Professional Documents
Culture Documents
املقدمة
احلمـد هلل ،خلق اإلنسان ،علمه البيان ،والصالة والسالم عىل سيد الفصحاء ،وإمام البلغاء ،وعىل
صحابته الغر امليامني.
وبعد،،،
فهذا هو الكتاب الثالث يف البالغة العربية املقرر عىل طالب السنة الثالثة من الثانوية األزهرية.
وغني عن البيان أننا اتبعنا يف تأليف هذا الكتاب ،وعرض مسائله املختلفة املنهج ذاته الذي رسنا
عليه يف تأليف كتايب الفرقة األوىل والثانية ،من حيث كثرة األمثلة ،وتنوع الشواهد التي تكشف عن
القواعد البالغية حمل الدراسة بجالء.
وقد توخينا عرض القواعد البالغية يف هذا الكتاب بأسلوب سهل التناول ،قريب النفع يتالءم
مع مدارك الطالب يف هذه املرحلة ،بحيث ال يمله املتخصص ،وال يسأم منه الدارس؛ لنحبب أبناءنا
الطالب هذا الفن العظيم من فنون علوم العربية الغراء.
ومعلوم أن البالغة العربية هلا ثالث وظائف:
األوىل :اإلبانة عام جييش يف الصدور ،وخيتمر يف العقول بأسلوب مطابق ملقتىض احلال.
الثانية :القدر ُة عىل استكناه الكالم البليغ ،والكشف عن حماسنه ،والوقوف عىل مساوئه بتوظيف
بلغت هذه الدراسة هذه
ْ هذه القواعد البالغية يف احلكم عىل القول باالستحسان أو االستهجان ،وإذا
الغاية ،فسيكون ،بفضل هذه الطريقة التطبيقية التي اتبعناها.
الثالثة :إدراك بعض أرسار اإلعجاز البالغى ىف القرآن الكريم وخصوصياته وطاقاته اإلعجازية
املستكنة فيه ،وكشف دقائق البيان النبوى ولطائفه الكثرية املتزامحة.
***
5
أهداف الدرس:
أن:
قادرا عىل ْ
الطالب ً
ُ بنهاية الدرس يتوقع أن يكون
-يفرق بني :املجاز اللغوي ،واحلقيقة اللغوية.
-يذكر تعري ًفا للمجاز املرسل املفرد.
-يذكر تعري ًفا للمجاز املرسل املركب مع التمثيل.
-يفرق بني :املجاز املرسل ،واالستعارة.
-يوازن بني :عالقات املجاز املرسل.
-يذكر أمثلة لعالقات املجاز املرسل.
-يذكر األرسار التي تتمثل يف بالغة املجاز املرسل.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس :مفهوم احلقيقة واملجاز اللغويني ،وأنواع املجاز اللغوي ،ومفهوم
املجاز املرسل املفرد ،وعالقاته املتعددة ،وأرساره البالغية ،ومفهوم املجاز املرسل املركب.
شرح الدرس
متهيد:
كل لفظ يف لغتنا اجلميلة له معنى موضوع له ،كداللة لفظ “القلم” عىل األداة التي نكتب هبا ،وداللة
لفظ “الكتاب” عىل كل ما بني دفتني من أوراق مكتوبة يف موضوعات شتى ،وداللة ألفاظ “البذرة
والثمرة ،والشجر واحلجر ،واخلري والرش ،واحلق والباطل” عىل معانيها املوضوعة هلا يف اللغة.
8
ت ثمرةًَ ،و َس َق ْي ُ
ت شجرةً، وغرست بذرةًَ ،و َق َط ْف ُ
ُ الكتاب،
َ وقرأت
ُ القلم،
َ «أمسكت
ُ فحينام نقول:
الباطل» ،فإنني أكونَ تاحلقَ ،وك َِر ْه ُ
وأحببت َّ الرش، وسعيت يف ِ وا ْن َز َل ْق ُ
ُ ونبذت َّ
ُ اخلري، ُ ت عىل حجر،
قد استخدمت هذه األلفاظ يف معانيها املوضوعة هلا يف اللغة ،أو يف داللتها احلقيقية األصلية.
بدرا يسري يف ِ ماء ِ مخراِ َ ،
وشاهدت ً
ُ املعهد، بحرا يف
ورأيت ً
ُ النيل، ت َ
وش ْب ُ ص ُت ً
قلتَ « :ع َ ْ
أما إذا ُ
الطريق» ،فإن لفظة اخلمر مل تستعمل يف معناها احلقيقي؛ بقرينة أن اخلمر سائل معصور ،واملعصور ال
العنب الذي سيكون مخرا.
َ عرصت
ُ يعرص بطبيعته ،واملراد:
أرشب ك َُّل ماء النيل ،واملراد :رشبت بعضه ال كله.
َ وكذلك احلال يف كلمة ماء؛ ألنه ال يعقل أن
وكذلك كلمة بحر مل تستخدم يف معناها احلقيقي؛ ألنه من املستحيل أن ينتقل البحر احلقيقي من
مكانه ،ويأيت إىل املعهد ،واملراد بالبحر هنا :عامل واسع العلم.
وكذلك مل نستخدم لفظة بدر يف معناها املوضوع هلا يف اللغة؛ واملراد هبا :فتاة رائعة اجلامل؛ ألن البدر
احلقيقي مكانه يف السامء ،وال يسري عىل األرض ألبتة.
وما يقال يف الكلمة الواحدة كام مىض يقال يف األساليب ،فحينام نشاهد شخصا من بعيد يقدم رجال
ويؤخر أخرى نقول :فالن حرض يقدم رجال ،ويؤخر أخرى ،فتكون داللة األسلوب داللة حقيقية،
شخصا متذبذبا مرتد ًدا يف رأيه ،فنقول له« :أنت تقدم رجال ،وتؤخر أخرى» فتكون داللة
ً وحينام نرى
هذا األسلوب داللة جمازية.
لكن استعامل الكلمة ،أو الكالم يف غري معناه احلقيقي له رشوط وضوابط ،فال جيوز استعامل الكلمة،
أو الكالم يف غري معناه إال بوجود ما يأتى:
1ـ 1قرينة متنع من معناه األصيل.
2ـ 2عالقة بني املعنى األصيل ،واملعنى املجازي تسوغ هذا االستعامل.
3ـ 3رس بالغي يدفع املتكلم إىل العدول عن احلقيقة إىل املجاز.
وسوف نرصد ألبنائنا الطالب والطالبات اآلن كل هذا تفصيال بعد أن ذكرناه يف هذا التمهيد
إمجاال.
9
( )1يقول :إن للممدوح عيل نعام شاملة ،فوجودي يعد من نعمه ،وال أستطيع أن أحرص هذه النعم.
11
فلفظة ٍ
«أياد» يف بيت املتنبي جماز مرسل؛ ألنه ال يريد هبا األيادي احلقيقية ،بل يريد هبا النِّعم والعطايا،
والعالقة بني األيادي والنعم السببية؛ ألَ َّن اليد احلقيقية هي التي متنح النعم ،وتعطي العطايا فهي ٌ
سبب
فيها.
ومن ذلك قوله تعاىل :ﱹﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﱸ [الشورى ،]40:فلفظة (سيئة) الثانية جماز ،بمعنى
عقوبة ،أما األوىل ،فداللتها حقيقية ،وأصل الكالم يف غري القرآن :وجزاء ٍ
سيئة عقوب ٌة مثلها ،لكنه عرب
عن املسبب العقوبة بلفظ السبب؛ ألن السيئة سبب يف العقوبة ،والقرينة هنا عقلية؛ ألن العقل جيعل
من املستحيل أن تكون العقوبة سيئة.
السامء نباتًا» ،فالنبات
ُ «أمطرت
ْ 2ـ املسببية :وهي أن يذكر لفظ املسبب ،واملراد السبب :مثل:
السامء
ُ جماز مرسل؛ ألن السامء متطر ماء ،وال متطر نباتا ،ولو جاء الكالم عىل احلقيقة لقلنا« :أمطرت
ماء» ،والعالقة بني املاء والنبات أن املاء سبب ،والنبات مسبب ،واللفظ املذكور يف الكالم هو املسبب،
ً
فالعالقة املسببية ،حيث عرب باملسبب وأراد السبب.
ومن ذلك قوله تعاىل :ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﱸ [غافر ،]13:فموطن
املجاز هنا يف كلمة (رزقا) ،والرزق مسبب عن املطر ،فعرب الذكر احلكيم باملسبب وهو الرزق ،عن
سبب يف الرزق.
السبب وهو املطر الذي هو ٌ
ومنه ـ أيضا ـ قوله تعاىل :ﱹ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ
ﮐ ﮑ ﱸ [النساء ،]10:فاملجاز يف كلمة (نار) ألن النار ال تؤكل ،فالقرينة عقلية ،ولو
طعاما حراما» ،فالطعام احلرام ،هو
جاء الكالم عىل احلقيقة يف غري القرآن لقال« :إنام يأكلون يف بطوهنم ً
سبب ،واملسبب عنه دخول النار يوم القيامة ،واملذكور يف الكالم هو املسبب ،فالعالقة املسببية.
والس البالغي يف هذا العدول عن احلقيقة إىل املجاز هو املبالغة يف الزجر والردع والتخويف مع
ُّ
اإلجياز يف العبارة ،والتأكيد عىل هذا املعنى.
3ـ اجلزئية :وهي إطالق اجلزء ،وإرادة الكل.
من أمثلة ذلك قول الشاعر:
جـــر ًارا َو َأ ْر َســـ ْلنا ا ْل ُع ُيونَـــا .
()1
َّ *** ـم َب َع ْثنَــ ــا الـ َْج ْيــ ـ َ
ـش كَــ ـ ْ
( )1اجليش اجلرار :الثقيل السري لكثرته.
12
فاملجاز يف كلمة «العيون»؛ ألن العيون احلقيقية يستحيل أن ت ُْر َس َل بمفردها ،فالقرينة عقلية ،واملراد
جزء مهم جدا من اجلواسيس ال يمكن
اجلواسيس ،والعالقة بني العيون واجلواسيس :أن العيون ٌ
ُ هبا
بأي حال من األحوال االستغناء عنها ،فالعالقة اجلزئية ،والرس البالغي يف إيثارها :التأكيد عىل أمهيتها
القصوى ،وشأهنا الكبري ،واملبالغة يف خصوصيتها الشديدة يف هذا املجال.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﱸ [املزمل ،]2، 1:حيث أطلق اجلزء وهو القيام؛ ألنه
ركن من أركان الصالة ،وأراد الكل وهو الصالة ،والعالقة بني القيام والصالة :أن القيا َم جزء مهم
يف قيام الليل ،والصال َة ك ٌُّل ،واملذكور هنا هو اجلزء ،فالعالقة اجلزئية ،والرس يف تسمية الكل باجلزء:
الداللة عىل أمهية هذا اجلزء؛ ولذلك سميت به هذه الصالة فقيل«:قيام الليل».
ومنه قوله تعاىل :ﱹ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﱸ [النساء ،]92:فاملجاز يف كلمة رقبة،
والقرينة عقلية؛ ألن الذي ُيرر من ِ
ربقة االستعباد هو العبدُ كله ،وليست الرقب ُة وحدها؛ لعدم إمكانية َ َّ ُ
جزء والعبدَ ك ٌُّل ،واملذكور يف الكالم هو اجلزء، ِ ِ
ذلك ،والعالقة بني الرقبة والعبد املؤمن :أن الرقب َة ٌ
فالعالقة اجلزئية.
ويالحظ أن اجلزء املعرب به عن الكل هنا ،وهو الرقبة ال يمكن االستغناء عنه بخالف اليد أو الرجل
أو العني مثال.
يتبني ألبنائنا الطالب أن اجلزء املذكور يف عالقة اجلزئية جيب أن يكون أصلح األجزاء
وبذلك ُ
وليس أي جزء صاحلا لكي يعرب به عن الكل ،بل لذلك رشطان:
للتعبري به عن الكلَ ،
أـ أن يكون اجلزء املذكور له زيادة اختصاص باملعنى املراد من الكالم ،كإطالق األذن عىل الشخص
الذي َيت ََس َّم ُع لآلخرين ،وكإطالق العني عىل اجلاسوس ،ومن ثم ال جيوز يف هذا املقام إطالق اليد أو
اإلصبع عىل اجلاسوس؛ ملا ليس هلام من زيادة اختصاص.
ب ـ أن يكون اجلزء املذكور ال يتحقق الكل إال به ،كإطالق الرقبة عىل العبد.
4ـ الكلية :وهي إطالق الكل ،وإرادة اجلزء.
ماء زمزم» ،فـ(ماء زمزم) جماز مرسل عالقته الكلية؛ حيث عرب بالكل
«رشبت َ
ُ من ذلك قولنا:
اإلنسان الواحدُ
ُ وهو ماء زمزم ،وأراد اجلزء وهو ٌ
بعض منه ،والقرينة عقلية ؛ ألنه يستحيل أن يرشب
ماء زمزم كلها.
13
ملخص الدرس
احلقيقة :هي استعامل الكلمة يف معناها املوضوع له يف اصطالح التخاطب.
اجملاز :هو اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة ،مع قرينة مانعة من إرادة املعنى األصيل.
2ـ االستعارة. 1ـ املجاز املرسل . أنواع املجاز اللغوي :نوعان :
اجملاز املرسل :هو الكلمة املستعملة يف غري معناها األصيل ؛ لعالقة غري املشاهبة ،مع قرينة مانعة من
إرادة املعنى األصيل.
الفرق بني املجاز املرسل واالستعارة :االستعارة هلا عالقة واحدة هي املشاهبة؛ ألهنا مبنية عىل
التشبيه كام سيأيت ،أما املجاز املرسل ،فتتعدد عالقاته.
عالقات اجملاز املرسل:
1ـ السببية :وهي إطالق السبب ،وإرادة املسبب.
2ـ املسببية :وهي أن يذكر لفظ املسبب ،واملراد السبب.
3ـ اجلزئية :وهي إطالق اجلزء ،وإرادة الكل.
4ـ الكلية :وهي إطالق الكل ،وإرادة اجلزء.
5ـ اعتبار ما كان عليه :وهى ذكر اليشء باسم ما كان عليه.
6ـ اعتبار ما سيكون :وهي ذكر اليشء باسم ما يؤول إليه.
ِّ
املحل. 7ـ احلا ِّل َّية :وهي إطالق لفظ ِّ
احلال وإرادة
املحل ،وإرادة ِّ
احلال. ِّ 8ـ املح ِّل َّية :وهي إطالق لفظ
9ـ اآللية :وهي ذكر اسم اآللة ،وإرادة أثرها.
بالغة املجاز املرسل تتمثل إمجاال يف ثالثة أمور1 :ـ التأكيد2 .ـ اإلجياز3 .ـ املبالغة.
املجاز املرسل املركب :هو كل تركيب استعمل يف غري ما وضع له؛ لعالقة غري املشاهبة ،مع قرينة
مانعة من إرادة معناه األصيل.
وهذا النوع من املجاز يتأتى يف اجلمل اخلربية املستعملة يف اإلنشاء؛ للتحرس وإظهار الضعف ،وغري
ذلك.
18
إثراءات
الحظ أن :كل جماز لغوي ال بد فيه من رشطني أساسيني:
1ـ عالقة بني املعنى احلقيقي ،واملعنى املجازي .
2ـ قرينة متنع من إرادة املعنى احلقيقي.
الحظ أن :عالقات املجاز املرسل جتاوزت الثالثني واملشهور منها :العالقات التسعة التى درستها.
انتبه إىل :أن تسمية عالقة املجاز املرسل ،وحتديدها بدقة يكون عن طريق اللفظ املذكور ،فإن
كان املذكور يف الكالم هو السبب ،واملراد املسبب ،سميت السببية ،وإن كان املذكور يف
الكالم هو الكل ،واملراد اجلزء سميت الكلية ،وهكذا دواليك.
انتبه إىل :أن اجلزء املذكور يف عالقة اجلزئية جيب أن يكون أصلح األجزاء للتعبري به عن الكل ،أي
:بأن يكون له زيادة اختصاص باملعنى املراد من الكالم ،أو بأن يكون اجلزء املذكور ال
يتحقق الكل إال به.
مفاهيم :
1ـ احلقيقة :هي استعامل الكلمة يف املعنى املوضوع هلا يف اللغة.
2ـ املجاز :هو الكلمة املستعملة يف غري معناها املوضوع هلا يف اللغة؛ لعالقة ،مع قرينة مانعة من إرادة
املعنى احلقيقي.
3ـ املجاز املرسل املفرد :هو اللفظ املستعمل يف غري معناه املوضوع له يف اللغة؛ لعالقة غري املشاهبة،
مع قرينة مانعة من إرادة معناه األصيل.
4ـ املجاز املرسل املركب :هو الرتكيب املستعمل يف غري معناه املوضوع له يف اللغة؛ لعالقة غري
املشاهبة ،مع قرينة مانعة من إرادة معناه األصيل.
***
19
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،مع التعليل
فيام يأيت:
) ( 1ـ املجاز :هو استعامل اللفظ يف غري ما وضع له .
) 2ـ اجلزئية من عالقات املجاز املرسل ،ويصح التعبري فيها بأي جزء دون رشوط (
) ( 3ـ الفرق بني املجاز املرسل ،واالستعارة أساسه العالقة .
) ( 4ـ تسمية العالقة مبنية عىل املذكور ،ال املحذوف .
) ( 5ـ القرينة ليست رضورية يف املجاز .
) ( 6ـ لكل جماز عالقة وقرينة ورس بالغي .
) ( 7ـ القرينة تكون لفظية أوعقلية .
) ( 8ـ املجاز املرسل يقع يف املفردات وال يأتى يف املركبات .
) ( 9ـ عالقات املجاز املرسل كثرية أشهرها تسع عالقات .
) ( 10ـ بالغة املجاز املرسل اإلجياز والتوكيد واملبالغة .
إجابة التدريب األول:
5ـ (×). 4ـ (√) . 3ـ (√) . 2ـ (×) . 1ـ (√) .
10ـ (√). 9ـ (√) . 8ـ (×) . 7ـ (√) . 6ـ (√) .
التدريب الثاني :حدد موطن املجاز ،وعالقته ،وقرينته فيام يأيت:
1ـ قال تعاىل :ﱹﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ
ﮫ ﮬﱸ [الروم .]22:
2ـ قـال تعـاىل :ﱹ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
ﯔ ﱸ [مريم.]73:
20
الدرس الثاني
(االستعارة تعريفها ،أركانها ،قرينتها ،أنواعها ،والفروق بينها)
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-يفرق بني االستعارة والكذب .
-يذكر تعريفا لالستعارة.
-يذكر أركان االستعارة مع التمثيل .
-يقارن بني أنواع االستعارة.
-يستخرج من أمثلة مقدمة له استعارة ترصحيية ،واستعارة مكنية ،واستعارة متثيلية.
-يفرق بني التشبيه التمثيىل ،واالستعارة التمثيلية مع التمثيل.
وصف الدرس :يكشف هذا الدرس عن تعريف االستعارة لغة واصطالحا ،وأركان االستعارة،
وقرينتها ،والفرق بني االستعارة والكذب ،وأنواع االستعارة الترصحيية ،واملكنية ،ومفهوم كل منهام،
ورس تسميتهام بذلك ،والفرق بني االستعارة الترصحيية ،واملكنية ،ومفهوم االستعارة التخييلية عند
مجهور البالغيني ،وداللة االستعارة التمثيلية من خالل النصوص البليغة.
شرح الدرس
متهيد
مىض بنا الوقوف عىل مفهوم املجاز املرسل ،والكشف عن عالقاته املتعددة ،وهنا نرشع يف الشق
اآلخر من املجاز اللغوي ،وهو االستعارة بكافة أنواعها ،والفرق بني هذين النوعني يعتمد عىل العالقة،
فالعالقة يف االستعارة هي املشاهبة بني املعنى احلقيقي واملجازي؛ألهنا تشبيه حذف منه أحد طرفيه ،أما
املجاز املرسل ،فعالقته غري املشاهبة؛ ألنه ال يعتمد عىل التشبيه يف استخراجه.
23
تعريف االستعارة
االستعارة يف اللغة :مأخوذة من قوهلم :استعار فالن من فالن اليشء أو املال ،إذا طلبه عارية.
ويف االصطالح :هي اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له يف اللغة؛ لعالقة املشاهبة بني املعنى احلقيقي
واملجازي ،مع قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
أن كلمة «األسد» استعملت يف غري معناها احلقيقي،
انظر إىل قولنا« :رأيت أسدا يرمى األعداء» جتد َّ
األصيل لألسد وهو احليوان املفرتس ،وبني املعنى املجازي ِّ أن هناك عالقة بني املعنى
رأيت َّ
تأملت ََ وإِذا
الذي ْاس ُت ْع ِم َل فيه وهو الرجل الشجاع ،وهذه العالقة هي املشاهب ُة؛ ألَ َّن الشخص اجلرئ املقدام ُي ْشبِه
األسد يف جسارته وجرأته ،والقرينة التي منعت من إرادة املعنى احلقيقي لألسد هي لفظة «يرمي»؛ ألن
األسد احلقيقي ال يرمي األعداء بالسهام.
ثم انظر إىل قول ابن ال َع ِميد :
()1
( )1ابن العميد :هو الوزير أبو الفضل حممد بن العميد ،نبغ يف األدب ،وعلوم الفلسفة ،والنجوم ،وقد برز يف الكتابة عىل أهل زمانه حتى
مت بابن العميد» توىف سنة 360هـ. وختِ ْ قيل« :ب ِدئ ِ
َت الكتاب ُة بعبد احلميد ُ ُ
24
وعليه فإننا نفهم من الكالم السابق أن التشبيه ال بد فيه من ذكر الطرفني األساسيني ،ومها (املشبه،
واملشبه به) فإذا حذف أحد الركنني ال يعد تشبيها ،بل يصبح استعارة .
الحظ الفرق بني قولنا« :اجلندي أسد» ،و«رأيت أسدً ا يتكلم» ،و«اجلندي يزأر وهو يفرتس
األعداء» ،فاملثال األول :تشبيه بليغ؛ لوجود املشبه «اجلندي» ،واملشبه به «أسد» ،واملثال الثاين :استعارة
ترصحيية حلذف املشبه «اجلندي» ،والترصيح باملشبه به «أسد» ،واملثال الثالث :استعارة مكنية حلذف
املشبه به «أسد» وذكر املشبه «اجلندي» ،ووجود صفة من صفات املشبه به املحذوف ترشد إليه وتدل
عليه وهي لفظة يزأر ،فإن الزئري من صفات األسود ال من صفات اجلنود.
َ
التأمل يف األمثلة السابقة تلحظ أن الذي يسميه البالغيون يف باب التشبيه «املشبه» يطلق عليه َأ ِع ِد
البالغيون يف باب االستعارة «املستعار له».
والذي يسميه البالغيون يف باب التشبيه «املشبه به» يطلق عليه البالغيون يف باب االستعارة «املستعار
منه» .
والذي يسميه البالغيون يف باب التشبيه «وجه الشبه» يطلق عليه البالغيون يف باب االستعارة «
اجلامع».
أركان االستعارة
1ـ املستعار له (وهو املشبه).
2ـ املستعار منه (وهو معنى املشبه به).
3ـ املستعار :وهو لفظ املشبه به الذي استعرته لغريه.
4ـ اجلامع (وهو وجه الشبه).
وال بد يف االستعارة من عدم ذكر وجه الشبه ،وال أداة التشبيه ،بل وال بد ـ أيضا ـ من تنايس التشبيه،
الذي من أجله وقعت االستعارة ،واالدعاء بأن املشبه واملشبه به صارا شيئا واحدا عىل سبيل االمتزاج
وااللتحام حتى جاز لنا إطالق أحدمها عىل اآلخر ،ولوال وجود القرينة ما تنبهنا هلذه االستعارة ،وأن
اللفظة استعملت يف غري معناها احلقيقي ،حتى صار هلا وقع حسن ،وأعطت الكالم قوة وتأكيدا،
وأكسبته رونقا ومجاال.
25
فإذا قلت« :فالن يتحدث بالدرر» ،فالقرينة هي يتحدث ،واملستعار له :هو الكالم املشبه املحذوف،
واملستعار منه هو الدرر ،وهو املشبه به املرصح به يف العبارة ،واجلامع بينهام :احلسن ،وقوة التأثري ،وهو
وجه الشبه.
قرينة االستعارة
ُّ
كل جماز لغوي :مرسل ،أو استعارة ال بد فيهام من قرينة متنع من إرادة املعنى احلقيقي ،وهذه القرينة
نوعان:
1ـ لفظية :أي يتلفظ هبا ،ونستطيع حتديدها يف العبارة التي وردت فيها االستعارة مثل كلمة (يقذف)
يف قولك« :شاهدت أسدا يقذف األعداء» ،وكلمة (يعظ) يف قولك« :رأيت بحرا يعظ الناس» ،وكلمة
(يف الطريق) يف قولك « :تراءى يل بدر يسري يف الطريق».
2ـ غري لفظية:
وهي قسمان:
أـ حالية :كام تقول « :رأيت أسدا» ،وأمامك بطل شجاع صنديد ،و«رأيت بدرا» ،وأمامك فتاة
فائقة احلسن ،ذات طلة هبية ،و«رأيت بحرا» ،وأمامك عامل يعظ الناس.
ب ـ استحالة املعنى :كقولك :نطقت حايل بالشكوى ،تريد(دلت) الستحالة النطق بمعناه احلقيقي
من احلال ،وهو أمر معنوي.
الفرق بني االستعارة والكذب
قديم وحدي ًثا وقوع املجاز ،ومنه االستعارة يف القرآن الكريم ،معللني ذلك بأن
نفى بعض العلامء ً
املجاز ومنه االستعارة قول كاذب عىل خالف احلقيقة ،من هنا مست احلاجة إىل التفريق بني االستعارة
والكذب ،حتى تندفع شبهة هؤالء العلامء ،والفرق بينهام من وجهني:
األول :أن االستعارة مبنية عىل التأويل يف دعوى دخول املشبه يف جنس املشبه به ،وذلك أن املستعري
جيعل أفراد املشبه به قسمني :قسام متعارفا ،وقسام غري متعارف ،وجيعل االستعارة من القسم الثاين.
أما الكذب ،فال تأويل فيه؛ ألن الكاذب يسوق كالمه مساق املسلامت ،وال يظهر عليه أنه يتأول.
الثاين :أنه البد يف االستعارة من قرينة متنع من إرادة املعنى احلقيقي.
26
أما الكذب ،فال قرينة فيه عىل إرادة خالف الظاهر ،بل إن الكاذب يبذل جمهودا يف ترويج كذبه.
أنواع االستعارة باعتبار الطرفني
2ـ مكنية.
االستعارة نوعان1 :ـ ترصحيية.
ً
أول :االستعارة التصرحيية
وح ِذ َ
ف فيها املشبه ص َح فيها باملشبه به( ،املستعار منه)ُ ،
1ـ تعريف االستعارة الترصحيية :هى التي ُ ِّ
(املستعار له).
مثل قوله تعاىل :ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﱸ [البقرة ،]257:وقوله تعاىل:
ﱹ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
ﭲ ﱸ [إبراهيم ،]1:حيث استعري يف هاتني اآليتني الظلامت للكفر ،والنور لإليامن ،ثم حذف املشبه
(الكفر واإليامن) ،وذكر املشبه به الظلامت والنور ،وتنوسى التشبيه ،وادعينا أن املشبه فرد من أفراد
املشبه به ،ثم استعرنا لفظ الظلامت للكفر ،والنور لإليامن عىل سبيل االستعارة الترصحيية ،والعالقة
املشاهبة ،والقرينة حالية.
ومثله قول املتنبي:
ت ُت َعانِ ُق ُه األُ ْسـدُ
لا َق َام ْ
َوال َر ُج ً *** َف َل ْم َأ َر َق ْب ِل َم ْن َم َشى ا ْل َب ْح ُر ن َْح َو ُه
حيث اشتمل البيت عىل استعارتني مها (البحر) الذي استعاره الشاعر للرجل الكريم لعالقة
املشاهبة ،والقرينة (مشى) ،و(األُ ْسد) التي استعارها للفرسان الشجعان لعالقة املشاهبة ،والقرينة
(تعانقه) ،ويالحظ أن املستعار منه «املشبه به» هو املرصح به هنا ،واملحذوف هو املستعار له «املشبه».
وطريقة إجراء االستعارة ىف هذا الشطر الثانى تتلخص ىف اخلطوات اآلتية:
1ـ 1شبه الفرسان الشجعان باألُ ْس ِد بجامع البسالة واجلراءة يف ك ٍُّل.
2ـ 2حذف املشبه الفرسان الشجعان.
3ـ ُ 3تنُويس التشبيه.
4ـ 4ا ُّدعي أن املشبه وهو الفرسان الشجعان داخل ىف جنس املشبه به ،وفرد من أفراده.
5ـ 5استعريت لفظة (األُ ْسد) للفرسان الشجعان عىل سبيل االستعارة الترصحيية.
ومن ذلك قول الوأوأ الدمشقي يصف امرأة تبكي:
27
ب ِد ت َع َل ا ْل ُعن ِ ِ
َّاب با ْل َ َ َو ْر ًدا َو َع َّض ْ *** َف َأ ْم َط َر ْت ُل ْؤ ُل ًوا ِم ْن ن َْر ِج ٍ
س َو َس َق ْت
حيث استعار الشاعر اللؤلؤ للدموع املنسكبة من عني حمبوبته ،واستعار النرجس لعني حمبوبته،
والورد خلد حمبوبته ،والعناب ألنامل حمبوبته ،والربد ألسنان حمبوبته ،ثم حذف املستعار له (املشبه)،
ورصح باملشبه به عىل سبيل االستعارة الترصحيية ،والقرينة لفظية هي أمطرت ،وسقت ،و َع َّضت.
ثانيًـا :االستعارة املكنية
ف فيها املشبه به(املستعار منه) وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه ،وتدلتعريفها :وهى التي ُح ِذ َ
ـه َ
ـذ ِل: عليه ،كقول أيب ُذؤَ ْي ٍ
ب ا ْل ُ
ــت ك َُّل َت ِ ٍ
َأ ْل َف ْي َ ْــمن ِ َّي ُة َأن َْشــ َب ْ
ت َأ ْظ َف َار َهــا
يمــة ال َتنْ َف ُ
ــع َ *** َوإِ َذا الـ َ
حيث شبه املنية وهي املوت بالسبع ،وحذف «املستعار منه «السبع» ،وترك يف الكالم الزما من
لوازمه ،وصفة من صفاته التي تدل عليه ،وهي قوله« :أنشبت أظفارها»عىل سبيل االستعارة املكنية،
والقرينة :لفظية ألن املنية ال أظافر هلا يف احلقيقة حتى تنش َبها يف الفريسة.
وحان ِقطا ُفها وإِن َلص ِ
اح ُب َها). ِّ َ َ ت ألرى ُرؤُ ً
وسا قد أينَ َع ْ ومثاهلا ـ أيضا ـ قول احلجاج( :إين َ
ِ ِ ِ
ف؛ ألن أصل الكالم: وحان أن ُت ْق َط َ
َ ت الست ْح َقاق ِه ْم ال َقت َْل بث َم ٍر ن َ
َضج ْ حيث َش َّب َه ُرؤُ َ
وس املخالفني ْ
رؤوسا كالثمرات قد أينعت ،وحان قطافها ،ثم حذف املشبه به «الثمرات» ،ورمز له بيشء
ً إين ألرى
من لوازمه ،وهو أينعت ،وتنوسى التشبيه وادعينا أن املشبه فرد من أفراد املشبه به ،واستعرنا لفظ الثامر
للرؤوس عىل سبيل االستعارة املكنية ،والقرينة :لفظية الستحالة إيناع رؤوس بني اإلنسان كام تينع
الثامر.
ومثل ذلك يقال يف قول املتنبي :
ـــن َأ ِب ُســـ َل ْي َم َن الـْـــخُ ُطو َبا .
()1
إِ َل ا ْب ِ ـــل ْام َت َط ْينَـــا و ََّلـــا َق َّل ِ
ـــت ا ِ
إل ْب ُ
*** َ
حيث َش َّبه اخلطوب باإلبل ،ثم حذف املشبه به (اإلبل) ورمز هلا بيشء من لوازمها ،وصفة من
صفاهتا ،وهي (امتطينا) عىل سبيل االستعارة املكنية ،والقرينة :لفظية ألن اخلطوب ال ُتْتَطى.
ومنها قوله تعاىل :ﱹ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ [اإلرساء ،]24:حيث ّش َّبه َّ
الذل (املقصود
به اإلنسان الذي يتذلل وخيضع ألبويه) بطائر يرفرف بجناحيه عىل صغاره ،وحذف «املستعار منه
( )1امتطينا :ركبنا ،اخلطوب :األمور الشديدة ،يقول :ملا عزت ا ِ
إلبل عليه لفقره محلته اخلطوب عىل قصد هذا املمدوح ،فكانت له بمنزلة
مطية يركبها.
28
«الطائر» ،وترك يف الكالم الزما من لوازمه ،الذي يدل عليه ،وخيتص به ،وهي قوله« :جناح» عىل
ي َفض.
سبيل االستعارة املكنية ،والقرينة :لفظية ألن الذل ال جناح له يف احلقيقة حتى ُ ْ
سبب تسميتها باملكنية
وسميت االستعارة هنا مكنية؛ ألن املشبه به «املستعار منه» جاء مكنيا ،أي :حمتجبا خمتفيا غري مرصح
به ،بخالف ما كان عليه احلال يف االستعارة الترصحيية.
الفرق بني االستعارة التصرحيية واملكنية
االستعارة املكنية قسيم االستعارة الترصحيية ،وهي عىل الضد منها إن صح هذا التعبري؛ ألن
االستعارة الترصحيية ُيذف فيها املشبه (املستعار له) ،ويرصح باملشبه به (املستعار منه) ،أما املكنية،
فيحذف فيها املشبه به ،ويذكر املشبه وحده ،مع وجود الزم للمشبه بهَ ،ي ْر ُم ُز إليه ،ومن َث َّم ُس ِّميت
مكنية؛ ألن املشبه به حذفَ ،و ُكن َِّي عنه بذكر الزم من لوازمه ،وهذا الالزم يعد قرينة املكنية ،وهو
ما يسمى باالستعارة التخييلية ،هذا هو رأي مجهور البالغيني ،وهو الرأي األوفق املتاميش مع طبيعة
االستعارة املكنية يف أساليبها الكثرية.
وهذا النوع من االستعارة فيه من املحاسن والروعة والرباعة واملبالغة ما فيه.
()1
مجال االستعارة :ما يدلل عىل أبلغية هذا النوع من االستعارة أن التجسيـم والتشخيص يعدان
سمة من أهم سامهتا ،وقيمة كربى من قيمها الفنيـة .
