You are on page 1of 14

‫المملكة العربية السعودية‬

‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬

‫معهد العلوم اإلسالمية والعربية في إندونيسيا‬

‫قسم الشريعة‬

‫الكالم‬

‫إعداد الطالب‬
‫نوفل نزل نارايا‬
‫طالب المستوى الرابع من قسم الشريعة‬

‫إشراف الدكتور‬
‫بدرعبد السميع الخوانكي‬
‫عضو هيئة التدريس‬

‫العام الجامعي‪:‬‬
‫‪ ١٤٤٤‬هـ‬
‫التمهيد‬
‫احلمد هلل الذي أرسل رسوله ابهلدى ودين احلق‪ ،‬ليظهر على الدين كله‪ ،‬وكفى ابهلل شهيدا‪ .‬وأشهد أن‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له؛ إقرارا وتوحيدا‪ .‬وأشهد َّ‬
‫أن حممدا عبده ورسوله‪ .‬صلى هللا عليه وآله‬
‫وسلم تسليما مزيدا‪.‬‬

‫فهذه الرسالة هي تكليف كلفنا أستاذان د‪ .‬بدر عبد السميع اخلوانكي يف مادة أصول الفقه يف قسم‬
‫الشريعة مبعهد العلوم اإلسالمية والعربية جباكرات‪ ،‬إندونيسيا ‪ -‬التابع جلامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية ابلرايض – عام ‪ 1444‬هـ املوافق ‪ 2023‬م‪.‬‬

‫وموضوع هذا البحث «الكالم»‪ ،‬ومن أجل إجناز البحث‪ ،‬مجع ُ‬


‫ت بعض املراجع واملصادر‪ ،‬منها ما‬
‫يكون كتبا مطولة‪ ،‬ومنها ما يكون متوان خمتصرة‪.‬‬

‫طلعت إليها‪ :‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬وشرح تنقيح الفصول‬


‫رجعت إليها وا ُ‬
‫ُ‬ ‫ومن املصادر اليت‬
‫للقرايف‪ ،‬والفصول يف األصول للجصاص‪ ،‬وكشف األسرار للبزدوي‪ ،‬وروضة الناظر البن قدامة‪ ،‬وأصول‬
‫السرخسي‪ ،‬ومذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للعالمة حممد األمني بن حممد املختار اجلكين‬
‫طلعت إىل املعجم الوسيط‪ ،‬ومقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬وشرح ابن عقيل‪.‬‬
‫الشنقيطي‪ .‬وأما يف اللغة‪ ،‬فا ُ‬
‫وهذه الرسالة تبحث يف الكالم يف موضوعني‪:‬‬

‫األول‪ :‬تعريف الكالم‬

‫الثاين‪ :‬أقسام الكالم‬

‫فتعريف الكالم أنيت بتعريف من املعاجم وكذلك اصطالح األصوليني‪ .‬وكذلك لكل قسم من أقسام‬
‫الكالم له تعريف‪ ،‬فجمعنا تعريفات من املعاجم وكتب األصول‪ ،‬مث أقوال أهل العلم فيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وذلك تصور هذه الرسالة القصرية اليت ُكتبت من أجل إحضار املعلومات املهمة يف الكالم يف درس‬
‫أصول الفقه‪ ،‬فلعل هذه الرسالة املختصرة تنفع القارئ وتفيد‪.‬‬

‫وصلى هللا على نبينا حممد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أمجعني‪.‬‬

‫نوفل نزل انرااي‬

‫‪2‬‬
‫املبحث األول‬

‫املراد ابلكالم‬

‫مصطلح الكالم شيء ليس غريبا عند الناس‪ ،‬لكن يف كل كما قد عُ ِر َ‬


‫ف أن معرفة التعريف يف البداية‬
‫مفتاح لفهم املوضوع والعنوان‪ ،‬فهنا سنتعرف إىل تعريف الكالم لغة كما ورد يف املعاجم‪ ،‬وتعريفها‬
‫اصطالحا كما عرفه أهل العلوم والفنون‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الكالم يف اللغة‬

‫َح ُد ُُهَا يَ ُد ُّل َعلَى نُطْ ٍق ُم ْف ِه ٍم‪َ ،‬و ْاْل َخ ُر َعلَى ِجَر ٍاح‬ ‫الالم والْ ِميم أ ِ‬
‫اف َو َّ ُ َ ُ ْ‬
‫َص َالن‪ :‬أ َ‬ ‫قال ابن فارس‪ :‬الْ َك ُ‬

‫يمي إِذَا َكلَّ َم َ‬


‫ك أ َْو َكلَّ ْمتَهُ‪.1‬‬ ‫ول‪َ :‬كلَّمتُه أُ َكلِمه تَكْلِيما; وهو َكلِ ِ‬
‫ََُ‬ ‫فَ ْاأل ََّو ُل ْال َك َال ُم‪ .‬تَـ ُق ُ ْ ُ ُ ُ‬
‫اثنيا‪ :‬الكالم يف االصطالح‬

‫هنا نعرض تعريفات الكالم عند أهل الفنون‪ ،‬فالكالم عند النحاة هو ما قاله ابن مالك‪:‬‬

