You are on page 1of 199

‫‪3‬‬

‫املقدمة‬
‫احلمـد هلل‪ ،‬خلق اإلنسان‪ ،‬علمه البيان‪ ،‬والصالة والسالم عىل سيد الفصحاء‪ ،‬وإمام البلغاء‪ ،‬وعىل‬
‫صحابته الغر امليامني‪.‬‬
‫وبعد‪،،،‬‬
‫فهذا هو الكتاب الثالث يف البالغة العربية املقرر عىل طالب السنة الثالثة من الثانوية األزهرية‪.‬‬
‫وغني عن البيان أننا اتبعنا يف تأليف هذا الكتاب‪ ،‬وعرض مسائله املختلفة املنهج ذاته الذي رسنا‬
‫عليه يف تأليف كتايب الفرقة األوىل والثانية‪ ،‬من حيث كثرة األمثلة‪ ،‬وتنوع الشواهد التي تكشف عن‬
‫القواعد البالغية حمل الدراسة بجالء‪.‬‬
‫وقد توخينا عرض القواعد البالغية يف هذا الكتاب بأسلوب سهل التناول‪ ،‬قريب النفع يتالءم‬
‫مع مدارك الطالب يف هذه املرحلة‪ ،‬بحيث ال يمله املتخصص‪ ،‬وال يسأم منه الدارس؛ لنحبب أبناءنا‬
‫الطالب هذا الفن العظيم من فنون علوم العربية الغراء‪.‬‬
‫ومعلوم أن البالغة العربية هلا ثالث وظائف‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬اإلبانة عام جييش يف الصدور‪ ،‬وخيتمر يف العقول بأسلوب مطابق ملقتىض احلال‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬القدر ُة عىل استكناه الكالم البليغ‪ ،‬والكشف عن حماسنه‪ ،‬والوقوف عىل مساوئه بتوظيف‬
‫بلغت هذه الدراسة هذه‬
‫ْ‬ ‫هذه القواعد البالغية يف احلكم عىل القول باالستحسان أو االستهجان‪ ،‬وإذا‬
‫الغاية‪ ،‬فسيكون‪ ،‬بفضل هذه الطريقة التطبيقية التي اتبعناها‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬إدراك بعض أرسار اإلعجاز البالغى ىف القرآن الكريم وخصوصياته وطاقاته اإلعجازية‬
‫املستكنة فيه‪ ،‬وكشف دقائق البيان النبوى ولطائفه الكثرية املتزامحة‪.‬‬
‫***‬
‫‪5‬‬

‫األهداف العامة للكتاب‬


‫يف نهاية دراسة الكتاب يتوقع أن يكون الطالب قاد ًرا على أن‪:‬‬
‫‪1‬ـ يتعرف املفاهيم البالغية ‪ :‬احلقيقة‪ ،‬واملجاز‪ ،‬واالستعارة‪ ،‬والكناية‪.‬‬
‫‪2‬ـ يقف عىل الفروق الدقيقة بني املفاهيم السالف ذكرها ؛ لبيان قيمتها البالغية‪.‬‬
‫‪3‬ـ يقارن بني أقسام (أنواع) االستعارة‪.‬‬
‫‪4‬ـ يستنتج األرسار والقيم البالغية للمجاز‪ ،‬واالستعارة‪ ،‬والكناية‪.‬‬
‫‪5‬ـ يتذوق بالغ َة القرآن الكريم‪ ،‬والوقوف عىل أرساره‪.‬‬
‫واقتفاء أثره فيها ‪.‬‬ ‫‪6‬ـ يتذوق بالغة الرسول‬
‫‪7‬ـ يقف عىل تعريف علم البديع‪ ،‬وبيان أقسامه‪ ،‬والتعرف عىل بعض ألوان املحسنات املعنوية‪.‬‬
‫‪8‬ـ الوقوف عىل ما بني مفاهيم (الطباق‪ ،‬واملقابلة‪ ،‬واملشاكلة‪ ،‬واجلناس‪ ،‬والتورية‪ ،‬واملبالغة‬
‫وحسن التعليل‪ ،‬ومراعاة النظري) من الفروق الدقيقة؛ لبيان ‪ ‬قيمتها البالغية‪.‬‬
‫‪9‬ـ يأتى بأمثلة من حميطه االجتامعي والثقايف للمفاهيم البالغية التي درسها من خالل حمتوى هذا‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫‪10‬ـ حيلل نصوص املوضوعات التي يدرسها‪ ،‬واستخراج األرسار البالغية التي هبا‪.‬‬
‫‪11‬ـ يدرك مواطن اجلامل يف األمثلة والنصوص التي يدرسها‪.‬‬
‫***‬
‫‪7‬‬

‫الوحدة الأوىل املجاز اللغوي‬


‫الدرس األول‬
‫(احلقيقة واجملاز اللغويان تعريفهما‪ ،‬أقسامهما‪ ،‬اجملاز املرسل)‬

‫أهداف الدرس‪:‬‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫الطالب ً‬
‫ُ‬ ‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون‬
‫ ‪-‬يفرق بني‪ :‬املجاز اللغوي‪ ،‬واحلقيقة اللغوية‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر تعري ًفا للمجاز املرسل املفرد‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر تعري ًفا للمجاز املرسل املركب مع التمثيل‪.‬‬
‫ ‪-‬يفرق بني‪ :‬املجاز املرسل‪ ،‬واالستعارة‪.‬‬
‫ ‪-‬يوازن بني‪ :‬عالقات املجاز املرسل‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أمثلة لعالقات املجاز املرسل‪.‬‬
‫ ‪ -‬يذكر األرسار التي تتمثل يف بالغة املجاز املرسل‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس‪ :‬مفهوم احلقيقة واملجاز اللغويني‪ ،‬وأنواع املجاز اللغوي‪ ،‬ومفهوم‬
‫املجاز املرسل املفرد‪ ،‬وعالقاته املتعددة ‪ ،‬وأرساره البالغية‪ ،‬ومفهوم املجاز املرسل املركب‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫متهيد‪:‬‬
‫كل لفظ يف لغتنا اجلميلة له معنى موضوع له‪ ،‬كداللة لفظ “القلم” عىل األداة التي نكتب هبا‪ ،‬وداللة‬
‫لفظ “الكتاب” عىل كل ما بني دفتني من أوراق مكتوبة يف موضوعات شتى‪ ،‬وداللة ألفاظ “البذرة‬
‫والثمرة‪ ،‬والشجر واحلجر‪ ،‬واخلري والرش‪ ،‬واحلق والباطل” عىل معانيها املوضوعة هلا يف اللغة‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫ت ثمرةً‪َ ،‬و َس َق ْي ُ‬
‫ت شجرةً‪،‬‬ ‫وغرست بذرةً‪َ ،‬و َق َط ْف ُ‬
‫ُ‬ ‫الكتاب‪،‬‬
‫َ‬ ‫وقرأت‬
‫ُ‬ ‫القلم‪،‬‬
‫َ‬ ‫«أمسكت‬
‫ُ‬ ‫فحينام نقول‪:‬‬
‫الباطل»‪ ،‬فإنني أكون‬‫َ‬ ‫ت‬‫احلق‪َ ،‬وك َِر ْه ُ‬
‫وأحببت َّ‬ ‫الرش‪،‬‬ ‫وسعيت يف ِ‬ ‫وا ْن َز َل ْق ُ‬
‫ُ‬ ‫ونبذت َّ‬
‫ُ‬ ‫اخلري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ت عىل حجر‪،‬‬
‫قد استخدمت هذه األلفاظ يف معانيها املوضوعة هلا يف اللغة‪ ،‬أو يف داللتها احلقيقية األصلية‪.‬‬
‫بدرا يسري يف‬ ‫ِ‬ ‫ماء ِ‬ ‫مخرا‪ِ َ ،‬‬
‫وشاهدت ً‬
‫ُ‬ ‫املعهد‪،‬‬ ‫بحرا يف‬
‫ورأيت ً‬
‫ُ‬ ‫النيل‪،‬‬ ‫ت َ‬
‫وش ْب ُ‬ ‫ص ُت ً‬
‫قلت‪َ « :‬ع َ ْ‬
‫أما إذا ُ‬
‫الطريق»‪ ،‬فإن لفظة اخلمر مل تستعمل يف معناها احلقيقي؛ بقرينة أن اخلمر سائل معصور‪ ،‬واملعصور ال‬
‫العنب الذي سيكون مخرا‪.‬‬
‫َ‬ ‫عرصت‬
‫ُ‬ ‫يعرص بطبيعته‪ ،‬واملراد‪:‬‬
‫أرشب ك َُّل ماء النيل‪ ،‬واملراد ‪ :‬رشبت بعضه ال كله‪.‬‬
‫َ‬ ‫وكذلك احلال يف كلمة ماء؛ ألنه ال يعقل أن‬
‫وكذلك كلمة بحر مل تستخدم يف معناها احلقيقي؛ ألنه من املستحيل أن ينتقل البحر احلقيقي من‬
‫مكانه‪ ،‬ويأيت إىل املعهد‪ ،‬واملراد بالبحر هنا‪ :‬عامل واسع العلم‪.‬‬
‫وكذلك مل نستخدم لفظة بدر يف معناها املوضوع هلا يف اللغة؛ واملراد هبا‪ :‬فتاة رائعة اجلامل؛ ألن البدر‬
‫احلقيقي مكانه يف السامء‪ ،‬وال يسري عىل األرض ألبتة‪.‬‬
‫وما يقال يف الكلمة الواحدة كام مىض يقال يف األساليب‪ ،‬فحينام نشاهد شخصا من بعيد يقدم رجال‬
‫ويؤخر أخرى نقول‪ :‬فالن حرض يقدم رجال‪ ،‬ويؤخر أخرى‪ ،‬فتكون داللة األسلوب داللة حقيقية‪،‬‬
‫شخصا متذبذبا مرتد ًدا يف رأيه‪ ،‬فنقول له‪« :‬أنت تقدم رجال‪ ،‬وتؤخر أخرى» فتكون داللة‬
‫ً‬ ‫وحينام نرى‬
‫هذا األسلوب داللة جمازية‪.‬‬
‫لكن استعامل الكلمة‪ ،‬أو الكالم يف غري معناه احلقيقي له رشوط وضوابط‪ ،‬فال جيوز استعامل الكلمة‪،‬‬
‫أو الكالم يف غري معناه إال بوجود ما يأتى‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬قرينة متنع من معناه األصيل‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬عالقة بني املعنى األصيل‪ ،‬واملعنى املجازي تسوغ هذا االستعامل‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬رس بالغي يدفع املتكلم إىل العدول عن احلقيقة إىل املجاز‪.‬‬
‫وسوف نرصد ألبنائنا الطالب والطالبات اآلن كل هذا تفصيال بعد أن ذكرناه يف هذا التمهيد‬
‫إمجاال‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫تعريف احلقيقة اللغوية (‪.)1‬‬


‫احلقيقة اللغوية‪ :‬هي استعامل اللفظ أو األلفاظ يف معانيها املوضوعة هلا يف اصطالح التخاطب‪.‬‬
‫تعريف اجملاز اللغوي(‪:)2‬‬
‫املكان جيوزه إذا تعداه‪ ،‬ثم ن ُِقل إىل الكلمة‬
‫َ‬ ‫املجاز يف اللغة‪ :‬عىل وزن مفعل مأخوذ من جاز فالن‬
‫مكانا األصىل‪.‬‬
‫اجلائزة ‪ ،‬أي‪ :‬املتعدية َ‬
‫ويف اصطالح البالغيني‪ :‬هو اللفظ املستعمل يف غري معناه املوضوع له يف اللغة؛ لعالقة وقرينة متنع‬
‫من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫أنواع اجملاز اللغوي‪:‬‬
‫املجاز اللغوي نوعان ‪:‬‬
‫‪2‬ـ االستعارة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ املجاز املرسل‪.‬‬
‫والتفريق بينهام يكون عن طريق العالقة‪ ،‬فإن كانت العالقة غري املشاهبة‪ ،‬فهو جماز مرسل‪ ،‬وإن‬
‫تكون َحالِ َّي ًة كام سنبني‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تكون لفظي ًة وقد‬
‫ُ‬ ‫كانت العالقة املشاهبة‪ ،‬فهو استعارة ‪ ،‬وال َقرينَ ُة فيهام قد‬
‫ونرشع هنا يف إلقاء الضوء تفصيال عىل املجاز املرسل من ناحية تعريفه‪ ،‬ورس تسميته بذلك‪،‬‬
‫وعالقاته‪ ،‬ورسه البالغي‪.‬‬
‫واعلم أن املجاز املرسل قسامن‪:‬‬
‫‪2‬ـ جماز مرسل مركب‪.‬‬ ‫‪1‬ـ جماز مرسل مفرد‪ .‬‬

‫أو ًال‪ :‬اجملاز املرسل املفرد‬


‫املجاز املرسل املفرد‪ :‬هو الكلمة املستعملة يف غري معناها احلقيقي؛ لعالقة غري املشاهبة‪ ،‬مع قرينة‬
‫مانعة من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫سبق لك دراستها يف علم املعاين‪.‬‬
‫قيدت احلقيقة هنا باللغوية حتى خترج احلقيقة العقلية التي َ‬
‫ُ‬ ‫(‪)1‬‬
‫خيرج املجا ُز العقيل الذي سبق لك دراسته يف السنة األوىل‪ ،‬وينبغي أن يعلم أن املجاز إذا أطلق‪ ،‬فإنه‬
‫قيدت املجاز هنا باللغوي حتى َ‬
‫ُ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ينرصف إىل املجاز اللغوي ال العقيل‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫ِ‬
‫مثل‪«:‬قبضت الرشط ُة عىل‪ ‬عني‪ ‬من عيون األعداء»‪ ،‬فكلمة “عني”‪ ‬هنا ليس املقصود منها العني‬
‫احلقيقية‪ ،‬وإنام املقصود منها‪ ‬اجلاسوس‪ ،‬والقرينة التي متنع املعنى األصيل للفظ أنه‪ ‬ال يمكن القبض عىل‬
‫عضو العني فقط‪ ‬دون بقية جسد اجلاسوس‪.‬‬
‫والعالقة التي سوغت إطالق العني عىل اجلاسوس أن العني جزء‪ ،‬واجلاسوس ك ٌُّل‪ ،‬وأن العني‬
‫هي أخص جزء يف اجلاسوس‪ ،‬وال يصلح أن يكون جاسوسا بغريها ألبتة‪ ،‬فلام كانت هبذه األمهية يف‬
‫ُ‬
‫إطالق هذا العضو عىل اجلاسوس إيامء إىل هذه اخلصوصية الشديدة‪ ،‬واألمهية‬ ‫عامل اجلاسوسية ساغ‬
‫القصوى هلا يف هذا املجال‪.‬‬
‫سبب تسميته باملجاز املرسل‪.‬‬
‫سمي هذا املجاز باملجاز املرسل؛ ألنه ُأطلق ومل يقيد بعالقة واحدة ‪ ،‬بل له عالقات كثرية‪ ،‬بخالف‬
‫االستعارة املقيدة بعالقة املشاهبة فقط ‪.‬‬
‫عالقات اجملاز املرسل‬
‫متهيد‪ :‬للمجاز املرسل عالقات كثرية جتاوزت الثالثني‪ ،‬واملشهور منها تسع عالقات سنكتفي‬
‫بذكرها هنا؛ ألن بقيتها تندرج يف هذه التسعة‪ ،‬كام ذكر ثقات البالغيني‪.‬‬
‫وكيفية تسمية هذه العالقة‪ ،‬وحتديدها بدقة شديدة يكون عن طريق اللفظ املذكور‪ ،‬فإن كان اللفظ‬
‫املذكور يف الكالم هو السبب‪ ،‬واملراد املسبب سميت العالقة السببية‪ ،‬وإن كان اللفظ املذكور يف الكالم‬
‫َ‬
‫وإليك عالقات املجاز املرسل مفصلة‪.‬‬ ‫هو الكل‪ ،‬واملراد اجلزء سميت العالقة الكلية ‪ ،‬وهكذا َد َوا َل ْي َ‬
‫ك‪،‬‬
‫َ‬
‫الغيث»‪ ،‬فالغيث جماز مرسل‪،‬‬ ‫‪1‬ـ السببية‪ :‬وهي إطالق السبب‪ ،‬وإرادة املسبب ‪ :‬مثل «رعت املاشي ُة‬
‫والقرينة هنا لفظية يف لفظة «رعت» ؛ ألن الغيث مطر‪ ،‬واملطر ُيسقى به وال ُير َعى‪ ،‬ولو ذكرنا احلقيقة‬
‫والنبات مسبب‪ ،‬فعربنا‬
‫َ‬ ‫سبب‪،‬‬ ‫َ‬
‫الغيث ٌ‬ ‫النبات»‪ ،‬والعالقة بني النبات والغيث أن‬
‫َ‬ ‫لقلنا ‪« :‬رعت املاشي ُة‬
‫عن املسبب وهو النبات بالغيث وهو السبب‪ ،‬واملذكور يف الكالم هو السبب‪ ،‬فالعالقة إذن السببية‪.‬‬
‫املتنبي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ومن ذلك قول‬
‫ُأ َعـــدُّ ِمن َْهـــا َوال ُأ َعدِّ ُد َهـــا ‪.‬‬ ‫ـــي َســـابِ َغ ٌة‬ ‫ٍ‬
‫(‪)1‬‬
‫***‬ ‫َلـــ ُه أ َيـــاد َع َ َّ‬

‫(‪ )1‬يقول‪ :‬إن للممدوح عيل نعام شاملة‪ ،‬فوجودي يعد من نعمه‪ ،‬وال أستطيع أن أحرص هذه النعم‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫فلفظة ٍ‬
‫«أياد» يف بيت املتنبي جماز مرسل؛ ألنه ال يريد هبا األيادي احلقيقية‪ ،‬بل يريد هبا النِّعم والعطايا‪،‬‬
‫والعالقة بني األيادي والنعم السببية؛ ألَ َّن اليد احلقيقية هي التي متنح النعم‪ ،‬وتعطي العطايا فهي ٌ‬
‫سبب‬
‫فيها‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﱸ [الشورى‪ ،]40:‬فلفظة (سيئة) الثانية جماز‪ ،‬بمعنى‬
‫عقوبة‪ ،‬أما األوىل‪ ،‬فداللتها حقيقية‪ ،‬وأصل الكالم يف غري القرآن‪ :‬وجزاء ٍ‬
‫سيئة عقوب ٌة مثلها‪ ،‬لكنه عرب‬
‫عن املسبب العقوبة بلفظ السبب؛ ألن السيئة سبب يف العقوبة‪ ،‬والقرينة هنا عقلية؛ ألن العقل جيعل‬
‫من املستحيل أن تكون العقوبة سيئة‪.‬‬
‫السامء نباتًا»‪ ،‬فالنبات‬
‫ُ‬ ‫«أمطرت‬
‫ْ‬ ‫‪2‬ـ املسببية‪ :‬وهي أن يذكر لفظ املسبب‪ ،‬واملراد السبب‪ :‬مثل‪:‬‬
‫السامء‬
‫ُ‬ ‫جماز مرسل؛ ألن السامء متطر ماء‪ ،‬وال متطر نباتا‪ ،‬ولو جاء الكالم عىل احلقيقة لقلنا‪« :‬أمطرت‬
‫ماء»‪ ،‬والعالقة بني املاء والنبات أن املاء سبب‪ ،‬والنبات مسبب‪ ،‬واللفظ املذكور يف الكالم هو املسبب‪،‬‬
‫ً‬
‫فالعالقة املسببية ‪ ،‬حيث عرب باملسبب وأراد السبب‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﱸ [غافر‪ ،]13:‬فموطن‬
‫املجاز هنا يف كلمة (رزقا)‪ ،‬والرزق مسبب عن املطر‪ ،‬فعرب الذكر احلكيم باملسبب وهو الرزق‪ ،‬عن‬
‫سبب يف الرزق‪.‬‬
‫السبب وهو املطر الذي هو ٌ‬
‫ومنه ـ أيضا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ‬
‫ﮐ ﮑ ﱸ [النساء‪ ،]10:‬فاملجاز يف كلمة (نار) ألن النار ال تؤكل‪ ،‬فالقرينة عقلية‪ ،‬ولو‬
‫طعاما حراما»‪ ،‬فالطعام احلرام‪ ،‬هو‬
‫جاء الكالم عىل احلقيقة يف غري القرآن لقال‪« :‬إنام يأكلون يف بطوهنم ً‬
‫سبب‪ ،‬واملسبب عنه دخول النار يوم القيامة‪ ،‬واملذكور يف الكالم هو املسبب‪ ،‬فالعالقة املسببية‪.‬‬
‫والس البالغي يف هذا العدول عن احلقيقة إىل املجاز هو املبالغة يف الزجر والردع والتخويف مع‬
‫ُّ‬
‫اإلجياز يف العبارة ‪ ،‬والتأكيد عىل هذا املعنى‪.‬‬
‫‪3‬ـ اجلزئية ‪ :‬وهي إطالق اجلزء‪ ،‬وإرادة الكل‪.‬‬
‫من أمثلة ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫جـــر ًارا َو َأ ْر َســـ ْلنا ا ْل ُع ُيونَـــا ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫َّ‬ ‫***‬ ‫ـم َب َع ْثنَــ ــا الـ َْج ْيــ ـ َ‬
‫ـش‬ ‫كَــ ـ ْ‬
‫(‪ )1‬اجليش اجلرار‪ :‬الثقيل السري لكثرته‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫فاملجاز يف كلمة «العيون»؛ ألن العيون احلقيقية يستحيل أن ت ُْر َس َل بمفردها‪ ،‬فالقرينة عقلية‪ ،‬واملراد‬
‫جزء مهم جدا من اجلواسيس ال يمكن‬
‫اجلواسيس‪ ،‬والعالقة بني العيون واجلواسيس‪ :‬أن العيون ٌ‬
‫ُ‬ ‫هبا‬
‫بأي حال من األحوال االستغناء عنها‪ ،‬فالعالقة اجلزئية‪ ،‬والرس البالغي يف إيثارها‪ :‬التأكيد عىل أمهيتها‬
‫القصوى‪ ،‬وشأهنا الكبري‪ ،‬واملبالغة يف خصوصيتها الشديدة يف هذا املجال‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﱸ [املزمل‪ ،]2، 1:‬حيث أطلق اجلزء وهو القيام؛ ألنه‬
‫ركن من أركان الصالة‪ ،‬وأراد الكل وهو الصالة‪ ،‬والعالقة بني القيام والصالة‪ :‬أن القيا َم جزء مهم‬
‫يف قيام الليل‪ ،‬والصال َة ك ٌُّل‪ ،‬واملذكور هنا هو اجلزء‪ ،‬فالعالقة اجلزئية‪ ،‬والرس يف تسمية الكل باجلزء‪:‬‬
‫الداللة عىل أمهية هذا اجلزء؛ ولذلك سميت به هذه الصالة فقيل‪«:‬قيام الليل»‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﱸ [النساء‪ ،]92:‬فاملجاز يف كلمة رقبة‪،‬‬
‫والقرينة عقلية؛ ألن الذي ُيرر من ِ‬
‫ربقة االستعباد هو العبدُ كله‪ ،‬وليست الرقب ُة وحدها؛ لعدم إمكانية‬ ‫َ َّ ُ‬
‫جزء والعبدَ ك ٌُّل‪ ،‬واملذكور يف الكالم هو اجلزء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذلك‪ ،‬والعالقة بني الرقبة والعبد املؤمن‪ :‬أن الرقب َة ٌ‬
‫فالعالقة اجلزئية‪.‬‬
‫ويالحظ أن اجلزء املعرب به عن الكل هنا‪ ،‬وهو الرقبة ال يمكن االستغناء عنه بخالف اليد أو الرجل‬
‫أو العني مثال‪.‬‬
‫يتبني ألبنائنا الطالب أن اجلزء املذكور يف عالقة اجلزئية جيب أن يكون أصلح األجزاء‬
‫وبذلك ُ‬
‫وليس أي جزء صاحلا لكي يعرب به عن الكل‪ ،‬بل لذلك رشطان‪:‬‬
‫للتعبري به عن الكل‪َ ،‬‬
‫أـ أن يكون اجلزء املذكور له زيادة اختصاص باملعنى املراد من الكالم‪ ،‬كإطالق األذن عىل الشخص‬
‫الذي َيت ََس َّم ُع لآلخرين‪ ،‬وكإطالق العني عىل اجلاسوس‪ ،‬ومن ثم ال جيوز يف هذا املقام إطالق اليد أو‬
‫اإلصبع عىل اجلاسوس؛ ملا ليس هلام من زيادة اختصاص‪.‬‬
‫ب ـ أن يكون اجلزء املذكور ال يتحقق الكل إال به‪ ،‬كإطالق الرقبة عىل العبد‪.‬‬
‫‪4‬ـ الكلية‪ :‬وهي إطالق الكل‪ ،‬وإرادة اجلزء‪.‬‬
‫‪ ‬ماء‪ ‬زمزم»‪ ،‬فـ(ماء زمزم) جماز مرسل عالقته‪ ‬الكلية؛ حيث عرب بالكل‬
‫«رشبت َ‬
‫ُ‬ ‫من ذلك قولنا‪:‬‬
‫اإلنسان الواحدُ‬
‫ُ‬ ‫وهو‪ ‬ماء زمزم‪ ،‬وأراد‪ ‬اجلزء‪ ‬وهو ٌ‬
‫بعض منه‪ ،‬والقرينة عقلية ؛ ألنه يستحيل أن يرشب‬
‫ماء زمزم كلها‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫ومثله قولـه تعـاىل‪ :‬ﱹﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬


‫ﯬ ﯭﱸ [نوح‪ ،]7:‬حيث عرب بالكل وهي األصابع‪ ،‬وأراد اجلزء وهي أطراف األنامل‪،‬‬
‫واملذكور يف الكالم هو الكل‪ ،‬وهي األصابع‪ ،‬فالعالقة الكلية‪ ،‬والقرينة عقلية؛ ألنه يستحيل أن يضع‬
‫اإلنسان إصبعه كامال يف أذنه‪.‬‬
‫والرس البالغي يف العدول عن احلقيقة إىل املجاز‪ :‬هو التأكيد عىل مبلغ جحود قوم نوح‪ ،‬وصالبة‬
‫ُّ‬
‫؛ ولذلك حاولوا بكل ما‬ ‫عنادهم‪ ،‬وشدة استكبارهم عن سامع أية كلمة تصدر عن نبي اهلل نوح‬
‫أوتوا من قوة أن ُيوصدوا آذاهنم بأصابعهم كلها؛ ليدللوا عىل شدة نفورهم منه ‪ ،‬وإعراضهم عنه‪.‬‬
‫‪5‬ـ اعتبار ما كان عليه‪ :‬وهى ذكر اليشء باسم ما كان عليه‪.‬‬
‫مثل‪« :‬رشبت ُبنًّا»‪ ،‬فاملجاز يف كلمة «بن»؛ ألن البن وهو مسحوق ال يرشب‪ ،‬فالقرينة عقلية‪ ،‬واملراد‬
‫رشبت قهوةً‪ ،‬والعالقة هي اعتبار ما كان؛ ألن القهوة قبل أن ُت َعدَّ كانت ُبنًّا‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﱸ [النساء‪ ،]2:‬فاملجاز هنا يف كلمة‬
‫اليتامى‪ ،‬والقرينة لفظية يف قوله‪« :‬آتوا»؛ ألنه ال يعقل أن يؤمر الويص بإعطاء املال لليتيم‪ ،‬وهو الصغري‬
‫الذي مات أبوه ‪ ،‬ومل يبلغ سن الرشد‪.‬‬
‫فاألمر بدفع األموال إىل األوالد الذين مات آباؤهم هو دليل عىل أهنم صاروا راشدين‪ ،‬وزالت‬
‫عنهم صفة اليتم‪ ،‬والذي َس َّو َغ إطالق لفظ اليتامى عليهم أهنم كانوا يتامى‪ ،‬فاستعملت كلمة يتامى‬
‫وأريد هبا الذين‪ ‬كانوا يتامى‪ ،‬بالنظر إىل حالتهم السابقة؛ ولذلك كانت العالقة هنا اعتبار ما كان يف‬
‫الزمن املايض وليس اآلن‪.‬‬
‫والرس يف إيثار املجاز عىل احلقيقة‪ :‬هو احلث من طرف خفي عىل إعطائهم حقوقهم كاملة؛ ألهنم‬
‫ـ وإن بلغوا سن الرشد ـ ما زالوا يف حاجة ماسة إىل العطف والشفقة؛ واإلنصاف‪ ،‬عالوة عىل ما يف‬
‫املجاز من اإلجياز والتوكيد واملبالغة‪.‬‬
‫‪6‬ـ اعتبار ما سيكون‪ :‬وهي ذكر اليشء باسم ما يؤول إليه‪.‬‬
‫من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﱸ [يوسف‪،]36:‬‬
‫(مخرا)‪ ،‬والقرينة لفظية؛ ألن اخلمر ال تعرص؛ إذ هي معصورة بطبيعتها‪ ،‬ويستحيل‬
‫فاملجاز يف كلمة ً‬
‫مخرا‪ ،‬فالعالقة هي‬
‫عرص املعصور‪ ،‬واملراد ‪ :‬أعرص عنبا‪ ،‬وسامه مخرا؛ ألن العنب سيصري بعد عرصه ً‬
‫اعتبار ما سيكون‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂﱸ [الذاريات‪ ،]28:‬فالطفل‬


‫ال يوصف بأنه غالم‪ ،‬والعليم‪ ،‬وإنام عرب بام سيؤول إليه حاله‪ ،‬فالعالقة‪ :‬اعتبار ما سيكون؛ ألن ذلك‬
‫وإعالء‬
‫ٌ‬ ‫ما سيكون عليه حال ا ُمل َب َّ ِ‬
‫ش به يف مستقبل أيامه‪ ،‬ويف إيثار املجاز عىل احلقيقة تعظيم للبشارة‪،‬‬
‫من شأن ا ُمل َب َّ ِ‬
‫ش به‪.‬‬
‫كلمة‪« ‬ميت»‪ ،‬والقرينة عقلية؛‬
‫ٌ‬ ‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹﰁﰂﰃﰄﱸ [الزمر‪ ،]30:‬فاملجاز يف‬
‫ـ وقد خوطب بلفظ ميت وهو ال يزال‪ ‬ح ًّيا‪ ،‬والعالقة هي‬ ‫ألن املخاطب هبذه اآلية هو النبي ـ‬
‫اعتبار ما سيكون‪ ،‬أي‪ :‬ما سيصري إليه حاله؛ إذ ال يوجد يف هذه الدنيا من هو خملد فيها‪.‬‬
‫ِّ‬
‫املحل ‪.‬‬ ‫َّة‪ :‬وهي إطالق لفظ ِّ‬
‫احلال وإرادة‬ ‫‪7‬ـ احلالِّي ُ‬

‫كقولـه تعـاىل‪ :‬ﱹﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﱸ [آل عمران‪ ،]107:‬فاملجاز يف‬


‫كلمة «رمحة»‪ ،‬والقرينة عقلية؛ ألن الرمحة أمر معنوي ال يصلح وعاء يكون فيه الذين ابيضت وجوههم‪،‬‬
‫ولو عرب باحلقيقة لقال‪« :‬ففي جنة اهلل»‪ ،‬والعالقة بني اجلنة والرمحة أن اجلنة حمل‪ ،‬والرمحة حا َّل ٌة فيها‪،‬‬
‫واملذكور هو احلال فالعالقة احلالية ‪ ،‬ويف ذلك إشارة إىل املكانة العظمى هلذه النعمة اجلليلة نعمة الرمحة‬
‫التي ستغمر هؤالء يف جنان اخللد‪ ،‬وأثرها عليهم فيها‪.‬‬
‫ومن ذلك ـ أيضـًا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﱸ [االنفطار‪ ،]13:‬فاملراد بالنعيم مكانه‪ ،‬وهو‬
‫ي ُّل فيه اإلنسان ؛ إذ هو معنًى من املعاين‪ ،‬واألصل يف غري القرآن‬
‫اجلنة‪ ،‬والقرينة عقلية؛ ألن النعيم ال َ ُ‬
‫أن يقال‪ :‬إن األبرار لفي جنة فيها النعيم‪ ،‬فعرب باحلال واملراد املحل‪ ،‬واملذكور يف الكالم هو احلال ‪،‬‬
‫فالعالقة احلالية‪.‬‬
‫املحل‪ ،‬وإرادة ِّ‬
‫احلال ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪ 8‬ـ احمللِّيَّة‪ :‬وهي إطالق لفظ‬
‫من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﱸ [العلق‪ ،]18 ،17:‬فاملجاز يف قوله‪« :‬ناديه»‪،‬‬
‫والقرينة عقلية؛ ألن النادي وهو مكان االجتامع ال يصح دعوته‪ ،‬وال يتأتى منه تلبية الدعوة‪ ،‬فهو جماز‬
‫احلال ِم ْن عشريتِ ِه وأهله ونُرصائه‪ ،‬فالعالقة املحلي ُة؛ ألهنا املذكورة يف الكالم‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫املحل‪ ،‬وأريدَ‬ ‫ُأطلق فيه‬
‫كام قررناه‪ ،‬وأكدنا ألبنائنا الطالب عليه مرارا‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﱸ‬
‫[األعراف‪ ،]2:‬فاملجاز يف كلمة «صدرك» واألصل يف غري القرآن‪« :‬فال يكن يف قلبك الذي يف صدرك‬
‫حرج» ‪ ،‬فذكر املحل وهو الصدر‪ ،‬وأراد احلال فيه‪ ،‬وهو القلب‪ ،‬ويف ذلك إجياز ومبالغة وتوكيد‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﱸ‬


‫[يوسف‪ ،]82:‬فاملجاز ىف كلمة (القرية)‪ ،‬والقرينة عقلية؛ ألن القرية وهي ٍ‬
‫مبان ومساكن غري عاقلة ال‬
‫تسأل؛ فأطلق املحل وأراد احلال وهم قاطنوها‪ ،‬وألن املذكوريف الكالم هو املحل‪ ،‬فالعالقة املح ّلية‪،‬‬
‫والرس يف ذلك‪ :‬هو الداللة عىل شيوع اخلرب وانتشاره يف كل بيوت القرية حتى كاد يعلمه احلجر‬
‫والشجر‪ .‬‬
‫‪ 9‬ـ اآللية ‪ :‬وهي ذكر اسم اآللة‪ ،‬وإرادة أثرها‪.‬‬
‫من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﱸ [الشعراء‪ ،]84:‬فقد ذكر اآللة (اللسان)‪،‬‬
‫وأراد أثرها‪ ،‬وهو الذكر الطيب‪ ،‬والثناء احلسن‪ ،‬واللسان هو آلة هذا الذكر‪ ،‬ويف إيثار املجاز عىل‬
‫احلقيقة ما فيه من اإلجياز واملبالغة والتوكيد‪.‬‬
‫سر بالغة اجملاز املرسل‬
‫تأملت الشواهدَ واألمثلة الكثرية السابقة التي سقناها َ‬
‫لك يف عالقات املجاز املرسل‪ ،‬وجدت‬ ‫َ‬ ‫إذا‬
‫أهنا غالبا تؤدي لك املعنَى املقصود بإجياز‪ ،‬فإذا قلت‪« :‬هز َم القائدُ األعداء»‪ ،‬أو«اجتمع النادي» كان‬
‫أن تقول‪« :‬هز َم جنو ُد القائد األعداء»‪ ،‬أو«اجتمع أعضاء النادي»‪ ،‬واإلجياز كام هو‬
‫ذلك أكثر إجيازًا من ْ‬
‫معلوم ركن ركني من أركان البالغة‪ ،‬بل البالغة اإلجياز‪.‬‬
‫فإطالق ِّ‬
‫الكل‬ ‫ُ‬ ‫أن أغلبها ال خيلو من مبالغة ‪،‬‬
‫رأيت َّ‬
‫أنعمت النظر يف أمثلة أخرى للمجاز املرسل‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫وإذا‬
‫رشبت ماء زمزم»‪ ،‬ومثله إطالق اجلزء وإرادة الكل‪ ،‬نحو‪« :‬فالن َف ٌم» تريد‬
‫ُ‬ ‫عىل اجلزء مبالغة يف نحو‪« :‬‬
‫أو«فالن َأن ٌ‬
‫ْف» تريد أن تصفه بعظم األنف فتبالغ فتجعله كله أنفا‪ ،‬وهذا ـ أيضا ـ‬ ‫ٌ‬ ‫كل يشء‪،‬‬ ‫أنه َ ِ‬
‫ش ٌه يلتقم َّ‬
‫يفيد التأكيد عىل املعنى املقصود‪ ،‬ويقرره يف النفس بقوة ‪ ،‬ويمكنه فيها بشدة‪.‬‬
‫ومن هنا يتأكد لك أن رس بالغة املجاز املرسل تتمثل يف ثالثة أشياء‪:‬‬
‫‪ 3‬ـ التأكيد‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪2‬ـ املبالغة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ اإلجياز‪.‬‬
‫وهذه األرسار الثالثة ال خيلو منها‪ ،‬أو من بعضها أي مثال‪ ،‬فضال عن أرسار أخرى يستمدها‬
‫احلصيف الفطن من سياقات األمثلة املتعددة كام بينا َ‬
‫لك سلفا فيام مىض‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫ثانيـا‪ :‬اجملاز املرسل املركب‬


‫ً‬
‫متهيد‪ :‬مر بنا أن اللفظ الواحد قد يستعمل يف حقيقته‪ ،‬وقد يستعمل جمازا‪ ،‬كام مر بنا أن الرتكيب‬
‫الواحد قد يستعمل يف حقيقته ‪ ،‬وقد يستعمل جمازا ‪ ،‬والرتاكيب املستعملة جمازا إن كانت العالقة فيها‬
‫املشاهبة‪ ،‬فهي استعارة متثيلية كام سيأيت ‪ ،‬وإن كانت غري املشاهبة‪ ،‬فهي من املجاز املرسل املركب‪.‬‬
‫تعريف املجاز املرسل املركب هو‪:‬‬
‫كل تركيب استعمل يف غري ما وضع له؛ لعالقة غري املشاهبة‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة معناه األصيل‪.‬‬
‫وهذا النوع من املجاز يتأتى يف اجلمل اخلربية املستعملة يف اإلنشاء للتحرس وإظهار احلزن والتحذير‬
‫والتهكم وغري ذلك‪ ،‬كام يف قول ابن الرومي‪:‬‬
‫ـــت َب ْينِـــي َو َب ْينَـــ ُه ن ََســـ ُب ْه‬
‫َوا ْن َب َّ‬ ‫***‬ ‫ـــان َشـــ َب ِاب َف َعـــ َّز َم ْط َل ُبـــ ُه‬
‫َب َ‬
‫فاجلمل اخلربية يف هذا البيت ليست عىل حقيقتها من إفادة املخاطب حكام مل يكن عىل علم به من‬
‫قبل‪ ،‬بل خرجت عن اخلربية إىل اإلنشائية لغرض التحرس وإظهار احلزن واألمل عىل فراقه حلالة الشباب‬
‫البهيج ‪ ،‬فرتاكيب هذا البيت جماز مرسل مركب عالقته السببية ‪ ،‬والقرينة حالية؛ ألن ابن الرومى ال‬
‫يريد اإلخبار املجرد‪ ،‬ولكنه يشري إىل ما استحوذ عليه من اهلم واحلزن بسبب فراق الشباب‪.‬‬
‫ارثِي ‪:‬‬ ‫ال ِ‬ ‫ومثله قول َج ْع َفر بن ُع ْل َب َة َْ‬

‫وج ْث َما ِن بِ َمكَّـ َة ُمو َث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرك ِ‬


‫ـق‬ ‫يـب ُ‬‫ني ُم ْصعدٌ *** َجن ٌ‬ ‫ْب ا ْل َي َمن َ‬ ‫اي َم َع َّ‬
‫َه َو َ‬
‫ويتحس عىل ما آل إليه أمره‪ ،‬وليس‬ ‫واحلزن الذي أمل َّ به من فراق األحبة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فهو يشري إىل األسف‬
‫َّ ُ‬
‫الغرض منه حقيقة اخلرب‪.‬‬
‫ومثله قول ابن املعتز‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َأ َخ َ ِ‬
‫الص َبـــا َع َل ْيـــه َّ‬
‫الســـا ُم‬ ‫ـــن َشـــ َب ِاب األَ َّيـــا ُم *** َوت َ‬
‫َـــو َّل ِّ‬ ‫ـــذ ْت م ْ‬
‫ِ‬
‫والتحزن عىل ما‬ ‫مستعمل يف إنشاء الت ََّح ُّ ِ‬
‫س‬ ‫ٌ‬ ‫فإنه وإن كان خربا يف أصل وضعه‪ ،‬لكنَّه يف هذا امل َقام‬
‫فات من الشباب‪.‬‬
‫فكل من هذه اجلمل اخلربية خرجت عن معانيها احلقيقية؛ لعالقة غري املشاهبة ألغراض تستمد من‬
‫سياقاهتا‪ ،‬وهلذا فهي من املجاز املرسل املركب‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫ملخص الدرس‬
‫احلقيقة‪ :‬هي استعامل الكلمة يف معناها املوضوع له يف اصطالح التخاطب‪.‬‬
‫اجملاز‪ :‬هو اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫‪2‬ـ االستعارة‪.‬‬ ‫‪1‬ـ املجاز املرسل‪ .‬‬ ‫أنواع املجاز اللغوي‪ :‬نوعان‪ :‬‬
‫اجملاز املرسل‪ :‬هو الكلمة املستعملة يف غري معناها األصيل ؛ لعالقة غري املشاهبة‪ ،‬مع قرينة مانعة من‬
‫إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫الفرق بني املجاز املرسل واالستعارة‪ :‬االستعارة هلا عالقة واحدة هي املشاهبة؛ ألهنا مبنية عىل‬
‫التشبيه كام سيأيت‪ ،‬أما املجاز املرسل‪ ،‬فتتعدد عالقاته‪.‬‬
‫عالقات اجملاز املرسل‪:‬‬
‫‪1‬ـ السببية ‪ :‬وهي إطالق السبب‪ ،‬وإرادة املسبب‪.‬‬
‫‪2‬ـ املسببية‪ :‬وهي أن يذكر لفظ املسبب‪ ،‬واملراد السبب‪.‬‬
‫‪3‬ـ اجلزئية ‪ :‬وهي إطالق اجلزء‪ ،‬وإرادة الكل‪.‬‬
‫‪4‬ـ الكلية ‪ :‬وهي إطالق الكل‪ ،‬وإرادة اجلزء‪.‬‬
‫‪5‬ـ اعتبار ما كان عليه‪ :‬وهى ذكر اليشء باسم ما كان عليه‪.‬‬
‫‪6‬ـ اعتبار ما سيكون ‪ :‬وهي ذكر اليشء باسم ما يؤول إليه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫املحل‪.‬‬ ‫‪7‬ـ احلا ِّل َّية ‪ :‬وهي إطالق لفظ ِّ‬
‫احلال وإرادة‬
‫املحل‪ ،‬وإرادة ِّ‬
‫احلال‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫‪ 8‬ـ املح ِّل َّية ‪ :‬وهي إطالق لفظ‬
‫‪9‬ـ اآللية ‪ :‬وهي ذكر اسم اآللة‪ ،‬وإرادة أثرها‪.‬‬
‫بالغة املجاز املرسل تتمثل إمجاال يف ثالثة أمور‪1 :‬ـ التأكيد‪2 .‬ـ اإلجياز‪3 .‬ـ املبالغة‪.‬‬
‫املجاز املرسل املركب‪ :‬هو كل تركيب استعمل يف غري ما وضع له؛ لعالقة غري املشاهبة‪ ،‬مع قرينة‬
‫مانعة من إرادة معناه األصيل‪.‬‬
‫وهذا النوع من املجاز يتأتى يف اجلمل اخلربية املستعملة يف اإلنشاء؛ للتحرس وإظهار الضعف‪ ،‬وغري‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬كل جماز لغوي ال بد فيه من رشطني أساسيني‪:‬‬
‫‪1‬ـ عالقة بني املعنى احلقيقي‪ ،‬واملعنى املجازي ‪.‬‬
‫‪2‬ـ قرينة متنع من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬عالقات املجاز املرسل جتاوزت الثالثني واملشهور منها‪ :‬العالقات التسعة التى درستها‪.‬‬
‫انتبه إىل‪ :‬أن تسمية عالقة املجاز املرسل‪ ،‬وحتديدها بدقة يكون عن طريق اللفظ املذكور‪ ،‬فإن‬
‫كان املذكور يف الكالم هو السبب‪ ،‬واملراد املسبب‪ ،‬سميت السببية‪ ،‬وإن كان املذكور يف‬
‫الكالم هو الكل‪ ،‬واملراد اجلزء سميت الكلية‪ ،‬وهكذا دواليك‪.‬‬
‫انتبه إىل‪ :‬أن اجلزء املذكور يف عالقة اجلزئية جيب أن يكون أصلح األجزاء للتعبري به عن الكل‪ ،‬أي‬
‫‪ :‬بأن يكون له زيادة اختصاص باملعنى املراد من الكالم‪ ،‬أو بأن يكون اجلزء املذكور ال‬
‫يتحقق الكل إال به‪.‬‬
‫مفاهيم ‪:‬‬
‫‪1‬ـ احلقيقة ‪ :‬هي استعامل الكلمة يف املعنى املوضوع هلا يف اللغة‪.‬‬
‫‪2‬ـ املجاز‪ :‬هو الكلمة املستعملة يف غري معناها املوضوع هلا يف اللغة؛ لعالقة‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة‬
‫املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫‪3‬ـ املجاز املرسل املفرد‪ :‬هو اللفظ املستعمل يف غري معناه املوضوع له يف اللغة؛ لعالقة غري املشاهبة‪،‬‬
‫مع قرينة مانعة من إرادة معناه األصيل‪.‬‬
‫‪4‬ـ املجاز املرسل املركب‪ :‬هو الرتكيب املستعمل يف غري معناه املوضوع له يف اللغة؛ لعالقة غري‬
‫املشاهبة‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة معناه األصيل‪.‬‬
‫***‬
‫‪19‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬مع التعليل‬
‫فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪1‬ـ املجاز‪ :‬هو استعامل اللفظ يف غري ما وضع له‪ .‬‬
‫)‬ ‫‪2‬ـ اجلزئية من عالقات املجاز املرسل‪ ،‬ويصح التعبري فيها بأي جزء دون رشوط (‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪3‬ـ الفرق بني املجاز املرسل‪ ،‬واالستعارة أساسه العالقة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪4‬ـ تسمية العالقة مبنية عىل املذكور‪ ،‬ال املحذوف‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪5‬ـ القرينة ليست رضورية يف املجاز‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪6‬ـ لكل جماز عالقة وقرينة ورس بالغي‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪7‬ـ القرينة تكون لفظية أوعقلية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪8‬ـ املجاز املرسل يقع يف املفردات وال يأتى يف املركبات‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪9‬ـ عالقات املجاز املرسل كثرية أشهرها تسع عالقات‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪10‬ـ بالغة املجاز املرسل اإلجياز والتوكيد واملبالغة‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‪:‬‬
‫‪5‬ـ (×)‪.‬‬ ‫‪4‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪3‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪2‬ـ (×)‪ .‬‬ ‫‪1‬ـ (√)‪ .‬‬
‫‪10‬ـ (√)‪.‬‬ ‫‪9‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪8‬ـ (×)‪ .‬‬ ‫‪7‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪6‬ـ (√)‪ .‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬حدد موطن املجاز‪ ،‬وعالقته‪ ،‬وقرينته فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ ﮬﱸ [الروم ‪.]22:‬‬
‫‪2‬ـ قـال تعـاىل‪ :‬ﱹ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫ﯔ ﱸ [مريم‪.]73:‬‬
‫‪20‬‬

‫‪3‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﱸ‬


‫[البقرة‪. ]234:‬‬
‫‪4‬ـ قال تعاىل‪:‬ﱹﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﱸ [الشورى‪.]30:‬‬
‫‪5‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﱸ [احلج‪.]60:‬‬
‫‪ 6‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﱸ [آل عمران‪.]107:‬‬
‫‪ 7‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﱸ [الفتح‪. ]10:‬‬
‫«م ْن َقت ََل َقتِ ًيل َف َل ُه َس َل ُبه»‪.‬‬
‫‪َ :‬‬ ‫‪ 8‬ـ قال‬
‫‪ 9‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫لي كِ َـرا ُم‬ ‫ِ‬
‫َو َق ْومـي َوإِ ْن َضنُّـوا َع َ َّ‬ ‫***‬ ‫لي َع ِزيـز ٌه‬ ‫ِ‬
‫بِلادي َوإِ ْن َج َ‬
‫ـار ْت َع َ َّ‬
‫كبري األَثر‪.‬‬
‫كان هلا ُ‬‫اخلطيب كلم ًة َ‬
‫ُ‬ ‫‪ 10‬ـ أل َقى‬
‫القطن الذي تُنتِ ُج ُه بال ُدهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫املرصيون‬
‫َ‬ ‫‪ 11‬ـ َي ْل َب ُس‬
‫إجابة التدريب الثانى‬
‫بالغته‬ ‫قرينته‬ ‫عالقته‬ ‫موطن املجاز‬ ‫م‬

‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫اآللية‬ ‫ألسنتكم‬ ‫‪1‬‬


‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫املحلية‬ ‫نديا‬ ‫‪2‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫اعتبار ما كان‬ ‫أزواجا‬ ‫‪3‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫اجلزئية‬ ‫أيديكم‬ ‫‪4‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫املسببية‬ ‫ُع ْو ِقب‬ ‫‪5‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫احلالية‬ ‫رمحة اهلل‬ ‫‪6‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫السببية‬ ‫يد اهلل‬ ‫‪7‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫اعتبار ما سيكون‬ ‫قتيال‬ ‫‪8‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫لفظية‬ ‫املحلية‬ ‫بالدي‬ ‫‪9‬‬
‫التأكيد واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫اجلزئية‬ ‫كلمة‬ ‫‪10‬‬
‫اإلجياز والتأكيد واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫اعتبار ما كان‬ ‫القطن‬ ‫‪11‬‬
‫‪21‬‬

‫التدريب الثالث‪ :‬عرف املصطلحات اآلتية‪:‬‬


‫املجاز املرسل املفرد ـ عالقة السببية ـ املسببية ـ اجلزئية ـ الكلية ـ املجاز املرسل املركب‬
‫إجابة التدريب الثالث‪:‬‬
‫املجاز املرسل املفرد‪ :‬هو الكلمة املستعملة يف غري معناها احلقيقى لعالقة غري املشاهبة‪ ،‬مع قرينة‬
‫مانعة من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫السببية ‪ :‬هي إطالق السبب‪ ،‬وإرادة املسبب ‪.‬‬
‫املسببية‪ :‬هي أن يذكر لفظ املسبب‪ ،‬واملراد السبب‪.‬‬
‫اجلزئية ‪ :‬هي إطالق اجلزء‪ ،‬وإرادة الكل‪.‬‬
‫الكلية ‪ :‬هي إطالق الكل‪ ،‬وإرادة اجلزء‪.‬‬
‫املجاز املرسل املركب ‪ :‬هو كل تركيب استعمل يف غري معناه األصيل لعالقة غري املشاهبة‪ ،‬مع قرينة‬
‫مانعة من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫***‬
‫‪22‬‬

‫الدرس الثاني‬
‫(االستعارة تعريفها‪ ،‬أركانها‪ ،‬قرينتها‪ ،‬أنواعها‪ ،‬والفروق بينها)‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫ ‪-‬يفرق بني االستعارة والكذب ‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر تعريفا لالستعارة‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أركان االستعارة مع التمثيل ‪.‬‬
‫ ‪-‬يقارن بني أنواع االستعارة‪.‬‬
‫ ‪-‬يستخرج من أمثلة مقدمة له استعارة ترصحيية‪ ،‬واستعارة مكنية‪ ،‬واستعارة متثيلية‪.‬‬
‫ ‪-‬يفرق بني التشبيه التمثيىل ‪ ،‬واالستعارة التمثيلية مع التمثيل‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يكشف هذا الدرس عن تعريف االستعارة لغة واصطالحا‪ ،‬وأركان االستعارة‪،‬‬
‫وقرينتها‪ ،‬والفرق بني االستعارة والكذب‪ ،‬وأنواع االستعارة الترصحيية‪ ،‬واملكنية‪ ،‬ومفهوم كل منهام‪،‬‬
‫ورس تسميتهام بذلك‪ ،‬والفرق بني االستعارة الترصحيية‪ ،‬واملكنية‪ ،‬ومفهوم االستعارة التخييلية عند‬
‫مجهور البالغيني‪ ،‬وداللة االستعارة التمثيلية من خالل النصوص البليغة‪.‬‬
‫شرح الدرس‬
‫متهيد‬
‫مىض بنا الوقوف عىل مفهوم املجاز املرسل‪ ،‬والكشف عن عالقاته املتعددة‪ ،‬وهنا نرشع يف الشق‬
‫اآلخر من املجاز اللغوي‪ ،‬وهو االستعارة بكافة أنواعها‪ ،‬والفرق بني هذين النوعني يعتمد عىل العالقة‪،‬‬
‫فالعالقة يف االستعارة هي املشاهبة بني املعنى احلقيقي واملجازي؛ألهنا تشبيه حذف منه أحد طرفيه‪ ،‬أما‬
‫املجاز املرسل‪ ،‬فعالقته غري املشاهبة؛ ألنه ال يعتمد عىل التشبيه يف استخراجه‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫تعريف االستعارة‬
‫االستعارة يف اللغة‪ :‬مأخوذة من قوهلم‪ :‬استعار فالن من فالن اليشء أو املال‪ ،‬إذا طلبه عارية‪.‬‬
‫ويف االصطالح‪ :‬هي اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له يف اللغة؛ لعالقة املشاهبة بني املعنى احلقيقي‬
‫واملجازي‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫أن كلمة «األسد» استعملت يف غري معناها احلقيقي‪،‬‬
‫انظر إىل قولنا‪« :‬رأيت أسدا يرمى األعداء» جتد َّ‬
‫األصيل لألسد وهو احليوان املفرتس‪ ،‬وبني املعنى املجازي‬ ‫ِّ‬ ‫أن هناك عالقة بني املعنى‬
‫رأيت َّ‬
‫تأملت َ‬‫َ‬ ‫وإِذا‬
‫الذي ْاس ُت ْع ِم َل فيه وهو الرجل الشجاع‪ ،‬وهذه العالقة هي املشاهب ُة؛ ألَ َّن الشخص اجلرئ املقدام ُي ْشبِه‬
‫األسد يف جسارته وجرأته‪ ،‬والقرينة التي منعت من إرادة املعنى احلقيقي لألسد هي لفظة «يرمي»؛ ألن‬
‫األسد احلقيقي ال يرمي األعداء بالسهام‪.‬‬
‫ثم انظر إىل قول ابن ال َع ِميد ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ـم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـــن َع َج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫س‬ ‫الش ـ ْ‬ ‫ـم ٌس ُت َظ ِّل ُلن ــي م ـ َ‬
‫ـن َّ‬ ‫َش ـ ْ‬ ‫***‬ ‫ـــب‬ ‫ـــت ُت َظ ِّل ُلنـــي وم ْ‬
‫قام ْ‬‫َ‬
‫أن كلمة «شمس» يف الشطر الثاين استعملت يف معنيني‪ :‬أحدُ مها ‪ :‬املعنى احلقيقي للشمس‪،‬‬ ‫جتد َّ‬
‫الشمس يف اإلرشاق والت ْ‬
‫أللؤ‪ ،‬وهذا املعنى‬ ‫َ‬ ‫وضاء الوجه يشبه‬
‫ُ‬ ‫إنسان‬
‫ٌ‬ ‫وهي الكوكب املعروف‪ ،‬والثاين‬
‫أن هناك عالقة بني املعنى احلقيقي للشمس‪ ،‬واملعنى املجازي الذي‬ ‫رأيت َّ‬
‫َ‬ ‫تأملت‬
‫َ‬ ‫غري حقيقي‪ ،‬وإِذا‬
‫الويضء الوجه ُي ْشبِه الشمس يف ا ِ‬
‫إلرشاق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ت فيه‪ ،‬وهذه العالقة هي املشاهب ُة؛ ألَ َّن الشخص‬ ‫ْاس ُت ْع ِم َل ْ‬
‫والقرينة املانعة من إرادة املعنى احلقيقي هنا هي لفظة « ُت َظ ِّل ُلنِي»؛ ألَ َّن الشمس احلقيقية ال ُت َظ ِّلل‪.‬‬
‫عالقة التشبيه باالستعارة‬
‫مر بنا أن التشبيه أربعة أركان‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪4‬ـ أداة التشبيه‪.‬‬ ‫‪3‬ـ وجه الشبه‪ .‬‬ ‫ ‬
‫‪2‬ـ املشبه به‪.‬‬ ‫‪1‬ـ املشبه‪ .‬‬
‫وجيوز ذكر هذه األركان كلها فتقول‪« :‬حممد كاألسد يف الشجاعة»‪ ،‬وجيوز حذف وجه الشبه‬
‫فتقول‪« :‬حممد كاألسد»‪ ،‬وجيوز حذف األداة فحسب‪ ،‬فتقول‪« :‬حممد أسديف الشجاعة»‪ ،‬وجيوز حذف‬
‫الوجه واألداة‪ ،‬فتقول‪« :‬حممد أسد»‪ ،‬وال جيوز مطلقا حذف الطرفني‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن العميد‪ :‬هو الوزير أبو الفضل حممد بن العميد‪ ،‬نبغ يف األدب‪ ،‬وعلوم الفلسفة‪ ،‬والنجوم‪ ،‬وقد برز يف الكتابة عىل أهل زمانه حتى‬
‫مت بابن العميد» توىف سنة ‪360‬هـ‪.‬‬ ‫وختِ ْ‬ ‫قيل‪« :‬ب ِدئ ِ‬
‫َت الكتاب ُة بعبد احلميد ُ‬ ‫ُ‬
‫‪24‬‬

‫وعليه فإننا نفهم من الكالم السابق أن التشبيه ال بد فيه من ذكر الطرفني األساسيني‪ ،‬ومها (املشبه‪،‬‬
‫واملشبه به) فإذا حذف أحد الركنني ال يعد تشبيها‪ ،‬بل يصبح استعارة ‪.‬‬
‫الحظ الفرق بني قولنا‪« :‬اجلندي أسد»‪ ،‬و«رأيت أسدً ا يتكلم»‪ ،‬و«اجلندي يزأر وهو يفرتس‬
‫األعداء»‪ ،‬فاملثال األول‪ :‬تشبيه بليغ؛ لوجود املشبه «اجلندي»‪ ،‬واملشبه به «أسد»‪ ،‬واملثال الثاين‪ :‬استعارة‬
‫ترصحيية حلذف املشبه «اجلندي»‪ ،‬والترصيح باملشبه به «أسد»‪ ،‬واملثال الثالث‪ :‬استعارة مكنية حلذف‬
‫املشبه به «أسد» وذكر املشبه «اجلندي»‪ ،‬ووجود صفة من صفات املشبه به املحذوف ترشد إليه وتدل‬
‫عليه وهي لفظة يزأر‪ ،‬فإن الزئري من صفات األسود ال من صفات اجلنود‪.‬‬
‫َ‬
‫التأمل يف األمثلة السابقة تلحظ أن الذي يسميه البالغيون يف باب التشبيه «املشبه» يطلق عليه‬ ‫َأ ِع ِد‬
‫البالغيون يف باب االستعارة «املستعار له»‪.‬‬
‫والذي يسميه البالغيون يف باب التشبيه «املشبه به» يطلق عليه البالغيون يف باب االستعارة «املستعار‬
‫منه» ‪.‬‬
‫والذي يسميه البالغيون يف باب التشبيه «وجه الشبه» يطلق عليه البالغيون يف باب االستعارة «‬
‫اجلامع»‪.‬‬
‫أركان االستعارة‬
‫‪1‬ـ املستعار له (وهو املشبه)‪.‬‬
‫‪2‬ـ املستعار منه (وهو معنى املشبه به)‪.‬‬
‫‪3‬ـ املستعار‪ :‬وهو لفظ املشبه به الذي استعرته لغريه‪.‬‬
‫‪4‬ـ اجلامع (وهو وجه الشبه)‪.‬‬
‫وال بد يف االستعارة من عدم ذكر وجه الشبه‪ ،‬وال أداة التشبيه‪ ،‬بل وال بد ـ أيضا ـ من تنايس التشبيه‪،‬‬
‫الذي من أجله وقعت االستعارة‪ ،‬واالدعاء بأن املشبه واملشبه به صارا شيئا واحدا عىل سبيل االمتزاج‬
‫وااللتحام حتى جاز لنا إطالق أحدمها عىل اآلخر‪ ،‬ولوال وجود القرينة ما تنبهنا هلذه االستعارة‪ ،‬وأن‬
‫اللفظة استعملت يف غري معناها احلقيقي‪ ،‬حتى صار هلا وقع حسن‪ ،‬وأعطت الكالم قوة وتأكيدا‪،‬‬
‫وأكسبته رونقا ومجاال‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫فإذا قلت‪« :‬فالن يتحدث بالدرر»‪ ،‬فالقرينة هي يتحدث‪ ،‬واملستعار له‪ :‬هو الكالم املشبه املحذوف‪،‬‬
‫واملستعار منه هو الدرر‪ ،‬وهو املشبه به املرصح به يف العبارة ‪ ،‬واجلامع بينهام‪ :‬احلسن‪ ،‬وقوة التأثري‪ ،‬وهو‬
‫وجه الشبه‪.‬‬
‫قرينة االستعارة‬
‫ُّ‬
‫كل جماز لغوي‪ :‬مرسل‪ ،‬أو استعارة ال بد فيهام من قرينة متنع من إرادة املعنى احلقيقي‪ ،‬وهذه القرينة‬
‫نوعان‪:‬‬
‫‪1‬ـ لفظية‪ :‬أي يتلفظ هبا‪ ،‬ونستطيع حتديدها يف العبارة التي وردت فيها االستعارة مثل كلمة (يقذف)‬
‫يف قولك‪« :‬شاهدت أسدا يقذف األعداء»‪ ،‬وكلمة (يعظ) يف قولك‪« :‬رأيت بحرا يعظ الناس»‪ ،‬وكلمة‬
‫(يف الطريق) يف قولك‪ « :‬تراءى يل بدر يسري يف الطريق»‪.‬‬
‫‪2‬ـ غري لفظية‪:‬‬
‫وهي قسمان‪:‬‬
‫أـ حالية‪ :‬كام تقول ‪« :‬رأيت أسدا»‪ ،‬وأمامك بطل شجاع صنديد‪ ،‬و«رأيت بدرا»‪ ،‬وأمامك فتاة‬
‫فائقة احلسن‪ ،‬ذات طلة هبية ‪ ،‬و«رأيت بحرا»‪ ،‬وأمامك عامل يعظ الناس‪.‬‬
‫ب ـ استحالة املعنى‪ :‬كقولك‪ :‬نطقت حايل بالشكوى‪ ،‬تريد(دلت) الستحالة النطق بمعناه احلقيقي‬
‫من احلال‪ ،‬وهو أمر معنوي‪.‬‬
‫الفرق بني االستعارة والكذب‬
‫قديم وحدي ًثا وقوع املجاز‪ ،‬ومنه االستعارة يف القرآن الكريم‪ ،‬معللني ذلك بأن‬
‫نفى بعض العلامء ً‬
‫املجاز ومنه االستعارة قول كاذب عىل خالف احلقيقة‪ ،‬من هنا مست احلاجة إىل التفريق بني االستعارة‬
‫والكذب‪ ،‬حتى تندفع شبهة هؤالء العلامء‪ ،‬والفرق بينهام من وجهني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن االستعارة مبنية عىل التأويل يف دعوى دخول املشبه يف جنس املشبه به‪ ،‬وذلك أن املستعري‬
‫جيعل أفراد املشبه به قسمني‪ :‬قسام متعارفا‪ ،‬وقسام غري متعارف‪ ،‬وجيعل االستعارة من القسم الثاين‪.‬‬
‫أما الكذب‪ ،‬فال تأويل فيه؛ ألن الكاذب يسوق كالمه مساق املسلامت‪ ،‬وال يظهر عليه أنه يتأول‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أنه البد يف االستعارة من قرينة متنع من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫أما الكذب‪ ،‬فال قرينة فيه عىل إرادة خالف الظاهر‪ ،‬بل إن الكاذب يبذل جمهودا يف ترويج كذبه‪.‬‬
‫أنواع االستعارة باعتبار الطرفني‬
‫‪2‬ـ مكنية‪.‬‬ ‫ ‬
‫االستعارة نوعان‪1 :‬ـ ترصحيية‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬االستعارة التصرحيية‬
‫وح ِذ َ‬
‫ف فيها املشبه‬ ‫ص َح فيها باملشبه به‪( ،‬املستعار منه)‪ُ ،‬‬
‫‪1‬ـ تعريف االستعارة الترصحيية‪ :‬هى التي ُ ِّ‬
‫(املستعار له)‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﱸ [البقرة‪ ،]257:‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﱸ [إبراهيم‪ ،]1:‬حيث استعري يف هاتني اآليتني الظلامت للكفر‪ ،‬والنور لإليامن‪ ،‬ثم حذف املشبه‬
‫(الكفر واإليامن)‪ ،‬وذكر املشبه به‪ ‬الظلامت والنور‪ ،‬وتنوسى التشبيه‪ ،‬وادعينا أن املشبه فرد من أفراد‬
‫املشبه به‪ ،‬ثم استعرنا لفظ الظلامت للكفر‪ ،‬والنور لإليامن عىل سبيل االستعارة الترصحيية‪ ،‬والعالقة‬
‫املشاهبة‪ ،‬والقرينة حالية‪.‬‬
‫ومثله قول املتنبي‪:‬‬
‫ت ُت َعانِ ُق ُه األُ ْسـدُ‬
‫لا َق َام ْ‬
‫َوال َر ُج ً‬ ‫***‬ ‫َف َل ْم َأ َر َق ْب ِل َم ْن َم َشى ا ْل َب ْح ُر ن َْح َو ُه‬
‫حيث اشتمل البيت عىل استعارتني مها (البحر) الذي استعاره الشاعر للرجل الكريم لعالقة‬
‫املشاهبة‪ ،‬والقرينة (مشى)‪ ،‬و(األُ ْسد) التي استعارها للفرسان الشجعان لعالقة املشاهبة‪ ،‬والقرينة‬
‫(تعانقه)‪ ،‬ويالحظ أن املستعار منه «املشبه به» هو املرصح به هنا‪ ،‬واملحذوف هو املستعار له «املشبه»‪.‬‬
‫وطريقة إجراء االستعارة ىف هذا الشطر الثانى تتلخص ىف اخلطوات اآلتية‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬شبه الفرسان الشجعان باألُ ْس ِد بجامع البسالة واجلراءة يف ك ٍُّل‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬حذف املشبه الفرسان الشجعان‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪ُ 3‬تنُويس التشبيه‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬ا ُّدعي أن املشبه وهو الفرسان الشجعان داخل ىف جنس املشبه به‪ ،‬وفرد من أفراده‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬استعريت لفظة (األُ ْسد) للفرسان الشجعان عىل سبيل االستعارة الترصحيية‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الوأوأ الدمشقي يصف امرأة تبكي‪:‬‬
‫‪27‬‬