ولو دققنا النظر يف صور االستعارات املكنية السابقة ،نجد أمر التجسيم جل ًّيا ،أما التشخيص،
فأوضح يشء عليه هو قول الشاعر اجلاهىل برش بن أيب خازم واصفا خيول قومه:
اتــا لِ ْل َم ْغنَــ ِم ِ
ــب ل َث ُ َ
َخيــ ً ِ
ا تَض ُّ ْ ***
ِ ِ َو َبنُــو ن َُم ْ ٍ
ــر َقــدْ َلقينَــا من ُْه ُ
ــم
ــة ِم ْر َجــ ِمــق الرحا َل ِ ــر ٍة ِِ
هــا بِــك ُِّل طم َّ
ِ
()2
َو ُم َق ِّطــ ٍع َح َل َ ِّ َ *** ــم َد ْ ً
هن َُه َْفدَ ْ
فقوله« :ت َِض ِ
ب ل َث ُ َ
اتا» ،أي :تسيل وتقطر لثاهتا من حب املغنم واحلرص عليه ،فنسب للخيل فعال ُّ
ال يكون إال لألنايس العقالء من البرش ،حيث شبه اخليل باإلنسان الذي يفرح للمغنمَ ،و ُي َرى ذلك
ب لِ َثا ُت ُه»، ِ
عىل معامل وجهه وتقاسيمه ،ثم حذف املشبه به اإلنسان ،وترك شيئًا من لوازمه ،وهو «تَض ُّ
( )1التجسيم هو جعل األمور املعنوية جمسمة مثل« :جاء احلق»« ،سعى اخلري» ،أما التشخيص ،فهو أن جيعل املجسم شخصـًا مثل
اإلنسان.
ِّ َ ِ
( )2دمهنهم :أي خيلنا غَش َيت ُْه ْم؛ طمرة :فرس خفيفة ضامرة ،مقطع حلق الرحالة ،أي :أن اجلواد لشدة وثبه ُيقط ُع حلق الرحالة ،مرجم:
األرض بحافره.َ يرجم
29
وهذا الالزم هنا هو قرينة املكنية ،وهو يف الوقت ذاته استعارة ختييلية كام يرى اجلمهور يف إجراء هذه
االستعارة ،والقرينة :لفظية.
وقيمة هذه االستعارة :أهنا شخصت تلك اخليول ،وأضفت عليها طبعا من طبائع اإلنسان ،فجعلتها
حتب املغنم ،ويسيل له لعاهبا ،كام يسيل له لعاب اإلنسان العارف بقيمة هذا املغنم وأمهيته.
االستعارة التمثيلية
من أنواع االستعارات :االستعارة التمثيلية ،والفرق بينها وبني الترصحيية واملكنية السابق ذكرمها:
أن ك ً
ال من الترصحيية واملكنية تكونان يف اللفظة املفردة كام سبق لك توضيحه،أما التمثيلية ،فتكون يف
الكالم املركب.
تعريف االستعارة التمثيلية هي :اللفظ املركب املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة ،مع
قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
مثل قوله تعاىل :ﱹﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ
[اإلرساء ،]29:ففي اآلية الكريمة هنيان:
األول :هنى عن البخل ،وقد جاء يف صورة حتذير لإلنسان أن جيمع يده ،وعنقه يف غل.
الثاين :هني عن اإلرساف ،وجاء يف صورة حتذير لإلنسان أن يمد يديه مدا متناهيا ،فقد شبهت هيئة
البخيل هبيئة املغلول الذي اليستطيع أن يمد يده إىل يشء ،ثم حذف املشبه ،وتنويس التشبيه ،وادعي
أن املشبه صار فر ًدا من أفراد املشبه به ،ثم استعري املركب الدال عىل هيئة املشبه به هليئة املشبه عىل طريق
االستعارة التمثيلية الترصحيية.
ومثله قول املتنبى:
ِ
َيِ ــدْ ُم ـ ًّـرا ب ــه الـ َْمـ ـ َ
ـاء الــزُّالال *** ـك ذا َفــ ٍم ُم ـ ٍّـر َمري ـ ٍ
ـض ـن َي ـ ُ
َو َم ـ ْ
ٍ الذ ْوق ِلف ْهم شعره ،بسبب بذمه ممن مل ِ
ضعف يف إدراكه ،بحال يرزق َّ حيث ش َّبه املتنبي حال ا ُملو َلعني ِّ
مرا؛ ملرارة أصيب هبا يف فمه ،ثم حذف املشبه ،وتنويس التشبيه ،وا ُّد ِع َي املاء الزالل ًّ
املريض الذي جيد َ
أن املشبه صار فر ًدا من أفراد املشبه به ،ثم استعري املركب الدال عىل هيئة املشبه به هليئة املشبه عىل طريق
االستعارة التمثيلية الترصحيية ،والقرينة حالِ َّي ٌة.
30
ملخص الدرس
االستعارة :هي اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة بني املعنى احلقيقي واملعنى املجازي،
مع قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
2ـ املستعار منه (وهو معنى املشبه به ) 1ـ املستعار له (وهو املشبه) أركان االستعارة:
4ـ اجلامع ( وجه الشبه). 3ـ املستعار( ،وهو اللفظ املنقول)
قرينة االستعارة :نوعان :
أ ـ لفظية :مثل كلمة (يقذف) يف قولك :شاهدت أسدا يقذف األعداء.
ب ـ غري لفظية :وهي ـ حالية ـ أو استحالة املعنى.
الفرق بني االستعارة والكذب:
1ـ أن االستعارة مبنية عىل التأويل،أما الكذب ،فال تأويل فيه.
2ـ أنه البد يف االستعارة من قرينة متنع إرادة املعنى األصيل ،أما الكذب ،فال قرينة فيه.
أقسام االستعارة باعتبار ما يذكر من الطرفني :تنقسم االستعارة هبذا االعتبار قسمني:
2ـ مكنية. 1ـ ترصحيية .
االستعارة التصرحيية :هي ما رصح فيها بلفظ املشبه به ،وحذف املشبه.
وسميت ترصحيية؛ ألن املشبه به ُذكر فيها رصاحة.
االستعارة املكنية :هي التي ُحذف فيها املشبه به ،ورمز له بيشء من لوازمه.
وسميت مكنية؛ ألن املشبه به حذف ،و ُكنِّي عنه بذكر الزم له يدل عليه.
اتفق مجهور البالغيني عىل أن قرينة املكنية تسمى استعارة ختييلية ،واالستعارة والقرينة متالزمان ال
ينفصالن.
االستعارة التمثيلية :هي اللفظ املركب املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة ،مع قرينة مانعة من
إرادة املعنى األصيل.
الفرق بني التشبيه التمثيلي واالستعارة التمثيلية:
أن التشبيه التمثييل من قبيل احلقيقة ،أما االستعارة التمثيلية ،فهي من قبيل املجاز.
32
إثراءات
الحظ أن :مجهور البالغيني اتفقوا عىل أن قرينة االستعارة املكنية تسمى استعارة ختييلية.
الحظ أن :االستعارة التمثيلية جتري يف املركبات ؛ ألن أساسها التشبيه التمثييل الذي هو صورة
منتزعة من متعدد مركبا حسيا أو عقليا.
انتبه إىل :أن قرينة االستعارة املكنية والتخييلية ـ كام يرى مجهور البالغيني ـ متالزمان ،بمعنى :أن
املكنية ال تفارق التخييلية ،والتخييلية ال تفارق املكنية .
انتبه إىل :أن االستعارة التمثيلية هي استعارة ترصحيية؛ ألن املستعار منه املشبه به ذكر رصاحة فيها
،وحذف املشبه كام مر توضيحه يف األمثلة السابقة.
انتبه إىل :أن التشبيه التمثييل من قبيل احلقيقة ،أما االستعارة التمثيلية ،فهي من قبيل املجاز اللغوي.
مفاهيم :
1ـ االستعارة :هي اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة بني املعنى احلقيقي واملعنى
املجازي ،مع قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
2ـ االستعارة الترصحيية :هي ما رصح فيها بلفظ املشبه به ،وحذف املشبه.
3ـ االستعارة املكنية :هي التي ُحذف فيها املشبه به ،ورمز له بيشء من لوازمه.
4ـ االستعارة التمثيلية :هي األلفاظ املركبة املستعملة يف غري ما وضع له؛ لعالقة املشاهبة ،مع قرينة
مانعة من إرادة املعنى األصيل.
***
33
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،مع التعليل
فيام يأيت:
) ( 1ـ قرينة االستعارة مانعة من إرادة املعني احلقيقي .
) ( 2ـ القرينة تنقسم قسمني :لفظية ،وغري لفظية .
) ( 3ـ االستعارة املكنية ما رصح فيها باملشبه به وحذف املشبه .
) ( 4ـ االستعارة الترصحيية هي التي رصح فيها باملشبه به .
) ( 5ـ االستعارة هلا عدة عالقات منها عالقة املشاهبة .
) ( 6ـ االستعارة الترصحيية تفارق االستعارة التمثيلية .
) ( 7ـ االستعارة والكذب صنوان ال يفرتقان .
) ( 8ـ كل استعارة ال بد هلا من قرينة وعالقة ورس بالغي .
) ( 9ـ اجلامع يف االستعارة يعرب عنه يف التشبيه بوجه الشبه .
) ( 10ـ املستعار له يعرب عنه يف التشبيه باملشبه .
) ( 11ـ االستعارة التخييلية هي قرينة املكنية عند مجهور البالغيني .
) ( 12ـ االستعارة التمثيلية ال ترد يف األمثال البتة .
إجابة التدريب األول
6ـ (×). 5ـ (×) . 4ـ (√) . 3ـ (×) . 2ـ (√) . 1ـ (√) .
12ـ (×). 11ـ (√) . 10ـ (√) . 9ـ (√) . 8ـ (√) . 7ـ (×) .
التدريب الثاني :يف األمثلة اآلتية استعارات متنوعة ،حدد فيها موطن االستعارة ،ونوعها ،وقرينتها،
ورسها البالغي:
1ـ قال تعاىل :ﱹ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ [اإلرساء .]24:
34
البحرتي:
ُّ 9ـ وقال
ان ،ب ِ إىل َقم ٍ ِ َّحيـــ َة ِمـــن ب ِع ٍ
يـــؤد َ ِ
ـــاد اإليـــو ِ َ
َ ـــن
ـــر ،م َ َ *** يـــد ْ َ ون الت َّ ُّ ُ
10ـ وقال ُق َر ْيط بن ُأ َن ْيف:
َطاروا إِ َلي ِه زَر ٍ َاجذ ْي ِه َُل ْم
الش أ ْبدَ ى ن ِ
افات َو ُو ْحدَ انَا َ ْ ُ *** َق ْو ٌم إِ َذا َّ ُّ
البحرتي َي ِصف مبارزة ال َفتْح بن خاقان لألسد:
ُّ 11ـ وقال
ِ أصدَ َق ِمنْك َُما ف َل ْم َأر ِض ْر َغ َام ِ
ـس ك ََّذ َبــا عـ َـراكًا إِ َذا َ
اله َّيا َبـ ُة النِّ ْكـ ُ *** ين ْ
اس َل ا ْل َو ْج ِه َأ ْغ َل َبا
ِمن ا ْل َقو ِم يغ َْشى ب ِ
َ َ ْ َ ***
ِ ِ ِ
ه َز ْب ٌر َم َشى َي ْبغي ه َز ْب ًراَ ،و َأ ْغ َل ٌ
ب
12ـ وقال عبد اهلل بن املعتز:
التدريب الثالث:
عرف املصطلحات اآلتية مع التمثيل:
االستعارة املكنية ـ االستعارة التمثيلية ـ االستعارة الترصحيية.
إجابة التدريب الثالث:
االستعارة املكنية :هي التي حذف فيها املشبه به ،وذكر فيها الزما من لوازمه.
مثل قوله تعاىل :ﱹ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱸ[البقرة.]27:
االستعارة التمثيلية :هي اللفظ املركب املستعمل يف غري معناه األصيل لعالقة املشاهبة ،مع قرينة دالة
عىل عدم إرادة املعنى األصيل.
مثل قوله تعاىل :ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ
[اإلرساء.]29:
االستعارة الترصحيية :هي التي حذف فيها املشبه ورصح باملشبه به .
مثل قوله تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﱸ [البقرة.]257 :
التدريب الرابعِ :
أجر االستعارة ىف األمثلة اآلتية مع بيان نوع االستعارة ىف ك ٍُّل:
-1قال تعاىل :ﱹ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱸ [البقرة.]27:
-2قال تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﱸ [البقرة:من .]257
3ـ قال تعاىل :ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﱸ [احلجر.]94 :
***
37
الدرس الثالث
(أقسام االستعارة باعتبار اللفظ املستعار)
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-يفرق بني االستعارة األصلية ،والتبعية.
-يذكر أمثلة لالستعارة األصلية.
-يذكر أمثلة لالستعارة التبعية.
-يذكر األعالم التى تدخل فيها االستعارة مع التمثيل.
-يستخرج من أمثلة مقدمة له استعارة أصلية ،واستعارة تبعية .
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس أقسام االستعارة باعتبار اللفظ املستعار ،حيث يبني مفهوم
االستعارة األصلية ،ورس تسميتها بذلك ،ويكشف عن االستعارة يف األعالم ،ومفهوم االستعارة
التبعية ،ورس تسميتها بذلك.
شرح الدرس
االستعارة باعتبار صيغة اللفظ املستعار تنقسم قسمني:
2ـ استعارة تبعية. 1ـ استعارة أصلية.
أو ًال :االستعارة األصلية
ٍ
واحد غري معني من جنسه ،سواء كان تعريفها :هي ما كان اللفظ املستعار فيها اسم جنس يدل عىل
اسم
اسم اجلنس َ
اسم ذات :كأسد وثعلب وسيف ونجم وشمس وبحر ...إلخ ،أو كان ُ اسم اجلنس َ ُ
معنى ـ وهو املصادر ـ كالقتل والرضب واخلياطة والسباحة والنوم واليقظة ...إلخ.
«رأيت أسدً ا يف امليدان» ،وتقصد رجال شجاعا ،و«تعلمت من بحر» وتقصد
ُ فمثال اسم الذات:
عاملا واسع العلم ،و« تكلمت مع سيف» ،وتقصد رجال حازما حاسام.
38
(مصدرا)« :قتلت الرجل قتال» وتقصد رجال رضبته رضبا شديدا ،حيث ً ومثال اسم املعنى
استعرت املصدر القتل للرضب الشديد ،فأي استعارة كان فيها اللفظ املستعار عىل هذا املنوال تسمى
استعارة أصلية.
وتأتى االستعارة األصلية (ترصحيية أو مكنية).
خياطب سيف الدولة:
ُ ومن االستعارة األصلية الترصحيية ما جاء عىل لسان املتنبي
ِ ()1
راقدُ . الس َها وال َف المنِي فِ َ
يك ُّ َوإِ ْن َ *** ان َو َبدْ َر ُه ُأ ِح ُّب َ
ك َيا َش ْم َس الز ََّم ِ
ِ
بالشمس؛ ومر ًة بالبدر بجام ِع الرفعة والظهور، َ
سيف الدولة مر ًة حيث ش َّب َه املتنبي يف هذا البيت
تم تٌنوسى التشبيه وادعينا أن املشبه فرد من أفراد املشبه به ،وداخل ىف جنسه ،وحذف املشبه ورصح
الشمس ،والبدر للمش َّبه عىل سبيل االستعارة
ُ الدال عىل املش َّبه به ،وهو ُ
اللفظ ُّ استعري
َ باملشبه به ،ثم
ومرة بالنجو ِم بجام ِع ِّ
الصغَر واخلفاء ،ثم بالسهاَّ ،
مرة ُّالترصحيية األصلية يف الكلمتني ،وش َّب َه َم ْن دونه َّ
السها والفراقد للمش َّبه عىل سبيل االستعارة الترصحيية األصلية
الدال عىل املش َّبه به ،وهو ُّ ُ
اللفظ ُّ استعري
َ
يف الكلمتني.
ٍ ت إِىل كل
إجراء سبب تسميتها :ألن االستعارة جرت يف األصل ومل حتتج لغريها؛ ألنك إِذا َ
رج ْع َ
ال َ
اللفظ َّ
الدال عىل املش َّبه به للمش َّبه ،وأننا مل َن ْع َم ْل عم ً رأيت أننا استعرنا
أجريناه لالستعارات السابقةَ ،
تأملت ألفاظ االستعارات السابقة رأيتها اسم جنس جامد، َ آخرَ ،
وأ َّن االستعار َة متَّت هبذا العمل؛ وإذا َ
باالستعارة األَ ِ
صلية. ِ ِ
االستعارة ويسمى هذا النوع من َّ
هل تدخل االستعارة يف األعالم؟
األصل يف االستعارة أهنا ال تدخل يف األعالم؛ ألن االستعارة تقتيض إدخال املشبه يف جنس املشبه
به بجعل أفراد املشبه به قسمني متعارفا وغري متعارف ،وال يمكن ذلك يف ا ْل َع َل ِم ملنافاته اجلنسية؛ ألن
العلم (مثل :حممد ،وخالد ،وعيل ،وهند وزينب) يقتيض التشخص ومنع االشرتاك ،واجلنسية تقتىض
العموم.
لكن يستثنى من ذلك األعالم التي اشتهرت بوصف من األوصاف ،كحاتم املشهور باالتصاف
()2
بالكرم ،ومادر املشهور بالبخل ،وسحبان املشتهر بالفصاحة ،وباقل املشهور بالفهاهة ،وأبو رغال
) )1السها :نجم خفي يمتحن الناس به أبصارهم ،والفراقد مجع فرقد :وهو نجم قريب من القطب.ويف السامء فرقدان ليس غري.
( )2الفهاهة :العي أو العجز.
39
فلفظة « َي ْم ِري» استعارة تبعية حيث شبه استخراج اجلري من الفرس عندما يركضه الفارس بعقبه
فيكثر عدوه ،ويزداد جريه باملري ،وهو استخراج اللبن من الناقة حني ُي ْم َس ُح عىل رضعها ،ثم اشتق
من املري « َي ْم ِري» بمعنى :يستخرج ويستدر عىل سبيل االستعارة التبعية التي جرت يف املصدر أوال،
ثم تبعته يف الفعل املضارع «يمري».
وهي استعارة ترشد إىل أن فرسه هذه ُيستخرج منها ال َعدْ و بأقل ركض وحتريك ،كام تدر الناقة اللبن
حني ُي ْم َس ُح رضعها بأقل مسح.
ومن ذلك قول املتنبي يف وصف األَسد:
()2
ـــر ُه والنِّيـــاَ ِ َو َر َد ال ُف ِ
ـــرات زَئ ُ *** شـــار ًبا ـــر َة
َو ْر ٌد إذا َو َر َد ال ُب َح َ
االستعارة هنا جرت يف الفعل املايض (ورد) حيث شبه وصول صوت األَسد إِىل الفرات بورود ِ
املاء َّ َ
استعري اللفظ ُّ
الدال عىل املش َّبه به وهو الورود للمش َّبه وهو وصول ال ينتهي إىل ٍ
غاية ،ثم أن ك ًّ
بجام ِع َّ
َ
من الورود بمعنى وصول الصوت ورد بمعنى وصل.
الصوت ،ثم اشت َُّق َ
( )1طوالة :فرس طويلة .العقب :موضع عقب الفارس من الفرس ،يمري :يستخرج ويستدر.
( )2الورد :الذي يرضب لونه إىل احلمرة ،واملراد بالبحرية بحرية طربية ،أي أن زئري األَسد شديد فإذا زأر يف طربية سمع زئريه من يف
العراق ومرص.
40
ِ
الغضب فاالستعارة هنا يف الفعل «سكت» وطريقة إجراء االستعارة هنا تتمثل ىف اآلتىُ :ش ِّب َه انتهاء
ورصح باملشبه به ،وتنويس التشبيه ،وادعينا أن املشبه ِ
اهلدوء يف ك ٍُّل ،ثم حذف املشبه، ِ
بالسكوت بجامع
َ
ِ
الغضب، انتهاء
ُ السكوت للمش َّبه وهو
ُ ُ
اللفظ الدَّ ُّال عىل املش َّبه به وهو استعري
َ فرد من أفراد املشبه به ،ثم
سكت بمعنى انتهى عىل سبيل االستعارة الترصحيية َ انتهاء الغضب ِ ِ
السكوت بمعنى اشتق من
ثم َّ
التبعية.
ومثال االستعارة التبعية يف املشتق قولنا« :حاىل ناطق ٌة بشكواي» حيث شبهت الداللة بالنطق بجامع
إيضـاح املعنى وإيصـاله إىل الذهـن يف ك ٍُّل ،ثم استعري النطق (املستعار منه ،املشبه به) للداللة ،ثم
اشتق من النطق وهو املصدر اسم الفاعل ناطق بمعنى دال عىل سبيل االستعارة التبعية ،والقرينة هي
الفاعل؛ ألن احلال ال تنطق ألبتة؛ ألهنا أمر معنوي.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﱸ [يس . ]52:فاالستعارة التبعية جرت ىف املشتق
«مرقد» حيث ش َّبه املوت بالرقاد...إلخ ،كام مر توضيحه ىف املثال السابق.
ومثال االستعارة التبعية يف احلرف قوله تعاىل :ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﱸ [طه ،]٧١ :فحرف اجلر «يف» مل يستعمل يف معناه احلقيقي وهو الظرفية والقرينة عقلية؛
ألن جذوع النخلة ال تصلح ظرفا حقيقيا ،ورس التعبري بفي هنا الداللة عىل شدة متكينهم ،وإحكام
تصليبهم يف هذه اجلذوع مما يدل عىل شدة تعذيبهم.
ومن ذلك ـ أيضـًا ـ قوله تعاىل :ﱹ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﱸ [القصص،]8:
فالالم يف قوله تعاىل «ليكون» الم التعليل ،وهي موضوعة لتدل عىل أن ما بعدها مرتتب عىل ما قبلها،
ولكنها هنا مل تستعمل يف هذا املعنى احلقيقي؛ ألن ما بعدها ليس مرتتبا عىل ما قبلها ،والقرينة أن
آل فرعون مل يلتقطوه ليكون هلم عدوا وحزنا ،بل التقطوه ليكون هلم قرة عني ،ففي هذه الالم إذن
استعارة تبعية ،حيث ُشبهت «العاقبة» وهي العداوة َ
والحزَن احلاصالن بعد االلتقاط بـ «العلة الغائية»
كاملحبة والتبني ،بجامع الرتتب عىل االلتقاط يف كل ،ثم استعري اسم املشبه به للمشبه ،ثم استعريت
«الالم» املوضوعة لرتتب العلة الغائية لرتتب غري العلة الغائية عىل سبيل االستعارة الترصحيية التبعية يف
41
احلرف ،فاالستعارة ىف احلرف إذن تكون ىف معانى احلروف ال ىف احلروف ذاهتا ،ومعانى هذه احلروف
مشتقة ال جامدة.
جراء هنا ال ينتهي ومن يوازن بني إِ ِ
جراء االستعارة التبعية ،وإِجراء االستعارة األصلية يرى َأ َّن ا ِ
إل َ
ٍ
كلمة ُ
اشتقاق آخر ،وهو ِ
عند استعارة املش َّبه به للمش َّبه كام انتهى يف االستعارة األصلية ،بل يزيدُ عمال َ
ِ
باالستعارة النوع من االستعارة ويسمى هذا وأن ألفاظ االستعارة هنا مشتق ٌة ال جامدةٌ،
من املش َّبه بهَّ ،
ُ َّ
ِ
التبعية.
ومسيت االستعارة تبعية:
ألن ألفاظ االستعارة هنا مشتق ٌةال جامدةٌ،
ألهنا مبنية عىل استعارة أخرى تابعة هلا يف إجرائها؛ َّ
املشتق كان تابعا جلرياهنا يف املصدر ،كام سبق إجراؤه .
ِّ وجريانا يف
ُ
قرينة االستعارة التبعية تعد استعارة مكنية:
ٍ ٍ ُّ
إجراء االستعارة
َ أن يكون يف قرينتها استعار ٌة مكني ٌةَ ،
غري أنه ال جيوز لك يصح ْ
ُّ تبعية استعارة كل
أن
واحدة منهام ال يف كلتيهام معا ،ففي قوله تعاىل :ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﱸ جيوز ْ ٍ إِال يف
ِ
«الغضب» سكت فتكون يف ٍ
بيشء من لوازمه وهو ويرمز إليه
َ حيذف املش َّبه به ْ
ُ الغضب بإنسان ثمُ يش َّبه
استعار ٌة مكني ٌة.
الزئري بحيوان ،ثم حيذف ويرمز إليه بيشء من
ُ الفرات زئريه» جيوز أن يش َّبه
َ ويف قول املتنبي« :ورد
لوازمه ،وهو ورد فيكون يف «زئريه» استعار ٌة مكني ٌة ،والفيصل هو الذوق الفني ،فام يستسيغه الذوق يف
س عليه وال تلتفت لغريه. ِ
نوع االستعارة مكنية أو ترصحيية تبعية ْ
***
42
ملخص الدرس
لالستعارة أقسام متعددة باعتبارات خمتلفة ،فهي تنقسم باعتبار اللفظ املستعار قسمني:
1ـ استعارة أصلية :وهي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس.
واسم اجلنس يأيت عىل رضبني :إما أن يكون اسم عني أو ذات ،كلفظة أسد أو بحر أو سيف ،وإما أن
(مصدرا) كلفظة قتل أو رضب.
ً يكون اسم معنى
وسميت أصلية ؛ ألهنا جرت يف األصل ،ومل حتتج لغريها عند إجرائها.
2ـ استعارة تبعية :وهي إذا مل يكن اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس ،سواء كان فعال،
أو مشتقا ،أو حرفا.
وسميت االستعارة تبعية؛ ألهنا تابعة لغريها عند إجرائها.
***
إثراءات
الحظ أن :االستعارة األصلية سميت بذلك؛ ألهنا جرت يف األصل ،ومل حتتج لغريها.
الحظ أن :االستعارة التبعية سميت بذلك ؛ ألهنا تابعة لغريها عند إجرائها
استعارة ٍ
ٍ انتبه إىل :أن َّ
إجراء
َ أن يكون يف قرينتها استعار ٌة مكني ٌةَ ،
غري أنه ال جيوز لك يصح ْ
ُّ تبعية كل
ٍ
واحدة منهام ال يف كلتيهام معا. االستعارة إِال يف
مفاهيم:
1ـ االستعارة األصلية :هي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس سواء كان اسم
(مصدرا) كلفظة قتل أو رضب.
ً ذات ،كلفظة أسد أو بحر ،أو اسم معنى
2ـ االستعارة التبعية :وهي إذا مل يكن اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس ،سواء كان فعال،
أو مشتقا ،أو حرفا.
***
43
التدريبات
التدريب األول:
أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة (×) أمام العبارة اخلطأ ،مع التعليل فيام يأيت:
) ( -1االستعارة األصلية :هي التي تكون يف اسم اجلنس اجلامد .
) ( -2االستعارة التبعية جتري يف الترصحيية فقط .
) ( -3االستعارة التبعية جتري يف األفعال واملشتقات واحلروف .
) ( -4االستعارة األصلية :تكون يف املصادر فحسب .
) ( -5االستعارة التبعية جتري يف احلروف فحسب .
) ( أن يكون يف قرينتها استعار ٌة مكني ٌة .
يصح ْ استعارة ٍ
تبعية ٍ ُّ -6
كل
ُّ
إجابة التدريب األول
.)√( -6 .)×( -5 .)×( -4 .)√( -3 .)×( -2 .)√( -1
التدريب الثاني:
َع ِّي االستعارة األصلية والتبعية ،فيام يأيت:
1ـ قال تعاىل :ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ [مريم.]4:
2ـ قال املتنبي يصف دخول الروم عىل سيف الدولة:
إِ َل ا ْل َب ْح ِر َي ْس َعىَ ،أ ْم إِ َل ا ْل َبدْ ِر َي ْرت َِقي ***
و َأ ْقب َل يم ِش ِف ا ْلبِس ِ
اط َف َم َد َرى َ َ َ َْ
3ـ وأنشد ابن األعرايب أليب حية النمريي:
ِ َاحي ـ ٍ
ِ ـة م ِر َض ـ ْ ِ
ٍ
َف ــا ُي ــي ُء َل ــا ن َْج ـ ٌ
ـم وال َق َم ـ ُـر *** ـة ـن ك ُِّل ن َ
ـت م ـ ْ َو َل ْي َل ـ َ
4ـ وقال أبو الطيب املتنبي:
ور ك ََمئِ ُمـ ْه ا ْل ِعيـ ِ
ـس َنـ ْ
ـو ٌر والـْــخُ دُ ُ *** ـى ـقاك وحيا َنــا بِـ ِ
ـك اهللُ إ َّنـ َـا َعـ َ َ َّ
سـ ِ
َ
5ـ قال القايض الفاضل:
ـــل بِنَـــا بِـــ ْه
ـــت َمـــا َح َّ
َل ْي َ *** ـــــــر بِنَابِـــ ْه
ُ َع َّضنَـــــا الدَّ ْه
44
طائرا :
7ـ وقال آخر خياطب ً
ــــهتِ ِن ِمـــن بـــك ِ
َاء ا ْل َع ِ احك ٍ ـــراء َض ِ
ْـــت ِف َخ ْ َ َ
َأن َ
()1
ـــار ِ
ض ا ْل َ ْ ُ *** َـــة
( )1يف خرضاء :يف روضة خرضاء .العارض اهلتن :السحاب الكثري املطر.
45
7ـ االستعارة يف لفظ ضاحكة استعارة ترصحيية تبعية ،حيث شبه تفتح أزهار الروض بالضحك،
وهي استعارة تبعية؛ ألهنا جرت يف اسم الفاعل«ضاحكة» املشتق ،وأيضا يف لفظ بكاء استعارة ،حيث
شبه نزول املطر بالبكاء ،وهي استعارة أصلية ؛ ألهنا جرت يف املصدر «بكاء».
8ـ االستعارة يف لفظ صافح استعارة ترصحيية تبعية ،حيث شبه وصول الشعر ألسامع املخاطبني
باملصافحة ،وهي استعارة تبعية؛ ألهنا جرت يف الفعل «صافح» ،وأيضا يف لفظ تبسمت استعارة تبعية؛
ألهنا جرت يف الفعل.
9ـ االستعارة يف لفظ الثريا استعارة ترصحيية ،حيث شبه الغرة البيضاء املتأللئة يف جبني حصانه
بالثريا ،وهي استعارة أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق.
10ـ االستعارة يف لفظ «كوكبا» استعارة ترصحيية ،حيث شبه ابنه املتوىف بالكوكب القصري العمر،
وهي استعارة أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق.
11ـ االستعارة يف الفعل يقري بمعنى :يمتع استعارة تبعية؛ ألهنا تتبع غريها يف إجرائها.
التدريب الثالث:عرف االستعارة األصلية والتبعية ،ثم بني رس تسمية كل منهام بذلك.
إجابة التدريب الثالث:
االستعارة األصلية :هي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس ،سواء كان اسم عني
أو ذات ،أو اسم معنى.
وسميت أصلية ؛ ألهنا جرت يف األصل ،ومل حتتج لغريها عند إجرائها.
االستعارة التبعية :هي إذا كان اللفظ املستعار الذى جرت فيه االستعارة فعال أو مشتقـًا أو حرفـًا.
وسميت االستعارة تبعية؛ ألهنا تابعة لغريها عند إجرائها.
***
46
الدرس الرابع
(أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع ،وباعتبار اخلارج عنهما)
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-يذكر أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع.
-يذكر أقسام االستعارة باعتبار ما ليس مستعارا له وال مستعارا منه وال جامعا.
-يوازن بني أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع.
-يذكر أمثلة لالستعارة املجردة واملرشحة.
-يستخرج من أمثلة مقدمة له استعارة مطلقة ،وثانية مرشحة ،وثالثة جمردة.
وصف الدرسُ :ي ْ ِب ُز هذا الدرس أقسا َم االستعارة الستة باعتبار الطرفني واجلامع ،كام سيوضح
أقسام االستعارة باعتبار األمر اخلارج عن هذه األقسام السابقة كلها ،حيث سيعرض ملفهوم االستعارة
أي من هذه االستعارات الثالث أبلغ.
املطلقة ،واملجردة ،واملرشحة ،مع تبيان ٍّ
شرح الدرس
أوال :أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع
تنقسم االستعارة هبذا االعتبار ستة أقسام:
1ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع حيس ،مثل قوله تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﱸ [طه ،]88:فإن املشبه به (املستعار منه) هنا هو ولد البقرة ،وهو
أمر حمسوس بحاسة البرص ،واملشبه (املستعار له) هنا هو احليوان الذى صنعه السامري عىل شكل
العجل ،وهو أمر حمسوس بحاسة البرص ،واجلامع (وجه الشبه) االتفاق ىف الشكل ،وهو أمر حمسوس
مدرك بحاسة البرص كذلك.
2ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع عقيل ،مثل قوله تعاىل :ﱹ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
47
ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ [يس ،]٣7:فإن املستعار منه السلخ ،وهو كشط اجللد عن الشاة ،ونحوها ـ أمر
حمسوس بحاسة البرص ،واملستعار له ـ وهو كشف الضوء عن مكان الليل ـ أمر حمسوس بحاسة البرص
أيضا ،واجلامع ـ وهو ما يعقل من ترتب أمر عىل آخر ـ ،كرتتب ظهور اللحم عىل الكشط ،وترتب
ظهور الظلمة عىل كشف الضوء عن مكان الليل ـ أمر عقيل.
3ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع خمتلف بعضه حسى ،وبعضه عقيل ،كقولك« :رأيت
شمسا» فاملستعار منه ـ الشمس ـ أمر حمسوس بحاسة البرص ،واملستعار له ـ اإلنسان ـ أمر حمسوس
ً
بحاسة البرص أيضا ،واجلامع ـ حسن الطلعة ،ونباهة الشأن ـ خمتلف؛ألن حسن الطلعة ،أمر حسى،
ونباهة الشأن أمر عقيل.
4ـ استعارة معقول ملعقول واجلامع عقيل ،مثل قوله تعاىل :ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﱸ [يس ،]52:فاملستعار منه ـ الرقاد هنا ـ أمر عقيل ،واملستعار له ـ
املوت ـ أمر عقيل كذلك ،واجلامع ـ عدم ظهور الفعل ـ أمر عقيل.
5ـ استعارة حمسوس ملعقول واجلامع عقيل ،نحو قوله تعاىل :ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﱸ
[احلجر ،]94:فإن املستعار منه ـ الصدع ،وهو كرس الزجاج ونحوه ـ أمر حسى ،واملستعار له ـ التبليغ
ـ أمر عقيل؛ ألن أصل الكالم :بلغ يا حممد بام تؤمر ،واجلامع ـ شدة التأثري ـ أمر عقيل ،واملعنىَ :أبِ ْن
األمر إبانة ال تنمحي ،كام ال يلتئم صدع الزجاجة ،وهذا هو رس بالغة االستعارة التي أفادت اإلجياز يف
األسلوب والتوكيد للمعنى ،واملبالغة يف الوعد والوعيد ،والرتغيب والرتهيب.
6ـ استعارة معقول ملحسوس واجلامع عقيل ،كقوله تعاىل :ﱹ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱸ
[احلاقة ،]11:فإن املستعار منه ـ الطغيان والتكرب وجتاوز احلد ـ أمر عقيل ،واملستعار له ـ كثرة املاء ـ أمر
حيس ،واجلامع االستعالء املفرط أمر عقيل.
()1
ثانيا :أقسام االستعارة باعتبار اخلارج
تنقسم االستعارة هبذا االعتبار ثالثة أقسام:
1ـ استعارة مطلقة :وهي التي ال تقرتن بيشء يالئم املستعار له واملستعار منه ،نحو« :رأيت أسدً ا»،
وتقصد رجال شجاعا ،فاملستعار له ،واملستعار منه مل يرد يف هذه اجلملة صفة تتالءم مع أي طرف منهام.
