You are on page 1of 15

‫أثر اللغات اإلفرجنية يف العربية العصرية‬

‫مناقشة لكتاب (العرْججنية)‪ ،‬ألمحد الغامدي‪ ،‬دار تكوين‪ ،‬لندن‪ ،‬ط‪1443 ،1‬ه‬
‫‪2021/‬م‪ ،‬ص‪ ،224‬قطع متوسط‪.‬‬

‫حممد خليل الزروق‬

‫______________________________________________‬

‫(‪)1‬‬

‫هذا كتاب فريد يف اببه‪ ،‬وقد نقل مبحث إصالح عربية العصر نقلة ذات ابل‪ ،‬وهو الفن الذي‬
‫كان يسمى قدميًا‪ :‬حلن العامة وحلن اخلاصة‪ ،‬ومسي حديثًا‪ :‬األخطاء الشائعة‪ ،‬والنقلة يف هذا‬
‫الكتاب هي يف تعرف أصل كبري من أصول الداء يف عربية العصر‪ ،‬وهو أهنا حتذو حذو األلفاظ‬
‫واألساليب األعجمية يف اإلنكليزية والفرنسية‪ ،‬بل صارت على ألسنة أكثر الكاتبني واملتكلمني‬
‫مسخا عجيبًا ال إىل هذه وال إىل هذه‪،‬‬
‫هبا حىت األدابء واملتخصصني يف علوم اللغة واألدب ً‬
‫ت له األستاذ الفاضل الرتمجان أمحد الغامدي صاحب الكتاب هذه اللفظة‪ :‬العرجنية‪،‬‬ ‫وهو ما حنَ َ‬
‫ضل‪،‬‬ ‫دوي مع ِ‬
‫أي‪ :‬العربية اإلفرجنية‪ ،‬فهي ليست أخطاء تُ َعدُّ‪ ،‬أو حلو ًًن يُنَبَّه عليها‪ ،‬بل هي داء ٌّ ُ ْ‬
‫وله أصل يُ ْعَرف‪ ،‬وهو أهنا ألفاظ وأساليب مرتمجة حرفًا حرفًا عن ألسنة أقوام آخرين هلم أساليبهم‬
‫وألفاظهم وحنوهم وتصريفهم وجمازاهتم‪ ،‬فإذا نُقل ذلك كما هو إىل العربية كان غريبًا عنها جمافيًا‬
‫أخل بقوانينها النحوية والصرفية‪ ،‬وهذا ما دأب الناس على حماولة تصحيحه‪،‬‬
‫كثريا ما َّ‬
‫لسنَّتها‪ ،‬و ً‬
‫ُ‬
‫أيضا‬
‫فأفضى األمر إىل سرد طائفة من األلفاظ ُحتفظ ويُتَ َحفَّظ منها‪ ،‬وهلا مقابالت حتفظ ً‬
‫لتُستبدل هبا‪ ،‬ومل يتنبهوا يف الغالب على مأاتها‪ ،‬وال إىل خطورة ما يشيع منها صحيح الظاهر‬
‫من قِبَل القريب من النحو‪ ،‬وهو اإلعراب‪ ،‬وأصول الرتب من الفاعلية واملفعولية واالبتدائية‬
‫واخلربية وحنوهن‪ ،‬عليل الباطن مبجافاته َسنَن العرب يف التعبري عن املعاين‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وكان من أقدم من ذكر شيئًا من ذلك الشيخ إبراهيم اليازجي (‪1324-1263‬ه = ‪-1847‬‬
‫‪1906‬م) شيخ التصحيح اللغوي يف العصريني يف كتابه «لغة اجلرائد»‪ ،‬قال (ص ‪:)41‬‬
‫«ويقولون‪ :‬انظر إن كان زيد يف داره‪ ،‬وسله إذا كان األمر كذا‪ ،‬فيأتون إبن وإذا يف هذا املوضع‪،‬‬
‫رغما عن هجره يل‪،‬‬
‫وهو من التعريب احلريف عن اإلفرجنية»‪ ،‬وقال (ص ‪« :)56‬ويقولون‪ :‬أزوره ً‬
‫وال معىن للرغم هنا‪ ،‬إمنا هو من التعريب احلريف‪ ،‬والذي يقال يف هذا املقام‪ :‬أزوره مع هجره‬
‫يل‪ ،‬أو على هجره يل‪ ،‬وهو املعىن املراد من التعبري اإلفرجني»‪ ،‬وقال (ص ‪« :)61‬ويقولون‪:‬‬
‫رأيته أكثر من مرة‪ ،‬وجاءين أكثر من واحد‪ ،‬ومقتضاه إثبات الكثرة للمرة وللواحد‪ ...‬والظاهر‬
‫أن هذا التعبري منقول عن الرتكيب اإلفرجني‪ ،‬والعرب يستعملون هنا لفظ غري‪ ،‬ويقولون‪ :‬رأيته‬
‫غري مرة‪ ،‬وجاءين غريُ واحد»‪ ،‬وقال (ص ‪« :)94‬ويقولون‪ :‬اعتنق دين كذا‪ ،‬أي صبا إليه ودان‬
‫َ‬
‫به‪ ،‬وهو من التعريب احلريف عن اللغات األوربية‪ ،‬واللفظ العريب يف هذا املعىن‪ :‬انتحل دين‬
‫فالًن عرف‬
‫كذا»‪ ،‬وقال (ص ‪« :)100‬ويقولون‪ :‬هذا األمر قد عُرف من فالن‪ ،‬يعنون أن ً‬
‫وجيرونه‬
‫فالًن عُرف ابألمر‪ ،‬فيبنون الفعل للمجهول مث يذكرون الفاعل احملذوف ُّ‬
‫به‪ ،‬يعنون أن ً‬
‫مبن‪ ،‬وهو من التعريب احلريف عن اللغات األوربية»‪ ،‬وقال (ص ‪« :)104‬ويقولون‪ :‬فعل كذا‬
‫مأمورا‪ ،‬وكأن هذا من الرتاكيب املعربة عن اللغات اإلفرجنية»‪.‬‬
‫بصفته ً‬
‫ومن قدماء من حبث هذا األمر‪ ،‬شاكر ُشقري اللبناين (‪1314-1266‬ه = ‪1896-1850‬م)‬
‫يف كتاب مساه‪« :‬لسان غصن لبنان يف انتقاد العربية العصرية»‪ ،‬وقال فيه (ص ‪« :)7-6‬إن‬
‫مدار حبثنا يف هذا الباب على ثالث قضااي أولية‪ ،‬ويتفرع منها غريها‪ ،‬وهي‪ :‬التعريب‪ ،‬واخلطأ‬
‫يف قواعد اللغة العربية‪ ،‬واستعمال بعض ألفاظها يف غري حمله‪ .‬فأما التعريب فهو صناعة دقيقة‬
‫تقتضي جودة املعرفة يف اللغتني‪ ،‬أي العربية والفرجنية‪ ،‬ولكوين أعرف اللغة الفرنسوية يكون‬
‫حبثي فيما يرتجم م نها‪ ...‬وال جيهل أحد أن لكل لغة اصطالحات وأساليب خاصة لتأدية‬
‫املعاين‪ ،‬فال يصح اختاذ األسلوب اإلفرجني بصورة عربية‪ ،‬وال العريب بصورة إفرجنية‪ ،‬فالفرنسيون‬
‫جيدا مثل صباح‬
‫مثال «‪ ،»...‬فهل يصح أن نرتمجها حرفيًّا ونقول‪ :‬هذا معروف ً‬ ‫يقولون ً‬
‫اخلري؟‪ ...‬وسنأيت على عدة عبارات سقيمة الرتمجة‪ ،‬ونوضح كيفية تعريبها»‪.‬‬

