيما ىف جمال الشعر‬
‫ومن ذلك قول الشيخ عثمان لعبد اهلل‪:‬‬
‫"أنت ا عبد اهلل أوىل باجابته عن أبيات ه" وذلك ملا كتب إىل الش يخ‬
‫عثمان العامل املاهر الربناوى املصطفى غوىن األبيات اآلتية‪:‬‬
‫عليك منا حتيات مبــاركـة * مشـمن مسكا وسكامن يالقونا‬
‫أيا ابن فودى قم تنذر أوىل اجلهل *لعلهم يفقهون الدين والدونـا‬
‫‪104‬‬

‫فامنع زيارة نسوان لوعظك إذ * خلط الرجال بنسووان كفى شينا‬


‫ال تفعلن ما يودى للمعـائب إذ * مل يأمر اهلل عيبا كـان يوذينا‬
‫(‪)31‬‬
‫وأبيتاملصطفى بج يتممه ــا * ىف عام رش مع زيد العديكفينا‬
‫فقال الشيخ عبد اهلل لشقيقه ‪ " :‬مسعا وطاعة" فكتب إىل غوىن األبيات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫يأيها الذى جـاء يرشدنــا * مسعا ال قلت فأمسع أنت ماقلنا‬
‫نصحت جهدك لكن ليت تعذرنا * وقلت سبحان هذا كان هبتانا‬
‫إن الشياطني إن جاءوا جمللسنـا * هم يبثون سوء القول طغيانا‬
‫لسنا خنالط بالنسوان كيف وذا * كنـا حنذر لكن قلت سلما‬
‫إن كان ذاك ولكن ال أسلم أن * يرتكن باجلهل مهالكان احسانا‬
‫إذ ارتكاب أحف الضر قد حتما * يكفراجلهل إن ذا كان عصيانا‬
‫هذى البالد وجدنا قومها غرقوا * فىاجلهل مننعهم أن يفقهوا الدينا‬
‫قد قيل حتدث لألقـوام أقصية * بقدر ما احدثوا خذ ذاك ميزانا‬
‫احلمد هلل ذى األنعام هادينا * مث الصالة على املختار هادينا‬
‫وءاله صحبه أبياتنا كملت * وعدها حب والتاريخ نشقنا‬
‫مناذج من القصائد ذات طابع اجلزالة والقوة ‪:‬‬
‫س بق أن أش رنا إىل أن العمل األدىب من حيث األلف اظ واملع اىن‬
‫واألس لوب ذو ط ابعني ط ابع الق وة واجلزالة وط ابع الرقة والس هولة‪،‬‬
‫وكل ي أتى وفق املق ام على حنوما ش اهدنا ىف اخلط اب الق رآىن والنب وى‬
‫واألدىب الع رىب عرب العص ور ‪ .‬ليس عمل عبد اهلل األدىب ش اذا عن ه ذه‬
‫القاعدة‪ .‬حيث جنده ‪ .‬مييل ىف بعض قصائد إىل اجلزالة والقوة تارة وإىل‬
‫الرقة والس هولة ت ارة أخ رى حسب املق ام والظ روف لكل قص يدة‬
‫يقرضها‪.‬‬
‫‪105‬‬

‫إن قص ائده ذات ط ابع اجلزالة والق وة ليست س وى ص دى‬


‫خش ونة الصحراء وصالبتها وصفوها عندما بصف مظ اهر الطبيعة من‬
‫تراب ورمال وأمطار وديان وديار وما جيرى عليها من خصبة وهناء أو‬
‫جدب وقح ط‪ .‬وما أعظم ما يلهم الش اعر إذا وقعت املدرسة أو املعهد‬
‫ىف بقعة أطلتها خض رة جترى من حوهلا منري ع ذب وتكتنفها ري اح‬
‫مومسية منعشة ‪.‬‬
‫يس عى الش يخ عبد اهلل ىف ختري األس لوب اجلزل إىل حتقيق‬
‫األهداف اآلتية ‪:‬‬
‫( أ) إثر اء القاموس اللغوى مبكنه من األلفاظ ذات داللة قوية ‪.‬‬
‫‪ -‬تربية ملكته اللغوية وملكة غريه‬ ‫‪II‬‬
‫ج ‪ -‬تأص يل عربيته وتوثيقه متأس يا بالس نة القرآنية والنبوية ومن‬
‫سبقه من األدباء ‪.‬‬
‫أما هدف إثراء القاموس اللغوى ‪ ،‬فهو حرص الشيخ عبد اهلل ىف‬
‫تق دمي م ادة معجمية للمكتبة العربية على من وال س ابقيه من الش عراء‬
‫واصحاب القواميس‪ .‬إن قصائده من هذا القبيل مبثابة قاموس لغوى ملا‬
‫حتويه من غ رائب األلف اظ وال رتاكيب حيث يك اد امللم هبا س يتغىن من‬
‫الع ودة إىل الق واميس اللغ وى لقد اعن اه الش اعر تلك املؤنة بق راءة‬
‫القواميس واستخراج هذه املفردات الصعبة ‪ ،‬جنده بشرحها احيانا علما‬
‫بأهنا صعبة على طالب العلم‪.‬‬
‫واما ه دف الرتبي ة‪ ،‬فيتمثل ىف مترين ذاكرته وقلمه ىف نظم ه ذه‬
‫املف ردات‪ ،‬هلا حيت اج ذلك من العك وف على الق واميس وختريها مث‬
‫وضعها ىف أماكن مناسب من الرتاكيب اللغوية مع مراعاة معانيها‪.‬‬
‫‪106‬‬

‫فمثلما يرىب ملكته اللغوية بتعاطى هذه املفردات والرتاكيب إن‬


‫طالبه أشد احتاجا إىل ه ذه الدربة ‪ .‬إهنم يتع اطون ه ذه املف ردات‬
‫والرتاكيب خالل معايشتهم لقصائده حىت يرتقوا إىل أسلوب أستاذهم‬
‫كما سينكشف لنا ذلك قريبا ىف تالمذته فمثلما ت أثر بس ابقيه لقد ت أثر‬
‫به من جاء بعده من طالب العلم‪.‬‬
‫وأما هدف التأصيل والتوثيق فإنه عبارة عن تعاطى الشيخ عبد اهلل هذه‬
‫األلف اظ واألس لوب املتني اقتداء ب القرآن الكرمي والسنة النبوية الش ريفة‬
‫وكالم األدب اء الع رب‪ .‬وذلك إن كل مس لم غي ور يع تز بالعربية الراقية‬
‫الىت أشاد هبا القرآن الكرمي والىت أجادها الرسول "ص" ‪ ،‬ويوثق القرآن‬
‫الك رمي نفسه ىف ع دة آياته بأنه ع رىب م بني‪ ،‬كما يوثق ىف ال وقت ذاته‬
‫الرس ول الك رمي ىف عربيته الرفيعة ‪ .‬لقد ورد عن الرس ول "ص"‬
‫أح اديث توثق عربيت ه‪ ،‬من ذلك ما أثر عنه "ص" أنه أفصح الع رب بيد‬
‫أنه من قريش‪ ،‬وقوله أن كل من تكلم بالعربية فهو عرىب‪.‬‬
‫وهك ذا جند الق رآن الك رمي والرس ول "ص" يتغ ريان األس لوب‬
‫الرفيع بتوظيف األلف اظ وال رتاكيب الرص ينة عم دا ال عف وا ‪ .‬وش أن‬
‫األلف اظ الرص ينة ش أن الفت اة املتأبية على الن اس حيث يقص دها اجلميع‬
‫وال تقصد اجلميع وىف ختري ه ذه األلف اظ يؤخذ ىف احلس بان مراع اه‬
‫تف اتوت درج ات الن اس إذ منهم أص حاب اذواق راقية م رتفعون عن‬
‫األس لوب الع ادى‪ ،‬وإن ك ان ىف الق رآن واألح اديث النبوية الف اظ‬
‫وت راكيب س هلة ف إن األلف اظ الراقية تس ود األس لوبني‪ .‬فتع اطى الش يخ‬
‫عبد اهلل مثل ه ذه األلف اظ ىف عمله األدىب ليس ب دعا من ه‪ ،‬وإمنا أمر‬
‫أصبل من القرآن العرىب املبني والنبـى العرىب املبني والعرب األقحاء ‪.‬‬
‫‪107‬‬

‫ومن حسن حظ الش يخ عبد اهلل أنه حقق مجيع األه داف‬
‫املذكور‪ .‬أما هدفه ألث راء الق اموس اللغ وى فانه متمثل ىف ك ون ديوانه‬
‫من مقررات الدراسات األدبية ىف الديار النيجريية وما جاورها ما‪ .‬من‬
‫مدرسة او معهد يعىن بالدراسة العربية إال وقص ائد الش يخ عبد اهلل مما‬
‫يق رر للطالب دراس ته ‪ .‬لقد وج دت ه ذه القص ائد قب وال ىف جامعاتنا‬
‫املختلفة ‪.‬‬
‫وأما خلق ملكة لغوية خالل ص ناعة ه ذه القص ائد ىف األجي ال‬
‫املتعاقبة فإنه جلى ىف تالميذه ومن يليهم ممن تولوا نظم غرائب األلفاظ‬
‫على حنو نقابل عند الشيخ أمحد بن سعد غندو أحد تالميذ الشيخ عبد‬
‫اهلل‪ ،‬قد س كن ىف غن د‪ ،‬وأخذ عنه العلم الش يخ اىب بكر ب وىب ‪،‬مثن أخذ‬
‫الوزير جنيد العلم عن مامل بوىب ‪ .‬وليس اسهام مامل بوىب والوزير جنيد‬
‫ىف ه ذا املض مار خيفى إذ نظم كل من الش يخني قص يدة مبنـزلة ما‬
‫اص طلح عليه النق اد "قيد األواب د" نظم مف ردات ص عبة خ وف امهاهلا‬
‫ل دى طالب العلم وتس هيال للحف ظ‪ ،‬عكس ما هو م دون ىف بط ون‬
‫قواميس اللغة‪ .‬يقال بأن ما للشيخ بوىب نظم للقاموس احمليط‪ ،‬وقد كان‬
‫للوزير عبد القادر متشطو قصيدة على هذا املنوال‪.‬‬
‫وكل أولئك قبس من قبس ات الش يخ عبد اهلل ‪ .‬وقد اس تمرت‬
‫احللقة إىل يومنا هذا‪.‬‬
‫واما ه دف توثيق اللغ ة‪ ،‬فقد أثبتت املص ادر أن الش يخ عبد اهلل‬
‫أخذ عربيته عن أص ول ص افية من ق رآن وس نة ودواوين موثوقة عرب‬
‫العص ور‪ .‬ومل ت زل معه ه ذه الس نة إذ ال ينفك طالب العلم ع اكفني‬
‫على اغ رتاف ثق افتهم األدبية من نفس الش يخ عبد اهلل‪ ،‬وأحيانا مكتفني‬
‫مبا اورده ىف قص ائده إن الوق وف على مناذج من قصائد الش يخ عبد اهلل‬
‫‪108‬‬

‫ذات طابع القوة وعرضها على ما سبقه الشيخ من أعمال أدبية جيلى لنا‬
‫مصادره هلذه الثقافة ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬جيمية الشيخ عبد اهلل ىف مدح شيخيه جربيل بن عمر وعثمان‬
‫بن فودى يقول فيها عبد اهلل ‪:‬‬
‫عج حنو أضواج األحبة من مج * واشرب من اإلنشاج ماء الزعبـج‬
‫ثج الدموع على منازهلم بـها * واشف اجلنان من اهلموم الدمـج‬
‫قف عندها سل من هبافعسى جتب* حوجاء أو لوجاء ترضى من شج‬
‫وإذا مررت مرت حى حيهــم * وانشر عليــهم لؤلؤا وزبردج‬
‫كم ىل أخا بأبأته فيهم وكــم * خلماء مل أك بينهم مبزل ــج‬
‫ومدارس أضىن حبب شهدهــا * فيها جناح حوائج املتح ــوج‬
‫وجحاجح علماء خيلب رفدهـم * كل كبحر ىف العطا متمــوج‬
‫وهلم ككان ومبتدأ ىف جارهــم* عمل لغريهم كلم أو ىف يــج‬
‫ولرمبا عملوا كما من كف مـن * يعدو وتقوية الضعيف امللتــج‬
‫ومواطن أشجى لفقد رواهبــا * ليست سخارج ىف هواء سجسج‬
‫دع عنك ذا عد للذى منع الكرى* البن السرى ال تسر سري الدعلج‬
‫وادرع دالص العزم فوق قالصه * مبزاد صرب ىف املوامى مثل ــج‬
‫بسرى وإدالج معا وهتج ــر* وتاوب حىت تزيل شجى الشـج‬
‫بزيارة الذ زار طيبة بعــد أن * قد زار مكة ىف وفود احلجــج‬
‫من قد سباقلىب فتاه حبب ــه * فثوى لديه فال أسري وال يــج‬
‫مشس الضحىبزغت بغرب فانتحت* للشرق تشرق ىف قريش وخزرج‬
‫متفنن متبحر ىف علم ـ ــه * متعطف متلطف للمعف ــج‬
‫شجح طليق الوجه هني ليــن * للمسلمني ومزدر للعمه ــج‬
‫شجر إذا نزلت عليه سفنــة * مل ترحتل عنه لفقد اخلرفــج‬
‫‪109‬‬

‫من جاءه يشكو العوائص ينثىن * عنه بقلب ذى انشراح مثلــج‬


‫ولسوف يره وى منه كأسا سائغا* أصفى وأحلى من كئوس السعمح‬
‫أحج بأن حنجو لديه ونرتـوى * من حبر شيخ ىف العلوم ملجـج‬
‫شيخ الشيوخ فريد دهره ظاهر * فوق املبارز بالعلوم متــوج‬
‫جربيل من جرب االله به لنـا * دينا حنيفا مستقيم املنهــج‬
‫واىف وحزب ضاللة ىف تلعـة * والدين ىف وهد كشئ هبـرج‬
‫فأزاح عنه حنادس األعالج من * عاداهتم وكساه حلـة زبرج‬
‫مل خيش ىف إظهار دين اهلل من * مستهزئ أوالئم متمجمــج‬
‫وله شبول نائبون مناب ــه * والشبل عند السرب مثل اخلزرج‬
‫فغدا له نور الزمان مساعـدا * أو ساعدا ىف فتح باب مرتج‬
‫إظهار دي ــن اهلل بني عدو * مل يلتفت ملكــذب متلجلج‬
‫عثمان من قد جاءنا ىف ظلمـة * فأزاح عنا كل أسود دجـدج‬
‫فدعى إىل دين االله ومل خيـف * ىف ذاك لومة الئم أو فجفج‬
‫فانصات خلق حني صات لصوته* وعـالله صيت فويق االبرج‬
‫بشرى ألمة أمحد ببالدنا السـ * دان ىف هذا الزمان املبهــج‬
‫كم سنة احييتها وضالل ــة * أمخدهتا مجرا ذكى بتأجــج‬
‫وطلعت ىف أرض عوائدها عدت * وختالفت سنن النىب االهبــج‬
‫إستعظمتها أهلها فاستأسـدت * وصدت دوين الدين باب الوجل‬
‫فاستنسرت بغثاهنا وتنمــرت * جرذاهنا ترمى بنصل سلمــج‬
‫من أراد دين اهلل ميحو عزهـا * فقمعتها قمع القوى االعــوج‬
‫صلى االله عليه ما هز الصبا * عذبات غصن ىف الرياض خرببج‬
‫ولكل فرعون طغى موسى سطى* وقضية عاصت على تنفــج‬
‫فابيض وجه الدين بعد حماقـه * واسود وجه الكفر بعد تبلــج‬
‫‪110‬‬

‫والدين ىف عز وهنج منهــج * والكفر ىف ذل وهنج منه ــج‬


‫والسنة الغراء صبح ينجلــى * والبدعة الس ــوداء ليل يدج‬
‫طمست معاملها وأخلق ثوهبـا * والـدين ىف درع مييس مدبج‬
‫وتفجرت لدين مــن بركاته * عني احليـاة تزل ماء احلشرج‬
‫فجرى مذانب للمشارب أفهقت* ماء يقول صفاؤه هل من يج‬
‫حىت تربج مثل بدر طال ــع * بليال صحو أو صباح مبلـج‬
‫أو روضة ضحكت هبا أزهارها * تزهى هبا عذبات غصن عسلج‬
‫أو عنقر أو جنة او أجن ــم * خبميلــة او ربوة أو حندج‬
‫فأجادها جود جدى جود لــه* هـب من بعد مرى اخلزرج‬
‫فتفرعت قضباهنا وتساجعــت* أطيارها كالشاعر املنهــزج‬
‫وتكاثفت قضباهتا غلباهلــا *ضعفان من أكل حبته سلجلج‬
‫وتباهجت فتضوعت ارياحها * بنضــارة مع خضرة وتأرج‬
‫وكأمنا أنواره بني امل ــال * أنوار روض أو منائر صولـج‬
‫وكأن رزهم جبمعات هلــم * عكر سوام او ثالل الثــوج‬
‫محدا وشكرا للذى قد خصنا * بزماهنم مع حبهم ذا خمــرج‬
‫سعد الزمان هبم وزايد خريه * فبحبهم غفران ذنىب أرجتــى‬
‫وجباه من يرضى غدا بشفاعة * كهف الربايا فهو اعظم ملجج‬
‫وهو املسمى أمحدا وحممـدا * ماىل سوى شوقى له من كسيح‬
‫صلى االله عليه ما نشر الصبا* ريا رياض أو زرت بنفســج‬
‫وعلى الصحابة كلهم مع تابع* هلم بإحســان ليوم املخرج‬
‫متثل هذه القصيدة منوذجا من مناذج قصائد الشيخ عبد اهلل ذات‬
‫طابع اجلزالة ىف الفاظها وتراكيبها ومعانيها‪.‬‬
‫أما من حيث جزالة األلفاظ فإنك ال تكاد جتد بيتا من أبياهتا إال‬
‫وتقابلك مف ردات رص ينة غري متداولة على ألس نة العام ة‪ .‬ومما ورد ىف‬
‫‪111‬‬

‫القصيدة من نوع هذه املفردات الكلمات اآلتية مع شرحها كما وردىف‬


‫القاموس احمليط للفريوزبادى ‪.‬‬

‫شرحها ىف القاموس احمليط ومرجعها فيه‬ ‫الكلمة‬ ‫رقم‬


‫البيت‬
‫ض وج (الض وج)‪ :‬منعطف ال وادى‪ .‬وتض وج‬ ‫أضواج‬ ‫‪1‬‬
‫الوادى ‪ :‬كثر أضواجه ‪ .‬وضاج ‪ :‬مال واتسع‬
‫كانضاج (ج ‪ 3‬باب الضاد ص ‪. )32( )43‬‬ ‫أنشاج‬
‫ج) حمركة ‪ :‬جمرى املاء‪ ،‬ج‬ ‫ن ش ج (النش‬
‫زعبج‬
‫أنشاج (ج) النون ص ‪. )370‬‬
‫‪2‬‬
‫(ال زعبج ) كجعفر وزعبج ‪ :‬الغيم األبيض‪،‬‬ ‫ثج‬
‫والرقيق اخلفي ف‪ .‬واحلسن من كل ش ئ‪،‬‬
‫والزيتون‪ ( .‬ج ‪ 2‬باب الزاى ص ‪451‬‬
‫دمج‬ ‫‪3‬‬
‫ال كاتشج ‪،‬‬ ‫ث ج ج ‪ ( :‬ثج ) املاء ‪ :‬س‬
‫وتثجثج ‪ ،‬وثجه ‪ :‬أس اله‪ .‬والثج‪ :‬س يالن دم‬ ‫شج‬ ‫‪4‬‬
‫اهلدى ( ج ‪ 1‬باب الثاء ص ‪. 397‬‬
‫زبرجد‬ ‫‪5‬‬
‫من دمج دموجا ‪ :‬دخل ىف الش ئ‪ .‬وال دمج‬
‫الداخل‪ ( .‬ج ‪ 2‬باب الدال ص ‪. ) 209‬‬
‫مـزجل‬ ‫‪7‬‬
‫اب‬ ‫وبالتحريك احلزن ( ج ‪ 2‬ص ‪ – 67‬ب‬
‫‪112‬‬

‫جحاحج الشني )‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫ج وهر ‪ ،‬ولقب به قيس بن حس ان جلماله‬ ‫‪11‬‬


‫كمحم د‪ ،‬القليل وامللصق ب القوم وليس منهـم‬ ‫سجسج‬
‫( ج ‪ 2‬ص ‪ )465‬باب امليم)‬ ‫‪17‬‬
‫دعلج‬
‫كمحم د‪ .‬القليل وامللصق ب القوم وليس منهــم (‬ ‫‪18‬‬
‫املعفج‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ )465‬باب امليم) ‪.‬‬ ‫‪19‬‬
‫عمهج‬
‫جحجح ‪ :‬اجلحجح ‪ :‬الس يد كاجلحج اح ج‬
‫‪21‬‬
‫جح اجح وجحاجحة وجح اجيح ( ج ‪ 1‬ص‬ ‫خرفج‬ ‫‪42‬‬
‫‪. )446‬‬
‫مسعج‬
‫األرض ليست بصلبة وال سهلة ( ج ‪ 2‬ص‬ ‫تنفج‬
‫‪523‬‬
‫الدعلجة ‪ :‬ال رتدد ىف ال ذهاب ( ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.)186‬‬

‫بط الكالم‬ ‫واملعفج كمنرب ‪ :‬االمحق ال يض‬


‫والعمل( ج ‪ 3‬ص ‪. 259‬‬
‫ع م ه ج ‪ :‬العمهج كحجعف ر‪ .‬املخت ال‬
‫املتكرب‪.‬‬

‫رغد العبش ( ج ‪ 2‬ص ‪. 42‬‬

‫السمعج ‪ :‬اللنب الدسم احللو ( ج ‪ 2‬ص ‪615‬‬


‫واالنفاج ‪ :‬إبانة االناء عن الض رع عند احللب‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫يق ال ‪ :‬ما ال ذى اس تنفج عض بك ؟ أى أظه ره‬


‫وأخرجه ( ج ‪ 4‬ص ‪) 410‬‬

‫فااللف اظ اجلزلة ال واردة ىف القصيدة السابقة كس بت تراكيب القص يدة‬


‫رزانة أيض ا‪ ،‬حيث حتمل الق ارئ على التفكري ىف معانيها والبحث عنها‬
‫ىف املع اجم لفك تراكيبها الدراك مغ زى الش اعر‪ .‬خييل للق ارئ أن‬
‫الش اعر وضع أمامه الق اموس احمليط وهو ينظمه ا‪ .‬ومما يعجب له‬
‫توظيف الش اعر ه ذه املف ردات اجلزلة توظيفا يبعد ه ذا العمل عن‬
‫الصنعة والتكلف‪.‬‬
‫ومن مسات جزالة هذه القصيدة اختيار الشاعر قافية موحية بذلك‪،‬‬
‫وهى قافية جيمية ‪ ،‬واجليم ص وت م ركب من ال دال وال زاى على حد‬
‫تعبري الصوتيني‪ .‬وكل من الدال والزاى صوت شديد وجمهور تتذبذب‬
‫االوت ار الص وتية عند النطق ب ه‪ .‬وإىل ه ذا أش ار األس تاذ عمر س عيد ىف‬
‫حديثه عن أم ارات اعت داد الش يخ عبد اهلل بلغته العربية ورس وخ قدمه‬
‫فيها ق ائال‪" :‬ركوبه من الق واىف وال روى أص عبها‪ .‬فهو قد أك ثر بص ورة‬
‫ملحوظة من ط رق احلروف الىت ين در أن يطرقها الش عراء لص عوبتها ‪،‬‬
‫مثل قافية اجليم واحلاء والسني والواو"(‪. )33‬‬
‫لقد اع رتف الش اعر ب ورود مف ردات غريبة ىف القص يدة مما محله‬
‫على القول ىف آخرها أنه مل يفسر لغتها ألنه شرحها ىف أماكن أخرى‪.‬‬
‫ومبوجب ه ذا البي ان إن القص يدة واقعة ىف ص نف قيد األوابد ‪،‬‬
‫حيث يقابلك مف ردات جزلة من ش أنك ت دريب ذوق الق ارئ على‬
‫األسلوب األدىب الراقى ‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫ومن ناحية الغ رض ‪ ،‬ف إن الش اعر تن اول ىف القص يدة فن املديح‬
‫ملدح شيخيه‪ ،‬جربيل عمر وشقيقه ومربيه عثمان ومالءه ‪.‬‬
‫ومن مالمح ت اثره ب األدب اجلاهلى ذكر أطالل دي ار االحبة من ال بيت‬
‫االول إىل العاش ر‪ ،‬مث ش رع ىف م دح أول املم دوحني فوص فه بكل ما‬
‫يتوقع ىف الشخصية اإلسالمية العاملة اهلادية مث انتقل إىل أخيه عثمان‪.‬‬
‫فالقص يدة ىف قالبها وألفاظها ال تقل عن قص يدة أش عر ش عراء‬
‫اجلاهلي ة‪ ،‬غري أهنا ىف املع اىن ختري ص احبها مع اىن إسال مية خالص ة‪،‬‬
‫وذلك كعبد اهلل وفقا لس لوك املس لم ال واعى بدينه وخاصة شخص ية‬
‫مثالية شئبان ان يتعاطى معاى تافهة أو ذميمة ‪.‬‬
‫مث خيتتم القصيدة حبمد اهلل على ختصيص زمانه بزمان شيوخه‪،‬‬
‫مث يتسول لغفرانه حبب أولئك االجماد من الشيوخ‪.‬‬
‫ومما يالحظ إن كث ريا من الف اظ ه ذه القص يدة ومعانيها‬
‫مص درها قص يدة األس تاذ احلسن بن مس عد اليوسى األندلسى ىف م دح‬
‫شيخه أىب عبد اهلل حممد بن تام الدرعى‪ ،‬وكذلك القاموس احمليط كما‬
‫رأينا ىف األلف اظ الواقعة ىف اجلدول ‪ ،‬كما اس تقى الش اعر بعض معانيه‬
‫من قصص معروفة كقصة فرع ون وموسى الحظ ه ذه األبي ات للش يخ‬
‫عبد اهلل وأبيات اليوسى حتتها ومتعن ما بني الطائفتني من تشابه‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد اهلل‪:‬‬
‫عج حنو أضواج األحبة من مج * واشر ب من األنشاج ماء الزعبج‪.‬‬
‫وقال اليوسى‪:‬‬
‫عرج مبفرج اهلضاب الــورد * بني اللصاب وبني ذات األرمد‬
‫قال عبد اهلل‪.‬‬
‫‪115‬‬