‫واسم وفعل مث حرف الكلم‬ ‫كالمنا لفظ مفيد كاستقم‬


‫وقال ابن عقيل‪ :‬عبارة عن اللفظ املفيد فائدة يسن السكوت عليها‪.2‬‬

‫فهذا تعريف الكالم عند النحاة‪ ،‬واْلن أييت تعريفه عند األصوليني‪ ،‬فهم قد جاؤوا بتعريفاهتم للكالم‪،‬‬
‫منها ما يكون مطوال‪ ،‬ومنها ما يكون موجزا‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر‪ :‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪131/5 ،‬‬
‫‪ 2‬انظر‪ :‬شرح ابن عقيل البن عقيل‪ ،‬دار الرتاث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪ 1400 :5‬هـ‪ 1980 /‬م‪14/1 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫احلروف املؤلفة‪ .‬وهو ينقسم إىل مفيد وغري مفيد‪ .‬وأهل‬
‫ات املسموعةُ و ُ‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬الكالم هو األصو ُ‬
‫العربية خيصون الكالم مبا كان مفيدا‪ ،‬وهو‪ :‬اجلملة املركبة من مبتدأ وخرب‪ ،‬أو فعل وفاعل‪ ،‬أو حرف نداء‬
‫واسم‪.3‬‬

‫ولعل ابلتعريف‪ ،‬نعرف ما يُراد ابلكالم‪ ،‬مث للكالم أقسام اليت سنعرفها بعد قليل‪ ،‬إن شاء هللا‪.‬‬

‫‪ 3‬انظر‪ :‬روضة الناظر وجنة املناظر البن قدامة‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة ط‪ 1438 1 :‬هـ‪ 2017 /‬م‬
‫‪4‬‬
‫املبحث الثان‬

‫أقسام الكالم‬
‫القسم األول‪ :‬الظاهر واملؤول‬

‫وهو لغة‪ :‬البارز‬

‫وهو ما وضح معناه‪ ،‬قال البزدوي‪ :‬فسمي القسم األول ظاهر لظهور معناه‪.4‬‬

‫وقال احلرمني اجلويين‪ :‬والظاهر ما احتمل أمرين أحدمها أظهر من اآلخر ويؤول الظاهر ابلدليل‬
‫ويسمى الظاهر ابلدليل‪.5‬‬

‫وقال ابن قدامة‪ :‬ما يسبق إىل الفهم منه عند اإلطالق معىن‪ ،‬مع جتويز غريه؛ وإن شئت قلت‪ :‬ما‬
‫احتمل معنيني هو يف أحدمها أظهر‪.6‬‬

‫وحكمه‪ :‬أن يُعمل به إال إذا وردت قرينة تصرف عنه‪.‬‬

‫املؤول‪ ،‬والتأويل يف اللغة‪ :‬من األول وهو البداية والرجوع‪ .‬قال ابن فارس‪ :‬أََوَل ا ْهلَْمَزةُ‬ ‫وضد الظاه ِر ُ‬
‫ِ‬ ‫الالم أ ِ ِ‬
‫َص َالن‪ :‬ابْت َداءُ ْاأل َْم ِر َوانْت َه ُاؤهُ‬
‫َوالْ َو ُاو َو َّ ُ ْ‬
‫‪7‬‬

‫َي‪ :‬أ َْر َج َعهُ َوَرَّدهُ إِلَْي ِه ْم‪.‬‬ ‫احلك ِ ِ ِ‬


‫ْم إ َىل أ َْهله "‪ ،‬أ ْ‬
‫ال‪ " :‬أ ََّوَل ُْ َ‬
‫وب‪ :‬يـُ َق ُ‬
‫ال يـَ ْع ُق ُ‬
‫َي‪َ :‬ر َج َع‪ .‬قَ َ‬
‫ول‪ ،‬أ ْ‬
‫آل يـَ ُؤ ُ‬
‫وقال‪َ :‬و َ‬

‫‪ 4‬كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم للبزدوي‪ ،‬شركة الصحافة العثمانية‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬ط ‪ 1308 :1‬هـ‪ 1890 /‬م اجلزء الثاين‪،‬‬
‫صفحة ‪34‬‬
‫‪ 5‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط ‪ 1427 :2‬هـ‪ 2007 /‬م‪ ،‬صفحة ‪12‬‬
‫‪ 6‬روضة الناظر وجنة املناظر البن قدامة‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة ط‪ 1438 1 :‬هـ‪ 2017 /‬م‬
‫‪ 7‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪158/1 ،‬‬
‫‪5‬‬
‫ال ْاأل َْع َشى‪:‬‬
‫قَ َ‬

