You are on page 1of 26

‫السنة‬

‫حبث أعمال ّ‬
‫قراءة يف كتاب أسرار البالغة‬
‫للشيخ اإلمام عبد القاهر ابن عبد الرمحن اجلرجاين النحوي‬
‫كي بن مصطفى مسوه‬ ‫املشرف ‪ :‬ال ّدكتور األستاذ ّ‬
‫حممد ز ّ‬

‫املادة األدب والبالغة اجملموعة‬


‫ّ‬
‫( ‪) LSA 6212 - ISMBA A‬‬

‫كلّيّة اللّغة العربيّة‬

‫اسم الطالبة‬ ‫رقم يف كشف احلضور‬ ‫رقم املاتريك‬


‫زليخا بنت يوسف‬ ‫‪26‬‬ ‫‪M204043501‬‬

‫أغسطس‪2022‬م‬

‫‪1‬‬
‫املقدمة‬
‫الرحيم‪،‬‬
‫الرمحن ّ‬
‫بسم هللا ّ‬
‫عمت حبكمته الوجود‪ ،‬نشهد أنّه ال إله ّإال هو‬
‫احلمد هلل الواحد‪ ،‬الّذي ليس كمثله شيء‪ ،‬الّذي ّ‬
‫كل وقت‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬له احلمد وله امللك‪ ،‬وهو الغفور الودود‪ ،‬حنمده ونشكر فضله يف ّ‬
‫الصلوات‪ ،‬وأمتّ التّسليم‪ّ ،‬أما بعد‪.‬‬
‫حممد‪ ،‬عليه أفضل ّ‬
‫الرسل سيّدان ّ‬
‫وحني‪ ،‬ونشهد أ ّن خامت ّ‬
‫ونتمّن من هللا أن يلقي حبثنا‬
‫اليوم سنق ّدم لسيادتكم هذا البحث اهلام ج ّدا‪ ،‬ملادة األدب والبالغة‪ّ ،‬‬
‫اقي إن شاء هللا‪.‬‬
‫الر ّ‬
‫استحسانكم‪ ،‬وعند حسن ظنّكم‪ ،‬وأن يليق مبستوى فكركم ّ‬
‫يتح ّدث حبثنا هذا عن علم البالغة يف موضوعه ( يف حدي احلقيقة واجملاز وما فيه من الشروط )‬
‫ابإلجياز والتّفصيل‪ ،‬وحنن قد قدمنا عناصره بشكل شامل وواضح‪ ،‬ومل نقصر من حمتواه ولو بشيء‪،‬‬
‫الشعريّة‪ ،‬مع األقوال احلكماء‪ ،‬لكي جنعل‬
‫ونذكر أيضا النّماذج واألمثلة من القرآن الكرمي‪ ،‬واألبيات ّ‬
‫وتتكون يف هذا‬
‫أهم النّقاط الّيت قد تتساءل عنها ّ‬
‫هذا البحث كامال كما نستطيع‪ ،‬وأن نكون وضحنا ّ‬
‫اخلاصة بدراسة ومناقشة هذا‬
‫املوضوع‪ ،‬ونرجو من هللا التّوفيق واهلداية لتق ّدم املعلومات الكافية ّ‬
‫املوضوع‪ .‬وحنن اآلن يف االنتظار إىل تقييمكم ومالحظاتكم‪ ،‬من أجل تطوير هذا البحث إىل أفضل‬
‫وأحسن حال‪ ،‬ونشكركم على سعة صدركم‪ ،‬وهللا املوفّق واملستعان‪.‬‬

‫وسالم هللا عليكم ورمحته تعاىل وبركاته‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫التمهيد‬

‫دليال على املعّن‪ّ ،‬إال أ ّن اللّفظ املوضوع ملعّن قد يستعمل‬


‫من املعلوم أ ّن الوضع هو أن جيعل اللّفظ ً‬
‫قسم أهل اللّغة الكالم من حيث‬
‫يف ما وضع له‪ ،‬وقد يستعمل يف غري ما وضع له‪ ،‬ومن هنا ّ‬
‫االستعمال إىل حقيقة وجماز‪.‬‬

‫فماذا احلقيقة وما هي أنواعها؟‬

‫وما اجملاز وما هي أنواعه؟‬

‫أساسي من موضوعات علم البالغة العربيّة‪ ،‬ويندرج حتت ابب علم البيان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أ ّن احلقيقة واجملاز موضوع‬
‫عرف علم البيان على أنّه العلم الّذي ُُي ّكنك من التّعبري عن املعّن الواحد بطرق خمتلفة‪ ،‬مع وضوح‬
‫ويُ ّ‬
‫وجمازا‬
‫وجؤوزا ً‬
‫ً‬ ‫زت الطّريق‪ ،‬وجاز املوضع جو ًازا‬
‫عرف ابن منظور اجملاز لغةً من ُج َ‬
‫ال ّداللة عليه‪ ،‬وقد ّ‬
‫أي ‪ :‬تكلّم يف اجملاز‪ .‬واجملاز‬
‫وجتوز يف كالمه ّ‬
‫أي أنفذه‪ّ ،‬‬ ‫أي ‪ :‬خلفه وقطّعه‪ ،‬وأجازه ّ‬ ‫وجاز به‪ ،‬وأجازه ّ‬
‫وصل إىل معّن يريده القائل‪ ،‬مع ضرورة وجود‬
‫هو سلوك طريق غري مألوف للفظة من األلفاظ‪ ،‬للتّ ّ‬
‫األصلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قرينة متنع من إرادة املعّن‬

‫األول للغة‪ ،‬وقد‬


‫ّأما احلقيقة فهي ال ّداللة األصليّة للفظة من األلفاظ‪ ،‬واملسؤول عنها هو الواضع ّ‬
‫شغف العرب ابستعمال اجملاز لرغبتهم يف االتّساع يف الكالم‪ ،‬ولل ّداللة على كثرة املعاين واأللفاظ‪،‬‬
‫ويف هذا البحث سأرّكز على توضيح معّن احلقيقة واجملاز‪ ،‬وال يكتمل ذلك ّإال بطرح بعض األمثلة‬
‫من القرآن الكرمي واألشعار العربيّة عليهما‪.‬‬

‫ومن خالل هذه الكتابة‪ ،‬يستطيع الباحث ‪:‬‬

‫أتعرف احلقيقة واجملاز وأقسامهما‪.‬‬


‫‪ -‬أن ّ‬
‫‪ -‬أن أميّز بني أقسام احلقيقة وبني أقسام اجملاز‪.‬‬

‫الشعريّة والقرآنيّة‪.‬‬
‫‪ -‬أن أمتثّل مقاصد احلقيقة واجملاز يف فهم النّصوص ّ‬

‫‪3‬‬
‫]صفحة ‪[360‬‬

‫وهكذا شأن البيت‪)1( ،‬إذا أحسنت النّظر وجدتّه = إذا مل أتخذه من طريق املثل‪ ،‬ومل أتخذ املعّن من‬
‫جمموع التّل ّقى‪/‬واليمني على ح ّد قوهلم ‪( :‬تقبّلته بكلتا اليدين)‪ ،‬وكقوله ‪:‬‬

‫( ‪)2‬‬ ‫ومل بفلج فالقنافذ عُوَدى‬


‫َ‬ ‫ض َمانََت‬
‫ولكن تل ّقت ابليدين َ‬
‫وقبل هذا البيت ‪:‬‬

‫قعد‬
‫حليمةُ‪ ،‬إذ ألقى مراس َي ُم َ‬ ‫لعمرك ما َملت ثواء ثَويّها‬

‫الشعر‪ ،‬ورأيت املعّن يتأ ّمل ويتظلّم‪.‬‬


‫= (‪)3‬وهو يشكوك إىل طبع ّ‬
‫وإن أردت أن ختترب فقل ‪:‬‬

‫تل ّقاها عرابةُ ابقتدار‬ ‫إذا ما رايةٌ ُرفعت جملد‬

‫فرق بني التّفه الّذي ال يكون‬


‫الشعر‪ ،‬ويُ ّ‬
‫كل ما كنت جتد‪ ،‬إن كنت ممّن يعرف طعم ّ‬
‫مثّ انظر‪ ،‬هل جتد ّ‬
‫له طعم وبني احللو اللّذيذ؟‬

‫الش ّماخ‬
‫السخاء‪ ،‬ألنّه سأل ّ‬
‫الرجل ابجلود و ّ‬
‫الشعر كما تعلّم ملدح ّ‬
‫يبني ذلك من جهة العبارة ‪ :‬أ ّن ّ‬
‫وممّا ّ‬
‫(جئت ألمتار)‪)4( ،‬فأوقر‬
‫ُ‬ ‫عما أقدمه؟ فقال ‪:‬‬
‫ّ‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫السالف‪.‬‬
‫(‪ )1‬يعين بيت الشماخ ّ‬
‫(‪ )2‬هو ألوس بن حجر يف ديوانه‪ ،‬يذكر فضل حليمة بنت فضالة بن كلدة‪ ،‬ويدها عليه حني صرعته انقته‪ .‬وشرح البيتني على ترتيبهما‪.‬‬
‫الضيف املقيم‪ .‬و(ألقى مراسي مقعد)‪ ،‬يريد حني استقر عندها ال يقدر على احلركة‪ ،‬و(الضمانة) العاهة والداء‪.‬‬
‫(الثّواء) اإلقامة‪ .‬و(الثّوى) ّ‬
‫و(فلج) و(القنافذ) موضعان‪ .‬و(العود) مجع (عائد)‪ ،‬وهو الذي يعود املريض‪.‬‬

‫(‪ )3‬السياق ‪( :‬وهكذا شأن البيت إذا أحسنت النظر‪ ،‬وجدته = إذا مل أتخذه من طريق املثل ‪ = ...‬وهو يشكوك ‪.)...‬‬