‫قف عندها سل من هبا فعس جتب * حوجاء أولوجاء ترضى من شج‬


‫وقال األليوسى‪:‬‬
‫وقف املطى على ديار أحبــة * كانوا الغيات من الزمان االنكر‬
‫وهذا النوع كثري‪ .‬من ذلك أرقام األبيات اآلتية ‪:‬‬
‫أبيات األستاذ اليوسى‬ ‫أبيات الشيخ عبد اهلل‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫‪3‬‬
‫‪238‬‬
‫‪293‬‬
‫‪244‬‬
‫‪240‬‬
‫ف العرض الس ابق يوضح لنا أن مص ادر الش يخ عبد اهلل ىف القص يدة‬
‫السابقة هى األدب اجلاهلى واإلسالمى والقاموس احمليط ‪.‬‬
‫جيلى لنا التتبع املت أىن ملص ادر عبد اهلل جليميته أن لدالية األس تاذ‬
‫احلسن بن مس عود اليوسى (أديب مشال إفريقيا ىف الق رن الس ابع عشر‬
‫للميالد) ىف م دح ش يخه أىب عبد اهلل ناصر األرعى ص دى ط اهرا ىف‬
‫اجليمية لفظا ومعىن وقالبا وأسلوبا وغرضا‪.‬‬
‫من ذلك ما ال حظه املستش رق هس كت ىف حتقيقه ل تزيني‬
‫الورقات‪ .‬لقد حاول هسكت ارجاع بعض ابيات اجليمية إلىأصوهلا ىف‬
‫دالية اليوسى حيث عقد مقارنة طريقة ب ذكر بيت أو ابي ات اجليمية مث‬
‫اردافها بأبي ات الدالية ‪ :‬يق ول هس كيت (مع تعليق الب احث وتص حيح‬
‫‪116‬‬

‫بعض األخط اء ال واردة ىف نس خة هس كت باملقارنة بنسخ أخ رى) ‪.‬‬


‫يقول عبد اهلل ىف اجليمية (‪: . )1‬‬
‫وله شبول نائبون منابه * والشبل عند السرب مثل اخلزرج‬
‫وهو م أخوذ من ق ول اليوسى من ب اب أخذ بعض املعىن وإض افة زي ادة‬
‫حتسنه‪.‬‬
‫ورث اإلمام الشاذىل طريقه * والليث يسرى سره للفرهـد‬
‫وهو أخذ وتأثر ممدوح ملا فيه من الزيادة ‪.‬‬
‫يقول عبد اهلل من باب تضمني كالمه كالم اليوسى ‪:‬‬
‫كم سنة أحييتها وضاللة * أمخدهتا مجرا ذكى بتأجج ‪.‬‬
‫واملعىن من قول اليوسى ‪:‬‬
‫كم سنة أحييت بعد إماتــة * وضاللة أمخدت بعد توقد‬
‫يقول عبد اهلل ‪:‬‬
‫"فابثض وجه الدين بعد حماقه * واسود وجه الكفر بعد تبلج‬
‫وذلك تلخيص حمكم لقول اليوسى من باب االجياز ‪:‬‬
‫وأعاد وجه الدين أبيض مسفرا * هبجا مقرا عني كل موحد‬
‫وأزاح عنه كل حندس شبهــة* وضاللة وغواية وتشـدد‬
‫يقول عبد اهلل‪:‬‬
‫والسنة الغراء صبح ينجـلـى * والبدعة السوداء ليل يـدج‬
‫طمست معاملها وأخلق ثوهبـا * والدين ىف درع مييس مدبج‬
‫وذلك مستلهم من قول اليوسى ‪.‬‬
‫وافيت والبدع احلوادث قد دجت* ظلماهتا واجلهل وارى األزند‬
‫والدين مطموس املعامل واهلـدى * بيض األنوق ولقطة مل تنشد‬
‫والسنة الغراء فقر موحــش * ما فيه من هاد وال من مهتد‬
‫‪117‬‬

‫يقول عبد اهلل ىف باب التلميح إىل بعض أبيات اليوسى ‪.‬‬
‫فجرى املذانب للمشارب افهقت * ماء يقول صفاؤه هل من يج‬
‫حىت تربج مثل بدر طال ــع * بليال صحو أو صباح مبلج‬
‫أو روضة ضحكت هبا أزهارها * تزهى هبا عذبات غصن عسلج‬
‫والتلميح السابق مأخوذ من قول اليوسى اآلتى ‪:‬‬
‫حىت غدت سنن النىب املصطفى * صلى عليه اهلل من هاد هدى‬
‫عذبا مشارهبا زواهر نضــرا * تزرى بروض ىف الرىب مستغرد‬
‫روض زها نسرينه وهبــاره * ملا غداه كل جون جم ــود‬
‫يقول عبد اهلل معربا عن معى بيت لليوسى مع االحكام ىف املعىن‬ ‫‪-‬‬
‫املأخوذ ‪:‬‬
‫فتفرعت قضباهنا وتساجلت * أطيارها كالشاعر املتهزج‬
‫وقد قال ىف ذلك اليوسى ‪:‬‬
‫وتساجلت أطيارها ومتايلت * أشجارها كاملثمل املتميد‬
‫يق ول عبد اهلل من ب اب األغ ارة واملسخ ( أخذ املعىن مع تغيري ىف بعض‬
‫لفظ النص) ‪.‬‬
‫وكأن رزهم جبمعات هلم * عكر سوام أو ثالل الثوج‬
‫سبق أن قال اليوسى ىف ذلك‪:‬‬
‫من كل سابغة الذيول كأهنا * عكر تسام على الرىب باملرعد (‪. )34‬‬
‫ومما يب دى ص دى دالية اليوسى ىف جيمية عبد اهلل إض افة إلىما‬
‫ذكره هسكت ما يلى ‪:‬‬
‫قول عبد اهلل من باب التضمني ‪:‬‬
‫عج حنو أضواج األحبة من مج * واشرب من االنشاج ماء الزعبج ‪.‬‬
‫قد قال ىف ذلك اليوسى ‪:‬‬
‫‪118‬‬

‫عرج مبنعرج اهلضاب الورد * بني الصاب وبني ذات األرمد ‪.‬‬
‫وقال عبد اهلل موجزا بيتني لألليوسى ‪.‬‬
‫ثج الدموع على منازهلم هبا * واشف اجلنان من اهلمم الدمج ‪.‬‬
‫قد عرب اليوسى عن املعىن السابق ىف البيتني اآلتيني ‪:‬‬
‫وأفض غروب الدمع ىف عرصاهتا * واستنجدن غر الغمام تنجد‬
‫(‪.)35‬‬
‫فلعل عربة ساعة يشــفى هبا * إزباب وجد ىف احلنان خملد‬
‫قال عبد اهلل من باب األغارة ىف ذكر األطالل‬
‫وإذا مررت مرة حىي حيهم * وانشر عليهم لؤلؤا وزبردج‬
‫كم ىل أخا بأبأته فيهم وكم * خلصاء مل أك بينهم مبزجل‬
‫سبق أن قال اليوسى ‪:‬‬
‫وإذا مررت فحى حى إن هم * أذنا إليك أو املنازل تردد‬
‫قوم عزيز جارهم لكنهـم * يسلوهبم عن والدين ومولد‬
‫قال عبد اهلل ‪:‬‬
‫جربيل من جرب االله به لنـا * دينا حنيفا مستقيم املنهج ‪.‬‬
‫قد قال ىف ذلك اليوسى ‪:‬‬
‫غيثالورى الشيخ ناصر الذى * نصر األله به شريعة أمحـد ‪.‬‬
‫يذهب بعض الدراسني إىل أن جيمية عبد اهلل ىف مدح شيخيه ال‬
‫متثل قطعة أدبيته مثل ما متثل ولوعه بنظر مف ردات ص عبة من ب اب قيد‬
‫األوابد على غ رار س ابقيه من العلم اء أمث ال اليوسى واق ول‪،‬مهما يكن‬
‫األمر من شئ ف إن ص نيع عبد اهلل ىف اجليمية ميثل حماولة ش عرية ذات‬
‫غ رض وق الب ع ربني ‪ ،‬وإن ك انت ناحية اللفظ طاغية على‬
‫الناحيةاملعنوية والفنية ‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫وإهنا حملاولة ممدوحة الس يما من أديب مل تكن العربية اللغة االم‬
‫له ‪ ،‬بل تعلمها ب التعلم والدربة إىل أن وصل ه ذه املرحل ة‪ .‬وملا ك ان‬
‫هناك قصائد أخرى ىف قمة من التوفيق لفظا ومعىن وإن الشيخ عبد اهلل‬
‫يستحق العذر للوقوع ىف مثل هذه الظروف ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قص يدة الش يخ عبد اهلل البائي ةىف ش كوى الزم ان وأهله حني‬
‫الحظ فيهم امليل إىل ال دنيا‪ ،‬والتن افس ىف ملكها األمر ال ذى محله‬
‫وهيجه إىل ترك األوطان قاصدا املدينة املنورة رجاء النجاة من املصائب‬
‫الراهنة‪.‬‬
‫قال فيها عبد اهلل ‪:‬‬
‫وملا مضى صحىب وضاعت مآرىب*وخلفت ىف االخالف أهل الكاذب‬
‫يقولون ماال يفعلون وتابعــوا* هواهم وطاعوا الشح ىف كل واجب‬
‫وليس هلم علم وال يسألونـه * وأعجب كل رأيه ىف املذاهــب‬
‫وقطع أرحاما وأزرى معارفا * وآثر عن قرباه مجع األشائ ــب‬
‫وما مههم أمر املساجد بل وال * مدارس علم بله أمر الكتائ ــب‬
‫بعادات كفار وأمساء ملكهـم * وتولية اجلهال‪ .‬أعلى املناص ــب‬
‫ومجع السرارى والثياب احلسان و* اجلياد اجلوارى ىف القرى ال احملارب‬
‫واكل هدايا اجلاه والفئ والرشى* وعود ومزمار وضرب الدبادب‬
‫وأعجز أهل احلل والعقد أمرهم * فجانبت االعراب من كل جانب‬
‫فرارا من القاضى وأكل األمان و * املواالت للكفار خوف العواقب‬
‫فجموا وقل ا لصاحلون فأظهروا * مدامنة الفساق أهل الكتائـب‬
‫وباعة أحرار وىف السوق بعضهم * والة قضاة ىف لباس الثعالــب‬
‫وابدت جهارا نافقا ضبابـهـا * وال حت ذياب ىف ثبا ب االرانب‬
‫وأيقنت إن مل يرجعوا عن ضالهلم* لتختلفـن أسيافهم ىف الغوارب‬
‫‪120‬‬

‫وإن قرين السوء يعدى قرينـة * مبا فيه إعدادء الصحاح االجارب‬
‫وقد طار ق لىب للمدينة ثاويـا * حسنني هبا شوقا وليس بئائـب‬
‫وقيد جسمى عنه ذنىب حائـرا * بصدر هواء فاقد القلب ذائـب‬
‫صرفت عناىن عنهم متوجهــا * إىل خريخلق ا هلل معطى الرغائب‬
‫وصربت نفسى ىف ركوب مفاوز* خالل فيول كاهلضاب قوارب‬
‫وال أثر ىف األرض إال خفافها * ربيعا وصيفا كالبئـار ا لسواقب‬
‫أسري بال علم والقود قائــد * ونيل سبيل ىف الفيا ىف العواشب‬
‫خبمسة أحرار كذاك ا لرقيع مع* ثالثة أفراس كمثل الركائــب‬
‫نشيم عطاشا حني حان نزولنا * ذوائب أشجار املياه الشـوارب‬
‫وكم ليلة يتناهبا نابغي ــة * وال نار إال نارنا ىف السباسـب‬
‫ومسارنا جرياننا أقرباؤنــا * بعوض وحياة ومجع العقــارب‬
‫مخائلها والقاع أمثارها األضا * جدار ودار والقرى كأس شارب‬
‫أو انسنا أقواسنا وجعابنـا * رماح وأسياق رقاق املضـارب‬
‫وصار لنا األثار للناس بعد ما * قربنا لعمران عجيب العجائـب‬
‫واولىكالم الناس أحرى ديارهم* وأنفسهم صارت غريب الغرائب‬
‫فقلت وذا أمر يسري جبنب ما * نريد إذا ما حم نيل امل ــآرب‬
‫أحادى املطايا حثها للمشارق * وال تلتفت ىف سرينا للمغــارب‬
‫فإن حظيت بالوصل فاهلل واهب* وإن أخفقت فالذنب فيه لذاهب‬
‫وما خاب من أم الكرمي حلاجة * وإن كان بطاال خبيث املكاسب‬
‫فيا خري من حف العفاة ببابه * يصوب عليهم منه عشر سحائب‬
‫أممتك مأسورا بذنىب راسفا * ألحلق قلبا عندكم غري غائــب‬
‫فحقق رجائى فيك يا سيد الورى* ألحلق قلبا عندكم غري غائـب‬
‫وفك قيودى مث صلىن إليــك* كرمي السجايا أنت حبر واملواهب‬
‫‪121‬‬

‫فها أنا عبد اهلل امسا وحـرفه * لديكم فسهل ىل جناح املآرب‬
‫كما ناهلا مكم سواد وسائل * مبا ساهلا منكم سواد بن قارب‬
‫(‪)36‬‬
‫عليكم صالة اهلل مث سالمه * باصحابكم واآلل يا كهف هارب‬
‫حتمل القصيدة السابقة ىف طياهنا ظواهر فنية وقضايا تعكس لنا حملة‬
‫من حياة الشاعر وصورة جملتمعه ىف تلك احلقبة الزمنية ‪.‬‬
‫أما الناحية الفنية فإهنا تتمثل ىف اللغة املس تعملة واألس لوب‬
‫املس تخدم وىف املع اىن املعرب عنه ا‪ .‬ال يبعد األس لوب أن يك ون مزاوجا‬
‫بني اجلزالة والس هولة حبجة أن الق ارئ املتوسط الثقافة ي درك مغ زى‬
‫القصيدة ‪ ،‬ويقف أمام ادراكه التام ملختوياهتا املفردات الصعبة الواردة‬
‫فيها نالحظ أن األبي ات من األول إىل الث اىن عشر واض حة وض وح‬
‫الش مس لس هولة مفرداهتا وتراكيبها املبش ارة‪ ،‬وما األبي ات ب دأ من‬
‫الث الث عشر إىل الث اىن والثالثني ففيها بعض اللف اظ الص عبة إال ملن امل‬
‫املاما واس عا باملادة املعجمي ة‪ .‬لقد وصف الش اعر ىف اجملموعة األوىل‬
‫ح ال اجملتمع من التك در ذاك را اخلص ال الذميمة بطريقة يدركهاالعام ة‪،‬‬
‫بينها جنده يس توظف بعض الص ور البالغية من تشس بيه ومتثيل وتورية‬
‫… حيث حيت اج ادراك املغ زى إىل أعم ال الفكر واالس تعانة خبلفية‬
‫ثقافية رفيعة ‪ .‬ملا وصف الش اعر ىف األبي ات األوىل مضى األص حاب‬
‫الطي بني وبق اء اخلونة املتع اطني اجلرائم من ك ذب وع دم تص ديق الق ول‬
‫بالعمل وانتق اص الواجب ات وقطع ال رحم واالعج اب ب الرأى ال ذاتى‪،‬‬
‫جنده ىف اجملموعة الثانية يصف قض اة اجملتمع ووالته حبيون ات كث رية‬
‫التحابل ىف تصرفاهتم‪ ،‬حيث يظهرون للرعية عودة وخدمة خملصة بينما‬
‫يضمرون للفساق والية حقيقية ناسني ( أن قرين السوء يعدى قرينة مبا‬
‫فيه اعداء الصحاح االجارب) ‪.‬‬
‫‪122‬‬

‫وهبذه الص ورة تن اول الش اعر غرضه وهو يش كو فس اد زمانه‬


‫وي دعو الن اس إىل الزهد ىف ال دنيا معلنا أنه مغ ادر األوط ان رغبة ىف‬
‫اخلالص من الوضع ‪ ،‬لقد اعترب نفسه أسوء من بىن زمانه بتواضع منه ‪.‬‬
‫ولعل تعاطى مثل هذا األسلوب املزدوج من الشاعر كان عمدا‬
‫حرصا على تربية قدرة تالميذه اللغوية وطرد الضعف من أسلوهبم ‪.‬‬
‫لقد عرب الش اعر عن معانيه بعاطفة قوية ‪ ،‬وه ذه الق وة العاطفية‬
‫ملموسة ىف شدة حتسره على اخلصال السائدة والعزم على مغغادرة مثل‬
‫ه ذه البيئ ة‪ .‬ومل يكن االمر ختيال إذ باشر اهلج رة فعال ‪ ،‬ولواص لها إىل‬
‫غايته املنشودة لوال الظروف الىت طرأت عليه ىف كانو من إحلاح أهلها‬
‫على مكثه وغفادهتم بعلمه ‪ ،‬مث مفاجأته بنفس الوضع الذى فر منه‪.‬‬
‫ومما متت از به ه ذه القص يدة تن اول احلق ائق اخلال دة ال واردة فيها‬
‫واملعرب عنها ىف أدق تعبري وألفاظ ‪.‬‬
‫ومن هذه احلقائق تعرض األمة للوهن والدمار مىت ما ركنت إىل الديا‬
‫ومتاعه ا‪ .‬لقد ح دث ه ذا لالمة اإلس المية بعد أن بلغت أوج جمدها‪،‬‬
‫وهو أمر واقعى أثبته الق رآن الك رمي والس نة املطه رة ىف ع دة مواضع ‪.‬‬
‫وعند ركون الناس إىل مثل هذه احلال تصبح الفوضى سائدة ىف حي اهتم‬
‫فال يع ود هن اك أثر ألهل احلل والعقد ىف معاجلة ش ؤوهنم‪ .‬اس تمع إىل‬
‫الشاعر وهو يصف الوضع مث تذوق املفردات املختارة ىف وصفه ‪:‬‬
‫وملا مضىصحىب وضاعت مآرىب*وخلّفت فىاألخرالف أهل األكاذب‬
‫يقولون ماال يفعلون وتنابعهوا * هواهم وطاعوا الشيخ فىكل واجب‬
‫وقطع أرحاما وأزرى معارفا * وآثر عن قرباه مجع االشائــبد‬
‫وما مههم أمر املساجد بـل وال* مدارس علم بله أمر احلكتائـب‬
‫ومههتهم ملك البالد وأهلهــا * لتحصيل لذات ونيل املراتــب‬
‫‪123‬‬

‫بعادات كفار وأمساء ملكهــم * وتولية اجلهال أعلى املناصــب‬


‫وأيقنت إن مل يرجعواعن ضالهلم * لتختلفن أسيافهــم ىف الغوارب‬
‫وقد طار قلىب للمدينة ثاويــا * سنني هبا شوقا وليس بآئ ــب‪.‬‬
‫إنك تلمس ىف اختبار الشاعر كلمة "خلفت ىف انبيت (‪ )1‬دون‬
‫ما ىف معناها حنو "غ ودرت " و "ت ركت " دقة إحساسه ملا ىف أثر‬
‫األلف اظ ذاه ت التض عيف إذ ت ؤدى املبالغة ىف التخل ف‪ .‬وه ذا ما تؤديه‬
‫كلمة "قطع‪ ،‬إذ توحى املبالغة ىف قطع الرحم‪ .‬إن اختيار الشاعر كلمة‬
‫" أيقنت ىف ال بيت (‪ )15‬د اللة على معرفته ل دقائق مع اىن األلف اظ إهنا‬
‫أنسب مقاما من "علمت" و " عرفت " ‪ .‬وذلك لتيقن الشاعر أن مغية‬
‫هذه اخلصال وخيمة ‪ ،‬أال وهى التقاتل بني الناس ‪.‬‬
‫وىف ال بيت (‪ )17‬اخت ار الش اعر كلمة " ط ار" على "ه ام " و‬
‫"تعلق" ملا عتوجبه كلمة " طار" من يأس البقاء نتيجة التصبري واملناغاة‪.‬‬
‫وىف ه ذا تش به حبال الط ائر عن دما قلع من األرض‪ ،‬حيث لن ي رتاجع ‪.‬‬
‫ومن دقة إحساس الشاعر باملادة املعجمة سرده املصطلحات الفنية كل‬
‫ىف حملها إن س رده لكلم ات " ه دايا اجلاه " و "الفئ " و "الرشئ " ىف‬
‫وصف عالقة الرع اة والرعي ة‪ ،‬ج اء ىف حمل ه‪ .‬وما أروع ت دقيق اإلنس ان‬
‫ىف معاى " عود" و "مزمار" و "دبادب"رغم متاثلها ىف البيت (‪. )9‬‬
‫مرآتة مص ورة حلي اة األديب وجمتمعه ‪ .‬إن امللم متثل ه ذه القص يدة‬
‫وظيفة األدب من كونه بت اريخ الش يخ عبد اهلل وجمتمعه ملا ق رض ه ذه‬
‫القص يدة يوافقىن ىف أن الش اعر أمني ىف نقهل وتص ويره لألح داث‬
‫اجلارية حنيئذ ‪ ،‬كما أن انطباعاته عن األوضاع صادقة ‪.‬‬
‫‪124‬‬

‫إن الش اعر ىف ه ذه القص يدة اس تقى معانيه وافك اره من مص ادر‬
‫أص يلة ‪ ،‬وهى الق رآن الك رمي والس نة الش ريفة وخمتلف ال وان األدب‬
‫العرىب ىف حدد الشرع ‪.‬‬
‫وأما من حيث الغ الب جنده قد اغفل ذكر األطالل على الطريق‬
‫املعه ود عند الش عراء اجلاهليني ومن واالهم‪ ،‬ليس كراهية ل ذلك ألنه‬
‫طاملا تناوله ىف قصائد غري هذه‪ ،‬لكن ذلك االحنياز قد يعود إىل حرارة‬
‫عاطفته ىف التض ايق مع الوضع ‪ ،‬فلم ير داعيا إىل ذكر أطالل بالية أو‬
‫تعلق مبحبوبة خيالي ة‪ .‬واألمر كله جد ‪ .‬فعاطفة ه ذه القص يدة إذن‬
‫متسمة بالقوة رغم ورود الفاظ وتراكيب سهلة فيها ‪ .‬فشأهنا هنا شأن‬
‫قص يدة الرث اء الىت قد تتن اول ألفاظا وت راكيب س هلة لكن العاطفة تظل‬
‫قوية لشدة تأثر األديب باحلدث ‪.‬‬
‫من املف ردات اجلزلة ال واردة ىف القص يدة البائية ‪ ،‬والىت يغلب الظن ىف‬
‫أهنا أو على األقل معانيها مستفادة من القاموس احمليط ما يلى ‪:‬‬

‫شرح الكلمة كا ورد ف ى القفاموس احمليط‬ ‫الكلمة‬ ‫رقم‬


‫البيت‬
‫أشب ‪ :‬خلط ‪ .‬وأشب فالنا ‪ :‬عابه والمه ‪.‬‬ ‫االشائب‬ ‫‪4‬‬
‫ومن الكسب ‪ :‬ما خالطه احلرام‪.‬ج أت ائب‪.‬‬
‫(القاموس احمليجط ج ‪ 1‬ص ‪. 149‬‬
‫زرى ‪ .‬منه زرى عليه زريا ‪ ،‬وزراية ومزرية‬ ‫أزرى‬
‫وم زراة ن وزرياهنا بالض م‪ :‬عابه عاتب ه‪.‬‬
‫ك أزرى لكنه قل ل‪ .‬وأزرى ب األمر‪ :‬هتاون ‪.‬‬
‫‪125‬‬

‫واملزدرى ‪ :‬احملتقر‪( .‬ق م ج ‪ 2‬ص ‪. )450‬‬


‫وت كوقع احلافر على‬ ‫والدبدبة ‪ :‬كل ص‬ ‫دبادب‬ ‫‪9‬‬
‫األرض الصلبة‪ .‬والدبداب ‪ :‬الطبل الدبادب ‪:‬‬
‫الرجل الضحم والكثري الصياح (ق ‪ .‬م ج ‪2‬‬
‫ص ‪. 1244‬‬
‫والنفقة كهم زة ‪ -‬إح دى جح رة (ملجأ ‪/‬‬ ‫نافقاء‬ ‫‪14‬‬
‫مكمن ) ال ريبوع يكتمها ويظهر غريه ا‪ ،‬ف إذا‬
‫أتى من جهة القاص عاء ( اجلح ر) ض رب‬
‫النافق اء برأسه فنتف ق‪ .‬وانتفق ‪ :‬خ رج من‬
‫نافقائه ‪ ( .‬ق ‪ .‬م ‪ .‬ج ‪ 4‬ص ‪. 418‬‬
‫والغ ارب‪ :‬الكاهل أو ما بني الس نام والعنق ج‬ ‫غوارب‬ ‫‪15‬‬
‫‪ .‬غ وارب ‪ .‬وحبلك على غاربك ‪ :‬أى اذهىب‬
‫حيث شئت ‪.‬‬
‫ج رب (اجلرب) حمرك ة‪ .‬ج رب – كف رح‬ ‫االجارب‬ ‫‪16‬‬
‫فهو ج رب ‪ ،‬وجرب ان ‪ ،‬وأج رب ج جر ب‬
‫وج رىب ‪ ،‬وج رب ‪ ،‬وأج ارب ‪ .‬وأجرب وا‪:‬‬
‫جربت إبلهم‪ .‬وهو العيب‪ .‬وصدأ السيف (ق‬
‫‪ .‬م ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪) 466‬‬
‫فوز (الفوز ) ‪:‬النجاة والظفر باخلري‪ .‬واهلالل‪،‬‬ ‫املفاوز‬ ‫‪20‬‬
‫ضد ‪ .‬ف از ‪ :‬م ات ‪ ،‬وف از به ظف ر‪ .‬ومنه جنا‬
‫وافازه اهلل بكذا‪ :‬أظفره‪.‬‬
‫واملفازة ‪ :‬املنجاة واملهلكة‪ ،‬والفالة ال ماء هبا‬
‫ق ‪ .‬م ‪ .‬ج ‪ 3‬ص ‪. 534‬‬
‫‪126‬‬

‫عشب (العشب ) ‪ -‬بالضم – الكأل‬ ‫عواشب‬ ‫‪22‬‬


‫ال رطب‪ .‬وأرض عاش بة ‪ ،‬وعش بة ‪ ،‬وعش يبة ‪:‬‬
‫بينة العشابة ‪ ،‬كثرية العشب ‪.‬‬
‫منه شام سيفه يشيمه ‪ :‬غمده ‪ ،‬واستله ‪ ،‬ضد‬ ‫نشيم‬ ‫‪24‬‬
‫‪ .‬وشام الربق‪ :‬نظر إليه أين يقصد وأين ميطر‪.‬‬
‫وش ام ىف الشئ ‪ :‬دخل ‪(0‬ق ‪ ،‬م ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. )788‬‬
‫والعطش ان‪ :‬املش تاق (ق ‪ ،‬م ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‬ ‫عطاشا‬
‫‪)252‬‬
‫والسبسب ‪ :‬املف ازة او األرض املس توية‬ ‫السباسب‬ ‫‪25‬‬
‫البعي دة‪ .‬بلد سبسب وسباسب ( ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. ) 505‬‬
‫خ م ل ‪ .‬مخل ذكره وصوته مخوال ‪ :‬خفى ‪.‬‬ ‫مخائل‬ ‫‪27‬‬
‫واخلميلة ‪ :‬املنهبط من األرض ‪ ،‬وهى مكرمة‬
‫للن ابت ‪،‬او رملة تنبت الش جر(ج‪2 -‬ص‬
‫‪)110‬‬
‫أرض س هلة مطمئنة قد انف رجت عنها اجلب ال‬ ‫القاع‬
‫واآلكام ج قيع ‪ ،‬وقيعة ‪ ،‬وقيعان (ق ‪ ،‬م ‪ ،‬ج‬
‫‪ 3 ،‬ص ‪. )716‬‬
‫(االض اءة) ‪ :‬املس تنقع من س يل وغ ريه‪ .‬ج‬ ‫االضا‬
‫أص وات وأض يات ‪ ،‬وأضى ‪ .‬وإض اء وغ‬
‫ضون ‪ .‬واإلضاء‪ :‬املبطخة واآلمجة من اخلالف‬
‫اهلندى (ق ‪ .‬م‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪)156‬‬
‫‪127‬‬