‫دورا‪ ،‬فعل ذلك على رغم صفاته‬


‫ومن األساليب الفرنسية اليت ذكرها‪ :‬طلب يد فالنة‪ ،‬لعب ً‬
‫احلسنة‪ ،‬فلتحفظك السماء‪ ،‬وصلت السفينة إىل مياهنا‪ ،‬كلما اجتهدت كلما جنحت‪ ،‬سأزورك‬
‫غ ًدا قال فالن‪ ،‬أي بتقدمي املقول على فعل القول‪ ،‬قتل الوقت‪ ،‬قرأت يف وجهه الغضب‪ ،‬هو‬
‫أخي أو شقيقي‪ ،‬ابستعمال أو يف التفسري‪ ،‬وحملها حمل أي يف العربية‪ ،‬الصوت والتصويت مبعىن‬
‫االختيار والتأييد‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫أيضا‪ ،‬ولكن على وجه اإلابحة واالستحسان‪ ،‬فيما كتبه الشيخ عبد القادر‬
‫وجتد حبثًا هلذا ً‬
‫املغريب ًنئب رئيس اجملمع العلمي العريب يف دمشق (‪1375-1284‬ه = ‪1956-1867‬م)‪،‬‬
‫أوال يف كلمة جعل عنواهنا‪« :‬الكلمات غري القاموسية»‪ ،‬ألقاها يف جلسة للمجمع‪،‬‬
‫وكان ذلك ً‬
‫ونشرت يف جملة املقتطف (‪ )144/71‬يف شهر آب من سنة ‪1927‬م‪ ،‬مث يف جملة اجملمع‬
‫(‪ )29/8‬يف شهر كانون الثاين سنة ‪1928‬م‪ ،‬والكلمة استفتاء ألعضاء اجملمع فيما ال جنده‬
‫يف املعاجم من األلفاظ والعبارات املستعملة‪ ،‬وجعلها سبعة أقسام‪ ،‬وقال يف القسم السادس‬
‫منها‪« :‬أساليب أو تراكيب أعجمية تسربت إىل لغتنا مرتمجة عن اللغات األوربية‪ ،‬وهي مما ال‬
‫يعرف العرب األقدمون‪ ،‬وهذا كقوهلم‪ :‬ذر الرماد يف العيون‪ ،‬عاش ستة عشر رب ًيعا‪ ،‬وضع املسألة‬
‫على بساط البحث‪ ،‬ال جديد حتت الشمس‪ ،‬ساد األمن يف البالد‪ ،‬يف نظري ذلك‪ ،‬وهذا مما‬
‫أحدا ينازع يف جواز استعماله‪ ،‬اللهم إال الذين أصيبوا‬
‫استفاض بيننا‪ ،‬وتعاورته أقالمنا‪ ،‬وال أظن ً‬
‫ابلوسواس اللغوي»‪.‬‬

‫وقد أجاب عن هذا االستفتاء تسعة عشر من العلماء من األقطار العربية‪ ،‬وكان رأيهم يف هذا‬
‫القسم اإلجازة‪ ،‬فمنهم من أجاز بال شرط‪ ،‬ومنهم من أجاز بشرط أال ختل العبارة بقوانني‬
‫العربية يف املفردات والرتاكيب‪ ،‬ومنهم من زاد أن يقبلها الذوق السليم‪ ،‬وبعضهم زاد أال يكون‬
‫هلا مقابل يف العربية‪ ،‬وحجة من أجاز أهنا جمازات واستعارات‪ ،‬وهذه ال حجر عليها‪ ،‬وال مانع‬
‫من اقتباسها‪[ .‬وانظر االستفتاء وأجوبته فيما مجعه وعلق عليه العاجز بعنوان‪ :‬الكلمات غري‬
‫القاموسية‪ ،‬ونشرته دار اللباب يف إسطنبول سنة ‪1440‬ه = ‪2019‬م]‪.‬‬

‫وخالف يف هذا اثنان‪ ،‬أحدمها األستاذ إسعاف النشاشييب (‪1367-1300‬ه = ‪-1882‬‬


‫أيضا اليوم نب ُذ كل تركيب غري عريب يلتبس فيه معىن الكاتب‪ ،‬وال‬
‫ض ً‬ ‫‪1948‬م)‪ ،‬وقال‪« :‬وفَ ْر ٌ‬
‫يهتدي إىل املقصود القارئ‪ ،‬ولكل لسان أسلوب‪ ،‬والتسامح يف هذا الشأن اآلن فيه اهلالك»‪.‬‬
‫وقد متحل األستاذ املغريب يف فهم كالم األستاذ النشاشييب على طريقته حني خلص األجوبة‬
‫ومال هبا إىل ما يقارب رأيه‪ ،‬ففهم من قول النشاشييب‪« :‬يلتبس فيه معىن الكاتب‪ »...‬أنه قيد‬
‫ذو مفهوم خيرج ما ليس موصوفًا هبذا‪ ،‬والظاهر أنه قيد كاشف‪ ،‬وعلى هذا فهمه األمري شكيب‬
‫أرسالن‪.‬‬