‫ال أَبُو َزيْ ٍد‪َ :‬‬


‫آل‬ ‫ات‪ .‬قَ َ‬ ‫ك النـَّبَ ُ‬
‫ِ‬
‫ول أ َْوال َوأ َُووال‪َ :‬خثُـَر‪َ .‬وَك َذل َ‬
‫َب يـَ ُؤ ُ‬‫آل اللَّ َُ‬‫يل‪َ :‬‬‫اخلَل ُ‬
‫ال ْ ِ‬ ‫ْم إِ َىل أ َْهلِ ِه‪ .‬قَ َ‬ ‫أ َُؤِو ُل ْ‬
‫احلُك َ‬
‫آل الْ َق ِطَرا ُن‪ :‬إِذَا َخثُـَر‪َ .‬و َ‬ ‫اإلصبع قِ‬ ‫ت فِ ِيه ِْ‬ ‫وب فَِ‬ ‫اإلصب ِع‪ ،‬وذَلِ‬ ‫ِ‬
‫آل‬ ‫آل َعلَْيـ َها‪َ .‬و َ‬ ‫يل َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫ا‬‫ذ‬
‫َ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ي‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫َب َعلَى ْ ْ َ َ‬ ‫اللَّ َُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِج ْس ُم َّ‬
‫اسةُ‬ ‫احلَ ِال‪ .‬و ِْ‬
‫اإل َايلَةُ السيَ َ‬ ‫ك ْ َ‬ ‫َي‪ :‬يـَْرج ُع إِ َىل تِْل َ‬‫ور َوََْي ِري‪ ،‬أ ْ‬
‫ِ‬
‫ف‪َ .‬وُه َو م َن الْبَاب‪ ،‬ألَنَّهُ ََيُ ُ‬ ‫الر ُج ِل‪ :‬إِ َذا ََنُ َ‬
‫َح َس َن‬ ‫ِ‬
‫الر ُج ُل َرعيَّـتَهُ يـَ ُؤوُهلَا‪ :‬إِ َذا أ ْ‬
‫آل َّ‬‫َص َمعِ ُّي‪َ :‬‬‫ال ْاأل ْ‬‫اع َيها‪ .‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َن َم ْرِج َع َّ‬
‫الر ِعيَّ ِة إِ َىل ر ِ‬ ‫اب‪ِ ،‬أل َّ‬‫ِمن َه َذا الْب ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫الر ِاج ُز‪:‬‬
‫ال َّ‬ ‫استَـ َها‪ .‬قَ َ‬
‫سيَ َ‬
‫ِ‬

‫ياس‪.8‬‬ ‫يـَ ُؤوُهلَا أ ََّو ُل ِذي ِس ِ‬

‫ويف االصطالح‪ :‬صرف املعىن عن ظاهره‪ ،‬قال ابن قدامة‪ :‬صرف اللفظ عن االحتمال الظاهر إىل‬
‫احتمال مرجوح؛ العتضاده بدليل يصري به أغلب الظن من املعىن الذي دل عليه الظاهر‪.‬‬

‫وقال اجلويين‪ :‬ويؤول الظاهر ابلدليل‪ ،‬ويسمى الظاهر ابلدليل‪.9‬‬

‫وقال العالمة جممد األمني بن حممد املختار اجلكين الشنقيطي‪ :‬والتأويل يف اصطالح األصوليني هو‬
‫صرف اللفظ عن ظاهر املتبادر منه إىل حمتمل مرجوح بدليل يدل على ذلك‪.10‬‬

‫‪ 8‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪160-159/1 ،‬‬
‫‪ 9‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط ‪ 1427 :2‬هـ‪ 2007 /‬م‪ ،‬صفحة ‪12‬‬

‫‪ 10‬مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للعالمة حممد األمني بن حممد املختار اجلكين الشنقيطي‪ ،‬دار علم الفوائد‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬ط‬
‫‪ 1426 :1‬هـ‪ ،‬صفحة ‪276‬‬
‫‪6‬‬
‫القسم الثان‪ :‬النص‬