‫فمن التتبع السابق للمفردات السالف ذكرها ىف القاموس احمليط‬


‫يربز لنا مدى تأثر الشيخ عبد اهلل هبذا القاموس إذ أدركن أن مجيع هذه‬
‫األلف اظ وردت ىف الق اموس واس توحى األديب بعض اس تعماالهتا ىف‬
‫عمله الف ىن‪ ،‬األمر ال ذى جيزم مبعايشة عبد اهلل احمليط وحذقه ىف‬
‫التصرف فيه ‪.‬‬
‫لقد تأثر الشيخ عبد اهلل ىف قصيدته البائية السابق عرضها وشرح‬
‫مفرداهتا الص عبة بقص يدة النابغة ال ذبياىن البائية ىف وصف بطولة الغسا‬
‫سنة والىت يقول النابغة فيها ‪:‬‬
‫كليىن هلم يا أميمة ناصــب * وليلة اقاسيه بطئ الك ــواكب‬
‫تطاول حىت قلت ليس مبنقـض* وليس الذى يرعى النجوم بـائب‪.‬‬
‫وصدر أراح الليل عازب مهمـه * تضاعف فيه احلرن من كل جانب‬
‫على لعمرو نعمة بعد نعمــة * لوالده ليست بذات عقــارب‬
‫حلفت ميينا غري ذى متني ــة * وال علم إال حسن ظن بصاحب‬
‫لئن كان للقربين قرب جب ــلق * وقرب بصيداء الذى عند حــارب‬
‫وللحارث اجلفىن سيد قومــه * ليلتبس باجليش دار احملــارب‬
‫وثقت له بالنصر إذ قيل قد غزت * كتائب من عسان غري أشـائب‬
‫بنو عمه دنيا وعمرو بن عـامر * اولئك قوم بأسهـم غري كاذب‬
‫إذا ما غزا ىف اجليش حلق فوقهم * عصائب طري هتتدى بعصائب‬
‫يصاحبنهم حىت يغرن مغارهــم* من الضاريات بالدماء الدوارب‬
‫تراهن خلف القوم خزرا عيوهنا * جلوس الشيوخ ىف ثيارب املرانب‬
‫جوانح قد أيقن أن قبيل ــه * إذا ما التقى اجلمعان أول غـالب‬
‫هلن عليهم عادة قد عرفنهــا * إذا عرض اخلطى فوق الكوائـب‬
‫‪128‬‬

‫على عارفات للطعان عوابـس * هبن كلم بني داء وجال ــب‬
‫إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا* إىل املوت إرقال اجلمال املصاعب‬
‫فهم يتساقون املنية بين ــم* بأيديهم بيض رقاق املضــارب‬
‫يطري فضاضا بينها كل قونس * ويتبعها منهم فراش احلواجــب‬
‫وال عيب فيهم غري أن سيوفهم* هبن فلول من قراع الكتائ ــب‬
‫تورثن من أزمان يوم حليمة * إىل اليوم قد جر بن كل التجـارب‬
‫تقد السلوقى املضاعف نسجـه * وتوقد بالصفاح نار احلبـاحب‬
‫يضرب يزيل اهلام عن سلناتـه * وطعن كايزاغ املخاض الضوارب‬
‫هلم شيمة مل يعطها اهلل غريهـم * من اجلود واألحالم غري عـوازب‬
‫حملتهم ذات االله ودينه ــم * قومي فما يرجون غري العواقــب‬
‫رقاق النعال طيب حجزاهتــم* حييون بالرحيان يوم السباســب‬
‫حتييهم بيض الوالئد بينهــم * وأكسية االضريح فوق املشاجـب‬
‫يصونون أجسادا قدميا نعيمهـا* خبالصة األردان حضر املناكــب‬
‫وال حيسبون اخلري ال شر بعـده* وال حيسبوـن الشر ضربة الزب‬
‫(‪.)37‬‬
‫حبوت هبا غسان أذكنت الحقا*بقومى وإذ أعيت على مذاهىب‬
‫إن املتأمل ىف القص يدتني يت بني ما بينهما من التش ابه الش ديد ىف‬
‫الق الب واأللف اظ واملع اىن واألس لوب‪ ،‬وإن اختلفتا ىف الغ رض‪ .‬فبينما‬
‫جند النابغة ال ذبياىن يش يد ببطولة الغساس نة ىف قص يدته ف ان الش يخ عبد‬
‫اهلل اختذ ش كوى الزم ان واهله موض وع قص يدته البائيه ‪ .‬إن وصف‬
‫النابغة لبطولة الغسا س نة واضح جلي امن ال بيت الس ابع إىل الث اىن‬
‫والعشرين‪ .‬واما الشيخ عبد اهلل فقد عاجل موضوعه من البيت األول إىل‬
‫الرابع عشر بينما بدأ النابغة قصيدته بالنسيب دخل عبد اهلل ىف قصيدته‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫تبىن الشيخ عبد اله قافية بائية شأن سابقه النابغة الذبياىن‪،‬‬
‫كما استفاد عددا من املفردات ىف قصيدة النابغة‪ .‬إنامقارنة اآلتية تبدى‬
‫لنا بعض تأثر عبد اهلل بالنابغة على املستوى القالىب ىف قصيدته‪.‬‬
‫قال عبد اهلل ‪:‬‬
‫وملامضى صحىب وضاعت منآرىب*وخلفت ىف األخالف أهل األكاذب‬
‫لقد قال النابغة بيتا على هذا املنال قبال ‪:‬‬
‫بنو عمه دنيا وعمرو بن عامر * أولئك قوم بأسهم غري كاذب‬
‫ي دور عجز كل من البي تني الس ابقني ح ول الك ذب‪ .‬بينما ك ان بيت‬
‫النبغة ينفى الكذب ىف ممدوحه جند الشيخ عبد اهلل يثبت هذه الظاهر ىف‬
‫اهل زمان ه‪ ،‬فالعالقة إذن س لبا وإجيابي ا‪ ،‬لقد نقل الش يخ عبد اهلل معىن‬
‫النابغة إىل غري حمله يسمى هذا النوع من التأثر نقال‪ ،‬فهذا التأثر ممدوح‬
‫إذ فيه تصرف مبدع من القائل الثاىن ‪.‬‬
‫قال عبد اهلل ‪:‬‬
‫وكم ليلة بتناها نابغيـة * وال نار إال ارنا ىف السباسب‬
‫وقد قال النابغعة قبال ‪:‬‬
‫رقاق النعال طيب حجزاهتم * حييون بالرحيان يوم السباسب‬
‫بينما يتن اول النابغة ىف بيته ت رف قومه وعفتهم وتب ادهلم التحايا ي وم‬
‫عيد من أعي ادهم النص رانية (ي وم السباسب ) ‪ ،‬جند الش يخ عبد اهلل‬
‫اوز " تاركا‬ ‫يوظف كلمة السباسب ىف معناها املعجمى وهو "املف‬
‫معناها املس تعمل ل دى الش اعر اجلاهلى النص راىن النابغة ألن ذلك‬
‫يتناقض مع عقيدة الشيخ عبد اهلل االسالمية وىف الوقت نفسه يزيل من‬
‫عبد اهلل أدىن شك ىف كونه مت اثرا بالنابغ ة‪ .‬وذلك بتش بيه ليلته مع‬
‫‪130‬‬

‫حاشيته أثناء هجرهتم بليلة نابغة القاسية يوم أن أوعده سيده النعمان‬
‫بن املنذر الغساىن‪ .‬وذلك ىف قوله ‪:‬‬
‫(‪.)38‬‬
‫فبت كأن العائدات فرشنىن * هراسا به يعلى فراشى ويقشب‬
‫وه ذا الت أثر من ب اب نقل معىن القائل األول إىل معىن آخ ر‪ .‬اس تعمل‬
‫النابغة كلمة "السباسب " ىف معىن عي دهم وحوهلا الش يخ عبد اهلل إىل‬
‫معىن الئق بوض عه هو ح ال خوضه املف اوز ‪ ،‬ولن يتن اقض ه ذا‬
‫االس تعمال بتع اليم دين ه‪ .‬وه ذا من تفسري تن اول علم اء اجله اد ق والب‬
‫جاهلية ىف أدهبم ملعاىن اسالمية‪.‬‬
‫قال عبد اهلل‪:‬‬
‫ومسارنا جريانا اقرباؤنا * بعوض وحياة ومجع العقارب‬
‫وقد قال النابغة بيتا حيتمل أن استوحى منه عبد اهلل بينه السابق‪:‬‬
‫على لعمرو نعمة بعد نعمة * لوالده ليست بذات عقارب‬
‫بينما أراد النابغة بكلمة "عق ارب" وص فا لنوعية نعم عم رو علي ه‪،‬‬
‫يص فها بأهنا نعم غري ذات عق ارب‪ ،‬أى مل يك درها من وال أذى ‪ ،‬إننا‬
‫نالقى عبد اهلل يتص رف ىف كلمة "عق ارب" ويوظفها لت دل على معناها‬
‫املتب ادر وهو احلش رات الس امة الألدغ ة‪ .‬وإن ك ان ذلك معىن اوليا غري‬
‫أن استعماله ناسب املقام‪ ،‬ال تكاد تتصور أن الشاعر استفاد الكلمة من‬
‫أديب عايش أدبه ‪.‬‬
‫قال عبد اهلل ‪:‬‬
‫فرارا من القاضى واكل األمان و * املواالت للكفار خوف العواقب‬
‫وقد قال النابغة قبله ‪:‬‬
‫حملتهم مذات االله ودينهم * قومي فما يرجون غري العواقب‬
‫‪131‬‬

‫أراد النابغة ببيته الس ابق وصف بالد الغساس نة بأهنا خري البالد ودينهم‬
‫مس تقيم إذ يقص دون ذات االلة (بيت املق دس) وهم خيش ون الع واقب‬
‫وخيف ون اهلل ‪ ،‬وه ذا أمر اجياىب واما الش يخ عبد اهلل فقد نقل معىن‬
‫الع واقب من االجيابية إىل الس لبية ‪ ،‬إذ الع واقب الىت خافها قومه بئست‬
‫العواقب‪ ،‬إذ ال ميت ذلك إىل الدين بصلة‪ ،‬كان الغساسنة خياقون سوء‬
‫اخلامتة بينما ك ان ق وم عبد اهلل خياقون دوران الس لطة الدنيوي ة‪ ،‬خوفا‬
‫تسلط الكفار عليهم فوالوهم‪ .‬وهذا ذم من عبد اهلل ألهل زمانه ‪.‬‬
‫وهذا تصرف ممدوح إذ يوحى حبدة حسه اللغوى ‪.‬‬
‫قال عبد اهلل ‪:‬‬
‫وقطع أرحاما وازرى معارفا * وآثر عن قرباه مجع األشائب "‬
‫وقد قال النابغة‪:‬‬
‫وثقت له بالنصر إذ قيل قد غزت * كتائب من غسان غري أشائب‪.‬‬
‫يريد النابغة ببيته أن ممدوحه احلارث اجلفىن بن أىب مشر الغس اىن‬
‫فزا بغسان‪ ،‬ومل حيتج أن يستعني بسواها‪ .‬وكلمة "األشائب عند النابغة‬
‫مستعملة استعماال لغويا‪.‬‬
‫واما الش يخ عبد اهلل فلم يعمد إىل معىن كلمة "االش ائب معناها‬
‫اللغوى‪ ،‬وإمنا قصد هبا "الكسب املخلوط وهو الذى اختلط فيه احلالل‬
‫واحلرام كما يوضح ذلك السياق‪.‬‬
‫أخذ على عبد اهلل ىف قص يدته البائية تعاطيه بعض ال رتايكب‬
‫أق رب إىل االعجمية من العربي ة‪ .‬وذلك مثل قوله "أكل ه داياه" ىف‬
‫ال بيت (‪ )9‬و "أكل االم ان‪ .‬وذلك كما عرب عنه املرح وم األس تاذ على‬
‫نائىب سويد ‪ .‬وىف ذلك أقول ما قالته العرب‪ :‬ال تعدم احلسناء مذمة ‪.‬‬
‫ولكل ج واد كب وة‪ .‬وال نزاع اللغ وى بني العربية والفالتية واهلوسا‬
‫‪132‬‬

‫وغريها من اللغات الذى واجه اجلهاديني ىف سبيل دعوهتم لن يعدم اثرا‬


‫ىف انتاج داهتم املعرفية وهم على ه ذا معف وون ق ال ال دكتور على‬
‫أب وبكر معلقا على بائية عبد اهلل وبائية النابغة ال دبياىن ‪( :‬وإذا امعنا‬
‫النظر ىف هذه األبيات نرى أن عبد اهلل قد جنح إىل حد كبري ىف تصوير‬
‫احلالة اإلجتماعية ىف أس لوب م تني واضح جلى ولكنه ال يس عنا هنا إال‬
‫أن نقول إن تأثره باملعلفات وعلى األخص ببائية النابغة الذبياىن واضح‬
‫كالشمس ىف رابعة النهار ‪ .‬وهذه البائية هى ‪:‬‬
‫كيىن هلم يا أمـيمة ناصب * وليل أقاسيه بطئ الكواكب ‪.‬‬
‫فكلت القص يدتني بائيت ان ومن حبر الطويل ‪ ،‬وفضال عن ذلك فهن اك‬
‫(‪)39‬‬
‫عشرة أبيات تنتهى بنفس الكلمات الىت انتهت هبا أبيات النابغة‬
‫ثالثا ‪ :‬ختميس الش يخ عبد اهلل للقص ائد العش رية للش يخ ال وزير الفاضل‬
‫أىب عبد ال رمحن أىب س عيد خيلفنت بن امحد الف ازازى االندلسى وإىل‬
‫الف ازازى تنسب القص ائد العش رينية الىت مخس ها ابن مهيب ‪ .‬ت دور‬
‫القص ائد العش رية ح ول النص ائح الدينية واحلكم الزهدية بيت‪ .‬مسيت‬
‫العشرية ألهنا على عشرة أبيات من كل حرف من حروف اهلجاء‪.‬‬
‫وأما مص در ا لقص ائد العش رية في ذهب الب احثون إىل أهنا وص لت إىل‬
‫نيجرييا بصحبة ابن املهيب خممس العشرييات وتداوهلا العلماء‪.‬‬
‫ك انت القص ائد جمردة عن التخميس حىت ع ثر عليها الش يخ عبد‬
‫اهلل بن ف ودى ىف إح دى غزواته ب أرض (ك ىب) وأعجب هبا‪ ،‬وقرأها‬
‫م رارا وتك رارا حىت ت أثر هبا ومبواعظها ومحلته ثروته اللغوية على الق ام‬
‫بتخميس ها على منط يف وق ختميس ابن مهيب للعش رينية ‪ .‬ال تزم الش يخ‬
‫داء حبرف املعجم ىف أول كل بيت من‬ ‫عبد اهلل ىف ختميسه االبت‬
‫القصيدة كما فعل صاحب األصل‪ .‬وذلك ما مل يلتزم خممس العشرينية‬
‫‪133‬‬

‫خمالفا ص احب األص ل‪ ،‬الف ازازى ال ذى ال تزم ح رف املعجم ىف أول‬


‫كل بيت(‪. )40‬‬
‫فمعىن التخميس إضافة ثالثة اجزاء إىل جزئى البيت الواحد من‬
‫الش عر مع جعل األج زاء الثالثة على قافية اجلزء األول‪ .‬وقد اس تحدثه‬
‫املول دون ىف العصر العباس ى‪ ،‬مث تعاط اه كثري من أهل العلم ومخس وا‬
‫كث ريا من القص ائد الوعظية واملدائح النبوية كما نش اهد ىف العش رنيات‬
‫والعشريات (‪. )41‬ميثل ختميس عبد اهلل للعشرية وتعليقه عليها ورسوخه‬
‫ىف األدب وباملعجم العرىب ‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد اهلل وهو يصف عالقته بالعشرية ‪:‬‬
‫"ت اقت نفسى إليها فأخ ذهتا واعتربهتا واش تغلت هبا مع أىن مل أجد هلا‬
‫نس خة ص حيحة ومل أجد من نقلها ال من عرفها مث س نح ىل خ اطر ىف‬
‫ختميس ها رج اء املش اركة ىف الث واب الرفيع وإن مل ي درك الظ الع ش أو‬
‫الض ليع فخمس تها واش تغل بعض الطلبة ب التخميس لكنهم ا ستص عبوه‬
‫لغة ومعىن ف اردت أن أش رح هلم ما مخست على التحقيق والت بني وما‬
‫ىف األصل على الظن‪ .‬والتخميس بق در ما فهمت فيه واذكر كل م ادة‬
‫ىف املنت تص ريفها وما ش اركها ىف االش تقاق وفيه علم من اللغة‬
‫والتصريف كثري ينتفع به الطال ب واهلل املسؤول أن يسهل ذلك وينفع‬
‫(‪.)42‬‬
‫به ومسيت الشرح بـ "النفحات البشرية شرح القصائد العشرية‬
‫قال الفا زى ىف قصيدته ‪:‬‬
‫حرف اهلمزة‬
‫" أجدت بك األيام والنفس هترأ * كأنك من خطب املنون مربا‬
‫وجاء ختميس البيت السابق من اشيخ عبد اهلل كاآلتى ‪:‬‬
‫أيا غافال واملوت بالقرب يطر * أمهك مرعى ىف مريـئك مبرأ‬
‫‪134‬‬

‫أجدك تعمل مبا كنت تقـرأ * أجدت بك األيام والنفس هترا‬


‫كأنك من خطب املنون مربأ‬
‫قال الفازى ‪:‬‬
‫أمنت اللياىل وهى أغدر صاحب* فكن حذرا إن النوائب تفجأ‬
‫وجاء ختميس الشيخ عبد كاآلتى‪:‬‬
‫أال ترعوى قبل الفوات لالحب * أتنس بأن املوت أفجع ساحب‬
‫إذا جاء كل اخللق ليس بداحب * أمنتالالىل وهى اغدر صاحـب‬
‫كن حذرا إن النوائب تفجأ‬
‫قال الفازى ‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أما لك من فقد اال حبة وواعظ * وال فرق إال أن سريك أبطأ‬
‫وقال الشيخ عبد اهلل‪:‬‬
‫إذا كسر االرعاظ فيك الروائظ * اننت ومل تنفعك بعدمواعظ‬
‫أسريا ملا تلقى وطرفك جاحظ * أما لك من فقد االحبة واعظ‬
‫وال فرق إال أن سريك أبطأ‬
‫قال الفازى ‪:‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫أعندك من زور املنية موعد * أم الوهم ويقضى أن عمرك مرجأ‬
‫وقال الشيخ عبد اهلل ‪:‬‬
‫اودت إىل الدنيا وموتك مبعد * إىل إمدة فيها رواعد ترعـد‬
‫أفق قبل ابعاد ومالك مسعد * أعندك من زوراملنية موعـد‬
‫ام الوهم يقضى أن عمرك مرجأ ‪.‬‬
‫قال الفازى ‪:‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫أتشنأ ما فيه على النفس كلفـة * وما اخلري إال ىف الذى أنت تشنأ‬
‫وقال الشيخ عبد اهلل ‪:‬‬
‫‪135‬‬

‫أسيت على الدنيا فحطتك كلفة * إىل هوةال ترجتى لك زلفة‬


‫إىل اهلل فيها او مع اخلريألف ــة * أتشنأ ما فيه على النفس كلفة‬
‫وما اخلري إال ىف الذى أنت تشنأ (‪. )43‬‬
‫جيلى لنا العرض السابق مدى توفيق الشيخ عبد اهلل ىف جماراة الشيخ‬
‫الفازى ىف قصيدته العشرية حيث التزم عبد اهلل نفس القالب واأللفاظ‬
‫املوحية للمع اىن املقص ودة ل دى الف ازى دون أن نالحظ أى تكلف ‪،‬‬
‫حىت أن القارئ يكاد يتخيل أن العملني ألديب واحد لشدة التوائم‪.‬‬
‫ومما يثري مزي دا من االعج اب بص نيع عبد اهلل فىتخميسه ه ذا‪،‬‬
‫ش رحه وتعليقه للقص يدة بعد التخميس األمر ال ذى يزيل اى ت ردد أو‬
‫شك ىف عجزه عن ادراك القصيدة األصلية أو االتيان مبثلها‪ .‬أتى بشرح‬
‫لطيف للمف ردات الص عبة ذات تض ميناتا وح ذف كما ص رفا وحنوا‬
‫ومعجمى الظهار معاىن األبيات ‪.‬‬
‫وذلك كله هبدف تربية اخللف وحفاظا لأللف اظ املس تعملة ولو ك ان‬
‫ختميسه رديئا أو ضعيفا ملا فكر ىف شرحه مع األصل ‪.‬‬
‫مما أورده ىف هذا الصدد ىف حق األبيات السابق ذكرها ما يأتى‪:‬‬
‫حرف اهلمزة‬
‫البيت األول املخمس ‪:‬‬
‫(أيا غ افال) عن املوت وما بع ده يرت ك اإلس تعداد مل أعمل به فق ال ىف‬
‫جوابه ( أجدك) بكسر اجليم أى أجتد جدك حال كونك ( مل تعمل مبا‬
‫كنت تق رأ) من قوله تع اىل ‪ ( :‬وما من دابة ىف األرض إال عى اهلل‬
‫رزقه ا)‪ .‬وقوله ( وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعب دن‪ ،‬وما أريد منهم‬
‫من رزق وما أريد أن يطعم ون) (إن اهلل هو ال رزاق)‪ .‬ولفظ (اج دك)‬
‫من املص ادر الىت حيذف عاملها وجوبا ال ي أتى إال مض افا إىل ض مري‬
‫‪136‬‬

‫مناسب لفاعل الفعل ال ذى ي اتى بع ده والتكلم واخلط اب والغيبة وغري‬


‫ذلك مؤك دا لتلك اجلملة الىت بع ده‪ ،‬وهى ىف موضع احلال وقيل إنه‬
‫تأكيد للكالم ال ذى تقدمه ألنه ج واب ملن ق ال أنا ال أفعل ك ذا ‪ ،‬فال‬
‫شك إن املتكلم حيمل كالمه على اجلد فهو جمد فيها يق ول ف إذا ق ال‬
‫اجتد ذلك جدك كان مؤكدا ملا قبله وال يأتى بعده إال ملن أو ال او لن‬
‫قال الشلوبني إن فيه معىن القسم ولذلك قدم على املؤكد ويوافقه ما ىف‬
‫القاموس‪ .‬أجدك ال تفعل ال يقال إال مضافا فإذا كسر أى املتكلم‬
‫( اجليم) اس تحلقه أى املخ اطب حبقيقته وإذا فتح اس تعلقه ببحته أى‬
‫بعظمته واهلل اعلم (أج دت بك األي ام) أى ح انت بك اجلداد ألنك قد‬
‫بلغت منتهى عمرك قال الشاعر‪:‬‬
‫قد بلغ الزرع منتهاه * ال بد للزرع من حصاد‬
‫(والنفس) نفسك وال واو للح ال (هترأ ) نتكلم ب اخلىن وغلى اخلطا‬
‫وماضيه كمنع واهلراء كغراب الكالم الكثري أو الفاسد الذى ال نظام له‬
‫وككتاب شيطان موكل بقبيح األحالم وهراه الربد كمنع هرءا وهراءة‬
‫اشتد عليه حىت كاد يقتله أو قتله كاهراه (كأنك من خطب املنون) أى‬
‫شار املوت ‪0‬مربأ) ال متوت واملنون املوت والدهر (‪. )44‬‬
‫التعليق على البيت الثاىن املخمس ‪:‬‬
‫اال ترعوى قبل الفوات لالحب * أتنسى بأن املوت أفجع ساحب ‪.‬‬
‫إذا جاء كل اخللق ليس بداحب * أمنت اللياىل وهى أغدر صاحب ‪.‬‬
‫فكن حذرا إن النوائب تفجأ ‪.‬‬
‫ق ال الش يخ عبد اهلل هبذا الس دد ‪ (.‬واملوت) أى موته وال واو للح ال‪.‬‬
‫(بالقرب) من الزمان ألن كل آت قريب ‪( .‬يطرأ) عليك فجأة ‪ .‬يقال‬
‫طرأ عليهم كمنع طرء وطروءا ‪ .‬من مكان أى خرج عليهم منه فجأة‪،‬‬
‫‪137‬‬

‫وأما ط روؤ كك رم ط راءة وط راء وهو ط رئ ف ذلك ضد ذوى ‪ ،‬وأما‬


‫طرى املعتل الالم فمعناه‪ :‬أتى من مكان بعيد فمصدره طرو ‪ ،‬والطرى‬
‫الغض ‪ .‬وىف ه ذا املص راع براعة املطلع ألن مقص ود القص يدة الوعظ‬
‫والتنبيه للغاف ل‪ .‬وكفا ب املوت واعظا ‪ .‬وملا ك ان ش هوة البطن أعظم‬
‫أس باب الغفلة نبه على ذلك بقوله ( أمهك) أى ما مهمتبه ىف نفسك أو‬
‫حزنك ‪( .‬م رعى) أى كأل‪ ،‬يعىن طعام ا‪ ( .‬ىف مريئ ك) جمرىطعامك‬
‫وش رابك ‪( .‬ميرأ) يهنا مض ارع (م رأ) الطع ام‪ ،،‬مثلث ال راء م راءة فهو‬
‫م رىء‪ ،‬ه نئ العاقبة ‪ ،‬واملريئ ك أمري جمرىالطع ام وهو راس املع دة‬
‫والك رش الالصق ب احللقوم واجلمع (أمري ة) و (م روء) و املرأ ‪ ،‬مثلث‬
‫امليم‪ :‬االنسان أو الرجل‪ ،‬وال جيمع من لفظه أو مسع (مرءون ) واالنثى‬
‫م رءة‪ .‬ويق ال م رة‪ ،‬و (الم رء) مع الف الوصل ثالث لغ ات فتح ال راء‬
‫دائما وض مها دائما واعراهبا دائم ا‪ ،‬وم رأ كف رح ص ار ك املرأة هنيئ ة‪،‬‬
‫واما (مر الشئ) ‪ .‬املعتل الالم فمعناه‪ :‬استخرجه‪ .‬ومنه مرىالناقة‪ :‬مسح‬
‫ض رعها ف امرت هى‪ :‬درت لبنه ا‪ .‬واملرية بالكسر والضم الشك‬
‫واجلدل‪ .‬واهلم زة ىف (أمهك) على جعله امسا مبعىن ‪ :‬ما مهمت به ىف‬
‫نفسك أو مبعىن احلزن على ح ذف مض اف ىف (م رعى) ‪ ،‬أى فقدانه‬
‫لإلستفهام التوبيخى فيهما ألنه مما ضمن لك فال ينبغى اإلهتمام به مع‬
‫التقصري فيما طلب مك من العب ادة‪ ،‬وك ذلك على جعله فعال ثالثيا من‬
‫مهه االمر مها ومهمة حزنه كامهه‪،‬وحيتمل أن تك ون اهلمة افعل املوافق‬
‫للثالثى مث ان املخ اطب مل ي رتك مهه كأنه ق ال بلس ان احلال مل أقبل ما‬
‫قلت‪ ،‬ول ذا (أال ترع وى ) أى اال ترجع عما أنت عليه من املعاصى‬
‫وترك الطاعات‪ ،‬واالعواء هو النزوع عن اجلهل وحسن الرجوع عنه ‪.‬‬
‫(قبل الف وات) أى ف وات ذلك ب املوت‪( .‬لالحب) أىطريق واضح اسم‬
‫‪138‬‬

