You are on page 1of 20

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫المقدمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على أشرف األنبياء واملرسلني نبينا حممد وعلى آله‬
‫وصحبه والتابعني‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فلألدب اإلسالمي أمهيته الكبرية ومكانته العظيمة‪ ،‬وقد اهتم العلماء به وأولوه عناية بالغة‪،‬‬
‫فجاءت مصنفاهتم ختدم هذا النوع من العلم‪.‬‬

‫وأما أسباب اختيار هذا املوضوع فلألسباب اآلتية‪:‬‬

‫‪-1‬وض وح معامله وس هولة تناول ه ووف رة مراجع ه مما يع ود على الب احث بالفائ دة والنف ع‬
‫الكبري‪.‬‬

‫‪-2‬خص اهلل هذه األمة بدين اإلسالم وكل موضوع يتناول هذا الدين فهو خري وبركة‪.‬‬

‫وقد قسمت خطة البحث إلى ما يلي‪:‬‬

‫مقدمة‪.‬‬

‫متهيد‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف األدب اإلسالمي وغاياته وفنونه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تاريخ ومرجعية األدب اإلسالمي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬خصائص األدب اإلسالمي‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬مفهوم الشكل‪ ،‬ومساته يف األدب اإلسالمي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬مفهوم املضمون‪ ،‬ومساته يف األدب اإلسالمي‪.‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬حاجتنا إىل األدب اإلسالمي‪.‬‬

‫خامتة‪.‬‬

‫فهارس‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫التمهيد‪:‬‬

‫لألدب اإلسالمي أمهية كبرية ‪ ،‬فهو يعد وسيلة من وسائل الدعوة إىل اهلل تعاىل‪ ،‬ولون من‬
‫ألوان اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬فهو من جهاد البيان‪.‬‬

‫اهتم اإلس الم ب ه وأش ادت نص وص الوح يني ب ه وأعلت من منزلت ه‪ ،‬ملا ل ه عظيم األث ر على‬
‫البشر‪.‬‬

‫وقد حرص اإلسالم على االستفادة من األدب وتوظيفه يف الدعوة إىل اهلل تعاىل واجلهاد يف‬
‫سبيله‪.‬‬

‫وملا له من األمهية الكبرية‪ ،‬واحلاجة املاسة لتحديد معامله ومتييزه كعلم مستقل كانت هذه‬
‫الدراس ة‪ ،‬وال يت أس أل اهلل تع اىل أن يوفق ين فيه ا لإلخالص والص واب والس داد‪ ...‬اللهم‬
‫آمني‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المبح‬
‫ث األول ‪ :‬تعريف األدب اإلسالمي وغاياته وفنونه‪.‬‬

‫تعريف األدب لغة‪:‬‬

‫لقد جاء يف "لسان العرب" إملاع إىل معىن األدب يف اللغة؛ فقد ورد فيه‪ :‬أن أصل األدب‬
‫هو الدعاء‪ ،‬ومنه قيل للصنيع يدعى إليه الناس‪ :‬مدعاة ومأدبة‪ .‬واألدب الذي يتأدب به‬
‫‪1‬‬ ‫األديب من الناس مسي أدباً‪ ،‬ألنه ِ‬
‫يأدب الناس إىل احملامد‪ ،‬وينهاهم عن املقابح‬ ‫ّ‬
‫ويتضح من املعىن اللغوي لألدب أنه يقود إىل حمامد اخلصال‪ ،‬ويرشد إىل فضائل األمور‪،‬‬
‫كم ا ينهى عن مس اوى ء الع ادات‪ ،‬وينف ر من قب ائح الص فات وذل ك من خالل فنون ه‬
‫‪2‬‬
‫املختلفة ‪ ،‬وعن طريق صوره املتعددة‪.‬‬

‫تعريف اإلسالم لغة‪:‬‬

‫قال ابن فارس رمحه اهلل تعاىل‪(:‬سلم)‪:‬السني والالم وامليم معظم بابه من الصحة والعافية؛‬
‫فالسالمة‪ :‬أن يسلم اإلنسان من العاهة واألذى‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن الباب أيضاً‪:‬اإلسالم‪ ،‬وهو اإلنقياد؛ ألنه يسلم من اإلباء واالمتناع‪.‬‬

‫تعريف مصطلح األدب اإلسالمي‪.‬‬

‫وق د ع ّرف عب دالرمحن رأفت الباش ا األدب اإلس المي فق ال عن ه ‪":‬ه و‪ :‬التعب ري اهلو التف ين‬
‫اهلادف عن وق ع احلي اة والك ون واإلنس ان على وج دان األديب تعب رياَ ينب ع من التص ور‬
‫‪4‬‬
‫وجل وخملوقاته‪.‬‬
‫عز ّ‬‫اإلسالمي للخالق ّ‬

‫غايات األدب‪:‬‬

‫‪ 1‬لسان العرب‪،‬ابن منظور‪1/206،‬‬


‫‪ 2‬االلتزام اإلسالمي في الشعر‪،‬ناصر الخنين‪،‬ص‪17‬‬
‫‪ 3‬مقاييس( اللغة‪،‬ابن فارس‪3/90،‬‬
‫‪ 4‬مجلة كلية اللغة العربية‪ ،‬العدد الحادي عشر‪،‬سنة ‪1400‬ه‪337 ،‬‬