( )1اخلارج :ما ليس مستعارا له وال مستعارا منه وال جامعا أي :باعتبار أمر خارج عن أي ركن من هذه األركان كام سيتضح لك.
48
أو هي التي اقرتنت بصفة تتالءم مع كل واحد منهام مثل« :رأيت أسدا يزأر وخيطب» فلفظة يزأر
تتالءم مع املستعار منه (املشبه به) «أسد» ،ولفظة «خيطب» تتالءم مع املستعار له املشبه الرجل الشجاع.
ومن ذلك قول زهري بن أيب ُس ْل َمى:
ِ َلدَ ى َأس ٍد َشاكِي السالحِ م َق َّذ ٍ
َلــ ُه ل ـ َبــدٌ َأ ْظـــ َف ُ
()1
ـــار ُه َل ْ ُت َق َّل ِم *** ف ُ ِّ َ
السالحِ » وصف يالئم املستعار له الرجل الشجاع ،وقولهَ « :ل ُه لِ َبدٌ َأ ْظ َف ُار ُه َل ْ ُت َق َّلمِ» فإن قوله ِ َ :
«شاكي ِّ
وصف يالئم املستعار منه األسد احلقيقي ،حيث اقرتن بكل طرف ما يتالءم معه ،فصارت االستعارة
مطلقة أيضا؛ القرتاهنا بصفة تتالءم مع كل واحد منهام.
كثي عزة يمدحعبد العزيز بن
2ـ استعارة جمردة :وهي التي تقرتن بام يالئم املستعار له ،مثل قول ِّ
مروان:
()2
اب الـْمــ ِ ِِ َغلِ َقـ ْ ِ داء إِ َذا َتبســم َض ِ
َغمــر الــر ِ
ـال ـت ل َض ْحكَته ِر َق ُ َ *** اح ـكًا َ َّ َ ْ ُ ِّ
حيث استعار الرداء وهو املستعار منه للعطاء ،وهو املستعار لــه ،بجامع السرت والصيانة؛ ألن
العطاء يصون ويسرت عرض صاحبه ،كام يصون ويسرت الرداء اجلسد الذي يلقى عليه ،واالستعارة هنا
جمردة؛ ألن املستعار له العطاء ورد له صفة تتالءم معه ،فالغمر وهو الكثري يناسب العطاء املستعار له
دون الرداء ،والقرينة مستمدة من سياق الكالم يف قوله :إذا تبسم ،أي :شارعا يف الضحك آخذا فيه.
ومنه قول البحرتي:
ان ب ِ إىل َقم ٍ ِ َّحيــ َة ِمــن ب ِع ٍ
ِ
ــاد اإليــو ِ َ
َ ــن
ــر م َ َ *** يــد ْ َ ون الت َّ
ــؤ ُّد َ
ُي َ
حيث استعار القمر وهو املستعار منه للممدوح وهو املستعار له؛ بجامع التأللؤ والضياء ،والقرينة
ون الت ِ
َّح َّي َة» ،واالستعارة هنا جمردة؛ ألن املستعار له املمدوح وردت له صفة يف لفظية يف قولهُ « :يؤ ُّد َ
ان ب ِ ِ
اد» ،فهذه الصفة تناسب املشبه املستعار له دون املستعار اإليو ِ َ
العبارة تتالءم معه ،وهي قوله« :م َن َ
منه.
املبالغةِ ،
لبعد املش َّبه حينئذعن املش َّبه به؛ لذكر ِ ِ
لتجريدها عن بعض يت هذه االستعارة جمردة؛
وسم ْ
ِّ
ِ
االحتاد بني الطرفني الذي هو مبنى االستعارة. ما يتالءم معه ،وذلك يبعد دعوى
( )1اللبد مجع لبدة :وهى ما تلبد من شعر األسد عىل منكبيه ،والتقليم مبالغة يف القلم ،وهو القطع.
( )2غمر الرداء :كثري العطاء واملعروف ،أي :إذا تبسم غلقت رقاب أمواله يف أيدى السائلني .يقال :غلق الرهن يف يد املرهتن إذا مل يقدر
عىل انفكاكه.
49
3ـ استعارة مرشحة :وهي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه ،مثل قوله تعاىل :ﱹﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﱸ [البقرة ،]16:حيث استعري االشرتاء ـ وهو
املستعار منه ـ لالستبدال واالختيار وهو املستعار له ،والقرينة الضاللة؛ ألن الضاللة أمر معنوي ال
يباع وال يشرتى.
ثم ذكر يف اآلية صفة تتالءم مع املستعار منه ،وهي الربح والتجارة يف قوله تعاىل :ﱹ ﯹ ﯺ
ﯻ ﱸ فإن هذا مما يتالءم مع املستعار منه (املشبه به) ال املستعار له (املشبه).
أي األقسام الثالثة أبلغ؟
أي قسم من هذه األقسام الثالثة أبلغ؟ واإلجابة هي أن
علمت هذه األقسام لعلك تسألُّ ،
َ بعد أن
الرتشيح أبلغ من اإلطالق والتجريد؛ الشتامل الرتشيح عىل حتقيق املبالغة يف تنايس التشبيه ،وادعاء أن
ٍ
موجودة أصالً. املستعار له (املشبه) صار هو املستعار منه نفسه ال يشء يشبهه،وكأن االستعار َة غري
ألن ذكر ما يالئم املشبه ُ
أضعف اجلميع؛ َّ ِ
التجريد ،فالتجريدُ عىل ذلك هو ُ
واإلطالق يعد أبلغ من
ِ
االحتاد بني الطرفني. ُ
يضعف دعوى املستعار له
***
50
ملخص الدرس
***
51
إثراءات
الحظ أن :الصور التي يأيت عليها الطرفان واجلامع من حيث احلسية والعقلية تشمل االستعارة
املفردة ،واالستعارة املركبة ( التمثيلية).
َتم االستعار ُة باستيفائها َقري َنتَها لفظي ًة أو الرتشيح أو التجريدَ ال ُي ْعت ََبان إِال َب ْعدَ ْ
أن ت َّ َ انتبه إىل أن:
ِ ِ ِ ِ ِ
حال َّي ًة ،وهلذا ال ت َُس َّمى َقرين ُة االستعارة الترصحيية جتْريدً ا ،وال قرين ُة املكْنية ت َْرش ً
يحا.
ِ
التجريد. انتبه إىل أن :الرتشيح أبلغ من اإلطالق والتجريد؛ واإلطالق أبلغ من
مفاهيم :
1ـ االستعارة املطلقة :هي التي ال تقرتن بيشء يالئم املستعار له واملستعار منه،أو اقرتنت بصفة
تتالءم معهام.
2ـ االستعارة املجردة :هي التي تقرتن بام يالئم املستعار له.
3ـ االستعارة املرشحة :هي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه.
***
52
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،مع التعليل
فيام يأيت:
) ( 1ـ يف قوله تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﱸ اجلامع هنا معقول .
) 2ـ يف قوله تعاىل :ﱹﯨ ﯩ ﯪﯫﯬﯭﱸ استعارة حمسوس ملحسوس( .
) ( 3ـ االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع تنقسم ستة أقسام .
) ( 4ـ التجريد أبلغ من الرتشيح .
) ( 5ـ االستعارة املطلقة هي التي تقرتن بام يالئم املستعار له .
) ( 6ـ اإلطالق أبلغ من الرتشيح والتجريد .
) ( 7ـ االستعارة املرشحة هي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه .
) ( 8ـ االستعارة املجردة هي التي تقرتن بام يالئم املستعار له .
إجابة التدريب األول
4ـ (×). 3ـ (√) . 2ـ (×) . 1ـ (×) .
8ـ (√). 7ـ (√) . 6ـ (×) . 5ـ (×) .
التدريب الثاني:
بني فيام يأيت أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع ،وباعتبار اخلارج.
1ـ قال دعبل بن عيل اخلزاعي:
ك ا َْل ِشـيب بِر ْأ ِس ِ َض ِ ِ
ـه َف َبكَى ُ َ ح َ *** ال َت ْع َجبِـي َيـا َسـ ْل ُم م ْ
ـن َر ُج ٍل
الدرس اخلامس
(بالغة االستعارة)
وصف الدرس:
يتناول هذا الدرس األرسار البالغية لالستعارة املختلفة ،ورشائط حسنها.
شرح الدرس
متهيد
مىض بنا الوقوف عىل مفهوم االستعارة ،وأركاهنا ،وقرينتها ،والفرق بينها وبني الكذب ،كام مىض
الكشف عن ماهية االستعارة الترصحيية ،واملكنية ،والتمثيلية ،كام كشفنا َ
لك عن أقسام االستعارة
باعتباراهتا املختلفة ،وهنا نأتى لبيان الرس يف بالغة االستعارة ،ورشائط حسنها.
ُ
بالغة االستعارِة
تتمثل بالغة االستعارة يف عدة جوانب:
اجلانب األول :طريقة نظمهاْ ،
وتأليف َألفاظها ،فرتكيبها يدل عىل تنايس التشبيهْ ،
وحيم ُلك عمدً ا عىل
تضمنه الكالم من تشبيه خفي مستور.
خت ُّيل صورة جديدة ُتنْسيك َر ْو َعتُها ما َّ
البحرتي يف الفتح بن خاقان:
ِّ انظر إِىل قول
ف إِ َل ا ْلع ْليـ ِ
ـاء َط َّمحِ َت ِمــي ،و َطــر ٍ نيَ ،حانِ َي ٍةِ َي ْس ُمو بِك ٍّ
َ َ َ ْ ْ *** َفَ ،ع َل ا ْل َعاف َ
وأن هذه
ب وبلها عىل العافني السائلنيَّ ، ٍ ألست ترى ك َّفه وقد مت َّث ْ
تص ُّ
لت يف صورة سحابة هتَّانة ُ
َ
اختبأ يف الكالم من تشبيه؟ الصورة قد متلكت عليك مشاعرك ،فأ ْذهلت َ
ْك عام
أن املش َّبه واملش َّبه ِ
ادعاء َّ هلذا كانت االستعار ُة أبلغَ من التشبيه البليغ؛ ألن التشبيه البليغ وإِن بني عىل
جمحو ٌد؛ ومن ذلك سواء ال يزال فيه التشبيه من ِْو ًّيا ملحوظا بخالف االستعارة ،فالتشبي ُه فيها َمن ٌّ
ْيس ُ ٌ به
من املجردة. أن االستعارة املرشح َة أبلغُ من امل ْط َل َق ِةَّ ،
وأن املطلقة أبلغُ َ يظهر لك َّ
55
فيفص ُل
يرسمهاِّ ،
ُ اجلانب الثالث :ومن بالغة االستعارة ـ أيضـًا ـ أن يعمد الشاعر إىل الصورة التي
ِ
بالطول: وصف ِ
الليل ِ لكل ٍ
جزء مزي َت ُه اخلاص َة ،كقول امرئ القيس يف ويبني ِّ أجزاءها،
ُ
ــت َلــه ََّلــا َت َّطــى بِص ْلبـ ِ
َل ف َأ ْع َجـازًا َون َ
َــاء بِ َك ْلك ِ َو َأ ْر َد َ *** ِــه ُ َ َف ُق ْل ُ ْ
اإلص َباح ِمن َ
ْك بِ َأم َث ِل بِ ُص ْبحٍ َو َما ْ *** َأال َأ ُّ َيا ال َّل ْي ُل ال َّطويِ ُل َأال ان َْجيل
ِ
الشخص؛ ِ
أركان ِ
القامة ،بل استوىف له مجلة، ِ
طويل ٍ
شخص ِ
الليل ،بصورة ِ
بتمثيل ِ
يكتف فإنه مل
بأن جعل له أعجازا ِ
متطيه،وبالغَ يف ذلك ْ ِ
طوله لب يزيدُ يفكل ذي ُص ٍ فاستعار ُصلبا يتم َّطى به؛ إذ كان ُّ
َ
أيُ :
يثقل فاستعار له كلك ً ِ بالثقل عىل ِ ِ بعضها بعضا ،ثم أرا َد أن يص َفه
ينوء به ْ
ال ُ َ ساهره، قلب يردف ُ ُ
ِ
ِاجلميل. األثر العظيمِ ،واالرتياح ِ
سامعه من ِ البديع يف ِ
قلب ُ
التفصيل َ
عليك ما يرتكُه هذا به ،وال خي َفى
ُ
اجلانب الرابع :إبراز املعقول يف صورة املحسوس ،وذلك أن األمر املعقول إذا صور يف يشء حيس،
فإن العقل يكون مستوعبا له أكثر مما لو كان جمردا عن احلس ،فاستعارة الليل للباطل ،يف قولنا « :أطل
النهار َ
الليل» ،فيه تثبيت هلذا ُ هبيم» ،واستعارة النهار النتصار احلق عىل الباطل يف قولنا« :بدد
ليل ٌعلينا ٌ
املعنى املجرد يف األفئدة ،وترسيخ له يف النفس اإلنسانية مما لو جاء التعبري عنه جمردا دون استعارة.
اجلانب اخلامس :التجسيد والتشخيص ،ومن بالغة االستعارة كذلك وبخاصة املكنية أهنا تعمد إىل
تشخيص املعنويات وجتسيدها ،فالتجسيـم والتشخيص يعدان من أهم سامهتا وقيمها الفنية.
ولو دققنا النظر يف كثري من صور االستعارات ،لوجدنا هذا األمر واضحا جدا ،حيث َج َّسد الشعراء
إنيس عاقل ختاطبهم وخياطبوهنا ،وجتاوهبم
ٌّ املعنوياتَ ،
وشخَّ صوا احليوانات ،وعاملوها عىل أهنا
وجياوبوهنا ،وتشتكي إليهم ،ويشتكون إليها،كل هذا كائن يف أشعارهم بوضوح.
اجلانب السادس :املبالغة والتأكيد واإلجياز ،فإن أي أسلوب من أساليب االستعارة التي مرت بك
ال ختلو من واحدة منها ،ناهيك عن األرسار األخرى املستمدة من طيات االستعارة والتي يرشد إليها
السياق ،ويستخرجها األملعي الفطن الشغوف بتذوق البيان.
***
57
ملخص الدرس
***
إثراءات
الحظ أن:التجسيد والتشخيص سمتان واضحتان من سامت االستعارة املكنية.
ً
أوعقل. الحظ أن:من رشوط حسن االستعارة أن يتقرر الشبه ويثبت بني الطرفني عر ًفا
انتبه إىل :أن التأكيد واملبالغة واإلجياز تعد من أرسار بالغة االستعارة ،واملجاز املرسل معا ،ولكل
منهام أرسار أخرى متيز كل منهام عند استعامالهتام يف سياقاهتام.
***
58
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) -1التجسيد والتشخيص سمة واضحة من سامت االستعارة املكنية( .
) ( -2االستعارة البليغة ال بد من كوهنا استعارة متثيلية .
) ( -3االستعارة واملجاز املرسل صنوان يف البالغة .
) ( -4التأكيد واملبالغة واإلجياز من بالغة االستعارة واملجاز املرسل .
) ( -5االستعارة املبتكرة من االستعارات البديعة .
) ( -6التشبيه أعىل كعبا من االستعارة يف البالغة .
إجابة التدريب األول
.)×( -3 .)×( -2 .)√( -1
.)×( -6 .)√( -5 .)√( -4
التدريب الثاني:
عني بالغة االستعارة فيام يأيت:
1ـ قال املتنبي يصف دخول الروم عىل سيف الدولة:
إِ َل ا ْل َب ْح ِر َي ْس َعىَ ،أ ْم إِ َل ا ْل َبدْ ِر َي ْرت َِقي ***
و َأ ْقب َل يم ِش ِف ا ْلبِس ِ
اط َف َم َد َرى َ َ َ َْ
2ـ وصف أعرايب أخا له فقال( :كان أخي يقري العني مجاال ،واألذن بيانا)
3ـ قال تعاىل :ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ [مريم.]4:
4ـ قال تعاىل :ﱹ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﱸ[امللك.]8:
إجابة التدريب الثاين
1ـ 1شبه سيف الدولة بالبحر بجامع العطاء ،عىل سبيل االستعارة الترصحيية ،والقرينة (فأقبل
يميش يف البساط) ،وشبه سيف الدولة بالبدر بجامع الرفعة ،عىل سبيل االستعارة الترصحيية،
59
والقرينة (فأقبل يميش يف البساط) .وبالغة االستعارة هنا تعود إىل اإلجياز والتوكيد واملبالغة
وتقرير املعنى يف النفس.
2ـ 2شبه إمتاع العني باجلامل ،وإمتاع األذن بالبيان بقرى الضيف ،عىل سبيل االستعارة الترصحيية،
والقرينة مجاال ،وبيانا ،وفيها إبراز للمعقول يف صورة املحسوس.
3ـ 3شبه الرأس بالوقود ،ثم حذف املشبه به ،ورمز له بيشء من لوازمه ،وهو (اشتعل) عىل سبيل
االستعارة املكنية ،والقرينة إثبات االشتعال للرأس ،وتبدو بالغتها من جهة تأليف نظمها،
ودقة تركيب لفظها مما لوقال :اشتعل شيب الرأس ،فإنه ال يصور اإلحاطة واالنتشار للشيب
يف مجيع أنحاء الرأس ،كام جاء هذا الرتكيب .
مكفهر
ِّ 4ـ 4تتمثل بالغة االستعارة هنا يف «أهنا ترتسم أمامك النار يف صورة خملوق َضخْ ٍم ب َّط ٍ
اش
صدره حقدً ا وغيظا» وهي صورة مرعبة مهولة لنار جهنم أعاذنا اهلل منها.
ُ ٍ
عابس يغيل الوجه
***
61
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-يعرف الكناية ،ويذكر أقسامها.
-يفرق بني الكناية ،واملجاز.
-يوازن بني أقسام الكناية .
-يذكر أمثلة ألرضب الكناية عن صفة .
-يذكر أمثلة للكناية عن نسبة.
-يذكر خصائص الكناية.
-يستخرج من أمثلة مقدمة له كناية عن موصوف ،ويبني نوعه.
وصف الدرس:
يتناول هذا الدرس مفهوم الكناية ،وأركاهنا ،وقرينتها ،والفرق بني الكناية واملجاز ،وأقسام الكناية
املختلفة ،وأنواع كل قسم ،وبالغة الكناية ،وخصائصها اجلاملية.
شرح الدرس
متهيد:
ظهر من مظاهرها،وم ٌ الكناية فن خالب رائع من فنون البالغة العربية ،وركيزة قوية من ركائزهاَ ،
وصفت قرحيتُه ،وهي تعد كام قال اإلمام عبد القاهر اجلرجاين:
ْ وغاي ٌة ال يصل إليها إال من َل ُط َ
ف طب ُعه،
من «األقطاب التي تدور البالغة عليها ،واألعضاد التي تستند الفصاحة إليها ،وال َّطلِبة التي يتنازعها
والرهان الذي ُ َت َّر ُب فيه اجلياد ،وهي التي نوه بذكرها البلغاء ،ورفع من أقدارها العلامء،
املحسنونِّ ،
62
وصنفوا فيها الكتب ،ووكلوا هبا اهلمم ،ورصفوا إليها اخلواطر ،حتى صار الكالم فيها نو ًعا من العلم
مفردا»(.)1
تعريف الكناية:
األمر بغريه
تركت الترصيح به ،و َكنَى َعن ْ
ُ كنوت بكذا عن كذا ،إذا
ُ كنيت أو
ُ الكناية لغة :مصدر من
َيكْنِي كِنَاي ًة ،أي :تك َّلم بغريه ممَّا ُي ْستَدَ ُّل به عليه.
واصطالحا :لفظ أطلق ،وأريد به الزم معناه ،مع قرينة ال متنع من إرادة املعنى األصيل.
فرتكت الترصيح إىل الكناية عنه؛
َ نحو« :حممد واسع الصدر» تريد بتلك العبارة الكناية عن ِ
احللم،
ألنه يلزم من سعة الصدر أن يكون املرء حليام ،وجيوز مع ذلك أن يكون حممدٌ واسع الصدر حقا؛ ألن
قرينة الكناية غري مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
ُ
نظيف اليد» فاملعنى احلقيقي هنا ليس مقصو ًدا ،وهو نظافة اليد وغسلها ومن ذلك قولنا« :فالن
من األقذار ،وإنام املقصود املعنى املالزم لذكر هذه العبارة يف العرف والعادة من :العفة ،أو األمانة،
َ
نظيف اليد حقا؛ ألن قرينة الكناية غري مانعة من إرادة أو النزاهة ،أو الرتفع ،وجيوز مع ذلك أن يكون
املعنى احلقيقي.
ومن ذلك قولنا« :فالنة نؤوم الضحى» كناية عن الرتف والتنعم ،وجيوز أن تكون نؤوم الضحى
فعال؛ ألن القرينة املنصوبة يف الكناية ال متنع من إرادة املعنى احلقيقي.
ومن ذلك ـ أيضا ـ « :زيد طويل النجاد» تريد هبذا الرتكيب أنه شجاع عظيم ،فعدلت عن الترصيح
هبذه الصفة إىل اإلشارة إليها ،والكناية عنها؛ ألنه يلزم من طول محالة السيف طول صاحبه ،ويلزم من
طوله شجاعته يف العادة ،ومع ذلك يصح أن يراد املعنى احلقيقي.
ومثله قوله تعاىل :ﱹﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﱸ [الفرقان]27:
كناية عن الندمَ ،ف ُع ِدل عن الترصيح هبذه الصفة إىل الكناية عنها؛ ألنه يلزم من عض الظامل عىل يده يوم
القيامة الندم الشديد عىل ما كان منه من تفريط يف حياته الدنيا يف وقت ال ينفع فيه الندم ،فاملقصود من
هذه اآلية ليس املعنى احلقيقي ،وهو عض اليدين فعال ،وإنام يقصد املعنى الكنائي ،والقرينة هنا ال متنع
من املعنى احلقيقي كذلك.
أركان الكناية:
يتضح لنا من األمثلة السابقة أن الكناية البد فيها من توافر أربعة أركان:
1ـ املكني به :وهو املعنى احلقيقي املتلفظ به املذكور يف العبارة.
2ـ املكني عنه :وهو املعنى الكنائي املستشف من املعنى احلقيقي.
3ـ العـالقة التي تكون بني املكني به واملكني عنه ،وهي اللزوم.
4ـ القرينة :وهي غري مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
الفرق بني الكناية ،واجملاز:
أسلوب الكناية شأنه شأن املجاز ال بد فيه من عالقة وقرينة،
َ مما سبق يتضح جليا ألبنائنا الطالب أن
إال أن عالقة الكناية وقرينتها تفرتقان وتتاميزان عن عالقة املجاز وقرينته ،فعالقة االستعارة هي املشاهبة،
وعالقة املجاز املرسل هي غري املشاهبة ،أما العالقةالتي تربط بني املعنى الكنائي ،وبني املعنى األصيل،
فهي عالقة التالزم ،سواء نشأ هذا التالزم من عادة مشتهرة ،كعادة إيقاد النار إلرشاد الضيوف عند
كرماء العرب ،أو نشأ هذا التالزم من طبيعة مستقرة يف اإلنسان ،أو احليوان ،كطبيعة تقطيب الوجه
يأنس ،وتركه النباح إذا َأنِ َس ،أو نشأ هذا التالزم
عند اإلنسان إذا غضب ،وطبيعة النباح يف الكلب إذا مل ْ
من اختصاص فعل من األفعال بنوع من الناس ،كاختصاص خضاب الكف بالنساء،ومحل السالح
املتنبي يمدح «سيف الدولة» َّملا ظفر ببني كالب إ ْذ َع َص ْوه:
ّ بالرجال ،كام قال
اب ــم َو ُب ْســ ُط ُه ُم ت َ
ُــر ُ وص َّب َح ُه ْ
َ *** ــاه ْم َو ُب ْســ ُط ُه ُم َح ِر ٌ
يــر َف َم َّس ُ
ــه ِمنْه ِ كَمــن ِف َك ِّف ِ ِ ِ
ــاب
ــم خ َض ُُ ْ َ ْ *** ـم َق ـنَــا ٌة ـــن ِف َك ـ ِّفــه م ـنْـ ُ
ـهـ ْ َو َم ْ
إىل غري ذلك من أنواع اللزوم العقيل أو العريف.
فعالقة الكناية ـ كام ترى ـ ختتلف عن عالقة املجاز املرسل واالستعارة ،أو بعبارة أدق لكل نوع من
هذه األنواع عالقة هلا طابع خاص يميزها من غريها.
أما قرينة الكناية ،فلها سمت معني كذلك تتاميز به عن قرينة املجاز ،فقرينة املجاز قرينة ُم َعانِدَ ٌة
بطبيعتها يستحيل معها اجلمع بني املعنى احلقيقي واملجازي ،أما قرينة الكناية ،فهي بطبيعتها غري مانعة
من إرادة املعنى األصيل ،فيمكن أن يراد املعنى احلقيقي مع الكنائي ،فحني تقول« :رأيت أسدً ا حيكي
64
بطوالته» ،فإن لفظة «أسد» هنا استعارة ترصحيية ،والقرينة حيكي ،وهذه القرينة متنع من إرادة املعنى
احلقيقي؛ ألنه ال يوجد أسد حقيقي حيكي أو يتحدث.
بينام يف الكناية ال توجد قرينة متنع من وجود املعنى احلقيقي ،فحني تقول« :فالن يده طويلة» ،فإنه
جيوز إرادة املعنى احلقيقي ،وهو طول اليد فعال ،كام جيوز إرادة املعنى الكنائي الذي خيتفي خلف املعنى
احلقيقي وهو أنه لص.
أما إذا استحال املعنى احلقيقي يف بعض األساليب ـ كام سيأيت ـ فليست هذه االستحالة راجعة
لطبيعة القرينة ،بل لعارض خارجي خاص بامدة الكناية ذاهتا ال من القرينة نفسها.
أقسام الكناية
تنقسم الكناية باعتبار املكني عنه ثالثة أقسام:
ولكن هذه
َّ أوال :الكناية عن صفة :وهي أن ُي ْذك ََر املوصوف ،ثم ُينسب هلذا املوصوف صف ًة ما،
الصفة املذكورة غري مرادة ،وإنام املراد هو الزم تلك الصفة ،فمثال حني نقول« :فالنة نؤوم الضحى»
فقد ذكرنا املوصوف وهو فالنة ،ثم نسبنا هلا صفة وهي نؤوم الضحى ،وهذه الصفة غري مرادة هنا ،بل
يراد الزمها ،وهي أهنا منعمة مرتفة خمدوم ٌة هلا من يكفيها أمرها ،فاملعنى امللفوظ يلزم منه هذا املعنى
امللحوظ.
ولكن الصفة
َّ وهبذا يتبني أن الكناية عن صفة ال بد فيها من ثالثة أمور :موصوف ،وصفة ،ونسبة،
ولكن ُكن َِّي هبا عن صفة تلزمها.
ْ املذكورة غري مرادة،
أضرب الكناية عن صفة:
الكناية عن صفة ترد عىل رضبني:
الضرب األول :كناية قريبة :وهي أن يكون االنتقال من املعنى املكني به (املعنى احلقيقي) إىل
املعنى املكني عنه (املعنى الكنائي) بدون واسطة.
والكناية القريبة ترد عىل قسمني:
أـ كناية قريبة واضحة :وهي التي يكون االنتقال من املعنى املكني به إىل املعنى املكني عنه واضحا ظاهرا،
ال حتتاج ألناة وطول تفكري يف استخراجها ؛ لوضوحها وسهولة استنتاجها.
65
«فالن َث ْو ُبه طويل» ،و« ُق ُلن ُْس َوتُه كبرية» ،و«حذاؤ ُه يتَّسع َ
لقدم ْي» ،أي :هو طويل القامة، ٌ كقوهلم:
عظيم الرأس ،كبري القدم ،وهي كنايات سهلة ال يصعب إدراكها عىل معظم الناس.
املتنبي:
ِّ ومن ذلك قول
اب
ُــر ُ ــم َو ُب ْس ُط ُ
ـــه ُم ت َ َو َص َّب َح ُه ْ *** ـــاه ْم َو ُب ْســـ ُط ُه ُم َح ِر ٌ
يـــر َف َم َّس ُ
كنَّى بعبارة« :و ُب ْس ُط ُه ُم َح ِر ٌير» عن َّأنُ ْم كَانُوا يف عز ٍّة وسيادة قبل حماربته هلم؛ ألن من كان عزيزًا
سيدا كانت ُب ْس ُط ُه غالبا من حرير.
وكنَّى بعبارة «و ُب ْس ُط ُهم ت َُراب» عن حالة ُّ
الذ ّل واملهانة التي َ
وص ُلوا إليها بعد أن حارهبم وظفر هبم؛
ألن الذليل املهني ال جيد غري الرتاب يفرتشه.
ّ
ومثله قول طفيل الغنوي يصف جواده:
()1
الر ْو ِع َم ْب ُذ ُ ِ اه ِم ا ْل َو ْج ِه َل ُت ْق َط ْع َأ َب ِ
اج ُل ُه بِس ِ
ول ان َو ْه َو ل َيو ِم َّ
ُي َص ُ *** ْ َ
اه ِم ا ْل َو ْج ِه» كناية عن ضمور جواده وخفته؛ ألن قلة حلم الوجه تعني :أنه جواد ضامر
فقوله« :بِس ِ
َ
رشيق غري مرتهل ،وهي كناية قريبة ظاهرة سهلة االستنتاج كام ترى.
وخص الوجه؛ ألنه يبدو عليه ـ أكثر من غريه ـ عالمات النعمة والسمنة ،أو الضمور واخلفة ،وهذا
َّ
مشاهد بجالء يف بني البرش كذلك .
تكون مع ُق ْرهبا خف َّية ،بمعنى أن :ال ّلزوم فيها بني املكنَّى به،
ُ ب ـ كناية قريبة خفية :وهي التي
أمرا خف ًّيا.
واملكنَّى عنه يكون ً
ش ٍء ،فهذه الكناية
تقول«:فالن َع ْينُه فارغ ٌة» كناي ًة عن حبه ملشاهدة كل يشء ،ونظره إىل كل َ ْ
ٌ كأن
ٍ
واحد ،فهي قريبة؛ إ ْذ يلزم من فراغ العني التي هي أداة النظر رغبة َوصل إىل املراد هبا عن طريق الزم ُيت َّ
صاحبها بِ َم ْلئِ َهاْ ،
ومل ُء العني إنِّام يكون بالنظر إىل األشياء التي ت َْستَحسنها.
لكن استعامل فراغ العني للكناية عن هذا املعنى غري متداول ،فهي مع قرهبا يف هذا املثال كناية خف ّية.
َّ
ومثله قوهلم كناية عن األبله« :فالن عريض القفا» ،و«عظيم الرأس» فإن عرض القفا ،وعظم
الرأس مما يستدل به يف العادة عىل الغباء والبالهة ،لكن االنتقال من ذلك إىل الغباء والبالهة فيه نوع
( )1ساهم الوجه :قليل حلم الوجه لطول غزوه وعتقه ،مل تقطع أباجله :مل يصبه داء يقطعه البيطار ،وهو العامل بأحوال اخليل وأدوائها،
واألبجل :عرق يف ذراع البعري والفرس بمنزلة األكحل من اإلنسان.
66
خفاء ال يطلع عليه كل أحد ،بل حيتاج إىل فِراسة ،وليس اخلفاء بسبب كثرة الوسائط واالنتقاالت
حتى تكون بعيدة.
« :املؤمن يأكل يف ِم ًعى واحد ،والكافر يأكل يف سبعة أمعاء» ،واملراد أن املؤمن ومثله قوله
يقنع يف مطعمه بام يقيم األود ،والكافر ليس له َه ٌّم إال الطعام ،فالعبارة األوىل كناية عن صفة القناعة،
والعبارة الثانية :كناية عن النهم ،ومها صفتان ،واملوصوف مذكوريف العبارتني ،وكذلك الصفة التي
تستلزم الصفة املكني عنها ،ولكنها خفية يف إدراكها بعض اليشء كام ترى .
الرضب الثاين :كناية بعيدة :وهي أن يكون االنتقال من املعنى املكني به إىل املعنى املكني عنه بوسائط
عديدة .
وسميت بعيدة؛ ألهنا حتتاج يف إدراكها إىل تأمل ومتعن وطول تفكر ،وال يصل إليهاإال من يغوص
عليها ،ويتغلغل يف أساليبها.
من ذلك قول اخلنساء يف رثاء أخيها صخر:
ِد كَثِــر الرم ِ
ــاد إِ َذا َمــا َشــتَا ِ ِ ِ َط ِو ُ
ُ َّ َ *** يــع ا ْلع َ
ــا يــل ا ْلن َِّجــاد َرف ُ
فقوهلا« :كثري الرماد» كناية عن صفة الكرم ،وهي كناية بعيدة لكثرة الوسائط؛ ألنه يلزم من كثرة
الرماد االنتقال إىل كثرة إحراق احلطب حتت قدور الطبخ ،واالنتقال من كثرة إحراق احلطب حتت
قدور الطبخ إىل كثرة األطعمة ،ثم انتقال الذهن من كثرة الطعام إىل كثرة األكلة والضيوف ،ثم انتقال
الذهن من كثرة األكلة والضيوف إىل اتصاف املمدوح بالكرم.
فكام ترى تم االنتقال إىل املقصود بعدة طرق ووسائط ذهنية احتاجت إىل التأمل والتدبر ،وبحسب
قلة الوسائط وكثرهتا يف كل أسلوب من أساليب الكناية البعيدة ختتلف الداللة عىل املقصود وضوحا
وخفاء.
ثانيا :الكناية عن موصوف :وهي التي يكون «املكني به» داال عىل صفة ،أو صفتني ،أو صفات هلا
اختصاص ظاهر بموصوف معني ،ويكون املقصود من ذكرها الداللة هبا عليه.
وعىل ذلك فالكناية عن موصوف تأيت عىل ثالثة أنواع:
1ـ أن يكون «املكني به» داال عىل صفة واحدة هلا اختصاص ظاهر بموصوف معني ،مثل قوهلم يف
الكناية عن اخلمر« :أم املصائب» لشهرة اخلمر عند العقالء بجلب املصائب ،وتوليد الكوارث ،وأم
املصائب صفة واحدة هلا اختصاص واضح يف العقل والعادة هبذا املوصوف املكني عنه وهو اخلمر.
67
وكقوهلم يف الكناية عن السفينة« :ا ْبنَ ُة ا ْل َي ِّم»؛ ملالزمتها ماء البحر يف مجيع األوقات ،وهي كذلك
صفة واحدة هلا اختصاص واضح يف العقل والعادة هبذا املوصوف املكني عنه وهو السفينة.
وقس عىل ذلك كل األمثلة التالية ،كقوهلم يف الكناية عن النساء «ذوات اخلالخيل»؛ ملالزمة النساء
للبسها ،وكقول حافظ إبراهيم:
ـو ِ َن ا ْلـكَال َم ِعنْـدَ الت ََّحـدِّ ي
َك َف ْ ***
وبنَا ُة األَهــرا ِم ِف سالِ ِ
ف الدَّ ْه ِر َ ْ َ َُ
فقوله« :بناة األهرام» صفة واحدة كناية عن موصوف ،وهم الفراعنة.