‫(‪( )4‬امتار) خرج جيلب املرية ألهله‪ ،‬و(املرية)‪ ،‬الطعام‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫]صفحة ‪[361‬‬

‫مترا وبًُّرا و حأحتفه بغري ذلك‪)1( .‬وإذا كان كذلك‪ ،‬كان اجملد الّذي تطاول له وم ّد إليه يده‪ ،‬من‬
‫رواحله ً‬
‫اجملد الّذي أراده أبو متام بقوله ‪:‬‬

‫( ‪)2‬‬ ‫ابلصراع‬
‫درُك ّ‬
‫كأ ّن اجملد يُ َ‬ ‫أت جسمي َحني ًفا‬
‫تَ َوج ُع أن ر ح‬
‫القوة أشبه‪،‬‬
‫الش ّدة‪ ،‬لكان َمحح ُل اليمني على صريح ّ‬
‫القوة و ّ‬
‫ولو كان يف ذكر البأس والبطش وحيث تراد ّ‬
‫وقوة رغبة = قيل فينبغي أن‬
‫ك أجدر‪ .‬فإن قال ‪ :‬أراد تل ّقاها جب ّد ّ‬
‫يتماس ُ‬
‫وأبن يقع منه يف القلب معّن َ‬
‫فالسكوت عنه أحسن‪ .‬وما زال النّاس يقولون‬
‫التزم ذلك ّ‬
‫ومن َ‬‫يضع اليمني يف مثل هذه املواضع‪َ .‬‬
‫للرجل إذا أرادوا حثه على األمر‪ ،‬وأن أيخذ فيه ابجل ّد ‪( :‬أخرج يدك اليُمّن!)‪ ،‬وذاك ّأنا أشرف‬
‫ّ‬
‫اليدين وأقوامها‪ ،‬والّيت ال غناء لألخرى دونا‪ ،‬فال عُّن‪/‬إنسان بشىء ّإال بدأ بيمينه فهيّأها لنيله‪ .‬ومت‬
‫الشىء يف جهة العناية‪ ،‬جعلوه يف اليد اليمّن‪ ،‬وعلى ذلك قول البحرتي ‪:‬‬
‫ما قصدوا جعل ّ‬
‫( ‪)3‬‬ ‫اليوم‪ ،‬يف يد َك اليمني‬
‫إليه َ‬ ‫أسندت أمري‬
‫َ‬ ‫وإ ّن يدي‪ ،‬وقد‬

‫املعتز ابهلل‪ .‬ولو أ ّن قائال قال ‪:‬‬


‫= (إليه)‪ ،‬يعين إىل يونس بن بُغا‪ ،‬وكان َحظيًّا عند املمدوح‪ ،‬وهو ّ‬
‫مددت هلا اليَمينا‬
‫ُّ‬ ‫كرمة‬
‫وم ُ‬
‫َ‬ ‫إذا ما رايةٌ ُرفعت جملد‬

‫الش ّماخ فيه‪.‬‬


‫ضعها ّ‬
‫عادال ابليمني عن املوضع الّذي َو َ‬
‫= مل تره ً‬
‫ي‪:‬‬
‫الع َدو ّ‬
‫ولو أ ّن هذا التّأويل منهم كان يف قول سليمان بن قَتة َ‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪( )1‬أوقر الراحلة) أي محلها وقرا‪ ،‬أي محال ثقيال‪.‬‬

‫(‪ )2‬هو يف ديوانه‪.‬‬

‫(‪ )3‬هو يف ديوانه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫]صفحة ‪[362‬‬

‫( ‪)1‬‬ ‫أمركم وكفا ُك ُموين‬


‫كفاين َ‬ ‫رب‬
‫بَين تَ حيم بن ُمّرةَ إ ّن ّ‬
‫( ‪)2‬‬ ‫شديد ال َف حرس للضغن احلَُرون‬ ‫فإين‬
‫فحيّوا ما بَ َدا لكم‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫( ‪)3‬‬ ‫ث ابليمني‬
‫ضب ُ‬
‫شديد األسر يَ ح‬
‫ُ‬ ‫يُعاىن فَ حق َد ُكم أَس ٌد مد ُّل‬

‫مت‪ ،‬وهو‬
‫الش ّدة‪ .‬وعلى ذلك فإ ّن اعتبار األصل الّذي ق ّد ُ‬
‫ابلقوة و ّ‬
‫مدح ّ‬ ‫= لكان أع َذر فيه‪ ،‬أل ّن املدح ٌ‬
‫ث‬
‫ضبَ َ‬
‫ث َ‬
‫ضبَ َ‬
‫أنّك ال ترى (اليمني) حيث ال معّن للي ّد‪ ،‬يقف بنا على الظّاهر‪ ،‬كأنّه قال ‪ :‬إذا َ‬
‫ابليمني‪.‬‬

‫قول اخلنساء ‪:‬‬


‫اعتربت به‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫الش ّماخ‪ ،‬إذا‬
‫موضوع بيت ّ‬
‫َ‬ ‫يبني‬
‫وممّا ُّ‬
‫( ‪)4‬‬ ‫إىل اجملد َمد إليه يَ َدا‬ ‫أبيديهم‬
‫ُ‬ ‫القوم َم ُّدوا‬
‫إذا ُ‬
‫صع َدا‬
‫من اجملد‪ ،‬مثّ مضى ُم ح‬ ‫أيديهم‬
‫ُ‬ ‫فنَال الّذي فوق‬

‫يدا‪ ،‬وبني أن يتل ّقى رايته ابليمني‪ .‬وهذا = إن‬


‫رجعت إىل نفسك‪ ،‬مل جتد فرقًا بني أن ُيُد إىل اجملد ً‬
‫َ‬ ‫إذا‬
‫ي‪،‬‬
‫الضرب من الغلط‪ ،‬كال ّداء ال ّدو ّ‬
‫أبني من أن حتتاج فيه إىل فضل قول‪ّ .‬إال أ ّن هذا ّ‬
‫أردت احلق = ُ‬
‫َ‬
‫الكي عليه والعالج منه‪ ،‬فجنايَته على معاين‪/‬ما َش ُرف من الكالم عظيمة‪ ،‬وهو‬
‫يستقصى يف ّ‬
‫َ‬ ‫حقُّه أن‬
‫مادة للمتكلّفني يف التّأويالت البعيدة واألقوال الشنيعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫***‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬غابت عين هذه األبيات‪ ،‬وسليمان بن قتة العدوي‪ ،‬موىل (تيم قريش) تيم بن مرة بن كعب بن لؤي‪.‬‬

‫(‪( )2‬الفرس) مصدر (فرس األسد الفريسة)‪ ،‬دق عنقها‪ .‬و(الضغن)‪ ،‬املنطوى على الضغن‪ ،‬وهو احلقد‪ .‬و(احلرون)‪ ،‬الصعب ال ينقاد‪.‬‬

‫ابلشىء)‪ ،‬إذا أخذه وقبض عليه بقوة‪.‬‬


‫(‪( )3‬أسد مدل)‪ ،‬جرئ يدل جبرأته‪ .‬و(األسر)‪ ،‬شدة اخللق‪ .‬و(يضبث) من (ضبث ّ‬

‫(‪ )4‬هو يف ديوانا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫]صفحة ‪[363‬‬

‫قطعا‬
‫وظن ّأنا مقطوعةٌ عنها ً‬ ‫ومثَ ُل من توقف يف التّفات هذه األسامي إىل معانيها األ َُول‪ّ ،‬‬ ‫‪َ – 311‬‬
‫ۡ‬
‫ك لَذكَرى ل َمن‬
‫الصلةَ بينها وبني ما جازت إليه‪َ ،‬مثَ ُل َمن إذا نظر يف قوله تعاىل ‪ ( :‬إن فی َذ  ⁠ٰل َ‬‫يرفع ّ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ب أ َۡو أَل َقى ٱلس ۡم َع َوُه َو َشهيد )(سورة ق ‪ ،)37 :‬فرأى املعّن على الفهم والعقل = (‪)1‬أخده‬
‫َكا َن لَهُۥ قَ ٌ‬
‫ل‬
‫ويدخ َل إىل‬
‫أيخذه من جهته‪ُ ،‬‬ ‫ساذجا وقَبلَه غُ حف ًال‪ ،‬وقال ‪( :‬القلب‪ ،‬ههنا مبعّن ‪ :‬العقل) = وترك أن ُ‬ ‫ً‬
‫فيقول ‪( :‬إنّه حني مل ينتفع بقلبه‪ ،‬ومل يفهم بعد أن كان القلب للفهم‪ُ ،‬جع َل‬
‫املعّن من طريق املثَل َ‬
‫َ‬
‫وخلع من صدره َخ حل ًعا‪ ،‬كما ُجعل الّذي ال يَعي احلكمة وال يُعمل الفكر‬
‫القلب مجلةً ُ‬
‫كأنّه قد َعد َم َ‬
‫الصمم) = (‪)2‬ويذهب‬‫الع َمى و ّ‬
‫للسمع والبصر‪ ،‬وداخل يف َ‬ ‫عادم ّ‬
‫عينه وتَسمعه أذنه‪ ،‬كأنّه ٌ‬
‫فيما تُدركه ح‬
‫السامع‬
‫حيضرين قليب) فإنّه يريد أن ُُييّ َل إىل ّ‬
‫عين قليب)‪ ،‬و (ليس ُ‬
‫الرجل إذا قال ‪( :‬قد غاب ّ‬
‫عن أ ّن ّ‬
‫ب عقلي)‪ ،‬وإن كان املرجع عند التّحصيل‬
‫وعَز َ‬
‫عين علمي َ‬‫أنّه قد فقد قلبه‪ ،‬دون أن يقول ‪( :‬غاب ّ‬
‫الشىء‪ ،‬فهو يضع كالمه على‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬كما أنّه إذا قال ‪( :‬مل أكن ههنا)‪ ،‬يريد ش ّدة غفلته عن ّ‬
‫ختييل أنّه كان غاب هكذا جبملته وبذاته‪ ،‬دون أن يريد اإلخبار أب ّن علمه مل يكن هناك‪.‬‬