‫‪4‬‬
‫إن أدب اً ينب ع من التص ور اإلس المي ويص در عن ه ‪ ،‬يص بح جلي ل الغاي ة ‪ ،‬س امي اهلدف ؛‬
‫وذلك ألن غايات اإلسالم نفسها صارت هي غاياته وأهدافه ‪ ،‬وذلك مبقتضى وصفه بأنه‬
‫(إس المي) ‪ ،‬فص ارمن مجل ة غايات ه – ال يت تتخل ل فنون ه ووس ائله – إخ راج الن اس من‬
‫واملسرة عليهم ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الظلمات إىل النور‪ ،‬وتربية ناشئتهم ‪ ،‬وإسعاد نفوسهم وإدخال البهجة‬
‫وتس ليتهم بك ل م اهو ن افع ممت ع‪ .‬كم ا يه دف ه ذا األدب إىل إش اعة اخلري يف أوس اط‬
‫الشر أمام أعينهم يف صورة من ّف رة حم ّذرة ‪ ،‬وحماربة‬ ‫املسلمني ‪ ،‬وتزيينه يف قلوهبم ‪ ،‬وعرض ّ‬
‫قبيح الفكر‪ ،‬وساقط العادات ‪ ،‬وتزكية كل ما فيه حق ومجال‪ .‬ويتصدر غاياته ‪-‬أيض اً‪-‬‬
‫التص دي ألع داء األم ة املس لمة ‪ ،‬ال ذين يرتبص ون هبا ال دوائر‪ ،‬ومناقش ة ش بههم الض الة ‪،‬‬
‫ومقارعة آرائهم املنحرفة‪ ،‬ودحضها بربهان القرآن الدامغ ‪ ،‬وتعريتها بضوء السنة الالمع ‪،‬‬
‫وذل ك ح ىت يس لم ألم ة اإلس الم كياهنا ‪ ،‬ويس تقيم ش باهبا ‪ ،‬ويعل و جمدها ‪ ،‬فتع ود ‪-‬كم ا‬
‫كانت – خري أمة أخرجت للناس‪ .‬ومل تنل االمة املسلمة هذه التزكية الشريفة ‪-‬من بني‬
‫األمم‪ -‬لش رف يف نس بها ‪ ،‬أو لتم يز يف خلقه ا ‪ ،‬وإمنا حظيت ب ذلك وف ازت هبا لكوهنا‬
‫تأمر باملعروف وتنتهي عن املنكر‪ ،‬وتومن باهلل‪ ،‬فإذا ختلت عن ذلك وجتردت منه وسادت‬
‫فيها األداب القبيحة واألخالق الذميمة‪....‬فقد آذهنا اهلل سبحانه بسلب تلك التزكية عنها‬
‫وحمق كياهنا ‪ ،‬واستبداهلا خري منها بأال تكون على شاكلتها‪ ،‬ويف هذا حتذير ونذير؛ فقد‬
‫وجل‪َ ﴿ :‬وِإن َتَت َولَّ ۡواْ يَ ۡستَ ۡب ِد ۡل قَ ۡو ًما َغ ۡيَر ُكمۡ مُثَّ اَل يَ ُكونُ ٓواْ َأمۡ ٰثَلَ ُكم﴾ ‪.‬‬
‫‪2 1‬‬
‫عز ّ‬‫قال ّ‬

‫فنون األدب‪:‬‬

‫‪ 1‬سورة محمد‪ ،‬آية‪38:‬‬


‫‪ 2‬االلتزام اإلسالمي في الشعر‪ ،‬ناصر الخنين‪،‬ص‪21‬‬

‫‪5‬‬
‫إن فن ون األدب كث رية متع ددة ‪ ،‬ومجيعه ا يس هم يف حتقي ق تل ك الغاي ات املتقدم ة ‪ ،‬فت ارة‬
‫تك ون اخلطاب ة من رباً رائ داً ‪ ،‬يعل وه اخلطيب ‪ ،‬فيه ز األمساع ‪ ،‬ويأخ ذ باأللب اب ‪ ،‬ويش حذ‬
‫اهلمم ‪ ،‬مث ينف ذ إىل م راده يف ع زم ومض اء‪ .‬وت ارة يك ون القص ة مي داناً فس يحاً ‪ ،‬يتظ افر‬
‫القص ة إىل العق دة ‪ ،‬مث‬
‫أشخاص ها على حب ك أح داثها ‪ ،‬ك ل حبس ب مرك زه ‪ ،‬ح ىت تص ل ّ‬
‫تنفرج عن مغزى لطيف ‪ ،‬يصحح عادة قبيحة ‪ ،‬أو يزيل شبهة رائجة ‪ ،‬أو يغرس فكرة‬
‫نرّي ة ‪ .‬وتارة أخرى تكون املس رحية أنسب حاالً ‪ ،‬وأخصب جماالً من غريها وأقدر على‬
‫املعاجلة والت أثري ‪ ،‬وخباص ة ل دينا _حنن املس لمني‪-‬فإن ا تراثن ا اإلس المي ث ّر غ ين باملغ امرات‬
‫املثرية ‪ ،‬عامرة بالبطوالت النادرة ‪ ،‬اليت تشكل مادة املسرحية ‪ ،‬وجتعل أحداثها مثرية ممتعة‬
‫يسمى بفن الرواية‪.‬‬‫‪ ،‬وقد يكثر األش خاص ‪ ،‬ويطول النفس وتتعدد الفصول ‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫ومن ح ق األديب املس لم أن يتج ه إىل فن آخ ر من فن ون األدب ‪ ،‬جيم ع بني التح ري‬
‫التارخيي ‪ ،‬واإلمتاع القصصي ‪ ،‬ويراد به تناول حياة فرد من األفراد ورسم صورة دقيقة‬
‫لشخصيته‪ ، 1‬مادة صاحلة ‪ ،‬ألن تكون سرية ذاتية يكتبها األديب نفسه عن نفسه ‪ ،‬وهذه‬
‫هي السرية الذاتية‪ ، 2‬وإذا سطر األديب قطعة نثرية ؛ فعاجل فيها ناحية من نواحي املعرفة ‪،‬‬
‫أو شأناً من شؤون احلياة ‪ ،‬فقد ركب فن املقالة ‪ .‬قد تعرّب القطعة النثرية عن فكرة طارئة ‪،‬‬
‫أو حملة عابرة ‪ ،‬جتاه أمر ما ‪ ،‬ينتهي فيها الكاتب إىل فكرة أو عربة ‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه‬
‫فن اخلاطرة ‪ ،‬اليت قد ال تتجاوز األسطر‪ .‬وأما إذا عاين األديب جتربة شعرية ‪ ،‬وانفعل بأمر‬
‫ما ‪ ،‬مث جادت قرحيته بتلك املشاعر واالنفعاالت ‪ ،‬وبرزت يف قوالب شعرية مؤثرة ‪ ،‬فهذا‬
‫‪3‬‬
‫هو فن الشعر‪.‬‬