ومثله أيضا قول أيب نواس يف وصف اخلمر:
ـت َلــا ِق ِفــي
س ِار ُق ْلـ ُ َم ْوطِـ ِ َ
ـن األ ْ َ *** َاهــا َو َد َّب َدبِي ُب َهــا إِ َل ــا َ ِ
ش ْبن َ َف َل َّ
فقوله«:موطن األرسار» صفة واحدة كناية عن موصوف وهو القلب.
ب ا ْلـح ِ
وت» صفة واحدة ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﱸ [القلم ،]48:فقوله« :كَص ِ
اح ِ
ُ َ
. كناية عن موصوف ،وهو سيدنا يونس
2ـ أن يكون «املكني به» داال عىل صفتني هلام اختصاص ظاهر بموصوف معني.
مثل قولـه تعـاىل :ﱹ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﱸ [الزخرف ،]18 :فهو كناية عن
موصوف «البنات» ،وهذه الكناية مستمدة من صفتني هلام اختصاص ظاهر هبذا املوصوف األوىل:
التنشئة يف احللية ،فهي صفة للبنات ،ولكنها ال ختصها وحدها ،والثانية قوله :ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ
ﮭ ﱸ فهي صفة للبنات ـ أيضا ـ ،ولكنها ال ختتص هبا وحدها ،ولكن الصفتني جمتمعتني ختتصان
بالبنات دون غريهن يف العادة اجلارية بني الناس.
ومن ذلك ـ أيضا ـ قوله تعاىل :ﱹ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﱸ [القمر ،]13:فهو كناية عن موصوف
«السفينة» ،وهو مستمد من صفتني :األوىل«:ذات ألواح» ،والثانية« :درس» ،وال يمكن فهم السفينة من
الدرس وحدها ،وهي املسامري ،وال من األلواح وحدها ،بل مها معا هلام اختصاص باملوصوف.
والرس يف التعبري عن السفينة هبذين الوصفني؛ ليؤكد عىل أهنا سفينة حمكمة شديدة اإلحكام بالدرس
ُّ
ـ ومن معه يف السفينة. واأللواح ،وهذا يالئم سياق املوقف الصعب الذي أحدق بنوح ـ
3ـ أن يكون «املكني به» داال عىل صفات هلا اختصاص ظاهر بموصوف معني.
68
كقوهلم يف الكناية عن اإلنسان« :حي مستوي القامة عريض األظفار» فاحلياة صفة يف اإلنسان،
ولكنها ال ختصه ،وكذلك استواء القامة كناية عنه ولكنها الختتص به ،وكذلك عرض األظفار كناية
عنه ،ولكنها ال ختتص به ،ولكن هذه الصفات جمتمعة حتدد معناه ،وتدل عليه؛ ألهنا ال توجد جمتمعة
يف غريه.
ومن ذلك قول أمحد شوقي:
اهـي ا َّل ِذي َثـكِ َل َّ
الشـ َبا َبا َهـا ا ْلو ِ
َ َ *** الض ُلـو ِع َد ٌم َولـ ْ
َـح ٌم َو ِل َب ْ َ
ين ُّ
فهو كناية عن القلب ،مستمد من ثالث صفات ،الضلوع والدم واللحم ،فلو اقترص عىل الدم
واللحم ما َدالَّ عىل املوصوف (القلب) ،ولكنه حني ضم الضلوع إليهام دل الثالثة عليه؛ ألن املجموع
يشري إىل ذلك ،وينطبق عليه.
الصفات ،وأريد موصوفها لوجود
ُ ِ
الصفتان أو فكام رأيت يف مجيع هذه األمثلة أطلقت الصف ُة أو
تالزم بينهام جيعل الذهن ينتقل من هذه الصفة أو الصفتني أو الصفات إىل املوصوف.
وأغلب الكنايات من النوع الثاين والثالث تضفي عىل املوصوف ظال آخر ،وتربز معاين دقيقة
ُ
يتطلبها سياق الكالم كام رأيت.
وهبذا يتضح أن الكناية عن موصوف ال بد أن يتوافر فيها أمران:
األول :أن تكون الصفة ،أو الصفتان ،أو الصفات املذكورة من خصائص املوصوف املحذوف
املكني عنه ال يشرتك يف هذه الصفة ،أو الصفتني ،أو الصفات موصوف آخر كي ال حيدث لبس أو
اختالط أو تداخل أو تعمية.
الثاين :أن اللفظ املذكور املكني به قد يكون وصفا واحدا ،مثل موطن األرسار يف قول أيب نواس يف
وصف اخلمر:
ـت َلــا ِق ِفــي
س ِار ُق ْلـ ُ َم ْوطِـ ِ َ
ـن األ ْ َ *** َاهــا َو َد َّب َدبِي ُب َهــا إِ َل ــا َ ِ
ش ْبن َ َف َل َّ
كام مر ذكره ،وقد يكون وصفني مثل قوله تعاىل :ﱹ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﱸ [القمر ]13:كام مر
أيضا ،وقد يكون أوصافا متعددة ال تتحقق الكناية إال هبا مجيعها كقول شوقي:
اهــي ا َّل ِذي َثــكِ َل َّ
الشـ َبا َبا َهــا ا ْلو ِ
َ َ *** الض ُلــو ِع َد ٌم َو َل ْ
ـــح ٌم َو ِل َب ْ َ
ــن ُّ
كام مر كذلك.
69
هذا ،والكناية عن املوصوف بمختلف أنواعها الثالثة السابقة تأيت عىل حالتني:
احلالة األوىل :تكون قريبة سهلة التناول واإلدراك ،وغالبا ما تكون يف النوع األول فيام جاء لفظ
«املكني به» داال عىل صفة واحدة هلا اختصاص ظاهر بموصوف معني.
احلالة الثانية :تكون بعيدة الحتياجها إىل تأمل وتفكر وغالبا تكون يف النوع الثاين والثالث فيام
جاء املكني به صفتني ،أو صفات هلا اختصاص واضح باملوصوف.
وقد يكون إدراك الكناية يف مجيع األنواع السابقة سهال يسريا من ذلك قول ُأمية بن َأ ِب الص ْل ِ
ت يف َّ َ َّ
ثنايا مدحه عبد اهلل بن ُجدْ َعان:
احلوافِ ِ ــــم األَ ِســـــ
ـــــر
ْ ــنَّ ُة َواألَعنَّـــــــ ُة َو َ َ *** ونُ ُ ـــــو ٌم ُح ُص ُ
ْ َق
احل َوافِ ْر» كناية عن أن هؤالء القوم الذين يمدحهم فالصفات الثالث يف قوله« :األَ ِسنَّ ُة َواألَ ِعنَّ ُة َو َ
أصحاب خيل وحرب ،فكنى عن املوصوف أهل احلرب بصفة واحدة وهي قوله «األَ ِسنَّة» وعن
احل َوافِ ْر» ،وكلتامها خمتصتان باخليل ومرتبطتان
املوصوف أصحاب اخليل بصفتني يف قوله« :األَ ِعنَّة َو َ
هبا دون سواها ،فالشاعر بدل أن يقول« :هؤالء قوم أهل حرب وأصحاب خيل» استعاض عن ذلك
بام ذكره.
والذي جعله يسلك هذا املسلك هو وجود التالزم الواضح بني ما ذكره ،وبني املوصو َف ْ ِ
ي «أهل
احلرب ،وأصحاب اخليل» ،مما جعل الذهن ينتقل إىل املوصوفني املكنى عنهام بسهولة.
ولفظة حصوهنم وما بعدها فيها إشارة دقيقة إىل طبائع أهل الصحراء ،فلم تكن حصوهنم بروجا
ً
وخيول . مشيدة وال قالعا حمصنة ،بل كانت عتا ًدا وأسلحة
ثالثا :الكناية عن نسبة :وضابط الكناية عن نسبة أن نذكر الصفة ،ونرصح كذلك باملوصوف
لكنَّنا ال ننسب هذه الصفة املذكورة يف الكالم إىل صاحبها مبارشة ،وإنام ننسبها إىل يشء آخر ال يصلح
أن تُنسب إليه تلك الصفة مما يعني يف العقل أننا نريد صاحبها.
وقد أوردت كتب البالغة أمثلة عديدة عىل ذلك منها قول زياد األعجم :
ت َع َل ا ْب ِن الـ َْح َ
رشجِ ِف ُق َّب ٍة ُ ِ
ض َب ْ *** وء َة َوالنَّدَ ى إِ َّن َّ
الس َم َح َة َوالـ ُْم ُر َ
فقد ن ََسب زيا ٌد «السامحة واملرؤة والندى» لِ ُق َّب ِة ممدوحه ،واملراد نسبتها للممدوح ،ولكنه عدل عن
نسبتها إليه رصاحة إىل ما له اتصال به ،وهي القبة املرضوبة عليه مبالغة يف كامل هذه الصفة فيه.
70
أرسارا خاصة تتولد من طبيعة كل أسلوب ،وال تظهر إال بتحليلها والغوص يف أرجائها، ً كام أن هلا
كل َم ْن َل ُط َ
ف طبعه ،وصفت قرحيته البيانية. ويتعرف عليها ُّ
ومن يتأمل يف أساليب الكناية املختلفة ،جيد أهنا ترد خلصائص بالغية عديدة ومتنوعة منها:
اآلذان سامعه إىل ما يدل عىل معناه ،لكون هذا
ُ 1ـ االبتعاد عن اللفظ املفحش الذي ال تستسيغُ
اللفظ من العورات ،أو املستقبحات ،أو املستقذرات ،وأمثلة ذلك كثرية جدًّ ايف القرآن الكريم ،وكالم
العرب ،مثل قوله تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﱸ [البقرة ،]187:فاملراد بالرفث: ِ
االتصال باملرأة ،فعدل القرآن عن الترصيح بذلك إىل الكناية عنه؛ حتاشيا عن األلفاظ التي ال تليق.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﱸ [املائدة.]6:
فقوله :ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱸ ،كناية عن قضاء احلاجة الناقضة للوضوء ،وقوله
ﱹ ﯤ ﯥ ﯦﱸ كناية عن اجلامع ،فعدل القرآن عن الترصيح بذلك يف املوضعني إىل الكناية عنه؛
تساميا عن األلفاظ التي ال يليق ذكرها ،وتعليام للبرشأن ينهجوا هذا النهج يف أساليبهم التي يتخاطبون
هبا فيام بينهم.
رأيت م ْن ُه وال رأى
ُ يف عدم النَّظر إىل العورات« :ما ومن ذلك ما ُحكي عن أم املؤمنني عائشة
فهو كناية عن العورة املغ َّلظة. منِّي» تقصد رسول اهلل
ففي هذه األمثلة عربنا بالكناية ابتعادا عام ال يليق ذكره ،وهذه خصيصة واضحة من خصائص
الكناية يف األدب العريب.
2ـ إبراز الكناية للمعقول يف صورة احملسوس ،فتزيده إيضاحا ،وتثبته يف نفس املخاطب ،كقوله
َ
عصاك عن أهلك» فليس املراد هنا الرضب بالعصا عىل احلقيقة ،وإنام املراد ال ترفع التأديب ترفع
«ال ْ
عنهم ،وال تقطع التقويم عنهم ،فكنَّى عن ذلك هبذه العبارة ،محال للكالم عىل عرف العرب؛ ألن
فأنت تراه كيف أبرز املعقول؟ وهو
املتعارف بينهم أن التأديب يف األكثرال يكون إال بقرع العصاَ ،
التأديب يف صورة املحسوس وهو الرضب بالعصا ،فأحدث أثره املطلوب يف النفس.
ِ
الرماد» يف الكناية عن الكرمِ ،حيث أبرز املعقول وهو الكرم يف صورة املحسوس، «فالن كثري
ٌ ومث ُله:
وهو كثرة رماد املمدوح.
72
ِ
الكناية عن املزاحِ ،حيث أبرز املعقول وهو املزاح يف صورة املحسوس الرش» ،يف ُ
«رسول ِّ ومثله:
الرش».
«رسول ِّ
البحرتي:
ِّ ومثله قول
ــو ِل
ثــم َل ْ َيت ََح َّ ِ
ِف آل َط ْل َحــ َة َّ *** ْـم ْجدَ َأ ْل َقى َر ْح َل ُه َأ َو َما َر َأ ْي َ
ـت الـ َ
فكل هذه األمثلة تربز لك الكناية عن املعاين ِ
نسبة الرشف إىل آل طلح َةُّ ، ِ
الكناية عن وذلك يف
أن هذه خصيصة من خصائص شك ىف َّنفسك إليها ،وال َّ ٍ
ترتاح ُ
ُ صورة مشاهدة حمسوسة، املعقولة يف
كنت تعج ُز عن َ
وجعلك ترى ما َ هبر َك ِ
لليأسَ ، ِ
لألمل أو المصور إذا رسم لك صور ًة
َ فإن
الفنونَّ ،
التعبري عنه واضحا ملموسا.
3ـ اإلشارة إىل املعنى بلطف ،وبراعة ،بحيث تبلغ الغرض من الكالم دون أن تواجه املخاطب بام
يكره ،ومن لطيف ذلك ما روي عن أعرابية وقفت عىل باب قيس بن سعد فقالت« :أشكو إليك قلة الفأر
يف بيتي» ،فقوهلا هذا فيه كناية عن فقرها املدقع ،حيث أشارت إىل غرضها بلطف وبراعة حتى نال قوهلا
هذا إعجاب قيس ،فقال :ما أحسن ماورت عن حاجتها :امألوا هلا بيتها خبزا ،وسمنا ،وحلام.
ٍ
كثرية تعطيك احلقيق َة ،مصحوب ًة 4ـ إثبات املعنى بالدليل؛ فمن خصائص الكناية أهنا يف صور
بدليلها ،والقضي َة ويف ط ِّيها ْبرهاهنا ،كقول البحرتي يف املديح:
ِ ِ
ورَ ،م َّب ِ
ب يب ِف ُّ
الصدُ ِ َما َبدَ ا َُل ْم َع ْن َم ِه ٍ *** ـل ال َّل ْحــظ مـ ْ
ـن َح ْي ُث ـون َف ْضـ َ
َيغ ُُّضـ َ
برهان
ٌ ِ
األبصار الذي هو يف احلقيقة بغض فإنه كنَّى عن إكبار الناس للممدوحِ ،وهيبتِهم إياهِّ ،
ِ
والنسبة. ِ
الصفة ِ
الكنايات عن وتظهر هذه اخلصيص ُة جلي ًة يف ِ
واإلجالل، واضح ،ودليل جيل عىل اهليبة
ُ
***
73
ملخص الدرس
الكناية :لفظ أطلق ،وأريد به الزم معناه ،مع قرينة ال متنع من إرادة املعنى األصيل.
أركان الكناية أربعة:
1ـ املكني به :وهو املعنى احلقيقي املذكور يف العبارة.
2ـ املكني عنه :وهو املعنى املسترت املستشف من املعنى احلقيقي.
3ـ العـالقة التي تكون بني املكني به واملكني عنه ،وهي اللزوم.
4ـ القرينة :وهي غري مانعة من إرادة املعنى احلقيقي.
الفرق بني املجاز ،والكناية:أن قرينة املجاز متنع من إرادة املعنى احلقيقي ،أما الكناية ،فيجوز أن
يراد فيها املعنى احلقيقي مع املعنى الكنائي.
أقسام الكناية باعتبار املكين عنه :
1ـ الكناية عن صفة :وهي أن يرصح باملوصوف ،وبالنسبة إليه ،وال يرصح بالصفة املرادة.
2ـ الكناية عن موصوف :وهي ذكر الصفة ،وحذف املوصوف.
واليرصح بالنسبة بينهام.
ّ يرصح باملوصوف والصفة،
3ـ الكناية عن النسبة :وهي أن ِّ
خصائص الكناية وبالغتها:
1ـ االبتعاد عن اللفظ املفحش ،أو املستقذر إىل ما يدل عىل معناه.
2ـ إبراز املعقول يف صورة املحسوس.
3ـ اإلشارة إىل املعنى بلطف ،وبراعة.
4ـ إثبات املعنى بالدليل ،والربهان .
***
74
إثراءات
الحظ أن :القرينة يف أمثلة الكناية بجميع أنواعها ال متنع من إرادة املعنى احلقيقي الذي يفهم من
رصيح اللفظ ،ما عدا بعض األساليب التي ال جيوز فيها ذلك ،وهذا عائد لطبيعة األسلوب ال لقرينة
الكناية.
الحظ أن :الصفة أو الصفتني أو الصفات املذكورة يف الكناية عن املوصوف ال بد أن يكون هلا
اختصاص ظاهر هبذا املوصوف ،حتى يتم االنتقال إليه بيرس وسهولة.
انتبه إىل أن :الكناية عن موصوف إما تكون قريبة سهلة التناول واإلدراك ،أو بعيدة الحتياجها إىل
تأمل وتفكر.
مفاهيم:
1ـ الكناية:لفظ أطلق ،وأريد به الزم معناه ،مع قرينة غري مانعة من إرادة املعنى األصيل.
2ـ الكناية عن صفة :وهي أن يرصح باملوصوف ،وبالنسبة إليه ،واليرصح بالصفة املرادة.
3ـ الكناية عن موصوف :وهي ذكر الصفة ،وحذف املوصوف.
واليرصح بالنسبة بينهام.
ّ 4ـ الكناية عن النسبة :وهي أن يرصح باملوصوف والصفة،
***
75
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،مع التعليل
فيام يأيت:
) ( -1القرينة يف الكناية المتنع من إرادة املعنى احلقيقي .
) ( -2تنقسم الكناية باعتبار املكنى عنه ثالثة أقسام .
) ( -3الكناية يتعارض فيها املعنى احلقيقي ،مع املعنى الكنائي .
) -4من خصائص الكناية إثبات املعنى بالدليل ،وإيراد املعنى بلطف ورقة( .
) ( -5الكناية عن موصوف تكون بذكر املوصوف .
) ( -6الكناية عن صفة تكون قريبة وتكون بعيدة ذات وسائط .
) ( -7الكناية عن نسبة من أنواع الكنايات الرائعة عند البالغيني .
) ( -8الكناية أبلغ من الترصيح عىل طول اخلط .
) ( -9املكني عنه هو الذي يتلفظ به يف العبارة
) ( -10للكناية أرسار وخصائص بالغية يدركها الفطن احلصيف .
إجابة التدريب األول
.)×( -5 .)√( -4 .)×( -3 .)√( -2 .)√( -1
.)√( -10 .)×( -9 .)×( -8 .)√( -7 .)√( -6
التدريب الثاني :حدد نوع الكناية ،فيام يأيت:
1ـ قال تعاىل:ﱹﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﱸ [الزخرف.]18:
2ـ قال تعاىل:ﱹﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﱸ [الفرقان.]27:
3ـ قال تعاىل :ﱹ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ ﱸ [املائدة .]6:
76
9ـ 9كناية عن نسبة يف قوله ( :املجد بني ثوبيه ،والكرم بني برديه ).
1010كناية عن موصوف (الرجل البخيل).
التدريب الثالث :اذكر املعنى املكني عنه ،ونوع الكناية يف كل مما يأيت:
1ـ قال تعاىل :ﱹﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ
[اإلرساء.]29:
2ـ قال تعاىل :ﱹ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﱸ[الكهف .]42:
3ـ الصدق حيل يف بيت املؤمن.
«من يضمن يل ما بني حلييه ،أضمن له اجلنة» . 4ـ قال رسول اهلل
5ـ إهنا امرأة نؤوم الضحى.
6ـ قال املتنبي يف وقيعة سيف الدولة ببني كالب:
اب ـــه ْم َو ُب ْســ ُط ُه ُم ت َ
ُــر ُ َو َص َّب َح ُ *** ــاه ْم َو ُب ْســ ُط ُه ُم َح ٌ
ريــر َف َم َّس ُ
ضــاب
ُ ــم ِخ
منه ْــن يف َك ّفــه ُ كم ْ َ *** ـم َق ـنَــا ٌة
ـهـ ْ
ِ
ـــن يف َك ـ ِّفــه م ـنْـ ُ
َو َم ْ
7ـ وقال املتنبي يف مدح كافور:
َل ِضيــاء يــز ِْري بــك ُِّل ِضي ِ
ــاء ـذي الـْــمجدُ فِيـ ِ
ـه ـك ا َّلـ ِ
إن يف َث ْوبِـ َ
َّ
َ َ ً ُ *** َ ْ
الوحدة الثالثة
(علم البديع ـ تعريفه ـ أقسامه ـ أنواع احملسنات املعنوية)
***
82
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
عرف علم البديع.
1ـ ُي َّ
2ـ يذكر أقسام علم البديع.
3ـ يوازن بني املحسنات اللفظية ،واملحسنات البديعية.
4ـ يفرق بني نظرة القدماء ،ونظرة املتأخرين لعلم البديع .
5ـ يأتى بأمثلة ألنواع املحسنات اللفظية.
6ـ يأتى بأمثلة ألنواع املحسنات املعنوية.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس تعريف البديع ،وأقسامه ،واملراد باملحسنات املعنوية ،وعالماهتا،
وأنواعها ،واملراد باملحسنات اللفظية ،وعالمتها ،وأنواعها ،ومنزلة علم البديع من علوم البالغة،
ونشأته.
شرح الدرس
متهيد:
عرفت فيام سبق أن علم البيان هو وسيلة إىل تأدية املعنى الواحد بأساليب متنوعة ما بني
تشبيه ،وجماز ،وكناية ،كام عرفت ـ أيضا ـ أن علم املعاين ُيعني املتكلم عىل تأدية كالمه بصورة
تتطابق مع مقتىض احلال ،وهناك فن آخر من فنون البالغة ال يدرس شيئا من مباحث علم
البيان ،وال ينظر يف يشء من مسائل علم املعاين ،ولكن دراسته ختتص بتزيني األلفاظ ،أو املعاين
بألوان بديعية من اجلامل اللفظي أو املعنوي ،ويسمى العلم اجلامع هلذه املباحث بعلم البديع.
83
تعريف البديع:
4ـ املشاكلة.
3ـ مراعاة النظري.
6ـ املبالغة.
5ـ التورية.
8ـ تأكيد املدح بام يشبه الذم ،وعكسه.
7ـ حسن التعليل.
ثانيا :احملسنات اللفظية:
املراد باملحسنات اللفظية :األساليب التي تكسب اللفظ حسنا يزيده رقة وعذوبة ،ويعيل من قدره،
ويفخم من شأنه ،ونستطيع أن نستكشف ذلك من قوله تعاىل :ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ
ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ [الروم ،]55:ففي اآلية لون من ألوان املحسنات اللفظية وهو
(اجلناس التام) ،ولو قلت يف غري القرآن الكريم «ويوم تقوم القيامة يقسم املجرمون ما لبثوا غري ساعة»
َ
لسانك جتد مصداق ما لفاتت البالغة ،وتالشت الدقة ،وذهب احلسن والرونق ،وجرب ذلك عىل
قلت َ
لك . ُ
عالمة احملسن اللفظي:
عالمته :أنه ال يظل باقيا عىل حاله من الروعة والدقة ،والقوة والرقة مع تغيري اللفظ ،فلو وضعنا
القيامة بدل الساعة يف اآلية السابقة لتغري املعنى وفسد املراد؛ وهلذا فإن املحسن اللفظي يكون غرض
املتكلم فيه منصبا عىل حتسني اللفظ وتزيينه أوال ،فهو هدفه الذي يرنو إليه يف األساس؛ ولذا سمي
باملحسن اللفظي لذلك.
هذا ،وأصل احلسن يف املحسنات اللفظية ـ كام يقول اإلمام عبد القاهر ـ أن تكون األلفاظ تابعة
للمعاين ،فإن املعاين إذا أرسلت عىل سجيتها ،وتركت وما تريد ،طلبت ألنفسها األلفاظ ،ومل تكتس
إال بام يليق هبا ،فإن كان األمر عىل خالف ذلك ،كان كام قال أبو الطيب املتنبي:
ِ ير ُح ْس ِ ِ ِ ِ
ب َو َأ ْع َضائ َها َفا ْل ُ
ـح ْس ُن َعن َ
ْك ُم َغ َّي ُ *** اتا
ـن شـ َي َ إِ َذا َل ْ ت َُشـاهدْ َغ ْ َ
أنواع احملسنات اللفظية:
حرص اخلطيب القزويني املحسنات اللفظية يف سبعة ألوان هي1 :ـ اجلناس2 ،ـ السجع3 ،ـ رد
العجز عىل الصدر4 ،ـ املوازنة واملامثلة 5ـ القلب6 ،ـ الترشيع7 ،ـ لزوم ما ال يلزم ،وسنقترص هنا عىل
رشح اجلناس والسجع.
86
وأول من عرض للحديث عن البديع بمعناه العام الواسع هو عبد اهلل بن املعتز (ت296هـ) يف كتابه
(البديع) ،فمن يتأمل كتاب البديع البن املعتز جيد أنه عرض فيه مخسة فنون عدها رصاحة من البديع
هي( :االستعارة ،والتجنيس ،والطباق ،ورد األعجاز عىل الصدور ،واملذهب الكالمي) ،واألربعة
األخرية هي من علم البديع عند املتأخرين ،أما االستعارة ،فهي من علم البيان ،ومل يكتف بذلك ،بل
حتدث عن ثالثة عرش فنا يف هذا الكتاب ،بعضها من علم املعاين ،وبعضها من البيان ،وبعضها من
البديع ،حيث درس هذه الفنون املختلفة عىل أهنا من علم البديع ،وعىل ذلك فعلم البديع يف أول نشأته
عند ابن املعتز كان يقصد به فنون البالغة الثالثة دون متييز.
واقتفى أثر ابن املعتز قدامة بن جعفر (ت337هـ) يف كتابه (نقد الشعر) ،وأبو هالل العسكري
(ت395هـ) يف كتابه (الصناعتني) حيث أطلق هذان العاملان عىل كثري من مسائل علمي املعاين والبيان
ـ التي سبق لك دراستها ـ وكثري من مسائل علم البديع ـ التي ستدرسها الحقا ـ علم البديع .
وسار عىل هذا املنوال ـ أيضا ـ الباقالين (ت403هـ) يف كتابه (إعجاز القرآن) حيث أطلق مصطلح
البديع عىل كثري من مسائل علم املعاين والبيان والبديع عند البالغيني املتأخرين.
وسار عىل هذا املنوال ـ أيضا ـ اإلمام عبد القاهر يف كتابيه (دالئل اإلعجاز وأرسار البالغة) حيث
أطلق لفظة البديع عىل سائر فنون البالغة دون استثناء.
كل هؤالء العلامء أطلقوا مصطلح البديع عىل كثري من مسائل املعاين والبيان والبديع عند املتأخرين،
واستمر احلال عىل هذا املنوال إىل أن جاء اإلمام بدر الدين بن مالك (ت686هـ) يف كتابه (املصباح)،
وجعل علوم البالغة ثالثة علوم هي -1 :علم املعاين -2البيان -3البديع ،وخص كل علم بفنون
ومسائل متيزه من غريه.
ثم جاء اخلطيب القزويني(ت739هـ) وأعطى الصبغة النهائية هلذه العلوم الثالثة يف كتابيه
(التلخيص ،واإليضاح) ،واستوت عنده قواعد هذه العلوم الثالثة ومسائله املختلفة ،ومل يزد أحد بعده
شيئا عىل هذه القواعد واملسائل التي استقرت عنده هلذه العلوم الثالثة.
وقد قسم القزويني املحسنات البديعية قسمني :حمسنات معنوية ،وحمسنات لفظية عىل النحو الذي
سندرسه الحقا ألبنائنا وبناتنا هنا إن شاء اهلل تعاىل.
***
88
ملخص الدرس
علم البديع:
هو علم يعرف به الوجوه التي تزيد الكالم حسنا ،وطالوة ،وتكسوه هباء ورونقا ،بعد مطابقته
ملقتىض احلال ،ووضوح داللته عىل املراد.
وهو قسمان:
1ـ املحسنات املعنوية :وهي التي يتجه التحسني فيها إىل املعنى أوال.
وهذه املحسنات كثرية ،حرصها القزويني يف اثنني وثالثني حمسنا.
2ـ املحسنات اللفظية :وهي التي يتجه التحسني فيها إىل اللفظ أوال.
وهذه املحسنات قليلة حرصها اخلطيب القزويني يف سبعة حمسنات.
وعلم البديع له منزلة عالية عند بعض القدماء ،وكثري من املحدثني ،فهو علم ذايت شأنه شأن
علمي املعاين والبيان ،وليس حلية لفظية ،أو معنوية ،وهذا هو الرأي السديد.
ولفظ البديع له معنيان :معنى واسع يطلق عىل علوم البالغة الثالثة ،ومعنى ضيق خيتص بفنون
البديع عند املتأخرين ،وأول من كتب يف علم البديع بمعناه الواسع كتابا مستقال هو عبد اهلل بن
املعتز ،ثم تبعه قدامة ،وأبو هالل العسكري ،والباقالين ،وعبد القاهرة اجلرجانى حيث أطلق هؤالء
عىل كثري من فنون البالغة الثالثة لفظ البديع ،وظل احلال عىل هذا املنوال حتى أطلق بدر الدين بن
مالك يف كتابه املصباح علم البديع عىل الفنون املعروفة عند املتأخرين.
ثم أخذ كل علم من هذه العلوم الثالثة يف شكله احلايل الصبغة النهائية عىل يد اخلطيب القزويني
يف كتابيه التلخيص واإليضاح.
***
89
إثراءات
الحظ أن :اخلطيب القزويني ،ورشاح التلخيص جيعلون علم البديع تابعا والحقا لعلمي املعاين
والبيان.
الحظ أن :اخلطيب القزويني ،ورشاح التلخيص جيعلون علم البديع حلية لفظية ،وزينة شكلية
يمكن االستغناء عنها ،وليس علام ذاتيا يقصد لذاته.
انتبه إىل أن :اإلمام عبد القاهر ،وكثري من املحدثني أنزلوا علم البديع منزلة رفيعة ،وجعلوه يسري
مع املعاين والبيان عىل خط واحد إذا اقتضاه املقام ،واستدعاه سياق الكالم.
انتبه إىل أن :وجهة عبد القاهر ،ومن تابعه هي الوجهة السديدة ؛ ألن البديع ورد يف القرآن الكريم،
والسنة النبوية ،وفصيح الكالم شعرا ونثرا مطابقا ملقتىض احلال تفوت البالغة بفواته ،وتتالشى بعدم
وجوده.
مفاهيم :
علم البديع ذايت أسايس ،وليس علام عرضيا شكليا .
***
90
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1البديع نشأ مستقال يف كتاب البديع البن املعتز .
) ( -2اجلناس من املحسنات املعنوية .
) ( -3الطباق من املحسنات اللفظية .
) ( -4جتاهل العارف من املحسنات اللفظية .
) ( -5املقابلة والطباق من فنون علم البيان .
) ( -6علم البديع استقر عىل صورته النهائية عىل يد اخلطيب القزويني .
) -7بدر الدين بن مالك يف كتابه املصباح جعل علم البديع العلم الثالث من علوم البالغة( .
) ( -8علم البديع بمعناه العام يشمل علوم البالغة كلها .
) ( -9علم البديع علم زينة وطالء خارجي يمكن االستغناء عنه عند كثري من املحدثني .
) ( 10علم البديع علم أسايس وليس علام عرضيا .
إجابة التدريب األول
.)×( -5 .)×( -4 .)×( -3 .)×( -2 .)×( -1
.)√( -10 .)×( -9 .)√( -8 .)√( -7 .)√( -6
التدريب الثاني :عرف املحسن اللفظي ،واذكر عالمته ،وأنواعه املختلفة.
إجابة التدريب الثاين
املحسن اللفظي :هو األساليب التي تكسب اللفظ حسنا يزيده رقة وعذوبة.
وعالمته :أنه ال يظل باقيا عىل حاله من الروعة والقوة مع تغيري اللفظ ،فلو وضعنا القيامة يف قوله تعاىل:
ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ [الروم ،]55:مكان
91
الساعة ،وقلت يف غري القرآن الكريم :ويوم تقوم القيامة يقسم املجرمون ما لبثوا غري ساعة ،لذهب
قلت َ
لك. َ
لسانك جتد مصداق ما ُ الرونق ،وفاتت البالغة وتالشى احلسن والدقة ،وجرب ذلك عىل
أنواع املحسنات اللفظية .حرص اخلطيب القزويني املحسنات اللفظية يف سبعة ألوان هي:
-4املوازنة واملامثلة -2السجع -3 ،رد العجز عىل الصدر ، -1اجلناس ،
-6الترشيع -7 ،لزوم ما ال يلزم.
-5القلب،
التدريب الثالث:
حتدث عن رأي القزويني ،واإلمام عبد القاهر يف منزلة البديع من البالغة.
***
92
احملسنات املعنوية
الدرس األول
الطباق ـ أنواعه
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
1ـ يعرف الطباق مع التمثيل.
2ـ يعدد صور الطباق.
3ـ يوازن بني طباق السلب ،وطباق اإلجياب.
4ـ يأتى بأمثلة تفرق بني الطباق الظاهر ،والطباق اخلفى.
5ـ يأتى بأمثلة تفرق بني الطباق احلقيقى ،والطباق املجازى.
6ـ يأيت بمثال لطباق التدبيج.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس تعريف الطباق ،وصوره املختلفة ،وأقسامه باعتباراته املتعددة.
شرح الدرس
الطباق لغة :مأخوذ من طابقت بني الشيئني طباقا ،أي :مجعت بينهام عىل حذو واحد.
ويقولون :طابق فالن بني ثوبني ،أي :مجعهام معا ،ويقال :طابق البعري يف سريه ،إذا وضع رجله
موضع يده ،وكل هذا مردود إىل اجلمع بني الشيئني ،ويف القرآن الكريم :ﱹﭨ ﭩ ﭪ ﭫ
ﭬﱸ [امللك ،]3:أي :بعضهن فوق بعض:
والطباق يف اصطالح البالغيني :هو اجلمع بني معنيني متقابلني.
صور التقابل:
التقابل يف اللغة العربية له صور عديدة يأيت عليها:
93
الرعالء:
عدي بن ّ
ّ ومن ذلك ـ أيضا ـ قول
ــت األحي ِ ـراح بِمي ٍ
ــاء َْ يت َم ِّي ُ إِنَّــا الـ َ
ْــم ُ *** ت ـات َف ْ
اسـ َ َ َ َ ْ ـن َمـ َ َل ْيـ َ
ـس َمـ ْ
فالطباق فيام حتته خط يف هذه األشعار السابقة واقع بني معنيي لفظني متضادين مثبتني ،كام هو
واضح ألبنائنا.
ومن ذلك ـ أيضا ـ قول احلسن بن عيل ،وقد ُأنْكِ َر عليه اإلفراط يف ختويف الناسَّ :
«إن َم ْن
َك َحتَّى َت ْب ُلغَ ا ْلخَ ْو َ
ف». خري ممن َآمن َ
األمن ٌ
َ ك َحتَّى َت ْب ُلغَ
َخ َّو َف َ
ب».ب بِ َم ْع ِرفة احلق ِم َن ال َق ْل ِ ِ
َّظر إىل الباطل ت ُْذه ُوقال احلسنَ « :ك ْثر ُة الن ِ
فاهلجاء ضدّ املديح ،ولكنه استعاض عن اهلجاء بالشتم لقوة العالقة بينهام ؛ ألن الشتم آلة من آالت
اهلجاء.