‫واملخالف اآلخر األمري شكيب أرسالن (‪1366-1286‬ه = ‪1946-1869‬م)‪ ،‬واحتد يف‬


‫أسد عليها‬
‫استهجان ذلك ومنعه‪ ،‬قال‪« :‬وإين ال أميل إىل قبول هذه الرتاكيب‪ ،‬وإين أحب أن َّ‬
‫الباب‪ ،‬ولو كانت هي عندي درجات‪ ،‬ألن منها ما ينطبق على الذوق العريب‪ ،‬ومنها ما يقرب‪،‬‬
‫ومنها ما هو ًنفر‪ .‬وإين ألعجب كيف أن أكثر اإلخوان قبلوا هذا الصنف‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن مل يكن‬
‫فيه ما خيالف القواعد النحوية واللغوية فإننا نقبله‪ .‬أفيكفي هذا؟!‪ ...‬فإين أرى خطر هذه‬
‫اجلمل عربية الظاهر أعجمية الباطن أشد بكثري من خطر املفردات األعجمية‪ ...‬وليس هذا‬
‫من ابب اجملاز والكناية والتشبيه‪ ،‬بل هذا من ابب أساليب العرب وعدمها‪ ،‬واحلكم فيها للذوق‬
‫املعرب‪ ،‬وال من ابب قبول املصطلحات الفنية‪ ،‬فتلك‬ ‫العريب‪[ ...‬و] ليست من ابب قبول َّ‬
‫أمور قضت هبا الضرورة‪ ،‬مث ال خيشى منها فساد اللغة‪ ،‬وأما هذه فإهنا تذهب بطالوة اإلنشاء‬
‫خالصا‪ ...‬إين أكره هذه اجلمل وأكره قائليها‪ ،‬ولوال قليل ألعلنت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫العريب وهتجنه بعد أن كان ً‬
‫إين ال أريد أن تكون يل عالقة هبم‪ ،‬هؤالء أعداء اللغة العربية‪ ،‬ومفسدو بياهنا‪ِ ،‬‬
‫ومهجنو‬
‫نسبها»‪.‬‬
‫وهو فوق ما سلف يستدل أبن أهل اللغات األخرى ال يقبلون دخول أساليب غريبة إىل لغاهتم‪،‬‬
‫مجال من العربية‬
‫ويقولون‪ :‬إهنا ال تُفهم‪ ،‬قال‪« :‬طاملا عاشرًن أدابء من الفرنسيس‪ ،‬وترمجنا هلم ً‬
‫إىل لغتهم‪ ،‬وذلك أبحسن بيان وأفصحه بلغتهم‪ ،‬وكانوا جياوبون‪ ...:‬ليس هذا إبفرنسي! كانوا‬
‫يعرتفون أبنه ليس يف هذه اجلمل أدىن شيء خيالف حنو لغتهم أو صرفها أو بياهنا‪ ،‬ولكنه خيالف‬
‫أخطئ فيها من جهة‬ ‫مجال من اإلفرنسية إىل األملانية‪ ،‬ومل ْ‬
‫ترمجت ً‬
‫ُ‬ ‫كثريا ما‬
‫أسلوهبا وذوقها‪ .‬و ً‬
‫القواعد‪ ،‬وكان األملان يقولون‪ :‬حنن ال نقول هذا‪ ،‬ومن ال يعرف اإلفرنسية ال يفهمه‪ .‬فاتقوا هللا‬
‫‪-‬إيها اإلخوان‪ -‬يف لغتكم وإنشائكم‪ ،‬وصكوا الباب على هذه اخلوانس اليت ال تزيد لغتنا‬
‫رون ًقا‪ ،‬بل تفسدها‪ ،‬واليت ال متس إليها أدىن حاجة»‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫مث عاد الشيخ عبد القادر املغريب فنشر حبثًا يف أول أعداد جملة اجملمع امللكي املصري (‪،)332/1‬‬
‫وهو عضو فيه‪ ،‬ومساه‪« :‬تعريب األساليب»‪ ،‬يعين استعماهلا يف العربية وقبوهلا كما عُربت‬
‫األلفاظ‪ ،‬وهو بتاريخ رجب ‪1353‬ه = تشرين األول ‪1935‬م‪ ،‬وقال فيه‪« :‬ليس بني أدابئنا‬
‫كبري نزاع يف أمر قبول األساليب األعجمية وعدم قبوهلا‪ ...‬فالباب مفتوح لألساليب األعجمية‬
‫تدخله بسالم‪ ،‬إذ ليس يف هذه األساليب كلمة أعجمية‪ ،‬وال تركيب أعجمي‪ ،‬وإمنا هي كلمات‬
‫خالصا‪ ،‬لكنها تفيد معىن مل يسبق ألهل اللسان أن أفادوه بتلك‬
‫عربية حمضة ركبت تركيبًا عربيًّا ً‬
‫الكلمات‪ ،‬فقوهلم‪ :‬طلب فالن يد فالنة‪ ،‬كلمات عربية مركبة تركيبًا عربيًّا‪ ،‬لكنا إذا خاطبنا هبا‬
‫العريب القح مل يفهم منها املغزى األعجمي‪ ...‬وقد حاول بعضهم أن مينع استعمال األسلوب‬
‫ورَّد أبن احملققني مل يشرتطوا يف تعريب‬
‫األعجمي إذا كان يف األساليب العربية ما يغين عنه‪ُ ،‬‬
‫الكلمة األعجمية أن يكون يف اللغة العربية ما يغين عنها»‪.‬‬

‫مث نقل عن أيب هالل العسكري يف الصناعتني (ص ‪ 69‬ط احلليب) أن عبد احلميد الكاتب (‪-‬‬
‫‪132‬ه ) «استخرج أمثلة الكتابة اليت رمسها ملن بعده من اللسان الفارسي»‪ ،‬يعين ِصيَغها‪ ،‬ويف‬
‫رأيه أن نقل أبناء العصر احلاضر أساليب اللغات اليت تعلموها كذلك‪ ،‬قال‪« :‬فيجدر بنا ‪-‬‬
‫نتقصى هذه األساليب األعجمية‬
‫حنن املنقطعني خلدمة اللغة العربية يف اجملامع اللغوية‪ -‬أن َّ‬
‫املعربة‪ ،‬ومنيِز الغث من السمني من‬
‫دون من سبقنا الكلمات األعجمية َّ‬
‫الدخيلة‪ ،‬فندوهنا كما َّ‬
‫تلك األساليب»‪.‬‬

‫قسما من هذه األساليب‬ ‫ِ ِ‬


‫مث أخذ يقسم وميثل‪ ،‬وأكثر أمثلته من اللغة الفرنسية‪ ،‬وذكر أن ً‬
‫اقتباسا‪ ،‬فهم يقولون كما نقول‪ :‬أكل حلمه‪ ،‬مبعىن اغتابه‪ ،‬وهو‬
‫تواطأت عليه اللغتان وليس ً‬
‫َذ ِرب اللسان‪ ،‬مبعىن قوي العارضة يف اجلدل‪ً ،‬‬
‫وقسما ظاهره أنه منقول عن اإلفرنج‪ ،‬حنو‪ :‬ما‬
‫عاد فالن يل صدي ًقا‪ ،‬وهو عن الفرنسية‪ ،‬وهو يرى أنه ال يُستطاع التعبري عن هذا املعىن إال‬
‫بذلك‪ ،‬وهو أنه كان صدي ًقا مث مل يكن‪ ،‬وزعم أن عاد يف العربية تؤدي هذا املعىن‪ ،‬أقول‪ :‬ولكن‬
‫صوابه أن تقول‪ :‬عاد غري صديق‪ ،‬ألن النفي ليس لفعل العود‪ ،‬ولكن ملا بعده‪ ،‬وهذا مع‬
‫تصحيحه جا ٍر على غري األكثر‪ ،‬ألن عاد يف العربية األكثر فيها أهنا ملا كان على مثل ما صار‬
‫إليه‪ ،‬حنو‪( :‬حىت عاد كالعرجون القدمي)‪ ،‬واحلديث‪« :‬بدأ اإلسالم غريبًا وسيعود كما بدأ‬
‫غريبًا»‪ ،‬ومن غري األكثر احلديث‪« :‬فيذهب ليسجد‪ ،‬فيعود ظهره طبَ ًقا»‪ ،‬وقال ربيعة بن‬
‫مقروم (املفضليات ‪:)184‬‬