‫انظر‪:‬الفنون األدبية واعالمها‪،‬أمين المقدسي‪،‬ص‪547‬‬ ‫‪1‬‬

‫من محاضرة الدكتور‪:‬عبدالرحمن رأفت الباشا في مادة النقد‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫االلتزام اإلسالمي في الشعر‪ ،‬ناصر الخنين‪،‬ص‪21-20‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تاريخ‪ ،‬ومرجعية األدب اإلسالمي‪.‬‬
‫تاريخ األدب اإلسالمي‪:‬‬
‫إن اجلديد يف األدب اإلسالمي ‪ ،‬إمنا هو املصطلح فقط ‪ ،‬واستحداث مصطلح ملوضوع ما‬
‫‪ ،‬ليس ب دعاً ؛ فق د اس تحدثت آالف املص طلحات يف العل وم اإلس المية والعربي ة ‪ ،‬مما مل‬
‫يكن هلا وجود يف عصر النبوة واخلالفة الراشدة‪ .‬فأصول التفسري مثالً قد استقيت مادته ‪،‬‬
‫وقواعده من الق رآن الك رمي ‪ ،‬واحلديث الش ريف ‪ ،‬وفت اوى اخللف اء الراش دين ‪ ،‬والص حابة‬
‫والتابعني ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬؛ لكنه مل يتشكل يف صورة علم ‪ ،‬ومل يأخذ هذا االسم إال يف‬
‫عصور متأخرة ‪ ،‬ومثل ذلك أصول احلديث ‪ ،‬وغريه كثري جداً يف العلوم الشرعية ‪.‬والذي‬
‫يرفض مصطلح األدب اإلسالمي حبجة عدم وجوده يف املاضي ؛ يلزمه أن يرفض مصطلح‬
‫‪1‬‬
‫(األدب العريب) ؛ ألنه حُمْ َدث ‪ ،‬ومل يعرفه األقدمون ‪ ،‬ومل يستعمل إال يف العصر احلديث‪.‬‬
‫لقد رأينا أن األدب اإلسالمي قدمي قدم اإلسالم نفسه ‪ ،‬وأن اجلديد هو املصطلح نفسه ‪،‬‬
‫الذي ميثل وجوده دعوة ملحة إىل إجياد مذهب أديب يتعامل مع مدارس األدب وقضاياه ‪،‬‬
‫وفق رؤية إسالمية‪.‬‬
‫ولق د تأخرن ا كث رياً يف إجياد ه ذا املذهب ‪ ،‬يف ال وقت ال ذي س بقنا في ه الكث ريون إىل إجياد‬
‫م ذاهب أدبي ة ‪ ،‬تعكس قيمهم ‪ ،‬ومب ادئهم ‪ ،‬وت دافع عنه ا ‪ ،‬وتق دمها تق دمياً م ؤثراً يُغ ري‬
‫هبا ‪ ،‬ويشجع على قبوهلا‪.‬‬
‫ويُ ُّ‬
‫عد أبوا حلسن النّدوي (‪1333‬ه ــ‪1419-‬ه ــ) أول من نبّه إىل قراءة مكتبة الرتاث العريب‬
‫من جديد ‪ ،‬واخلروج من إطار األدب املتكلف املتصنع إىل األدب العفوي الذي يصدر عن‬
‫أدباء الفطرة ‪ ،‬الذين جييدون التعبري البالغي اجلميل ‪ ،‬سليقة ‪ ،‬وفطرة ‪ ،‬من دون تكلف ‪،‬‬
‫أو تعنت‪.‬‬
‫ويف هذا السياق يرى النّ دوي أال تقتصر على مراجع األدب ‪ ،‬ومصادره املعتادة ‪ ،‬بكل‬
‫نكتشف روائع القول البليغ املؤثر يف آفاق أخرى مثل ‪ :‬كتب احلديث النبوي ‪ ،‬والسرية‬
‫النبوي ة ‪ ،‬واملغ ازي ‪ ،‬والت اريخ ‪ ،‬والس ري ‪ ،‬وال رتاجم ‪ ،‬والطبق ات ‪ ،‬ونبّ ه إىل أن يف ه ذه‬

‫منهج األدب اإلسالمي‪،‬عبد هللا العريني‪،‬ص‪13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫املؤلف ات كن وزاً من النص وص األدبي ة الفائق ة ‪ ،‬ال يت جتم ع بني مجال الش كل ‪ ،‬وس المة‬
‫احملتوى‪.‬‬
‫كانت هذه الدعوة من أيب احلسن النّدوي إرهاصاً لضرورة البحث عن اهُل وية اإلسالمية يف‬
‫األدب املعاصر ‪ ،‬وتطورت هذه الدعوة إىل عقد أول ندوة لألدب اإلسالمي ‪ ،‬وكان ذلك‬
‫يف عام ‪1400‬ه ـ ـ يف مدينة لكنو باهلند‪.‬‬
‫وهناك من يربط دعوة الشيخ النّ دوي بظروف األقلية املسلمة يف اهلند ‪ ،‬لكن احلقيقة أن‬
‫شواهد النّدوي يف طرح قضية األدب اإلسالمي مستقاة من واقع األدب يف البالد العربية ‪،‬‬
‫هم الع رب ‪ ،‬أك ثر بكث ري من بعض مثقفي ه ‪ ،‬ونق اده‪ .‬ه ذا م ع أب ا احلس ن‬
‫فق د ك ان يعيش َّ‬
‫النّدوي نفسه عريب هامشي ‪ ،‬فصيح اللسان والقلم‪.1‬‬
‫مرجعية األدب اإلسالمي‪:‬‬
‫املرجعية يف األدب اإلسالمي للنص الذي اجتاز شرط الفنية بنجاح ‪ ،‬وانطلق من منطلق‬
‫إس المي ‪ ،‬بش رط أن يك ون األديب مس لماً ‪ ،‬أم ا النص ال ذي يك ون موافق اً لقيم اإلس الم‬
‫وصادراً عن أديب غري مس لم ‪ ،‬فإننا نقبله حتت اسم (األدب املواف ق ) كما قبل الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم شعر أمية بن أيب الصلت املتفق مع قيم اإلسالم مع أن صاحبه غري‬
‫مسلم ‪.‬‬
‫فلألدب الع ريب قيم ة خاص ة م يزان األدب اإلس المي ‪ ،‬وغ الب األدب الع ريب أدب‬
‫إس المي ‪ ،‬واالحنراف يف تراثن ا الع ريب ميث ل – حبم د ‪-‬اس تثناءً حمدوداً ‪ ،‬على أن عروب ة‬
‫األدب ‪ ،‬ال تع ين كون ه إس المياً بالض رورة ‪ ،‬فهن اك نص وص عربي ة تض منت خمالف ات‬
‫شرعية ‪ ،‬وعقدية ‪ ،‬وأخالقية ‪ ،‬مثل أشعار اخلمريات ‪ ،‬واجملون‪.‬‬
‫كل أدب منحرف فن اإلسالم احنراف اً عقدياً ‪ ،‬أو أخالقي اً ‪ ،‬فهو أدب غري إسالمي ؛ حىت‬
‫‪2‬‬
‫وإن ُكتب حبروف عربية‪.‬‬