‫يح يَ ُد ُّل َعلَى َرفْ ٍع َو ْارتَِف ٍاع َوانْتِ َه ٍاء ِيف‬ ‫صح ٌ‬
‫الصاد أَصل ِ‬
‫ص) النُّو ُن َو َّ ُ ْ ٌ َ‬ ‫ومعناه يف اللغة ما ذكره ابن فارس‪( :‬نَ َّ‬
‫ت َانقَِيت‪.‬‬ ‫صُ‬ ‫صنَ ْ‬‫ال‪ :‬نَ ْ‬ ‫الس ِْري أ َْرفَـعُهُ‪ .‬يـُ َق ُ‬
‫َّص ِيف َّ‬‫يث إِ َىل فَُال ٍن‪َ :‬رفَـ َعهُ إِلَْي ِه‪َ .‬والن ُّ‬ ‫ص ِْ‬
‫احلَد َ‬ ‫َّي ِء‪ِ .‬مْنهُ قَـ ْوُهلُْم نَ َّ‬‫الش ْ‬
‫صبا‪.11‬‬ ‫صا علَى بعِ ِريهِ‪ ،‬أَي مْنـتَ ِ‬ ‫صةُ الْعر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسري نَ ٌّ ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ت فَُال ٌن ُمْنـتَ ًّ َ َ‬ ‫وس مْنهُ أَيْضا‪َ .‬وَاب َ‬ ‫يص‪َ .‬ومنَ َّ َ ُ‬ ‫ص َونَص ٌ‬ ‫َ َ ٌْ‬
‫َي إِ َذا‬ ‫ص ِْ ِ‬ ‫الس َال ُم‪« " :‬إِ َذا بـَلَ َغ النِ َساءُ نَ َّ‬ ‫يث َعلِ ٍي َعلَْي ِه َّ‬ ‫ص ُك ِل َشي ٍء‪ :‬مْنـتَـهاه‪ .‬وِيف ح ِد ِ‬
‫احل َقاق» "‪ ،‬أ ْ‬ ‫ْ ُ َُ َ َ‬ ‫َونَ ُّ‬
‫ض ْاأل َْولِيَ ِاء‪ :‬أ ََان‬
‫ول بـَ ْع ُ‬ ‫ص َد ُر الْ ُم َحاقَِّة‪َ ،‬وِه َي أَ ْن يـَ ُق َ‬
‫اق‪َ :‬م ْ‬ ‫احلَِق ُ‬ ‫وغ‪َ .‬و ْ‬‫الصغَ ِر َو ِص ْر َن ِيف َح ِد الْبُـلُ ِ‬
‫بـلَ ْغن َغايةَ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫َّي ِء َح ََّّت تَ ْستَ ْخ ِر َج َما ِعْن َدهُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ت َم ْسأَلَتَهُ َعن الش ْ‬ ‫صْي َ‬‫استَـ ْق َ‬
‫الر ُج َل‪ْ :‬‬ ‫ت َّ‬ ‫صُ‬ ‫صْ‬ ‫َح ُّق‪َ .‬ونَ َ‬
‫ض ُه ْم‪ :‬أ ََان أ َ‬
‫أ ِ‬
‫َح ُّق ِبَا‪َ ،‬وبـَ ْع ُ‬ ‫َ‬
‫ات الْبَعِ ِري رْكبَـتَـْي ِه ِيف ْاأل َْر ِ‬ ‫َّك تَـبـتَغِي بـلُو َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫وهو الْ ِقي ِ‬
‫ض‬ ‫ُ‬ ‫صةُ] ‪ :‬إِثْـبَ ُ‬ ‫َّصنَ َ‬
‫غ الن َهايَة‪َ .‬وم ْن َهذه الْ َكل َمة [الن ْ‬ ‫اس‪ ،‬ألَن َ ْ ُ‬ ‫ََُ َ ُ‬
‫ِ ‪12‬‬
‫الرأْ ِس‪َ ،‬وِه َي َعلَى َم ْو ِض ٍع َرفي ٍع‬ ‫صةُ ِم ْن َش ْع ِر َّ‬
‫ُّصةُ‪ .‬الْ ُق َّ‬
‫يك‪َ .‬والن َّ‬ ‫َّح ِر ُ‬‫صةُ‪ :‬الت ْ‬ ‫َّصنَ َ‬
‫وض‪َ .‬والن ْ‬ ‫ُّه ِ‬ ‫إِ َذا َه َّم ِابلنـ ُ‬
‫وبتعريف األصوليني‪ ،‬كما قال اجلويين‪ :‬ما ال َيتمل إال معىن واحدا‪.13‬‬

‫وم‬ ‫ني الْ ُمَر ِاد فَـ ُه َو نَ ٌّ‬ ‫وقال اجلصاص‪ :‬ما يـتـنَاو ُل عيـنا خمَْصوصة ِِب ْك ٍم ظَ ِ‬
‫اه ِر الْم ْع َىن بَِ ِ‬
‫ص َوَما يـَتَـنَ َاولُهُ الْعُ ُم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ ََ َ َ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ص الْمع َّ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ص أَيضا و َذلِ ِ‬
‫ني َما يـَتَـنَ َاولُهُ‬
‫ني ُحكْمه َوبَْ َ‬ ‫ني إ َذا أُش َري إلَْيه بِ َعْينه َوبَْ َ‬ ‫َّخ ِ ُ َ‬ ‫ني الش ْ‬ ‫ك ألَنَّهُ َال فَـ ْر َق بَْ َ‬
‫فَـ ُه َو نَ ٌّ ْ َ َ‬
‫اْسا ِجلَ ِمي ِع َما تَـنَ َاولَهُ َوانْطََوى ََْتتَهُ‪.14‬‬ ‫وم ْ‬ ‫وم‪ .‬إ ْذ َكا َن الْعُ ُم ُ‬
‫الْعُ ُم ُ‬
‫ۡ َ َ َ ‪َٞ َ ٞ‬‬
‫وهو ما يفيد بنفسه من غري احتمال؛ كقوله تعاىل‪ :‬ﵟت ِلك عش َرة كامِلة ۗ‪ٞ‬ﵞ [البقرة‪:‬‬ ‫وقال ابن قدامة‪:‬‬
‫‪ ]196‬وقيل‪ :‬هو الصريح يف املعىن‪.15‬‬