‫ب ِد‬ ‫ت َع َل ا ْل ُعن ِ ِ‬
‫َّاب با ْل َ َ‬ ‫َو ْر ًدا َو َع َّض ْ‬ ‫***‬ ‫َف َأ ْم َط َر ْت ُل ْؤ ُل ًوا ِم ْن ن َْر ِج ٍ‬
‫س َو َس َق ْت‬
‫حيث استعار الشاعر اللؤلؤ للدموع املنسكبة من عني حمبوبته‪ ،‬واستعار النرجس لعني حمبوبته‪،‬‬
‫والورد خلد حمبوبته‪ ،‬والعناب ألنامل حمبوبته‪ ،‬والربد ألسنان حمبوبته‪ ،‬ثم حذف املستعار له (املشبه)‪،‬‬
‫ورصح باملشبه به عىل سبيل االستعارة الترصحيية‪ ،‬والقرينة لفظية هي أمطرت‪ ،‬وسقت‪ ،‬و َع َّضت‪.‬‬
‫ثانيًـا‪ :‬االستعارة املكنية‬
‫ف فيها املشبه به(املستعار منه) وبقيت صفة من صفاته ترمز إليه‪ ،‬وتدل‬‫تعريفها‪ :‬وهى التي ُح ِذ َ‬
‫ـه َ‬
‫ـذ ِل‪:‬‬ ‫عليه‪ ،‬كقول أيب ُذؤَ ْي ٍ‬
‫ب ا ْل ُ‬
‫ــت ك َُّل َت ِ ٍ‬
‫َأ ْل َف ْي َ‬ ‫ْــمن ِ َّي ُة َأن َْشــ َب ْ‬
‫ت َأ ْظ َف َار َهــا‬
‫يمــة ال َتنْ َف ُ‬
‫ــع‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫َوإِ َذا الـ َ‬
‫حيث شبه املنية وهي املوت بالسبع‪ ،‬وحذف «املستعار منه «السبع»‪ ،‬وترك يف الكالم الزما من‬
‫لوازمه‪ ،‬وصفة من صفاته التي تدل عليه‪ ،‬وهي قوله‪« :‬أنشبت أظفارها»عىل سبيل االستعارة املكنية‪،‬‬
‫والقرينة‪ :‬لفظية ألن املنية ال أظافر هلا يف احلقيقة حتى تنش َبها يف الفريسة‪.‬‬
‫وحان ِقطا ُفها وإِن َلص ِ‬
‫اح ُب َها)‪.‬‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ألرى ُرؤُ ً‬
‫وسا قد أينَ َع ْ‬ ‫ومثاهلا ـ أيضا ـ قول احلجاج‪( :‬إين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ف؛ ألن أصل الكالم‪:‬‬ ‫وحان أن ُت ْق َط َ‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫الست ْح َقاق ِه ْم ال َقت َْل بث َم ٍر ن َ‬
‫َضج ْ‬ ‫حيث َش َّب َه ُرؤُ َ‬
‫وس املخالفني ْ‬
‫رؤوسا كالثمرات قد أينعت‪ ،‬وحان قطافها‪ ،‬ثم حذف املشبه به «الثمرات»‪ ،‬ورمز له بيشء‬
‫ً‬ ‫إين ألرى‬
‫من لوازمه‪ ،‬وهو أينعت‪ ،‬وتنوسى التشبيه وادعينا أن املشبه فرد من أفراد املشبه به‪ ،‬واستعرنا لفظ الثامر‬
‫للرؤوس عىل سبيل االستعارة املكنية‪ ،‬والقرينة‪ :‬لفظية الستحالة إيناع رؤوس بني اإلنسان كام تينع‬
‫الثامر‪.‬‬
‫ومثل ذلك يقال يف قول املتنبي ‪:‬‬
‫ـــن َأ ِب ُســـ َل ْي َم َن الـْـــخُ ُطو َبا ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إِ َل ا ْب ِ‬ ‫ـــل ْام َت َط ْينَـــا‬ ‫و ََّلـــا َق َّل ِ‬
‫ـــت ا ِ‬
‫إل ْب ُ‬
‫***‬ ‫َ‬
‫حيث َش َّبه اخلطوب باإلبل‪ ،‬ثم حذف املشبه به (اإلبل) ورمز هلا بيشء من لوازمها‪ ،‬وصفة من‬
‫صفاهتا‪ ،‬وهي (امتطينا) عىل سبيل االستعارة املكنية‪ ،‬والقرينة‪ :‬لفظية ألن اخلطوب ال ُتْتَطى‪.‬‬
‫ومنها قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ [اإلرساء‪ ،]24:‬حيث ّش َّبه َّ‬
‫الذل (املقصود‬
‫به اإلنسان الذي يتذلل وخيضع ألبويه) بطائر يرفرف بجناحيه عىل صغاره‪ ،‬وحذف «املستعار منه‬
‫(‪ )1‬امتطينا‪ :‬ركبنا‪ ،‬اخلطوب‪ :‬األمور الشديدة‪ ،‬يقول‪ :‬ملا عزت ا ِ‬
‫إلبل عليه لفقره محلته اخلطوب عىل قصد هذا املمدوح‪ ،‬فكانت له بمنزلة‬
‫مطية يركبها‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫«الطائر»‪ ،‬وترك يف الكالم الزما من لوازمه‪ ،‬الذي يدل عليه‪ ،‬وخيتص به‪ ،‬وهي قوله‪« :‬جناح» عىل‬
‫ي َفض‪.‬‬
‫سبيل االستعارة املكنية‪ ،‬والقرينة‪ :‬لفظية ألن الذل ال جناح له يف احلقيقة حتى ُ ْ‬
‫سبب تسميتها باملكنية‬
‫وسميت االستعارة هنا مكنية؛ ألن املشبه به «املستعار منه» جاء مكنيا‪ ،‬أي‪ :‬حمتجبا خمتفيا غري مرصح‬
‫به‪ ،‬بخالف ما كان عليه احلال يف االستعارة الترصحيية‪.‬‬
‫الفرق بني االستعارة التصرحيية واملكنية‬
‫االستعارة املكنية قسيم االستعارة الترصحيية‪ ،‬وهي عىل الضد منها إن صح هذا التعبري؛ ألن‬
‫االستعارة الترصحيية ُيذف فيها املشبه (املستعار له)‪ ،‬ويرصح باملشبه به (املستعار منه)‪ ،‬أما املكنية‪،‬‬
‫فيحذف فيها املشبه به‪ ،‬ويذكر املشبه وحده‪ ،‬مع وجود الزم للمشبه به‪َ ،‬ي ْر ُم ُز إليه‪ ،‬ومن َث َّم ُس ِّميت‬
‫مكنية؛ ألن املشبه به حذف‪َ ،‬و ُكن َِّي عنه بذكر الزم من لوازمه‪ ،‬وهذا الالزم يعد قرينة املكنية‪ ،‬وهو‬
‫ما يسمى باالستعارة التخييلية‪ ،‬هذا هو رأي مجهور البالغيني‪ ،‬وهو الرأي األوفق املتاميش مع طبيعة‬
‫االستعارة املكنية يف أساليبها الكثرية‪.‬‬
‫وهذا النوع من االستعارة فيه من املحاسن والروعة والرباعة واملبالغة ما فيه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫مجال االستعارة‪ :‬ما يدلل عىل أبلغية هذا النوع من االستعارة أن التجسيـم والتشخيص يعدان‬
‫سمة من أهم سامهتا‪ ،‬وقيمة كربى من قيمها الفنيـة ‪.‬‬
‫ولو دققنا النظر يف صور االستعارات املكنية السابقة‪ ،‬نجد أمر التجسيم جل ًّيا‪ ،‬أما التشخيص‪،‬‬
‫فأوضح يشء عليه هو قول الشاعر اجلاهىل برش بن أيب خازم واصفا خيول قومه‪:‬‬
‫اتــا لِ ْل َم ْغنَــ ِم‬ ‫ِ‬
‫ــب ل َث ُ َ‬
‫َخيــ ً ِ‬
‫ا تَض ُّ‬ ‫ْ‬ ‫***‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َبنُــو ن َُم ْ ٍ‬
‫ــر َقــدْ َلقينَــا من ُْه ُ‬
‫ــم‬
‫ــة ِم ْر َجــ ِم‬‫ــق الرحا َل ِ‬ ‫ــر ٍة‬ ‫ِِ‬
‫هــا بِــك ُِّل طم َّ‬
‫ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫َو ُم َق ِّطــ ٍع َح َل َ ِّ َ‬ ‫***‬ ‫ــم َد ْ ً‬
‫هن َُه ْ‬‫َفدَ ْ‬
‫فقوله‪« :‬ت َِض ِ‬
‫ب ل َث ُ َ‬
‫اتا»‪ ،‬أي ‪ :‬تسيل وتقطر لثاهتا من حب املغنم واحلرص عليه‪ ،‬فنسب للخيل فعال‬ ‫ُّ‬
‫ال يكون إال لألنايس العقالء من البرش‪ ،‬حيث شبه اخليل باإلنسان الذي يفرح للمغنم‪َ ،‬و ُي َرى ذلك‬
‫ب لِ َثا ُت ُه»‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عىل معامل وجهه وتقاسيمه‪ ،‬ثم حذف املشبه به اإلنسان‪ ،‬وترك شيئًا من لوازمه‪ ،‬وهو «تَض ُّ‬
‫(‪ )1‬التجسيم هو جعل األمور املعنوية جمسمة مثل‪« :‬جاء احلق»‪« ،‬سعى اخلري»‪ ،‬أما التشخيص‪ ،‬فهو أن جيعل املجسم شخصـًا مثل‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )2‬دمهنهم‪ :‬أي خيلنا غَش َيت ُْه ْم؛ طمرة‪ :‬فرس خفيفة ضامرة‪ ،‬مقطع حلق الرحالة‪ ،‬أي‪ :‬أن اجلواد لشدة وثبه ُيقط ُع حلق الرحالة‪ ،‬مرجم‪:‬‬
‫األرض بحافره‪.‬‬‫َ‬ ‫يرجم‬
‫‪29‬‬

‫وهذا الالزم هنا هو قرينة املكنية‪ ،‬وهو يف الوقت ذاته استعارة ختييلية كام يرى اجلمهور يف إجراء هذه‬
‫االستعارة‪ ،‬والقرينة‪ :‬لفظية‪.‬‬
‫وقيمة هذه االستعارة‪ :‬أهنا شخصت تلك اخليول‪ ،‬وأضفت عليها طبعا من طبائع اإلنسان‪ ،‬فجعلتها‬
‫حتب املغنم‪ ،‬ويسيل له لعاهبا‪ ،‬كام يسيل له لعاب اإلنسان العارف بقيمة هذا املغنم وأمهيته‪.‬‬
‫االستعارة التمثيلية‬
‫من أنواع االستعارات‪ :‬االستعارة التمثيلية‪ ،‬والفرق بينها وبني الترصحيية واملكنية السابق ذكرمها‪:‬‬
‫أن ك ً‬
‫ال من الترصحيية واملكنية تكونان يف اللفظة املفردة كام سبق لك توضيحه‪،‬أما التمثيلية‪ ،‬فتكون يف‬
‫الكالم املركب‪.‬‬
‫تعريف االستعارة التمثيلية هي‪ :‬اللفظ املركب املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة‪ ،‬مع‬
‫قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ‬
‫[اإلرساء‪ ،]29:‬ففي اآلية الكريمة هنيان‪:‬‬
‫األول‪ :‬هنى عن البخل‪ ،‬وقد جاء يف صورة حتذير لإلنسان أن جيمع يده‪ ،‬وعنقه يف غل‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬هني عن اإلرساف‪ ،‬وجاء يف صورة حتذير لإلنسان أن يمد يديه مدا متناهيا‪ ،‬فقد شبهت هيئة‬
‫البخيل هبيئة املغلول الذي اليستطيع أن يمد يده إىل يشء‪ ،‬ثم حذف املشبه‪ ،‬وتنويس التشبيه‪ ،‬وادعي‬
‫أن املشبه صار فر ًدا من أفراد املشبه به‪ ،‬ثم استعري املركب الدال عىل هيئة املشبه به هليئة املشبه عىل طريق‬
‫االستعارة التمثيلية الترصحيية‪.‬‬
‫ومثله قول املتنبى‪:‬‬
‫ِ‬
‫َيِ ــدْ ُم ـ ًّـرا ب ــه الـ َْمـ ـ َ‬
‫ـاء الــزُّالال‬ ‫***‬ ‫ـك ذا َفــ ٍم ُم ـ ٍّـر َمري ـ ٍ‬
‫ـض‬ ‫ـن َي ـ ُ‬
‫َو َم ـ ْ‬
‫ٍ‬ ‫الذ ْوق ِلف ْهم شعره‪ ،‬بسبب‬ ‫بذمه ممن مل ِ‬
‫ضعف يف إدراكه‪ ،‬بحال‬ ‫يرزق َّ‬ ‫حيث ش َّبه املتنبي حال ا ُملو َلعني ِّ‬
‫مرا؛ ملرارة أصيب هبا يف فمه‪ ،‬ثم حذف املشبه‪ ،‬وتنويس التشبيه‪ ،‬وا ُّد ِع َي‬ ‫املاء الزالل ًّ‬
‫املريض الذي جيد َ‬
‫أن املشبه صار فر ًدا من أفراد املشبه به‪ ،‬ثم استعري املركب الدال عىل هيئة املشبه به هليئة املشبه عىل طريق‬
‫االستعارة التمثيلية الترصحيية‪ ،‬والقرينة حالِ َّي ٌة‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫الفرق بني االستعارة التصرحيية واملكنية والتمثيلية‬


‫اتضح لك من أمثلة االستعارة الترصحيية‪ ،‬وكذلك االستعارة املكنية أهنا تقـع يف اللفظة املفردة‪،‬‬
‫وهاتان االستعارتان عند املقارنة تُشاكالن التشبيه املفرد الذي يتأتى يف اللفظة املفردة‪.‬‬
‫متاما ؛ ألهنا تأيت يف املركبات‪ ،‬أو بعبارة أخرى هي‬
‫أما االستعارة التمثيلية‪ ،‬فهي عىل عكس ما سبق ً‬
‫عىل غرار التشبيه املركب الطرفني الذي يتشكل من صورتني منتزعتني من أمرين أو عدة أمور اندمج‬
‫بعضها يف بعض‪َ ،‬و َتك ََّو َن منها هيئة أو صورة ‪.‬‬
‫ومن َث َّم فهي تعد من قبيل املجاز املركب؛ ألهنا ترتكز عىل تشبيه صورة مركبة حسية أو عقلية‪،‬‬
‫بصورة أخرى مركبة حسية أو عقلية‪ ،‬ثم حتذف الصورة األوىل‪ ،‬وهي املستعار له (املشبه)‪ ،‬ويبقي‬
‫املستعار منه (املشبه به)‪ ،‬وعىل ذلك فإن هذه االستعارة التمثيلية تعد من االستعارة الترصحيية؛ ألن‬
‫املشبه به (املستعار منه) هو املرصح به فيها‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وينبغي التأكيد عىل أن هذا النوع من االستعارات التمثيلية إنام يأيت بكثرة كاثرةيف األمثال‬
‫السائرة عندما نُشبه املوقف اجلديد باملوقف الذي قيل فيه هذا املثل‪.‬‬
‫ثل عريب رصيح‪َ ،‬‬
‫وأص ُل ُه َّ‬
‫أن‬ ‫طيب» ‪ ،‬وهو َم ٌ‬ ‫كل َخ ِ‬ ‫من ذلك قوهلم يف األمثال‪َ « :‬ق َط َع ْ‬
‫ت َجهي َز ُة َق ْو َل ِّ‬
‫ٌ‬
‫احلي اآلخر‪،‬‬ ‫رجل من َأحدمها رج ً‬
‫ال من ِّ‬ ‫تل ٌ‬ ‫قوما اجتمعوا للتشاور واخلطابة يف الصلح بني ح َّي ْي َق َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وإهنم لكذلك إذا بجارية تُدْ َعى َجهيزة َأقبلت‪َ ،‬فأ َ‬
‫املقتول َظف ُروا بالقاتل فقتلو ُه‪ ،‬فقال‬ ‫نبأهتم َأ َّن َأ َ‬
‫ولياء‬
‫ثل به يف كل موطن يؤتَى فيه بالقول‬ ‫كل َخطِيب»‪ ،‬وهو تركيب ُيت ََم ُ‬ ‫قائل منهم‪َ « :‬ق َط َع ْ‬
‫ت َجهي َز ُة َق ْو َل ِّ‬
‫الفصل‪.‬‬
‫ونحوه قوهلم يف األمثال‪« :‬إين أراك تقدم رج ً‬
‫ال وتؤخر أخرى»‪ ،‬حيث شبهت صورة املرتدد يف رأيه‬
‫بصورة من قام ليذهب فرتدد‪ ،‬فتارة يريد الذهاب فيقدم رجال‪ ،‬وتارة ال يريد فيؤخر أخرى‪ ،‬فاستعمل‬
‫يف الصورة األوىل الكالم الدال باملطابقة عىل الصورة الثانية‪ ،‬ووجه الشبه وهو اإلقدام تارة واإلحجام‬
‫أخرى منتزع من عدة أمور كام ترى‪ ،‬واستعري املركَّب الدال عىل الرتدد يف امليش للداللة عىل معنى‬
‫الرتدد يف الرأي‪ ،‬ثم حذف املشبه‪ ،‬وتنويس التشبيه‪ ،‬وادعى أن املشبه صار فر ًدا من أفراد املشبه به‪ ،‬ثم‬
‫استعري املركب الدال عىل هيئة املشبه به هليئة املشبه عىل طريق االستعارة التمثيلية الترصحيية‪ ،‬والقرينة‬
‫حالِ َّي ٌة‪ ،‬والعالقة املشاهبة‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫ملخص الدرس‬
‫االستعارة‪ :‬هي اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة بني املعنى احلقيقي واملعنى املجازي‪،‬‬
‫مع قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫‪2‬ـ املستعار منه (وهو معنى املشبه به )‬ ‫‪1‬ـ املستعار له (وهو املشبه)‬ ‫أركان االستعارة‪:‬‬
‫‪4‬ـ اجلامع ( وجه الشبه)‪.‬‬ ‫‪3‬ـ املستعار‪( ،‬وهو اللفظ املنقول)‬
‫قرينة االستعارة‪ :‬نوعان ‪:‬‬
‫أ ـ لفظية‪ :‬مثل كلمة (يقذف) يف قولك ‪ :‬شاهدت أسدا يقذف األعداء‪.‬‬
‫ب ـ غري لفظية‪ :‬وهي ـ حالية ـ أو استحالة املعنى‪.‬‬
‫الفرق بني االستعارة والكذب‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن االستعارة مبنية عىل التأويل‪،‬أما الكذب‪ ،‬فال تأويل فيه‪.‬‬
‫‪2‬ـ أنه البد يف االستعارة من قرينة متنع إرادة املعنى األصيل‪ ،‬أما الكذب‪ ،‬فال قرينة فيه‪.‬‬
‫أقسام االستعارة باعتبار ما يذكر من الطرفني‪ :‬تنقسم االستعارة هبذا االعتبار قسمني‪:‬‬
‫‪2‬ـ مكنية‪.‬‬ ‫‪1‬ـ ترصحيية‪ .‬‬ ‫ ‬
‫االستعارة التصرحيية ‪ :‬هي ما رصح فيها بلفظ املشبه به‪ ،‬وحذف املشبه‪.‬‬
‫وسميت ترصحيية؛ ألن املشبه به ُذكر فيها رصاحة‪.‬‬
‫االستعارة املكنية‪ :‬هي التي ُحذف فيها املشبه به‪ ،‬ورمز له بيشء من لوازمه‪.‬‬
‫وسميت مكنية؛ ألن املشبه به حذف‪ ،‬و ُكنِّي عنه بذكر الزم له يدل عليه‪.‬‬
‫اتفق مجهور البالغيني عىل أن قرينة املكنية تسمى استعارة ختييلية ‪ ،‬واالستعارة والقرينة متالزمان ال‬
‫ينفصالن‪.‬‬
‫االستعارة التمثيلية‪ :‬هي اللفظ املركب املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة‪ ،‬مع قرينة مانعة من‬
‫إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫الفرق بني التشبيه التمثيلي واالستعارة التمثيلية‪:‬‬
‫أن التشبيه التمثييل من قبيل احلقيقة‪ ،‬أما االستعارة التمثيلية‪ ،‬فهي من قبيل املجاز‪.‬‬
‫‪32‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬مجهور البالغيني اتفقوا عىل أن قرينة االستعارة املكنية تسمى استعارة ختييلية‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬االستعارة التمثيلية جتري يف املركبات ؛ ألن أساسها التشبيه التمثييل الذي هو صورة‬
‫منتزعة من متعدد مركبا حسيا أو عقليا‪.‬‬
‫انتبه إىل‪ :‬أن قرينة االستعارة املكنية والتخييلية ـ كام يرى مجهور البالغيني ـ متالزمان‪ ،‬بمعنى‪ :‬أن‬
‫املكنية ال تفارق التخييلية‪ ،‬والتخييلية ال تفارق املكنية ‪.‬‬
‫انتبه إىل‪ :‬أن االستعارة التمثيلية هي استعارة ترصحيية؛ ألن املستعار منه املشبه به ذكر رصاحة فيها‬
‫‪ ،‬وحذف املشبه كام مر توضيحه يف األمثلة السابقة‪.‬‬
‫انتبه إىل‪ :‬أن التشبيه التمثييل من قبيل احلقيقة‪ ،‬أما االستعارة التمثيلية‪ ،‬فهي من قبيل املجاز اللغوي‪.‬‬
‫مفاهيم ‪:‬‬
‫‪1‬ـ االستعارة‪ :‬هي اللفظ املستعمل يف غري ما وضع له لعالقة املشاهبة بني املعنى احلقيقي واملعنى‬
‫املجازي‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫‪2‬ـ االستعارة الترصحيية‪ :‬هي ما رصح فيها بلفظ املشبه به‪ ،‬وحذف املشبه‪.‬‬
‫‪3‬ـ االستعارة املكنية‪ :‬هي التي ُحذف فيها املشبه به‪ ،‬ورمز له بيشء من لوازمه‪.‬‬
‫‪4‬ـ االستعارة التمثيلية‪ :‬هي األلفاظ املركبة املستعملة يف غري ما وضع له؛ لعالقة املشاهبة‪ ،‬مع قرينة‬
‫مانعة من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫***‬
‫‪33‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬مع التعليل‬
‫فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪1‬ـ قرينة االستعارة مانعة من إرادة املعني احلقيقي‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪2‬ـ القرينة تنقسم قسمني ‪ :‬لفظية‪ ،‬وغري لفظية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪3‬ـ االستعارة املكنية ما رصح فيها باملشبه به وحذف املشبه‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪4‬ـ االستعارة الترصحيية هي التي رصح فيها باملشبه به‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪5‬ـ االستعارة هلا عدة عالقات منها عالقة املشاهبة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪6‬ـ االستعارة الترصحيية تفارق االستعارة التمثيلية ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪7‬ـ االستعارة والكذب صنوان ال يفرتقان‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪8‬ـ كل استعارة ال بد هلا من قرينة وعالقة ورس بالغي ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪9‬ـ اجلامع يف االستعارة يعرب عنه يف التشبيه بوجه الشبه‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪10‬ـ املستعار له يعرب عنه يف التشبيه باملشبه‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪11‬ـ االستعارة التخييلية هي قرينة املكنية عند مجهور البالغيني‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪12‬ـ االستعارة التمثيلية ال ترد يف األمثال البتة‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪6‬ـ (×)‪.‬‬ ‫‪5‬ـ (×)‪ .‬‬ ‫‪4‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪3‬ـ (×)‪ .‬‬ ‫‪2‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪1‬ـ (√)‪ .‬‬
‫‪12‬ـ (×)‪.‬‬ ‫‪11‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪10‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪9‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪8‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪7‬ـ (×)‪ .‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬يف األمثلة اآلتية استعارات متنوعة‪ ،‬حدد فيها موطن االستعارة‪ ،‬ونوعها‪ ،‬وقرينتها‪،‬‬
‫ورسها البالغي‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ [اإلرساء ‪.]24:‬‬
‫‪34‬‬

‫‪2‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﱸ [البقرة ‪.]10:‬‬


‫‪3‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﱸ [احلجر‪.]94:‬‬
‫‪4‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ [مريم‪.]4:‬‬
‫‪5‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﱸ‬
‫[البقرة‪. ]16:‬‬
‫‪6‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱸ [احلاقة‪.]11:‬‬
‫ِ‬
‫اخلزاع ُّي‪:‬‬ ‫‪7‬ـ وقال دعبِل‬
‫يب بِ َر ْأ ِس ِه َف َبكَى‬ ‫ِ‬ ‫َض ِ‬
‫ح َ‬
‫ك الـ َْمش ُ‬ ‫***‬ ‫ـن َر ُج ـ ٍ‬
‫ـل‬ ‫ِ‬
‫ال َت ْع َجب ــي َي ــا َس ـ ْل ُم م ـ ْ‬

‫‪8‬ـ وقال القايض الفاضل‪:‬‬


‫ـن َأ َم ـ ُ‬
‫ـان‬ ‫ف ك ُّل ُه ـ َّ‬ ‫ـمخَ ِ‬
‫او ُ‬ ‫ـم َفالـْ ـ َ‬
‫َن ـ ْ‬ ‫***‬ ‫ونَــا‬ ‫الح َظ ْت ـ َ‬
‫ـك ُع ُي ُ‬ ‫َوإِ َذا َّ‬
‫الس ـ َعا َد ُة َ‬

‫البحرتي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫‪9‬ـ وقال‬
‫ان‪ ،‬ب ِ‬ ‫إىل َقم ٍ ِ‬ ‫َّحيـــ َة ِمـــن ب ِع ٍ‬
‫يـــؤد َ ِ‬
‫ـــاد‬ ‫اإليـــو ِ َ‬
‫َ‬ ‫ـــن‬
‫ـــر‪ ،‬م َ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫يـــد‬ ‫ْ َ‬ ‫ون الت َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪10‬ـ وقال ُق َر ْيط بن ُأ َن ْيف‪:‬‬
‫َطاروا إِ َلي ِه زَر ٍ‬ ‫َاجذ ْي ِه َُل ْم‬
‫الش أ ْبدَ ى ن ِ‬
‫افات َو ُو ْحدَ انَا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫***‬ ‫َق ْو ٌم إِ َذا َّ ُّ‬
‫البحرتي َي ِصف مبارزة ال َفتْح بن خاقان لألسد‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫‪11‬ـ وقال‬
‫ِ‬ ‫أصدَ َق ِمنْك َُما‬ ‫ف َل ْم َأر ِض ْر َغ َام ِ‬
‫ـس ك ََّذ َبــا‬ ‫عـ َـراكًا إِ َذا َ‬
‫اله َّيا َبـ ُة النِّ ْكـ ُ‬ ‫***‬ ‫ين ْ‬
‫اس َل ا ْل َو ْج ِه َأ ْغ َل َبا‬
‫ِمن ا ْل َقو ِم يغ َْشى ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫***‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ه َز ْب ٌر َم َشى َي ْبغي ه َز ْب ًرا‪َ ،‬و َأ ْغ َل ٌ‬
‫ب‬
‫‪12‬ـ وقال عبد اهلل بن املعتز‪:‬‬

‫فـــإن صـــرك قاتلـــه‬


‫ّ‬ ‫ِد‬ ‫***‬ ‫اصــر عــى َح َســد احلســو‬
‫تـــدْ َمــــــا ت َْأكُلــُـــ ْه‬
‫إِ ْن َل َ ِ‬
‫ْ‬ ‫***‬ ‫َ‬
‫تــــــأك ُُل َب ْع َ‬
‫ضهـــا‬ ‫َّــــار‬
‫ُ‬ ‫فالن‬
‫‪13‬ـ ومثله قول القائل‪ :‬نيس الطني ساعة أنه طني‪.‬‬
‫‪14‬ـ ويف األمثال «انتهز الفرصة» ‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫‪15‬ـ وقولنا ‪ :‬حدثني التاريخ عن أجماد أمتي فشعرت بالفخر واالعتزاز‪.‬‬


‫‪16‬ـ وقولنا ‪ « :‬طار اخلرب يف املدينة» ‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثانى‬
‫رسها البالغي‬ ‫قرينتها‬ ‫نوعها‬ ‫الرقم موطن االستعارة‬
‫اإلجياز واملبالغة‬ ‫لفظية‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫الذل‬ ‫‪1‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫استعارة ترصحيية‬ ‫مرض‬ ‫‪2‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫استعارة ترصحيية‬ ‫فاصدع‬ ‫‪3‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫عقلية‬ ‫استعارة ترصحيية‬ ‫واشتعل‬ ‫‪4‬‬
‫لفظية اشرتوا التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫الضاللة‬ ‫‪5‬‬
‫لفظية" املاء" التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة ترصحيية‬ ‫طغى‬ ‫‪6‬‬
‫لفظية ضحك التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫املشيب‬ ‫‪7‬‬
‫لفظية الحظتك التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫السعادة‬ ‫‪8‬‬
‫لفظية يؤدون التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة ترصحيية‬ ‫قمر‬ ‫‪9‬‬
‫لفظية "ناجذيه" التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫الرش‬ ‫‪10‬‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫لفظية‬ ‫‪ 11‬لفظ هزبر األول استعارة ترصحيية‬
‫التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫حالية‬ ‫استعارة متثيلية‬ ‫‪ 12‬النار تأكل بعضها‬
‫لفظية "نسى" التأكيد واإلجياز واملبالغة‬ ‫استعارة ترصحيية‬ ‫الطني‬ ‫‪13‬‬
‫املبالغة‬ ‫حالية‬ ‫استعارة متثيلية‬ ‫انتهز الفرصة‬ ‫‪14‬‬
‫املبالغة‬ ‫لفظية‪ :‬حدثني‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫التاريخ‬ ‫‪15‬‬
‫املبالغة‬ ‫لفظية‪ :‬طار‬ ‫استعارة مكنية‬ ‫اخلرب‬ ‫‪16‬‬
‫‪36‬‬

‫التدريب الثالث‪:‬‬
‫عرف املصطلحات اآلتية مع التمثيل‪:‬‬
‫االستعارة املكنية ـ االستعارة التمثيلية ـ االستعارة الترصحيية‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‪:‬‬
‫االستعارة املكنية ‪ :‬هي التي حذف فيها املشبه به‪ ،‬وذكر فيها الزما من لوازمه‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱸ[البقرة‪.]27:‬‬
‫االستعارة التمثيلية ‪ :‬هي اللفظ املركب املستعمل يف غري معناه األصيل لعالقة املشاهبة‪ ،‬مع قرينة دالة‬
‫عىل عدم إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ‬
‫[اإلرساء‪.]29:‬‬
‫االستعارة الترصحيية‪ :‬هي التي حذف فيها املشبه ورصح باملشبه به ‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﱸ [البقرة‪.]257 :‬‬
‫التدريب الرابع‪ِ :‬‬
‫أجر االستعارة ىف األمثلة اآلتية مع بيان نوع االستعارة ىف ك ٍُّل‪:‬‬
‫‪ -1‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﱸ [البقرة‪.]27:‬‬
‫‪ -2‬قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﱸ [البقرة‪:‬من ‪.]257‬‬
‫‪3‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﱸ [احلجر‪.]94 :‬‬
‫***‬
‫‪37‬‬

‫الدرس الثالث‬
‫(أقسام االستعارة باعتبار اللفظ املستعار)‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫ ‪-‬يفرق بني االستعارة األصلية‪ ،‬والتبعية‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أمثلة لالستعارة األصلية‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أمثلة لالستعارة التبعية‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر األعالم التى تدخل فيها االستعارة مع التمثيل‪.‬‬
‫ ‪-‬يستخرج من أمثلة مقدمة له استعارة أصلية‪ ،‬واستعارة تبعية ‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس أقسام االستعارة باعتبار اللفظ املستعار‪ ،‬حيث يبني مفهوم‬
‫االستعارة األصلية‪ ،‬ورس تسميتها بذلك‪ ،‬ويكشف عن االستعارة يف األعالم‪ ،‬ومفهوم االستعارة‬
‫التبعية‪ ،‬ورس تسميتها بذلك‪.‬‬
‫شرح الدرس‬
‫االستعارة باعتبار صيغة اللفظ املستعار تنقسم قسمني‪:‬‬
‫‪2‬ـ استعارة تبعية‪.‬‬ ‫ ‬‫‪1‬ـ استعارة أصلية‪.‬‬
‫أو ًال‪ :‬االستعارة األصلية‬
‫ٍ‬
‫واحد غري معني من جنسه‪ ،‬سواء كان‬ ‫تعريفها‪ :‬هي ما كان اللفظ املستعار فيها اسم جنس يدل عىل‬
‫اسم‬
‫اسم اجلنس َ‬
‫اسم ذات‪ :‬كأسد وثعلب وسيف ونجم وشمس وبحر ‪...‬إلخ‪ ،‬أو كان ُ‬ ‫اسم اجلنس َ‬ ‫ُ‬
‫معنى ـ وهو املصادر ـ كالقتل والرضب واخلياطة والسباحة والنوم واليقظة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫«رأيت أسدً ا يف امليدان»‪ ،‬وتقصد رجال شجاعا‪ ،‬و«تعلمت من بحر» وتقصد‬
‫ُ‬ ‫فمثال اسم الذات‪:‬‬
‫عاملا واسع العلم‪ ،‬و« تكلمت مع سيف»‪ ،‬وتقصد رجال حازما حاسام‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫(مصدرا)‪« :‬قتلت الرجل قتال» وتقصد رجال رضبته رضبا شديدا‪ ،‬حيث‬ ‫ً‬ ‫ومثال اسم املعنى‬
‫استعرت املصدر القتل للرضب الشديد ‪ ،‬فأي استعارة كان فيها اللفظ املستعار عىل هذا املنوال تسمى‬
‫استعارة أصلية‪.‬‬
‫وتأتى االستعارة األصلية (ترصحيية أو مكنية)‪.‬‬
‫خياطب سيف الدولة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ومن االستعارة األصلية الترصحيية ما جاء عىل لسان املتنبي‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫راقدُ ‪.‬‬ ‫الس َها وال َف‬ ‫المنِي فِ َ‬
‫يك ُّ‬ ‫َوإِ ْن َ‬ ‫***‬ ‫ان َو َبدْ َر ُه‬ ‫ُأ ِح ُّب َ‬
‫ك َيا َش ْم َس الز ََّم ِ‬

‫ِ‬
‫بالشمس؛ ومر ًة بالبدر بجام ِع الرفعة والظهور‪،‬‬ ‫َ‬
‫سيف الدولة مر ًة‬ ‫حيث ش َّب َه املتنبي يف هذا البيت‬
‫تم تٌنوسى التشبيه وادعينا أن املشبه فرد من أفراد املشبه به‪ ،‬وداخل ىف جنسه‪ ،‬وحذف املشبه ورصح‬
‫الشمس‪ ،‬والبدر للمش َّبه عىل سبيل االستعارة‬
‫ُ‬ ‫الدال عىل املش َّبه به‪ ،‬وهو‬ ‫ُ‬
‫اللفظ ُّ‬ ‫استعري‬
‫َ‬ ‫باملشبه به‪ ،‬ثم‬
‫ومرة بالنجو ِم بجام ِع ِّ‬
‫الصغَر واخلفاء‪ ،‬ثم‬ ‫بالسها‪َّ ،‬‬
‫مرة ُّ‬‫الترصحيية األصلية يف الكلمتني‪ ،‬وش َّب َه َم ْن دونه َّ‬
‫السها والفراقد للمش َّبه عىل سبيل االستعارة الترصحيية األصلية‬
‫الدال عىل املش َّبه به‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫ُ‬
‫اللفظ ُّ‬ ‫استعري‬
‫َ‬
‫يف الكلمتني‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ت إِىل كل‬
‫إجراء‬ ‫سبب تسميتها‪ :‬ألن االستعارة جرت يف األصل ومل حتتج لغريها؛ ألنك إِذا َ‬
‫رج ْع َ‬
‫ال‬ ‫َ‬
‫اللفظ َّ‬
‫الدال عىل املش َّبه به للمش َّبه‪ ،‬وأننا مل َن ْع َم ْل عم ً‬ ‫رأيت أننا استعرنا‬
‫أجريناه لالستعارات السابقة‪َ ،‬‬
‫تأملت ألفاظ االستعارات السابقة رأيتها اسم جنس جامد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫آخر‪َ ،‬‬
‫وأ َّن االستعار َة متَّت هبذا العمل؛ وإذا‬ ‫َ‬
‫باالستعارة األَ ِ‬
‫صلية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االستعارة‬ ‫ويسمى هذا النوع من‬ ‫َّ‬
‫هل تدخل االستعارة يف األعالم؟‬
‫األصل يف االستعارة أهنا ال تدخل يف األعالم؛ ألن االستعارة تقتيض إدخال املشبه يف جنس املشبه‬
‫به بجعل أفراد املشبه به قسمني متعارفا وغري متعارف‪ ،‬وال يمكن ذلك يف ا ْل َع َل ِم ملنافاته اجلنسية؛ ألن‬
‫العلم (مثل‪ :‬حممد‪ ،‬وخالد‪ ،‬وعيل‪ ،‬وهند وزينب) يقتيض التشخص ومنع االشرتاك‪ ،‬واجلنسية تقتىض‬
‫العموم‪.‬‬
‫لكن يستثنى من ذلك األعالم التي اشتهرت بوصف من األوصاف‪ ،‬كحاتم املشهور باالتصاف‬
‫(‪)2‬‬
‫بالكرم‪ ،‬ومادر املشهور بالبخل‪ ،‬وسحبان املشتهر بالفصاحة‪ ،‬وباقل املشهور بالفهاهة ‪ ،‬وأبو رغال‬
‫)‪ )1‬السها‪ :‬نجم خفي يمتحن الناس به أبصارهم‪ ،‬والفراقد مجع فرقد‪ :‬وهو نجم قريب من القطب‪.‬ويف السامء فرقدان ليس غري‪.‬‬
‫(‪ )2‬الفهاهة‪ :‬العي أو العجز‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫شخص بحاتم يف‬


‫ٌ‬ ‫املشهور بالعدل‪ ،‬فحينئذ جيوز أن ُي َش َّبه‬ ‫املشهور باخليانة‪ ،‬وعمر بن اخلطاب‬
‫اجلود‪ ،‬و ُيت ََأ َّو ُل يف حاتم فيجعل كأنه موضوع للجود والعطاء‪ ،‬سواء كان ذلك الرجل املعهود أو غريه‬
‫كام مر يف األسد‪ ،‬فبهذا التأويل يتناول حاتم الفرد املتعارف املعهود‪ ،‬والفرد غري املتعارف‪ ،‬ويكون‬
‫إطالقه عىل املعهود أعني‪ :‬حامتا الطائي حقيقة‪ ،‬وعىل غريه ممن يتصف باجلود استعارة نحو‪« :‬رأيت‬
‫اليوم حامتا»‪ ،‬وتقصد به رجال كريام معطاء‪ ،‬والقرينة لفظة «اليوم»؛ ألن حامتا احلقيقي مات يف العرص‬
‫اجلاهيل ‪.‬‬
‫ثانيـا‪ :‬االستعارة التبعية‬
‫ً‬
‫ال أو مشت ًّقا أو حر ًفا‪.‬‬
‫تعريفها هي‪ :‬ما كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة فع ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي يصف «الوحيف» فرس ابن عمه عقيل بن‬ ‫من ذلك ما ورد عىل لسان َج َّبار بن ُس ْلم ِّي ا ْل َعام ِر ِّ‬
‫الطفيل‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ف بِ ِه‬ ‫َيدْ ُعو َع ِقي ً‬
‫ْض با ْل َع ْق ِ‬ ‫َع َل ُط َوا َلة َي ْم ِري َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ب‬ ‫الرك َ‬ ‫***‬ ‫ال َو َقدْ َم َّر ا ْل ُو َح ْي ُ‬

‫فلفظة « َي ْم ِري» استعارة تبعية حيث شبه استخراج اجلري من الفرس عندما يركضه الفارس بعقبه‬
‫فيكثر عدوه‪ ،‬ويزداد جريه باملري‪ ،‬وهو استخراج اللبن من الناقة حني ُي ْم َس ُح عىل رضعها‪ ،‬ثم اشتق‬
‫من املري « َي ْم ِري» بمعنى‪ :‬يستخرج ويستدر عىل سبيل االستعارة التبعية التي جرت يف املصدر أوال‪،‬‬
‫ثم تبعته يف الفعل املضارع «يمري»‪.‬‬
‫وهي استعارة ترشد إىل أن فرسه هذه ُيستخرج منها ال َعدْ و بأقل ركض وحتريك‪ ،‬كام تدر الناقة اللبن‬
‫حني ُي ْم َس ُح رضعها بأقل مسح‪.‬‬
‫ومن ذلك قول املتنبي يف وصف األَسد‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ـــر ُه والنِّيـــا‬‫َ ِ‬ ‫َو َر َد ال ُف‬ ‫ِ‬
‫ـــرات زَئ ُ‬ ‫***‬ ‫شـــار ًبا‬ ‫ـــر َة‬
‫َو ْر ٌد إذا َو َر َد ال ُب َح َ‬
‫االستعارة هنا جرت يف الفعل املايض (ورد) حيث شبه وصول صوت األَسد إِىل الفرات بورود ِ‬
‫املاء‬ ‫َّ َ‬
‫استعري اللفظ ُّ‬
‫الدال عىل املش َّبه به وهو الورود للمش َّبه وهو وصول‬ ‫ال ينتهي إىل ٍ‬
‫غاية‪ ،‬ثم‬ ‫أن ك ًّ‬
‫بجام ِع َّ‬
‫َ‬
‫من الورود بمعنى وصول الصوت ورد بمعنى وصل‪.‬‬
‫الصوت‪ ،‬ثم اشت َُّق َ‬
‫(‪ )1‬طوالة ‪ :‬فرس طويلة ‪ .‬العقب ‪ :‬موضع عقب الفارس من الفرس‪ ،‬يمري ‪ :‬يستخرج ويستدر‪.‬‬
‫(‪ )2‬الورد‪ :‬الذي يرضب لونه إىل احلمرة‪ ،‬واملراد بالبحرية بحرية طربية‪ ،‬أي أن زئري األَسد شديد فإذا زأر يف طربية سمع زئريه من يف‬
‫العراق ومرص‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫ومثل ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬


‫ﯗ ﯘ ﯙ ﱸ [األعراف‪.]154:‬‬

‫ِ‬
‫الغضب‬ ‫فاالستعارة هنا يف الفعل «سكت» وطريقة إجراء االستعارة هنا تتمثل ىف اآلتى‪ُ :‬ش ِّب َه انتهاء‬
‫ورصح باملشبه به‪ ،‬وتنويس التشبيه‪ ،‬وادعينا أن املشبه‬ ‫ِ‬
‫اهلدوء يف ك ٍُّل‪ ،‬ثم حذف املشبه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالسكوت بجامع‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الغضب‪،‬‬ ‫انتهاء‬
‫ُ‬ ‫السكوت للمش َّبه وهو‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اللفظ الدَّ ُّال عىل املش َّبه به وهو‬ ‫استعري‬
‫َ‬ ‫فرد من أفراد املشبه به‪ ،‬ثم‬
‫سكت بمعنى انتهى عىل سبيل االستعارة الترصحيية‬ ‫َ‬ ‫انتهاء الغضب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السكوت بمعنى‬ ‫اشتق من‬
‫ثم َّ‬
‫التبعية‪.‬‬
‫ومثال االستعارة التبعية يف املشتق قولنا‪« :‬حاىل ناطق ٌة بشكواي» حيث شبهت الداللة بالنطق بجامع‬
‫إيضـاح املعنى وإيصـاله إىل الذهـن يف ك ٍُّل‪ ،‬ثم استعري النطق (املستعار منه‪ ،‬املشبه به) للداللة‪ ،‬ثم‬
‫اشتق من النطق وهو املصدر اسم الفاعل ناطق بمعنى دال عىل سبيل االستعارة التبعية‪ ،‬والقرينة هي‬
‫الفاعل؛ ألن احلال ال تنطق ألبتة؛ ألهنا أمر معنوي‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﱸ [يس‪ . ]52:‬فاالستعارة التبعية جرت ىف املشتق‬
‫«مرقد» حيث ش َّبه املوت بالرقاد‪...‬إلخ‪ ،‬كام مر توضيحه ىف املثال السابق‪.‬‬
‫ومثال االستعارة التبعية يف احلرف قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﱸ [طه‪ ،]٧١ :‬فحرف اجلر «يف» مل يستعمل يف معناه احلقيقي وهو الظرفية والقرينة عقلية؛‬
‫ألن جذوع النخلة ال تصلح ظرفا حقيقيا‪ ،‬ورس التعبري بفي هنا الداللة عىل شدة متكينهم‪ ،‬وإحكام‬
‫تصليبهم يف هذه اجلذوع مما يدل عىل شدة تعذيبهم‪.‬‬
‫ومن ذلك ـ أيضـًا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﱸ [القصص‪،]8:‬‬
‫فالالم يف قوله تعاىل «ليكون» الم التعليل‪ ،‬وهي موضوعة لتدل عىل أن ما بعدها مرتتب عىل ما قبلها‪،‬‬
‫ولكنها هنا مل تستعمل يف هذا املعنى احلقيقي؛ ألن ما بعدها ليس مرتتبا عىل ما قبلها ‪ ،‬والقرينة أن‬
‫آل فرعون مل يلتقطوه ليكون هلم عدوا وحزنا‪ ،‬بل التقطوه ليكون هلم قرة عني ‪ ،‬ففي هذه الالم إذن‬
‫استعارة تبعية‪ ،‬حيث ُشبهت «العاقبة» وهي العداوة َ‬
‫والحزَن احلاصالن بعد االلتقاط بـ «العلة الغائية»‬
‫كاملحبة والتبني‪ ،‬بجامع الرتتب عىل االلتقاط يف كل‪ ،‬ثم استعري اسم املشبه به للمشبه‪ ،‬ثم استعريت‬
‫«الالم» املوضوعة لرتتب العلة الغائية لرتتب غري العلة الغائية عىل سبيل االستعارة الترصحيية التبعية يف‬
‫‪41‬‬

‫احلرف‪ ،‬فاالستعارة ىف احلرف إذن تكون ىف معانى احلروف ال ىف احلروف ذاهتا‪ ،‬ومعانى هذه احلروف‬
‫مشتقة ال جامدة‪.‬‬
‫جراء هنا ال ينتهي‬ ‫ومن يوازن بني إِ ِ‬
‫جراء االستعارة التبعية‪ ،‬وإِجراء االستعارة األصلية يرى َأ َّن ا ِ‬
‫إل َ‬
‫ٍ‬
‫كلمة‬ ‫ُ‬
‫اشتقاق‬ ‫آخر‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫عند استعارة املش َّبه به للمش َّبه كام انتهى يف االستعارة األصلية‪ ،‬بل يزيدُ عمال َ‬
‫ِ‬
‫باالستعارة‬ ‫النوع من االستعارة‬ ‫ويسمى هذا‬ ‫وأن ألفاظ االستعارة هنا مشتق ٌة ال جامدةٌ‪،‬‬
‫من املش َّبه به‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫التبعية‪.‬‬
‫ومسيت االستعارة تبعية‪:‬‬
‫ألن ألفاظ االستعارة هنا مشتق ٌةال جامدةٌ‪،‬‬
‫ألهنا مبنية عىل استعارة أخرى تابعة هلا يف إجرائها؛ َّ‬
‫املشتق كان تابعا جلرياهنا يف املصدر‪ ،‬كام سبق إجراؤه ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫وجريانا يف‬
‫ُ‬
‫قرينة االستعارة التبعية تعد استعارة مكنية‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫إجراء االستعارة‬
‫َ‬ ‫أن يكون يف قرينتها استعار ٌة مكني ٌة‪َ ،‬‬
‫غري أنه ال جيوز لك‬ ‫يصح ْ‬
‫ُّ‬ ‫تبعية‬ ‫استعارة‬ ‫كل‬
‫أن‬
‫واحدة منهام ال يف كلتيهام معا‪ ،‬ففي قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﱸ جيوز ْ‬ ‫ٍ‬ ‫إِال يف‬
‫ِ‬
‫«الغضب»‬ ‫سكت فتكون يف‬ ‫ٍ‬
‫بيشء من لوازمه وهو‬ ‫ويرمز إليه‬
‫َ‬ ‫حيذف املش َّبه به ْ‬
‫ُ‬ ‫الغضب بإنسان ثم‬‫ُ‬ ‫يش َّبه‬
‫استعار ٌة مكني ٌة‪.‬‬
‫الزئري بحيوان‪ ،‬ثم حيذف ويرمز إليه بيشء من‬
‫ُ‬ ‫الفرات زئريه» جيوز أن يش َّبه‬
‫َ‬ ‫ويف قول املتنبي‪« :‬ورد‬
‫لوازمه‪ ،‬وهو ورد فيكون يف «زئريه» استعار ٌة مكني ٌة‪ ،‬والفيصل هو الذوق الفني‪ ،‬فام يستسيغه الذوق يف‬
‫س عليه وال تلتفت لغريه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫نوع االستعارة مكنية أو ترصحيية تبعية ْ‬
‫***‬
‫‪42‬‬

‫ملخص الدرس‬
‫لالستعارة أقسام متعددة باعتبارات خمتلفة‪ ،‬فهي تنقسم باعتبار اللفظ املستعار قسمني‪:‬‬
‫‪1‬ـ استعارة أصلية‪ :‬وهي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس‪.‬‬
‫واسم اجلنس يأيت عىل رضبني‪ :‬إما أن يكون اسم عني أو ذات‪ ،‬كلفظة أسد أو بحر أو سيف‪ ،‬وإما أن‬
‫(مصدرا) كلفظة قتل أو رضب‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون اسم معنى‬
‫وسميت أصلية ؛ ألهنا جرت يف األصل‪ ،‬ومل حتتج لغريها عند إجرائها‪.‬‬
‫‪2‬ـ استعارة تبعية‪ :‬وهي إذا مل يكن اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس‪ ،‬سواء كان فعال‪،‬‬
‫أو مشتقا‪ ،‬أو حرفا‪.‬‬
‫وسميت االستعارة تبعية؛ ألهنا تابعة لغريها عند إجرائها‪.‬‬

‫***‬
‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬االستعارة األصلية سميت بذلك؛ ألهنا جرت يف األصل‪ ،‬ومل حتتج لغريها‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬االستعارة التبعية سميت بذلك ؛ ألهنا تابعة لغريها عند إجرائها‬
‫استعارة ٍ‬
‫ٍ‬ ‫انتبه إىل‪ :‬أن َّ‬
‫إجراء‬
‫َ‬ ‫أن يكون يف قرينتها استعار ٌة مكني ٌة‪َ ،‬‬
‫غري أنه ال جيوز لك‬ ‫يصح ْ‬
‫ُّ‬ ‫تبعية‬ ‫كل‬
‫ٍ‬
‫واحدة منهام ال يف كلتيهام معا‪.‬‬ ‫االستعارة إِال يف‬
‫مفاهيم‪:‬‬
‫‪1‬ـ االستعارة األصلية‪ :‬هي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس سواء كان اسم‬
‫(مصدرا) كلفظة قتل أو رضب‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذات‪ ،‬كلفظة أسد أو بحر ‪ ،‬أو اسم معنى‬
‫‪2‬ـ االستعارة التبعية‪ :‬وهي إذا مل يكن اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس‪ ،‬سواء كان فعال‪،‬‬
‫أو مشتقا‪ ،‬أو حرفا‪.‬‬
‫***‬
‫‪43‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪:‬‬
‫أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة (×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬مع التعليل فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬االستعارة األصلية‪ :‬هي التي تكون يف اسم اجلنس اجلامد‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬االستعارة التبعية جتري يف الترصحيية فقط‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬االستعارة التبعية جتري يف األفعال واملشتقات واحلروف‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬االستعارة األصلية‪ :‬تكون يف املصادر فحسب‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬االستعارة التبعية جتري يف احلروف فحسب‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫أن يكون يف قرينتها استعار ٌة مكني ٌة‪ .‬‬
‫يصح ْ‬ ‫استعارة ٍ‬
‫تبعية‬ ‫ٍ‬ ‫‪ُّ -6‬‬
‫كل‬
‫ُّ‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)√( -6‬‬ ‫‪ .)×( -5‬‬ ‫‪ .)×( -4‬‬ ‫‪ .)√( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫التدريب الثاني‪:‬‬
‫َع ِّي االستعارة األصلية والتبعية‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ [مريم‪.]4:‬‬
‫‪2‬ـ قال املتنبي يصف دخول الروم عىل سيف الدولة‪:‬‬
‫إِ َل ا ْل َب ْح ِر َي ْس َعى‪َ ،‬أ ْم إِ َل ا ْل َبدْ ِر َي ْرت َِقي‬ ‫***‬
‫و َأ ْقب َل يم ِش ِف ا ْلبِس ِ‬
‫اط َف َم َد َرى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫‪3‬ـ وأنشد ابن األعرايب أليب حية النمريي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َاحي ـ ٍ‬
‫ِ‬ ‫ـة م ِر َض ـ ْ ِ‬
‫ٍ‬
‫َف ــا ُي ــي ُء َل ــا ن َْج ـ ٌ‬
‫ـم وال َق َم ـ ُـر‬ ‫***‬ ‫ـة‬ ‫ـن ك ُِّل ن َ‬
‫ـت م ـ ْ‬ ‫َو َل ْي َل ـ َ‬
‫‪4‬ـ وقال أبو الطيب املتنبي‪:‬‬
‫ور ك ََمئِ ُمـ ْه‬ ‫ا ْل ِعيـ ِ‬
‫ـس َنـ ْ‬
‫ـو ٌر والـْــخُ دُ ُ‬ ‫***‬ ‫ـى‬ ‫ـقاك وحيا َنــا بِـ ِ‬
‫ـك اهللُ إ َّنـ َـا َعـ َ‬ ‫َ َّ‬
‫سـ ِ‬
‫َ‬
‫‪5‬ـ قال القايض الفاضل‪:‬‬
‫ـــل بِنَـــا بِـــ ْه‬
‫ـــت َمـــا َح َّ‬
‫َل ْي َ‬ ‫***‬ ‫ـــــــر بِنَابِـــ ْه‬
‫ُ‬ ‫َع َّضنَـــــا الدَّ ْه‬
‫‪44‬‬

‫‪6‬ـ وقال املتنبي‪:‬‬


‫الس ِ‬ ‫الر َي ِ‬ ‫حدي َق ـ ًة *** س َقاها ِْ‬
‫ـان ِ‬
‫ـن لِ َس ـ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حائب‬ ‫اض َّ‬ ‫ال َجى َس ْق َي ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ـت إ َل ْي ــه م ـ ْ‬
‫ح ْل ـ ُ‬
‫ََ‬

‫طائرا ‪:‬‬
‫‪7‬ـ وقال آخر خياطب ً‬
‫ــــهتِ ِن‬ ‫ِمـــن بـــك ِ‬
‫َاء ا ْل َع ِ‬ ‫احك ٍ‬ ‫ـــراء َض ِ‬
‫ْـــت ِف َخ ْ َ َ‬
‫َأن َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ـــار ِ‬
‫ض ا ْل َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫***‬ ‫َـــة‬

‫فاء َي ِصف ِش ْع َر ُه ‪:‬‬


‫الر ُ‬
‫ي َّ‬
‫الس ُّ‬
‫‪8‬ـ قال َّ‬
‫ـــوب‬‫ـــر َوا ْل ُق ُل‬‫ت َّ ِ‬‫َتبســـم ِ‬ ‫إِ َذا َمـــا َصا َف َ َ‬
‫ُ‬ ‫الض َمئ ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫***‬ ‫ـــا َع َي ْو ًمـــا‬
‫ـــح األ ْس َ‬
‫الس ْع ِدي يف وصف ُم ْه ٍر أ َغ َّر‪:‬‬
‫‪9‬ـ قال ابن نُبات َة َّ‬
‫و َت ْط ُلـــع بـــن عي َني ِ‬ ‫ـــل ِمنْـــ ُه‬
‫ـــم َي ْســـت َِمدُّ الل ْي ُ‬
‫ـــه ال ُّث َر َّيـــا‬ ‫ُ َ ْ َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫َو َأ ْد َه َ‬
‫ُّهامي يف رثاء ابنه‪:‬‬
‫‪10‬ـ وقال الت ُّ‬
‫ـح ِ‬
‫ار‬ ‫األس َ‬
‫ب ْ‬ ‫َـذاك ُع ْم ُـر ك ََواكِ ِ‬
‫وك َ‬ ‫***‬ ‫ـر ُع ْمـ َـر ُه‬ ‫َيــا ك َْوك ًبــا َمــا ك َ َ‬
‫َان أ ْقـ َ َ‬
‫‪11‬ـ وصف أعرايب أخا له فقال‪« :‬كان أخي يقري العني مجاال‪ ،‬واألذن بيانا»‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثانى‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ االستعارة يف الفعل اشتعل بمعنى‪ :‬انترش استعارة تبعية؛ ألهنا تتبع غريها يف إجرائها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ االستعارة يف لفظ البحر والبدر أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ االستعارة يف الفعل«مرض» بمعنى‪ :‬أظلم استعارة تبعية؛ ألهنا تتبع غريها يف إجرائها‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ االستعارة يف لفظ «ن َْور» أصلية؛ حيث استعار النور للنساء؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد‬
‫غري مشتق‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ االستعارة يف لفظ الدهر استعارة مكنية‪ ،‬حيث شبه الدهر بحيوان مفرتس‪ ،‬وهي استعارة‬
‫أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ االستعارة يف لفظ حديقة استعارة ترصحيية‪ ،‬حيث شبه ِش ْعره املمتع بحديقة‪ ،‬وهي استعارة‬
‫أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق‪.‬‬

‫(‪ )1‬يف خرضاء‪ :‬يف روضة خرضاء‪ .‬العارض اهلتن‪ :‬السحاب الكثري املطر‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫‪ 7‬ـ االستعارة يف لفظ ضاحكة استعارة ترصحيية تبعية‪ ،‬حيث شبه تفتح أزهار الروض بالضحك‪،‬‬
‫وهي استعارة تبعية؛ ألهنا جرت يف اسم الفاعل«ضاحكة» املشتق ‪ ،‬وأيضا يف لفظ بكاء استعارة‪ ،‬حيث‬
‫شبه نزول املطر بالبكاء ‪ ،‬وهي استعارة أصلية ؛ ألهنا جرت يف املصدر «بكاء»‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ االستعارة يف لفظ صافح استعارة ترصحيية تبعية‪ ،‬حيث شبه وصول الشعر ألسامع املخاطبني‬
‫باملصافحة‪ ،‬وهي استعارة تبعية؛ ألهنا جرت يف الفعل «صافح»‪ ،‬وأيضا يف لفظ تبسمت استعارة تبعية؛‬
‫ألهنا جرت يف الفعل‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ االستعارة يف لفظ الثريا استعارة ترصحيية‪ ،‬حيث شبه الغرة البيضاء املتأللئة يف جبني حصانه‬
‫بالثريا‪ ،‬وهي استعارة أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ االستعارة يف لفظ «كوكبا» استعارة ترصحيية‪ ،‬حيث شبه ابنه املتوىف بالكوكب القصري العمر‪،‬‬
‫وهي استعارة أصلية؛ ألهنا جرت يف اسم جنس جامد غري مشتق‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ االستعارة يف الفعل يقري بمعنى‪ :‬يمتع استعارة تبعية؛ ألهنا تتبع غريها يف إجرائها‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪:‬عرف االستعارة األصلية والتبعية‪ ،‬ثم بني رس تسمية كل منهام بذلك‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‪:‬‬
‫االستعارة األصلية‪ :‬هي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس‪ ،‬سواء كان اسم عني‬
‫أو ذات‪ ،‬أو اسم معنى‪.‬‬
‫وسميت أصلية ؛ ألهنا جرت يف األصل‪ ،‬ومل حتتج لغريها عند إجرائها‪.‬‬
‫االستعارة التبعية‪ :‬هي إذا كان اللفظ املستعار الذى جرت فيه االستعارة فعال أو مشتقـًا أو حرفـًا‪.‬‬
‫وسميت االستعارة تبعية؛ ألهنا تابعة لغريها عند إجرائها‪.‬‬
‫***‬
‫‪46‬‬

‫الدرس الرابع‬
‫(أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع‪ ،‬وباعتبار اخلارج عنهما)‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫ ‪ -‬يذكر أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع‪.‬‬
‫ ‪ -‬يذكر أقسام االستعارة باعتبار ما ليس مستعارا له وال مستعارا منه وال جامعا‪.‬‬
‫ ‪-‬يوازن بني أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أمثلة لالستعارة املجردة واملرشحة‪.‬‬
‫ ‪-‬يستخرج من أمثلة مقدمة له استعارة مطلقة‪ ،‬وثانية مرشحة‪ ،‬وثالثة جمردة‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ُ :‬ي ْ ِب ُز هذا الدرس أقسا َم االستعارة الستة باعتبار الطرفني واجلامع‪ ،‬كام سيوضح‬
‫أقسام االستعارة باعتبار األمر اخلارج عن هذه األقسام السابقة كلها‪ ،‬حيث سيعرض ملفهوم االستعارة‬
‫أي من هذه االستعارات الثالث أبلغ‪.‬‬
‫املطلقة‪ ،‬واملجردة‪ ،‬واملرشحة‪ ،‬مع تبيان ٍّ‬
‫شرح الدرس‬
‫أوال ‪ :‬أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع‬
‫تنقسم االستعارة هبذا االعتبار ستة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع حيس‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﱸ [طه‪ ،]88:‬فإن املشبه به (املستعار منه) هنا هو ولد البقرة‪ ،‬وهو‬
‫أمر حمسوس بحاسة البرص‪ ،‬واملشبه (املستعار له) هنا هو احليوان الذى صنعه السامري عىل شكل‬
‫العجل‪ ،‬وهو أمر حمسوس بحاسة البرص‪ ،‬واجلامع (وجه الشبه) االتفاق ىف الشكل‪ ،‬وهو أمر حمسوس‬
‫مدرك بحاسة البرص كذلك‪.‬‬
‫‪2‬ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع عقيل‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬
‫‪47‬‬

‫ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ [يس‪ ،]٣7:‬فإن املستعار منه السلخ‪ ،‬وهو كشط اجللد عن الشاة‪ ،‬ونحوها ـ أمر‬
‫حمسوس بحاسة البرص‪ ،‬واملستعار له ـ وهو كشف الضوء عن مكان الليل ـ أمر حمسوس بحاسة البرص‬
‫أيضا‪ ،‬واجلامع ـ وهو ما يعقل من ترتب أمر عىل آخر ـ ‪،‬كرتتب ظهور اللحم عىل الكشط‪ ،‬وترتب‬
‫ظهور الظلمة عىل كشف الضوء عن مكان الليل ـ أمر عقيل‪.‬‬
‫‪3‬ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع خمتلف بعضه حسى‪ ،‬وبعضه عقيل‪ ،‬كقولك‪« :‬رأيت‬
‫شمسا» فاملستعار منه ـ الشمس ـ أمر حمسوس بحاسة البرص‪ ،‬واملستعار له ـ اإلنسان ـ أمر حمسوس‬
‫ً‬
‫بحاسة البرص أيضا‪ ،‬واجلامع ـ حسن الطلعة‪ ،‬ونباهة الشأن ـ خمتلف؛ألن حسن الطلعة‪ ،‬أمر حسى‪،‬‬
‫ونباهة الشأن أمر عقيل‪.‬‬
‫‪4‬ـ استعارة معقول ملعقول واجلامع عقيل‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﱸ [يس‪ ،]52:‬فاملستعار منه ـ الرقاد هنا ـ أمر عقيل‪ ،‬واملستعار له ـ‬
‫املوت ـ أمر عقيل كذلك‪ ،‬واجلامع ـ عدم ظهور الفعل ـ أمر عقيل‪.‬‬
‫‪5‬ـ استعارة حمسوس ملعقول واجلامع عقيل‪ ،‬نحو قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﱸ‬
‫[احلجر‪ ،]94:‬فإن املستعار منه ـ الصدع‪ ،‬وهو كرس الزجاج ونحوه ـ أمر حسى‪ ،‬واملستعار له ـ التبليغ‬
‫ـ أمر عقيل؛ ألن أصل الكالم‪ :‬بلغ يا حممد بام تؤمر‪ ،‬واجلامع ـ شدة التأثري ـ أمر عقيل‪ ،‬واملعنى‪َ :‬أبِ ْن‬
‫األمر إبانة ال تنمحي‪ ،‬كام ال يلتئم صدع الزجاجة‪ ،‬وهذا هو رس بالغة االستعارة التي أفادت اإلجياز يف‬
‫األسلوب والتوكيد للمعنى‪ ،‬واملبالغة يف الوعد والوعيد ‪ ،‬والرتغيب والرتهيب‪.‬‬
‫‪6‬ـ استعارة معقول ملحسوس واجلامع عقيل‪ ،‬كقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱸ‬
‫[احلاقة‪ ،]11:‬فإن املستعار منه ـ الطغيان والتكرب وجتاوز احلد ـ أمر عقيل‪ ،‬واملستعار له ـ كثرة املاء ـ أمر‬
‫حيس‪ ،‬واجلامع االستعالء املفرط أمر عقيل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬أقسام االستعارة باعتبار اخلارج‬
‫تنقسم االستعارة هبذا االعتبار ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ استعارة مطلقة‪ :‬وهي التي ال تقرتن بيشء يالئم املستعار له واملستعار منه‪ ،‬نحو‪« :‬رأيت أسدً ا»‪،‬‬
‫وتقصد رجال شجاعا‪ ،‬فاملستعار له‪ ،‬واملستعار منه مل يرد يف هذه اجلملة صفة تتالءم مع أي طرف منهام‪.‬‬
‫(‪ )1‬اخلارج‪ :‬ما ليس مستعارا له وال مستعارا منه وال جامعا أي ‪ :‬باعتبار أمر خارج عن أي ركن من هذه األركان كام سيتضح لك‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫أو هي التي اقرتنت بصفة تتالءم مع كل واحد منهام مثل‪« :‬رأيت أسدا يزأر وخيطب» فلفظة يزأر‬
‫تتالءم مع املستعار منه (املشبه به) «أسد»‪ ،‬ولفظة «خيطب» تتالءم مع املستعار له املشبه الرجل الشجاع‪.‬‬
‫ومن ذلك قول زهري بن أيب ُس ْل َمى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َلدَ ى َأس ٍد َشاكِي السالحِ م َق َّذ ٍ‬
‫َلــ ُه ل ـ َبــدٌ َأ ْظـــ َف ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ـــار ُه َل ْ ُت َق َّل ِم‬ ‫***‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫السالحِ » وصف يالئم املستعار له الرجل الشجاع‪ ،‬وقوله‪َ « :‬ل ُه لِ َبدٌ َأ ْظ َف ُار ُه َل ْ ُت َق َّلمِ»‬ ‫فإن قوله ‪ِ َ :‬‬
‫«شاكي ِّ‬
‫وصف يالئم املستعار منه األسد احلقيقي‪ ،‬حيث اقرتن بكل طرف ما يتالءم معه‪ ،‬فصارت االستعارة‬
‫مطلقة أيضا؛ القرتاهنا بصفة تتالءم مع كل واحد منهام‪.‬‬
‫كثي عزة يمدحعبد العزيز بن‬
‫‪2‬ـ استعارة جمردة‪ :‬وهي التي تقرتن بام يالئم املستعار له‪ ،‬مثل قول ِّ‬
‫مروان‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫اب الـْمــ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َغلِ َقـ ْ ِ‬ ‫داء إِ َذا َتبســم َض ِ‬
‫َغمــر الــر ِ‬
‫ـال‬ ‫ـت ل َض ْحكَته ِر َق ُ َ‬ ‫***‬ ‫اح ـكًا‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ْ ُ ِّ‬
‫حيث استعار الرداء وهو املستعار منه للعطاء‪ ،‬وهو املستعار لــه‪ ،‬بجامع السرت والصيانة؛ ألن‬
‫العطاء يصون ويسرت عرض صاحبه‪ ،‬كام يصون ويسرت الرداء اجلسد الذي يلقى عليه‪ ،‬واالستعارة هنا‬
‫جمردة؛ ألن املستعار له العطاء ورد له صفة تتالءم معه‪ ،‬فالغمر وهو الكثري يناسب العطاء املستعار له‬
‫دون الرداء‪ ،‬والقرينة مستمدة من سياق الكالم يف قوله‪ :‬إذا تبسم‪ ،‬أي ‪ :‬شارعا يف الضحك آخذا فيه‪.‬‬
‫ومنه قول البحرتي‪:‬‬
‫ان ب ِ‬ ‫إىل َقم ٍ ِ‬ ‫َّحيــ َة ِمــن ب ِع ٍ‬
‫ِ‬
‫ــاد‬ ‫اإليــو ِ َ‬
‫َ‬ ‫ــن‬
‫ــر م َ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫يــد‬ ‫ْ َ‬ ‫ون الت َّ‬
‫ــؤ ُّد َ‬
‫ُي َ‬
‫حيث استعار القمر وهو املستعار منه للممدوح وهو املستعار له؛ بجامع التأللؤ والضياء‪ ،‬والقرينة‬
‫ون الت ِ‬
‫َّح َّي َة»‪ ،‬واالستعارة هنا جمردة؛ ألن املستعار له املمدوح وردت له صفة يف‬ ‫لفظية يف قوله‪ُ « :‬يؤ ُّد َ‬
‫ان ب ِ‬ ‫ِ‬
‫اد»‪ ،‬فهذه الصفة تناسب املشبه املستعار له دون املستعار‬ ‫اإليو ِ َ‬
‫العبارة تتالءم معه‪ ،‬وهي قوله‪« :‬م َن َ‬
‫منه‪.‬‬
‫املبالغة‪ِ ،‬‬
‫لبعد املش َّبه حينئذعن املش َّبه به؛ لذكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لتجريدها عن بعض‬ ‫يت هذه االستعارة جمردة؛‬
‫وسم ْ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫االحتاد بني الطرفني الذي هو مبنى االستعارة‪.‬‬ ‫ما يتالءم معه‪ ،‬وذلك يبعد دعوى‬
‫(‪ )1‬اللبد مجع لبدة ‪ :‬وهى ما تلبد من شعر األسد عىل منكبيه‪ ،‬والتقليم مبالغة يف القلم‪ ،‬وهو القطع‪.‬‬
‫(‪ )2‬غمر الرداء‪ :‬كثري العطاء واملعروف‪ ،‬أي‪ :‬إذا تبسم غلقت رقاب أمواله يف أيدى السائلني‪ .‬يقال‪ :‬غلق الرهن يف يد املرهتن إذا مل يقدر‬
‫عىل انفكاكه‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫‪3‬ـ استعارة مرشحة ‪ :‬وهي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﱸ [البقرة‪ ،]16:‬حيث استعري االشرتاء ـ وهو‬
‫املستعار منه ـ لالستبدال واالختيار وهو املستعار له‪ ،‬والقرينة الضاللة؛ ألن الضاللة أمر معنوي ال‬
‫يباع وال يشرتى‪.‬‬
‫ثم ذكر يف اآلية صفة تتالءم مع املستعار منه‪ ،‬وهي الربح والتجارة يف قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﱸ فإن هذا مما يتالءم مع املستعار منه (املشبه به) ال املستعار له (املشبه)‪.‬‬
‫أي األقسام الثالثة أبلغ؟‬
‫أي قسم من هذه األقسام الثالثة أبلغ؟ واإلجابة هي أن‬
‫علمت هذه األقسام لعلك تسأل‪ُّ ،‬‬
‫َ‬ ‫بعد أن‬
‫الرتشيح أبلغ من اإلطالق والتجريد؛ الشتامل الرتشيح عىل حتقيق املبالغة يف تنايس التشبيه‪ ،‬وادعاء أن‬
‫ٍ‬
‫موجودة أصالً‪.‬‬ ‫املستعار له (املشبه) صار هو املستعار منه نفسه ال يشء يشبهه‪،‬وكأن االستعار َة غري‬
‫ألن ذكر ما يالئم املشبه‬ ‫ُ‬
‫أضعف اجلميع؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫التجريد‪ ،‬فالتجريدُ عىل ذلك هو‬ ‫ُ‬
‫واإلطالق يعد أبلغ من‬
‫ِ‬
‫االحتاد بني الطرفني‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يضعف دعوى‬ ‫املستعار له‬
‫***‬
‫‪50‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫تنقسم االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع ستة أقسام‪:‬‬