‫منهج األدب اإلسالمي‪ ،‬عبدهللا العريني‪19-18،‬‬ ‫‪1‬‬

‫انظر‪ :‬إشكالية األدب اإلسالمي‪ ،‬وليد قصاب‪،‬ص ‪ ،247-244‬نقالَ من كتاب‪ :‬منهج األدب اإلسالمي‪ ،‬عبدهللا العريني‪،‬ص‪15-14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬خصائص األدب اإلسالمي‪.‬‬
‫إن لألدب اإلس المي خص ائص متيزه عن غ ريه من اآلداب ‪ ،‬وميكن حتدي د ه ذه اخلص ائص‬
‫يف طائفة من األمور‪.‬‬
‫غائي هادف ؛ ذلك أن األديب اإلسالمي ال جيعل األدب غاية لذاته –‬ ‫أولها ‪ :‬أنه أدب ّ‬
‫كما يدعو أصحاب "الفن للفن" – وإمَّن ا جيعله وسيلة إىل غاية‪.‬‬
‫وتتخلص هذه الغاية يف ترسيخ اإلميان باهلل عز وجل يف الصدور ‪ ،‬وتأصيل القيم الفاضلة‬
‫يف النفوس ‪ ،‬وتفجري ما يكمن يف الذات اإلنسانية من طاقات اخلري والصالح‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أنه أدب ملتزم ‪ ،‬ولكن التزامنا مغاير اللتزام الشيوعيني والوجوديني‪.‬‬
‫فهو التزام باإلسالم وقيمه ‪ ،‬وتصوراته ‪ ،‬وتقيد مببادئه ومثله وغاياته‪.‬‬
‫وهو مسئولية وريادة يف وقت مع اً ؛ فاملسئولية إمنا هي أمام اهلل الذي ال ختفى عليه خافية‬
‫يف األرض وال يف السماء ‪.‬‬
‫والريادة إمنا هي إخالص التوجيه لعامة املسلمني وخاصيتهم ‪ ،‬وكبارهم وصغارهم ‪.‬‬
‫ثالثها ‪ :‬أنه أدب أصيل ‪ ،‬وتتجلى هذه األصالة يف انصباب أدب األديب على األصيل من‬
‫خصائص أمته ‪ ،‬والنقي الصايف من صفاهتا ‪ ،‬والرفيع الثمني من قيمها ومزاياها‪.‬‬
‫رابعها ‪ :‬أنه أدب متكام ل ‪ ،‬وال يتم ه ذا التكام ل إال بتآزر املضمون م ع الشكل ؛ ذل ك‬
‫ألن املضمون وحده ال يبدع أدب اً إسالمياً يغين األفئدة ويثري املشاعر‪...‬وال الشكل وحده‬
‫ينتج أدباً إسالمياً مثيناً يثري العقول‪.‬‬
‫واألديب اإلس المي ال يس تطيع حتقي ق ه ذا الغ رض الس امي إال إذا ك ان ممن اتس عت‬
‫ثق افتهم ‪ ،‬وغ نيت أفك ارهم ‪ ،‬وملك وا يف ال وقت نفس ه الطاق ات الفني ة املبدع ة واملش اعر‬
‫اإلسالمي النبيلة ‪.‬‬
‫خامس ها ‪ :‬االس تقالل ‪ ،‬وذل ك حني يتخلص األدب اء اإلس الميون بعام ة والش باب منهم‬
‫خباص ة من ت أثري األدب اء والنق اد املش هورين ال ذين جيذبون إليهم من دوهنم ج ذباً ش ديداً ‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫ويتحكم ون يف رؤيتهم لألش ياء ‪ ،‬ونظ رهتم إىل احلي اة والك ون ومب دعهما نظ ر ًة جتايف‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫وهذا االستقالل يتم بالتصميم من جهة ٍ‪ ،‬وبتكوين الشخصية األدبية اإلسالمية من جهة‬
‫ٍأخرى ‪ ،‬حبيث ال يرى األديب املسلم إال بعني اإلسالم وال حيس إال بإحساسه‪.‬‬
‫وإن ذل ك يص دق ‪ -‬مثالً – على حس ان بن ث ابت رض ي اهلل عن ه حني عم ل على أن‬
‫يتخلص من الشخصية األدبية اجلاهلية ‪ ،‬وأن يستبدل هبا الشخصية اإلسالمية اجلديدة‪.‬‬
‫كما ينطبق يف عصرنا احلديث على "سيد قطب " يف نقلته الكبرية اليت حمض فيها طاقاته‬
‫األدبية الثمينة ملا يرضي اهلل ورسوله وقصرها عليه‪.‬‬
‫ف إذا ح ركت أعمال ه األدبي ة املش اعر العلي ا عن د الق راء ‪ ،‬وأث ارت تفك ريهم الس امي ‪،‬‬
‫وأيقظت ال روح اإلس المية يف نفوس هم حظي باالنتس اب إىل األدب اإلس المي ‪ ،‬وعُ د من‬
‫‪1‬‬
‫األدباء اإلسالميني‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬مفهوم الشكل‪ ،‬وسماته في األدب اإلسالمي‪.‬‬
‫مفهوم الشكل‪ :‬يراد بالشكل الصياغة األدبية للفكرة‪ ،‬والقالب الفين الذي تصاغ به‪ ،‬وقد‬
‫يطل ق الش كل على اجلنس األديب فيع د الش عر ش كالً‪ ،‬والقص ة ش كال‪ ،‬والس رية ش كالً‪،‬‬
‫واملس رحية ش كالً‪ ،‬ويطل ق الش كل أحيان اً وي راد ب ه الن وع داخ ل اجلنس الواح د‪ ،‬فتس مى‬
‫القص ة التارخيي ة ش كالً‪ ،‬والقص ة الواقعي ة ش كالً‪ ،‬والقص ة الفلس فية ش كالً‪ ،‬ومث ل ذل ك‬
‫‪2‬‬
‫األنواع املختلفة للشعر‪ ،‬الشعر املوزون‪ ،‬والشعر احلر‪ ،‬وشعر التفعيلة ‪ ،‬واملوشحات‪.‬‬
‫سمات الشكل‪:‬‬
‫الش كل منطق ة حماي دة لآلداب كله ا ‪ ،‬واألدب اإلس المي يهتم بالش كل ‪ ،‬ويس ابق إىل‬
‫توظيف الرائ ع من ه ‪ .‬لكن ه ليس مدرس ة فني ة خالصة حىت يط الب خبص ائص ينف رد هبا عن‬
‫غريها ‪ ،‬ومع ذلك فله بصماته حىت يطالب خبصائص ينفرد هبا عن غريها ‪ ،‬ومع ذلك فله‬
‫بصماته اخلاصة يف جمال الشكل ‪ ،‬ومن ذلك متيزه بالسمات التالية ‪:‬‬
‫نحو مذهب إسالمي في األدب والنقد‪ ،‬عبدالرحمن رأفت الباشا‪ ،‬ص‪147-145‬‬ ‫‪1‬‬