‫فاعل من حلب الطريق حلوبا وصح حلبه كمنعه حلبا بينه أو س لكه‪.‬‬
‫(أتنسى ب أن املوت أفجع ) أوج ع‪( .‬س احب) ألنه يس حب إىل الق رب‪.‬‬
‫يق ال فجعه كمنعه أوجعه كفجعه وفجع مباله كع ىن‪ .‬ن زلت بداهية‬
‫فاجعة وموت فاجع وفجوع كصبور ويقال سبحانه كمنعه جره على‬
‫وجه األرض‪ .‬وما أفعله سحابة يومى طوله ( إذا جاء) املوت إليك‬
‫( كل اخللق ليس ب داحب) ب دافع للم وت اسم فاعل من دحبه كمنعه‬
‫دفعه ( أمنت اللي اىل) حني ظننت اهنا متتد لك تن ال ما تامل واالمن‬
‫واآلمن كص احب ضر اخلوف وأمن كف رح أمنا وأمان ا‪ .‬رجع بفتحهما‬
‫وأمنا آمنة حمرك تني بالكسر فهو ءامن وامن كف رح وامني ورجل آمنة‬
‫كهمزة يأمنه كل واحد ىف شئ‪ ،‬وامنعه كسعه وامن ككرم وصار امينا‬
‫فهو أمني وامان‪ .‬وسكن الناظم ياء اللياىل مع أنه مفعول للوزن أو ألنه‬
‫لغة فاش ية وهى مجع ليل وليالة‪ ،‬وجيمع على لي ال‪ .‬وليلة ليالء أى‬
‫طويلة شديدة‪ ،‬أو هى أشد لياىل الشهر ظلمة أو ليلة ثالثني‪ ،‬وليل أليل‬
‫والئل وعليه كمعظم ذلك‪ ،‬وليلوا وأليلوا‪ .‬ليائل دخلوا ىف اليل (وهى)‬
‫اللي اىل ( اغ در ص احب) أى هى أشد غدرالص احبها من غريها والغ در‬
‫ضد الوفاء‪ .‬غدره وبه كضرب ونصر ومسع غدرا وغدرانا حمركة وهو‬
‫غ ادر وغ دار وكس كيت وص بور‪ .‬وهى غ دور وغ دار وغ دارة‪( .‬فكن‬
‫حذرا) متيقظا متحرزا لغدرهتا‪ .‬يقال حذره كعلمه جذرا بالكسر وهو‬
‫حاذورة وحذر وحاذر (إن النوائب) مجع نائبة اى مصائب اللياىل الىت‬
‫ين وب بعض ها عن بعض تنـزل ه ذه بعد ه ذه (تفج أ) أى هتجم على‬
‫الغاف ل‪ .‬يق ال فج أه األمر كس معه ومنعه فجأ وفج اة وفج اءة‪ .‬هجم‬
‫عليه كفاجأه وافتجأه والفجأة ما فجأك(‪. )45‬‬
‫‪139‬‬

‫شرح القصائد العشرية على ضوء القواميس اللغوية‬


‫فيما يلى ع رض لش رح بعض للقص ائد العش رية على الق واميس‬
‫ل نرى م دى إص ابة الش يخ عبد اهلل أو اخفافه ىف ذلك ‪ .‬كما جيلى لنا‬
‫ذالك واضحا مدى استفادته بالقواميس ‪.‬‬
‫ىف البيت األول املخمس من العشرية‪.‬‬
‫أيا غافال واملوت بالقفرب يطرا * أمهل مرعـى ىف مريئك مبرأ‬
‫أجدك تعمل مبما كنــت تقرأ * أجدت بك األيام والنفس هترا‬
‫كأنك من خطب املنون مربا ‪.‬‬
‫لقد رأينا كيف شرح الشيخ عبد اهلل املفردات اآلتية‪:‬‬
‫(يطرأ) ‪( ،‬أمهك) ‪ ( ،‬ىف مريئك) …‬
‫وعند الرج وع إىل مش اهري الق واميس اللغوية يقابلنا ش رح املف ردات‬
‫نفسها على النحو اآلتى ‪-:‬‬

‫أوال ‪ :‬القاموس احمليط للفريوزبادى‬


‫ق ال الفريوزب ادى ىف كلمة (ط رأ) ط ر أ (ط رأ) عليهم كمنع ‪- :‬‬
‫ط رءا وط روءا ‪ :‬أت اهم من مك ان أو خ رج عليهم منه فج اءة‪ .‬وهم‬
‫الطراء ‪ ،‬والطراء ‪ ،‬وطرأ ككرم ‪ - :‬طراءة ‪ ،‬وطراء فهو طرىء ‪ :‬ضد‬
‫ذوى (‪. )46‬‬
‫ثايا ‪" :‬لسان العرب البن منظور ‪.‬‬
‫فقد ورد ش رح كلمة (ط رأ) ىف اللس ان فيما نصه ‪" :‬ط رأ" ‪ .‬ط رأ على‬
‫القوم يطرأ طرءا قطررءا‪ :‬أهتم من مكان‪ ،‬أو طلع عليهم من بلد آخر‪،‬‬
‫أو خ رج عليهم من مك ان بعيد فج اءة ‪ ،‬أو أت اهم من غري أن يعلم وا‪،‬‬
‫أو خرج عليهم من فجوة ‪ ،‬وهم الطراء والطراء" (‪. )47‬‬
‫‪140‬‬

‫وىف ش رح كلمة (أمهك) الىت س بق ش رح عبد اهلل هلا فقد ج اء‬


‫تفس ريها ىف الق اموس احمليط ك اآلتى ‪ :‬هـ م م ( اهلم) احلزن ج مهوم‬
‫وما هم به ىف نفسه‪ .‬ومهه األمر مها ومهمة ‪ :‬حزنه‪ ،‬كأمهه فاهتم)(‪.)48‬‬
‫ج اء ىف ش رح العش رية ىف ش رح ( ىف مريئك ) ما ي أتى (ميرأ‬
‫يهنأ‪ ،‬مضارع مرأ الطعام …‪).‬‬
‫وىف الق اموس احمليط ورد ىف نفس اللفظة اآلتى‪ .… ( :‬واملرئ‬
‫– كامري – جمرى الطعام والشراب‪ .‬وهو راس املعدة والكرش الالصق‬
‫باحللقوم‪ .‬ج أمرئة ‪ ،‬ومرؤ‪. )49( )..‬‬
‫وىف البيت التاىل للبيت السابق ‪ ،‬وهو ‪:‬‬
‫أال ترعوى قبل الفوات لألحب * أتنسى بأن املوت أفجع ساحب‬
‫إذا جاء كل اخللق ليس بداحب* أمنت اللياىل وهى أغدر صاحب‬
‫فكن حذرا إن النوائب تفجأ‬
‫يقابلنا ما ي أتى من ش رح الفريوزب ادى لبعض مف ردات ه ذا‬
‫ال بيت‪ .‬وذلك بعد أن وقعنا عند الش يخ عبد اهلل هلا‪ .‬وإليك ما ورد ىف‬
‫القاموس احمليط عن املوضوع ‪:‬‬
‫( أال ترعوى ) رع و ‪( :‬الرعو) والرعوة ‪ .‬ويثلثان والرعوى ‪ ،‬ويضم‪.‬‬
‫واالرع واع ‪ .‬والرعيا بالضم ال نزرع عن اجلهل وحسن الرج وع عن ه‪.‬‬
‫(‪)50‬‬
‫وقد ارعوى‬
‫وكلمة (لالحب ) ‪ :‬ال واردة ىف ال بيت ‪ ،‬إهنا ىف الق اموس احمليط هبذا‬
‫التفس ري‪ :‬ل ح ب (اللحب) الطريق الواضح ‪ .‬ك الالحب وامللحب‬
‫كمعظم وحلب كمنع ‪ - :‬واطئه ‪ .‬وسلكه كالتحبه (‪. )51‬‬
‫وىف (أمت اللياىل) ورد الشرح اآلتى ىف لفظة (الليل‪ :‬ل ى ل ( الليل)‬
‫واللالة من مغ رب الش مس إىل طل وع الفجر الص ادق‪ ،‬أو الش مس ج‬
‫‪141‬‬

‫ليال ‪ ،‬وليائل‪ .‬وليلة ليالء – وتقصر طويلة شديدة ‪ ،‬أو هى أشد لياىل‬
‫الشهر ظلمة‪ ،‬إو ليلة ثالثني ‪.‬‬
‫وليل أليل ‪ :‬وال ئل‪ .‬ومليل – كمعظم ‪ - :‬كذلك وأاللوا إىل وأليلوا ‪:‬‬
‫دخلوا ىف الليل) (‪. )52‬‬
‫وىف لفظة (اغدر) ىف اعذر صاحبه قال صاحب القاموس‪( :‬غ د ر ‪:‬‬
‫( الغ در) ضد الوف اء‪ .‬غ دره وبه كضر ب كنص ر‪ ،‬وض رب ‪ ،‬ومسع –‬
‫غدرا وغدرانا حمركة وهى غدر‪ .‬وكسكيت وصبور‪ .‬وعدر كصرد ‪.‬‬
‫ويقال يا غدر ‪ ،‬ويا مغدر – كمقعد ومنزل (‪. )53‬‬
‫إن التتبع املت أىن ملا أورده ص احبا القاموسني لس ان الع رب‬
‫والق اموس احمليط ىف ش رح األلف اظ املذكورة س ابقا جلعلنا نقطع ب أن‬
‫الش يخ عبد اهلل ليس س وى ص دق للق واميس العربية املوثوقة ىف قمتها‬
‫اللسان واحمليط‪ .‬ومبقارنة نصوص عبد اهلل بنصوص القاموسني يظهر لنا‬
‫أن ت أثر الش يخ عبد اهلل بالق امس احمليط أشد واك ثر منه بت أثره بغ ريه‬
‫بس بب مطابقة ش رحه وش رح الق اموس احمليط بص ورة ختيل إليك أنك‬
‫تق رأ الق اموس كلما واجهت ش رح املف رد من عبد اهلل‪ .‬وذلك ال يبعد‬
‫اس تفادة عبد اهلل من لس ان الع رب‪ ،‬ولعل سر اعج اب عبد اهلل بق اوس‬
‫الفيزب ادى راجع إىل ذوقه ال راقى حيث وجد ض الته ىف الق اموس‬
‫احمليجط فالزمه أكثر من غريه ‪.‬‬
‫وهك ذا جند مجيع م ادة ش رح العش رية‪ ،‬إهنا ص دى واضح‬
‫للق اموس احمليط ‪ .‬ومما ي ربهن ذلك إن املوازن بني العملني جيد نفسه ىف‬
‫منزلة حمقق شرح العشرية استنادا إىل القاموس احمليط ‪.‬‬
‫وهبذا ميثل ش رح قص ائد العش رية بكل وض وح أص الة م ورد‬
‫الش يخ عبد اهلل للم ادة املعجمية الىت طاملا هبر هبا ق راء اعمال ه‪ .‬وال‬
‫‪142‬‬

‫عجب إذن ىف توفيقه الب الغ مللكة زم ام العربية إن مهمة املعجم ف وق‬
‫توفري املادة املعنوية وإمنا يتعرض جلميع ظواهر اللغة صوتا وصرفا وحنوا‬
‫ومعجما وأسلوبا …‪ .‬اخل ‪ .‬وإن كان البحث ىف املعىن نصب أعينه ‪.‬‬

‫المبحث الثالثـ ‪ :‬املعجم العلمى لدى الشيخ عبد اهلل ‪.‬‬


‫يعىن ه ذا الفصل بتتبع أعم ال الش يخ عبد اهلل ذات الط ابع‬
‫العلمى وعرضها على األسس النقدية البراز مدى موافقة هذه األعمال‬
‫ملق اييس الدراسة العلمي ة‪ .‬إذا ع رض اعماله األدبية على املق اييس الفنية‬
‫ف إن أعم ال عبد اهلل علملة بتع رض هنا على مق اييس النقد العلمى ‪.‬‬
‫بينما يعتمد املنهج األدىب على وس ائل من ش أهنا إث ارة العواطف‬
‫واالنفع االت ىف النف وس والش عور باالعج اب واالمت اع مع التجديد‬
‫والغلو واملبالغة ىف املع اىن لرتس يخها ىف األذه ان‪ ،‬ف إن املنهج العلمى‬
‫يتن اول احلق ائق معتم دا ىف اقن اع الق ارئ أو املس تمع مبضموهنا ب احلجج‬
‫املقنعة واملطق الس ليم‪ ،‬متجنبا املبالغ ات الىت جتاوز باملع اىن ح دود‬
‫حقائقها الىت جيب االل تزام هبا ‪ .‬ول ذلك جند من أهم خص ائص املنهج‬
‫العلمى سالمة الرتكيب والوضوح لبعده عن عوامل االثارة واالنفعال‪.‬‬
‫بينما يتخذ املنهج الفىن ال ذوق الرفيع الس ليم ىف اص دار احلكم على‬
‫عمل فىن إن ما حيت اج إليه املنهج العلمى هو اإلملام الواسع باملوض وع‬
‫دون مالبسات خيالية قد ختضع لعدة إحكام حسب أذواق احلكام(‪.)52‬‬
‫‪143‬‬

‫يتم ىف ه ذا الفصل حتليل اعم ال عبد اهلل العلمية ىف ض وء س نن‬


‫أرباب هذه العلوم مع االستعانة باملعاجم املختلفة‪.‬‬
‫س بق أن رأينا مكانة الش يخ عبد اهلل األدبية حيث خييل لق ارئ‬
‫انتاجه األدىب أنه أديب ال غ ري‪ .‬وما إن وقف اإلنس ان على مناذج من‬
‫انتاجه العلمى إال وخيل إليه انه ع امل ملم مبختلف العل وم من ص رف‬
‫وحنو وفقه وتفسري ومنطق ‪.‬‬
‫ومن ابرز مؤلفات الشيخ عبد اهلل ىف العلوم املختلفة ما يأتى ؛‪:‬‬

‫القرآن وعلومه ‪:‬‬


‫ضياء التأويل ىف معاىن التنزيل‬ ‫‪-1‬‬
‫الفرائد اجلليلة ووسائط الفوائد اجلميلة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كفاية ضعفاء السودان ىف بيان تفسري القرآن ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫مفتاح التفسري‬ ‫‪-4‬‬
‫نيل السؤل ىف تفاكري الرسول ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫احلديث وعلومه‬
‫درر احلكم للرسول وأهل الكرم‬ ‫‪-1‬‬
‫سر اجلامع للبخارى‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نيل املأمول من جامع كلم الرسول ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫مصباح الراوى ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أصول الدين‬
‫ألفية األصول ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫خالصة األصول‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العقيدة السنوسية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪144‬‬

‫نظم الوسطى‬ ‫‪-4‬‬


‫ضياء علوم الدين ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الفقه‪:‬‬
‫تعليم الراضى ىف أسباب االختصاص مبوات األراضى ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الس بيل املعني على املرشد املعني على الض رورى من عل وم‬ ‫‪-2‬‬
‫الدين‪.‬‬
‫ضوء املصلى ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضياء االنام ىف احلالل واحلرام ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫كفاية الطالب ىف النكاح ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫كفاية العوام ىف البيوع ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫اللؤلؤ املصون ىف قواعد العيون ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫السياسة الشرعية واإلدارة‬
‫كتاب الديات ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫سبيل السالمة ىف االمامة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ضياء االمام ىف صالح االنام‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضياء أهل الرشاد ىف أحكام اهلجرة واجلهاد ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ضياء احلكام فيما هلم وما عليهم من االحكام ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ضياء اخللفاء ومن دوهنم من االقرباء والضعفاء ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ضياء السلطان وغريه من االخوان ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫ضياء السياسات وفتاوى النوازل ىف فروع الدين من املسائل ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫ضياء اجملاهدين محاة الدين الراشدين ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫ضياء الواليات ىف األمور الدنيوية والدينيات‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫اآلداب اإلسالمية والتصوف‬
‫‪145‬‬

‫آداب العبادات والعادات‬ ‫‪-1‬‬


‫آداب املعاش رة لطلب النج اة ىف اآلخ رة مما ذكره الغزاىل ىف‬ ‫‪-2‬‬
‫األحياء ‪.‬‬
‫ايضاح زاد املعاد مبراقبة األوقات باألوراد ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫بيان األركان والشروط للطريقة الصوفية وتلقني األمساء السبعة‬ ‫‪-4‬‬
‫على طريق السادة ‪.‬‬
‫التبيان حلقق اإلنسان ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الرتهيب والرتغيب‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫تعيم األنام بتعظيم اهلل نبينا عليه الصالة والسالم‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫تقريب ىف علم أهل الذوق ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫سبيل أهل الصالح إىل الفالح‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫سبيل السنة املوصل إىل اجلنة وجوار اهلل ذى املنة ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫سبيل النجاة ‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫شفاء الناس من داء الغفلة والوسواس ‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫شكر االحسان على منن املنان ‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫ضياء السند‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫ضياء القواعد ونشر القواعد ‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫الطريق اجلادة وما احتوت عليه من اهلادة ‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫طريق الصاحلني‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫العادات على سنة الرسول وتابعيه السادات‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫عالمات املتبعني لسنة سول اهلل (ص) ‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫فضائل اجلهاد ‪.‬‬ ‫‪-20‬‬
‫قواعد الصالح من فوائد الفالح‪.‬‬ ‫‪-21‬‬
‫‪146‬‬

‫اللئاىل واملنثورة‪.‬‬ ‫‪-22‬‬


‫لباب املدخل ىف آداب أهل الدين بالفضل‪.‬‬ ‫‪-23‬‬
‫مصاحل اإلنسان املتعلقة باألديان واألبدان ‪.‬‬ ‫‪-24‬‬
‫مطية الزاد إىل املعاد‪.‬‬ ‫‪-25‬‬
‫كتاب املواعظ‬ ‫‪-26‬‬
‫النصائح ىف أهم املصاحل ‪.‬‬ ‫‪-27‬‬
‫منن املنان ملن أراد شعب اإلميان ‪.‬‬ ‫‪-28‬‬

‫اللغـة‪.‬‬
‫البحر احمليط ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫احلصن الرصني‬ ‫‪-2‬‬
‫فتح اللطيف الواىف ىف علمى العروض والقواىف‬ ‫‪-3‬‬
‫ملع الربق‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التاريخ والرتاجم‬
‫أخالق املصطفى ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ايداع النسوخ من أخذت من الشيوخ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تاريخ العلماء والصاحلني‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضياء أوىل األمر واجملاهدين ىف سرية النىب واخللفاء الراشدين‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ضياء املقتدين للخلفاء الراشدين ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫مسألة أصل الفالنيني ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫كتاب النسب ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الفلك واملنطق واللغات‬
‫تغريب ما اعجم الشيخ عثمان‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪147‬‬

‫درع الكيئة ىف هيجاء علم اهليئة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫فتح البصري ىف علم التبصر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫مفتاح التحقق ىف غالب ما حيتاج إليه ىف املنطق (‪. )55‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حتليل بعض مؤلفات الشيخ عبد اهلل العلمية ىف امليزان‬
‫ض ياء التأويل ىف مع اىن التنزيل ‪.‬وفياية ض عفاء الس ودان ىف بي ان‬ ‫(‪)1‬‬
‫تفسري القرءان ‪.‬‬
‫هذا الكتاب ىف جملدين كل جملد على جزئني‪ .‬تناول املؤلف فيه تفسري‬
‫الق رآن الك رمي معتم دا على ع دة تفاسري مش هورة كتفسري الط ربى‬
‫وتفسري الكش اف عن حق ائق غ وامض التنزيل للزخمش رى ‪ .‬وقد تط رق‬
‫للقراءات السبع ىف تفسريه ‪.‬‬
‫لقد تن اول الش يخ عبد اهلل م ادة املعجم ىف تفسري ض ياء التأويل‬
‫خري تن اول على ض وء حذفه للمعجم والتفاسري املش هورة‪ .‬ومن ذلك‬
‫شرحه لكلمة (املهل) ىف قوله تعاىل ‪ ( :‬إن شجرة الزقوم طعام األثيم‪،‬‬
‫تغلى ىف البط ون كغلى احلميم) ال دخان اآلية ‪ . 43‬ش رح الش يخ عبد‬
‫اهلل كلمة (املهل) قائال ‪( :‬كاحلديد أو النحاس الذى أمهل ىف النار حىت‬
‫ذاب ) وعند البحث عن نفس الكلمة ىف الق اموس احمليط يقابلك البي ان‬
‫اآلتى ‪( :‬واملهل – بالضم – اسم جيمع مع دنيات اجلواهر ‪ :‬كالفض ة‪،‬‬
‫واحلدي د‪ ،‬وحنومها‪ .‬والقط ران الرقي ق‪ .‬كاملهلة وما ذاب من ص فر أو‬
‫حديد ‪ .‬والزيت أو درديه أو رقيقه (‪. )56‬‬
‫وأما كفاية ض عفاء الس ودان ىف بي ان تفسري الق رآن فإنه ىف غاية‬
‫وض وح املعىن ىف مفرداته وتراكيبه ‪ ،‬األمر ال ذى يؤكد ملكة عبد اهلل‬
‫اللغوية عامة واملعجمية خاص ة‪ .‬لقد فسر الش يخ عبد اهلل اآلية الكرمية‬
‫ويس ألونك عن احمليض ‪ ،‬قل هو أذى ف اعتزلوا النس اء ىف احمليض وال‬
‫‪148‬‬

‫تقرب وهن حىت يطه رن ف إذا تطه رن ف أتوهن حيث أم ركم اهلل‪ ،‬إن اهلل‬
‫حيب الت وابني وحيب املتطه رين) البق رة اآلية ‪ ،222‬فس رها ىف الكالم‬
‫اآلتى ‪ ( :‬ويسألونك عن احمليض) احليض او مكانه (قل هو) احليض‬
‫( أذى) شئ مس تقذر م ؤذ من يقربه نف ره منه (ف اعتزلوا النس اء) أى‬
‫وط أهن‪ ،‬وك ذا اس تمتاع مبا بني الس رة والركبة (ىف احمليض) أى وقته‬
‫وحمله (وال تقرب وهن) باجلم اع (حىت يطه رن) يغتس لن بعد انقطاعه‬
‫غسل اجلنابة (ف إذا تطه رن) باملاء ( ف أتوهن) للجم اع ( من حيث‬
‫أمركم اهلل) بتجنبه ىف احليض وهو القبل وال تعتدوه إىل غريه‪ ،‬وتسقط‬
‫الصالة وقضاؤها عن احلائض كالنفساء والصوم وتقضيه‪ ،‬وال ح ّد ألقل‬
‫احليض والنف اس‪ ،‬وأك ثر النفا س تون يوم ا‪ ،‬وأك ثر احلض خيتلف‬
‫ب اختالف النس اء مخسة عشر للمب ادرة وللمعت ادة عادهتا‪ ،‬واحلامل إن‬
‫رأت ال دم فهو حيض ‪ ،‬ف إن مل تتغري عادهتا فعليها وإال فلها بعد ثالثة‬
‫أشهر وحنوه ‪ ،‬وبعد الستة عشرون ‪ ،‬وأول من احليض لتسع سنني وال‬
‫حد ألمده‪ ،‬وأقل الطهر بني احليضتني نصف شهر‪ ،‬وال كفارة على من‬
‫وطئ ىف احليض ‪ ،‬بل يت وب‪ .‬ف إذا انقطع ومها وع دمت املاء ت تيمم ‪.‬‬
‫وال حيل وطؤها ب ه‪ ،‬وتق رأ احلائض الق رآن‪ .‬واهلل أعلم‪( .‬إن اهلل حيب‬
‫التوابني وحيب املتطهرين) من األقذار والذنوب (‪. )57‬‬
‫إن القارئ لتفسري اآلية السابقة يالحظ ما ىف شرح املفردات من‬
‫الدقة وما بني أج زاء اجلمل من تالؤم‪ .‬ومل يقتصر عبد اهلل ىف اجالء‬
‫املعجمى لآلية فحسب وامنا اس تعان ب العلوم الش رعية األخ رى املتعلقة‬
‫مبوض وع احليض ليق رب املعىن إىل الق ارئ‪ .‬ج اء تفسري اآلية كمؤلف‬
‫موسة ىف موض وع احليض خيرج الق ارئ منه مبختلف معلوم ات احليض‬
‫‪149‬‬

‫كبريها وص غريها‪ .‬وك أن الق ارئ مع ق اموس لغوى واص طالحى لتفهم‬
‫مغزى اآلية ‪.‬‬
‫وهذا كله اشعار بامللكة املعجمية لدى شخصية عبد اهلل ‪.‬‬
‫البحر احمليط واحلصن الرصني ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫البحر احمليط ‪ :‬وهو نظم طويل يقع ىف أك ثر من أربعة آالف‬ ‫(‪)I‬‬
‫بيت ش عر ىف ج زءين ي دور ح ول النحو والص رف واخلط ‪ ،‬وهو نظم‬
‫لكتاىب مجع اجلوامع ومهع اهلوامع جلالل الدين السيوطى ‪.‬‬
‫تن اول الش يخ عبد اهلل ىف البحر احمليط موض وعات الفن ون‬
‫املذكورة ىف خطة منحص رة ىف مقدم ة‪ ،‬وس بعة كتب وخامتة‪.‬‬
‫حتدث ىف املقدمة عن الص وت والكلمة وأقس امها‪ .‬وىف الكت اب‬
‫األول تناول مفهوم العمدة وأنواعها عند النحويني‪ .‬وىف الكتاب‬
‫الث اىن ع اجل الفض الت ومكانتها ىف الرتكيب أما الكت اب الث الث‬
‫فج اء ىف اجملرورات وما محل عليها من اجملزوم ات ‪ .‬حتدث عن‬
‫العوامل ىف الكت اب الراب ع‪ ،‬بينما ك ان الكت اب اخلامس ىف‬
‫التواب ع‪ .‬ج اء بي ان األبنية ىف الكت اب الس ادس ‪ .‬خص عبد اهلل‬
‫الكت اب الس ابع بالتص ريف األعلى‪ ،‬وخصص اخلامتة ىف اخلط ‪.‬‬
‫أورد ىف كال مه عن اخلط أصوله كاألحكام املتعلق هبا الس كت‬
‫وما يوقف عليه من الت اءات باهلاء حنو رمحة‪ ،‬ونعمة ‪ .‬وأورد ما‬
‫يكتب بالت اء ويوقف عليه بالت اء أيضا حنو ‪ :‬أخت … اخل من‬
‫نص البحر احمليط األبيات اآلتية ‪:‬‬
‫احلمد هلل على تسهيــل * فتح االعادى (املغىن) النبيـل‬
‫بالكسر واخلفض وجر اهلون* واجلزم فيهم الزم السكـون‬
‫ورفع أهل ملة االســالم * على سواهمءاخر األيــام‬
‫‪150‬‬