‫***‬

‫‪ – 312‬وغرضي هبذا أن أُ حعلمك أ ّن َم حن َع َد َل عن الطّريقة يف اخلَف ّي‪ ،‬أفضى به ُ‬


‫األمر إىل أن يُحنكر‬
‫السبيل‪ .‬والّذي جلب‬
‫اجللي‪ ،‬وصار من دقيق اخلطأ إىل اجلليل‪ ،‬ومن بعض االحنرافات إىل ترك ّ‬
‫ّ‬
‫الشىء وحده‪،‬‬
‫الفن‪ ،‬أ ّن الفرق بني أن يكون الشبَهُ مأخو ًذا من ّ‬
‫ط الّذي تراه يف هذا ّ‬
‫التّخليط واخلَحب َ‬
‫وبني أن‪/‬‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬السياق ‪( :‬مثل من إذا نظر يف قوله تعاىل ‪ ...‬أخذه ساذخجا ‪.) ...‬‬

‫(‪ )2‬السياق ‪( :‬وقال القلب ههنا مبعّن العقل ‪ ،...‬ويذهب عن أن الرجل ‪ ،)...‬عطف مجلة على مجلة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫]صفحة ‪[364‬‬

‫عرفتُك = يف الفرق بني االستعارة والتّمثيل =‬


‫يُؤخذ ما بني شيئَني‪ ،‬ويُحن تَزع من جمموع كالم‪ ،‬هو كما ّ‬
‫الشبهة على اإلنسان من حيث ال يعلم‪ ،‬وهو من السهل املمتنع‪ ،‬يُريك‬
‫ابب من القول تدخل فيه ّ‬
‫( ‪ٌ )1‬‬
‫( ‪)2‬‬ ‫ت فيه رايضتُك وبه بقيّة ِشاس‪.‬‬
‫أن قد انقاد وبه إابءٌ‪ ،‬ويومهك أن قد أث َر ح‬
‫‪ – 313‬ومن خاصيّته أنّك ال تفرق فيه بني املوافق واملخالف‪ ،‬واملعرتف به واملنكر له‪ ،‬فإنّك ترى‬
‫ط ‪ّ :‬إما يف أصل املعّن‪،‬‬
‫حت إذا صار إىل نظري له َخل َ‬
‫الشيء منه‪ ،‬ويُقّر أبنّه َمثَ ٌل‪ّ ،‬‬
‫الرجل يوافقك يف ّ‬
‫ّ‬
‫وإما يف العبارة‪.‬‬
‫ّ‬
‫القوة‪ ،‬وكذكرهم أ ّن القلب يف اآلية مبعّن‬
‫أتول اليمني على ّ‬
‫= فالتّخليط يف املعّن كما مضى‪ ،‬من ّ‬
‫وجها اثنيًا‪.‬‬
‫العقل‪ ،‬مثّ َع ّدهم ذلك ً‬
‫= والتّخليط يف العبارة‪ ،‬كنحو ما ذكره بعضهم يف قوله ‪:‬‬

‫( ‪)3‬‬ ‫مقاديرها‬
‫ُ‬ ‫بكف اإللَه‬
‫ّ‬ ‫األمور‬
‫هون عليك فإ ّن َ‬
‫ّ‬
‫فإنّه استشهد به يف أتويل خرب جاء يف عظَم الثّواب على الّزكاة إذا كانت‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬مضى ذلك يف رقم ‪ 198 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫ت الدابة)‪ ،‬شردت ومجحت ومنعت ظهرها‪.‬‬


‫(ِشَ َس ح‬
‫(‪( )2‬الشماس)‪ ،‬مصدر ‪َ :‬‬

‫مأمورها‬
‫عنك ُ‬ ‫وال قاصر َ‬ ‫آبتيك َمنحهيُّ َها‬
‫(‪ )3‬هذا أحد بيتني‪ ،‬اثنيهما ‪ :‬فليس َ‬

‫ومها لألعور الشين (اتبعي مسن‪ ،‬أو خمضرم)‪ ،‬ذكرمها سيبويه له ‪ ،31:1‬واحلماسة البصرية رقم ‪ ،625 :‬ومها يف شرح شواهد املغين البغدادي‬
‫‪ ،275-269:3‬والسيوطي أيضا ‪ ،295 ،146 :‬واستشهد ابألول يف اخلزانة ‪ ،148:10‬وابلثاين فيها ‪ ،136:4‬وكتاب العمدة‪ ،‬نسبهما‬
‫لعمر بن اخلطاب‪ ،‬مث قال ‪( :‬يقال مها لألعور الشين)‪ ،‬ونقل البغدادي عن البيهقي يف األمساء والصفات إبسناده أن عمر كان يكثر‬
‫إنشادمها على املنرب‪ ،‬دون نسبة‪ ،‬ويف أنساب األشراف (‪ )362:5‬أن عبد هللا بن الزبري حني كان املنجنيق جييئه‪ ،‬فيقال له ‪ :‬تن ّح‪ ،‬فينشد‬
‫البيتني‪ .‬ونسبهما صاحب العقد (‪ )207:3‬البن أب حازم‪ ،‬وال أعلم من هو اآلن‪ .‬وذكر البيت األول اجلاحظ يف رسالة النصارى (رسائل‬
‫اجلاحظ ‪ ،)337:3‬فظن األستاذ عبد السالم هرون أن ما يف العقد خطأ‪ ،‬وأن الشعر حملمد ابن حازم بن عمرو الباهلي‪ ،‬وهو متأخر يف‬
‫الدولة العباسية‪ .‬فمحال أن ينشدمها عمر بن اخلطاب وعبد هللا بن الزبري‪ ،‬وأن يستشهد هبما سيبويه يف كتابه‪ .‬وقال البغدادي يف شرح‬
‫شواهد املغين ‪( :‬رأيتهما يف ديوان أمري املؤمنني علي بن أب طالب)‪ .‬والصواب هو األول‪ ،‬لألعور الشين‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫]صفحة ‪[365‬‬

‫الكف ههنا مبعّن‬


‫السلطان وامللك والقدرة‪ ،‬قال ‪ :‬وقيل ّ‬
‫(الكف ههنا مبعّن ‪ّ :‬‬
‫من الطّيّب مثّ قال ‪ّ )1( :‬‬
‫يب صلّى هللا عليه وسلّم ‪( :‬إ ّن أحدكم إذا تص ّدق‬
‫‪ :‬النّعمة) اه‪ .‬واخلرب هو ما رواه أبو هريرة عن النّ ّ‬
‫يرب أحدكم‬
‫ابلتّمرة من الطّيّب – وال يقبل هللا ّإال الطّيّب – جعل هللا ذلك يف ك ّفه‪ ،‬فريبّيها كما ّ‬
‫السلطان والقدرة والنّعمة‪ ،‬ولكنّه أراد املثَل‬
‫ُحد)‪ .)2(،‬وعلى االنفراد‪ ،‬مبعّن ّ‬ ‫حت يبلغ ابلتّمرة مثل أ ُ‬
‫فلُوه ّ‬
‫وضرره‪/‬على الكالم أبني‪.‬‬
‫فأساء العبارة‪ّ ،‬إال أ ّن من سوء العبارة ما أَثَُر التّقصري فيه أظهر‪ُ ،‬‬
‫الرجوع إىل الغرض‪ .‬وجيب أن تعلّم قبل ذلك‬
‫يفرد بكالم‪ ،‬والوجه ّ‬
‫حت َ‬‫يتم ّ‬
‫واستقصاء هذا الباب ال ّ‬
‫الصريح أو‬
‫أ ّن خالف َمن خالف يف (الي ّد) و (اليمني)‪ ،‬وسائر ما هو جماز ال من طريق التّشبيه ّ‬
‫مت من ح ّد احلقيقة واجملاز‪ ،‬ألنّه ال ُيرج يف خالفه عن واحد من‬
‫التّمثيل‪ ،‬ال يقدح فيما ق ّد ُ‬
‫القوة‪ ،‬فقد جعلها حقيقة‪ ،‬وأغناها عن أن تستند‬
‫االعتبارين‪ ،‬فمت جعل (اليمني) على انفرادها تفيد ّ‬
‫يف داللتها إىل شيء = وإن اعرتف بضرب من احلاجة إىل اجلارحة والنّظر إليها‪ ،‬فقد وافق يف أ ّنا‬
‫جماز‪ .‬وكذا القياس يف ابب كلّه‪ ،‬فاعرفه‪.‬‬

‫***‬

‫(‪ )1‬مل أعرف قائله‪.‬‬

‫(‪ )2‬حديث أب هريرة بنحو ما هو هنا يف البخاري‪ ،‬كتاب الزكاة‪( ،‬ابب الصدقة من الكسب الطيب)‪( ،‬الفتح ‪ )222-220 : 3‬ويف كتاب‬
‫ۡ ۡ ٰۤ‬
‫وح إلَ ۡيه )‪( ،‬الفتح ‪ ،)352 : 13‬ورواه مسلم يف كتاب الزكاة‪( ،‬ابب قبول الصدقة من الكسب‬‫التوحيد‪ ( ،‬قوله تعاىل ‪ :‬تَع ُر ُج ٱل َملَ َ ُ‬
‫لر‬
‫ُّ‬ ‫ٱ‬
‫و‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ى‬‫ِٕ‬
‫الطيب)‪ ،‬مث كثري من دواوين السنة‪ .‬و(الفلح ُو) و(ال َفلُّو)‪ ،‬املهر إذا فطم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫]صفحة ‪[366‬‬