‫فعادوا كأن مل يكونوا رميما‬ ‫فدارت رحاًن بفرساهنم‬

‫ومثله رجع وارتد‪ ،‬ولعاد استعماالت أخرى كما هو ظاهر‪ ،‬ال أطيل بذكرها‪.‬‬

‫سوغها لقرهبا من العربية‪ :‬تبادال التحيات وتبادال الشتائم‪ ،‬وبكى بدموع‬


‫ومن األساليب اليت َّ‬
‫قدرا‬
‫افعي ودرسته‪ ،‬وسرد ً‬
‫أت الر َّ‬
‫مرا ومبرارة‪ ،‬وسافر برغم املطر‪ ،‬وأثر عليه‪ ،‬وقر ُ‬
‫حارة‪ ،‬وبكى بكاء ًّ‬
‫من هذه األساليب اليت يرى قرهبا من أساليب العربية‪ ،‬مث ذكر عبارت ال يرى ًّ‬
‫شكا يف عجمتها‪،‬‬
‫بيعا‪ ،‬ويكسب بعرق جبينه‪ ،‬ويلعب ابلنار‪ ،‬وال جديد حتت الشمس‪،‬‬
‫منها‪ :‬عاش ستة عشر ر ً‬
‫وأعطاه صوته‪ ،‬وساد اجلهل‪ ،‬وأنقذ املوقف‪ ،‬وقال بدوره‪ ،‬وهذا حجر عثرة‪ ،‬وضحكة صفراء‪،‬‬
‫ئيسا‪ ،‬ومسألة بسيطة‪ ،‬ورجل بسيط‪ ،‬ومعرفة سطحية‪ ،‬واحلفل‬
‫وفعل ذلك كرئيس وبصفته ر ً‬
‫وفعلَه‬
‫برعاية فالن‪ ،‬وهو أستاذ مبعىن الكلمة‪ ،‬وتعذيب الضمري‪ ،‬وسؤال بريء‪ ،‬وشاعر المع‪َ ،‬‬
‫على ضوء كذا‪ ،‬وعناصر املوضوع‪ ،‬ومدرسة فالن‪ ،‬أي مذهبه‪ ،‬واعتنق اإلسالم‪ ،‬وحرق البخور‪،‬‬
‫وذهب ضحية كذا‪ ،‬وبشَّر ابلدين‪ ،‬ويعمل يف حقل كذا‪ ،‬ومجيل هو الكتاب‪ ،‬وهذا األخري كما‬
‫ترى ليس عيبه من قِبَل املعىن‪ ،‬ولكن من قِبَل الرتكيب‪.‬‬

‫عسرا‪ ،‬الختالف األذواق‪،‬‬


‫مث عاد إىل شرط الذوق يف القبول والرد‪ ،‬ورأى أن يف هذا الشرط ً‬
‫وذكر أمثلة ملا استهجنه األدابء‪ ،‬وأكثر هذه األمثلة مما ورد يف مقاالت الكلمات غري القاموسية‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬عصارة دماغه‪ ،‬وهو دودة كتب‪ ،‬وأتُّون من املوسيقى‪ ،‬وُكتُبه كآذان الكالب‪ ،‬أي يطوي‬
‫«من َعرض له أسلوب ال عهد‬
‫أطرافها ليعود إليها‪ ،‬وهو يعمل ضد فالن‪ ،‬وانتهى إىل أن قال‪َ :‬‬
‫سقيما‪،‬‬
‫للعرب به‪ ،‬واستساغه ذوقه‪ ،‬وأحب نقله إىل العربية فليفعل‪ ،‬وإذا اتفق أن كان ذوقه ً‬
‫عقيما‪ ،‬كان على جهابذة اللغة واألدب أن يَُزيِفوه‪ ،‬ويعلنوا قبحه‬
‫مسجا ً‬
‫وكان األسلوب يف نفسه ً‬
‫كثريا ما شاع األسلوب‬ ‫وه ْجنته‪ ،‬فيتحاماه الناس»‪ ،‬مث استدرك على نفسه فقال‪« :‬ومع هذا ً‬
‫ُ‬
‫الق بيح‪ ،‬وتداولته األفواه واألقالم‪ ،‬برغم نقد جهابذة األدب له‪ ،‬وزراية الرأي العام عليه»‪ ،‬مث‬
‫سوغ مذهبه يف اإلابحة بوجود اجملامع‪ ،‬فقال‪« :‬والبالد اليت فيها جمامع لغوية ميكنها أن تعمل‬
‫َّ‬
‫على إماتة األسلوب القبيح مبا لديها من القدرة الشاملة‪ ،‬والوسائل الكافلة‪ ،‬كما هو املنتظَر‬
‫من جممع اللغة العربية امللكي»‪ .‬وهذه أماين كواذب‪ ،‬فال أيخذ بقرارات اجملامع إال اجملامع‪،‬‬
‫فضال عن أن يعلم سائر الناس ما تبحثه وتُِقُّره‪ ،‬أو أن يطَّلعوا على ما تؤلفه وتنشره‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪)5‬‬

‫وللشيخ حممد تقي الدين اهلاليل (‪1407-1311‬ه = ‪1987-1894‬م) كتاب «تقومي‬


‫الل سانني»‪ ،‬وهو جمموع مقاالت‪ ،‬وهو يف تتبع اللحن على األلسنة واألقالم‪ ،‬وكثري مما ذكره‬
‫علته الرتمجة‪ ،‬ونبه على ذلك‪ ،‬وأول ما بدأ به قوهلم‪ :‬جئت كضيف‪ ،‬ومسى هذه الكاف الكاف‬
‫االستعمارية! وزيد شاعر بينما خالد كاتب‪ ،‬ونكران الذات‪ ،‬والنشاطات‪ ،‬والسابع واألخري‪،‬‬
‫وكم هو مجيل‪ ،‬وأمتىن لك النجاح‪ ،‬وتنبأ مبعىن توقع‪ ،‬وأدى واجبه حنو والديه‪ ،‬وسالم حار‬
‫وشكر حار‪ ،‬وأما عن فالن‪ ،‬والشهر القادم‪ ،‬ورجال الدين‪ ،‬وعملية طبية وعسكرية ومصرفية‪،‬‬
‫وعلى ما أعتقد‪.‬‬
‫وممن ينبه على هذه األساليب املرتمجة يف كتبه وأحباثه الدكتور مصطفى جواد (‪-1323‬‬
‫‪1389‬ه = ‪1969-1905‬م)‪ ،‬ولكنها مفرقة يف حبثه للمسائل‪ ،‬حنو رده أسلوب‪ :‬كان حتت‬
‫رمحته‪ ،‬إىل الفرنسية (قل وال تقل ‪ ،)13/2‬وذهب إليه مباشرة‪ ،‬إىل الفرنسية واإلنكليزية (قل‬
‫وال تقل ‪ ،)39/2‬وأكد على األمر‪ ،‬إىل الفرنسية (جملة اجملمع العلمي العريب ‪ ،)401/24‬وغري‬
‫ذلك كثري‪.‬‬

‫وللدكتور إبراهيم السامرائي (‪1422-1341‬ه = ‪2001-1923‬م) مقالة بعنوان‪« :‬تعابري‬