‫بـ نصب راية اجملاهديـن * وضم مشلهم فشادوا الديـن‬


‫إذ حنوه قد صرفروا القلوبا * فأفعموا من سره اجليوبـا‬
‫مفصل األنوار ىف الضمائر * وعادم االشباه والنظائــر‬
‫والبسط ىف املطالع السعيدة * عمدهتم باملنح احلميــدة‬
‫فأعربوا البعض على التصريح* والبعض مبىن على التلويح‬
‫هنجتهم من أوضح املسالك * خالصة ومنهج للسالـك‬
‫فريدة للطالبني كافي ــة * بشرحها باال رتشاف شافيه‬
‫مث صالته مع الس ــالم * على نظام مجلة األنــام‬
‫حممد نعمته ألت صبغــا * عباده فيها عليهم أسبغــا‬
‫ذى الكلم الوجائز اجلوامـع* وصبحه غيوثنا اهلوامــع‬
‫ما قام بالنفس ضمري أعربـا * عنه فم لسامع وقربــا‬
‫وأستعينه على نظـ ــام * مجع اجلوامع البليغ السامى‬
‫على مجيع كتب العربيــة * وشرحه احلائز للمزيــة‬
‫مهع اهلوامع الروى احملـيـط * كالمها للعامل السيوطـى‬
‫ورمبا انقص أو ازي ــد * لعلة ونيل مـا يفيــد‬
‫ورمبا قدمت أو أخ ــرت * ملقتض داع إىل ما اخرتت‬
‫لقبه إذ حوى روى السيوطى * وغريه ببحره احمليــط‬
‫وأسأل النفع على الــدوام * به مع التقريب لألفهـام‬
‫خمتصرا ياتى على مقدمــه * وسبعة من كتب وخامته‪.‬‬
‫إن األبيات املذكورة اعاله مبثابة دعاء االفتتاح من محدلة وصالة‬
‫وس الم على النىب املص طفى وص حبه واالش ادة بش أن اجله اد ال ذى هو‬
‫ش عار مجاعة عبد اهلل‪ .‬غري أن الق ارئ يالحظ ما ىف ه ذه األبي ات من‬
‫ملكة لغوية خارقة بدليل ان عبد اهلل استطاع أن يتالعب بالعربية حيث‬
‫‪151‬‬

‫رمز إىل مع ان بألف اظ غري مس تعملة ع ادة ىف أداء ه ذه املع اىن ‪ .‬وذلك‬
‫حيث رمز بألف اظ الفتح والكسر واجلزم والس كون إىل مع اىن س لبية‬
‫وهى القضاء على الكفار‪ .‬وىف الوقت نفسه هذه األلفاظ مصطلحات‬
‫ىف العلوم الىت هو بصدد احلديث عنها أال وهى النحو والصرف واخلط‬
‫‪ .‬وليس ذلك عف وا‪ ،‬وإمنا تعمد عبد اهلل ذلك ليهيأ ذهن الق ارئ‬
‫الس تقبال ه ذه الكلم ات قبل اخلوض ىف لب املوض وع ‪ .‬وإنك لو‬
‫كتبت ه ذه األبي ات خ ارج احمليط الس تقامت كابي ات ش عرية رفيعة‬
‫شكال ومضمونا‪ .‬فيمكن اعتبارها أدبا وعلما ىف ا لوقت نفسه‪ .‬بدرجة‬
‫ك ون ه ذه األبي ات براعة اإلس تهالل إهنا داللة واض حة على ح ذف‬
‫معجم اللغة العربية لدى عبد اهلل‪ ،‬إذ بدون اإلملام مبختلف معاىن اللفاظ‬
‫القريبة والبعيدة لن يتأتى مثل هذا الصنيع لإلنسان (‪. )58‬‬
‫وأما لب موض وعات الكت اب فمن ذلك ما اورده عبد اهلل حتت‬
‫عنوان (الكلمة) الوارد ىف املقدمة‪ ،‬وذلك كاآلتى ‪:‬‬
‫كلمتنا مفر قول استقــل * ومعه منوى على القول األجــل‬
‫كمضمر ىف حنو قم ال مانوى * ىف النفس إذ ىف اللفظ غري حمتوى‬
‫ورد شرط كوهنا حرفيــن * بالالم والباء وحنو ذي ـ ــن‬
‫خيرج حنو اخلط كاملركـب * وحرف ءات مع ياء النســب ‪.‬‬
‫وه ذه األبي ات وما بع دها عب ارة عن مفه وم الكلمة عند النح اة‬
‫وما خيرج عنها‪ .‬وذلك كله على ضوء أقوال النحاة (‪. )59‬‬
‫ومما يس تنتج من األبي ات األوىل للكت اب منهج الش يخ عبد اهلل‬
‫لإلس تفادة من مص ادر ه ذا العم ل‪ .‬يتمثل ه ذا املنهج ىف اإلنق اص‬
‫والزيادة والتقدمي والتأخري‪.‬‬
‫‪152‬‬

‫أما االقاص فهو نوعان‪ ،‬نوع يرجع إىل التخطيط والتنظيم ‪ ،‬وهو يتعلق‬
‫بالعناوين كنقص (عوارض الرتكيب) من الكتاب اخلامس ‪ .‬كان أصل‬
‫العن وان )(الكت اب اخلامس ىف الت ابع وع وارض ال رتكيب) ليص بح ( ىف‬
‫التواب ع) فق ط‪ .‬ون وع االنقاص الثاىن مرجعه العلم‪ ،‬وهو قس مان‪ .‬قسم‬
‫يك ون النقص فيه غري كامل ك أن ينقص بعض املوض وعات ال واردة ىف‬
‫األصل كوضع الش يخ عبد اهلل مهزة الوصل ىف اخلامتة بيد أهناك انت ىف‬
‫األصل حتت (فائدة) ‪.‬‬
‫والقسم اآلخر من االنقاص هو ما كان النقص فيه كامال حلذفه‬
‫املوضوع كله من لبحر احمليط كاسقاط عبد اهلل االشتقاق بنوعيه األكرب‬
‫واألصغر ‪.‬‬
‫وأما الزي ادة ىف البحر احمليط فهى نوع ان أيض ا‪ ،‬ن وع‬
‫مرجعهاالتخطيط والتنظيم للمادة العلمية ‪ ،‬بزيادة كلمة أو كلمتني على‬
‫عن اوين الكتب (األب واب) الىت ىف األصل كزي ادة كلمة (األعلى) على‬
‫عنوان (الكتاب السابع ىف التصريف) ‪.‬‬
‫والن وع اآلخر هو زي ادة مرجها املادة العلمي ة‪ .‬ت بني للب احثني أ‪،‬‬
‫الش يخ عبد اهلل زاد على ما ىف (مجع اجلوامع ) وش رحه (مهع اهلوام ع)‬
‫زادة علمية مما أف اده من كتب العربية األخ رى‪ ،‬س واء ك انت له أم‬
‫لغ ريه‪ ،‬وهى زي ادة ليست كب رية‪ ،‬ولكنها مع ذلك تعد اس تدراكا على‬
‫السيوطى ىف مجعه اجلوامع الذى امتدحه بأنه مجع مجع إحاطة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالتق دمي‪ ،‬فهو بتق دمي بعض مس ائل الكت اب على‬
‫بعض كتق دمي مس ألة ىف اع راب أمساء الش رط واالس تفهام ىف الكت اب‬
‫الثالث على مسألة حذف جواب الشرط‪ .‬وقد يكون التقدمي ىف مسألة‬
‫ىف كت اب إىل كت اب آخر كتق دمي مس ألة امليزان الص رىف من الكت اب‬
‫‪153‬‬

‫الس ابع وجعلها ىف الكت اب الس ادس ‪ .‬وأما الت أخري فمنه ت أخري مس ائل‬
‫كت اب معني على مس ائل أخ رى فىنفس الكت اب كت أخريه التق اء‬
‫الس اكنني عن االمالة من الكت اب الس ادس ‪ .‬وقد يك ون الت أخري نقل‬
‫مسألة من كتاب سابق إىل كتاب الحق لنقله مسألةابدال اهلاء من التاء‬
‫وغريه من الكتاب السادس إىل الكتاب السابع ‪.‬‬
‫وهكذا جند الشيخ عبد اهلل يستفيد من مصادر الثقافة املختلفة‪،‬‬
‫مزيدا أحيانا وناقصا أحيانا‪ ،‬مقدما حينا ومؤخرا حينا آخر‪ ،‬ومستدركا‬
‫ملا يتعاط اه من املعلوم ات ىف بعض األح ايني‪ .‬ومثل ه ذا يقابلنا عند‬
‫ع رض كتابه (احلصن الرص ني) ىف فن الص رف‪ .‬ومن نص كت اب‬
‫احلصن ما اورده املؤلف فىمقدمة الكتاب قائال ‪:‬‬
‫احلمد هلل الذى تعرفــا * إىل عبــاده مبا تصــرفا‬
‫وأنطق اللغات بالبـوادى * البلغاء اللـسن اهلــوادى‬
‫وعم بالروائــح اآليادى * مع الفوادى اجملتدى واجلادى‬
‫إذ أرسل الرسول للعبـاد * يرشدهم مهايع الرشــاد‬
‫حممدا سيد كل ن ــاد * أفصح كل ناطق بالضـاد‬
‫وبعد فالعلم له ري ــاض* وبينها احلياض والغيــاض‬
‫وحوهلا مخائل شعــاب * وفوقها شواهق هضــاب‬
‫تفرعت من أصله أفنـان * وانشق من دوحته خيطـان‬
‫ومربز االسرار للجميـع * علم لسان العرب الرفيــع‬
‫وهو سبيل الفهم للمعاىن * ىف سنة النىب والق ــرآن‬
‫قد اعتىن حبفظه عصابـه * ىف كل عصرهم دوا األصابه‬
‫فأصلواال واحرزوا دقائقه * وفرعوا فابرزوا حقائق ــه‬
‫وقنصوا ىف نثرهم شوارده * وسردوا ىف نظمهم قالئــده‬
‫‪154‬‬

‫فأرهفوا خماذم الرباعــه * وارعفوا خماطم الرياعــه‬


‫فألفوا ىف علمه أفــادوا * وصنفوا ىف نوعه أجــادوا‬
‫جزاهم رضوانه الســالم * ىف جنة السالم والســالم‬
‫فأصله اللغات والتصريـف * دوحته وفرعه الشريــف‬
‫مفتاح كنـزه وكيميــاء * أسراره يعلمـه األدبــاء‬
‫أم العلوم من أبيها أرحم * النحو واجتماع ذين أقـوم‬
‫وعندنا المية االفع ــال* وشرحها اجلامع لألمثــال‬
‫أهم شئ فيه للط ــالب* وقد أخال بعض ذا الطـالب‬
‫إذ أمهال التصريف لألمسـاء * بالنص واملثال واإلميــاء‬
‫كم ناظم ما فيهما عليهمـا * مقتصر وزائد صرف مسـا‬
‫وكلهم مبا نواه أو ف ــى* فاهلل جيزيه اجلزاء األوفــى‬
‫وقد أثرهتم بذى املهايــع * منبها لبعض ما ىف اجلامـع‬
‫من غلط واخللف للقامـوس * إذ هو ىف العلم كالغميـس‬
‫وزائدا عليه ىف ماحصــرا * من السماعى بلون محــرا‬
‫لكى يرى بادى بدا الزيادة * عليه من رام هبا استفــاده‬
‫فجاء كاحلصن الرصني اجلامع* مدينة الصرف وسور اجلامع‬
‫حبمد ربنا هو املن ــان * بكل خري قبله امتن ــان‬
‫ومل أرد اشاعة املفاخــر * على أديب سيد األكابــر‬
‫بل إنه بيان قول الشاعـر * كم ترك األول أى لألخــر‬
‫وال يطاع عامل ىف باطـل * واحلق مقبول ولو من جاهـل‬
‫وأن ذا العلم باإلستقـراء * ونعله من كتب األدب ــاء‬
‫معتذرا للناقد البصــري * باجلهل واالشغال والتقصيـر‬
‫وسائال هلل أن يسهــال * وينفع الكل به ويقبـ ــال ‪.‬‬
‫‪155‬‬

‫إن األبي ات الس ابقة تكفينا حكما على مكانة الش يخ عبد اهلل‬
‫العلمي ة‪ .‬إنه خالل ه ذه األبي اض املح إىل طبيعة العلم بأنه ش عبة ذو‬
‫ش عاب ‪ .‬ومن بني ش عاب العلم علم اللس ان أو عل وم اللغة مجيعا إذ هبا‬
‫يفهم اإلنس ان س نة املص طفى (ص) وكالم اهلل الع رىب املبني‪ .‬مث رتب‬
‫علوم اللغة مبينا أمهية كل‪ .‬بدأ باللغات (معاىن األلفاظ والرتاكيب) مث‬
‫التص ريف مث النحو ‪ ،‬وأش ار إىل تالزم الص رف مع النحو ‪ .‬مث الم‬
‫الطالب املهملني علم التصريف ‪.‬‬
‫مث نقابل الش يخ عبد اهلل يثبت ما تركه العلم اء الس ابقون من‬
‫ف راغ أو ما ارتكب وه من أخط اء ىف جماالت الدراسة اللغوية وض رورة‬
‫تالىف هذه القصور‪.‬‬
‫مث أف اد ب أن املص در األساسى الس تقاء املق اييس الص رفية هو‬
‫الق اموس (اللغ وى) ال ذى ومسه ب الغميس ‪ .‬وه ذا الق ول اش عار مبكانة‬
‫الق اموس ىف الدراسة اللغوي ة‪ ،‬ويفهم ك ذلك أن الش يخ عبد اهلل اختذ‬
‫الق اموس مرجعه لص قل معارفه اللغوية ‪ ،‬ونفهم من ه ذا أيضا أن دور‬
‫القاموس اللغوى يتعدى تقدمي شرح معاىن املفردات أو الرتاكيب‪ ،‬إىل‬
‫احلديث عن اش تقاق األلف اظ ىف اللغة املعينة ‪ .‬ولعل تبحر عبد اهلل ىف‬
‫املادة املعجمية راجع إىل شغفه بعلم الصرف‪.‬‬
‫وخالصة الق ول ك ان للش يخ عبد اهلل ثقافة أدبية وعلمية ىف‬
‫منتهى الس عة واجلودة حيث جند انتاجاته األدبية والعلمية متثل ص دى‬
‫من أصداء خمتلف فروع املعرفة مبا ذلك من املعجم‪ ،‬ومل ال يتقن املعجم‬
‫الع رىب وقد ط الع كتب األدب والص رف والنحو والعل وم األخ رى‬
‫وعالوة على ذلك كان مصاحبا للقاموس احمليط حال وترحا ‪.‬‬
‫‪156‬‬

‫هوامش الباب الثالث ‪:‬‬


‫الش يخ أكمل ال دين حممد بن حممد بن حمم ود بن أمحد الب ابرتى‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ش رح التلخيص ‪ ،‬دراسة وحتقيق ‪ ،‬ال دكتور حممد مص طفى رمض ان‬
‫ص وفية‪ ،‬املنش أة العامة للنشر والتوزيع واالعالن‪ ،‬ط رابلس‪ ،‬اجلماهريية‬
‫العربية الليبية الش عبية االش رتاكية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1392 .‬هـ (‪)1983‬‬
‫ص ‪. 687 – 686‬‬
‫املرجع السابق ص ‪690‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫اإلم ام اخلطيب القزويىن ‪ ،‬االيض اح ىف عل وم البالغ ة‪ ،‬ش رح‬ ‫(‪)3‬‬
‫وتعليق الدكتور حممد عبد املنعم خفاجى‪ ،‬دار الكتاب اللبنانية ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1391 ،‬هـ ( ‪1971‬م) ص ‪. 570 – 569‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 573 – 572‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 576 – 575‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫الب ابرتى‪ ،‬املرجع الس ابق ش رح التلخيص ص ‪704 – 703‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫والقزويىن‪ ،‬املرجع السابق ص ‪. 584 – 580‬‬
‫القزويىن‪ ،‬املرجع السابق ص ‪. 585 – 584‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 587 – 586‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫املرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 588 - 587‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫املرجع ص ‪. 589‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫املرجع اسابق ص ‪575 – 574‬‬ ‫(‪)11‬‬
‫‪157‬‬

‫العالمة عبد الرمحن جالل الدين السيوطى‪ ،‬املزهر ىف علوم اللغة‬ ‫(‪)12‬‬
‫وأنواعها‪ . ،‬دار الفكر ‪ ،‬بريوت ‪ ،‬لبنان ج ‪ 1‬ص ‪. 12 – 11‬‬
‫املعاجم اللغوية ىف ضوء دراسات علم اللغة احلديث ص ‪. 100‬‬ ‫(‪)13‬‬
‫سورة النور اآلية ‪. 35‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫سورة الفتح‪ ،‬اآلية ‪. 4 – 1‬‬ ‫(‪)15‬‬
‫على اجلارم ومص طفى أمني ‪ ،‬البالغة الواض حة ‪ ،‬بال مطبعة‬ ‫(‪)16‬‬
‫وتاريخ الطباعة‪ .‬ص ‪. 26 – 259‬‬
‫املرجع السابق نفس الصفحة ‪.‬‬ ‫(‪)17‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 260‬‬ ‫(‪)18‬‬
‫جالل الدين عبد الرمحن السيوطى – االتقان ىف علوم القرآن ج‬ ‫(‪)19‬‬
‫‪ 1‬ص ‪. 157 – 155‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 158 – 157‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫حماضرات ىف املعجم العرىب واملكتبة العربية ص ‪. 52 – 51‬‬ ‫(‪)21‬‬
‫املزهر ىف علوم اللغة وأنواعها ص ‪. 234‬‬ ‫(‪)22‬‬
‫حماض رات ىف العجم الع رىب واملكتبة ص ‪ 52 – 51‬واملزهر ىف‬ ‫(‪)23‬‬
‫علوم اللغة وأنواعها ص ‪. 234‬‬
‫أمحد أمحد ب دوى‪ ،‬من بالغة الق رآن ‪ ،‬دار هنضة مصر للطبع‬ ‫(‪)24‬‬
‫والنشر‪ ،‬الفجالة‪ ،‬القاهرة‪1950 ،‬م ص ‪. 59 – 57‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 91 – 90‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 55 – 54‬‬ ‫(‪)26‬‬
‫سورة التوبة ص ‪. 37‬‬ ‫(‪)27‬‬
‫بشري عثم ان أمحد ‪ ،‬دار الوث ائق س وكوتو ‪ ،‬االس هام الفك رى‬ ‫(‪)28‬‬
‫للش يخ عبد اهلل بن ف ودى ‪ .‬دراسة ببلوجرافي ة‪ .‬ورقة مق دم ىف املؤمتر‬
‫‪158‬‬

‫اإلسالمى عن حياة واعمال الشيخ عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬املنعقد من قبل‬


‫جامعة سوكوتو ‪ 11 -8‬مارس ‪ 1989‬ص ‪. 11 – 10‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 12 ، 11‬‬ ‫(‪)V‬‬
‫(د)عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬احلصن الرصني ( اجلامع مدينة الصرف)‬
‫خمطوط ص ‪. 4‬‬
‫الف ازازى‪ ،‬هو ص احب قص يدة " الوس ائل املتقبلة املوس ومة‬ ‫(‪)29‬‬
‫بالعشرينيات ‪ .‬وهى سابقة على العشريات‪.‬‬
‫الشيخ عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬كتاب تزيني الورقات‪ ،‬نشر األستاذ‬ ‫(‪)30‬‬
‫أىب بكر بن عثم ان ب اىب واحلاج عبد ال رمحن بن احلاج عثم ان املغ رىب‬
‫‪1383‬هـ ص ‪. 8 – 7‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 21‬‬ ‫(‪)31‬‬
‫حممد بن يعق وب‪ ،‬أبو ط اهر ال دين الش ريازى الفريوزب ادى‪،‬‬ ‫(‪)32‬‬
‫الق اموس احمليط ‪ ،‬أع اد ترتيبه األس تاذ الط اهر أمحد ال رازى على طريقة‬
‫املصباح املنري وأساس البالغة ‪ .‬دار الفكر للطباعة ج ‪ 3‬ص‪. 43‬‬
‫عبد اهلل بن حممد ف ودى‪ ،‬ت زيني الورق ات‪ ،‬حتقيق وترمجة ما بني‬ ‫(‪)33‬‬
‫هسكيت ‪ ،‬مطبعة جامعة ‪ ،‬إبادن ‪1963‬م ص ‪. 12 – 10‬‬
‫احلسن بن مس عود اليوسى ‪ ،‬القص يدة الدالية ىف م دح أىب عبد‬ ‫(‪)34‬‬
‫اهلل حممد بن ناصر الدين الدرعى ‪ ،‬نشر بابن كابو سنك كنو ‪ ،‬نيجري‬
‫يا ‪ ،‬خمطوط ص ‪. 1‬‬
‫انظر ‪ :‬تزيني الورقات املخطوط ص ‪. 75 – 73‬‬ ‫(‪)35‬‬
‫مصطفى السقا ‪ ،‬مصطفى السقا‪ ،‬خمتار الشعر اجلاهلى‪ ،‬شركة‬ ‫(‪)36‬‬
‫مص طفى الب اىل احللىب وأوالده‪ ،‬مبصر الطبعة الرابعة ‪1391‬هـ (‬
‫‪1971‬م) ص ‪. 162 - 159‬‬
‫‪159‬‬

‫املرجع السابق ص ‪. 175‬‬ ‫(‪)37‬‬


‫آدم عبد اهلل االل ورى‪ ،‬الش يخ عبد اهلل بن ف ودى وختميس‬ ‫(‪)38‬‬
‫العش ريات‪ ،‬مقالة مقدمه ىف ن دوة إحي اء آث ار عبد اهلل بن ف ودى املنعقد‬
‫ىف ‪ 6‬مجادى الثانية ‪1404‬هـ (‪ 8‬م ارس ‪1984‬م) جبامعة س وكوتو ‪،‬‬
‫نيجري يا ص ‪. 3 – 2‬‬
‫الدكتور على أبوبكر الثقافة العربية ىف نيجرييا من ‪1750‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫– ‪. 1960‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 3‬‬ ‫(‪)40‬‬
‫املرجع السابق ص ‪. 3 – 2‬‬ ‫(‪)41‬‬
‫املرجع السابق ص ‪6 – 2‬‬ ‫(‪)42‬‬
‫املرجع السابق ص ‪4 – 2‬‬ ‫(‪)43‬‬
‫انظر عبد اهلل بن ف ودى ‪ ،‬النفح ات البش رية‪ ،‬ش رح القص ائد‬ ‫(‪)44‬‬
‫العشرية ز ص ‪5 – 4‬‬
‫أبو ط اهر حممد بن يعق وب الفريوزب ادى‪ .‬الق اموس احمليط ‪:‬‬ ‫(‪)45‬‬
‫ترتيب الطاهر أمحد الزاوى‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنثر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪1970‬م ‪. 1390‬ج ‪ 3‬باب الطاء ص ‪. 63‬‬
‫أبو الفضل مجال ال دين حممد بن مك رم ابن منظ ور االف ريقى‬ ‫(‪)46‬‬
‫املص رى‪ ،‬لس ان الع رب‪ ،‬نشر أدب احلوزة ‪ ،‬قم ‪ ،‬إي ران ‪1405‬هـ‬
‫‪1985‬م ‪ .‬ج ‪ 1‬باب اهلمزة فصل الطاء ص ‪.114‬‬
‫ترتيب القاموس احمليط ‪ :‬ج ‪ 4‬باب اهلاء ص ‪. 534‬‬ ‫(‪)47‬‬
‫املرجع السابق ج ‪ 4‬باب امليم ص ‪. 221‬‬ ‫(‪)48‬‬
‫املرجع السابق ج ‪ 2‬باب الراء ص ‪. 358‬‬ ‫(‪)49‬‬
‫املرجع السابق ‪ :‬ج ‪ 4‬باب الال م ص ‪. 126‬‬ ‫(‪)50‬‬
‫‪160‬‬

‫املرجع السابق‪ ،‬ج ‪ 4‬باب الالمص ‪. 191‬‬ ‫(‪)51‬‬


‫املرجع السابق ‪ ،‬ج ‪ 4‬باب الالم ص ‪. 191‬‬ ‫(‪)52‬‬
‫املرجع السابق ج ‪ 3‬ص ‪ 372‬باب الراء ‪.‬‬ ‫(‪)53‬‬
‫د‪ .‬ب دوى طبانة ‪ ،‬النقد األدىب ‪ ،‬وزارة التعليم الع اىل‪ ،‬اململكة‬ ‫(‪)54‬‬
‫العربية السعودية ‪ ،‬ط ‪ 4‬ص ‪. 23 – 21‬‬
‫بشري عثمان أمحد‪ ،‬املرجع السابق ص ‪4 – 1‬‬ ‫(‪)55‬‬
‫عبد اهلل بن حممد ف ودى ‪ ،‬ض ياء التأويل ىف مع اىن التنـزيل نشر‬ ‫(‪)56‬‬
‫احلاج حممد طن إغى سوكوتو ‪ ،‬سورة الدخان اآلية ‪ . 43‬ج ‪ 4‬ص‬
‫‪. 97‬‬
‫الفريوزب ادى ت رتيب الق اموس احمليط ج ‪ 4‬ص ‪ 292‬م ادة‬ ‫(‪)57‬‬
‫(مهل) ‪.‬‬
‫عبد اهلل بن حممد فودى ‪ ،‬كفاية ضعفاء السودان ىف بيان تفسري‬ ‫(‪)58‬‬
‫الق رآن ‪ ،‬مؤسسة أمحد حممد السنوسى غومىب ‪ ،‬كادونا ‪ ،‬نيجري يا‬
‫الطبعة األوىل ‪1910‬هـ ( ‪1989‬م)‬
‫أبو عبد اهلل حممد عبد اهلل بن حممد ف ودى ‪ ،‬البحر احمليط نظم‬ ‫(‪)59‬‬
‫مجع اجلوامع ىف النحو و ش رحه مهع اهلوامع جلالل ال دين الس يوطى ‪،‬‬
‫‪ 1397‬هـ (‪1977‬م) ‪ .‬بال مطبعة ‪ ،‬ص ‪.4 – 2‬‬