‫‪ 12‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪357/5 ،‬‬
‫‪ 13‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط ‪ 1427 :2‬هـ‪ 2007 /‬م‪ ،‬صفحة ‪12‬‬
‫‪14‬‬
‫كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم للبزدوي‪ ،‬شركة الصحافة العثمانية‪ ،‬إسطنبول‪ ،‬ط ‪ 1308 :1‬هـ‪ 1890 /‬م ‪59/1‬‬
‫‪ 15‬روضة الناظر وجنة املناظر البن قدامة‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة ط‪ 1438 1 :‬هـ‪ 2017 /‬م صفحة ‪159‬‬
‫‪7‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬اجململ واملبني‬

‫اح ٌد‪َ ،‬وُه َو بـُ ْع ُد‬‫واملبني يف اللغة‪ :‬من البني‪ ،‬أـي االنكشاف‪ ،‬قال ابن فارس‪ :‬الْباء والْياء والنُّو ُن أَصل و ِ‬
‫ٌَْ‬ ‫ََََُُ‬
‫ني‪ :‬قِطْ َعةٌ‬ ‫ني بـَْيـنا َوبـَْيـنُونَة‪َ .‬والْبَـيُو ُن الْبِْئـ ُر الْبَعِ َ‬ ‫ني الْ ِفَر ُ‬ ‫الش ِ ِ‬
‫يدةُ الْ َق ْع ِر‪َ .‬والْبِ ُ‬ ‫ال َاب َن يَبِ ُ‬
‫اق ; يـُ َق ُ‬ ‫َّيء َوانْك َشافُهُ‪ .‬فَالْبَ ْ ُ‬‫ْ‬
‫ص ِر‪ .‬قَ َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن ْاأل َْر ِ‬
‫ض قَ ْد ُر َمد الْبَ َ‬
‫ك الْبِينَا‬ ‫ِ‬
‫ت َوْهنا َذل َ‬ ‫بِ َسْرِو ِِحََْري أَبْـ َو ُال الْبِغَ ِال بِِه … أ َّ‬
‫ََّن تَ َسدَّيْ َ‬
‫ض ُح َك َالما ِمْنهُ‪ .‬فَأ ََّما الْبَائِ ُن ِيف‬ ‫َي أ َْو َ‬ ‫ٍ‬
‫ني م ْن فَُالن ; أ ْ‬
‫َّضح وانْ َك َشف‪ .‬وفَُال ٌن أَب ِ‬
‫ْ َُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫َّيءُ َوأ ََاب َن إ َذا ات َ َ َ‬‫َوَاب َن الش ْ‬
‫ب‪.16‬‬ ‫احلَْل ِ‬
‫ْ‬

‫قال ابن قدامة‪ :‬البيان واملبني يف مقابلة اجململ‪.17‬‬

‫َص َال ِن‪:‬‬ ‫اجلِ ُيم َوالْ ِم ُيم َو َّ‬


‫الال ُم أ ْ‬ ‫وأما اجململ فهو ضد املبني‪ ،‬وهو من اجلمل‪ ،‬أي اجلمع‪ .‬قال ابن فارس‪ْ :‬‬
‫َح ُد ُُهَا ََتَ ُّم ُع َو ِعظَ ُم ْ‬
‫اخلَْل ِق‪َ ،‬و ْاْل َخ ُر ُح ْس ٌن‪.‬‬ ‫أَ‬
‫ين َك َف ُروا‬ ‫اَّلل تَـع َاىل‪{ :‬وقَ َ َّ ِ‬
‫ال الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َُّ َ‬ ‫ص ْلتُهُ‪َ .‬وقَ َ‬ ‫َّي ِء‪َ .‬وأ ْ‬
‫َمجَْلتُهُ َح َّ‬ ‫ْ‬ ‫الش‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫مج‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َمج ْلت الشَّيء‪ ،‬وه ِذهِ‬
‫ك‪ :‬أ ْ َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫فَ ْاأل ََّو ُل قَـ ْولُ َ‬
‫اح َدة} [الفرقان‪.]32 :‬‬ ‫لَوَال نـُ ِزَل علَي ِه الْ ُقرآ ُن ُمجْلَة و ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ْ‬
‫َمجَ َل‬
‫ال أ ْ‬‫ظ‪َ ،‬وُه َو ِم ْن َه َذا أَيْضا‪َ .‬ويـُ َق ُ‬ ‫اجلُ َّم ُل‪َ :‬حْب ٌل َغلِي ٌ‬ ‫اجلَ َم ُل ِم ْن َه َذا ; لِعِظَِم َخ ْل ِق ِه‪َ .‬و ْ‬
‫وز أَ ْن يَ ُكو َن ْ‬ ‫َوََيُ ُ‬
‫ك َانقَةٌ ُمجَالِيَّةٌ‪ .‬قَ َ‬
‫ال الْ َفَّراءُ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ُل الْ َع ِظ ُيم ْ‬
‫اخلَْل ِق‪َ ،‬كأَنَّهُ ُشبِهَ ِاب ْجلَ َم ِل ; َوَك َذل َ‬ ‫ت ِمجَا ُهلُْم‪َ .‬و ْ‬
‫اجلُ َم ِ ُّ‬
‫اِل‪َّ :‬‬ ‫الْ َق ْوُم َكثُـَر ْ‬
‫احلِبَ ِال َوالْ ُقلُ ِ‬
‫مج َع ِم َن ْ‬ ‫اجلِم َاالت‪ :‬ما ُِ‬ ‫ِ‬
‫وس‪.‬‬ ‫ت) َمجْ ُع َمجَ ٍل‪َ .‬و ْ َ ُ َ‬ ‫(مجَ َاال ٌ‬