‫منهج األدب اإلسالمي‪،‬عبدهللا العريني‪،‬ص‪80‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪10‬‬
‫‪-1‬انفتاحه على جميع فنون األدب‪.‬‬
‫إذا أخ ذنا مبفه وم أن الفن األديب ش كل من األش كال ف إن األدب اإلس المي يفتح ص دره‬
‫لفن ون األدب كله ا ‪ ،‬وال ينح از إىل فن دون آخ ر‪ ،‬يف حني جند أن الكالس يكية تفض ل‬
‫املسرحية ‪ ،‬والرمزية تفضل الشعر ‪ ،‬والواقعية تفضل القصة ‪.‬‬
‫أما األدب اإلسالمي فكل هذه الفنون لديه سواء ‪،‬ال ينحاز إىل واحد منها ‪ ،‬بل يوظفها‬
‫مجيعاً دون أن يقيد نفسه بفن واحد على حساب الفنون األخرى ‪.‬‬
‫‪-2‬توظيفه لجميع عناصر األدب‪.‬‬
‫يق وم النص األديب على أربع ة عناص ر هي ‪ :‬الفك رة ‪ ،‬والعاطف ة ‪ ،‬واخلي ال ‪ ،‬واألس لوب‪.‬‬
‫ويتعام ل األدب اإلس المي بكف اءة عالي ة م ع ه ذه العناص ر كله ا ‪ ،‬وجيع ل ذل ك ش رطاً يف‬
‫نصوص ه اإلبداعي ة ‪ ،‬بينم ا جند االجتاه ات األيديولوجي ة ترك ز على املض مون ‪ ،‬والرمزي ة‬
‫تركز على اخليال ‪ ،‬والرومانسية تركز على العاطفة ‪ ،‬واأللسنية تركز على اللغة ‪.‬‬
‫وبذا خيرج األدب اإلسالمي عن إشكالية التحيز إىل عنصر أديب واحد ‪ ،‬مؤمنا بضرورة أن‬
‫يعطي كل ذي حق حقه ؛ لتتكامل الفنية يف األدب ‪ ،‬وهي مسة قل أن توجد يف غريه من‬
‫اآلداب ‪.‬‬
‫‪-3‬اإلفادة من القرآن الكريم والحديث النبوي‪.‬‬
‫وضعت الكالسيكية يف أوربا األدب اليوناين القدمي منوذجا هلا ‪ ،‬ونسجت أدهبا على منواله‬
‫‪ ،‬فك ان ذل ك س بباً يف ث ورة الرومانس ية عليه ا ‪ ،‬واهتامه ا ب اجلمود والتحج ر‪ .‬ووض ع‬
‫احلداثيون الع رب احلداث ة الغربي ة منوذج اً هلم ‪ ،‬فلم ين ل األدب الع ريب املعاص ر إال الض عف‬
‫الشديد ‪ ،‬والتخلف املهني ‪.‬‬