‫الباب الرابع ‪ :‬أثر الشيخ عبد اهلل فيمن بعده ‪.‬‬


‫هذا الباب عبارة عن عرض آلثار الشيخ عبد اهلل فيمن بعده من‬
‫العلم اء ىف املعاهد الدهليزية واجلامع ات ىف اجملال اللغ وى عموما‬
‫‪161‬‬

‫واملعجمى خصوصا ‪ .‬يقع ىف مبح ثني ‪ ،‬مبحث ىف علم اء ال دهاليز‬


‫وآخر ىف علماء اجلامعات‪.‬‬
‫إن ال دعوة اإلس المية واللغة العربية وجه ان لعملة واح دة‪ ،‬إذ‬
‫أن زل الق رآن الك رمي بلس ان ع رىب م بني‪ ،‬ورس ول اإلس الم حممد عليه‬
‫أفضل الصالة والسالم عرىب ‪.‬‬
‫قامت املعاهد اإلسالمية انطالقا من املسجد النبوى الشريف ىف‬
‫املدينة املن ورة ‪ ،‬وجوامع البص رة والكوفة وبغ دد ف القريوان وقرطة‬
‫وطليطلة واألزه ر‪ ،‬مت ذلك كله على أي دى ص حابة النىب ص لوات اهلل‬
‫عليه وسالمه والتابعني هلم ‪.‬‬
‫وعلى ذلك االثر الطيب ق ام العلم اء ال دعاة املخلص ون ىف بق اع‬
‫افريقيا من أيام ممالك غانة وماىل ‪ ،‬وسنغى وبرنو واخلالفة اإلسالمية ىف‬
‫صكتو املمتدة إىل بالد إلورن واتسع األمر إىل سائر مناطق نيجرييا‪ .‬من‬
‫أولئك العلماء النجيب التكداوىن وحممد البكرى الرب نوى وجربيل ابن‬
‫عمر املرتى حىت ابن ف ودى الص كىت وأنص اره من ش قيقه عبد اهلل وجنله‬
‫حممد بلو ومنهم ابن جنتا االلورى‪.‬‬
‫والثقافة العربية ينتش ران ىف كنف الكت اتيب واملعاهد العلمية‬
‫واجلامعات إىل يومنا هذا (‪. )1‬‬
‫ك انت الكت اتيب تق ام ع ادة ىف بي وت العلم اء واألئمة حرمة‬
‫للمس اجد ألن األطف ال ال يتوروع ون من النجاس ة‪ ،‬ويلقن املتعلم ون‬
‫فيها كت اب اهلل تع اىل وس نة رس وله ص لى اهلل عليه وس لم ومب ادئ‬
‫اإلس الم‪ ،‬وك ذلك اخلط‪ ،‬وي رىب فيهم روح االعتم اد على النفس إذ‬
‫ك ان بعض الش يوخ يش غلوهنم ىف املزارع واملرعى واملص انع اخلفيفة ‪.‬‬
‫وقد لعبت ه ذه الكت اتيب دورا فع اال ىف احلف اظ على عق ول ه ؤالء‬
‫‪162‬‬

‫االطف ال املس لمني من تس رب عقائد وأفك ار هدمة يس عى االستش راق‬


‫إىل بثها تنفيذا ملخططاته املدمرة جتاه الثقافة اإلسالمية ‪.‬‬
‫وأما املعاهد العلمية فتعقد حلقاهتا ىف ده اليز العلم اء‪ ،‬وىف‬
‫سوارى اجلوامع ‪ ،‬وتلقى فيها أصول اإلسالم والعربية من فقه وحديث‬
‫ومص طلح وعقي دة وس لوك وحنو وص رف وبالغة وق راءة ومت ون عربية‬
‫وأدب ‪ .‬تقوم املعاهد مبهمة اعداد رجال يقومون باحلقول اإلسالمية ىف‬
‫الدعوة واإلرشاد معلمني وأدباء وقضاة ومفتني وجنودا‪.‬‬
‫لقد وقف خرجيو ه ذه الكت اتيب واملعاهد وقفة ص امدة أم ام‬
‫السطو اإلستشراقى املتمثل ىف اإلستعمار واملسيحية‪ .‬وذلك رغم غرس‬
‫ار اهلدامة ىف املدارس الغربية من ابتدائية واعدادية وثانوية‬ ‫األفك‬
‫وجامع ة‪ .‬ال ي زال هن اك آالف االل وف فمن ابن اء البالد ص امدون على‬
‫غ رس الثقافة العربية اإلس المية ىف نف وس الش عب النيج ريى ‪ ،‬املس لم‬
‫وغري املس لم‪ .‬ونتيجة ه ذه اجله ود بش هد اإلس الم انتش ارا باص را ىف‬
‫(‪)2‬‬
‫أوساط النيجريين حاليا‪.‬‬
‫وبانشاء اجلامعات ظهر هناك نوابغ من ابناء املسلمني مههم رفع‬
‫لواء اإلسالم والثقافة العربية رغم التيارات املعادية الداخلية واخلارجية‪.‬‬
‫ومن املعاهد القدمية الىت ت ولت نشر الثقافة اإلس المية والعربية‬
‫معاهد كتسنه وكانو وزاريا وبرنو وسوكوتو (‪. )3‬‬
‫ك ان ىف مدينة س وكوتو س تة معاه د‪ ،‬على رأس ها معهد الش يخ‬
‫عثمان‪ ،‬وكان له عدة فروع ىف سوكوتو وىف مجيع احناء األمرباطورية‪.‬‬
‫وملا توىف الشيخ عثمان توىل ابنه حممد بلو رعاية هذا املعهد‪.‬‬
‫يلى معهد الش يخ عثم ان معهد ال وزير األول للش يخ عثم ان‬
‫األس تاذ حممد غط اطو طن ليم ا‪ ،‬وخلفه ابنه عبد الق ادر ىف ال وزارة وىف‬
‫‪163‬‬

‫التدريس باملعهد ‪ .‬خلف عبد القادر ابنه ابراهيم اخلليل بن عبد القادر‪،‬‬
‫مث خلف إبراهيم اخلليل جنله الوزير عبد اهلل امللقب ببايرو العامل األديب‬
‫ال ذى رثى أمري غون دو املص طفى ابن حممد بن عبد اهلل ‪ .‬وقد خلف‬
‫ال وزير عبد اهلل ال وزير حممد البخ ارى األديب‪ .‬خلف ال وزير حممد‬
‫البخارى الوزير عبد القادرامللقب مبتشطو العامل األديب ‪,‬‬
‫وميثل معهد األس تاذ الش يخ مص طفى ث الث معاهد مدينة‬
‫س وكوتو‪ .‬ك ان مص طفى ه ذا ك اتب سر الش يخ عثم ان‪ ،‬وعاملا تقيا‬
‫واس تاذا متفنن ا‪ .‬وليه ىف معه ده أخ وه اخلضر ال ذى خلفه ابنه عبد‬
‫الرمحن‪ .‬وقدتتلمذ الوزير جنيد على يد عبد الرمحن ‪ .‬أخرب الوزير جنيد‬
‫ب أن عبد ال رمحن ك ان حيمل كتبه إىل خاله الش يخ س عيد للعلم بعد أن‬
‫علم الناس ىف معهده ‪ .‬رزق سعيد ولدين‪ ،‬أحدمها بوطى واآلخر عبد‬
‫القادر امللقب مبجيلى ‪.‬‬
‫وكان معهد الشيخ اسحاق رابط معاهد مدينة سوكوتو ‪ .‬توى‬
‫ابنه عثم ان امللقب بالش يخ الت دريس هبذا املعهد بعد وف اة الش يخ‬
‫اسحاق‪.‬‬
‫وك ان للش يخ مص طفى امللقب مبامل تفا املعهد اخلامس ىف مدينة‬
‫س وكوتو‪ .‬ك ان م امل تفا من أكرب العالء ال ذين ص حبوا الش يخ عثم ا‪،‬‬
‫وقد زوجه الش يخ عثم ان بنته خدجية فول دت له ابنا مسى عبد الق ادر‪،‬‬
‫وملا كرب ص ار عاملا جليال ‪ .‬ت وىل الت دريس باملعه د‪ ،‬والف كتابا ىف‬
‫ت اريخ الس ودان‪ ،‬وله دي وان س عر مساه ( س لوة االح زان) وبعد وفاته‬
‫خلفه ابنه حممد امللقب مبو اهلل يطى ‪.‬‬
‫ومن معاهد سوكوتو املشهورة معد الشيخ أبىبكر امللقب ببوىب‪.‬‬
‫فقفد ك ان ب وىب اس تاذا تص لعا ىف العل وم إذ قضى حياته كلها ىف طلب‬
‫‪164‬‬

‫العلم ونش ره ‪ .‬وهن اك معاهد ىف غوند تأسست ىف ال وقت ال ذى فيه‬


‫معاهد سوكوتو ‪ ،‬وذلك بعد أن اختذها الشيخ عبد اهلل عاصمة ململكته‬
‫الغربي ة‪ .‬ك ان املعهد إىل عهد ق ريب حتت رعاية الش يخ احلاج إب راهيم‬
‫أحد أحفاد الشيخ عبد اهلل ‪.‬‬
‫من معاهد غوند معهد اإلمام حممد مود أحد طالب عبد اهلل بن‬
‫ف ودى ومعهد حممد البخ ارى ومعهد احلاج س عد ومعهد موديوكو‬
‫شنط ومعهد محد النفوى ‪.‬‬
‫لقد لعبت معاهد املدن الكبرية األخرى من كانو وكتشنا وزاريا‬
‫وبوتشى وبرنو وأدماوا وبدا وإلورن ‪ .‬وإبادن والغوس وغريها‪ ،‬لعبت‬
‫مجيع هذه املعاهد دورا ال يستهان ىف نشر الثقافة اإلسالمية العربية‪.‬‬
‫فمن أصحاب املعاهد ىف املدن لألخرى املعلم دند ىف بدا أبوبكر‬
‫(بوىب) والشيخ حممد بيغورى والشيخ كمال الدين كلهم مبدينة إلورن‬
‫‪ ،‬والش يخ أمحد الرف اعى بن حممد بلو بإب ادن‪ ،‬وفض يلة الش يخ النحرير‬
‫آدم عبد اهلل االلورى ىف الغوس‪.‬‬
‫يعترب الشيخ آدم عبد اهلل االلورى من دعائم نشر الثقافة العربية‬
‫اإلسالمية ىف غرب نيجرييا‪ .‬وذلك بانشاء مركزه املشهور (مركز‬
‫التعليم العرىب اإلسالمى) مبدينة أغيغى‪ ،‬املؤسس عام ‪ ،1952‬لقد ذكر‬
‫األستاذ آدم غاية اشاء مركز قائال‪( :‬كان غايتنا ىف التعليم العرىب‬
‫احلفاظ على اللغة العربية من املوت العتقادنا أهنا جزء من اإلسالم ال‬
‫يتجزأ كما هو واضح ىف الصلوات اليومية املفروضة وىف مناسك احلج‬
‫السنوية ‪ ،‬واهنا لغة القرآن الذى نتعد بتالوته‪ .‬مث ال عتقادنا أن الفهم‬
‫الصحيح لإلسالم ال يتم عن طريق الكتب املرتمجة بل يتم باالخذ‬
‫املباشر من أصول اإلسال م املكتوبة باللغة العربية …) (‪. )4‬‬
‫‪165‬‬

‫لقد اتس عت رفعة ه ذا املعهد وج اوز س لطانه ح دود نيجرييا إىل بعض‬
‫اقط ار افريقيا واص بح الطالب يق دمون إليه من داه ومى وتوغو وغانا‬
‫وساحل‪.‬‬
‫ك انت للبعث ات غري الرمسية والرمسية إىل بالد الع رب دور كبري‬
‫ىف رفع ش أن الثقافة العربية عالوة على جه ود املعاهد املوج ودة ىف‬
‫البالد ‪ ،‬إذ تس لح الطالب املبع وثني بوس ائل تعليمية من ش أهنا تس هيل‬
‫ات أولئك‬ ‫تعلم اللغة العربية وتعليمها على حنو ما نقابل ىف انتاج‬
‫الطالب الواف دين إىل االزهر لأللتح اق به طوعي ا‪ .‬وىف اخلمس ينات‬
‫انطلقت البعثة األوىل إىل السودان ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أثر الشيخ عبد اهلل فى شيوم الدهاليز ‪.‬‬


‫لقد ترك الشيخ عبد اهلل أثرا كبريا فيمن بعده من طالب العلم‬
‫ىف ال دهاليز واملعاهد منذ عص ره إىل يومن ان ه ذا‪ ،‬وذلك ىف مجيع‬
‫اجتاهاته العلمية واألدبي ة‪ .‬اهنم ألق وا ىف العل وم ونظم وا أدبا رائع ا‪ .‬ومن‬
‫أولئك العلماء اآلتية أمساؤهم ‪:‬‬
‫حممد بن عثمان ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حممد البخارى بن الشيخ عثمان ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫األستاذ أبوبكر بوىب ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الشيخ حممد البيغورى االلورى املتوىف ىف ‪1913‬م ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الشيخ حممد املرتضى الغسوى ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪166‬‬

‫الوزير جنيد بن حممدالبخاخرى ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫حممد بلو بن الشيخ عثمان‬


‫يعترب الش يخ مح‪0‬مد بلو من الشخص يات الراس خة ىف الثقافة‬
‫العربية ومن املتأثرين بالشيخ عبد اهلل ىف ذلك‪ ،‬ومل ال‪ ،‬فقد استقى من‬
‫وال ده ومن عمه عبد اهلل ين ابيع العلم واألدب لقد ج ارى الش عراء‬
‫اجلاهلبيني وغري هم شأن عمه ىف قصائده‪.‬‬
‫تتمثل شخص ية حممد بلو األدبية ىف ع دة قص ائد نظمها ىف شىت‬
‫األغ راض‪ .‬منه اه أش عاره الىت خ اطب هباه الك انيمى ىف مراس لته مع‬
‫الش يخ عثم ان‪ .‬لقد عقب إح دى الرس ائل الىت كتبها حممد بلو إىل‬
‫الشيخ الكانيمى بالبيات اآلتية‪:‬‬
‫اإلعم صباحا واحضرالذهن إنىن * حريص علىمنم يقبل القول بالفهم‬
‫فإنىأرى نفسى على احلق واهلدى*ومازغت يوما عن طريق ذوى العلم‬
‫وما كنت خمتارا ملا قد مسعتـم *من الغزو والغارات والسفك للـدم‬
‫ولست بعات ىف قتاىل ومعتلـ * عليهم ولكن دافع اجلور والظلــم‬
‫كانقاذ غرقى واحلريق ومن ظلم* وذا واجب ال خوف فيه من االثـم‬
‫وىف الصلح خري ان رضيتم جوابنا* لتنجومن التأويل والقول بالرجم‬
‫ولكن جرياىن الذين يلونكــم* ذوو خبط ال يرتضون بذا السلم‬
‫فنسأل رب العرش جيمع أمرنـا* على الرب والتقوى وحيسن باخلتم‪.‬‬
‫إن املطلع على األبي ات الس ابقة يالحظ ت أثر حممد بلو باش عار‬
‫املعلق ات عموم ا‪ ،‬وبش عر ام رئ القيس خصوصا ىف تعبري " أال عم‬
‫ص باحا " وىف القافية الىت من حبر الطوي ل‪ .‬وهذا دأب الش يخ عبد اهلل ‪،‬‬
‫فج ارى أص حاب املعلق ات ىف بعض قص ائده كما ش اهدنا ىف جماراته‬
‫‪167‬‬

‫بائية النابغة ىف قصيدته الىت مطلعها " وملا مضى صحىب ‪ "..‬تتسم معظم‬
‫قص ائد الش يخ عبد اهلل بتخري األلف اظ اجلزلة من ش أهنا اإلس تعانة‬
‫ب القواميس اللغوية لفك معانيه ا‪ ،‬على حنو ما ش هدنا ىف قص يدته ىف‬
‫م دح ش يوخه التالى مطلعها ( عج حنو اض واج االحبة من مج) ‪ .‬لقد‬
‫جارى حممد بلو عمه ىف ذلك االمر الذى يوضح تأثره بعمه ‪ .‬وقصيدة‬
‫حممد بلو " الكافية" ىف مدح املصطفى صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬ومنها ما‬
‫يلى من األبيات ‪:‬‬
‫يا راكبا مجال مجي ــال بعكا * حى احلبيب وصله مىن مالكــا‬
‫خربه أىن ىف أسارى حبـ ــه* والقلب مىن ىف سواه جتكجكـا‬
‫مشس الضحى نزلت بطبية فاهتدى*منه االقاضل واالباطل أهلكــا‬
‫هلوا املواكب سائرين ببابــه * والكل ىف شهوات نفس أرضكا‬
‫ليفوز فوزا بالآلىل واهل ــدى * وجدود ذا جد وليس ربعبكـا‬
‫نوراهلدى بدرالدجى مشس الضحى* غيث الورى فىكل ارض تربكا‬
‫مسح كرمي عاتل متواضـ ــع* نور اهلدى ذو اجلد قط ما أفنكا‬
‫يا من ثوى ىف بطن طيبة كن لن * أنت الشفيع فال تكون احلربكا‬
‫من ذا يعد عجائب حملم ــد * من ذا يعد بأصبعيه معنكــا‬
‫(‪.)5‬‬
‫يا رب يسري سرينا ملكا نـه * لنرى مواضع جسمه واملرتكا‬
‫إن األبيات السابقة من القصيدة الكافية متثمل صدى جليا لذوق‬
‫عبد اهلل األدىب متمثال ىف شحص يه ابن أخيه ‪ .‬إهنا متثل ج زءا من‬
‫جيميته حيث م دح عبد اهلل النىب ‪":‬ص" وتوسل ب ه‪ ،‬قبل االنتف ال إىل‬
‫م دح ش يوخه‪ .‬وف وق ذلك كله إن كافية عبد اهلل دال لية قوية على‬
‫األس لوب الرصني اجلزل ىف ختري األلف اظ ‪ ،‬الىت ال يت أتى فهمه إال ملن‬
‫كان على اتصال شديد بالقواميس اللغوية ‪.‬‬
‫‪168‬‬

‫إن األلف اظ اآلتية ال واردة ىف القص يدة ىف قمة من الغرابة ىف‬


‫استعمال العرىب العادى‪ .‬وهى ‪:‬‬
‫رسالة‬ ‫مـألك =‬
‫= حسن‬ ‫تنكنكا‬
‫= أمحـق‬ ‫ألعك‬
‫كـوك = أىب واسرع ىف أبيته‬
‫= هـلـك‬ ‫حفنكا‬
‫= الضيف الكافر‬ ‫عنفك‬
‫= أســد‬ ‫دوسك‬
‫تضكضكا = انبسط واصاب مراده ‪.‬‬

‫حممد البخارى بن الشيخ عثمان‬


‫من علماء املعاهد العلمية أصحاب مكانة لغوية رفيعة تعترب قبسا‬
‫من قبسات الشيخ عبد اهلل حممد البخارى بن عثمان‪ .‬لقد ترىب على يد‬
‫الش يخ عبد اهلل وتعلم منه علما وخلقا وص ار أديبا ىف الدرجة األوىل ‪.‬‬
‫ومن قصائد حممد البخارى قصيدته ىف مدح عمه عبد اهلل الىت مطلعها‬
‫كاآلتى ‪:‬‬
‫أصحوت أم هابت هواك منازل * عفى معارفهـا البلى وهواطل‬
‫"بتالثامى "أو "جبن" فما هبـا * إال نعام تـرتعى وفراع ــل‬
‫دار عهدت هبا احللول وكل من* أهوى معى‪،‬والعيش غض باجل‬
‫ولقد وقفت برمسها مستخربا * عن أهلها والدمع مىن سائــل‬
‫(‪.)6‬‬
‫هلل درك هل وقوفك نافـع * برسومها أم هل لدمعك طائـل‬
‫حممد بيغورى االلورى املتوىف سنة ‪1913‬م‬
‫‪169‬‬

‫ومن علم اء املعاهد العلمية ىف الق رن العش رين الب ارزين حممد‬
‫بيغ ورى ‪ .‬ك ان عاملا وأديبا حمنكا يض رب به املثل ىف متكنه ىف العربي ة‪.‬‬
‫ومن قص ائده الىت نظمها للش يخ أبىبكر اهلوس اوى يطلب منه ش رح‬
‫املختصر ‪ .‬يقول فيها‪:‬‬
‫فمىن حتيات مزيـنة احل ــال *تروح كما املسك املنم علىالوال‬
‫ملن هو كاملصباح ضاء بليلــة * ويأوى إليه الناس طرا تسلـال‬
‫وذلك جدى أو أىب أو أخـو أىب* أبوبكر فوق القرون الذى عـال‬
‫هو العامل األستاذ نار مبن مـضى* من العلماء السودان مشتهر العال‬
‫أيا شيخ شيخ الكل كن ىل ناصحا* ومنصح قلىب بالذى كان أمال‬
‫وكن موفيا ىل مثل ما كنت طامعا* فهيج على القول والعون مشال‬
‫وانت أمني واحلفاوة اثبــتت * تديل شخيف اجلنب مل تك من قال‬
‫فوكلت أمرى كله بك سيدى * فال ترتكىن كاللغى باللقى خال‪.‬‬

‫أبوبكر بوىب‬
‫ومن العلم اء املش هورين بت أثرهم بالش يخ عبد اهلل ىف جمال قيد‬
‫األوابد األس تاذ أب وبكر امللقب بب وىب ‪ .‬امسه الكامل أب وبكر بن عبد‬
‫القادر‪ .‬ولد ىف قرية تسمى (مسام) الواقعة شرق مدينة غند حواىل سنة‬
‫‪1288‬هـ وتوىف عام ‪1351‬هـ ىف عهد أمري املؤمنني احلسن بن معاذ ‪.‬‬
‫وهو من قبيلة الفالىن‪ .‬لقد تتلمذ الشيخ بوىب على الشيخ أحد بن سعد‬
‫أحد تالميذ عبد اهلل بن فودى ‪.‬‬
‫إن الش يخ ب وىب من أشد العلما ت أثرا بعبد اهلل ىف اجملال اللغ وى ‪.‬‬
‫لقد صاحب القاموس احمليط مصاحبة شديدة وعلق عليه واستدرك عليه‬
‫ىف مواضع كث رية‪ .‬لقد س اعدىن احلظ ىف االطالع على ج زأى األول‬
‫‪170‬‬

‫والث اىن من الق اموس ال ذى اس تعمله األس تاذ ب وبىن‪ ،‬وك ان مودعا عند‬
‫أوالده ىف مدينة صكتو‪.‬‬
‫ل ّـمـا راجعت اجلزأين من القاموس وجدت فيهما أكثر من م أتى‬
‫تعليق بني ش رح واس تدراكات‪ .‬قمت هبذا الفحص ىف ص حبة ال دكتور‬
‫حممد مسبو وىل جنيد‪ .‬وعنده حاليا صور للصفحات احلاملة ملالحظات‬
‫بوىب على القاموس احمليط ‪.‬‬
‫ومن صور تعليقات بوىب على القاموس احمليط اآلتى ‪:‬‬
‫فصل الالم وامليم * باب اهلــمزة ‪.‬‬
‫أورد صاحب القاموس من شرح كلمة (مـأله ) (…‪ .‬واملالء بالكسر‬
‫واالملئ اء هبم زتني‪ ،‬واملآلء األغني اء املتمول ون أو احلس نو القض اء منهم‬
‫الواحد ملئ وقد مال كمنع وكرم مالءة ومالء …)‬
‫جاء تعليق بوىب على اللفظة املذكورة ىف القاموس فيما يلى ‪:‬‬
‫(قوله واألملئ اء أى كاغني اء وزنا ومع ىن‪ ،‬وقوله واملآلء أى ككرم اء‬
‫وزنا ومعىن هـ) (‪. )8‬‬
‫إن تعليق األستاذ بوىب ىف النص السابق من باب توضيح الغامض‬
‫ألن زي ادة الف اظ "أى" و "الك اف " ىف كرما و " وزن ا" و "مع نىن"‬
‫أخ رجت معىن كلمىت " االملئ اء" و "املآلء" واض حا ووزهنما أيض ا‪.‬‬
‫وه ذا من دأب الش يخ عبد اهلل ىف ش رحه للم ادة املعجمية عى حنو ما‬
‫شاهدنا ىف شرحه للقصائد العشرية إضافة إىل ختميسها‪.‬‬

‫فصل التاء باب الباء‬


‫ج اء من ش رح كلمة (ال رتب) ىف الق اموس احمليط ما ي أتى ‪:‬‬
‫(والرتاب والرتبة والرتباء والتورب والرتيب والرتيب مجع الرتاب أتربة‬
‫‪171‬‬

‫وترب ان … وال رتائب عظ ام الص در أو ما وىل ال رتقوتني منه أو ما بني‬


‫الثديني والرتقوتني أو أربع أضالع من مينة الصدر وأربع من يسرته أو‬
‫الي دان وال رجالن والعين ان أو موضع القالدة …) ‪ .‬على الش يخ ب وىب‬
‫على كلمة "الرتائب " مستشهدا بيت شعر من الشعر اجلاهلى قائال‪:‬‬
‫مهفهفة بيضاء غري مفاضة * ترائبها مصقولة كالسجنحل (‪. )9‬‬
‫هـ من الكن دى ) ‪ .‬إن تعليق ب وىب ىف اللفظة الس ابقة من ب اب‬
‫االستش هاد بالنص وص األدبية املوثوقة وأال وهى النص وص اجلاهلي ة‪،‬‬
‫حيث استشهد ببيت المرإ القيس‪.‬‬
‫(‪ )3‬ج اء ىف الق اموس احمليط من ش رح كلمة (حس بة) ما يلى ( …‬
‫وهو حسن احلس بة ‪ ،‬حسن الت دبري ‪ .‬وأبو حس بة مس لم الش امى ت ابعى‬
‫واسم ‪ ،‬واالحسب بعري فيه بي اض ومحرة ‪ ،‬ورجل ىف ش عر رأسه‬
‫شقرة‪ ،‬ومن ابيضت جلدته من داء ففسدت شعرته فصار أبيض وأمحر‪،‬‬
‫(‪.)10‬‬
‫واالبر ص واالسم من الكل احلسبة بالضيم )‬
‫والتعليق الس ابق من ب اب االستش هاد‪ ،‬حيث اش تهد ب بيت ام رإ‬
‫القيس ‪:‬‬
‫يا هندال تننكحى بوهة * عليه عقيقته أحسبا‬
‫وه ذا واضح وض وح الش مس ىف اعم ال الش يخ عبد اهلل بن ف ودى‬
‫العلمية منها واألدبي ة‪ .‬إن ىف تفس ريه ض ياء التأويل أمثلة ل ذلك‪ .‬وهى‬
‫كث رية ال ورود ىف قص ائده من ب اب االقتب اس من ش عر من قبله من‬
‫الشعراء اجلاهليني واالمويني واالندلسيني‪.‬‬
‫ومن ب اب نظم االوابد إن لالس تاذ ب وىب قصب الس بق ‪ .‬وخري‬
‫مثال لذلك قصيدته الىت مطلعها ‪:‬‬
‫يا يهنات غوجوا عن وتاوتنكم * إىل البواىب هللتــات االماليت‬
‫‪172‬‬

