You are on page 1of 69

‫إشكاليات ترجمة معاني القرآن الكريم‬

‫)ماذا يراعى في لغة الترجمة(‬

‫الدكتور‪ /‬حممود بن عبدالسالم عزب‬


‫‪ :‬مدخل إلى عالم ترجمة معاني القرآن الكريم‬

‫عشت مع القرآن الكرمي‪ ،‬ويف عامله منذ نعومة أظافري يف ال ُكتَّاب‪ ،‬حىت‬
‫أمتمت حفظه يف سن الثانية عشرة‪ ،‬وجودت قراءته سنة‪ ،‬مث رافقت علومه يف‬
‫معاهد األزهر تسعة أعوام حىت الثانوية األزهرية‪ .‬ويف اجلامعة شاء اهلل تعاىل أن‬
‫أختصص يف اللغات السامية‪ ،‬فكانت العربية حاضرة مع علومها ويف صميمها‬
‫القرآن ولغته وبالغته‪ ،‬مع دراسة كافية للغات سامية أخرى هي العربية واآلرامية‬
‫(السريانية) ومل يكن مثة نص يستحق الدراسة باللغة العربية قدر ما كان الكتاب‬
‫املسمى باملقدس بعهديه القدمي بالعربية واجلديد بالسريانية‪ ،‬مدة أربع سنوات‬
‫جامعية يف معهد اللغات والرتمجة يف جامعة األزهر‪ ..‬اليت خترجت فيها سنة‬
‫‪1973‬م‪ ،‬وعينت هبا معيدا يف قسم الدراسات السامية‪ ،‬مث أوفدين األزهر إىل‬
‫جامعة السوربون بباريس لدراسة هذه اللغات يف مرحلة الدكتوراه‪ ،‬فاخرتت‬
‫موضوع "التعريف والتنكري وبناء اجلملة يف عربية العهد القدمي وعربية القرآن‬
‫الكرمي‪ .‬دراسة لغوية تركيبية مقارنة"‪.‬‬

‫أوال‪ -‬ماذا تعني كلمة ترجمة؟‬

‫املصطلح‪ :‬ليس هذا البحث متخصصا يف الرتمجة فنا أو علما‪ ..‬وليست هذه‬
‫مناقشة لتعريفات املعاجم العربية وغري العربية ملصطلح الرتمجة‪ ،‬إمنا هي إشارة‬
‫عابرة للتذكرة؛ وألن األمر يتعلق برتمجة معاين القرآن الكرمي‪ .‬والرتمجة والتفسري‬
‫مصطلحان مرتادفان متداخالن يف العربية‪ ،‬ويف الفرنسية كذلك‪.‬‬
‫فماذا تقول املعاجم العربية عن "الرتمجة"؟‬
‫يقول ابن منظور يف "لسان العرب" ‪ :‬الرَّت مُج ان والرُت مجان‪ -‬بفتح التاء‬

‫‪1‬‬
‫وضمها‪ -‬املفسر ِلِّلسان‪ ،‬ويف حديث هرقل‪ :‬قال لرتمجانه‪ ..‬والرتمجان بالضم‬
‫والفتح‪ :‬هو الذي يرتجم الكالم أي ينقله من لغة إىل أخرى‪ ،‬والرتمجان‪ :‬املفسر‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد ترمجه وترجم عنه"‬
‫ويقول الفريوزآبادي يف "القاموس احمليط"‪" :‬الرتمجان‪ :‬املفسر ِلِّلسان‪ ،‬وقد‬
‫(‪)2‬‬
‫ترمجه وعنه"‪.‬‬
‫وجاء يف "الصحاح"‪" :‬يقال‪ :‬ترجم كالمه إذا فسَّره بلسان آخر‪ ،‬والرتمجة‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫النقل من لغة إىل أخرى"‪.‬‬
‫ويف "منت اللغة"‪" :‬ترجم كالمه‪ :‬بََّينه وأوضحه‪ ،‬وترجم الكتاب وترجم عنه‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫فسر بلسان آخر‪ ،‬والرتمجان‪ :‬الناقل الكالم من لغة ألخرى واملفسر للسان"‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فسر‬
‫ويف "تاج العروس"‪":‬الرتمجان" املفسر ِلِّلسان وقد ترمجه وترجم عنه إذا َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫كالمه بلسان آخر‪ ،‬وقيل‪ :‬نقله من لغة إىل أخرى‪ˆ.‬‬
‫فسر كالمه بلسان آخر‪،‬‬ ‫ويف "البستان"‪" :‬ترجم اللسان وترجم عنه ترمجة‪َّ .‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وترجم الكالم بالعربية‪ :‬نقله إليها"‪.‬‬
‫ويف "املعجم الوسيط"‪" :‬وترجم الكالم‪َ :‬بَّينه ووضحه‪ ˆ،‬وترجم كالم غريه‪،‬‬
‫(‪)7‬‬
‫وعنه‪ ،‬نقله إىل لغة أخرى"‪.‬‬
‫وال يكاد املرء يستنتج من كل هذه اإلشارات‪ ،‬إال أن الرتمجة نقل من لغة إىل‬
‫لغة أخرى غالبا‪ ،‬وقد تكون البيان والتوضيح‪ ،‬أعين التفسري‪.‬‬

‫‪ )?(1‬ابن منظور‪ -‬لسان العرب‪ ،2/426 .‬ط دار املعارف‪.‬‬


‫‪ )?(2‬الفريوزآبادي‪ -‬القاموس احمليط‪4/114 ،‬‬
‫‪ )?(3‬اجلوهري‪ -‬الصحاح اجلزء اخلامس ‪1928‬م‪.‬‬
‫‪ )?(4‬الشيخ أمحد رضا‪ .‬معجم منت اللغة‪.1/391 -‬‬
‫‪)?( 5‬الزبيدي‪ .‬تاج العروس ‪.211 /2‬‬
‫‪ )?(6‬البستان‪.222 ، 221 /1 .‬‬
‫‪ )?(7‬جممع اللغة العربية يف القاهرة‪ -‬املعجم الوسيط ‪.83 /1‬‬

‫‪2‬‬
‫إن الرتمجة تعين نقل حمت ˆˆوى النص إىل مس ˆˆتوى آخر داخل لغته األص ˆˆلية‪ ،‬وهو‬
‫ما يطلق عليه"تفسري"‪ ،‬ولكن إش ˆ ˆ ˆˆارة املع ˆ ˆ ˆˆاجم إليه سˆ ˆ ˆˆريعة‪ .‬ف ˆ ˆ ˆˆإذا حاولنا التم ˆ ˆ ˆˆاس‬
‫تعريف الرتمجة والرتمجان مبعىن التفسري واملفسر فعلينا باحلديث النبوي‪:‬‬
‫"وأما العَْيلةُ‪ ،‬فإن الساعة ال تقوم حىت يطوف أحدكم بصدقته ال جيد من‬
‫يقبلها منه‪ ،‬مث لَيَ ِق َف َّن أحدكم بني يدي اهلل‪ ،‬ليس بينه وبينه حجاب وال َترُْجمان‬
‫(‪)1‬‬
‫يرتجم له"‪.‬‬
‫مث جند يف أثر أيب مجرة‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫"كنت أترجم بني ابن عباس وبني الناس"‬
‫ويف أثر حممد بن احلسن‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫"ال بد للحاكم من مرتمجني"‬
‫ومبناسبة ذكر ابن عباس‪ ،‬جتدر اإلشارة إىل أنه كان يسمى"ترمجان القرآن"‬
‫ويقال‪ :‬إن "ابن مسعود هو الذي كان يوصف هبذه الصفة"‪ .‬وال يتصور أن أياً‬
‫منهما كان يرتجم القرآن إىل لغة غري العربية وإمنا كان يفسره‪ ،‬ويشرح غريب‬
‫كلماته باللغة العربية‪.‬‬
‫فإذا انتقلنا إىل املعاجم اإلجنليزية وجدناها تعرف الرتمجة على أهنا‪" :‬عملية‬
‫حتويل املفردات والرتاكيب والعبارات من لغة إىل أخرى مع احلفاظ على املعىن"‬
‫كما جند يف املوسوعة العاملية‪" :‬جيب على املرتجم أن حيلل أوالً النص األصلي‬
‫وأن حيدد شكله وماهيته‪ ،‬أي جيب أن يعرف ما إذا كان هذا النص دينيا أم‬
‫تارخييا أم علمياً‪ ،‬وأن يقوم بعد ذلك بتحديد األسلوب الذي من الواجب اتباعه‬

‫‪ )?(1‬البخاري‪ .‬كتاب الزكاة‪ .‬باب الصدقة قبل الرد‪.281 /3 ،‬‬


‫‪ )?(2‬صحيح البخاري‪ ،‬ك العلم‪ ،‬ب حتريض النيب صلى اهلل عليه وسلم وفد عبدالقيس على أن حيفظوا العلم (‬
‫‪ )1/221‬ح‪.87‬‬
‫‪)?( 3‬صحيح البخاري‪ ،‬ك األحكام‪ ،‬ب ترمجة احلكام (‪ )13/185‬ح ‪.7195‬‬

‫‪3‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يف الرتمجة‪".‬‬
‫أما موسوعة الروس الفرنسية‪ ،‬فهي اليت تشري صراحة إىل أن كلمة ترمجة قد‬
‫تعين‪" :‬نقل اللفظ أو النص أو اللغة إىل لغة أخرى مع احلفاظ على املعىن‪ ،‬وقد‬
‫أيضا إعادة كتابة النص يف لغته األصلية بشكل أوضح"(‪.)2‬‬ ‫تعين كلمة ترمجة ً‬
‫وهي بذلك تتفق مع لسان العرب والقاموس احمليط‪ ،‬ومع مفهوم احلديث‬
‫النبوي بأن الرتمجة تفسري واملرتجم مفسر‪.‬‬
‫وقبل الدخول إىل عامل القرآن الكرمي‪ ،‬ما مفهوم عملية الرتمجة؟ إن الرتمجة‬
‫كانت ومازالت مهًّا ثقيال من مهوم حركة العقل العلمي يف احلضارات والثقافات‬
‫املختلفة‪..‬‬
‫إهنا عملية خلق أو إبداع فين‪ ،‬تكاد تكون أكثر صعوبة من عملية التأليف‬
‫حرا يف اختيار مفرداته وتراكيبه وأسلوبه‪،‬‬‫أساسا‪ ،‬ألن املؤلف ابتداء جيد نفسه ً‬
‫ً‬
‫يستطيع أن يعدل عن كلمة إىل أخرى‪ ،‬وأن يرتك تركيبا لريجح آخر‪ ،‬مث ينقح‬
‫أسلوبه كما حيلو له‪ .‬أما املرتجم فهو أسري النص الذي يرتمجه‪ ˆ،‬مقيد به وبكل ما‬
‫فيه‪ ،‬ال حيق له أن يبتعد عنه‪ ،‬إذ هو ملتزم باألمانة‪ .‬وإذا افرتضنا أنه متمكن متام‬
‫التمكن أو على درجة منه يف لغة النص املرتجم‪ ،‬فثمة قيود أخرى حتد من التزامه‬
‫الكامل بكل أبعاد هذا النص ووجوه تفاصيله يف لغته‪ ،‬إذ جيد نفسه أمام اللغة‬
‫األخرى‪ ˆ،‬اللغة املتلقية‪ ،‬املرتجم إليها‪ .‬وهي كما يقول املتمرسون يف هذا احلقل‪،‬‬
‫حقل الرتمجة"لغة سيدة" ال بد أن يتبعها ويلتزم أوامرها ونواهيها‪ ˆ...‬إذ هي اليت‬
‫باألحرى الذي قد ال يعرف‬ ‫سيواجه هبا القارئ‪ ،‬الذي قد ال يعرف إالَّ إياها‪ ،‬أو ْ‬
‫شيئا عن لغة النص األصلية‪ -‬اللغة املرسلة‪ -‬املرتجم منها‪.‬‬
‫إن املرتجم يعيش عملية تواصل أو تعانق بني لغتني‪ ،‬أي بني حضارتني‬
‫‪Lexicon Universal Encyclopaedia. Vol 2. p 90 )1(1‬‬
‫‪Encyclopédie Larousse. P. 512 )2(2‬‬

‫‪4‬‬
‫وثقافتني تتمايزان يف روحيهما ومشاعرمها وانفعاالهتما وسلوكهما‪.‬‬
‫عصرا‪ ،‬حىت قد‬‫إهنا ح ًقا لعملية معقدة وشاقة‪ ،‬بل إهنا ملعاناة تعصر املرتجم ً‬
‫مضطرا الرتكاب درجة من اخليانة إلحدى اللغتني‪ ،‬بل هلما معاً‪ˆ...‬‬ ‫ً‬ ‫جيد نفسه‬
‫ورمبا كان هذا سبب قوهلم "كل ترمجة خيانة" فإذا اختار هنجا ومنطًا للرتمجة فهو‬
‫حمصور بني صفتني تتجاذبانه‪ ،‬مها األمانة واجلمال‪ ..‬أمانة الرتمجة حيث جيتهد يف‬
‫حتميل النص يف اللغة املتلقية‪ ،‬أكثر مما ميكن أن يتحمله النص يف اللغة املرسلة‪..‬‬
‫لغة النص األصلية‪ ،‬ومجال الرتمجة يف اللغة املتلقية‪ .‬ومها ال يتأتيان ح ًقا‪.‬‬
‫وال يستطيع باحث يف مثل ما حنن بصدده من مقام أن حيصر كل ما قيل عن‬
‫اهتماما‬
‫ً‬ ‫الرتمجة عند العرب قبل نشأة "دار احلكمة" حىت اليوم‪ ،‬إذ لقيت منهم‬
‫كبريا ودرسوها دراسة مفصلة‪ ،‬وانتهوا إىل أهنا تظل نسبية‪ ،‬وال ميكن القول فيها‬ ‫ً‬
‫بالكمال التام‪.‬‬
‫وسوف حناول هنا أن نشري إشارات سريعة إىل آراء بعض علماء العرب‪ ،‬يف‬
‫الرتمجة‪ ،‬لغتها وطرائقها ومناهجها وصعوباهتا‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من القدماء‪:‬‬
‫‪ – 1‬نقل هباء الدين العاملي (‪ 1031‬هـ) عن صالح الدين الصفدي (ت‬
‫‪ 764‬هـ)‪:‬‬
‫"أن للعرب يف ذلك طريقتني‪ :‬األوىل‪ :‬أن ينظر املرتجم إىل كل كلمة مفردة‬
‫من الكلمات اليونانية وما تدل عليه من املعىن فيأيت الناقل بلفظة مفردةˆ من‬
‫الكلمات العربية ترادفها يف الداللة على ذلك املعىن فيثبتها‪ ،‬وينتقل إىل اللغة‬
‫األخرى حىت يأيت على مجلة ما كان يريد تعريبه‪ .‬واألخرى‪ :‬أن يأيت اجلملة‬
‫فيحصل معناها يف ذهنه‪ ،‬ويعرب عنها من اللغة األخرى جبملة تطابقها سواء‬

‫‪5‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ساوت األلفاظ أم خالفتها"‪.‬‬
‫مثة مشكلة يف كالم الصفدي وهي يف عبارته‪ :‬ينظر املرتجم إىل كل كلمة‬
‫من اللغة اليونانية فيأيت بلفظة مفردة من الكلمات العربية ترادفها يف الداللة‪ ،‬ويف‬
‫عبارته‪ :‬أن يأيت باجلملة فيحصل معناها يف ذهنه مث يعرب عنها من اللغة األخرى‬
‫جبملة تطابقها‪ .‬إن الصفدي يتصور أن املفردة اليونانية هلا مفردةˆ مرادفة‪ ،‬أي‬
‫متاما يف العربية وأن اجلملة ستكون هلا مجلة تطابقها‪.‬‬‫تساويها ً‬
‫فهل تتطابق اللغات؟‬
‫قد جند اإلجابة عن هذا السؤال فيما نقله أبو حيان التوحيدي عن نقد‬
‫السريايف الدقيق ترمجة يونس بن مىت إذ يقول له‪:‬‬
‫"جيب أن تعلم أن كل لغة من اللغات ال تطابق أي لغة أخرى من مجيع‬
‫جهاهتا‪ ،‬حبدود صفاهتا وأمسائها وأفعاهلا وظروفها‪ ،‬وتأليفها وتقدميها وتأخريها‬
‫(‪)2‬‬
‫واستعاراهتا وحتقيقها"‪.‬‬
‫وسوف نالحظ أن هذه املشكلة ‪-‬مشكلة عدم التطابق التام بني اللغات‬
‫اإلنسانية من مجيع الوجوه‪ -‬هي العقبة الكؤود اليت ُترْهق مرتجم معاين القرآن‬
‫الكرمي املتمكن من أمره عسرا‪ ،‬كما سنحاول أن نربز ذلك يف حينه‪.‬‬
‫‪ – 2‬فإذا وصلنا إىل اجلاحظ‪ ،‬وكيف يرى املرتجم الذي جيب أن ميسك‬
‫مبقوديˆ لغتني يف وقت واحد‪ ،‬جنده يقول يف"كتاب احليوان" إن "الرتمجان ال‬
‫أبدا ما قال احلكيم على خصائص معانيه‪ ،‬وحقائق مذاهبه‪ ،‬ودقائق‬ ‫يؤدي ً‬
‫اختصاراته‪ ،‬وخفيات حدوده‪ ،‬وال يقدر أن يوفيها حقوقها‪ ،‬ويؤدي األمانة فيها‪،‬‬
‫ويقوم مبا يلزم الوكيل… وكيف يقدر على أدائها وتسليم معانيها واإلخبار عنها‬
‫على حقها وصدقها‪ ،‬إال أن يكون يف العلم مبعانيها‪ ،‬واستعمال تصاريف ألفاظها‪،‬‬
‫‪ )?(1‬حممدˆ عبد اللطيف هريدي‪ .‬فن الرتمجةˆ األدبية ص ‪. 31‬‬
‫‪ )?(2‬إبراهيم أنيس‪ .‬داللة األلفاظ ص ‪ . 1976. 31‬ص ‪ . 71 ، 70‬مكتبة األجنلو مصرية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وتأويالت خمارجها‪ ،‬مثل مؤلف الكتاب وواضعه‪ ،‬فمىت كان ابن البطريق‪ ،‬وابن‬
‫ناعمة‪ ،‬وابن قرة‪ ،‬وابن فهريز‪ ،‬وفيفيل‪ ،‬وابن املقفع مثل أرسطا طاليس؟ ومىت‬
‫كان خالد(‪ )1‬مثل أفالطون؟"(‪.)2‬‬
‫نستنتج من جممل كالم هؤالء أن إشكال الرتمجة‪ ،‬أية ترمجة يكمن يف نقطتني‬
‫أساسيتني متداخلتني ومها‪:‬‬
‫‪ -1‬استحالة تطابق اللغات‪ ،‬أي استحالة تطابق اللغة املرسلة املرتجم عنها مع‬
‫اللغة املتلقية أي املرتجم إليها يف كل أبعادها وخصائصها‪.‬‬
‫‪ -2‬استحالة تطابق املرتجم مع املؤلف مبدع النص األول ومنتجه‪.‬‬
‫وال بد أن نلمح هنا ‪-‬وحنن مازلنا مل ندخل بعد إىل عامل ترمجة معاين‬
‫القرآن الكرمي‪ -‬إىل عدة مالحظات‪ ،‬عما ورد يف كالم الزيات وعزام‬
‫وغريمها‪ ،‬وهي مالحظات ذات مغزىˆ كبري أمهها‪:‬‬
‫‪-‬مسألة نفوذ املرتجم إىل روح الكاتب‪ ،‬أي املؤلف أو املبدع القاص أو‬
‫بشريا‪ ،‬وال‬
‫بداعا ً‬ ‫الشاعر‪ :‬فكيف بروح القرآن الكرمي وهو ليس كتابة وال ِإ ً‬
‫شعرا ؟!‬
‫قصا وال ً‬ ‫ً‬
‫‪-‬وكيف باندماج املرتجم فيمن يرتجم عنه؟ اندماج َمْن مبن؟ أو مباذا ؟‬
‫وكيف يشعر به‪ ،‬بقلبه‪ ،‬وينظر بعينه وينطق بلسانه؟‬
‫‪-‬وما حدود اللسان القرآين حىت نطالب املرتجم بالدخول إليها وإدراك‬
‫حميطها وأبعادها ؟‬
‫‪-‬مث كيف ميكن التوفيق بني شيء من أعماق هذه العربية القرآنية وهي لغة‬
‫خاصة غاية اخلصوص! وبني لغة كالفرنسية أو العربية (اللتني اطلعنا على‬
‫الرتمجات فيها) يف جمال املفردات‪ ،‬وما تعين من مفاتيح حضارية نتاج تاريخ‬
‫‪ )?(1‬يقصد‪ :‬خالد بن يزيد بن معاوية‪.‬‬
‫‪ )?(2‬اجلاحظ‪ .‬كتاب احليوان‪. 76 ، 1/75 .‬‬