‫‪ 16‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪357/5 ،‬‬
‫‪ 17‬روضة الناظر وجنة املناظر البن قدامة‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة ط‪ 1438 1 :‬هـ‪ 2017 /‬م صفحة ‪166‬‬
‫‪8‬‬
‫اجلَ ِم ِيل َوُه َو َوَد ُك‬ ‫َصلُهُ ِم َن ْ‬
‫ال ابْ ُن قُـتَـْيـبَةَ‪ :‬أ ْ‬
‫ال‪ .‬قَ َ‬‫يل َو ُمجَ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪َ ،‬وُه َو ض ُّد الْ ُقْب ِح‪َ .‬وَر ُج ٌل َمج ٌ‬
‫اجلَ َم ُ‬‫َص ُل ْاْل َخ ُر ْ‬‫َو ْاأل ْ‬
‫ك أَ ْن تَـ َف َع َل َك َذا‪ ،‬أَ ِي ْ‬
‫امجُ ْل َوَال تَـ ْف َع ْلهُ‪.‬‬ ‫الس َم ِن ََْي ِري ِيف َو ْج ِه ِه‪َ .‬ويـُ َق ُ‬
‫ال َمجَالَ َ‬ ‫َن ماء ِ‬ ‫ِ‬
‫َّح ِم الْ ُم َذاب‪ .‬يـَُر ُاد أ َّ َ َ‬
‫الش ْ‬
‫ب‪:‬‬ ‫ال أَبُو ذُ َؤيْ ٍ‬
‫قَ َ‬
‫يح‬ ‫يح … َستَـ ْل َقى َم ْن َُِت ُّ‬
‫ب فَـتَ ْس َِرت ُ‬ ‫اجلَِر ُ‬
‫ب ْ‬ ‫ك أَيـُّ َها الْ َق ْل ُ‬
‫َمجَالَ َ‬
‫َّح ِم الْم َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت امرأَةٌ ِالبـنَتِها‪َ " :‬ال ََتَ َّملِي وتَـعف َِّفي " أَي ُكلِي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ‪-‬‬ ‫يل ‪َ -‬وُه َو الَّذي ذَ َك ْرَانهُ م َن الش ْ ُ‬ ‫اجلَم َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َوقَالَ ْ َ ْ َ‬
‫َوا ْشَرِِب الْعُ َفافَةَ‪َ ،‬وِه َي الْبَ ِقيَّةُ ِم َن الل ََب‬
‫َّ ِ ‪18‬‬

‫وم َال بُ َّد ِم ْن أَ ْن‬‫َن الْعُ ُم َ‬‫ب َم ْعنَاهُ َم ْع َىن الْعُ ُم ِوم؛ ِأل َّ‬ ‫َح ُد ُُهَا‪ :‬يـُ َقا ِر ُ‬
‫ني‪ :‬أ َ‬‫قال اجلصاص‪ :‬الْم ْجمل َعلَى و ْج َه ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َُ‬
‫َْسَ ِاء َوُك ُّل َمجْ ٍع فَـ ُه َو ُمجْلَةٌ‪ .‬فَ َم ْع َىن الْ َع ِام َوالْ ُم ْج َم ِل َال‬ ‫ضي َمجْعا ِم ْن ْاأل ْ‬ ‫ي ْشتَ ِمل علَى ُمجْلَ ٍة إذَا َكا َن يـ ْقتَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫َخيْتَلِ َف ِ‬
‫ان ِيف َه َذا الْ َو ْج ِه‪ .‬فَ َجائٌِز أَ ْن يـُ َع ََّرب ِابلْ ُم ْج َم ِل َع ْن الْ َع ِام‬
‫اض َع فَس َّماهُ ُْجممال‪ ،‬وَه َذا َك َال ٌم ِيف الْعِبَارةِ‬
‫اَّلل ‪ -‬الْع َّام ِيف مو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫يسى بْ ُن أ ََاب َن ‪َ -‬رِحَهُ َُّ َ‬ ‫وسى ع َ‬ ‫َوقَ ْد ذَ َكَر أَبُو ُم َ‬
‫اح ٍد َْجمه ٍ‬
‫ول فَـ َه َذا َال يَ ُكو ُن عُ ُموما‬ ‫ال ِيف لَ ْف ٍظ و ِ‬
‫اإل ْمجَ ُ‬ ‫ِ‬
‫َال يـَ َق ُع ِيف ِمثْل ِه ُم َ‬
‫ضايـَ َقةٌ‪ .‬والْو ْجهُ ْاْل َخر‪ :‬أَ ْن يَ ُكو َن ِْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫َوَال ِعبَ َارةَ َعْنهُ‪.19‬‬