‫فصل‬

‫( يف جماز العقلي واجملاز اللغوي والفرق بينهما )‬

‫‪ – 314‬والّذي ينبغي أن يُذكر اآلن ‪ :‬ح ّد اجلملة يف احلقيقة واجملاز‪ّ ،‬إال أنّك حتتاج أن تعرف يف‬
‫ختصت الفائدة ابجلملة‪ ،‬ومل جيز‬
‫أصال‪ ،‬وهو املعّن الّذي من أجله ا ّ‬
‫صدر القول عليها ومق ّدمته ً‬
‫ض ّم إليه‪ ،‬والعلّة يف ذلك أ ّن مدار‬
‫حصوهلا ابلكلمة الواحدة‪ ،‬كاالسم الواحد‪ ،‬والفعل من غري اسم يُ َ‬
‫أقدمها‪ ،‬والّذي تستند‬
‫في‪ ،‬أال ترى أ ّن (اخلرب) ّأول معاين الكالم و ُ‬
‫الفائدة يف احلقيقة على اإلثبات والنّ ّ‬
‫سائر املعاين إليه وترتتّب عليه؟ وهو ينقسم إىل هذين احلكمني‪.‬‬

‫ب زي ٌد) أو (زي ٌد‬


‫(ضَر َ‬
‫وإذا ثبت ذلك‪ ،‬فإ ّن اإلثبات يقتضي مثبتا ومثبَتا له‪ ،‬حنو أنّك إذا قلت ‪َ :‬‬
‫في يقتضي منفيّا ومنفيّا عنه‪ ،‬فإذا‬
‫للزيد = وكذلك النّ ّ‬‫فعال أو وص ًفا ّ‬
‫الضرب ً‬
‫ت ّ‬ ‫ب)‪ ،‬فقد أثب ّ‬
‫ضار ٌ‬
‫فعال‬
‫الضرب عن زيد وأخرجته عن أن يكون ً‬ ‫ضارب)‪ ،‬فقد نفيت ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ضرب زي ٌد) و (ما زي ٌد‬
‫قلت ‪( :‬ما َ‬
‫فلما كان األمر كذلك احتيج إىل شيئني‪/‬يتعلّق اإلثبات والنّفي هبما‪ ،‬فيكون أحدمها ُمثبتا واآلخر‬
‫له‪ّ .‬‬
‫الشيئان ‪ :‬املبتدأ واخلرب‪،‬‬
‫مثبَتا له = وكذلك يكون أحدمها منفيّا واآلخر منفيّا عنه‪ .‬فكان ذانك ّ‬
‫(م حسنَ ٌد إلَحيه) و‬
‫نفي عنه ُ‬
‫(حديث)‪ ،‬وللمثبَت له وامل ّ‬
‫ٌ‬ ‫(م حسنَ ٌد) و‬
‫املنفي ُ‬
‫والفعل والفاعل‪ .‬وقيل للمثبت و ّ‬
‫ت الفائدة أن حتصل لك من االسم الواحد أو الفعل وحده‪ ،‬صرت كأنّك‬ ‫ث َعحنهُ)‪ .‬وإذا ُرحم َ‬
‫(حمَد ٌ‬
‫ُ‬
‫الشيء الواحد مثبتا ومثبَتا له‪ ،‬ومنفيّا ومنفيّا عنه‪ ،‬وذلك حمال‪.‬‬‫تطلُب أن يكون ّ‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬هذه الزايدة من مطبوعة رشيد رضا وحدها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫]صفحة ‪[367‬‬

‫مرتني‪،‬‬
‫حكمي اإلثبات والنّفي حاجة إىل أن تقيّده ّ‬
‫لكل واحد من َ‬
‫‪ – 315‬فقد حصل من هذا أ ّن ّ‬
‫وتُعلّقه بشيئني‪.‬‬

‫الضرب لزيد‪ .‬فقولك ‪( :‬إثبات‬


‫ت إثبات ّ‬
‫ب زي ٌد)‪ ،‬فقد قصد ّ‬
‫(ضَر َ‬
‫تفسري ذلك ‪ :‬أنّك إذا قلت ‪َ :‬‬
‫مرة أخرى‬
‫حت تقيّده ّ‬
‫الضرب = مثّ ال يكفيك هذا التّقييد ّ‬
‫الضرب)‪ ،‬تقييد لإلثبات إبضافته إىل ّ‬
‫ّ‬
‫تصور‬
‫الضرب لزيد)‪ ،‬فقولك ‪( :‬لزيد)‪ ،‬تقييد اثن ويف حكم إضافة اثنية‪ .‬وكما ال يُ ّ‬
‫فتقول ‪( :‬إثبات ّ‬
‫أن يكون ههنا إثبات مطلق غري مقيّد بوجه = يعين أن يكون إثبات وال ُمثبَت له وال شيء يقصد‬
‫تصور أن يكون‬
‫بذلك اإلثبات إليه‪ ،‬ال صفة وال حكم وال موهوم بوجه من الوجوه = كذلك ال يُ ّ‬
‫احدا‪ ،‬حنو إثبات شيء فقط‪ ،‬دون أن تقول ‪( :‬إثبات شيء لشيء)‪ ،‬كما‬
‫تقييدا و ً‬
‫ههنا إثبات مقيّ ٌد ً‬
‫ملطق‪ ،‬وال نفي شيء فقط‪ ،‬بل‬
‫نفي ٌ‬‫يتصور ٌ‬
‫في هبذه املنزلة‪ ،‬فال ّ‬
‫الضرب لزيد‪ .‬والنّ ُ‬
‫مضى من إثبات ّ‬
‫حتتاج إىل قيدين كقولك ‪( :‬نفي شيء عن شيء)‪.‬‬

‫الراسيات وال تزول‪ .‬وال تنظر إىل قوهلم ‪( :‬فالن يثبت كذا)‪،‬‬
‫فهذه هي القضيّة املربمة الثّابتة الّيت تزول ّ‬
‫أي ‪ :‬يقضي بعدمه‪/‬كقولنا ‪( :‬أبو احلسن يثبت مثال‬
‫أي ‪ :‬ي ّدعي أنّه موجود‪ ،‬و (ينفي كذا)‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ُجخ َدب بفتح ال ّدال‪ ،‬وصاحب الكتاب ينفيه)‪ ،‬أل ّن الّذي قصدتّه هو اإلثبات والنّفي يف الكالم‪.‬‬

‫***‬

‫حكما آخر ‪ :‬هو كتقييد اثلث‪ ،‬وذلك‬


‫قييدين ً‬
‫‪ – 316‬مثّ اعلم أ ّن يف اإلثبات والنّفي بعد هذين التّ َ‬
‫مرة من جهة‪ ،‬وأخرى من‬
‫للشيء ّ‬
‫الشيء ّ‬
‫أ ّن لإلثبات جهةً‪ ،‬وكذلك النّفي‪ .‬ومعّن ذلك ‪ :‬أنّك تثبت ّ‬
‫جهة غري تلك األوىل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫]صفحة ‪[368‬‬

‫ض زيد)‪ ،‬فتُثبت املرض‬


‫(مر َ‬
‫فعال لزيد‪ .‬وتقول ‪َ :‬‬
‫الضرب ً‬
‫وتفسريه ‪ :‬أنّك تقول ‪( :‬ضرب زيد)‪ ،‬فتُثبت ّ‬
‫يوصف‬
‫وص ًفا له‪ ،‬وهكذا سائر ما كان من أفعال الغرائز والطّباع‪ ،‬وذلك يف اجلملة على ما ال ّ‬
‫الشيء الواحد‬
‫يتصور يف ّ‬
‫صَر‪ .‬وقد ّ‬
‫ال وقَ ُ‬
‫وح ُس َن وقَبُ َح وطَ َ‬
‫ف َ‬‫اإلنسان ابلقدرة عليه‪ ،‬حنو ‪َ :‬ك ُرَم وظَُر َ‬
‫معّن يفعله اإلنسان يف نفسه حنو ‪( :‬قام) و‬
‫دل على ً‬
‫مجيعا‪ ،‬وذلك يف ك ّل فعل ّ‬
‫أن تُثبته من اجلهتَني ً‬
‫فعال له من حيث تقول ‪( :‬فَ َع َل القيام) و (أمرتُه أبن‬
‫أثبت القيام ً‬
‫(قعد)‪ .‬إذا قلت ‪( :‬قام زيد)‪ ،‬فقد ّ‬
‫يفعل القيام)‪ ،‬وأثبتّه أيضا وص ًفا له من حيث أ ّن تلك اهليئة موجودة فيه‪ ،‬وهو يف اكتسابه هلا‬
‫توصف ابلقيام‪ ،‬ال من حيث كانت فاعلةً‬
‫الشجرة القائمة على ساقها الّيت ّ‬
‫كالشخص املنتصب‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫موجودا فيها‪.‬‬
‫ً‬ ‫له‪ ،‬بل من حيث كان وص ًفا‬

‫***‬

‫عرفت هذا األصل‪ ،‬فههنا أصل آخر يدخل يف غرضنا ‪ :‬وهو أ ّن األفعال على‬
‫‪ – 317‬وإذ قد َ‬
‫ضربَني ‪( :‬متع ّد) و (غري متع ّد)‪ ،‬فاملتع ّدي على ضربَني ‪:‬‬