‫أما األدب اإلسالمي فإنه يهتدي بأساليب القرآن واحلديث النبوي ‪ ،‬وجيد فيها منوذج اً فذاً‬
‫ال نظري له ‪ ،‬حيمل األدب على االرتفاع يف معارج اإلبداع إىل مكانة عالية رفيعة ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ولن يف رط األدب اإلس المي يف ه ذه الكن وز العظيم ة ‪ ،‬ب ل س وف يس تثمرها ‪ ،‬وجيعله ا‬
‫عنصراً مؤثراً يف النص األديب ‪ ،‬وخباصة يف الفنون النثرية ‪ :‬كالرواية ‪ ،‬واملسرحية ‪.‬‬
‫‪-4‬السالمة الشرعية لأللفاظ‪.‬‬
‫األدب اإلس المي يبتع د عن األلف اظ والعب ارات ال يت هُن ي املس لم عنه ا مث ل ألف اظ ‪ :‬س ب‬
‫الق در ‪ ،‬أو االع رتاض علي ه ‪ ،‬أو س ب ال ريح ‪ ،‬أو ال دهر ‪ ،‬أو القس م بغ ري اهلل تع اىل ‪ ،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫العبارات الفاحشة البذيئة ‪ ،‬اليت ختدش احلياء العام ‪ ،‬وخترم املروءة‪.‬‬
‫كم ا ي دعو إىل اح رتام األلف اظ وع دم ابت ذاهلا يف س ياقات منحرف ة ‪ ،‬ك أن خياطب احملب‬
‫حمبوبته بقوله ‪ :‬يا معبوديت ‪ ،‬وأعبدك ‪ ،‬أو حنو ذلك ‪ ،‬وأرى من ذلك ضرورة احرتام لفظة‬
‫(اخللق) اليت تستعمل يف سياقات خمتلفة كقوهلم (اخللق الفين) ؛ فمصطلح (اخللق) اختص‬
‫‪3‬‬
‫اهلل به قال تعاىل ‪َ ﴿ :‬ه ۡل ِم ۡن َٰخلِ ٍق َغ ۡي ُر ٱللَّ ِه ﴾‪ ،2‬وقوله تعاىل﴿ٱللَّهُ َٰخلِ ُق ُك ِّل َش ۡيء﴾‪.‬‬
‫‪-5‬السالمة اللغوية لأللفاظ‪.‬‬
‫األدب اإلس المي ي رفض اللغ ة الض عيفة ؛ ألن ض عفها س يؤدي إىل ض عف النص األديب‬
‫كله ‪ ،‬كما يرفض اللهجات العامية اليت ميثل نشرها هتديداً للغة الفصحى ‪ ،‬ويضيق من‬
‫دائ رة انتش ار أدب األديب ‪ ،‬وجتعل ه يف ح دود منطق ة معين ة ‪ ،‬من من اطق بالده ‪ ،‬ال يك اد‬
‫يتجاوزها إىل غريها ‪ ،‬فاللهجة العامية جيب أن تبقى يف إطار مستواها املعيشي الشفهي ‪،‬‬
‫الذي يعد ضرورة ال بد منها ‪ ،‬بيد أن من اخلطورة مبكان جعلها لعة الثقافة ‪.‬‬
‫‪-6‬رفض العبث والغموض‪.‬‬
‫هنالك من اآلداب املعاصرة من وقعت أسرية الغموض الذي حتول إىل هدف مقصود بذاته‬
‫‪ ،‬جعل األدب بال معىن ‪ ،‬وال فكرة ‪ ،‬وال غاية‪ .‬فهو أشبه بالطالسم واأللغاز ‪ ،‬وباهلذيان‬
‫احملموم ‪ .‬فال خيرج القارىء منه جبملة مفيدة ‪ ،‬وهذا العبث دفع القراء إىل سحب ثقتهم‬

‫‪ 1‬انظر‪:‬معجم المناهي‪ ،‬للشيخ الدكتور‪:‬بكر( أبو زيد ففيه تفصيل دقيق لكل ما يدخل تحت موضوع األلفاظ المنهي عنها‪ ،‬وتوسع في‬
‫عرضها والتمثيل لها‪.‬‬
‫‪ 2‬سورة فاطر‪ ،‬آية‪3:‬‬
‫‪ 3‬سورة الزمر‪،‬آية‪62:‬‬

‫‪12‬‬
‫باألدباءـ‪ ،‬وتقليل اهتمامهم باألدب ‪ ،‬واألدب اإلسالمي يرفض ذلك ؛ ألنه أدب هادف‬
‫‪1‬‬
‫حيرتم القارى ء ويقدره‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬مفهوم المضمون‪ ،‬وسماته في األدب اإلسالمي‪:‬‬
‫مفه وم المض مون‪ :‬املض مون ه و الفك رة ال يت يع رب عنه ا ب النص‪ ،‬ويس مى احملت وى‪ ،‬وه و‬
‫‪2‬‬
‫الرسالة اليت يريد أن ينقلها األديب إىل القارىء‪.‬‬
‫سمات المضمون‪:‬‬
‫للمضمون يف األدب اإلسالمي عدة مسات منها ‪:‬‬
‫‪-1‬سعة المضمون‪.‬‬
‫أن املض مون يف األدب اإلس المي مينح األدب فرص ا واس عة للخ روج عن نط اق املوض وع‬
‫فوت‬‫الواحد ‪ ،‬الذي يدفن األديب فيه نفسه ‪ ،‬ويبقى أسرياً له ‪ ،‬وإن شاعراً مثل نزار قباين ّ‬
‫فرص ا رائع ة ليكون ش اعراً عظيم اً حني بقي كث ري من ش عره يف إط ار احلديث عن الزن اة ‪،‬‬
‫والبغايا ‪ ،‬ولذا فخروجه إىل موضوعات سياسية ‪ ،‬ووطنية ‪ ،‬كانت هي السبب يف زيادة‬
‫ش هرته ‪ ،‬ومجاهريت ه‪ .‬يق ول ال دكتور حمم د الش امخ ‪ :‬إن موض وعات األدب اإلس المي‬
‫واس عة لس عة اخلي ال اإلنس اين ال ذي حيل ق يف األع ايل وال يس ف حنو الوه اد والس فوح ‪،‬‬
‫عريضة كعرض الكون الذي خلقه اهلل ‪ ،‬وهي عميقة مثل عمق احلياة اليت أبدعها اهلل ‪.‬‬
‫واألديب املس لم يعلم أن اهلل مل خيل ق الس ماوات واألرض وم ا بينهم ا ب اطالً ‪ ،‬وأن اهلل مل‬
‫خيلق اإلنسان إال لريقى إىل مقام عبوديته ‪ ،‬ويبلغ منرلة اخلريية ‪ ،‬ولذلك فإن أدبه ينطلق من‬
‫ه ذه احلقيق ة فيتنكب طري ق الباط ل ‪ ،‬وين أى بنفس ه عن الله و والعبث ‪ ،‬ليتالءم ص وته م ع‬
‫رسالة الكون ‪ ،‬وليتفق سعيه مع غاية اخللق ‪ ،‬وحكمة الوجود‪.‬‬
‫‪-2‬األفق الروحي واإليماني‪.‬‬
‫يف األدب اإلسالمي آفاق رحبه واسعة ‪ ،‬ملوضوعات ال ختطر يف بال كثري من األدباء ‪ ،‬أو‬
‫ق د ختط ر يف أذه اهنم ‪ ،‬لكنهم يعرض ون عنه ا جهالً مبا ت وفره من جماالت رائع ة لإلب داع ‪،‬‬
‫منهج األدب اإلسالمي‪،‬عبد هللا العريني‪،‬ص‪98-94‬‬ ‫‪1‬‬