‫‪7‬‬
‫اللغة الطويل؟ وما حتمله املفردة من حيوية خاصة‪ ،‬بإحيائها يف لغتها ويف‬
‫سياقها؟ مث يف جمال تأليف اجلملة وتركيبها‪ ،‬مث يف نظم أساليبها وبالغتها‬
‫وألواهنا وظالهلا وحركتها يف تصوير البيئة والطبيعة والنفسية؟!‬
‫ثانيا‪ :‬القرآن الكريم وترجمة معانيه‬
‫بنˆˆاء على ما ذكر من أن الرتمجة والتفسري متˆˆداخالن يف تعريفهمˆˆا‪ ،‬وبنˆˆاء‬
‫على أن املرتجم مفسˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆر‪ ،‬واملفسر مˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆرتجم‪ ،‬ال بد لنا أن نشري إىل أن القˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆرآن‬
‫الكˆ ˆ ˆˆرمي كتˆ ˆ ˆˆاب اهلل وكالمه الˆ ˆ ˆˆذي‪‬اَّل يَ ۡأتِي ِه ٱ ۡل ٰبَ ِط ُل ِم ۢن بَ ۡي ِن يَ َد ۡي ِه‬
‫يل ِّم ۡن َح ِك ٍيم َح ِم ٖيد ‪( ٤٢‬فصˆˆلت‪َ ) 42 :‬تحَˆ َّ‬ ‫ۡ‬
‫دد‬ ‫َواَل ِم ۡن َخلفِ ِهۦۖ تَ ِ‬
‫نز ‪ٞ‬‬
‫وكمل‪ ،‬ووضˆˆحت معامله قبل مفارقة النيب صˆˆلى اهلل عليه وسˆˆلم للˆˆدنيا‪،‬‬ ‫نصˆˆه‪ُ ،‬‬
‫ولكن تفاس ˆˆريه وش ˆˆروحه ودراس ˆˆاته ب ˆˆدأت منذ نزول ˆˆه‪ ،‬ومل تنته ومل تغلق حىت‬
‫ومْن عليها‪.‬‬ ‫يومنا هذا‪ ،‬بل حىت يرث اهلل األرض َ‬
‫وهو منذ حلظة الوحي به‪ ،‬وإىل أبد اآلبدين لن يتوقف عن اهلدى‬
‫ت َربِّي لَنَفِ َد ٱ ۡلبَ ۡح ُر‬ ‫ان ٱ ۡلبَ ۡح ُر ِم َد ٗادا لِّ َكلِ ٰ َم ِ‬
‫والعطاء‪:‬قُل لَّ ۡو َك َ‬
‫ت َربِّي َولَ ۡو ِج ۡئنَا بِ ِم ۡثلِ ِهۦ َم َد ٗدا ‪١٠٩‬‬ ‫قَ ۡب َل َأن تَنفَ َد َكلِ ٰ َم ُ‬
‫ض ِمن َش َج َر ٍة َأ ۡق ٰلَ ‪ٞ‬م َوٱ ۡلبَ ۡح ُر‬ ‫(الكهف‪َ )109 :‬ولَ ۡو َأنَّ َما فِي ٱَأۡل ۡر ِ‬
‫ت ٱهَّلل ۚ ِ ِإ َّن ٱهَّلل َ‬ ‫يَ ُم ُّدهُۥ ِم ۢن بَ ۡع ِد ِهۦ َس ۡب َعةُ َأ ۡبح ُٖر َّما نَفِ َد ۡت َكلِ ٰ َم ُ‬
‫َع ِزي ٌز َح ِك ‪ٞ‬يم ‪( ٢٧‬لقمان‪ .) 27 :‬هذه معجزته‪ ،‬أو هذا هو جانب من‬
‫جوانب إعجازه‪ ،‬وهو اتساعه وصالحه لكل جوانب احلياة مع اتساع الزمان‬
‫واملكان وتفاوهتما وتغايرمها‪.‬‬
‫محال أوجه‪ ،‬أو هو كما قال علي رضي اهلل عنه‪" :‬إمنا هو سطر‬ ‫والقرآن َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫بني دفتني ال ينطق‪ ،‬إمنا يتكلم به الرجال"‬
‫وقد اجتهد املفسرون‪ ،‬ومازالوا جيتهدون يف حماوالت الغوص إىل بعض‬

‫‪ )?(1‬الطربي‪ .‬تاريخ الرسل وامللوك‪ . 66 /5 ..‬دار املعارف – ‪1979‬م‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ق ُكلِّ‬
‫أعماق حبره‪ ،‬وأىَّن هلم؟ وهم مقيدون مبستوى علمهم‪َ ،‬وفَ ۡو َ‬
‫ِذي ِع ۡل ٍم َعلِ ‪ٞ‬يم ‪( ٧٦‬يوسف‪ )76:‬ومقيدون بظروف عصورهم ومعطيات‬
‫احلياة يف جمتمعاهتم وبيئاهتم‪ ،‬وال بد أن تستمر حماوالهتم وتتكرر‪ ،‬ما دامت‬
‫شؤون احلياة الدنيا والعقل اإلنساين يف حالة حركة ال تنتهي‪ ،‬وهم إن‬
‫واحدا‪.‬‬ ‫أجرا ً‬ ‫اجتهدوا فأصابوا نالوا أجرين‪ ،‬وإن اجتهدوا فأخطؤوا نالوا ً‬
‫أفال حيق ذلك للمرتمجني املفسرين بلغات أخرى غري العربية‪ ،‬إذ هم‬
‫حياولون التماس توضيح ما ميكنهم من بعض ما جيود به القرآن؟!ˆ‬
‫بلى إن هؤالء وأولئك حني يصيبون يساعدون أممهم وشعوهبم على‬
‫التماس سبل اهلداية من األبواب الصحيحة للقرآن‪ ،‬وحني خيطئون فهم ال‬
‫يضرون القرآن‪ ،‬ولن يضروه ولن يشوهوه‪ ،‬بل هم يسيئون إىل عقوهلم‬
‫وعقول شعوهبم‪ ،‬وهم يضروهنا بدرجات متفاوتة‪.‬‬
‫وكما متوت التفاسري الضˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆعيفة‪ ،‬أو خيبو ضوءها أو ينتهي‪ ،‬فكˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆذلك‬
‫الرتمجات الضˆˆعيفة والسˆˆيئة‪ ،‬سˆˆواء أكˆˆانت عن عمد أم عن خطˆˆأ‪ ،‬فهي تضˆˆيع‬
‫يف زوايا اإلمهال والنسيان‪ ،‬ألهنا ضد قوانني األشˆياء‪ ،‬وضد أصˆول العلم الˆذي‬
‫يطمح إىل التق ˆˆدم والتص ˆˆحيح ويطمح يف الوص ˆˆول إىل درجة من اليقني الق ˆˆائم‬
‫على أسس من العقل القˆ ˆ ˆˆومي‪.‬فََأ َّما ٱل َّزبَ ُد فَيَ ۡذهَبُ ُجفَ ٓاءٗۖ َوَأ َّما َما‬
‫ض ِربُ ٱهَّلل ُ‬ ‫ض َك ٰ َذلِ َ‬
‫ك يَ ۡ‬ ‫ث فِي ٱَأۡل ۡر ۚ ِ‬ ‫اس فَيَمۡ ُك ُ‬
‫يَنفَ ُع ٱلنَّ َ‬
‫ٱَأۡلمۡ ثَا َل ‪( ١٧‬الرعد‪.)17 ˆ:‬‬
‫و كما أن التفسري ال ميكن بˆ ˆˆأي حˆ ˆˆال من األحˆ ˆˆوال أن يبلغ درجة ما يف‬
‫الق ˆˆرآن يف وجه من وجوه ˆˆه‪ ،‬فك ˆˆذلك الرتمجة لن ميكنها قط أن تبلغ مس ˆˆتوى‬
‫النص األص ˆˆلي الع ˆˆريب للق ˆˆرآن املبني‪ .‬ولكن ه ˆˆذا لن يقف قط عقبة أم ˆˆام توجُّه‬
‫هˆˆؤالء وأولئك املسˆˆتمر والˆˆدائب حملاولة الوصˆˆول إىل أقصى درجة من القˆˆرب‬

‫‪9‬‬
‫من النص الكرمي‪.‬‬
‫علما بكل‬
‫ومن حياول التعرض لرتمجة معاين القرآن الكرمي ال بد أن حييط ً‬
‫أبعاد هذه اإلشكالية‪ ،‬ومن جوانبها العديدة‪:‬‬
‫‪ -‬اجلانب التارخيي‪ ،‬أي ماكتب عنه‪ ،‬من جواز الرتمجة أو حترميها‬
‫شرعا‪ ،‬وهل كان ذلك خاصا بتالوة املرتجم يف الصالة‪ ،‬أو بتالوته‬ ‫ً‬
‫عموما؟ ويف ذلك تفاصيل كثرية ودقيقة كتبها األئمة والفقهاء‬ ‫ً‬
‫واملرتمجون والباحثون‪ ،‬منذ صدر اإلسالم‪ ،‬أو منذ ظهور حركة الرتمجة‬
‫يف العصر العباسي‪ .‬مث عادت املشكلة إىل الظهور بشكل أكثر حدة يف‬
‫الثالثينيات من القرن العشرين‪ ،‬ودارت معركة حامية بني جانب القول‬
‫بالرفض والتحرمي‪ ،‬وجانب القول جبواز الرتمجة بل بضرورهتا‪ ،‬واجنلت‬
‫املعركة بفوز القائلني باجلواز أو حبتميته‪.‬‬
‫وميكننا أن ننقل ما انتهى إليه قول عاملني كبريين ممن أفاضوا يف ذلك‬
‫احلديث‪ ،‬ومها الشيخ حممد مصطفى املراغي شيخ األزهر يف ذلك الوقت‪،‬‬
‫وحممد فريد وجدي‪.‬‬
‫يقول حممد فريد وجدي‪" :‬إن وضع القيود غري املعقولة يف مسألة نقل‬
‫قرونا‬
‫القرآن يقضي عليه هبزمية منكرة‪ ،‬تقع نتائجها علينا وعلى أعقابنا ً‬
‫طويلة‪ ،‬ومعناه صدُّه عن اجلوالن يف الدورة الفكرية العاملية مع غريه من‬
‫البت يف هذا الشأن‬
‫كتب األديان السابقة‪ .‬وإن كل ما خيشى منه أن يوكل َّ‬
‫ملن ال يعرفون لغات أجنبية‪ ،‬فيخيل إليهم أهنا لغات بربرية‪ ،‬ختلو من‬
‫الزخارف اللفظية واملعنوية اليت ال توجد إال يف العربية‪.‬‬
‫وإن تعطيل القرآن عن الرتمجة احلرفية والزج به يف معرتك األفهام إىل‬
‫مقصورا على‬
‫ً‬ ‫أنصارا من األمم الغربية‪ ،‬فصار‬
‫اليوم قضى عليه أال يكسب ً‬

‫‪10‬‬
‫األمم الشرقية اليت رضيت أن يكون حظها من دينها كحظ الببغاء‪ .‬وال يعقل‬
‫أن توجد أداة لنشر اإلسالم تضارع القرآن‪ ،‬وليس يف قدرة البشر أن يبتكروا‬
‫(‪)1‬‬
‫أسلوبًا كأسلوبه جلذب العقول واألرواح"‪.‬‬
‫وأما رأي الشيخ املراغي فهو يقوم على آراء كبار السابقني من علماء‬
‫اإلسالم‪ ،‬وعلى رأسهم اإلمام أبو إسحاق الشاطيب‪ .‬يقول املراغي‪" :‬أثبت‬
‫الشاطيب جواز الرتمجة وإمكاهنا بقوله‪ :‬إن أهل اإلسالم أمجعوا على جواز‬
‫(‪)2‬‬
‫تفسريه للعامة‪ ،‬وهذا إمجاع منهم على جواز ترمجته"‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن املراغي نقل من آراء الشاطيب ما ميس اجلانب التقين‪،‬‬
‫الذي ميس فيما ميس البعد اللغوي‪ ،‬وسوف نذكر شيًئا منه يف موضعه‪.‬‬
‫‪.‬ثالثا‪ :‬خصوصية لغة القرآن‬
‫يقول الشيخ املراغي‪" :‬جيب على كل مسلم يعرف العربية ويفهمها أال‬
‫حييد عن قراءة النظم العريب إىل قراءة إحدى الرتمجات‪ ،‬وال ميكن االدعاء بأن‬
‫النظم العريب يؤثر‪ ،‬وتكون له لذة وطالوة عند جاوي أو فارسي أو تركي‪،‬‬
‫أو صيين ال يفهم العربية‪ ،‬فاألمم اإلسالمية اليت ال تفهم العربية ليست اآلن‬
‫واقعة حتت تأثري طالوة النظم العريب‪ ،‬حىت تكون قراءة الرتمجات مانعة عنهم‬
‫هذه الطالوة وهذا التأثري‪ ،‬وعلى العكس فإن قراءة الرتمجات جتعلهم حيصلون‬
‫(‪)3‬‬
‫على طالوة املعاين ولذهتا وتأثريها"‬
‫وأما اجلانب اآلخر‪ :‬جانب الدالالت‪ ،‬واملعاين فال بد أن يظل يف متناول‬
‫العلماء والعقالء من البشر‪ ،‬إذ إن القرآن يف معانيه ونواهيه وأوامره‬
‫مجيعا‪ ،‬كما يقول ويكرر هو ذاته عن نفسه‪.‬‬ ‫وتشريعاته متوجه للبشر ً‬
‫‪)?(1‬حممد فريد وجدي‪ .‬األدلة العلميةˆ على جواز ترمجة القرآن ص ‪ 1936 ،21-16‬م‪.‬‬
‫‪)?(2‬حممد مصطفى املراغي‪ .‬حبث يف ترمجة القرآن وأحكامها‪ .‬مطبعة الرغائب‪1936 .‬م ‪.‬‬
‫‪ )?(3‬املراغي‪ .‬مرجع سابق ص ‪. 16‬‬

‫‪11‬‬
‫وتنقسم الدالالت إىل أصلية وتابعة‪ ،‬وعن هذه األخرية وترمجتها يقول‬
‫املراغي‪" :‬إن االدعاء بأن القرآن الكرمي كله ال ميكن ترمجته ألنه معجز‪ ،‬ادعاء‬
‫خاطئ‪ ،‬بل احلق أن يقال‪ :‬إنه ميكن ترمجته من ناحية الدالالت األصلية‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويستحيل ترمجته من ناحية الدالالت التابعة"‪.‬‬
‫وإذا كان ما قاله املراغي رأيا له ‪-‬أو نقال عن الشاطيب وغريه‪ -‬قد ورد‬
‫يف سياق حوار ساخن‪ -‬كما سبق أن ذكرنا‪ -‬وصل إىل درجة معركة حامية‬
‫شرعا أو ال؟ جند أنفسنا‬
‫حول اجلانب الشرعي من مشكلة الرتمجة‪ ،‬هل جتوز ً‬
‫اليوم يف حاجة ماسة إىل اسرتجاع كل ما قاله هو وغريه من علماء اإلسالم‪،‬‬
‫وأخريا باجلوانب التقنية‬
‫ً‬ ‫حوارا ساخنًا من نوع آخر‪ ،‬يتعلق أوالً‬‫لندخل به ً‬
‫للرتمجة… ما ميكن ترمجته‪ ،‬وما ال ميكن‪ ،‬أو يقرب إىل درجة قريبة من‬
‫االستحالة‪ ،‬وما سنحاول حصره أو تصنيفه حىت يتبني القارئ مواضع‬
‫الصعوبة فيتوخَّى احلذر‪ ،‬ويتوقى الزلل ويأخذ الرتمجة بعني النسبية‪ ،‬وحيكم‬
‫على درجة القرب أو البعد اليت يصل إليها املرتجم خالل عمله‪.‬‬
‫ومبا أننا ال ننتظر قط من عريب عارف بأصول اللسان العريب ومداخله‬
‫وخمارجه وأساليبه وبالغته أن يقرأ القرآن بلغة أعجمية‪ ،‬اللهم إال للدراسة‬
‫والبحث‪ ،‬جيب علينا أن ننظر إىل الرتمجة على أهنا موجهة لألعاجم‪ ،‬أو من‬
‫يسمون باألجانب من غري أهل العربية‪ .‬وهؤالء األعاجم بينهم اليوم عدد‬
‫ضخم من املسلمني‪ ،‬وأعداد أكرب من غري املسلمني‪ ،‬وهؤالء وأولئك هم‬
‫الذين نقصدهم ونتحدث عنهم ‪-‬مع الشيخ املراغي‪ -‬وعن عالقتهم بالقرآن‬
‫وبإعجازه‪ ،‬فيما خيص قضية ترمجة معانيه‪" :‬وأريد اآلن أن أقول إن قراءة‬
‫(‪)2‬‬
‫األعاجم للنظم العريب ال تدهلم على اإلعجاز‪ ،‬فليس يف استطاعتهم فهمه"‪.‬‬
‫‪ )?(1‬املراغي‪ .‬مرجع سابق ص ‪. 7 ، 6‬‬
‫‪ )?(2‬املراغي‪ .‬مرجع سابق ص ‪. 11 ، 10‬‬

‫‪12‬‬
‫بل إنه يذهب‪ ،‬ونذهب معه إىل حقيقة أليمة‪ ،‬ولكنها صارت واقعاً‪،‬‬
‫وهي أن العرب أنفسهم ورثة لسان البيان والفصاحة‪ ،‬ومحلة القرآن البليغ‬
‫الفصيح املعجز مل يعودوا‪ -‬يف أغلبهم‪ -‬قادرين على تذوق اإلعجاز من‬
‫جانب النظم العريب‪ ،‬مث يقول‪" :‬واألمم العربية اآلن ومن أزمان خلت ال‬
‫يفقهون اإلعجاز من النظم العريب‪ .‬وقد انقضى عصر الذين أدركوا اإلعجاز‬
‫(‪)1‬‬
‫عن طريق الذوق وآمنوا بالقرآن بسبب هذا اإلدراك"‪.‬‬
‫وحنن ال خنشى إذن‪ -‬خارج قضية اإلعجاز من النظم‪ -‬أن يستحيل على‬
‫املرتجم أن جيتهد يف حتصيل املعاين األصلية‪ ،‬مث يقول‪" :‬وقد كنا خناف لو أن‬
‫الرتمجة أذهبت من النص العريب علومه وأسراره‪ ،‬ولكنها باقية معه لألمم‬
‫العربية‪ ،‬وملن يريد من األمم األعجمية أن يقرأ النص العريب‪ .‬وأيضا فإن‬
‫العلوم الطبيعية‪ ،‬والتارخيية والفلسفية غري مرتبطة باأللفاظ‪ ،‬بل هي مرتبطة‬
‫(‪)2‬‬
‫مبعانيه"‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬لغة الترجمة متوقفة على لغة الجمهور المتلقي‬
‫بلدا مثل فرنسا‪ ،‬فيه ما يزيد على مخسني مليونا من البشر‪ ،‬فيهم نسبة‬ ‫إن ً‬
‫جدا‪ ،‬ولكنها موجودة على أي حال‪ ،‬واألغلبية الكربى ممن‬ ‫من األمية قليلة ً‬
‫عاليا من مثقفني وعلماء وباحثني‬
‫جامعيا ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعليما‬ ‫يعرفون الكتابة‪ ،‬وممن َّتلقوا‬
‫ومفكرين ورجال إعالم وصحافة وأساتذة جامعات‪ ˆ...‬كل هؤالء ليسوا‬
‫على مستوى ثقايف وال معريف واحد‪..‬‬
‫مث هناك طالب جامعات ختصصوا يف العربية وعلوم اإلسالم‪ ..‬وحلديث‬
‫أقسام العربية وعلومها واإلسالم وحضارته يف فرنسا موضع آخر سنكتب‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪)?( 1‬املراغي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪11 ، 10‬‬
‫‪)?( 2‬املراغي‪ .‬مرجع سابق ص ‪.11 ، 10‬‬

‫‪13‬‬
‫وبعد هذا هناك أربعة ماليني ونصف املليون من املسلمني يف فرنسا‪،‬‬
‫وهؤالء أغلبهم من األجيال اجلديدة للمهاجرين‪ ،‬من أصل مغريب ومن البالد‬
‫اليت كانت مستعمرات لفرنسا وانتشر فيها اللسان الفرنسي‪ .‬ومن بني‬
‫املسلمني يف فرنسا ما يربو على املليون من الفرنسيني أصالً‪ ،‬من أحفاد‬
‫شارملان وديكارت‪ ،‬لغتهم األم هي الفرنسية‪ ،‬دخلوا اإلسالم وآمنوا بالقرآن‪،‬‬
‫ومنهم عدد كبري دخل اإلسالم من باب القرآن وأكثر هؤالء يسمون‬
‫أنفسهم "الفرنسيني املسلمني" وهم كلهم يقرؤون القرآن يف ترمجة فرنسية‪،‬‬
‫وعدد أكثر يدخل اإلسالم من باب املغرب العريب‪ ،‬وبعضهم يدخله من‬
‫أبواب أخرى‪ ˆ،‬ويغلب على الداخلني اإلسالم من الفرنسيني اآلتني من عامل‬
‫النصرانية أو اإلحلاد‪.‬‬
‫وقد مييل بعضهم إىل قراءة آيات القرآن اليت هلا صلة بالكتاب املقدس‬
‫بزعمهم‪ ،‬وعلى األخص تلك اليت تتحدث عن السيدة مرمي البتول وابنها‬
‫السيد املسيح عليه السالم‪ .‬ومن خالل حماضرات وندوات ودراسات جامعية‬
‫جندهم يقرؤون اآليات والسور اليت تتحدث عن األنبياء والرسل الذين ترد‬
‫أمساؤهم وقصصهم يف الكتاب املقدس بزعمهم‪ ،‬ويف العهد القدمي والتوراة منه‬
‫على وجه اخلصوص‪ ،‬وهم يضعون نصب أعينهم ما كانوا يعرفون قبل‬
‫إسالمهم‪ ،‬عن هؤالء األنبياء والرسل يف الكتاب املقدس‪.‬‬
‫وأكثر املسلمني الفرنسيني مييلون إىل استفتاء األساتذة املتخصصني يف‬
‫علوم العربية واإلسالم يف اجلامعات واملعاهد‪ ،‬قبل أن خيتاروا شراء ترمجة ما‬
‫من ترمجات معاين القرآن الكرمي‪.‬‬
‫عاما‪ ،‬أو ما يقارب ربع القرن‬‫ومن خالل معاشرة تزيد على عشرين ً‬
‫نستطيع أن نقسم ميل الفرنسيني‪ -‬مسلمني وغري مسلمني‪ -‬جتاه الرتمجات‬

‫‪14‬‬
‫كما يلي تقريبًا‪:‬‬
‫‪ -1‬مييل املسلمون يف أغلبهم إىل ترمجة دونيس ماسون اليت راجعها‬
‫وصححها الشيخ صبحي الصاحل –رمحه اهلل‪ -‬من خالل اجمللس األعلى‬
‫للشؤون اإلسالمية يف لبنان‪ ،‬وهي ترمجة ذات لغة وسط‪ ،‬أقرب إىل القارئ‬
‫املتوسط العام‪ ..‬تتسم بالسهولة‪ ،‬ونوع من املباشرة يف اللغة‪ ،‬وعدم التعقيد‪،‬‬
‫وحماولة الرتكيز على املعىن العام للجملة القرآنية أو اآلية دون تركيز على‬
‫اجلوانب اللفظية أو البالغية أو األسلوبية‪.‬‬
‫‪ -2‬مييل أكثر املسلمني ذوي األصول العربية أو اإلسالمية‪ ،‬والذين‬
‫لديهم‪ -‬يف الغالب‪ -‬درجة من املعرفة باإلسالم والقرآن إىل قراءة ترمجة‬
‫الشيخ محيد اهلل‪ ،‬وال خيفى أن تلك الرتمجة قد روجعت وصححت ونقحت‬
‫يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬ويبدو أثر تلك اجلهود يف درجة من الدقة‬
‫وحماولة االلتصاق بالنص القرآين وعدم ترمجة لفظ اجلاللة‪ ،‬وإضافة مالحظات‬
‫يف احلواشي ترجع لبعض التفاسري‪ .‬والشيخ محيد اهلل ‪-‬أطال اهلل بقاءه‪ -‬عامل‬
‫مدقق واع بالكثري من أبعاد القرآن ولغته‪ ،‬وقد عرفناه خالل سين دراستنا يف‬
‫باريس‪ ،‬وله مسامهات عظيمة يف الندوات الفرنسية والعاملية حول اإلسالم‬
‫وعلومه‪ ،‬ويقول الكثري من القراء والنقاد‪ :‬إن ترمجته أميل إىل احلرفية‪ ،‬مما‬
‫جيعل القارئ الفرنسي الذي ال يعرف اللسان العريب املبني قد يشعر ببعض‬
‫الصعوبات يف فهم بعض الرتاكيب أو بعض اجلمل والعبارات؛ بسبب حرص‬
‫املرتجم على حتقيق درجة من االلتصاق‪ -‬ما أمكن‪ -‬بدقائق النص القرآين‪.‬‬
‫يفضل عدد أقل من السابقني ‪-‬مسلمني وغري مسلمني‪ -‬قراءة ترمجة‬ ‫‪ِّ -3‬‬
‫الشيخ محزة أبي بكر إمام جامع باريس السابق (ووالد اإلمام احلالي دليل أبي‬
‫بكر)‪ ،‬وهي ترمجة تركز على تتبع التفاسري‪ ،‬أي أهنا فعالً تفسريية أكثر منها‬