‫‪1‬ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع حيس‪.‬‬
‫‪2‬ـ استعارة حمسوس ملحسوس واجلامع عقيل‪.‬‬
‫‪3‬ـ استعارة حمسوس ملحسوس‪ ،‬واجلامع خمتلف‪ ،‬بعضه حسى وبعضه عقيل‪.‬‬
‫‪4‬ـ استعارة معقول ملعقول‪ ،‬واجلامع عقيل‪.‬‬
‫‪5‬ـ استعارة حمسوس ملعقول‪ ،‬واجلامع عقيل‪.‬‬
‫‪6‬ـ استعارة معقول ملحسوس‪ ،‬واجلامع عقيل‪.‬‬
‫كما تنقسم االستعارة باعتبار اخلارج عما سبق ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪1‬ـ استعارة مطلقة‪ :‬وهي التي ال تقرتن بيشء يالئم املستعار له واملستعار منه‪.‬‬
‫أو هي التي اقرتنت بصفة تتالءم معهام‪.‬‬
‫‪2‬ـ استعارة جمردة‪ :‬وهي التي تقرتن بام يالئم املستعار له‪.‬‬
‫‪3‬ـ استعارة مرشحة‪ :‬وهي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه‪.‬‬
‫والرتشيح أبلغ من اإلطالق والتجريد ‪ ،‬واإلطالق أبلغ من التجريد‪.‬‬

‫***‬
‫‪51‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬الصور التي يأيت عليها الطرفان واجلامع من حيث احلسية والعقلية تشمل االستعارة‬
‫املفردة‪ ،‬واالستعارة املركبة ( التمثيلية)‪.‬‬
‫َتم االستعار ُة باستيفائها َقري َنتَها لفظي ًة أو‬ ‫الرتشيح أو التجريدَ ال ُي ْعت ََبان إِال َب ْعدَ ْ‬
‫أن ت َّ‬ ‫َ‬ ‫انتبه إىل أن‪:‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حال َّي ًة‪ ،‬وهلذا ال ت َُس َّمى َقرين ُة االستعارة الترصحيية جتْريدً ا‪ ،‬وال قرين ُة املكْنية ت َْرش ً‬
‫يحا‪.‬‬
‫ِ‬
‫التجريد‪.‬‬ ‫انتبه إىل أن‪ :‬الرتشيح أبلغ من اإلطالق والتجريد؛ واإلطالق أبلغ من‬
‫مفاهيم ‪:‬‬
‫‪1‬ـ االستعارة املطلقة‪ :‬هي التي ال تقرتن بيشء يالئم املستعار له واملستعار منه‪،‬أو اقرتنت بصفة‬
‫تتالءم معهام‪.‬‬
‫‪2‬ـ االستعارة املجردة‪ :‬هي التي تقرتن بام يالئم املستعار له‪.‬‬
‫‪3‬ـ االستعارة املرشحة‪ :‬هي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه‪.‬‬
‫***‬
‫‪52‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬مع التعليل‬
‫فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪1‬ـ يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﱸ اجلامع هنا معقول‪ .‬‬

‫)‬ ‫‪2‬ـ يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﯨ ﯩ ﯪﯫﯬﯭﱸ استعارة حمسوس ملحسوس‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪3‬ـ االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع تنقسم ستة أقسام‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪4‬ـ التجريد أبلغ من الرتشيح ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪5‬ـ االستعارة املطلقة هي التي تقرتن بام يالئم املستعار له‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪6‬ـ اإلطالق أبلغ من الرتشيح والتجريد‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪7‬ـ االستعارة املرشحة هي التي تقرتن بام يالئم املستعار منه‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪8‬ـ االستعارة املجردة هي التي تقرتن بام يالئم املستعار له‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪4‬ـ (×)‪.‬‬ ‫‪3‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪2‬ـ (×)‪ .‬‬ ‫‪1‬ـ (×)‪ .‬‬
‫‪8‬ـ (√)‪.‬‬ ‫‪7‬ـ (√)‪ .‬‬ ‫‪6‬ـ (×)‪ .‬‬ ‫‪5‬ـ (×)‪ .‬‬
‫التدريب الثاني‪:‬‬
‫بني فيام يأيت أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع‪ ،‬وباعتبار اخلارج‪.‬‬
‫‪1‬ـ قال دعبل بن عيل اخلزاعي‪:‬‬
‫ك ا َْل ِشـيب بِر ْأ ِس ِ‬ ‫َض ِ‬ ‫ِ‬
‫ـه َف َبكَى‬ ‫ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫***‬ ‫ال َت ْع َجبِـي َيـا َسـ ْل ُم م ْ‬
‫ـن َر ُج ٍل‬

‫‪2‬ـ قال عبد اهلل بن املعتز‪:‬‬


‫ــع الـ َْح ُّق َلنَا ِف إِ َمــا ٍم‬‫ِ‬
‫ـل َو َأ ْح َيــا َّ‬
‫السـ َـا َحا‬ ‫ـل ا ْل ُبخْ ـ َ‬
‫َق َتـ َ‬ ‫***‬ ‫ُج َ‬
‫‪53‬‬

‫‪3‬ـ وأنشد ابن األعرايب أليب حية النمريي‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ناح َي ٍة‬
‫ـت مــن ك ُِّل ِ‬ ‫و َلي َلـ ٍ‬
‫ـة َم ِر َضـ ْ‬
‫فــا ُيــي ُء َلــا ن َْجـ ٌ‬
‫ـم وال َق َم ُر‬ ‫***‬ ‫ْ‬
‫‪4‬ـ وقال أبو الطيب املتنبي‪:‬‬
‫ور ك ََمئِ ُم ْه‬ ‫ا ْل ِع ِ‬
‫يس ن َْو ٌر َوا ْلـــخُ دُ ُ‬ ‫***‬
‫اك وحيا َنــا بِـ ِ‬
‫ـك اهللُ إن ََّم َع َل‬ ‫ِ‬
‫َسـ َق َ َ َّ‬
‫‪5‬ـ ذم أعرايب قوما فقال‪:‬‬
‫أولئك قوم يصومون عن املعروف ويفطرون عىل الفحشاء‬
‫إجابة التدريب الثاين‪:‬‬
‫‪ -1‬استعار الضحك للظهور استعارة حمسوس ملحسوس بجامع حيس‪ ،‬وهي استعارة مطلقة‪،‬‬
‫لعدم وجود صفة تتالءم مع املستعار له واملستعار منه‪.‬‬
‫‪ -2‬استعار القتل لإلذهاب‪ ،‬وهي استعارة معقول ملحسوس بجامع عقيل‪ ،‬وهي استعارة مطلقة؛‬
‫لعدم وجود صفة تتالءم مع املستعار له واملستعار منه‪.‬‬
‫‪ -3‬استعار املرض الظلمة‪ ،‬وهي استعارة معقول ملحسوس بجامع عقيل‪ ،‬وهي استعارة جمردة‪،‬‬
‫ييضء هلا نجم وال قمر»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لوجود صفة تتالءم مع املستعار له‪ ،‬وهي «فال‬
‫‪ -4‬استعار النور للنساء‪ ،‬وهي استعارة حمسوس ملحسوس بجامع حيس‪ ،‬وهي استعارة جمردة‪،‬‬
‫لوجود صفة تتالءم مع املستعار له‪ ،‬وهي «اخلدور»‪.‬‬
‫‪ -5‬استعار الصوم لإلمساك‪ ،‬وهي استعارة معقول ملعقول بجامع عقيل‪ ،‬وهي استعارة مطلقة‪،‬‬
‫لعدم وجود صفة تتالءم مع املستعار له واملستعار منه‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪:‬‬
‫َع ِّرف ك ً‬
‫ال من االستعارة املطلقة ‪ ،‬واملجردة‪ ،‬واملرشحة‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬االستعارة املطلقة‪ :‬هي التي ال تقرتن بصفة تالئم املستعار له واملستعار منه‪ ،‬أو اقرتنت بصفة‬
‫تتالءم معهام معا ‪.‬‬
‫‪ -2‬االستعارة املجردة‪ :‬هي التي تقرتن بصفة تالئم املستعار له‪.‬‬
‫‪ -3‬االستعارة املرشحة‪ :‬هي التي تقرتن بصفة تالئم املستعار منه‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫الدرس اخلامس‬
‫(بالغة االستعارة)‬
‫وصف الدرس‪:‬‬
‫يتناول هذا الدرس األرسار البالغية لالستعارة املختلفة‪ ،‬ورشائط حسنها‪.‬‬
‫شرح الدرس‬
‫متهيد‬
‫مىض بنا الوقوف عىل مفهوم االستعارة‪ ،‬وأركاهنا‪ ،‬وقرينتها‪ ،‬والفرق بينها وبني الكذب‪ ،‬كام مىض‬
‫الكشف عن ماهية االستعارة الترصحيية‪ ،‬واملكنية‪ ،‬والتمثيلية‪ ،‬كام كشفنا َ‬
‫لك عن أقسام االستعارة‬
‫باعتباراهتا املختلفة‪ ،‬وهنا نأتى لبيان الرس يف بالغة االستعارة‪ ،‬ورشائط حسنها‪.‬‬
‫ُ‬
‫بالغة االستعارِة‬
‫تتمثل بالغة االستعارة يف عدة جوانب‪:‬‬
‫اجلانب األول‪ :‬طريقة نظمها‪ْ ،‬‬
‫وتأليف َألفاظها‪ ،‬فرتكيبها يدل عىل تنايس التشبيه‪ْ ،‬‬
‫وحيم ُلك عمدً ا عىل‬
‫تضمنه الكالم من تشبيه خفي مستور‪.‬‬
‫خت ُّيل صورة جديدة ُتنْسيك َر ْو َعتُها ما َّ‬
‫البحرتي يف الفتح بن خاقان‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫انظر إِىل قول‬
‫ف إِ َل ا ْلع ْليـ ِ‬
‫ـاء َط َّمحِ‬ ‫َت ِمــي‪ ،‬و َطــر ٍ‬ ‫ني‪َ ،‬حانِ َي ٍة‬‫ِ‬ ‫َي ْس ُمو بِك ٍّ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫***‬ ‫َف‪َ ،‬ع َل ا ْل َعاف َ‬
‫وأن هذه‬
‫ب وبلها عىل العافني السائلني‪َّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ألست ترى ك َّفه وقد مت َّث ْ‬
‫تص ُّ‬
‫لت يف صورة سحابة هتَّانة ُ‬
‫َ‬
‫اختبأ يف الكالم من تشبيه؟‬ ‫الصورة قد متلكت عليك مشاعرك‪ ،‬فأ ْذهلت َ‬
‫ْك عام‬
‫أن املش َّبه واملش َّبه‬ ‫ِ‬
‫ادعاء َّ‬ ‫هلذا كانت االستعار ُة أبلغَ من التشبيه البليغ؛ ألن التشبيه البليغ وإِن بني عىل‬
‫جمحو ٌد؛ ومن ذلك‬ ‫سواء ال يزال فيه التشبيه من ِْو ًّيا ملحوظا بخالف االستعارة‪ ،‬فالتشبي ُه فيها َمن ٌّ‬
‫ْيس ُ‬ ‫ٌ‬ ‫به‬
‫من املجردة‪.‬‬ ‫أن االستعارة املرشح َة أبلغُ من امل ْط َل َق ِة‪َّ ،‬‬
‫وأن املطلقة أبلغُ َ‬ ‫يظهر لك َّ‬
‫‪55‬‬

‫ور ْو َعة اخليال‪ ،‬وما حيدثه ذلك من ٍ‬


‫أثر يف نفوس سامعيها‪ ،‬جيعلهم حيلقون‬ ‫االبتكار َ‬
‫ُ‬ ‫اجلانب الثاني‪:‬‬
‫ميدان لتسابق املجيدين‬
‫ٌ‬ ‫يف ساموات اخليال‪ ،‬وهذا املجال من املجاالت الفسيحة لإلبداع اإلنساين‪ ،‬وهو‬
‫من صناديد الكالم‪ ،‬وأمرائه‪.‬‬
‫انظر إىل قول أبى العتاهية يف هتنئة املهدي باخلالفة‪:‬‬
‫ـــــر ُر أ ْذ َي َ‬
‫الــــا‬ ‫ِ‬
‫ـــــه ُ َت‬‫إ َل ْي‬ ‫ال َفـــــ ُة ُمنْ َقـــا َد ًة‬ ‫َأ َتتْـــــــه ِْ‬
‫ال َ‬
‫ِّ‬ ‫***‬ ‫ُ‬
‫أن الشاعر هنا صور لك ِ‬
‫اخلالفة غادة هيفاء ُمدَ َّل َلة ُفتن الناس هبا مجيعا‪ ،‬وهي ْتأبى عليهم وتصدُّ‬ ‫جتد َّ‬
‫إِعراضا عنهم‪ ،‬ولكنها ْتأيت للمهدي طائعة يف دالل ومجال ُّ‬
‫جتر َأذياهلا تيها‬
‫(‪)1‬‬
‫وخفرا ‪.‬‬
‫ً‬
‫هذه صورة ال شك ىف روعتها َأ ْبدع َأبو العتاهية تصويرها‪ ،‬وستبقى ُحلوة يف األسامع حبيب ًة إِىل‬
‫النفوس ما بقي الزمان‪.‬‬
‫ثم اسمع قول البارودي‪:‬‬
‫تف َّزع ِ‬
‫ت األ ْف ُ‬
‫الك‪ ،‬وا ْل َت َف َ‬
‫ت الدَّ ْه ُر‬ ‫إِ َذا ْاست ََّل ِمن ُْه ْم َس ِّيدٌ َغ ْر َب َس ْي ِف ِه‬
‫َ‬ ‫***‬

‫خطرت يف نفسك صورة األَجرام‬


‫ْ‬ ‫حتس وعام ينتابك من هول ما تسمع‪ ،‬وقل لنا‪ :‬كيف‬ ‫وخربين عام ُّ‬
‫يلتفت دهشا وذهوالً؟‬
‫ُ‬ ‫تصورت الدهر وهو‬
‫َ‬ ‫الساموية العظيمة حي ًة حساسة ت ِ‬
‫َرتعد َف َز ًعا َو َو َهال؟ وكيف‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫احلامسة‪:‬‬ ‫ثم تأمل َ‬
‫قول شاعر‬
‫ـه زَرا َفـ ٍ‬
‫ِ‬ ‫الش َأبدَ ى ن ِ ِ‬
‫ـات َو ُو ْحدَ ا َنــا‬ ‫ـاروا إِ َل ْيـ َ‬
‫َطـ ُ‬ ‫***‬ ‫َاج َذ ْيه َل ُ‬
‫ــه ْم‬ ‫ـو ٌم إِ َذا َّ ُّ ْ‬
‫َق ْ‬
‫صور القو َم‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أنيابه مما يم ُ‬ ‫مفرتس ِّ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فؤادك رعبا‪،‬ثم َّ‬ ‫أل‬ ‫مكش عن‬ ‫ِحيوان‬ ‫الرش‪ ،‬بصورة‬
‫صور لك َّ‬
‫حيث َّ‬
‫َ‬
‫ويدعوك إىل‬ ‫ِ‬
‫بنجدتم‪،‬‬ ‫َ‬
‫إعجابك‬ ‫يستثري‬ ‫ِ‬
‫األعداء طريانا مما‬ ‫ِ‬
‫مصادمة‬ ‫تطري إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الذين يعنيهم‪ ،‬بصور طيور ُ‬
‫ِ‬
‫وشجاعتهم‪.‬‬ ‫إكبار مح َّيتِهم‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫التشبيه‪ ،‬وأشد وقعا يف‬ ‫الرتاكيب املشتمل َة عىل االستعارة أبلغ من تراكيب‬ ‫وهبذه األمثلة يتضح لنا أن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫النفس أشدَّ ‪ ،‬ومنزلتُها‬ ‫ِ‬
‫اخليال‪ ،‬كان وق ُعها يف‬ ‫ِ‬
‫التحليق يف سامء‬ ‫كانت داعي ًة إىل‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫املخاطب؛ ألنه كلام‬ ‫نفس‬
‫ِ‬
‫األفئدة‪،‬‬ ‫تأخذ بمجام ِع‬ ‫ِ‬
‫البديعة‪ ،‬ا ّلتي ُ‬ ‫ِ‬
‫ِصوراالستعارة‬ ‫أمراء الكال ِم من أنواع‬ ‫أعل‪ ،‬وما يبتكر ُه‬‫يف البالغة َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫االستعارة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالغة‬ ‫رس‬ ‫ومتلك عىل القارئ والسام ِع ل َّبهام‬‫ُ‬
‫وعواطفهام هو ُّ‬
‫ُ‬
‫احلياء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خفرا‪:‬‬
‫(‪ً )1‬‬
‫‪56‬‬

‫فيفص ُل‬
‫يرسمها‪ِّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫اجلانب الثالث‪ :‬ومن بالغة االستعارة ـ أيضـًا ـ أن يعمد الشاعر إىل الصورة التي‬
‫ِ‬
‫بالطول‪:‬‬ ‫وصف ِ‬
‫الليل‬ ‫ِ‬ ‫لكل ٍ‬
‫جزء مزي َت ُه اخلاص َة‪ ،‬كقول امرئ القيس يف‬ ‫ويبني ِّ‬ ‫أجزاءها‪،‬‬
‫ُ‬
‫ــت َلــه ََّلــا َت َّطــى بِص ْلبـ ِ‬
‫َل‬ ‫ف َأ ْع َجـازًا َون َ‬
‫َــاء بِ َك ْلك ِ‬ ‫َو َأ ْر َد َ‬ ‫***‬ ‫ِــه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َف ُق ْل ُ ْ‬
‫اإلص َباح ِمن َ‬
‫ْك بِ َأم َث ِل‬ ‫بِ ُص ْبحٍ َو َما ْ‬ ‫***‬ ‫َأال َأ ُّ َيا ال َّل ْي ُل ال َّطويِ ُل َأال ان َْجيل‬

‫ِ‬
‫الشخص؛‬ ‫ِ‬
‫أركان‬ ‫ِ‬
‫القامة‪ ،‬بل استوىف له مجلة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫طويل‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫ِ‬
‫الليل‪ ،‬بصورة‬ ‫ِ‬
‫بتمثيل‬ ‫ِ‬
‫يكتف‬ ‫فإنه مل‬
‫بأن جعل له أعجازا‬ ‫ِ‬
‫متطيه‪،‬وبالغَ يف ذلك ْ‬ ‫ِ‬
‫طوله‬ ‫لب يزيدُ يف‬‫كل ذي ُص ٍ‬ ‫فاستعار ُصلبا يتم َّطى به؛ إذ كان ُّ‬
‫َ‬
‫أي‪ُ :‬‬
‫يثقل‬ ‫فاستعار له كلك ً‬ ‫ِ‬ ‫بالثقل عىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعضها بعضا‪ ،‬ثم أرا َد أن يص َفه‬
‫ينوء به ْ‬
‫ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ساهره‪،‬‬ ‫قلب‬ ‫يردف ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ِاجلميل‪.‬‬ ‫األثر العظيمِ‪ ،‬واالرتياح‬ ‫ِ‬
‫سامعه من ِ‬ ‫البديع يف ِ‬
‫قلب‬ ‫ُ‬
‫التفصيل‬ ‫َ‬
‫عليك ما يرتكُه هذا‬ ‫به‪ ،‬وال خي َفى‬
‫ُ‬
‫اجلانب الرابع‪ :‬إبراز املعقول يف صورة املحسوس ‪ ،‬وذلك أن األمر املعقول إذا صور يف يشء حيس‪،‬‬
‫فإن العقل يكون مستوعبا له أكثر مما لو كان جمردا عن احلس ‪ ،‬فاستعارة الليل للباطل‪ ،‬يف قولنا‪ « :‬أطل‬
‫النهار َ‬
‫الليل»‪ ،‬فيه تثبيت هلذا‬ ‫ُ‬ ‫هبيم»‪ ،‬واستعارة النهار النتصار احلق عىل الباطل يف قولنا‪« :‬بدد‬
‫ليل ٌ‬‫علينا ٌ‬
‫املعنى املجرد يف األفئدة‪ ،‬وترسيخ له يف النفس اإلنسانية مما لو جاء التعبري عنه جمردا دون استعارة‪.‬‬
‫اجلانب اخلامس‪ :‬التجسيد والتشخيص‪ ،‬ومن بالغة االستعارة كذلك وبخاصة املكنية أهنا تعمد إىل‬
‫تشخيص املعنويات وجتسيدها‪ ،‬فالتجسيـم والتشخيص يعدان من أهم سامهتا وقيمها الفنية‪.‬‬
‫ولو دققنا النظر يف كثري من صور االستعارات‪ ،‬لوجدنا هذا األمر واضحا جدا‪ ،‬حيث َج َّسد الشعراء‬
‫إنيس عاقل ختاطبهم وخياطبوهنا‪ ،‬وجتاوهبم‬
‫ٌّ‬ ‫املعنويات‪َ ،‬‬
‫وشخَّ صوا احليوانات‪ ،‬وعاملوها عىل أهنا‬
‫وجياوبوهنا‪ ،‬وتشتكي إليهم‪ ،‬ويشتكون إليها‪،‬كل هذا كائن يف أشعارهم بوضوح‪.‬‬
‫اجلانب السادس‪ :‬املبالغة والتأكيد واإلجياز‪ ،‬فإن أي أسلوب من أساليب االستعارة التي مرت بك‬
‫ال ختلو من واحدة منها‪ ،‬ناهيك عن األرسار األخرى املستمدة من طيات االستعارة والتي يرشد إليها‬
‫السياق ‪ ،‬ويستخرجها األملعي الفطن الشغوف بتذوق البيان‪.‬‬
‫***‬
‫‪57‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫بالغة االستعارة تتمثل يف عدة جوانب‪:‬‬


‫وحيملك عمدً ا عىل خت ُّيل‬
‫أن تركيبها يدل عىل تنايس التشبيه‪ْ ،‬‬
‫األول‪ :‬من ناحية اللفظ والنظم‪ ،‬وهو َّ‬
‫تضمنه الكالم من تشبيه خفي مستور‪.‬‬
‫صورة جديدة ُتنْسيك َر ْو َعتُها ما َّ‬
‫فسيح لإلبداع‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫جمال‬ ‫ور ْو َعة اخليال‪ ،‬وما حتدثه من ٍ‬
‫أثر يف نفوس سامعيها‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫االبتكار َ‬
‫ُ‬ ‫الثاين‪:‬‬
‫وميدان لتسابق املجيدين من أمراء الكالم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫الثالث‪ :‬تصوير املعقول يف صورة املحسوس‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬التجسيد والتشخيص‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬املبالغة والتأكيد واإلجياز وغري ذلك‪.‬‬

‫***‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪:‬التجسيد والتشخيص سمتان واضحتان من سامت االستعارة املكنية‪.‬‬
‫ً‬
‫أوعقل‪.‬‬ ‫الحظ أن‪:‬من رشوط حسن االستعارة أن يتقرر الشبه ويثبت بني الطرفني عر ًفا‬
‫انتبه إىل‪ :‬أن التأكيد واملبالغة واإلجياز تعد من أرسار بالغة االستعارة‪ ،‬واملجاز املرسل معا‪ ،‬ولكل‬
‫منهام أرسار أخرى متيز كل منهام عند استعامالهتام يف سياقاهتام‪.‬‬
‫***‬
‫‪58‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫‪ -1‬التجسيد والتشخيص سمة واضحة من سامت االستعارة املكنية‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬االستعارة البليغة ال بد من كوهنا استعارة متثيلية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬االستعارة واملجاز املرسل صنوان يف البالغة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬التأكيد واملبالغة واإلجياز من بالغة االستعارة واملجاز املرسل‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬االستعارة املبتكرة من االستعارات البديعة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬التشبيه أعىل كعبا من االستعارة يف البالغة‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫ ‬‫‪.)×( -6‬‬ ‫‪ .)√( -5‬‬ ‫‪ .)√( -4‬‬
‫التدريب الثاني‪:‬‬
‫عني بالغة االستعارة فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال املتنبي يصف دخول الروم عىل سيف الدولة‪:‬‬
‫إِ َل ا ْل َب ْح ِر َي ْس َعى‪َ ،‬أ ْم إِ َل ا ْل َبدْ ِر َي ْرت َِقي‬ ‫***‬
‫و َأ ْقب َل يم ِش ِف ا ْلبِس ِ‬
‫اط َف َم َد َرى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫‪2‬ـ وصف أعرايب أخا له فقال‪( :‬كان أخي يقري العني مجاال‪ ،‬واألذن بيانا)‬
‫‪3‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ [مريم‪.]4:‬‬
‫‪4‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﱸ[امللك‪.]8:‬‬
‫إجابة التدريب الثاين‬
‫‪1‬ـ ‪1‬شبه سيف الدولة بالبحر بجامع العطاء‪ ،‬عىل سبيل االستعارة الترصحيية‪ ،‬والقرينة (فأقبل‬
‫يميش يف البساط)‪ ،‬وشبه سيف الدولة بالبدر بجامع الرفعة‪ ،‬عىل سبيل االستعارة الترصحيية‪،‬‬
‫‪59‬‬

‫والقرينة (فأقبل يميش يف البساط)‪ .‬وبالغة االستعارة هنا تعود إىل اإلجياز والتوكيد واملبالغة‬
‫وتقرير املعنى يف النفس‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬شبه إمتاع العني باجلامل‪ ،‬وإمتاع األذن بالبيان بقرى الضيف‪ ،‬عىل سبيل االستعارة الترصحيية‪،‬‬
‫والقرينة مجاال‪ ،‬وبيانا‪ ،‬وفيها إبراز للمعقول يف صورة املحسوس‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬شبه الرأس بالوقود‪ ،‬ثم حذف املشبه به‪ ،‬ورمز له بيشء من لوازمه‪ ،‬وهو (اشتعل) عىل سبيل‬
‫االستعارة املكنية‪ ،‬والقرينة إثبات االشتعال للرأس‪ ،‬وتبدو بالغتها من جهة تأليف نظمها‪،‬‬
‫ودقة تركيب لفظها مما لوقال‪ :‬اشتعل شيب الرأس‪ ،‬فإنه ال يصور اإلحاطة واالنتشار للشيب‬
‫يف مجيع أنحاء الرأس‪ ،‬كام جاء هذا الرتكيب ‪.‬‬
‫مكفهر‬
‫ِّ‬ ‫‪4‬ـ ‪4‬تتمثل بالغة االستعارة هنا يف «أهنا ترتسم أمامك النار يف صورة خملوق َضخْ ٍم ب َّط ٍ‬
‫اش‬
‫صدره حقدً ا وغيظا» وهي صورة مرعبة مهولة لنار جهنم أعاذنا اهلل منها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫عابس يغيل‬ ‫الوجه‬
‫***‬
‫‪61‬‬

‫الوحدة الثانية (الكناية )‬


‫(الكناية‪ :‬تعريفها‪ ،‬أقسامها‪ ،‬بالغتها)‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫ ‪-‬يعرف الكناية‪ ،‬ويذكر أقسامها‪.‬‬
‫ ‪-‬يفرق بني الكناية‪ ،‬واملجاز‪.‬‬
‫ ‪-‬يوازن بني أقسام الكناية ‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أمثلة ألرضب الكناية عن صفة ‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر أمثلة للكناية عن نسبة‪.‬‬
‫ ‪-‬يذكر خصائص الكناية‪.‬‬
‫ ‪-‬يستخرج من أمثلة مقدمة له كناية عن موصوف ‪ ،‬ويبني نوعه‪.‬‬

‫وصف الدرس‪:‬‬
‫يتناول هذا الدرس مفهوم الكناية‪ ،‬وأركاهنا‪ ،‬وقرينتها‪ ،‬والفرق بني الكناية واملجاز‪ ،‬وأقسام الكناية‬
‫املختلفة‪ ،‬وأنواع كل قسم‪ ،‬وبالغة الكناية‪ ،‬وخصائصها اجلاملية‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫متهيد‪:‬‬
‫ظهر من مظاهرها‪،‬‬‫وم ٌ‬ ‫الكناية فن خالب رائع من فنون البالغة العربية‪ ،‬وركيزة قوية من ركائزها‪َ ،‬‬
‫وصفت قرحيتُه‪ ،‬وهي تعد كام قال اإلمام عبد القاهر اجلرجاين‪:‬‬
‫ْ‬ ‫وغاي ٌة ال يصل إليها إال من َل ُط َ‬
‫ف طب ُعه‪،‬‬
‫من «األقطاب التي تدور البالغة عليها‪ ،‬واألعضاد التي تستند الفصاحة إليها‪ ،‬وال َّطلِبة التي يتنازعها‬
‫والرهان الذي ُ َت َّر ُب فيه اجلياد‪ ،‬وهي التي نوه بذكرها البلغاء‪ ،‬ورفع من أقدارها العلامء‪،‬‬
‫املحسنون‪ِّ ،‬‬
‫‪62‬‬

‫وصنفوا فيها الكتب‪ ،‬ووكلوا هبا اهلمم‪ ،‬ورصفوا إليها اخلواطر‪ ،‬حتى صار الكالم فيها نو ًعا من العلم‬
‫مفردا»(‪.)1‬‬
‫تعريف الكناية‪:‬‬
‫األمر بغريه‬
‫تركت الترصيح به‪ ،‬و َكنَى َعن ْ‬
‫ُ‬ ‫كنوت بكذا عن كذا‪ ،‬إذا‬
‫ُ‬ ‫كنيت أو‬
‫ُ‬ ‫الكناية لغة‪ :‬مصدر من‬
‫َيكْنِي كِنَاي ًة‪ ،‬أي‪ :‬تك َّلم بغريه ممَّا ُي ْستَدَ ُّل به عليه‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬لفظ أطلق‪ ،‬وأريد به الزم معناه‪ ،‬مع قرينة ال متنع من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫فرتكت الترصيح إىل الكناية عنه؛‬
‫َ‬ ‫نحو‪« :‬حممد واسع الصدر» تريد بتلك العبارة الكناية عن ِ‬
‫احللم‪،‬‬
‫ألنه يلزم من سعة الصدر أن يكون املرء حليام‪ ،‬وجيوز مع ذلك أن يكون حممدٌ واسع الصدر حقا؛ ألن‬
‫قرينة الكناية غري مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫ُ‬
‫نظيف اليد» فاملعنى احلقيقي هنا ليس مقصو ًدا‪ ،‬وهو نظافة اليد وغسلها‬ ‫ومن ذلك قولنا‪« :‬فالن‬
‫من األقذار‪ ،‬وإنام املقصود املعنى املالزم لذكر هذه العبارة يف العرف والعادة من‪ :‬العفة‪ ،‬أو األمانة‪،‬‬
‫َ‬
‫نظيف اليد حقا؛ ألن قرينة الكناية غري مانعة من إرادة‬ ‫أو النزاهة‪ ،‬أو الرتفع‪ ،‬وجيوز مع ذلك أن يكون‬
‫املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫ومن ذلك قولنا‪« :‬فالنة نؤوم الضحى» كناية عن الرتف والتنعم‪ ،‬وجيوز أن تكون نؤوم الضحى‬
‫فعال؛ ألن القرينة املنصوبة يف الكناية ال متنع من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫ومن ذلك ـ أيضا ـ ‪« :‬زيد طويل النجاد» تريد هبذا الرتكيب أنه شجاع عظيم‪ ،‬فعدلت عن الترصيح‬
‫هبذه الصفة إىل اإلشارة إليها‪ ،‬والكناية عنها؛ ألنه يلزم من طول محالة السيف طول صاحبه‪ ،‬ويلزم من‬
‫طوله شجاعته يف العادة ‪ ،‬ومع ذلك يصح أن يراد املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﱸ [الفرقان‪]27:‬‬

‫كناية عن الندم‪َ ،‬ف ُع ِدل عن الترصيح هبذه الصفة إىل الكناية عنها؛ ألنه يلزم من عض الظامل عىل يده يوم‬
‫القيامة الندم الشديد عىل ما كان منه من تفريط يف حياته الدنيا يف وقت ال ينفع فيه الندم‪ ،‬فاملقصود من‬
‫هذه اآلية ليس املعنى احلقيقي‪ ،‬وهو عض اليدين فعال‪ ،‬وإنام يقصد املعنى الكنائي‪ ،‬والقرينة هنا ال متنع‬
‫من املعنى احلقيقي كذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬دالئل اإلعجاز حتقيق الشيخ حممود شاكر ‪. 521 ، 520‬‬


‫‪63‬‬

‫أركان الكناية‪:‬‬
‫يتضح لنا من األمثلة السابقة أن الكناية البد فيها من توافر أربعة أركان‪:‬‬
‫‪1‬ـ املكني به‪ :‬وهو املعنى احلقيقي املتلفظ به املذكور يف العبارة‪.‬‬
‫‪2‬ـ املكني عنه‪ :‬وهو املعنى الكنائي املستشف من املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫‪3‬ـ العـالقة التي تكون بني املكني به واملكني عنه‪ ،‬وهي اللزوم‪.‬‬
‫‪4‬ـ القرينة‪ :‬وهي غري مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫الفرق بني الكناية‪ ،‬واجملاز‪:‬‬
‫أسلوب الكناية شأنه شأن املجاز ال بد فيه من عالقة وقرينة‪،‬‬
‫َ‬ ‫مما سبق يتضح جليا ألبنائنا الطالب أن‬
‫إال أن عالقة الكناية وقرينتها تفرتقان وتتاميزان عن عالقة املجاز وقرينته‪ ،‬فعالقة االستعارة هي املشاهبة‪،‬‬
‫وعالقة املجاز املرسل هي غري املشاهبة‪ ،‬أما العالقةالتي تربط بني املعنى الكنائي‪ ،‬وبني املعنى األصيل‪،‬‬
‫فهي عالقة التالزم‪ ،‬سواء نشأ هذا التالزم من عادة مشتهرة‪ ،‬كعادة إيقاد النار إلرشاد الضيوف عند‬
‫كرماء العرب‪ ،‬أو نشأ هذا التالزم من طبيعة مستقرة يف اإلنسان‪ ،‬أو احليوان‪ ،‬كطبيعة تقطيب الوجه‬
‫يأنس‪ ،‬وتركه النباح إذا َأنِ َس‪ ،‬أو نشأ هذا التالزم‬
‫عند اإلنسان إذا غضب‪ ،‬وطبيعة النباح يف الكلب إذا مل ْ‬
‫من اختصاص فعل من األفعال بنوع من الناس‪ ،‬كاختصاص خضاب الكف بالنساء‪،‬ومحل السالح‬
‫املتنبي يمدح «سيف الدولة» َّملا ظفر ببني كالب إ ْذ َع َص ْوه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫بالرجال‪ ،‬كام قال‬
‫اب‬ ‫ــم َو ُب ْســ ُط ُه ُم ت َ‬
‫ُــر ُ‬ ‫وص َّب َح ُه ْ‬
‫َ‬ ‫***‬ ‫ــاه ْم َو ُب ْســ ُط ُه ُم َح ِر ٌ‬
‫يــر‬ ‫َف َم َّس ُ‬
‫ــه ِمنْه ِ‬ ‫كَمــن ِف َك ِّف ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ــاب‬
‫ــم خ َض ُ‬‫ُ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫***‬ ‫ـم َق ـنَــا ٌة‬ ‫ـــن ِف َك ـ ِّفــه م ـنْـ ُ‬
‫ـهـ ْ‬ ‫َو َم ْ‬
‫إىل غري ذلك من أنواع اللزوم العقيل أو العريف‪.‬‬
‫فعالقة الكناية ـ كام ترى ـ ختتلف عن عالقة املجاز املرسل واالستعارة‪ ،‬أو بعبارة أدق لكل نوع من‬
‫هذه األنواع عالقة هلا طابع خاص يميزها من غريها‪.‬‬
‫أما قرينة الكناية‪ ،‬فلها سمت معني كذلك تتاميز به عن قرينة املجاز‪ ،‬فقرينة املجاز قرينة ُم َعانِدَ ٌة‬
‫بطبيعتها يستحيل معها اجلمع بني املعنى احلقيقي واملجازي‪ ،‬أما قرينة الكناية‪ ،‬فهي بطبيعتها غري مانعة‬
‫من إرادة املعنى األصيل‪ ،‬فيمكن أن يراد املعنى احلقيقي مع الكنائي‪ ،‬فحني تقول‪« :‬رأيت أسدً ا حيكي‬
‫‪64‬‬

‫بطوالته»‪ ،‬فإن لفظة «أسد» هنا استعارة ترصحيية ‪ ،‬والقرينة حيكي‪ ،‬وهذه القرينة متنع من إرادة املعنى‬
‫احلقيقي؛ ألنه ال يوجد أسد حقيقي حيكي أو يتحدث‪.‬‬
‫بينام يف‪ ‬الكناية‪ ‬ال توجد قرينة متنع من وجود املعنى احلقيقي‪ ،‬فحني تقول‪« :‬فالن يده طويلة»‪ ،‬فإنه‬
‫جيوز إرادة‪ ‬املعنى احلقيقي‪ ،‬وهو طول اليد فعال‪ ،‬كام جيوز إرادة‪ ‬املعنى الكنائي‪ ‬الذي خيتفي خلف املعنى‬
‫احلقيقي وهو أنه لص‪.‬‬
‫‪ ‬أما إذا استحال املعنى احلقيقي يف بعض األساليب ـ كام سيأيت ـ فليست هذه االستحالة راجعة‬
‫لطبيعة القرينة‪ ،‬بل لعارض خارجي خاص بامدة الكناية ذاهتا ال من القرينة نفسها‪.‬‬
‫أقسام الكناية‬
‫تنقسم الكناية باعتبار املكني عنه ثالثة أقسام‪:‬‬
‫ولكن هذه‬
‫َّ‬ ‫أوال‪ :‬الكناية عن صفة‪ :‬وهي أن ُي ْذك ََر املوصوف‪ ،‬ثم ُينسب هلذا املوصوف صف ًة ما‪،‬‬
‫الصفة املذكورة غري مرادة‪ ،‬وإنام املراد هو الزم تلك الصفة‪ ،‬فمثال حني نقول‪« :‬فالنة نؤوم الضحى»‬
‫فقد ذكرنا املوصوف وهو فالنة‪ ،‬ثم نسبنا هلا صفة وهي نؤوم الضحى‪ ،‬وهذه الصفة غري مرادة هنا‪ ،‬بل‬
‫يراد الزمها‪ ،‬وهي أهنا منعمة مرتفة خمدوم ٌة هلا من يكفيها أمرها‪ ،‬فاملعنى امللفوظ يلزم منه هذا املعنى‬
‫امللحوظ‪.‬‬
‫ولكن الصفة‬
‫َّ‬ ‫وهبذا يتبني أن الكناية عن صفة ال بد فيها من ثالثة أمور‪ :‬موصوف‪ ،‬وصفة‪ ،‬ونسبة‪،‬‬
‫ولكن ُكن َِّي هبا عن صفة تلزمها‪.‬‬
‫ْ‬ ‫املذكورة غري مرادة‪،‬‬
‫أضرب الكناية عن صفة‪:‬‬
‫الكناية عن صفة ترد عىل رضبني‪:‬‬
‫الضرب األول‪ :‬كناية قريبة‪ :‬وهي أن يكون االنتقال من املعنى املكني به (املعنى احلقيقي) إىل‬
‫املعنى املكني عنه (املعنى الكنائي) بدون واسطة‪.‬‬
‫والكناية القريبة ترد عىل قسمني‪:‬‬
‫أـ كناية قريبة واضحة‪ :‬وهي التي يكون االنتقال من املعنى املكني به إىل املعنى املكني عنه واضحا ظاهرا‪،‬‬
‫ال حتتاج ألناة وطول تفكري يف استخراجها ؛ لوضوحها وسهولة استنتاجها‪.‬‬
‫‪65‬‬

‫«فالن َث ْو ُبه طويل»‪ ،‬و« ُق ُلن ُْس َوتُه كبرية»‪ ،‬و«حذاؤ ُه يتَّسع َ‬
‫لقدم ْي»‪ ،‬أي‪ :‬هو طويل القامة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫كقوهلم‪:‬‬
‫عظيم الرأس‪ ،‬كبري القدم‪ ،‬وهي كنايات سهلة ال يصعب إدراكها عىل معظم الناس‪.‬‬
‫املتنبي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ومن ذلك قول‬
‫اب‬
‫ُــر ُ‬ ‫ــم َو ُب ْس ُط ُ‬
‫ـــه ُم ت َ‬ ‫َو َص َّب َح ُه ْ‬ ‫***‬ ‫ـــاه ْم َو ُب ْســـ ُط ُه ُم َح ِر ٌ‬
‫يـــر‬ ‫َف َم َّس ُ‬
‫كنَّى بعبارة‪« :‬و ُب ْس ُط ُه ُم َح ِر ٌير» عن َّأنُ ْم كَانُوا يف عز ٍّة وسيادة قبل حماربته هلم؛ ألن من كان عزيزًا‬
‫سيدا كانت ُب ْس ُط ُه غالبا من حرير‪.‬‬
‫وكنَّى بعبارة «و ُب ْس ُط ُهم ت َُراب» عن حالة ُّ‬
‫الذ ّل واملهانة التي َ‬
‫وص ُلوا إليها بعد أن حارهبم وظفر هبم؛‬
‫ألن الذليل املهني ال جيد غري الرتاب يفرتشه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومثله قول طفيل الغنوي يصف جواده‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الر ْو ِع َم ْب ُذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اه ِم ا ْل َو ْج ِه َل ُت ْق َط ْع َأ َب ِ‬
‫اج ُل ُه‬ ‫بِس ِ‬
‫ول‬ ‫ان َو ْه َو ل َيو ِم َّ‬
‫ُي َص ُ‬ ‫***‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اه ِم ا ْل َو ْج ِه» كناية عن ضمور جواده وخفته؛ ألن قلة حلم الوجه تعني‪ :‬أنه جواد ضامر‬
‫فقوله‪« :‬بِس ِ‬
‫َ‬
‫رشيق غري مرتهل‪ ،‬وهي كناية قريبة ظاهرة سهلة االستنتاج كام ترى‪.‬‬
‫وخص الوجه؛ ألنه يبدو عليه ـ أكثر من غريه ـ عالمات النعمة والسمنة‪ ،‬أو الضمور واخلفة‪ ،‬وهذا‬
‫َّ‬
‫مشاهد بجالء يف بني البرش كذلك ‪.‬‬
‫تكون مع ُق ْرهبا خف َّية‪ ،‬بمعنى أن‪ :‬ال ّلزوم فيها بني املكنَّى به‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ب ـ كناية قريبة خفية‪ :‬وهي التي‬
‫أمرا خف ًّيا‪.‬‬
‫واملكنَّى عنه يكون ً‬
‫ش ٍء‪ ،‬فهذه الكناية‬
‫تقول‪«:‬فالن َع ْينُه فارغ ٌة» كناي ًة عن حبه ملشاهدة كل يشء‪ ،‬ونظره إىل كل َ ْ‬
‫ٌ‬ ‫كأن‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬فهي قريبة؛ إ ْذ يلزم من فراغ العني التي هي أداة النظر رغبة‬ ‫َوصل إىل املراد هبا عن طريق الزم‬ ‫ُيت َّ‬
‫صاحبها بِ َم ْلئِ َها‪ْ ،‬‬
‫ومل ُء العني إنِّام يكون بالنظر إىل األشياء التي ت َْستَحسنها‪.‬‬
‫لكن استعامل فراغ العني للكناية عن هذا املعنى غري متداول‪ ،‬فهي مع قرهبا يف هذا املثال كناية خف ّية‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومثله قوهلم كناية عن األبله‪« :‬فالن عريض القفا»‪ ،‬و«عظيم الرأس» فإن عرض القفا‪ ،‬وعظم‬
‫الرأس مما يستدل به يف العادة عىل الغباء والبالهة‪ ،‬لكن االنتقال من ذلك إىل الغباء والبالهة فيه نوع‬

‫(‪ )1‬ساهم الوجه‪ :‬قليل حلم الوجه لطول غزوه وعتقه‪ ،‬مل تقطع أباجله‪ :‬مل يصبه داء يقطعه البيطار‪ ،‬وهو العامل بأحوال اخليل وأدوائها‪،‬‬
‫واألبجل‪ :‬عرق يف ذراع البعري والفرس بمنزلة األكحل من اإلنسان‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫خفاء ال يطلع عليه كل أحد‪ ،‬بل حيتاج إىل فِراسة‪ ،‬وليس اخلفاء بسبب كثرة الوسائط واالنتقاالت‬
‫حتى تكون بعيدة‪.‬‬
‫‪« :‬املؤمن يأكل يف ِم ًعى واحد‪ ،‬والكافر يأكل يف سبعة أمعاء»‪ ،‬واملراد أن املؤمن‬ ‫ومثله قوله‬
‫يقنع يف مطعمه بام يقيم األود‪ ،‬والكافر ليس له َه ٌّم إال الطعام‪ ،‬فالعبارة األوىل كناية عن صفة القناعة‪،‬‬
‫والعبارة الثانية‪ :‬كناية عن النهم‪ ،‬ومها صفتان‪ ،‬واملوصوف مذكوريف العبارتني‪ ،‬وكذلك الصفة التي‬
‫تستلزم الصفة املكني عنها‪ ،‬ولكنها خفية يف إدراكها بعض اليشء كام ترى ‪.‬‬
‫الرضب الثاين‪ :‬كناية بعيدة‪ :‬وهي أن يكون االنتقال من املعنى املكني به إىل املعنى املكني عنه بوسائط‬
‫عديدة ‪.‬‬
‫وسميت بعيدة؛ ألهنا حتتاج يف إدراكها إىل تأمل ومتعن وطول تفكر‪ ،‬وال يصل إليهاإال من يغوص‬
‫عليها‪ ،‬ويتغلغل يف أساليبها‪.‬‬
‫من ذلك قول اخلنساء يف رثاء أخيها صخر‪:‬‬
‫ِد كَثِــر الرم ِ‬
‫ــاد إِ َذا َمــا َشــتَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َط ِو ُ‬
‫ُ َّ َ‬ ‫***‬ ‫يــع ا ْلع َ‬
‫ــا‬ ‫يــل ا ْلن َِّجــاد َرف ُ‬
‫فقوهلا‪« :‬كثري الرماد» كناية عن صفة الكرم‪ ،‬وهي كناية بعيدة لكثرة الوسائط؛ ألنه يلزم من كثرة‬
‫الرماد االنتقال إىل كثرة إحراق احلطب حتت قدور الطبخ‪ ،‬واالنتقال من كثرة إحراق احلطب حتت‬
‫قدور الطبخ إىل كثرة األطعمة‪ ،‬ثم انتقال الذهن من كثرة الطعام إىل كثرة األكلة والضيوف‪ ،‬ثم انتقال‬
‫الذهن من كثرة األكلة والضيوف إىل اتصاف املمدوح بالكرم‪.‬‬
‫فكام ترى تم االنتقال إىل املقصود بعدة طرق ووسائط ذهنية احتاجت إىل التأمل والتدبر‪ ،‬وبحسب‬
‫قلة الوسائط وكثرهتا يف كل أسلوب من أساليب الكناية البعيدة ختتلف الداللة عىل املقصود وضوحا‬
‫وخفاء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكناية عن موصوف‪ :‬وهي التي يكون «املكني به» داال عىل صفة‪ ،‬أو صفتني‪ ،‬أو صفات هلا‬
‫اختصاص ظاهر بموصوف معني‪ ،‬ويكون املقصود من ذكرها الداللة هبا عليه‪.‬‬
‫وعىل ذلك فالكناية عن موصوف تأيت عىل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يكون «املكني به» داال عىل صفة واحدة هلا اختصاص ظاهر بموصوف معني‪ ،‬مثل قوهلم يف‬
‫الكناية عن اخلمر‪« :‬أم املصائب» لشهرة اخلمر عند العقالء بجلب املصائب‪ ،‬وتوليد الكوارث‪ ،‬وأم‬
‫املصائب صفة واحدة هلا اختصاص واضح يف العقل والعادة هبذا املوصوف املكني عنه وهو اخلمر‪.‬‬
‫‪67‬‬

‫وكقوهلم يف الكناية عن السفينة‪« :‬ا ْبنَ ُة ا ْل َي ِّم»؛ ملالزمتها ماء البحر يف مجيع األوقات‪ ،‬وهي كذلك‬
‫صفة واحدة هلا اختصاص واضح يف العقل والعادة هبذا املوصوف املكني عنه وهو السفينة‪.‬‬
‫وقس عىل ذلك كل األمثلة التالية‪ ،‬كقوهلم يف الكناية عن النساء «ذوات اخلالخيل»؛ ملالزمة النساء‬
‫للبسها‪ ،‬وكقول حافظ إبراهيم‪:‬‬
‫ـو ِ َن ا ْلـكَال َم ِعنْـدَ الت ََّحـدِّ ي‬
‫َك َف ْ‬ ‫***‬
‫وبنَا ُة األَهــرا ِم ِف سالِ ِ‬
‫ف الدَّ ْه ِر‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َُ‬
‫فقوله‪« :‬بناة األهرام» صفة واحدة كناية عن موصوف ‪ ،‬وهم الفراعنة‪.‬‬
‫ومثله أيضا قول أيب نواس يف وصف اخلمر‪:‬‬
‫ـت َلــا ِق ِفــي‬
‫س ِار ُق ْلـ ُ‬ ‫َم ْوطِـ ِ َ‬
‫ـن األ ْ َ‬ ‫***‬ ‫َاهــا َو َد َّب َدبِي ُب َهــا إِ َل‬ ‫ــا َ ِ‬
‫ش ْبن َ‬ ‫َف َل َّ‬
‫فقوله‪«:‬موطن األرسار» صفة واحدة كناية عن موصوف وهو القلب‪.‬‬
‫ب ا ْلـح ِ‬
‫وت» صفة واحدة‬ ‫ومثله قوله تعاىل ‪:‬ﱹ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﱸ [القلم‪ ،]48:‬فقوله‪« :‬كَص ِ‬
‫اح ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ .‬‬ ‫كناية عن موصوف‪ ،‬وهو‪ ‬سيدنا يونس‬
‫‪2‬ـ أن يكون «املكني به» داال عىل صفتني هلام اختصاص ظاهر بموصوف معني‪.‬‬
‫مثل قولـه تعـاىل‪ :‬ﱹ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﱸ [الزخرف‪ ،]18 :‬فهو كناية عن‬
‫موصوف «البنات»‪ ،‬وهذه الكناية مستمدة من صفتني هلام اختصاص ظاهر هبذا املوصوف األوىل‪:‬‬
‫التنشئة يف احللية‪ ،‬فهي صفة للبنات‪ ،‬ولكنها ال ختصها وحدها‪ ،‬والثانية قوله‪ :‬ﱹ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ‬
‫ﮭ ﱸ فهي صفة للبنات ـ أيضا ـ ‪ ،‬ولكنها ال ختتص هبا وحدها‪ ،‬ولكن الصفتني جمتمعتني ختتصان‬
‫بالبنات دون غريهن يف العادة اجلارية بني الناس‪.‬‬
‫ومن ذلك ـ أيضا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﱸ [القمر‪ ،]13:‬فهو كناية عن موصوف‬
‫«السفينة»‪ ،‬وهو مستمد من صفتني‪ :‬األوىل‪«:‬ذات ألواح»‪ ،‬والثانية‪« :‬درس»‪ ،‬وال يمكن فهم السفينة من‬
‫الدرس وحدها‪ ،‬وهي املسامري‪ ،‬وال من األلواح وحدها‪ ،‬بل مها معا هلام اختصاص باملوصوف‪.‬‬
‫والرس يف التعبري عن السفينة هبذين الوصفني؛ ليؤكد عىل أهنا سفينة حمكمة شديدة اإلحكام بالدرس‬
‫ُّ‬
‫ـ ومن معه يف السفينة‪.‬‬ ‫واأللواح‪ ،‬وهذا يالئم سياق املوقف الصعب الذي أحدق بنوح ـ‬
‫‪3‬ـ أن يكون «املكني به» داال عىل صفات هلا اختصاص ظاهر بموصوف معني‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫كقوهلم يف الكناية عن اإلنسان‪« :‬حي مستوي القامة عريض األظفار» فاحلياة صفة يف اإلنسان‪،‬‬
‫ولكنها ال ختصه‪ ،‬وكذلك استواء القامة كناية عنه ولكنها الختتص به‪ ،‬وكذلك عرض األظفار كناية‬
‫عنه‪ ،‬ولكنها ال ختتص به‪ ،‬ولكن هذه الصفات جمتمعة حتدد معناه‪ ،‬وتدل عليه؛ ألهنا ال توجد جمتمعة‬
‫يف غريه‪.‬‬
‫ومن ذلك قول أمحد شوقي‪:‬‬
‫اهـي ا َّل ِذي َثـكِ َل َّ‬
‫الشـ َبا َبا‬ ‫َهـا ا ْلو ِ‬
‫َ َ‬ ‫***‬ ‫الض ُلـو ِع َد ٌم َولـ ْ‬
‫َـح ٌم‬ ‫َو ِل َب ْ َ‬
‫ين ُّ‬
‫فهو كناية عن القلب‪ ،‬مستمد من ثالث صفات‪ ،‬الضلوع والدم واللحم‪ ،‬فلو اقترص عىل الدم‬
‫واللحم ما َدالَّ عىل املوصوف (القلب)‪ ،‬ولكنه حني ضم الضلوع إليهام دل الثالثة عليه؛ ألن املجموع‬
‫يشري إىل ذلك‪ ،‬وينطبق عليه‪.‬‬
‫الصفات‪ ،‬وأريد موصوفها لوجود‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصفتان أو‬ ‫فكام رأيت يف مجيع هذه األمثلة أطلقت الصف ُة أو‬
‫تالزم بينهام جيعل الذهن ينتقل من هذه الصفة أو الصفتني أو الصفات إىل املوصوف‪.‬‬
‫وأغلب الكنايات من النوع الثاين والثالث تضفي عىل املوصوف ظال آخر‪ ،‬وتربز معاين دقيقة‬
‫ُ‬
‫يتطلبها سياق الكالم كام رأيت‪.‬‬
‫وهبذا يتضح أن الكناية عن موصوف ال بد أن يتوافر فيها أمران‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن تكون الصفة‪ ،‬أو الصفتان‪ ،‬أو الصفات املذكورة من خصائص املوصوف املحذوف‬
‫املكني عنه ال يشرتك يف هذه الصفة‪ ،‬أو الصفتني‪ ،‬أو الصفات موصوف آخر كي ال حيدث لبس أو‬
‫اختالط أو تداخل أو تعمية‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن اللفظ املذكور املكني به قد يكون وصفا واحدا‪ ،‬مثل موطن األرسار يف قول أيب نواس يف‬
‫وصف اخلمر‪:‬‬
‫ـت َلــا ِق ِفــي‬
‫س ِار ُق ْلـ ُ‬ ‫َم ْوطِـ ِ َ‬
‫ـن األ ْ َ‬ ‫***‬ ‫َاهــا َو َد َّب َدبِي ُب َهــا إِ َل‬ ‫ــا َ ِ‬
‫ش ْبن َ‬ ‫َف َل َّ‬
‫كام مر ذكره‪ ،‬وقد يكون وصفني مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﱸ [القمر‪ ]13:‬كام مر‬
‫أيضا‪ ،‬وقد يكون أوصافا متعددة ال تتحقق الكناية إال هبا مجيعها كقول شوقي‪:‬‬
‫اهــي ا َّل ِذي َثــكِ َل َّ‬
‫الشـ َبا َبا‬ ‫َهــا ا ْلو ِ‬
‫َ َ‬ ‫***‬ ‫الض ُلــو ِع َد ٌم َو َل ْ‬
‫ـــح ٌم‬ ‫َو ِل َب ْ َ‬
‫ــن ُّ‬

‫كام مر كذلك‪.‬‬
‫‪69‬‬

‫هذا‪ ،‬والكناية عن املوصوف بمختلف أنواعها الثالثة السابقة تأيت عىل حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬تكون قريبة سهلة التناول واإلدراك ‪ ،‬وغالبا ما تكون يف النوع األول فيام جاء لفظ‬
‫«املكني به» داال عىل صفة واحدة هلا اختصاص ظاهر بموصوف معني‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬تكون بعيدة الحتياجها إىل تأمل وتفكر وغالبا تكون يف النوع الثاين والثالث فيام‬
‫جاء املكني به صفتني‪ ،‬أو صفات هلا اختصاص واضح باملوصوف‪.‬‬
‫وقد يكون إدراك الكناية يف مجيع األنواع السابقة سهال يسريا من ذلك قول ُأمية بن َأ ِب الص ْل ِ‬
‫ت يف‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬
‫ثنايا مدحه عبد اهلل بن ُجدْ َعان‪:‬‬
‫احلوافِ‬ ‫ِ‬ ‫ــــم األَ ِســـــ‬
‫ـــــر‬
‫ْ‬ ‫ــنَّ ُة َواألَعنَّـــــــ ُة َو َ َ‬ ‫***‬ ‫ونُ ُ‬ ‫ـــــو ٌم ُح ُص ُ‬
‫ْ‬ ‫َق‬

‫احل َوافِ ْر» كناية عن أن هؤالء القوم الذين يمدحهم‬ ‫فالصفات الثالث يف قوله‪« :‬األَ ِسنَّ ُة َواألَ ِعنَّ ُة َو َ‬
‫أصحاب خيل وحرب‪ ،‬فكنى عن املوصوف أهل احلرب بصفة واحدة وهي قوله «األَ ِسنَّة» وعن‬
‫احل َوافِ ْر»‪ ،‬وكلتامها خمتصتان باخليل ومرتبطتان‬
‫املوصوف أصحاب اخليل بصفتني يف قوله‪« :‬األَ ِعنَّة َو َ‬
‫هبا دون سواها‪ ،‬فالشاعر بدل أن يقول‪« :‬هؤالء قوم أهل حرب وأصحاب خيل» استعاض عن ذلك‬
‫بام ذكره‪.‬‬
‫والذي جعله يسلك هذا املسلك هو وجود التالزم الواضح بني ما ذكره‪ ،‬وبني املوصو َف ْ ِ‬
‫ي «أهل‬
‫احلرب‪ ،‬وأصحاب اخليل»‪ ،‬مما جعل الذهن ينتقل إىل املوصوفني املكنى عنهام بسهولة‪.‬‬
‫ولفظة حصوهنم وما بعدها فيها إشارة دقيقة إىل طبائع أهل الصحراء‪ ،‬فلم تكن حصوهنم بروجا‬
‫ً‬
‫وخيول ‪.‬‬ ‫مشيدة وال قالعا حمصنة‪ ،‬بل كانت عتا ًدا وأسلحة‬
‫ثالثا‪ :‬الكناية عن نسبة‪ :‬وضابط الكناية عن نسبة أن نذكر الصفة‪ ،‬ونرصح كذلك باملوصوف‬
‫لكنَّنا ال ننسب هذه الصفة املذكورة يف الكالم إىل صاحبها مبارشة‪ ،‬وإنام ننسبها إىل يشء آخر ال يصلح‬
‫أن تُنسب إليه تلك الصفة مما يعني يف العقل أننا نريد صاحبها‪.‬‬
‫وقد أوردت كتب البالغة أمثلة عديدة عىل ذلك منها قول زياد األعجم ‪:‬‬

‫ت َع َل ا ْب ِن الـ َْح َ‬
‫رشجِ‬ ‫ِف ُق َّب ٍة ُ ِ‬
‫ض َب ْ‬ ‫***‬ ‫وء َة َوالنَّدَ ى‬ ‫إِ َّن َّ‬
‫الس َم َح َة َوالـ ُْم ُر َ‬
‫فقد ن ََسب زيا ٌد «السامحة واملرؤة والندى» لِ ُق َّب ِة ممدوحه‪ ،‬واملراد نسبتها للممدوح‪ ،‬ولكنه عدل عن‬
‫نسبتها إليه رصاحة إىل ما له اتصال به‪ ،‬وهي القبة املرضوبة عليه مبالغة يف كامل هذه الصفة فيه‪.‬‬
‫‪70‬‬

‫ومنها قول أيب نواس‪:‬‬


‫ث َي ِص ُري‬
‫ـجو ُد َح ْي ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َلك ْن َيص ُري ا ْل ُ‬ ‫***‬ ‫َفـ َـا َجــا َز ُه ُجــو ٌد َوال َحـ َّ‬
‫ـل ُدو َن ـ ُه‬
‫فقد جعل أبو نواس اجلود ينتقل حيث ينتقل ممدوحه‪ ،‬فنسب اجلود إىل يشء متصل باملمدوح‪ ،‬وهو‬
‫املكان الذي يوجد فيه ذلك املمدوح‪ ، ‬واملراد وصف املمدوح باجلود والعطاء‪ ،‬ولكنه عدل عن ذلك‬
‫رصاحة مبالغة يف كامل هذه الصفة فيه ‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ــي ِف ِركَابِ ِ‬
‫والـْــمجدُ يم ِ‬ ‫ـــــع ظِ َّلــــــ ُه‬
‫ــه‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫***‬ ‫ُ‬ ‫ا ْل ُيمــ ُ‬
‫ْـــن َي ْت َب‬
‫حيث جعل الشاعر ال ُي ْمن َي ْت َب ُع ظِ َّل ممدوحه‪ ،‬واملجد َي ْم ِش يف ركابه‪ ،‬فنسب ذلك إىل يشء متصل‬
‫باملمدوح وهو ظله وركابه‪ ،‬واملراد وصف املمدوح نفسه بذلك‪،‬ولكنه عدل عن ذلك رصاحة مبالغة‬
‫يف كامل هذه الصفة فيه‪.‬‬
‫عي فيها بني عامر بفرارهم‪:‬‬ ‫ومن ذلك أيضا قول ُ‬
‫اجل َم ْيحِ األسدي يصف جواده من قصيدة َّ‬
‫ج ـ ْت ـه ســبــوح ِع ـنَــانــا َخ ِ‬ ‫ـن ن َْض َلـ َة َنـــ‬ ‫ِ‬
‫ــذ ُم‬ ‫َُ‬ ‫َّ ُ َ ُ ٌ‬ ‫***‬ ‫َلـ ْ‬
‫ـو َخا َف ُكــم َخالــدُ بـ ُ‬
‫«عن َُانا َخ ِذ ُم» كناية عن رسعة الفرس‪ ،‬فقد نسب الرسعة للعنان‪ ،‬واملراد‬
‫اخلذم ‪ :‬املرسع‪ ،‬وقوله‪ِ :‬‬
‫نسبة الرسعة للفرس نفسها عىل سبيل الكناية عن نسبة؛ ألنه يستحيل عقال وبداهة أن يكون العنان هو‬
‫الرسيع‪ ،‬فتحتم أن ينتقل الذهن إىل داللة أخرى تكون أوفق باملراد‪ ،‬ويتحقق فيها التالؤم وعدم التنافر‪،‬‬
‫وهو رسعة الفرس ذاته‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويالحظ أن املعنى األصيل هنا غري ممكن احلدوث؛ ألن العنان املوضوع عىل ظهر الفرس‬
‫يستحيل أن يرسع؛ ألنه مجاد ال حول له وال َط ْول‪ ،‬وهذا عائد لذات األسلوب‪ ،‬وليس لطبيعة قرينة‬
‫الكناية التي ال متنع من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫وتصويرا رائ ًعا وعجي ًبا‬
‫ً‬ ‫وآثر الشاعر الكناية هنا عىل احلقيقة؛ ألن فيها ـ كام نحس ـ مبالغة مستحبة‬
‫لرسعة فرسه‪ ،‬فإذا كان عنان الفرس مرسعا‪ ،‬فام بالك هبا نفسها ؟!‪،‬وفيها ـ أيضا ـ حتسني لألسلوب‪،‬‬
‫وتزيني له بام جيعله مؤثرا بقوة يف النفس عن تلك احلقيقة املجردة لو قال‪« :‬نجته سبوح مرسعة»‪ ،‬عالوة‬
‫عىل ما فيها من تصوير للمعنى بإقامة احلجة والربهان عيل صحته‪.‬‬
‫خصائص الكناية وبالغتها‪:‬‬
‫الكناية شأن غريها من ألوان البيان هلا أرسار عامة تتحقق يف كثري من األساليب ‪.‬‬
‫‪71‬‬