‫منهج األدب اإلسالمي‪،‬عبدهللا العريني‪،‬ص‪80‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫فمعرفة اهلل سبحانه وتعاىل أفق يتيه يف عظمته الشاعر ؛ فمن عرف اهلل هان عليه ما سواه ‪،‬‬
‫ومن ذل ك تقليب النظ ر يف الك ون والتفك ر يف آي ات اهلل وخملوقات ه ‪ ،‬وه و أف ق آخ ر من‬
‫اآلف اق الكب رية ال يت يب دع فيه ا األدب اإلس المي‪ ،‬وينق ل الق ارىء من النظ ر يف م وطئ‬
‫قدميه ؛ ليحمله إىل أجواء الفضاء ‪ ،‬وليجد نفسه يف عامل من الطهر‪ ،‬والنقاء ‪ ،‬والصفاء ‪،‬‬
‫فريى األرض ‪...‬كل األرض كحبة رمل يف الصحراء‪.‬‬
‫وبذا تزول الفكرة السائدة من أن اإلبداع ال يعيش إال يف مستنقع اجلرائم اخللقية القذرة ‪،‬‬
‫فعامل الروح أوسع مدى من عامل احلس الضيق النطاق الذي ال يرفضه األدب اإلسالمي ‪،‬‬
‫وال يهمله‪ ،‬لكنه ال يقتصر عليه ‪.‬‬
‫‪ -3‬مخاطبة الفطرة‪.‬‬
‫األدب اإلسالمي ق ادر على النجاح خارج مجه وره املعت اد ‪ ،‬وق ادر على أن يغ رد خارج‬
‫س ربه ‪ ،‬وأن يض يف إىل مجه وره اخلاص مجه وراً أوس ع ‪ ،‬وذل ك حينم ا يع زف على وت ر‬
‫الفط رة النقي ة ال يت هلا ص داها عن د ك ل إنس ان ‪ ،‬ويف ك ل أرض ‪ ،‬ك التعبري عن الرمحة ‪،‬‬
‫والص دق ‪ ،‬والتض حية ‪ ،‬وب ذا يثبت قدرت ه على التواص ل ‪ ،‬وإقام ة اجلس ور م ع اآلخ رين ‪.‬‬
‫فلغة الفطرة لغة عاملية ‪ ،‬جييدها كل الناس ‪ ،‬وحيبون اإلصغاء إليها ومساع احلديث هبا ‪.‬‬
‫‪-4‬أخالقيته وسموه‪.‬‬
‫إن املضمون يف األدب اإلسالمي بعيد عن الفحش ‪ ،‬واخلناء ‪ ،‬وسفاسف األمور‪ ،‬ومن هنا‬
‫تعظم قيمته ‪ ،‬وجعل النقاد العرب شرف املعىن أول شرط يف عمود الشعر العريب ؛ تأكيداً‬
‫منهم ألمهي ة املض مون األخالقي ودوره يف رقي النص األديب ‪ ،‬حيث يك ون بعي داً عن‬
‫ال دناءة ‪ ،‬بعي داً عن الب ذاءة ‪ ،‬وب ذا حيق ق مسواً وارتفاع ا ‪ ،‬وعل واً يف األه داف لكي يك ون‬
‫اإلنسا ُن إنساناً‪.‬‬
‫‪-5‬إيجابيته‪.‬‬
‫األدب اإلس المي أدب إجيايب يب ىن وال يه دم ‪ ،‬وجيم ع وال يف رق ‪ ،‬ويص لح وال يفس د ‪،‬‬
‫يفتح أبواب األمل املوصدة يف أعني البائسني ‪ ،‬ويثري اهلمم إىل معايل األمور ‪ ،‬ويساعد يف‬

‫‪14‬‬
‫تشكيل عقل القارىء وقلبه ؛ لكي يكون قادراً على صناعة احلياة ‪ ،‬والنجاح فيها بذلك‬
‫خيتل ف عن اآلداب األخ رى ‪ ،‬ال يت يرك ز مض موهنا على إث ارة الغرائ ز‪ ،‬ودغدغ ة املش اعر‪،‬‬
‫وهتييج النفوس ‪ ،‬مما يؤدي إىل وقوع القراء بالفواحش واآلثام اليت يغريهم هبا ‪ ،‬ويزينها يف‬
‫‪1‬‬
‫عيوهنم ‪ ،‬وأي أدب يسعى إىل ذلك فهو أدب عدائي لإلنسان ‪ ،‬واحلياة‪.‬‬
‫المبحث السادس ‪ :‬حاجتنا إلى األدب اإلسالمي‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِإ‬ ‫عرَّب الق رآن الك رمي عن مس ؤولية الكلم ة بقول ه تع اىل ‪( :‬م ا ي ْل ِف ُ ِ‬
‫ظ م ْن َق ْول اَّل لَ َديْ ه َرق ٌ‬
‫يب‬ ‫َ َ‬
‫َعتِي ٌد)‪ ،2‬وعرَّب عنه ا احلديث الش ريف بقول ه ﷺ ‪( :‬إن الرجل ليتكلم بالكلمة ال يريد هبا‬
‫‪3‬‬
‫بأساً يهوي هبا سبعني خريفاً يف النار)‪.‬‬
‫وإذا ك ان ذل ك التح ذير الش ديد خمتص اً بالكلم ة (العادي ة) احملدودة األث ر ال يت يتكلم هبا‬
‫اإلنسان (العادي) ؛ فهو يف حق الكلمة األدبية املؤثرة‪ ،‬يف النفوس ‪ ،‬ويف حق األديب املؤثر‬
‫يف الن اس من ب اب أوىل ‪.‬ول ذا جييء األدب اإلس المي ليؤك د مس ؤولية الكلم ة األدبي ة ‪،‬‬
‫ويدعو األديب أن يعي أمهيتها ‪ ،‬وتأثريها ‪ ،‬وخطورهتا ‪.‬‬