‫يدا) مفعول به‪ ،‬ألنّك فعلت‬


‫يدا)‪( ،‬ز ً‬
‫بت ز ً‬
‫ضرب يتع ّدي إىل شيء هو مفعول به‪ ،‬كقولك ‪( :‬ضر ُ‬
‫ٌ‬
‫الضرب ومل يفعله بنفسه‪.‬‬
‫به ّ‬
‫كل ما كان مثله‬
‫وضرب يتع ّدي إىل شيء هو مفعول على اإلطالق‪ ،‬وهو يف احلقيقة (ك َف َع َل) و ّ‬
‫ٌ‬
‫وعم َل‪ ،‬وأ حَو َج َد‪ ،‬وأَنح َشأَ)‪ .‬ومعّن قويل ‪( :‬من ً‬
‫معّن‬ ‫(كصنَ َع‪َ ،‬‬
‫خاص َ‬
‫معّن ّ‬
‫مشتق من ً‬ ‫غري ّ‬
‫عاما َ‬
‫يف كونه ًّ‬
‫(الضرب) أو (أ حَعلَ َم) الّذي هو مأخوذ من العلم‪.‬‬ ‫مشتق من ّ‬ ‫ب) الّذي هو ّ‬
‫(كضَر َ‬
‫خاص)‪ ،‬أنّه ليس َ‬
‫ّ‬
‫كل ما له مصدر‪ ،‬ذلك املصدر يف حكم جنس من املعاين‪.‬‬
‫وهكذا ّ‬

‫‪12‬‬
‫]صفحة ‪[369‬‬

‫الشيء على اإلطالق‪ ،‬كقولك ‪:‬‬


‫الضرب إذا أُسند إىل شيء كان املنصوب له مفعوال لذلك ّ‬
‫فهذا ّ‬
‫القيام)‪ ،‬فالقيام مفعول يف نفسه وليس مبفعول به‪.‬‬
‫(فعل زي ٌد َ‬
‫املوت واحلياة)‪ ،‬واملنصوب يف هذا‬
‫(خلق هللا األانسي‪ ،‬وأنشأ العامل‪ ،‬وخلق َ‬
‫أحق من ذلك أن تقول ‪َ :‬‬
‫و ّ‬
‫كلّه مفعول مطلق ال تقييد فيه‪ ،‬إذ من احملال أن يكون معّن ‪( :‬خلق العامل) (فَ َع َل اخللق به)‪ ،‬كما‬
‫(خلَ َق) (كالفعل) من (فَ َع َل)‪ ،‬فلو‬
‫الضرب بزيد)‪ ،‬أل ّن (اخلَحلق) من َ‬
‫(فعلت ّ‬
‫ُ‬ ‫يدا)‬
‫تقول يف (ضربت ز ً‬
‫حت يكون معّن ‪:‬‬
‫جاز أن يكون املخلوق كاملضروب‪ ،‬جلاز أن يكون املفعول يف نفسه كذلك‪ّ ،‬‬
‫(فَ َع َل القيام) (فعل َشحي ئًا ابلقيام)‪ ،‬وذلك من شنيع احملال‪.‬‬

‫***‬

‫الضرب = يعين فيما منصوبُه مفعول‪،‬‬


‫‪ – 320‬وإذ قد عرفت هذا‪ ،‬فاعلم أ ّن اإلثبات يف مجيع هذا ّ‬
‫فعال‬
‫الضرب ً‬
‫ت ّ‬ ‫الضرب)‪ ،‬كنت أثب ّ‬
‫وليس مفعوال به يتعلّق بنفس املفعول‪ .‬فإذا قلت ‪( :‬فعل زي ٌد ّ‬
‫يصح يف شيء من هذا‬
‫لزيد‪ ،‬وكذلك تثبت (العامل) يف قولك (خلق هللا العامل)‪َ ،‬خ حل ًقا هلل تعاىل‪ .‬وال ّ‬
‫وجهل نعوذ ابهلل منه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عظيم‬
‫وتوهم ذلك خطأ ٌ‬
‫الباب أن تُثبت املفعول وص ًفا ألبتة‪ُّ ،‬‬

‫الضرب اآلخر ‪ :‬وهو الّذي منصوبه مفعول به‪ ،‬فإنّك تُثبت فيه املعّن الّذي اشتُ ّق منه فَ َع َل فعالً‬
‫و ّأما ّ‬
‫يلحق اإلثبات مفعولَه‪،‬‬ ‫يدا)‪ ،‬فال يُتص ّور أن َ‬‫بت ز ً‬
‫الضرب لنفسك يف قولك ‪( :‬ضر ُ‬ ‫للشيء‪ ،‬كإثباتك ّ‬
‫ّ‬
‫أبعد يف اإلحالة‪.‬‬
‫فعال‪ ،‬وإثباتُه وص ًفا ُ‬
‫ألنّه إذا كان مفعوال به‪ ،‬ومل يكن فعال لك‪/‬استحال أن تُثبته ً‬
‫رب‬
‫الض َ‬
‫مضرواب‪ ،‬فإ ّن ذلك يرجع إىل أنّك تُثبت ّ‬
‫ً‬ ‫يدا‬
‫أثبت ز ً‬
‫يدا)‪ ،‬إنّك ّ‬
‫بت ز ً‬
‫فأما قولنا يف حنو ‪( :‬ضر ُ‬
‫ّ‬
‫ذات زيد لك‪،‬‬
‫فأما أن تُثبت َ‬
‫اقعا به منك‪ّ ،‬‬‫وً‬

‫‪13‬‬
‫]صفحة ‪[370‬‬

‫(أحيَا هللا‬
‫تصور‪ ،‬أل ّن اإلثبات كما مضى ال ب ّد له من جهة‪ ،‬وال جهةَ ههنا‪ .‬وهكذا إذا قلت ‪ :‬ح‬
‫فال يُ ّ‬
‫فعال هلل هبذا‬
‫فأما ذات زيد‪ ،‬فلم تُثبتها ً‬
‫فعال هلل تعاىل يف زيد‪ّ ،‬‬
‫يدا)‪ ،‬كنت يف هذا الكالم ُمثبتًا احلياةَ ً‬
‫زً‬
‫يدا) و (وأوجده) وما شاكله‪،‬‬
‫الكالم‪ ،‬وإّّنا يتأتّى لك ذلك بكالم آخر‪ ،‬حنو أن تقول ‪( :‬خلق هللا ز ً‬
‫خاص كاحلياة واملوت وحنومها من املعاين‪.‬‬
‫معّن ّ‬
‫شتق من ً‬
‫ممّا ال يُ ّ‬

‫***‬

‫أردت أن تقضي يف اجلملة‬


‫رت هذه املسائل‪ ،‬فينبغي أن تعلّم أ ّن من ح ّقك إذا َ‬
‫تقر ح‬
‫‪ – 318‬وإذ قد ّ‬
‫مبجاز أو حقيقة‪ ،‬أن تنظر إليها من جهتني ‪:‬‬

‫إحدامها ‪ :‬أن تنظر إىل ما وقع هبا من اإلثبات‪ ،‬أهو يف ح ّقه وموضعه‪ ،‬أم قد زال عن املوضع‬
‫الّذي ينبغي أن يكون فيه؟‬

‫والثّانية ‪ :‬أن تنظر إىل املعّن املثبَت = يعين ‪ :‬ما وقع عليه اإلثبات‪ ،‬كاحلياة يف قولك ‪( :‬أحيا هللا‬
‫أاثبت هو على احلقيقة‪ ،‬أم قد عُدل به عنها؟‬
‫الشيب يف قولك ‪( :‬أشاب هللا رأسي)‪ٌ = ،‬‬
‫زيدا)‪ ،‬و ّ‬
‫وإذا ُمثّل لك دخول اجملاز على اجلملة من الطّري َقني‪ ،‬عرفت ثَبَ َاَتا على احلقيقة منهما‪.‬‬

‫***‬

‫‪ – 319‬فمثال ما دخله اجملاز من جهة اإلثبات دون املثبَت قوله ‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬ ‫حيث تكو ُن‬


‫أنشحز َن نفسي فوق ُ‬
‫و َ‬ ‫ب ّأاي ُم الفراق َمفارقي‬
‫وشي َ‬
‫َ‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬هو جلميل يف ديوانه اجملموع‪ ،‬ومراجعه هناك‪ .‬و(أنشز َن نفسي)‪ ،‬أي بلغت روحه احللقوم‪ .‬وروايته يف الديوان ‪( :‬وشيب روعات الفراق)‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫]صفحة ‪[371‬‬

‫وقوله ‪:‬‬

‫( ‪)1‬‬ ‫العشي‬
‫ومُّر َ‬
‫َر َكُّر الغَداة َ‬ ‫غري وأفّن الكيب‬
‫الص َ‬
‫أشاب ّ‬

‫لكر اللّيايل‪ ،‬وهو الّذي أُزيل عن موضعه الّذي ينبغي أن‬


‫لألايم و ّ‬
‫فعال ّ‬
‫الشيب ً‬
‫‪/‬اجملاز واقع يف إثبات ّ‬
‫فعال = أن ال يكون ّإال مع أمساء هللا‬
‫الشيب ً‬
‫حق هذا اإلثبات = يعين إثبات ّ‬
‫يكون فيه‪ ،‬أل ّن من ّ‬
‫األايم‬
‫الشيب فع ًال لغري القدمي سبحانه‪ .‬وقد ُو ّجه يف البيتَني كما ترى إىل ّ‬
‫يصح وجود ّ‬
‫تعاىل‪ ،‬فليس ّ‬
‫الشيب‪ .‬و ّأما املثبَت فلم يقع فيه‬
‫الشيب وال غريُ ّ‬
‫كر اللّيايل‪ ،‬وذلك ما ال يُثبَت له فعل بوجه‪ ،‬ال ّ‬
‫وّ‬
‫الشيب وهو موجود كما ترى‪.‬‬
‫جماز‪ ،‬ألنّه ّ‬
‫(سرين لقاؤك)‪ ،‬فاجملاز يف اإلثبات دون املثبَت‪ ،‬أل ّن املثبَت هو‬
‫(سرين اخلرب) و ّ‬
‫وهكذا إذا قلت ‪ّ :‬‬
‫(السرور)‪ ،‬وهو حاصل على حقيقته‪.‬‬
‫ّ‬
‫***‬