‫إن الرتاتر مل تذمل موالب ــة * باالعتكاب إىل ضوج الصناتيت‬


‫إن القداميس اضواهتن كركرة * ىف جعر خرشنة ال كالفوا خيت‬
‫وال يزال كتيع أن يالئســه * ىف خفشه أهرات ىف املئاقيــت‬
‫فىبوح حوس رصازات وصكةىف* ال باهتا جيثلوط للصفاتيـت‬
‫ال كالفهاق قراقري ميأيئ ــة* هلا املواصر حقنا للنوسيــت‬
‫إن القماقم فاملودى موائمهــم* مستعهىب كل خريت وبليـت‬
‫لذك فاستيهقن باهلل واهد بــه* مستوعظا للمضاصات السحاليت‬
‫لذلك فلتخشني اهلل وارض بـه * مسويا خلمول الذكر والصيـت‬
‫احلمد هلل محدا والصالة عــلى* من قد هدانا وأزرى للطواعيت‬
‫(‪)11‬‬
‫مث السالم على من جا مبعجـزة * وءاية ارغمت أهل الطواغيث‬
‫لقد ب ذل كل من حيىي حممد االمني وال دكتور مسبو جنيد ‪.‬‬
‫جه ودا كب رية ىف حل معىن ه ذه القص يدة‪ ،‬غري أن ما وصال إليه ال‬
‫جياوز ثلث مض موهنا إذ ال ي زال أغلب مفرداهتا جمهول ة‪ ،‬وذلك رغم‬
‫البحث املضىن ىف القواميس اللغوية ‪.‬‬
‫ي ذهب بعض النق اد إىل أن مثل ه ذه القص ائد تنظم تعج يزا‪،‬‬
‫حيث ينظمها أص حاهبا عن دما يقطع امللكة اللغوية ملكة فائق ة‪ ،‬في أتون‬
‫هبذه القصائد الصماء عسى أن جيازيهم غري هم‪ .‬وندر من جيازى ‪.‬‬

‫الشيخ حممد مرتضى الغسوى‬


‫ميثل الش يخ مرتضى الغس وى منوذجا من مناذج آث ار عبد اهلل بن‬
‫فودى‪ .‬لقد جارى الشيخ مرتضى الشيخ عبد اهلل ىف جيميته حيث نظم‬
‫قص يدة جيمية على من وال جيمية عبد اهلل وزنا ومض ونا " اس تمع إليه‬
‫يقول ‪.‬‬
‫‪173‬‬

‫عج حنو أضواج األحبة ىف غسو * واشرب من اإلنشاج ماء الزعبج‬


‫شيخ أتى أقوامه بفيوض ــه* الفائضات من البحور اللجــج‬
‫قف عنده سل ما به من خريه * يشفى القلوب من اهلموم الدمـج‬
‫وبذلت ودى فيه غري مزلـج * وحوائج حوجا ولوجا مــدرج‬
‫أذانه يسعى لعز دينـ ــه * يسرى بأرض الكسريال الدعلـج‬
‫سجع بذول للعطا ال مانـع * ميدانه ال سخرج ىف سجســج‬
‫متدرع بدال ص عزم مث هـو * فوق القالص بزاد صرب مدلــج‬
‫كنخدر كنـزب فة سيـره * مبزاد تقوى ىف القيا ىف متل ــج‬
‫مشس الضحى بزغت بعيد تزينت* حنوت إىل شرق بشرق احلجـج‬
‫ولقد تبحر ىف ف نون علومـه * سجع طليق لني للمغعـ ــج‬
‫شجر نضيج للثمر للمستأكـل * مل يرحتل عنه نشيد اخلرفــج‬
‫متعطف املسلمني بأصبــع * مستغلظ مستزدر للعمه ــج‬
‫من لففته عوائص أن جـاءه * متوذوذا يثىن يغلب مثل ــج‬
‫ولقد سقى أقوامه من فيضه * من أكأس أصفى واحلى السعمج‬
‫شيخ الشيوخ ميده من فيضه * برهام عبد اهلل نور احلـ ــجج‬
‫شيخ بالرىب ابن عبد القادر * لقم اهلداية سبلها واملنهـ ــج‬
‫وافتناندين الضاللة متلـع * دين السالمة موهى كالبه ــرج‬
‫وأزحت عنه خناد ساقد خلصت* وكسوته بكساء حلة زبــرج‬
‫مل ختش إظهار الديانة كلهـا * والشبل يوم الثار شابه خزرج‬
‫ولقد اضأت جندريا من ظلهـا * وازحت عنها كل أخبث دجـدج‬
‫وغدوت نور اال معاج قطرنا * مل تلتعبت ىف لوم ال م فجفــج‬
‫بشرى لنا يا أهل حوس أتى لنا* من صيته فاق اجلميع األبــرج‬
‫وألنت نصل مسج ىف ديننــا* دين النىب األوس مث احلـ ــزرج‬
‫‪174‬‬

‫وحبمد رب اخللق للت منائحا * ومئاربا وألنت روض خبـربـج‬


‫واليوم دين اهلل ىف تلع وديـ ــن الكفر ىف وهد بعيد التنفــج‬
‫أهل الطريقة أبشر وامبناكـم * والدين ىف درع ميبس مـدب ــج‬
‫طرق الضاللة احمقت عن أسرها* والبدع ىف دلص سودا يـ ــدج‬
‫قد أبنيت فينا بربكة قربــه * كل املطالب رب غض عسل ــج‬
‫جنىن الثمار بدون تعب بل وال* صعب حبنة ربوة أو حنـ ــدج‬
‫ولقد أتى ذا املرتضى باب الرضى* ما عنده غري احملبة كسب ــج‬
‫لنقل رضاى رضى االهلى والنبـى* والشيخ وإبراهيم أنت به حــج‬
‫ضل لنا علم التقى طول احلياة * حسن الباس كذا الطعام سلجلـج‬
‫صلى االله ملصطفى خري الورى * ما دام خري اخللق أعظم ملجــج‬
‫والئا واألصحاب ما قال امروء * رىب إله اخللق أمحد مرنـ ــج‪.‬‬

‫الوزير جنيد بن حممد البخارى ‪.‬‬


‫إن ال وزير جنيد من أقط اب الثقافة العربية ف ى نيجرييا ىف‬
‫القرن العشرين‪ .‬إنه لشخصية ىف قمة من العلم واألدب‪ .‬لقد مجع ثقافة‬
‫سابقيه وثقافة عصره‪ ،‬وذلك ملا حازه من الثقافة العربية ىف البالد مث ما‬
‫استفاده من البالد العربية خالل رحالته العلمية‪.‬‬
‫لقد خلف لنا أع اال قيمة ىف مكتبة اخلاصة من اعم ال علم اء‬
‫خالفة ص كتو املطبوعة منها واملخطوطة ومن انتاجاته اخلاص ة‪ .‬ال‬
‫ت زال مكتبة م زارا ومعتكفا للب احثني‪ ،‬وك ذلك مكتب ات أوالده من‬
‫إبراهيم غندى والدكتور مسبو وىل جنيد ‪.‬‬
‫ومن أروع ما نظمه ال وزير جنيد قص يدته الىت رثى هبا اس تاذه‬
‫أبابكر مامل بوىب الىت مطلعها‪:‬‬
‫‪175‬‬

‫آثارت مهوم القلب بعد هدوها * مصائب كادت أن حتل عرى الصرب‬
‫نعم هد ركن الصرباذ عظم البال*وضاقت صدوراخللق من شدةالذعر‬
‫وطار ت عقول عن صدور كأهنا* طيور أطارهتا الصقور عن الوكر‬
‫وسالت دموع عن عيون كأهنـا * إىل النحر ميزاب يصب على النهر‬
‫وعز اصطبار واستمرت وساوس * وليس يفيد الصرب والقلب ىف اجلمر‬
‫أيا عني جودى بالدموع هو اطال* ونوح على شيخ الشيوخ أبىبكـر‬
‫ونوحى على حبر العلوم ومشسهـا* وخدن التقر واحللم واجلود واخلري‬
‫ونوحى على طود الوقار اليفهـا * ومصباحنا الوهاج والكوكب الدر‬
‫ونوحى على فرد الزمان ومشسه * ومروى الظما كالغيث يهمع باملطر‬
‫ونوحى على من كان يأمر بالتقى* وينهى عن احملذور ىف مدة العمـر‬
‫ونوحى على من ان ىف اخللق صيته* شذا ذره يزرى بعر ف من الزهر‬
‫وقد لبست ثوبا من اهلم صكت * كما لبسته قبل ىف غابر الدهـر‬
‫مصائب دنيانا الغرور كثيــرة * واعظمها فقد السميدغ ذى الرب‬
‫رضينا حبكم اهلل فينا ألن ـنـا * عبيد مشيئات نسري مع القـدر‪.‬‬
‫(‪)12‬‬
‫وأنسه يا رب العال ىف ضرحيـه * وأمنه من كل املكاره ىف القرب‬
‫واألبي ات الس ابقة املختطفة من القص يدة تش هد مبكانة ص احبها اللغوية‬
‫الس يما باعه الطويل ىف املادة املعجمية ‪ .‬بغيل لقارئها أن ص احبها ملم‬
‫جبميع مت ون العربية من اجلاهلية والعص ور املتالحقة إذ مل يغ ادر عصر‬
‫من العص ور األدبية إال واقتبس منه أق وال أدبائ ه‪ .‬ىف القص يدة ص دى‬
‫الشعراء اجلاهلني متمثال ىف اظهار الشوق إىل شئ مفقود شأن الطيور‪.‬‬
‫استمع إىل قوله‪:‬‬
‫وطارت عقول عن صدور كأهنا * طيور أطارهتا الصقور عن الوكر‬
‫وقوله ‪:‬‬
‫‪176‬‬

‫وناحت عليه غدوة وعشية * كما ناحت اخلنساء حزنا على صخر ‪.‬‬

‫المبحث الثانى ‪ :‬أثر الشيخ عبد اهلل فى أساتذة الجامعة‬


‫والمعاهد الحديثة ‪.‬‬
‫لقد ترك الشيخ عبد اهلل أثر بالغا ىف عقول عدد كبري من أساتذة‬
‫اجلامعة واملعاهد احلديثة ‪ .‬عن دما ق رأ ه ؤالء‪ ،‬اعماله وت ذوقوها انطلق وا‬
‫يعربون عنها ىف انتاجاهتم العلمية واألدبية شأن الشيوخ ىف الدهاليز ‪.‬‬
‫ومما يالحظ ركز علم اء اجلامع ات واملعاهد ه ؤالء على اجلانب‬
‫النق دى من االنت اجى‪ ،‬أص دروا أحكاما عن أعمل الش يخ ع بد اهلل‬
‫أك ثر من التأسى به ىف انتن اج على غ رار انتاجه ىف العل وم املختلفة وإن‬
‫ك ان هن اك منهم من ألف ىف بعض العل وم ونظم قص ائد مع ربا عن‬
‫خلجات ضمريه‪ .‬من أولئك العلماء ‪:‬‬
‫الشيخ أبوبكر حممود غمى‬ ‫(‪)1‬‬
‫الشيخ آدم عبد اهلل االلورى‬ ‫(‪)2‬‬
‫الشيخ ناصر الكربى‬ ‫(‪)3‬‬
‫الدكتور على أبوبكر‬ ‫(‪)4‬‬
‫األستاذ الدكتور شيخو أمحد سعيد غالدنتثى‬ ‫(‪)5‬‬
‫الدكتور عبد اهلل حممد آدم‬ ‫(‪)6‬‬
‫األستاذ على نائىب سويد‬ ‫(‪)7‬‬
‫الدكتور حممد مسبو ول ى جنيد‬ ‫(‪)8‬‬
‫‪177‬‬

‫الدكتور عبد الباقى شعيب أغاكا‬ ‫(‪)9‬‬


‫األستاذ عيسى أبوبكر ألىب‬ ‫(‪)10‬‬

‫الشيخ أبوبكر حممود غمى‪:‬‬


‫مجع األس تاذ غمى بني ثقافة املعاهد الدينية والتعليم الع رىب‬
‫احلديث ىف الكلي ات فج اءت ثقافته مهذب ة‪ ،‬فأص بح عاملا وأديب ا‪ .‬ألف‬
‫تفس ريه " رد األذه ان إىل مع اىن التنزيل بالعربية ىف غاية من الرع ة‪.‬‬
‫وقرض قصائد ىف قمة من الفنية‪.‬‬
‫ق ال أب وبكر حمم ود غمى وهو حين إىل وظنه حني ك ان ببخت‬
‫الرضا بالسودان ىف بعثة دراسية‪:‬‬
‫بكيت لدمع العني مــىن تدفق * تساورىن االحزان ليال فاعــرق‬
‫تطول اللياىل وهى سجن وزهرها* تبطئ سريا ىف الدجا تتأل ــق‬
‫أنا غمها مستأنسا بابتسامهـا * كما ابتسمت أم البنني حتــدق‬
‫أزودها نظر الوداع إذا هـوت * ومرت على من كننت أهوى وأعشق‬
‫فهل علم احملبوب بؤسى لبعده * وهل كان ميا نالىن يرتق ــق‬
‫بذكرى ال والدى الكرام يهزىن* إليهم حنني والنهى تتف ــرق‬
‫أقول أيا سرب القطا من يعريىن* جناحا إىل من طيبهم أتنشــق‬
‫سبتىن وطارت ىب تفرق بيننا * على حسد طيارة تتشق ــقد‬
‫(‪)13‬‬
‫وما راكب إال يشد حببلهـا * لكيال نعوت اخلطر إذ تتفسـق‬
‫إن إنتاج ات مثل ه ذه حملتاجة إىل خلفية قوي ة‪ .‬وما هى ه ذه‬
‫اخللفية قبل كل شئ س وى من خلفه لن ان علم اء نيجرييا علما وأدبا‬
‫مثل الشيخ عبد اهلل املفسر األديب ‪.‬‬
‫‪178‬‬

‫الشيخ آدم عبد اهلل االلورى‪:‬‬


‫إن الش يخ آدم عبد اهلل من علم اء املعاهد احلديثة ال ذين اس تقا‬
‫علمهم وأدهبم من عي ون الش يخ عبد اهلل‪ .‬لقد ألف ىف ال دين والت اريخ‬
‫واألدب‪.‬‬
‫من مؤلف ات الش يخ آدم ىف مي دان الدراس ات اإلس المية" ال دين‬
‫النصيحة"‪ .‬وهى رسالة حتمل بيان دعوته‪ ،‬وله "فلسفة النبوة" و "اإلمام‬
‫املغيلى وآث اره ىف احلكومة اإلس المية ىف الق رون الوس طى" و "خالصة‬
‫الس رية النبوية " و " دروس ىف التوحيد والعقي دة و " فلس فة التوحيد‬
‫عند أهل اإلس الم" و " اإلس الم ىف نيجرييا والش يخ عثم ان بن ف ودى"‬
‫وغريه كثري‪.‬‬
‫وأما ىف اجملال اللغ وى فله "لب اب األدب" ىف ثالثة أقس ام‪ ،‬قسم‬
‫للش عر وآخر للكتابة وآخر للخطاب ة‪ .‬وله " الفواكه الس اقطة " وهو‬
‫مجع ال ش عار الق دماء ‪ .‬وله " ش رح عي ون الالمي ات العربي ة" ‪ .‬وله‬
‫"مصباح الدراسات األدبية ىف الديار النيجريية" (‪. )14‬‬
‫ومن خمتطف أشعاره قوله عن سفره للعلم ىف يائيته‪:‬‬
‫رأيت بالدى بالتقاليد ارهقت * تقدمها اضحى عن الدين نائيـا‬
‫ومل تر فيها غري من كان حاسدا* وال عاملا إال عن احلق ناهبــا‬
‫هلذا خرجنا قاصدين ازاهــرا* السقاط ريب القلب مما بدا ليا‬
‫وصلنا إىل اخلرطوم بع د مشقة * حناول اذنا عند من كان ناهيا‬
‫مكثنا هبا شهرا ومل جند املنـى * وقمنا إىل الشالل نطو الفيافيا‬
‫إن أثر الش يخ عبد اهلل بن ف ودى واضح ىف الش يخ آدم عبد اهلل حيث‬
‫ألف ونظم على غ راره مع ربا عن اعجابه بعبد اهلل بن ف ودى‪ .‬وص فه‬
‫‪179‬‬

‫آدم عبد اهلل بعالمة الس ودان واملفسر الكبري وغري ذلك من ص فات‬
‫التيجيل واالحرتام مما يشهد بتأثره الشديد به ‪.‬‬
‫ومن ش واهد تبحر الش يخ آدم عبد اهلل اإلل ورى ىف اللغة العربية‬
‫قص يدته ىف نظم أك ثر ما ن ثره الثع الىب النيس ابورى ىف فقه اللغة وسر‬
‫العربي ة‪ .‬مسّـى اإلل ور ى نظمه "أس رار البالغة وأس اس الفص احة ‪ .‬إليك‬
‫املختطف اآلتى من املنظومة ‪.‬‬
‫املرجتى العفو عن املســاوى‬ ‫*‬ ‫قال الفقري آدم الريباوى‬
‫علم الفنون فوق من أرشدنـى‬ ‫*‬ ‫احلمد هلل الذى قد زادىن‬
‫على النىب سيد األنـ ــام‬ ‫مث صالة اهلل بالدــوام *‬
‫ىف خطب رصينة الصياغــه‬ ‫*‬ ‫وصحبه من صنعوا البالغة‬
‫بفقه لغة الثعالىب بـ ــدت‬ ‫*‬ ‫هذا وأسرار بالغة غـدت‬
‫قرآننا حديثنا حيويهـ ــا‬ ‫أصوهلا ثالثـة فعيهــا *‬
‫أشعارهم أمثاهلم لل ــراءى‬ ‫مث كالم العرب العربــاء *‬
‫فاسلك مسالك ذوى األداه‬ ‫*‬ ‫إن شئت أن تكون ىف البلغاء‬
‫ال زمه للحفظ وللتبي ــان‬ ‫*‬ ‫وال تفارق مصحف القرآن‬
‫ففى املقام الثان ىف النظــام‬ ‫أما حديث سيد األنــام *‬
‫أشعار أهل البدو للتقاضــى‬ ‫*‬ ‫هنج بالغة الشريف الراضى‬
‫بالشرح حتت الكل حفظها يسري‬ ‫*‬ ‫مقامة احلريرى قاموس صغري‬
‫فارجع ينقدها إلرشاد الفقيـه‬ ‫*‬ ‫لكنها حتتاج للنقد النزيــه‬
‫كل أساليب الورى ليستبــع‬ ‫*‬ ‫فاخرت هداك اهلل أسلوبك من‬
‫أسلوب خطبة اخلطيب ىف امللال‬ ‫*‬ ‫أسلوب نثر ليس كالشعر وال‬
‫‪. .‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫*‬ ‫فأخطب بتكرار املعاىن سرمدا‬
‫واكتب بأسلوب القرآن أبدا‬ ‫*‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬
‫وأنقد كنقد العلما الكهـول‬ ‫*‬ ‫وأنشد األشعار كالفحــول‬
‫مصدره الذوق لدى تأسيسه‬ ‫والنقد فن قائم بنفس ــه *‬
‫‪180‬‬

‫الفصاحة‬
‫ومن غرابة وخلف البـادر‬ ‫خلوص حرف القول من تذافر *‬
‫على خالف القيس إذ ال يعقل‬ ‫كفخع وافر نقعوا واالجلـل *‬
‫عن ضعف تأليف وتعقيد تـرى‬ ‫فصاحة وىف الكالم إن عرى *‬
‫وألسن السلطان شاعت يدرى‬ ‫مثاله يضرب زيدا عمـرا*‬
‫على اللسان ذاك ليس يقبــل‬ ‫وعن تنافر الذى قد يشقـل *‬
‫وليس قرب قرب حرب قــربى‬ ‫كقرب حرب مبكان قفــر *‬
‫إضافة قد جاء ىف األذك ــار‬ ‫*‬ ‫قيل وأن خيلص من تكرار‬
‫أسرار الفصاحة والبالغة‬
‫سر خفى فاحتف ــل لالدب‬ ‫وىف جمارى كلمات العرب *‬
‫وهكذا التأنيث والتذكــري‬ ‫*‬ ‫من ذلك التقدمي والتأخيـر‬
‫كعكسه حقا بغري املن ــع‬ ‫*‬ ‫فذكر التأنيث عند اجلمـع‬
‫مؤنث عنــد ذوى االداء‬ ‫وكل ما زوج ىف االعضـاء *‬
‫أفعاهلم بأحرف تراع ــى‬ ‫*‬ ‫تصغريهم رتبه ىف أنــواع‬
‫وذكر خاص بعد عام يعتمد‬ ‫اضافة االسم إىل الفعل ورد *‬
‫لالختصار احلذف خذ إفـاده‬ ‫تكرير ال التكرار وال عـادة *‬
‫توكيد باللفظ وباملعـىن حذا‬ ‫مث جماز واستعارة كــذا *‬
‫كذاك تشبيه مبـا ىف بابــه‬ ‫*‬ ‫ذكر املكان واملراد من به‬
‫لكنمــا باطنه للـزجــر‬ ‫ومنه ما ظاهره كاألمـر *‬
‫عن قبحه ىف اللفظ ذاك أحسن‬ ‫*‬ ‫كناية الشئ مبا يستحسـن‬
‫وغيبة تكلم بال ارتي ــاب‬ ‫واالنتقال ستة من اخلطاب *‬
‫يغلب التذكري عند العلمــا‬ ‫*‬ ‫ومنه تغليب لعاقل كسمـا‬
‫كالعكس أيضا هكذا لفى السمع‬ ‫*‬ ‫إقامة الواحد حيث اجلمع‬
‫تغليب واحد من األمري ــن‬ ‫*‬ ‫والعود للواحد عن إثنني‬
‫(‪)15‬‬
‫ومنرين هكذا شيخـ ـيـن‬ ‫كمشرقني مث مغربيــن *‬
‫‪181‬‬

‫الدكتور عبد اهلل حممد آدم‬


‫إن ه ذا ال دكتور من املت أثرين بالش يخ عبد اهلل الس يما ىف اجملال‬
‫النحوى والصرف‪ .‬له حتقيق " للبحر احمليط " للشيخ عبد‪ .‬وقد اعرتف‬
‫ه ذا ال دكتور حيفظ الش يخ عبد اهلل الق اموس احمليط مس تنتجا ذلك من‬
‫أقوال الباحثني غريه‪.‬‬

‫الدكتور على أبوبكر‬


‫وهذا عامل وناقد من خرجيى مدرسة عبد اهلل‪ .‬واكرب شاهد على‬
‫ذلك رس الته لل دكتوره ‪" .‬الثقافة العربية ىف نيجرييا من ‪ 1750‬إىل‬
‫‪1960‬م الىت يسرتق جلها ايراد تاريخ اخلالفة اإلسالمية ىف سوكوتو‬
‫وانتاجها الثقاىف ‪ .‬مع الرتكيز على ثقافة علمائها‪ .‬اعرتف الدكتور على‬
‫أبوبكر بعبقرية الشيخ عبد اهلل‪.‬‬

‫األستاذ الدكتور شيخو أمحد سعيد غالدنتشى‬


‫وه ذا من املعجمني بالش يخ عبد اهلل حيث دلت أقواله فيه على‬
‫تبحر عبد اهلل ىف اللغة وثقافتها ‪.‬‬

‫األستاذ على نائىب سويد‬


‫وهو ع امل وأديب وناق د‪ .‬لقد ق ام بدراسة نقدية ح ول خمتلف‬
‫اعمال الشيخ عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬من ذلك عرض نقدى لبعض قصائد‬
‫ديوان الشيخ عبد اهلل "تزيني الورقات…" ‪ .‬لقد استدرك على عبد اهلل‬
‫بعض تعبرياته الىت علب عليها اللغ ات احمللية كق ول عبد اهلل (اكل‬
‫هدايا اجلاه" و "اكل االمات " ىف قوله منقدا وضع جمتمعه‪:‬‬
‫واكل هدايا اجلاه الفئ والرشى * وعود ومزمار وضرب الدباب‬
‫فرار من القاضى واكل االمان و * املواالت للكفار خوف العواقب‬
‫‪182‬‬

‫لقد ج ذبت عبقرية الش يخ عبد اهلل بن ف ودى انتب اه كثري من‬
‫الباحثني ‪ ،‬منهم الدكتور عبد الباقى شعيب أغاكا‪ ،‬الذى اختار اعمال‬
‫الشيخ عبد اهلل بن فودى موضوع رسالتيه للماجستري والدكتوره‪ .‬كان‬
‫عنوان رسالته للماجستري "املظاهر البالغية ىف ديوان العالمة عبد اهلل بن‬
‫فودى‪ ،‬قدم الرسالة إىل جامعة بايرو عام ‪1415‬هـ (‪1985‬م) ‪ .‬جنده‬
‫يكتب رس الته لل دكتوره بعن وان "البالغة القرآنية ل دى العالمة عبد اهلل‬
‫بن ف ودى "وهى مقدمة إىل جامعة عثم ان بن ف ودى‪ ،‬س وكوتو ع ام‬
‫‪1414‬هـ (‪1994‬م)‪.‬‬
‫وهك ذا أخ ذت جه ود الش يخ عبد اهلل العلمية واألدبية تتمثل‬
‫فيمن بعده شيوخ دهاليز وأساتذة جامعات‪ .‬وأبرز ما ىف ذلك تأثرهم‬
‫مبعاجلة الشيخ عبد اهلل بن فودى للمعجم العرىب ىف خمتلف أنواعه‪.‬‬

‫هوامش الباب الرابع ‪:‬‬


‫عبد الب اقى ش عيب ‪ ،‬ال دكتور ‪ ،‬دور طلبة املدارس العربية ىف‬ ‫(‪)1‬‬
‫نشر ال دعوة اإلس المية‪ ،‬مؤسسة الفج ر‪ ،‬الغ وس نيجرييا الطبعة األوىل‬
‫‪1996‬م ص ‪. 13 – 11‬‬
‫عبد الب اقى ش عيب ‪ ،‬دور طلبة املدارس العربية ىف نشر‬ ‫(‪)2‬‬
‫الدعوةاإلسالمية‪ .‬املرجع السابق ص ‪. 13 ، 12‬‬
‫س بقت املعاهد الثالثة األوىل معاهد س وكوتو‪ ،‬إذ يع ود عهد‬ ‫(‪)3‬‬
‫بعض منها إىل الق رن اخلامس عشر أو قبل ه‪ ،‬وإن س اعدا ىف ازده ار‬
‫شأهنا عند قيام اخلالفة اإلسالمية بسوكوتو‪.‬‬
‫‪183‬‬