‫أوربية يف العربية احلديثة»‪ ،‬وأظنين رأيتها يف غري كتاب له‪ ،‬ويف غري جملة‪ ،‬ولكين أنقل اآلن من‬
‫كتابه‪« :‬معجميات» املنشور سنة ‪1991‬م‪ ،‬وقال يف أوهلا‪« :‬طائفة من هذه األساليب مل‬
‫تستفد منها العربية غىن وثروة لغوية‪ ،‬فقد تُرمجت وحشرت يف العربية‪ ،‬وكان سبب ذلك كله‬
‫جهل من تصدى للرتمجة أبصول العربية وفنون القول فيها‪ ،‬فلم يتيسر هلم نقل األفكار الغربية‬
‫أبسلوب عريب‪ ...‬وال ضري على العربية من دخول طائفة من هذه األساليب‪ ،‬بل رمبا أفادت‬
‫منها وغنيت ومنت»‪ .‬ومن املعيب أنه استشهد بعبارة للشيخ املغريب من حبثه املذكور هنا على‬
‫كبريا من هذه العبارات وردها إىل أصلها يف‬
‫قدرا ً‬
‫أنه من مقررات اجملمع املصري‪ .‬مث سرد ً‬
‫معا‪.‬‬
‫اإلنكليزية أو الفرنسية‪ ،‬أو إليهما ً‬
‫ومن العبارات اليت سردها‪ :‬ابتسامة هادئة‪ ،‬يبكي بدموع التماسيح‪ ،‬وذكر بيتًا البن املعتز فيه‬
‫هذا التعبري منبِ ًها على أنه يف العربية احلديثة مل يؤخذ من أصل قدمي ولكن من اللغات األوربية‪،‬‬
‫وهذا شيء يغفل عنه كثري من الناس‪ ،‬إذا قلت هلم‪ :‬هذا تعبري مستجلب‪ ،‬حبثوا عنه أو عن‬
‫نظريه يف الرتاث‪ ،‬فإذا وجدوه بنوا عليه أن شيوعه كان عن ذلك الذي فتشوا عنه يف الرتاث‪،‬‬
‫ويكون الناس الذين استعملوه أول األمر ال علم هلم به‪ ،‬وإمنا أخذوه من اللغات األوربية‪ ،‬نعم‬
‫شاهدا إلابحته‪ ،‬بشرط أن يُقصد به مثل الذي قصده املتقدم‪ ،‬وهذا حديث يطول‪،‬‬
‫يصلح ً‬
‫وسيأيت شيء منه يف كالم األستاذ أمحد الغامدي‪.‬‬

‫كرس حياته‪ ،‬قال ابحلرف الواحد‪ ،‬دفع الثمن غاليًا‪،‬‬‫ومما ذكر‪ :‬يسهر على املصلحة العامة‪َّ ،‬‬
‫ركز البحث يف هذه النقاط‪ ،‬بلور الفكرة‪ ،‬مؤمتر املائدة املستديرة‪ ،‬على نطاق واسع‪ ،‬يف إطار‬
‫ضيق‪ ،‬ابلعني اجملردة‪ ،‬إن مل ختين الذاكرة‪ ،‬الرتاب الوطين‪ ،‬جرح شعوره‪ ،‬أخذ بنظر االعتبار‪،‬‬
‫التيارات األدبية‪ ،‬مع متنيايت‪ ،‬احلياة األدبية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬ضرب الرقم القياسي‪،‬‬
‫األعمال الكاملة للكاتب‪ ،‬ال يرقى إليه الشك‪ ،‬يف برج عاجي‪ ،‬عاش التجربة‪ ،‬لنقلب الصفحة‪،‬‬
‫أمال‪ ،‬يعكس احلالة االجتماعية‪ ،‬اجلنس اللطيف‪ ،‬تغطية النفقات‪ ،‬ينظر‬
‫املعطَيات‪ ،‬يعلق عليه ً‬
‫تبىن الفكرة‪ ،‬أعطى الكلمة وتناول الكلمة‪ ،‬سابقة خطرية‪ ،‬يهضم األفكار‪ ،‬هو‬‫من زاويته‪َّ ،‬‬
‫ضحك‬
‫ٌ‬ ‫َم ِرن‪ ،‬عاصفة من التصفيق‪ ،‬نقطة انطالق‪ ،‬إىل اللقاء‪ ،‬تصفية القضية‪ ،‬اجليل الصاعد‪،‬‬
‫على الذقون‪ ،‬ألوان صارخة‪ ،‬نقد ُمر‪.‬‬

‫مث أمل ابلفرق بني ما يُستعمل يف املشرق‪ ،‬وهو يغلب عليه اتباع اللسان اإلنكليزي‪ ،‬وما يستعمل‬
‫يف املغرب‪ ،‬وهو يغلب عليه اتباع اللسان الفرنسي‪ ،‬كاملشكل يف الغرب‪ ،‬ويقابله املشكلة شرقًا‪،‬‬
‫ألن اللغة اليت يتبعوهنا تذكِر أو تؤنث‪ ،‬ومثل ذلك‪ :‬وضعية يف املغرب‪ ،‬ووضع يف املشرق‪،‬‬
‫واألطر ترمجة للكوادر يف املغرب‪ ،‬وكالمها فرنسي‪ ،‬أحدمها بلفظه واآلخر مبعناه‪ ،‬وهو يف املشرق‬
‫بلفظ الكوادر‪.‬‬