‫ني أن معىن اجململ قد يكون متقاراب من العام يف وجه‪.‬‬


‫فاجلصاص بََّ َ‬
‫وقال اجلويين‪ :‬ما افتقر إليه البيان‪.20‬‬

‫وقال ابن قدامة‪ :‬ما ال يفهم عند اإلطالق معىن‪.21‬‬

‫‪ 18‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪481/1 ،‬‬
‫‪ 19‬القصول يف األصول للجصاص‪ ،‬وزارة األوقاف الكويتية‪ ،‬ط ‪ 1414 :2‬هـ‪ 1994 /‬م‪63/1 ،‬‬
‫‪ 20‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط ‪ 1427 :2‬هـ‪ 2007 /‬م‪ ،‬صفحة ‪12‬‬
‫‪ 21‬روضة الناظر وجنة املناظر البن قدامة‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة ط‪ 1438 1 :‬هـ‪ 2017 /‬م صفحة ‪163‬‬
‫‪9‬‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َّ َ ٰ َ ۡ ُ ْ‬
‫فمن أمثلة اجململ‪ :‬الوجه يف قوله تعاىل‪َٰٓ :‬‬
‫ﵟيأيها ٱلذِين ءامنوا إِذا قمتم إِلى ٱلصلوة ِ فٱغسِلوا‬
‫ُ ُ َ ُ‬
‫ك ۡمﵞ [المائدة‪ ]6 :‬فاختلف أهل العلم يف هل اللحية داخلة يف الوجه أم ال؟ إذا كانت داخلة‬ ‫وجوه‬
‫فيجب غسلها‪ ،‬وإن كانت ال تدخل فال‪ .‬فالصحيح أهنا ال تدخل يف الوجه‪ ،‬ألن الوجه معروف وجممل‪،‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫القسم الرابع‪ :‬احلقيقة واجملاز‬

‫أوال‪ :‬معىن احلقيقة‬


‫اف أَصل و ِ‬
‫اح ٌد‪َ ،‬وُه َو يَ ُد ُّل َعلَى إِ ْح َك ِام‬ ‫احلَاءُ َوالْ َق ُ ْ ٌ َ‬ ‫احلقيقة يف اللغة‪ :‬الثابت واحملكم‪ ،‬قال ابن فارس‪ْ :‬‬
‫ِ ِ ِ ِ‪22‬‬
‫َّيء َوص َّحته‬ ‫الش ْ‬
‫يق بِ َك َذا َوَْحم ُقو ٌق بِِه‪َ .‬وقَا َل ْاأل َْع َشى‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ال فَُال ٌن َحق ٌ‬ ‫وقال‪َ :‬ويـُ َق ُ‬
‫ص ْوتِِه … َوأَ ْن تَـ ْعلَ ِمي أ َّ‬
‫َن الْ ُم َعا َن ُم َوفَّ ُق‬ ‫ِ ِ‬
‫لَ َم ْح ُقوقَةٌ أَ ْن تَ ْستَج ِيِب ل َ‬
‫يق َعلَى} [األعراف‪.]105 :‬‬ ‫الس َالم‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ال بـعض أَه ِل الْعِْل ِم ِيف قَـولِِه تَـع َاىل ِيف قِ َّ ِ‬
‫{حق ٌ‬
‫وسى َعلَْيه َّ ُ َ‬ ‫صة ُم َ‬ ‫ْ َ‬ ‫قَ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫قَ َ ِ‬
‫يص َعلَى‪.23‬‬ ‫اها َح ِر ٌ‬ ‫يق َعلَى فَ َم ْعنَ َ‬ ‫ب َعلَ َّي‪َ .‬وَم ْن قَـَرأ ََها َحق ٌ‬ ‫ال‪َ :‬واج ٌ‬
‫ويف االطالح‪ :‬ما استعمل على وضعه‪ ،‬قال اجلويين‪ :‬ما بقي يف االستعمال من موضوعه‪ ،‬وقيل‪ :‬ما‬
‫استعمل يف ما اصطلح عليه املخاطبة‪.24‬‬

‫‪ 22‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪15/2 ،‬‬
‫‪ 23‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬بدون طبعة‪ 1399 ،‬هـ‪ 1979 /‬م‪18/2 ،‬‬
‫‪ 24‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط ‪ 1427 :2‬هـ‪ 2007 /‬م‪ ،‬صفحة ‪9‬‬
‫‪10‬‬
‫لش ْيء َم ْعلُوم َمأْ ُخوذ من قَـ ْولك حق َِيق‬ ‫وقال السرخسي‪ِ ْ :‬‬
‫َصل َ‬ ‫ضوع ِيف األ ْ‬ ‫اسم لكل لفظ ُه َو َم ْو ُ‬
‫احلَقي َقة ْ‬
‫ضوع لَهُ‪.25‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ُه َو َم ْو ُ‬
‫فَـ ُه َو حق وحاق وحقيق َوهلََذا يُسمى أصال أَيْضا ألَنَّهُ أصل ف َ‬
‫واحلقيقة إما أن تكون لغوية‪ ،‬وإما شرعية‪ ،‬وإما عرفية‪.‬‬

‫فمثال ما تكون لغوية‪ ،‬أو وضعية لكوهنا على الوضع األول‪ :‬إطالق لفظ األسد على حيوان مفرتس‪.‬‬