‫‪15‬‬
‫مباشرة مع النص القرآين الكرمي أو التصاقًا به‪ ˆ...‬وهي مل تطبع‪ -‬على حد‬
‫علمنا‪ -‬إال يف طبعات أنيقة على ورق مصقول ثقيل‪ ،‬وبغالف مثني‪ ،‬ولذا‬
‫فهي غالية الثمن وغري متاحة إالَّ لنوعية خاصة من القراء من الناحية املالية‬
‫والقدرة الشرائية العالية‪ .‬وهي من الرتمجات اليت مل نقرأها حىت اآلن قراءة‬
‫قريبا‪.‬‬
‫كاملة هبدف الدراسة‪ ،‬ونتمىن أن يكون ذلك ً‬
‫‪ -4‬ما زال عدد قليل آخر يقرأ ترمجة رجييس بالشري‪ ،‬وقد كان مستعربًا‬
‫كبريا‪ ،‬ومن املعدودين يف فرنسا‪ ،‬ومن أكرب علماء العربية لغة وأدبًا‪ ،‬وكان قد‬ ‫ً‬
‫أشعارا كثرية له إىل اللغة‬
‫أعد رسالته للدكتوراه عن املتنيب وشعره‪ ،‬وترجم ً‬
‫الفرنسية‪ ،‬ومازالت من أهم املراجع يف هذا اجملال‪ .‬وقد خترج عليه عدد كبري‬
‫من الدارسني العرب الذين كتبوا رسائلهم يف جامعات باريس‪ .‬وقد كان‬
‫حياول االهتمام باجلانب األديب من بني جوانب اللغة القرآنية‪.‬‬
‫ولغة رجييس بالشري يف ترمجته إذن على درجة كبرية من الرصانة‬
‫والصحة واألسلوب اجليد‪ ،‬وإن كانت ترمجته شأن سائر الرتمجات ال ختلو‬
‫من عيوب وأخطاء حنوية على وجه اخلصوص‪ ،‬وقد كنا اكتشفنا بعض ذلك‬
‫مبكرا يف زمن دراستنا للدكتوراه ‪1976‬م‪1987 -‬م‪ ،‬ولعل هذه الرتمجة‬ ‫ً‬
‫ومشاكلها كانت من أهم األسباب األولية للتوجه حنو االهتمام بقراءة‬
‫الرتمجات الفرنسية ملعاين القرآن الكرمي قراءة لغوية متفحصة‪.‬‬
‫كثريا‪ ،‬أو كادت تتالشى ويتالشى‬ ‫‪ -5‬مثة ترمجة تراجعت قراءهتا ً‬
‫كبريا له كتب يف‬‫احلديث عنها‪ ،‬وهي ترمجة كازميري سكي‪ ..‬وكان مستعربًا ً‬
‫كبريا من جملدين كبريين للعربية الفصحى والقدمية‪،‬‬‫معجما ً‬‫ً‬ ‫العربية‪ ،‬وترك‬
‫والسيما املسماة يف فرنسا ‪ l'arabe classique‬وهذا املعجم العريب‬
‫الفرنسي ‪-‬على بعض عيوبه‪ -‬من أجود املعاجم العربية الفرنسية حىت اآلن‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫إن ترمجة كازمير سكي مليئة بالعيوب واألخطاء اليت تقرتب من درجة‬
‫الفحش ومن تلك العيوب اليت يتفرد هبا كازمير سكي‪ ،‬أنه يدمج آيتني‬
‫كثريا من اآليات الطويلة إىل‬‫قصريتني أو أكثر يف آية واحدة‪ ،‬كما أنه يقسم ً‬
‫وخمل‪ ،‬يضلل القارئ الباحث الذي قد‬ ‫أكثر من آيتني‪ ˆ..‬وهذا عيب خطري ّ‬
‫يبغي االستشهاد بآية قرآنية‪ ،‬فلن جيدها يف مكاهنا الصحيح من السورة‪...‬‬
‫ناهيك عن إضرار غري مقبول قط من ناحية دينية؛ فإن عدد آيات السورة‬
‫وترتيبها وارد باتفاق وتواتر منذ عهد النبوة وحىت اليوم‪.‬‬
‫ومل جند من هنج هذا النهج من املرتمجني إالَّ مرتمجًا عربيا ً‬
‫واحدا هو‬
‫"يوسف ريبلني" الذي ترجم معاين القرآن الكرمي إىل لغته العربية منذ‬
‫أربعينيات القرن املاضي‪ ،‬ورغم أنه وضع مقدمة يشري فيها إىل احرتامه للقرآن‬
‫الكرمي ورغبته يف ترمجة له قريبة من روحه(ومن الروح السامية)‍إالَّ أنه وقع‬
‫يف هذا اخلطأ الفادح فيما يتعلق برتقيم اآليات‪ ،‬كما أنه أخطأ يف مواضع قليلة‬
‫يف فهم بعض اجلمل واملفردات‪ ˆ،‬ونسي أو أسقط مفردات هامة‪ ،‬ومجالً مل‬
‫ترتجم أصالً‪ ،‬وله حواش حتاول ربط القرآن بالتوراة‪ ،‬وال سيما يف آيات‬
‫قصص األنبياء ذات الشبه بالقصص التورايت‪ ،‬ال نتفق معه قط فيها‪.‬‬
‫إالَّ أن يف الرتمجة بعض املزايا‪ ،‬اليت قد تأيت بسبب اختياره لغة عربية ذات‬
‫أسلوب قريب من أسلوب التوراة جند فيها اجلملة الفعلية جبوار اجلملة‬
‫االمسية‪ ،‬مما ال تتمتع به اللغات اهلندوأوربية‪ ،‬وهو خاص باللغات السامية‪.‬‬
‫وكثريا ما يتقدم‬
‫ً‬ ‫وكذلك تقرتب مواضع الظروف وأماكنها يف الرتكيب‪،‬‬
‫اخلرب على املبتدأ‪ ،‬أو يتصدر املفعول اجلملة أو يتقدم على الفاعل‪ ،‬وكل ذلك‬
‫ميكن املرتجم من احلفاظ على نسق الرتكيب القرآين‪ -‬قدر اإلمكان‪ -‬يف‬
‫الرتمجة ذاهتا‪ .‬مث إن هناك مفردات عربية مطابقة للمفردات العربية‪ -‬وتلك‬

‫‪17‬‬
‫ظاهرة سامية عامة‪ -‬إالّ أن هذا التشابه القريب من التطابق على مستوى‬
‫املفردات قد حيدث فخاخا يسقط فيها املرتجم‪ ،‬ويضلل هبا القارئ‪ ،‬إذ إن‬
‫تقارب اجلذور والكلمات يف النطق‪ ،‬ال يقول عادة بالتقارب أو التطابق يف‬
‫املعىن‪ ،‬فقد تكون الكلمة العربية والكلمة العربية شبه املطابقة هلا يف النطق‬
‫بعيدة عنها يف املعىن ُبعَْد ما بني العموم واخلصوص املطلق أو الوجهي أو ما‬
‫يشبه ذلك‪ ،‬فالفعل "هلك" يطابق الفعل العريب ولكنه يف العربية يعين جمرد‬
‫الذهاب‪ ،‬أما يف العربية فهو املوت أو اهلالك‪ ،‬أو أكثر من ذلك‪ ..‬ومثل ذلك‬
‫يقال يف كلمة "حلم" فهي يف العربية اخلبز‪ ،‬أو كل ما يؤكل‪ ،‬وهي يف العربية‬
‫كثريا‪.‬‬
‫ذات معىن أخص ً‬
‫إن الرتمجات العربية ملعاين القرآن الكرمي قليلة العدد‪ ،‬وقراؤها أقل‪ ،‬وهي‬
‫قد ال هتم املسلمني يف العامل‪ ،‬إذ ال يوجد فرد واحد مسلم يتخذ العربية كأهنا‬
‫لغته األم(‪ .)1‬بل إن القليل النادر من غري املسلمني يف العامل من يتكلم العربية‬
‫لغة أمّاً‪ ،‬وغالب من يتحدث هبا هم يهود العامل‪ .‬ولكن بعض الباحثني‬
‫والدارسني العرب املسلمني قد يتخذوهنا يف دراساهتم وحبوثهم كذلك‪،‬‬
‫وهؤالء جيب أن ينتبهوا لمشاكل هذه الرتمجة‪.‬‬
‫وسوف حناول ترمجة الدراسة التحليلية النقدية اليت نشرناها باللغة‬
‫الفرنسية‪ ،‬يف جملة الدراسات العربية يف فرنسا وفيها رصد كثري من األخطاء‪.‬‬
‫‪ -6‬هناك كذلك ترمجة أندريه شوراكي وهي ترمجة ذات مشاكل مجة‪،‬‬
‫ومن طبيعة خاصة‪ ،‬وال بد أن نذكر هنا مبا أشرنا إليه يف الكثري من املناسبات‬
‫وكثري من املقاالت‪ ،‬من أن املرتجم الذي كنا قد زودناه بقائمة طويلة من‬
‫التصحيح والتنبيه على األخطاء‪ ،‬مل يتبع نصائحنا ومل يطبق تصحيحاتنا‪...‬‬

‫‪ )?(1‬هذا الكالم فيه مبالغة؛ فرمبا يوجد من هداه اهلل لإلسالم ولغته العربية (اللجنة العلمية)‪ˆ.‬‬

‫‪18‬‬
‫ومن اجلدير بالذكر أن شوراكي يهودي من أصل جزائري عاش طفولته‬
‫وشبابه باجلزائر‪ ،‬ولكنه ال جييد العربية الفصحى بدرجة تكفي للتعرض هلذا‬
‫العمل الضخم وتلك املسؤولية الصعبة مسؤولية ترمجة معاين القرآن الكرمي‪،‬‬
‫على عكس الفرنسية اليت يكتب هبا بلغة عالية دقيقة‪ ،‬إذ تكاد تكون لغته‬
‫األم‪.‬‬
‫ولقد حاول شوراكي اإلفادة من معرفته اجليدة باللغة العربية ومن قراءته‬
‫وتفسريا فاستغل "املشرتك‬
‫ً‬ ‫وكتابته هبا‪ ..‬ودراساته الدقيقة للتوراة لغة‬
‫السامي"‪ ‬الذي أشرنا إليه من مفردات مشرتكة بني اللغات السامية‪ ،‬وبني‬
‫العربية والعربية‪ ،‬وكأن لغة الرتمجة عنده متر مبرحلتني‪:‬‬
‫‪ -‬مرحلة ذهنية يرتجم خالهلا معىن اآلية من العربية إىل العربية‪.‬‬
‫‪ -‬مث مرحلة قلمية يرتجم فيها املفهوم الذي توصل إليه باللغة‬
‫الفرنسية‪ ..‬وجيدر هنا كذلك أن نشري إىل أنه كان قد ترجم ما يسمونه‬
‫الكتاب املقدس والعهد القدمي منه على وجه اخلصوص من العربية إىل‬
‫الفرنسية‪ ..‬وقد استقبله بابا الفاتيكان هبذه املناسبة‪ ،‬ورغم أن ترمجته تلك‬
‫حتظى بدرجة ما من قبول القارئ الفرنسي العادي‪ ،‬إالَّ أن األساتذة والعلماء‬
‫يف اجلامعة الفرنسية يتفقون باإلمجاع على سوء هذه الرتمجة الفرنسية ملا‬
‫يسمونه بالكتاب املقدس‪.‬‬
‫‪ -7‬هناك ترمجة رينيه خوام‪ ،‬وهو راهب يسوعي عاش يف مصر وكتب‬
‫كثريا عن اإلسالم واللغة العربية‪ ،‬وهي‪ -‬أي ترمجته‪ -‬تعد من أحدث‬ ‫ً‬
‫الرتمجات اليت ظهرت بالفرنسية‪ ،‬ومل نقرأها قراءة نقدية حىت اآلن فال حيق لنا‬
‫أن نطيل احلديث عنها‪.‬‬
‫‪ -8‬نصل إىل ترمجة جاك بريك‪ ،‬واليت مساها‪" :‬حماولة لرتمجة معاين‬

‫‪19‬‬
‫القرآن"‪ .‬وحديثها ذو شجون ففيها الكثري من اجلودة والكثري من السوء‪..‬‬
‫وقد درسناها دراسة مفصلة بتكليف من اإلمام السابق لألزهر الشيخ جاد‬
‫تقريرا طويالً مفصالً باألخطاء‬
‫احلق علي جاد احلق رمحه اهلل‪ .‬وكتبنا عنها ً‬
‫اليت قسمت تقسيما لغويا دقيقا وأرسلت إليه صورة من هذا التقرير وتلك‬
‫الدراسة‪ ،‬وقد صحح الكثري من األخطاء‪( ،‬حوايل مائيت موضع)‪ .‬ونبه على‬
‫ذلك يف الطبعة الثانية‪ .‬وحنن نتكلم هنا على الرتمجة ذاهتا‪ ،‬وليس على دراسة‬
‫بريك حول القرآن‪ ،‬فهذه حتتاج إىل دراسة دقيقة نرجو أن نتمكن من إجنازها‬
‫قريبا‪.‬‬
‫ً‬
‫ولقد نشرنا يف جملة "اإلسالم يف فرنسا" العدد الرابع سنة ‪1998‬م باللغة‬
‫الفرنسية ذلك البحث الطويل مع ملف كامل ملا وجدنا من أخطاء‪ .‬وقرأها‬
‫عدد كبري من أهل االختصاص‪ ،‬وعقدت حوهلا ندوات يف باريس‪ ،‬ويف‬
‫عموما وعلى لغة بريك‬
‫الرباط وتونس وطرابلس تكلمنا فيها على اإلشكالية ً‬
‫خصوصا‪.‬‬
‫ً‬
‫كان جاك بريك (ت ‪1996‬م) أستاذ العلوم العربية واإلسالمية يف واحد‬
‫عضوا يف أكثر‬
‫من أعرق املعاهد يف فرنسا‪ ،‬وهو" الكوليج دو فرانس" وكان ً‬
‫من جممع لغوي عريب‪ ،‬ومنها جممع القاهرة‪ .‬وكان مناضالً ضد سياسة فرنسا‬
‫االستعمارية‪ ،‬متعاط ًفا بل ملتزماً بنضال شعوب املغرب العريب من أجل‬
‫وكثريا ما سجنته فرنسا بسبب ذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫االستقالل‪،‬‬
‫وكان له مثل ذلك مع قضية فلسطني وشعبها العريب‪ .‬درس العربية يف‬
‫عاما من‬
‫شبابه يف املغرب واجلزائر‪ .‬وقد انقطع ما يقرب من مخسة عشر ً‬
‫حياته‪ -‬على حد قوله‪ -‬لدراسة القرآن وعلومه قبل اإلقدام على حماولة‬
‫ترمجته‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫كثريا من الشعر العريب القدمي إىل اللغة‬
‫ويتوجه جاك بريك‪ -‬الذي ترجم ً‬
‫الفرنسية‪ ،‬ترمجة شهد له فيها باإلجادة‪ -‬يف ترمجته معاين القرآن إىل مجهور‬
‫خاص‪ ،‬مجهور ذي مستوى معريف ٍ‬
‫عال باللغة الفرنسية‪.‬‬
‫كثريا‬
‫وقد حاول أن يشحن لغة الرتمجة بشاعرية وأسلوب بليغ‪ ،‬مما جعل ً‬
‫وكثريا من تالميذه العرب ‪-‬األساتذة يف‬
‫ً‬ ‫من قرائه ومن عرفوه عن قرب‪،‬‬
‫فرنسا‪ -‬يقولون إهنم يلقون صعوبات يف قراءة ترمجته‪.‬‬
‫شيئا ذا جدوى يف كتيب رهن النشر يف مصر حول‬ ‫ورمبا جيد القارئ ً‬
‫"إشكالية ترمجة معاين القرآن الكرمي‪ ..‬دراسة نظرية وتطبيقية"‪..‬‬
‫وهي دراسة تستند إىل مراجع فرنسية‪ ،‬حول توجهات االستشراق‬
‫اجلديد‪ ،‬ونقد العقل الغريب لذاته فيما خيص موقفه من اإلسالم‪ ،‬مث دراسة‬
‫نقدية للرتمجة‪ ،‬وأساليب تصحيحها كتبناها يف مايو ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫خامسا‪ :‬ماذا يراعى في لغة الترجمة؟‬
‫أ‪ -‬إشكالية مفردات خاصة‪.‬‬

‫لقد اتفقنا على أن لغة القرآن لغة عربية خاصة بالقرآن‪ ˆ،‬فهو ال يقارن‬
‫بأي نص من العربية أو من غريها‪ ،‬ونتفق كذلك على أن الرتمجة‪ ،‬أية ترمجة‬
‫بأية لغة لن تضاهي نص القرآن الكرمي‪ ،‬ولذا لن تصل الرتمجات إىل درجات‬
‫الكمال‪ ،‬فالكمال لن يكون إالّ يف النص العريب املبني‪ .‬ولذا فإن مقولة‬
‫دارسي الرتمجة قدميًا وحديثا ورغبتهم املثالية يف حماولة الوصول بالرتمجة‪-‬‬
‫عموما وليس ترمجة معاين القرآن‪ -‬إىل أن يكون النص األصلي‬ ‫الرتمجة ً‬
‫وترمجته متطابقني ال ميكن أن يتحقق قط فيما خيص ترمجة معاين القرآن‪ ،‬ولذا‬
‫فإن الشيخ املراغي كان قد اقرتح أن نسمي ما نقرأ باللغة األجنبية‪" :‬ترمجة‬
‫معاين القرآن" وليس ترمجة القرآن‪ ،‬إذ إن هذا ال يعقل واحلالة هذه أن يسمى‬
‫قرآنا يف ذاته‪.‬‬
‫ً‬
‫ولذا فإن أكثر اجملتهدين يف جمال هذه الدراسات حول ترمجة معاين‬
‫القرآن الكرمي قد أصروا على أن تستنبط األحكام من النص األصلي العريب‬
‫وليس من الرتمجة‪ ،‬كما أهنم قد أوصوا ‪-‬كما رأينا من استعراض آرائهم‪-‬‬
‫بأن الرتمجة سترتكز على اجلهات األصلية‪ ،‬املعاين األصلية‪ ،‬وليس الفرعية ولذا‬
‫تبدو اإلجابة عن هذا السؤال‪ :‬ماذا يراعى يف لغة الرتمجة؟ إجابة معقدة وبالغة‬
‫الدقة وال بد أن تصحبها احتياطات كثرية أمهها استقراء مالحظات أهل‬
‫البيان يف كل لغة يرتجم إليها القرآن عن موقفهم الشعوري والعقلي والقليب‬
‫معا إذ يقرؤون الرتمجة‪ .‬ولكن هؤالء ومعهم املثقفون من القراء‪،‬مهما كان‬ ‫ً‬
‫موقفهم من قبول الرتمجة أو رفضها ودرجات القبول والرفض فلن يتسىن هلم‬
‫أن حيكموا ما داموا مل يقرؤوا النص العريب‪ ،‬ومل يعرفوا وجوه إعجازه‪ ،‬ولن‬

‫‪22‬‬
‫يستطيع أن يتصدى لتحديد درجة الرتمجة من اجلودة أو الرداءة إالّ عامل‬
‫مزدوج اللغة ضليع يف كلتا اللغتني عربية القرآن‪ ،‬ولغة الرتمجة على قدم‬
‫وساق‪.‬‬
‫ولكن ال بد هنا أن حندد ما املقصود بعبارة "لغة الرتمجة"؟ وال بد أن‬
‫حناول حصرها أو رسم حدود هلا حتى ميكن الكالم عليها‪ ،‬ورسم هذه‬
‫احلدود يتطلب منا التمييز بني جهتني يف نص القرآن العريب املبني سبق أن‬
‫أشرنا إليهما‪ ،‬وقد حددمها الشاطيب يف "املوافقات" إذ يقول‪" :‬للغة العربية من‬
‫حيث هي ألفاظ دالة على معان نظران‪ :‬أحدمها‪ :‬من جهة كوهنا ألفاظًا‬
‫وعبارات مطلقة دالة على معان مطلقة وهي الداللة األصلية‪ .‬والثاين‪ :‬من‬
‫جهة كوهنا ألفاظًا وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة وهي الداللة‬
‫(‪)1‬‬
‫التابعة"‬
‫وقد اتفقنا معه على أن األوىل هي اجلهة اليت تشرتك فيها مجيع األلسنة‪،‬‬
‫وإليها تنتهي مقاصد املتكلمني‪ ،‬فال ختتص بأمة دون أخرى‪ ˆ،‬وأن اجلهة الثانية‬
‫ختتص باللسان العريب‪ ،‬وهي تكمن يف اجلانب البالغي‪ ،‬وهي أكرب مدار‬
‫لإلعجاز‪ ،‬وتلك هي اليت ال ميكن أن ترتجم حسب قول الشاطيب ويتفق معه‬
‫يف ذلك ابن قتيبة‪.‬‬
‫ومعىن قول هؤالء أنه لن يرتجم القرآن كامالً قط أو أنه لن يرتجم منه‬
‫إال جانب الدالالت األصلية‪ ،‬جانب املعاين اليت تشرتك فيها مجيع األلسنة‪،‬‬
‫وال ختتص هبا أمة دون أخرى‪ ،‬فهل سننبه القارئ دائما على أنه لن جيد يف‬
‫الرتمجة كل ما يف القرآن‪ ،‬بل بعضه؟ وإذا كان ال يعرف اللسان العريب‪ ،‬فأين‬
‫سيجد هذا البعض اآلخر؟‬