‫(‪)6‬‬

‫وجاء كتاب الرتمجان أمحد الغامدي «العرجنية» املنشور سنة ‪1443‬ه = ‪2021‬م لدى دار‬
‫تكوين يف لندن ‪ -‬واسعا ِ‬
‫جمد ًدا يف هذا الباب‪ ،‬وهو يقول‪ :‬إن األمر ليس يف ألفاظ أو عبارات‬ ‫ً‬
‫تُقبس أو تُ َعَّرب‪ ،‬كما كان يظن العلماء السابقون‪ ،‬ولكنه يف تسلط اللسان اإلنكليزي واللسان‬
‫الفرنسي على اللسان العريب‪ ،‬ومسخ استعماله ب ُكلِيته يف حنوه وصرفه ومتنه وأسلوبه‪ ،‬فصار‬
‫على ألسنة أهله وأقالمهم َخلْ ًقا هجينًا‪ ،‬ظاهره عريب‪ ،‬وابطنه إفرجني‪ ،‬ابتباعه ألفاظ اللغات‬
‫اعا بذراع‪،‬‬
‫شربا بشرب وذر ً‬
‫األوربية ‪-‬وال سيما تينك اللغتني‪ -‬وتصاري َفها وتراكيبها وأساليبها ً‬
‫وليس ذلك على ألسنة العامة ويف كتابتهم فحسب‪ ،‬بل فيما يقول ويكتب األدابء واملتخصصون‬
‫يف اللغة العربية واألدب العريب والرتاث العريب والعلوم اإلسالمية‪ ،‬وال يكاد يسلم من ذلك أحد‪.‬‬
‫ومن الواضح أن األمر استفحل منذ حنو ستني أو سبعني سنة‪ ،‬وكانت احلاجة ماسة إىل جتديد‬
‫النظر فيما فعلته اللغات األوربية ابللغة العربية يف استعمال أهلها هلا‪.‬‬
‫يرد ذلك إىل شيوع الرتمجة عن اللغات األوربية منذ املائة الثالثة عشرة اهلجرية املوافقة للمائة‬
‫وهو ُّ‬
‫التاسعة عشرة امليالدية‪ ،‬على أنه ليس َمَرُّد ذلك إىل الرتمجة وحدها‪ ،‬فكل األمم ترتجم وتقتبس‬
‫العلوم‪ ،‬وقد ترجم أهل اللسان العريب ٍ‬
‫مئات من السنني‪ ،‬فما ضر ذلك لغتهم هذا الضرر‪ ،‬وال‬
‫بلغ هبم البعد عن أصلها هذا املبلغ‪ ،‬بل َمَرُّده إىل قلة الزاد من العربية الفصيحة‪ ،‬وهو ما ذهب‬
‫ابألذواق وامللكات‪ ،‬مث إىل الرتمجة الرديئة‪ ،‬وه و ما مأل العقول وطبع األذواق‪ ،‬مث إىل قلة الغرية‬
‫أقل االعتناء واإلصالح‪ ،‬ومل ينج من ذلك‬
‫على حال اللغة يف استقامتها وسالمتها‪ ،‬وهو ما َّ‬
‫بعض النجاة إال الذين أقبلوا على موارد الفصاحة فتضلعوا منها‪ ،‬وكانت هلم محيَّة وأنَفة يف شأن‬
‫َ‬
‫اللغة فحرصوا عليها‪ ،‬كما هي احلال يف أغلب األمم القوية‪ ،‬وههنا جرثومة الداء‪ ،‬وهو أن هذه‬
‫األمة اليت استُحفظت لغة العرب ضعفت فهانت فغُزيت فذلت فاتبعت الغازين املتغلِبني‪ ،‬وضاع‬
‫استقالهلا يف كل الشئون‪.‬‬

‫ومؤلف الكتاب يظن أو هكذا ظهر من كالمه أن اللسان العريب يف عمره الذي نعرفه منذ‬
‫اجلاهلية إىل ا ليوم مل يطرأ عليه هذا التغري إال يف عهد الرتمجة الرديئة يف حنو مائتني مضتا من‬
‫السنني‪ ،‬والنظر الفاحص يدلنا على أنه قد كانت لكل أحناء اللغة أطوار‪ ،‬ليس يف األلفاظ‬
‫فحسب‪ ،‬بل يف النحو وهو الرتكيب واألساليب‪ ،‬وإال فلماذا تركوا االحتجاج بكالم املولدين؟‬
‫بكرا‬
‫أرضا ً‬
‫وملاذا ُوضعت كتب اللحن؟ والتاريخ للغة يف املفرادات والرتاكيب واألساليب ما زال ً‬
‫هامدة تطلب الغيث واحلرث‪ ،‬فلسان اجلاهلية وصدر اإلسالم غري لسان خمضرمي الدولتني‪،‬‬
‫جرا‪ ،‬وإن كان ما جيمعها أكثر مما يفرقها‪ ،‬وبنزولنا‬
‫وهلم ًّ‬
‫وهذا غري لسان متأخري العباسيني‪َّ ،‬‬
‫يف الزمن نبتعد عن حلم اللغة احلي الذي جتري يف عروقه دماء الفصاحة األوىل‪ ،‬حىت نقف على‬
‫عظام من اللغة تكتفي إبعراب األواخر‪ ،‬مث َّرمت هذه العظام ومل يبق منها إال القليل‪.‬‬

‫(‪)7‬‬

‫أقساما بعد مقدمتني يف معىن العربية الفصيحة‪ ،‬ويف نشأة العربية‬


‫وقد قسم املؤلف الكتاب ً‬
‫وقسما لألساليب‪ ،‬ووضع خامتة‬
‫وقسما ملنت اللغة ً‬
‫وقسما للصرف ً‬ ‫قسما للنحو ً‬
‫املعاصرة‪ ،‬فأفرد ً‬
‫يف الوسيلة إىل تقومي اللسان‪ ،‬ويف كل ذلك يورد األمثلة الكثرية‪ ،‬حىت إنك لتخال أن األمثلة‬
‫طوفان يصعب صده أو النجاة منه‪ ،‬بل خترج األمثلة يف كثري من األحوال عن التصنيف‪ ،‬ألنه‬
‫يكون يف اجلملة الواحدة عجمة يف غري ما جهة من املنت أو التصريف يف الرتكيب أو األسلوب‬
‫أو املعىن‪ .‬والذي بلَّغه ذلك وأعانه عليه أشياء‪ ،‬هي أنه مرتجم بني اإلنكليزية والعربية‪ ،‬وقد أتقن‬
‫اإلنكليزية وأراد أن يستعملها كما يفعل أهلها‪ ،‬وأقبل على العربية األوىل فأحبها واغرتف منها‬
‫ما شاء هللا له‪ ،‬مث وقفه هللا على كنز ال مثيل له‪ ،‬وهو أنه عمد إىل كتب الرتاث اليت تُرمجت إىل‬
‫اتباعا للرتمجات السقيمة‬
‫اإلنكليزية‪ ،‬فوقع على املقابالت الصحيحة الفصيحة ملا يستعمله الناس ً‬
‫موقعا على الشبكة مسوه الرصائف‪،‬‬
‫من اإلنكليزية إىل العربية‪ ،‬وصنع مع زمالء له فيما أظن ً‬
‫وجعلوا فيه النصني العريب القدمي والرتمجة اإلنكليزية‪ ،‬فتجد فيه ابلبحث عن اللفظ اإلنكليزي‬
‫قدرا من نظائره العربية يف القرآن واحلديث وكتب التاريخ واألدب وغريها‪ ،‬وقد أشرت عليهم يف‬
‫ً‬
‫رسالة أن يضموا إىل ذلك كما يفعل املؤلف يف الكتاب ترمجة الرتمجة‪ ،‬وهو استعمال العصريني‬
‫منا‪ ،‬ألنه على هذه احلال ينتفع به املرتجم ابلبحث عن النظري العريب للفظ اإلنكليزي‪ ،‬وال‬
‫ينتفع به من يبحث عن النظري العريب لالستعمال العصري املمسوخ‪.‬‬