وسمي طبا ًقا خف ًيا ؛ ألنه خيفى عىل ذهن العامة ،وحيتاج إىل تأمل وإمعان نظر للوصول إليه.
100
فقوله :فمذ ازور املحبوب األصفر هو (تورية عن الدينار) والتورية كام ستأيت حتمل املعنيني املعنى
القريب واملعنى البعيد ،واملراد البعيد ،فلفظ املحبوب األصفر يطلق عىل املرأة وهو املعنى القريب،
ويطلق عىل الذهب ،وهو املعنى البعيد املراد هنا ،واأللوان الباقية كنايات.
***
102
ملخص الدرس
***
103
إثراءات
الحظ أن :طباق اإلجياب ورد يف القرآن الكريم بصورة غزيرة تفوق احلرص .
الحظ أن:طباق السلب ورد يف القرآن كذلك ،ولكنه بصورة أقل بكثري من طباق اإلجياب.
انتبه إىل أن:طباق اإلجياب يكون بني معنيني مثبتني معا أو منفيني معا ،ونفي النفي إثبات.
انتبه إىل أن:طباق التدبيج ال يكون إال يف األلوان التي تستعمل عىل طريق الكناية أو التورية.
مفاهيم :الطباق اخلفي قسيم الطباق الظاهر ،وكالمها وردا يف القرآن الكريم.
***
104
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة (×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1طباق التدبيج من أنواع الطباق التي تتصل بذكر األلوان عىل سبيل احلقيقة .
) ( -2الطباق احلقيقي ال جيتمع مع الطباق املجازي.
) ( -3الطباق هو اجلمع بني معنيني غري متقابلني.
) ( -4طباق السلب هو اجلمع بني معنيني مثبتني.
) ( -5من طباق اإلجياب اجلمع بني معنيني متنافيني.
) ( -6التقابل يف الطباق يكون بالتضاد .
) ( -7ورد الطباق يف القرآن والسنة بصورة بارزة .
) ( -8الطباق من املحسنات املعنوية التي تربز املعنى بجالء.
إجابة التدريب األول:
.)×( -4 .)×( -3 .)√( -2 .)×( -1
.)√( -8 .)√( -7 .)√( -6 .)√( -5
التدريب الثاني :استخرج الطباق ،وبني نوعه فيام يأيت:
1ـ قال الشاعر:
م ِ
ار َبـــا فآليـــت ال َأ ْل َقـــا ُه إِال ُ َ
ُ *** ال ِــا وكنت ْام َر ًأ َأ ْل َقى الز ََّم َ
ان ُم َس ً ُ
الدرس الثانى
املقابلة
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
1ـ يعرف املقابلة مع التمثيل.
2ـ يوازن بني صور املقابلة.
3ـ يفرق بني الطباق واملقابلة.
4ـ يأتى بأمثلة لصور املقابلة.
5ـ يعدد رشوط حسن الطباق واملقابلة.
وصف الدرس :سنتناول يف هذا الدرس تعريف املقابلة ،وصورها ،ورس مجاهلا.
شرح الدرس
املقابلة يف اصطالح البالغيني:
أن يؤتى بمعنيني متوافقني أو أكثر ،ثم يؤتى بام يقابل ذلك عىل الرتتيب.
وال يشرتط يف املقابلة التضاد الرصيح املبارش بني املعاين املتقابلة ،بل قد يكون بينهام تضاد رصيح ،
وغري رصيح كام ستلحظ من الشواهد اآلتية.
صور املقابلة
استقىص علامء البالغة صور املقابلة يف اللسان العريب قرآنا كريام ،وسنة نبوية مطهرة ،وشعرا ونثرا،
فوجدوها ال تزيد عن مخس صور عىل النحو اآليت:
أوال مقابلة اثنني باثنني :وقد ورد هذا اللون بغزارة يف القرآن الكريم ،من ذلك:
107
حيث قابل اثنني باثنني ،قابل بني «ناصح ويف» من جهة ،وبني «مطوي عىل الغل غادر» من جهة
ثانية ،والنصح ضد املطوي عىل الغل ،والوفاء ضد الغدر.
108
حيث قابل أحسن بأقبح ،والدين بالكفر ،والدنيا باإلفالس ،مقابلة ثالثة بثالثة عىل الرتتيب
والتضاد بني الدين والكفر ،والدنيا واإلفالس ليس رصحيا مبارشا.
َوالَ ا ْل ُبخْ ُل ُي ْب ِقي ا َْل َال َوالـ َْجدُّ ُمدْ بِ ُر *** الالـ ُْجو ُد ُي ْفنِيالـ َْم َ
ـال َوالـ َْجدُّ ُم ْق ٌبل َف َ
109
حيث قابل ثالثة بثالثة عىل الرتتيب ،قابل :اجلود بالبخل ،وقابل الفعل يفني بـ«يبقي» ،وقابل
«مقبل» ،بـ«مدبر» ،والتضاد يف الثالثة رصحيا مبارشا.
ثالثًـا :مقابلة أربعة بأربعة:
من ذلك يف القرآن الكريم:
1ـ قوله تعاىل:ﱹ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﱸ [الليل5:ـ ]10حيث قابل أربعة بأربعة عىل الرتتيب ،قابل مجلة “أ ْع َ
طى”
بجملة بخل “وهو تضاد رصيح” ،وقابل مجلة “ا َّت َقى بجملة اس َت ْغنَى” عىل معنى طغَى فلم َيت َِّق ،وهو
تضاد ليس برصيح ،وقابل “ َصدَّ ق بـ ك ََّذ َب” ،وهو تضاد رصيح وقابل “ا ْل ُي ْ َ
سى با ْل ُع ْ َ
سى” ،وهو
تضاد رصيح أيضا.
2ـ ومنه قوله تعاىل :ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﭑ
ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﱸ [الروم ،]16 ، 15:حيث قابل حال
السعداء بحال األشقياء مقابلة أربعة أمور بأربعة أمور عىل الرتتيب ،قابل بني مجلة «آمنوا» ومجلة
«كفروا» ،وقابل مجلة «عملوا الصاحلات» ،بجملة «كذبوا بآياتنا ولقاء اآلخرة» ،وقابل «روضة»
بـ«العذاب» ،وقابل «حيربون» ،بـ«حمرضون» ،والتضاد يف بعضها ليس رصحيا مبارشا ،كام هو واضح
لك.
3ـ ومنه قوله تعاىل :ﱹ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜ
ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﱸ [الفتح،]6 ،5 :
ني»، حيث قابل أربعة بأربعة عىل الرتتيب ،قابل مجلة «يدخل» بجملة «يعذب» ،وقابل «ا ْل ِ ِ
ـم ْؤمن َُ
بـ«املنافقني واملرشكني» ،وقابل «ا ْلـم ْؤ ِمن ِ
َات» ،بـ«املنافقات واملرشكات» وقابل« :جنات» ،بـ«جهنم»، ُ
والتضاد يف بعضها ليس مبارشا.
ومن مقابلة أربعة بأربعة شعرا قول جرير:
ــالِ َيا ِ
ُــم بِش َ َو َقابِ ُ
ــض َ ٍّ
ش َعنْك ُ ***
ــر فِيكُــم بِي ِمين ِ ِ
ــه ُ َ ــط َخ ْ ٍ
اس ُوب ِ
ََ
110
حيث قابل كل ألفاظ الشطر األول بام يقابلها بكل ألفاظ الشطر الثاين عىل الرتتيب ،فقابل باسط
بقابض ،وخري برش ،وفيكم بعنكم ،ويمينه بشامليا.
رابعـا :مقابلة مخسة خبمسة:
ً
من ذلك قول املتنبي :
الص ْبح ُيغ ِْري ِب
اض َّو َأ ْن َثنِي َوب َي ُ *** َأز ُ
ُور ُه ْم َو َسوا ُد ال َّل ْي ِل َي ْش َف ُع يل
حيث قابل مجيع كلامت الشطر األول بجميع كلامت الشطر الثاين عىل الرتتيب ،فقابل أزورهم
ويش َف ُع ب ُيغ ِْريِ ،
ول ببي. بأنثني ،أي :أعود من الزيارة ،وقابل سواد ببياض ،وال ّليل بالصبحْ ،
والتضاد بني الليل والصبح تضاد غري مبارش؛ ألن الليل ضد النهار.
خامسًـا :مقابلة ستة بستة:
من ذلك قول عنرتة بن شداد العبيس:
ـل ُح ـ ٍّـر َق ْي ــدُ ُذ ٍّل َي ِش ــينُ ُه
َو ِف ِر ْج ـ ِ *** ـاج ِع ـ ٍّز َي ِزينُ ـ ُه ٍ ـى َر ْأ ِ
س َع ْبــد َتـ ُ َعـ َ
فكل لفظة يف الشطرة األوىل تقابل كل لفظة يف الشطرة الثانية عىل الرتتيب ،كام هو واضح.
الفرق بني الطباق واملقابلة :
1ـ الطباق :حصول التوافق بعد التنايف ،كاجلمع بني أضحك وأبكى بعد تنافيهام،يف قوله تعاىل:
ﱹ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ [النجم.]43:
واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق ،كاجلمع بني الضحك والقلة ،ثم إحداث التنايف حني تقابل
األول باألول ،والثاين بالثاين ،يف قوله تعاىل :ﱹﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱸ [التوبة ،]82:وكأننا بعد
التوافق بينهام أوقعنا التنايف.
2ـ الطباق يكون بني معنى واحد من جهة ومعنى واحد من جهة أخرى.
أما املقابلة ،فهي تكون بني معنيني من جهة ،ومعنيني من جهة أخرى عىل الرتتيب ،وتنتهي بني ستة
من جهة ،وستة من جهة أخرى عىل الرتتيب.
فاملقابلة عىل ذلك أشمل وأوسع من الطباق؛ ألهنا تكون بني معنيني وما يقابلهام أو أكثر وما يقابله
يف كل جهة.
111
ملخص الدرس
املقابلة :هي أن يؤتى بمعنيني متوافقني (أي :غري متقابلني) أو بمعان متوافقة كذلك ،ثم يؤتى بام
يقابلهام ،أو يقابلها عىل الرتتيب.
صور املقابلة مخسة:
1ـ مقابلة معنيني بمعنيني.
2ـ مقابلة ثالثة بثالثة .
3ـ مقابلة أربعة بأربعة
4ـ مقابلة مخسة بخمسة.
5ـ مقابلة ستة بستة
الفرق بني الطباق واملقابلة :
1ـ الطباق :حصول التوافق بعد التنايف ،واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق.
2ـ املقابلة أشمل وأوسع من الطباق؛ ألهنا تكون بني معنيني وما يقابلهام أو أكثر وما يقابلها يف كل
جهة ،أما الطباق ،فيكون بني معنى واحد يف جهة ،وما يقابله يف جهة أخرى.
من شروط حسن الطباق واملقابلة:
1ـ أن يأتيا عفو اخلاطر دون تكلف أو مشقة أو معاناة.
2ـ أن يكونا املعنى هو الذي استدعامها.
3ـ أن يؤديا دورمها يف الكالم عىل حسب مقتىض احلال ،وال يأتيان لزينة لفظية ،أو حلية شكلية.
***
113
إثراءات
الحـــظ أن:الطباق يكون بني معنى من جهة ومعنى آخر من جهة أخرى فحسب،أما املقابلة ،فهي
تبدأ بني معنيني من جهة وما يقابلهام ،وتنتهي بني ستة وما يقابلها .
الحــــظ أن:املقابلة أوسع وأعم من الطباق؛ ألهنا تكون بني املعنى املتضاد وبني غري املتضاد.
انتبه إىل أن:املقابلة والطباق صنوان يلتقيان يف األساس عىل التضاد ،ولكنهام خيتلفان فيام بعد
ذلك.
انتبه إىل أن:الطباق واملقابلة ليس حلية لفظية وال طالء خارجيا ،بل مها من أعمدة البالغة إذا
استدعامها احلال ،واقتضامها مقام الكالم .
مفاهيم :املقابلة أوسع من الطباق؛ ألهنا تبدأ باثنني وتنتهي بستة.
مفاهيم:املقابلة هى أن يؤتى بمعنيني متوافقني أو بمعان متوافقة ،ثم يؤتى بام يقابلهام ،أو يقابلها
عىل الرتتيب.
***
114
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1أقىص صور املقابلة أن تكون بني مخسة ومخسة .
) ( -2املقابلة والطباق صنوان ال يفرتقان .
) ( -3املقابلة هي اجلمع بني معنيني غري متقابلني .
) ( -4املقابلة من املحسنات املعنوية .
) ( -5املقابلة هلا صورتان فقط .
) ( -6املقابلة اتكأ عليها كثري من الشعراء يف إبراز املعنى .
) ( -7وردت املقابلة يف القرآن الكريم ،والسنة املطهرة .
) ( -8الطباق هو حصول التوافق بعد التنايف ،واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق .
إجابة التدريب األول
.)√( -4 .)√( -3 .)×( -2 .)×( -1
.)√( -8 .)√( -7 .)√( -6 .)×( -5
التدريب الثاني :عرف املقابلة ،واذكر ثالثة صور منها مع التمثيل.
التدريب الثالث :اذكر الفروق الكائنة بني الطباق واملقابلة مع التمثيل.
إجابة التدريب الثالث
-1الطباق :هو حصول التوافق بعد التنايف ،كاجلمع بني أضحك وأبكى بعد تنافيهام ،يف قوله تعاىل:
ﱹ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ [النجم ،]43:واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق ،كاجلمع بني الضحك
والقلة ،ثم إحداث التنايف حني تقابل األول باألول ،والثاين بالثاين ،يف قوله تعاىل :ﱹ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎ ﱸ [التوبة ، ]82:وكأننا بعد التوافق بينهام أوقعنا التنايف.
115
-2الطباق يكون بني معنى واحد من جهة ،ومعنى واحد من جهة أخرى ،أما املقابلة ،فهي تكون
بني معنيني من جهة ،ومعنيني من جهة أخرى عىل الرتتيب ،وتنتهي بني ستة من جهة ،وستة من جهة
أخرى عىل الرتتيب ،فاملقابلة أشمل وأوسع من الطباق؛ ألهنا تكون بني معنيني وما يقابلهام أو أكثر
وما يقابله يف كل جهة.
التدريب الرابع :حدد البالغيون رشوطا حلسن الطباق واملقابلة اذكرها ممثال هلا.
***
116
الدرس الثالث
مراعاة النظري
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
1ـ يعرف مراعاة النظري.
2ـ يوازن بني صور مراعاة النظري.
3ـ يستخرج من أمثلة مقدمة له طباقا ،ومقابلة ،ومراعاة نظري.
4ـ يأتى بأمثلة ألنواع النظري.
5ـ حيدد سبب استبعاد إهيام التناسب من أنواع مراعاة النظري.
وصف الدرس :سنتناول يف هذا الدرس مفهوم مراعاة النظري ،وصوره املختلفة ،وأقسامه املتنوعة،
وما يلحق به.
شرح الدرس
متهيد:
من مجال اللغة العربية ودقتها الفائقة أهنا حتتوي عىل ألفاظ متضادة يتداعى هلا الذهن رسيعا ،كام
سبق لك توضيحه يف الطباق واملقابلة ،ومن مجاهلا وحسنها كذلك أهنا حتتوي عىل ألفاظ متناسبة تطرأ
عىل الذهن ،وختطر عىل البال برسعة ،كام يقول علامء النفس ،فالتناسب بني األلفاظ أرسع خطورا
عىل الذهن من األلفاظ غري املتناسبة ،وكذلك التضاد بني األلفاظ أرسع خطورا من غري املتضاد ،فإذا
ذكرت الليل ،جاء عىل بالك النهار ،وإذا تذكرت البياض ورد عىل خاطرك السواد ،وكذلك التناسب،
فإذا تذكرت الشمس ورد عىل ذهنك القمر ،وهكذا فإن العربية لدهيا القدرة عىل التعبري عن كل ما
جيول يف النفس اإلنسانية متضاداأو متناسبا ،ومىض لك احلديث عن التضاد ،وهنا نتحدث لك عن
التناسب.
117
تعريف مراعاة النظري يف اصطالح البالغيني :هو أن جيمع يف الكالم بني أمر وما يناسبه ،أو بني أمور
متناسبة ال عىل جهة التضاد ،بل عىل جهة االتفاق واالتساق والتناسب.
كام جتمع يف كالمك بني الشمس والقمر والنجوم ،فكلها من واد واحد وهو العوامل العلوية ،وكام
بل والبقر الظل والشجر ،والز َّْه ِر وال َّث َمر ،وكلها من واد واحد،وكام جتمع بني ا ِ
إل ِ جتمع ـ أيضا ـ بني ّ
والضأن واملعز ،وكلها من طريق واحد ،وكام جتمع بني العلم والكتاب والقلم واملحربة ،وكلها عىل
شاكلة واحدة ،وغري ذلك ممّا ال ُي ْص.
صور مراعاة النظري
ملراعاة النظري أربع صور.
الصورة األوىل :أن جيمع بني أمرين متناسبني:
مثل قوله تعاىل :ﱹ ﮂ ﮃ ﮄ ﱸ [الرمحن ،]5:حيث مجع بني أمرين متناسبني :الشمس
والقمر ،ومها من الكواكب.
ومثله قوله تعاىل :ﱹﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉﮊﱸ [التوبة،]34:
حيث مجع بني أمرين متناسبني :الذهب والفضة ،ومها من املعادن.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱸ [الرمحن ،]22:حيث مجع بني اللؤلؤ واملرجان ،ومها
أمران متناسبان؛ ألهنام من األحجار الكريمة.
ومثله قوله تعاىل يف تشبيه احلور العني :ﱹ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ [الرمحن ،]58:حيث مجع بني أمرين
متناسبني :الياقوت واملرجان ،ومها من األحجار النفيسة.
الصورة الثانية :أن جيمع ثالثة أمور متناسبة :
«آية املنافق ثالث :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا اؤمتن خان» ،حيث مجع مثل قوله
بني ثالثة أمور متناسبة وهي :الكذب ،وإخالف الوعد ،وخيانة األمانة ،وكلها من الصفات الذميمة
املنهي عنها.
ومثله قول البحرتي َي ِص ُ
فا ِ
إلبل بالضمور والنحافة الشديدة:
الساب الـ َْج ِ ِ ِ ـر ِ
اب و َقــدْ ُخ ْضـــ
اري ـــن غ َم ًرا م َن َّ َ
َ *** َي َت ْق َر ْقـ َ
ـن كَالـ َّ َ
ـــل األَ ْوت ِ
ــــــــه ِم َم ْ ِب َّيـــ ًة َب ِ ـي الـْــمع َّط َف ِ
ات َب ِل األَ ْســـ ِ ِ
َـــار ُ *** ُ َ كا ْلقـ ِّ
118
حيث مجع ثالثة أمور متناسبة وهي :القيس ،واألسهم ،واألوتار ،وكلها من باب واحد من آالت
احلرب القديمة ،وهذا البيت من األمثلة اجليدة يف مراعاة النظري؛ ألن الشاعر ترقى فيه من األقل نحافة
إىل األكثر دقة ونحافة ،حيث شبه اإلبل يف هزاهلا وشدة ضمورها بالقيس املحنية أوال ،ثم زاد يف
الرتقي فشبهها باألسهم املربية؛ ليدلل عىل شدة النحافة،ثم ترقى أكثر فأكثر فشبهها يف شدة ضمورها
باألوتار ،فرتقى من األقل نحافة ،إىل األكثر دقة ونحافة ،فزاد هذا التناسب ومراعاة النظري دقة ومجاال.
ومن ذلك أيضا قول املتنبى يصف فرسا:
ـل ِف َصــدْ ِر ِه َو ْبـ ُ
ـل َغــدَ ا َة ك ََأ َّن النَّ ْبـ َ *** ـمنَا َيا بِن َْح ِر ِه ـى َســابِحٍ َمـ ْ
ـو ُج ا ْلــ َ َعـ َ
حيث مجع الشاعر ثالثة أمور متناسبة وهي :السابح ،واملوج ،والوبل ،وكلها من ٍ
واد واحد،
فالسباحة ال تكون إال يف املاء ،واملوج قطعة املاء ،والوبل مطر غزير ،فبينها تناسب معنوي جعل البيت
شديد التالؤم.
الصورة الثالثة :أن جيمع أربعة أمور متناسبة
من ذلك ،قول بعض الناس يف مدح الوزير ا ُمله َلبِ ِّي«:إنك أهيا الوزير إسامعييل الوعدُ ،شعيبي
التوفيق ،يوسفي العفو ،حممدي اخللق» حيث مجع أربعة أمور متناسبة هي :إسامعييل ،شعيبي ،يوسفي،
حممدي ،وكلها نسبة إىل أسامء األنبياء ـ صلوات اهلل عليهم مجيعا ـ ،كام مجع أربع صفات متناسبة ـ
أيضا ـ وهي :صدق الوعد ،والتوفيق ،والعفو ،وحسن اخللق ،وكلها من قبيل األخالقيات العظيمة،
والسلوكيات القويمة.
الصورة الرابعة :أن جيمع أكثر من أربعة أمور متناسبة.
من ذلك ،قول ابن رشيق (صاحب كتاب العمدة) يمدح األمري متيم بن املعز:
ـذ َق ِدي ـ ِم ـم ْأ ُث ِ
ور ُمنْـ ُ الـ َ ِـن َْ ِ َأ َص ُّح َو َأ ْق َوى َما َس ِم ْعنَا ُه ِف النَّدَ ى
ـر الـْـ َ مـ َ ***
َف األَ ِم ِ
ير َتَي ِم ـن ك ِّ ـن ا ْل َب ْح ِر َع ْ
َع ِ ول َع ِن َْ
ال َيا الس ُي ُ وهيا ُّ اد ُ َأح ِ
*** يث ت َْر َ َ
حيث مجع الشاعر أوالً ستة أمور متناسبة ،مجع الصحة والقوة ،والسامع واخلرب املأثور ،واألحاديث
والرواية ،وكلها من باب واحد؛ ألهنا مصطلحات ترتدد يف علوم احلديث الرشيف.
ثم مجع ثان ًيا بني السيول ،واحليا (أي املطر) ،والبحر ،وكف األمري ،مع ما يف هذا التناسب الرائع من
صحة الرتتيب يف العنعنة ،حيث بدأ من الصغري إىل الكبري ،فبدأ بالسيول وجعل أصلها املطر ،ثم جعل
أصل املطر البحر ،ثم جعل كف األمري متيم أص ً
ال للبحر يف اجلود والكرم عىل سبيل املبالغة.
119
وإذ استبان لك صور مراعاة النظري وأهنا تعتمد عىل التناسب بأن تكون األلفاظ التي تتداعى إىل
الذهن من باب واحد ،أو من واد واحد؛ لتكون أقرب خطورا عىل األذهان،من هنا جيب أن نسأل.
هل هناك فرق بني الطباق ومراعاة النظري؟
نعم ،هناك فرق واضح بينهام ،فإن الطباق جيمع فيه بني معنى الكلمتني املتضادتني،أما مراعاة النظري
فيجمع فيه بني معنى الكلمتني املتناسبتني.
وسؤال آخر.
هل هناك فرق بني املقابلة ومراعاة النظري؟
نعم ،هناك فرق بينهام ،من جهة أن املقابلة تكون بني األمور املتضادة وغري املتضادة ،أما مراعاة
النظري ،فيكون بني الكلامت املتناسبة فحسب.
أنواع مراعاة النظري
2ـ التفويف
1ـ تشابه األطراف ملراعاة النظري نوعان :
أوال :تشابه األطراف
عرفه البالغيون بقوهلم :هو أن خيتم الكالم بام يناسب أوله يف املعنى.
كقوله تعاىل ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱸ [األنعام ]103:فقوله
البِ ُري» ورد يف ختام اآلية ،ولو تأملت يف لفظة اللطيف لوجدهتا تتالءم مع ما جاء «و ُه َو ال َّلطِ ُ
يف َْ تعاىلَ :
يف مطلع اآلية يف قوله« :الَّ تُدْ ِر ُك ُه األَ ْب َص ُار» فإن اللطف يناسب ما ال يدرك بالبرص ،ولو تأملت لفظة
اخلبري الواردة يف هناية اآلية ،لعلمت أهنا تتناسب مع قولهُ « :يدْ ِر ُك األَ ْب َص َار»؛ فإن من يدرك شيئا يكون
حتام خبريا به.
وهكذا فإن كل كالم يف النهاية يتناسب مع ما ورد يف البداية يطلق عليه البالغيون تشابه األطراف،
وسمي بذلك لتشابه أطراف الكالم بداية وهناية يف التناغم والتناسب.
ومثله قوله تعاىل :ﱹﯬﯭ ﯮﯯ ﯰﯱﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸﱸ[احلج،]64:
فقوله« :ا ْلغَن ِ ُّي الـ َْح ِميدُ » ورد يف ختام اآلية؛ وهو يتناسب بشدة مع ما ورد يف أوهلا يف قوله تعاىل:
« َله ما ِف السمو ِ
ات َو َما ِف األَ ْر ِ
ض» ،وآثر التعبري هنا بالغني؛ لينبه عىل أن ما يملكه ـ سبحانه وتعاىل ـ َّ َ َ ُ َ
120
من ملكوت السموات واألرض ليس يف حاجة إليه ،بل هو غني عنه جواد به ،فإذا جاد به محده ا ُملنْ َع ُم
عليهم من العباد ،وهذا هو رس التعبري باحلميد بعد الغني.
ومن خفي هذا الرضب قوله تعاىل :ﱹ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﱸ
[املائدة.]118:
(وإِ ْن َتغ ِْف ْر َُل ْم) قد يوهم أن الفاصلة يف هناية اآلية ستكون «الغفور الرحيم» ،ولكن
فإن قوله تعاىلَ :
من ينعم النظر يتيقن أن الفاصلة املتناسبة هي«العزيز احلكيم»؛ ألنه ال يغفر ملن يستحق العذاب إال
الذي ليس فوقه أحدٌ يرد عليه حكمه فهو العزيز؛ ألن العزيز يف صفات اهلل هو الغالب من قوهلم :عزه
يعزه عزا إذا غلبه.
ووجب كذلك أن يوصف باحلكيم؛ ألن احلكيم من يضع اليشء يف حمله واهلل ـ تعاىل ـ أحكم
احلكامء ،لكنه قد خيفى وجه احلكمة يف بعض أفعاله ،فيتوهم الضعفاء من الناس أن هذه األفعال
خارجة عن احلكمة ،فكان يف الوصف باحلكيم احرتاس حسن ،أي :وإن تغفر هلم مع استحقاقهم
العذاب ،فال اعرتاض ألحد عليك يف ذلك ،واحلكمة فيام فعلته ،وهكذا كان آخر اآلية أشد تالؤما مع
أوهلا ملن يتدبر فيها بدقة.
ثانيًـا :التفويف
وقد عرفه البالغيون بقوهلم :هو أن يؤتى يف الكالم بمعان متالئمة يف مجل مستوية املقادير أو
متقاربتها.
كقول أبو العباس الناشئ يصف سحابا:
ضح ٌك بِــا َثغ ِْر ـع بِــا َعـ ْ ٍ ـش بِــا يـ ٍ
ش بِــا َر َق ـمٍَ ،و َن ْقـ ٌ
ـنَ ،و ْ َو َد ْمـ ٌ *** ـد َ ـو ْ ٌ
َفـ َ
فإن من يتأمل يف هذا البيت جيد أربع مجل طويلة مستوية يف مقاديرها ،أي :جاءت عىل وزن عرويض
ورصيف واحد ،وكل مجلة فيها معانيها متالئمة متناسبة ،ومن ثم سمي هذا النوع من التناسب بالتفويف،
أي :زيادة يف مجاله وإيقاعه؛ ألن التفويف يف اللغة مأخوذ من الثياب املفوفة أي :املزركشة املزينة ،فهو
من مراعاة النظري ،ولكنه ملا جاء عىل هذا املنوال كان نوعا معينا منه استحق أن خيص ويذكر هبذا
االسم.
121
وكام جاءت اجلمل مستوية يف وزهنا الرصيف والعرويض فيام مىض فقد تأيت متقاربة يف الوزن العرويض
كام يف قول عنرتة:
ـز ِل بض ْنـ ٍ
ـك أنـ ِ َأ ْشــدُ ْد َوإِ ْن ُي ْل َفـ ْ
ـوا َ *** إِ ْن ُي ْل َح ُقــوا أك ُْر ْر َوإِ ْن ُي ْسـ َت ْل َح ُموا
فكل مجلة من اجلمل الثالث التي حتتها خط ألفاظها متناسبة ومتالمحة ،ولكنها متقاربة من حيث
اإليقاع الصويت والعرويض والرصيف مع ما قبلها ،وعليه فالتفويف هو نوع من أنواع مراعاة النظري،
ولكنه يتمحور حول اجلمل املتالئمة يف املعنى املستوية يف اإليقاع العرويض والرصيف ،أو املتقاربة.
ِ ِ
عبدالسالم ْب ِن ُر ْغ َبان املعروف بديك ّ
اجلن: َّ ومثله أيضا قول
ـد ْب لِ ْل َم َعـ ِ
ـال ـر ،وا ْن َتـ ِ ِ
ض وا ْن َف ْع َ ،ول ْن َواخْ ُش ْن *** َو ِر ْش وا ْبـ ِ َ ُأ ْح ُل ْ
وام ُر ْر َ ،و ُ َّ
فاجلمل السابقة متقاربة مع بعضها يف اإليقاع العرويض والرصيف ،وهي مجل قصريةيف املقدار ،وهذا
يسمى التفويف.
ولكن يالحظ أن بني كل مجلة ىف البيت السابق تضاد ،وكل مجلة فيها تضاد ،فهي من قبيل الطباق
إذن قد جيتمع التفويف ،وهو نوع من مراعاة النظري مع الطباق من هذه اجلهة.
إيهام التناسب
هناك نوع يلحق بمراعاة النظري يف الظاهر ،ولكن من يتأمل فيه يدرك أنه ليس منه مطلقا مثل قوله
تعاىل :ﱹﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﱸ [الرمحن ،]6 ،5 :فإن بني الشمس والقمر
مراعاة نظري؛ لتناسبهام ،وهذا ال خالف فيه بني العلامء ،ولكن قد يظن املتعجل أن لفظة النجم التي
بعد ذلك متناسبة مع ما قبلها من الشمس والقمر،لكن األمر يف احلقيقة ليس كذلك؛ ألن النجم هنا
هو النبات الذي ينجم أي :يظهر عىل سطح األرض ،وال ساق له مثل :الق ّثاء ،واجلرجري وغريمها من
النباتات ،فأوهم اللفظ التناسب ،ولكنه ليس من قبيل التناسب.
وبناء عىل هذا يمكن لنا أن نعرف هذا النوع بقولنا :هو أن يأيت اللفظ يوهم أنه يتناسب يف املعنى مع
ما سبقه ،وهو عند إمعان النظر يتضح أنه ال يتناسب معه.
س :ملاذا مسى بإيهام التناسب؟
ج :ألن من مل يمعن النظر ،يتوهم التناسب وهو ليس بمتناسب.
***
122
ملخص الدرس
مراعاة النظري :هو اجلمع بني أمر وما يناسبه أو اجلمع بني أمور متناسبة ال عىل وجه التضاد بل
عىل وجه االتفاق واالتساق .
صور مراعاة النظري:
الصورة األوىل :أن جيمع بني أمرين متناسبني.
الصورة الثانية :أن جيمع بني ثالثة أمور متناسبة.
الصورة الثالثة :أن جيمع بني أربعة أمور متناسبة.
الصورة الرابعة :أن جيمع بني أكثر من أربعة أمور متناسبة
من أنواع مراعاة النظري:
تشابه األطراف :وهو أن خيتم الكالم بام يناسب أوله يف املعنى.
التفويف :وهو أن يؤتى يف الكالم بمعان متالئمة يف مجل مستوية املقادير أو متقاربتها.
ويلحق به نوع يسمى إهيام التناسب :وهو أن يأيت اللفظ يوهم أنه يتناسب يف املعنى مع ما سبقه،
وهو عند إمعان النظر يتضح أنه ال يتناسب معه.
***
123
إثراءات
الحظ أن:مراعاة النظري يكون بني األمور املتناسبة ال عىل وجه التضاد بخالف الطباق ،فيكون عىل
وجه التضاد.
الحظ أن :مراعاة النظري يكون بني أمرين متناسبني إىل ستة ،وكذلك املقابلة تكون بني أمرين
متقابلني إىل ستة ،فهام يتفقان من هذه اجلهة من حيث العدد.
انتبه إىل أن:املقابلة تكون بني معنيني من جهة ،ومعنيني من جهة أخرى ،وثالثة من جهة ،وثالثة
من جهة أخرى ،وهكذا إىل ستة من جهة ،وستة من جهة أخرى ،بخالف مراعاة
النظري ،فقد يكون بني اثنني متناسبني إىل ستة ،وال يشرتط فيه النظر للجهة املقابلة هلا .
انتبه إىل أن:مراعاة النظري وتشابه األطراف وردا يف القرآن الكريم بخالف التفويف.
مفاهيم:إهيام التناسب ليس من مراعاة النظري؛ ألنه يوهم التناسب ويف احلقيقة ال يوجد تناسب.
مفاهيم:تشابه األطراف نوع من مراعاة النظري ،ولكن يشرتط فيه أن يكون التناسب واقعا بني
طرف الكالم وآخره؛ ولذا سمي بتشابه األطراف.
***
124
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة (×) أما العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1مراعاة النظري من املحسنات املعنوية التي تعتمد عىل التناسب .
) ( -2الطباق ينظر فيه ملعنيني متضادين ومراعاة النظري بخالفه .
) ( -3ورد مراعاة النظري يف القرآن الكريم بكثرة .
) ( -4املعاين املتناسبة ال ترد عىل الذهن برسعة .
) ( -5التناسب يف مراعاة النظري له صور عديدة .
) ( -6إهيام التناسب ليس من مراعاة النظري .
) ( -7التفويف ليس من أنواع مراعاة النظري .
) ( -8ال يوجد فرق بني املقابلة ومراعاة النظري .
) ( -9تشابه األطراف من أنواع مراعاة النظري التي هلا خصوصية .
) ( -10الطباق ال جيتمع مع مراعاة النظري إال مع التفويف .
إجابة التدريب األول
.)√( -5 .)×( -4 .)√( -3 .)√( -2 .)√( -1
.)√( -10 .)√( -9 .)×( -8 .)×( -7 .)√( -6
التدريب الثاني :عرف ُك ًّ
ال من مراعاة النظري ،وتشابه األطراف ،وإهيام التناسب مع التمثيل.
التدريب الثالث :بني الفرق بني التفويف ومراعاة النظري مع التمثيل .
صور عديدة اذكر ثالثـًا منها مع التمثيل.
ٌ التدريب الرابع :ملراعاة النظري
إجابة التدريب الرابع
الصورة األوىل :أن جيمع بني أمرين متناسبني
125
مثل قوله تعاىل :ﱹ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱸ [الرمحن ،]22:حيث مجع بني اللؤلؤ واملرجان ،ومها
أمران متناسبان؛ ألهنام من األحجار الكريمة.
الصورة الثانية :أن جيمع بني ثالثة أمور متناسبة
« :آية املنافق ثالث :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا اؤمتن خان» ،حيث مجع مثل قوله
بني ثالثة أمور متناسبة وهي :الكذب ،وإخالف الوعد ،وخيانة األمانة ،وكلها من الصفات الذميمة
املنهي عنها.