‫‪ )?(1‬املراغي‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪. 7 ، 6‬‬

‫‪23‬‬
‫وخصوصيات اللسان العريب ال تكمن يف جانب الرتكيب والبالغة‬
‫وحدمها مدار اإلعجاز‪ ،‬بل قد يتطرق ذلك إىل عامل مفردات اللغة‪ ،‬فإذا كان‬
‫يف العربية مفردات عامة هلا ما قد يوازيها يف مفردات اللغات البشرية مما هو‬
‫عام بني األمم وألسنتها‪ ،‬فإن كثرياً من مفردات عربية القرآن قد يستعصي‬
‫على ذلك‪ .‬أي قد ال جيد ما يوازيه يف اللغات اإلنسانية كلها‪ ،‬فبعض‬
‫مفردات القرآن يعد مفاتيح حضارة العرب‪ ،‬يعكس صور تقاليد عربية حبتة‬
‫جتاه الطبيعة‪ ،‬وجتاه منط احلياة العربية قبل اإلسالم وإبان نزول الوحي‪ ،‬ويف‬
‫كل لغة طائفة من املفردات مفاتيح حضارة اللغة‪ ،‬فدرجات الربودة يف بالد‬
‫الثلج تتعدد مفرداهتا‪ ،‬مبا يكون بني كل مفردة وأخرى من فروق دقيقة يف‬
‫املعىن‪ ،‬تتقارب إىل درجة الرتادف وما هي مرتادفة‪ ،‬والعربية قد ال جتد‬
‫مفردات دقيقة يف مستوى هذه املفردات نفسها من الدقة والفروق‪.‬‬
‫فإذا وردنا لغة القرآن ومفرداته وجدنا مثل هذا النوع من املفردات اليت‬
‫يصعب أن يوجد ما يوازيها يف مفردات اللغات املتلقية املرتجم إليها‪:‬‬
‫صيلَ ٖة َواَل‬ ‫‪َ ‬ما َج َع َل ٱهَّلل ُ ِم ۢن بَ ِحي َر ٖة َواَل َسٓاِئبَ ٖة َواَل َو ِ‬
‫ب َوَأ ۡكثَ ُرهُمۡ‬‫ُون َعلَى ٱهَّلل ِ ٱ ۡل َك ِذ ۖ َ‬
‫ُوا يَ ۡفتَر َ‬
‫ين َكفَر ْ‬ ‫َح ٖام َو ٰلَ ِك َّن ٱلَّ ِذ َ‬
‫ون ‪( ١٠٣‬املائدة‪.)103 :‬‬ ‫اَل يَ ۡعقِلُ َ‬
‫انظر معنا إىل هذه املفردات وكيف تعامل معها املرتمجون‪ ،‬وكيف‬
‫تعاملت معهم لغتهم اليت ينقلون إليها؟‬
‫الكلمات‪ :‬حبرية‪ -‬سائبة‪ -‬وصيلة‪ -‬حام‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كيف ترجم هذه الكلمات‬ ‫المترجم‬
‫آثرت السالمة ومل تشأ أن حتاول ترمجة كلمات ال مقابل‬ ‫‪-1‬دونيس ماسون‬
‫هلا قط يف أية لغة من لغات البشر‪ ،‬وقد رمستها بالكتابة النطقية‬
‫‪ Transcription‬ومل نعثر على أية إشارة يف حاشية الصفحة‬
‫وال يف امللحق املخصص‪ ،‬للتعليق على كل العبارات أو‬
‫الكلمات ذات الطبيعة اخلاصة‪ .‬وال ندري كيف رأى مصحح‬
‫الرتمجة ذلك؟ مث إننا ال ندري كيف يفهم القارئ الفرنسي‬
‫الذي ال يعرف اللسان العريب املبني هذه املفردات؟‬
‫يتفق مع دونيس ماسون يف خط الكلمات املذكور‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫بالكتابة النطقية أي الصوتية‪ ،‬وإن كانا مل يتبعا ‪ -‬كالمها‪-‬‬
‫الكتابة الصوتية الصحيحة الكاملة‪ ،‬وسوف نشري لذلك يف‬
‫هناية القائمة‪ .‬ولكن محيد اهلل وضع حاشية يف أسفل الصفحة‬
‫شرح فيها هذه املفردات اخلاصة متفقا مع ما ذكره املفسرون‪،‬‬
‫وهو ال شك أنقذ القارئ من غموض وحرية أو جهل كان‬
‫سيقع فيه‪.‬‬
‫وضع الكلمات بنطقها العريب‪ ،‬ونظراً لوجود الصاد‬ ‫‪ -3‬ريفلني (مرتجم‬
‫واحلاء واحلركات الطويلة يف حروف العربية فإن كتابة‬ ‫عربي)‬
‫الكلمات صحيحة‪ .‬ولكنه يف حاشية أسفل الصفحة أشار إىل‬
‫موقف العرب من البحرية والسائبة والوصيلة واحلام فقال‪:‬‬
‫"البحرية وغريها مما ذكر هي أمساء كان العرب يسمون هبا‬
‫من اإلبل أو الضأن اليت أجنبت هلم‪ ،‬وكانوا يطلقوهنا ترعى‬

‫‪25‬‬
‫حرة وال ميسونها‪ ،‬فال حيملون عليها وال يذحبوهنا‪ ،‬وكانوا‬
‫يعلموهنا بعالمات ظاهرة متيزها؛ ليدلوا على أهنا نذرت‬
‫ألصنامهم‪ » ‬ولكنه مل حيدد كل مفردةˆ على حدة‪ ،‬فظل‬
‫ناقصا‪.‬‬
‫شرحه ً‬
‫صور الكلمات‪ -‬هو كذلك‪ -‬كتابة صوتية وسجل يف‬ ‫‪ -4‬جاك بريك‬
‫حاشية الصفحة قائال‪ :‬هذه األمساء (أو التسميات) الغريبة‬
‫يقصد هبا حيوانات كانت ترىب طليقة‪ ،‬إلظهار قوة حيوية‬
‫عظيمة‪ ،‬والبحرية هي الناقة اليت أجنبت مخسة بطون‪ ،‬والسائبة‬
‫هي تلك اليت كانت خمصصة خلدمة اآلهلة‪ ،‬والوصيلة نعجة‬
‫كانت تنتج توائم‪ ،‬واحلام مجل فحل أخصب ست مرات‪.‬‬
‫وقد برئت ساحته من الغموض‪.‬‬

‫وكانت الكتابة الصحيحة صوتيا حسب النظام املتفق عليه يف مثل هذه‬
‫احلالة‪:‬‬
‫‪bahīra, sā’iba, wasīla, hām.‬‬
‫فاحلاء ‪( h‬حتتها خط) والصˆ ˆ ˆ ˆˆاد كˆ ˆ ˆ ˆˆذلك ‪ ، s‬واحلركˆ ˆ ˆ ˆˆات الطويلة ‪، ā‬‬
‫‪ .ī،ū‬فوق كل منها شرطة قصرية عالمة الطول‪ ،‬وإال نطقت قصرية‪.‬‬
‫ومالحظتنا العامة على مثل هذا النوع من املفردات هو أن تكتب داخل‬
‫ترمجة معىن اآلية باحلروف الصوتية كما ذكرنا‪ ،‬إذ هي مفردات ليس هلا مقابل‬
‫قط يف لغة غري العربية‪ ،‬وال حىت يف اللغات السامية أخوات العربية‪ ،‬ولذا جيب‬
‫على املرتجم أن يضع حاشية يف أسفل الصفحة ذاهتا حىت ال يرتك القارئ فريسة‬
‫للغموض وعدم الفهم‪ .‬ولكن الحظنا أن بعضهم فعل ذلك وبعضهم مل يفعل‪،‬‬
‫وليس كل من أثبت أوضح كل اإليضاح‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ومثة نوع آخر من املفردات هلا فوق معناها املعجمي اللغوي معىن اصطالحي‬
‫إسالمي خاص‪ ،‬وذلك مثل‪ :‬صالة‪ -‬زكاة‪ -‬حج‪ -‬عمرة‪ -‬نسك‪ -‬رفث‪-‬‬
‫طاغوت‪ -‬خليفة‪ -‬فرقان‪ -‬بينة وبينات‪ -‬أمر‪ -‬دين وملة‪ -‬قبلة‪ -‬شعائر‪ -‬فدية‪.‬‬
‫وال شك أن هلذه املفردات العربية القرآنية مقابالت يف اللغات األخرى‪ ،‬ما‬
‫دام للناطقني هبذه اللغات دين ما من األديان‪ ،‬وفيه عبادات وشرائع وشعائر‬
‫وطقوس‪ ˆ،‬ولكن مع ذلك‪ ،‬هلذه اللغات دين حيتوي على مفردات قد تبدو كهذه‪،‬‬
‫كثريا ما ينصرف ذهنه فور رؤيته هذه املفردات املصطلحات إىل أن‬ ‫فإن املرتجم ً‬
‫هذه الشعائر الواردة يف النص القرآين هي مثل شعائر دينه متاما أو مطابقة هلا‪،‬‬
‫ولكن الصالة يف النصرانية‪ ،‬ويف اللغة الفرنسية على وجه اخلصوص هلا معىن أعم‬
‫وأمشل من معناها يف اإلسالم‪ ،‬ولذا فاألفضل للمرتجم أن يثبت املفردة بالنطق‬
‫العريب ويضع جبانبها الكلمة املستعملة يف لغته‪ ،‬مث يضع حاشية ينبه فيها على‬
‫الفرق ويشرح خصوصية املعىن العريب اإلسالمي‪ ،‬ولو مرة واحدة لكل مفردة‪ˆ..‬‬
‫أو أن يضع قائمة عامة يف أول الرتمجة يوضح فيها كل هذه املفردات اخلاصة‬
‫عموما‪ .‬مث يضع‬
‫وفروقها الدقيقة عن املعاين يف اللغة الفرنسية أو اللغة املرتجم إليها ً‬
‫إشارة إحالة يف كل مرة ترد فيها الكلمة نفسها باملعىن نفسه‪.‬‬
‫وقد طبق محيد اهلل ذلك فيما خيص كلمة الصالة‪ ،‬أما دونيس ماسون وجاك‬
‫بريك‪ ،‬فلم يفعال‪.‬‬
‫وهناك مفردات قرآنية ترد يف القرآن الكرمي مبعنيني خمتلفني حسب السياق‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬األمانة التنـزيل‪َ ،‬نَّزل‪ ،‬أنزل املثل‪ ،‬الصبغة‪ ،‬الكلمة‪ ،‬القبلة‪.‬‬
‫األمانة‪ :‬ترد يف القرآن الكرمي مبعنيني‪ ،‬أحدمها‪ :‬األمانة باملعىن السائر يف اللغة‪،‬‬
‫وهي أن يودع إنسان أخاه أمانة مدة من الزمن‪ ،‬مث يسرتدها‪ ،‬وهي الواردة يف‬
‫قوله تعإىل‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫(البقرة‪2:‬‬ ‫ضا فَ ۡليَُؤ ِّد ٱلَّ ِذي ٱ ۡؤتُ ِم َن َأ ٰ َمنَتَهُۥ‪‬‬ ‫‪‬فَِإ ۡن َأ ِم َن بَ ۡع ُ‬
‫ض ُكم بَ ۡع ٗ‬
‫‪)83‬‬
‫واآلخر‪ :‬األمانة ذات املعىن اخلاص‪ ،‬والذي اختلف فيه املرتمجون‪ ،‬وال بد أن‬
‫ضنَا ٱَأۡل َمانَةَ‬
‫خيتلف عن املعىن العام‪ ،‬وهو الوارد يف قوله تعإىل‪ِ :‬إنَّا َع َر ۡ‬
‫ض َوٱ ۡل ِجبَا ِل فََأبَ ۡي َن َأن يَ ۡح ِم ۡلنَهَا َوَأ ۡشفَ ۡق َن‬
‫ت َوٱَأۡل ۡر ِ‬ ‫َعلَى ٱل َّس ٰ َم ٰ َو ِ‬
‫جهُواٗل ‪( ٧٢‬األحزاب‪:‬‬ ‫وما َ‬ ‫ان ظَلُ ٗ‬ ‫ِم ۡنهَا َو َح َملَهَا ٱِإۡل ن ٰ َس ۖ ُن ِإنَّهُۥ َك َ‬
‫‪.) 72‬‬
‫ولننظر كيف تعامل املرتمجون مع "األمانة" وكˆ ˆ ˆˆذلك‪" :‬التنـزيل‪َ .‬نˆ ˆ ˆ َّˆزل‪ .‬مثالً‪.‬‬
‫األمثال‪ .‬كلمة‪ .‬كلمته‪ .‬قبلة"‪.‬‬
‫الترجمـ ـ ـ ــة‬ ‫المترجــم‬
‫األمانة‪le dépôt :‬‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬

‫األمانة‪ ،la responsabilité :‬ووضع جبوارها شرحا‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬


‫بني قوسني باللغة الفرنسية‪ ،‬يف منت الرتمجة‪de porter:‬‬
‫‪les charges de faire le bien et d'éviter le‬‬
‫‪.mal‬‬
‫ومعىن عبارته بالعربية‪ :‬محل التكليف بفعل اخلري‬
‫واجتناب الشر‪.‬‬
‫األمانة‪ .le dépôt :‬ووضع حاشية أسفل الصفحة‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫مستمدة من تفسري الرازي‪ ،‬وتفسري أيب السعود‪ .‬ووضع‬
‫كلمة "التكليف" مكتوبة باحلروف الصوتية‪ ،‬وترجم‬
‫جبوارها‪" :‬األوامر والنواهي"‪.‬‬
‫وكثريا ما ينفرد بريك بذكر املفسرين الذين يرجع‬
‫ً‬

‫‪28‬‬
‫الترجمـ ـ ـ ــة‬ ‫المترجــم‬
‫إليهم‪ ،‬أو يفضلهم الختيار الرتمجة‪.‬‬

‫الترجمـ ـ ـ ــة‬ ‫المترجــم‬


‫ٱۡل ِكتَٰب‪( ‬آل عمران‪il a fait .)3:‬‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون التنـزيل‪ :‬نَ َّز َل َعلَيۡ َ‬
‫ك‬
‫نزي ُل‬ ‫‪َ " descendre le livre‬نَّزل الكتاب" حرفية‪ .‬تَ ِ‬
‫ب ِم َن ٱهَّلل ِ‪( ‬الزمر‪ ،‬غافر) ‪la révélation du‬‬ ‫ٱۡل ِكتَٰ ِ‬
‫‪" .livre‬ترمجة حرفية" ‪َ ‬ويُنَ ِّز ُل َعلَيۡ ُكم ِّم َن ٱل َّس َمآ ِء‬
‫َمآٗء‪( ‬األنفال‪et du ciel Il fait descendre ) 11 :‬‬
‫‪.sur vous de l'eau‬‬
‫يل‬
‫نج َ‬ ‫ب ‪َ ......‬وَأ َ‬
‫نز َل ٱلتَّوۡ َرىٰةَ َوٱۡلِإ ِ‬ ‫‪‬نَ َّز َل َعلَيۡ َ‬
‫ك ٱۡل ِكتَٰ َ‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫‪ِ ٣‬من قَبۡ ُل‪( ‬آل عمران‪il a fait .) 4 ، 3 :‬‬
‫‪ descendre la révélation‬ترمجت مبعىن‪ :‬نََّزل‬
‫الوحي‪ ،‬وكذلك يف أول سورة غافر‪.‬‬
‫‪َ ‬ويُنَ ِّز ُل َعلَيۡ ُكم ِّم َن ٱل َّ‬
‫س َمآ ِء َمآءٗ ‪ et du ciel‬‬
‫‪.il fait descendre sur vous de l ‘eau‬‬
‫‪ il a fait descendre‬‬ ‫ب‬ ‫‪‬نَ َّز َل َعلَيۡ َ‬
‫ك ٱۡل ِكتَٰ َ‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫‪sur toi l'écriture‬‬
‫نزي ُل ٱۡل ِكتَٰ ِ‬
‫ب ‪ la descente de l’écrit‬‬ ‫‪‬تَ ِ‬
‫‪‬‬ ‫‪َ ‬ويُنَ ِّز ُل َعلَيۡ ُكم ِّم َن ٱل َّس َمآ ِء َمآٗء‬
‫‪il fait descendre sur vous de l'eau du‬‬
‫‪..ciel‬‬

‫‪29‬‬
‫الترجمـ ـ ـ ــة‬ ‫المترجــم‬
‫مثل‪ -‬أمثال‪:‬‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫نَارٗا‪( ‬البقرة‪)17:‬‬ ‫‪َ ‬مثَلُهُمۡ َك َمثَ ِل ٱلَّ ِذي ٱسۡتَوۡقَ َد‬
‫‪ils ressemblent à ceux qui ont allumé un‬‬
‫‪ = feu‬يشبهون‪...‬‬
‫ِ ٱۡلَأمۡثَ َ‬
‫الۚ‪( ‬النحل‪n )74:‬‬ ‫ض ِرب ْ‬
‫ُوا هَّلِل‬ ‫‪‬فَاَل تَ ۡ‬
‫‪.'attribuez donc pas des égaux à Dieu‬‬
‫َمثَ ٗلا‪( ‬النحل‪Dieu propose )75:‬‬ ‫ب ٱهَّلل ُ‬
‫ض َر َ‬
‫‪َ ‬‬
‫‪en parabole‬‬
‫نَ ٗ‬
‫ارا‪ ils‬‬ ‫‪َ ‬مثَلُهُمۡ َك َمثَ ِل ٱلَّ ِذي ٱ ۡ‬
‫ستَوۡقَ َد‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫‪ = ressemblent à quelqu'un qui‬يشبهون‪.‬‬
‫ٱۡلَأمۡثَ َ ۚ‬
‫ال‪ n'attribuez donc‬‬ ‫‪‬فَاَل تَضۡ ِرب ْ‬
‫ُوا هَّلِل ِ‬
‫‪.pas à Allah des semblables‬‬
‫َمثَلٗا‪‬‬ ‫ب ٱهَّلل ُ‬
‫ض َر َ‬
‫‪َ Allah propose en ‬‬
‫‪parabole‬‬

‫الترجمـ ـ ـ ــة‬ ‫المترجــم‬


‫ِّم ۡنهُ‪(‬آل عمران‪:‬‬ ‫كلمة‪ِ :‬إ َّن ٱهَّلل َ يُبَ ِّش ُر ِ‬
‫ك ِب َكلِ َم ٖة‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫‪)45‬‬
‫‪Dieu t'annonce la bonne nouvelle d'un‬‬
‫‪ = .verbe‬كلمة‪ .‬الرتمجة متأثرة بالعهد اجلديد يف البدء‬
‫كان الكلمة‪ ،‬يعين املسيح كان الكلمة‪.‬‬
‫‪le‬‬ ‫َو َكلِ َمتُهُۥٓ‪( ‬النسˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆاء ‪)171‬‬ ‫‪َ ....‬ر ُس و ُل ٱهَّلل ِ‬
‫‪Prophète de Dieu, sa parole‬‬
‫مع حاشية إحالة على ترمجة اآلية السابقة‬

‫‪30‬‬
‫(آل عمران‪ )45:‬أي ‪parole = verbe‬‬
‫أي أن املعىن القرآين يوافق املعىن النصراين يف العهد‬
‫اجلديد‪.‬‬
‫"بكلمة منه" ‪ une parole de sa part‬ترمجة‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫‪...‬وكلمته ‪ et sa parole‬ترمجة مباشˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆرة مثل‬
‫سˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆابقتها‪ .‬وحاشˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆية حتيل على حاشˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆية عن اآلية ‪ 39‬من‬
‫ص ِّد ۢقَا ِب َكلِ َم ٖة ِّم َن ٱهَّلل ِ‪ :‬أي كلمة‬
‫الس ˆ ˆˆورة نفسˆ ˆ ˆˆها ‪ُ ‬م َ‬
‫اهلل أي أمر اهلل‪ ،‬إشˆˆارة إىل املسˆˆيح عيسى بن مˆˆرمي الˆˆذي ولد‬
‫دون أب بأمر اهلل القائل‪ :‬كن!‬
‫"بكلمة منه" ‪ d’une parole‬مباشرة مثل محيد اهلل‪.‬‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫مع حاشية تقول‪ :‬كلمة‪ ..‬ولسنا هنا بعيدين عن‬
‫‪( verbe‬واملرتجم يقصد‪ :‬ترمجة آية العهد اجلديد‪ :‬يف‬
‫البدء كان الكلمة‪ ،‬يف سياق احلديث عن السيد املسيح)‪.‬‬
‫‪ ..‬وكلمته‪ .sa parole :‬مع حاشية تقول‪ :‬أهل‬
‫الكتاب هنا النصارى الذين يدعوهم القرآن إىل اختاذ موقف‬
‫وجها مجيالً لعقيدهتم فيما خيص املسيح بوصفه‬
‫حذر‪ ،‬يربز ً‬
‫كلمة اهلل وروحه‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الترجمـ ـ ـ ــة‬ ‫المترجــم‬
‫قبلة‪ -‬القبلة‪:‬‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫‪( ‬البقرة‪.)143 :‬‬ ‫نت َعلَ ۡيهَٓا‬ ‫‪‬ٱ ۡلقِ ۡبلَةَ ٱلَّتِي ُك َ‬
‫ض ٰىهَ ۚا‪( ‬البقرة‪.)144 :‬‬ ‫ك قِ ۡبلَ ٗة تَ ۡر َ‬‫‪‬فَلَنُ َولِّيَنَّ َ‬
‫وا بُيُوتَ ُكمۡ قِ ۡبلَ ٗة ‪( ‬يونس‪.)87 :‬‬ ‫‪َ ‬وٱ ۡج َعلُ ْ‬
‫علَ ۡيهَٓا ‪ la qibla‬‬ ‫نت َ‬ ‫‪‬ٱ ۡلقِ ۡبلَةَ ٱلَّتِي ُك َ‬
‫بدون ذكر أي حاشية وقد وضع اللفظ العريب كما هو‪.‬‬
‫ض ٰىهَ ۚا‪‬‬
‫ك قِ ۡبلَ ٗة تَ ۡر َ‬
‫وكذلك ‪‬فَلَنُ َولِّيَنَّ َ‬
‫أما‪َ :‬وٱ ۡج َعلُ ْ‬
‫وا بُيُوتَ ُكمۡ قِ ۡبلَ ٗة ‪ ‬فقد ترمجت‬
‫‪disposez vos demeures les unes en face des‬‬
‫‪autres‬‬
‫ترمجت‪ :‬متقابلة‪ ،‬البيت يف مواجهة اآلخر‪.‬‬
‫(ومل تشر املرتمجة إىل مصدر هذه الرتمجة من التفاسري)‪.‬‬
‫ووضعتˆ املرتمجة حاشية تقول‪ :‬هذه الكلمة وهذا‬
‫السياق فسر بطرق خمتلفة‪ ،‬عديدة‪.‬‬
‫ترجم اجلميع بـ ‪ la direction‬ووضع جبوارها بني‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫قوسني كلمة قبلة باحلروف الصوتية‪ .‬ولكنه وضع حواشي‬
‫ثالثا‪ -1 :‬القبلة اليت كنت عليها‪ :‬القبلة‪ :‬االجتاه الذي‬
‫يتوجه إليه يف إقامة الصالة يف السنة األوىل للهجرة كانت‬
‫بيت املقدس‪ ،‬مث كانت بعد ذلك جتاه مكة‪.‬‬
‫‪ -2‬التوجه إىل الكعبة كان إذن نوعا من الشهادة‪...‬‬
‫‪ -3‬شرح لعبارة ‪َ ‬و َما ٱهَّلل ُ ِب ٰ َغفِ ٍل َع َّما يَ ۡع َملُ َ‬
‫ون‪‬‬
‫‪َ ‬وٱ ۡج َعلُ ْ‬
‫وا بُيُوتَ ُكمۡ قِ ۡبلَ ٗة ‪ faites de vos‬‬