‫لقد تعرض األدب العريب املعاصر – وما يزال ‪-‬إىل رياح التغريب العنيفة اليت أودعته قيم اً‬
‫غريب ة‪ ،‬ومف اهيم منحرف ة يف ‪ :‬احلري ة ‪ ،‬واملرأة ‪ ،‬واألس رة ‪ ،‬واجملتم ع ‪ ،‬واملال ‪ ،‬والتعليم ‪،‬‬
‫قيما خمالفة كل املخالفة ملا جاء به اإلسالم احلنيف ‪ ،‬فأصبح من الضروري التأكيد على‬
‫إسالمية األدب ‪ ،‬والدعوة إىل أدب يعكس قيم األمة املسلمة ومبادئها ‪ ،‬وحيدد عالقة هذا‬
‫األدب باآلخر ‪ ،‬وعالقته بالقضايا النقدية ‪ ،‬واملدارس األدبية ‪ ،‬وكيف يتم التعامل معها ‪.‬‬
‫األدب اإلسالمي يرفض اآلداب اليت تصادم العقيدة ‪ ،‬ويتصدى لظاهرة الطعن يف الدين ‪،‬‬
‫أو هتميشه يف الفنون األدبية ‪.‬‬
‫األدب اإلسالمي يوقف إشاعة ثقافة الزنا ‪ ،‬والشذوذ ‪ ،‬من خالل القصص ‪ ،‬أو األشعار ‪،‬‬
‫أو املس رحيات ‪ ،‬أو املق االت ‪ ،‬ال يت جتع ل من االحنراف اخللقي منط اً من أمناط الس لوك‬
‫االجتم اعي ‪ ،‬وتنظ ر إىل مرتك يب الف واحش على أهنم أبط ال متح ررون ‪ ،‬وتنتق د اجملتم ع‬

‫‪ 1‬منهج األدب اإلسالمي‪،‬عبدهللا العريني‪،‬ص‪103-98‬‬


‫‪ 2‬سورة ق‪،‬آية‪18:‬‬
‫‪ 3‬أخرجه اإلمام أحمد في مسنده‪ ،‬برقم‪7945 :‬‬

‫‪15‬‬
‫ال ذي ي رفض تل ك املنك رات ‪ ،‬وحترض املرأة املس لمة على اخلروج على حجاهبا ‪ ،‬وعف ا‬
‫فها ‪ ،‬وحيائها ‪.‬‬
‫األدب اإلسالمي مينع انتشار أدب العبث ‪ ،‬والغموض ‪ ،‬الذي يفسد الذوق األديب العام ‪،‬‬
‫ويقطع الصلة برتاث األمة العظيم ‪.‬‬
‫األدب اإلسالمي يبتع د عن إث ارة الش بهات الفكري ة ال يت ت دعو إىل االحنراف العق دي ‪ ،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫األخالقي ‪ ،‬وتغري املفاهيم والقيم ‪ ،‬وهتز الثوابت واملسلَّمات‪.‬‬

‫منهج األدب اإلسالمي‪ ،‬عبدهللا العريني‪،‬ص‪25-23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪16‬‬
‫‪:‬الخاتمة‬
‫يف هناي ة البحث أس أل اهلل أن يرزق ين اإلخالص‪ ،‬وأن ينف ع مبا ق دمت وكتبت‪ ،‬وه ذا‬
‫جهدي وعليه التكالن‪ ،‬فما كان من صواب فمن اهلل وحده فله احلمد‪ ،‬وما كان من‬
‫‪.‬خطأ فمن نفسي والشيطان واهلل ورسوله منه بريئان‬

‫‪17‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‬
‫االلتزام اإلسالمي يف الشعر‪ ،‬ناصر اخلنني‪ ،‬الطبعة الثانية‪1433،‬ه‪2012-‬م‪ ،‬مكتبة ‪1-‬‬
‫‪.‬الرشد‪ ،‬الرياض‪-‬اململكة العربية السعودية‬
‫‪.‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪-‬لبنان‪2-‬‬
‫مقاييس اللغة‪ ،‬ابن فارس‪ ،‬حتقيق‪:‬عبدالسالم هارون‪ ،‬سنة النشر‪1399:‬ه‪1979-‬م‪3- ،‬‬
‫‪.‬دار الفكر‬
‫منهج األدب اإلسالمي‪ ،‬األستاذ الدكتور‪:‬عبد اهلل العريين‪ ،‬الطبعة األوىل‪1431 ،‬ه‪4- -‬‬
‫‪2010.‬م‪ ،‬فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية‪ ،‬الرياض‪-‬اململكة العربية السعودية‬
‫حنو مذهب إسالمي يف األدب والنقد‪ ،‬الدكتور‪:‬عبدالرمحن رأفت الباشا‪ ،‬الطبعة ‪5-‬‬
‫‪.‬السادسة‪1429 ،‬ه‪2008-‬م‪ ،‬دار األدب اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‬

‫‪18‬‬
‫‪:‬فهرس الموضوعات‬
‫‪1‬‬ ‫املقدمة‬
‫‪3‬‬ ‫‪:‬التمهيد‬
‫‪4‬‬ ‫‪.‬املبحث األول‪:‬تعريف األدب اإلسالمي‪ ،‬وغاياته وفنونه‬
‫‪7‬‬ ‫‪.‬املبحث الثاين‪:‬تاريخ ومرجعية األدب اإلسالمي‬
‫‪9‬‬ ‫‪.‬املبحث الثالث‪:‬خصائص األدب اإلسالمي‬
‫‪10‬‬ ‫‪.‬املبحث الرابع‪:‬مفهوم الشكل‪ ،‬ومساته يف األدب اإلسالمي‬
‫‪13‬‬ ‫‪.‬املبحث اخلامس‪:‬مفهوم املضمون‪ ،‬ومساته يف األدب اإلسالمي‬
‫‪15‬‬ ‫‪.‬املبحث السادس‪:‬حاجتنا إىل األدب اإلسالمي‬
‫‪17‬‬ ‫اخلامتة‬
‫‪18‬‬ ‫‪:‬فهرس املصادر واملراجع‬
‫‪19‬‬ ‫‪:‬فهرس املوضوعات‬

‫‪19‬‬
20

You might also like