‫أرسارا خاصة تتولد من طبيعة كل أسلوب‪ ،‬وال تظهر إال بتحليلها والغوص يف أرجائها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كام أن هلا‬
‫كل َم ْن َل ُط َ‬
‫ف طبعه‪ ،‬وصفت قرحيته البيانية‪.‬‬ ‫ويتعرف عليها ُّ‬
‫ومن يتأمل يف أساليب الكناية املختلفة‪ ،‬جيد أهنا ترد خلصائص بالغية عديدة ومتنوعة منها‪:‬‬
‫اآلذان سامعه إىل ما يدل عىل معناه‪ ،‬لكون هذا‬
‫ُ‬ ‫‪1‬ـ االبتعاد عن اللفظ املفحش الذي ال تستسيغُ‬
‫اللفظ من العورات‪ ،‬أو املستقبحات‪ ،‬أو املستقذرات‪ ،‬وأمثلة ذلك كثرية جدًّ ايف القرآن الكريم‪ ،‬وكالم‬
‫العرب‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﱸ [البقرة‪ ،]187:‬فاملراد بالرفث‪:‬‬ ‫ِ‬
‫االتصال باملرأة‪ ،‬فعدل القرآن عن الترصيح بذلك إىل الكناية عنه؛ حتاشيا عن األلفاظ التي ال تليق‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﱸ [املائدة‪.]6:‬‬
‫فقوله‪ :‬ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱸ‪ ،‬كناية عن قضاء احلاجة الناقضة للوضوء‪ ،‬وقوله‬
‫ﱹ ﯤ ﯥ ﯦﱸ كناية عن اجلامع‪ ،‬فعدل القرآن عن الترصيح بذلك يف املوضعني إىل الكناية عنه؛‬
‫تساميا عن األلفاظ التي ال يليق ذكرها‪ ،‬وتعليام للبرشأن ينهجوا هذا النهج يف أساليبهم التي يتخاطبون‬
‫هبا فيام بينهم‪.‬‬
‫رأيت م ْن ُه وال رأى‬
‫ُ‬ ‫يف عدم النَّظر إىل العورات‪« :‬ما‬ ‫ومن ذلك ما ُحكي عن أم املؤمنني عائشة‬
‫فهو كناية عن العورة املغ َّلظة‪.‬‬ ‫منِّي» تقصد رسول اهلل‬
‫ففي هذه األمثلة عربنا بالكناية ابتعادا عام ال يليق ذكره‪ ،‬وهذه خصيصة واضحة من خصائص‬
‫الكناية يف األدب العريب‪.‬‬
‫‪2‬ـ إبراز الكناية للمعقول يف صورة احملسوس‪ ،‬فتزيده إيضاحا‪ ،‬وتثبته يف نفس املخاطب‪ ،‬كقوله‬
‫َ‬
‫عصاك عن أهلك» فليس املراد هنا الرضب بالعصا عىل احلقيقة‪ ،‬وإنام املراد ال ترفع التأديب‬ ‫ترفع‬
‫«ال ْ‬
‫عنهم‪ ،‬وال تقطع التقويم عنهم‪ ،‬فكنَّى عن ذلك هبذه العبارة‪ ،‬محال للكالم عىل عرف العرب؛ ألن‬
‫فأنت تراه كيف أبرز املعقول؟ وهو‬
‫املتعارف بينهم أن التأديب يف األكثرال يكون إال بقرع العصا‪َ ،‬‬
‫التأديب يف صورة املحسوس وهو الرضب بالعصا‪ ،‬فأحدث أثره املطلوب يف النفس‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرماد» يف الكناية عن الكرمِ‪ ،‬حيث أبرز املعقول وهو الكرم يف صورة املحسوس‪،‬‬ ‫«فالن كثري‬
‫ٌ‬ ‫ومث ُله‪:‬‬
‫وهو كثرة رماد املمدوح‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫ِ‬
‫الكناية عن املزاحِ ‪ ،‬حيث أبرز املعقول وهو املزاح يف صورة املحسوس‬ ‫الرش»‪ ،‬يف‬ ‫ُ‬
‫«رسول ِّ‬ ‫ومثله‪:‬‬
‫الرش»‪.‬‬
‫«رسول ِّ‬
‫البحرتي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ومثله قول‬
‫ــو ِل‬
‫ثــم َل ْ َيت ََح َّ‬ ‫ِ‬
‫ِف آل َط ْل َحــ َة َّ‬ ‫***‬ ‫ْـم ْجدَ َأ ْل َقى َر ْح َل ُه‬ ‫َأ َو َما َر َأ ْي َ‬
‫ـت الـ َ‬
‫فكل هذه األمثلة تربز لك الكناية عن املعاين‬ ‫ِ‬
‫نسبة الرشف إىل آل طلح َة‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الكناية عن‬ ‫وذلك يف‬
‫أن هذه خصيصة من خصائص‬ ‫شك ىف َّ‬‫نفسك إليها‪ ،‬وال َّ‬ ‫ٍ‬
‫ترتاح ُ‬
‫ُ‬ ‫صورة مشاهدة حمسوسة‪،‬‬ ‫املعقولة يف‬
‫كنت تعج ُز عن‬ ‫َ‬
‫وجعلك ترى ما َ‬ ‫هبر َك‬ ‫ِ‬
‫لليأس‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لألمل أو‬ ‫المصور إذا رسم لك صور ًة‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫الفنون‪َّ ،‬‬
‫التعبري عنه واضحا ملموسا‪.‬‬
‫‪3‬ـ اإلشارة إىل املعنى بلطف‪ ،‬وبراعة‪ ،‬بحيث تبلغ الغرض من الكالم دون أن تواجه املخاطب بام‬
‫يكره‪ ،‬ومن لطيف ذلك ما روي عن أعرابية وقفت عىل باب قيس بن سعد فقالت‪« :‬أشكو إليك قلة الفأر‬
‫يف بيتي»‪ ،‬فقوهلا هذا فيه كناية عن فقرها املدقع‪ ،‬حيث أشارت إىل غرضها بلطف وبراعة حتى نال قوهلا‬
‫هذا إعجاب قيس‪ ،‬فقال‪ :‬ما أحسن ماورت عن حاجتها‪ :‬امألوا هلا بيتها خبزا‪ ،‬وسمنا‪ ،‬وحلام‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كثرية تعطيك احلقيق َة‪ ،‬مصحوب ًة‬ ‫‪4‬ـ إثبات املعنى بالدليل؛ فمن خصائص الكناية أهنا يف صور‬
‫بدليلها‪ ،‬والقضي َة ويف ط ِّيها ْبرهاهنا‪ ،‬كقول البحرتي يف املديح‪:‬‬
‫ِ ِ‬
‫ور‪َ ،‬م َّب ِ‬
‫ب‬ ‫يب ِف ُّ‬
‫الصدُ ِ‬ ‫َما َبدَ ا َُل ْم َع ْن َم ِه ٍ‬ ‫***‬ ‫ـل ال َّل ْحــظ مـ ْ‬
‫ـن َح ْي ُث‬ ‫ـون َف ْضـ َ‬
‫َيغ ُُّضـ َ‬
‫برهان‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫األبصار الذي هو يف احلقيقة‬ ‫بغض‬ ‫فإنه كنَّى عن إكبار الناس للممدوحِ ‪ ،‬وهيبتِهم إياه‪ِّ ،‬‬
‫ِ‬
‫والنسبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الصفة‬ ‫ِ‬
‫الكنايات عن‬ ‫وتظهر هذه اخلصيص ُة جلي ًة يف‬ ‫ِ‬
‫واإلجالل‪،‬‬ ‫واضح‪ ،‬ودليل جيل عىل اهليبة‬
‫ُ‬
‫***‬
‫‪73‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫الكناية ‪ :‬لفظ أطلق‪ ،‬وأريد به الزم معناه‪ ،‬مع قرينة ال متنع من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫أركان الكناية أربعة‪:‬‬
‫‪1‬ـ املكني به‪ :‬وهو املعنى احلقيقي املذكور يف العبارة‪.‬‬
‫‪2‬ـ املكني عنه‪ :‬وهو املعنى املسترت املستشف من املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫‪3‬ـ العـالقة التي تكون بني املكني به واملكني عنه ‪ ،‬وهي اللزوم‪.‬‬
‫‪4‬ـ القرينة ‪ :‬وهي غري مانعة من إرادة املعنى احلقيقي‪.‬‬
‫الفرق بني املجاز‪ ،‬والكناية‪:‬أن قرينة املجاز متنع من إرادة املعنى احلقيقي‪ ،‬أما الكناية‪ ،‬فيجوز أن‬
‫يراد فيها املعنى احلقيقي مع املعنى الكنائي‪.‬‬
‫أقسام الكناية باعتبار املكين عنه ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الكناية عن صفة‪ :‬وهي أن يرصح باملوصوف‪ ،‬وبالنسبة إليه‪ ،‬وال يرصح بالصفة املرادة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الكناية عن موصوف‪ :‬وهي ذكر الصفة‪ ،‬وحذف املوصوف‪.‬‬
‫واليرصح بالنسبة بينهام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يرصح باملوصوف والصفة‪،‬‬
‫‪3‬ـ الكناية عن النسبة‪ :‬وهي أن ِّ‬
‫خصائص الكناية وبالغتها‪:‬‬
‫‪1‬ـ االبتعاد عن اللفظ املفحش‪ ،‬أو املستقذر إىل ما يدل عىل معناه‪.‬‬
‫‪2‬ـ إبراز املعقول يف صورة املحسوس‪.‬‬
‫‪3‬ـ اإلشارة إىل املعنى بلطف‪ ،‬وبراعة‪.‬‬
‫‪4‬ـ إثبات املعنى بالدليل‪ ،‬والربهان ‪.‬‬

‫***‬
‫‪74‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬القرينة يف أمثلة الكناية بجميع أنواعها ال متنع من إرادة املعنى احلقيقي الذي يفهم من‬
‫رصيح اللفظ‪ ،‬ما عدا بعض األساليب التي ال جيوز فيها ذلك‪ ،‬وهذا عائد لطبيعة األسلوب ال لقرينة‬
‫الكناية‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬الصفة أو الصفتني أو الصفات املذكورة يف الكناية عن املوصوف ال بد أن يكون هلا‬
‫اختصاص ظاهر هبذا املوصوف‪ ،‬حتى يتم االنتقال إليه بيرس وسهولة‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬الكناية عن موصوف إما تكون قريبة سهلة التناول واإلدراك‪ ،‬أو بعيدة الحتياجها إىل‬
‫تأمل وتفكر‪.‬‬
‫مفاهيم‪:‬‬
‫‪1‬ـ الكناية‪:‬لفظ أطلق‪ ،‬وأريد به الزم معناه‪ ،‬مع قرينة غري مانعة من إرادة املعنى األصيل‪.‬‬
‫‪2‬ـ الكناية عن صفة‪ :‬وهي أن يرصح باملوصوف‪ ،‬وبالنسبة إليه‪ ،‬واليرصح بالصفة املرادة‪.‬‬
‫‪3‬ـ الكناية عن موصوف‪ :‬وهي ذكر الصفة‪ ،‬وحذف املوصوف‪.‬‬
‫واليرصح بالنسبة بينهام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪4‬ـ الكناية عن النسبة‪ :‬وهي أن يرصح باملوصوف والصفة‪،‬‬
‫***‬
‫‪75‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬مع التعليل‬
‫فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬القرينة يف الكناية المتنع من إرادة املعنى احلقيقي‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬تنقسم الكناية باعتبار املكنى عنه ثالثة أقسام‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬الكناية يتعارض فيها املعنى احلقيقي‪ ،‬مع املعنى الكنائي‪ .‬‬
‫)‬ ‫‪ -4‬من خصائص الكناية إثبات املعنى بالدليل‪ ،‬وإيراد املعنى بلطف ورقة‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬الكناية عن موصوف تكون بذكر املوصوف‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬الكناية عن صفة تكون قريبة وتكون بعيدة ذات وسائط‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬الكناية عن نسبة من أنواع الكنايات الرائعة عند البالغيني‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬الكناية أبلغ من الترصيح عىل طول اخلط‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -9‬املكني عنه هو الذي يتلفظ به يف العبارة ‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -10‬للكناية أرسار وخصائص بالغية يدركها الفطن احلصيف‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -5‬‬ ‫‪ .)√( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫‪.)√( -10‬‬ ‫‪ .)×( -9‬‬ ‫‪ .)×( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬حدد نوع الكناية‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل‪:‬ﱹﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭﱸ [الزخرف‪.]18:‬‬
‫‪2‬ـ قال تعاىل‪:‬ﱹﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﱸ [الفرقان‪.]27:‬‬
‫‪3‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﱸ [املائدة ‪.]6:‬‬
‫‪76‬‬

‫‪4‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ‬


‫[اإلرساء‪.]29:‬‬
‫‪5‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﱸ [األعراف‪.]149:‬‬
‫‪6‬ـ قال البحرتي‪:‬‬
‫ــو ِل‬
‫ثــم َل ْ َيت ََح َّ‬ ‫ِ‬
‫ِف آل َط ْل َحــ َة َّ‬ ‫***‬ ‫ـم ْجدَ َأ ْل َقى َر ْح َل ُه‬ ‫َأ َو َما َر َأ ْيـ َ‬
‫ـت الـْـ َ‬
‫‪7‬ـ قال زياد األعجم يمدح عبد اهلل بن احلرشج‪:‬‬
‫شجِ‬ ‫ت َع َل ا ْب ِن ا ْل َ‬
‫ــح ْ َ‬ ‫ِف ُق َّب ٍة ُ ِ‬
‫ض َب ْ‬ ‫***‬ ‫وء َة َوالنَّــدَ ى‬
‫ـم ُر َ‬ ‫إِ َّن َّ‬
‫السـ َـا َح َة َوالـْـ ُ‬
‫‪8‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ُول ا ْل َف ِص ِ‬
‫يـل‬ ‫ـان ا ْل َك ْل ِ‬
‫ـب َم ْهـز ُ‬ ‫َج َب ُ‬ ‫***‬ ‫ــن َع ْي ٍ‬
‫ــب َف ِّ‬
‫ــإن‬ ‫ومــا ي ُ ِ‬
‫ــك ِ َّف م ْ‬ ‫ََ َ‬

‫ي ُب ْر َد ْي ِه» ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ي َث ْو َب ْيه‪َ ،‬وا ْلك ََر ُم َب ْ َ‬
‫‪9‬ـ وقولنا‪« :‬املجدُ َب ْ َ‬
‫‪10‬ـ وقولنا‪« :‬جاء قابض يده»‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثانى‬
‫‪1‬ـ ‪1‬كناية عن موصوف (األنثى)‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬كناية عن صفة وهي (الندم)‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬كنايتان األوىل عن صفة وهى قضاء احلاجة ىف قوله‪ :‬ﱹ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱸ [املائدة‪]6:‬‬

‫والثانية كناية عن صفة‪ ،‬وهي اجلامع يف قوله‪ :‬ﱹ ﭵ ﭶ ﱸ‪.‬‬


‫‪4‬ـ ‪4‬كنايتان األوىل‪ :‬عن صفة (البخل)‪ ،‬والثانية ‪ :‬عن صفة (التبذير واإلرساف)‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬كناية عن صفة (الندم)‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬كناية عن نسبة يف قوله ‪ ( :‬أوما رأيت املجد) ‪.‬‬
‫‪7‬ـ ‪7‬كناية عن نسبة ‪ :‬يف قوله‪( :‬يف قبة رضبت ‪.)...‬‬
‫‪8‬ـ ‪8‬كناية عن صفة الكرم واجلود يف قوله‪( :‬جبان الكلب‪ ،‬مهزول الفصيل)‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫‪9‬ـ ‪9‬كناية عن نسبة يف قوله ‪ ( :‬املجد بني ثوبيه‪ ،‬والكرم بني برديه )‪.‬‬
‫‪ 1010‬كناية عن موصوف (الرجل البخيل)‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬اذكر املعنى املكني عنه‪ ،‬ونوع الكناية يف كل مما يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ‬
‫[اإلرساء‪.]29:‬‬
‫‪2‬ـ قال تعاىل ‪ :‬ﱹ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﱸ[الكهف ‪.]42:‬‬
‫‪3‬ـ الصدق حيل يف بيت املؤمن‪.‬‬
‫«من يضمن يل ما بني حلييه‪ ،‬أضمن له اجلنة» ‪.‬‬ ‫‪4‬ـ قال رسول اهلل‬
‫‪5‬ـ إهنا امرأة نؤوم الضحى‪.‬‬
‫‪6‬ـ قال املتنبي يف وقيعة سيف الدولة ببني كالب‪:‬‬
‫اب‬ ‫ـــه ْم َو ُب ْســ ُط ُه ُم ت َ‬
‫ُــر ُ‬ ‫َو َص َّب َح ُ‬ ‫***‬ ‫ــاه ْم َو ُب ْســ ُط ُه ُم َح ٌ‬
‫ريــر‬ ‫َف َم َّس ُ‬
‫ضــاب‬
‫ُ‬ ‫ــم ِخ‬
‫منه ْ‬‫ــن يف َك ّفــه ُ‬ ‫كم ْ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫ـم َق ـنَــا ٌة‬
‫ـهـ ْ‬
‫ِ‬
‫ـــن يف َك ـ ِّفــه م ـنْـ ُ‬
‫َو َم ْ‬
‫‪7‬ـ وقال املتنبي يف مدح كافور‪:‬‬
‫َل ِضيــاء يــز ِْري بــك ُِّل ِضي ِ‬
‫ــاء‬ ‫ـذي الـْــمجدُ فِيـ ِ‬
‫ـه‬ ‫ـك ا َّلـ ِ‬
‫إن يف َث ْوبِـ َ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ ً ُ‬ ‫***‬ ‫َ ْ‬

‫‪ 8‬ـ وقولنا‪« :‬فالن ألقى سالحه»‪.‬‬


‫‪9‬ـ وقولنا‪ « :‬فالن نقي الثوب»‪.‬‬
‫مهوى ال ُقرط»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العرب‪ « :‬فالن ٌة بعيد ُة َ‬ ‫‪10‬ـ ُ‬
‫وقول‬
‫إجابة التدريب الثالث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬املعنى املكني عنه‪( :‬البخل) والكناية‪ :‬كناية عن صفة‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬املعنى املكني عنه‪( :‬الندم) والكناية‪ :‬كناية عن صفة‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬املعنى املكني عنه‪( :‬نسبة اتصاف املؤمن بالصدق) والكناية ‪ :‬كناية عن نسبة‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬املعنى املكني عنه‪ :‬حفظ اللسان‪ ،‬والكناية كناية عن موصوف (اللسان)‪.‬‬
‫‪78‬‬

‫‪5‬ـ ‪5‬املعنى املكني عنه‪ :‬الرتف‪ ،‬والكناية كناية عن صفة‪.‬‬


‫اه ْم َو ُب ْس ُط ُه ُم َحرير» العزة والسيادة والنعيم ‪،‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬املعنى املكني عنه‪ :‬يف البيت األول يف قوله‪َ « :‬ف َم َّس ُ‬
‫اب» الذلة واهلوان‪ ،‬وهو كناية عن صفة‪.‬‬ ‫«و َص َّب َح ُه ْم َو ُب ْس ُط ُه ُم ت َُر ُ‬
‫واملعنى املكني عنه يف قوله ‪َ :‬‬
‫«و َم ْن يف َك ّفه ِمن ُْه ْم َقنَاةٌ» الرجال وهو كناية عن موصوف‪،‬‬
‫املعنى املكني عنه يف البيت الثاين يف قوله‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫ضاب» النساء‪ ،‬وهو كناية عن موصوف‪.‬‬ ‫منه ْم خ ُ‬ ‫«كم ْن يف َك ِّفه ُ‬
‫واملعنى املكني عنه يف قوله‪َ :‬‬
‫‪7‬ـ ‪7‬املعنى املكني عنه‪( :‬نسبة املجد لكافور) والكناية‪ :‬كناية عن نسبة‪.‬‬
‫‪8‬ـ ‪8‬املعنى املكني عنه‪ :‬االستسالم ‪ ،‬والكناية كناية عن صفة‪.‬‬
‫‪9‬ـ ‪9‬املعنى املكني عنه‪ :‬النزاهة والطهارة‪ ،‬والكناية كناية عن صفة‪.‬‬
‫‪1010‬املعنى املكني عنه‪ :‬طول العنق‪ ،‬والكناية كناية عن صفة‪.‬‬

‫تطبيقات عامة على اجملاز والكناية‬


‫التدريب األول‪ :‬بني املعنى احلقيقي‪ ،‬واملعنى املجازي‪ ،‬والعالقة والقرينة فيام حتته خط مما يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮣ ﮤ ﮥ ﱸ [الشعراء‪.]195:‬‬
‫‪2‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﱸ [آل عمران ‪.]167:‬‬
‫‪ 3‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﱸ [املزمل‪.]2، 1:‬‬
‫‪ 4‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠﯡﱸ [التوبة ‪.]61:‬‬
‫‪5‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﱸ[طه‪.]74:‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬بني االستعارات ‪ ،‬ونوعها فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﱸ [األنعام‪.]122:‬‬
‫‪2‬ـ قال احلجاج بن يوسف‪« :‬إن احلزم والعزم سلباين سوطي‪ ،‬وأبدالين به سيفي‪ ،‬فقائمه يف يدي‪،‬‬
‫ونجاده يف عنقي‪ ،‬وذبابه يف قالدي»‪.‬‬
‫السى»‪.‬‬
‫ي َمدُ القوم ُّ‬
‫‪3‬ـ وقالت العرب‪« :‬عند الصباح َ ْ‬
‫‪79‬‬

‫ـن َأ َم ُ‬ ‫ْـمخَ ِ‬ ‫ِ‬


‫ـان‬ ‫ف ُك ُّل ُه َّ‬
‫او ُ‬ ‫َـم َفالـ َ‬
‫ن ْ‬ ‫***‬ ‫ونَــا‬
‫ْــك ُع ُي ُ‬ ‫‪4‬ـ قال القايض الفاضل‪َ :‬وإِ َذا ا ْلعنَا َيــ ُة َ‬
‫الح َظت َ‬

‫التدريب الثالث‪ :‬عني املعنى الكنائي‪ ،‬ونوع الكناية فيام يأيت‪:‬‬


‫‪1‬ـ قال الشنفرى يصف امرأة بالعفة‪:‬‬
‫ـوت بالـْــمالم ِة ح َّلـ ِ‬
‫إِ َذا َمــا ُب ُيـ ٌ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َيبِيـ ُ‬
‫ـت‬ ‫َ َ َ‬ ‫***‬ ‫ـؤ ِم َب ْيت َُهــا‬ ‫ـت بِ َمن َْجــاة مـ َ‬
‫ـن اللـ ْ‬

‫«الولد للفراش‪ ،‬وللعاهر احلجر»‪.‬‬ ‫‪2‬ـ قال النبي‬


‫‪3‬ـ قال األشرت يوم اجلمل لعبد اهلل بن الزبري‪ :‬واهلل لوال قرابتك من رسول اهلل ما اجتمع فيك عضو‬
‫إىل آخر‪.‬‬
‫ت َلا ِق ِفي‬
‫س ِار ُق ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫إِ َل َم ْوط ِن األ ْ َ‬ ‫***‬ ‫َاهــا َو َد َّب َدبِي ُب َهــا‬ ‫‪4‬ـ قال أبو نواس‪َ :‬و ََّلــا َ ِ‬
‫ش ْبن َ‬
‫ْت ِم َن الز َِّحامِ؟‬
‫ت َأن ِ‬
‫ف وص ْل ِ‬
‫َف َك ْي َ َ َ‬ ‫***‬
‫ْــدي ك ُُّل بِن ٍ‬
‫ْــت‬ ‫ــر ِعن ِ‬ ‫‪5‬ـ قال املتنبي يف احلمى‪َ :‬أبِن َ‬
‫ْــت الدَّ ْه ِ‬
‫***‬
‫‪81‬‬

‫الوحدة الثالثة‬
‫(علم البديع ـ تعريفه ـ أقسامه ـ أنواع احملسنات املعنوية)‬

‫أهداف الوحدة الثالثة‪:‬‬


‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بعد االنتهاء من هذه الوحدة ينبغى أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ يعرف علم البديع‪ ،‬ويذكر أقسامه‪ ،‬مع التفريق بني نظرة البالغيني املتقدمني للبديع‪ ،‬ونظرة‬
‫البالغيني املتأخرين للبديع‪.‬‬
‫‪2‬ـ يعرف ك ًّ‬
‫ال من الطباق‪ ،‬واملقابلة‪ ،‬ويعدد صورمها مع التمثيل‪.‬‬
‫‪3‬ـ يعرف مراعاة النظري‪ ،‬ويذكر صوره‪.‬‬
‫‪4‬ـ يستخرج من أمثلة مقدمة له الطباق‪ ،‬واملشاكلة‪ ،‬والتورية‪.‬‬
‫‪5‬ـ حيدد متى جتتمع املشاكلة مع الطباق‪ ،‬ومتى جتتمع مع اجلناس‪.‬‬
‫‪6‬ـ يذكر صور حسن التعليل‪.‬‬
‫‪7‬ـ يأتى بأمثلة لتأكيد املدح بام يشبه الذم والعكس‪.‬‬

‫***‬
‫‪82‬‬

‫(مفهوم البديع‪ ،‬أقسامه‪ ،‬منزلته‪ ،‬نشأته)‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫عرف علم البديع‪.‬‬
‫‪1‬ـ ُي َّ‬
‫‪2‬ـ يذكر أقسام علم البديع‪.‬‬
‫‪3‬ـ يوازن بني املحسنات اللفظية‪ ،‬واملحسنات البديعية‪.‬‬
‫‪4‬ـ يفرق بني نظرة القدماء‪ ،‬ونظرة املتأخرين لعلم البديع ‪.‬‬
‫‪5‬ـ يأتى بأمثلة ألنواع املحسنات اللفظية‪.‬‬
‫‪6‬ـ يأتى بأمثلة ألنواع املحسنات املعنوية‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس تعريف البديع‪ ،‬وأقسامه‪ ،‬واملراد باملحسنات املعنوية‪ ،‬وعالماهتا‪،‬‬
‫وأنواعها‪ ،‬واملراد باملحسنات اللفظية‪ ،‬وعالمتها‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬ومنزلة علم البديع من علوم البالغة‪،‬‬
‫ونشأته‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫متهيد‪:‬‬
‫عرفت فيام سبق أن علم البيان هو وسيلة إىل تأدية املعنى الواحد بأساليب متنوعة ما بني‬
‫تشبيه‪ ،‬وجماز‪ ،‬وكناية‪ ،‬كام عرفت ـ أيضا ـ أن علم املعاين ُيعني املتكلم عىل تأدية كالمه بصورة‬
‫تتطابق مع مقتىض احلال‪ ،‬وهناك فن آخر من فنون البالغة ال يدرس شيئا من مباحث علم‬
‫البيان‪ ،‬وال ينظر يف يشء من مسائل علم املعاين‪ ،‬ولكن دراسته ختتص بتزيني األلفاظ‪ ،‬أو املعاين‬
‫بألوان بديعية من اجلامل اللفظي أو املعنوي‪ ،‬ويسمى العلم اجلامع هلذه املباحث بعلم البديع‪.‬‬
‫‪83‬‬

‫تعريف البديع‪:‬‬

‫البديع لغة‪ :‬املخرتع ا ُمل َ‬


‫وجدُ عىل غري مثال سابق‪ ،‬وهو مأخوذ من قوهلم‪َ :‬بدع اليشء وأبدعه اخرتعه‬
‫عىل غري مثال‪ ،‬وعليه قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﱸ‬
‫ي‪ :‬م ْبت َِد ُعها وم ْبت َِدئ َُها َع َل غري ِم َث ٍ‬
‫ال َس َب َق‪ ،‬وهو ـ أيضا ـ بمعنى‪ :‬اجلديد املبتكر؛ ُي َق ُال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫[البقرة‪َ ،]117:‬أ ْ ُ‬
‫ك‪.‬‬‫ف َق ْب َل ذلِ َ‬ ‫ج ٍ‬
‫يب‪َ ،‬ل ْ ُي ْع َر ْ‬ ‫ث َع ِ‬ ‫ْت بِ َأم ٍر ب ِديعٍ‪َ ،‬أي‪ُ ،‬مْدَ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ِجئ َ ْ َ‬
‫البديع اصطالحا‪ :‬هو علم ُيعرف به وجوه حتسني الكالم بعد رعاية مطابقته ملقتىض احلال‪ ،‬ووضوح‬
‫داللته عىل املراد‪.‬‬
‫شرح التعريف‪:‬‬
‫املراد بالوجوه‪ :‬األساليب التي تُزين الكالم وتنمقه‪ ،‬وتزيده حسنا وهباء‪ ،‬وهي فنون البديع املختلفة‬
‫التي سندرسها َ‬
‫لك الحقا‪.‬‬
‫ومعنى يعرف به وجوه حتسني الكالم‪ :‬أي‪ُ :‬يعرف عن طريق دراسة فنون علم البديع األمور التي‬
‫ي َّس ُن الكالم لفظا ومعنى‪.‬‬
‫هبا ُ َ‬
‫ومعنى «بعد مطابقته ملقتىض احلال‪ ،‬ووضوح داللته عىل املراد» أي‪ :‬أن الكالم املحسن لفظا ومعنى‬
‫جيب أن يكون مطابقا ملقتىض احلال‪ ،‬واضح الداللة عىل املعنى املراد‪،‬وإال كانت تلك الوجوه التحسينية‬
‫التزيينية كتعليق الدر يف أعناق اخلنازير‪.‬‬
‫استدراك‪:‬‬
‫يفهم من تعريف علامء البالغة املتأخرين لعلم البديع السابق أمران‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن علم البديع علم تابع لعلمي املعاين والبيان‪ ،‬يأيت بعدمها وال يسري معهام عىل خط واحد‪،‬‬
‫فهو أقل منهام درجة‪ ،‬يفهم هذا من قوهلم السابق‪« :‬بعد رعاية املطابقة‪ ..‬إلخ»‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن علم البديع حلية لفظية‪ ،‬وزينة شكلية يمكن االستغناء عنها‪ ،‬يفهم هذا من قوهلم‪:‬‬
‫« ُيعرف به وجوه حتسني الكالم»‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫ً‬
‫تفصيل ىف الصفحات اآلتية‪.‬‬ ‫وسنوضح لك هذا األمر بصورة أكثر‬
‫أقسام علم البديع‬
‫ذكر البالغيون أن علم البديع ينقسم قسمني‪:‬‬
‫األول‪ :‬املحسنات املعنوية‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬املحسنات اللفظية‬
‫أوال‪ :‬احملسنات املعنوية ‪.‬‬
‫املراد باملحسنات املعنوية‪ :‬األساليب التي تكسب املعنى لونا من اجلامل يزيده روعة وتأثريا يف النفس‪،‬‬
‫ونستطيع أن نتبني هذا يف قول الشاعر‪:‬‬
‫الي ِم ْنك َُّن َأ ْم َل ْي َل ِم َن ا ْل َب َ ِ‬
‫ش؟!‬ ‫َل ْي َ‬ ‫***‬ ‫ـن َل َنــا‬ ‫ِ‬
‫بــاهلل َيــا َظ َب َيــات ا ْل َقــا ِع ُق ْلـ َ‬
‫فالشاعر يعلم يقينا أن ليىل من البرش‪ ،‬لكنه يتجاهل ذلك؛ لغرض هيدف إليه‪ ،‬هو إظهار شغفه‬
‫بصاحبته‪ ،‬مما جعله يزعم أهنا ليست من البرش‪ ،‬مبيحا لنفسه بذلك أن يرتدد يف أمرها أهي من البرش‪،‬‬
‫أم من تلك الظباء التي يرضب بجامهلا املثل‪ ،‬وهذا يعرف يف علم البديع بتجاهل العارف‪ ،‬وهذا اللون‬
‫البديعي وجهته هي حتسني املعنى‪.‬‬
‫عالمة احملسن املعنوي‪:‬‬
‫إذا أراد أبناؤنا الطالب والطالبات معرفة املحسن املعنوي من اللفظي‪ ،‬فهناك عالمة ترشدهم‬
‫للتفريق بينهام‪ ،‬فعالمة املحسن املعنوي‪ :‬أنه يظل باقيا عىل حاله من الروعة والتأثري مع تغيري اللفظ‪،‬‬
‫فلو استبدل الشاعر اسم حمبوبته ليىل يف البيت السابق باسم آخر لظل املعنى عىل حاله؛ وهلذا فإن‬
‫املحسن املعنوي يكون غرض املتكلم فيه منصبا عىل حتسني املعنى وتزيينه أوال‪ ،‬فهو هدفه الذي يرنو‬
‫إليه يف األساس؛ ولذا سمي باملحسن املعنوي‪.‬‬
‫أنواع احملسنات املعنوية‪:‬‬
‫للمحسنات املعنوية ألوان كثرية حرصها اخلطيب القزويني يف كتابه اإليضاح‪ ،‬وعددها اثنان‬
‫ٍ‬
‫بعض منها وهي‪:‬‬ ‫وثالثون حمسنا‪ ،‬ونقترص ُهنا عىل رشح‬
‫‪2‬ـ املقابلة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ املطابقة‪.‬‬
‫‪85‬‬

‫‪4‬ـ املشاكلة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪3‬ـ مراعاة النظري‪.‬‬
‫‪6‬ـ املبالغة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪5‬ـ التورية‪.‬‬
‫‪8‬ـ تأكيد املدح بام يشبه الذم‪ ،‬وعكسه‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪7‬ـ حسن التعليل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬احملسنات اللفظية‪:‬‬
‫املراد باملحسنات اللفظية‪ :‬األساليب التي تكسب اللفظ حسنا يزيده رقة وعذوبة‪ ،‬ويعيل من قدره‪،‬‬
‫ويفخم من شأنه‪ ،‬ونستطيع أن نستكشف ذلك من قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ [الروم‪ ،]55:‬ففي اآلية لون من ألوان املحسنات اللفظية وهو‬
‫(اجلناس التام)‪ ،‬ولو قلت يف غري القرآن الكريم «ويوم تقوم القيامة يقسم املجرمون ما لبثوا غري ساعة»‬
‫َ‬
‫لسانك جتد مصداق ما‬ ‫لفاتت البالغة‪ ،‬وتالشت الدقة‪ ،‬وذهب احلسن والرونق‪ ،‬وجرب ذلك عىل‬
‫قلت َ‬
‫لك ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫عالمة احملسن اللفظي‪:‬‬
‫عالمته‪ :‬أنه ال يظل باقيا عىل حاله من الروعة والدقة‪ ،‬والقوة والرقة مع تغيري اللفظ‪ ،‬فلو وضعنا‬
‫القيامة بدل الساعة يف اآلية السابقة لتغري املعنى وفسد املراد؛ وهلذا فإن املحسن اللفظي يكون غرض‬
‫املتكلم فيه منصبا عىل حتسني اللفظ وتزيينه أوال‪ ،‬فهو هدفه الذي يرنو إليه يف األساس؛ ولذا سمي‬
‫باملحسن اللفظي لذلك‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وأصل احلسن يف املحسنات اللفظية ـ كام يقول اإلمام عبد القاهر ـ أن تكون األلفاظ تابعة‬
‫للمعاين‪ ،‬فإن املعاين إذا أرسلت عىل سجيتها‪ ،‬وتركت وما تريد‪ ،‬طلبت ألنفسها األلفاظ‪ ،‬ومل تكتس‬
‫إال بام يليق هبا‪ ،‬فإن كان األمر عىل خالف ذلك‪ ،‬كان كام قال أبو الطيب املتنبي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ير ُح ْس ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫َو َأ ْع َضائ َها َفا ْل ُ‬
‫ـح ْس ُن َعن َ‬
‫ْك ُم َغ َّي ُ‬ ‫***‬ ‫اتا‬
‫ـن شـ َي َ‬ ‫إِ َذا َل ْ ت َُشـاهدْ َغ ْ َ‬
‫أنواع احملسنات اللفظية‪:‬‬
‫حرص اخلطيب القزويني املحسنات اللفظية يف سبعة ألوان هي‪1 :‬ـ اجلناس‪2 ،‬ـ السجع‪3 ،‬ـ رد‬
‫العجز عىل الصدر‪4 ،‬ـ املوازنة واملامثلة ‪5‬ـ القلب‪6 ،‬ـ الترشيع‪7 ،‬ـ لزوم ما ال يلزم‪ ،‬وسنقترص هنا عىل‬
‫رشح اجلناس والسجع‪.‬‬
‫‪86‬‬

‫منزلة علم البديع من البالغة‪:‬‬


‫من خالل تعريف علم البديع‪ ،‬وأقسامه‪ ،‬وأنواع كل قسم ـ فيام مىض ـ اتضح ألبنائنا الطالب‬
‫والطالبات أن بعض البالغيني املتأخرين يرون هذا العلم حلية لفظية‪ ،‬وطالء خارجيا يؤتى بفنونه؛‬
‫لتكسب الكالم حسنا وهباء‪ ،‬وتزيده رونقا ومجاال‪ ،‬ومعنى هذا‪ :‬أن علم البديع ليس علام ذاتيا يقصد‬
‫لذاته‪ ،‬بل هو علم عريض يمكن االستغناء عنه يف الكالم‪ ،‬كام يستغنى عن احللية والزينة‪.‬‬
‫وهذا رأي ليس بسديد؛ حيث ذهب بعض علامء البالغة املتقدمني مثل اإلمام عبد القاهر‪ ،‬وتابعه‬
‫ِ‬
‫علم أسايس‪ ،‬وليس حلية لفظية أو زينة شكلية‪ ،‬فلو تطلب املقام‬ ‫كثري من ا ُمل ْحدَ ثني إىل أن هذا العلم ٌ‬
‫طباقا‪ ،‬أو مراعاة نظري‪ ،‬أو جناسا‪ ،‬أو سجعا ‪ ...‬إلخ‪ ،‬ومل يأت املتكلم هبذه األلوان البديعية يف كالمه‬
‫خلرج عن نطاق البالغة‪.‬‬
‫وهذا ما نراه ـ أيضا ـ ؛ ألن علم البديع فن من فنون البالغة‪ ،‬والبالغة هي مطابقة الكالم ملقتىض‬
‫احلال‪.‬‬
‫والدليل عىل ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬
‫ﯿ ﰀ ﱸ [النمل‪ ]22:‬فبني «سبأ ونبأ» جناس غري تام كام ستعرف الحقا‪ ،‬ولو قلت يف غري القرآن‪:‬‬
‫«وجئتك من سبأ بخرب يقني» ملا استقام املعنى؛ ألن لفظ اخلرب هنا ال يغني عن النبأ ؛ ألن اخلرب يستعمل‬
‫يف األمور الدارجة العادية التي ال يؤبه هبا‪ ،‬وال حيتفل بأمرها‪ ،‬عكس النبأ‪ ،‬فهو يستعمل يف األمور‬
‫عن بلقيس‬ ‫العظيمة اجلليلة الالفتة للنظر‪ ،‬وهل هناك أعظم من األنباء التي نقلها اهلدهد لسليامن‬
‫وقومها؟!‪.‬‬
‫نشأة علم البديع‪:‬‬
‫علم البديع ـ كام علمت مما سبق ـ ينحرص يف أنواع املحسنات املعنوية واللفظية‪ ،‬ولكن هذا املصطلح‬
‫مل يطلق عىل هذه األنواع إال عند البالغيني املتأخرين‪ ،‬وكان قبل ذلك يطلق عىل أي فن من فنون البالغة‬
‫الثالثة‪.‬‬
‫فالبديع إذن له معنيان‪:‬‬
‫‪ -1‬معنى ضيق حمصور يف األلوان البديعية املذكورة سابقا‪.‬‬
‫‪ -2‬معنى واسع يتسع ألي فن من فنون البالغة الثالثة‪.‬‬
‫‪87‬‬

‫وأول من عرض للحديث عن البديع بمعناه العام الواسع هو عبد اهلل بن املعتز (ت‪296‬هـ) يف كتابه‬
‫(البديع)‪ ،‬فمن يتأمل كتاب البديع البن املعتز جيد أنه عرض فيه مخسة فنون عدها رصاحة من البديع‬
‫هي‪( :‬االستعارة‪ ،‬والتجنيس‪ ،‬والطباق‪ ،‬ورد األعجاز عىل الصدور‪ ،‬واملذهب الكالمي)‪ ،‬واألربعة‬
‫األخرية هي من علم البديع عند املتأخرين‪ ،‬أما االستعارة‪ ،‬فهي من علم البيان‪ ،‬ومل يكتف بذلك‪ ،‬بل‬
‫حتدث عن ثالثة عرش فنا يف هذا الكتاب‪ ،‬بعضها من علم املعاين‪ ،‬وبعضها من البيان‪ ،‬وبعضها من‬
‫البديع‪ ،‬حيث درس هذه الفنون املختلفة عىل أهنا من علم البديع‪ ،‬وعىل ذلك فعلم البديع يف أول نشأته‬
‫عند ابن املعتز كان يقصد به فنون البالغة الثالثة دون متييز‪.‬‬
‫واقتفى أثر ابن املعتز قدامة بن جعفر (ت‪337‬هـ) يف كتابه (نقد الشعر)‪ ،‬وأبو هالل العسكري‬
‫(ت‪395‬هـ) يف كتابه (الصناعتني) حيث أطلق هذان العاملان عىل كثري من مسائل علمي املعاين والبيان‬
‫ـ التي سبق لك دراستها ـ وكثري من مسائل علم البديع ـ التي ستدرسها الحقا ـ علم البديع ‪.‬‬
‫وسار عىل هذا املنوال ـ أيضا ـ الباقالين (ت‪403‬هـ) يف كتابه (إعجاز القرآن) حيث أطلق مصطلح‬
‫البديع عىل كثري من مسائل علم املعاين والبيان والبديع عند البالغيني املتأخرين‪.‬‬
‫وسار عىل هذا املنوال ـ أيضا ـ اإلمام عبد القاهر يف كتابيه (دالئل اإلعجاز وأرسار البالغة) حيث‬
‫أطلق لفظة البديع عىل سائر فنون البالغة دون استثناء‪.‬‬
‫كل هؤالء العلامء أطلقوا مصطلح البديع عىل كثري من مسائل املعاين والبيان والبديع عند املتأخرين‪،‬‬
‫واستمر احلال عىل هذا املنوال إىل أن جاء اإلمام بدر الدين بن مالك (ت‪686‬هـ) يف كتابه (املصباح)‪،‬‬
‫وجعل علوم البالغة ثالثة علوم هي‪ -1 :‬علم املعاين ‪ -2‬البيان ‪ -3‬البديع‪ ،‬وخص كل علم بفنون‬
‫ومسائل متيزه من غريه‪.‬‬
‫ثم جاء اخلطيب القزويني(ت‪739‬هـ) وأعطى الصبغة النهائية هلذه العلوم الثالثة يف كتابيه‬
‫(التلخيص‪ ،‬واإليضاح)‪ ،‬واستوت عنده قواعد هذه العلوم الثالثة ومسائله املختلفة‪ ،‬ومل يزد أحد بعده‬
‫شيئا عىل هذه القواعد واملسائل التي استقرت عنده هلذه العلوم الثالثة‪.‬‬
‫وقد قسم القزويني املحسنات البديعية قسمني‪ :‬حمسنات معنوية‪ ،‬وحمسنات لفظية عىل النحو الذي‬
‫سندرسه الحقا ألبنائنا وبناتنا هنا إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫***‬
‫‪88‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫علم البديع‪:‬‬
‫هو علم يعرف به الوجوه التي تزيد الكالم حسنا‪ ،‬وطالوة‪ ،‬وتكسوه هباء ورونقا‪ ،‬بعد مطابقته‬
‫ملقتىض احلال‪ ،‬ووضوح داللته عىل املراد‪.‬‬
‫وهو قسمان‪:‬‬
‫‪1‬ـ املحسنات املعنوية‪ :‬وهي التي يتجه التحسني فيها إىل املعنى أوال‪.‬‬
‫وهذه املحسنات كثرية‪ ،‬حرصها القزويني يف اثنني وثالثني حمسنا‪.‬‬
‫‪2‬ـ املحسنات اللفظية‪ :‬وهي التي يتجه التحسني فيها إىل اللفظ أوال‪.‬‬
‫وهذه املحسنات قليلة حرصها اخلطيب القزويني يف سبعة حمسنات‪.‬‬
‫وعلم البديع له منزلة عالية عند بعض القدماء‪ ،‬وكثري من املحدثني‪ ،‬فهو علم ذايت شأنه شأن‬
‫علمي املعاين والبيان‪ ،‬وليس حلية لفظية‪ ،‬أو معنوية‪ ،‬وهذا هو الرأي السديد‪.‬‬
‫ولفظ البديع له معنيان‪ :‬معنى واسع يطلق عىل علوم البالغة الثالثة ‪ ،‬ومعنى ضيق خيتص بفنون‬
‫البديع عند املتأخرين‪ ،‬وأول من كتب يف علم البديع بمعناه الواسع كتابا مستقال هو عبد اهلل بن‬
‫املعتز‪ ،‬ثم تبعه قدامة‪ ،‬وأبو هالل العسكري‪ ،‬والباقالين‪ ،‬وعبد القاهرة اجلرجانى حيث أطلق هؤالء‬
‫عىل كثري من فنون البالغة الثالثة لفظ البديع‪ ،‬وظل احلال عىل هذا املنوال حتى أطلق بدر الدين بن‬
‫مالك يف كتابه املصباح علم البديع عىل الفنون املعروفة عند املتأخرين‪.‬‬
‫ثم أخذ كل علم من هذه العلوم الثالثة يف شكله احلايل الصبغة النهائية عىل يد اخلطيب القزويني‬
‫يف كتابيه التلخيص واإليضاح‪.‬‬

‫***‬
‫‪89‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬اخلطيب القزويني‪ ،‬ورشاح التلخيص جيعلون علم البديع تابعا والحقا لعلمي املعاين‬
‫والبيان‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬اخلطيب القزويني‪ ،‬ورشاح التلخيص جيعلون علم البديع حلية لفظية‪ ،‬وزينة شكلية‬
‫يمكن االستغناء عنها‪ ،‬وليس علام ذاتيا يقصد لذاته‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬اإلمام عبد القاهر‪ ،‬وكثري من املحدثني أنزلوا علم البديع منزلة رفيعة‪ ،‬وجعلوه يسري‬
‫مع املعاين والبيان عىل خط واحد إذا اقتضاه املقام‪ ،‬واستدعاه سياق الكالم‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬وجهة عبد القاهر‪ ،‬ومن تابعه هي الوجهة السديدة ؛ ألن البديع ورد يف القرآن الكريم‪،‬‬
‫والسنة النبوية ‪ ،‬وفصيح الكالم شعرا ونثرا مطابقا ملقتىض احلال تفوت البالغة بفواته‪ ،‬وتتالشى بعدم‬
‫وجوده‪.‬‬
‫مفاهيم ‪:‬‬
‫علم البديع ذايت أسايس‪ ،‬وليس علام عرضيا شكليا ‪.‬‬
‫***‬
‫‪90‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬البديع نشأ مستقال يف كتاب البديع البن املعتز‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬اجلناس من املحسنات املعنوية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬الطباق من املحسنات اللفظية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬جتاهل العارف من املحسنات اللفظية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬املقابلة والطباق من فنون علم البيان‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬علم البديع استقر عىل صورته النهائية عىل يد اخلطيب القزويني‪ .‬‬
‫)‬ ‫‪ -7‬بدر الدين بن مالك يف كتابه املصباح جعل علم البديع العلم الثالث من علوم البالغة‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬علم البديع بمعناه العام يشمل علوم البالغة كلها‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -9‬علم البديع علم زينة وطالء خارجي يمكن االستغناء عنه عند كثري من املحدثني‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ 10‬علم البديع علم أسايس وليس علام عرضيا‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -5‬‬ ‫‪ .)×( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -10‬‬ ‫‪ .)×( -9‬‬ ‫‪ .)√( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬عرف املحسن اللفظي‪ ،‬واذكر عالمته‪ ،‬وأنواعه املختلفة‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثاين‬
‫املحسن اللفظي‪ :‬هو األساليب التي تكسب اللفظ حسنا يزيده رقة وعذوبة‪.‬‬
‫وعالمته‪ :‬أنه ال يظل باقيا عىل حاله من الروعة والقوة مع تغيري اللفظ‪ ،‬فلو وضعنا القيامة يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﱸ [الروم‪ ،]55:‬مكان‬
‫‪91‬‬

‫الساعة‪ ،‬وقلت يف غري القرآن الكريم‪ :‬ويوم تقوم القيامة يقسم املجرمون ما لبثوا غري ساعة‪ ،‬لذهب‬
‫قلت َ‬
‫لك‪.‬‬ ‫َ‬
‫لسانك جتد مصداق ما ُ‬ ‫الرونق‪ ،‬وفاتت البالغة وتالشى احلسن والدقة ‪ ،‬وجرب ذلك عىل‬
‫أنواع املحسنات اللفظية‪ .‬حرص اخلطيب القزويني املحسنات اللفظية يف سبعة ألوان هي‪:‬‬
‫‪ -4‬املوازنة واملامثلة‬ ‫‪ -2‬السجع‪ -3 ،‬رد العجز عىل الصدر‪ ،‬‬ ‫‪ -1‬اجلناس‪ ،‬‬
‫‪ -6‬الترشيع‪ -7 ،‬لزوم ما ال يلزم‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -5‬القلب‪،‬‬
‫التدريب الثالث‪:‬‬
‫حتدث عن رأي القزويني‪ ،‬واإلمام عبد القاهر يف منزلة البديع من البالغة‪.‬‬
‫***‬
‫‪92‬‬

‫احملسنات املعنوية‬
‫الدرس األول‬
‫الطباق ـ أنواعه‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ يعرف الطباق مع التمثيل‪.‬‬
‫‪2‬ـ يعدد صور الطباق‪.‬‬
‫‪3‬ـ يوازن بني طباق السلب‪ ،‬وطباق اإلجياب‪.‬‬
‫‪4‬ـ يأتى بأمثلة تفرق بني الطباق الظاهر‪ ،‬والطباق اخلفى‪.‬‬
‫‪5‬ـ يأتى بأمثلة تفرق بني الطباق احلقيقى ‪ ،‬والطباق املجازى‪.‬‬
‫‪6‬ـ يأيت بمثال لطباق التدبيج‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس تعريف الطباق‪ ،‬وصوره املختلفة‪ ،‬وأقسامه باعتباراته املتعددة‪.‬‬
‫شرح الدرس‬
‫الطباق لغة‪ :‬مأخوذ من طابقت بني الشيئني طباقا‪ ،‬أي‪ :‬مجعت بينهام عىل حذو واحد‪.‬‬
‫ويقولون‪ :‬طابق فالن بني ثوبني‪ ،‬أي‪ :‬مجعهام معا‪ ،‬ويقال‪ :‬طابق البعري يف سريه‪ ،‬إذا وضع رجله‬
‫موضع يده‪ ،‬وكل هذا مردود إىل اجلمع بني الشيئني‪ ،‬ويف القرآن الكريم‪ :‬ﱹﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬﱸ [امللك‪ ،]3:‬أي‪ :‬بعضهن فوق بعض‪:‬‬
‫والطباق يف اصطالح البالغيني‪ :‬هو اجلمع بني معنيني متقابلني‪.‬‬
‫صور التقابل‪:‬‬
‫التقابل يف اللغة العربية له صور عديدة يأيت عليها‪:‬‬
‫‪93‬‬

‫‪1‬ـ تقابل التضاد‪ :‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ‬


‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫[الفرقان‪]3:‬‬ ‫ﭣ ﭤﭥ ﭦﱸ‬
‫ﮂﱸ [الفرقان‪ ،]70:‬وقوله ‪ :‬ﱹ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ [النجم‪ ، ]43:‬يف هذه الشواهد وردت كلامت‬
‫متقابلة‪ ،‬الرض مقابل النفع‪ ،‬والسيئات مقابل احلسنات ‪ ،‬والضحك مقابل البكاء‪ ،‬وكلها أمور متضادة‪.‬‬
‫‪2‬ـ تقابل إجياب وسلب‪ :‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾ ﯿﱸ [الزمر‪ ،]9:‬فالتقابل هنا بالسلب‪ ،‬فأحد الفعلني مثبت‪ ،‬واآلخر منفي‪.‬‬
‫‪3‬ـ تقابل عدم وملكة‪ :‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﱸ [الرعد‪ ،]16:‬فهذا‬
‫التقابل هنا تقابل بني وجود َم َلك َِة البرص يف البصري‪ ،‬وعدم وجودها يف األعمى ‪.‬‬
‫‪4‬ـ تقابل اعتباري‪ :‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﱸ [النجم‪ ،]44:‬فاإلحياء واإلماتة‬
‫يتقابالن باعتبارمها يتعلقان بجرم واحد‪ ،‬أي‪ :‬بنفس واحدة ‪.‬‬
‫أقسام الطباق‪:‬‬
‫من يتأمل يف شواهد الطباق يف اللسان العريب‪ ،‬جيد له أقساما عديدة باعتبارات خمتلفة‪،‬من حيث‬
‫اإلجياب والسلب‪ ،‬ومن حيث احلقيقة واملجاز‪ ،‬ومن حيث الظهور واخلفاء‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬أقسام الطباق من حيث اإلجياب والسلب‪:‬‬


‫ينقسم الطباق هبذا االعتبار قسمني‪1 :‬ـ طباق اإلجياب ‪2.‬ـ طباق السلب ‪.‬‬
‫أو ًال‪ :‬طباق اإلجياب‬
‫تعريفه‪ :‬هو الذي يقع بني لفظني متضادين مثبتني معـًا‪ ،‬أو منفيني معـًا‪ ،‬أي‪ :‬أن يكون اللفظان‬
‫املتقابالن معنامها موجب‪ ،‬سواء كان اللفظان مثبتني معـًا‪ ،‬أم منفيني معـًا؛ ألن نفي النفي إثبات‪.‬‬
‫أـ مثال ما كان اللفظان فيه مثبتني معا قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮌ ﮍ ﮎ ﮏﱸ [الكهف‪،]18:‬‬
‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﱸ‬
‫[فاطر‪19:‬ـ‪.]21‬‬
‫‪94‬‬

‫الرعالء‪:‬‬
‫عدي بن ّ‬
‫ّ‬ ‫ومن ذلك ـ أيضا ـ قول‬
‫ــت األحي ِ‬ ‫ـراح بِمي ٍ‬
‫ــاء‬ ‫َْ‬ ‫يت َم ِّي ُ‬ ‫إِنَّــا الـ َ‬
‫ْــم ُ‬ ‫***‬ ‫ت‬ ‫ـات َف ْ‬
‫اسـ َ َ َ َ ْ‬ ‫ـن َمـ َ‬ ‫َل ْيـ َ‬
‫ـس َمـ ْ‬

‫ومثله قول أيب الشغب العبيس‪:‬‬


‫إل ْر َهـ ِ‬
‫ـاق‬ ‫ـار َصبِ َ‬
‫يحـ َة ا ِ‬ ‫ي ِمــي ِّ‬
‫الذ َمـ َ‬ ‫َْ‬ ‫***‬ ‫ـل‬ ‫الشــائِ ِل‪ ،‬وهــو مــر ب ِ‬
‫اسـ ٌ‬ ‫َ ْ َ ُ ٌّ َ‬ ‫ُح ْلـ ُ‬
‫ـو َّ َ‬
‫ومن ذلك قول زهري‪:‬‬
‫ــة ولِ َق ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ــاء‬ ‫اج َ‬ ‫ــو َم َع َج َ‬
‫ــاء َي ْ‬
‫ُج َه ُ‬ ‫***‬ ‫ُح َلـ َـا ُء ِف النَّــادي إِ َذا َمــا ِج ْئت َُهـ ْ‬
‫ـم‬

‫فالطباق فيام حتته خط يف هذه األشعار السابقة واقع بني معنيي لفظني متضادين مثبتني‪ ،‬كام هو‬
‫واضح ألبنائنا‪.‬‬
‫ومن ذلك ـ أيضا ـ قول احلسن بن عيل ‪ ،‬وقد ُأنْكِ َر عليه اإلفراط يف ختويف الناس‪َّ :‬‬
‫«إن َم ْن‬
‫َك َحتَّى َت ْب ُلغَ ا ْلخَ ْو َ‬
‫ف»‪.‬‬ ‫خري ممن َآمن َ‬
‫األمن ٌ‬
‫َ‬ ‫ك َحتَّى َت ْب ُلغَ‬
‫َخ َّو َف َ‬
‫ب»‪.‬‬‫ب بِ َم ْع ِرفة احلق ِم َن ال َق ْل ِ‬ ‫ِ‬
‫َّظر إىل الباطل ت ُْذه ُ‬‫وقال احلسن‪َ « :‬ك ْثر ُة الن ِ‬

‫كنت َصاد ًقا َ‬


‫فغفر اهللُ يل»‪.‬‬ ‫وإن َ‬ ‫لك ْ‬ ‫ْت كاذ ًبا ف َغ َف َر اهللُ َ‬ ‫وشتم رجل الشعبي فقال له‪« :‬إِ ْن ُكن َ‬
‫ِ‬
‫عص اهللَ فينا بأكثر م ْن َأ ْن ن َ‬
‫ُطيع اهلل فيه»‪.‬‬ ‫وقال آخر‪« :‬إنَّا ال نكافئ َم ْن َ‬
‫فالطباق فيام حتته خط واقع بني معنيني متضادين مثبتني‪.‬‬
‫ب ـ مثال ما كان اللفظان فيه منفيني معا‪ ،‬قول الفرزدق‪:‬‬
‫ــون َِل ِ‬ ‫ال يغ ِ‬ ‫إل َلــ ُه َبنِــي ُك َل ْي ٍ‬
‫ــار‬ ‫ون َوال ُيو ُف َ‬
‫ْــد ُر َ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫ــب إِ َّنُ ْ‬
‫ــم‬ ‫ــن ا ِ‬‫َل َع َ‬
‫ــن األَ ْوت ِ‬
‫َــار‬ ‫َو َتنَــا ُم َأ ْع ُين ُُه ْ‬
‫ــم َع ِ‬ ‫***‬ ‫ــم‬ ‫يــق ِح ِ ِ‬
‫اره ُ‬ ‫ون إِ َل َ ِن ِ َ‬ ‫َي ْســ َت ْي ِق ُظ َ‬
‫حيث طابق بني معنى الغدر وهو منفي‪ ،‬ومعنى الوفاء وهو منفي‪ ،‬ونفي النفي إثبات حسب القاعدة‬
‫املشهورة‪.‬‬
‫أنواع طباق اإلجياب‬
‫يتنوع طباق اإلجياب من حيث نوع الكلمة إىل نوعني‪:‬‬
‫‪1‬ـ طباق بني معنيي لفظني من نوع واحد‪ ،‬بمعنى‪ :‬أن يكون اللفظان اللذان وقع بني معنييهام التقابل‬
‫من نوع واحد‪ ،‬اسمني أو فعلني أو حرفني‪.‬‬
‫‪95‬‬

‫أـ اسمني‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﱸ [احلديد‪ ]3:‬حيث‬


‫وقع التقابل بني اسمني‪ :‬األول قابل اآلخر‪ ،‬والظاهر قابل الباطن‪ ،‬ومها متضادان‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦﱸ [امللك‪ ،]2:‬حيث‬
‫طابق بني املوت واحلياة‪ ،‬ومها اسامن متضادان‪.‬‬
‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ[األنعام ‪ ]73:‬حيث طابق بني الغيب‬
‫والشهادة‪ ،‬ومها اسامن متضادان‪.‬‬
‫وقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﱸ [األنفال‪ ]37:‬حيث طابق بني كلمتني من نوع واحد‬
‫اسمني « الـْخَ بِ َ‬
‫يث وال َّط ِّي ِ‬
‫ب»‪.‬‬
‫ب ـ فعلني‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﱸ[آل عمران‪ ،]26:‬حيث وقع التقابل بني‬
‫فعلني‪ :‬تؤيت يقابل تنزع‪ ،‬وتعز يقابل تذل‪ ،‬ومها متضادان‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﱸ [األعراف‪ ،]25:‬حيث طابق بني كلمتني من نوع‬
‫واحد فعلني «حتيون ومتوتون» ومها طباق إجياب؛ ألهنام مثبتان‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﱸ [النمل‪ ،]74:‬حيث طابق بني كلمتني‬
‫من نوع واحد فعلني (تكن) بمعنى‪ :‬ختفي‪ ،‬ويعلنون ومها طباق إجياب؛ ألهنام مثبتان‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﱸ [القصص‪ ]34:‬حيث طابق بني كلمتني من نوع واحد فعلني«يصدقني ويكذبون» طباق‬
‫إجياب؛ ألهنام مثبتان‪.‬‬
‫ومثله ـ أيضا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﱸ‬
‫[العنكبوت‪ ]62:‬حيث تضمنت اآلية طباقا بني كلمتني من نوع واحد فعلني (يبسط ويقدر)‪ ،‬ومها طباق‬
‫إجياب؛ ألهنام مثبتان‪.‬‬
‫ج ـ حرفني‪ ،‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﱸ [البقرة‪ ،]286:‬حيث وقع التقابل‬
‫بني معنى احلرفني‪ ،‬بني حرف اجلر الالم يف «هلا» وحرف اجلر «عىل»يف عليها‪ ،‬ومعنامها متضادان‪.‬‬
‫‪96‬‬

‫ومثله قول جمنون ليىل ‪:‬‬


‫ــص ِمنْــ ُه ال َع َل َّيــا َوال لِ َّيــا‬
‫َو َأ ْخ ُل َ‬ ‫***‬ ‫اض بِ َأ ْن َأ ْحِ َ‬
‫ـل َْال َوى‬ ‫لى َأنَّنِـي َر ٍ‬
‫َع َ‬
‫‪2‬ـ طباق بني معنيي لفظني من نوعني خمتلفني‪:‬‬
‫أـ بني فعل واسم‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﱸ‬
‫[آل عمران‪.]49:‬‬

‫ب ـ بني اسم وفعل‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﱸ [األنعام‪]122:‬‬

‫ثانيـا‪ :‬طباق السلب‬


‫ً‬
‫تعريفه‪ :‬وهو أن يكون الطباق بني فعيل مصدر واحد أحدمها أمر‪ ،‬واآلخر هني‪ ،‬أو أحدمها مثبت‪،‬‬
‫واآلخر منفي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أمثلة األمر والنهي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﱸ [يس‪.]61 ، 60:‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﱸ [فصلت ‪.]37:‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﱸ‬
‫[اجلاثية‪.]18 :‬‬
‫فكل ما حتته خط يف اآليات السابقة هو من طباق السلب عند البالغيني؛ ألنه واقع بني فعيل مصدر‬
‫واحد أحدمها أمر‪ ،‬واآلخر هني‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أمثلة النفي واإلثبات ‪:‬‬
‫وقد ورد هذا النوع يف كالم اهلل ـ عز وجل ـ كثريا ‪ ،‬من ذلك عىل سبيل املثال ال احلرص‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ‬
‫[النمل‪ ،]22:‬حيث طابق بني الفعل املثبت «أحطت»‪ ،‬والفعل املنفي« مل حتط»‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﱸ‬
‫[األحزاب‪.]53 :‬‬
‫‪ -3‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﱸ [يس‪.]10:‬‬
‫‪97‬‬

‫‪ -4‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬


‫ﭞ ﱸ [غافر‪. ]78:‬‬
‫‪ -5‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱸ [احلاقة‪.]39 ، 38:‬‬
‫فكل ما حتته خط يف اآليات السابقة هو من طباق السلب عند البالغيني؛ ألنه واقع بني فعيل مصدر‬
‫واحد أحدمها مثبت‪ ،‬واآلخر منفي ‪.‬‬
‫وكام ورد هذا النوع من طباق السلب يف الذكر احلكيم‪ ،‬ورد كذلك يف الشعر العريب‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ قول السموءل بن عادياء‪:‬‬
‫ـن َن ُقـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َوال ُينْكِـ ُـر َ‬ ‫َو ُننْكِ ُر إِ ْن ِش ْئنَا َع َل الن ِ‬
‫ـول‬ ‫ـو َل حـ َ‬
‫ون ا ْل َقـ ْ‬ ‫***‬ ‫َّاس َق ْو َل ُه ْم‬

‫‪2‬ـ وقول الشاعر‪:‬‬


‫ـان بِــا َقــاال ومــا سـ ِ‬
‫ـم َعا‬ ‫َو ُي ْع َج َبـ ِ‬ ‫ان بِ َق ْو ِل الن ِ‬
‫َّاس َع ْن ُع ُر ٍ‬
‫ض‬ ‫ال ُي ْع َج َب ِ‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫***‬

‫‪3‬ـ وقول الشاعر‪:‬‬


‫ْــت ال َأ ْل َقــا ُه َأ ْل َقــا ُه‬
‫َأ ِّن َوإِ ْن ُكن ُ‬ ‫ِ‬
‫***‬ ‫َأ ْبلـــغْ َأ َخانَـــا ت َ‬
‫َـــو َّل اهللُ ُص ْح َبتَـــ ُه‬
‫ـس َين َْســا ُه‬ ‫ـف َي ْذ ُكـ ُـر ُه َمـ ْ‬
‫ـن َل ْيـ َ‬ ‫َو َك ْيـ َ‬ ‫***‬ ‫ــت َأ ْذك ُ‬
‫ُــر ُه‬ ‫ــم َأ ِّن َل ْس ُ‬ ‫اهللُ َي ْع َل ُ‬
‫‪4‬ـ وقول البحرتي‪:‬‬
‫الش ْو ُق ِم ْن َح ْي ُ‬
‫ث َأ ْع َل ُم‬ ‫سي إِ َ َّل َّ‬
‫َو َي ْ ِ‬ ‫***‬ ‫ـه َوى‬ ‫ُي َق َّي ُض ِل ِم ْن َح ْي ُ‬
‫ث ال َأ ْع َل ُم ا ْل َ‬
‫حيث وقع الطباق يف الشواهد الشعرية السابقة فيام حتته خط بني فعيل مصدر واحد أحدمها منفي‪،‬‬
‫واآلخر مثبت‪.‬‬
‫وكام ورد هذا النوع من طباق السلب يف الذكر احلكيم ‪ ،‬والشعر العريب ورد كذلك يف النثر‪ ،‬من‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ قول رجل ليزيد بن املهلب‪ « :‬ليس العجب من أن تفعل‪ ،‬وإنام العجب من أالَّ تفعل»‪.‬‬
‫‪2‬ـ وقال بعض األوائل‪« :‬ليس معي من فضيلة العلم إال أين أعلم أين ال أعلم»‪.‬‬
‫حيث وقع فيام حتته خط بني فعيل مصدر واحد أحدمها مثبت‪ ،‬واآلخر منفي‪.‬‬
‫***‬
‫‪98‬‬