‫‪32‬‬
‫‪maisons‬‬
‫‪ = un lieu de prière‬اجعلوا بيوتكم مكانًا للصالة‬
‫(يقول الزخمشري‪ :‬قبلة أي مساجد متوجهة حنو القبلة‬
‫وهي الكعبة‪...‬أن يتبوآ لقومهما بيوتًا وخيتاراها للعبادة)‪ˆ،‬‬
‫(ولكن ال توجد أية إشارة للزخمشري يف ترمجة محيد اهلل)‪.‬‬
‫نت َعلَ ۡيهَٓا ‪: la direction‬‬ ‫‪‬ٱ ۡلقِ ۡبلَةَ ٱلَّتِي ُك َ‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫‪ =sur laquelle tu te règlais‬االجتاه‪ˆ..‬‬
‫ض ٰىهَ ۚا‪ ‬ترمجت قبلة بـ‪un … :‬‬ ‫‪ ...‬قِ ۡبلَ ٗة تَ ۡر َ‬
‫‪( orient‬وهي تعين)‪ :‬شرق‪ .‬ولكن املرتجم وضع حاشية‬
‫لقبلة يف اآلية ‪ 143‬تقول‪ :‬وهكذا صارت مكة مركز‬
‫العامل‪ ،‬وهذا اإلميان…إخل (مث)…فيما خيص القبلة اجلديدة‪،‬‬
‫"التوجه"‪.‬‬
‫‪َ ‬وٱ ۡج َعلُ ْ‬
‫وا بُيُوتَ ُكمۡ قِ ۡبلَ ٗة ‪ qu'on s 'oriente‬‬
‫‪..sur‬‬
‫‪ = vos demeures‬فليكن التوجه إىل بيوتكم (يف‬
‫الصالة)!‬

‫إن دارسي الرتمجات اإلجنليزية‪ ،‬واألملانية يف هذا النمط من املفˆردات‪ ،‬قد الحظˆوا‬
‫نوعا من السˆقوط يف هˆوة املفˆردات املعجمية وأهنم كما يقˆول حممد أبو طˆالب‬
‫أن مثة ً‬
‫‪:‬‬
‫"اعتمدوا على املفردات املصفوفة بشكل ثنائي يف املعجم" (‪.)1‬‬
‫ولكن دراسة القوائم اليت استخرجناها من الرتمجات الفرنسية الثالث‪ ،‬تظهر‬

‫‪)?(1‬حممد أبو طالب‪ .‬مالحظات حول ترمجة القرآن‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫لنا بوضوح أن هؤالء الدارسني قد عمموا مالحظتهم هذه فيما خيص املرتمجني‬
‫الفرنسيني‪ ،‬فقد وجدنا غالبا أهنم‪-‬أو بعضهم‪ -‬كانوا على درجة من احلذر‬
‫وحترِّي املعىن الصحيح‪.‬‬
‫إن بعض هؤالء املرتمجني الفرنسيني‪ ،‬مثل جاك بريك يشعر بنوع من الرتدد إزاء‬
‫أخريا تفضيل‬
‫اختياره املفردة املناسبة من بني عدة مفردات‪ ،‬ولذا نراه عندما يقرر ً‬
‫مفردة ما يف لغته الفرنسية‪ ،‬يعلق يف حاشية أسفل الصفحة حماوالً تسويغ ذلك‬
‫مركزا على التفسري الذي رجع إليه‪ ،‬وأحياناً على أسباب النـزول‪ ،‬وقد‬
‫االختيار‪ً ،‬‬
‫الحظنا خالل قراءتنا لتلك الشروح أو التنبيهات والتعليقات يف احلواشي ثالثة‬
‫أمور‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الرتدد وعدم االرتياح الذي يذكره صراحة‪ ،‬أو عدم الرضا التام‪،‬‬
‫أوتأكيده جانب املقاربة يف املعىن وعدم التطابق التام‪ ،‬مثلما فعل يف ترمجة كلمة‬
‫"الغيب" يف اآلية الثالثة من سورة البقرة‪ ،‬فعلى حني ترمجتها "ماسون" بالكلمة‬
‫الفرنسية املألوفة ‪ Mystère‬دون مالحظات وال تعليقات‪ ،‬وهي الكلمة األوىل‬
‫اليت تتبادر إىل ذهن أي قارئ‪ .‬وعلى حني ترمجها محيد اهلل بـ ‪=’invisible l‬‬
‫اخلفي‪ ،‬غري املرئي‪ .‬ووضع حاشية تقول‪" :‬كل ما ال نستطيع مالحظته أو معرفته‪،‬‬
‫بل كل ما ال نستطيع التحقق من وجوده يف املاضي أو يف احلاضر أو املستقبل"‪.‬‬
‫فقد ترمجها بريك بكلمة ‪ Mystère‬ووضع حاشية بدأها بقوله‪" :‬إهنا ترمجة غري‬
‫مرضية"‪ ،‬وأحال على تفسري الزخمشري –الذي يفضله غالبًا‪ -‬وكذلك إىل تفسري‬
‫األلوسي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الطموح إىل الوصول إىل درجة من التحديد والدقة يف املعىن‪-‬حسب‬
‫تصوره‪ -‬يف مثل ترمجة املفردات‪" :‬حنيف" حيث يرتمجها بـ‪croyant originel‬‬
‫= املؤمن األصيل‪ ،‬ويضع جبوارها كلمة "حنيف" بالكتابة الصوتية‪ ،‬مث يضع‬

‫‪34‬‬
‫حاشية تقول‪" :‬فطرة طبيعية‪ ،‬صلة بالفطرة"‪ .‬ومثله يف "القصاص" ‪= talion‬‬
‫مقابل "الدية"‪ .‬وكذلك‪" :‬معروف" و "منكر" فاألوىل‪: convenable :‬‬
‫"متعارف عليه" وحاشية‪ :‬مفهومˆ أخالقي بدون صبغة دينية‪ .‬واألخرى‪blâma :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ble‬وحاشية‪ :‬مفهومˆ أخالقي بدون صبغة دينية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حماولة احلفاظ على املعىن السياقي الدقيق‪ ،‬باختياره كلمة فرنسية حتافظ‬
‫على املعىن "قبل االصطالح" مثل ترمجة كلمة "زكاة" بـ ‪ ،purification‬واليت‬
‫تعين يف التعريف اللغوي الطهارة أو التطهري‪.‬‬
‫رابعˆ ˆˆا‪ :‬حماولة االحتفˆ ˆˆاظ بدرجة من اجلانب البالغي‪ ،‬باإلبقˆ ˆˆاء على اجملاز وإالّ‬
‫ص ۡب َغةَ ٱهَّلل ِ َو َم ۡن َأ ۡح َس ُن ِم َن‬ ‫فس ˆ ˆˆيكون املعىن تفسˆ ˆ ˆˆرييا‪ ،‬يف مثل ترمجة‪ِ  :‬‬
‫ۖ‬
‫ص ۡب َغ ٗة‪( ‬البقˆ ˆˆرة‪ ، teinture de Dieu = )138 :‬فالكلمة الفرنس ˆˆية هي‬ ‫ٱهَّلل ِ ِ‬
‫املقابلة املباشˆ ˆˆرة "للصˆ ˆˆبغة" مبا فيها من معىن مباشر مˆ ˆˆادي‪ ،‬ولكن نˆ ˆˆرى بˆ ˆˆالطبع أن‬
‫وض ˆ ˆ ˆ ˆˆعها يف الس ˆ ˆ ˆ ˆˆياق مع لفظ اجلاللة ال بد أن جتعل الق ˆ ˆ ˆ ˆˆارئ ينص ˆ ˆ ˆ ˆˆرف إىل املعىن‬
‫اجملازي‪ ˆ،‬كما نفهم حنن يف العربية أن صˆ ˆˆبغة هنا ال تعين املعىن األول‪ ،‬اللˆ ˆˆون‪ ،‬وإمنا‬
‫الˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆدين وامللˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆة‪ .‬ويتضح هˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆذا من قراءتنا ترمجة دونيس ماسˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆون هلذه الكلمة إذ‬
‫اختˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆارت كلمة ‪ onction‬وهي بتˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆأثري من فهمها للعهد اجلديد‪ ،‬فمعىن هˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆذه‬
‫الكلمة‪ :‬نقطة الزيت اليت توضع على جبني الطفل ساعة تعميده يف الكنيسة‪ ،‬وهذا‬
‫متامˆˆا‪ ،‬وهو‬ ‫رمبا يفهم القˆˆارئ أن املقصˆˆود يف القˆˆرآن‪ ،‬وعند املسˆˆلمني هو مثل هˆˆذا ً‬
‫غري صˆ ˆ ˆ ˆˆحيح‪ .‬أما ترمجة محيد اهلل فهي ‪" religion‬دين" وهو املعىن التفسˆ ˆ ˆ ˆˆريي‪.‬‬
‫ولˆ ˆˆذا فنحن نˆ ˆˆرى القˆ ˆˆارئ (املثقˆ ˆˆف) بالفرنسˆ ˆˆية يفهم أن حرفية كلمة (صˆ ˆˆبغة) هنا‬
‫لوضعها يف إطار اجملاز‪.‬‬
‫وحنن نضع يف هذا الضرب ترمجة لفظ "كلمة" يف احلديث عن املسيح عيسى‬
‫‪ )?(1‬املعروف‪ :‬اسم جامع لكل ما عرف حسنه ونفعه شرعاً وعقالً واملنكر عكسه‪( .‬تيسري الكرمي الرمحن‬
‫ص‪( .)14‬اللجنةˆ العلمية)‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫عليه السالم‪ ،‬ولقد توافقت الرتمجات الثالث يف اختيار لفظة ‪ = parole‬كلمة‪.‬‬
‫وإن كانت دونيس ماسون مل ترتك هلا حاشية تفسرها‪ ،‬ولكن محيد اهلل‪ ،‬فسَّرها‬
‫يف حاشية تقول‪ :‬كلمة اهلل‪ ،‬أمر اهلل‪ ،‬إشارة إىل املسيح عيسى بن مرمي الذي ولد‬
‫دون أب‪ ،‬بأمر اهلل القائل‪ :‬كن!‬
‫كما وضع بريك احلاشية اليت أشرنا إليها واليت تقول‪ .. :‬ولسنا هنا بعيدين‬
‫عن لفظة ‪( verbe...‬أي اليت وردت يف العهد اجلديد)‪.‬‬
‫وعموما فقد الحظنا أن مشكلة ترمجة هذا النوع من املفردات باختيار مفردة‬ ‫ً‬
‫فرنسية دون أخرى‪ ˆ،‬حتول هذا األمر إىل إشكالية معقدة‪ ،‬ال يكاد املرتجم خيرج‬
‫فيه من مشكلة حىت يسقط يف أخرى‪ ،‬فيظل هناك جانب مفقود‪ ،‬يرجع إىل‬
‫اخلصوصيات الواضحة يف كثري من املفردات القرآنية‪ ،‬ويبقى املرتجم العامل الواعي‬
‫حائرا ما بني الرتمجة املباشرة‪ ،‬اليت حتصر معىن اجلملة كلها يف جهة واحدة من بني‬ ‫ً‬
‫جهاهتا املعقدة‪ ،‬وبني اختيار مفردة مباشرة تنقل املعىن احلريف للكلمة‪ ،‬حىت يصل‬
‫به إىل املعىن اجملازي يف العبارة أو اجلملة‪.‬‬
‫وأما لفظة أمي وأميون‪ ،‬اليت يوصف هبا النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫والعرب قبل اإلسالم‪ ،‬فهي لفظة ذات مستويات داللية متعددة‪ ،‬واملعىن السائد من‬
‫بني هذه املعاين‪ ،‬واألول واملباشر هو‪" :‬الذي ال يعرف القراءة والكتابة"‪ .‬ولكن‬
‫املرتمجني‪ ،‬قد حيتارون بني كلمة فرنسية تؤدي هذا املعىن‪ ،‬وبني كلمة تؤدي أحد‬
‫املعاين األخرى‪ ،‬وهي‪" :‬الذي ليس له كتاب‪ ،‬أي الوثنيني يف مقابل أهل‬
‫الكتاب"‪.‬‬
‫وقد ترمجت ماسون األمي بـ‪le Prophète qui ne sait ni lire ni :‬‬
‫‪ = .écrire‬النيب الذي ال يعرف القراءة وال الكتابة‪.‬‬
‫وواضح أن هذه العبارة مكتوبة بالفرنسية خبط ودرجة من احلرب ختالف باقي‬

‫‪36‬‬
‫واضحا أن‬
‫ً‬ ‫الرتمجة‪ ..‬وقد وقعنا على كثري من مثل هذا يف ترمجة ماسون‪ ،‬ويبدو‬
‫هذا تصحيح بعد حمو ترمجة أخرى كانت موجودة‪ ،‬والدليل على ذلك أن هذه‬
‫العبارة مكتوبة بنفس الطريقة ودرجة احلرب يف اآليتني ‪ 158 ،157‬من سورة‬
‫األعراف وما بينهما من سطور مكتوب بالدرجة العادية)‪.‬‬
‫وأما ترمجة "األميني" فإن ماسون ختتار هلا ‪ infidèles‬وثنيني أو كافرين‬
‫(اجلمعة‪.)2 :‬‬
‫ومحيد اهلل قد اختار كلمة ‪ illettré‬للنيب األمي‪ ،‬أي باملعىن املباشر أي الذي‬
‫ال يعرف القراءة وال الكتابة‪ .‬وكلمة )‪= les gens sans livre (les arabes‬‬
‫أي الذين ال كتاب هلم (العرب)‪.‬‬
‫أما بريك فقد جازف‪ -‬كما يقول هو نفسه واختار عبارة ‪le prophète‬‬
‫‪ maternel‬ترمجة حرفية باشتقاق كلمة أمي من ّأم‪ ،‬وباملصادفة البحتة فإن‬
‫اشتقاق الصفة ‪ maternel‬مباشرة من ‪ّ mère‬أم‪.‬‬
‫ان ُأ َّم ٗة‪( ‬النحل‪ ) 12:‬بـ‬
‫كما ترجم من قبل‪" :‬أمة" ‪ِ‬إ َّن ِإ ۡب ٰ َر ِهي َم َك َ‬
‫‪ = archétype‬أي منوذج ومثال حيتذى‪ .‬وقد وصف بريك حماولته يف الكلمة‬
‫جترؤ على الرتمجة‪ ،‬ويف األخرى بأهنا مغامرة‪ ˆ،‬أو خماطرة يف الرتمجة‪.‬‬ ‫األوىل بأهنا ُّ‬
‫ب‪ -‬إشكالية تعابير جاهزة أو مسبوكة‪.‬‬

‫وهذه عبارة عن مركبات إضافية‪ ،‬منها على سبيل املثال‪:‬‬


‫"ابن السبيل‪ -‬حترير رقبة‪ -‬رئاء الناس‪ -‬أسفل سافلني‪ -‬شق األنفس‪ -‬قاب‬
‫قوسني"‪.‬‬
‫صي َر ٍة ‪.‬‬‫أو‪ :‬جار وجمرور مثل‪َ  :‬علَ ٰى بَيِّنَ ٖة ‪َ - ‬علَ ٰى بَ ِ‬
‫أو‪ :‬عبارة املفعول املطلق‪َ :‬أ ۡكاٗل لَّ ٗ ّما‪ُ - ‬ح ٗبّا َج ٗ ّما ‪.‬‬
‫ق‪ ‬أو ‪‬بَ َسطَ ٱهَّلل ُ ٱل ِّر ۡز َ‬
‫ق‪- ‬بَلَ َغ‬ ‫أو‪ :‬مجلة فعلية‪ :‬ٱهَّلل ُ يَ ۡب ُسطُ ٱل ِّر ۡز َ‬

‫‪37‬‬
‫ون َأ ۡق ٰلَ َمهُمۡ ‪- ‬تَمۡ ِشي‬
‫ُوا لِلس َّۡل ِم‪- ‬ي ُۡلقُ َ‬
‫َأ ُش َّدهُۥ‪ ‬أو ‪‬يَ ۡبلُ َغ َأ ُش َّدهُۥۚ‪َ - ‬جنَح ْ‬
‫علَى ٱ ۡستِ ۡحيَ ٖٓاء‪.‬‬ ‫َ‬
‫وهذه التعابري العربية أو العربية القرآنية على وجه اخلصوص من خصوصيات‬
‫املعجم القرآين‪ ،‬واليت يطلق عليها لغويو اليوم اسم "تعابري مسبوكة" أي ُم َعدَّة أو‬
‫جاهزة لالستخدام يف السياق كما هي‪ ،‬وكما يسميها لغويو الغرب ‪.idiomes‬‬
‫مثريا للسخرية أحيانًا أن‬ ‫وهذا الضرب من التعابري اليرتجم يف الواقع‪ ،‬وقد يكون ً‬
‫يؤلف له املرتجم ألفاظًا مباشرة من لغته املرتجم إليها مث يضعها لفظًا جبوار لفظ‪.‬‬
‫أو قد ال يفهم القارئ أحياناً أي شيء‪ ..‬وهذه التعابري القرآنية تعجز املرتجم‬
‫وتقف حجر عثرة يف طريقه‪ .‬ومع أن يف كل لغة تعابريها‪ ،‬إالَّ أن التعابري غالبًا ال‬
‫تتماثل يف اللغات املختلفة‪ ،‬ألهنا قد تدخل يف باب اجملاز‪ ،‬واملرتجم قد خيتصر‬
‫التعبري يف كلمة من اللغة املرتجم إليها قادرة على أداء املعىن ولكن ليس بكل‬
‫إحياءاته وخلفياته وألوانه وظالله‪ .‬وهو إن وفق إىل ترمجة قريبة من احلرفية‪ ،‬ونبه‬
‫القارئ الذي قد يستعني بالسياق ملدلول ما‪ ،‬جنده ال يلتزم التعبري نفسه يف كل‬
‫املواضع اليت يرد فيها‪.‬‬
‫وسوف حناول أن جنوس خالل الرتمجات الثالث اليت اطلعنا عليها لنرى هذه‬
‫اإلشكالية‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلضافة أو التعبري اإلضايف‪:‬‬
‫أ‪ -‬ابن السبيل‪( :‬البقرة‪ .215 ،177:‬األنفال ‪ .41‬اإلسراء ‪ . 26‬الروم‬
‫‪) 38‬‬
‫الترجمة‬ ‫المترجم‬
‫‪ = Voyageur‬املسافر‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫نفس املفردة‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫‪Au fils du chemin, aux enfants du‬‬

‫‪38‬‬
‫‪chemin, à l' enfant du chemin‬‬ ‫‪ -3‬بريك‬
‫حرفيا ابن السبيل (الطريق) أبناء السبيل‪ .‬ابن السبيل‪  .‬‬
‫ب‪ -‬حترير رقبة‪( :‬النساء‪ . 92 :‬املائدة ‪ . 89‬اجملادلة ‪) 3‬‬
‫الترجمة‬ ‫المترجم‬
‫‪" = Affranchir un esclave‬حترير عبد"‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫(يف كل املواضع)‪.‬‬
‫‪ = Libérer un ésclave quiconque‬حترير‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫عبد‪ ،‬أي عبد‬
‫‪ = .Affranchir un esclave‬حترير عبد‬
‫‪ = Libération d'une nuque‬حترير رقبة‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫‪.Affranchir une nuque d' esclave‬‬
‫= حترير رقبة عبد‬

‫ج‪ -‬إال بشق األنفس (النحل‪.)7 :‬‬


‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫‪ = Qu 'avec peine‬إالّ مبشقة – أو صعوبة‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫‪ = Qu 'avec peine‬إالّ بصعوبة‪ ،‬أو مشقة‪.‬‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫‪Qu' à grand labeur des personnes‬‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫= إالّ مبشقة النفوس‪.‬‬
‫األشخاص‬
‫د‪ -‬قاب قوسني‪( :‬النجم‪)9 :‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫‪.Deux portées d’arc‬‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬

‫‪39‬‬
‫‪.Deux tensions d’arc‬‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫‪.Deux tensions d’arc‬‬ ‫‪ -3‬بريك‬

‫كثريا من التنوع واخللط إىل درجة من التخبط يف ترمجة هذه‬ ‫لقد الحظنا ً‬
‫واضحا‪ ،‬وهو عدم وجود تعابري‬ ‫ً‬ ‫التعابري القرآنية‪ ،‬ويبدو السبب األول يف ذلك‬
‫اجتهادا‪:‬‬
‫ً‬ ‫مذهبا أو اجتهد‬
‫مطابقة هلا يف اللغة الفرنسية‪ ،‬فذهب كل مرتجم ً‬
‫أما التعبري أ‪" -‬ابن السبيل"‪ :‬فلم جند مع ترمجته عند ماسون أي تعليق يف حاشية‪.‬‬
‫وقد وحدت اختيار كلمة "املسافر" يف مجيع املواضع‪ .‬واختار محيد اهلل‬
‫الكلمة نفسها "مسافر" ولكن متيز مبيزتني مها‪ :‬أنه وضع بني قوسني جبوار التعبري‬
‫داخل املنت عبارة‪ »en détresse« :‬وهو ضائقة وإن كان مل يعمم ذلك يف كل‬
‫املواضع‪ ،‬مع أن التعبري القرآين واحد ويف سياقات متماثلة‪ .‬مث إنه تنبه لفارق‬
‫فجمع املفردة (مسافر) مبا يعين" أبناء السبيل املسافرون" حني وجدها مصحوبة‬
‫باجلمع (اليتامى واملساكني)‪ ،‬وأفرد حني وجدها مصحوبة باملفرد‪:‬‬
‫(ذا القرىب واملسكني)‪.‬‬
‫والواقع أننا مل نقرأ نسخة من ترمجة محيد اهلل قبل أن تصحح يف اململكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬لنعرف هل كان هذا النوع من الدقة يف مراعاة السياق وارداً‬
‫ساسا‪ ،‬أو أنه جاء من املراجعني واملصححني؟ وحنن يف كل األحوال حنمد‬ ‫منه أ ً‬
‫هذه الدقة المناسبة‪.‬‬
‫أما جاك بريك فقد اختˆار ترمجة املركب اإلضˆˆايف كلمة كلمˆˆة‪ ،‬يتقبلها القˆˆارئ‬
‫الفرنسي ويفهمها‪ ،‬ولكن له كذلك خصوصيتان‪ :‬إحدامها‪ :‬التنويع بني ‪enfant,‬‬
‫‪ fils‬وهو تنˆˆوع ال يضر بˆˆاملعىن‪ ،‬فكلتامها تعين مع اإلضˆˆافة‪" :‬ابن"‪ .‬واألخˆˆرى‪ :‬أنه‬
‫مجع (ابن السˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆبيل) مˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆرة واحˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆدة مع مجع ‪َ ‬ذ ِوي ٱ ۡلقُ ۡربَ ٰى َوٱ ۡليَ ٰتَ َم ٰى‬