الصورة الثالثة :أن جيمع أربعة أمور متناسبة
من ذلك ،قول بعض الناس يف مدح الوزير ا ُمله َلبِ ِّي« :إنك أهيا الوزير إسامعييل الوعدُ ،شعيبي
التوفيق ،يوسفي العفو ،حممدي اخللق» حيث مجع أربعة أمور متناسبة هي :إسامعييل ،شعيبي ،يوسفي،
حممدي ،وكلها نسبة إىل أسامء األنبياء ـ صلوات اهلل عليهم مجيعا ـ ،كام مجع أربع صفات متناسبة ـ
أيضا ـ وهي :صدق الوعد ،والتوفيق ،والعفو ،وحسن اخللق ،وكلها من قبيل األخالقيات العظيمة،
والسلوكيات القويمة.
***
126
الدرس الرابع
املشاكلة
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
1ـ حيدد املقصود باملشاكلة مع التمثيل.
2ـ يوازن بني أنواع املشاكلة.
3ـ يأتى بأمثلة ألنواع املشاكلة.
4ـ يبني متى جتتمع املشاكلة مع الطباق.
5ـ يبني متى جتتمع املشاكلة مع اجلناس.
وصف الدرس :سنتناول يف هذا الدرس تعريف املشاكلة ،وورودها يف القرآن والسنة ،ورس التعبري
هبا ،وأقسامها املختلفة ،وجواز اجتامعها مع الطباق واجلناس .
شرح الدرس
تعريفها:
ا ُمل َشاكَلة لغة :املشاهبة واملامثلة.
ويف اصطالح البالغيني :هي أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه؛ لوقوعه يف صحبته.
كقول عمرو بن كلثوم الشاعر اجلاهيل:
ـل الـْــج ِ
ـو َق َج ْهـ ِ ـــن َأ َحـــدٌ َع َل ْينَـــا
اهلينَا َ َفن َْج َهـ َ
ـل َفـ ْ *** أالَ الَ َ ْ
ي َه َل ْ
فقوله يف الشطر الثاين «فنجهل» من باب املشاكلة؛ ألن تأديب اجلاهل عىل جهله وجمازاته عليه ال
يسمى جهال ،وإنام يسمى عقابا وردعا وزجرا ،ولكن ملا وقع اللفظ الثاين «فنجهل» يف صحبة اللفظ
األول «ال جيهلن» ساغ للشاعر أن يعرب عن رد اجلهل واملعاقبة عليه باللفظ نفسه مشاكلة.
127
والغرض من ذلك هو لفت نظر السامع ،وشد انتباهه ،واستاملة سمعه ،وإظهار مقدرة قوم الشاعر
عىل رد الصاع صاعني ،وهذا أرسع ـ ال شك ـ يف تثبيت املعنى يف النفس ،ومتكينه يف القلب ،فاملشاكلة
هتدف للتأثري عىل املخاطب ،وتوكيد املعنى وتقريره يف نفسه.
س ـ هل وردت املشاكلة يف القرآن الكريم ،والسنة النبوية؟
ج :نعم هذا اللون من الكالم حسبام أوضحنا مفهومه فيام سبق ورد يف الذكر احلكيم بكثرة ويف
السنة النبوية كذلك.
فمام ورد يف القرآن الكريم قوله تعاىل :ﱹ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﱸ [البقرة ]15 ،14:حيث
استهزاء بطريق املشاكلة ،فجاء اللفظ الثاين « َي ْست َْه ِزئُ » مشاكال لألول
ً ُسمي اجلزاء عىل االستهزاء
«م ْست َْه ِزئ َ
ُون» ؛ لوقوعه يف صحبته. ُ
ومنه قوله تعاىل :ﱹﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔﮕ
ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱸ [البقرة ]194:حيث ُسمي اجلزاء عىل العدوان ،ومقابلته بمثله
اعتداء من قبيل املشاكلة ،والذي سوغ ذلك هو وقوع اللفظ الثاين « َفا ْعتَدُ وا َع َل ْي ِه» يف صحبة اللفظ
األول « َف َم ْن ا ْعتَدَ ى» ،والرس البالغي لذلك :هو التنفري من رد االعتداء ،والرتغيب يف العفو ،والدعوة
للصفح؛ ألن اإلنسان الذي يرد االعتداء قد يتجاوز احلد املطلوب ،فيصري عندئذ معتديا ،وهذا من
شيم السامحة يف اإلسالم دين العفو والغفران.
ومن املشاكلة أيضا قوله تعاىل :ﱹﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ
ﯜﱸ [الشورى ،]40:حيث أطلق عىل جزاء السيئة سيئة من قبيل املشاكلة ،والذي سوغ ذلك هو
وقوع لفظ السيئة الثاين يف صحبة لفظ السيئة األول ،والغرض من ذلك :التنفري عن رد السيئة بمثلها،
والدعوة إىل الصفح والعفو والغفران ،وهذا هو الذي أكدته اآلية بعد ذلك يف قوله تعاىلَ « :ف َم ْن َع َفا
و َأص َلح َف َأجره ع َل ِ
الله». َ ْ َ ُُْ َ
«خ ُذوا ِم َن
ُ قالت قال رسول اهلل ومثال ما ورد من املشاكلة يف السنة النبوية :عن عائشة
ا ْل َع َم ِل َما تَطِي ُق َ
ون َفإِ َّن اهللَ ال َي َم ُّل حتى َت َ ُّلوا» حيث جاء اللفظ األول مشاكال للثاين؛ لوقوع األول يف
صحبة الثاين ،ويالحظ هنا أن اللفظ األول هو الذي شاكل الثاين بعكس األمثلة السابقة كلها.
128
وعىل ذلك فيجوز أن يشاكل الثاين األول؛ لوقوعه يف صحبته وهذا هو الكثري الغالب ،وجيوز أن
يشاكل األول الثاين؛ لوقوعه يف صحبته ،وهذا هو القليل النادر.
أنواع املشاكلة
املشاكلة نوعان :النوع األول :مشاكلة حتقيقية ،والنوع الثاين مشاكلة تقديرية.
أوال :املشاكلة التحقيقية:
تعريفها هي :ذكر اليشء بلفظ غريه؛ لوقوعه يف صحبته حتقيقا.
وكل األمثلة السابقة من هذا النوع ،فإن اللفظ الثاين الذي وقع فيه املشاكلة وقع يف صحبة اللفظ
األول حمققا عيانا بيانا ،أي :تلفظ به املتكلم وهو موجود يف الكالم حمققا.
الر َق ْع َمق» أمحد بن حممد األنطاكي الشاعر
ومن ذلك ـ أيضا ـ وهو مشهور يف هذا الباب قول «ابن َّ
املشهور يف عرص الدولة اإلخشيدية يف مرص:
ِ ـر ْح َشـ ْيئًا ن ِ
َقا ُلــوا :ا ْقـ َ ِ
ـت :ا ْط ُبخُ ــوا ِل ُج َّبـ ًة َو َقم َ
يصــا ُق ْلـ ُ *** ـك َط ْبخَ ُه
ُجدْ َلـ َ
وأصل الكالم خيطوا يل جبة وقميصا ،وساغ للشاعر أن يعرب عن اخلياطة بالطبخ؛ لوقوع اللفظ
الثاين «اطبخوا» يف صحبة األول « َط ْبخَ ُه» فساغ له أن يعرب عن اخلياطة بالطبخ عىل سبيل املشاكلة،
الر َق ْع َمق» حينام أرسل له أربعة من أصحابه يدعون ُه إىل الطعام ،وكانوا قد
وهذا البيت قاله« :ابن َّ
ذبحوا شاة سمينة قائلني له :اشته علينا ما نطبخ لك منها ،وكان هذا األمر يف صباح يوم شديد الربودة،
فكتب إليهم ُ
يقول: وكان فقريا ،ليس له كسو ٌة ِ
تقيه من الربد،
َ َ َ ً
ـة عزَمــوا الصبوح بِســح ٍ
ٍ ِ
وصا
الص َبــاحِ ُخ ُص َ َب َع ُثــوا إِ َ َّل َمـ َ
ـع َّ *** رة َّ َ ُ ْ وع َصا َبـ َ ُ
ِ ـر ْح َشـ ْيئًا ن ِ
َقا ُلــوا :ا ْقـ َ ِ
ـت :ا ْط ُبخُ ــوا ِل ُج َّبـ ًة َو َقم َ
يصــا ُق ْلـ ُ *** ـك َط ْبخَ ُه
ُجدْ َلـ َ
شعرت حتى عاد ومعه أربع خلع وأربع رصر يف كل رصة عرشة
ُ قال :فذهب الرسول بالرقعة ،فام
دنانري ،فلبست إحدى اخللع ورصت إليهم.
والشاهد فيه ورود اللفظ الثاين عىل سبيل املشاكلة ،فإنه أراد خيطوا ،فذكر خياطة اجلبة والقميص
بلفظ الطبخ؛ لوقوعها يف صحبة طبخ الطعام.
129
ملخص الدرس
***
131
إثراءات
الحظ أن :املشاكلة من املحسنات املعنوية ،ولكنها جتتمع مع الطباق ،وهو من املحسنات املعنوية
أيضا.
الحظ أن :املشاكلة من املحسنات املعنوية ،ولكنها جتتمع مع اجلناس ،وهو من املحسنات اللفظية.
انتبه إىل أن :املشاكلة وردت يف القرآن ،واحلديث الرشيف ،والشعر اجلاهيل وغريه.
انتبه إىل أن :املشاكلة يشاكل فيها اللفظ الثاين اللفظ األول غالبا ،ولكن يف بعض األمثلة قد يشاكل
اللفظ األول اللفظ الثاين املذكور أو املقدر املحذوف.
مفاهيم :املشاكلة من املحسنات املعنوية التي هتدف إىل استاملة السامع ،ومتكني املعنى يف نفسه.
مفاهيم :اختلف بعض العلامء يف ورود املشاكلة يف القرآن والسنة ،ولكنها عىل حسب مفهومها هنا
َو َردت يف القرآن والسنة ،كام بان من األمثلة.
***
132
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1املشاكلة من املحسنات اللفظية .
) ( -2املشاكلة وردت يف السنة ومل ترد يف القرآن .
) ( -3املشاكلة جتتمع مع الطباق .
) ( -4املشاكلة ال جتتمع مع اجلناس .
) ( -5املشاكلة أعم من اجلناس والطباق .
) ( -6املشاكلة التقديرية مل ترد يف القرآن والسنة النبوية .
) ( -7املشاكلة احلقيقية تتعارض مع التقديرية .
) ( -8ال يوجد فرق بني املشاكلة ومراعاة النظري .
) ( -9املشاكله ليس هلا أثر قوي عىل السامع .
إجابة التدريب األول
.)√( -5 .)×( -4 .)√( -3 .)×( -2 .)×( -1
.)×( -9 )×( -8 .)√( -7 .)×( -6
التدريب الثاني :عرف املشاكلة ،وبني نوعيها ،مع التمثيل ملا تذكر.
التدريب الثالث :ما الفرق بني املشاكلة والطباق؟ وهل جيوز اجلمع بينهام؟ مع التمثيل.
إجابة التدريب الثالث
املشاكلة هي :أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه لوقوعه يف صحبته.
والطباق هو :اجلمع بني متقابلني يف املعنى عىل وجه التضاد.
وجيوز اجلمع بني الطباق واملشاكلة ،وقد ورد ذلك عىل لسان القايض رشيح حينام شهد رجل عنده
بشهادة أعجبته ،فقال له رشيح :إنك لسبط الشهادة ،يقصد أن شهادة الرجل كانت سهلة واضحة
133
عيل ،فالتجعيد
مسرتسلة ،كالشعر الناعم غري املجعد ،فقال له الرجل :إهنا مل جتعد عني ،أي :مل تصعب َّ
جاء هنا عىل سبيل املشاكلة للفظ األول؛ لوقوعه يف صحبته ،ومن يتأمل جيد أن هذين املعنيني بينهام ـ
أيضا ـ تضاد؛ ألن السبوطة ضد اجلعودة ،وهذا من باب الطباق؛ إذن جيوز اجتامع املشاكلة مع الطباق.
التدريب الرابع :ما الفرق بني املشاكلة واجلناس ،وهل جيوز اجلمع بينهام؟ مع التمثيل.
***
134
الدرس اخلامس
التورية
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-1حيدد املقصود بالتورية.
-2يوازن بني أقسام التورية.
-3يعلل لعدم ورود التورية ىف القرآن.
-4يبني القاسم املشرتك بني التورية واالستعارة.
-5يذكر أسباب كثرة ورود التورية بدءا من الشعر العبايس.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس تعريف التورية ،وأقسامها ،وأمثلتها ،ورس التعبري هبا.
شرح الدرس
تعريف التورية:
هي لفظ له معنيان قريب ظاهر ،لكنه غري مراد ،وبعيد خفي ،وهو املراد.
شرط التورية:
يشرتط ىف التورية أن تكون هناك قرينة تشري إىل أن املعنى املراد هو البعيد.
قيمة التورية البالغية:
هذا النوع من األلوان البديعية املعنوية التي تكسب الكالم متعة ورونقا ،وتقتيض يف استخراجها
ذكاء وحنكة ،كام تتطلب يف صنعتها إتقانا ودقة ،وقد َك ُثرت عىل ألسنة الشعراء وبخاصة ىف العرص
العبايس.
135
الوراق:
من ذلك قول رساج الدين ّ
ش ِاق َو َص َحائِـ ُ َ ِ ِ ِِ ِ
ـف ْال ْبـ َـرار ف إِ ْ َ *** َواخَ ْج َلتــي َو َص َحائفــي ُم ْسـ َ
ـو َّد ٌة
ُون َص َحائِــفُ ا ْل َو َّر ِاق؟
َأكَــ َـذا َتك ُ ٍ
ـــــل وتَو ُّق ِفـــي ُل ِوبـــخٍ َل َقائِ
*** َ ِّ َ َ
يف البيت الثاين جاءت كلمة «وراق» هلا معنيان ،األول :وهو القريب الظاهر (بائع الكتب) ولكنه
غري مراد ،ويرشح لذلك املعنى كلمة الصحائف ،وتكرارها ،واملعنى الثاين :هو اسم الشاعر نفسه ،وهو
املعنى املراد هنا ،وقد ُس ِت هذا املعنى البعيد املراد ،وهو اسم الشاعر ،وراء املعنى القريب ،والقرينة :هي
حتدثه عن نفسه ،مع إضافة اخلجل والتوقف والصحائف إىل نفسه أيضا.
أقسام التورية
للتورية قسامن:
أـ مرشحة :وهي التي ذكر معها ما يالئم املعنى القريب.
وهو مثل البيت السابق ،ومن هذا النوع ـ أيضا ـ قول ابن نباتة:
َد ُع ِ
ون َفإِ ِّن آك ُُل ا ْل َع ْي َش بِالـ ُْج ْب ِن *** ـح ْر ِب َغ َار ًة َأ ُق ُ
ولَ ،و َقدْ َشنُّوا إِ َل ا ْل َ
فقد وردت كلمة (اجلبن) وهلا معنيان :قريب ،وهو الطعام املصنوع من اللبن ،ويرشح هذا املعنى
ُ
(آكل) التي تناسبه ،وهذا املعنى غري مراد ،بل املراد هو املعنى البعيد املتواري خلف القريب كلمة
هذا املعنى القريب ،وهو اجلبن الذي يقابل الشجاعة ،وإن كان يرشح املعنى البعيد ،قوله :شنوا إىل
احلرب ،وطلبه منهم أن يرتكوه حينام شنوها ،ومع هذا فهي تورية مرشحة؛ ألن املرشحة :ما ذكر معها
ما يناسب املعنى القريب.
ب ـ جمردة :وهي التي مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب ،سواء ذكر ما يالئم املعنى البعيد ،أم مل
يذكر.
من ذلك قول ابن نباتة:
ـن َز ْيدُ ونَا َأ َّن ابن عبــ ٍ
ـاد َبـ ٍ ب َع ْن ِش ْع ِريَ ،و َد ْو َلتِ ِه
َم ْن ُم ْبلِغُ ا ْل ُع ْر ِ
ـاقَ ،وا ْبـ َ ْ َ َ َّ ***
حيث ورد يف البيت األخري كلمتا (البحر والنونا) ولكل منهام معنيان ،فكلمة البحر هلا معنى قريب،
وهو املاء الغزير الواسع بني شاطئني بعيدين ،وهو غري مراد ،وهلا معنى بعيد وهو البحر العرويض،
وهذا املعنى البعيد هو املراد .
وكلمة النون هلا معنيان قريب ،وهو احلوت ،وكلمة البحر من قبله تشري إليه ،وهلا معنى بعيد وهو
حرف اهلجاء املعروف ،وهو املعنى املراد ،وهو يشري إىل نونية ابن زيدون الشاعر املعروف يف نونيته:
(أضحى التنائي بعيدا عن تدانينا) ،وقد رشح للمعنى البعيد ذكر ابن زيدون والقوايف ،والتورية جمردة
حيث مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب.
***
ملخص الدرس
التورية :هي لفظ له معنيان قريب ظاهر ،لكنه غري مراد ،وبعيد خفي ،وهو املراد .ويشرتط ىف
التورية أن تكون هناك قرينة تشري إىل أن املعنى املراد هو البعيد.
أقسام التورية:
أ ـ مرشحة :ما ذكر معها ما يالئم املعنى القريب.
ب ـ جمردة :وهي التي مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب ،سواء ذكر ما يالئم املعنى البعيد،
أم مل يذكر.
***
137
إثراءات
الحظ أن :التورية كثر ورودها بدءا من الشعر العبايس؛ ألهنا حتتاج لثقافة فلسفية ظهرت يف هذا العرص،
مل يتثقف هبا شعراء العصور السابقة.
الحظ أن:التورية وردت يف الشعر كثريا ،ومل ترد يف القرآن والسنة عىل الرأي الراجح.
انتبه إىل أن :االستعارة تشرتك مع التورية يف مصطلحني الرتشيح والتجرد.
انتبه إىل أن:التورية من املحسنات املعنوية التي حتتاج لتأمل وفطنة يف استخراجها.
مفاهيم :الرتشيح يف االستعارة له مفهوم خمتلف عن الرتشيح يف التورية.
مفاهيم :التجريد يف االستعارة له مفهوم خمتلف عن التجريد يف التورية.
***
138
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) -1التورية :لفظ له معنيان قريب ظاهر ،غري مراد ،وبعيد خفي هو املراد( .
) ( -2البد مع التورية من قرينة تشري إىل أن املراد هو البعيد .
) ( -3التورية املرشحة :ما ذكر معها ما يالئم املعنى البعيد .
()1
) ( -4التورية فن من فنون البديع التي تعتمد عىل املخاتلة .
) ( -5التورية عمود من أعمدة املحسنات اللفظية .
) ( -6التورية ال حتتاج لفطنة يف إدراكها والوقوف عىل املراد منها .
إجابة التدريب األول:
.)×( -6 .)×( -5 .)√( -4 .)×( -3 .)√( -2 .)√( -1
التدريب الثاني :بني ما يف األبيات اآلتية من تورية
1ـ قال الشاعر:
ـه الــا ِيت َح َو ْ َتــا ا ْلك ََواكِ ُب
بِ َأحرفِـ ِ
ُْ *** ب َع ْبــــدَ ُه ِ ُك ِمـ ِ ٍ
ـن َملك ُيكَات ُ
ْ َفدَ ْيت َ
ب ِ َف َهــــا أ َنــا َذا َع ْبـٌــد َر ِقيـ ٌ نى ْالَ َســى
ـت ِبــا ِر ِّقــي فأن َْح َل ِ
َم َل ْكـ َ
ـق ُمكَات ُ ***
يــــــق
ُ َاهــــــــا َر ِق
ــــرَ ،و َم ْعن َ
ُح ٌّ *** ِ
ـــــب َل ْف ُظ َهـــــاو ِمـــــن ا ْلعجائِ
َ َ َ َ
( )1المخاتلة :المخادعة.
139
ـدي و ْق َف ـ ٌة ِف عر َف ـ ِ
ـتِ :عنْ ـ ِ
ُق ْل ـ ُ ـــم َقا ُلـــوا ِل َه ْ
ـــــل َوا َف ْق َتنَـــا؟
ـات ََ َ *** ُث َّ
حيث ورد يف البيت األخري كلمتا (البحر والنونا) ولكل منهام معنيان ،فكلمة البحر هلا معنى قريب،
وهو املاء الغزير الواسع بني شاطئني بعيدين ،وهو غري مراد ،وهلا معنى بعيد وهو البحر العرويض،
وهذا املعنى البعيد هو املراد .
وكلمة النون هلا معنيان قريب ،وهو احلوت ،وكلمة البحر من قبله تشري إليه ،وهلا معنى بعيد ،وهو
حرف اهلجاء املعروف ،وهو املعنى املراد ،وهو يشري إىل نونية ابن زيدون الشاعر املعروف يف نونيته:
(أضحى التنائي بعيدا عن تدانينا) ،وقد رشح للمعنى البعيد ذكر ابن زيدون والقوايف ،والتورية جمردة
حيث مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب.
***
141
الدرس السادس
املبالغة
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
1ـ يعرف املقصود باملبالغة.
2ـ يفرق بني صور املبالغة.
3ـ حيدد احلاالت التى يكون الغلو فيها مقبوال.
وصف الدرس سنتناول يف هذا الدرس تعريف املبالغة ،والغرض منها ،وأنواعها ،وتعريف كل
نوع ،وأقسام الغلو ،وتبيان متى يتحول الغلو إىل مبالغة مقبولة.
شرح الدرس
تعريف املبالغة عند البالغيني:
أن يدعي الشاعر ،أو الناثر لوصف من األوصاف (أي :معنى من املعاين) بلوغه يف الشدة أو الضعف
حدا مستحيال ،أو مستبعدا؛ دفعا لتوهم أن هذا الوصف غري متناه يف الشدة ،أو الضعف.
واملراد باألمر املستحيل:
األمر الذي ال يمكن حدوثه مطلقا عىل أيدي البرش العاديني ،واملراد باألمر املستبعد :األمر النادر
القليل الوقوع.
الغرض من املبالغة:
يلجأ الشاعر أو الناثر للمبالغة ؛ لكي يرفع الظن والتوهم عن املخاطب أن الوصف املدّ عى فيه مل
يبلغ من الشدة أو الضعف مبلغا كبريا.
142
يصف الشاعر نفسه ،وقومه بإكرام اجلار حني يكون بينهم ،وإن رحل عنهم إىل غريهم ،أرسلوا إليه
العطايا كذلك ،وإكرام اجلار يف حالة ح ّله ،أو ترحاله ،هو أمر ممكن عقال ،وإن كان غري ممكن يف العادة.
ومثله أيضا قول امرئ القيس:
()3 ـرب أ ْد َنــى َد ِار َهــا نظــر َعـ ِ تنَور ُتــا ِمــن َأ ْذ ِرع ٍ
ــات َو َأ ْه ُل َهــا
ـال ٌ بِ َي ْثـ َ *** َ َّ ْ َ
داء :من العدْ ِو وهو اجلري الشديد ،الثور :ذكر البقر الوحيش .النعجة :أنثى البقرة الوحشيةِ .دراكًا: ِ
(َ )1عا َدى :جرى جريا مرسعا ،ع ً
ِ
املاء بسبب ال َع َرق. َلا ًقا .ينضحَ :ي ْع َرق أو يتص َّبب منه ال َع َرقُ .يغ َْسلُ :ي َر ُّش عليه ُ
( )2أرصع :أغلب .الوحش :احليوانات الربية املتوحشة يف الصحراءَ .ق َّف ْيتُه بهَ :أ ْت َب ْعتُه.
نارها .أذرعات :بلد يف بالد الشام .يثرب :املدينة املنورة. ص ُت َ َ
( )3تنورهتا :أ ْب َ ْ
143
يقول :إنه أبرص نار حمبوبته وهو يف أذرعات يف الشام ،وهي يف يثرب يف احلجاز ،وهو أمر ممكن
عقال ،وإن كان غري ممكن يف العادة.
ومثله ـ أيضا ـ قول امرئ القيس:
ْب ِمن َْها ألَ َّثرا ِم َن َّ ات ال َّطر ِ
اص ِِ ِ
()1
الذ ِّر َف ْو َق ا ِ
إلت ِ *** ف َل ْو َد َّب ُم ِو ٌل ْ م َن ا ْل َق َ
يصف امرأة برقة جسدها ونعومة جلدها لدرجة أن أي نملة صغرية لو مرت فوق قميصها ألثرت
عىل جلدها ،وهذا أمر ممكن عقال ،ولكنه غري ممكن عادة.
ومثله أيضا قول املتنبي:
َــر ِن ما َط َبتِــي إِ َّي َ
ــاك َل ْ ت َ َل ْ
ــوال ُ َ *** ـول َأنَّنِــي َر ُج ٌل َك َفــى بِ ِجسـ ِ
ـمي ن ُُحـ ً ْ
كبريا جدًّ ا لوال كالمه مع َمن خياط ُبه مل َيره من شدة
يعني :أن جسمه بلغ من الضعف واهلزَال َم ْبلغًا ً
عقل ،ولكنه غري ممكن عادةً. ضعفه وهزَاله ،وهذا أمر ممكن ً
س :ما الفرق بني التبليغ واإلغراق؟
ج :التبليغ يكون الوصف املدعى فيه ممكنا عقال وعادة ،أما اإلغراق ،فالوصف املدعى فيه يكون
ممكنا عقال ،وغري ممكن عادة.
3ـ الغلو :وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال وعادة.
وينقسم قسمني :غلو غري مقبول ،وغلو مقبول.
ومن غري املقبول قول أيب نواس:
ــف ا َّلتِــي َل ْ ُ ْت َل ـر ِك َح َّتــى إِ َّنـ ُه ـت َأ ْهـ َ
َو َأ َخ ْفـ َ
ِ ()2
ــق . ــك النُّ َط ُ
َلتَخَ ا ُف َ *** ـل الـ ِّ ْ
يمدح الشاعر اخلليفة ،فيقول يف الشطر األول :إن أهل الرشك خيافون من اخلليفة ،حيث دخل
الرعب منه يف قلوهبم ،واستوىل عىل نفوسهم ،وهذا أمر ممكن عقال وعادة ،ولكنه يف بقية البيت أتى
بمعنى فيه غلو مردود مرفوض ،حيث ادعى أن النطف التي مل ختلق ،ومل تر احلياة بعد ختاف ـ أيضا ـ من
املمدوح ،فاخلوف منه ترسب إىل النطف التي مل ختلق فأقلقها ،وخوف النطف غري ممكن عقال ،وغري
ممكن عادة ؛ ألن رشط اخلوف احلياة.
(ِ )1م َْو ٌل :الصغري الذي أتى عليه احلول .الذر :النمل .اإلتْب :القميص بال ك َُّمني .القارصات الطرف :املحببات إىل أزواجهن املنَ َّع َمت
العفيفات.
ُ ِّ ِ
( )2النُ َطف :مجع نطفة وهي من ُّي الرجل .أهل الشك :أهل الكفر.
144
ومنه ـ أيضا ـ قول حممد بن هانئ األندليس يمدح اخلليف َة الفاطمي احلاكم بأمر اهلل:
ِ ُــم َف َأن َ ْت ال مــا َشــاء ِ ِ
ْــت ا ْل َواحــدُ ال َق َّه ُ
ــار احك َْف ْ *** ت األ ْقــدَ ُار َ َمــا شـئ َ َ
فإن يف هذا البيت غلوا مردودا ومرفوضا ؛ ألنه وصل حد الكفر باهلل ،حيث خلع الشاعر عىل
ممدوحه صفات األلوهية احلقة التي ال تكون إال للموىل سبحانه وتعاىل.
س :متى يكون الغلو مقبوال ؟
ج :يكون الغلو مقبوال يف ثالث حاالت:
أ ـ إذا دخل عليه بعض األلفاظ التي تقربه إىل الصحة ،وإمكان الوقوع مثل (يكاد) ،و(لو)،
و(لوال)...إلخ ،من ذلك قوله تعاىل :ﱹ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﱸ[ النور ،]35:فإن إضاءة
أمرا مستحيال عقال ،وعادة ،ولكن اإلتيان بالفعل (يكاد) وهو
الزيت بنفسه بدون إشعال النار ،يعد ً
من أفعال املقاربة جعل املعنى خيرج من حد االمتناع إىل إمكان الوقوع ،فالذي جعل الغلو مقبوال هو
(كاد) التي تدل عىل القرب ،وقرب املحال من الوقوع هو قرب من الصحة.
ومن ذلك قول ابن محديس الصقيل يصف فرسا:
ــر ِاق َرفِ ِ
يــق ِ
ــب ِف ف َ
َان َي ْر َغ ُ َل ْ
ــو ك َ ***
ي ــرج سعــ ًة ِم ــن ظِ ِّل ـ ِ
ـه ْ َو َيــكَا ُد َ ْ ُ ُ ُ ْ َ
الصحة،
قربه من ِّ
عقل وعادةً ،ولكن الشاعر َّممتنع ً
أمر ٌفإن خروج الفرس عن ظله من شدة رسعته ٌ
وأ ْدنَاه من إمكانية الوقوع حني َأ ْد َ
خل الفعل (يكاد) عىل هذا املعنى.
ب ـ إذا تضمن نوعا من حسن التخييل.
مثل قول املتنبي:
َل ــو َتبت َِغ ــي عنَ ًق ــا ع َلي ـ ِ
ـه ألَ ْم َكنَ ــا ِ
َ ْ َ ْ ْ *** َع َق ــدَ ْت َســنَابِك َُها َع َل ْي َه ــا ع ْث ـ َ َ
ـرا
يقول :إن سنابك اخليل من شدة وقعها عىل األرض كونت طبقة كثيفة من الغبار أعالها ،ولو طلب
من اخليل أن تسري عليها لتمكنت من ذلك لكثافة هذا الغبار حتى صار مثل األرض ،وهذا أمر غري
ممكن عقال وعادة ،ولكنه ملا خيله إىل السامع قربه إىل الصحة واإلمكان.
ومثله ـ أيضـًا ـ قول القايض األرجاين:
ـن َأ ْج َف ِان َو ُشــدَّ ْت بِ َأ ْهــدَ ٍ
اب إِ َل ْي ِهـ َّ *** ب ِف الدُّ َجى ي َّي ُل ِل َأ ْن ُس ِّم َر ُّ
الش ْه ُ َُ
145
حيث ختيل الشاعر أن الشهب قد شدت بمسامري يف ظالم الليل ،فهي ال تتحرك ،ثم شدت أجفانه
بأهدابه إىل هذه الشهب ،فأجفانه ال تغتمض ،وال تتحرك ـ أيضاـ ،وهذا املعنى أمر ممتنع ً
عقل وعادةً،
الغلو املقبول بسببني :األول :أنه تضمن ختييال حسنا ،والثاين:
ّ الغلو املذموم إىل
ّ حول
ولكن الشاعر َّ
ترصحيه بلفظ التخ ّيل الذي يقربه من الصحة.
ج ـ إذا خرج خمرج اهلزل واخلالعة والفكاهة.
من ذلك قول الشاعر:
ِ َأ ْس ـك َُر بِاألَ ْم ِ
ـــب ب َغـــدً ا إِ َّن َذا م َ
ـــن ا ْل َع َج ِ ش ِ
ُّ ْ *** س إِ ْن َعز َْم ُ
ت َع َل الـ
يقول :إنه يسكر باألمس إذا عقد النية عىل رشب اخلمر يف الغد ،وهذا أمر ممتنع ً
عقل وعادةً ،ولكنه
الغلو املذموم إىل الغلو املقبول بسبب أنه ورد يف مقام اهلزْل ُ
واخل َل َعة وال ُفكَاهة. ّ َ
انتقل من
***
ملخص الدرس
املبالغة :هي أن يدعي الشاعر ،أو الناثر لوصف ما بلوغه يف الضعف ،أو الشدة حدا مستحيال،
أو مستبعدا؛ وذلك دفعا لتوهم أنه غري متناه يف الشدة ،أو الضعف.
صور املبالغة ثالثة:
1ـ التبليغ :وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال،وعادة.
2ـ اإلغراق :وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال غري ممكن عادة.
3ـ الغلو :وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال ،والعادة.
يكون الغلو مقبوال يف ثالث حاالت:
أ ـ إذا دخل عليه ما يقربه إىل الصحة وإمكان الوقوع مثل :لفظ «يكاد ،لو ،لوال ...إلخ».
ب ـ إذا تضمن نوعا من حسن التخييل.
ج ـ إذا خرج خمرج اهلزل واخلالعة والفكاهة.
146
إثراءات
الحظ أن:املبالغة عىل قسمني مبالغة ممجوجة مرذولة ،ومبالغة مستحبة مقبولة.
الحظ أن :املبالغة املرذولة تتمثل يف الغلو غري املقبول الذي يتجاوز فيه الشاعر حدوده عن الذات
اإلهلية ،وكل ما يتصل بالعقيدة اإلسالمية.
انتبه إىل أن :التبليغ واإلغراق يعدان من صور املبالغة املقبولة ،أما الغلو ،فهو من صور املبالغة
املرذولة املردودة.
انتبه إىل أن :الغلو املرذول قد يتحول لغلو مقبول إذا قربه الشاعر من الصحة ،أو ضمنه ختييال حسنا،
أو أخرجه خمرج اهلزل واخلالعة.
مفاهيم :املبالغة املقصودة هنا هي من أنواع املحسنات املعنوية ال اللفظية.
مفاهيم :املبالغة من املصطلحات الدائرة يف كتب البالغة بمعان خمتلفة يف علومها الثالثة عىل حسب
طبيعة كل علم ترد فيه.
***
147
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1املبالغة من املحسنات املعنوية واللفظية .
) ( -2املبالغة هلا مفهوم واسع ،ولكنها هنا هلا معنى حمدد .
) ( -3املبالغة من أعمدة علم املعاين والبيان والبديع .
) ( -4التبليغ :وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال ،وعادة .
) ( -5الغلو :وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال ،العادة .
) ( -6اإلغراق :وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال غري ممكن عادة
) ( -7يكون الغلو مقبوال إذا مل يتضمن نوعا من حسن التخييل .
) ( -8يكون الغلو مقبوال إذا دخل عليه ما يقربه عىل الصحة .
إجابة التدريب األول
.)√( -4 .)×( -3 .)√( -2 .)×( -1
.)√( -8 .)×( -7 .)×( -6 .)×( -5
التدريب الثاني :وضح ما يف الشعر اآليت من غلو ،وبني املقبول منه ،وغري املقبول:
1ـ قال الشاعر:
َلــو َتبت َِغــي عنَ ًقــا ع َليـــــ ِ
ـه َلَ ْم َكنَا ِ
َ ْ َ ْ ْ *** َع َقــدَ ْت َسـنَابِك َُها َعل ْي َهــــا ع ْثـ َ ً
ـرا
2ـ 2إذا تضمن نوعا من حسن التخييل مثل قول القايض األرجاين:
ـن َأ ْج َف ِان َو ُشــدَّ ْت بِ َأ ْهــدَ ٍ
اب إِ َل ْي ِهـ َّ *** ب ِف الدُّ َجى ي َّي ُل ِل ْ
أن ُس ِّم َر ُّ
الش ْه ُ َُ
حيث ختيل الشاعر أن الشهب قد شدت بمسامري يف ظالم الليل ،فهي ال تتحرك ،ثم شدت أجفانه
بأهدابه إىل هذه الشهب ،فأجفانه التغتمض ،والتتحرك أيضا ،وهذا املعنى أمر ممتنع ً
عقل وعادةً،
الغلو املقبول بسببني :األول :أنه تضمن ختييال حسنا ،والثاين :
ّ الغلو املذموم إىل
َّ حول
ولكن الشاعر َّ
ترصحيه بلفظ التخ ّيل الذي يقربه من الصحة.