‫ۡ‬
‫وجل ‪ ( :‬أ ََوَمن َكا َن َم ۡي تا فَأ َۡحيَ ۡي نَهُ َو َج َعلنَا‬ ‫عز ّ‬ ‫‪ – 321‬ومثال ما دخل اجملاز يف ُمثبَته دون إثباته‪ ،‬قوله ّ‬
‫ۡ‬
‫لَهُۥ نُورا َُيشی بهۦ فی ٱلناس )(سورة األنعام‪ ،)122:‬وذلك أ ّن املعّن – وهللا أعلم – على أن ُجعل العلم‬
‫ا‬
‫ك ُروحا ّم ۡن أ َۡمرَان‬ ‫ي‬‫واهلدى واحلكمة حياة للقلوب‪ ،‬على حد قوله عز وجل ‪ ( :‬وكذ  ⁠ٰلك أ َۡوح ۡي ن ٰۤا إلَ ۡ‬
‫ّ ّ ََ َ َ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فأما اإلثبات فواقع على حقيقته‪ ،‬ألنّه ينصرف إىل‬ ‫)(سورة الشورى‪ ،)52:‬فاجملاز يف املثبَت هو (احلياة)‪ّ ،‬‬
‫كائن من عنده‪.‬‬
‫فضل من هللا و ٌ‬ ‫أ ّن اهلدى والعلم واحلكمة ٌ‬

‫_____________________________________________________________________‬

‫(‪ )1‬هو للصلتان العبدي‪ ،‬وشعره يف شرح احلماسة ‪ ،111:3‬والكامل ‪( ،1101:3‬طبعة حممد أمحد الدايل‪ ،‬دمشق)‪ ،‬وغريمها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫]صفحة ‪[372‬‬
‫ا‬
‫ض بَ ۡع َد َم ۡوَتَا )(سورة فاطر‪ ،)9:‬وقوله ‪ ( :‬إن‬ ‫ومن الواضح يف ذلك قوله عز وجل ‪ ( :‬فأ َۡحي ۡي نا به ٱ ۡأل ۡ‬
‫َر‬
‫َ‬ ‫ّ ّ َ ََ‬
‫ۡ‬
‫اها لَ ُم ۡحی ٱل َم ۡوتَ ٰۤى اٰ )(سورة فصلت ‪ ،)39:‬جعل ُخضرة األرض ونضرَتا وهبجتها مبا يُظهره هللا‬ ‫ي‬
‫ََ‬
‫ٱلذ ٰۤی أ ۡ‬
‫َح‬
‫جمازا يف املثبَت‪ ،‬من‬
‫الصنع‪ ،‬حياةً هلا‪ ،‬فكان ذلك ً‬ ‫تعاىل فيها من النّبات واألنوار واألزهار وعجائب ّ‬
‫فمحض احلقيقة‪ ،‬ألنّه إثبات ملا‬
‫ُ‬ ‫فأما نفس اإلثبات‬
‫حيث جعل ما ليس حبياة حياةً على التّشبيه‪ّ ،‬‬
‫أحق من ذلك‪.‬‬
‫فعال هلل تعاىل‪،‬ال حقيقةَ ّ‬
‫مثال له ً‬
‫ضرب احلياة ً‬

‫***‬

‫مبعّن وصفةٌ‬
‫معّن ً‬
‫مجيعا‪ .‬وذلك أن يشبه ً‬
‫صور أن يدخل اجملاز اجلملةَ من الطّري َقني ً‬
‫‪/ - 322‬وقد يُت ّ‬
‫الصفة‪ ،‬فيكون‬
‫فعل تلك ّ‬
‫يصح الفعل منه‪ ،‬أو ُ‬
‫فعال ملا ال ّ‬
‫اسم تلك‪ ،‬مثّ تُثبَت ً‬
‫بصفة‪ ،‬فيستعار هلذه ُ‬
‫الرجل لصاحبه ‪( :‬أحيَ حتين رؤيتُك)‪ ،‬يريد ‪:‬‬
‫كل واحد من اإلثبات واملثبَت جم ٌاز‪ ،‬كقول ّ‬
‫أيضا يف ّ‬
‫الرؤية فاعلةً لتلك‬
‫ابلرؤية حياةً ّأوًال‪ ،‬مثّ جعل ّ‬
‫وسرتحين وحنوه‪ ،‬فقد جعل األُنس واملسرة احلاصلةَ ّ‬
‫آن َسحتين َ‬
‫احلياة‪.‬‬

‫املتنيب ‪:‬‬
‫وشبيهٌ به قول ّ‬
‫بس ُم واجلَ َدا‬
‫ويقتل ما حتيي التّ ّ‬
‫ُ‬ ‫املال الصوارُم وال َقنَا‬
‫وحتيي له َ‬
‫ُ‬

‫للصوارم‪ ،‬والقتل فع ًال‬


‫فعال ّ‬
‫أثبت احلياة ً‬
‫قتال‪ ،‬مثّ َ‬
‫الزايدة والوفور حياةً يف املال‪ ،‬وتفريقه يف العطاء ً‬
‫جعل ّ‬
‫يصح منهما‪.‬‬
‫بسم‪ ،‬مع العلم أب ّن الفعل ال ّ‬ ‫للتّ ّ‬
‫فعال‬
‫رهم)‪ ،‬جعل الفتنة هال ًكا على اجملاز‪ ،‬مثّ أثبت اهلالك ً‬
‫ينار وال ّد ُ‬
‫اس ال ّد ُ‬
‫ونوع منه ‪( :‬أهلك النّ َ‬
‫لل ّدينار وال ّدرهم‪ ،‬وليسا ممّا يفعالن‪ ،‬فاعرفه‪.‬‬

‫***‬

‫‪16‬‬
‫]صفحة ‪[373‬‬

‫‪ – 323‬وإذ قد ت ّبني لك املنهاج يف الفرق بني دخول اجملاز يف اإلثبات‪ ،‬وبني دخوله يف املثبَت‪ ،‬وبني‬
‫الصورة يف اجلميع‪ ،‬فاعلم أنّه إذا وقع يف اإلثبات فهو متل ّقى من العقل‪ ،‬وإذا‬
‫وعرفت ّ‬
‫َ‬ ‫أن ينتظمهما =‬
‫مت‬
‫صحة هذه ال ّدعوى‪ ،‬فإ ّن فيما ق ّد ُ‬
‫احلجةَ على ّ‬
‫طلبت ّ‬
‫عرض يف املثبَت فهو متل ّقى من اللّغة‪ ،‬فإن َ‬
‫من القول ما يبيّنها لك‪ ،‬وُيتصر لك الطّريق إىل معرفتها‪.‬‬

‫مرتني كقولك ‪( :‬إثبات شيء لشيء)‪ ،‬ولزم من ذلك‬


‫وذلك أ ّن اإلثبات إذا كان من شرطه أن يقيّد ّ‬
‫علمت‪/‬أ ّن‬
‫َ‬ ‫أن ال حيصل ّإال ابجلملة الّيت هي أتليف بني حديث وحمدث عنه‪ ،‬ومسنَد ومسنَد إليه‪،‬‬
‫مأخ َذه العقل‪ ،‬وأنّه القاضي فيه دون اللّغة‪ ،‬أل ّن اللّغة مل أتت لتح ُك َم حبكم أو لتُثبت وتنفي‪ ،‬وتَن ُقض‬
‫الضرب فعل لزيد‪ ،‬أو ليس بفعل له‪ ،‬وأ ّن املرض صفة له‪ ،‬أو ليس بصفة له‪ ،‬شيء‬
‫وتُربم‪ .‬فاحلكم أب ّن ّ‬
‫يتعرض على هذه ال ّدعوى من تصديق أو تكذيب‪ ،‬واعرتاف أو‬
‫يضعه املتكلّم ودعوى ي ّدعيها‪ .‬وما ّ‬
‫إنكار‪ ،‬وتصحيح أو إفساد‪ ،‬فهو اغرتاض على املتكلّم‪ ،‬وليس اللّغة من ذلك بسبيل‪ ،‬وال منه يف قليل‬
‫وال كثري‪.‬‬

‫صحة وفساد‪ ،‬وحقيقة وجماز‪ ،‬واحتمال‬


‫كم من ّ‬
‫كل وصف يستح ّقه هذا احل ُ‬
‫وإذا كان كذلك‪ ،‬كان ّ‬
‫العرب فيه‬
‫واستحالة‪ ،‬فاملرجع فيه والوجه إىل العقل احملض وليس للّغة فيه حظ‪ ،‬فال ُحتلي وال ُمتّر‪ ،‬و ّ‬
‫ُسس الّيت يبّن غريها عليها‪،‬‬
‫كي‪ ،‬أل ّن قضااي العقول هي القواعد واأل ُ‬
‫كالرت ّ‬
‫العجمي ّ‬
‫ّ‬ ‫كالعجمي‪ ،‬و‬
‫ّ‬
‫واألصول الّيت يَُرُّد ما سواها إليها‪.‬‬

‫ض )(سورة فاطر‪ ،)9:‬فإّّنا كان مأخ ُذه‬ ‫فأما إذا كان اجملاز يف املثبت كنحو قوله تعاىل ‪ ( :‬فأ َۡحي ۡي نا به ٱ ۡأل ۡ‬
‫َر‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اسم احلياة‬
‫اللّغة‪ ،‬ألجل أ ّن طريقة اجملاز أبن أجري ُ‬