‫‪40‬‬
‫ٱل َّسبِ ِ‬
‫يل‪( ‬البقرة‪.) 177:‬‬ ‫َوٱ ۡل َم ٰ َس ِك َ‬
‫ين َوٱ ۡب َن‬
‫وكان املفروض أن جيمع يف كل املواضع املشاهبة‪.‬‬
‫إن جاك بريك يتفرد يف ترمجة هذا التعبري‪ -‬ويف كثري من مثله‪ -‬مبيزة هي‬
‫حماولة احلفاظ على الناحية اجملازية البالغية‪ ،‬فالتعبري "ابن السبيل" له ما ليس لكلمة‬
‫"املسافر" من معىن‪.‬‬
‫وأما التعبري بـ‪" :‬حترير رقبة" فقد وجدنا دونيس ماسون ختتار تعبري حترير عبد‬
‫‪ affranchir‬لكل املواضع دون تفريق‪.‬‬
‫ووجدنا محيد اهلل يراوح بني املصدر ‪ affranchir‬واملصدر ‪libérer‬‬
‫وكالمها يعنيان "التحرير" وإن كان األول أقوى داللة وفيه حركة‪ .‬ولكنه ذكر‬
‫وأخريا وجدنا بريك‬ ‫عبد"‪ ،‬وهو حاول إشاعة النكرة يف جنسها‪.‬‬ ‫أي ٍ‬ ‫مرة " ٍ‬
‫عبد ِّ‬
‫ً‬
‫خيتار‪ -‬كما فعل يف ترمجة التعبري السابق‪( ،‬ابن السبيل)‪ -‬ترمجة حرفية‪ ،‬حتاول‬
‫احلفاظ على اجملاز‪ ،‬فيرتجم بـ‪ :‬حترير رقبة مؤمنة‪ ،‬مث حترير رقبة‪ ،‬حسب تنوع‬
‫اآليات‪ ،‬وال يقول‪" :‬حترير عبد"‪ ،‬ولكنه يرتجم أحيانا‪ ،‬وكما رأينا بـ‪ :‬حترير رقبة‬
‫عبد‪ ،‬وهو يفضِّل املصدر ‪ affranchir‬على ‪ libérer‬واألول أقوى داللة كما‬
‫كثريا ما يؤكد يف حواشيه أنه يرغب يف احلفاظ على القرب من‬ ‫أشرنا‪ .‬وهو ً‬
‫اجملاز‪.‬‬
‫وأما التعبري ج‪" -‬شق األنفس"؛ فإن كال من دونيس ماسون ومحيد اهلل قد‬
‫اختار له كلمة ‪ peine‬اليت تعين مشقة‪ ،‬أو صعوبة‪ ،‬أو أملا‪ .‬بينما فضل بريك بناء‬
‫ً‬
‫تعبري آخر وليس كلمة واحدة وهو ‪ grand labeur des personnes‬وهو‬
‫حرفيا بإضافة "مشقة" إىل "أشخاص‪ ،‬أنفس"‪ .‬وإن كان صالحه‬ ‫تركيب مرتجم ً‬
‫يتوقف على اتفاق القراء يف اللغة الفرنسية على معناه دون جهد أو مشقة‪.‬‬
‫وفيما خيص التعبري‪ :‬د‪"-‬قاب قوسني"‪ ،‬فقد تفردت دونيس ماسون باختيار‬

‫‪41‬‬
‫‪ ، portées d'arc‬بينما اتفق محيد اهلل وجاك بريك يف اختيار ‪،tension d'arc‬‬
‫واألوىل أكثر دقة يف التعبري عن املسافة إالّ أن اآلخر (اختيار محيد اهلل وبريك)‬
‫حيمل الداللة على احلركة‪ ،‬الضغط على القوس أثناء انطالقه‪ .‬ولكن اجلميع‬
‫حاولوا بناء تركيب إضايف ومل يرتمجوا مبفردةˆ واحدة‪.‬‬
‫‪ -2‬التعبري باجلار واجملرور‪ :‬أ‪ -‬عن بينة‪ ،‬ب‪ -‬على بصرية‪:‬‬
‫أ‪" -‬عن بينة" (األنفال‪) 42 :‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫‪ = Pour une raison évidente‬سبب بديهي أي‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫بني‬
‫‪ = Sur preuve‬عن بينة‪ ،‬دليل‪( ،‬مع حاشية وافية‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫تشرح سبب البينة‪ ،‬وهي انتصار املسلمني قليلي العدد‬
‫وإذن فمن هلك فقد هلك عن اختيار‪ ،‬وعن بينة)‪.‬‬ ‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫‪ = Probante‬مقنعة‪.‬‬

‫ب‪" -‬على بصرية" (يوسف‪.) 108 :‬‬


‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫‪ = En toute clairvoyance‬يف تبصر‪ ،‬ببصرية‬ ‫‪ -1‬دونيس ماسون‬
‫‪ = Sur une preuve évidente‬على بينة‪.‬‬ ‫‪ -2‬محيد اهلل‬
‫دليل بديهي‪.‬‬
‫‪ -3‬جاك بريك‬
‫‪ =Dans la clairvoyance‬يف تبصره‪ ،‬بصرية‬
‫مع ترمجة هذين التعبريين جند أنفسنا كذلك أمام اختالفات واجتهادات‬
‫متنوعة‪ .‬ومها يف احلقيقة تعبريان متقاربان يف العربية‪" ،‬عن بينة" و "على بصرية"‬

‫‪42‬‬
‫ومع هذا فقد تنبه كل من دونيس ماسون وجاك بريك للفرق الدقيق ‪nuance‬‬
‫فرتمجت ماسون األوىل "بينة" بـ‪" :‬سبب بديهي أي بنّي " واألخرى "بصرية"‬
‫‪ = en toute clairvoyance‬بصرية تبصر‪ .‬وكذلك جاك بريك األوىل‬
‫متاما مثل ماسون إالَّ أهنا‬
‫‪ probante‬مقنعة واألخرى بـ‪ً clairvoyance :‬‬
‫َّ‬
‫أكدت بإضافة "بكل"‪ .‬وأما محيد اهلل‪ ،‬فقد وجد أن التقارب أوضح فلم يفرق‬
‫كثريا بني ترمجة (بينة)‪ ،‬وترمجة (بصرية) األوىل ‪ une preuve‬واألخرى‬ ‫ً‬
‫تأكدا‪ .‬وإن كنا نرى املرتمجني‬ ‫‪ preuve évidente‬فدرجة البصرية عنده أكثر ً‬
‫اآلخرين متسكا بدرجة من القرب الشديد بني البصرية واشتقاقها من البصر‪ˆ..‬‬
‫ووجدا كلمة فرنسية قريبة جدًّا‪ ،‬فبني الرؤية والبصرية فرق يسري‪ ،‬وهي ختتلف‬
‫عن البينة‪.‬‬
‫‪ -3‬التعبري برتكيب املفعول املطلق املبني للنوع‪:‬‬
‫املفعˆˆول املطلق واسˆˆتخدامه يف الˆˆرتكيب اللغˆˆوي سˆˆلوك لغˆˆوي خˆˆاص باللغˆˆات‬
‫الس ˆ ˆˆامية ولكنه أك ˆ ˆˆثر اكتم ˆ ˆˆاال يف العربية وح ˆ ˆˆدها‪ ،‬إذ هو مص ˆ ˆˆدر من لفظ الفعل‬
‫السˆ ˆ ˆ ˆˆابق عليه يف اجلملˆ ˆ ˆ ˆˆة‪ ،‬وهو أحد املفاعيل اخلمسة املنصˆ ˆ ˆ ˆˆوبة‪ ،‬يسˆ ˆ ˆ ˆˆتخدم لتأكيد‬
‫ون َك ۡي ٗدا‬ ‫احلدث أو لبيان نوعه وإيضاحه‪ ،‬ومثال األول من القرآن‪ِ:‬إنَّهُمۡ يَ ِكي ُد َ‬
‫‪(١٥‬الطارق‪ )15:‬ومثال اآلخر‪َ  :‬وقُل لَّهُ َما قَ ۡواٗل َك ِر ٗيما‪( ‬اإلسراء‪.) 40 :‬‬
‫ˆريا‪ ،‬فهو باإلضˆˆافة إىل قيمته يف املعىن وتˆˆأثريه‬ ‫وعربية القˆˆرآن تسˆˆتخدم ذلك كثˆ ً‬
‫يف تعميقˆˆه‪ ،‬يضˆˆيف إىل نغمة النطق مجاالً فˆˆوق مجال‪ ،‬وبخاصة عنˆˆدما يقع يف هناية‬
‫العبارة أو على رأس اآليˆة‪ ،‬فيقف القˆارئ مجيل الصˆوت بˆألف إطالق ممدودة حلالة‬
‫النص ˆˆب‪ ،‬تض ˆˆيف انس ˆˆيابًا مجيالً يبقى أث ˆˆره ط ˆˆويالً بعد انته ˆˆاء النطق ليفعل فعله يف‬
‫ُّون ٱ ۡل َم ا َل ُح ٗبّا‬‫اث َأ ۡكاٗل لَّ ٗ ّما ‪َ ١٩‬وتُ ِحب َ‬ ‫النفس‪َ :‬وتَ ۡأ ُكلُ َ‬
‫ون ٱلتُّ َر َ‬
‫ٓا َء َرب َُّك‬ ‫َج ٗ ّما ‪َ ٢٠‬كٓاَّل ۖ ِإ َذا ُد َّك ِ‬
‫ت ٱَأۡل ۡرضُ َد ٗ ّكا َد ٗ ّكا ‪َ ٢١‬و َج‬

‫‪43‬‬
‫ص ٗفّا ‪( ٢٢‬الفجˆˆر‪ .)22 -19 :‬وغري مسˆˆموح للمˆˆرتجم قط أن‬ ‫ص ٗفّا َ‬‫ك َ‬ ‫َوٱ ۡل َملَ ُ‬
‫يسˆ ˆ ˆ ˆˆقطه من الرتمجة أو أن يهملˆ ˆ ˆ ˆˆه‪ ...‬ولكن كيف يˆ ˆ ˆ ˆˆرتجم ولغة كالفرنسˆ ˆ ˆ ˆˆية ‪-‬بل‬
‫واإلجنليزية واألملانية كˆ ˆ ˆˆذلك‪ -‬ال متس هˆ ˆ ˆˆذا الضˆ ˆˆرب من التعبري؟ وكيف سˆ ˆ ˆˆيكون‬
‫الرتكيب يف الرتمجة إذا ترجم حرفيا؟‬
‫وسوف خنتار عينات منه نقسمها قسمني‪ ،‬القسم املؤِّكد للحدث والقسم‬
‫املبني للنوع‪ ،‬مث نستعرض الرتمجات الثالث موضع الدراسة‪ ،‬لنرى كيف تصرفت‬
‫مع هذا وذاك؟‬
‫‪ -1‬النوع األول‪:‬‬

‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫التعبري‬


‫‪= … Ils trameraient les ruses‬‬ ‫ك َك ۡيد ًۖا‪ ‬ماسون‬ ‫‪ -1‬فَيَ ِكي ُد ْ‬
‫وا لَ َ‬
‫يدبرون لك كيدا‪ .‬خدعة‪ .‬مكرا‬ ‫(يوسف‪) 5 :‬‬

‫محيد اهلل ‪=Ils montreraient un complot‬‬


‫يدبرون لك مؤامرة‪ .‬مكيدة‬
‫‪Ils machineront contre toi‬‬ ‫بريك‬
‫‪ =une machination‬يكيدوا لك‬
‫كيدا!!‬
‫ً‬
‫‪Nous les réunirons tous‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪ -2‬فَ َج َم ۡع ٰنَهُمۡ َجمۡ عٗ ا‪‬‬
‫معا‪.‬‬
‫‪ =.ensemble‬مجعناهم ً‬ ‫(الكهف‪)99 :‬‬
‫‪Nous les rdssemblerons‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪ =tous‬مجعناهم كلهم‬
‫جاك بريك ‪Nous les rdssemblerons un‬‬
‫‪=grand rassemblement‬‬
‫كبريا‬
‫مجعا ً‬
‫مجعناهم ً‬

‫‪44‬‬
‫‪Mon seigneur les reduira en‬‬ ‫‪ -3‬يَن ِسفُهَا َربِّي نَ ۡس ٗفا ماسون‬
‫‪poudre‬‬ ‫‪(‬طه‪) 105‬‬
‫حييلها مسحوقا‬
‫‪Mon seigneur les‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪disposera comme la‬‬
‫‪ = poussière‬يبعثرها كالغبار‬
‫(مثل محيد اهلل)‪.‬‬ ‫بريك‬
‫‪ = Décide clairement‬قرر‬ ‫‪-4‬فَٱ ۡفتَ ۡح بَ ۡينِي َوبَ ۡينَهُمۡ ماسون‬
‫بوضوح‬ ‫فَ ۡت ٗحا‪( ‬الشعراء‪) 118:‬‬

‫محيد اهلل ‪ = Tranche..clairement‬احسم‬


‫األمر بوضوح‬
‫‪Ouvre entre eux et moi‬‬ ‫بريك‬
‫‪ = issue‬افتح بينهم وبيين (فتحة) =‬
‫(فتحا)‬
‫ً‬
‫‪Ils préparent une ruse‬‬ ‫‪ِ -5‬إنَّهُمۡ يَ ِكي ُد َ‬
‫ون َك ۡي ٗدا ماسون‬
‫يعدون مكيدة‬ ‫‪( ‬الطارق‪) 10 :‬‬
‫‪Ils se servent d’une ruse‬‬ ‫حميد اهلل‬
‫يستخدمون مكيدة‬
‫‪Qu'ils ourdissent leur‬‬ ‫بريك‬
‫‪ =stratègeme‬يدبرون خطة‬

‫متابعا‪:‬‬
‫ومن هذا القسم تعبريان يتكرر فيهما املفعول املطلق ً‬
‫ك‬ ‫ت ٱَأۡل ۡرضُ َد ٗ ّكا َد ٗ ّكا ‪َ ٢١‬و َجٓا َء َربُّ َ‬
‫ك َوٱ ۡل َملَ ُ‬ ‫‪ِ ....‬إ َذا ُد َّك ِ‬
‫ص ٗفّا ‪(٢٢‬الفجر‪ ) 22 ، 21 :‬وقد ترمجتا كما يلي‪:‬‬ ‫ص ٗفّا َ‬
‫َ‬

‫‪45‬‬
‫ = تعود‬quand la terre sera réduite en poudre :‫ ماسون‬-1
‫مسحوقًا‬
‫ = صفًّا‬rang par rang
.‫متاما‬
ً ‫ = ُدكت األرض‬complètement pulvérisée.. :‫ محيد اهلل‬-2
‫ = صفًّا صفًّا‬rang par rang..
la terre sera pilée jusqu à la .. :‫ بريك‬-3
l'applatissement .. =‫ُد َّكت حىت تساوت‬
avec les angs en rangs ‫صفًّا صفًّا‬

:‫ النوع الثاين‬-2

‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫التعبري‬


Les jeter dans un ‫ماسون‬ ِ ُ‫َأن ي‬ - 1
ۡ‫ضلَّهُم‬
profond égarement :‫ (النساء‬‫يدا‬ٗ ‫ض ٰلَاَۢل بَ ِع‬
َ
‫= أن يلقيهم يف ضالل عميق‬ )60

les égarer très loin .. ‫حميد اهلل‬


‫= يضلهم‬dans l'égarement
.‫بعيدا يف الضالل‬
ً
Les égarer d'un ‫بريك‬
‫ = يضلهم‬égarement radical
.‫متاما‬
ً ً‫ضالال‬
Il est irrémédiablement ‫ماسون‬ ‫ فَقَ ۡد َخ ِس َر‬ -2
‫= خسر بال أي إمكانية‬perdu ‫ُخ ۡس َر ٗانا ُّمبِ ٗينا‬

46
‫للصالح‬ ‫(النساء‪)119:‬‬

‫‪voué à une perte ..‬‬ ‫محيد اهلل‬


‫‪ =éclatante‬خسر خسرانًا‬
‫(خسارة) مبينًا‪.‬‬
‫‪Vous aimez les‬‬ ‫ُّون ٱ ۡل َما َل ماسون‬
‫‪َ  -3‬وتُ ِحب َ‬
‫‪richesses d'un amour‬‬ ‫ُح ٗبّا َ‬
‫ج ٗ ّما ‪( ‬الفجر‪:‬‬
‫‪ =sans bornes‬وحتبون املال ُحبًّا‬ ‫‪)20‬‬
‫بال‬
‫(مثل ماسون متاما)‪.‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪Vous aimez la richesse‬‬ ‫بريك‬
‫‪d’un amour ou tout‬‬
‫‪ =.passe‬وحتبون املال حبًّا‬
‫‪Je me serais assuré un‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪ -4‬فََأفُو َز فَ ۡو ًزا‬
‫‪ =gain considérable‬سأؤمن‬ ‫يما‪( ‬النساء‪)73 :‬‬ ‫َع ِظ ٗ‬
‫فوزا عظيما‬
‫لنفسي ً‬
‫‪J'aurais alors acquis un‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪ =gain énorme‬سأحظى‬
‫بكسب عظيم‬
‫‪Pour triompher d'un‬‬ ‫بريك‬
‫فوزا‬
‫‪ =grand triomphe‬فأفوز ً‬
‫عظيما‪.‬‬
‫من عرض ما سبق نستنتج أن املفعول املطلق بقسميه صعب غاية الصعوبة‪،‬‬
‫بل شبه مستحيل أن يرتجم إىل اللغات اهلندوأوربية‪ ،‬إذ مل تدرج هذه اللغات‬
‫على استخدام هذا النوع من التعابري‪ ،‬فهو غري موجود‪ .‬وقد قلنا يف بداية‬

‫‪47‬‬
‫احلديث إن التعابري املسبوكة أو اجلاهزة‪ ،‬إما أن يكون هلا تعابري مقابلة يف‬
‫اللغات األخرى تستخدم يف مقامات مشاهبة أو ال‪ ،‬وإالَّ فإن ترمجت ترمجة‬
‫معا‪ ،‬فإهنا إما أن تكون ركيكة‪ ،‬أو مثرية‬ ‫حرفية كلمة كلمة وركبت ً‬
‫لالستغراب‪ ،‬أو ال معىن هلا على اإلطالق‪.‬‬
‫وإذا ك ˆˆانت حماوالت املرتجم فيما خيص املفع ˆˆول املطلق املبني للن ˆˆوع قد تصل‬
‫‪ -‬بشق األنفس‪ -‬إىل حتقيق درجة من التوفيق والنجˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆاح من حيث وجˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆ ˆˆود‬
‫الصˆˆفة بعد املصˆˆدر‪ ،‬فˆˆإن وضع الصˆˆفة الفرنسˆˆية سˆˆوف يسˆˆاعد على فهم املعىن‬
‫أو درجة منˆ ˆ ˆ ˆه‪ ..‬ولكن تظل اإلشˆ ˆ ˆ ˆˆكالية الكˆ ˆ ˆ ˆˆربى هي وضع مصˆ ˆ ˆ ˆˆدر من لفظ‬
‫الفعˆ ˆ ˆˆل‪ ..‬ولˆ ˆ ˆˆذا يظل املفعˆ ˆ ˆˆول املطلق املؤكد أصˆ ˆ ˆˆعب ترمجة من غˆ ˆ ˆˆريه ويف ٍّ‬
‫كل‬
‫متامˆˆا‪ ،‬كما فعلت‬ ‫صˆˆعوبة ومشˆˆقة‪ .‬فˆˆإذا اضˆˆطر املرتجم إىل إسˆˆقاطه من الرتمجة ً‬
‫ك َك ۡيد ًۖا‪( ‬يوس ˆˆف‪ .) 5 :‬ظلت‬ ‫ماسون ومحيد اهلل يف املثال األول ‪‬فَيَ ِكي ُد ْ‬
‫وا لَ َ‬
‫الرتمجة ناقصˆˆة‪ ،‬وإذا حˆˆاول بˆˆريك أن يرتمجه حرفيˆˆا‪" :‬يكيˆˆدوا لك كيˆ ًˆدا"! فهي‬
‫قد تعˆ ˆ ˆد ركيكة يف ذوق الق ˆ ˆˆارئ الفرنس ˆ ˆˆي‪ ،‬ورمبا يألفها ألنه يعلم أهنا مرتمجة‬
‫لتعبري من لغة أجنبية‪ ،‬وتظل إذن أجنبية عنده‪.‬‬
‫مجعا"ورمبا ساعد التوكيد اللفظي "كلهم"‬ ‫انظر إىل ترمجة‪" :‬مجعناهم ً‬
‫معا" على حتقيق درجة من االقرتاب من املعىن احلقيقي للتعبري‪ ،‬وأما‬ ‫والظرف " ً‬
‫محيد اهلل فقد قال‪" :‬مجعناهم كلهم" بإضافة التوكيد "كلهم"‪ .‬وأما بريك فقد‬
‫حاول التمسك بوضع ما قد يشابه –من وجهة نظره‪ -‬املفعول املطلق فقال‪:‬‬
‫كبريا" فاضطر لوضع "صفة" بعد لفظ "اجلمع"‪ .‬ولكنه مع‬ ‫مجعا ً‬ ‫"مجعناهم ً‬
‫حرصه الشديد على ترمجة املفعول املطلق‪ ،‬قد يضطر إىل وضع صفة بعده‪،‬‬
‫سببها أن اللغة الفرنسية قد تستخدم ما يشبه املفعول املطلق‪ ،‬ولكنه غالبًا يف‬
‫تعبريات إجيابية مثل احلب والنجاح‪ .‬ومع صفة بعده‪ ،‬فيتحول آليًا إىل ما‬