‫ثانيـا‪ :‬أقسام الطباق من حيث احلقيقة واجملاز‬


‫ً‬
‫ينقسم الطباق هبذا االعتبار قسمني‪:‬‬
‫‪2‬ـ الطباق املجازي‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ الطباق احلقيقي‪.‬‬
‫ً‬
‫أول ‪ :‬الطباق احلقيقي‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬أن يكون الطباق واقعا بني لفظني مستعملني عىل سبيل احلقيقة‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ [النجم‪ ، ]43:‬فكل من الضحك والبكاء هنا مستعمل‬
‫عىل احلقيقة‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﱸ [العنكبوت‪،]3:‬‬
‫فكل من الصدق والكذب يف اآلية مستعمل يف حقيقتهام‪.‬‬
‫ثانيـًا الطباق املجازي‪:‬‬
‫أن يكون الطباق واقعا بني لفظني مستعملني عىل سبيل املجاز‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﱸ‬
‫[األنعام‪ ،]122:‬واملعنى‪ :‬أو من كان ضاال فهديناه‪ ،‬حيث استعار امل ْيت للضال‪ ،‬واحلياة للمهتدي عىل‬
‫سبيل االستعارة كام مر بك يف درس االستعارة‪ ،‬فالطباق هنا واقع بني معنيي لفظني جمازيني‪.‬‬
‫ومثله قول أيب متام يف الطباق املجازي‪:‬‬
‫ــال‬ ‫يــض إِ َل ُم ِ ِ‬
‫يــت ا َْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ميــي ا ْل َق ِر‬ ‫ـب الـ ِّـرك ِ‬
‫َاب َين ُُّص َها‬ ‫َو َتنَ ُّظـ ِ‬
‫ُْ‬ ‫***‬ ‫ـري َخ َبـ َ‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫ـر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف َلــه ابتِســام ِف َلو ِامــ ِع بر ِق ِ‬
‫ب‬ ‫ـن َو ْدقــه ا ُْل َتـ َ ِّ‬
‫َو َل ـ ُه ُب ًكــى مـ ْ‬ ‫***‬ ‫ــه‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ٌ‬
‫فالطباق فيام حتته خط واقع بني معنيي لفظني جمازيني مستعملني عىل سبيل االستعارة الترصحيية‬
‫األصلية أو التبعية عىل نحو ما سبق لك دراسته يف االستعارة‪.‬‬
‫***‬
‫‪99‬‬

‫ثالثـا‪ :‬أقسام الطباق من حيث الظهور واخلفاء‬


‫ً‬
‫‪2‬ـ الطباق اخلفي‪.‬‬ ‫ينقسم الطباق هبذا االعتبار قسمني‪1 :‬ـ الطباق الظاهر‪ .‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬الطباق الظاهر‪:‬‬
‫وهو‪ :‬أن يكون التضاد املفهوم من الكالم تضادا رصحيا مبارشا يدرك برسعة وسهولة مثل‪ :‬التضاد‬
‫بني الضحك والبكاء‪ ،‬واحلي وامليت‪ ،‬واخلري والرش‪ ،‬واحلسنة والسيئة‪.‬‬
‫وسمي طباقا ظاهرا؛ لوضوحه وانكشافه‪ ،‬وكل األمثلة السابقة التي مرت بك تعد من الطباق‬
‫الظاهر؛ لوضوح التضاد فيها‪ ،‬وسهولة إدراكه‪.‬‬
‫ثانيًـا‪ :‬الطباق اخلفي‪:‬‬
‫وهو‪ :‬أن يكون التضاد املفهوم من الكالم تضادا غري مبارش ال يدرك برسعة وسهولة مثل قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﱸ [الفتح‪ ،]29:‬فالطباق هنا طباق خفي؛ ألنه واقع بني الشدة والرمحة‪،‬‬
‫مبارشا رصحيا‪ ،‬بل هى مسببة عن اللني الذي هو ضد الشدة‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬ ‫والرمحة ليست مضادة للشدة تضادا‬
‫ملا كانت الرمحة مسببة عن اللني؛ ألن ك َُّل لني يكون رحيام بالتبعية عرب عن اللني بالرمحة هنا‪ ،‬وأيضا ألنه‬
‫مل يسمع عن العرب «ليناء» حتى يقول‪ :‬ليناء بينهم‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉﱸ [القصص‪ ]73:‬فالطباق هنا طباق خفي؛ ألن السكون ضده احلركة‪ ،‬ولكن ملا كانت احلركة‬
‫تكون يف اخلري والرش واملقام مقام اخلري عرب عن احلركة بالزمها وهو االبتغاء‪.‬‬
‫َ‬
‫أعراض املسلمني بثالثة آالف درهم‪،‬‬ ‫عمر بن اخلطاب‬
‫ومن ذلك قول احلطيئة حني اشرتى منه ُ‬
‫فقال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َو َأ َخ ْذ َت َأ ْط َر َ‬
‫اف ا ْلكَال ِم َف َل ْم تَدَ ْع‬
‫حيــا َينْ َف ُ‬
‫ــع‬ ‫َشــت ًْم َي ُ ُّ‬
‫ــر َوال َمد ً‬ ‫***‬

‫فاهلجاء ضدّ املديح‪ ،‬ولكنه استعاض عن اهلجاء بالشتم لقوة العالقة بينهام ؛ ألن الشتم آلة من آالت‬
‫اهلجاء‪.‬‬
‫وسمي طبا ًقا خف ًيا ؛ ألنه خيفى عىل ذهن العامة‪ ،‬وحيتاج إىل تأمل وإمعان نظر للوصول إليه‪.‬‬
‫‪100‬‬

‫أخ ًريا‪ :‬طباق التدبيج‬


‫متهيد‬
‫ما مىض من شواهد الطباق كانت معاين األلفاظ التي جرى فيها الطباق ال يوجد فيها لفظ واحد‬
‫يدل عىل أي لون من األلوان‪ ،‬ومعلوم أن األلوان حتمل معنى التضاد‪ ،‬فاألبيض ضد األسود‪ ،‬واألمحر‬
‫ضد األخرض وهكذا‪ ،‬وقد أطلق علامء البالغة عىل األلوان التي تأيت يف الكالم عىل سبيل الكناية‪ ،‬أو‬
‫املطر األرض‪ ،‬أي‪ :‬زينها‬
‫التورية طباق التدبيج‪ ،‬واختاروا لفظ التدبيج؛ ألن التدبيج مأخوذ من َد َّب َج ُ‬
‫باخلرضة ‪ ،‬وعىل ذلك خصوا طباق التدبيج هبذا دون غريه‪ ،‬فلو استعملت األلوان عىل سبيل احلقيقة‪،‬‬
‫فليس فيها طباق تدبيج‪.‬‬
‫فطباق التدبيج‪ :‬هو أن يذكر يف معنى من املدح أو غريه ألوان عىل سبيل الكناية أو التورية‪.‬‬
‫سبب تسميته بطباق التدبيج‪:‬‬
‫تدبيجا؛ ألن األلوان التي وقع فيها التضاد زينت العبارة ودبجتها‪ ،‬وأضفت عىل املعنى حسنا‬
‫ً‬ ‫وسمى‬
‫وهباء‪.‬‬
‫ويشرتط يف هذه األلوان أن تكون مستعملة عىل سبيل الكناية أو التورية‪.‬‬
‫أـ مثال األلوان املتضادة عىل طريق الكناية قول عمرو بن كلثوم‪:‬‬
‫ـــر َك ا ْل َي ِقينَـــا‬ ‫َ ِ‬ ‫ــل َع َل ْينَــا‬ ‫َأبــا ِهن ٍ‬
‫ْــد َفــا َت ْع َج ْ‬
‫َوأنْظ ْرنَـــا ُنخَ ِّ ْ‬ ‫***‬ ‫َ‬
‫ونُص ِدرهـــن حـــرا َق ِ‬
‫ـــد َر ِوينَـــا‬ ‫ِ‬
‫ـــات بِ ً‬
‫يضـــا‬ ‫الرا َي‬ ‫بأنَّـــا ن ِ‬
‫ْ ُ ُ َّ ُ ْ ً‬ ‫***‬ ‫ُـــور ُد َّ‬
‫وقول أبى متام يرثي أبا هنشل حممد بن محيد حني استشهد‪:‬‬
‫َلا ا َّلل ْي ُل إِال َو ْه َي ِم ْن ُسنْدُ ٍ‬
‫س ُخ ْ ُ‬
‫ض‬ ‫***‬ ‫ح ًرا َف َم َأتَى‬ ‫ِ‬
‫ياب ا َْل ْوت ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ت ََر َّدى ث َ‬
‫ومعنى البيت‪ :‬أنه ارتدى الثياب امللطخة بالدم‪ ،‬فلم ينقض يوم قتله‪ ،‬ومل يدخل يف ليلته إال وقد‬
‫صارت الثياب خرضا من سندس اجلنة‪.‬‬

‫األصفر‪ ،‬وا ْغ َ َّ‬


‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ب ـ ومثال األلوان املتضادة عىل طريق التورية قول احلريري «فمذ ازور املحبوب‬
‫األس َو ُد‪ ،‬حتى ر َث َى يل ال َعدُ ُّو األز َْر ُق‪ ،‬فيا َح َّب َذا‬ ‫ِ‬ ‫واس َو َّد َي ْو ِمي‬
‫ي ْ‬ ‫األبيض‪ ،‬وا ْب َي َّض َف ْود َ‬
‫ُ‬ ‫األخرض‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العيش‬
‫األح ُر»‪.‬‬
‫املوت ْ َ‬
‫ُ‬
‫‪101‬‬

‫فقوله‪ :‬فمذ ازور املحبوب األصفر هو (تورية عن الدينار) والتورية كام ستأيت حتمل املعنيني املعنى‬
‫القريب واملعنى البعيد‪ ،‬واملراد البعيد‪ ،‬فلفظ املحبوب األصفر يطلق عىل املرأة وهو املعنى القريب‪،‬‬
‫ويطلق عىل الذهب‪ ،‬وهو املعنى البعيد املراد هنا‪ ،‬واأللوان الباقية كنايات‪.‬‬
‫***‬
‫‪102‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫الطباق‪ :‬هو اجلمع بني معنيني متقابلني‪.‬‬


‫صور التقابل أربعة‪ :‬تقابل تضاد‪ ،‬تقابل إجياب وسلب‪ ،‬تقابل عدم وملكة‪ ،‬تقابل اعتباري‪.‬‬
‫أقسام الطباق‪ :‬ينقسم الطباق باعتبار اإلجياب والسلب قسمني‪:‬‬
‫‪1‬ـ طباق اإلجياب‪ :‬وهو أن يكون اللفظان املتقابالن فيه معنامها موجب‪ ،‬وهذا القسم يكون‬
‫الطباق فيه بني لفظني من نوع واحد اسمني أو فعلني أوحرفني‪ ،‬أو بني لفظني من نوعني‬
‫خمتلفني اسم وفعل‪ ،‬أو فعل واسم ‪.‬‬
‫‪2‬ـ طباق السلب‪ :‬وهو أن يكون اللفظان املتقابالن فيه أحدمها أمر‪ ،‬واآلخر هني‪ ،‬أو أحدمها‬
‫مثبت‪ ،‬واآلخر منفي‪.‬‬
‫وينقسم باعتبار الظهور واخلفاء قسمني‪:‬‬
‫‪1‬ـ الطباق الظاهر‪ :‬وهو الذي يدرك برسعة ويرس وسهولة ؛ ألن التضاد فيه رصيح مبارش‬
‫ال حيتاج لتأمل‪ ،‬وإنعام نظر‪.‬‬
‫‪2‬ـ الطباق اخلفي‪ :‬وهو الذي يدرك بعد تفكري وطول تأمل وإنعام نظر؛ ألن التضاد فيه ليس‬
‫رصحيا مبارشا‪.‬‬
‫وينقسم باعتبار احلقيقة واجملاز قسمني‪:‬‬
‫‪1‬ـ الطباق احلقيقي‪ :‬وهو الذي تستعمل فيه األلفاظ عىل حقيقتها املوضوعة هلا يف اللغة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الطباق املجازي‪ :‬وهو الذي ال تستعمل فيه األلفاظ عىل حقيقتها املوضوعة هلا يف اللغة‪ ،‬بل‬
‫تستعمل عىل سبيل االستعارة‪.‬‬
‫طباق التدبيج‪ :‬وهو أن يذكر الشاعر أو الناثر يف معنى املدح وغريه ألوانًا عىل سبيل الكناية‬
‫أو التورية ‪.‬‬

‫***‬
‫‪103‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬طباق اإلجياب ورد يف القرآن الكريم بصورة غزيرة تفوق احلرص ‪.‬‬
‫الحظ أن‪:‬طباق السلب ورد يف القرآن كذلك‪ ،‬ولكنه بصورة أقل بكثري من طباق اإلجياب‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬طباق اإلجياب يكون بني معنيني مثبتني معا أو منفيني معا‪ ،‬ونفي النفي إثبات‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬طباق التدبيج ال يكون إال يف األلوان التي تستعمل عىل طريق الكناية أو التورية‪.‬‬
‫مفاهيم ‪ :‬الطباق اخلفي قسيم الطباق الظاهر‪ ،‬وكالمها وردا يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫***‬
‫‪104‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة (×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬طباق التدبيج من أنواع الطباق التي تتصل بذكر األلوان عىل سبيل احلقيقة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -2‬الطباق احلقيقي ال جيتمع مع الطباق املجازي‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -3‬الطباق هو اجلمع بني معنيني غري متقابلني‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -4‬طباق السلب هو اجلمع بني معنيني مثبتني‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -5‬من طباق اإلجياب اجلمع بني معنيني متنافيني‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -6‬التقابل يف الطباق يكون بالتضاد ‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -7‬ورد الطباق يف القرآن والسنة بصورة بارزة ‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ ‬ ‫‪ -8‬الطباق من املحسنات املعنوية التي تربز املعنى بجالء‪.‬‬
‫إجابة التدريب األول‪:‬‬
‫‪.)×( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6‬‬ ‫‪ .)√( -5‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬استخرج الطباق‪ ،‬وبني نوعه فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫م ِ‬
‫ار َبـــا‬ ‫فآليـــت ال َأ ْل َقـــا ُه إِال ُ َ‬
‫ُ‬ ‫***‬ ‫ال ِــا‬ ‫وكنت ْام َر ًأ َأ ْل َقى الز ََّم َ‬
‫ان ُم َس ً‬ ‫ُ‬

‫‪2‬ـ قال الشاعر يف الدنيا‪:‬‬


‫َّاس َجائِ ُر‬ ‫َفإِ ْح َس ُانَا َسـ ْي ٌ‬
‫ف َع َل الن ِ‬ ‫***‬ ‫اء ْت ُض َحى َغ ٍد‬
‫َت َي ْو ًما َأ َس َ‬
‫إِ َذا َأ ْح َسن ْ‬

‫‪3‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﱸ[الروم‪.]7 ، 6:‬‬


‫‪4‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﱸ [األحزاب من ‪.]37‬‬
‫‪105‬‬

‫إجابة التدريب الثاني‪ :‬استخرج الطباق‪ ،‬وبني نوعه فيام يأيت‪:‬‬


‫‪1‬ـ الطباق بني (مساملا وحمار ًبا) طباق إجياب بني اسمني من نوع واحد‪.‬‬
‫اء ْت) طباق إجياب بني فعلني من نوع واحد‪.‬‬
‫وأس َ‬
‫َت َ‬
‫(أح َسن ْ‬
‫‪2‬ـ الطباق بني ْ‬
‫ون َي ْع َل ُم َ‬
‫ون) طباق سلب بني فعلني األول منفي والثاين مثبت‪.‬‬ ‫‪3‬ـ الطباق بني (ال َي ْع َل ُم َ‬
‫وم ْب ِد ِيه) طباق إجياب بني فعل واسم‪.‬‬
‫(ت ْف ِي ُ‬ ‫‪4‬ـ الطباق بني َ ُ‬
‫التدريب الثالث‪ :‬ألق الضوء عىل مفهوم الطباق وأنواع طباق اإلجياب مع التمثيل ‪.‬‬
‫التدريب الرابع‪َ :‬ف ِّرق بني الطباق الظاهر واخلفي‪ ،‬واحلقيقي واملجازي ممثال ملا تقول‪.‬‬
‫إجابة التدريب الرابع‪:‬‬
‫‪1‬ـ الطباق الظاهر‪ :‬هو الذي يدرك برسعة وسهولة؛ ألن التضاد فيه رصيح مبارش الحيتاج لتأمل‬
‫مثل التضاد بني الضحك والبكاء‪ ،‬والقوة والضعف‪ ،‬والصحة واملرض‪ ،‬واحلق والباطل‪.‬‬
‫مبارشا‪ ،‬مثل‬
‫ً‬ ‫حيا‬
‫‪2‬ـ الطباق اخلفي‪ :‬هو الذي يدرك بعد تفكري وإنعام نظر؛ ألن التضاد فيه ليس رص ً‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯬ ﯭ ﯮ ﱸ [القلم‪ ]35 :‬فبني املسلمني‪ ،‬و(املجرمني) طباق خفي؛ ألن املسلم‬
‫ِ‬
‫نفسه وحق َر ِّبه‪.‬‬ ‫جمرما؛ ألن الكافر جيرم يف ِ‬
‫حق‬ ‫ضده الكافر‪ ،‬ويلزم من كفر الكافر أن يكون ً‬
‫‪3‬ـ الطباق احلقيقي‪ :‬هو الذي تستعمل فيه األلفاظ عىل حقيقتها املوضوعة هلا يف اللغة‪ ،‬مثل قوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﱸ [النجم‪ ]44:‬فكل من املوت واحلياة مستعمل هنا عىل احلقيقة‪.‬‬
‫‪4‬ـ الطباق املجازي‪ :‬هو الذي ال تستعمل فيه األلفاظ عىل حقيقتها املوضوعة هلا يف اللغة‪ ،‬بل‬
‫تستعمل عىل سبيل االستعارة‪.‬‬
‫مثل قول الشاعر‪:‬‬
‫َسر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف َلــه ابتِســام ِف َلو ِامــ ِع بر ِق ِ‬
‫ب‬ ‫ـن َو ْدقـه ا ُْلت َ ِّ‬
‫َو َلـ ُه ُبكًـى م ْ‬ ‫***‬ ‫ــه‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ٌ‬
‫فالطباق بني ابتسام وبكى واقع بني معنيي لفظني جمازيني مستعملني عىل سبيل االستعارة الترصحيية‬
‫األصلية‪.‬‬
‫***‬
‫‪106‬‬

‫الدرس الثانى‬
‫املقابلة‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ يعرف املقابلة مع التمثيل‪.‬‬
‫‪2‬ـ يوازن بني صور املقابلة‪.‬‬
‫‪3‬ـ يفرق بني الطباق واملقابلة‪.‬‬
‫‪4‬ـ يأتى بأمثلة لصور املقابلة‪.‬‬
‫‪5‬ـ يعدد رشوط حسن الطباق واملقابلة‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬سنتناول يف هذا الدرس تعريف املقابلة‪ ،‬وصورها‪ ،‬ورس مجاهلا‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫املقابلة يف اصطالح البالغيني‪:‬‬
‫أن يؤتى بمعنيني متوافقني أو أكثر‪ ،‬ثم يؤتى بام يقابل ذلك عىل الرتتيب‪.‬‬
‫وال يشرتط يف املقابلة التضاد الرصيح املبارش بني املعاين املتقابلة‪ ،‬بل قد يكون بينهام تضاد رصيح ‪،‬‬
‫وغري رصيح كام ستلحظ من الشواهد اآلتية‪.‬‬
‫صور املقابلة‬
‫استقىص علامء البالغة صور املقابلة يف اللسان العريب قرآنا كريام‪ ،‬وسنة نبوية مطهرة‪ ،‬وشعرا ونثرا‪،‬‬
‫فوجدوها ال تزيد عن مخس صور عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫أوال مقابلة اثنني باثنني‪ :‬وقد ورد هذا اللون بغزارة يف القرآن الكريم‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫‪107‬‬

‫‪1‬ـ ‪1‬قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﱸ [التوبة‪ ،]82:‬فقوله‪:‬‬


‫«فليضحكوا قليال» معنيان متوافقان‪ ،‬تقابال مع معنيني متوافقني يف قوله‪« :‬وليبكوا كثريا» عىل‬
‫الرتتيب‪ ،‬فالضحك ضد البكاء‪ ،‬والقلة ضد الكثرة‪ ،‬واملعنيان املتقابالن متضادان تضادا رصحيا‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﱸ [لقامن‪ ،]17:‬فهنا معنيان األمر واملعروف‪ ،‬تقابال مع معنيني النهي واملنكر‬
‫عىل الرتتيب ‪ ،‬والتضاد الرصيح واضح بينهام‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ومن ذلك قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﱸ [االنفطار‪ ،]13 ، 12:‬حيث قابل‬
‫اثنني باثنني قابل األبرار بالفجار ‪ ،‬والنعيم باجلحيم‪.‬‬
‫الرفق يف يشء إال زانه‪ ،‬وما‬
‫‪« :‬ما دخل ُ‬ ‫‪ 4‬ـ‪4‬ومن مقابلة اثنني باثنني يف السنة النبوية قول الرسول‬
‫ن ُِز َع من يشء إال شانه»‪.‬‬
‫حيث قا َب َل مجلة ما دخل الرفق بجملة وما نزع من يشء‪ ،‬وقابل مجلة «زانه» بجملة «شانه»‪.‬‬
‫ون ِعنْدَ ال َّط َمع»‪.‬‬
‫ون ِعنْدَ ا ْل َف َز ِع َوت َِق ُّل َ‬
‫لألنصار‪« :‬إِ َّنك ُْم َل َت ْك ُث ُر َ‬ ‫‪ 5‬ـ‪5‬ومنه قول الرسول‬
‫حيث قا َب َل بني‪ :‬ال َك ْث َر ِة وا ْل َف َز ِع ِم ْن جهة‪ ،‬والق َّلة وال َّط َم ِع من جهة ُأ ْخرى‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ‪6‬ومن مقابلة اثنني باثنني يف الشعر قول اجلندل الفزاري‪:‬‬
‫ـال ِ‬
‫ـن املـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــر َأنَّــ ُه‬ ‫َ‬
‫باقيــا‬ ‫َجــوا ٌد َفــا ُيبقــي مـ َ‬ ‫***‬ ‫تــى ك َُم َلــت أخال ُقــ ُه َغ َ‬
‫َف ً‬
‫ـه مــا يســوء األَع ِ‬
‫اد َيــا‬ ‫عــى َّ ِ ِ‬ ‫ـر َص ِدي َق ـ ُه‬ ‫ف َتــى َتـ ِ ِ‬
‫أن فيـ َ َ ُ ُ َ‬ ‫***‬ ‫ـم فيــه َمــا َيـ ُ ُّ‬
‫ً َّ‬
‫س ضد يسوء‪،‬‬
‫حيث قابل بني‪ :‬يرس صديقه من جهة‪ ،‬ويسوء األعاديا من اجلهة األخرى ‪ ،‬و َي ُ ُّ‬
‫وص ِديقه ضد األعاديا‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 7‬ـ‪7‬وقول الشاعر‪:‬‬
‫ــل َغ ِ‬
‫ــاد ُر‬ ‫ــى ا ْل ِغ ِّ‬
‫ي َع َ‬ ‫َو َم ْط ِ‬ ‫ف ا َّت َف ْقنَا َفن ِ‬
‫َاص ٌح َو ِ ٌّف‬ ‫َف َوا َع َج ًبا َك ْي َ‬
‫ــو ٌّ‬ ‫***‬

‫حيث قابل اثنني باثنني ‪ ،‬قابل بني «ناصح ويف» من جهة‪ ،‬وبني «مطوي عىل الغل غادر» من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬والنصح ضد املطوي عىل الغل ‪ ،‬والوفاء ضد الغدر‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫خري من صفو الفرقة»‪ ،‬حيث قابل‬


‫«كدر اجلامعة ٌ‬
‫ُ‬ ‫‪ 8‬ـ‪8‬ومن مقابلة اثنني باثنني يف النثر قول بعضهم‪:‬‬
‫الكدر بالصفو‪ ،‬واجلامعة بالفرقة‪.‬‬
‫ففي كل الشواهد السابقة من القرآن والسنة‪ ،‬وكالم العرب شعرا ونثرا مقابلة بني اثنني باثنني‬
‫والتقابل فيها كان بني متضادين تضادا رصحيا مبارشا يف أحيان كثرية‪ ،‬وغري مبارش يف أحيان قليلة‪ ،‬كام‬
‫مر بنا بوضوح‪.‬‬
‫ومن هنا جيب أن نقول إن‪ :‬املقابلة ال يشرتط فيها أن تكون بني متضادين تضادا رصحيا‪.‬‬
‫ثانيًـا‪ :‬مقابلة ثالثة بثالثة‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬من ذلك يف القرآن الكريم قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﱸ [األعراف‪ ،]157:‬حيث قابل ثالثة بثالثة‪ ،‬قابل حيل‬
‫بيحرم‪ ،‬وهلم بعليهم ‪ ،‬والطيبات باخلبائث عىل الرتتيب‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﱸ [الشعراء‪ ،]91 ، 90:‬حيث‬
‫قابل ثالثة بثالثة‪ ،‬قابل «أزلفت بربزت»‪ ،‬و«اجلنة باجلحيم»‪ ،‬و«املتقني بالغاوين»‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ومن ذلك قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﱸ[النازعات‪37:‬ـ ‪.]41‬‬
‫حيث قابل ثالثة بثالثة عىل الرتتيب‪ ،‬قابل مجلة « َطغَى» بجملة «خاف مقام ربه»‪،‬وهو تضاد ليس‬
‫«نَى النَّ ْف َس َع ِن الـ َْه َوى»‪ ،‬وهو تضاد ليس رصحيا‬
‫برصيح‪ ،‬وقابل مجلة‪« :‬آ َث َر الـ َْح َيا َة الدُّ ْن َيا» بجملة َ‬
‫أيضا‪ ،‬وقابل «اجلحيم باجلنة» وهو تضاد رصيح مبارش‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬ومن ذلك شعرا قول أيب دالمة‪:‬‬
‫الس بِ َّ‬
‫الر ُج ِل‬ ‫َو َأ ْق َب َح ا ْل ُك ْف َر َوا ِ‬
‫إل ْف َ‬ ‫***‬ ‫اجت ََم َعا‬ ‫َما َأ ْح َس َن الدِّ َ‬
‫ين َوالدُّ ْن َيا إِ َذا ْ‬

‫حيث قابل أحسن بأقبح‪ ،‬والدين بالكفر‪ ،‬والدنيا باإلفالس‪ ،‬مقابلة ثالثة بثالثة عىل الرتتيب‬
‫والتضاد بني الدين والكفر‪ ،‬والدنيا واإلفالس ليس رصحيا مبارشا‪.‬‬

‫‪5‬ـ ‪ 5‬ومثله قول الشاعر‪:‬‬

‫َوالَ ا ْل ُبخْ ُل ُي ْب ِقي ا َْل َال َوالـ َْجدُّ ُمدْ بِ ُر‬ ‫***‬ ‫الالـ ُْجو ُد ُي ْفنِيالـ َْم َ‬
‫ـال َوالـ َْجدُّ ُم ْق ٌبل‬ ‫َف َ‬
‫‪109‬‬

‫حيث قابل ثالثة بثالثة عىل الرتتيب‪ ،‬قابل‪ :‬اجلود بالبخل‪ ،‬وقابل الفعل يفني بـ«يبقي»‪ ،‬وقابل‬
‫«مقبل»‪ ،‬بـ«مدبر»‪ ،‬والتضاد يف الثالثة رصحيا مبارشا‪.‬‬
‫ثالثًـا‪ :‬مقابلة أربعة بأربعة‪:‬‬
‫من ذلك يف القرآن الكريم‪:‬‬
‫‪1‬ـ قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﱸ [الليل‪5:‬ـ‪ ]10‬حيث قابل أربعة بأربعة عىل الرتتيب‪ ،‬قابل مجلة “أ ْع َ‬
‫طى”‬
‫بجملة بخل “وهو تضاد رصيح”‪ ،‬وقابل مجلة “ا َّت َقى بجملة اس َت ْغنَى” عىل معنى طغَى فلم َيت َِّق‪ ،‬وهو‬
‫تضاد ليس برصيح‪ ،‬وقابل “ َصدَّ ق بـ ك ََّذ َب”‪ ،‬وهو تضاد رصيح وقابل “ا ْل ُي ْ َ‬
‫سى با ْل ُع ْ َ‬
‫سى”‪ ،‬وهو‬
‫تضاد رصيح أيضا‪.‬‬
‫‪2‬ـ ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﱸ [الروم‪ ،]16 ، 15:‬حيث قابل حال‬
‫السعداء بحال األشقياء مقابلة أربعة أمور بأربعة أمور عىل الرتتيب‪ ،‬قابل بني مجلة «آمنوا» ومجلة‬
‫«كفروا»‪ ،‬وقابل مجلة «عملوا الصاحلات»‪ ،‬بجملة «كذبوا بآياتنا ولقاء اآلخرة»‪ ،‬وقابل «روضة»‬
‫بـ«العذاب»‪ ،‬وقابل «حيربون»‪ ،‬بـ«حمرضون» ‪ ،‬والتضاد يف بعضها ليس رصحيا مبارشا‪ ،‬كام هو واضح‬
‫لك‪.‬‬
‫‪3‬ـ ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜ‬
‫ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﱸ [الفتح‪،]6 ،5 :‬‬
‫ني»‪،‬‬ ‫حيث قابل أربعة بأربعة عىل الرتتيب‪ ،‬قابل مجلة «يدخل» بجملة «يعذب»‪ ،‬وقابل «ا ْل ِ ِ‬
‫ـم ْؤمن َ‬‫ُ‬
‫بـ«املنافقني واملرشكني»‪ ،‬وقابل «ا ْلـم ْؤ ِمن ِ‬
‫َات»‪ ،‬بـ«املنافقات واملرشكات» وقابل‪« :‬جنات»‪ ،‬بـ«جهنم»‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والتضاد يف بعضها ليس مبارشا‪.‬‬
‫ومن مقابلة أربعة بأربعة شعرا قول جرير‪:‬‬
‫ــالِ َيا‬ ‫ِ‬
‫ُــم بِش َ‬ ‫َو َقابِ ُ‬
‫ــض َ ٍّ‬
‫ش َعنْك ُ‬ ‫***‬
‫ــر فِيكُــم بِي ِمين ِ ِ‬
‫ــه‬ ‫ُ َ‬ ‫ــط َخ ْ ٍ‬
‫اس ُ‬‫وب ِ‬
‫ََ‬
‫‪110‬‬

‫حيث قابل كل ألفاظ الشطر األول بام يقابلها بكل ألفاظ الشطر الثاين عىل الرتتيب‪ ،‬فقابل باسط‬
‫بقابض‪ ،‬وخري برش‪ ،‬وفيكم بعنكم‪ ،‬ويمينه بشامليا‪.‬‬
‫رابعـا‪ :‬مقابلة مخسة خبمسة‪:‬‬
‫ً‬
‫من ذلك قول املتنبي ‪:‬‬
‫الص ْبح ُيغ ِْري ِب‬
‫اض ّ‬‫َو َأ ْن َثنِي َوب َي ُ‬ ‫***‬ ‫َأز ُ‬
‫ُور ُه ْم َو َسوا ُد ال َّل ْي ِل َي ْش َف ُع يل‬
‫حيث قابل مجيع كلامت الشطر األول بجميع كلامت الشطر الثاين عىل الرتتيب‪ ،‬فقابل أزورهم‬
‫ويش َف ُع ب ُيغ ِْري‪ِ ،‬‬
‫ول ببي‪.‬‬ ‫بأنثني‪ ،‬أي‪ :‬أعود من الزيارة‪ ،‬وقابل سواد ببياض‪ ،‬وال ّليل بالصبح‪ْ ،‬‬
‫والتضاد بني الليل والصبح تضاد غري مبارش؛ ألن الليل ضد النهار‪.‬‬
‫خامسًـا‪ :‬مقابلة ستة بستة‪:‬‬
‫من ذلك قول عنرتة بن شداد العبيس‪:‬‬
‫ـل ُح ـ ٍّـر َق ْي ــدُ ُذ ٍّل َي ِش ــينُ ُه‬
‫َو ِف ِر ْج ـ ِ‬ ‫***‬ ‫ـاج ِع ـ ٍّز َي ِزينُ ـ ُه‬ ‫ٍ‬ ‫ـى َر ْأ ِ‬
‫س َع ْبــد َتـ ُ‬ ‫َعـ َ‬

‫فكل لفظة يف الشطرة األوىل تقابل كل لفظة يف الشطرة الثانية عىل الرتتيب‪ ،‬كام هو واضح‪.‬‬
‫الفرق بني الطباق واملقابلة ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الطباق‪ :‬حصول التوافق بعد التنايف‪ ،‬كاجلمع بني أضحك وأبكى بعد تنافيهام‪،‬يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ [النجم‪.]43:‬‬
‫واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق‪ ،‬كاجلمع بني الضحك والقلة‪ ،‬ثم إحداث التنايف حني تقابل‬
‫األول باألول‪ ،‬والثاين بالثاين‪ ،‬يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﱸ [التوبة‪ ،]82:‬وكأننا بعد‬
‫التوافق بينهام أوقعنا التنايف‪.‬‬
‫‪2‬ـ الطباق يكون بني معنى واحد من جهة ومعنى واحد من جهة أخرى‪.‬‬
‫أما املقابلة‪ ،‬فهي تكون بني معنيني من جهة‪ ،‬ومعنيني من جهة أخرى عىل الرتتيب‪ ،‬وتنتهي بني ستة‬
‫من جهة‪ ،‬وستة من جهة أخرى عىل الرتتيب‪.‬‬
‫فاملقابلة عىل ذلك أشمل وأوسع من الطباق؛ ألهنا تكون بني معنيني وما يقابلهام أو أكثر وما يقابله‬
‫يف كل جهة‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫شروط حسن الطباق واملقابلة‬


‫‪1‬ـ أن يأتيا عفو اخلاطر دون تكلف أو مشقة أو معاناة‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يكون املعنى هو الذي استدعامها‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يؤديا دورمها يف الكالم عىل حسب مقتىض احلال‪ ،‬وال يأتيان لزينة لفظية أو حلية شكلية‪.‬‬
‫***‬
‫‪112‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫املقابلة‪ :‬هي أن يؤتى بمعنيني متوافقني (أي‪ :‬غري متقابلني) أو بمعان متوافقة كذلك‪ ،‬ثم يؤتى بام‬
‫يقابلهام‪ ،‬أو يقابلها عىل الرتتيب‪.‬‬
‫صور املقابلة مخسة‪:‬‬
‫‪1‬ـ مقابلة معنيني بمعنيني‪.‬‬
‫‪2‬ـ مقابلة ثالثة بثالثة ‪ .‬‬
‫‪3‬ـ مقابلة أربعة بأربعة‬
‫‪4‬ـ مقابلة مخسة بخمسة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ مقابلة ستة بستة‬
‫الفرق بني الطباق واملقابلة ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الطباق‪ :‬حصول التوافق بعد التنايف‪ ،‬واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق‪.‬‬
‫‪2‬ـ املقابلة أشمل وأوسع من الطباق؛ ألهنا تكون بني معنيني وما يقابلهام أو أكثر وما يقابلها يف كل‬
‫جهة‪ ،‬أما الطباق‪ ،‬فيكون بني معنى واحد يف جهة‪ ،‬وما يقابله يف جهة أخرى‪.‬‬
‫من شروط حسن الطباق واملقابلة‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن يأتيا عفو اخلاطر دون تكلف أو مشقة أو معاناة‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يكونا املعنى هو الذي استدعامها‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يؤديا دورمها يف الكالم عىل حسب مقتىض احلال ‪ ،‬وال يأتيان لزينة لفظية‪ ،‬أو حلية شكلية‪.‬‬

‫***‬
‫‪113‬‬

‫إثراءات‬
‫الحـــظ أن‪:‬الطباق يكون بني معنى من جهة ومعنى آخر من جهة أخرى فحسب‪،‬أما املقابلة‪ ،‬فهي‬
‫تبدأ بني معنيني من جهة وما يقابلهام ‪ ،‬وتنتهي بني ستة وما يقابلها ‪.‬‬
‫الحــــظ أن‪:‬املقابلة أوسع وأعم من الطباق؛ ألهنا تكون بني املعنى املتضاد وبني غري املتضاد‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬املقابلة والطباق صنوان يلتقيان يف األساس عىل التضاد‪ ،‬ولكنهام خيتلفان فيام بعد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬الطباق واملقابلة ليس حلية لفظية وال طالء خارجيا‪ ،‬بل مها من أعمدة البالغة إذا‬
‫استدعامها احلال‪ ،‬واقتضامها مقام الكالم ‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬املقابلة أوسع من الطباق؛ ألهنا تبدأ باثنني وتنتهي بستة‪.‬‬
‫مفاهيم‪:‬املقابلة هى أن يؤتى بمعنيني متوافقني أو بمعان متوافقة‪ ،‬ثم يؤتى بام يقابلهام‪ ،‬أو يقابلها‬
‫عىل الرتتيب‪.‬‬
‫***‬
‫‪114‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬أقىص صور املقابلة أن تكون بني مخسة ومخسة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬املقابلة والطباق صنوان ال يفرتقان‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬املقابلة هي اجلمع بني معنيني غري متقابلني‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬املقابلة من املحسنات املعنوية ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬املقابلة هلا صورتان فقط‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬املقابلة اتكأ عليها كثري من الشعراء يف إبراز املعنى‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬وردت املقابلة يف القرآن الكريم‪ ،‬والسنة املطهرة ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬الطباق هو حصول التوافق بعد التنايف‪ ،‬واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)√( -4‬‬ ‫‪ .)√( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6 .)×( -5‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬عرف املقابلة‪ ،‬واذكر ثالثة صور منها مع التمثيل‪.‬‬
‫التدريب الثالث ‪ :‬اذكر الفروق الكائنة بني الطباق واملقابلة مع التمثيل‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‬
‫‪ -1‬الطباق‪ :‬هو حصول التوافق بعد التنايف‪ ،‬كاجلمع بني أضحك وأبكى بعد تنافيهام‪ ،‬يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫ﱹ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﱸ [النجم‪ ،]43:‬واملقابلة حصول التنايف بعد التوافق‪ ،‬كاجلمع بني الضحك‬
‫والقلة‪ ،‬ثم إحداث التنايف حني تقابل األول باألول‪ ،‬والثاين بالثاين‪ ،‬يف قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮋ ﮌ‬
‫ﮍ ﮎ ﱸ [التوبة‪ ، ]82:‬وكأننا بعد التوافق بينهام أوقعنا التنايف‪.‬‬
‫‪115‬‬

‫‪ -2‬الطباق يكون بني معنى واحد من جهة‪ ،‬ومعنى واحد من جهة أخرى‪ ،‬أما املقابلة‪ ،‬فهي تكون‬
‫بني معنيني من جهة‪ ،‬ومعنيني من جهة أخرى عىل الرتتيب‪ ،‬وتنتهي بني ستة من جهة‪ ،‬وستة من جهة‬
‫أخرى عىل الرتتيب‪ ،‬فاملقابلة أشمل وأوسع من الطباق؛ ألهنا تكون بني معنيني وما يقابلهام أو أكثر‬
‫وما يقابله يف كل جهة‪.‬‬
‫التدريب الرابع ‪ :‬حدد البالغيون رشوطا حلسن الطباق واملقابلة اذكرها ممثال هلا‪.‬‬
‫***‬
‫‪116‬‬

‫الدرس الثالث‬
‫مراعاة النظري‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ يعرف مراعاة النظري‪.‬‬
‫‪2‬ـ يوازن بني صور مراعاة النظري‪.‬‬
‫‪3‬ـ يستخرج من أمثلة مقدمة له طباقا‪ ،‬ومقابلة‪ ،‬ومراعاة نظري‪.‬‬
‫‪4‬ـ يأتى بأمثلة ألنواع النظري‪.‬‬
‫‪5‬ـ حيدد سبب استبعاد إهيام التناسب من أنواع مراعاة النظري‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬سنتناول يف هذا الدرس مفهوم مراعاة النظري‪ ،‬وصوره املختلفة‪ ،‬وأقسامه املتنوعة‪،‬‬
‫وما يلحق به‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫متهيد‪:‬‬
‫من مجال اللغة العربية ودقتها الفائقة أهنا حتتوي عىل ألفاظ متضادة يتداعى هلا الذهن رسيعا‪ ،‬كام‬
‫سبق لك توضيحه يف الطباق واملقابلة‪ ،‬ومن مجاهلا وحسنها كذلك أهنا حتتوي عىل ألفاظ متناسبة تطرأ‬
‫عىل الذهن‪ ،‬وختطر عىل البال برسعة‪ ،‬كام يقول علامء النفس‪ ،‬فالتناسب بني األلفاظ أرسع خطورا‬
‫عىل الذهن من األلفاظ غري املتناسبة‪ ،‬وكذلك التضاد بني األلفاظ أرسع خطورا من غري املتضاد‪ ،‬فإذا‬
‫ذكرت الليل‪ ،‬جاء عىل بالك النهار‪ ،‬وإذا تذكرت البياض ورد عىل خاطرك السواد‪ ،‬وكذلك التناسب‪،‬‬
‫فإذا تذكرت الشمس ورد عىل ذهنك القمر‪ ،‬وهكذا فإن العربية لدهيا القدرة عىل التعبري عن كل ما‬
‫جيول يف النفس اإلنسانية متضاداأو متناسبا‪ ،‬ومىض لك احلديث عن التضاد‪ ،‬وهنا نتحدث لك عن‬
‫التناسب‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫تعريف مراعاة النظري يف اصطالح البالغيني‪ :‬هو أن جيمع يف الكالم بني أمر وما يناسبه‪ ،‬أو بني أمور‬
‫متناسبة ال عىل جهة التضاد‪ ،‬بل عىل جهة االتفاق واالتساق والتناسب‪.‬‬
‫كام جتمع يف كالمك بني الشمس والقمر والنجوم‪ ،‬فكلها من واد واحد وهو العوامل العلوية‪ ،‬وكام‬
‫بل والبقر‬ ‫الظل والشجر‪ ،‬والز َّْه ِر وال َّث َمر‪ ،‬وكلها من واد واحد‪،‬وكام جتمع بني ا ِ‬
‫إل ِ‬ ‫جتمع ـ أيضا ـ بني ّ‬
‫والضأن واملعز‪ ،‬وكلها من طريق واحد‪ ،‬وكام جتمع بني العلم والكتاب والقلم واملحربة‪ ،‬وكلها عىل‬
‫شاكلة واحدة‪ ،‬وغري ذلك ممّا ال ُي ْص‪.‬‬
‫صور مراعاة النظري‬
‫ملراعاة النظري أربع صور‪.‬‬
‫الصورة األوىل‪ :‬أن جيمع بني أمرين متناسبني‪:‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮂ ﮃ ﮄ ﱸ [الرمحن‪ ،]5:‬حيث مجع بني أمرين متناسبني‪ :‬الشمس‬
‫والقمر‪ ،‬ومها من الكواكب‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉﮊﱸ [التوبة‪،]34:‬‬
‫حيث مجع بني أمرين متناسبني‪ :‬الذهب والفضة‪ ،‬ومها من املعادن‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱸ [الرمحن‪ ،]22:‬حيث مجع بني اللؤلؤ واملرجان‪ ،‬ومها‬
‫أمران متناسبان؛ ألهنام من األحجار الكريمة‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل يف تشبيه احلور العني‪ :‬ﱹ ﯖ ﯗ ﯘ ﱸ [الرمحن‪ ،]58:‬حيث مجع بني أمرين‬
‫متناسبني‪ :‬الياقوت واملرجان‪ ،‬ومها من األحجار النفيسة‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن جيمع ثالثة أمور متناسبة ‪:‬‬
‫«آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا اؤمتن خان»‪ ،‬حيث مجع‬ ‫مثل قوله‬
‫بني ثالثة أمور متناسبة وهي‪ :‬الكذب‪ ،‬وإخالف الوعد‪ ،‬وخيانة األمانة‪ ،‬وكلها من الصفات الذميمة‬
‫املنهي عنها‪.‬‬
‫ومثله قول البحرتي َي ِص ُ‬
‫فا ِ‬
‫إلبل بالضمور والنحافة الشديدة‪:‬‬
‫الساب الـ َْج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـر ِ‬
‫اب و َقــدْ ُخ ْضـــ‬
‫اري‬ ‫ـــن غ َم ًرا م َن َّ َ‬
‫َ‬ ‫***‬ ‫َي َت ْق َر ْقـ َ‬
‫ـن كَالـ َّ َ‬
‫ـــل األَ ْوت ِ‬
‫ــــــــه ِم َم ْ ِب َّيـــ ًة َب ِ‬ ‫ـي الـْــمع َّط َف ِ‬
‫ات َب ِل األَ ْســـ‬ ‫ِ ِ‬
‫َـــار‬ ‫ُ‬ ‫***‬ ‫ُ َ‬ ‫كا ْلقـ ِّ‬
‫‪118‬‬

‫حيث مجع ثالثة أمور متناسبة وهي‪ :‬القيس‪ ،‬واألسهم‪ ،‬واألوتار‪ ،‬وكلها من باب واحد من آالت‬
‫احلرب القديمة‪ ،‬وهذا البيت من األمثلة اجليدة يف مراعاة النظري؛ ألن الشاعر ترقى فيه من األقل نحافة‬
‫إىل األكثر دقة ونحافة‪ ،‬حيث شبه اإلبل يف هزاهلا وشدة ضمورها بالقيس املحنية أوال‪ ،‬ثم زاد يف‬
‫الرتقي فشبهها باألسهم املربية؛ ليدلل عىل شدة النحافة‪،‬ثم ترقى أكثر فأكثر فشبهها يف شدة ضمورها‬
‫باألوتار‪ ،‬فرتقى من األقل نحافة‪ ،‬إىل األكثر دقة ونحافة ‪ ،‬فزاد هذا التناسب ومراعاة النظري دقة ومجاال‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا قول املتنبى يصف فرسا‪:‬‬
‫ـل ِف َصــدْ ِر ِه َو ْبـ ُ‬
‫ـل‬ ‫َغــدَ ا َة ك ََأ َّن النَّ ْبـ َ‬ ‫***‬ ‫ـمنَا َيا بِن َْح ِر ِه‬ ‫ـى َســابِحٍ َمـ ْ‬
‫ـو ُج ا ْلــ َ‬ ‫َعـ َ‬
‫حيث مجع الشاعر ثالثة أمور متناسبة وهي‪ :‬السابح‪ ،‬واملوج‪ ،‬والوبل‪ ،‬وكلها من ٍ‬
‫واد واحد‪،‬‬
‫فالسباحة ال تكون إال يف املاء‪ ،‬واملوج قطعة املاء‪ ،‬والوبل مطر غزير‪ ،‬فبينها تناسب معنوي جعل البيت‬
‫شديد التالؤم‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬أن جيمع أربعة أمور متناسبة‬
‫من ذلك‪ ،‬قول بعض الناس يف مدح الوزير ا ُمله َلبِ ِّي‪«:‬إنك أهيا الوزير إسامعييل الوعد‪ُ ،‬شعيبي‬
‫التوفيق‪ ،‬يوسفي العفو‪ ،‬حممدي اخللق» حيث مجع أربعة أمور متناسبة هي‪ :‬إسامعييل‪ ،‬شعيبي‪ ،‬يوسفي‪،‬‬
‫حممدي‪ ،‬وكلها نسبة إىل أسامء األنبياء ـ صلوات اهلل عليهم مجيعا ـ ‪ ،‬كام مجع أربع صفات متناسبة ـ‬
‫أيضا ـ وهي‪ :‬صدق الوعد‪ ،‬والتوفيق‪ ،‬والعفو‪ ،‬وحسن اخللق‪ ،‬وكلها من قبيل األخالقيات العظيمة‪،‬‬
‫والسلوكيات القويمة‪.‬‬
‫الصورة الرابعة‪ :‬أن جيمع أكثر من أربعة أمور متناسبة‪.‬‬
‫من ذلك‪ ،‬قول ابن رشيق (صاحب كتاب العمدة) يمدح األمري متيم بن املعز‪:‬‬
‫ـذ َق ِدي ـ ِم‬ ‫ـم ْأ ُث ِ‬
‫ور ُمنْـ ُ‬ ‫الـ َ ِ‬‫ـن َْ‬ ‫ِ‬ ‫َأ َص ُّح َو َأ ْق َوى َما َس ِم ْعنَا ُه ِف النَّدَ ى‬
‫ـر الـْـ َ‬ ‫مـ َ‬ ‫***‬

‫َف األَ ِم ِ‬
‫ير َتَي ِم‬ ‫ـن ك ِّ‬ ‫ـن ا ْل َب ْح ِر َع ْ‬
‫َع ِ‬ ‫ول َع ِن َْ‬
‫ال َيا‬ ‫الس ُي ُ‬ ‫وهيا ُّ‬ ‫اد ُ‬ ‫َأح ِ‬
‫***‬ ‫يث ت َْر َ‬ ‫َ‬
‫حيث مجع الشاعر أوالً ستة أمور متناسبة‪ ،‬مجع الصحة والقوة‪ ،‬والسامع واخلرب املأثور‪ ،‬واألحاديث‬
‫والرواية‪ ،‬وكلها من باب واحد؛ ألهنا مصطلحات ترتدد يف علوم احلديث الرشيف‪.‬‬
‫ثم مجع ثان ًيا بني السيول‪ ،‬واحليا (أي املطر)‪ ،‬والبحر‪ ،‬وكف األمري‪ ،‬مع ما يف هذا التناسب الرائع من‬
‫صحة الرتتيب يف العنعنة‪ ،‬حيث بدأ من الصغري إىل الكبري‪ ،‬فبدأ بالسيول وجعل أصلها املطر‪ ،‬ثم جعل‬
‫أصل املطر البحر‪ ،‬ثم جعل كف األمري متيم أص ً‬
‫ال للبحر يف اجلود والكرم عىل سبيل املبالغة‪.‬‬
‫‪119‬‬

‫وإذ استبان لك صور مراعاة النظري وأهنا تعتمد عىل التناسب بأن تكون األلفاظ التي تتداعى إىل‬
‫الذهن من باب واحد‪ ،‬أو من واد واحد؛ لتكون أقرب خطورا عىل األذهان‪،‬من هنا جيب أن نسأل‪.‬‬
‫هل هناك فرق بني الطباق ومراعاة النظري؟‬
‫نعم‪ ،‬هناك فرق واضح بينهام‪ ،‬فإن الطباق جيمع فيه بني معنى الكلمتني املتضادتني‪،‬أما مراعاة النظري‬
‫فيجمع فيه بني معنى الكلمتني املتناسبتني‪.‬‬
‫وسؤال آخر‪.‬‬
‫هل هناك فرق بني املقابلة ومراعاة النظري؟‬
‫نعم‪ ،‬هناك فرق بينهام‪ ،‬من جهة أن املقابلة تكون بني األمور املتضادة وغري املتضادة‪ ،‬أما مراعاة‬
‫النظري‪ ،‬فيكون بني الكلامت املتناسبة فحسب‪.‬‬
‫أنواع مراعاة النظري‬
‫‪2‬ـ التفويف‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ تشابه األطراف‬ ‫ملراعاة النظري نوعان ‪ :‬‬
‫أوال‪ :‬تشابه األطراف‬
‫عرفه البالغيون بقوهلم ‪ :‬هو أن خيتم الكالم بام يناسب أوله يف املعنى‪.‬‬
‫كقوله تعاىل ﱹ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﱸ [األنعام‪ ]103:‬فقوله‬
‫البِ ُري» ورد يف ختام اآلية‪ ،‬ولو تأملت يف لفظة اللطيف لوجدهتا تتالءم مع ما جاء‬ ‫«و ُه َو ال َّلطِ ُ‬
‫يف َْ‬ ‫تعاىل‪َ :‬‬
‫يف مطلع اآلية يف قوله‪« :‬الَّ تُدْ ِر ُك ُه األَ ْب َص ُار» فإن اللطف يناسب ما ال يدرك بالبرص‪ ،‬ولو تأملت لفظة‬
‫اخلبري الواردة يف هناية اآلية‪ ،‬لعلمت أهنا تتناسب مع قوله‪ُ « :‬يدْ ِر ُك األَ ْب َص َار»؛ فإن من يدرك شيئا يكون‬
‫حتام خبريا به‪.‬‬
‫وهكذا فإن كل كالم يف النهاية يتناسب مع ما ورد يف البداية يطلق عليه البالغيون تشابه األطراف‪،‬‬
‫وسمي بذلك لتشابه أطراف الكالم بداية وهناية يف التناغم والتناسب‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹﯬﯭ ﯮﯯ ﯰﯱﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸﱸ[احلج‪،]64:‬‬
‫فقوله‪« :‬ا ْلغَن ِ ُّي الـ َْح ِميدُ » ورد يف ختام اآلية؛ وهو يتناسب بشدة مع ما ورد يف أوهلا يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫« َله ما ِف السمو ِ‬
‫ات َو َما ِف األَ ْر ِ‬
‫ض»‪ ،‬وآثر التعبري هنا بالغني؛ لينبه عىل أن ما يملكه ـ سبحانه وتعاىل ـ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫‪120‬‬

‫من ملكوت السموات واألرض ليس يف حاجة إليه‪ ،‬بل هو غني عنه جواد به‪ ،‬فإذا جاد به محده ا ُملنْ َع ُم‬
‫عليهم من العباد‪ ،‬وهذا هو رس التعبري باحلميد بعد الغني‪.‬‬
‫ومن خفي هذا الرضب قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﱸ‬
‫[املائدة‪.]118:‬‬
‫(وإِ ْن َتغ ِْف ْر َُل ْم) قد يوهم أن الفاصلة يف هناية اآلية ستكون «الغفور الرحيم»‪ ،‬ولكن‬
‫فإن قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫من ينعم النظر يتيقن أن الفاصلة املتناسبة هي«العزيز احلكيم»؛ ألنه ال يغفر ملن يستحق العذاب إال‬
‫الذي ليس فوقه أحدٌ يرد عليه حكمه فهو العزيز؛ ألن العزيز يف صفات اهلل هو الغالب من قوهلم‪ :‬عزه‬
‫يعزه عزا إذا غلبه‪.‬‬
‫ووجب كذلك أن يوصف باحلكيم؛ ألن احلكيم من يضع اليشء يف حمله واهلل ـ تعاىل ـ أحكم‬
‫احلكامء‪ ،‬لكنه قد خيفى وجه احلكمة يف بعض أفعاله‪ ،‬فيتوهم الضعفاء من الناس أن هذه األفعال‬
‫خارجة عن احلكمة‪ ،‬فكان يف الوصف باحلكيم احرتاس حسن‪ ،‬أي‪ :‬وإن تغفر هلم مع استحقاقهم‬
‫العذاب‪ ،‬فال اعرتاض ألحد عليك يف ذلك‪ ،‬واحلكمة فيام فعلته‪ ،‬وهكذا كان آخر اآلية أشد تالؤما مع‬
‫أوهلا ملن يتدبر فيها بدقة‪.‬‬
‫ثانيًـا‪ :‬التفويف‬
‫وقد عرفه البالغيون بقوهلم‪ :‬هو أن يؤتى يف الكالم بمعان متالئمة يف مجل مستوية املقادير أو‬
‫متقاربتها‪.‬‬
‫كقول أبو العباس الناشئ يصف سحابا‪:‬‬
‫ضح ٌك بِــا َثغ ِْر‬ ‫ـع بِــا َعـ ْ ٍ‬ ‫ـش بِــا يـ ٍ‬
‫ش بِــا َر َق ـمٍ‪َ ،‬و َن ْقـ ٌ‬
‫ـن‪َ ،‬و ْ‬ ‫َو َد ْمـ ٌ‬ ‫***‬ ‫ـد‬ ‫َ‬ ‫ـو ْ ٌ‬
‫َفـ َ‬

‫فإن من يتأمل يف هذا البيت جيد أربع مجل طويلة مستوية يف مقاديرها‪ ،‬أي‪ :‬جاءت عىل وزن عرويض‬
‫ورصيف واحد‪ ،‬وكل مجلة فيها معانيها متالئمة متناسبة‪ ،‬ومن ثم سمي هذا النوع من التناسب بالتفويف‪،‬‬
‫أي‪ :‬زيادة يف مجاله وإيقاعه؛ ألن التفويف يف اللغة مأخوذ من الثياب املفوفة أي‪ :‬املزركشة املزينة‪ ،‬فهو‬
‫من مراعاة النظري‪ ،‬ولكنه ملا جاء عىل هذا املنوال كان نوعا معينا منه استحق أن خيص ويذكر هبذا‬
‫االسم‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫وكام جاءت اجلمل مستوية يف وزهنا الرصيف والعرويض فيام مىض فقد تأيت متقاربة يف الوزن العرويض‬
‫كام يف قول عنرتة‪:‬‬
‫ـز ِل‬ ‫بض ْنـ ٍ‬
‫ـك أنـ ِ‬ ‫َأ ْشــدُ ْد َوإِ ْن ُي ْل َفـ ْ‬
‫ـوا َ‬ ‫***‬ ‫إِ ْن ُي ْل َح ُقــوا أك ُْر ْر َوإِ ْن ُي ْسـ َت ْل َح ُموا‬

‫فكل مجلة من اجلمل الثالث التي حتتها خط ألفاظها متناسبة ومتالمحة‪ ،‬ولكنها متقاربة من حيث‬
‫اإليقاع الصويت والعرويض والرصيف مع ما قبلها‪ ،‬وعليه فالتفويف هو نوع من أنواع مراعاة النظري‪،‬‬
‫ولكنه يتمحور حول اجلمل املتالئمة يف املعنى املستوية يف اإليقاع العرويض والرصيف‪ ،‬أو املتقاربة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عبدالسالم ْب ِن ُر ْغ َبان املعروف بديك ّ‬
‫اجلن‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ومثله أيضا قول‬
‫ـد ْب لِ ْل َم َعـ ِ‬
‫ـال‬ ‫ـر‪ ،‬وا ْن َتـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض وا ْن َف ْع ‪َ ،‬ول ْن َواخْ ُش ْن *** َو ِر ْش وا ْبـ ِ َ‬ ‫ُأ ْح ُل ْ‬
‫وام ُر ْر ‪َ ،‬و ُ َّ‬
‫فاجلمل السابقة متقاربة مع بعضها يف اإليقاع العرويض والرصيف‪ ،‬وهي مجل قصريةيف املقدار‪ ،‬وهذا‬
‫يسمى التفويف‪.‬‬
‫ولكن يالحظ أن بني كل مجلة ىف البيت السابق تضاد‪ ،‬وكل مجلة فيها تضاد‪ ،‬فهي من قبيل الطباق‬
‫إذن قد جيتمع التفويف‪ ،‬وهو نوع من مراعاة النظري مع الطباق من هذه اجلهة‪.‬‬
‫إيهام التناسب‬
‫هناك نوع يلحق بمراعاة النظري يف الظاهر‪ ،‬ولكن من يتأمل فيه يدرك أنه ليس منه مطلقا مثل قوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﱸ [الرمحن‪ ،]6 ،5 :‬فإن بني الشمس والقمر‬
‫مراعاة نظري؛ لتناسبهام‪ ،‬وهذا ال خالف فيه بني العلامء‪ ،‬ولكن قد يظن املتعجل أن لفظة النجم التي‬
‫بعد ذلك متناسبة مع ما قبلها من الشمس والقمر‪،‬لكن األمر يف احلقيقة ليس كذلك؛ ألن النجم هنا‬
‫هو النبات الذي ينجم أي‪ :‬يظهر عىل سطح األرض‪ ،‬وال ساق له مثل‪ :‬الق ّثاء‪ ،‬واجلرجري وغريمها من‬
‫النباتات‪ ،‬فأوهم اللفظ التناسب‪ ،‬ولكنه ليس من قبيل التناسب‪.‬‬
‫وبناء عىل هذا يمكن لنا أن نعرف هذا النوع بقولنا‪ :‬هو أن يأيت اللفظ يوهم أنه يتناسب يف املعنى مع‬
‫ما سبقه‪ ،‬وهو عند إمعان النظر يتضح أنه ال يتناسب معه‪.‬‬
‫س‪ :‬ملاذا مسى بإيهام التناسب؟‬
‫ج ‪ :‬ألن من مل يمعن النظر‪ ،‬يتوهم التناسب وهو ليس بمتناسب‪.‬‬
‫***‬
‫‪122‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫مراعاة النظري‪ :‬هو اجلمع بني أمر وما يناسبه أو اجلمع بني أمور متناسبة ال عىل وجه التضاد بل‬
‫عىل وجه االتفاق واالتساق ‪.‬‬
‫صور مراعاة النظري‪:‬‬
‫الصورة األوىل‪ :‬أن جيمع بني أمرين متناسبني‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن جيمع بني ثالثة أمور متناسبة‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬أن جيمع بني أربعة أمور متناسبة‪.‬‬
‫الصورة الرابعة‪ :‬أن جيمع بني أكثر من أربعة أمور متناسبة‬
‫من أنواع مراعاة النظري‪:‬‬
‫تشابه األطراف‪ :‬وهو أن خيتم الكالم بام يناسب أوله يف املعنى‪.‬‬
‫التفويف‪ :‬وهو أن يؤتى يف الكالم بمعان متالئمة يف مجل مستوية املقادير أو متقاربتها‪.‬‬
‫ويلحق به نوع يسمى إهيام التناسب‪ :‬وهو أن يأيت اللفظ يوهم أنه يتناسب يف املعنى مع ما سبقه‪،‬‬
‫وهو عند إمعان النظر يتضح أنه ال يتناسب معه‪.‬‬

‫***‬
‫‪123‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪:‬مراعاة النظري يكون بني األمور املتناسبة ال عىل وجه التضاد بخالف الطباق‪ ،‬فيكون عىل‬
‫وجه التضاد‪.‬‬
‫الحظ أن ‪:‬مراعاة النظري يكون بني أمرين متناسبني إىل ستة‪ ،‬وكذلك املقابلة تكون بني أمرين‬
‫متقابلني إىل ستة‪ ،‬فهام يتفقان من هذه اجلهة من حيث العدد‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬املقابلة تكون بني معنيني من جهة‪ ،‬ومعنيني من جهة أخرى‪ ،‬وثالثة من جهة‪ ،‬وثالثة‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وهكذا إىل ستة من جهة‪ ،‬وستة من جهة أخرى‪ ،‬بخالف مراعاة‬
‫النظري‪ ،‬فقد يكون بني اثنني متناسبني إىل ستة‪ ،‬وال يشرتط فيه النظر للجهة املقابلة هلا ‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬مراعاة النظري وتشابه األطراف وردا يف القرآن الكريم بخالف التفويف‪.‬‬
‫مفاهيم‪:‬إهيام التناسب ليس من مراعاة النظري؛ ألنه يوهم التناسب ويف احلقيقة ال يوجد تناسب‪.‬‬
‫مفاهيم‪:‬تشابه األطراف نوع من مراعاة النظري‪ ،‬ولكن يشرتط فيه أن يكون التناسب واقعا بني‬
‫طرف الكالم وآخره؛ ولذا سمي بتشابه األطراف‪.‬‬
‫***‬
‫‪124‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة (×) أما العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬مراعاة النظري من املحسنات املعنوية التي تعتمد عىل التناسب‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬الطباق ينظر فيه ملعنيني متضادين ومراعاة النظري بخالفه‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬ورد مراعاة النظري يف القرآن الكريم بكثرة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬املعاين املتناسبة ال ترد عىل الذهن برسعة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬التناسب يف مراعاة النظري له صور عديدة ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬إهيام التناسب ليس من مراعاة النظري‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬التفويف ليس من أنواع مراعاة النظري ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬ال يوجد فرق بني املقابلة ومراعاة النظري‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -9‬تشابه األطراف من أنواع مراعاة النظري التي هلا خصوصية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -10‬الطباق ال جيتمع مع مراعاة النظري إال مع التفويف‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)√( -5‬‬ ‫‪ .)×( -4‬‬ ‫‪ .)√( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫‪.)√( -10‬‬ ‫‪ .)√( -9‬‬ ‫‪ .)×( -8‬‬ ‫‪ .)×( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬عرف ُك ًّ‬
‫ال من مراعاة النظري‪ ،‬وتشابه األطراف ‪ ،‬وإهيام التناسب مع التمثيل‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬بني الفرق بني التفويف ومراعاة النظري مع التمثيل ‪.‬‬
‫صور عديدة اذكر ثالثـًا منها مع التمثيل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫التدريب الرابع‪ :‬ملراعاة النظري‬
‫إجابة التدريب الرابع‬
‫الصورة األوىل ‪ :‬أن جيمع بني أمرين متناسبني‬
‫‪125‬‬

‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﱸ [الرمحن‪ ،]22:‬حيث مجع بني اللؤلؤ واملرجان‪ ،‬ومها‬
‫أمران متناسبان؛ ألهنام من األحجار الكريمة‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن جيمع بني ثالثة أمور متناسبة‬
‫‪« :‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا اؤمتن خان»‪ ،‬حيث مجع‬ ‫مثل قوله‬
‫بني ثالثة أمور متناسبة وهي‪ :‬الكذب‪ ،‬وإخالف الوعد‪ ،‬وخيانة األمانة‪ ،‬وكلها من الصفات الذميمة‬
‫املنهي عنها‪.‬‬
‫الصورة الثالثة ‪ :‬أن جيمع أربعة أمور متناسبة‬
‫من ذلك‪ ،‬قول بعض الناس يف مدح الوزير ا ُمله َلبِ ِّي‪« :‬إنك أهيا الوزير إسامعييل الوعد‪ُ ،‬شعيبي‬
‫التوفيق‪ ،‬يوسفي العفو‪ ،‬حممدي اخللق» حيث مجع أربعة أمور متناسبة هي ‪ :‬إسامعييل‪ ،‬شعيبي‪ ،‬يوسفي‪،‬‬
‫حممدي‪ ،‬وكلها نسبة إىل أسامء األنبياء ـ صلوات اهلل عليهم مجيعا ـ ‪ ،‬كام مجع أربع صفات متناسبة ـ‬
‫أيضا ـ وهي‪ :‬صدق الوعد‪ ،‬والتوفيق‪ ،‬والعفو‪ ،‬وحسن اخللق‪ ،‬وكلها من قبيل األخالقيات العظيمة‪،‬‬
‫والسلوكيات القويمة‪.‬‬
‫***‬
‫‪126‬‬