‫ومثال ما تكون شرعية‪ :‬ألفاظ الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬واحلج‪.‬‬

‫ومثال ما تكون عرفية‪ :‬إطالق الدابة على ذات أربع‪ ،‬ومعناه يف الوضع كل َما يدب على األ َْرض َوقد‬
‫احلَيَـ َوان‪.‬‬
‫غلب على َما يركب من ْ‬

‫اثنيا‪ :‬معىن اجملاز‬

‫اجملاز يف اللغة‪ :‬من اجلوز أو اجلواز‪ .‬وهو النفوذ‪.‬‬

‫اسم لكل لفظ ُه َو‬ ‫مجاز ْ‬ ‫واجملاز يف االصطالح‪ :‬ما َتاوز الوضع العرِب يف الكالم‪ .‬قال السرخسي‪َ :‬والْ َ‬
‫ِ‬
‫لش ْيء غري َما وضع لَهُ مفعل من َج َاز َيوز ْسي جمَازا لتعديه َعن الْموضع الَّذي وضع ِيف األ ْ‬
‫َصل‬ ‫مستعار َ‬
‫احلب‬ ‫وضع ْ‬ ‫ان دون الْقلب الَّ ِذي هو م ِ‬ ‫لَه إِ َىل َغريه وِمْنه قَول الرجل لغريه حبك َّإايي جمَاز أَي هو ِابللِس ِ‬
‫َُ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َّح ِقيق على َما َعلَْي ِه وضع الْ َو ْعد ِيف‬ ‫ِيف األَصل وه َذا الْو ْعد ِمْنك جماز أَي الْ َق ِ‬
‫صد مْنهُ الرتويج دون الت ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َتعار ثواب‬‫يما ُه َو ُمَراده مبَْن ِزلَة من ْ‬
‫َصل َوهلََذا يُسمى مستعارا ألَن الْ ُمتَ َكلم به استعاره وابالستعمال ف َ‬
‫األ ْ‬

‫‪ 25‬أصول السرخسي املسمى متهيد الفصول يف األصول ألِب بكر حممد بن أِحد السرخسي‪ ،‬جلنة إحياء املعارف النعمانية ِبيدر آابد‬
‫ابهلند‪ ،‬بدون طبعة‪170/1 ،‬‬
‫‪11‬‬
‫ني َم ْو ُجود ِيف َك َالم هللا تَـ َع َاىل َوَك َالم النَِِّب صلى هللا َعلَْي ِه َوسلم َوَك َالم‬ ‫للبس ولبسه وكل و ِ‬
‫احد من النـ َّْو َع ْ ِ‬
‫َ‬
‫اخلطب واألشعار َوغري َذلِك‪.26‬‬ ‫النَّاس ِيف ْ‬

‫قال ابن قدامة‪ :‬وأما اجملاز فهو اللفظ املستعمل يف غري موضوعه على وجه يصح‪.27‬‬

‫واجملاز إما أن يكون بزايدة‪ ،‬أو نقصان‪ ،‬أو نقل‪ ،‬أو استعارة‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ومن أمثلته‪ ،‬ما ذكره اجلويين‪ :‬فاجملاز ابلزايدة‪ :‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﵟليۡ َس ك ِم ۡثلِهِۦ ش ۡيء‪ ٞۖٞ‬ﵞ [الشورى‪.]11 :‬‬
‫َ‬ ‫ۡ‬
‫واجملاز ابلنقصان‪ :‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﵟ َو ۡس َـ ِل ٱل َق ۡريَة ﵞ [يوسف‪.]82 :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫نق َّضﵞ [الكهف‪.28]77 :‬‬ ‫واجملاز ابالستعارة‪ :‬كقوله تعاىل‪ :‬ﵟج َد ٗارا يُر ُ‬
‫يد أن ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ 26‬أصول السرخسي املسمى متهيد الفصول يف األصول ألِب بكر حممد بن أِحد السرخسي‪ ،‬جلنة إحياء املعارف النعمانية ِبيدر آابد‬
‫ابهلند‪ ،‬بدون طبعة‪170/1 ،‬‬
‫‪ 27‬روضة الناظر وجنة املناظر البن قدامة‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة ط‪ 1438 1 :‬هـ‪ 2017 /‬م صفحة ‪157‬‬
‫‪ 28‬الورقات إلمام احلرمني اجلويين‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط ‪ 1427 :2‬هـ‪ 2007 /‬م‪ ،‬صفحة ‪12‬‬
‫‪12‬‬
‫اخلتام‬

‫احلمد هلل‪ ،‬بعونه وتوفيقه‪ ،‬متت هذه الرسالة القصرية يف مبحث الكالم يف أصول الفقه‪ .‬ف ُكتبت هذه‬
‫الرسالة مبينة للكالم وأقسامها ابختصار‪ ،‬وتُبني أهم األشياء اليت ال بد من معرفتها ملن يرغب يف دراسة‬
‫أصول الفقه عند بداية األمر‪.‬‬

‫وصلى اهلل على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫‪13‬‬

You might also like