‫وقد نبه يف أثناء الكتاب على مسائل مهمة‪ ،‬منها أن االستعمال العامي ‪-‬وال سيما يف جزيرة‬
‫العرب‪ -‬ما زال على كثري من األوضاع العربية الصحيحة‪ ،‬فإذا أراد أحد من العامة أن يتفاصح‬
‫سقما‪ ،‬والفصاحة عيًّا‪ ،‬وهذا من عجيب األحوال يف‬
‫ذهب إىل العربية العصرية فعادت الصحة ً‬
‫انقالب األمور‪ ،‬كأن يقولوا يف اللهجة‪ :‬ثوب صوف‪ ،‬وخامت ذهب‪ ،‬وذلك فصيح‪ ،‬فإذا أرادوا‬
‫التفاصح قالوا متبعني أسلوب الرتمجة‪ :‬ثوب صويف‪ ،‬وخامت ذهيب‪ ،‬وكأن يقولوا يف اللهجة‪ :‬اصرب‬
‫صابرا‪ ،‬وهم ال يريدون ابجلملة اآلخرة معىن إال‬
‫واصدق‪ ،‬فإذا تفاصحوا قالوا‪ :‬كن صادقًا وكن ً‬
‫أسلواب على‬
‫ً‬ ‫اتباع ما يشيع يف العرجنية‪ ،‬واألسلوابن صحيحان‪ ،‬ولكن العربية العصرية تغلِب‬
‫اتباعا ملا تسلط عليها من سطوة الفرجنية‪ ،‬وهو ما مساه املؤلف الفاضل‪ :‬التغليب‬
‫أسلوب ً‬
‫واالستحياء واإلماتة‪ .‬ومنها أن هذه املدخالت إىل اللغة من أساليب العجمة متيت نظائرها من‬
‫األساليب العربية‪ ،‬فليس فيها زايدة وال ثروة كما قد يُزعم‪.‬‬
‫ومنها أن الذوق حيدث ابلعادة واإليالف‪ ،‬فكل ما أنكره الناس قدميًا قبلوه بعد أن تعوده‪ ،‬وكل‬
‫ما ينكرونه اليوم يتعودونه فيألفونه‪ ،‬فقد أنكر بعضهم قدميًا‪ :‬طلب يدها‪ ،‬مث صار مألوفًا‪ ،‬واليوم‬
‫تنكر أن تقول‪ :‬عندي شيء كثري على صحين‪ ،‬يف معىن عندي شواغل كثرية‪ ،‬ولو راجت‬
‫ل ُقبلت‪ ،‬ومثل ذلك الصعوبة والسهولة إمنا ترجعان إىل العادة‪.‬‬

‫أتويال وخترجيًا يسوغه به‪ ،‬فهو ما‬


‫ومنها أن كل شيء مما ينكر من األساليب جيد له من شاء ً‬
‫يسمى‬
‫ساغ يف أصل لغته إال على وجه مقبول يف العقل‪ ،‬وهذا ما جرى عليه كل من حاول ما َّ‬
‫التيسري ومسايرة الشائع وإثراء العربية ابألساليب احلديثة‪ .‬ومن التخاريج الواهية مما شرحه‬
‫تلمس شاهد قدمي ألسلوب يُعلم يقينًا أنه من أثر الرتمجة لقلة‬
‫الباحث فأحسن ومر ذكره هنا ُّ‬
‫وروده يف كالم القدماء‪ ،‬ولشيوعه يف اللغة الغالبة‪ .‬ومنها أن اللغة العربية من الدين‪ ،‬وهذا حق‪،‬‬
‫كثريا من العرب من غري املسلمني حريصون عليها من جهة اهلوية‬ ‫ولكن هذا ال ينفي أن ً‬
‫القومية‪ ،‬وكثري من غري املسلمني أحرص عليها وأفصح هبا من بعض املسلمني‪ ،‬فاجتمع للعربية‬
‫من دواعي احلرص والعناية الداعية ال ِملِية‪ ،‬والداعية ال ِجبِلِية‪.‬‬

‫ومما نبه عليه فأحسن أن حافظًا يف قصيدته التائية املشهورة عند قوله‪:‬‬

‫إىل لغة مل تتصل برواة‬ ‫أيهجرين قومي عفا هللا عنهم‬

‫لعاب األفاعي يف مسيل فرات‬ ‫سرت لُوثة اإلفرنج فيهم كما سرى‬

‫خمتلفات‬ ‫األلوان‬ ‫َّ‬


‫مشكلة‬ ‫فجاءت كثوب ضم سبعني رقعة‬

‫إمنا يعين هبذه الرقاع ما نعنيه هبجنة اللغة أبساليب الفرجنة‪ ،‬واستدل مبا ذكره يف مقدمة ترمجة‬
‫حافظ لرواية «البؤساء»‪.‬‬

‫(‪)8‬‬

‫وال بد من أمثلة وشيء من املناقشة لبعض ما أورده يف األبواب املذكورة‪ ،‬ففي النحو ذكر أن‬
‫اإلنكليزية تسرف يف النعت وتستعمله يف التفضيل‪ ،‬فيقولون‪ :‬الصديق األفضل‪ ،‬والكتاب‬
‫األحسن‪ ،‬ويرى املؤلف أن األكثر يف العربية أن يعرب عن هذا ابإلضافة‪ ،‬فيقال‪ :‬أفضل صديق‪،‬‬
‫وأحسن كتاب‪ ،‬وأن أسلوب الصفة واملوصوف يف التفضيل إمنا يكون عند إرادة بلوغ الغاية يف‬
‫الصفة‪ ،‬حنو‪ :‬األمساء احلسىن‪ ،‬والعروة الوثقى‪ ،‬وأقول‪ :‬ليس األمر كما ظن‪ ،‬بل األسلوابن كثريان‬
‫يف االستعمال‪ ،‬واستعمال أحدمها ليس على معىن بلوغ الغاية يف الصفة‪ ،‬ألنه متحقق يف‬
‫احلالني‪ ،‬ولكنه يكون الق صد إىل املوصوف يف حني فيقدم‪ ،‬ويكون القصد إىل الصفة فتقدم‪،‬‬
‫فاألول حنو‪( :‬ولتجدهنم أحرص الناس على حياة)‪ ،‬فقدم الوصف‪ ،‬ومثله‪« :‬خريكم من تعلم‬
‫القرآن وعلمه»‪ ،‬ولو أريد االعتناء ابملوصوف ل ُقدم‪ ،‬كما يف (العروة الوثقى) و(األمساء‬
‫احلسىن)‪ ،‬ومثله‪( :‬الفزع األكرب) و(الدرك األسفل) و(املثل األعلى)‪ ،‬و(العُدوة القصوى)‬
‫و(اآلية الكربى)‪ ،‬وقال ابن مسعود يف البخاري‪« :‬لَنزلت سورة النساء ال ُقصرى بعد الطول»‪،‬‬
‫وقال عبد قيس بن خفاف (املفضليات ‪:)385‬‬

‫وإذا تشاجر يف فؤادك مرة * أمران فاعمد لألعف األمجل‬

‫وخيطئون يف ترك املطابقة يف اسم التفضيل احمللَّى ابلالم‪ ،‬فيقولون‪ :‬الصفة األحسن‪ ،‬مكان‬
‫احلسىن‪ ،‬والرجال األكرب‪ ،‬مكان األكابر‪ ،‬وقد جوزه بعض احملدثني بل اجملمع املصري على‬
‫املنهاج املذكور يف تسويغ الشائعات‪ ،‬فقبلوا‪ :‬الرجال األكرب‪ ،‬والدولتان األعظم‪.‬‬