‫‪48‬‬
‫يقابل "املبني للنوع" يف العربية‪ ..‬فالفرنسية تقول‪je l'aime d'un :‬‬
‫عظيما‪ .‬وال تقبل التعبري ‪je l'aime‬‬‫‪ =grand amour‬أحبه حبًّا ً‬
‫‪ =d'un amour‬أحبه ُحبًّا‪ ،‬بدون إضافة صفة‪ .‬نقول بعد كل هذا‪ :‬إن‬
‫متاما‪ ،‬مثلما فعل يف‬
‫بريك أحيانًا يضطر إلسقاط املفعول املطلق من الرتمجة ً‬
‫ترمجة "ينسفها ريب نس ًفا" إذ ترمجها بـ‪ :‬يبعثرها كالغبار‪.‬‬
‫وعندما يرتجم املرتجم باختيار فعل من غري لفظ املصدر‪ ،‬فإن املفعول‬
‫املطلق يضيع‪ ،‬وتتحول الرتمجة إىل مجلة فعلية من فعل وفاعل ومفعول به‪،‬‬
‫عظيما" حيث ترمجت ماسون مبا يعين‪:‬‬ ‫فوزا ً‬ ‫مثلما وجدنا يف ترمجة "فأفوز ً‬
‫عظيما‪ ،‬ومثل ذلك تقريبا فعل محيد اهلل‪.‬‬ ‫فوزا ً‬ ‫أحقق لنفسي ً‬
‫وأما بريك فوجد فرصة ما أشرنا إليه من إمكان وضع املصدر أو ما‬
‫يقاربه بشرط وجود صفة بعده (يف العبارات اإلجيابية) فرتجم "فأفوز فوزاً‬
‫عظيما"‪.‬‬
‫ً‬
‫وال ننسى أن هذا صح يف ترمجة منط املفعول املطلق املبني للنوع‪.‬‬
‫‪ -5‬التعبري باجلملة الفعلية‪:‬‬
‫ال شك أن أية لغة حتاول أن ترد على لغة أخرى حتاورها من خالل‬
‫الرتمجة‪ ،‬ولكن ال ينتظر منها أن ترد بالضرورةˆ بالطريقة نفسها وال مبعادالت‬
‫دقيقة مساوية ملا يف لغة األصل ومطابقة هلا‪.‬‬
‫وقد رأينا فيما سبق من حديث عن املفعول املطلق‪ ،‬أن املرتجم حائر بني‬
‫أساسا‪ ،‬وبني ترمجة حرفية كلمة كلمة‪ ،‬قد تؤدي به إىل‬ ‫إسقاطه من الرتمجة ً‬
‫الركاكة يف الرتكيب والتعبري‪ ،‬وبني الدوران حوله‪ ،‬وقد حيوله إىل مجلة فعلية‬
‫كيدا" "يعدوا لك مكيدة"‪ .‬ورأينا ما‬
‫بدالً من املفعول املطلق‪ ،‬فتصري‪" :‬يكيدوا لك ً‬
‫يف ذلك من حتول أو احنراف عن املعىن األصلي أو عن كثري مما فيه‪ .‬ولكن إسقاطه‬

‫‪49‬‬
‫متاما من الرتمجة‪ ،‬أو ترمجته حرفيا يطرحان مشاكلˆ أخرى بني النقص والغموض‪.‬‬
‫ً‬
‫ولننظر اآلن إىل ترمجات التعبري باجلملة الفعلية‪:‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫التعبري‬
‫‪Si Dieu dvait dispensé‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪َ  - 1‬ولَ ۡو بَ َسطَ‬
‫‪ =largement Ses dons‬أتاح‬ ‫ق ‪‬‬ ‫ٱهَّلل ُ ٱل ِّر ۡز َ‬
‫وسع‪.‬‬
‫العطاء باتساع= َّ‬ ‫(الشورى‪) 27 :‬‬

‫‪Si.. attribuait Ses dons‬‬ ‫محيد اهلل‬


‫‪ =avec largesse‬لو منح عطاءه‬
‫باتساع‪.‬‬
‫‪Si Dieu avait épanché‬‬ ‫بريك‬
‫‪sur Ses adorateurs‬‬
‫‪ =l'attribution‬لو أفاض على‬
‫عباده العطاء‪.‬‬
‫‪Si vous parcourez la‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪َ  -2‬وِإ َذا َ‬
‫ض َر ۡبتُمۡ‬
‫‪ = terre‬إذا سحتم يف األرض‪ ،‬أو‬ ‫ض‪( ‬النساء‪:‬‬ ‫فِي ٱَأۡل ۡر ِ‬
‫جبتم األرض‪.‬‬ ‫‪)101‬‬

‫(الرتمجةنفسها)‬ ‫محيد اهلل‬


‫‪En déplacement sur‬‬ ‫بريك‬
‫‪ = terre‬يف تنقلكم يف األرض‪.‬‬
‫‪Lorsque vous vous‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪ِ -3‬إ َذا َ‬
‫ض َر ۡبتُمۡ‬
‫‪engagez dans le chemin‬‬ ‫سبِي ِل ٱهَّلل ِ ‪‬‬
‫فِي َ‬
‫‪ = de Dieu‬إذا تطوعتم يف سبيل اهلل‪.‬‬ ‫(النساء ‪)94‬‬
‫‪Lorsque vous sortez‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪ = ..pour lutter dans‬إذا‬

‫‪50‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫التعبري‬
‫خرجتم للقتال يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫‪Si vous vous lancez sur‬‬ ‫بريك‬
‫‪ = ..le chemin‬إذا انطلقتم يف‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬
‫‪À l exception de celui‬‬ ‫ق ماسون‬‫‪ِ -4‬إاَّل َمن َسبَ َ‬
‫‪d'entre eux, contre qui la‬‬ ‫َعلَ ۡي ِه ٱ ۡلقَ ۡو ُل ِم ۡنهُمۡ ۖ ‪‬‬
‫‪parole a déjà été‬‬ ‫(املؤمنون‪)27 :‬‬
‫‪ = .prononcée‬إال من نُطق عليه‬
‫القول‪.‬‬
‫(الرتمجة نفسها)‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪Sauf celui d’entre eux‬‬ ‫بريك‬
‫‪qu’ a déjà exclu la‬‬
‫‪.sentance‬‬
‫= إال من استثناه القضاء (احلكم)‪ ‬‬
‫‪La parole prononcée‬‬ ‫ماسون‬ ‫ق َعلَ ۡيهَا‬
‫‪ -5‬فَ َح َّ‬
‫‪contre elle se réalise‬‬ ‫ل ‪( ‬اإلسراء‪)16 :‬‬ ‫ٱ ۡلقَ ۡو ُ‬
‫= حتققت‪ ˆ،‬حقت عليها الكلمة‬
‫املنطوقة‪.‬‬
‫محيد اهلل ‪ = La parole s’avère‬ثبت‬
‫بريك عليها القول احملتوم‪ .‬الذي ال مفر منه‪.‬‬
‫‪Lorsque la parole‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪َ ۞ -6‬وِإ َذا َوقَ َع‬
‫‪tombera sur eux‬‬
‫ٱ ۡلقَ ۡو ُل َعلَ ۡي ِ‬
‫همۡ ‪( ‬النمل‪:‬‬
‫= إذا القول وقع عليهم‪.‬‬ ‫‪)82‬‬

‫‪51‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫التعبري‬
‫(الرتمجة نفسها)‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪Quand tombera sur eux‬‬ ‫بريك‬
‫‪ =la parole‬إذا وقع القول عليهم‪.‬‬
‫الحظنا أن كلمة "الرزق" ختتلف ترمجتها‪ ،‬أو تتنوع بني "العطاء"‬
‫و"املنح" فالعربية غنية مبا يشبه املرادفات ففيها العطاء واملنح‪ ،‬أمَّا "الرزق" فله‬
‫كلمة خاصة إذ ال يتأتى من غري اهلل‪ ،‬أما املنح والعطاء فأعم وأمشل‪ .‬وكذلك‬
‫وسع" والفعل "أفاض" ولكن هذا غري‬ ‫الفعل "بسط" قد يقرتب منه الفعل " َّ‬
‫ذاك‪ ،‬وإذن فالرتكيب "بسط الرزق" مسبوك أو مسكوك مبا خلفه من‬
‫إحياءات وخصوصيات اليؤديها تفكيكه إىل كلمات متجاورة‪.‬‬
‫كثريا من معىن الرتكيب القرآين‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫تؤدي الرتمجات اليت رأيناها ً‬
‫بتمامه وكماله‪ ،‬وقل مثل ذلك يف "ضربتم يف األرض" ترمجت "سحتم‪،‬‬
‫تنقلتم‪ ،‬جبتم"‪ ،‬وليس هلا ما للفعل "ضرب" من وضوح احلركة بدب األقدام‬
‫على األرض‪ .‬وكذلك "ضربتم يف سبيل اهلل" حيث ترجم املعىن مع جتاهل‬
‫الفعل "ضربتم" فوجدنا‪":‬تطوعتم يف سبيل اهلل" وال حتقق هذه الرتمجة دقة‬
‫الفعل "ضرب"وال تنقل احلركة فيه‪.‬‬
‫وقد أحس املرتمجون باختالف يف الرتكيب "ضربتم يف سبيل اهلل" عن‬
‫"ضربتم يف األرض" ملا يوحي به الرتكيب ضربتم من جهاد أو قتال؛ ولذا‬
‫ترمجت ماسون "تطوعتم"‪ ،‬وترجم محيد اهلل "ضربتم للقتال"‪ ،‬وترجم بريك‬
‫"انطلقتم" حماوالً احلفاظ على احلركة القوية والسريعة يف الفعل يف هذا‬
‫السياق‪.‬‬
‫أما التعبري "سبق القول" مع ما فيه من إجياز واضح وداللة خاصة بالفعل‬

‫‪52‬‬
‫سبق‪ ،‬وما له من إحياءات باحلسم والنفوذ‪ ،‬فقد ترجم غالبًا بعبارات واضحة‬
‫مفاد الرتمجات‪-‬كما رأينا‪" -‬نطق‬ ‫الطول تقرتب من عشر كلمات‪ ،‬وكان ُ‬
‫واضحا دقي ًقا بني‬
‫ً‬ ‫القول"‪ ،‬و"استثناء القول"‪ .‬ومع ذلك الحظ املرتمجون فرقًا‬
‫"سبق القول" و "حق القول" فرتاوحت ترمجة "حق القول" بـ "ثبت القول‬
‫احملتوم" عند بريك‪ ،‬و"حتقق القول" عند محيد اهلل وماسون‪ .‬أما "وقع القول"‬
‫أصر املرتمجون الثالثة على التمسك حبرفية الفعل وقع إذ وجدوا له‬‫فقد َّ‬
‫املعادل الدقيق يف اللغة الفرنسية‪ ،‬وإن كان محيد اهلل وماسون قد اتبعا‬
‫الرتكيب الفرنسي للجملة االمسية‪" :‬إذا القول وقع عليهم"‪ ،‬أما بريك فقد‬
‫حاول احلفاظ على اجلملة الفعلية بادئا بالفعل وإن كان منطق الرتكيب‬
‫الفرنسي قد حتم عليه تأخري الفاعل فجاءت عبارته‪" :‬إذا وقع عليهم القول"‪.‬‬
‫ج‪ -‬إشكالية النحو‪:‬‬

‫عود الضمائر وتركيب اجلملة‪:‬‬


‫‪ -‬أوالً‪ :‬الضمائر‪:‬‬
‫الستعمال الضمري يف العربية خصوصيات‪ ،‬والضمري املتصل وعوده على اسم‬
‫سابق يف الرتكيب‪ ،‬يصل إىل درجة من الدقة‪ ،‬حتتاج إىل حس خبفايا اجلملة‬
‫العربية‪ ،‬ومتاسك أعضائها‪ ،‬وقد تلتبس على القارئ العريب املتمرس بعض من‬
‫هذه اخلفايا‪ ،‬مما جيعل النحاة العرب واملفسرين‪ ،‬يتكاتفون ‪-‬يساعد بعضهم‬
‫بعضا‪ -‬يف استكناه ما وراء هذا الرتكيب أو ذاك من وجوه املعاين‪.‬‬
‫ً‬
‫انظر إىل ضمري الغائب املفرد يف الفعل "يعرفونه"‪ ،‬وهو ضمري متصل‬
‫وقع مفعوالً به‪ ،‬وقل‪ :‬ما عوده‪ ،‬عالم يعود؟ ستقول على الفور‪ :‬إنه يعود‬
‫على "الكتاب"‪ .‬وماذا لو قال لك بعض النحاة واملفسرين‪ ،‬بل إنه قد يعود‬
‫على "النيب حممد" صلى اهلل عليه وسلم؟ نعم‪ ،‬وكيف سيتعامل املرتمجون مع‬

‫‪53‬‬
‫مثل هذه اجلملة من هذا الضرب من الرتكيب‪:‬‬
‫رفُونَهُۥ‪(‬األنعام‪)20 :‬‬‫ب يَ ۡع ِ‬‫ين َءاتَ ۡي ٰنَهُ ُم ٱ ۡل ِك ٰتَ َ‬
‫‪ -1‬ٱلَّ ِذ َ‬
‫ر ۡونَهَ ۖا ‪( ‬لقمان‪)10 :‬‬‫ت ِب َغ ۡي ِر َع َم ٖد تَ َ‬ ‫ق ٱل َّس ٰ َم ٰ َو ِ‬‫‪َ  -2‬خلَ َ‬
‫سَأ ۡلتُ ُكم ِّم ۡن َأ ۡج ٖر فَهُ َو لَ ُكمۡ ۖ ‪( ‬سبأ‪)47 :‬‬ ‫‪ -3‬قُ ۡل َما َ‬
‫‪ -4‬ٱل َّش ۡي ٰطَ ُن َس َّو َل لَهُمۡ َوَأمۡ لَ ٰى لَهُمۡ ‪( ‬حممد‪)25 :‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫الضمري‬
‫ترمجت‪" :‬يعرفونه‪ :‬أي النيب"‪ .‬وهي‬ ‫ماسون‬ ‫‪" 1‬يعرفونه"‬
‫ترمجة صحيحة‪.‬‬
‫حممدا" مثل‬ ‫محيد اهلل‬
‫ترجم‪" :‬يعرفون رسول اهلل ً‬
‫ترمجة ماسون وهي صحيحة كذلك‪.‬‬ ‫بريك‬
‫ترجم‪" :‬يعرفونه‪ :‬أي الكتاب"‪ .‬وهي‬
‫ماسون‬ ‫‪" 2‬تروهنا"‬
‫صحيحة كذلك‪.‬‬
‫ترمجت‪" :‬بغري عمد مرئية" وهي ترمجة‬ ‫محيد اهلل‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫تˆ ˆˆرجم‪" :‬بغري عمد تسˆ ˆˆتطيعون رؤيتها"‬
‫أي العمد‪ ،‬أي بغري عمد مرئية‪.‬‬ ‫بريك‬
‫ترجم‪" :‬تروهنا‪ ،‬أي السماء"‪ ،‬وهي‬ ‫‪" 3‬فهو لكم"‬
‫ماسون‬
‫ترمجة صحيحة كذلك‪.‬‬
‫ترمجت‪" :‬مل أسألكم عليه من أجر‪ ،‬إنه‬
‫لكم!" فاعتربت "ما سألتكم" نفيا‪ ،‬مث‬
‫قطعت‪ ،‬وإذن فـ‪" :‬هو لكم" مجلة‬
‫استئنافية مثبتة‪ .‬ووضعتˆ حاشية طويلة‬ ‫محيد اهلل‬

‫‪54‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬ ‫الضمري‬
‫سنشري اليه‪.‬‬ ‫بريك‬
‫ترجم‪" :‬الذي سألتكم‪ ....‬إنه لكم"‬ ‫‪" 4‬وأملى هلم"‪.‬‬
‫فاعترب ما موصولة و "هو لكم" خربا‪.‬‬ ‫ماسون‬
‫ترجم‪" :‬مل أسألكم‪ ....‬إنه لكم" فاعد‬
‫"ما" نافية مثلما فعلت ماسون‪.‬‬
‫الضمري املسترت يف الفعل أملى وهو‬ ‫محيد اهلل‬
‫فاعل‪ ،‬ترمجته عائدا على "الشيطان"‪،‬‬
‫أي "الشيطان سول هلم وأملى هلم‬ ‫بريك‬
‫كذلك"‪ .‬وهي ترمجة صحيحة‪.‬‬
‫ترجم مثل ترمجة ماسون‪ ،‬وهي ترمجة‬
‫صحيحة كذلك‪.‬‬
‫ترجم‪" :‬الشيطان سول هلم‪ ،‬واهلل أملى‬
‫هلم" وترمجته صحيحة كذلك‪.‬‬
‫الحظنا أن ماسون مل تضع حواشي إالَّ لرتمجة "ما سألتكم عليه من أجر فهو‬
‫لكم" تقول فيها‪" :‬مازال تفسري هذا السطر موضع شك‪ ،‬هل تعين "هو" األجر؟‬
‫وإذن سيكون املعىن‪ :‬خذوه إنه لكم‪ ،‬أو جيب أن نتصور املعىن منصرفًا إىل رسالة‬
‫حممد‪ ،‬وأهنا يف صاحل البشر؟"‪.‬‬
‫أما اختياراهتا لعود الضمري الظاهر أو املسترت فهي صحيحة تقبلها التفاسري‬
‫بناء على الصالح الرتكي ـيب للجملة وإمكان فهم الضمري فيها‪.‬‬
‫والحظنا أن محيد اهلل يتفق معها غالبًا‪ ،‬ولذا مل نعلق عليه هنا‪.‬‬
‫أما جاك بريك فقد ذهب مذهبًا آخر‪ ،‬فالضمري يف الفعل (يعرفونه) يعود إىل‬

‫‪55‬‬
‫"الكتاب" أقرب مذكور‪ ،‬وهو راجع إىل تفسري الزخمشري‪ ˆ،‬واحلقيقة أن معيار‬
‫الفرق بني العود على "النيب" والعود على "الكتاب" يف اللغة الفرنسية‪ ،‬دقيق‬
‫وسهل‪ ،‬فلفظ "النيب" يف الفرنسية مذكر‪ ،‬و "يعرفونه" ترتجم ‪le connaisse‬‬
‫ولفظ الكتاب ‪ l'ecriture‬مؤنث ويعرفونه ترتجم ‪ .la connaisse‬والفرق‬
‫أن الضمري يف العربية مذكر؛ ألن لفظي النيب والكتاب مذكران‪ .‬وأما ترمجته‬
‫"الشيطان سول هلم‪ ،‬واهلل أملى هلم" فهي ترمجة تستند إىل تفسري الزخمشري‪ˆ.‬‬
‫وأخريا فإن املأخذ الوحيد الذي قد نأخذه على املرتمجني الثالثة‪ ،‬هو عدم‬
‫ً‬
‫إشارة أي منهم للمعىن اآلخر بناء على التفسري اآلخر الذي يعكس االحتمال‬
‫اآلخر لفهم الضمري وعوده‪ ،‬فهم يعرفونه يف إمكان واحد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تركيب اجلملة‪ ،‬النحو واإلعراب‪:‬‬
‫إذا كان بعض املستعربني يف الغرب‪ ،‬قد فرحوا بوقوعهم على رأي قطرب‬
‫‪-‬تلميذ سيبويه‪ -‬املتوفى سنة ‪206‬هـ‪ ، ،‬الذي قال وحده باصطناع اإلعراب‬
‫وعدم أصالته يف العربية‪ ،‬فاتبعوه‪ ،‬وقالوا بإمكان نطق العربية دون اإلعراب‪ ،‬فإن‬
‫هذا ال يصدق على عربية القرآن الكرمي قط‪ ،‬بل وال على غريها‪ ،‬وإذا كان‬
‫إبراهيم أنيس هو الوحيد من بني اللغويني العرب املعاصرين‪ ،‬الذي تابع قطربًا‬
‫تصدوا‬
‫كبريا من علماء العربية املعاصرين قد َّ‬ ‫عددا ً‬‫واملستعربني على ذلك‪ ،‬فإن ً‬
‫هلذا الزعم‪ ،‬وأسقطوه باحلجج والرباهني اللغوية العلمية والتارخيية السليمة‪،‬‬
‫فاإلعراب الكامل بكل حاالته وتفاصيله ضروريˆ لفهم العربية الفصحى والعربية‬
‫وجرا يف‬
‫رفعا ونصبًا ًّ‬‫القدمية‪ .‬وهو ظاهرة سامية قدمية‪ ،‬بقيت آثار حاالته الثالث ً‬
‫األَكِدية‪ ،‬يف نص قانون محورايب‪ ،‬وبقيت منه حالة النصب يف عربية العهد القدمي‪،‬‬ ‫َ‬
‫ويف اآلرامية كذلك‪ˆ..‬‬
‫وإذا كان اإلعراب واتباع قواعد النحو ضروريا وحامسًا يف القرآن الكرمي‪ ،‬فإنه‬

‫‪56‬‬
‫من الدقة الدقيقة واألمهية القصوى مبكان لفهم بعض الرتاكيب القرآنية أكثر من‬
‫غريها‪ ،‬فال ميكن فهم بعض الرتاكيب مثل‪:‬‬
‫ُن‪( ‬البقرة‪)124 :‬‬ ‫ت فََأتَ َّمه ۖ َّ‬ ‫‪َ ۞‬وِإ ِذ ٱ ۡبتَلَ ٰ ٓى ِإ ۡب ٰ َر ِ‍ۧه َم َربُّهۥُ ِب َكلِ ٰ َم ٖ‬
‫ل ‪( ...‬البقرة‪)127 :‬‬‫ت َوِإ ۡس ٰ َم ِعي ُ‬ ‫اع َد ِم َن ٱ ۡلبَ ۡي ِ‬ ‫‪َ ‬وِإ ۡذ يَ ۡرفَ ُع ِإ ۡب ٰ َر ِ‍ۧه ُم ٱ ۡلقَ َو ِ‬
‫ۗ‬
‫عبَا ِد ِه ٱ ۡل ُعلَ ٰ َٓمُؤ ْا‪( ‬فاطر‪)28 :‬‬ ‫‪ِ‬إنَّ َما يَ ۡخ َشى ٱهَّلل َ ِم ۡن ِ‬
‫ن ِب ٰهَ َذ ۚٓا ‪( ‬يونس‪)68 ˆ:‬‬
‫ٰ‬
‫‪ِ‬إ ۡن ِعن َد ُكم ِّمن س ُۡلطَ ۢ ِ‬
‫ى اَل يَتَّبِعُو ُكمۡۚ ‪( ‬األعراف‪)193 :‬‬ ‫‪َ ‬وِإن تَ ۡد ُعوهُمۡ ِإلَى ٱ ۡلهُ َد ٰ‬
‫ين‪( ‬آل عمران‪)166 :‬‬ ‫‪َ ‬ولِيَ ۡعلَ َم ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمنِ َ‬
‫وا ‪( ‬آل عمران‪)167 :‬‬ ‫ين نَافَقُ ۚ ْ‬ ‫‪َ ‬ولِيَ ۡعلَ َم ٱلَّ ِذ َ‬
‫زَيتَهُۥۖ‪( ‬آل عمران‪)192:‬‬ ‫ار فَقَ ۡد َأ ۡخ ۡ‬ ‫‪َ ‬ربَّنَٓا ِإنَّ َك َمن ت ُۡد ِخ ِل ٱلنَّ َ‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫‪Lorsque son seigneur‬‬ ‫ماسون‬ ‫‪َ ۞ -1‬وِإ ِذ‬
‫‪ =.éprouva Abraham‬وإذ ابتلى‬ ‫ٱ ۡبتَلَ ٰ ٓى ِإ ۡب ٰ َر ِ‍ۧه َم َربُّهۥُ‬
‫براهيم‪.‬‬
‫ربُّهُ إ َ‬ ‫ت فََأتَ َّمه ۖ َُّن‪‬‬‫بِ َكلِ ٰ َم ٖ‬
‫(‪lorsque )et rappelle-toi‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫‪ton seigneur eut éprouvé‬‬
‫‪( =Abraham‬واذكر) إذ ربك ابتلى‬
‫إبراهيم‪.‬‬ ‫بريك‬
‫‪Lors Abraham, son‬‬
‫‪ =seigneur l'éprouva‬وإذ‬
‫إبراهيم ربه ابتاله‬ ‫ماسون‬ ‫‪َ  -2‬وِإ ۡذ يَ ۡرفَ ُع‬
‫‪Abraham et Ismael‬‬ ‫ِإ ۡب ٰ َر ِ‍ۧه ُم ٱ ۡلقَ َوا ِع َد ‪‬‬
‫‪ =...élevaient‬إبراهيم وإمساعيل‬
‫محيد اهلل‬
‫يرفعان‪ˆ...‬‬