3ـ 3إذا خرج خمرج اهلزل واخلالعة والفكاهة.
من ذلك قول الشاعر:
ِ َأ ْس ـك َُر بِاألَ ْم ِ
ــب ب َغــدً ا إِ َّن َذا م َ
ــن ا ْل َع َج ِ ش ِ
ُّ ْ *** س إِ ْن َعز َْم ُ
ت َع َل الـ
يقول :إنه يسكر باألمس إذا عقد النية عىل رشب اخلمر يف الغد ،وهذا أمر ممتنع ً
عقل وعادةً ،ولكنه
الغلو املذموم إىل الغلو املقبول ،بسبب أنه ورد يف مقام اهلزْل ُ
واخل َل َعة وال ُفكَاهة. ّ َ
انتقل من
***
150
الدرس السابع
حسن التعليل
أهداف الدرس:
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
1ـ يعرف حسن التعليل.
2ـ يوازن بني صور حسن التعليل.
3ـ يأتى بأمثلة ألقسام الوصف الثابت.
4ـ يأتى بأمثلة ألقسام الوصف غري الثابت.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس مفهوم حسن التعليل ،وصوره املختلفة ،ووجه بالغته .
شرح الدرس
تعريف حسن التعليل عند البالغيني :هو أن يدعي الشاعر ،أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له غري
حقيقية ،فيها اعتبارات لطيفة يزيد هبا املعنى املراد دقة ومجاال.
صور حسن التعليل
اعلموا ـ أبنائي الطالب والطالبات ـ أن هذا الوصف الذي تُدَّ َعى له العلة يأيت عىل صورتني:
األوىل :أن يكون الوصف ثابتا ،واملقصود بيان علته.
الثانية :أن يكون الوصف غري ثابت ،واملراد إثباته.
أوال :الوصف الثابت
من يتأمل مليا يف أمثلة الوصف الثابت اآلتية ،يلحظ أن هذا الوصف الثابت ينقسم قسمني:
ثابت ال يظهر له يف العادة علة.
وصف ٌٌ أـ
151
حيث استخرج أبو متام علة مناسبة غري حقيقية لظاهرة فقر الكرماء هبذه الصورة القياسية ،فالسيل
ال يستقر ،وال يقيم يف املكان العايل كاجلبال ،وكذلك الكريم يف اتصافه بعلو القدر ،يشبه املكان العايل،
فال يستقر لديه املال ،وهذه العلة غري احلقيقية التي استخرجها أبو متام بذلك القياس فيها لطف ومجال.
ب ـ وصف ثابت له ع َّلة لكنها علة غري املذكورة يف الكالم.
ٍ
طريفة ُم ْستَم َلحة فاألديب يف هذا القسم يستبعد رصاح ًة أو ضمنًا هذه الع َّلة املعروفة ،ويأيت بع َّل ٍة أدب ّي ٍة
تناسب الغرض الذي يقصد إليه.
ٍ
اء :ا ْل َع َر ُق الكثري ،وا ْل َع َر ُق النازل إ ْث َر ا ْل ُ
ـح َّمى. الر َح َض ُ
ينصب من ماء وغريهُّ .
ُّ بيب :ما
()1الص َُّ
( )2ال شك أن لنزول املطر علة علمية معروفة ،ولكنها غري ملحوظة عىل حسب العادة عند الناس.
لو الكريم من الغنى ،يقالَ :عطِ َل َي ْع َط ُل َع َطالً ،إ َذا خال. ِ ِ
(َ )3ع َط َل الكريم م َن الغنَى ،أيُ :خ ّ
152
عمر:
مثل قول املتنبي من قصيدة يمدح هبا َبدْ َر بن ّ
ِ ِ ِ
َيت َِّقي إِ ْخال َ م ــا بِـ ِ
َاب َف َما ت َْر ُجو ِّ
الذئ ُ ـل َأ َعادي ــه َو َلك ـ ْ
ـن ـه َق ْتـ ُ
*** َ
ِ
أنفسهم، عن ِ ِ ِ ُ
مضارهم ْ
ِّ هالكهم ودفع العادة له علة ظاهرة ،وهي َإرا َد ُة أعداءهم يفَ امللوك فقتل
منازعتهم ،ولكن املتنبي رفض هذا الوصف الثابث ذي العلة الظاهرة، ِ ملكهم من ُ يصفو هلم
َ حتى
وقال :ليس باملمدوح غيظ أو خوف أوجب قتل أعاديه ليشفي غيظه،أو يريح نفسه من ترقبهم ،ولكن
الذي دفعه إىل قتلهم هو خوفه من أن خيلف ما ترجوه الذئاب من أكل حلومهم حينام يقتلهم ،والصفة
املعللة هي قتل األعادي ،والعلة الظاهرة للقتل هي دفع املرضة ،ولكن الشاعر أتى بعلة أخرى ،وهي
أن طبيعة الكرم مالزمة له ،فالعلة الباعثة للقتل حبه لصدق رجاء اآلملني ،ومنهم الذئاب التي عودها
إطعام حلوم األعداء ،فهو يتقي بالقتل إخالف رجائها فيه ،لقد با َلغَ ،فتخي َل ،فادعى ِ
هذه الدَّ ْعوى، َّ َ َّ
ٍ
مجيلة ال يلتقطها إالَّ ذو حس مرهف وفطنة وملاحية. ٍ
فكرة َلكن ََّها تشت َِم ُل َع َل
ثانيا :الوصف غري الثابت
من ينعم النظر بدقة يف أمثلة الوصف غري الثابت اآلتية يلحظ كذلك أن هذا الوصف غري الثابت
ينقسم قسمني:
أ ـ وصف غري ثابت يكون ممكن الوقوع.
مثل قول مسلم بن الوليد:
ـان ِم َن ا ْلغ ََر ِق
ن ََّجى ِح َذ ُار َك إن َْس ِ يا واشـيا حسـن ْ ِ
َت فينَا إِ َس َ
()1
*** ـاء ُت ُه َ َ ً َ ُ
فالوصف الذي ليس ثابتا هنا هو استحسان وشاية الوايش ،فهذا الوصف مقطوع بنفيه ،ولكنه
وصف ممكن ،وملا خالف الشاعر الناس يف ادعائه الوقوع ،ساق تعليال يقتيض وقوعه يف زعمه ،ولو مل
إنسان َع ْينِه ِمن الغ ََر ِق يف الدَّ ْمع،
َ كيقع ،وهو أن حذاره من الوايش َج َع َله يت ِّقي َمك َْر ُه و َك ْيدهَ ،ف َح َمى بِذلِ َ
ف عداوته له ،فنجاة الذي تُس ِّب ُبه َغ ْف َلتُه و َعدَ ُم َح َذ ِره من َمك ِْر ِه َو َك ْي ِد ِه لو أنَّه مل ي َّطلع عىل ِوشاياته ،و َي ْع ِر ْ
إنسان عينه من الغرق علة الستحسان إساءة الوايش غري مطابقة للواقع.
ب ـ وصف غري ثابت ،ليس ممكن الوقوع.
( )1الوايش :الساعي بني الناس بالكالم املفسد للعالقات الطيبة .إنساين :إنسان العني وهو سوادها ،واملراد حبة العني.
153
ملخص الدرس
حسن التعليل :هو أن يدعي الشاعر ،أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له غري حقيقية ،إال أن فيها
اعتبارات لطيفة ومجيلة.
وهذا الوصف نوعان :وصف ثابت ،ووصف غري ثابت
1ـ الوصف الثابت ،له صورتان :
أـ قد تظهر له علة غري العلة املدعاة املذكورة.
ب ـ وقد ال تظهر له يف العادة علة.
2ـ الوصف غري الثابت وله صورتان:
أ ـ قد يكون ممكنا.
ب ـ وقد يكون غري ممكن.
***
ِ ِ ِ
الوسط باملنْ َط َقة .واملنْ َط َق ُة ما ُي َشدُّ به الوسط كاحلزام وغريه .اجلوزاءُ :ب ْر ٌج من بروج ّ
السامء يوجد حوهلا كواكب ت ُْشب ُه ( )1االنتطاق :شدُّ َ
ِ ِ
املنطقةَ ،ش َّبهها الشاعر با ْلع ْقد املنظوم من ا ّللؤلؤ.
154
إثراءات
الحـــظ أن:حسن التعليل من األلوان البديعية التي حتتاج يف استخراجها إىل رهافة حس ،وفطنة
وملاحية يف استخراج السبب املؤثر املقنع.
انتبه إىل أن:حسن التعليل كام حيتاج من الشاعر للطف ورهافة حس يف التقاط العلة املدعاة،
حيتاج من املخاطب كذلك إىل تلطف يف استخراجه .
مفـــاهيم:حسن التعليل من الفنون التي تقيس مقدرة الشاعر أو الناثر عىل ابتكار املعاين.
***
155
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
-1حسن التعليل :هو أن يدعي الشاعر أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له حقيقية ليست فيها
) ( اعتبارات مجيلة .
) ( -2حسن التعليل يقيس قدرة الشعراء عىل مدى االبتكار .
) ( -3حسن التعليل من أعمدة علم املعاين والبيان .
) ( -4حسن التعليل ورد يف القرآن الكريم .
) ( -5حسن التعليل له صور ممكنة وغري ممكنة .
) ( -6حسن التعليل من الفنون اخلالبة التي تدل عىل املقدرة .
) ( -7حسن التعليل من أركان البديع املعنوي .
) ( -8حسن التعليل كثر يف الشعر العبايس .
إجابة التدريب األول
.)×( -4 .)×( -3 .)√( -2 .)×( -1
.)√( -8 .)√( -7 .)√( -6 .)√( -5
التدريب الثاني :وضح ما يف الشعر اآليت من صور حسن التعليل ،وبني املمكن منه ،وغري املمكن:
1ـ قال الشاعر:
َف َك َا َن َلها ِف سالِ ِ
ف الدَّ ْه ِر ُطو َف ُ
ان َت َف ْقدَ َك الدُّ نْيا َق ِد ًيم بِدَ ْم ِع َها
َبك ْ
َ َ ***
الرثاء:
املعري يف ّ
3ـ وقال ّ
و َلكِنَّهــا ِف وج ِهـ ِ
ـه َأ َثـ ُـر ال َّل ْطـ ِم ـر َق ِديم ًة
َو َمــا ُك ْل َفـ ُة ال َبــدْ ِر ا ُملنـ ِ
َ ْ َ ***
احلبيب؛ ألن قلب الشاعر داره ،وحق الدار التي عاد إليها صاحبها أن تدق له بشائر الفرح،
وهذا أمر غري ممكن.
3ـ 3يف البيت الثالث يقصد الشاعر :أن احلزن عىل املرثي شمل كثريا من مظاهر الكون ،فهو لذلك
يدّ عى أن كلفة البدر (وهي ما يظهر عىل وجهه من كُدرة) ليست ناشئة عن سبب طبعي ،وإنام
هي حادثة من أثر اللطم عىل فراق املرثي ،وهذا أمر غري ممكن.
4ـ 4يف البيت الرابع يرى الشاعر :أن سقوط املطر ليس هو نتيجة لألمر املعروف ،بل ذاك راجع إىل
بكاء السحاب عىل حبيب هلا ُدفِ َن حتتها ،فهي تبكي حزنا ولوعة عليه ،وهذا أمر فيه حسن
تعليل لسقوط املطر وهو غري ممكن .
5ـ 5يف البيت اخلامس خياطب الشاعر ممدوحه مبينا له الرس احلقيقي يف اصفرار ُذك َ
َاء -وهي اسم من
أسامء الشمس -عند غروهبا حيث ادعى أن اصفرار الشمس عند املغيب قد حصل بسبب أهنا
خجلت من مفارقة وجه املمدوح ،فهي تتجاوزه َخ ْج َل منه ،وبذلك يستبعد الشاعر السبب
الطبعى مع دوامه َّ
كل مساء عند املغيب.
6ـ 6يف البيت السادس يوضح الشاعر أن العلة يف أن ِز َّر الورد الذي مل يكتمل تفتُّحه قد َ َّ
ج َع َف َمه
طالبا التقبيل ،ليس هو العلة احلقيقية بل إن زر الورد فعل ذلك حني رأى ممدوحه ،فطمع بلثمه
إذ رآه ،فجمع فمه طالبا تقبيله فرحا به لدخوله عليه يف البستان وهذا أمر متخيل غري ممكن ؛
ألن العلة املذكورة ليست العلة احلقيقية وراء هذه الصورة التي يكون عليها زر الورد قبل أن
يكتمل تفتحه.
7ـ 7يف البيت السابع يذكر الشاعر علة أخرى غري العلة التي يرضب من أجلها العود عند الغناء،
وهي أن هذا العود جتارس ذات مرة أن يقلد صوت املحبوبة ،لكنه مل يوفق فمن ثم صار يرضب
تأديبا له عىل جتارسه.
التدريب الثالث :عرف حسن التعليل ،واذكر صوره التي يأيت عليها مع التمثيل.
***
158
الدرس الثامن
تأكيد املدح مبا يشبه الذم وعكسه
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-1يفرق بني رضيب تأكيد املدح بام يشبه الذم.
-2يأتى بأمثلة لرضيب تأكيد املدح بام يشبه الذم.
-3يفرق بني رضيب تأكيد الذم بام يشبه املدح.
-4يأتى بأمثلة لرضيب تأكيد الذم بام يشبه املدح.
وصف الدرس :سنتناول يف هذا الدرس صور تأكيد املدح بام يشبه الذم ،وصور تأكيد الذم بام يشبه
املدح ،ورس مجاله.
أوال :تأكيد املدح مبا يشبه الذم
وهذا النوع رضبان :
أـ أن يستثنى من صفة ذم منفية ،صف ُة مدح عىل تقدير دخوهلا فيها.
كقول النابغة الذبياين:
()1
ـن ِقـ َـرا ِع ا ْل َكتَائِ ِ
ب ِبِــن ُف ُل ٌ ِ
ول مـ ْ َّ *** ب فِ ِ
يه ْم َغ ْ َي َأ َّن ُس ُيو َف ُه ْم َوال َع ْي َ
تكس َحدِّ سيوفهم من مقارعة اجليوش عيبا؛ فال عيب فيهم غري ذلك ،ومن املعلوم أي :إن كان ُّ
أن ذلك ليس بعيب ،بل هو من املناقبَ ،ف ِذكره عىل أنَّه هو العيب الوحيد هلم يؤكّد الثناء عليهم أبلغ
مدحا هلم بالشجاعة وا ِ
إلقدام. يتضمن ًَّ تأكيد؛ ألنه
ومن ذلك قول ابن الرومي يمدح:
ــى ِم ْثلِ ِه ـع ا ْلــ َع ْ ُ
ــن َع َ ال َتـ َقـ ُ *** ــوى َأ َّن ـ ُه ِ
ب س َ
ِ
َل ْي َس بِــه َع ْي ٌ
بالسيوف والرماح. ِ ِ (ُ )1ف ُلول :جع فل :وهو َث ْلم ي ِصيب حدَّ السيف من الرضب َّ ِ ِ
الشديد به .م ْن قراع الكتائب :الق َراع :التقاتل رض ًبا ّ ّ ُ ٌ ُ َُْ
الكتائب :اجليوش املحاربة.
159
خاصتُه ا ّلذين يغضبون لغضبه ،ويرضون لرضاه ،ويدخل فيهم األهل والعبيد ِْ
وال َرية. الر ُجلَّ : (َ )1ح َش ُم َّ
( )2زاخر :ممتلئ َطامٍ .الرضغام :األسدَ .
الو ْبل :املطر الشديد.
160
فقد أكدّ املدح بأسلوب ي ِ
وه ُم عند البدء به أنّه يريد أن يذكر له عيبا بعد أن ش ّبهه بالبدر ،وقوله ُ
(لكنه الوبل) وضعت (لكن) هنا موضع (إال) فأكدت املدح بام يشبه الذم.
ثانيا :تأكيد الذم مبا يشبه املدح
وهو أيضا رضبان:
أ ـ أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا فيها .
نحو( :فالن الخري فيه إال أنه يتصدق بام يرسق) ،وكقولك« :فالن ال خري فيه إال أنه ييسء إىل من
حيسن إليه».
ونحو( :ال فضل للقوم إال أهنم ال يعرفون للجار حقه).
ب ـ أن يثبت ليشء صفة ذم ،ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى.
نحو( :فالن حسود إال أنه نامم) ،وكقولك :فالن فاسق إال أنه جاهل ونحو( :اجلاهل عدو نفسه
إال أنه صديق السفهاء).
وقول الشاعر:
وســوء مر َاعـ ٍ
ـاة َو َمــا َذ َاك ِف ا ْلك ِ
َلب هـــو ا ْل َك ْلـــب إال َأ َّن فِ ِ
يـــه َم َل َلـــ ًة
َ ُ ُ َ ُ َ *** ُ ُ َ
***
161
ملخص الدرس
***
إثراءات
الحــــظ أن :هذا اللون البديعي جاء يف القرآن والسنة والشعر العريب.
انتبه إىل أن :هذ اللون يعد من املحسنات املعنوية اخلالبة التي تستميل السامع ،وجتذب انتباهه
لتثبيت املعنى يف نفسه ،ومتكينه يف فؤاده.
مفــــاهيـم:تأكيد املدح بام يشبه الذم أكثر ورودا يف الكالم العريب من تأكيد الذم بام يشبه املدح.
***
162
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلاطئة ،فيام يأيت:
) ( -1تأكيد املدح بام يشبه الذم يعتمد عىل اخليال يف إبرازه .
) ( -2تأكيد املدح بام يشبه الذم من املحسنات اخلالبة التى تستميل السامع .
) ( -3تأكيد املدح بام يشبه الذم من أعمدة علم البديع .
) ( -4تأكيد املدح بام يشبه الذم ورد يف القرآن الكريم .
) ( -5تأكيد الذم بام يشبه املدح له صورة واحدة .
) ( -6تأكيد الذم بام يشبه املدح صنو ال يفرتق عن تأكيد املدح بام يشبه الذم .
) ( -7تأكيد املدح بام يشبه الذم من أركان البديع املعنوي .
) ( -8تأكيد املدح بام يشبه الذم وعكسه ورد يف الشعر اجلاهيل .
-9من صور تأكيد املدح بام يشبه الذم أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا
) ( فيها .
-10من صور تأكيد املدح بام يشبه الذم أن يثبت ليشء صف ُة مدح ،ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها
) ( صفة مدح أخرى .
إجابة التدريب األول
.)×( -5 .)√( -4 .)√( -3 .)√( -2 .)×( -1
.)√( -10 .)×( -9 .)√( -8 .)√( -7 .)×( -6
التدريب الثاني :وضح اللون البديعي ،وبني نوعه فيام يأيت :
١ـ قال الشاعر:
ــا َو َم ْوطِنَــا
َف َأن َْســتْنِي ْالَ َّيــا ُم َأ ْه ً *** ــر َأ َّن َق َصدْ تُــه ِ ِ
ــب فيــه َغ ْ َ
َوال َع ْي َ
ب َب ْيدَ َأ َّن ِم ْن ُق َر ْي ٍ
ش». «أنَا َأ ْف َص ُح ا ْل َع َر ِ
َ ٢ـ قال رسول اهلل
163
يف البيت (تأكيد للمدح بام يشبه الذم ـ حسن تعليل ـ املبالغة)
2ـ قال الشاعر:
ِ ِ الر َي ـ ِ ُو ُج ــو ٌه ك ََأز َْه ـ ِ
ـــو َم ْاليـــاجِ ُصخُ ُ
ـــور َو َلكن ََّهـــا َي ْ *** ـار ًة
ـاض ن ََض ـ َ ـار ِّ
يف البيت (تأكيد للذم بام يشبه املدح ـ تأكيد للمدح بام يشبه الذم ـ التورية)
3ـ قال الشاعر:
ِ ـــــوى َأنَّـــ ُه ِ ِ
ان ـــون َع َل ْيـــه الـ َ
ْـــه َو ُ ـــان َ ُي ُ
َج َب ٌ *** يـــم ال ِّط َبـــــا ِع س َ
َلئ ُ
يف البيت (املشاكلة ـ تأكيد للمدح بام يشبه الذم ـ تأكيد للذم بام يشبه املدح)
4ـ قال الشاعر:
ِ
ــــــارى
َ الي ِ
ــــــق ُ َ َأ َرا ُه ِف ا ْل ُ
ـح ْم *** ـــر َأ ِّن ــــن ا ْل َف ْض ِ
ـــل َغ ْ َ خـَــــا م َ
يف البيت (مراعاة النظري ـ تأكيد للذم بام يشبه املدح ـ تأكيد للمدح بام يشبه الذم)
165
الوحدة الرابعة
املح�سنات اللفظية
�أنواع املح�سنات اللفظية
أهداف الوحدة
أن:
قادرا عىل ْ
بعد االنتهاء من هذه الوحدة ينبغى أن يكون الطالب ً
-1يعرف اجلناس وحيدد أنواعه مع التمثيل.
-2يفرق بني اجلناس التام ،واجلناس غري التام.
-3يأيت بأمثلة لصور اجلناس التام.
-4يعرف السجع ويأتى بأمثلة له.
-5يستخرج من أمثلة مقدمة له جناس تام ،جناس غري تام ،سجع.
***
166
الدرس األول
اجلناس التام ووجه حسنه
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-1يعرف اجلناس مع التمثيل.
-2يعدد أنواع اجلناس.
-3يأيت بأمثلة لصور اجلناس التام.
-4أن يستخرج من أمثلة مقدمة له صور اجلناس التام.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس تعريف اجلناس ،وبيان نوعيه ،وتعريف اجلناس التام وصورتيه،
ومفهوم كل صورة ،وأرسار حسنه وبالغته.
شرح الدرس
تعريف اجلناس :اجلناس عند البالغيني هو :تشابه اللفظني يف النطق ،واختالفهام يف املعنى.
أنواع اجلناس
2ـ جناس غري تام. 1ـ جناس تام . اجلناس نوعان :
ً
أول :اجلناس التام
تعريفه :هو ما اتفق فيه اللفظان يف أربعة أشياء:
2ـ وعددها، 1ـ يف نوع احلروف،
3ـ وهيئاهتا من حركات وسكنات4 ،ـ وترتيبها ،مع اختالف املعنى.
مثل قوله تعاىل :ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﱸ [الروم ،]55:فلفظة
الساعة األوىل تتفق مع لفظة الساعة الثانية يف أربعة أمور :يف عدد احلروف ،فحروفها أربعة ،ويف نوع
167
احلروف ،حيث تكونت كل كلمة من السني واأللف والعني والتاء املربوطة ،ويف هيئات احلروف،
فالسني مفتوحة واأللف ساكنة ،والعني مفتوحة ،واحلرف األخري ال ننظر إليه؛ ألن احلركة التي تظهر
عليه هي عالمة اإلعراب التي تتغري حسب موقعه يف اجلملة ،ويف ترتيب احلروف حيث بدأت كل
لفظة بالسني أوال ،ثم األلف ،ثم العني ثم التاء املربوطة.
ومن هنا سمي جناسا تاما ؛ ألن التوافق تم يف هذه األمور األريعة كلها.
صور اجلناس التام:
للجناس التام صورتان1 :ـ اجلناس التام املامثل2 .ـ اجلناس التام املستوىف.
ً
أول :اجلناس التام املماثل:
تعريفه :هو أن تكون الكلمتان املتجانستان من نوع واحد اسمني أو فعلني أو حرفني.
أ ـ مثال االسمني قوله تعاىل :ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ [الروم،]55:
فاملراد بالساعة األوىل يوم القيامة ،واملراد بالساعة الثانية هي املدة الزمنية املعروفة ،ونحن نلحظ هنا
االتفاق يف نوع احلروف ،وعددها ،وهيئاهتا ،وترتيبها ،وكوهنام اسمني.
ومثله ـ أيضا ـ قوله تعاىل :ﱹ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﱸ [النور ،]44 ،43:فاألبصار األوىل :بمعنى العيون ،والثانية :بمعنى العقول ،وقد اتفقتا يف
أربعة أمور ،ومها من نوع واحد اسامن.
ومثله قول الشاعر :
بيــع
بيــع َر ُ
الر ُ ــل َف ْض ٌل َ
، و َّ َوا ْل َف ْض ُ *** ـاس إِ َذا ْ
اح َتــدَ َم ا ْل َو َغى ـاس َع َّبـ ٌ
َع َّبـ ُ
فلفظ عباس األول ،والفضل األول ،والربيع األول كلها أعالم عىل أشخاص بعينها.
أما لفظ عباس الثاين ،فهو من العبوس ،ولفظ فضل الثاين ،فهو من الزيادة ،ولفظ ربيع الثاين من
فصل الربيع ،وقد اتفقت الكلامت يف أمور أربعة ،وكلها من نوع واحد أسامء.
ومثل قول أيب سعيد املخزومي:
ــــــر ِء َقت ُ
َّـــــال ْ َوالـ َْهــــــوى لِ ْل َم *** ٌ
ـــــالآج ِ
ــــــال َ َحـــــدَ ُق َ
اآلج
168
حيث يصف الشاعر امرأة بسعة العيون ،فشبه عيوهنا الواسعة بعيون بقر الوحش املشهورة عىل
سبيل االستعارة ،ثم زاد فقال :إهنن يقتلن بسحرهن من ينظر إليهن ،فسهام هذه العيون أشد فتكا من
السهام احلقيقية.
والشاهد يف اجلناس التام بني« :آجال ،وآجال» ومها من نوع واحد اسامن ،واألول :مجع إجل ـ بكرس
اهلمزة ـ وهو القطيع من بقر الوحش ،والثاين :مجع َأجل ـ بفتح اهلمزة ـ ،واملراد به األعامر املنتهية.
ومثله قول األفوه األودي:
ــل عيانــــ ٍ ْــه ْو َج َل ُم ْست َْأنِ ًســا َو َأ ْق َط
ِ
يــسَــة َعن َْت ِ َب ْو َج ٍ َ ْ َ *** ـــــع الـ َ
ُ
فلفظة :اهلوجل يف هذا الشعر واحدة قد اشرتكت يف معنيني؛ ألن األوىل :يراد هبا األرض ،والثانية:
يراد هبا الناقة ،وهي من اجلناس التام املامثل ؛ ألهنا من نوع واحد اسمني.
ب ـ مثال الفعلني قول الشاعر:
َأ ْو َأ َّنُ ْم َشـ َع ُروا بِال َّن ْق ِ
ص َما َش َع ُروا *** َاضوا َلـا َق َر ُضوا ـو َأ َّنُ ْ
ـم ْارت ُ َق ْو ٌم َل ْ
فلفظ شعروا األول :فعل بمعنى :أحسوا ،والثاين :فعل ـ أيضا ـ بمعنى :نظموا الشعر.
ج ـ مثال احلرفني :قولنا «قد ينزل املطر شتاء ،وقد ينزل املطر صيفا» .
أي :قد ينزل املطر كثريا يف الشتاء ،وقد ينزل املطر قليال يف الصيف ،فقد األوىل :للتكثري ،والثانية:
للتقليل ،وقد اتفقتا يف أربعة أمور ،ومها حرفان من نوع واحد.
سبب تسميته :سمي هذا اجلناس مماثال؛ ألن الكلمة الثانية ماثلت األوىل يف نوعها من حيث االسمية
أو الفعلية أو احلرفية .
ثاني ًـا اجلنا�س التام امل�ستوفى:
اسم واآلخر فعالً،
تعريفه :هو أن تكون الكلمتان املتجانستان من نوعني خمتلفني ،أي :أن يكون أحدمها ً
أو أحدمها حر ًفا ،واآلخر فعالً.
مثال اجلناس بني االسم والفعل قول الشاعر:
ــــر اهللِ فِ ِ
يــــه َســــبِ ُ إِ َل َر ِّد َأ ْم ِ ِ
يل *** ي َيـى ل َي ْح َيـا َف َلـم َيك ْ
ُـن َف َس َّ
ـم ْي ُت ُه َ ْ
يــــه َي ِف ُ
يــل ِ ــــأ َل فِ
َو َل َأ ْد ِر َأ َّن ا ْل َف ْ
ْ *** ـن ُر ِز ْق ُتـ ُه ـه ا ْل َفـ ْ ِ
ـأ َل حـ َ
ـت فِيـ َِت َي َّم ْمـ ُ
169
فلفظة دارهم األوىل :فعل أمر من املداراة ،والثانية :اسم بمعنى :منزل ،ولفظة أرضهم األوىل :فعل
أمر من أرضاه ،والثانية :اسم وهي األرض التي نعيش عليها.
ومنه يف القرآن قوله تعاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﱸ
[النجم1:ـ ،]3حيث جانس بني لفظة هوى األوىل :وهي فعل يف قولهَ :والن َّْج ِم إِ َذا َه َوى :ولفظة هوى
ِ
خر وسقط ،والثانية بمعنى: «و َما َينط ُق َع ِن َْال َوى» فاألوىل هوى بمعنىّ :
الثانية :وهي اسم يف قولهَ :
هوى النفس.
اده فعال» حيث جانس الشاعر بني فالن عىل جو ِ
ومثال اجلناس بني الفعل واحلرف :قولنا« :قاتل ٌ
َ َ
عىل األوىل وهي حرف ،وعال الثانية وهي فعل من العلو.
قيمة اجلناس البالغية
اجلناس لون من ألوان البديع اللفظى ،فيه تناسب وتوافق ،وهذا تابع من أن اللفظ إذا ُحِ َل عىل
معنى ،ثم جاء مرا ًدا به معنى آخر ،كان له أمجل األثر ىف النفس ،وفيه ـ أيضا ـ إيقاع صويت لذيذ جيلب
إنصات السامع ،وجيعل للمعنى املراد التعبري عنه أثرا لطيفا يف النفوس يدفعها دفعا لإلقبال عليه،
وااللتذاذ به.
ويعد اجلناس حمسنـًا مجاليـًا رشيطة أن يأتى عفو اخلاطر ،ويسمح به الطبع من غري تكلف ،وإال َش َّوه
العبارة ،وأدى إىل الركاكة والتعقيد.
***
170
ملخص الدرس
***
إثراءات
الحــــظ أن:اجلناس من املحسنات اللفظية التي تعتمد يف تأثريها عىل اإليقاع الصويت لأللفاظ
املتجانسة فتطرب األذن ،وتستميل السمع ،فيتمكن املعنى يف النفس.
انتبه إىل أن :اجلناس التام يشرتك فيه اللفظان يف أربعة أمور ،وخيتلفان يف املعنى.
ٍ
مستوف. مفـــاهيــــم :اجلناس التام له قسامن تام مماثل ،وتام
***
171
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1اجلناس حمسن ذايت ال عريض .
) ( -2اجلناس حمسن معنوي .
) ( -3اجلناس حلية شكلية للكالم .
) ( -4اجلناس التام وغري التام ال خيتلفان .
) ( -5اجلناس نوع واحد فقط .
) ( -6أحسن اجلناس ما جاء غري متكلف .
) ( -7اجلناس التام املستويف يكون بني اسم وفعل .
) ( -8اجلناس التام املامثل يكون بني فعلني .
) ( -9اجلناس التام مل يرد يف القرآن والسنة .
إجابة التدريب األول
.)×( -5 .)×( -4 .)×( -3 .)×( -2 .)√( -1
.)×( -9 .)√( -8 .)√( -7 .)√( -6
التدريب الثاني :عرف املصطلحات اآلتية ،مع التمثيل:
اجلناس ـ اجلناس املامثل ـ اجلناس املستوىف.
التدريب الثالث :اذكر صور اجلناس التام املامثل مع التمثيل.
إجابة التدريب الثالث
اجلناس التام املامثل :يأيت يف الكالم عىل ثالث صور لفظية أن يكون بني اسمني أو فعلني أو حرفني.
أ) مثال االسمني قوله تعاىل:ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ [الروم،]55:
فاملراد بالساعة األوىل :يوم القيامة ،واملراد بالساعة الثانية :هي املدة الزمنية املعروفة.
172
الدرس الثاني
اجلناس غري التام وأنواعه
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-1حيدد املقصود باجلناس غري التام.
-2يوازن بني اجلناس التام و اجلناس غري التام.
-3يأيت بأمثلة لصور اجلناس غري التام.
-4يوازن بني صور اجلناس غري التام.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس ،اجلناس غري التام ،وصوره ،ووجوه حسنه.
شرح الدرس
تعريفه:
اجلناس غري التام :هو ما اختلف فيه اللفظان يف واحد من أربعة أمور يف عدد احلروف ،أو يف نوع احلروف،
أو يف هيئات احلروف ،أو يف ترتيب احلروف.
وبناء عىل ذلك ،فإن صور اجلناس غري التام تتمثل يف أربع صور:
الصورة األوىل:
وهي التي اختلف فيها اللفظان يف عدد احلروف بأن يكون أحدمها زائدا عن اآلخر ،وأطلق البالغيون
عىل هذه الصورة (اجلناس الناقص).
ويشرتط أن ال تزيد هذه الزيادة عن حرفني حتى يعد هذا من قبيل اجلناس الناقص.
174
وعىل ذلك فاللفظان املختلفان يف عدد احلروف إما أن يكون أحدمها زائدا بحرف واحد يف أول
الكلمة ،أو وسطها ،أو آخرها ،أو يكون زائدا بحرفني ،ولكل حالة من هذه احلاالت مصطلح أطلقه
علامء البالغة متييزا لكل نوع عن غريه.
أوال :اجلناس الناقص املختلف يف حرف واحد.
للجناس الناقص من هذه اجلهة ثالثة أنواع:
1ـ املردوف :وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف األول ،مثل( :دوام احلال من املحال)،
فكلمة املحال زادت عن كلمة احلال بحرف واحد ،وهو امليم الواقع يف صدر الكلمة.
ومــن ذلــك قولــه تعــاىل :ﱹ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﱸ [القيامــة ]30،29:فكلمــة
املســاق زادت عــن كلمــة الســاق بحــرف واحــد ،وهــو امليــم الواقــع يف صــدر الكلمــة.
2ـ املكتنف :وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف الوسط مثلِ :
(جدِّ ي جهدى) ،فكلمة
«جهدي» زادت عن كلمة «جدي» بحرف واحد ،وهو اهلاء الواقع يف وسط الكلمة.
ومثله قول امرئ القيس:
اه ِم ا ْلو ِ
ت بِسا ٍم س ِ ـر َم ِض َّل ٍة ـو ِف ا ْل َعـ ْ ِ
جه ُح َّس ِ
ان َ َق َط ْع ُ َ َ *** ـر َق ْفـ ٍ َوخَ ـ ْـر ٍق ك ََجـ ْ
فكلمة (ساهم) زادت عىل كلمة (سام) بحرف واحد ،وهو اهلاء يف وسط الكلمة ،واملعنى :قطعت
الصحراء املقفرة عىل حصان شديد ضامر حسن املنظر.
وقال أعرايب وذكر ُع َّبا ًدا« :ما تراهم إال يف وجه وجيه» فكلمة (وجيه) زادت عىل كلمة (وجه)
بحرف واحد يف وسط الكلمة.