‫الدكتور على أبوبكر ‪ ،‬الثقافة العربية ىف نيجرييا من ‪ 1750‬اىل‬ ‫(‪)4‬‬


‫‪ 1960‬م ‪ ،‬مؤسسة عبد احلف يظ البس اط لب ان ‪ .‬الطبعة األوىل‬
‫‪1972‬م ص ‪. 200 – 155‬‬
‫الوزير جنيد بن حممد البخارى‪ ،‬افادة الطالبني ببعض قصائد أمري‬ ‫(‪)5‬‬
‫املؤمنني حممد بلو بن عثمان‪ ،‬خمطوط ص ‪. 91 – 89‬‬
‫د‪ .‬شيخو أمحد سعيد غالدنتشى‪ ،‬حركة اللغة العربية وآداهبا ىف‬ ‫(‪)6‬‬
‫نيجرييا ‪ ،‬املرجع السابق ص ‪. 104‬‬
‫آدم عبد اهلل االل ورى‪ ،‬مص باح الدراس ات األدبية ىف ال ديار‬ ‫(‪)7‬‬
‫النيجريي ة‪ ،‬مركز التعليم الع رىب ‪ ،‬اغيغى‪ ،‬ني دجرييا‪ ،‬بال ت اريخ الطباعة‬
‫وعددها ص ‪. 43 – 42‬‬
‫الع امل العالمة احلرب البحر الفهامة الش يخ جمد ال دين حممد بن‬ ‫(‪)8‬‬
‫يعق وب الفريوزاب ادى الش ريازى‪ ،‬الق اموس احمليط ‪ ،‬موشى احلواشى‬
‫بط راز العالمة الش يخ نصر اهلوريىن وي تيم آللئ التقطها مص ححه من‬
‫حبار املأنوس للعالمة الق راىف وأزه ار اقتطفها من ي انع روض ش ارحه‬
‫اجلليل للعالمة النبيل الس يد مرتض ى‪ ،‬الطبعة األوىل باملطبعة احلس ينية‬
‫املصرية سنة ‪1330‬هـ ج ‪ 1‬ص ‪38‬فصل امليم والال م باب اهلمزة ‪.‬‬
‫الفريزابادى‪ ،‬القاموس احمليط‪ ،‬املرجع السابق ص ‪. 39‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫الفريوزابداى‪ ،‬القاموس احمليط ‪ ،‬املرجع السابق ج ‪ 1‬ص ‪. 55‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫حيىي حممد األمني‪ ،‬األس تاذ أب وبكر ص كة ‪ ،‬حياته وانتاجاته‬ ‫(‪)11‬‬
‫الش عرية‪ ،‬حبث تكميلى لنيل ش هادة الليس انس ىف اللغة العربي ة‪ .‬جامعة‬
‫ص تو ‪1983‬م ص ‪ 66 ،65‬وانظر ‪ :‬ورقةخمططة فيها نفس القص يدة‬
‫ببعض االختالف ات عن نس خة حيىي حممد األمني‪ ،‬وهى موج ودة ىف‬
‫معهد مامل بوىب صكتو وعند د‪ .‬حممد مسبو وىل جنيد صكتو ‪.‬‬
‫‪184‬‬

‫الوزير جنيد‪ ،‬روائح األزهار من روض مجع كلية عبد اهلل بايرو‬ ‫(‪)12‬‬
‫كانو ‪1973‬م ص ‪. 51 – 49‬‬
‫د‪ .‬شيخو أمحد سعيد غالدنتشى ‪ ،‬حركة اللغة العربية وآداهبا ىف‬ ‫(‪)13‬‬
‫نيجرييا‪ ،‬املرجع السابق ص ‪. 213 ، 262‬‬
‫أمحد احلاج شعيب سعيد االلورى الشيخ آدم عبد اهلل االلورى‬ ‫(‪)14‬‬
‫ودعوته العلمية واألدبية والدينية ‪ ،‬حبث ق دم إىل القسم الع رىب جامعة‬
‫س وكوتو تكملة لنيل ش هادة الليس انس ىف اللغة العربية ‪1401‬هـ (‬
‫‪1981‬م) ص ‪. 23‬‬
‫الش يخ آدم عبد اهلل اإلل ورى‪ ،‬أس رار البالغة وأس اس الفص احة‪،‬‬ ‫(‪)15‬‬
‫نظم ما ن ثره الثع الىب النيس ابورى ىف فقه اللغة تعليق عبد الوه اب زبري‬
‫الغم اوى‪ ،‬مطبعة الثقافة اإلس المية أغيغى‪ ،‬نيجريي ا‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1408‬هـ (‪1978‬م) ص ‪. 25 – 5‬‬
‫خاتمة البحث‬
‫إن إدراك الشيخ عبد اهلل بن فودى إدراكا جيدا للمعجم العرىب‬
‫وقدرته على توظيفه ىف أعماله من أهم عوامل تفوقه على كثري من‬
‫العلماء واللغويني‪.‬‬
‫لقد حاولت هذه الرسالة الكشف عن مصادر ثقافة الشيخ عبد‬
‫اهلل املعجمية وطريقة استعماله هلا األمر الذى أنزله منزلته منزلته املرموقة‬
‫بني العلماء واألدباء‪ .‬مت ذلك خالل أجزاء الرسالة املختلفة‪.‬‬
‫توصلت الرسالة إىل النتائج اآلتية‪:‬‬
‫إن املادة اللغوية جبميع مستوياهتا معاجَل ة ىف املعجم العرىب بأنواعه‬ ‫(‪)1‬‬
‫املختلفة ‪.‬‬
‫‪185‬‬

‫ك ان الش يخ عبد اهلل بن ف ودى على إملام ت ام باملع اجم العربية‬ ‫(‪)2‬‬
‫(اللغوي ة) الس يما الق اموس احمليط للفريوزب ادى وش رحه ت اج الع روس‬
‫ملرتضى الزبي دى وأس اس البالغة للزخمش رى ومالزما هلا ‪ ،‬األمر ال ذى‬
‫مكنه من ح ذق املؤلف ات العربية ىف شىت مي ادين املعرفة وبالت اىل ت أليف‬
‫اعمال غزيرة ىف قمة اجلودة كسبته ألقابا نبيلة منها "عالمة السودان"‪.‬‬
‫رغم ما تتسم به مؤلف ات علم اء اجله اد من االرجتال إهنا متثل‬ ‫(‪)3‬‬
‫م ادة معرفية ىف شىت العل وم ش غلت الب احثني بع دهم‪ ،‬وال ي زال أغلب‬
‫أعماهلم ىف حاجة إىل حتقيق ودراسة وتطبيق ‪.‬‬
‫لقد اس تفاد الش يخ عبد اهلل من جهاب ذة العلم اء الق دامى‬ ‫(‪)4‬‬
‫واملعاص رين عربا وغ ريهم كما دل على ذلك مص ادر ثقافته اإلس المية‬
‫واللغوية‪.‬‬
‫لقد أث رى الش يخ عبد اهلل بن ف ودى ومن على ش اكلته املكتبة‬ ‫(‪)5‬‬
‫العربية العاملية بصفة عامة واملكتبة النيجريية بصفة خاصة ‪.‬‬
‫لقد ت رك الش يخ عبد اهلل أث را كب ريا فيمن بع ده من العلم اء‬ ‫(‪)6‬‬
‫وطالب العلم على حنو ما ثبت ىف أعمال خلفه ‪.‬‬
‫تنكشف قيمة أعم ال الش يخ عبد اهلل وطالبه اللغوية ىف ان دفاع‬ ‫(‪)7‬‬
‫الباحثني إىل نقب هذه الكنوز الثمينة‪.‬‬
‫يتقدم الباحث ىف ضوء ما سبق عرضه بالتوصيات اآلتية‪:‬‬
‫يستحسن توجيه مهم طالب العلم إىل دراسة ما خلفه علماؤنا‬ ‫(‪)1‬‬
‫النيج رييون الق دامى واحملدثون ىف اجملال اللغ وى ملا يتمثل فيه من الغن اء‬
‫عن غريه‪.‬‬
‫هن اك ض رورة حتقيق ونشر ما خلفه لنا العلم اء النيج رييون من‬ ‫(‪)2‬‬
‫تراث لغوى لتسهيل مطالعته الطالب العلم والباحثني ‪.‬‬
‫‪186‬‬

‫ينبغى تع يني كتب اللغة للش يوخ أمث ال عبد اهلل بن ف ودى ىف‬ ‫(‪)3‬‬
‫املعاهد العلمية لفائدة طالبنا ‪.‬‬
‫هن اك حاجة نشر البح وث املقدمة ىف عبد اهلل لتفتح آفاقا‬ ‫(‪)4‬‬
‫جديدة‪ .‬للباحثني القادمني ‪ ،‬ألهنا حتمل جزئيات قابلة للبحث ‪.‬‬

‫المصادر والمراجع ‪:‬‬


‫ابن خلدون العالمة ‪ ،‬مقدمة ابن خلدون دار إحياء الرتاث العرىب ‪،‬‬
‫بريوت – لبنان ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،‬بال سنة ‪.‬‬

‫ابن منظور ‪ ،‬أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪،‬‬
‫نشر أدب احلوزة ‪ ،‬بال رقم ‪ -‬إي ران‪ ،‬بال ع دد الطبع ة‪،‬‬
‫سنة ‪1405 :‬هـ – ‪ 1963‬م ج ‪. 12 :‬‬

‫ابن رشيق ‪ ،‬العمدة ىف حماسن الشعر وآدابه ونقده ‪ ،‬حققه وفصله‬


‫وعلق حواش يه حممد حمىي ال دين عبد احلميد ‪ ،‬دار اجليل‬
‫بريوت – لبنان بال سنة ‪.‬‬

‫أمحد خمتار عر‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬علم الداللة عامل الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬سنة ‪1988 :‬م ‪.‬‬

‫اإللورى ‪ ،‬أمحد احلاج شعيب سعيد ‪ ،‬الشيخ آدم عبد اهلل اإللورى‬
‫وجمهوداته العلمية واألدبية والدينية ‪ ،‬حتت مق دم لنيل ش هادة‬
‫الليس انس ىف اللغة العربية ‪ ،‬بقسم اللغة العربية جامعة ص كتو‬
‫نيجرييا‪ ،‬عام ‪1401 :‬هـ ‪. 1981 -‬‬
‫‪187‬‬

‫اإللورى‪ ،‬آدم عبد اهلل الشيخ ‪:‬‬


‫أس رار البالغة وأس رار الفص احة‪ ،‬نظم ما ن ثره الثع الىب‬ ‫‪‬‬
‫النيس ابورى ىف فقه اللغ ة‪ ،‬مع تليق عبد الوه اب زبري‬
‫الغم اوى مطبعة الثقافة اإلس المية أغيغى نيجرييا ‪1408‬هـ‬
‫‪1987‬م‪.‬‬

‫اإلسالم ىف نيجرييا والشيخ عثمان بن فوديو الفالىن‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬


‫الثالثة‪ ،‬بال مطبعة ‪ ،‬سنة ‪1398 :‬هـ – ‪1978‬من‪.‬‬
‫مص باح الدراس ات األدبية ىف ال ديار النيجريي ة‪ ،‬بال مطبعة‬ ‫‪‬‬
‫وال تاريخ‪.‬‬
‫م وجز ت اريخ نيجرييا ‪ ،‬نشر دار مكتبة احلي اة ‪ ،‬ب ريوت ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫سنة ‪ 1965 :‬م ‪.‬‬
‫ورقة مقدمة ىف ندوة إحياء آثار عبد اهلل بن فودى بعنوان‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫عبد اهلل بن ف ودى وختميس العش ريات ‪ 6 ،‬مجادى الثانية‬
‫‪1404‬هـ ‪ 8 -‬م ارس ‪1984‬م ‪ ،‬جبامعة س وكوتو نيجري‬
‫يا ‪.‬‬

‫إميل يعقوب ‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬املعاجم اللغوية العربية ‪ ،‬بداءهتا وتطورها‪،‬‬


‫دار العلم للماليني ‪ ،‬ب ريوت – لبن ان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬‬
‫سنة ‪198‬م ‪.‬‬

‫البارتى ‪ ،‬أكمل الدين حممد بن حممد بن حممود بن أمحد‪ ،‬الشيخ ‪،‬‬


‫شرح التلخيص ‪ ،‬دراسة وحتقيق الدكتور حممد مصطفى‬
‫رمضان صوفية ‪ ،‬املنشأة العامة للنشر والتوزيع‪ ،‬طرابلس‬
‫‪188‬‬

‫– اجلماهريية العربية الليبية الس عبية اإلش رتاكية ‪ ،‬الطبعة‬


‫األوىل ‪ ،‬سنة ‪1392 :‬هـ (‪. )1983‬‬

‫بدوى ‪ ،‬أمحد أمحد‪ ،‬من بالغة القرآن ‪ ،‬دار هنضة مصر للطبع وانشر‪،‬‬
‫الفجالة – القاهرة سنة ‪19500‬م ‪.‬‬

‫بدوى طبانة‪ ،‬النقد األدىب ‪ ،‬وارة التعليم العاىل‪ ،‬اململكة العربية‬


‫السعودية ‪.‬‬

‫بشري عثمان أمحد‪ ،‬اإلسهام الفكرى للشيخ عبد اهلل دراسة ببلوجرافية‪،‬‬
‫ورقة مقدمة ىف املؤمتر اإلسالمى عن حياة وأعمال الشيخ‬
‫عبد اهلل بن ف ودى‪ ،‬املنعقد من قبل جامعة س وكوتو ‪8 .‬‬
‫– ‪ 11‬مارس ‪1989‬م ‪( .‬دار الوثائق سوكوتو) ‪.‬‬

‫الزبيدى‪ ،‬السيد حممد مرتضى‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬املطبعة‬


‫اخلريية‪ ،‬مصر ‪1306‬هـ‬

‫الزخمشرى ‪ ،‬أساس البالغة ‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة‬


‫‪1972 :‬م ‪.‬‬

‫رياض زكى قاسم‪ ،‬الدكتور‪ ،‬املعجم العرىب ‪ ،‬حبوث ىف املادة واملنهج‬


‫والتطبيق ‪ ،‬دار املعرتفة ‪ ،‬بريوت – لبنان ‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫سنة ‪1987 :‬م ‪1407 -‬هـ ‪.‬‬

‫سيبويه بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬حتقيق عبد السالم هارون ‪ ،‬اهليئة املصرية‬


‫العامة‪1391 .‬هـ (‪1971‬م)‪.‬‬
‫‪189‬‬

‫السيوطى ‪ ،‬عبد الرمحن جالل الدين‪ ،‬العالمة ‪:‬‬


‫اإلتق ان ىف عل وم الق رآن‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬ب ريوت لبن ان‪ ،‬اجلزء‬ ‫‪‬‬
‫األول ‪.‬‬
‫‪ ‬املزهر ىف عل وم اللغة وأنواعها ‪ ،‬دار الفك ر‪ ،‬ب ريوت لبن ان‪.‬‬
‫ج‪.1:‬‬
‫شافعى حممد الورى ‪ ،‬احلاج ‪ ،‬تعليم اللغة العربية ىف مدينة الورن ‪،‬‬
‫حبث مق دم لنيل درجة اإلج ازة العالية ‪ ،‬بقسم اللغة‬
‫العربية جامعة صكتو عام ‪1402 :‬هـ – ‪1982‬م ‪.‬‬

‫شيخو أمحد سعيد غالدنثى ‪ ،‬حركة اللغة العربية وآداهبا ىف جنرييا ‪،‬‬
‫املنتبة األفريقية‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪1414 :‬هـ ‪1993‬م‬
‫‪.‬‬

‫الطاهر أمحد الزاوى األستاذ ترتيب القاموس احمليط على طريق املصباح‬
‫املنري وأس اس البالغ ة‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬اجمللد األول ‪.‬‬

‫عبد الباقى شعيب أغاكا "الدكتور"‬


‫البالغة القرآنية ل دى العالمة عبد اهلل بن ف ودى ‪ ،‬رس الة‬ ‫‪‬‬
‫مقدمة لنيل درجة الدكتوراه ىف البالغة بقسم اللغة العربية ‪،‬‬
‫كلية الدراس ات العليا جامعة عثم ان بن ف ودى ص كتو‬
‫نيجرييا ‪ .‬ومنهج األدب اإلس المى ‪ ،‬اجمللد األول والث اىن ‪،‬‬
‫عام ‪1464‬هـ – ‪1994‬م ‪.‬‬
‫دور طلبة املدارس العربية ىف نشر الدعوة اإلسالمية ‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪‬‬
‫أوربا اإلسالمية‪ ،‬أغيغى الغوس نيجرييا‪،‬سنة ‪1996 :‬م ‪.‬‬
‫‪190‬‬

‫املظ اهر البالغ ةي ىف دي وان العالمة عبد اهلل بن ف ودى‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫رسالة املاجستري ىف جامعة بايرو ‪1415‬هـ ‪1985‬م‪.‬‬

‫عبد الرمحن السيوطى حممد الثاىن ‪ ،‬الشيخ احلاج عبد القادر بن على‬
‫النف وى الزك زكى عاملا وأديبا ومناضال ىف س بيل دينه ‪،‬‬
‫حبث مقدم لشعبة اللغة العربية‪ ،‬جامعة صكتو نيجرييا‪.‬‬

‫عبد العزيز أمحد آدم ماشئ ابن الصباغ الكشناوى شاعرا‪ ،‬حتت مقدم‬
‫للحص ول على درجة الليس انس ىف الدراس ات العربية ‪،‬‬
‫قسم اللغة العربية ‪ ،‬جامعة عثمان بن فودى صكتو سنة‬
‫‪1414‬هـ ‪1993‬م ‪.‬‬

‫عبد السميع حممد أمحد‪ ،‬الدكتور‪ ،‬املعاجم العربية دراسة حتليلية‪،‬‬


‫الكت اب األول‪ ،‬دار الفك ر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬س نة‬
‫‪1974‬م‪.‬‬

‫عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬الشيخ ‪:‬‬


‫رخه مهع‬ ‫البحر احمليط ‪ ،‬نظم مجع اجلامع ىف النحو وش‬ ‫‪‬‬
‫اهلوامع جلالل ال دين الس يوطى ‪1397 ،‬هـ – ‪1977‬م بال‬
‫مطبعة‪. .‬‬
‫ت زيني الورق ات ‪ ،‬حتقيق وترمجة ما بني هس كيت ‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪‬‬
‫جامعة إبادن ‪1963 ،‬م ‪.‬‬
‫ت زيني الورق ات ‪ ،‬نشر األس تاذ أىب بكر بن عثم ان ب اىب‬ ‫‪‬‬
‫واحلاج عبد الرمحن بن احلاج عثمان املغرىب ‪1983 ،‬هـ ‪.‬‬
‫احلصن الرصني ( اجلامع مدينة الصرف) خمطوط ‪ ،‬ص ‪4‬‬ ‫‪‬‬
‫‪191‬‬

‫ضياء التأويل ىف معاىن التنزيل ‪ ،‬نشر احلاج حممد طن إغى‬ ‫‪‬‬


‫‪ ،‬سوكوتو ‪.‬‬
‫ض ياء الس ند ‪ ،‬خمط وط ( دار وث ائق مركز الدراس ات‬ ‫‪‬‬
‫اإلسالمية جامعة عثمان بن فودى صكتو ‪. .‬‬
‫ضياء السياسات وفتاوى النوازل مما هو من فروع الدين من‬ ‫‪‬‬
‫املس ائ‪ ،‬حتقيق وتق دمي‪ :‬ال دكتور أمحد حممد ك اىن‪ ،‬طبع‬
‫الزهراء لإلعالم العرىب الطبعة األوىل‪.‬‬
‫الفرائد اجلللة وس ائط الفوائد اجلميل ة‪ ،‬نشر حممد طن إغى‬ ‫‪‬‬
‫طامري يرو صكتو ‪.‬‬
‫كت اب النسب ‪ ،‬خمط وط ( دار وث ائق ص كتو رس كو‪ ،‬نشر‬ ‫‪‬‬
‫عبد اهلل يسار الطبعة األوىل ‪ ،‬بال سنة ‪.‬‬
‫كفاية ضعفاء السودان ىف بيان تفسري القرآن مؤسسة أمحد‬ ‫‪‬‬
‫حممد السنوسى غومىب ‪ ،‬ك ادون ‪ ،‬نيجريي ا‪ ،‬الطبعة األوىل ‪:‬‬
‫‪1910‬هـ (‪1989‬م) ‪.‬‬

‫عبد اهلل حممد آدم ‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬املدخل لتحقيق البحر احمليط للشيخ عبد‬
‫اهلل بن ف ودى‪ ،‬ورقة مقدمة ىف ن دوة عن أعم ال الش يخ‬
‫عبد اهلل بن فودى ‪ ،‬مبركز الدراسات اإلسالمية ‪ ،‬جامعة‬
‫سوكوتو مارس ‪1984 :‬م ‪.‬‬
‫عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان ‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬كتابة البحث العلمى‬
‫ص ياغة جدي دة ‪ ،‬دار الش رق ‪ ،‬ج دة ‪ ،‬الطبعة الرابعة‬
‫‪1412‬هـ – ‪1992‬م ‪.‬‬

‫عثمان بن فودى ‪ ،‬الشيخ ‪ ،‬كتاب أسانيد الفقري ‪،‬خمطوط ‪.‬‬


‫‪192‬‬

‫على أبوبكر الدكتور ‪ ،‬الثقافة العربية ىف نيجرييا ‪ ،‬مؤسسة عبد احلفيظ‬


‫البس اط ‪ ،‬ب ريوت – لبن ان ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ .‬س نة ‪:‬‬
‫‪1972‬م ‪.‬‬

‫على اجلارم ومصطفى أمني‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬بال مطبعة وتاريخ‬


‫الطباعة ‪.‬‬

‫عمر أبوبكر ‪ ،‬احلاج الوزير جنيد كناشر‪ ،‬حبث مقدم لشعبة اللغة‬
‫العربية ‪ ،‬جامعة صكتو ‪ ،‬لعام‪1981 :‬م ‪.‬‬
‫عمر خبارى الزكزكى ‪ ،‬الشعر العرىب ىف مدينة زاريا ‪ ،‬حبث قدمه‬
‫للحص ول على ش هادة اإلج ازة العالية بش عبة اللغة‬
‫العربية‪ ،‬جامعة عثمان بن فودى ‪ ،‬صكتو نيجرييا ‪ ،‬عام‬
‫‪1989 :‬م ‪.‬‬

‫عون الشريف قاسم ‪ ،‬األستاذ الدكتور ‪ ،‬حماضرات ىف املعاجم عند‬


‫الع رب وغ ريهم ‪ ،‬لطلبة املاجس تري ىف معهد اخلرط وم‬
‫الدوىل للغة العربية ‪1987 ،‬م – ‪1988‬م ‪.‬‬

‫الفازازى ‪ ،‬أبو زيد عبد الرمحن أىب سعيد خيلفني ابن أمحد األندلسى ‪،‬‬
‫مطبعة اجلمهورية – دمشق ‪ ،‬بال سنة الطباعة ‪.‬‬

‫الفريوزبادى‪ ،‬حممد بن يعقوب‪ ،‬أبو طاهر حممد الدين الشربزى‪،‬‬


‫القاموس احمليط ‪ ،‬أعاد ترتيبه األستاذ الطاهر أمحد الرازى‬
‫على طريقة املص باح املنري وأس اس البالغة ‪ ،‬دار الفكر‬
‫للطباعة ‪ ،‬ج ‪. 3 :‬‬
‫‪193‬‬

‫القزويىن ‪ ،‬اإليضاح ىف علوم البالغة ‪ ،‬شرح وتعليق وتنقيع الدكتور‬


‫حممد عبد املنعم خف اجى‪ ،‬دار الكت اب اللبنانية ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪ ،‬سنة ‪1391 :‬هـ (‪1971‬م) ج ‪. 1 :‬‬

‫لويس املعلوف ‪ ،‬املنجد ىف اللغة ‪ ،‬طهران – إيران ‪ ،‬الطبعة الرابعة‬


‫والعشرون‪ ،‬سنة ‪1347 :‬هـ ‪.‬‬

‫جممع اللغة العربية‪ ،‬املعجم الوسيط ‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬انتشارات ناصر‬


‫خسرو ‪ ،‬طهران – ايران ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬‬

‫حممد أبو الفرج " الدكتور" املعاجم اللغوية ىف ضوء دراسات علم اللغة‬
‫احلديث‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنش ر‪ ،‬س نة ‪:‬‬
‫‪1966‬م ‪.‬‬

‫حممد بيلو بن الشيخ عثمان بن فودى ‪:‬‬


‫إنف اق امليس ور ىف ت اريخ بالد التك رور ‪ ،‬دار ومط ابع‬ ‫‪‬‬
‫الشعب‪،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪1383 :‬هـ – ‪1964‬م ‪.‬‬
‫ديوانه املسمى ‪ :‬إفادة الطالبني ببعض قصائد أمري املؤمنني حممد بلو‬ ‫‪‬‬
‫بن عثم ان بن ف ودى مجع ال دكتور ال وزير جنيد بن حممد البخ ارى بن‬
‫أمحد بن غداد بن يل ‪.‬‬

‫حممد هارون ‪ ،‬مسامهة علماء غسو ىف تطوير الشعر العرىب‪ ،‬حبث مقدم‬
‫لنيل ش هادة الليس انس ىف اللغة العربية ‪ ،‬بقسم اللغة‬
‫العربية‪ ،‬جامعة بايرو كانو نيجرييا ‪.‬‬

‫خمتار أمحد ‪ ،‬الوزير جنيد شاعرا حبث مقدم لشعبة اللغة العربية كلية‬
‫‪194‬‬

‫اآلداب ‪ ،‬جامعة اخلرطوم ‪ ،‬سنة ‪1980 – 1979 :‬م‪.‬‬

‫موسى إبراهيم تناهو‪ ،‬صور عن اإلقتباس عند أمري املؤمنني حممد بيلو ‪،‬‬
‫حبث مق دم لنيل درجة اإلج ازة العالي ة‪ .‬بقسم اللغة‬
‫العريب ‪ ،‬جامعة صكتو ‪ ،‬عام ‪1407 :‬هـ ‪1987‬م ‪.‬‬

‫الوزير جنيد ‪ ،‬الدكتور ‪ ،‬ديوانه املسمى ‪ :‬روائح األزهار من روض‬


‫اجلن ان ‪ ،‬مجع وتق دمي‪ :‬كلية عبد اللهب ايرو ك انو نيجرييا‬
‫سنة ‪1973 :‬م ‪.‬‬

‫حيىي حممد األمني األستاذ أبوبكر بوى صكتو حياته وإنتاجاته الشعرية‬
‫حبث تكميلى لنيل الليس انس ىف اللغة العربي ة‪ ،‬قم اللغة‬
‫العربية جامعة عثم ان بن ف ودى ص كتو س نة ‪1983‬م‬
‫يوليو ‪.‬‬
‫يسرى عبد الغىن عبد اهلل‪ ،‬معجم املعاجم العربية‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بريوت‬
‫لبنان‪ ،‬بال عدد الطبعة‪ ،‬سنة ‪1409 :‬هـ – ‪1989‬م‬ ‫–‬
‫‪.‬‬

‫اليوسى‪ ،‬احلسن بن مسعود ‪ ،‬القصيدة الدالية ىف مدح أىب عبد اهلل‬


‫حممد بن ناصر ال دين ال درعى ‪ ،‬نشر ب ابن ك انو س نك ‪،‬‬
‫كنو نيجرييا ‪ ،‬خمطوط ‪.‬‬

You might also like