‫الدرس الرابع‬
‫املشاكلة‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ حيدد املقصود باملشاكلة مع التمثيل‪.‬‬
‫‪2‬ـ يوازن بني أنواع املشاكلة‪.‬‬
‫‪3‬ـ يأتى بأمثلة ألنواع املشاكلة‪.‬‬
‫‪4‬ـ يبني متى جتتمع املشاكلة مع الطباق‪.‬‬
‫‪5‬ـ يبني متى جتتمع املشاكلة مع اجلناس‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬سنتناول يف هذا الدرس تعريف املشاكلة‪ ،‬وورودها يف القرآن والسنة‪ ،‬ورس التعبري‬
‫هبا‪ ،‬وأقسامها املختلفة‪ ،‬وجواز اجتامعها مع الطباق واجلناس ‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫تعريفها‪:‬‬
‫ا ُمل َشاكَلة لغة‪ :‬املشاهبة واملامثلة‪.‬‬
‫ويف اصطالح البالغيني‪ :‬هي أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه؛ لوقوعه يف صحبته‪.‬‬
‫كقول عمرو بن كلثوم الشاعر اجلاهيل‪:‬‬
‫ـل الـْــج ِ‬
‫ـو َق َج ْهـ ِ‬ ‫ـــن َأ َحـــدٌ َع َل ْينَـــا‬
‫اهلينَا‬ ‫َ‬ ‫َفن َْج َهـ َ‬
‫ـل َفـ ْ‬ ‫***‬ ‫أالَ الَ َ ْ‬
‫ي َه َل ْ‬
‫فقوله يف الشطر الثاين «فنجهل» من باب املشاكلة؛ ألن تأديب اجلاهل عىل جهله وجمازاته عليه ال‬
‫يسمى جهال‪ ،‬وإنام يسمى عقابا وردعا وزجرا‪ ،‬ولكن ملا وقع اللفظ الثاين «فنجهل» يف صحبة اللفظ‬
‫األول «ال جيهلن» ساغ للشاعر أن يعرب عن رد اجلهل واملعاقبة عليه باللفظ نفسه مشاكلة‪.‬‬
‫‪127‬‬

‫والغرض من ذلك هو لفت نظر السامع‪ ،‬وشد انتباهه‪ ،‬واستاملة سمعه‪ ،‬وإظهار مقدرة قوم الشاعر‬
‫عىل رد الصاع صاعني‪ ،‬وهذا أرسع ـ ال شك ـ يف تثبيت املعنى يف النفس‪ ،‬ومتكينه يف القلب‪ ،‬فاملشاكلة‬
‫هتدف للتأثري عىل املخاطب ‪ ،‬وتوكيد املعنى وتقريره يف نفسه‪.‬‬
‫س ـ هل وردت املشاكلة يف القرآن الكريم‪ ،‬والسنة النبوية؟‬
‫ج‪ :‬نعم هذا اللون من الكالم حسبام أوضحنا مفهومه فيام سبق ورد يف الذكر احلكيم بكثرة ويف‬
‫السنة النبوية كذلك‪.‬‬
‫فمام ورد يف القرآن الكريم قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﱸ [البقرة ‪ ]15 ،14:‬حيث‬
‫استهزاء بطريق املشاكلة‪ ،‬فجاء اللفظ الثاين « َي ْست َْه ِزئُ » مشاكال لألول‬
‫ً‬ ‫ُسمي اجلزاء عىل االستهزاء‬
‫«م ْست َْه ِزئ َ‬
‫ُون» ؛ لوقوعه يف صحبته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔﮕ‬
‫ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱸ [البقرة‪ ]194:‬حيث ُسمي اجلزاء عىل العدوان‪ ،‬ومقابلته بمثله‬
‫اعتداء من قبيل املشاكلة ‪ ،‬والذي سوغ ذلك هو وقوع اللفظ الثاين « َفا ْعتَدُ وا َع َل ْي ِه» يف صحبة اللفظ‬
‫األول « َف َم ْن ا ْعتَدَ ى»‪ ،‬والرس البالغي لذلك‪ :‬هو التنفري من رد االعتداء‪ ،‬والرتغيب يف العفو‪ ،‬والدعوة‬
‫للصفح؛ ألن اإلنسان الذي يرد االعتداء قد يتجاوز احلد املطلوب‪ ،‬فيصري عندئذ معتديا‪ ،‬وهذا من‬
‫شيم السامحة يف اإلسالم دين العفو والغفران‪.‬‬
‫ومن املشاكلة أيضا قوله تعاىل‪ :‬ﱹﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜﱸ [الشورى‪ ،]40:‬حيث أطلق عىل جزاء السيئة سيئة من قبيل املشاكلة‪ ،‬والذي سوغ ذلك هو‬
‫وقوع لفظ السيئة الثاين يف صحبة لفظ السيئة األول‪ ،‬والغرض من ذلك‪ :‬التنفري عن رد السيئة بمثلها‪،‬‬
‫والدعوة إىل الصفح والعفو والغفران‪ ،‬وهذا هو الذي أكدته اآلية بعد ذلك يف قوله تعاىل‪َ « :‬ف َم ْن َع َفا‬
‫و َأص َلح َف َأجره ع َل ِ‬
‫الله»‪.‬‬ ‫َ ْ َ ُُْ َ‬
‫«خ ُذوا ِم َن‬
‫ُ‬ ‫قالت قال رسول اهلل‬ ‫ومثال ما ورد من املشاكلة يف السنة النبوية‪ :‬عن عائشة‬
‫ا ْل َع َم ِل َما تَطِي ُق َ‬
‫ون َفإِ َّن اهللَ ال َي َم ُّل حتى َت َ ُّلوا» حيث جاء اللفظ األول مشاكال للثاين؛ لوقوع األول يف‬
‫صحبة الثاين‪ ،‬ويالحظ هنا أن اللفظ األول هو الذي شاكل الثاين بعكس األمثلة السابقة كلها‪.‬‬
‫‪128‬‬

‫وعىل ذلك فيجوز أن يشاكل الثاين األول؛ لوقوعه يف صحبته وهذا هو الكثري الغالب‪ ،‬وجيوز أن‬
‫يشاكل األول الثاين؛ لوقوعه يف صحبته‪ ،‬وهذا هو القليل النادر‪.‬‬
‫أنواع املشاكلة‬
‫املشاكلة نوعان‪ :‬النوع األول‪ :‬مشاكلة حتقيقية ‪ ،‬والنوع الثاين مشاكلة تقديرية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املشاكلة التحقيقية‪:‬‬
‫تعريفها هي‪ :‬ذكر اليشء بلفظ غريه؛ لوقوعه يف صحبته حتقيقا‪.‬‬
‫وكل األمثلة السابقة من هذا النوع‪ ،‬فإن اللفظ الثاين الذي وقع فيه املشاكلة وقع يف صحبة اللفظ‬
‫األول حمققا عيانا بيانا‪ ،‬أي‪ :‬تلفظ به املتكلم وهو موجود يف الكالم حمققا‪.‬‬
‫الر َق ْع َمق» أمحد بن حممد األنطاكي الشاعر‬
‫ومن ذلك ـ أيضا ـ وهو مشهور يف هذا الباب قول «ابن َّ‬
‫املشهور يف عرص الدولة اإلخشيدية يف مرص‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ـر ْح َشـ ْيئًا ن ِ‬
‫َقا ُلــوا‪ :‬ا ْقـ َ ِ‬
‫ـت‪ :‬ا ْط ُبخُ ــوا ِل ُج َّبـ ًة َو َقم َ‬
‫يصــا‬ ‫ُق ْلـ ُ‬ ‫***‬ ‫ـك َط ْبخَ ُه‬
‫ُجدْ َلـ َ‬

‫وأصل الكالم خيطوا يل جبة وقميصا‪ ،‬وساغ للشاعر أن يعرب عن اخلياطة بالطبخ؛ لوقوع اللفظ‬
‫الثاين «اطبخوا» يف صحبة األول « َط ْبخَ ُه» فساغ له أن يعرب عن اخلياطة بالطبخ عىل سبيل املشاكلة‪،‬‬
‫الر َق ْع َمق» حينام أرسل له أربعة من أصحابه يدعون ُه إىل الطعام‪ ،‬وكانوا قد‬
‫وهذا البيت قاله‪« :‬ابن َّ‬
‫ذبحوا شاة سمينة قائلني له‪ :‬اشته علينا ما نطبخ لك منها‪ ،‬وكان هذا األمر يف صباح يوم شديد الربودة‪،‬‬
‫فكتب إليهم ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫وكان فقريا‪ ،‬ليس له كسو ٌة ِ‬
‫تقيه من الربد‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫ـة عزَمــوا الصبوح بِســح ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وصا‬
‫الص َبــاحِ ُخ ُص َ‬ ‫َب َع ُثــوا إِ َ َّل َمـ َ‬
‫ـع َّ‬ ‫***‬ ‫رة‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫وع َصا َبـ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ـر ْح َشـ ْيئًا ن ِ‬
‫َقا ُلــوا‪ :‬ا ْقـ َ ِ‬
‫ـت‪ :‬ا ْط ُبخُ ــوا ِل ُج َّبـ ًة َو َقم َ‬
‫يصــا‬ ‫ُق ْلـ ُ‬ ‫***‬ ‫ـك َط ْبخَ ُه‬
‫ُجدْ َلـ َ‬

‫شعرت حتى عاد ومعه أربع خلع وأربع رصر يف كل رصة عرشة‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فذهب الرسول بالرقعة‪ ،‬فام‬
‫دنانري‪ ،‬فلبست إحدى اخللع ورصت إليهم‪.‬‬
‫والشاهد فيه ورود اللفظ الثاين عىل سبيل املشاكلة‪ ،‬فإنه أراد خيطوا‪ ،‬فذكر خياطة اجلبة والقميص‬
‫بلفظ الطبخ؛ لوقوعها يف صحبة طبخ الطعام‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫ثانيا‪ :‬املشاكلة التقديرية‪:‬‬


‫تعريفها هي‪ :‬ذكر اليشء بلفظ غريه لوقوعه يف صحبته تقديرا ‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓ‬
‫ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﱸ‬
‫[البقرة‪.]138 ،137:‬‬
‫فلفظ صبغة املذكور يف اآلية يف قوله‪ِ :‬‬
‫«ص ْب َغ َة اللهِ» من باب املشاكلة التقديرية؛ ألنه وقع يف صحبة‬
‫اللفظ املحذوف املقدر‪ ،‬املفهوم من سبب نزول اآلية‪ ،‬فاآلية الكريمة نزلت ردا عىل النصارى الذين‬
‫كانوا يغمسون أوالدهم يف ماء أصفر يسمونه املعمودية‪ ،‬ويقولون هو تطهري هلم‪ ،‬فأمر اهلل املسلمني‬
‫بأن يقولوا هلم‪( :‬قولوا آمنا باهلل) وصبغنا اهلل باإليامن صبغة ال مثل صبغتكم‪ ،‬وطهرنا به تطهريا ال مثل‬
‫تطهريكم‪ ،‬فجيء بلفظ الصبغة للمشاكلة وإن مل يكن قد تقدم لفظ الصبغ؛ ألن قرينة احلال التي هي‬
‫سبب النزول من غمس النصارى أوالدهم يف املاء األصفر دلت عىل ذلك‪.‬‬
‫ومنه قول أيب متام‪:‬‬
‫ْـــز ِل‬ ‫َأ ِّن َبنَ ْي ُ‬ ‫ِ‬
‫ـــل ا َْلن ِ‬
‫ْـــج َار َق ْب َ‬
‫ـــت الـ َ‬ ‫***‬ ‫ــر َب ُك َّل َهــا‬ ‫ــن ُم ْبلــغٌ َأ ْفن َ‬
‫َــاء َي ْع ُ‬ ‫َم ْ‬
‫فقوله‪«:‬بنيـت» مشـاكلة تقديريـة شـاكل هبـا اللفـظ األول اللفـظ الثاين املحـذوف املقـدر املفهوم‬
‫مـن الـكالم‪ ،‬والتقديـر‪ :‬أين بنيـت اجلـار قبـل بنـاء املنـزل‪ ،‬والذي سـوغ بنـاء اجلـار‪ ،‬واجلـار ال يبني‬
‫بـل خيتـار هـو مراعـاة املشـاكلة؛ ليشـاكل بـه اللفـظ املقـدر‪ ،‬فلوال بنـاء املنـزل مل يصـح بنـاء اجلار‪.‬‬
‫س‪ :‬هل جتتمع املشاكلة مع الطباق؟‬
‫ج‪ :‬نعم جيوز ذلك‪ ،‬وقد ورد هذا عىل لسان القايض رشيح حينام شهد رجل عنده بشهادة أعجبته‬
‫فقال له رشيح‪ :‬إنك لسبط الشهادة‪ ،‬يقصد أن شهادتك سهلة واضحة مسرتسلة كالشعر الناعم غري‬
‫عيل‪ ،‬فالتجعيد جاء هنا عىل سبيل املشاكلة للفظ‬
‫املجعد‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬إهنا مل جتعد عني‪ ،‬أي‪ :‬مل تصعب َّ‬
‫األول؛ لوقوعه يف صحبته‪ ،‬فلوال أنه عرب بالسبوطة أوال ملا ساغ له أن يعرب بالتجعيد ثانيا‪ ،‬هذا بالنسبة‬
‫للمشاكلة‪.‬‬
‫لكن من يتأمل جيد أن هذين املعنيني بينهام ـ أيضا ـ تضاد ؛ ألن السبوطة ضد اجلعودة‪ ،‬وهذا من باب‬
‫الطباق‪ ،‬إذن جيوز اجتامع املشاكلة مع الطباق‪.‬‬
‫‪130‬‬

‫س‪ :‬هل جتتمع املشاكلة مع اجلناس؟‬


‫ج‪ :‬نعم جيوز اجتامع اجلناس مع املشاكلة‪ ،‬واجلناس كام ستعرف الحقا هو اتفاق اللفظني يف الشكل‪،‬‬
‫واختالفهام يف املعنى‪ ،‬فقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﱸ [الشورى‪ ،]40:‬من قبيل املشاكلة كام سبق‬
‫توضيحه‪ ،‬وهي ـ أيضا ـ جناس؛ ألن اللفظني اتفقا يف الشكل‪ ،‬واختلفا يف املعنى‪ ،‬فاألول بمعنى‪:‬‬
‫السيئة‪ ،‬والثاين بمعنى‪ :‬رد السيئة‪ ،‬وعىل ذلك فيجوز اجتامع املشاكلة واجلناس‪ ،‬كام جاز من قبل اجتامع‬
‫املشاكلة مع الطباق‪.‬‬
‫***‬

‫ملخص الدرس‬

‫املشاكلة‪ :‬هي أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه‪ ،‬لوقوعه يف صحبته‪.‬‬


‫أنواع املشاكلة ‪:‬‬
‫املشاكلة نوعان‪:‬‬
‫‪1‬ـ مشاكلة حتقيقية‪ ،‬هي أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه‪ ،‬لوقوعه يف صحبته حتقيقا‪.‬‬
‫‪2‬ـ مشاكلة تقديرية‪ :‬وهي أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه لوقوعه يف صحبته تقديرا‪.‬‬
‫وجيوز أن جتتمع املشاكلة‪ ،‬وهي من املحسنات املعنوية مع الطباق وهو ـ أيضا ـ من املحسنات‬
‫املعنوية‪.‬‬
‫كام جيوز أن جتتمع املشاكلة‪ ،‬وهي من املحسنات املعنوية مع اجلناس‪ ،‬وهو من املحسنات اللفظية‪.‬‬

‫***‬
‫‪131‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬املشاكلة من املحسنات املعنوية‪ ،‬ولكنها جتتمع مع الطباق‪ ،‬وهو من املحسنات املعنوية‬
‫أيضا‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬املشاكلة من املحسنات املعنوية‪ ،‬ولكنها جتتمع مع اجلناس‪ ،‬وهو من املحسنات اللفظية‪.‬‬
‫انتبه إىل أن ‪:‬املشاكلة وردت يف القرآن‪ ،‬واحلديث الرشيف‪ ،‬والشعر اجلاهيل وغريه‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬املشاكلة يشاكل فيها اللفظ الثاين اللفظ األول غالبا‪ ،‬ولكن يف بعض األمثلة قد يشاكل‬
‫اللفظ األول اللفظ الثاين املذكور أو املقدر املحذوف‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬املشاكلة من املحسنات املعنوية التي هتدف إىل استاملة السامع‪ ،‬ومتكني املعنى يف نفسه‪.‬‬
‫مفاهيم ‪ :‬اختلف بعض العلامء يف ورود املشاكلة يف القرآن والسنة‪ ،‬ولكنها عىل حسب مفهومها هنا‬
‫َو َردت يف القرآن والسنة‪ ،‬كام بان من األمثلة‪.‬‬
‫***‬
‫‪132‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬املشاكلة من املحسنات اللفظية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬املشاكلة وردت يف السنة ومل ترد يف القرآن‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬املشاكلة جتتمع مع الطباق ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬املشاكلة ال جتتمع مع اجلناس‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬املشاكلة أعم من اجلناس والطباق ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬املشاكلة التقديرية مل ترد يف القرآن والسنة النبوية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬املشاكلة احلقيقية تتعارض مع التقديرية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬ال يوجد فرق بني املشاكلة ومراعاة النظري‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -9‬املشاكله ليس هلا أثر قوي عىل السامع‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪ .)√( -5‬‬ ‫‪ .)×( -4‬‬ ‫‪ .)√( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)×( -9‬‬ ‫‪ )×( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7 .)×( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬عرف املشاكلة‪ ،‬وبني نوعيها ‪ ،‬مع التمثيل ملا تذكر‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬ما الفرق بني املشاكلة والطباق؟ وهل جيوز اجلمع بينهام؟ مع التمثيل‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‬
‫املشاكلة هي‪ :‬أن ُيذكر اليشء بلفظ غريه لوقوعه يف صحبته‪.‬‬
‫والطباق هو‪ :‬اجلمع بني متقابلني يف املعنى عىل وجه التضاد‪.‬‬
‫وجيوز اجلمع بني الطباق واملشاكلة‪ ،‬وقد ورد ذلك عىل لسان القايض رشيح حينام شهد رجل عنده‬
‫بشهادة أعجبته‪ ،‬فقال له رشيح‪ :‬إنك لسبط الشهادة ‪ ،‬يقصد أن شهادة الرجل كانت سهلة واضحة‬
‫‪133‬‬

‫عيل‪ ،‬فالتجعيد‬
‫مسرتسلة‪ ،‬كالشعر الناعم غري املجعد‪ ،‬فقال له الرجل‪ :‬إهنا مل جتعد عني‪ ،‬أي‪ :‬مل تصعب َّ‬
‫جاء هنا عىل سبيل املشاكلة للفظ األول؛ لوقوعه يف صحبته‪ ،‬ومن يتأمل جيد أن هذين املعنيني بينهام ـ‬
‫أيضا ـ تضاد؛ ألن السبوطة ضد اجلعودة‪ ،‬وهذا من باب الطباق؛ إذن جيوز اجتامع املشاكلة مع الطباق‪.‬‬
‫التدريب الرابع‪ :‬ما الفرق بني املشاكلة واجلناس‪ ،‬وهل جيوز اجلمع بينهام؟ مع التمثيل‪.‬‬
‫***‬
‫‪134‬‬

‫الدرس اخلامس‬
‫التورية‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪ -1‬حيدد املقصود بالتورية‪.‬‬
‫‪ -2‬يوازن بني أقسام التورية‪.‬‬
‫‪ -3‬يعلل لعدم ورود التورية ىف القرآن‪.‬‬
‫‪ -4‬يبني القاسم املشرتك بني التورية واالستعارة‪.‬‬
‫‪ -5‬يذكر أسباب كثرة ورود التورية بدءا من الشعر العبايس‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس تعريف التورية‪ ،‬وأقسامها‪ ،‬وأمثلتها‪ ،‬ورس التعبري هبا‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫تعريف التورية‪:‬‬
‫هي لفظ له معنيان قريب ظاهر‪ ،‬لكنه غري مراد‪ ،‬وبعيد خفي‪ ،‬وهو املراد‪.‬‬
‫شرط التورية‪:‬‬
‫يشرتط ىف التورية أن تكون هناك قرينة تشري إىل أن املعنى املراد هو البعيد‪.‬‬
‫قيمة التورية البالغية‪:‬‬
‫هذا النوع من األلوان البديعية املعنوية التي تكسب الكالم متعة ورونقا‪ ،‬وتقتيض يف استخراجها‬
‫ذكاء وحنكة‪ ،‬كام تتطلب يف صنعتها إتقانا ودقة‪ ،‬وقد َك ُثرت عىل ألسنة الشعراء وبخاصة ىف العرص‬
‫العبايس‪.‬‬
‫‪135‬‬

‫الوراق‪:‬‬
‫من ذلك قول رساج الدين ّ‬
‫ش ِاق‬ ‫َو َص َحائِـ ُ َ ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ـف ْال ْبـ َـرار ف إِ ْ َ‬ ‫***‬ ‫َواخَ ْج َلتــي َو َص َحائفــي ُم ْسـ َ‬
‫ـو َّد ٌة‬
‫ُون َص َحائِــفُ ا ْل َو َّر ِاق؟‬
‫َأكَــ َـذا َتك ُ‬ ‫ٍ‬
‫ـــــل‬ ‫وتَو ُّق ِفـــي ُل ِوبـــخٍ َل َقائِ‬
‫***‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ َ‬
‫يف البيت الثاين جاءت كلمة «وراق» هلا معنيان‪ ،‬األول‪ :‬وهو القريب الظاهر (بائع الكتب) ولكنه‬
‫غري مراد‪ ،‬ويرشح لذلك املعنى كلمة الصحائف‪ ،‬وتكرارها‪ ،‬واملعنى الثاين‪ :‬هو اسم الشاعر نفسه‪ ،‬وهو‬
‫املعنى املراد هنا‪ ،‬وقد ُس ِت هذا املعنى البعيد املراد‪ ،‬وهو اسم الشاعر‪ ،‬وراء املعنى القريب‪ ،‬والقرينة‪ :‬هي‬
‫حتدثه عن نفسه‪ ،‬مع إضافة اخلجل والتوقف والصحائف إىل نفسه أيضا‪.‬‬
‫أقسام التورية‬
‫للتورية قسامن‪:‬‬
‫أـ مرشحة‪ :‬وهي التي ذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪.‬‬
‫وهو مثل البيت السابق‪ ،‬ومن هذا النوع ـ أيضا ـ قول ابن نباتة‪:‬‬
‫َد ُع ِ‬
‫ون َفإِ ِّن آك ُُل ا ْل َع ْي َش بِالـ ُْج ْب ِن‬ ‫***‬ ‫ـح ْر ِب َغ َار ًة‬ ‫َأ ُق ُ‬
‫ول‪َ ،‬و َقدْ َشنُّوا إِ َل ا ْل َ‬
‫فقد وردت كلمة (اجلبن) وهلا معنيان‪ :‬قريب‪ ،‬وهو الطعام املصنوع من اللبن‪ ،‬ويرشح هذا املعنى‬
‫ُ‬
‫(آكل) التي تناسبه‪ ،‬وهذا املعنى غري مراد‪ ،‬بل املراد هو املعنى البعيد املتواري خلف‬ ‫القريب كلمة‬
‫هذا املعنى القريب‪ ،‬وهو اجلبن الذي يقابل الشجاعة‪ ،‬وإن كان يرشح املعنى البعيد‪ ،‬قوله‪ :‬شنوا إىل‬
‫احلرب‪ ،‬وطلبه منهم أن يرتكوه حينام شنوها‪ ،‬ومع هذا فهي تورية مرشحة؛ ألن املرشحة‪ :‬ما ذكر معها‬
‫ما يناسب املعنى القريب‪.‬‬
‫ب ـ جمردة‪ :‬وهي التي مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬سواء ذكر ما يالئم املعنى البعيد‪ ،‬أم مل‬
‫يذكر‪.‬‬
‫من ذلك قول ابن نباتة‪:‬‬
‫ـن َز ْيدُ ونَا‬ ‫َأ َّن ابن عبــ ٍ‬
‫ـاد َبـ ٍ‬ ‫ب َع ْن ِش ْع ِري‪َ ،‬و َد ْو َلتِ ِه‬
‫َم ْن ُم ْبلِغُ ا ْل ُع ْر ِ‬
‫ـاق‪َ ،‬وا ْبـ َ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫***‬

‫ـم ِجيدُ ونَا‬ ‫ِ‬ ‫َأ ْعـ َـى َو َأ ْن َف ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫س َما ُ ْيدي الـْـ ُ‬ ‫***‬ ‫ــن‬
‫ـم َعاطف م ْ‬ ‫َح َّ َب ْ َتا فيه ز َْه َر ُاء ا ْلــ َ‬
‫َف َقــــدْ َر َأ ْت ُم ْق َلت َ‬
‫َاك ا ْل َب ْح َر والنُّونَا‬ ‫***‬ ‫ـت َق َوافِ َيهـــــــا‪َ ،‬و َط ْل َع َتـ ُه‬ ‫َإ َذا َر َأ ْيـ َ‬
‫‪136‬‬

‫حيث ورد يف البيت األخري كلمتا (البحر والنونا) ولكل منهام معنيان ‪ ،‬فكلمة البحر هلا معنى قريب‪،‬‬
‫وهو املاء الغزير الواسع بني شاطئني بعيدين‪ ،‬وهو غري مراد‪ ،‬وهلا معنى بعيد وهو البحر العرويض‪،‬‬
‫وهذا املعنى البعيد هو املراد ‪.‬‬
‫وكلمة النون هلا معنيان قريب‪ ،‬وهو احلوت‪ ،‬وكلمة البحر من قبله تشري إليه‪ ،‬وهلا معنى بعيد وهو‬
‫حرف اهلجاء املعروف‪ ،‬وهو املعنى املراد‪ ،‬وهو يشري إىل نونية ابن زيدون الشاعر املعروف يف نونيته‪:‬‬
‫(أضحى التنائي بعيدا عن تدانينا)‪ ،‬وقد رشح للمعنى البعيد ذكر ابن زيدون والقوايف‪ ،‬والتورية جمردة‬
‫حيث مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪.‬‬
‫***‬

‫ملخص الدرس‬

‫التورية‪ :‬هي لفظ له معنيان قريب ظاهر‪ ،‬لكنه غري مراد‪ ،‬وبعيد خفي‪ ،‬وهو املراد‪ .‬ويشرتط ىف‬
‫التورية أن تكون هناك قرينة تشري إىل أن املعنى املراد هو البعيد‪.‬‬
‫أقسام التورية‪:‬‬
‫أ ـ مرشحة‪ :‬ما ذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪.‬‬
‫ب ـ جمردة‪ :‬وهي التي مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬سواء ذكر ما يالئم املعنى البعيد‪،‬‬
‫أم مل يذكر‪.‬‬

‫***‬
‫‪137‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬التورية كثر ورودها بدءا من الشعر العبايس؛ ألهنا حتتاج لثقافة فلسفية ظهرت يف هذا العرص‪،‬‬
‫مل يتثقف هبا شعراء العصور السابقة‪.‬‬
‫الحظ أن‪:‬التورية وردت يف الشعر كثريا‪ ،‬ومل ترد يف القرآن والسنة عىل الرأي الراجح‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬االستعارة تشرتك مع التورية يف مصطلحني الرتشيح والتجرد‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬التورية من املحسنات املعنوية التي حتتاج لتأمل وفطنة يف استخراجها‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬الرتشيح يف االستعارة له مفهوم خمتلف عن الرتشيح يف التورية‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬التجريد يف االستعارة له مفهوم خمتلف عن التجريد يف التورية‪.‬‬
‫***‬
‫‪138‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫‪ -1‬التورية‪ :‬لفظ له معنيان قريب ظاهر‪ ،‬غري مراد‪ ،‬وبعيد خفي هو املراد‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬البد مع التورية من قرينة تشري إىل أن املراد هو البعيد‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬التورية املرشحة‪ :‬ما ذكر معها ما يالئم املعنى البعيد‪ .‬‬
‫(‪)1‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬التورية فن من فنون البديع التي تعتمد عىل املخاتلة ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬التورية عمود من أعمدة املحسنات اللفظية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬التورية ال حتتاج لفطنة يف إدراكها والوقوف عىل املراد منها‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‪:‬‬
‫‪.)×( -6‬‬ ‫‪ .)×( -5‬‬ ‫‪ .)√( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬بني ما يف األبيات اآلتية من تورية‬
‫‪1‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ـه الــا ِيت َح َو ْ َتــا ا ْلك ََواكِ ُب‬
‫بِ َأحرفِـ ِ‬
‫ُْ‬ ‫***‬ ‫ب َع ْبــــدَ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ُك ِمـ ِ ٍ‬
‫ـن َملك ُيكَات ُ‬
‫ْ‬ ‫َفدَ ْيت َ‬

‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َف َهــــا أ َنــا َذا َع ْبـٌــد َر ِقيـ ٌ‬ ‫نى ْالَ َســى‬
‫ـت ِبــا ِر ِّقــي فأن َْح َل ِ‬
‫َم َل ْكـ َ‬
‫ـق ُمكَات ُ‬ ‫***‬

‫‪2‬ـ قال الشاعر خماطبا صالح الدين الصفدي‪:‬‬


‫الصــاح َب ِديــا‬
‫ـن َأ ِب َّ‬
‫ال َتـ َـرى َعـ ْ‬ ‫***‬
‫يــا صــاح ا ْلعــا ص َفــاء ِود ِ‬
‫ادي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ــون ِف ْالَنَــا ِم َخلِيـــا‬
‫َل ُيرا ُع َ‬ ‫***‬ ‫ـن‬ ‫ـي َلسـ ُ ِ‬
‫ـت مَّــ ْ‬ ‫ـب إِنَّنـ ِ ْ‬
‫َفــدَ ِع ا ْل ُع ْتـ َ‬

‫‪3‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫ُ‬
‫ــــوق‬‫َوال ُق ُصـــــور ِبـــــا َي ُع‬ ‫***‬ ‫ــــات ِشــــــ ْع ِر َك كَا ْل ُق ُص ِ‬
‫ـــور‬ ‫ُ‬ ‫َأ ْب َي‬

‫يــــــق‬
‫ُ‬ ‫َاهــــــــا َر ِق‬
‫ــــر‪َ ،‬و َم ْعن َ‬
‫ُح ٌّ‬ ‫***‬ ‫ِ‬
‫ـــــب َل ْف ُظ َهـــــا‬‫و ِمـــــن ا ْلعجائِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬المخاتلة‪ :‬المخادعة‪.‬‬
‫‪139‬‬

‫‪ 4‬ـ قال ابن نباتة يف من اسمه (عرفات)‪:‬‬


‫ــون َلــه حســن الص َف ِ‬ ‫َأط َن ُبـــوا ِف َع َر َفـــات َو َغـــدَ ْوا‬
‫ـــات‬ ‫َي َت َعا ُط َ ُ ُ ْ َ ِّ‬ ‫***‬

‫ـدي و ْق َف ـ ٌة ِف عر َف ـ ِ‬
‫ـت‪ِ :‬عنْ ـ ِ‬
‫ُق ْل ـ ُ‬ ‫ـــم َقا ُلـــوا ِل َه ْ‬
‫ـــــل َوا َف ْق َتنَـــا؟‬
‫ـات‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫ُث َّ‬

‫إجابة التدريب الثاين‪:‬‬


‫(مكَاتَب) وهو لفظ له معنيان‪ :‬العبد املكاتب‪ ،‬وهو املعنى‬
‫‪1‬ـ التورية يف الشاهد األول يف لفظ ُ‬
‫القريب غري املراد‪ ،‬واملعنى الثاين‪ ،‬وهو املكتوب إليه‪ ،‬وهو املعنى البعيد املراد‪ ،‬والتورية مرشحة؛ ألنه‬
‫ذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬وهو قوله‪( :‬عبد) يف البيت األول‪ ،‬و(ملكت هبا رقي‪ ،‬وعبد رقيق)‬
‫يف البيت الثاين‪ ،‬فكل ذلك يرشح املعنى القريب‪ ،‬لكنه غري مراد‪.‬‬
‫‪2‬ـ التورية يف الشاهد الثاين يف لفظ (خليل) وهو له معنيان‪ :‬األول‪ :‬الصديق الويف‪ ،‬والثاين‪ :‬اسم‬
‫الشاعر‪ ،‬واألول‪ :‬قريب غري مراد‪ ،‬والثاين‪ :‬بعيد‪ ،‬وهو املراد‪ ،‬والتورية مرشحة‪ ،‬ذكر معها ما يالئم‬
‫املعنى القريب‪ ،‬وهو صفاء الود‪ ،‬وكونه ممن ال حيفظون الوفاء ألخالئهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ التورية يف الشاهد الثالث يف لفظ (رقيق) وهو لفظ له معنيان‪ :‬األول‪ :‬من الرق‪ ،‬والثاين‪ :‬من الرق‬
‫والعذوبة‪ ،‬واألول‪ :‬معنى قريب غري مراد‪ ،‬والثاين‪ :‬معنى بعيد مراد‪ ،‬والتورية مرشحة‪ ،‬حيث ذكر معها‬
‫ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬وهو كلمة‪ :‬حر‪.‬‬
‫‪4‬ـ التورية يف الشاهد الرابع يف لفظ (عرفات) يف البيت الثاين‪ ،‬وهو لفظ له معنيان‪ :‬األول‪ :‬الغالم‬
‫اجلميل‪ ،‬والثاين‪ :‬اجلبل املعروف بمكة‪ ،‬واألول‪ :‬معنى قريب غري مراد‪ ،‬والثاين‪ :‬معنى بعيد مراد‪،‬‬
‫والتورية مرشحة‪ ،‬حيث ذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬وهو إطناهبم يف وصف صفات الغالم‬
‫اجلميل (عرفات) يف البيت األول‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬عرف التورية‪ ،‬واذكر أقسامها مع التمثيل ملا تذكر‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‪:‬‬
‫التورية عند علامء البالغة‪ :‬لفظ له معنيان قريب ظاهر‪ ،‬غري مراد‪ ،‬وبعيد خفي‪ ،‬هو املراد‪.‬‬
‫وللتورية قسامن ‪ :‬أ ـ مرشحة‪ :‬وهي التي ذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪.‬‬
‫‪140‬‬

‫وهو مثل قول ابن نباتة‪:‬‬


‫ـج ْب ِن‬ ‫َد ُعـ ِ‬
‫ـون َفإِ ِّن آك ُُل ا ْل َع ْي َش بِا ْلــ ُ‬ ‫***‬ ‫َأ ُق ُ‬
‫ول‪َ ،‬و َقدْ َشنُّوا إِ َل الـ َْح ْر ِ‬
‫ب َغ َار ًة‬
‫فقد وردت كلمة (اجلبن) وهلا معنيان‪ :‬قريب‪ ،‬وهو الطعام املصنوع من اللبن‪ ،‬ويرشح هذا املعنى‬
‫ُ‬
‫(آكل) التي تناسبه ‪ ،‬وهذا املعنى غري مراد‪ ،‬بل املراد املعنى البعيد املتواري خلف هذا‬ ‫القريب كلمة‬
‫املعنى القريب‪ ،‬وهو اجلبن الذي يقابل الشجاعة‪.‬‬
‫ب ـ جمردة‪ :‬وهي التي مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬سواء ذكر ما يالئم املعنى البعيد‪ ،‬أم مل‬
‫يذكر‪ .‬من ذلك قول ابن نباتة‪:‬‬
‫ـن َز ْيدُ ونَا‬ ‫َأ َّن ابن عبــ ٍ‬
‫ـاد َبـ ٍ‬ ‫َم ْن ُم ْبلِغُ ا ْل ُع ْر َب َع ْن ِش ْع ِري‪َ ،‬و َد ْو َلتِ ِه‬
‫ـاق‪َ ،‬وا ْبـ َ‬ ‫ْ َ َ َّ‬ ‫***‬

‫س َما هي ِدي ا ْلـُـ ِ‬ ‫َأ ْعـ َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫ـجيدُ ونَا‬ ‫ـى َوأ ْن َف ِ ْ‬ ‫***‬ ‫ــن‬
‫ـم َعاطف َم ْ‬ ‫ب ْ َتا فيه ز َْه َر ُاء ا ْل َ‬ ‫َح َّ َ‬
‫َف َقــــدْ َر َأ ْت ُم ْق َلت َ‬
‫َاك ا ْل َب ْح َر والنُّونَا‬ ‫***‬ ‫ـت َق َوافِ َيهــــــا‪َ ،‬و َط ْل َع َت ـ ُه‬ ‫َإ َذا َر َأ ْيـ َ‬

‫حيث ورد يف البيت األخري كلمتا (البحر والنونا) ولكل منهام معنيان ‪ ،‬فكلمة البحر هلا معنى قريب‪،‬‬
‫وهو املاء الغزير الواسع بني شاطئني بعيدين‪ ،‬وهو غري مراد‪ ،‬وهلا معنى بعيد وهو البحر العرويض‪،‬‬
‫وهذا املعنى البعيد هو املراد ‪.‬‬
‫وكلمة النون هلا معنيان قريب‪ ،‬وهو احلوت‪ ،‬وكلمة البحر من قبله تشري إليه‪ ،‬وهلا معنى بعيد‪ ،‬وهو‬
‫حرف اهلجاء املعروف‪ ،‬وهو املعنى املراد‪ ،‬وهو يشري إىل نونية ابن زيدون الشاعر املعروف يف نونيته‪:‬‬
‫(أضحى التنائي بعيدا عن تدانينا)‪ ،‬وقد رشح للمعنى البعيد ذكر ابن زيدون والقوايف‪ ،‬والتورية جمردة‬
‫حيث مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪.‬‬
‫***‬
‫‪141‬‬

‫الدرس السادس‬
‫املبالغة‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ يعرف املقصود باملبالغة‪.‬‬
‫‪2‬ـ يفرق بني صور املبالغة‪.‬‬
‫‪3‬ـ حيدد احلاالت التى يكون الغلو فيها مقبوال‪.‬‬

‫وصف الدرس سنتناول يف هذا الدرس تعريف املبالغة‪ ،‬والغرض منها‪ ،‬وأنواعها‪ ،‬وتعريف كل‬
‫نوع ‪ ،‬وأقسام الغلو‪ ،‬وتبيان متى يتحول الغلو إىل مبالغة مقبولة‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫تعريف املبالغة عند البالغيني‪:‬‬
‫أن يدعي الشاعر‪ ،‬أو الناثر لوصف من األوصاف (أي‪ :‬معنى من املعاين) بلوغه يف الشدة أو الضعف‬
‫حدا مستحيال‪ ،‬أو مستبعدا؛ دفعا لتوهم أن هذا الوصف غري متناه يف الشدة‪ ،‬أو الضعف‪.‬‬
‫واملراد باألمر املستحيل‪:‬‬
‫األمر الذي ال يمكن حدوثه مطلقا عىل أيدي البرش العاديني‪ ،‬واملراد باألمر املستبعد‪ :‬األمر النادر‬
‫القليل الوقوع‪.‬‬
‫الغرض من املبالغة‪:‬‬
‫يلجأ الشاعر أو الناثر للمبالغة ؛ لكي يرفع الظن والتوهم عن املخاطب أن الوصف املدّ عى فيه مل‬
‫يبلغ من الشدة أو الضعف مبلغا كبريا‪.‬‬
‫‪142‬‬

‫أنواع املبالغة ‪:‬‬


‫تنحرص صور املبالغة يف ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪1‬ـ التبليغ‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال‪ ،‬وعادة‪.‬‬
‫مثل قول امرئ القيس يف وصف حصانه‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ـح بِـ َـا ٍء َف ُيغ َْسـ ِ‬
‫ـل‬ ‫ِ‬
‫د َراكًا َو َل ْ َين َْضـ ْ‬ ‫***‬ ‫ـو ٍر َو َن ْع َج ٍة‬
‫ـن َثـ ْ‬
‫ِ‬
‫َف َعــا َدى عــدَ ًاء َبـ ْ َ‬
‫ِ‬
‫العدو‬ ‫يقول‪ :‬إن هذا الفرس جرى ملسافة طويلة وراء ثور ونعجة فأدركهام‪ ،‬وهو مع تلك الرسعة يف‬
‫اجلري مل يتساقط منه العرق‪ ،‬فلم حيتج إىل أن يغسله صاحبه باملاء‪ ،‬وهذا الوصف املدعى هنا أمر‬ ‫ِ‬
‫وشدَّ ة ْ‬
‫نادر‪ ،‬ولكنه ممكن عقال وعادة‪.‬‬
‫ومثله قول أيب الطيب املتنبي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـن َأ ْرك ُ‬ ‫َ‬ ‫ص ُع َأ َّ‬
‫ي ا ْل َو ْحــش ق َّف ْي ُتــه بِــه‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫َب‬ ‫وأنـ ُ‬
‫ـزل َعنْـ ُه م ْث َلـ ُه حـ َ‬ ‫***‬ ‫َوأ ْ َ‬
‫أرضا‪،‬‬ ‫ويطر ُحها ً‬
‫َ‬ ‫فيص ُعها‬
‫مجيع أنواع الصيد الوحيش‪ْ ،‬‬ ‫قوي جدًّ ا‪ ،‬وهو ُيدْ ِرك به َ‬
‫إن حصانَه ٌّ‬
‫يقول َّ‬
‫برشاقتِه وح َي ِو َّيتِه التي كان عليها قبل أن ير َك َب ُه‬ ‫نشاطِه وقوتِه‪ِ ،‬‬
‫حمتف ًظا َ‬ ‫َّ‬ ‫ويظل الفرس مع ذلك يف َأ ْوجِ َ‬
‫فارسه‪ ،‬وهذا أمر ليس ببعيد‪ ،‬بل هو ممكن عقال وعادة ‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪2‬ـ اإلغراق‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال ‪ ،‬وليس ممكنا عادة‪.‬‬
‫من ذلك قول عمرو بن األهتم التغلبي‪:‬‬
‫َو ُن ْتبِ ُعــ ُه ا ْلك ََر َامــ َة َح ْي ـ ُ‬
‫ـث َم ــاال‬ ‫***‬ ‫ْـــر ُم َج َارنَـــا َمـــا َدا َم فِينَـــا‬
‫َو ُنك ِ‬

‫يصف الشاعر نفسه‪ ،‬وقومه بإكرام اجلار حني يكون بينهم‪ ،‬وإن رحل عنهم إىل غريهم‪ ،‬أرسلوا إليه‬
‫العطايا كذلك‪ ،‬وإكرام اجلار يف حالة ح ّله‪ ،‬أو ترحاله‪ ،‬هو أمر ممكن عقال‪ ،‬وإن كان غري ممكن يف العادة‪.‬‬
‫ومثله أيضا قول امرئ القيس‪:‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫ـرب أ ْد َنــى َد ِار َهــا نظــر َعـ ِ‬ ‫تنَور ُتــا ِمــن َأ ْذ ِرع ٍ‬
‫ــات َو َأ ْه ُل َهــا‬
‫ـال‬ ‫ٌ‬ ‫بِ َي ْثـ َ‬ ‫***‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ‬

‫داء‪ :‬من العدْ ِو وهو اجلري الشديد‪ ،‬الثور‪ :‬ذكر البقر الوحيش‪ .‬النعجة‪ :‬أنثى البقرة الوحشية‪ِ .‬دراكًا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫(‪َ )1‬عا َدى‪ :‬جرى جريا مرسعا‪ ،‬ع ً‬
‫ِ‬
‫املاء بسبب ال َع َرق‪.‬‬ ‫َلا ًقا‪ .‬ينضح‪َ :‬ي ْع َرق أو يتص َّبب منه ال َع َرق‪ُ .‬يغ َْسل‪ُ :‬ي َر ُّش عليه ُ‬
‫(‪ )2‬أرصع ‪ :‬أغلب‪ .‬الوحش ‪ :‬احليوانات الربية املتوحشة يف الصحراء‪َ .‬ق َّف ْيتُه به‪َ :‬أ ْت َب ْعتُه‪.‬‬
‫نارها‪ .‬أذرعات‪ :‬بلد يف بالد الشام‪ .‬يثرب‪ :‬املدينة املنورة‪.‬‬ ‫ص ُت َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )3‬تنورهتا‪ :‬أ ْب َ ْ‬
‫‪143‬‬

‫يقول‪ :‬إنه أبرص نار حمبوبته وهو يف أذرعات يف الشام ‪ ،‬وهي يف يثرب يف احلجاز ‪ ،‬وهو أمر ممكن‬
‫عقال‪ ،‬وإن كان غري ممكن يف العادة‪.‬‬
‫ومثله ـ أيضا ـ قول امرئ القيس‪:‬‬
‫ْب ِمن َْها ألَ َّثرا‬ ‫ِم َن َّ‬ ‫ات ال َّطر ِ‬
‫اص ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫الذ ِّر َف ْو َق ا ِ‬
‫إلت ِ‬ ‫***‬ ‫ف َل ْو َد َّب ُم ِو ٌل‬ ‫ْ‬ ‫م َن ا ْل َق َ‬
‫يصف امرأة برقة جسدها ونعومة جلدها لدرجة أن أي نملة صغرية لو مرت فوق قميصها ألثرت‬
‫عىل جلدها ‪ ،‬وهذا أمر ممكن عقال ‪ ،‬ولكنه غري ممكن عادة‪.‬‬
‫ومثله أيضا قول املتنبي‪:‬‬
‫َــر ِن‬ ‫ما َط َبتِــي إِ َّي َ‬
‫ــاك َل ْ ت َ‬ ‫َل ْ‬
‫ــوال ُ َ‬ ‫***‬ ‫ـول َأنَّنِــي َر ُج ٌل‬ ‫َك َفــى بِ ِجسـ ِ‬
‫ـمي ن ُُحـ ً‬ ‫ْ‬
‫كبريا جدًّ ا لوال كالمه مع َمن خياط ُبه مل َيره من شدة‬
‫يعني‪ :‬أن جسمه بلغ من الضعف واهلزَال َم ْبلغًا ً‬
‫عقل ‪ ،‬ولكنه غري ممكن عادةً‪.‬‬ ‫ضعفه وهزَاله‪ ،‬وهذا أمر ممكن ً‬
‫س‪ :‬ما الفرق بني التبليغ واإلغراق؟‬
‫ج‪ :‬التبليغ يكون الوصف املدعى فيه ممكنا عقال وعادة‪ ،‬أما اإلغراق‪ ،‬فالوصف املدعى فيه يكون‬
‫ممكنا عقال‪ ،‬وغري ممكن عادة‪.‬‬
‫‪3‬ـ الغلو‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال وعادة‪.‬‬
‫وينقسم قسمني‪ :‬غلو غري مقبول‪ ،‬وغلو مقبول‪.‬‬
‫ومن غري املقبول قول أيب نواس‪:‬‬
‫ــف ا َّلتِــي َل ْ ُ ْت َل‬ ‫ـر ِك َح َّتــى إِ َّنـ ُه‬ ‫ـت َأ ْهـ َ‬
‫َو َأ َخ ْفـ َ‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫ــق ‪.‬‬ ‫ــك النُّ َط ُ‬
‫َلتَخَ ا ُف َ‬ ‫***‬ ‫ـل الـ ِّ ْ‬
‫يمدح الشاعر اخلليفة‪ ،‬فيقول يف الشطر األول‪ :‬إن أهل الرشك خيافون من اخلليفة‪ ،‬حيث دخل‬
‫الرعب منه يف قلوهبم‪ ،‬واستوىل عىل نفوسهم ‪ ،‬وهذا أمر ممكن عقال وعادة‪ ،‬ولكنه يف بقية البيت أتى‬
‫بمعنى فيه غلو مردود مرفوض‪ ،‬حيث ادعى أن النطف التي مل ختلق‪ ،‬ومل تر احلياة بعد ختاف ـ أيضا ـ من‬
‫املمدوح‪ ،‬فاخلوف منه ترسب إىل النطف التي مل ختلق فأقلقها‪ ،‬وخوف النطف غري ممكن عقال‪ ،‬وغري‬
‫ممكن عادة ؛ ألن رشط اخلوف احلياة‪.‬‬

‫(‪ِ )1‬م َْو ٌل‪ :‬الصغري الذي أتى عليه احلول‪ .‬الذر‪ :‬النمل‪ .‬اإلتْب‪ :‬القميص بال ك َُّمني‪ .‬القارصات الطرف‪ :‬املحببات إىل أزواجهن املنَ َّع َمت‬
‫العفيفات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )2‬النُ َطف‪ :‬مجع نطفة وهي من ُّي الرجل‪ .‬أهل الشك‪ :‬أهل الكفر‪.‬‬
‫‪144‬‬

‫ومنه ـ أيضا ـ قول حممد بن هانئ األندليس يمدح اخلليف َة الفاطمي احلاكم بأمر اهلل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ُــم َف َأن َ‬ ‫ْت ال مــا َشــاء ِ‬ ‫ِ‬
‫ْــت ا ْل َواحــدُ ال َق َّه ُ‬
‫ــار‬ ‫احك ْ‬‫َف ْ‬ ‫***‬ ‫ت األ ْقــدَ ُار‬ ‫َ‬ ‫َمــا شـئ َ َ‬
‫فإن يف هذا البيت غلوا مردودا ومرفوضا ؛ ألنه وصل حد الكفر باهلل‪ ،‬حيث خلع الشاعر عىل‬
‫ممدوحه صفات األلوهية احلقة التي ال تكون إال للموىل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫س‪ :‬متى يكون الغلو مقبوال ؟‬
‫ج‪ :‬يكون الغلو مقبوال يف ثالث حاالت‪:‬‬
‫أ ـ إذا دخل عليه بعض األلفاظ التي تقربه إىل الصحة‪ ،‬وإمكان الوقوع مثل (يكاد)‪ ،‬و(لو)‪،‬‬
‫و(لوال)‪...‬إلخ‪ ،‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﱸ‪[ ‬النور‪ ،]35:‬فإن إضاءة‬
‫أمرا مستحيال عقال‪ ،‬وعادة‪ ،‬ولكن اإلتيان بالفعل (يكاد) وهو‬
‫الزيت بنفسه بدون إشعال النار‪ ،‬يعد ً‬
‫من أفعال املقاربة جعل املعنى خيرج من حد االمتناع إىل إمكان الوقوع‪ ،‬فالذي جعل الغلو مقبوال هو‬
‫(كاد) التي تدل عىل القرب‪ ،‬وقرب املحال من الوقوع هو قرب من الصحة‪.‬‬
‫ومن ذلك قول ابن محديس الصقيل يصف فرسا‪:‬‬
‫ــر ِاق َرفِ ِ‬
‫يــق‬ ‫ِ‬
‫ــب ِف ف َ‬
‫َان َي ْر َغ ُ‬ ‫َل ْ‬
‫ــو ك َ‬ ‫***‬
‫ي ــرج سعــ ًة ِم ــن ظِ ِّل ـ ِ‬
‫ـه‬ ‫ْ‬ ‫َو َيــكَا ُد َ ْ ُ ُ ُ ْ َ‬
‫الصحة‪،‬‬
‫قربه من ِّ‬
‫عقل وعادةً‪ ،‬ولكن الشاعر َّ‬‫ممتنع ً‬
‫أمر ٌ‬‫فإن خروج الفرس عن ظله من شدة رسعته ٌ‬
‫وأ ْدنَاه من إمكانية الوقوع حني َأ ْد َ‬
‫خل الفعل (يكاد) عىل هذا املعنى‪.‬‬
‫ب ـ إذا تضمن نوعا من حسن التخييل‪.‬‬
‫مثل قول املتنبي‪:‬‬
‫َل ــو َتبت َِغ ــي عنَ ًق ــا ع َلي ـ ِ‬
‫ـه ألَ ْم َكنَ ــا‬ ‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫***‬ ‫َع َق ــدَ ْت َســنَابِك َُها َع َل ْي َه ــا ع ْث ـ َ َ‬
‫ـرا‬
‫يقول‪ :‬إن سنابك اخليل من شدة وقعها عىل األرض كونت طبقة كثيفة من الغبار أعالها ‪ ،‬ولو طلب‬
‫من اخليل أن تسري عليها لتمكنت من ذلك لكثافة هذا الغبار حتى صار مثل األرض‪ ،‬وهذا أمر غري‬
‫ممكن عقال وعادة ‪ ،‬ولكنه ملا خيله إىل السامع قربه إىل الصحة واإلمكان‪.‬‬
‫ومثله ـ أيضـًا ـ قول القايض األرجاين‪:‬‬
‫ـن َأ ْج َف ِان‬ ‫َو ُشــدَّ ْت بِ َأ ْهــدَ ٍ‬
‫اب إِ َل ْي ِهـ َّ‬ ‫***‬ ‫ب ِف الدُّ َجى‬ ‫ي َّي ُل ِل َأ ْن ُس ِّم َر ُّ‬
‫الش ْه ُ‬ ‫َُ‬
‫‪145‬‬

‫حيث ختيل الشاعر أن الشهب قد شدت بمسامري يف ظالم الليل‪ ،‬فهي ال تتحرك‪ ،‬ثم شدت أجفانه‬
‫بأهدابه إىل هذه الشهب‪ ،‬فأجفانه ال تغتمض‪ ،‬وال تتحرك ـ أيضاـ ‪ ،‬وهذا املعنى أمر ممتنع ً‬
‫عقل وعادةً‪،‬‬
‫الغلو املقبول بسببني‪ :‬األول‪ :‬أنه تضمن ختييال حسنا‪ ،‬والثاين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الغلو املذموم إىل‬
‫ّ‬ ‫حول‬
‫ولكن الشاعر َّ‬
‫ترصحيه بلفظ التخ ّيل الذي يقربه من الصحة‪.‬‬
‫ج ـ إذا خرج خمرج اهلزل واخلالعة والفكاهة‪.‬‬
‫من ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َأ ْس ـك َُر بِاألَ ْم ِ‬
‫ـــب‬ ‫ب َغـــدً ا إِ َّن َذا م َ‬
‫ـــن ا ْل َع َج ِ‬ ‫ش ِ‬
‫ُّ ْ‬ ‫***‬ ‫س إِ ْن َعز َْم ُ‬
‫ت َع َل الـ‬
‫يقول‪ :‬إنه يسكر باألمس إذا عقد النية عىل رشب اخلمر يف الغد‪ ،‬وهذا أمر ممتنع ً‬
‫عقل وعادةً‪ ،‬ولكنه‬
‫الغلو املذموم إىل الغلو املقبول بسبب أنه ورد يف مقام اهلزْل ُ‬
‫واخل َل َعة وال ُفكَاهة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫انتقل من‬
‫***‬

‫ملخص الدرس‬

‫املبالغة‪ :‬هي أن يدعي الشاعر‪ ،‬أو الناثر لوصف ما بلوغه يف الضعف‪ ،‬أو الشدة حدا مستحيال‪،‬‬
‫أو مستبعدا؛ وذلك دفعا لتوهم أنه غري متناه يف الشدة‪ ،‬أو الضعف‪.‬‬
‫صور املبالغة ثالثة‪:‬‬
‫‪1‬ـ التبليغ‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال‪،‬وعادة‪.‬‬
‫‪2‬ـ اإلغراق‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال غري ممكن عادة‪.‬‬
‫‪3‬ـ الغلو‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال‪ ،‬والعادة‪.‬‬
‫يكون الغلو مقبوال يف ثالث حاالت‪:‬‬
‫أ ـ إذا دخل عليه ما يقربه إىل الصحة وإمكان الوقوع مثل‪ :‬لفظ «يكاد‪ ،‬لو‪ ،‬لوال ‪ ...‬إلخ»‪.‬‬
‫ب ـ إذا تضمن نوعا من حسن التخييل‪.‬‬
‫ج ـ إذا خرج خمرج اهلزل واخلالعة والفكاهة‪.‬‬
‫‪146‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪:‬املبالغة عىل قسمني مبالغة ممجوجة مرذولة‪ ،‬ومبالغة مستحبة مقبولة‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬املبالغة املرذولة تتمثل يف الغلو غري املقبول الذي يتجاوز فيه الشاعر حدوده عن الذات‬
‫اإلهلية‪ ،‬وكل ما يتصل بالعقيدة اإلسالمية‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬التبليغ واإلغراق يعدان من صور املبالغة املقبولة‪ ،‬أما الغلو‪ ،‬فهو من صور املبالغة‬
‫املرذولة املردودة‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬الغلو املرذول قد يتحول لغلو مقبول إذا قربه الشاعر من الصحة‪ ،‬أو ضمنه ختييال حسنا‪،‬‬
‫أو أخرجه خمرج اهلزل واخلالعة‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬املبالغة املقصودة هنا هي من أنواع املحسنات املعنوية ال اللفظية‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬املبالغة من املصطلحات الدائرة يف كتب البالغة بمعان خمتلفة يف علومها الثالثة عىل حسب‬
‫طبيعة كل علم ترد فيه‪.‬‬
‫***‬
‫‪147‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬املبالغة من املحسنات املعنوية واللفظية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬املبالغة هلا مفهوم واسع‪ ،‬ولكنها هنا هلا معنى حمدد‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬املبالغة من أعمدة علم املعاين والبيان والبديع‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬التبليغ ‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال‪ ،‬وعادة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬الغلو‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال‪ ،‬العادة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬اإلغراق‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال غري ممكن عادة ‬

‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬يكون الغلو مقبوال إذا مل يتضمن نوعا من حسن التخييل‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬يكون الغلو مقبوال إذا دخل عليه ما يقربه عىل الصحة‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)√( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -8‬‬ ‫‪ .)×( -7‬‬ ‫‪ .)×( -6 .)×( -5‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬وضح ما يف الشعر اآليت من غلو‪ ،‬وبني املقبول منه‪ ،‬وغري املقبول‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫َلــو َتبت َِغــي عنَ ًقــا ع َليـــــ ِ‬
‫ـه َلَ ْم َكنَا‬ ‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫***‬ ‫َع َقــدَ ْت َسـنَابِك َُها َعل ْي َهــــا ع ْثـ َ ً‬
‫ـرا‬

‫‪2‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫ك ْام ُرؤٌ َأنَّه ا ْل َب ْح ُر‬ ‫َع َل ْالَ ْر ِ‬
‫ض َما َش َّ‬ ‫***‬ ‫ـت َد ْم ًعا َل ْو َأ َسـ ْل ُت ُشـئُو َن ُه‬
‫َو َك ْف َك ْفـ ُ‬

‫‪3‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫ـاري ِ‬ ‫َلطِي َف ـ ُة َ ْ‬
‫ات الدَّ ْه ِر َمــا آدا ُه ا ْل َح ْم ُل‬ ‫َعـ َـى َسـ ِ َ‬ ‫***‬ ‫م َرى الـ ُـر ِوح َل ْو َأ َّنا َم َشـ ْ‬
‫ـت‬
‫‪148‬‬

‫‪٤‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫ْت إِ َذا ا ْغتَسـ ْل َت ا ْلغ ِ‬
‫اء َأن َ‬ ‫ك طِيبـُــــه‬
‫ـت إِ َذا َأ َص َا َب َ‬
‫يب َأ ْنـ َ‬
‫َاســ ُ‬
‫ـل‬ ‫َ‬ ‫َوا ْل َم ُ‬ ‫***‬ ‫ال ِّط ُ‬
‫إجابة التدريب الثانى‬
‫‪1‬ـ ‪1‬يصف املتنبي اخليول بالقوة‪ ،‬وأن مقدم حوافرها أثار غبار األرض‪ ،‬فتطاير فوقها‪ ،‬وتكاثر‪،‬‬
‫واشتد تكاثفه‪ ،‬وكأنه صنع جرسا لو أرادت تلك اخليول أن تعرب فوقه مرسعة لصنعت‪ ،‬وكل‬
‫ذلك مستحيل عقال‪ ،‬وعادة‪ ،‬ولكن الذي جعله مقبوال هو ذلك التخيل الذي يدعى فيه كثرة‬
‫الغبار يف اجلو‪ ،‬كثرة توهم الرائي أنه الطريق املمهد‪ ،‬وأن اخليل تستطيع السري فوقه مرسعة‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬يقول الشاعر معربا عن شدة حزنه وأنه يكفكف دموعه عن انسياهلا‪ ،‬وأن هذه الدموع من‬
‫كثرهتا لو أسيلت عىل األرض‪ ،‬لتالطمت أمواجها‪ ،‬وما شك أحد أهنا البحر‪ ،‬وذلك غري ممكن‬
‫عقال‪ ،‬والعادة‪ ،‬ولكن وجود(لو) جعله مقبوال‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬يقول الشاعر ‪ :‬إن جسمها رق ولطف‪ ،‬حتى لو أهنا مشت عىل ولد النمل ما أثقله محلها‪ ،‬وهذا‬
‫أمر غري ممكن عقال وال عادة‪ ،‬ولكن دخول (لو) جعله مقبوال‪.‬‬
‫يب للطيب إذا أصا َبك‪ ،‬وأنت َتغ ِْس ُل املاء إذا غسلت به‪ ،‬وهذا أمر غري‬‫ِ‬
‫‪4‬ـ ‪4‬يقول الشاعر‪ :‬أنت ط ٌ‬
‫ممكن عقال‪ ،‬وال عادة‪ ،‬ومل يذكر الشاعر ما جيعله مقبوال‪ ،‬فهو من الغلو املذموم غري املقبول‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬بني الفرق بني‪ :‬التبليغ‪ ،‬واإلغراق‪ ،‬والغلو مع التمثيل‪.‬‬
‫ي متى يتحول الغلو املرذول إىل مقبول مع التمثيل‪.‬‬
‫التدريب الرابع ‪َ :‬ب ِّ ْ‬
‫إجابة التدريب الرابع‪:‬‬
‫يتحول الغلو املرذول إىل مقبول يف ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬إذا دخل عليه بعض األلفاظ التي تقربه إىل الصحة‪ ،‬وإمكان الوقوع مثل (يكاد)‪ ،‬و(لو)‪،‬‬
‫و(لوال) إلخ‪ ،‬من ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﱸ [النور من‪ ،]35 :‬فإن‬
‫أمرا مستحيال عقال‪ ،‬وعادة‪ ،‬ولكن اإلتيان بالفعل‬
‫إضاءة الزيت بنفسه بدون إشعال النار يعد ً‬
‫(يكاد) وهو من أفعال املقاربة جعل املعنى خيرج من حد االمتناع إىل إمكان الوقوع‪.‬‬
‫‪149‬‬

‫‪2‬ـ ‪2‬إذا تضمن نوعا من حسن التخييل مثل قول القايض األرجاين‪:‬‬
‫ـن َأ ْج َف ِان‬ ‫َو ُشــدَّ ْت بِ َأ ْهــدَ ٍ‬
‫اب إِ َل ْي ِهـ َّ‬ ‫***‬ ‫ب ِف الدُّ َجى‬ ‫ي َّي ُل ِل ْ‬
‫أن ُس ِّم َر ُّ‬
‫الش ْه ُ‬ ‫َُ‬
‫حيث ختيل الشاعر أن الشهب قد شدت بمسامري يف ظالم الليل‪ ،‬فهي ال تتحرك‪ ،‬ثم شدت أجفانه‬
‫بأهدابه إىل هذه الشهب‪ ،‬فأجفانه التغتمض‪ ،‬والتتحرك أيضا‪ ،‬وهذا املعنى أمر ممتنع ً‬
‫عقل وعادةً‪،‬‬
‫الغلو املقبول بسببني‪ :‬األول‪ :‬أنه تضمن ختييال حسنا‪ ،‬والثاين ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الغلو املذموم إىل‬
‫َّ‬ ‫حول‬
‫ولكن الشاعر َّ‬
‫ترصحيه بلفظ التخ ّيل الذي يقربه من الصحة‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬إذا خرج خمرج اهلزل واخلالعة والفكاهة‪.‬‬
‫من ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َأ ْس ـك َُر بِاألَ ْم ِ‬
‫ــب‬ ‫ب َغــدً ا إِ َّن َذا م َ‬
‫ــن ا ْل َع َج ِ‬ ‫ش ِ‬
‫ُّ ْ‬ ‫***‬ ‫س إِ ْن َعز َْم ُ‬
‫ت َع َل الـ‬
‫يقول‪ :‬إنه يسكر باألمس إذا عقد النية عىل رشب اخلمر يف الغد ‪ ،‬وهذا أمر ممتنع ً‬
‫عقل وعادةً‪ ،‬ولكنه‬
‫الغلو املذموم إىل الغلو املقبول‪ ،‬بسبب أنه ورد يف مقام اهلزْل ُ‬
‫واخل َل َعة وال ُفكَاهة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫انتقل من‬
‫***‬
‫‪150‬‬

‫الدرس السابع‬
‫حسن التعليل‬

‫أهداف الدرس‪:‬‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪1‬ـ يعرف حسن التعليل‪.‬‬
‫‪2‬ـ يوازن بني صور حسن التعليل‪.‬‬
‫‪3‬ـ يأتى بأمثلة ألقسام الوصف الثابت‪.‬‬
‫‪4‬ـ يأتى بأمثلة ألقسام الوصف غري الثابت‪.‬‬

‫وصف الدرس ‪ :‬يتناول هذا الدرس مفهوم حسن التعليل‪ ،‬وصوره املختلفة‪ ،‬ووجه بالغته ‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫تعريف حسن التعليل عند البالغيني‪ :‬هو أن يدعي الشاعر‪ ،‬أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له غري‬
‫حقيقية‪ ،‬فيها اعتبارات لطيفة يزيد هبا املعنى املراد دقة ومجاال‪.‬‬
‫صور حسن التعليل‬
‫اعلموا ـ أبنائي الطالب والطالبات ـ أن هذا الوصف الذي تُدَّ َعى له العلة يأيت عىل صورتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن يكون الوصف ثابتا ‪ ،‬واملقصود بيان علته‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون الوصف غري ثابت ‪ ،‬واملراد إثباته‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الوصف الثابت‬
‫من يتأمل مليا يف أمثلة الوصف الثابت اآلتية‪ ،‬يلحظ أن هذا الوصف الثابت ينقسم قسمني‪:‬‬
‫ثابت ال يظهر له يف العادة علة‪.‬‬
‫وصف ٌ‬‫ٌ‬ ‫أـ‬
‫‪151‬‬

‫مثل قول أيب هالل العسكري‪:‬‬


‫ـن َق َفا ُه لِ َســا َن ُه‬ ‫ِ‬
‫ُحسـنًا َف َسـ ُّلوا مـ ْ‬ ‫***‬ ‫ــذ ِار ِه‬
‫ـج َأنَّــه ك َِع َ‬ ‫ِ‬
‫ــم ا ْل َبنَ ْفسـ ُ‬
‫َز َع َ‬
‫ِ‬
‫اخللف ال ع َّلة له يف‬ ‫ِ‬
‫ورقة البنفسجِ إىل‬ ‫وخروج‬ ‫فزهرة البنفسج تتميز بوجود نبتة زائدة خلفها‪،‬‬
‫ُ‬
‫أن ع َّلته هي عقاب وتأديب وقع عىل زهرة البنفسج حني زعم أن حسنه‬
‫العادة‪ ،‬لكن الشاعر ا َّدعى َّ‬
‫كحسن املحبوب‪ ،‬فعاقبوه بأن انتزعوا لسانه من قفاه‪ ،‬وكل هذا ال شك عىل سبيل التخييل‪.‬‬
‫ومثل قول املتنبي يمدح «هارون بن عبد العزيز»‪:‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫حـ ْ ِ‬ ‫اب وإِ َّنــا‬ ‫ـك نَائِ َلـ َ‬
‫َل َ ْتـ ِ‬
‫ـاء ‪.‬‬ ‫ـت بِ ــه َف َصبِي ُب َه ــا ُّ‬
‫الر َح َض ـ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫***‬ ‫ـح ُ‬
‫السـ َ‬
‫ـك َّ‬ ‫ْ‬
‫يقول املتنبي خماطبا ممدوحه‪ :‬إن السحاب ال يشاهبك يف العطاء‪ ،‬وإنه يئس أن يكون مثلك يف‬
‫عطائك‪ ،‬فليست كثرة أمطاره؛ ملحاولته مشاهبتك‪ ،‬وإنام أصابته احلمى حني شهد عطاياك‪ ،‬فمطره هو‬
‫الرحضاء (عرق احلمى) ليأسه من املشاهبة‪.‬‬
‫ونزول املطر (ليس له يف العادة علة حمددة) (‪ ،)2‬وقد حاول الشاعر أن يستخرج لنا علة مناسبة غري‬
‫حقيقية‪ ،‬وهي أن املطر النازل من السحاب هو عرق احلمى الذي أصاب السحاب من شدة حسده‬
‫للممدوح وغريته منه‪ ،‬وهذه العلة املدعاة فيها لطف ومجال‪.‬‬
‫ومثل قول أيب متام ‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ـيل َحـ ْـر ٌب لِ ْل َم ـك ِ‬
‫َان ا ْل َع ِال‬ ‫السـ ُ‬
‫َف َّ‬ ‫***‬
‫الكري ِم ِمن ِ‬
‫الغنَى‬ ‫َ‬ ‫الَ ُتنْكِ ِري َع َط َل ِ‬