‫‪57‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫مثل (ترمجة ماسون)‪ .‬مع ذكر‪:‬‬
‫‪ =quand‬عندما‬ ‫بريك‬
‫‪Et tandis qu'Abraham‬‬
‫‪élevait les assises avec‬‬
‫‪ِ -3‬إنَّ َما يَ ۡخ َشى‬
‫‪ =l'aide d'Ismael‬إبراهيم يرفع‪...‬‬ ‫ماسون‬ ‫ٱهَّلل َ ِم ۡن ِعبَا ِد ِه‬
‫مبساعدة إمساعيل‪.‬‬ ‫ۗ‬
‫ٱ ۡل ُعلَ ٰ َٓمُؤ ْا‪‬‬
‫‪Parmi les serviteurs de‬‬
‫‪Dieu les savants sont seul‬‬
‫‪ =à le redouter‬من بني عباد اهلل‪،‬‬ ‫محيد اهلل‬
‫العلماء وحدهم خيشونه‪.‬‬
‫بريك‬
‫"من بني عباده وحدهم العلماء خيشون‬
‫اهلل"‬
‫‪Mais seul craignent Dieu,‬‬
‫‪parmi ses adorateurs ceux‬‬ ‫‪ِ -4‬إ ۡن ِعن َد ُكم‬
‫ماسون‬
‫‪ =qui connaissent‬إمنا خيشى اهلل‬
‫ِّمن س ُۡل ٰطَ ۢ ِن بِ ٰهَ َذ ۚٓا‬
‫من (بني) عباده أولئك الذين يعلمون‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫محيد اهلل‬
‫‪Avez vous quelques‬‬
‫‪autorités pour parler ainsi‬‬
‫= هل لديكم سلطان لتقولوا ذلك‪.‬‬
‫بريك‬
‫‪Vous n'avez pour cela‬‬
‫‪ =aucune preuve‬ليس لديكم‬
‫‪َ  -5‬وِإن تَ ۡد ُعوهُمۡ‬
‫على ذلك أي برهان‪.‬‬
‫ۚ‬
‫‪Vous n'avez pas la‬‬ ‫‪ ....‬اَل يَتَّبِعُو ُكمۡ ‪ ‬ماسون‬

‫‪58‬‬
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
moindre justification pour ‫محيد اهلل‬
‫= ليس لديكم أي تسويغ‬.dire cela ‫بريك‬
‫(برهان) على قولكم هذا‬
‫ َولِيَ ۡعلَ َم‬ -6
.‫= ترمجة عادية صحيحة‬ ‫ماسون‬
* ‫ين‬ َ ِ‫ٱ ۡل ُم ۡؤ ِمن‬
.‫= ترمجة عادية صحيحة‬
َ ‫َولِيَ ۡعلَ َم ٱلَّ ِذ‬
‫ين‬
Si tu les conviais….ne
 ‫وا‬ ْ ۚ ُ‫نَافَق‬
pourraient vous suivre
.‫ˆ ال يتبعوكم‬...‫= وإن تدعوهم‬ ‫محيد اهلل‬
Afin qu ils reconnaissent
les croyants et afin qu'ils
reconnaissent les ‫بريك‬
.‫= وليعلموا املؤمنني‬hypocrites
.‫وليعلموا الذين نافقوا‬
Afin qu'il distingue les ‫ماسون‬
croyants et qu'il distingue ‫ َمن تُ ۡد ِخ ِل‬ -7
.les hypocrites ‫ٱلنَّا َر فَقَ ۡد َأ ۡخ َز ۡيتَهُۖۥ‬
‫= وليعلم املؤمنني وليعلم الذين نافقوا‬ ‫محيد اهلل‬ 
Que le sachent les croyants et
=que les hypocrites sachent
‫بريك‬
.‫وليعلم املؤمنون وليعلمه الذين نافقوا‬
Tu couvres d'approbres celui
=que tu introduis dans le feu
.‫إنك ختزي من تدخله النار‬
Quiconque que tu fais entrer

59
‫الرتمجة‬ ‫املرتجم‬
‫‪dans le feu, tu le couvres‬‬
‫‪ = vraiment d'ignominie‬من‬
‫دخل النار فقد أخزيته‬
‫‪C'est Toi qui fais entrer (le‬‬
‫‪coupable) dans le feu tu‬‬
‫‪ =l'avais déjà mis à mal‬إنك‬
‫أنت الذي (من) تُ ِ‬
‫دخل اجملرم النار وإذن‬
‫فقد أخزيته‪.‬‬
‫إن حركة اإلعراب تضمن وظيفة الكلمة يف اجلملة‪ ،‬ولذا تتمتع اجلملة‬
‫العربية بدرجة من حرية التقدمي والتأخري وله يف النحو والبالغة دوره املؤثر يف‬
‫املعىن‪ ،‬ولكن تقدمي املفعول به كما يف مجلة‪" :‬وإذ ابتلى ابراهيم ربُّه" سوف حيدث‬
‫مشكلة يف الرتمجة بال أدىن شك‪ ،‬وانظر إىل سلوك املرتمجني‪ ،‬وترتيب كلمات‬
‫اجلملة عندهم‪ ،‬ماسون ترتجم "وإذ ربُّه ابتلى إبراهيم"‪ ،‬الشك أنه ال خلل يف‬
‫احتفاظ كل من الفاعل واملفعول به بوظيفتهما‪ ،‬ولكنها مل تستطع قط احلفاظ‬
‫على ترتيب قريب من النسق العريب‪ ،‬وكذلك وضعت "ربُّه" بالضمري املتصل هبا‬
‫بعد الظرف مباشرة ودون مرجع هلذا الضمري سابق‪ ،‬وهذا النسق مألوف يف‬
‫الفرنسية‪ .‬وأما محيد اهلل‪ ،‬فال ندري ملاذا حتول عن ضمري الغائب "ربُّه" إىل ضمري‬
‫املخاطب "ربُّك"؟ أما نسق مجلته فهو يشبه نسق مجلة ماسون"إذ ربك ابتلى‬
‫إبراهيم"‪ ،‬وأما بريك فقد حافظ على ضمري الغائب ولكن ترتيبه "وإذ إبراهيم ربُّه‬
‫ابتاله"‪ .‬وكل ذلك يدل على استحالة نقل الرتكيب العريب بدالالت إعرابه ونسق‬
‫كلماته‪ .‬واملرتجم معذور وال شك فهذه حدود لغته وطاقاهتا‪.‬‬
‫مساعيل" بعد متام اجلملة‬
‫ُ‬ ‫براهيم القواعد من البيت وإ‬
‫مث إن الرتكيب "يرفع إ ُ‬

‫‪60‬‬
‫من فعل وفاعل ومفعول به مكون من مضاف ومضاف إليه‪ ،‬ويعطف فاعالً‬
‫جديداً‪ .‬وذلك غري وارد باللغة الفرنسية بأي حال من األحوال‪ ،‬ولذا تراوحت‬
‫الرتمجات بني عطف الفاعل على الفاعل يف صدر اجلملة (وقد صارا مبتدأين‬
‫كعادة الفرنسية) إبراهيم وإمساعيل يرفعان القواعد‪ ،‬مع إمهال "إذ"‪ .‬كما يف ترمجة‬
‫ماسون‪ ،‬أو مثل ذلك مع ذكر "إذ" كما فعل محيد اهلل‪ .‬وبني حماولة للحفاظ على‬
‫النسق العريب يف الرتمجة الفرنسية وهذا ما فعله جاك بريك إذ ترجم‪" :‬وإذ إبراهيم‬
‫يرفع القواعد من البيت مبساعدة إمساعيل" ولكنه ليس حفاظًا كامالً‪ ،‬إذ التسمح‬
‫به اللغة الفرنسية فكان ال بد فيها من تقدمي الفاعل على الفعل‪ ،‬ولكن أكمل‬
‫اجلملة‪ ،‬مث عطف الفاعل اآلخر‪ ،‬ولكن قال "مبساعدة إمساعيل"‪.‬‬
‫عباد ِه العلماءُ" أتعب املرتمجني فكان نسقه يف‬
‫والرتكيب "إمنا خيشى اهلل من ِ‬
‫ترمجة ماسون "من بني عباده العلماء وحدهم خيشونه" ويف ترمجة محيد اهلل‪ ،‬كان‬
‫قريبًا من ذلك "من بني عباده‪ ،‬وحدهم العلماء خيشون اهلل"‪ ،‬وقريباً منه بريك‬
‫"… أولئك الذين يعلمون" (العلماء)‪ ،‬فكان بريك األقرب إىل النسق العريب ويأيت‬
‫أخريا دونيس ماسون‪.‬‬
‫بعده محيد اهلل‪ ،‬مث ً‬
‫وال ننسى بعد هذا كله ذوق القارئ الفرنسي ومستواه يف حتصيل هذا التغاير‬
‫واالختالف يف أنساق الرتاكيب يف لغته الفرنسية‪.‬‬
‫والرتكيب "إن عندكم من سلطان هبذا" حولته الرتمجة األوىل إىل أسلوب‬
‫إنشائي عن طريق صياغته باالستفهام "هل عندكم براهني (سلطان) على هذا‬
‫القول؟" وحاولت ترمجة محيد اهلل احلفاظ عليه فقالت "ليس عندكم على ذلك أي‬
‫جهدا أكرب إذ قال" ليس عندكم أدىن تسويغ (برهان)‬‫برهان"‪ ،‬وبذل بريك ً‬
‫لقولكم هذا "وقد الحظ هذان األخريان أن النفي بـ "إ ْن" و "من" قوي وحاسم‪،‬‬
‫فأضاف األول إىل عبارته "أي" واآلخر" أدنى" فخرج النفي أقوى من النفي‬

‫‪61‬‬
‫العادي بـ"ليس" أو بـ"ما"‪.‬‬
‫والرتكيب "‪ ..‬وليعلم املؤمنني" والفاعل مسترت تقديره "هو" يعود إىل لفظ اجلاللة‬
‫حسب سياق اآلية و "املؤمنني" مفعول به‪.‬‬
‫وكان عدم الدقة يف إدراك حالة النصب يف املفعول به‪ ،‬واستتار الفاعل‬
‫عد كل‬ ‫ومالحظة مرجعه‪ ،‬سببًا يف خلط كبري لدى ترمجة ماسون وجاك بريك‪ ،‬إذ َّ‬
‫منهما لفظ املؤمنني فاعال جملرد وقوعه يف النسق بعد الفعل (كما تقضي اللغة‬
‫الفرنسية) فرتمجت ماسون "وليعلم املؤمنون" و "ليعلم املنافقون"‪ ،‬وكان بريك‬
‫عد ضمري‬ ‫قريبا جدًّا من ذلك فقال‪" :‬وليعلمه املؤمنون" و "ليعلمه املنافقون"‪ ،‬و َّ‬
‫النصب املتصل بالفعل "يعلم" ضمري شأن يعود إىل حمتوى اجلملة السابقة‪ .‬وكان‬
‫فاحشا‪ ،‬مل يقع فيه محيد اهلل؛ إذ راعى النحو‬
‫هذا السلوك يف الرتمجتني خطأ ً‬
‫مراعاة تامة‪.‬‬
‫النار فقد أخزيتَهُ"‪ ،‬فقد‬
‫تدخل َ‬ ‫وأما الرتكيب األخري وهو مجلة شرطية "‪ ..‬من ِ‬
‫حولته دونيس ماسون يف ترمجتها إىل مجلة إثبات عادية إخبارية "إنك تغطي‬ ‫َّ‬
‫باخلزي من تدخله النار"‪ ،‬وحاول بريك احلفاظ على صيغة الشرط "إنك أنت‬
‫الذي تدخل (اجملرم) النار‪ :‬وإذن فقد أخزيته"‪ ،‬واملشكلة هي فهم " َمن" على أهنا‬
‫اسم موصول‪ ،‬مع أهنا يف الرتكيب القرآين شرطية‪ ،‬وكانت أمام بريك قرينة حنوية‬
‫عد " َم ْن" شرطية أال وهي جواب الشرط "فقد أخزيته"‪ ˆ...‬ولكنه مل‬ ‫تقوده إىل ِّ‬
‫يتنبه لذلك‪ .‬وأما محيد اهلل فهو وحده الذي ترجم مجلة الشرط كما هي‪ .‬بل‬
‫كثريا ما يهمله املرتمجون فيما يهملون‬‫الحظ وجود "قد" حرف التحقيق الذي ً‬
‫من أدوات التوكيد كما الحظنا عند أغلبهم‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪:‬استنتاج أو كلمة أخيرة‬
‫‪ -‬وكما بدأنا نعود‪ ˆ...‬مل تكن حىت اآلن ترمجة كاملة تامة خالية من‬
‫العيوب اللغوية وغري اللغوية‪ ،‬بل لن تكون قط‪ ،‬سواء أقام هبا مسلمون‬
‫أم غري مسلمني‪:‬‬
‫فلكل بناؤها‬
‫‪ -‬ألن اللغات اإلنسانية ال تتطابق وال تتكافأ مائة باملائة‪ٍ ،‬‬
‫وروحها ووسائلها اخلاصة‪ .‬ولذا فالرتمجة دوران حول النص‪ ،‬وإذا كانت‬
‫الرتمجة األدبية من الصعوبة مبكان كما قال أكثر من تقدم ذكرهم يف هذا‬
‫البحث منذ اجلاحظ إىل اليوم‪ ،‬وإذا كانت ترمجة الشعر مستحيلة‪ ،‬فكيف‬
‫أكدها‬‫برتمجة معاين القرآن؟ ولنقل ترمجة معاين القرآن األصلية اليت َّ‬
‫"الشاطيب" ومن بعده املراغي وهل ستحافظ ترمجة "املعاين" األصلية على‬
‫النسق اللغوي وما حيمل من تأثري يف هذه املعاين؟‬
‫‪ -‬وهل نأخذ على املرتجم املخل إالَّ ما قصر عن حتصيله من بعض أصول‬
‫النص‪ ،‬مث من عدم إدراك ما حتمله لغته املرتجم إليها من إمكانات؟ فماذا‬
‫نصنع إذا كانت اللغة املتلقية نفسها قاصرة‪ ،‬بل غري مطابقة‪ ،‬كما رأينا‬
‫يف استعراض ترمجات ثالث؟ وماذا عن مستوى القارئ املعريف بلغته هو‬
‫اليت يقرأ هبا الرتمجة؟ وهو كالقارئ العريب متفاوت يف درجات املعرفة‬
‫واحلس اللغوي والبالغي واألديب؟ يبقى على دارس الرتمجات أن جيري‬
‫نوعا من االستفتاء واالستقصاء على أرض الواقع اللغوي الفرنسي مثال؛‬ ‫ً‬
‫ليحدد أنواع القراء وطبقاهتم وأسباب توجههم إىل قراءة القرآن يف‬
‫الرتمجة الفرنسية‪ ،‬وهل هي قراءة إميان وعبادة؟ أو قراءة دراسة وحبث؟‬
‫وبأي عني يدخل إىل النص؟ وقد حاولنا اإلشارة لشيء من ذلك خالل‬
‫هذا البحث!‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬إن ما كتب عن إشكالية ترمجة معاين القرآن الكرمي منذ عهد اجلاحظ إىل‬
‫عهد املراغي وقبله الشاطيب وبعده الزيات وغريه مل يرتجم حىت اآلن للغة‬
‫جدا من البحوث يف‬ ‫الفرنسية‪ ،‬اللهم إال شذرات نادرة خلدمة قليل ً‬
‫فرنسا‪ ،‬وحنن هنيب بالعرب املزدوجي اللغة أن يدخلوا هذا امليدان‪،‬‬
‫وسنحاول ترمجة ما نستطيع من ذلك إىل اللغة الفرنسية هنديه إىل‬
‫املرتمجني؛ ليكون نوعاً من الدليل املرشد املساعد لكل من حيب الدخول‬
‫إىل عامل ترمجة معاين القرآن بشيء من التنبه واحلرص‪ ،‬وإدراك خطورة‬
‫األمر‪ ،‬فاملكتبة الفرنسية شبه خالية من هذا النوع من الكتابات‪.‬‬
‫‪ -‬وإذن فنحن ندعو إىل لقاءات وحوارات بيننا وبني املرتمجني‪ ،‬بني‬
‫الباحثني العرب واملسلمني واملهتمني بشؤون ترمجة معاين القرآن الكرمي‬
‫ودراستها ونقدها‪ ،‬وبني املرتمجني املمارسني‪ ،‬ونؤكد أهنم ال يأنفون من‬
‫هذه اللقاءات وتلك احلوارات إال قليال منهم فأعرض عنهم‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يبلغ بنا الطموح‪ -‬احملبب‪ -‬درجة عالية فنحلم بإنشاء أقسام يف‬
‫كليات اآلداب وكليات الرتمجة يف بالدنا العربية اإلسالمية‪ ،‬تتخصص‬
‫بهذا الضرب وحده من الرتمجة‪ ،‬وترسل من أبنائها يف بعثات لدراسة‬
‫اللغات وآداهبا وتارخيها‪ ،‬ولدراسة علم الرتمجة ومناهجه ومدارسه‪،‬‬
‫والرجوع إىل جامعاهتم‪ ،‬ومجع أكرب عدد من ترمجات معاين القرآن‪،‬‬
‫لوضعها موضع البحث العلمي النقدي التحليلي‪ ،‬ودراسة إشكاالهتا‬
‫واملسامهة يف حبوث أكادميية يف هذا احلقل ونشرها بلغات العامل املختلفة‪،‬‬
‫واإلعالن عن ذلك يف أقسام الدراسات العربية واإلسالمية ومراكز‬
‫البحث العلمي اللغوي واألديب يف جامعات الغرب‪ ،‬وفتح جسور حوار‬
‫علمي حبثي حول هذه األمور‪ ،‬قد يكون ذلك أكثر فائدة من الوقوف‬

‫‪64‬‬
‫عند حد احلصر والرصد لألخطاء دون دراسة ودون توجيه‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا اقرتاح نابع من جتربتنا الذاتية‪ ،‬فلدينا سجالت بأخطاء عديدة عن‬
‫ترمجات فرنسية حاول بعض املرتمجني تداركها‪ ،‬ومل نتمكن من االتصال‬
‫بالبعض اآلخر‪ ،‬وكثري من األخطاء استخرجناه من ترمجات كانت قد‬
‫متت مراجعتها وتصحيحها من علماء وجهات إسالمية‪ ،‬وإن ما قمنا‬
‫بقراءته وتصحيحه مازال قابال لقراءة وتصحيح‪.‬‬
‫‪ -‬وقد حيتاج األمر إىل دراسات وحبوث يف تصحيح الرتمجات ذاهتا‪ ..‬فقد‬
‫علما قائما بذاته يوازي علم الرتمجة‪،‬‬
‫يصبح التصحيح ‪-‬يف رأينا‪ً -‬‬
‫ويوازي عملية الرتمجة ذاهتا‪.‬‬
‫وعلى اهلل قصد السبيل‬

‫‪65‬‬
‫المراجع‬
‫اإلعجاز يف نظم القرآن ‪ :‬حممد سعيد شيخون‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫األدلة العلمية على جواز ترمجة القرآن ‪ :‬حممد فريد وجدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حبث يف ترمجة القرآن وأحكامها‪ :‬حممد مصطفى املراغي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫البستان ‪ :‬للبستاين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تاريخ الرسل وامللوك ‪ :‬الطربي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تاج العروس‪ :‬للزبيدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ترمجة معاين القرآن إىل اللغة الفرنسية – جاك بريك‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫تصحيح حممود عزب‪.‬‬


‫ترمجة معاين القرآن إىل اللغة الفرنسية –الشيخ محيد اهلل‪ ،‬روجعت يف‬ ‫‪‬‬

‫اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫ترمجة معاين القرآن إىل اللغة الفرنسية ‪-‬دونيس ماسون‪ ،‬مراجعة‬ ‫‪‬‬

‫وتصحيح صبحي الصاحل‪.‬‬


‫احليوان ‪ :‬للجاحظ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حديث الشعر والنثر ‪ :‬طه حسني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫داللة األلفاظ ‪ :‬إبراهيم أنيس‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الصحاح ‪ :‬اجلوهري‪ˆ.‬‬ ‫‪‬‬

‫علم الرتمجة ‪ :‬مدخل لغوي‪ ،‬فوزي عطية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فن ترمجة األدب ‪ :‬حممد عبدالغين حسن‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فن الرتمجة األدبية ‪ :‬حممد عبداللطيف هريدي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫القاموس احمليط ‪ :‬الفريوزآبادي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ ‬لسان العرب ‪ :‬ابن منظور‪.‬‬
‫‪ ‬مالحظات حول ترمجة القرآن ‪ :‬منشور يف جملة ترمجان‪.‬جملد‪ ،8‬عدد‪،2‬‬
‫اكتوبر ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ ‬معجم منت اللغة ‪ :‬أمحد رضا‪.‬‬
‫‪ ‬املعجم الوسيط ‪ :‬جممع اللغة العربية‪.‬‬
‫‪- LEXICON UNIVERSAL ENCYCLOPADEDIA‬‬
‫‪- ENCYCLOPADEDIA LAROUSSE‬‬

‫‪67‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫‪1.............................:‬‬ ‫مدخل إىل عامل ترمجة معاين القرآن الكرمي‬


‫أوال‪ -‬ماذا تعين كلمة ترمجة؟ ‪1...............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬القرآن الكرمي وترمجة معانيه ‪8..........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬خصوصية لغة القرآن‪11............................................... .‬‬

‫رابعا‪ :‬لغة الرتمجة متوقفة على لغة اجلمهور املتلقي‪13....................‬‬ ‫ً‬


‫خامسا‪ :‬ماذا يراعى يف لغة الرتمجة؟‪22......................................‬‬

‫أ‪ -‬إشكالية مفردات خاصة‪22........................................... .‬‬

‫ب‪ -‬إشكالية تعابري جاهزة أو مسبوكة‪37..............................‬‬

‫ج‪ -‬إشكالية النحو‪53...................................................... :‬‬

‫استنتاج أو كلمة أخرية‪64................................................... :‬‬

‫املراجع ‪67.........................................................................‬‬

‫فهرس املوضوعات ‪69...........................................................‬‬

‫‪68‬‬

You might also like