‫‪17‬‬
‫]صفحة ‪[374‬‬

‫متثيال‪ ،‬مثّ اشتُ ّق منها = وهي يف هذا التّقدير = الفعل الّذي هو (أحيا)‪،‬‬
‫تشبيها و ً‬
‫على ما ليس حبياة‪ً ،‬‬
‫للصفة الّيت هي ض ّد املوت‪ ،‬فإذا ُجتُّوز يف االسم فأُجري‬
‫اقتضت أن تكون احلياة امسًا ّ‬
‫واللّغة هي الّيت ّ‬
‫على غريها‪ ،‬فاحلديث مع اللّغة‪ ،‬فاعرفه‪.‬‬

‫***‬

‫‪ – 324‬إن قال قائل = يف أصل الكالم الّذي وضعتُه على أ ّن اجملاز يقع اترة يف اإلثبات‪ ،‬واترة يف‬
‫املثبَت‪ ،‬وأنّه إذا وقع يف اإلثبات فهو طالع عليك من جهة العقل‪ ،‬وابد لك من أُفُقه = وإذا عرض‬
‫يف املثبَت فهو آتيك من انحية اللّغة = ‪:‬‬

‫ُنزل هكذا فأقول ‪:‬‬


‫مجيعا يف املثبَت وأ ّ‬
‫يت بني املسألتَني‪ ،‬و ّادعيت أ ّن اجملاز بينهما ً‬
‫ما‪/‬قولكم إن َسو ُ‬
‫(الفعل) الّذي هو مصدر (فَ َع َل) قد ُوضع يف اللّغة للتّأثري يف وجود احلادث‪ ،‬كما أ ّن احلياة موضوعة‬
‫السبب‬
‫ابلربيع من طريق ّ‬‫بيع الن حوَر)‪ُ ،‬جعل تعلُّ ُق الن حور يف الوجود ّ‬
‫الر ُ‬
‫لللصفة املعلومة‪ ،‬فإذا قيل ‪( :‬فعل ّ‬
‫ّ‬
‫نورا وحياةً‪ .‬وإذا كان‬
‫(فعال)‪ ،‬كما ُجت َعل ُخضرة األرض وهبجتها حياةً‪ ،‬والعلم يف قلب املؤمن ً‬
‫والعادة ً‬
‫فعال‪ ،‬وأُطلق اسم الفعل على غري ما ُوضع له يف اللّغة‪،‬‬
‫كذلك‪ ،‬كان اجملاز يف أن جعل ما ليس بفعل ً‬
‫لغواي‪ ،‬فينبغي أن يكون هذا‬
‫جمازا ًّ‬
‫كما جعل ما ليس حبياة حياةً وأجرى امسها عليه‪ ،‬فإذا كان ذلك ً‬
‫كذلك‪.‬‬

‫الشبهة‪ ،‬أن تنظر إىل مدخل اجملاز يف املسألتَني‪ .‬فإن كان مدخلهما‬
‫= فاجلواب إ ّن الّذي يدفع هذه ّ‬
‫ظننت‪ ،‬وإن لك يكن كذلك‪ ،‬استبان لك اخلطأ يف ظنّك‪.‬‬
‫من جانب واحد‪ ،‬فاألمر كما َ‬

‫‪18‬‬
‫]صفحة ‪[375‬‬

‫حتصل على اجملاز يف مسألة (الفعل) ابإلضافة ال بنفس‬


‫يبني اختالف دخوله فيهما‪ ،‬أنّك ُ‬
‫والّذي ّ‬
‫فعل هلل تعاىل‪ ،‬وإّّنا تصري إىل اجملاز إذا‬
‫فعال) مل تقع يف جماز‪ ،‬ألنّه ٌ‬
‫(أثبت الن حوَر ً‬
‫االسم‪ ،‬فلو فلت ‪ُّ :‬‬
‫للربيع)‪.‬‬
‫فعال ّ‬
‫أثبت الن حوَر ً‬
‫قلت ‪ُّ ( :‬‬
‫ب من غري إضافة‪ ،‬وذلك قولك‬ ‫فحس ُ‬
‫و ّأما يف مسألة (احلياة)‪ ،‬فإنّك حتصل على اجملاز إبطالق االسم ح‬
‫(أثبت هبجة األرض حياةً) أو (جعلها حياةً)‪ ،‬أفال ترى اجملاز قد ظهر لك يف (احلياة) من غري أن‬
‫‪َ :‬‬
‫أي ‪ :‬من غري أن قلت ‪( :‬لكذا)؟‬
‫أضفتها إىل شيء‪ّ ،‬‬
‫فعال له)‪ ،‬وتقول يف‬
‫للربيع ً‬
‫في‪ ،‬تقول يف مسألة الفعل ‪( :‬جعل ما ليس بفعل ّ‬
‫وهكذا إذا ع ّربت ابلنّ ّ‬
‫هذه ‪( :‬جعل ما ليس حبياة حياةً)‪/‬وتسكت‪ ،‬وال حتتاج أن تقول ‪( :‬جعل ما ليس حبياة لألرض حياةً‬
‫لألرض)‪ ،‬بل ال معّن هلذا الكالم‪ ،‬ألنّه يقتضي أنّك أضفت حياةً حقيقةً إىل األرض‪ ،‬وجعلتها مث ًال‬
‫بني اإلحالة‪.‬‬
‫حتيّا حبياة غريها‪ ،‬وذلك ُّ‬
‫وحتَقق‪ ،‬فإ ّن ذلك‬
‫ات الّيت جتري بني ال ّسائل واجمليب‪ُ ،‬‬
‫تأمل فيها العبار ُ‬
‫حق املسائل ال ّدقيقة أن تُ ّ‬
‫ومن ّ‬
‫فعال) احتذاءً لقولنا ‪( :‬جعل‬
‫يبني جهة الغلط‪ .‬وقولك ‪( :‬جعل ما ليس بفعل ً‬
‫يكشف عن الغرض‪ ،‬و ّ‬
‫لشبَه يٌدعى أو شيء‬
‫يصح = أل ّن معّن هذه العبارة أن يراد ابالسم غري معناه َ‬
‫ما ليس حبياة حياةً) ال ّ‬
‫كالشبه‪ ،‬ال أن يعطل االسم من الفائدة‪ ،‬فرياد هبا ما ليس مبعقول‪.‬‬
‫ّ‬
‫معّن‪ ،‬وأردان به صفةً معقولةً كاحلياة‬
‫أود حعّن االسم ً‬
‫جتوزان يف (احلياة)‪ ،‬فأردان هبا العلم‪ ،‬فقد َ‬
‫فنحن إذا ّ‬
‫معّن تزعم أ ّن لفظ (الفعل) يُن َقل‬
‫الربيع الن حوَر)‪ ،‬إىل ً‬
‫نفسها = وال ُيكنك أن تشري يف قولك ‪( :‬فعل ّ‬
‫عن معناه إليه‪ ،‬فرياد به‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫]صفحة ‪[376‬‬

‫حت تقول ‪( :‬مل أرد به التّأثري يف‬


‫قوال منه‪ ،‬كما عُقل التّأثري يف الوجود‪ ،‬و ّ‬
‫حت يكون ذلك املعّن مع ً‬
‫ّ‬
‫معّن‬
‫مثال‪ّ ،‬إال أنّه ً‬
‫كالشبيه‪ ،‬أو ليس بشبيه ً‬
‫الوجود‪ ،‬ولكن أردت املعّن الفالينّ الّذي هو شبيه به أو ّ‬
‫معّن آخر على االسم)‪ ،‬إذ ليس وجود الن حور بعقب املطر‪ ،‬أو يف زمان دون زمان‪ ،‬ممّا يعطيك‬
‫ف ً‬ ‫َخلَ َ‬
‫الزمان‪ ،‬فرتيده بلفظ (الفعل)‪ ،‬فليس ّإال أن تقول ‪( :‬ملا كان النّ حور ال يوجد ّإال‬
‫معّن يف املطر أو يف ّ‬
‫ً‬
‫ت له ذلك)‪ ،‬وإثبات احلكم أو الوصف ملا ليس له‬
‫للربيع أتثريٌ يف وجوده‪ ،‬فأثب ُّ‬
‫الربيع‪ ،‬تُ ُوّهم ّ‬
‫بوجود ّ‬
‫قضيّة عقليّة‪ ،‬ال تعلُّق هلا يف ّ‬
‫صحة وفساد ابللّغة‪ ،‬فاعرفه‪.‬‬