3ـ املطرَّف :وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف اآلخر نحو( :اهلوى مطية اهلوان) ،فكلمة
«اهلوان» زادت عن كلمة «اهلوى» بحرف واحد ،وهو النون الواقع يف هناية الكلمة.
ومثله قوله ع ّز وجل :ﱹ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﱸ [النحل ]69:فكلمة ( ﮖ) زادت عن (ك ُِّل) بحرف
واحد ،وهو ياء املخاطبة الواقع يف هناية الكلمة.
ومن ذلك قول أيب متام :
اض َقو ِ ٍ اص عو ِ ون ِمـ ٍ
اضـ ِ
ـب ـو ٍ َـول بِ َأ ْسـ َياف َقـ َ
ت َُصـ ُ *** اص ٍم ـن َأ ْيد َعـ َ
ـو ٍ َ َ َي ُمــدُّ َ ْ
175
فكلمة «عواصم» زادت من حيث الصورة عن كلمة «عواص» بحرف واحد ،وهو «امليم» الواقع
يف هناية الكلمة ،وكذلك كلمة «قواضب» زادت من حيث الصورة عن كلمة «قواض» بحرف واحد،
وهو «الباء» الواقع يف هناية الكلمة.
ثانيا :اجلناس الناقص املختلف يف حرفني.
وهلذا الوجه نوع واحد وهو اجلناس املذيل ،مثل قول اخلنساء:
ـج َوانِحِ
ـن الـْـ َ
ـج َوى َبـ ْ َ
ـن الـْـ َ
ِ
مـ َ *** الشـــ َف ُ
اء ـــو ِّ إِ َّن ا ْل ُبـــك َ
َاء ُه َ
فكلمة «اجلوانح» زادت عن كلمة «اجلوى» بحرفني ،مها النون واحلاء الواقعان يف هناية الكلمة.
ومثله قول مسكني الدارمي:
بكَان ْ ِ ِ ـاء ِ
الر َقـ ِ
س َجا
َتفالدُّ َجى ُ ُ إِ َذاا ْلك ََواك ُ *** الهيِ ًة َو َأ ْق َطـ ُ
ـع الـْــخَ ْر َق بِ َْ ْ
فكلمة «اخلرقاء» وهي الناقة الشديدة الرسيعة ،زادت عن كلمة «اخلرق» بمعنى :الصحراء بحرفني،
مها األلف واهلمزة الواقعان يف هناية الكلمة.
ومن ذلك قول حيان بن ربيعة الطائي:
ـــح ِديدُ ــم َحــدٌّ إِ َذا ُلبِ َ
ــس ا ْل َ َُل ْ *** ــل َأ َّن َق ْو ِمــي
ــم ا ْل َق َبائِ ُِ
َل َقــدْ َعل َ
فكلمة «احلديد» بمعنى :الدروع ،زادت عن كلمة «احلد» بمعنى :الشدة بحرفني ،مها الياء والدال
الواقعان يف هناية الكلمة.
وسمي هذا الرضب مذيال ؛ ألن االختالف وقع يف ذيل الكلمة .
الصورة الثانية:
وهي التي اختلف فيها اللفظان يف نوع احلروف ،ويشرتط يف هذا النوع ـ من اجلناس غري التام ـ أن
ال يقع االختالف يف أكثر من حرف ،ومعلوم ألبنائنا الطالب أن حروف اللغة العربية خترج من خمارج
حمددة ،فهناك حروف شفوية مثل( :الفاء وامليم والباء) وحروف خترج من طرف اللسان مثل( :الذال
والثاء) ،وحروف حلقية وهي احلروف الستة املجموعة يف قولنا( :مهز فهاء ثم عني حاء ثم غني خاء)،
وهكذا ،وعىل ذلك فهناك حروف تكون متقاربة يف املخرج ،وحروف تكون متباعدة يف املخرج ،وحينام
نظر البالغيون يف نوع احلرفني املختلفني نظروا إليهام من هذه اجلهة ،أي :من حيث تقارب خمرجيهام أو
تباعدمها ،وأطلقوا عىل كل نوع املصطلح البالغي الذي يميزه عن غريه ،ومها عىل النحو اآليت:
176
1ـ اجلناس املضارع :وهو ما اختلف فيه اللفظان يف نوع احلروف ،وكان احلرفان متقاربني يف املخرج.
وهذا االختالف إما أن يكون يف أول الكلمة ،مثل قول احلريري يف إحدى مقاماته( :بيني وبني كني
ليل دامس وطريق طامس) ،فاالختالف بني الدال والطاء يف أول كل كلمة ،ومها متقاربان يف املخرج.
ومن ذلك قول الشاعر:
ـــر ُ
ف ـــل ِع ْل ِم َ
ـــك َأ ْع َ ِ َوبِ َف ْض ِ *** ـــر ِشـــ ْع ِر َك َأ ْغ َ ِ
ـــر ُ
ف ـــن َب ْح ِ
م ْ
ِ
فاالختالف بني الغني والعني يف أول كل كلمة ،ومها متقاربان يف املخرج فهام حرفان حلقيان.
وإما أن يكون يف وسط الكلمة ،مثل قول بعضهم « :الربايا أهداف الباليا» ،فاالختالف بني الراء،
والالم يف وسط كل كلمة ،ومها متقاربان يف املخرج .
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﱸ [األنعام،]26:
فاالختالف بني اهلاء ،واهلمزة يف وسط كل كلمة ،ومها متقاربان يف املخرج.
«الي ُل مع ُقود ِف نَو ِ
اص َيها الـْخَ ْ ُي» فاالختالف بني َ َْ ْ َ ْ ٌ وإما أن يكون يف آخر الكلمة ،نحو قوله
َّ
الالم والراء يف آخر كل كلمة ،ومها متقاربان يف املخرج.
وقال آخر:
ِ
ـــــــرىيــــــم ِف ا ْل ِق
ُ
م َط ِ
اع َ *** ـن ِف الـ َْه ْي َجـــــ ــا ِ
َم َطاعــــ ـ ُ
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱸ [اهلمزة ،]1:فاالختالف بني اهلاء والالم وقع يف أول
كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج ،فاهلاء من احللق ،والالم من أعىل احلنك .
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ
[النمل ،]22:فاالختالف بني السني والنون وقع يف أول كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﱸ [الرشح ،]5:فاالختالف بني العني والياء وقع يف أول كل
كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ُون َل ِّين َ
ُون» فاالختالف بني اهلاء والالم وقع يف أول كل كلمة، ومثله ما جاء يف اخلرب «املؤمنون َه ِّين َ
ومها متباعدان يف املخرج ،فاهلاء من احللق ،والالم من أعىل احلنك.
ومثله قول أبو نواس:
ـج ًوا ُه َّن ِمنْـ ُه َع َو ِار
َك َشـ ْ
ـون َ
ك ََسـ ْ *** ـــار نَـــوار ِ
َـــوار َمـــا د َي ُ
ـــار ن َ
ِ
د َي ُ
فاالختالف بني النون والعني وقع يف أول كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج .
وكقول ابن املعتز أيضا:
َو َأ َّن ــى ِب ــا َث ـ ٍ ِ ِ
ـاو َو َأ َّنُ ـ ْ
ـم َســ ْف ُر *** ـي الــدَّ ُار إِال َأ َّنَــا من ُْهـ ْ
ـم َق ْف ُر هـ َ
فاالختالف بني القاف والسني وقع يف أول كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج .
وإما أن يكون يف وسط الكلمة ،مثل قوله تعاىل :ﱹ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ
(ب) َّ
ﯔﱸ [العاديات ،]8 ،7:فاالختالف بني اهلاء والدال وقع يف وسط كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ومثلـــه قولـــه تعـــاىل :ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﱸ [املرســـات،]21 ، 20:
فاالختـــاف بـــن اهلـــاء والـــكاف وقـــع يف وســـط كل كلمـــة ،ومهـــا متباعـــدان يف املخـــرج.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱸ [الضحى ،]10 ،9 :فاالختالف بني
القاف والنون وقع يف وسط كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱸ [البلد ،]16 ،15:فاالختالف بني القاف
والتاء وقع يف وسط كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
178
فاالختالف بني القاف والسني وقع يف وسط كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
(ج) وإما أن يكون يف آخر الكلمة ،نحو قوله تعاىل :ﱹ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﱸ [النساء ،]83:فاالختالف بني الراء والنون وقع يف آخر كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ومثل قول البحرتي:
ـاك ِمــن الصبابـ ِ
ـة َشـ ِ
ـاف َأم لِ َشـ ٍ ـاق ت ٍ
َالف ـن َتـ ٍ ـل َل ِــا َف َ ِ
َهـ ْ
َ َّ َ َ ْ *** ات مـ ْ
فاالختالف بني القاف والفاء وقع يف آخر كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ومثله قول ابن مقبل:
َين َْه ُال ِحينًا َو َين َْها ُه ال َّث َرى ِحينَا *** ت َج َوانِ ُب ُه
يمشني ِم ْث َل النَّ َقا َما َل ْ
َ
فاالختالف بني الالم واهلاء وقع يف آخر كل كلمة ،ومها متباعدان يف املخرج.
ومنه قول األخنَس بن شهاب:
ـو ِار ُع ِ اء َقدْ َق َت ْلنَا َو َح ِام ٍل
وح ِامي لِو ٍ
السـ ُيوفُ َشـ َ
ـواء َمنَ ْعنَــا َو ُّ
لـ ً *** َ َ َ
فجانس بحامي وحامل ،فاالختالف بني الياء والالم وقع يف آخر كل كلمة ،ومها متباعدان يف
املخرج .
الصورة الثالثة:
وهي التى اختلف فيها اللفظان يف هيئات احلروف ،وأطلق علامء البالغة عىل هذه الصورة اسم
املحرف:
اجلناس َّ
متهيد
املراد هبيئات احلروف ،أي :ما وضع عىل حروف الكلامت املتطابقة يف احلروفمن حركات وسكنات
«م َل ٌ
ك» فهي مكونة من ثالثة أحرف ،وبإمكاننا عن طريق اختالف هيئة متيزها عن غريها ،مثل كلمة َ
احلركة والسكون عىل هذه احلروف أن نحصل منها عىل ألفاظ متجانسة متفقة يف حروفها من حيث
ك ـ َملِ ٌ
كـ (م َل ٌ
الصورة خمتلفة يف هيئاهتا ،وما يرتتب عىل ذلك من اختالف واضح يف املعنى فنقولَ :
179
ك ـ َم َل َ
ك) فاختالف احلركات والسكنات أدى إىل اختالف املعاين ،وكلها من قبيل اجلناس ِم ْل ٌ
ك ـ ُم ْل ٌ
املحرف ،وعىل ذلك فاجلناس املحرف له أنواع بالنظر إىل اختالف نوع احلركة عىل احلرف ،أو بالنظر
إىل اختالف احلركة مع السكون.
أنواع اجلناس احملرف
ِ
البد» حيث اختلفا اللفظان يف احلركة، «ج َّب ُة ُ ْ
البد َجنَّ ُة َ ْ 1ـ االختالف يف احلركة فقط مثل قولناُ :
فاألول :باؤه مضمومة ،والثاين :باؤه مفتوحة.
ومنه قوله تعاىل :ﱹﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﱸ [الصافات ،]73 ،72
حيث اختلف اللفظان يف احلركة ،فاألول :الذال فيه مكسورة ،وهو اسم فاعل من أنذر ،واملراد
هبم ،الرسل ،والثاين ،الذال فيه مفتوحة ،وهو اسم مفعول من ُأن ِْذر ،واملراد هبم :األمم املنذرة.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﱸ [التغابن،]3:
«و َص َّو َرك ُْم َف َأ ْح َس َن ُص َو َرك ُْم»؛ الختالف احلركات يف الشكل ،فالصاد مفتوحة ىف
فاجلناس يف قولهَ :
الكلمة األوىل ،وهى :فعل ،وىف الثانية مضمومة وهى :اسم.
***
181
ملخص الدرس
اجلناس غري التام :هو ما اختلف فيه اللفظان يف واحد من أمور أربعة ،عدد احلروف ،نوع
احلروف ،هيئة احلروف ،ترتيب احلروف.
وهلذا النوع من اجلناس صور عديدة ،وقد خص علامء البالغة كل صورة بمصطلح خيصها
يميزها عن غريه
وهذه الصور هي :اجلناس الناقص :وهو ما اختلف فيه اللفظان يف عدد احلروف.
من أنواع اجلناس الناقص :
املردوف :وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف األول.
املكتنف :وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف الوسط.
املطرف :وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف اآلخر.
ّ
اجلناس املضارع :وهو ما اختلف ركناه يف حرفني مل يتباعدا خمرجا.
اجلناس الالحق :هو أن خيتلف طرفا اجلناس يف حرف من حروفهام ،مع عدم التقارب يف املخرج
بني احلرفني.
املحرف :ويكون باالختالف يف هيئات احلروف.
اجلناس ّ
جناس القلب :ويكون باالختالف يف ترتيب احلروف.
***
182
إثراءات
الحظ أن :اجلناس غري التام بجميع صوره ورد يف القرآن الكريم.
الحظ أن :اجلناس يكون مقبوال إذا جاء غري متكلف ،وكان اللفظ فيه تابعا للمعنى املراد.
انتبه إىل أن :اجلناس الناقص بجميع أنواعه ورد بكثرة يف القرآن والسنة والشعر وكالم العرب
النثري.
انتبه إىل أن :أقل األنواع ورودا يف القرآن والسنة بالنسبة لغريه هو اجلناس الواقع يف هيئات
احلروف ،وجناس القلب.
مفاهيم :اجلناس التام وغري التام وردا يف القرآن الكريم يف موقع سديد مطابق ملقتىض احلال ،وهو
من البالغة يف قمة اإلعجاز .
***
183
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) -1اجلناس الناقص له صور كثرية حسب اختالف نوع احلروف( .
) ( املطرف من أنواع اجلناس الناقص .
-2اجلناس ّ
) ( -3اجلناس املضارع ما كان اجلناس فيه فعال مضارعا .
) ( -4اجلناس الالحق ما أحلق بجناس آخر .
) ( -5اجلناس غري التام ال خيتلف عن اجلناس التام .
) ( -6جناس القلب من أنواع اجلناس التام
) ( -7جناس القلب له قسم واحد هو قلب الكل .
) ( -8اجلناس مل يرد يف القرآن إال قليال جدا .
) ( -9اجلناس بأنواعه املختلفة مل يرد يف السنة
) ( -10اجلناس املتكلف ممجوج ومرذول .
إجابة التدريب األول
.)×( -5 .)×( -4 .)×( -3 .)√( -2 .)×( -1
.)√( -10 .)×( -9 .)×( -8 .)×( -7 .)×( -6
التدريب الثاني :استخرج اجلناس ،وبني نوعه فيام يأيت:
1ـ قال الشاعر:
و َغــدَ ا ِحــرا ِمنْـه ُظهــور ِحر ِ
اء ون ِمنًى ُمنًى ِم ْن َس ْيبِ ِه
َو َغدَ ْت ُب ُط ُ
ُ ُ ُ َ ً َ ***
الدرس الثالث
السجع
أهداف الدرس
أن:
قادرا عىل ْ
بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً
-1يعرف السجع مع التمثيل.
-2يوازن بني أقسام السجع.
-3يعدد رشوط حسن السجع.
-4يذكر أنواع السجع من حيث الطول والقرص.
-5يناقش قضية ورود السجع ىف القرآن الكريم من عدمه.
-6يأتى بأمثلة ألقسام السجع ىف الشعر.
وصف الدرس :يتناول هذا الدرس مفهوم السجع ،وأقسامه ،ورشوط حسنه.
شرح الدرس
تعريفه:
ٍ
طريقة واحدة. احلامم ُة أو النَّاق ُة َس ْج ًعا ،إذا َر َّد َد ْت َص ْو َتا َعىل سج َعت
َ الس ْجع لغة :مأخوذ من َ
َّ
اصطالحا :هو اتفاق فاصلتني أو أكثر يف احلرف األخري ،وهو يف النثر كالقافية يف الشعر.
ً
وحتى نفهم هذا التعريف السابق وأقسام السجع التالية ال بد من معرفة املصطلحات اآلتية:
1ـ الفقرة :هي قطعة من الكالم مزاوجة ألخرى ،وقد تسمى القرينة ـ أيضا ـ ؛ ملقارنَتها ألختها.
2ـ الفاصلة :هي الكلمة األخرية من الفقرة الواحدة.
3ـ السجعة :هي اجلزء الواحد من السجع ،وجتمع عىل سجعات.
186
أقسام السجع
متهيد
نظر علامء البالغة إىل الفقرات املسجوعة يف ال ّلسان العريب شعرا ونثرا ،فوجدوا أن هذه الفقرات
ـ من واقع األمثلة والشواهد التي نظروا إليها ـ ليست عىل طريقة واحدة يف الوزن والقافية ،من هنا
املطرف،
الس ْجع ثالثة أقسامٍ ،ووضعوا لكل قسم اسام اصطلحوا عليه ،وهذه األقسام هيَّ :
قس ُموا َّ
َّ
واملرصع ،واملتوازي وإليك تعريف كل قسم مصحوبا بأمثلته.
َّ
أ ـ املطرَّف :وهو أن تكون الفاصلتان ،ومها الكلمتان األخريتان من السجعتني خمتلفتني يف الوزن متفقتني
يف القافية ،أي :يف احلرف األخري فقط ،نحو قوله تعاىل :ﱹ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱸ
[نوح ،]14 ،13:فالفقرة األوىل :انتهت بالفاصلة (وقارا) ،والفقرة الثانية املزاوجة هلا انتهت بالفاصلة
(أطوارا) ،ومن ينعم النظر يف الفاصلتني :جيد أهنام اتفقتا يف احلرف األخري الراء املمدودة ،ولكنهام
اختلفتا يف وزهنام ،فاألوىل :عىل وزن َف َعاال ،والثانية :عىل وزن أفعاال.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ [النبأ ،]٧،٦:فالفقرة األوىل :انتهت
بالفاصلة مهادا ،والفقرة الثانية :املزاوجة هلا انتهت بالفاصلة أوتادا ،ومن يتأمل يف الفاصلتني ،جيد أهنام
اتفقتا يف احلرف األخري الدال املمدودة ،ولكنهام اختلفتا يف وزهنام ،فاألوىل :عىل وزن فِعاال ،والثانية:
عىل وزن َأ ْف َعاال.
املرصع :وهو أن تكون ألفاظ كل فقرة أو أكثرها تتفق مع ما يقابلها من ألفاظ الفقرة األخرى ب ـ َّ
اج ِر َو ْعظِ ْه».
اه ِر َل ْفظِ ْه ،و َي ْق َر ُع األَ ْسم َع بِز ََو ِ
َ
وزنا وتقفية ،كقول احلريريَ « :فهو ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ
ُ َ َ َُ ْ َ َ َ َ
187
اه ِر َل ْفظِ ْه» مثل ألفاظ الفقرة الثانيةَ « :ي ْق َر ُع األَ ْس َم َع
فألفاظ الفقرة األوىل« :ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ
َ َُ ْ َ َ َ َ
اج ِر َو ْعظِ ْه» وزنا وقافية ،فلفظة «يطبع» تتفق مع لفظة «يقرع» وزنا ،فهام عىل وزن َي ْف َعل ،وتتفق بِز ََو ِ
معها ـ أيضا ـ قافية ،فاحلرف األخري يف كل منهام هو العني ،وكذلك لفظة «األسجاع» تتفق مع لفظة
«األسامع» وزنا وقافية ،ولفظة «بجواهر» عىل وزن بفواعل تتفق مع لفظة «بزواجر» أيضا وزنا وقافية،
ولفظة « لفظه» عىل وزن َف ْعلِ ِه تتفق مع لفظة «وعظه» وزنا وقافية.
صح ًوا» فكل لفظة من ألفاظ ِ
املطر ْ ِ
الكدر ص ْف ًوا ،وبعدَ «إن بعدَ
ومثله قول أيب الفضل اهلمذاينَّ :
الفقرة األوىل تتفق مع كل لفظة تقابلها يف ألفاظ الفقرة الثانية وزنا وقافية.
ومثله قول أيب الفتح البستي« :ليكن إقدامك توكال ،وإحجامك تأمال» ،فالفقرة األوىل ثالثة
ألفاظ ،والثانية لفظان ،وأكثر ألفاظ الفقرة األوىل ،وهو «إقدامك توكال» يتفق مع ألفاظ الفقرة الثانية
«إحجامك تأمال» وزنا وقافية.
ومن هذا النوع يف الذكر احلكيم قوله تعاىل :ﱹ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﱸ[الغاشية،]26 ،25 :
فمن يدقق النظر يتيقن أن كل كلمة يف الفقرة األوىل تتفق مع كل كلمة يف الفقرة الثانية وزنا ،ويف
احلرف األخري كذلكّ ،أما كلمة « ُث َّم» فهي بمنزلة املشرتك بني الفقرتني.
ج ـ املتوازي :وهو أن يكون االتفاق يف كل فقرة يف الكلمتني األخريتني فقط ،نحو قوله تعاىل :ﱹ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﱸ[الغاشية.]14 ،13:
فاالتفاق يف ألفاظ الفقرتني جرى يف الكلمة األخرية فقط يف كل منهام ،فلفظة «مرفوعة» تتفق مع
لفظة «موضوعة» وزنا وقافية ،بعكس لفظتي رسر وأكواب ،فهام خمتلفتان وزنا وتقفية.
ومثله قوله تعاىل :ﱹ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﱸ [املرسالت ،]2 ،1:فلفظة «عرفا» تتفق مع لفظة
«عصفا» وزنا وقافية ،بعكس لفظتي املرسالت والعاصفات فهام خمتلفتان وزنا فقط.
ك ِم ْن رشورهم».
ور ِه ْم َ ،و َأ ُعو ُذ بِ َ
ك يف ن ُُح ِ
«:اللهم إين َأ ْد َر ُأ بِ َ ومثل ذلك ما ورد يف دعاء النبي
فلفظة «نحورهم» تتفق مع لفظة «رشورهم» وزنا وقافية ،بعكس لفظتي أدرأ ،وأعوذ فهام خمتلفتان
وزنا وقافية.
ومثله قول أيب منصور الثعالبيِْ :
روب» ،فكلمتا:
ـح ْب ا ْل ُ
اج َس َب ُ «ال ْقدُ َصدَ ُأ ا ْل ُق ُل ْ
وب ،وال َّل َج ُ
«القلوب» ،و«احلروب» متفقتان يف الوزن ويف القافية أي :يف احلرف األخري منهام ،بعكس كلمتي
188
و«س َبب» فهام خمتلفتان يف احلرف األخري ،متفقتان يف الوزن ،وبعكس كلمتي «احلقد» «صدَ أ»َ ، َ
و«ال ّلجاج» ـ أيضا ـ فهام خمتلفتان يف الوزن والقافية.
ِ ٍ ٍ
ورَ ،وفنَاء َغ ْ ِي َم ْع ُم ْ
ور، ت بِ َواد َغ ْ ِي َم ْ ُط ْ
سأل رجال َلئيام فلم يعطهَ « :ن َز ْل َ لرج ٍل َ ومثله قول أعرايب ُ
ت ْل بِ َعدَ ْم» حيث اتفقت الكلمة األخرية ممطور ،معمور ،ميسور ورج ٍل َغ ِي ميسورَ ،ف َأ ْق ِدم بِنَدَ م ،أو ار َ ِ
ْ ْ ْ ْ َُْ ْ ََ ُ
يف الفقرات الثالث وزنا وقافية ،كام اتفقت الكلمة األخري بندم مع الكلمة األخرية بعدم يف الفقرة
الرابعة واخلامسة.
األسجاع مبنية على سكون أواخرها
اعلم ـ عزيزي الطالب ـ أن فواصل كل فقرة مسجوعة موضوعة عىل أن يكون احلرف األخري فيها
يزاوج بني كل فقرة وما يامثلها ،وال يتم ذلك يف كل صورة
َ وموقوف عليه؛ ألن الغرض أن
ٌ ساكن،
مفر من اتَ ،و َما أ ْق َر َب ما ُهو ْ
آت» مل يكن ٌّ «ما أ ْب َعدَ َما َف ْ
وصلت قوهلم َ :
َ إال بالوقف ،أال ترى أنك لو
اتَ ،و َما أ ْق َر َب ما ُهو
«ما أ ْب َعدَ َما َف َ
إجراء كل من الفاصلتني عىل ما يقتضيه حكم اإلعراب ،فتقولَ :
آت» ،فيفوت عندئذ الغرض من السجع. ٍ
م ُضود :منزوع الشوكَ .ط ْلح منْضود :ال َّط ْل ُح :املوز ،منضود :مضموم بعضه إىل بعض بتناسق.
(ْ َ )1
189
( )1إعجاز القرآن للباقالين ، 57وانظر نظم الدرر للبقاعي . 253 /5
( )2النكت يف إعجاز القرآن للرماين .19
( )3اإليضاح للقزويني . 444
191
ملخص الدرس
2ـ التشطري :وهو أن جيعل كل من شطري البيت سجعة خمالفة ألختها كقول أيب متام:
الله ُم ْرت َِق ِ
ب ب ،يف ِ
لله ُم ْرت َِغ ٍ
ِ *** ـه ُمنْت َِق ٍم
تَدْ بِــر معت َِصمٍ ،بِاللـ ِ
ُ ُ ْ
***
إثراءات
الحظ أن :السجع ال حيسن إال إذا جاء عفويا خاليا من التكلف والتعمل رصني الرتكيب.
الحظ أن :السجع يف النثر ينقسم ثالثة أقسام :السجع املطرف واملرصع واملتوازي ،ويف الشعر له
قسامن :الرتصيع والتشطري.
انتبه إىل أن :جل علامء البالغة أطلقوا عىل السجع يف القرآن الكريم فواصل؛ تأدبا مع مقام القرآن،
وترشيفا له أن يطلق عىل أحد أساليبه لفظة موضوعة للطيور.
انتبه إىل أن :القرآن الكريم كثر فيه هذا اللون البديعي وال تكاد ختلو منه سورة طويلة أو قصرية .
مفاهيم :السجع يأيت يف النثر ويأيت يف الشعرَ ،ولِك ٍُّل أقسام متيزه عن غريه.
مفاهيم :السجع يف كالم الناس بعضه جاء عفويا خاليا من التكلف والتعمل ،وبعضه جاء قبيحا
مرذوال.
***
194
التدريبات
التدريب األول :أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة ،وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ ،فيام يأيت:
) ( -1السجع يكره إطالقه عىل ما يف القرآن عند بعض العلامء .
) ( -2السجع كله يف مرتبة واحدة من احلسن .
) ( -3السجع نوع واحد فقط .
) ( -4السجع يقع يف الشعر كثريا ،والنثر قليال .
) ( -5أحسن السجع ما جاء غري متكلف .
) ( -6السجع من املحسنات املعنوية .
) ( -7السجع ورد يف القرآن ومل يرد يف السنة .
) ( -8من رشوط حسن السجع تكرار فقراته يف املعنى .
إجابة التدريب األول
.)×( -4 . )×( -3 .)×( -2 .)√( -1
.)×( -8
.)×( -7 .)×( -6 .)√( -5
السجع يف األَمثلة اآلتيةِّ ،
ووضح وجوه حسنه: َ التدريب الثانيِ ِّ :
بي
« :رحم اهلل امرءا قال خريا فغنم ،أو سكت فسلم». 1ـ قال رسول اهلل
2ـ قالت اخلنساء:
ـد َي ٍة ،لِ ْل َج ْي ِ
ش َج َّر ُار َشــهاد َأنْـــ ِ
َّ ُ ***
ــاط َأو ِدي ٍ
ــة ٍ
ـــال َأ ْل ِو َيــةَ ،ه َّب ُ ْ َ
ح ُ َ َّ
ُ 3ـ قال الثعالبي ِ :
سبب احلروب.
جاج ُصدأ القلوب ،وال َّل ُ احل ْقدُ ُّ
«ارتفاع األخطار ،باقتحا ِم األَخطار».
ُ 4ـ وقال احلريري:
ِ
وثيابه». نسان بآدابه ،ال بز َّي ِه إل ُ 5ـ وقال بعض البلغاء« :ا ِ
ٍ ٍ َ
ورج ٍل غري م ْي ْ
سور، معمورُ ،
ْ وفناء َغ ْي ت بواد َغ ْي مم ْ ْ
طور، لئيمَ « :ن َز ْل َ
أعرايب لرجل سأل ً ٌّ 6ـ وقال
ْ
ارحتل بعد ْم». َفأ ْ
قم بنَد ْمَ ،أو
195
التدريب الثالث
ف مع التمثيل.
املطر َ
الس ْج َع َّ
عرف َّ
املرصع مع التمثيل.
َ الس ْج َع
عرف َّ
الس ْج َع املتوازي مع التمثيل.
عرف َّ
إجابة التدريب الثالث
املطرف :أن تكون الفاصلتان خمتلفتني يف الوزن متفقتني يف القافية ،مثل قوله تعاىل:
-1السجع َّ
ﱹ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱸ [نوح ،]14 ،13:فالفقرة األوىل :انتهت بالفاصلة وقارا،
والفقرة الثانية :املزاوجة هلا انتهت بالفاصلة أطوارا ،والفاصلتان اتفقتا يف احلرف األخري الراء املمدودة،
ولكنهام اختلفتا يف وزهنام ،فاألوىل :عىل وزن َف َعاال ،والثانية :عىل وزن أفعاال.
املرصع :أن تكون ألفاظ كل فقرة أو أكثرها تتفق مع ما يقابلها من ألفاظ الفقرة األخرى -2السجع َّ
اج ِر َو ْعظِ ْه».
اه ِر َل ْفظِ ْه ،و َي ْق َر ُع األَ ْسم َع بِز ََو ِ
َ
وزنا وتقفية ،كقول احلريريَ « :فهو ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ
ُ َ َ َُ ْ َ َ َ َ
اه ِر َل ْفظِ ْه» مثل ألفاظ الفقرة الثانية« َي ْق َر ُع األَ ْسم َع بِز ََو ِ
اج ِر فألفاظ الفقرة األوىل «ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ
َ َُ ْ َ َ َ َ
َ
َو ْعظِ ْه» وزنا وقافية.
-3السجع املتوازي :وهو أن يكون االتفاق يف كل فقرة يف الكلمتني األخريتني فقط ،نحو قوله
تعاىل :ﱹ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﱸ [الغاشية.]14 ،13:
فلفظة «مرفوعة» تتفق مع لفظة «موضوعة» وزنا وقافية ،بعكس لفظتي رسر وأكواب ،فهام خمتلفتان
وزنا وتقفية.
التدريب الرابع
َ ب ِّي آراء العلامء ىف السجع ىف القرآن الكريم.
ما أنواع السجع من حيث الطول ِ
والق َص؟.
السجع ىف الشعر نوعان .اذكرمها ،وم ِّثل لكل منهام بمثال.
ما القيمة البالغية للسجع؟
ملاذا رفض بعض البالغيني لفظ السجع ىف القرآن الكريم وأطلقوا عليه فواصل؟
196
حسن التعليل :هو أن يدعي الشاعر أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له غري حقيقية إال أن فيها
اعتبارات مجيلة.
تأكيد املدح مبا يشبه الذم :هوأن يستثنى من صفة ذم منفية ،صف ُة مدح عىل تقدير دخوهلا فيها ،أو
أن يثبت ليشء صف ُة مدح ،ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى مستثناة من مثلها.
تأكيد الذم مبا يشبه املدح :أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا فيها ،أو أن
يثبت ليشء صفة ذم ،ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى.
اجلناس :أن يتفق اللفظان يف النطق ،وخيتلفا يف املعنى.
اجلناس التام :وهو ما اتفق فيه اللفظان يف أربعة أشياء :نوع احلروف ،وعددها ،وهيئاهتا ،وترتيبها
مع اختالف املعنى.
اجلناس املماثل :وهو ما كان من نوع واحد :اسمني ،او فعلني ،أو حرفني.
اجلناس املستوفى :وهو ما كان من نوعني كفعل ،واسم.
اجلناس الناقص :وهو ما اختلف فيه اللفظان يف عدد احلروف ،واختالفهام.
اجلناس املضارع :وهو ما اختلف ركناه يف حرفني مل يتباعدا خمرجا.
اجلناس الالحق :هو أن خيتلف طرفا اجلناس يف حرف من حروفهام ،مع عدم التقارب يف املخرج
بني احلرفني.
اجلناس احملرّف :ويكون باالختالف يف هيئات احلروف.
جناس القلب :ويكون باالختالف يف ترتيب احلروف.
السجع :هو توافق الفاصلتني يف احلرف األخري ،وأفضله ما تساوت فقره.
السجع املطرّف :وهو ما اختلفت فاصلتاه يف الوزن ،واتفقتا يف احلرف األخري.
املرصع :وهو ما كان فيه ألفاظ إحدى الفقرتني ـ كلها أو أكثرها ـ مثل ما يقابلها من الفقرة
السجع ّ
األخرى وزنا وتقفية.
السجع املتوازي :وهو ما كان االتفاق فيه يف الكلمتني األخريتني فقط.
***
قائمة املوضوعات
رقم الصفحة املوضـــــــــــوع
3 املقدمة ............................................................................
5 األهداف العامة للكتاب ...........................................................
7 الوحدة األوىل :املجاز اللغوي .....................................................
7 الدرس األول( :احلقيقة واملجاز اللغويان تعريفهام ،أقسامهام ،املجاز املرسل )........
22 الدرس الثاين( :االستعارة تعريفها ،أركاهنا ،قرينتها ،أنواعها ،والفروق بينها) .....
37 الدرس الثالث( :أقسام االستعارة باعتبار اللفظ املستعار) ..........................
46 الدرس الرابع( :أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع ،وباعتبار اخلارج عنهام) ...
54 الدرس اخلامس( :بالغة االستعارة ،ورشائط حسنها) ..............................
61 الوحدة الثانية( :الكناية ) .........................................................
61 ( الكناية :تعريفها ،أقسامها ،بالغتها) .............................................
81 الوحدة الثالثة( :علم البديع ـ تعريفه ـ أقسامه ـ أنواع املحسنات املعنوية) ..........
82 (مفهوم البديع ،أقسامه ،منزلته ،نشأته) ...........................................
92 املحسنات املعنوية .................................................................
92 الدرس األول( :الطباق ـ أنواعه) ..................................................
106 الدرس الثانى( :املقابلة ) ..........................................................
116 الدرس الثالث( :مراعاة النظري) ..................................................
126 الدرس الرابع( :املشاكلة) .........................................................
134 الدرس اخلامس( :التورية) ........................................................
141 الدرس السادس( :املبالغة) ........................................................
150 الدرس السابع( :حسن التعليل)...................................................
158 الدرس الثامن( :تأكيد املدح بام يشبه الذم وعكسه) .................................
تابع قائمة املوضوعات
رقم الصفحة املوضـــــــــــوع
165 الوحدة الرابعة( :أنواع املحسنات اللفظية) ........................................
165 (أنواع املحسنات اللفظية) ........................................................
166 الدرس األول( :اجلناس التام ووجه حسنه) ........................................
173 الدرس الثاين (:اجلناس غري التام وأنواعه) .........................................
185 الدرس الثالث( :السجع) .........................................................
196 املصطلحات الواردة يف مقرر علم البديع ...........................................