‫شيخا‪ ،‬وظن أن العريب أن‬


‫ومنع املؤلف يف ابب احلروف من النحو قوهلم‪ :‬لن نرتك طفال أو ً‬
‫شيخا‪ ،‬وكالمها جائز‪ ،‬ولكل منهما معىن‪ ،‬وقال سيبويه (بوالق ‪« :)490/1‬وإذا‬
‫يقال‪ :‬وال ً‬
‫بشرا‪ ،‬كما قال هللا عز‬
‫بشرا‪ ،‬أو قالوا‪ :‬أو ً‬
‫عمرا وال ً‬
‫احدا منهما قالوا‪ :‬لست ً‬
‫أرادوا أنك لست و ً‬
‫كفورا)»‪ ،‬وانظر املسألة يف كتاب العاجز‪ :‬الوقف الصريف‬
‫وجل‪( :‬وال تطع منهما آمثًا أو ً‬
‫‪.294-281‬‬

‫وأحسن يف تنبيهه يف ابب احلروف على أن العرب تقول‪ :‬مرض حىت إنه ُم ْغ ًمى عليه‪ ،‬ويف لغة‬
‫الرتمجة‪ :‬مرض إىل درجة أنه مغمى عليه‪ ،‬ويف العربية‪ :‬أحبه على بعده‪ ،‬ويف العرجنية‪ :‬أحبه‬
‫ابلرغم من بعده‪ ،‬ويف العربية‪ :‬أحض ِر الكتاب إذا جئت‪ ،‬وميسخ فيقال‪ :‬أحضر الكتاب يف‬
‫رحيما جتاه أطفالك‪ ،‬ويف‬
‫حال أنك جئت‪ ،‬ويف العربية‪ :‬ارحم أطفالك‪ ،‬ويف األخرى‪ :‬كن ً‬
‫العربية‪ :‬أفاده مبقالته‪ ،‬وقاله يف كلمته‪ ،‬ويف الرتمجة‪ :‬أفاده عرب مقالته‪ ،‬وقاله من خالل كلمته‪.‬‬

‫ومن حماسنه التنبيه على إماتة بعض األساليب العربية املوجزة األصيلة‪ ،‬كإماتة النعت السبيب‪،‬‬
‫كأن تقول‪ :‬كثرية حماسنُه‪ ،‬وال يعرفون إال‪ :‬حماسنه كثرية‪ ،‬وإماتة التنكري‪ ،‬كأن تقول‪ :‬رأيت‬
‫رجال‪ ،‬وشربت ماءً‪ ،‬وقضيت وقتًا‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬رأيت أحد الرجال‪ ،‬وشربت بعض املاء‪،‬‬ ‫ً‬
‫وقضيت بعض الوقت‪ ،‬وكإماتة الداللة على الزمن ابملشتقات واألفعال‪ ،‬كأن تقول‪ :‬أزورك‪ ،‬أو‬
‫أًن زائرك‪ ،‬أو ألزورنك‪ ،‬وال يعرفون إال سأزورك‪ ،‬وكإماتة االستثناء‪ ،‬ك أن تقول‪ :‬حضروا إال‬
‫يدا‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬حضروا ابستثناء زيد‪ ،‬وكإماتة احلصر‪ ،‬كأن تقول‪ :‬إمنا الناجح اجملتهد‪ ،‬وهم‬
‫زً‬
‫يقولون‪ :‬الناجح اجملتهد فقط‪.‬‬
‫ويف ابب الصرف ذكر كثرة العدول عن الفعل إىل ٍ‬
‫مجلة من كان أو إحدى أخواهتا‪ ،‬فبدل‪ :‬قسا‬
‫قادرا على السفر‬
‫قلبه‪ ،‬يقال‪ :‬أصبح قلبه قاسيًا‪ ،‬وبدل‪ :‬لن تسافر حىت تكرب‪ ،‬يقال‪ :‬لن تكون ً‬
‫كبريا‪ .‬والعدول عن التعدية ابهلمزة أو التضعيف إىل التعبري ابلفعل‪ ،‬فمكان قولك‪:‬‬
‫حىت تصبح ً‬
‫أضحكه وأبكاه‪ ،‬يكون قوهلم‪ :‬جعله يضحك وجعله يبكي‪ ،‬وهجران صيغ املشاركة‪ ،‬فالعرب‬
‫تقول‪ :‬تضارب الرجال‪ ،‬والعصريون يقولون‪ :‬ضرب بعضهم البعض‪ ،‬وهجران صيغ املبالغة‪،‬‬
‫كثريا أو ابستمرار‪ ،‬وإماتة التصغري‪ ،‬حنو هجران بويب إىل ابب‬ ‫فيرتجم َّ‬
‫حالف ابلذي حيلف ً‬
‫صغري‪ ،‬ولقيمة إىل لقمة صغرية‪ ،‬مع أنه ما زال العامية‪.‬‬

‫أجلَت مفردات أصيلة أو محَّلتها من املعاين ما شاء‬


‫وأما منت اللغة فطوفان من األلفاظ الغازية ْ‬
‫هلا استبداد الغزاة‪ ،‬فالسلب واإلجياب صار معنامها الضر والنفع أو احلُسن والسوء أو احملبوب‬
‫واملكروه‪ ،‬وجيمعوهنما على إجيابيات وسلبيات‪ ،‬واجلنس صار معناه ما نعرف‪ ،‬وله عندهم اسم‬
‫آخر‪ ،‬هو العالقة احلميمية! ويقولون‪ :‬فالن استثنائي‪ ،‬ويقولون‪ :‬مل يذكر املراجع مع بعض‬
‫ويدعون أن يقولوا‪ :‬إال قليال‪ ،‬ويقولون‪ :‬غطَّى األخبار‪ ،‬والكتاب يغطي‬
‫االستثناءات القليلة‪َ ،‬‬
‫كل املسائل‪ ،‬والعا َمل العريب والعا َمل اإلسالمي‪ ،‬وهو يبارك هذه األمر‪ ،‬واملؤسسة تتبىن املشروع‪،‬‬
‫قائال‪.‬‬
‫وحنن على أرضية مشرتكة‪ ،‬وأضاف ً‬
‫أيضا عند أكثر املسائل‪،‬‬
‫ويف الكتاب فصول طويلة من املقابلة بني الرتمجة واألصل‪ ،‬ويف احلواشي ً‬
‫ومن الشرح لفقر منقولة عن أدابء وكتاب‪ ،‬وبيان استئسارها ألساليب اإلنكليزية‪.‬‬

‫وختم الكتاب ببيان السبيل إىل إصالح العربية لدى املرتجم والكاتب وكل من يعنيه ذلك‪،‬‬
‫ومرجع األمر إىل الطريق الذي تُتعلم به اللغات‪ ،‬وهو كثرة السماع والقراءة للكالم العريب‬
‫األصيل‪ ،‬مع احلرص والغرية واحملبة‪ ،‬وهذا فضل هللا يؤتيه من يشاء‪ ،‬ولكن من يتولون الوالايت‬
‫يف التعليم واإلعالم مسئولون‪ ،‬ويف أيديهم اإلصالح واإلفساد‪ ،‬واملرتمجون وال ُكتَّاب واملتحدثون‬
‫مشاركون يف هذه احلالة من الرتدي اللغوي‪ ،‬واللغويون واجملمعيون صار كثري منهم يسوغون وهم‬
‫ال يتبصرون‪ ،‬وهللا غالب على أمره ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪.‬‬

‫‪2022/1/21‬م‬

You might also like