‫***‬

‫‪20‬‬
‫اخلامتة‬

‫هذا ما أستخلصه من دراسة موضوع احلقيقة واجملاز ‪:‬‬

‫ينقسم الكالم من حيث االستعمال إىل اثنني ‪ :‬حقيقة وجماز‪.‬‬


‫(‪ )1‬فاحلقيقة ‪ :‬هي اللّفظ املستعمل فيما وضع له‪ ،‬مثل ‪ :‬أسد للحيوان املفرتس‪.‬‬
‫جمازا‪ ،‬وخرج بقولنا (فيما وضع له) اجملاز‪.‬‬
‫يسمى حقيقةً وال ً‬
‫فخرج بقولنا (املستعمل) املهمل‪ ،‬فال ّ‬
‫وتنقسم احلقيقة إىل ثالثة أقسام ‪ :‬لغويّة‪ ،‬وشرعيّة‪ ،‬وعُرفيّة‪.‬‬
‫الشرعيّة‬
‫‪ -‬فاللّغويّة هي اللّفظ املستعمل فيما وضع له يف اللّغة‪ ،‬فخرج بقولنا (يف اللّغة) احلقيقة ّ‬
‫والعُرفيّة‪.‬‬
‫الصالة‪ ،‬فإ ّن حقيقتها اللّغويّة ال ّدعاء‪ ،‬فتحمل عليه يف كالم أهل اللّغة‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ّ :‬‬
‫الشرع) احلقيقة‬
‫الشرع‪ ،‬فخرج بقولنا (يف ّ‬
‫الشرعيّة هي اللّفظ املستعمل فيما وضع له يف ّ‬
‫‪ -‬واحلقيقة ّ‬
‫اللّغويّة والعُرفيّة‪.‬‬
‫الشرعيّة األقوال واألفعال املعلومة‪ ،‬املفتتحة ابلتّكبري واملختتمة‬
‫الصالة‪ ،‬فإ ّن حقيقتها ّ‬
‫مثال ذلك ‪ّ :‬‬
‫الشرع على ذلك‪.‬‬ ‫ابلتّسليم‪ .‬فتحمل يف كالم أهل ّ‬
‫‪ -‬واحلقيقة العُرفيّة هي اللّفظ املستعمل فيما وضع له يف العُرف‪ ،‬فخرج بقولنا (يف العرف) احلقيقة‬
‫الشرعيّة‪.‬‬
‫اللّغويّة و ّ‬
‫مثال ذلك ‪ :‬ال ّدابة‪ ،‬فإ ّن حقيقتها العُرفيّة ذات األربع من احليوان‪ ،‬فتحمل عليه يف كالم أهل العرف‪.‬‬
‫كل لفظ على معناه احلقيقي يف موضع‬
‫وفائدة معرفة تقسيم احلقيقة إىل ثالثة أقسام هي ‪ :‬أن حنمل ّ‬
‫الشرع على احلقيقة‬
‫استعماله‪ ،‬فيحمل يف استعمال أهل اللّغة على احلقيقة اللّغويّة‪ ،‬ويف استعمال ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬ويف استعمال أهل العُرف على احلقيقة العرفيّة‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪21‬‬
‫الشجاع‪.‬‬
‫للرجل ّ‬
‫(‪ّ )2‬أما اجملاز ‪ :‬فهو اللّفظ املستعمل يف غري ما وضع له‪ ،‬مثل كلمة أسد ّ‬
‫جمازا‪ ،‬وخرج بقولنا (يف غري ما وضع له)‬
‫يسمى حقيقةً وال ً‬
‫فخرج بقولنا (املستعمل) املهمل‪ ،‬فال ّ‬
‫احلقيقة‪.‬‬
‫يسمى يف علم‬
‫وال جيوز محل اللّفظ على جمازه ّإال بدليل صحيح ُينع من إرادة املعّن احلقيقة‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫البيان ابلقرينة‪.‬‬
‫ليصح التّعبري به‬
‫اجملازي‪ّ ،‬‬
‫احلقيقي و ّ‬
‫ّ‬ ‫لصحة استعمال اللّفظ يف جمازه وجود ارتباط بني املعّن‬
‫ويشرتط ّ‬
‫يسمى يف علم البيان ابلعالقة‪ .‬والعالقة هنا ّإما أن تكون املشاهبة أو غريها‪.‬‬
‫عنه‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫الشجاع‪.‬‬
‫الرجل ّ‬
‫‪ -‬فإن كانت املشاهبة‪ ،‬مسّي التّجوز (استعارةً)‪ ،‬كالتّجوز بلفظ (أسد) عن ّ‬
‫‪ -‬وإن كانت غري املشاهبة‪ ،‬مسّي التّجوز (جمازاً مرسالً) إن كان التّجوز يف الكلمات‪ ،‬و(جمازاً عقليّاً)‬
‫إن كان التّجوز يف اإلسناد‪.‬‬
‫مثال ذلك يف اجملاز املرسل أن تقول ‪ :‬رعينا املطر‪ ،‬فكلمة (املطر) جماز عن (العشب)‪ ،‬فالتّجوز هنا‬
‫هي يف الكلمة‪.‬‬
‫العقلي أن تقول ‪ :‬أنبت املطر العشب‪ ،‬فالكلمات كلّها يراد هبا حقيقة معناها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ومثال ذلك يف اجملاز‬
‫ولكن إسناد اإلنبات إىل املطر جماز‪ ،‬أل ّن املنبت يف حقيقة هو هللا تعاىل‪ ،‬فالتّجوز هنا يكون يف‬
‫اإلسناد‪.‬‬
‫ابلزايدة‪ ،‬والتّجوز ابحلذف‪.‬‬
‫ومن اجملاز املرسل ‪ :‬التّجوز ّ‬
‫س َكمثحله َش حيءٌ )(الشورى‪ ،)11 :‬فقالوا ‪ :‬إ ّن الكاف زائدة‬
‫ابلزايدة بقوله تعاىل ‪ ( :‬لَحي َ‬
‫مثّلوا للمجاز ّ‬
‫لتأكيد نفي املثل عن هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫أي ‪ :‬واسأل أهل القرية‪،‬‬
‫اسأَل الح َق حريَةَ )(يوسف‪ّ ،)82 :‬‬
‫ومثال للمجاز ابحلذف هي قوله تعاىل ‪َ ( :‬و ح‬
‫فحذفت (أهل) جمازاً‪ ،‬وللمجاز أنواع كثرية مذكورة يف علم البيان‪.‬‬
‫وإما جماز‪،‬‬
‫وإّنّا ذكر طرف من احلقيقة واجملاز يف أصول الفقه ‪ :‬أل ّن داللة األلفاظ هي ّإما حقيقة ّ‬
‫كل منهما وحكمه‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬‫فاحتيج إىل معرفة ّ‬

‫‪22‬‬
‫التّنبيه ‪:‬‬
‫املتأخرين يف القرآن وغريه‪ ،‬وقال بعض أهل‬
‫تقسيم الكالم إىل حقيقة وجماز هو املشهور عند أكثر ّ‬
‫العلم رمحهم هللا تعاىل عنهم ‪ :‬ال جماز يف القرآن‪ ،‬وقال اآلخرون رمحهم هللا ‪ :‬ال جماز يف القرآن وال يف‬
‫غريه‪.‬‬
‫نقيطي رمحه‬
‫الش ّ‬ ‫الشيخ حم ّمد األمني ّ‬
‫املتأخرين العالمة ّ‬
‫وبه قال أبو إسحاق اإلسفراييين رمحه هللا‪ ،‬ومن ّ‬
‫هللا‪ ،‬وقد ّبني شيخ اإلسالم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رمحهما هللا تعاىل‪ ،‬على أنّه (اصطالح)‬
‫تبني ملن اطلّع عليها أ ّن هذا‬
‫املفضلة‪ ،‬ونصراه أبدلّة قويّة كثرية ّ‬
‫حادث بعد انقضاء القرون الثّالثة ّ‬
‫الصواب‪.‬‬
‫القول هو ّ‬
‫طالب العلم وعامة املسلمني‪ ،‬إنّه على ما يشاء‬
‫نسأل هللا تعاىل أن يتقبّل منّا هذا العمل‪ ،‬وينفع به ّ‬
‫صراط‪.‬‬
‫قدير‪ ،‬وهللا من وراء القصد وهو اهلادي إىل سواء ال ّ‬
‫وما توفيقي ّإال ابهلل‪.‬‬
‫السالم عليكم ورمحة هللا وبركاته‪.‬‬
‫و ّ‬

‫‪23‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫(‪ )1‬القرآن الكرمي‬

‫(‪ )2‬كتاب أسرار البالغة يف علم البيان‪ ،‬للشيخ اإلمام عبد القاهر ابن عبد الرمحن اجلرجاين‪ ،‬الناشر‬
‫دار املدين جبدة‪.‬‬
‫(‪ )3‬مقال ‪ :‬احلقيقة واجملاز يف البالغة‪ ،‬غدير اخلدام‪ ،‬موقع لغيت‪.‬كوم‪.‬‬
‫الحقيقة‪-‬والمجاز‪-‬ف‪-‬البالغة‪https://loghate.com/s/‬‬

‫(‪ )4‬مقال ‪ :‬احلقيقة واجملاز ‪ :‬كتاب أصول الفقه من ورقات إمام احلرمني بشرح احلطاب‪ ،‬موقع وزارة‬
‫األوقاف والشؤون اإلسالمية‪.‬‬
‫الكتب‪-‬المدرسية‪-1541/‬المرحلة‪-‬األوىل‪/‬أصول‪-‬الفقه‪https://www.habous.gov.ma/-11862/‬‬
‫‪.html‬الحقيقة‪-‬والمجاز‪-‬كتاب‪-‬أصول‪-‬الفقه‪-‬من‪-‬ورقات‪-‬إمام‪-‬الحرمي ر‬
‫‪-‬بشح‪-‬الحطاب‪-‬التعليم‪-‬العتيق‬

‫(‪ )5‬مقال ‪ :‬علم البيان ‪ :‬احلقيقة واجملاز‪ ،‬حممود قحطان‪ ،‬موقع حممود قحطان‪.‬كوم‪.‬‬
‫علم‪-‬البيان‪-‬الحقيقة‪-‬والمجاز‪https://mahmoudqahtan.com//‬‬

‫(‪ )6‬موقع الباحث القرآينّ‪.‬‬


‫‪https://tafsir.app/‬‬

‫‪24‬‬
‫الفهرس‬

‫الصفحة‬ ‫احملتوايت‬
‫‪2‬‬ ‫املقدمة‬
‫‪3‬‬ ‫التمهيد‬
‫‪4 - 20‬‬ ‫منت الكتاب‬
‫‪21 - 23‬‬ ‫اخلامتة‬
‫‪24‬‬ ‫املصادر واملراجع‬

‫‪25‬‬
‫انتهت الكتابة واحلمد هلل‬

‫‪26‬‬

You might also like