‫حيث استخرج أبو متام علة مناسبة غري حقيقية لظاهرة فقر الكرماء هبذه الصورة القياسية‪ ،‬فالسيل‬
‫ال يستقر‪ ،‬وال يقيم يف املكان العايل كاجلبال‪ ،‬وكذلك الكريم يف اتصافه بعلو القدر‪ ،‬يشبه املكان العايل‪،‬‬
‫فال يستقر لديه املال‪ ،‬وهذه العلة غري احلقيقية التي استخرجها أبو متام بذلك القياس فيها لطف ومجال‪.‬‬
‫ب ـ وصف ثابت له ع َّلة لكنها علة غري املذكورة يف الكالم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫طريفة ُم ْستَم َلحة‬ ‫فاألديب يف هذا القسم يستبعد رصاح ًة أو ضمنًا هذه الع َّلة املعروفة‪ ،‬ويأيت بع َّل ٍة أدب ّي ٍة‬
‫تناسب الغرض الذي يقصد إليه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫اء‪ :‬ا ْل َع َر ُق الكثري‪ ،‬وا ْل َع َر ُق النازل إ ْث َر ا ْل ُ‬
‫ـح َّمى‪.‬‬ ‫الر َح َض ُ‬
‫ينصب من ماء وغريه‪ُّ .‬‬
‫ُّ‬ ‫بيب‪ :‬ما‬
‫(‪)1‬الص ُ‬‫َّ‬
‫(‪ )2‬ال شك أن لنزول املطر علة علمية معروفة ‪ ،‬ولكنها غري ملحوظة عىل حسب العادة عند الناس‪.‬‬
‫لو الكريم من الغنى‪ ،‬يقال‪َ :‬عطِ َل َي ْع َط ُل َع َطالً‪ ،‬إ َذا خال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪َ )3‬ع َط َل الكريم م َن الغنَى‪ ،‬أي‪ُ :‬خ ّ‬
‫‪152‬‬

‫عمر‪:‬‬
‫مثل قول املتنبي من قصيدة يمدح هبا َبدْ َر بن ّ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َيت َِّقي إِ ْخال َ‬ ‫م ــا بِـ ِ‬
‫َاب‬ ‫َف َما ت َْر ُجو ِّ‬
‫الذئ ُ‬ ‫ـل َأ َعادي ــه َو َلك ـ ْ‬
‫ـن‬ ‫ـه َق ْتـ ُ‬
‫***‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫أنفسهم‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مضارهم ْ‬
‫ِّ‬ ‫هالكهم ودفع‬ ‫العادة له علة ظاهرة‪ ،‬وهي َإرا َد ُة‬ ‫أعداءهم يف‬‫َ‬ ‫امللوك‬ ‫فقتل‬
‫منازعتهم‪ ،‬ولكن املتنبي رفض هذا الوصف الثابث ذي العلة الظاهرة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ملكهم من‬ ‫ُ‬ ‫يصفو هلم‬
‫َ‬ ‫حتى‬
‫وقال‪ :‬ليس باملمدوح غيظ أو خوف أوجب قتل أعاديه ليشفي غيظه‪،‬أو يريح نفسه من ترقبهم‪ ،‬ولكن‬
‫الذي دفعه إىل قتلهم هو خوفه من أن خيلف ما ترجوه الذئاب من أكل حلومهم حينام يقتلهم‪ ،‬والصفة‬
‫املعللة هي قتل األعادي‪ ،‬والعلة الظاهرة للقتل هي دفع املرضة‪ ،‬ولكن الشاعر أتى بعلة أخرى‪ ،‬وهي‬
‫أن طبيعة الكرم مالزمة له‪ ،‬فالعلة الباعثة للقتل حبه لصدق رجاء اآلملني‪ ،‬ومنهم الذئاب التي عودها‬
‫إطعام حلوم األعداء‪ ،‬فهو يتقي بالقتل إخالف رجائها فيه‪ ،‬لقد با َلغَ ‪ ،‬فتخي َل‪ ،‬فادعى ِ‬
‫هذه الدَّ ْعوى‪،‬‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫مجيلة ال يلتقطها إالَّ ذو حس مرهف وفطنة وملاحية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فكرة‬ ‫َلكن ََّها تشت َِم ُل َع َل‬
‫ثانيا ‪ :‬الوصف غري الثابت‬
‫من ينعم النظر بدقة يف أمثلة الوصف غري الثابت اآلتية يلحظ كذلك أن هذا الوصف غري الثابت‬
‫ينقسم قسمني‪:‬‬
‫أ ـ وصف غري ثابت يكون ممكن الوقوع‪.‬‬
‫مثل قول مسلم بن الوليد‪:‬‬
‫ـان ِم َن ا ْلغ ََر ِق‬
‫ن ََّجى ِح َذ ُار َك إن َْس ِ‬ ‫يا واشـيا حسـن ْ ِ‬
‫َت فينَا إِ َس َ‬
‫(‪)1‬‬
‫***‬ ‫ـاء ُت ُه‬ ‫َ َ ً َ ُ‬
‫فالوصف الذي ليس ثابتا هنا هو استحسان وشاية الوايش‪ ،‬فهذا الوصف مقطوع بنفيه‪ ،‬ولكنه‬
‫وصف ممكن‪ ،‬وملا خالف الشاعر الناس يف ادعائه الوقوع‪ ،‬ساق تعليال يقتيض وقوعه يف زعمه‪ ،‬ولو مل‬
‫إنسان َع ْينِه ِمن الغ ََر ِق يف الدَّ ْمع‪،‬‬
‫َ‬ ‫ك‬‫يقع‪ ،‬وهو أن حذاره من الوايش َج َع َله يت ِّقي َمك َْر ُه و َك ْيده‪َ ،‬ف َح َمى بِذلِ َ‬
‫ف عداوته له‪ ،‬فنجاة‬ ‫الذي تُس ِّب ُبه َغ ْف َلتُه و َعدَ ُم َح َذ ِره من َمك ِْر ِه َو َك ْي ِد ِه لو أنَّه مل ي َّطلع عىل ِوشاياته‪ ،‬و َي ْع ِر ْ‬
‫إنسان عينه من الغرق علة الستحسان إساءة الوايش غري مطابقة للواقع‪.‬‬
‫ب ـ وصف غري ثابت ‪ ،‬ليس ممكن الوقوع‪.‬‬

‫(‪ )1‬الوايش‪ :‬الساعي بني الناس بالكالم املفسد للعالقات الطيبة‪ .‬إنساين‪ :‬إنسان العني وهو سوادها‪ ،‬واملراد حبة العني‪.‬‬
‫‪153‬‬

‫ومنه قول الشاعر مادحا‪:‬‬


‫ـت َع َل ْيهــا ِع ْقــدَ ُمنْتَطِ ِق‬
‫َلــا َر َأ ْيـ َ‬ ‫َاء ِخدْ َم َت ُه‬
‫َلو َل َتكُن نِي ُة ا ْلـجوز ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫***‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ْ ْ َّ‬
‫يقول الشاعر‪ :‬إن اجلوزاء لو مل تكن عازمة عىل خدمة املمدوح ملا رأيت عليها نطاقا شدت به‬
‫وسطها‪ ،‬فنية اجلوزاء خدمة املمدوح صفة غري ممكنة الوقوع قصد إثباهتا له ؛ ألن النية بمعنى العزم‪،‬‬
‫وذلك يكون فيمن له إدراك ‪ ،‬واجلوزاء ال إدراك هلا‪ ،‬والعلة املناسبة كوهنا منتطقة (أي‪ :‬شادة النطاق يف‬
‫ادعاء ال أصل له‪ ،‬وهو‬
‫ٌ‬ ‫وسطها) ‪ ،‬فاالنتطاق دليل عىل كون اجلوزاء عازمة عىل خدمة املمدوح‪ .‬وهو‬
‫غري ممكن يف الواقع‪ ،‬لكنّه لطيف ُم ْست َْم َلح‪.‬‬
‫***‬

‫ملخص الدرس‬

‫حسن التعليل ‪ :‬هو أن يدعي الشاعر‪ ،‬أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له غري حقيقية‪ ،‬إال أن فيها‬
‫اعتبارات لطيفة ومجيلة‪.‬‬
‫وهذا الوصف نوعان‪ :‬وصف ثابت‪ ،‬ووصف غري ثابت‬
‫‪1‬ـ الوصف الثابت‪ ،‬له صورتان ‪:‬‬
‫أـ قد تظهر له علة غري العلة املدعاة املذكورة‪.‬‬
‫ب ـ وقد ال تظهر له يف العادة علة‪.‬‬
‫‪2‬ـ الوصف غري الثابت وله صورتان‪:‬‬
‫أ ـ قد يكون ممكنا‪.‬‬
‫ب ـ وقد يكون غري ممكن‪.‬‬

‫***‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الوسط باملنْ َط َقة‪ .‬واملنْ َط َق ُة ما ُي َشدُّ به الوسط كاحلزام وغريه ‪.‬اجلوزاء‪ُ :‬ب ْر ٌج من بروج ّ‬
‫السامء يوجد حوهلا كواكب ت ُْشب ُه‬ ‫(‪ )1‬االنتطاق‪ :‬شدُّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املنطقة‪َ ،‬ش َّبهها الشاعر با ْلع ْقد املنظوم من ا ّللؤلؤ‪.‬‬
‫‪154‬‬

‫إثراءات‬
‫الحـــظ أن‪:‬حسن التعليل من األلوان البديعية التي حتتاج يف استخراجها إىل رهافة حس‪ ،‬وفطنة‬
‫وملاحية يف استخراج السبب املؤثر املقنع‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪:‬حسن التعليل كام حيتاج من الشاعر للطف ورهافة حس يف التقاط العلة املدعاة‪،‬‬
‫حيتاج من املخاطب كذلك إىل تلطف يف استخراجه ‪.‬‬
‫مفـــاهيم‪:‬حسن التعليل من الفنون التي تقيس مقدرة الشاعر أو الناثر عىل ابتكار املعاين‪.‬‬
‫***‬
‫‪155‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫‪ -1‬حسن التعليل‪ :‬هو أن يدعي الشاعر أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له حقيقية ليست فيها‬
‫)‬ ‫(‬ ‫اعتبارات مجيلة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬حسن التعليل يقيس قدرة الشعراء عىل مدى االبتكار ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬حسن التعليل من أعمدة علم املعاين والبيان‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬حسن التعليل ورد يف القرآن الكريم‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬حسن التعليل له صور ممكنة وغري ممكنة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬حسن التعليل من الفنون اخلالبة التي تدل عىل املقدرة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬حسن التعليل من أركان البديع املعنوي‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬حسن التعليل كثر يف الشعر العبايس‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6‬‬ ‫‪ .)√( -5‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬وضح ما يف الشعر اآليت من صور حسن التعليل‪ ،‬وبني املمكن منه‪ ،‬وغري املمكن‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫َف َك َا َن َلها ِف سالِ ِ‬
‫ف الدَّ ْه ِر ُطو َف ُ‬
‫ان‬ ‫َت َف ْقدَ َك الدُّ نْيا َق ِد ًيم بِدَ ْم ِع َها‬
‫َبك ْ‬
‫َ َ‬ ‫***‬

‫‪2‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫ِ‬
‫َـاض‬
‫ـدي حـ ُ‬ ‫َوا ْل َحبِيــ ُ‬
‫ـب لـَـــ َّ‬ ‫***‬ ‫ـــان َق ْلبــي‬
‫ِــروا َخ َف َق َ‬
‫ال ُتنْكـ ُ‬
‫ــت َلــ ُه فِيهــا ا ْل َب َشــائِ ُر‬ ‫ُ ِ‬
‫ض َب ْ‬ ‫***‬ ‫ـب إِ َّل َد ُار ُه‬
‫مـَــــا ا ْل َقــ ْلــــ ُ‬
‫‪156‬‬

‫الرثاء‪:‬‬
‫املعري يف ّ‬
‫‪3‬ـ وقال ّ‬
‫و َلكِنَّهــا ِف وج ِهـ ِ‬
‫ـه َأ َثـ ُـر ال َّل ْطـ ِم‬ ‫ـر َق ِديم ًة‬
‫َو َمــا ُك ْل َفـ ُة ال َبــدْ ِر ا ُملنـ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫***‬

‫‪4‬ـ وقال أبو متّام‪:‬‬


‫َإل ا ُملز ِْن َحتَّى َجا َدها َو ْه َو َه ِام ُع‬ ‫***‬
‫ت ِريح الصبا لِ ِري ِ‬
‫اض َها‬ ‫بى َش َف َع ْ ُ َّ َ َ‬
‫ُر ً‬
‫ِ‬
‫ــع‬
‫ــن َمدَ ام ُ‬ ‫ــا ت َْر َقــا َُل َّ‬
‫َحبي ًبــا َف َ‬ ‫***‬ ‫اب ا ْلغ َُّر َغ َّي ْب َن ْحتت ََها‬ ‫ك ََأ َّن َّ‬
‫الس َح َ‬

‫‪5‬ـ وقال ابن الرومي يف املدح‪:‬‬


‫َط ْب ًعا َو َلكِ ْن َت َعدَّ اك ُْم ِم َن َ‬
‫اخل َج ِل‬ ‫***‬ ‫َاء َف َل ْم ت َْص َف َّر إ ْذ َجن ََح ْ‬
‫ت‬ ‫َّأما ُذك ُ‬
‫َاء‪ :‬اسم من أسامء الشمس‪.‬إذ َجنحت‪ :‬أي إ ْذ جنحت للمغيب‪.‬ت َعدَّ اكم‪ :‬أي‪ :‬ت َت َعدّ اكم بمعنى‬
‫ُذك ُ‬
‫تتجاوزكم‬
‫‪6‬ـ وقال أحد الشعراء‪:‬‬
‫ــل َأ َو ِانــا َت ْط ِفيــ ً‬
‫ا‬ ‫ْــك َق ْب َ‬
‫وأ َتت َ‬ ‫***‬ ‫ك ِم َن الـ َْحدَ ائِ ِق َو ْر َد ٌة‬
‫ت إ َل ْي َ‬
‫َس َب َق ْ‬
‫ـك َك َطالِـ ٍ‬
‫ـب َت ْقبِي ـ ً‬
‫ا‬ ‫َف َم َهــا إِ َل ْيـ َ‬ ‫***‬ ‫َط ِم َع ْت بِ َل ْث ِم َك إِ ْذ َر َأت َ‬
‫ْك َف َج َّم َع ْت‬

‫فهو يدّ عي أن ِز ّر الورد الذي مل يكتمل تفتُّحه قد َ َّ‬


‫ج َع َف َمه طالب ًا التقبيل‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫له ِو ُي ْشـبِ ُه َص ْو َتا‬
‫َفم ْن أ ْج ِل َه َذا أ ْص َبح ا ْل ُعو ُد ُي ْ َ‬
‫ض ُب‬ ‫***‬ ‫َ َت َ َ‬
‫اس ُعو ُد ا َّل ْ‬

‫إجابة التدريب الثانى‬


‫‪1‬ـ ‪1‬يف البيت األول يقول الشاعر‪ :‬إن هذا الطوفان الذي فتح اهلل له أبواب السامء‪ ،‬وفجر له األرض‬
‫‪ ،‬وقد جعل الشاعر هلذا‬ ‫عيونا جاء شديدا االهنامر؛ ليهلك به اخلارجني عىل دعوة نوح‬
‫الطوفان علة أخرى غري املذكورة تناسب موضوع قصيدة الرثاء‪ ،‬حيث جعل الطوفان دموعا‬
‫قديمة للدنيا‪ ،‬بكت هبا مقدما فقد ذلك العزيز‪ ،‬وهو أمر غري ممكن‪ ،‬ويف هذا إىل جانب حسن‬
‫التعليل غلو‪.‬‬
‫خفقان القلب ودقاته أمر طبعي لكل حي‪ ،‬ولكن الشاعر ذكر‬
‫َ‬ ‫‪2‬ـ ‪2‬يف البيت الثاين يقول الشاعر‪ :‬إن‬
‫خلفقان قلبه ‪ -‬واحلبيب حارض عنده ‪ -‬علة أخرى‪ ،‬وهي أن هذه الدقات دقات البشائر بحضور‬
‫‪157‬‬

‫احلبيب؛ ألن قلب الشاعر داره‪ ،‬وحق الدار التي عاد إليها صاحبها أن تدق له بشائر الفرح‪،‬‬
‫وهذا أمر غري ممكن‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬يف البيت الثالث يقصد الشاعر‪ :‬أن احلزن عىل املرثي شمل كثريا من مظاهر الكون‪ ،‬فهو لذلك‬
‫يدّ عى أن كلفة البدر (وهي ما يظهر عىل وجهه من كُدرة) ليست ناشئة عن سبب طبعي‪ ،‬وإنام‬
‫هي حادثة من أثر اللطم عىل فراق املرثي‪ ،‬وهذا أمر غري ممكن‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬يف البيت الرابع يرى الشاعر‪ :‬أن سقوط املطر ليس هو نتيجة لألمر املعروف‪ ،‬بل ذاك راجع إىل‬
‫بكاء السحاب عىل حبيب هلا ُدفِ َن حتتها‪ ،‬فهي تبكي حزنا ولوعة عليه ‪ ،‬وهذا أمر فيه حسن‬
‫تعليل لسقوط املطر وهو غري ممكن ‪.‬‬

‫‪5‬ـ ‪5‬يف البيت اخلامس خياطب الشاعر ممدوحه مبينا له الرس احلقيقي يف اصفرار ُذك َ‬
‫َاء ‪ -‬وهي اسم من‬
‫أسامء الشمس ‪ -‬عند غروهبا حيث ادعى أن اصفرار الشمس عند املغيب قد حصل بسبب أهنا‬
‫خجلت من مفارقة وجه املمدوح ‪ ،‬فهي تتجاوزه َخ ْج َل منه‪ ،‬وبذلك يستبعد الشاعر السبب‬
‫الطبعى مع دوامه َّ‬
‫كل مساء عند املغيب‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬يف البيت السادس يوضح الشاعر أن العلة يف أن ِز َّر الورد الذي مل يكتمل تفتُّحه قد َ َّ‬
‫ج َع َف َمه‬
‫طالبا التقبيل‪ ،‬ليس هو العلة احلقيقية بل إن زر الورد فعل ذلك حني رأى ممدوحه‪ ،‬فطمع بلثمه‬
‫إذ رآه‪ ،‬فجمع فمه طالبا تقبيله فرحا به لدخوله عليه يف البستان وهذا أمر متخيل غري ممكن ؛‬
‫ألن العلة املذكورة ليست العلة احلقيقية وراء هذه الصورة التي يكون عليها زر الورد قبل أن‬
‫يكتمل تفتحه‪.‬‬
‫‪7‬ـ ‪7‬يف البيت السابع يذكر الشاعر علة أخرى غري العلة التي يرضب من أجلها العود عند الغناء‪،‬‬
‫وهي أن هذا العود جتارس ذات مرة أن يقلد صوت املحبوبة ‪ ،‬لكنه مل يوفق فمن ثم صار يرضب‬
‫تأديبا له عىل جتارسه‪.‬‬
‫التدريب الثالث ‪ :‬عرف حسن التعليل ‪ ،‬واذكر صوره التي يأيت عليها مع التمثيل‪.‬‬
‫***‬
‫‪158‬‬

‫الدرس الثامن‬
‫تأكيد املدح مبا يشبه الذم وعكسه‬
‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪ -1‬يفرق بني رضيب تأكيد املدح بام يشبه الذم‪.‬‬
‫‪ -2‬يأتى بأمثلة لرضيب تأكيد املدح بام يشبه الذم‪.‬‬
‫‪ -3‬يفرق بني رضيب تأكيد الذم بام يشبه املدح‪.‬‬
‫‪ -4‬يأتى بأمثلة لرضيب تأكيد الذم بام يشبه املدح‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬سنتناول يف هذا الدرس صور تأكيد املدح بام يشبه الذم ‪ ،‬وصور تأكيد الذم بام يشبه‬
‫املدح‪ ،‬ورس مجاله‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تأكيد املدح مبا يشبه الذم‬
‫وهذا النوع رضبان ‪:‬‬
‫أـ أن يستثنى من صفة ذم منفية‪ ،‬صف ُة مدح عىل تقدير دخوهلا فيها‪.‬‬
‫كقول النابغة الذبياين‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ـن ِقـ َـرا ِع ا ْل َكتَائِ ِ‬
‫ب‬ ‫ِبِــن ُف ُل ٌ ِ‬
‫ول مـ ْ‬ ‫َّ‬ ‫***‬ ‫ب فِ ِ‬
‫يه ْم َغ ْ َي َأ َّن ُس ُيو َف ُه ْم‬ ‫َوال َع ْي َ‬
‫تكس َحدِّ سيوفهم من مقارعة اجليوش عيبا؛ فال عيب فيهم غري ذلك‪ ،‬ومن املعلوم‬ ‫أي‪ :‬إن كان ُّ‬
‫أن ذلك ليس بعيب‪ ،‬بل هو من املناقب‪َ ،‬ف ِذكره عىل أنَّه هو العيب الوحيد هلم يؤكّد الثناء عليهم أبلغ‬
‫مدحا هلم بالشجاعة وا ِ‬
‫إلقدام‪.‬‬ ‫يتضمن ً‬‫َّ‬ ‫تأكيد؛ ألنه‬
‫ومن ذلك قول ابن الرومي يمدح‪:‬‬
‫ــى ِم ْثلِ ِه‬ ‫ـع ا ْلــ َع ْ ُ‬
‫ــن َع َ‬ ‫ال َتـ َقـ ُ‬ ‫***‬ ‫ــوى َأ َّن ـ ُه‬ ‫ِ‬
‫ب س َ‬
‫ِ‬
‫َل ْي َس بِــه َع ْي ٌ‬

‫بالسيوف والرماح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪ُ )1‬ف ُلول‪ :‬جع فل ‪ :‬وهو َث ْلم ي ِصيب حدَّ السيف من الرضب َّ ِ ِ‬
‫الشديد به‪ .‬م ْن قراع الكتائب‪ :‬الق َراع‪ :‬التقاتل رض ًبا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫َُْ‬
‫الكتائب‪ :‬اجليوش املحاربة‪.‬‬
‫‪159‬‬

‫ومنه قول صفي الدّ ين ّ‬


‫احلل‪:‬‬
‫َي ْس ُلو َع ِن األَ ْه ِل واألَ ْو َط ِ‬ ‫يه ْم ِس َوى َّ‬
‫أن الن َِّز َ‬
‫يل ِبِ ْم‬ ‫ب فِ ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ان َْ‬
‫وال َش ِم‬ ‫***‬ ‫الَ َع ْي َ‬
‫رس اجلامل يف هذا اللون البديعي أن تأكيد املدح فيه جاء من وجهني‪ :‬أحدمها‪:‬أنه كدعوى اليشء‬
‫َو ُّ‬
‫ببينة‪ ،‬والثاين‪ :‬أن األصل يف االستثناء أن يكون متصال‪ ،‬فإذا نطق املتكلم بإال أو نحوها توهم السامع‬
‫قبل أن ينطق بام بعدها أن ما يأيت بعدها ُ ْ‬
‫م َر ٌج مما قبلها‪ ،‬فيكون يشء من صفة الذم ثابتا‪ ،‬فإذا أتت بعدها‬
‫صفة مدح عىل خالف التوقع تأكد املدح؛ لكونه مدحا عىل مدح‪ ،‬ويف ذلك نوع من اخلالبة والرباعة‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﱸ [الواقعة‪ .]26، 25:‬فهذا من‬
‫تأكيد املدح بام يشبه الذم؛ ألن السالم ليس من جنس اللغو والتأثيم‪ ،‬فهو مدح هلم بإفشاء السالم‪ ،‬وهذا‬
‫كقول القائل‪ :‬ال ذنب يل إال حمبتك» ‪.‬‬
‫ومن ذلك ـ أيضا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﱸ [الربوج‪ ،]8:‬وهو‬
‫تأكيد املدح بام يشبه الذم‪ ،‬كأنه يقول ‪ :‬ليس هلم جريمة إال إيامهنم باهلل‪ ،‬وهذا من أعظم املفاخر واملآثر‪.‬‬
‫ب ـ أن يثبت ليشء صف ُة مدح‪ ،‬ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى‪.‬‬
‫كقول النابغة اجلعدي مادحا‪:‬‬
‫ـال ب ِ‬ ‫ِ‬
‫اق َيــا‬ ‫ـن ا َملـ ِ َ‬
‫ـوا ٌد َفـ َـا ُي ْبقــي مـ َ‬
‫َجـ َ‬ ‫***‬ ‫غــر َأنَّــ ُه‬ ‫َفتَــى ك َُم َل ْ َ‬
‫ــت أ ْخال ُقــ ُه ْ َ‬
‫فقد أثبت له صفة هي كامل األوصاف‪ ،‬وقد أتى بعد إثبات تلك الصفة بأداة استثناء (غري) جاءت‬
‫بعدها صفة أخرى من جنس الصفة السابقة‪.‬‬
‫ومنه قول النبي ‪َ :‬‬
‫«أنَا أ ْف َص ُح ا ْل َع َرب‪َ ،‬ب ْيدَ ِّأن من ُق َر ٍ‬
‫يش»‪ ،‬فكونُه من قريش يؤكّد أنّه صلوات‬
‫اهلل عليه أفصح العرب‪.‬‬
‫ملحوظة‪ :‬اعلم أن االستدراك يف هذا الباب جيري جمرى االستثناء‪ ،‬كام يف قول بديع الزمان اهلمذاين‬
‫يمدح «خلف بن أمحد السجستاين»‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ـل ‪.‬‬
‫الو ْبـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫هــو ا ْلبــدْ ر إالَ أ َّنـه البحــر ِ‬
‫ـوى أ َّنــه ِّ ْ‬
‫الضغــا ُم لكنَّ ـ ُه َ‬ ‫سـ َ‬ ‫***‬ ‫زاخـ ًـرا‬ ‫ُ َ ْ ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬

‫خاصتُه ا ّلذين يغضبون لغضبه ‪ ،‬ويرضون لرضاه ‪ ،‬ويدخل فيهم األهل والعبيد ِْ‬
‫وال َرية‪.‬‬ ‫الر ُجل‪َّ :‬‬ ‫(‪َ )1‬ح َش ُم َّ‬
‫(‪ )2‬زاخر‪ :‬ممتلئ َطامٍ‪ .‬الرضغام‪ :‬األسد‪َ .‬‬
‫الو ْبل‪ :‬املطر الشديد‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫فقد أكدّ املدح بأسلوب ي ِ‬
‫وه ُم عند البدء به أنّه يريد أن يذكر له عيبا بعد أن ش ّبهه بالبدر‪ ،‬وقوله‬ ‫ُ‬
‫(لكنه الوبل) وضعت (لكن) هنا موضع (إال) فأكدت املدح بام يشبه الذم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأكيد الذم مبا يشبه املدح‬
‫وهو أيضا رضبان‪:‬‬
‫أ ـ أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا فيها ‪.‬‬
‫نحو‪( :‬فالن الخري فيه إال أنه يتصدق بام يرسق)‪ ،‬وكقولك‪« :‬فالن ال خري فيه إال أنه ييسء إىل من‬
‫حيسن إليه»‪.‬‬
‫ونحو‪( :‬ال فضل للقوم إال أهنم ال يعرفون للجار حقه)‪.‬‬
‫ب ـ أن يثبت ليشء صفة ذم‪ ،‬ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى‪.‬‬
‫نحو‪( :‬فالن حسود إال أنه نامم)‪ ،‬وكقولك‪ :‬فالن فاسق إال أنه جاهل ونحو‪( :‬اجلاهل عدو نفسه‬
‫إال أنه صديق السفهاء)‪.‬‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫وســوء مر َاعـ ٍ‬
‫ـاة َو َمــا َذ َاك ِف ا ْلك ِ‬
‫َلب‬ ‫هـــو ا ْل َك ْلـــب إال َأ َّن فِ ِ‬
‫يـــه َم َل َلـــ ًة‬
‫َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫***‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬

‫***‬
‫‪161‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫أو ًال ‪ :‬تأكيد املدح مبا يشبه الذم‪ :‬ضربان ‪:‬‬


‫أ ـ أن يستثنى من صفة ذم منفية‪ ،‬صف ُة مدح عىل تقدير دخوهلا فيها‪.‬‬
‫ب ـ أن يثبت ليشء صف ُة مدح‪ ،‬ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى مستثناة من‬
‫مثلها‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬تأكيد الذم مبا يشبه املدح‪ :‬ضربان ‪:‬‬
‫أ ـ أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا فيها‪.‬‬
‫ب ـ أن يثبت ليشء صفة ذم‪ ،‬ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى‪.‬‬

‫***‬

‫إثراءات‬
‫الحــــظ أن ‪ :‬هذا اللون البديعي جاء يف القرآن والسنة والشعر العريب‪.‬‬
‫انتبه إىل أن ‪:‬هذ اللون يعد من املحسنات املعنوية اخلالبة التي تستميل السامع‪ ،‬وجتذب انتباهه‬
‫لتثبيت املعنى يف نفسه‪ ،‬ومتكينه يف فؤاده‪.‬‬
‫مفــــاهيـم‪:‬تأكيد املدح بام يشبه الذم أكثر ورودا يف الكالم العريب من تأكيد الذم بام يشبه املدح‪.‬‬
‫***‬
‫‪162‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلاطئة‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬تأكيد املدح بام يشبه الذم يعتمد عىل اخليال يف إبرازه‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬تأكيد املدح بام يشبه الذم من املحسنات اخلالبة التى تستميل السامع‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬تأكيد املدح بام يشبه الذم من أعمدة علم البديع‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬تأكيد املدح بام يشبه الذم ورد يف القرآن الكريم‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬تأكيد الذم بام يشبه املدح له صورة واحدة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬تأكيد الذم بام يشبه املدح صنو ال يفرتق عن تأكيد املدح بام يشبه الذم‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬تأكيد املدح بام يشبه الذم من أركان البديع املعنوي‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬تأكيد املدح بام يشبه الذم وعكسه ورد يف الشعر اجلاهيل‪ .‬‬
‫‪ -9‬من صور تأكيد املدح بام يشبه الذم أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا‬
‫)‬ ‫(‬ ‫فيها‪ .‬‬
‫‪-10‬من صور تأكيد املدح بام يشبه الذم أن يثبت ليشء صف ُة مدح‪ ،‬ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها‬
‫)‬ ‫(‬ ‫صفة مدح أخرى‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -5‬‬ ‫‪ .)√( -4‬‬ ‫‪ .)√( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -10‬‬ ‫‪ .)×( -9‬‬ ‫‪ .)√( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7 .)×( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬وضح اللون البديعي‪ ،‬وبني نوعه فيام يأيت ‪:‬‬
‫‪١‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ــا َو َم ْوطِنَــا‬
‫َف َأن َْســتْنِي ْالَ َّيــا ُم َأ ْه ً‬ ‫***‬ ‫ــر َأ َّن َق َصدْ تُــه‬ ‫ِ ِ‬
‫ــب فيــه َغ ْ َ‬
‫َوال َع ْي َ‬
‫ب َب ْيدَ َأ َّن ِم ْن ُق َر ْي ٍ‬
‫ش»‪.‬‬ ‫«أنَا َأ ْف َص ُح ا ْل َع َر ِ‬
‫َ‬ ‫‪٢‬ـ قال رسول اهلل‬
‫‪163‬‬

‫‪٣‬ـ قال تعاىل‪ :‬ﱹﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﱸ [األعراف‪.]126:‬‬


‫إجابة التدريب الثاين‬
‫‪1‬ـ يف البيت األول تأكيد املدح بام يشبه الذم‪ ،‬فقد نفى الشاعر عن نفسه صفة ذم عامة بنفي مجيع‬
‫العيوب‪ ،‬وذلك مدح‪ ،‬ثم استثنى من هذه الصفة املذمومة املنفية صفة مدح بتقدير دخوهلا فيها‪ ،‬وملحظ‬
‫هذا التأكيد أنه يشبه دعوى أقيم عليها الربهان‪.‬‬
‫‪2‬ـ يف قوله ﷺ وصف له بكامل الفصاحة‪( ،‬أنا أفصح العرب) وهذا مدح‪ ،‬ثم يذكر بعده لفظ (بيد)‬
‫وهو يفيد االستثناء‪ ،‬فيظن السامع أنه صلوات اهلل عليه سيذكر بعده أمرا غري حمبوب‪ ،‬ولكن رسعان‬
‫ما زال هذا الظن‪ ،‬إذ ورد بعد األداة صفة مدح أخرى‪ ،‬فاحلديث من أرضب تأكيد املدح بام يشبه الذم‪.‬‬
‫‪3‬ـ أنت ترى القول الكريم قد أورد مستثنى فيه معنى املدح‪ ،‬واملعنى‪ :‬العيب فينا إال اإليامن‪ ،‬ففيه‬
‫صفة ذم منفية‪ ،‬واستثناء لصفة مدح من ذلك الذم املنفي‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬ضع خ ًّطا حتت اإلجابة املناسبة فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ـب ِل إِ َّل ا ْل ُعــا َوا ْل َف َضائِــل‬
‫َوال َذ ْنـ َ‬ ‫***‬ ‫ـــو ٍم ك ِ‬
‫َثـــر ٌة‬ ‫ِ‬
‫ُت َعـــدَّ ُذنُـــويب عنْـــدَ َق ْ‬

‫يف البيت (تأكيد للمدح بام يشبه الذم ـ حسن تعليل ـ املبالغة)‬
‫‪2‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر َي ـ ِ‬ ‫ُو ُج ــو ٌه ك ََأز َْه ـ ِ‬
‫ـــو َم ْاليـــاجِ ُصخُ ُ‬
‫ـــور‬ ‫َو َلكن ََّهـــا َي ْ‬ ‫***‬ ‫ـار ًة‬
‫ـاض ن ََض ـ َ‬ ‫ـار ِّ‬

‫يف البيت (تأكيد للذم بام يشبه املدح ـ تأكيد للمدح بام يشبه الذم ـ التورية)‬
‫‪3‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ـــــوى َأنَّـــ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫ـــون َع َل ْيـــه الـ َ‬
‫ْـــه َو ُ‬ ‫ـــان َ ُي ُ‬
‫َج َب ٌ‬ ‫***‬ ‫يـــم ال ِّط َبـــــا ِع س َ‬
‫َلئ ُ‬

‫يف البيت (املشاكلة ـ تأكيد للمدح بام يشبه الذم ـ تأكيد للذم بام يشبه املدح)‬
‫‪ 4‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬
‫ــــــارى‬
‫َ‬ ‫الي‬ ‫ِ‬
‫ــــــق ُ َ‬ ‫َأ َرا ُه ِف ا ْل ُ‬
‫ـح ْم‬ ‫***‬ ‫ـــر َأ ِّن‬ ‫ــــن ا ْل َف ْض ِ‬
‫ـــل َغ ْ َ‬ ‫خـَــــا م َ‬

‫يف البيت (مراعاة النظري ـ تأكيد للذم بام يشبه املدح ـ تأكيد للمدح بام يشبه الذم)‬
‫‪165‬‬

‫الوحدة الرابعة‬
‫املح�سنات اللفظية‬
‫�أنواع املح�سنات اللفظية‬
‫أهداف الوحدة‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بعد االنتهاء من هذه الوحدة ينبغى أن يكون الطالب ً‬
‫‪ -1‬يعرف اجلناس وحيدد أنواعه مع التمثيل‪.‬‬
‫‪ -2‬يفرق بني اجلناس التام‪ ،‬واجلناس غري التام‪.‬‬
‫‪ -3‬يأيت بأمثلة لصور اجلناس التام‪.‬‬
‫‪ -4‬يعرف السجع ويأتى بأمثلة له‪.‬‬
‫‪ -5‬يستخرج من أمثلة مقدمة له جناس تام‪ ،‬جناس غري تام‪ ،‬سجع‪.‬‬

‫***‬
‫‪166‬‬

‫الدرس األول‬
‫اجلناس التام ووجه حسنه‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪ -1‬يعرف اجلناس مع التمثيل‪.‬‬
‫‪ -2‬يعدد أنواع اجلناس‪.‬‬
‫‪ -3‬يأيت بأمثلة لصور اجلناس التام‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يستخرج من أمثلة مقدمة له صور اجلناس التام‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس تعريف اجلناس‪ ،‬وبيان نوعيه‪ ،‬وتعريف اجلناس التام وصورتيه‪،‬‬
‫ومفهوم كل صورة ‪ ،‬وأرسار حسنه وبالغته‪.‬‬
‫شرح الدرس‬
‫تعريف اجلناس‪ :‬اجلناس عند البالغيني هو‪ :‬تشابه اللفظني يف النطق‪ ،‬واختالفهام يف املعنى‪.‬‬
‫أنواع اجلناس‬
‫‪2‬ـ جناس غري تام‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪1‬ـ جناس تام ‪ .‬‬ ‫اجلناس نوعان‪ :‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬اجلناس التام‬
‫تعريفه‪ :‬هو ما اتفق فيه اللفظان يف أربعة أشياء‪:‬‬
‫‪2‬ـ وعددها‪،‬‬ ‫‪1‬ـ يف نوع احلروف‪،‬‬
‫‪3‬ـ وهيئاهتا من حركات وسكنات‪4 ،‬ـ وترتيبها‪ ،‬مع اختالف املعنى‪.‬‬
‫مثل قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﱸ [الروم‪ ،]55:‬فلفظة‬
‫الساعة األوىل تتفق مع لفظة الساعة الثانية يف أربعة أمور‪ :‬يف عدد احلروف‪ ،‬فحروفها أربعة‪ ،‬ويف نوع‬
‫‪167‬‬

‫احلروف‪ ،‬حيث تكونت كل كلمة من السني واأللف والعني والتاء املربوطة‪ ،‬ويف هيئات احلروف‪،‬‬
‫فالسني مفتوحة واأللف ساكنة‪ ،‬والعني مفتوحة‪ ،‬واحلرف األخري ال ننظر إليه؛ ألن احلركة التي تظهر‬
‫عليه هي عالمة اإلعراب التي تتغري حسب موقعه يف اجلملة‪ ،‬ويف ترتيب احلروف حيث بدأت كل‬
‫لفظة بالسني أوال ‪ ،‬ثم األلف‪ ،‬ثم العني ثم التاء املربوطة‪.‬‬
‫ومن هنا سمي جناسا تاما ؛ ألن التوافق تم يف هذه األمور األريعة كلها‪.‬‬
‫صور اجلناس التام‪:‬‬
‫للجناس التام صورتان‪1 :‬ـ اجلناس التام املامثل‪2 .‬ـ اجلناس التام املستوىف‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬اجلناس التام املماثل‪:‬‬
‫تعريفه‪ :‬هو أن تكون الكلمتان املتجانستان من نوع واحد اسمني أو فعلني أو حرفني‪.‬‬
‫أ ـ مثال االسمني قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ [الروم‪،]55:‬‬
‫فاملراد بالساعة األوىل يوم القيامة‪ ،‬واملراد بالساعة الثانية هي املدة الزمنية املعروفة‪ ،‬ونحن نلحظ هنا‬
‫االتفاق يف نوع احلروف‪ ،‬وعددها‪ ،‬وهيئاهتا‪ ،‬وترتيبها‪ ،‬وكوهنام اسمني‪.‬‬
‫ومثله ـ أيضا ـ قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﱸ [النور‪ ،]44 ،43:‬فاألبصار األوىل‪ :‬بمعنى العيون‪ ،‬والثانية‪ :‬بمعنى العقول‪ ،‬وقد اتفقتا يف‬
‫أربعة أمور‪ ،‬ومها من نوع واحد اسامن‪.‬‬
‫ومثله قول الشاعر ‪:‬‬
‫بيــع‬
‫بيــع َر ُ‬
‫الر ُ‬ ‫ــل َف ْض ٌل َ‬
‫‪ ، ‬و َّ‬ ‫َوا ْل َف ْض ُ‬ ‫***‬ ‫ـاس إِ َذا ْ‬
‫اح َتــدَ َم ا ْل َو َغى‬ ‫ـاس َع َّبـ ٌ‬
‫َع َّبـ ُ‬

‫فلفظ عباس األول‪ ،‬والفضل األول‪ ،‬والربيع األول كلها أعالم عىل أشخاص بعينها‪.‬‬
‫أما لفظ عباس الثاين‪ ،‬فهو من العبوس‪ ،‬ولفظ فضل الثاين‪ ،‬فهو من الزيادة‪ ،‬ولفظ ربيع الثاين من‬
‫فصل الربيع‪ ،‬وقد اتفقت الكلامت يف أمور أربعة‪ ،‬وكلها من نوع واحد أسامء‪.‬‬
‫ومثل قول أيب سعيد املخزومي‪:‬‬
‫ــــــر ِء َقت ُ‬
‫َّـــــال‬ ‫ْ‬ ‫َوالـ َْهــــــوى لِ ْل َم‬ ‫***‬ ‫ٌ‬
‫ـــــال‬‫آج‬ ‫ِ‬
‫ــــــال َ‬ ‫َحـــــدَ ُق َ‬
‫اآلج‬
‫‪168‬‬

‫حيث يصف الشاعر امرأة بسعة العيون‪ ،‬فشبه عيوهنا الواسعة بعيون بقر الوحش املشهورة عىل‬
‫سبيل االستعارة ‪ ،‬ثم زاد فقال‪ :‬إهنن يقتلن بسحرهن من ينظر إليهن‪ ،‬فسهام هذه العيون أشد فتكا من‬
‫السهام احلقيقية‪.‬‬
‫والشاهد يف اجلناس التام بني‪« :‬آجال‪ ،‬وآجال» ومها من نوع واحد اسامن‪ ،‬واألول‪ :‬مجع إجل ـ بكرس‬
‫اهلمزة ـ وهو القطيع من بقر الوحش‪ ،‬والثاين‪ :‬مجع َأجل ـ بفتح اهلمزة ـ ‪ ،‬واملراد به األعامر املنتهية‪.‬‬
‫ومثله قول األفوه األودي‪:‬‬
‫ــل عيانــــ ٍ‬ ‫ْــه ْو َج َل ُم ْست َْأنِ ًســا‬ ‫َو َأ ْق َط‬
‫ِ‬
‫يــس‬‫َــة َعن َْت‬ ‫ِ َب ْو َج ٍ َ ْ َ‬ ‫***‬ ‫ـــــع الـ َ‬
‫ُ‬

‫فلفظة‪ :‬اهلوجل يف هذا الشعر واحدة قد اشرتكت يف معنيني؛ ألن األوىل‪ :‬يراد هبا األرض‪ ،‬والثانية‪:‬‬
‫يراد هبا الناقة‪ ،‬وهي من اجلناس التام املامثل ؛ ألهنا من نوع واحد اسمني‪.‬‬
‫ب ـ مثال الفعلني قول الشاعر‪:‬‬
‫َأ ْو َأ َّنُ ْم َشـ َع ُروا بِال َّن ْق ِ‬
‫ص َما َش َع ُروا‬ ‫***‬ ‫َاضوا َلـا َق َر ُضوا‬ ‫ـو َأ َّنُ ْ‬
‫ـم ْارت ُ‬ ‫َق ْو ٌم َل ْ‬
‫فلفظ شعروا األول‪ :‬فعل بمعنى‪ :‬أحسوا ‪ ،‬والثاين‪ :‬فعل ـ أيضا ـ بمعنى‪ :‬نظموا الشعر‪.‬‬
‫ج ـ مثال احلرفني‪ :‬قولنا «قد ينزل املطر شتاء‪ ،‬وقد ينزل املطر صيفا» ‪.‬‬
‫أي‪ :‬قد ينزل املطر كثريا يف الشتاء‪ ،‬وقد ينزل املطر قليال يف الصيف‪ ،‬فقد األوىل‪ :‬للتكثري‪ ،‬والثانية‪:‬‬
‫للتقليل‪ ،‬وقد اتفقتا يف أربعة أمور‪ ،‬ومها حرفان من نوع واحد‪.‬‬
‫سبب تسميته‪ :‬سمي هذا اجلناس مماثال؛ ألن الكلمة الثانية ماثلت األوىل يف نوعها من حيث االسمية‬
‫أو الفعلية أو احلرفية ‪.‬‬
‫ثاني ًـا اجلنا�س التام امل�ستوفى‪:‬‬
‫اسم واآلخر فعالً‪،‬‬
‫تعريفه‪ :‬هو أن تكون الكلمتان املتجانستان من نوعني خمتلفني‪ ،‬أي‪ :‬أن يكون أحدمها ً‬
‫أو أحدمها حر ًفا‪ ،‬واآلخر فعالً‪.‬‬
‫مثال اجلناس بني االسم والفعل قول الشاعر‪:‬‬
‫ــــر اهللِ فِ ِ‬
‫يــــه َســــبِ ُ‬ ‫إِ َل َر ِّد َأ ْم ِ‬ ‫ِ‬
‫يل‬ ‫***‬ ‫ي َيـى ل َي ْح َيـا َف َلـم َيك ْ‬
‫ُـن‬ ‫َف َس َّ‬
‫ـم ْي ُت ُه َ ْ‬
‫يــــه َي ِف ُ‬
‫يــل‬ ‫ِ‬ ‫ــــأ َل فِ‬
‫َو َل َأ ْد ِر َأ َّن ا ْل َف ْ‬
‫ْ‬ ‫***‬ ‫ـن ُر ِز ْق ُتـ ُه‬ ‫ـه ا ْل َفـ ْ ِ‬
‫ـأ َل حـ َ‬
‫ـت فِيـ ِ‬‫َت َي َّم ْمـ ُ‬
‫‪169‬‬

‫فلفظ حييى األول‪ :‬اسم‪ ،‬والثاين‪ :‬فعل‪.‬‬


‫ومنه ـ أيضـًا ـ قول أيب متام‪:‬‬
‫ـد اللـ ِ‬
‫ـه‬ ‫َييــا َلــدَ ى َييــى بــن عبـ ِ‬ ‫ـن َكـ َـر ِم الز ََّمـ ِ‬
‫ـان َفإِ َّنـ ُه‬ ‫مــا مـ َ ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫***‬ ‫ـات مـ ْ‬ ‫َ َ‬
‫فـ (حييا) األول‪ :‬فعل مضارع‪ ،‬و(حييى) الثاين‪ :‬اسم علم‪.‬‬
‫ومثله قول الشاعر ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــت َب َأ ْرض ِه ْ‬
‫ــم‬ ‫َو َأ ْرض ِه ْ‬
‫ــم َمــا ُد ْم َ‬ ‫***‬ ‫ـــت بِــدَ ِاره ْ‬
‫ــم‬ ‫َد ِاره ْ‬
‫ــــم َمــا ُد ْم َ‬

‫فلفظة دارهم األوىل‪ :‬فعل أمر من املداراة‪ ،‬والثانية‪ :‬اسم بمعنى‪ :‬منزل‪ ،‬ولفظة أرضهم األوىل‪ :‬فعل‬
‫أمر من أرضاه‪ ،‬والثانية‪ :‬اسم وهي األرض التي نعيش عليها‪.‬‬
‫ومنه يف القرآن قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﱸ‬
‫[النجم‪1:‬ـ ‪ ،]3‬حيث جانس بني لفظة هوى األوىل‪ :‬وهي فعل يف قوله‪َ :‬والن َّْج ِم إِ َذا َه َوى‪ :‬ولفظة هوى‬
‫ِ‬
‫خر وسقط‪ ،‬والثانية بمعنى‪:‬‬ ‫«و َما َينط ُق َع ِن َْال َوى» فاألوىل هوى بمعنى‪ّ :‬‬
‫الثانية‪ :‬وهي اسم يف قوله‪َ :‬‬
‫هوى النفس‪.‬‬
‫اده فعال» حيث جانس الشاعر بني‬ ‫فالن عىل جو ِ‬
‫ومثال اجلناس بني الفعل واحلرف‪ :‬قولنا‪« :‬قاتل ٌ‬
‫َ َ‬
‫عىل األوىل وهي حرف‪ ،‬وعال الثانية وهي فعل من العلو‪.‬‬
‫قيمة اجلناس البالغية‬
‫اجلناس لون من ألوان البديع اللفظى‪ ،‬فيه تناسب وتوافق‪ ،‬وهذا تابع من أن اللفظ إذا ُحِ َل عىل‬
‫معنى‪ ،‬ثم جاء مرا ًدا به معنى آخر‪ ،‬كان له أمجل األثر ىف النفس‪ ،‬وفيه ـ أيضا ـ إيقاع صويت لذيذ جيلب‬
‫إنصات السامع‪ ،‬وجيعل للمعنى املراد التعبري عنه أثرا لطيفا يف النفوس يدفعها دفعا لإلقبال عليه‪،‬‬
‫وااللتذاذ به‪.‬‬
‫ويعد اجلناس حمسنـًا مجاليـًا رشيطة أن يأتى عفو اخلاطر‪ ،‬ويسمح به الطبع من غري تكلف‪ ،‬وإال َش َّوه‬
‫العبارة‪ ،‬وأدى إىل الركاكة والتعقيد‪.‬‬
‫***‬
‫‪170‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫اجلناس‪ :‬أن يتفق اللفظان يف النطق‪ ،‬وخيتلفا يف املعنى‪.‬‬


‫أنواع اجلناس‪:‬‬
‫‪1‬ـ اجلناس التام‪ :‬وهو ما اتفق فيه اللفظان يف أربعة أشياء‪ :‬نوع احلروف‪ ،‬وعددها‪ ،‬وهيئاهتا‪،‬‬
‫وترتيبها مع اختالف املعنى‪.‬‬
‫من أنواع اجلناس التام‪:‬‬
‫أ ـ املامثل‪ :‬وهو ما كان من نوع واحد اسمني‪ ،‬أو فعلني‪ ،‬أو حرفني‪.‬‬
‫ب ـ املستوىف‪ :‬وهو ما كان من نوعني فعل‪ ،‬واسم‪.‬‬
‫والوجه يف حسن اجلناس‪ :‬هو حسن اإلفادة‪ ،‬مع أن الصورة صورة اإلعادة‪.‬‬

‫***‬

‫إثراءات‬
‫الحــــظ أن‪:‬اجلناس من املحسنات اللفظية التي تعتمد يف تأثريها عىل اإليقاع الصويت لأللفاظ‬
‫املتجانسة فتطرب األذن‪ ،‬وتستميل السمع‪ ،‬فيتمكن املعنى يف النفس‪.‬‬
‫انتبه إىل أن ‪:‬اجلناس التام يشرتك فيه اللفظان يف أربعة أمور‪ ،‬وخيتلفان يف املعنى‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مستوف‪.‬‬ ‫مفـــاهيــــم‪ :‬اجلناس التام له قسامن تام مماثل‪ ،‬وتام‬
‫***‬
‫‪171‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬اجلناس حمسن ذايت ال عريض‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬اجلناس حمسن معنوي‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬اجلناس حلية شكلية للكالم‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬اجلناس التام وغري التام ال خيتلفان‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬اجلناس نوع واحد فقط ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬أحسن اجلناس ما جاء غري متكلف‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬اجلناس التام املستويف يكون بني اسم وفعل‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬اجلناس التام املامثل يكون بني فعلني‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -9‬اجلناس التام مل يرد يف القرآن والسنة‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -5‬‬ ‫‪ .)×( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫‪.)×( -9‬‬ ‫‪ .)√( -8‬‬ ‫‪ .)√( -7‬‬ ‫‪ .)√( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬عرف املصطلحات اآلتية‪ ،‬مع التمثيل‪:‬‬
‫اجلناس ـ اجلناس املامثل ـ اجلناس املستوىف‪.‬‬
‫التدريب الثالث‪ :‬اذكر صور اجلناس التام املامثل مع التمثيل‪.‬‬
‫إجابة التدريب الثالث‬
‫اجلناس التام املامثل‪ :‬يأيت يف الكالم عىل ثالث صور لفظية أن يكون بني اسمني أو فعلني أو حرفني‪.‬‬
‫أ) مثال االسمني قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﱸ [الروم‪،]55:‬‬
‫فاملراد بالساعة األوىل‪ :‬يوم القيامة‪ ،‬واملراد بالساعة الثانية‪ :‬هي املدة الزمنية املعروفة‪.‬‬
‫‪172‬‬

‫ب ) ومثال الفعلني قول الشاعر‪:‬‬


‫َأ ْو َّأنُ ْم َشـ َع ُروا بِالنَّ ْق ِ‬
‫ص َما َش َع ُروا‬ ‫***‬ ‫َاضوا َلـا َق َر ُضوا‬ ‫ـو َأ َّنُ ْ‬
‫ـم ْارت ُ‬ ‫َق ْو ٌم َل ْ‬
‫فلفظ شعروا األول‪ :‬فعل بمعنى‪ :‬أحسوا‪ ،‬والثاين‪ :‬فعل ـ أيضا ـ بمعنى‪ :‬نظموا الشعر‪.‬‬
‫ج) مثال احلرفني‪ :‬قولنا «قد ينزل املطر شتاء‪ ،‬وقد ينزل املطر صيفا» أي‪ :‬قد ينزل املطر كثريا يف‬
‫الشتاء‪ ،‬وقد ينزل املطر قليال يف الصيف‪ ،‬فقد األوىل‪ :‬للتكثري‪ ،‬والثانية‪ :‬للتقليل‪ ،‬وقد اتفقتا يف أربعة‬
‫أمور‪ ،‬ومها حرفان من نوع واحد‪.‬‬
‫وسمي هذا اجلناس مماثال ؛ ألن الكلمة الثانية ماثلت األوىل يف نوعها من حيث االسمية أو الفعلية‬
‫أو احلرفية‪.‬‬
‫***‬
‫‪173‬‬

‫الدرس الثاني‬
‫اجلناس غري التام وأنواعه‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪ -1‬حيدد املقصود باجلناس غري التام‪.‬‬
‫‪ -2‬يوازن بني اجلناس التام و اجلناس غري التام‪.‬‬
‫‪ -3‬يأيت بأمثلة لصور اجلناس غري التام‪.‬‬
‫‪ -4‬يوازن بني صور اجلناس غري التام‪.‬‬

‫وصف الدرس ‪ :‬يتناول هذا الدرس‪ ،‬اجلناس غري التام‪ ،‬وصوره‪ ،‬ووجوه حسنه‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫اجلناس غري التام‪ :‬هو ما اختلف فيه اللفظان يف واحد من أربعة أمور يف عدد احلروف‪ ،‬أو يف نوع احلروف‪،‬‬
‫أو يف هيئات احلروف‪ ،‬أو يف ترتيب احلروف‪.‬‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬فإن صور اجلناس غري التام تتمثل يف أربع صور‪:‬‬
‫الصورة األوىل‪:‬‬
‫وهي التي اختلف فيها اللفظان يف عدد احلروف بأن يكون أحدمها زائدا عن اآلخر‪ ،‬وأطلق البالغيون‬
‫عىل هذه الصورة (اجلناس الناقص)‪.‬‬
‫ويشرتط أن ال تزيد هذه الزيادة عن حرفني حتى يعد هذا من قبيل اجلناس الناقص‪.‬‬
‫‪174‬‬

‫وعىل ذلك فاللفظان املختلفان يف عدد احلروف إما أن يكون أحدمها زائدا بحرف واحد يف أول‬
‫الكلمة‪ ،‬أو وسطها‪ ،‬أو آخرها‪ ،‬أو يكون زائدا بحرفني‪ ،‬ولكل حالة من هذه احلاالت مصطلح أطلقه‬
‫علامء البالغة متييزا لكل نوع عن غريه‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اجلناس الناقص املختلف يف حرف واحد‪.‬‬
‫للجناس الناقص من هذه اجلهة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪1‬ـ املردوف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف األول‪ ،‬مثل‪( :‬دوام احلال من املحال)‪،‬‬
‫فكلمة املحال زادت عن كلمة احلال بحرف واحد‪ ،‬وهو امليم الواقع يف صدر الكلمة‪.‬‬
‫ومــن ذلــك قولــه تعــاىل‪ :‬ﱹ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﱸ [القيامــة‪ ]30،29:‬فكلمــة‬
‫املســاق زادت عــن كلمــة الســاق بحــرف واحــد‪ ،‬وهــو امليــم الواقــع يف صــدر الكلمــة‪.‬‬
‫‪2‬ـ املكتنف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف الوسط مثل‪ِ :‬‬
‫(جدِّ ي جهدى)‪ ،‬فكلمة‬
‫«جهدي» زادت عن كلمة «جدي» بحرف واحد‪ ،‬وهو اهلاء الواقع يف وسط الكلمة‪.‬‬
‫ومثله قول امرئ القيس‪:‬‬
‫اه ِم ا ْلو ِ‬
‫ت بِسا ٍم س ِ‬ ‫ـر َم ِض َّل ٍة‬ ‫ـو ِف ا ْل َعـ ْ ِ‬
‫جه ُح َّس ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬ ‫َق َط ْع ُ َ َ‬ ‫***‬ ‫ـر َق ْفـ ٍ‬ ‫َوخَ ـ ْـر ٍق ك ََجـ ْ‬

‫فكلمة (ساهم) زادت عىل كلمة (سام) بحرف واحد‪ ،‬وهو اهلاء يف وسط الكلمة‪ ،‬واملعنى‪ :‬قطعت‬
‫الصحراء املقفرة عىل حصان شديد ضامر حسن املنظر‪.‬‬
‫وقال أعرايب وذكر ُع َّبا ًدا‪« :‬ما تراهم إال يف وجه وجيه» فكلمة (وجيه) زادت عىل كلمة (وجه)‬
‫بحرف واحد يف وسط الكلمة‪.‬‬
‫‪3‬ـ املطرَّف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف اآلخر نحو‪( :‬اهلوى مطية اهلوان)‪ ،‬فكلمة‬
‫«اهلوان» زادت عن كلمة «اهلوى» بحرف واحد‪ ،‬وهو النون الواقع يف هناية الكلمة‪.‬‬
‫ومثله قوله ع ّز وجل‪ :‬ﱹ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﱸ [النحل‪ ]69:‬فكلمة ( ﮖ) زادت عن (ك ُِّل) بحرف‬
‫واحد‪ ،‬وهو ياء املخاطبة الواقع يف هناية الكلمة‪.‬‬
‫ومن ذلك قول أيب متام ‪:‬‬
‫اض َقو ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اص عو ِ‬ ‫ون ِمـ ٍ‬
‫اضـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ـو ٍ َ‬‫ـول بِ َأ ْسـ َياف َقـ َ‬
‫ت َُصـ ُ‬ ‫***‬ ‫اص ٍم‬ ‫ـن َأ ْيد َعـ َ‬
‫ـو ٍ َ َ‬ ‫َي ُمــدُّ َ ْ‬
‫‪175‬‬

‫فكلمة «عواصم» زادت من حيث الصورة عن كلمة «عواص» بحرف واحد‪ ،‬وهو «امليم» الواقع‬
‫يف هناية الكلمة‪ ،‬وكذلك كلمة «قواضب» زادت من حيث الصورة عن كلمة «قواض» بحرف واحد‪،‬‬
‫وهو «الباء» الواقع يف هناية الكلمة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اجلناس الناقص املختلف يف حرفني‪.‬‬
‫وهلذا الوجه نوع واحد وهو اجلناس املذيل ‪ ،‬مثل قول اخلنساء‪:‬‬
‫ـج َوانِحِ‬
‫ـن الـْـ َ‬
‫ـج َوى َبـ ْ َ‬
‫ـن الـْـ َ‬
‫ِ‬
‫مـ َ‬ ‫***‬ ‫الشـــ َف ُ‬
‫اء‬ ‫ـــو ِّ‬ ‫إِ َّن ا ْل ُبـــك َ‬
‫َاء ُه َ‬
‫فكلمة «اجلوانح» زادت عن كلمة «اجلوى» بحرفني‪ ،‬مها النون واحلاء الواقعان يف هناية الكلمة‪.‬‬
‫ومثله قول مسكني الدارمي‪:‬‬
‫بكَان ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاء ِ‬
‫الر َقـ ِ‬
‫س َجا‬
‫َتفالدُّ َجى ُ ُ‬ ‫إِ َذاا ْلك ََواك ُ‬ ‫***‬ ‫الهيِ ًة‬ ‫َو َأ ْق َطـ ُ‬
‫ـع الـْــخَ ْر َق بِ َْ ْ‬
‫فكلمة «اخلرقاء» وهي الناقة الشديدة الرسيعة‪ ،‬زادت عن كلمة «اخلرق» بمعنى‪ :‬الصحراء بحرفني‪،‬‬
‫مها األلف واهلمزة الواقعان يف هناية الكلمة‪.‬‬
‫ومن ذلك قول حيان بن ربيعة الطائي‪:‬‬
‫ـــح ِديدُ‬ ‫ــم َحــدٌّ إِ َذا ُلبِ َ‬
‫ــس ا ْل َ‬ ‫َُل ْ‬ ‫***‬ ‫ــل َأ َّن َق ْو ِمــي‬
‫ــم ا ْل َق َبائِ ُ‬‫ِ‬
‫َل َقــدْ َعل َ‬
‫فكلمة «احلديد» بمعنى‪ :‬الدروع‪ ،‬زادت عن كلمة «احلد» بمعنى‪ :‬الشدة بحرفني‪ ،‬مها الياء والدال‬
‫الواقعان يف هناية الكلمة‪.‬‬
‫وسمي هذا الرضب مذيال ؛ ألن االختالف وقع يف ذيل الكلمة ‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪:‬‬
‫وهي التي اختلف فيها اللفظان يف نوع احلروف‪ ،‬ويشرتط يف هذا النوع ـ من اجلناس غري التام ـ أن‬
‫ال يقع االختالف يف أكثر من حرف‪ ،‬ومعلوم ألبنائنا الطالب أن حروف اللغة العربية خترج من خمارج‬
‫حمددة‪ ،‬فهناك حروف شفوية مثل‪( :‬الفاء وامليم والباء) وحروف خترج من طرف اللسان مثل‪( :‬الذال‬
‫والثاء)‪ ،‬وحروف حلقية وهي احلروف الستة املجموعة يف قولنا‪( :‬مهز فهاء ثم عني حاء ثم غني خاء)‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وعىل ذلك فهناك حروف تكون متقاربة يف املخرج‪ ،‬وحروف تكون متباعدة يف املخرج‪ ،‬وحينام‬
‫نظر البالغيون يف نوع احلرفني املختلفني نظروا إليهام من هذه اجلهة‪ ،‬أي‪ :‬من حيث تقارب خمرجيهام أو‬
‫تباعدمها‪ ،‬وأطلقوا عىل كل نوع املصطلح البالغي الذي يميزه عن غريه‪ ،‬ومها عىل النحو اآليت‪:‬‬
‫‪176‬‬

‫‪1‬ـ اجلناس املضارع‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان يف نوع احلروف‪ ،‬وكان احلرفان متقاربني يف املخرج‪.‬‬
‫وهذا االختالف إما أن يكون يف أول الكلمة‪ ،‬مثل قول احلريري يف إحدى مقاماته‪( :‬بيني وبني كني‬
‫ليل دامس وطريق طامس)‪ ،‬فاالختالف بني الدال والطاء يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متقاربان يف املخرج‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ـــر ُ‬
‫ف‬ ‫ـــل ِع ْل ِم َ‬
‫ـــك َأ ْع َ ِ‬ ‫َوبِ َف ْض ِ‬ ‫***‬ ‫ـــر ِشـــ ْع ِر َك َأ ْغ َ ِ‬
‫ـــر ُ‬
‫ف‬ ‫ـــن َب ْح ِ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬

‫فاالختالف بني الغني والعني يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متقاربان يف املخرج فهام حرفان حلقيان‪.‬‬
‫وإما أن يكون يف وسط الكلمة‪ ،‬مثل قول بعضهم ‪« :‬الربايا أهداف الباليا»‪ ،‬فاالختالف بني الراء‪،‬‬
‫والالم يف وسط كل كلمة‪ ،‬ومها متقاربان يف املخرج ‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﱸ [األنعام‪،]26:‬‬
‫فاالختالف بني اهلاء‪ ،‬واهلمزة يف وسط كل كلمة‪ ،‬ومها متقاربان يف املخرج‪.‬‬
‫«الي ُل مع ُقود ِف نَو ِ‬
‫اص َيها الـْخَ ْ ُي» فاالختالف بني‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ ْ ٌ‬ ‫وإما أن يكون يف آخر الكلمة‪ ،‬نحو قوله‬
‫َّ‬
‫الالم والراء يف آخر كل كلمة‪ ،‬ومها متقاربان يف املخرج‪.‬‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ِ‬
‫ـــــــرى‬‫يــــــم ِف ا ْل ِق‬
‫ُ‬
‫م َط ِ‬
‫اع‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫ـن ِف الـ َْه ْي َجـــــ ــا‬ ‫ِ‬
‫َم َطاعــــ ـ ُ‬

‫فاالختالف واقع يف آخر كل كلمة ‪ ،‬ومها متقاربان يف املخرج‪.‬‬


‫‪2‬ـ اجلناس الالحق‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان يف نوع احلروف‪ ،‬وكان احلرفان متباعدين يف‬
‫املخرج‪.‬‬
‫ض» أي‪:‬‬ ‫وهذا االختالف (أ) إما أن يكون يف أول الكلمة‪ ،‬مثل قول بعضهم‪« :‬رب و ِض ِ ِ‬
‫غي َر ٍّ‬
‫ُ َّ َ ٍّ ْ‬
‫رب حسن الوجه‪ ،‬مجيل املحيا يروقك هباؤه‪ ،‬وترىض عنه‪ ،‬ولكن أخالقه غري مرضية‪.‬‬
‫فاالختالف بني الواو والراء وقع يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومنه قول احلريري ‪« :‬ال ُأ ْعطِي ِز َم ِامي َل ِ ْن َ ْ‬
‫ي ِف ُر ِذ َم ِامي» أي‪ :‬ال أعطي مقاديت‪ ،‬وال أسلم برأي إنسان‬
‫يكون غري ويف وناقض للعهد‪ ،‬فاالختالف بني الزاي والذال وقع يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف‬
‫املخرج‪.‬‬
‫‪177‬‬

‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﱸ [اهلمزة‪ ،]1:‬فاالختالف بني اهلاء والالم وقع يف أول‬
‫كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪ ،‬فاهلاء من احللق‪ ،‬والالم من أعىل احلنك ‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﱸ‬
‫[النمل‪ ،]22:‬فاالختالف بني السني والنون وقع يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﱸ [الرشح‪ ،]5:‬فاالختالف بني العني والياء وقع يف أول كل‬
‫كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ُون َل ِّين َ‬
‫ُون» فاالختالف بني اهلاء والالم وقع يف أول كل كلمة‪،‬‬ ‫ومثله ما جاء يف اخلرب «املؤمنون َه ِّين َ‬
‫ومها متباعدان يف املخرج‪ ،‬فاهلاء من احللق‪ ،‬والالم من أعىل احلنك‪.‬‬
‫ومثله قول أبو نواس‪:‬‬
‫ـج ًوا ُه َّن ِمنْـ ُه َع َو ِار‬
‫َك َشـ ْ‬
‫ـون َ‬
‫ك ََسـ ْ‬ ‫***‬ ‫ـــار نَـــوار‬ ‫ِ‬
‫َـــوار َمـــا د َي ُ‬
‫ـــار ن َ‬
‫ِ‬
‫د َي ُ‬
‫فاالختالف بني النون والعني وقع يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج ‪.‬‬
‫وكقول ابن املعتز أيضا‪:‬‬
‫َو َأ َّن ــى ِب ــا َث ـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـاو َو َأ َّنُ ـ ْ‬
‫ـم َســ ْف ُر‬ ‫***‬ ‫ـي الــدَّ ُار إِال َأ َّنَــا من ُْهـ ْ‬
‫ـم َق ْف ُر‬ ‫هـ َ‬
‫فاالختالف بني القاف والسني وقع يف أول كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج ‪.‬‬
‫وإما أن يكون يف وسط الكلمة‪ ،‬مثل قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬
‫(ب) َّ‬
‫ﯔﱸ [العاديات‪ ،]8 ،7:‬فاالختالف بني اهلاء والدال وقع يف وسط كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومثلـــه قولـــه تعـــاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﱸ [املرســـات‪،]21 ، 20:‬‬
‫فاالختـــاف بـــن اهلـــاء والـــكاف وقـــع يف وســـط كل كلمـــة‪ ،‬ومهـــا متباعـــدان يف املخـــرج‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱸ [الضحى‪ ،]10 ،9 :‬فاالختالف بني‬
‫القاف والنون وقع يف وسط كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﱸ [البلد‪ ،]16 ،15:‬فاالختالف بني القاف‬
‫والتاء وقع يف وسط كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫‪178‬‬

‫ومثله قول ابن املعتز‪:‬‬


‫ـن َقــدْ ُيـ َ ْ‬
‫ـر‬ ‫ـوء الدَّ ْهــر َمـ ْ‬
‫َو َي ُسـ ُ‬ ‫***‬ ‫ــان َح ِد ٌ‬
‫يــث َقــدْ ُي َقــر‬ ‫لِ ْ َ‬
‫ل َم ِ‬

‫فاالختالف بني القاف والسني وقع يف وسط كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫(ج) وإما أن يكون يف آخر الكلمة‪ ،‬نحو قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﱸ [النساء‪ ،]83:‬فاالختالف بني الراء والنون وقع يف آخر كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومثل قول البحرتي‪:‬‬
‫ـاك ِمــن الصبابـ ِ‬
‫ـة َشـ ِ‬
‫ـاف‬ ‫َأم لِ َشـ ٍ‬ ‫ـاق ت ٍ‬
‫َالف‬ ‫ـن َتـ ٍ‬ ‫ـل َل ِــا َف َ ِ‬
‫َهـ ْ‬
‫َ َّ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫***‬ ‫ات مـ ْ‬
‫فاالختالف بني القاف والفاء وقع يف آخر كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومثله قول ابن مقبل‪:‬‬
‫َين َْه ُال ِحينًا َو َين َْها ُه ال َّث َرى ِحينَا‬ ‫***‬ ‫ت َج َوانِ ُب ُه‬
‫يمشني ِم ْث َل النَّ َقا َما َل ْ‬
‫َ‬
‫فاالختالف بني الالم واهلاء وقع يف آخر كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف املخرج‪.‬‬
‫ومنه قول األخنَس بن شهاب‪:‬‬
‫ـو ِار ُع‬ ‫ِ‬ ‫اء َقدْ َق َت ْلنَا َو َح ِام ٍل‬
‫وح ِامي لِو ٍ‬
‫السـ ُيوفُ َشـ َ‬
‫ـواء َمنَ ْعنَــا َو ُّ‬
‫لـ ً‬ ‫***‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فجانس بحامي وحامل‪ ،‬فاالختالف بني الياء والالم وقع يف آخر كل كلمة‪ ،‬ومها متباعدان يف‬
‫املخرج ‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪:‬‬
‫وهي التى اختلف فيها اللفظان يف هيئات احلروف‪ ،‬وأطلق علامء البالغة عىل هذه الصورة اسم‬
‫املحرف‪:‬‬
‫اجلناس َّ‬
‫متهيد‬
‫املراد هبيئات احلروف‪ ،‬أي‪ :‬ما وضع عىل حروف الكلامت املتطابقة يف احلروفمن حركات وسكنات‬
‫«م َل ٌ‬
‫ك» فهي مكونة من ثالثة أحرف‪ ،‬وبإمكاننا عن طريق اختالف هيئة‬ ‫متيزها عن غريها‪ ،‬مثل كلمة َ‬
‫احلركة والسكون عىل هذه احلروف أن نحصل منها عىل ألفاظ متجانسة متفقة يف حروفها من حيث‬
‫ك ـ َملِ ٌ‬
‫كـ‬ ‫(م َل ٌ‬
‫الصورة خمتلفة يف هيئاهتا‪ ،‬وما يرتتب عىل ذلك من اختالف واضح يف املعنى فنقول‪َ :‬‬
‫‪179‬‬

‫ك ـ َم َل َ‬
‫ك) فاختالف احلركات والسكنات أدى إىل اختالف املعاين‪ ،‬وكلها من قبيل اجلناس‬ ‫ِم ْل ٌ‬
‫ك ـ ُم ْل ٌ‬
‫املحرف‪ ،‬وعىل ذلك فاجلناس املحرف له أنواع بالنظر إىل اختالف نوع احلركة عىل احلرف‪ ،‬أو بالنظر‬
‫إىل اختالف احلركة مع السكون‪.‬‬
‫أنواع اجلناس احملرف‬
‫ِ‬
‫البد» حيث اختلفا اللفظان يف احلركة‪،‬‬ ‫«ج َّب ُة ُ ْ‬
‫البد َجنَّ ُة َ ْ‬ ‫‪1‬ـ االختالف يف احلركة فقط مثل قولنا‪ُ :‬‬
‫فاألول‪ :‬باؤه مضمومة‪ ،‬والثاين‪ :‬باؤه مفتوحة‪.‬‬
‫ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﱹﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﱸ [الصافات ‪،]73 ،72‬‬
‫حيث اختلف اللفظان يف احلركة‪ ،‬فاألول‪ :‬الذال فيه مكسورة‪ ،‬وهو اسم فاعل من أنذر‪ ،‬واملراد‬
‫هبم‪ ،‬الرسل‪ ،‬والثاين‪ ،‬الذال فيه مفتوحة‪ ،‬وهو اسم مفعول من ُأن ِْذر‪ ،‬واملراد هبم‪ :‬األمم املنذرة‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﱸ [التغابن‪،]3:‬‬
‫«و َص َّو َرك ُْم َف َأ ْح َس َن ُص َو َرك ُْم»؛ الختالف احلركات يف الشكل‪ ،‬فالصاد مفتوحة ىف‬
‫فاجلناس يف قوله‪َ :‬‬
‫الكلمة األوىل‪ ،‬وهى‪ :‬فعل‪ ،‬وىف الثانية مضمومة وهى‪ :‬اسم‪.‬‬

‫‪2‬ـ االختالف يف احلركة والسكون كقوهلم‪« :‬ا ْلبِدْ َع ُة َ َ‬


‫ش ُك ِّ ْ‬
‫الشك» حيث اختلف اللفظان يف احلركة‪،‬‬
‫والسكون‪ ،‬فاألول‪ :‬الراء فيه مفتوحة‪ ،‬والثاين‪ :‬الراء فيه ساكنة‪.‬‬
‫ومثله قول أيب العالء املعري‪:‬‬
‫ت ِم َن َّ‬
‫الش َعر‬ ‫ت ِم َن ِّ‬
‫الش ْعر َأ ْو َب ْي ٌ‬ ‫َب ْي ٌ‬ ‫***‬ ‫ْــح ْس ُن َي ْظ َه ُر ِف َب ْيت ْ ِ‬
‫َي َر ْو َن ُق ُه‬ ‫والـ ُ‬
‫حيث اختلف اللفظان يف احلركة والسكون‪ ،‬فاألول‪ :‬العني فيه ساكنة‪ ،‬واملراد به البيت من القصيدة‬
‫الشعرية‪ ،‬والثاين‪ :‬العني فيه مفتوحة‪ ،‬واملراد به‪ :‬املنزل أو اخليمة املصنوعة من شعر األنعام واألغنام ‪.‬‬
‫الصورة الرابعة‪:‬‬
‫وهي التى اختلف فيها اللفظان يف ترتيب احلروف‪ ،‬وأطلق علامء البالغة عىل هذه الصورة اسم‬
‫جناس القلب‪ ،‬ومعنى االختالف يف ترتيب احلروف‪ .‬أن اللفظني املتجانسني حروفهام واحدة من حيث‬
‫العدد والنوع‪ ،‬ولكن هذه احلروف يف كل كلمة مرتبة ترتيبا خمتلفا‪ ،‬بحيث يكون كل حروف الكلمة‬
‫مقلوبة من مكاهنا‪ ،‬أو يكون بعضها فقط تغري ترتيبه‪ ،‬وعىل ذلك فهذا النوع يأيت عىل رضبني‪:‬‬
‫‪180‬‬

‫ْف أل ْعدَ ائِه» أي‪ :‬سيف املمدوح يكمن النرص‬


‫«ح َس ُام ُه َفت ٌْح ألوليائه‪َ ،‬حت ٌ‬
‫‪1‬ـ قلب الكل مثل قوهلم‪ُ :‬‬
‫فيه ألوليائه‪ ،‬ويكمن اهلالك فيه ألعدائه ‪ ،‬وقد اختلف ترتيب كل احلروف يف اللفظني املتجانسني‪.‬‬
‫ت َع ْو َراتِنَا َو ِآم ْن َر ْو َعاتِنَا» حيث اختلف ترتيب بعض‬ ‫‪2‬ـ قلب البعض كام جاء يف اخلرب‪« :‬اللهم ْاس ُ ْ‬
‫احلروف يف كل كلمة‪ ،‬وبقي الباقي عىل حاله‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ومثله قول بعضهم‪ِ :‬‬
‫ي َف َّك ْيه َو َأ ْط َل َق ما َب ْ َ‬
‫ي َك َّف ْيه»‪ ،‬حيث اختلف ترتيب‬ ‫ك ما َب ْ َ‬ ‫امر ًأ َأ ْم َس َ‬
‫«رح َم اهللُ َ‬
‫َ‬
‫بعض احلروف يف كل كلمة‪ ،‬وبقي الباقي عىل حاله‪.‬‬
‫ومثله قول أيب متام‪:‬‬
‫والر َيـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ـك ِّ‬‫الشـ ِّ‬
‫ـاء َّ‬ ‫ُمت ِ ِ‬
‫ُونـ َّ‬
‫ـن َجـ ُ‬ ‫***‬
‫يض الص َفائِحِ ال سود الصحائِ ِ‬
‫ف ِف‬ ‫ُ ُ َّ َ‬ ‫بِ ُ َّ‬

‫***‬
‫‪181‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫اجلناس غري التام‪ :‬هو ما اختلف فيه اللفظان يف واحد من أمور أربعة ‪ ،‬عدد احلروف‪ ،‬نوع‬
‫احلروف‪ ،‬هيئة احلروف‪ ،‬ترتيب احلروف‪.‬‬
‫وهلذا النوع من اجلناس صور عديدة ‪ ،‬وقد خص علامء البالغة كل صورة بمصطلح خيصها‬
‫يميزها عن غريه‬
‫وهذه الصور هي‪ :‬اجلناس الناقص‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان يف عدد احلروف‪.‬‬
‫من أنواع اجلناس الناقص ‪:‬‬
‫املردوف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف األول‪.‬‬
‫املكتنف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف الوسط‪.‬‬
‫املطرف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف يف اآلخر‪.‬‬
‫ّ‬
‫اجلناس املضارع‪ :‬وهو ما اختلف ركناه يف حرفني مل يتباعدا خمرجا‪.‬‬
‫اجلناس الالحق‪ :‬هو أن خيتلف طرفا اجلناس يف حرف من حروفهام‪ ،‬مع عدم التقارب يف املخرج‬
‫بني احلرفني‪.‬‬
‫املحرف‪ :‬ويكون باالختالف يف هيئات احلروف‪.‬‬
‫اجلناس ّ‬
‫جناس القلب‪ :‬ويكون باالختالف يف ترتيب احلروف‪.‬‬

‫***‬
‫‪182‬‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬اجلناس غري التام بجميع صوره ورد يف القرآن الكريم‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬اجلناس يكون مقبوال إذا جاء غري متكلف‪ ،‬وكان اللفظ فيه تابعا للمعنى املراد‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬اجلناس الناقص بجميع أنواعه ورد بكثرة يف القرآن والسنة والشعر وكالم العرب‬
‫النثري‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬أقل األنواع ورودا يف القرآن والسنة بالنسبة لغريه هو اجلناس الواقع يف هيئات‬
‫احلروف‪ ،‬وجناس القلب‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬اجلناس التام وغري التام وردا يف القرآن الكريم يف موقع سديد مطابق ملقتىض احلال‪ ،‬وهو‬
‫من البالغة يف قمة اإلعجاز ‪.‬‬
‫***‬
‫‪183‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫‪ -1‬اجلناس الناقص له صور كثرية حسب اختالف نوع احلروف‪( .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫املطرف من أنواع اجلناس الناقص‪ .‬‬
‫‪ -2‬اجلناس ّ‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬اجلناس املضارع ما كان اجلناس فيه فعال مضارعا‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬اجلناس الالحق ما أحلق بجناس آخر‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬اجلناس غري التام ال خيتلف عن اجلناس التام‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬جناس القلب من أنواع اجلناس التام ‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬جناس القلب له قسم واحد هو قلب الكل‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬اجلناس مل يرد يف القرآن إال قليال جدا‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -9‬اجلناس بأنواعه املختلفة مل يرد يف السنة ‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -10‬اجلناس املتكلف ممجوج ومرذول‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -5‬‬ ‫‪ .)×( -4‬‬ ‫‪ .)×( -3‬‬ ‫‪ .)√( -2 .)×( -1‬‬
‫‪.)√( -10‬‬ ‫‪ .)×( -9‬‬ ‫‪ .)×( -8‬‬ ‫‪ .)×( -7 .)×( -6‬‬
‫التدريب الثاني‪ :‬استخرج اجلناس‪ ،‬وبني نوعه فيام يأيت‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال الشاعر‪:‬‬
‫و َغــدَ ا ِحــرا ِمنْـه ُظهــور ِحر ِ‬
‫اء‬ ‫ون ِمنًى ُمنًى ِم ْن َس ْيبِ ِه‬
‫َو َغدَ ْت ُب ُط ُ‬
‫ُ ُ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫***‬

‫‪ 2‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫ـن َ ْتلِيـ ٍ‬
‫ـل َو َت ْكبِ ِي‬ ‫ـاس َمــا َبـ ْ َ‬
‫والنَّـ ُ‬ ‫***‬ ‫َف ْالَ ْر ُض ِف َف َرحِ ‪،‬والدَّ ْه ُر ِف َم َرحٍ‬
‫‪184‬‬

‫‪ 3‬ـ وقال الشاعر‪:‬‬


‫َو َص ْو ُب ا ْلـمز ِْن ِف راحٍ َشم ِ‬
‫ول‬ ‫ض ِف ِريحٍ َشـ َـا ِل‬
‫ـيم الـ َّـر ْو ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫***‬ ‫نَسـ ُ‬

‫‪ 4‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫الص َفائِحِ‬
‫الص َفا َو َّ‬
‫ي َّ‬‫الر َدى َب ْ َ‬
‫ِ‬
‫َجديدُ َّ‬ ‫***‬ ‫اها‬ ‫َفيا َل َ ِ‬
‫ك م ْن َح ْز ٍم َو َع ْز ِم َط َو ُ َ‬ ‫َ‬

‫‪ 5‬ـ قال الشاعر‪:‬‬


‫َفا ْلك ُْحل َأ َش َب ُه ِف ا ْل َع ْينِني با ْلك َْح ِل‬ ‫***‬ ‫ـر َف ٍة‬
‫ـل َم ْعـــ ِ‬ ‫ـود ِ‬
‫اد َق ْبـ َ‬ ‫ِ‬
‫َفــا تَث ْق بِـ ِ َ‬

‫إجابة التدريب الثانى‬


‫و(منًى) ونوعه جناس‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬يف البيت األول جناس غري تام ووقع يف موضعني األول‪ :‬بني (منًى ) ُ‬
‫حمرف‪ ،‬حيث كان االختالف يف نوع احلركة ‪.‬‬
‫و(حراء) وهو جناس ناقص مطرف‪ ،‬حيث اختلفت الكلمتان بزيادة حرف يف‬‫(حرا)‪ِ ،‬‬‫الثاين ‪ :‬بني ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫‪ -2‬يف البيت الثاين جناس مضارع وهو من أنواع اجلناس غري التام بني(فرح) و(مرح) حيث اختلف‬
‫اللفظان يف نوع احلروف‪ ،‬وكان احلرفان متقاربني يف املخرج‪.‬‬
‫(ريحٍ َشم ِل)‪ ،‬و(راحٍ َشم ِ‬
‫ول) ونوعه جناس الحق حيث‬ ‫‪ -3‬يف البيت الثالث جناس غري تام بني ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقع االختالف بينهام يف وسط الكلمة‪ ،‬ومها حرفان متباعدان‪.‬‬
‫‪4‬ـ يف البيت الرابع جناس غري تام ووقع يف موضعني األول ‪ :‬بني (حزم) و(عزم) وهو جناس‬
‫مضارع‪ ،‬حيث كان االختالف بني لفظني يف نوع احلروف‪ ،‬وكان احلرفان متقاربني يف املخرج‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬بني (الصفا)‪ ،‬و(الصفائح) وهو جناس ناقص مذيل‪ ،‬حيث اختلفت الكلمتان بزيادة حرفني‬
‫يف اآلخر‪.‬‬
‫‪ -5‬يف البيت اخلامس جناس حمرف بني الكحل بضم الكاف من التكحل‪ ،‬والكحل بفتح الكاف‪،‬‬
‫وهو السواد الذي يوجد يف العيون‪ ،‬وهو اختالف يف هيئة احلروف‪.‬‬
‫***‬
‫‪185‬‬

‫الدرس الثالث‬
‫السجع‬

‫أهداف الدرس‬
‫أن‪:‬‬
‫قادرا عىل ْ‬
‫بنهاية الدرس يتوقع أن يكون الطالب ً‬
‫‪ -1‬يعرف السجع مع التمثيل‪.‬‬
‫‪ -2‬يوازن بني أقسام السجع‪.‬‬
‫‪ -3‬يعدد رشوط حسن السجع‪.‬‬
‫‪ -4‬يذكر أنواع السجع من حيث الطول والقرص‪.‬‬
‫‪ -5‬يناقش قضية ورود السجع ىف القرآن الكريم من عدمه‪.‬‬
‫‪ -6‬يأتى بأمثلة ألقسام السجع ىف الشعر‪.‬‬

‫وصف الدرس‪ :‬يتناول هذا الدرس مفهوم السجع‪ ،‬وأقسامه‪ ،‬ورشوط حسنه‪.‬‬

‫شرح الدرس‬
‫تعريفه‪:‬‬
‫ٍ‬
‫طريقة واحدة‪.‬‬ ‫احلامم ُة أو النَّاق ُة َس ْج ًعا‪ ،‬إذا َر َّد َد ْت َص ْو َتا َعىل‬ ‫سج َعت‬
‫َ‬ ‫الس ْجع لغة‪ :‬مأخوذ من َ‬
‫َّ‬
‫اصطالحا‪ :‬هو اتفاق فاصلتني أو أكثر يف احلرف األخري‪ ،‬وهو يف النثر كالقافية يف الشعر‪.‬‬
‫ً‬
‫وحتى نفهم هذا التعريف السابق وأقسام السجع التالية ال بد من معرفة املصطلحات اآلتية‪:‬‬
‫‪1‬ـ الفقرة‪ :‬هي قطعة من الكالم مزاوجة ألخرى‪ ،‬وقد تسمى القرينة ـ أيضا ـ ؛ ملقارنَتها ألختها‪.‬‬
‫‪2‬ـ الفاصلة‪ :‬هي الكلمة األخرية من الفقرة الواحدة‪.‬‬
‫‪3‬ـ السجعة‪ :‬هي اجلزء الواحد من السجع‪ ،‬وجتمع عىل سجعات‪.‬‬
‫‪186‬‬

‫ان َك َفى‪ ،‬وإِ َذا َم َل َ‬


‫ك َع َفا« كل مجلة من اجلمل الثالث املسجوعة‬ ‫احل ُّر إ َذا َو َعدَ َو َف‪ ،‬وإِ َذا أ َع َ‬
‫ففي قولنا‪ُ « :‬‬
‫يطلق عليها فقرة‪ ،‬والفاصلة هي الكلمة األخرية يف كل فقرة‪،‬وهي «وىف ـ كفى ـ عفا« والسجعة تطلق‬
‫ـ أيضا ـ عىل الفقرة الواحدة‪ ،‬فكل مجلة يطلق عليها فقرة أو سجعة يف علم البديع‪.‬‬
‫قيمته البالغية‪:‬‬
‫السجع أسلوب بديعي يزيد يف موسيقية األلفاظ‪ ،‬ويكسبها نغم ًة عذب ًة ُ‬
‫يأنس هلا السمع‪ ،‬وتتأثر هبا‬
‫النفس‪.‬‬

‫أقسام السجع‬
‫متهيد‬
‫نظر علامء البالغة إىل الفقرات املسجوعة يف ال ّلسان العريب شعرا ونثرا‪ ،‬فوجدوا أن هذه الفقرات‬
‫ـ من واقع األمثلة والشواهد التي نظروا إليها ـ ليست عىل طريقة واحدة يف الوزن والقافية‪ ،‬من هنا‬
‫املطرف‪،‬‬
‫الس ْجع ثالثة أقسامٍ‪ ،‬ووضعوا لكل قسم اسام اصطلحوا عليه‪ ،‬وهذه األقسام هي‪َّ :‬‬
‫قس ُموا َّ‬
‫َّ‬
‫واملرصع‪ ،‬واملتوازي وإليك تعريف كل قسم مصحوبا بأمثلته‪.‬‬
‫َّ‬
‫أ ـ املطرَّف‪ :‬وهو أن تكون الفاصلتان‪ ،‬ومها الكلمتان األخريتان من السجعتني خمتلفتني يف الوزن متفقتني‬
‫يف القافية‪ ،‬أي ‪ :‬يف احلرف األخري فقط‪ ،‬نحو قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱸ‬
‫[نوح‪ ،]14 ،13:‬فالفقرة األوىل‪ :‬انتهت بالفاصلة (وقارا)‪ ،‬والفقرة الثانية املزاوجة هلا انتهت بالفاصلة‬
‫(أطوارا)‪ ،‬ومن ينعم النظر يف الفاصلتني‪ :‬جيد أهنام اتفقتا يف احلرف األخري الراء املمدودة‪ ،‬ولكنهام‬
‫اختلفتا يف وزهنام‪ ،‬فاألوىل‪ :‬عىل وزن َف َعاال‪ ،‬والثانية‪ :‬عىل وزن أفعاال‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﱸ [النبأ‪ ،]٧،٦:‬فالفقرة األوىل‪ :‬انتهت‬
‫بالفاصلة مهادا‪ ،‬والفقرة الثانية‪ :‬املزاوجة هلا انتهت بالفاصلة أوتادا‪ ،‬ومن يتأمل يف الفاصلتني‪ ،‬جيد أهنام‬
‫اتفقتا يف احلرف األخري الدال املمدودة‪ ،‬ولكنهام اختلفتا يف وزهنام‪ ،‬فاألوىل‪ :‬عىل وزن فِعاال ‪ ،‬والثانية‪:‬‬
‫عىل وزن َأ ْف َعاال‪.‬‬
‫املرصع ‪ :‬وهو أن تكون ألفاظ كل فقرة أو أكثرها تتفق مع ما يقابلها من ألفاظ الفقرة األخرى‬ ‫ب ـ َّ‬
‫اج ِر َو ْعظِ ْه»‪.‬‬
‫اه ِر َل ْفظِ ْه‪ ،‬و َي ْق َر ُع األَ ْسم َع بِز ََو ِ‬
‫َ‬
‫وزنا وتقفية‪ ،‬كقول احلريري‪َ « :‬فهو ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ‬
‫ُ َ َ َُ ْ َ َ َ َ‬
‫‪187‬‬

‫اه ِر َل ْفظِ ْه» مثل ألفاظ الفقرة الثانية‪َ « :‬ي ْق َر ُع األَ ْس َم َع‬
‫فألفاظ الفقرة األوىل‪« :‬ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ‬
‫َ َُ ْ َ َ َ َ‬
‫اج ِر َو ْعظِ ْه» وزنا وقافية‪ ،‬فلفظة «يطبع» تتفق مع لفظة «يقرع» وزنا‪ ،‬فهام عىل وزن َي ْف َعل‪ ،‬وتتفق‬ ‫بِز ََو ِ‬
‫معها ـ أيضا ـ قافية‪ ،‬فاحلرف األخري يف كل منهام هو العني‪ ،‬وكذلك لفظة «األسجاع» تتفق مع لفظة‬
‫«األسامع» وزنا وقافية‪ ،‬ولفظة «بجواهر» عىل وزن بفواعل تتفق مع لفظة «بزواجر» أيضا وزنا وقافية‪،‬‬
‫ولفظة « لفظه» عىل وزن َف ْعلِ ِه تتفق مع لفظة «وعظه» وزنا وقافية‪.‬‬
‫صح ًوا» فكل لفظة من ألفاظ‬ ‫ِ‬
‫املطر ْ‬ ‫ِ‬
‫الكدر ص ْف ًوا‪ ،‬وبعدَ‬ ‫«إن بعدَ‬
‫ومثله قول أيب الفضل اهلمذاين‪َّ :‬‬
‫الفقرة األوىل تتفق مع كل لفظة تقابلها يف ألفاظ الفقرة الثانية وزنا وقافية‪.‬‬
‫ومثله قول أيب الفتح البستي‪« :‬ليكن إقدامك توكال‪ ،‬وإحجامك تأمال»‪ ،‬فالفقرة األوىل ثالثة‬
‫ألفاظ‪ ،‬والثانية لفظان‪ ،‬وأكثر ألفاظ الفقرة األوىل‪ ،‬وهو «إقدامك توكال» يتفق مع ألفاظ الفقرة الثانية‬
‫«إحجامك تأمال» وزنا وقافية‪.‬‬
‫ومن هذا النوع يف الذكر احلكيم قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﱸ[الغاشية‪،]26 ،25 :‬‬
‫فمن يدقق النظر يتيقن أن كل كلمة يف الفقرة األوىل تتفق مع كل كلمة يف الفقرة الثانية وزنا ‪ ،‬ويف‬
‫احلرف األخري كذلك‪ّ ،‬أما كلمة « ُث َّم» فهي بمنزلة املشرتك بني الفقرتني‪.‬‬
‫ج ـ املتوازي‪ :‬وهو أن يكون االتفاق يف كل فقرة يف الكلمتني األخريتني فقط‪ ،‬نحو قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﱸ[الغاشية‪.]14 ،13:‬‬
‫فاالتفاق يف ألفاظ الفقرتني جرى يف الكلمة األخرية فقط يف كل منهام‪ ،‬فلفظة «مرفوعة» تتفق مع‬
‫لفظة «موضوعة» وزنا وقافية‪ ،‬بعكس لفظتي رسر وأكواب‪ ،‬فهام خمتلفتان وزنا وتقفية‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﱸ [املرسالت‪ ،]2 ،1:‬فلفظة «عرفا» تتفق مع لفظة‬
‫«عصفا» وزنا وقافية‪ ،‬بعكس لفظتي املرسالت والعاصفات فهام خمتلفتان وزنا فقط‪.‬‬
‫ك ِم ْن رشورهم»‪.‬‬
‫ور ِه ْم ‪َ ،‬و َأ ُعو ُذ بِ َ‬
‫ك يف ن ُُح ِ‬
‫‪«:‬اللهم إين َأ ْد َر ُأ بِ َ‬ ‫ومثل ذلك ما ورد يف دعاء النبي‬
‫فلفظة «نحورهم» تتفق مع لفظة «رشورهم» وزنا وقافية‪ ،‬بعكس لفظتي أدرأ‪ ،‬وأعوذ فهام خمتلفتان‬
‫وزنا وقافية‪.‬‬
‫ومثله قول أيب منصور الثعالبي‪ِْ :‬‬
‫روب»‪ ،‬فكلمتا‪:‬‬
‫ـح ْ‬‫ب ا ْل ُ‬
‫اج َس َب ُ‬ ‫«ال ْقدُ َصدَ ُأ ا ْل ُق ُل ْ‬
‫وب‪ ،‬وال َّل َج ُ‬
‫«القلوب»‪ ،‬و«احلروب» متفقتان يف الوزن ويف القافية أي‪ :‬يف احلرف األخري منهام‪ ،‬بعكس كلمتي‬
‫‪188‬‬

‫و«س َبب» فهام خمتلفتان يف احلرف األخري‪ ،‬متفقتان يف الوزن‪ ،‬وبعكس كلمتي «احلقد»‬ ‫«صدَ أ»‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫و«ال ّلجاج» ـ أيضا ـ فهام خمتلفتان يف الوزن والقافية‪.‬‬
‫ِ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ور‪َ ،‬وفنَاء َغ ْ ِي َم ْع ُم ْ‬
‫ور‪،‬‬ ‫ت بِ َواد َغ ْ ِي َم ْ ُط ْ‬
‫سأل رجال َلئيام فلم يعطه‪َ « :‬ن َز ْل َ‬ ‫لرج ٍل َ‬ ‫ومثله قول أعرايب ُ‬
‫ت ْل بِ َعدَ ْم» حيث اتفقت الكلمة األخرية ممطور‪ ،‬معمور‪ ،‬ميسور‬ ‫ورج ٍل َغ ِي ميسور‪َ ،‬ف َأ ْق ِدم بِنَدَ م‪ ،‬أو ار َ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ َُْ ْ‬ ‫ََ ُ‬
‫يف الفقرات الثالث وزنا وقافية‪ ،‬كام اتفقت الكلمة األخري بندم مع الكلمة األخرية بعدم يف الفقرة‬
‫الرابعة واخلامسة‪.‬‬
‫األسجاع مبنية على سكون أواخرها‬
‫اعلم ـ عزيزي الطالب ـ أن فواصل كل فقرة مسجوعة موضوعة عىل أن يكون احلرف األخري فيها‬
‫يزاوج بني كل فقرة وما يامثلها‪ ،‬وال يتم ذلك يف كل صورة‬
‫َ‬ ‫وموقوف عليه؛ ألن الغرض أن‬
‫ٌ‬ ‫ساكن‪،‬‬
‫مفر من‬ ‫ات‪َ ،‬و َما أ ْق َر َب ما ُهو ْ‬
‫آت» مل يكن ٌّ‬ ‫«ما أ ْب َعدَ َما َف ْ‬
‫وصلت قوهلم ‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫إال بالوقف‪ ،‬أال ترى أنك لو‬
‫ات‪َ ،‬و َما أ ْق َر َب ما ُهو‬
‫«ما أ ْب َعدَ َما َف َ‬
‫إجراء كل من الفاصلتني عىل ما يقتضيه حكم اإلعراب‪ ،‬فتقول‪َ :‬‬
‫آت»‪ ،‬فيفوت عندئذ الغرض من السجع‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫درجات السجع وشروط حسنه‬


‫نظر علامء البالغة يف الفقرات املسجوعة من الشواهد‪ ،‬واألمثلة التي طالعوها‪ ،‬فوجدوا أن هذه‬
‫الفقرات تأيت يف الكالم العريب عىل ثالث َدرجات‪:‬‬
‫‪1‬ـ الدرجة األوىل‪ :‬وهي التي ت ََس َاو ْت فيها الفقرات‪ ،‬أي‪ :‬السجعات ‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﱸ(‪[ )1‬الواقعة‪ ،]30 ،27:‬فكل فقرة‬
‫مسجوعة متساوية يف كلامهتا مع عدد كلامت الفقرة التي بعدها‪.‬‬
‫إلمساك‪« :‬ال َّل ُه َّم‬‫إلنفاق‪ ،‬والتحذير من ا ِ‬
‫احلث عىل ا ِ‬
‫َّ‬ ‫املتضم ِن‬
‫ِّ‬ ‫ـ يف دعائه‬ ‫ومثله قول الرسول ـ‬
‫ط ُم ْ ِسكًا تل ًفا»‪ ،‬فالفقرتان يف احلديث الرشيف متساويتان يف كلامهتام‪.‬‬‫ط من ِْف ًقا َخ َل ًفا‪ ،‬و َأع ِ‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫َأ ْع ُ‬
‫سجعت ُُها الثانية‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ت ْ‬‫‪2‬ـ الدرجة الثانية‪ :‬وهي التي َطا َل ْ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﱸ [النجم‪ ،]2 ،1:‬فالسجعة الثانية هنا أطول من األوىل كام ترى‪.‬‬

‫م ُضود‪ :‬منزوع الشوك‪َ .‬ط ْلح منْضود‪ :‬ال َّط ْل ُح‪ :‬املوز‪ ،‬منضود‪ :‬مضموم بعضه إىل بعض بتناسق‪.‬‬
‫(‪ْ َ )1‬‬
‫‪189‬‬

‫سجعت ُُها الثالثة‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬


‫ت ْ‬‫الدرجة الثالثة‪ :‬وهي التي َطا َل ْ‬
‫‪3‬ـ َّ‬
‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﱸ [احلاقة‪ ،]32 :30:‬فالسجعة الثالثة هنا هي األطول كام ترى‪.‬‬
‫ومثله قوله تعاىل ‪ :‬ﱹ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﱸ [الربوج‪5:‬‬

‫‪ ،]7:‬فالفقرة الثالثة هنا هي األطول كام ترى‪.‬‬


‫وليس معنى أن السجع هنا يف الدرجة الثانية أو الثالثة أنه أقل يف احلسن واجلامل من الدرجة األوىل؛‬
‫ألن النظر هنا إىل الطول والقرص وليس النظر إىل أهيام أكثر حسنا ومجاال؛ والقرآن الكريم كله عىل‬
‫درجة واحدة من احلسن واجلامل والكامل واإلعجاز‪ ،‬وفواصل الدرجة الثانية والثالثة يف اآليات السابقة‬
‫ال ْسن‪ ،‬مثل الدرجة األوىل متاما؛ ألن مقتىض احلال اقتىض طول السجعة‬ ‫وقعت يف موقعها املالئم هلا يف ُْ‬
‫تنبيها‪،‬‬
‫فيكون أكثر ً‬
‫ُ‬ ‫الس ْج َع حسنا؛ ألنَّه ُ ْ‬
‫يرجه عن النّمط َّية املتناظرة‪،‬‬ ‫الثانية أو الثالثة‪ ،‬وهذا ما جيعل َّ‬
‫وأشد إثار ًة لنفس املتذوق للجامل‪.‬‬
‫وعلى ذلك فللسجع املستحسن أربعة شروط ‪:‬‬
‫أقرص بكثري من األوىل؛ ألن السجع إذا استوىف أمده من الفقرة األوىل؛‬
‫َ‬ ‫‪1‬ـ أن ال تكون السجع ُة الثاني ُة‬
‫أقرص منها بكثري فذلك يكون كاليشء املبتور الذي ُقطع َق ْبل أن ُي ْستكْمل َما‬
‫َ‬ ‫لطوهلا‪ ،‬ثم جاءت الثانية‬
‫كان ينبغي له‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن يكون السجع رصني الرتكيب ورد عفويا خال ًيا من التكلف والتصنع‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن تكون كل فقرة من السجع تدل عىل معنى خمتلف عام دلت عليه الفقرة السابقة عليها‪ ،‬كام مر‬
‫يف مجيع األمثلة السابقة‪.‬‬
‫وعىل ذلك فقول ابن عباد يف وصف جنود مهزومني يف احلرب ‪« :‬طاروا واقني بظهورهم صدورهم‬
‫وبأصالهبم نحورهم»‪ ،‬ليس من السجع احلسن؛ لتوافق الفقرتني يف املعنى من غري فائدة‪.‬‬
‫خادمة وتابعة للمعاين‪.‬‬
‫َ‬ ‫املفردات يف كل فقرة رشيق ًة‪ ،‬واأللفاظ ُفيها‬
‫ُ‬ ‫‪4‬ـ أن تكون‬
‫أنواع السجع من حيث طوله وقصره‬
‫السجع من حيث طوله وقرصه ثالث ُة أنواعٍ‪:‬‬
‫قصري‪ ،‬كقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ٌ‬ ‫سجع‬
‫ٌ‬ ‫‪1‬ـ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﱸ [املدثر‪1:‬ـ‪ ،]7‬ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﱸ [املرسالت‪.]2 ،1:‬‬
‫‪190‬‬

‫‪2‬ـ َس ْج ُع متوسط‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬


‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﱸ [القمر‪1:‬ـ ‪.]3‬‬
‫‪3‬ـ َس ْج ٌع طويل‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪:‬ﱹ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﱸ‬
‫[األنفال‪.]44 ،43:‬‬
‫هل ورد السجع يف القرآن الكريم؟‬
‫اختلف العلامء يف ذلك عىل رأيني‪:‬‬
‫األول‪ :‬إنكار السجع مطلقا يف القرآن الكريم من هؤالء اإلمام الباقالين‪ ،‬حيث يقول‪« :‬ذهب‬
‫أصحابنا كلهم إىل نفي السجع من القرآن ‪.)1(»...‬‬
‫الثاني‪ :‬إجازة السجع مطلقا يف القرآن الكريم‪ ،‬ولكن أصحاب هذا الرأي رفضوا إطالق مصطلح‬
‫السجع عليه‪ ،‬بل سموه الفواصل‪ ،‬يقول الرماين‪« :‬الفواصل حروف متشاكلةيف املقاطع توجب حسن‬
‫إفهام املعاين‪ ،‬والفواصل بالغة‪ ،‬واألسجاع عيب‪ ،‬وذلك أن الفواصل تابعة للمعاين‪ ،‬أما األسجاع‪،‬‬
‫فاملعاين تابعة هلا»(‪.)2‬‬
‫ويقول القزويني‪« :‬وقيل‪ :‬إنه ال يقال يف القرآن أسجاع‪ ،‬وإنام يقال‪ :‬فواصل» (‪. )3‬‬
‫والرأي الثاين هو الرأي األوفق‪ ،‬حيث اتفق البالغيون عىل تسمية ما ورد يف القرآن الكريم من السجع‬
‫أخذا من قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﱸ [هود‪]1:‬؛ تأدبا‬ ‫بالفواصل‪ً ،‬‬
‫مع مقام القرآن الكريم‪.‬‬
‫وأما اجتناب إطالق السجع عىل القرآن الكريم؛ فألن أصل اللفظ مأخوذ من سجع الطري‪ ،‬فيرشف‬
‫القرآن الكريم عن أن يستعار ألي أسلوب فيه لفظ هو يف أصل وضعه لطائر احلامم إذا هدر وكرر‬
‫صوته‪ ،‬وأيضا ألجل ترشيف القرآن الكريم عن مشاركة غريه يف لفظ السجع الذي يقع يف كالم الناس‪،‬‬
‫ويكون بعضه حسنا رصينا‪ ،‬وبعضه قبيحا متكلفا‪ ،‬فخص ما ورد يف القرآن باسم الفواصل؛ ألنه جاء‬
‫خاليا من التكلف والتصنع والتعمل‪ ،‬مجيل الوقع عىل األسامع كأنه حبات در منظومة يف سلك واحد‪.‬‬

‫(‪ )1‬إعجاز القرآن للباقالين ‪ ، 57‬وانظر نظم الدرر للبقاعي ‪. 253 /5‬‬
‫(‪ )2‬النكت يف إعجاز القرآن للرماين ‪.19‬‬
‫(‪ )3‬اإليضاح للقزويني ‪. 444‬‬
‫‪191‬‬

‫وإن َق ُص ْت‪ ،‬ففي القرآن الكريم سور كثرية كلها أو‬


‫ثم ال ختلو من الفواصل سور ٌة قرآنية ْ‬
‫ومن َّ‬
‫جلها مبنية أواخر كل آية فيها عىل حرف واحد مما يؤكد عىل ورود هذا اللون يف القرآن الكريم بكثرة‬
‫واضحة‪.‬‬
‫هل يرد السجع يف الشعر؟‬
‫األصل يف السجع‪ ،‬أن يكون يف الكالم املنثور‪ ،‬لكنَّه قد يأيت داخل فِ َق ِ‬
‫رات البيت الشعري فيزيدُ ه‬ ‫َّ‬
‫ُح ْسنًا ورونقا إِ َذا كان مستوف ًيا رشوطه غري وارد عىل سبيل التك ُّلف والتصنع‪ ،‬فإذا ورد متكلفا متصنعا‪،‬‬
‫فهو ممجوج مذموم‪ ،‬مثل قول الشاعر‪:‬‬
‫َو َج َرائِـــ ٍم َأ ْل َف ْيت ََهـــا ُمت ََو ِر َعـــا‬ ‫***‬ ‫ِ َ‬
‫َو َمـــكَار ٍم أ ْو َل ْيت ََهـــا ُمت َ ِّ‬
‫َب ًعـــا‬
‫أقسام السجع يف الشعر‬
‫بقسمي ال يوجدان يف النثر‪،‬‬
‫ْ‬ ‫السجع يف النثر‪ ،‬إالَّ أنّه ّ‬
‫خيتص‬ ‫والسجع يف الشعر قد يأيت عىل وجوه ّ‬
‫َّ‬
‫مها‪ :‬الترصيع‪ ،‬والتشطري‪:‬‬
‫‪1‬ـ التصريع ‪ :‬وهو أن جيعل ا ْل َع ُروض (وهو آخر املرصاع ّ‬
‫األول من البيت) مق َّفا ًة تقفية َّ ْ‬
‫الضب‬
‫(وهو آخر املرصاع الثاين من البيت) مثل قول أيب فراس احلمداين ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َتـ َفـ َّـر ْد َنــا بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــأ ْو َســاط ا ْل َ‬
‫ـم َع ِال‬ ‫***‬ ‫ــــم َث َّق َفة ا ْل َع َ‬
‫ـــو ِال‬ ‫بِ َأ ْط َ‬
‫ـــراف ا ْل ُ‬
‫وهذا النوع مما استحسن يف الشعر‪ ،‬وغلب عىل أوائل القصائد‪ ،‬مثل قول امرئ القيس‪:‬‬
‫ص ِمي َف َأ ْج ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬
‫َوإِ ْن ُكنْت َقدْ أز َْم ْعت َ ْ‬ ‫***‬ ‫ـذا التَّدَ ُّل ـ ِ‬
‫ـل‬ ‫ـض َه ـ َ‬ ‫َأ َفاط ـ ُ‬
‫ـم َم ْه ـ ً‬
‫ا َب ْع ـ َ‬
‫ومثله قول أيب الط ّيب املتن ّبي‪:‬‬
‫ــن ال ـز ََّمـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب طِي ًب ــا يف ا َْل َغ ـ ِ‬ ‫َم َغ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫بِ َمن ِْزلة َّ‬
‫الربي ِع م َ‬ ‫***‬ ‫ـان‬ ‫الشــ ْع ِ‬
‫ـان ِّ‬
‫ومثله قول أيب الطيب أيضـًا‪:‬‬
‫ـر يف ُش ـغ ٍُل وال َبحـ ُـر يف خَ َجـ ِ‬ ‫والرو ُم يف َو َج ٍل‬ ‫ٍ‬
‫ـل‬ ‫َوالـ َ ُّ‬ ‫***‬ ‫َحن يف َج َذل ُّ‬
‫فن ُ‬
‫‪2‬ـ التشطري‪ :‬وهو أن جيعل كل من شطري البيت سجعة خمالفة ألختها‪ ،‬كقول أيب متام‪:‬‬
‫الله ُم ْرت َِق ِ‬
‫ب‬ ‫ـــب‪ ،‬يف ِ‬
‫لله ُم ْرت َِغ ٍ‬
‫ِ‬ ‫***‬ ‫ـه ُمنْت َِق ـ ٍم‬
‫تَدْ بِــر معت َِص ـمٍ‪ ،‬بِاللـ ِ‬
‫ُ ُ ْ‬
‫فالس ْج ُع يف الشطر األول عىل حرف امليم‪ ،‬ويف الشطر الثاين عىل حرف الباء‪ ،‬والفقرة األوىل متفقة‬ ‫َّ‬
‫مع الثانية يف الوزن والقافية‪ ،‬والفقرة الثالثة متفقة مع الرابعة يف الوزن والقافية‪.‬‬
‫‪192‬‬

‫ملخص الدرس‬

‫السجع‪ :‬هو توافق الفاصلتني يف النثر يف احلرف األخري‪.‬‬


‫أقسام السجع ‪ :‬للسجع ثالثة أقسام‪:‬‬
‫املطرف‪ :‬وهو ما اختلفت فاصلتاه يف الوزن‪ ،‬واتفقتا يف احلرف األخري‪.‬‬
‫أـ ّ‬
‫املرصع‪ :‬وهو ما كان يف ألفاظ إحدى الفقرتني ـ كلها أو أكثرها ـ مثل ما يقابلها من الفقرة‬
‫بـ ّ‬
‫األخرى وزنا وتقفية‪.‬‬
‫ج ـ املتوازي‪ :‬وهو ما كان االتفاق فيه يف الكلمتني األخريتني فقط‪.‬‬
‫وأحسن السجع‪:‬‬
‫‪3‬ـ ثم ما طالت ثالثته‪.‬‬ ‫‪2‬ـ ثم ما طالت فقرته الثانية‪ .‬‬ ‫‪1‬ـ ما تساوت فقره ‪ .‬‬
‫ومن شروط حسن السجع‪:‬‬
‫أقرص بكثري من األوىل‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪1‬ـ أن ال تكون السجع ُة الثاني ُة‬
‫‪2‬ـ أن يكون السجع عفويا خال ًيا من التكلف والتصنع‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن تكون كل فقرة من السجع تدل عىل معنى خمتلف عام دلت عليه الفقرة السابقة عليها‪.‬‬
‫خادمة وتابعة للمعاين‪.‬‬
‫َ‬ ‫املفردات يف كل فقرة رشيق ًة‪ ،‬واأللفاظ ُفيها‬
‫ُ‬ ‫‪4‬ـ أن تكون‬
‫أنواع‪:‬‬ ‫السجع من حيث طوله وقصره ُ‬
‫ثالثة ٍ‬
‫‪3‬ـ َس ْج ٌع طويل‪.‬‬ ‫‪2‬ـ َس ْج ُع متوسط ‪ .‬‬ ‫ ‬
‫قصري‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫سجع‬
‫ٌ‬ ‫‪1‬ـ‬
‫واختلف العلامء يف ورود السجع يف القرآن الكريم عىل رأيني‪:‬‬
‫األول‪ :‬إنكار السجع مطلقا‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬إجازة السجع مطلقا يف القرآن الكريم‪ ،‬ولكن أصحاب هذا الرأي رفضوا إطالق مصطلح‬
‫السجع عليه‪ ،‬بل سموه الفواصل‪ ،‬وهذا هو الرأي األوفق‪ ،‬تأدبا مع مقام ‪.‬‬
‫القرآن الكريم‪ .‬ولترشيف القرآن الكريم عن مشاركة غريه يف لفظ السجع الذي يقع يف كالم الناس‪،‬‬
‫ويكون بعضه حسنا رصينا‪ ،‬وبعضه قبيحا متكلفا‪.‬‬
‫‪193‬‬

‫واألصل يف السجع‪ ،‬أن يكون يف الكالم املنثور‪ ،‬لكنَّه قد يأيت داخل فِ َق ِ‬


‫رات البيت الشعري فيزيدُ ه ُح ْسنًا‬ ‫َّ‬
‫ورونقا إِ َذا كان مستوف ًيا رشوطه‪.‬‬
‫للسجع يف الشعر قسامن‪ :‬الترصيع‪ ،‬والتشطري‪:‬‬
‫أقسام السجع يف الشعر‪َّ ،‬‬
‫‪1‬ـ التصريع‪ :‬وهو أن جيعل ا ْل َع ُروض (وهو آخر املرصاع ّ‬
‫األول من البيت) مق َّفا ًة تقفية َّ ْ‬
‫الضب‬
‫مثل قول أيب الط ّيب املتن ّبي‪:‬‬
‫ــن الز ََّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب طِي ًبــا يف ا َْل َغـ ِ‬ ‫َم َغـ ِ‬
‫ــان‬ ‫بِ َمن ِْزلــة َّ‬
‫الربيــ ِع م َ‬ ‫***‬ ‫ـان‬ ‫الش ـ ْع ِ‬
‫ـان ِّ‬

‫‪2‬ـ التشطري‪ :‬وهو أن جيعل كل من شطري البيت سجعة خمالفة ألختها كقول أيب متام‪:‬‬
‫الله ُم ْرت َِق ِ‬
‫ب‬ ‫ب‪ ،‬يف ِ‬
‫لله ُم ْرت َِغ ٍ‬
‫ِ‬ ‫***‬ ‫ـه ُمنْت َِق ٍم‬
‫تَدْ بِــر معت َِصمٍ‪ ،‬بِاللـ ِ‬
‫ُ ُ ْ‬

‫***‬

‫إثراءات‬
‫الحظ أن‪ :‬السجع ال حيسن إال إذا جاء عفويا خاليا من التكلف والتعمل رصني الرتكيب‪.‬‬
‫الحظ أن‪ :‬السجع يف النثر ينقسم ثالثة أقسام‪ :‬السجع املطرف واملرصع واملتوازي‪ ،‬ويف الشعر له‬
‫قسامن ‪ :‬الرتصيع والتشطري‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬جل علامء البالغة أطلقوا عىل السجع يف القرآن الكريم فواصل؛ تأدبا مع مقام القرآن‪،‬‬
‫وترشيفا له أن يطلق عىل أحد أساليبه لفظة موضوعة للطيور‪.‬‬
‫انتبه إىل أن‪ :‬القرآن الكريم كثر فيه هذا اللون البديعي وال تكاد ختلو منه سورة طويلة أو قصرية ‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬السجع يأيت يف النثر ويأيت يف الشعر‪َ ،‬ولِك ٍُّل أقسام متيزه عن غريه‪.‬‬
‫مفاهيم‪ :‬السجع يف كالم الناس بعضه جاء عفويا خاليا من التكلف والتعمل‪ ،‬وبعضه جاء قبيحا‬
‫مرذوال‪.‬‬
‫***‬
‫‪194‬‬

‫التدريبات‬
‫التدريب األول‪ :‬أرش بعالمة (√) أمام العبارة الصحيحة‪ ،‬وعالمة(×) أمام العبارة اخلطأ‪ ،‬فيام يأيت‪:‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -1‬السجع يكره إطالقه عىل ما يف القرآن عند بعض العلامء‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -2‬السجع كله يف مرتبة واحدة من احلسن‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -3‬السجع نوع واحد فقط ‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -4‬السجع يقع يف الشعر كثريا‪ ،‬والنثر قليال‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -5‬أحسن السجع ما جاء غري متكلف‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -6‬السجع من املحسنات املعنوية‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -7‬السجع ورد يف القرآن ومل يرد يف السنة‪ .‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ -8‬من رشوط حسن السجع تكرار فقراته يف املعنى‪ .‬‬
‫إجابة التدريب األول‬
‫‪.)×( -4‬‬ ‫‪ . )×( -3‬‬ ‫‪ .)×( -2‬‬ ‫‪ .)√( -1‬‬
‫‪.)×( -8‬‬
‫‪ .)×( -7‬‬ ‫‪ .)×( -6 .)√( -5‬‬
‫السجع يف األَمثلة اآلتية‪ِّ ،‬‬
‫ووضح وجوه حسنه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫التدريب الثاني‪ِ ِّ :‬‬
‫بي‬
‫‪« :‬رحم اهلل امرءا قال خريا فغنم‪ ،‬أو سكت فسلم»‪.‬‬ ‫‪1‬ـ قال رسول اهلل‬
‫‪2‬ـ قالت اخلنساء‪:‬‬
‫ـد َي ٍة‪ ،‬لِ ْل َج ْي ِ‬
‫ش َج َّر ُار‬ ‫َشــهاد َأنْـــ ِ‬
‫َّ ُ‬ ‫***‬
‫ــاط َأو ِدي ٍ‬
‫ــة‬ ‫ٍ‬
‫ـــال َأ ْل ِو َيــة‪َ ،‬ه َّب ُ ْ َ‬
‫ح ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ُ‬ ‫‪3‬ـ قال الثعالبي ‪ِ :‬‬
‫سبب احلروب‪.‬‬
‫جاج ُ‬‫صدأ القلوب‪ ،‬وال َّل ُ‬ ‫احل ْقدُ‬ ‫ُّ‬
‫«ارتفاع األخطار‪ ،‬باقتحا ِم األَخطار»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪4‬ـ وقال احلريري‪:‬‬
‫ِ‬
‫وثيابه»‪.‬‬ ‫نسان بآدابه‪ ،‬ال بز َّي ِه‬ ‫إل ُ‬ ‫‪5‬ـ وقال بعض البلغاء‪« :‬ا ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫ورج ٍل غري م ْي ْ‬
‫سور‪،‬‬ ‫معمور‪ُ ،‬‬
‫ْ‬ ‫وفناء َغ ْي‬ ‫ت بواد َغ ْي مم ْ ْ‬
‫طور‪،‬‬ ‫لئيم‪َ « :‬ن َز ْل َ‬
‫أعرايب لرجل سأل ً‬ ‫ٌّ‬ ‫‪6‬ـ وقال‬
‫ْ‬
‫ارحتل بعد ْم»‪.‬‬ ‫َفأ ْ‬
‫قم بنَد ْم‪َ ،‬أو‬
‫‪195‬‬

‫التدريب الثالث‬
‫ف مع التمثيل‪.‬‬
‫املطر َ‬
‫الس ْج َع َّ‬
‫‪ ‬عرف َّ‬
‫املرصع مع التمثيل‪.‬‬
‫َ‬ ‫الس ْج َع‬
‫‪ ‬عرف َّ‬
‫الس ْج َع املتوازي مع التمثيل‪.‬‬
‫‪ ‬عرف َّ‬
‫إجابة التدريب الثالث‬
‫املطرف‪ :‬أن تكون الفاصلتان خمتلفتني يف الوزن متفقتني يف القافية‪ ،‬مثل قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪ -1‬السجع َّ‬
‫ﱹ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﱸ [نوح‪ ،]14 ،13:‬فالفقرة األوىل‪ :‬انتهت بالفاصلة وقارا‪،‬‬
‫والفقرة الثانية‪ :‬املزاوجة هلا انتهت بالفاصلة أطوارا‪ ،‬والفاصلتان اتفقتا يف احلرف األخري الراء املمدودة‪،‬‬
‫ولكنهام اختلفتا يف وزهنام‪ ،‬فاألوىل‪ :‬عىل وزن َف َعاال‪ ،‬والثانية‪ :‬عىل وزن أفعاال‪.‬‬
‫املرصع ‪ :‬أن تكون ألفاظ كل فقرة أو أكثرها تتفق مع ما يقابلها من ألفاظ الفقرة األخرى‬ ‫‪ -2‬السجع َّ‬
‫اج ِر َو ْعظِ ْه»‪.‬‬
‫اه ِر َل ْفظِ ْه‪ ،‬و َي ْق َر ُع األَ ْسم َع بِز ََو ِ‬
‫َ‬
‫وزنا وتقفية‪ ،‬كقول احلريري‪َ « :‬فهو ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ‬
‫ُ َ َ َُ ْ َ َ َ َ‬
‫اه ِر َل ْفظِ ْه» مثل ألفاظ الفقرة الثانية« َي ْق َر ُع األَ ْسم َع بِز ََو ِ‬
‫اج ِر‬ ‫فألفاظ الفقرة األوىل «ي ْطبع األَسجاع بِجو ِ‬
‫َ َُ ْ َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫َو ْعظِ ْه» وزنا وقافية‪.‬‬
‫‪ -3‬السجع املتوازي‪ :‬وهو أن يكون االتفاق يف كل فقرة يف الكلمتني األخريتني فقط‪ ،‬نحو قوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﱹ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﱸ [الغاشية‪.]14 ،13:‬‬
‫فلفظة «مرفوعة» تتفق مع لفظة «موضوعة» وزنا وقافية‪ ،‬بعكس لفظتي رسر وأكواب‪ ،‬فهام خمتلفتان‬
‫وزنا وتقفية‪.‬‬
‫التدريب الرابع‬
‫‪َ ‬ب ِّي آراء العلامء ىف السجع ىف القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ ‬ما أنواع السجع من حيث الطول ِ‬
‫والق َص؟‪.‬‬
‫‪ ‬السجع ىف الشعر نوعان‪ .‬اذكرمها‪ ،‬وم ِّثل لكل منهام بمثال‪.‬‬
‫‪ ‬ما القيمة البالغية للسجع؟‬
‫‪ ‬ملاذا رفض بعض البالغيني لفظ السجع ىف القرآن الكريم وأطلقوا عليه فواصل؟‬
‫‪196‬‬

‫املصطلحات الواردة يف مقرر علم البديع‬


‫علم البديع‪ :‬هو علم يعرف به الوجوه واملزايا التي تزيد الكالم حسنا‪ ،‬وطالوة‪ ،‬وتكسوه هباء‪،‬‬
‫ورونقا‪ ،‬بعد مطابقته ملقتىض احلال‪،‬ووضوح داللته عىل املراد‪.‬‬
‫الطباق‪ :‬اجلمع بني معنيني متقابلني‪.‬‬
‫طباق اإلجياب‪ :‬وهو أن يكون اللفظان املتقابالن فيه معنامها موجب‬
‫طباق السلب‪ :‬وهو أن يكون اللفظان املتقابالن فيه أحدمها أمر‪ ،‬واآلخر هني‪ ،‬أو أحدمها مثبت‪،‬‬
‫واآلخر منفي‪.‬‬
‫املقابلة‪ :‬هي أن يؤتى بمعنيني متوافقني (أي‪ :‬غري متقابلني) أو بمعان متوافقة كذلك‪ ،‬ثم يؤتى بام‬
‫يقابلهام‪ ،‬أو يقابلها‪.‬‬
‫مراعاة النظري‪ :‬هو اجلمع بني أمر وما يناسبه أو أمور متناسبة عىل وجه االتساق واالتفاق ال عىل‬
‫وجه التضاد‪.‬‬
‫املشاكلة‪ :‬هي ذكر اليشء بلفظ غريه؛ لوقوعه يف صحبته حتقيقا أو تقديرا‪.‬‬
‫التورية‪ :‬هي لفظ له معنيان قريب ظاهر‪ ،‬لكنه غري مراد‪ ،‬وبعيد خفي‪ ،‬وهو املراد‪ ،‬والبد معها من‬
‫قرينة تشري إىل أن املراد هو البعيد‪.‬‬
‫التورية املرشحة‪ :‬ما ذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪.‬‬
‫التورية اجملردة‪ :‬هي التي مل يذكر معها ما يالئم املعنى القريب‪ ،‬سواء ذكر ما يالئم املعنى البعيد‪ ،‬أم‬
‫مل يذكر‪.‬‬
‫املبالغة‪ :‬هي أن يدعي الشاعر‪ ،‬أو الناثر لوصف ما بلوغه يف الضعف‪ ،‬أو الشدة حدا مستحيال‪ ،‬أو‬
‫مستبعدا؛ وذلك دفعا لتوهم أنه غري متناه يف الشدة‪ ،‬أو الضعف‪.‬‬
‫التبليغ‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال‪ ،‬وعادة‪.‬‬
‫اإلغراق‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه ممكنا عقال غري ممكن عادة‪.‬‬
‫الغلو‪ :‬وهو ما كان الوصف املدعى فيه غري ممكن عقال‪ ،‬والعادة‪.‬‬
‫‪197‬‬

‫حسن التعليل‪ :‬هو أن يدعي الشاعر أو الناثر لوصف ما علة مناسبة له غري حقيقية إال أن فيها‬
‫اعتبارات مجيلة‪.‬‬
‫تأكيد املدح مبا يشبه الذم‪ :‬هوأن يستثنى من صفة ذم منفية‪ ،‬صف ُة مدح عىل تقدير دخوهلا فيها‪ ،‬أو‬
‫أن يثبت ليشء صف ُة مدح‪ ،‬ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى مستثناة من مثلها‪.‬‬
‫تأكيد الذم مبا يشبه املدح‪ :‬أن يستثنى من صفة مدح منفية صفة ذم عىل تقدير دخوهلا فيها‪ ،‬أو أن‬
‫يثبت ليشء صفة ذم‪ ،‬ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى‪.‬‬
‫اجلناس‪ :‬أن يتفق اللفظان يف النطق‪ ،‬وخيتلفا يف املعنى‪.‬‬
‫اجلناس التام‪ :‬وهو ما اتفق فيه اللفظان يف أربعة أشياء‪ :‬نوع احلروف‪ ،‬وعددها‪ ،‬وهيئاهتا‪ ،‬وترتيبها‬
‫مع اختالف املعنى‪.‬‬
‫اجلناس املماثل‪ :‬وهو ما كان من نوع واحد‪ :‬اسمني‪ ،‬او فعلني‪ ،‬أو حرفني‪.‬‬
‫اجلناس املستوفى‪ :‬وهو ما كان من نوعني كفعل‪ ،‬واسم‪.‬‬
‫اجلناس الناقص‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان يف عدد احلروف‪ ،‬واختالفهام‪.‬‬
‫اجلناس املضارع‪ :‬وهو ما اختلف ركناه يف حرفني مل يتباعدا خمرجا‪.‬‬
‫اجلناس الالحق‪ :‬هو أن خيتلف طرفا اجلناس يف حرف من حروفهام‪ ،‬مع عدم التقارب يف املخرج‬
‫بني احلرفني‪.‬‬
‫اجلناس احملرّف‪ :‬ويكون باالختالف يف هيئات احلروف‪.‬‬
‫جناس القلب‪ :‬ويكون باالختالف يف ترتيب احلروف‪.‬‬
‫السجع‪ :‬هو توافق الفاصلتني يف احلرف األخري‪ ،‬وأفضله ما تساوت فقره‪.‬‬
‫السجع املطرّف‪ :‬وهو ما اختلفت فاصلتاه يف الوزن‪ ،‬واتفقتا يف احلرف األخري‪.‬‬
‫املرصع‪ :‬وهو ما كان فيه ألفاظ إحدى الفقرتني ـ كلها أو أكثرها ـ مثل ما يقابلها من الفقرة‬
‫السجع ّ‬
‫األخرى وزنا وتقفية‪.‬‬
‫السجع املتوازي‪ :‬وهو ما كان االتفاق فيه يف الكلمتني األخريتني فقط‪.‬‬
‫***‬
‫قائمة املوضوعات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫املوضـــــــــــوع‬
‫‪3‬‬ ‫املقدمة ‪............................................................................‬‬
‫ ‬
‫‪5‬‬ ‫األهداف العامة للكتاب ‪...........................................................‬‬
‫ ‬
‫‪7‬‬ ‫الوحدة األوىل‪ :‬املجاز اللغوي ‪.....................................................‬‬
‫ ‬
‫‪7‬‬ ‫الدرس األول‪( :‬احلقيقة واملجاز اللغويان تعريفهام‪ ،‬أقسامهام‪ ،‬املجاز املرسل )‪........‬‬
‫ ‬
‫‪22‬‬ ‫الدرس الثاين‪( :‬االستعارة تعريفها‪ ،‬أركاهنا‪ ،‬قرينتها‪ ،‬أنواعها‪ ،‬والفروق بينها) ‪ .....‬‬
‫‪37‬‬ ‫الدرس الثالث‪( :‬أقسام االستعارة باعتبار اللفظ املستعار) ‪ ..........................‬‬
‫‪46‬‬ ‫الدرس الرابع‪( :‬أقسام االستعارة باعتبار الطرفني واجلامع‪ ،‬وباعتبار اخلارج عنهام)‪ ...‬‬
‫‪54‬‬ ‫الدرس اخلامس‪( :‬بالغة االستعارة‪ ،‬ورشائط حسنها) ‪ ..............................‬‬
‫‪61‬‬ ‫الوحدة الثانية‪( :‬الكناية ) ‪ .........................................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫( الكناية ‪ :‬تعريفها‪ ،‬أقسامها‪ ،‬بالغتها) ‪.............................................‬‬
‫ ‬
‫‪81‬‬ ‫الوحدة الثالثة‪( :‬علم البديع ـ تعريفه ـ أقسامه ـ أنواع املحسنات املعنوية) ‪ ..........‬‬
‫‪82‬‬ ‫(مفهوم البديع‪ ،‬أقسامه‪ ،‬منزلته‪ ،‬نشأته) ‪ ...........................................‬‬
‫‪92‬‬ ‫املحسنات املعنوية ‪ .................................................................‬‬
‫‪92‬‬ ‫الدرس األول‪( :‬الطباق ـ أنواعه) ‪ ..................................................‬‬
‫‪106‬‬ ‫الدرس الثانى‪( :‬املقابلة ) ‪ ..........................................................‬‬
‫‪116‬‬ ‫الدرس الثالث‪( :‬مراعاة النظري) ‪ ..................................................‬‬
‫‪126‬‬ ‫الدرس الرابع‪( :‬املشاكلة) ‪ .........................................................‬‬
‫‪134‬‬ ‫الدرس اخلامس‪( :‬التورية) ‪........................................................‬‬
‫ ‬
‫‪141‬‬ ‫الدرس السادس‪( :‬املبالغة) ‪ ........................................................‬‬
‫‪150‬‬ ‫الدرس السابع‪( :‬حسن التعليل)‪...................................................‬‬
‫ ‬
‫‪158‬‬ ‫الدرس الثامن‪( :‬تأكيد املدح بام يشبه الذم وعكسه) ‪.................................‬‬
‫ ‬
‫تابع قائمة املوضوعات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫املوضـــــــــــوع‬
‫‪165‬‬ ‫الوحدة الرابعة‪( :‬أنواع املحسنات اللفظية) ‪........................................‬‬
‫ ‬
‫‪165‬‬ ‫(أنواع املحسنات اللفظية) ‪........................................................‬‬
‫ ‬
‫‪166‬‬ ‫الدرس األول‪( :‬اجلناس التام ووجه حسنه) ‪ ........................................‬‬
‫‪173‬‬ ‫الدرس الثاين ‪(:‬اجلناس غري التام وأنواعه) ‪.........................................‬‬
‫ ‬
‫‪185‬‬ ‫الدرس الثالث‪( :‬السجع) ‪.........................................................‬‬
‫ ‬
‫‪196‬‬ ‫املصطلحات الواردة يف مقرر علم البديع ‪...........................................‬‬
‫ ‬

You might also like