You are on page 1of 14

‫ِعلم النقد أوثق من ِحلم النقل‬

‫نظرة نقديّة إلى ترجمة فان دايك العربيّة‬

‫من خالل دراسة المزمور ‪5-1 :90‬‬

‫مق ّدمة‬

‫للمرة األخرية‪" ،‬وأسلم الروح"‪ ،‬كان قد مضى على‬ ‫عندما أغمض العالّمة كورنيليوس فان دايك عينيه‪ّ ،‬‬
‫عام ا ونيّ ف‪ .‬ويف أثناء االحتفال مبراسيم جنازته‪ ،1‬تلي املزمور ‪ ،90‬والفصل ‪15‬‬ ‫إقامته يف الشرق األوسط ‪ً 55‬‬
‫"الليرتجي"‪ ،‬على‬
‫ّ‬ ‫تأمل رهيب‪ .‬لقد جاء هذا الرتتيب‬ ‫من الرسالة األوىل إىل الكورنثيّني‪ ،‬مثّ لزم احلضور الصمت يف ّ‬
‫وفق ملتمس ال دكتور فان دايك نفس ه‪ ،‬فأوص ى ب ه كتابة‪ ،‬كما يُعت َق د‪ .‬هذا م ا وقعت عليه‪ ،‬عند مط العيت سرية‬
‫لتوي فكرة‪ ،‬انطلقت من حمبستها كأهّن ا شرارة؛‬ ‫أهم بوضع هذه الدراسة املتواضعة‪ .‬فراودتين ّ‬‫الرجل‪ ،‬فيما كنت ّ‬
‫العلَم قد اختار املزمور ‪ ،90‬حىت يُتلى يف صالة جنازته‪ ،‬فلم ال أختار االختيار نفسه‪،‬‬
‫قلت يف نفسي‪ :‬إن كان هذا َ‬
‫ملناسبة إحياء ذكراه؟ ومل أتل ّك أ حلظة يف إرساء قراري‪ ،‬بل أعددت الع ّدة للقيام بالعمل‪ ،‬مبوجب هذه الفكرة‪ .‬إمّن ا‬
‫معتربا الوقت املتاح‪ ،‬من جهة‪ ،‬إللقاء هذه الدراسة‬‫حصرت اهتمامي يف حدود اآليات اخلمس األوىل من املزمور‪ً ،‬‬
‫على احلضور‪ ،‬ووعورة اجلدل فيها‪ ،‬من جهة مقابلة‪.‬‬

‫األول‬
‫املهم ة‪ ،‬فآليت على نفسي النظر يف أمرين‪ :‬األمر ّ‬ ‫ّأم ا يف ما يتعلّ ق بالطريقة اليت سلكت فيها إلجناز ّ‬
‫لغة الرتمجة‪ ،‬اليت استعان الدكتور فان دايك املعلّم بطرس البستاين على إمتامها؛ واألمر الثاين الدقّة يف الرتمجة‪ ،‬اليت‬
‫تآزرت ثلّة من خرية العلماء يف ذلك احلني‪ ،‬من أجل بلوغها‪ .‬إيّن أعتقد أ ّن السري يف هذه الطريقة يفي املبتغى من‬
‫أيض ا‪ ،‬يف ال وقت نفس ه‪ ،‬أن ين أقحمت نفس ي يف اختب ار جلي ل‪ ،‬لرفع ة ش أن‬ ‫أظن ً‬
‫عق د املؤمتر ح ّق ه ووط ره؛ ولكيّن ّ‬

‫تويّف يف ‪ 13‬تشرين الثاين ‪ ،1895‬يف بريوت‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫الذين أعملوا الفكر‪ ،‬وأجهدوا العلم حىت يأتوا برتمجة عربيّ ة للكتاب املق ّدس‪ ،‬حيسب البعض وكلّهم اقتناع أ ّن هلا‬
‫مكانة عالية الشأن يف ما بني الرتمجات إىل اللغة العربيّة‪ ،‬بل أ ّن هلا املنزلة العليا‪.‬‬

‫‪1‬ـ لغة الترجمة‬

‫سليما‪ ،‬مراعية حالة إعرابيّة يف لسان العرب‪ .‬هي‪ ،‬إذًا‪،‬‬


‫من املتّفق عليه أ ّن اللغة مفردة تنزل يف مجلة منزالً ً‬
‫لفظة‪ّ ،‬أوالً‪ ،‬حتمل بالطبع طيّها معىن‪ ،‬ونحو‪ ،‬ثانيً ا‪ ،‬ينشئ عالقة بني لفظة وأخرى‪ ،‬والحقة صوتيّة‪ ،‬ثالثً ا‪ ،‬حت ّدد‬
‫العريب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مع ا اللغة‪ ،‬يف اللسان‬‫الدور الذي متثّله اللفظة يف اجلملة‪ .‬هذه الثالث‪ :‬اللفظة والنحو واإلعراب‪ ،‬تؤلّ ف ً‬
‫نص ا عربيًّا إىل العربيّة جمرب‬
‫العربيّة ال تعرف إعرابًا‪ :‬إ ّن أواخر الكلمات خالية من اللواحق الصوتيّة‪ .‬وعليه‪ ،‬فالناقل ًّ‬
‫على إظهار احلركة املناسبة يف آخر الكلمات‪ ،‬لتبيان املعىن‪.‬‬

‫تام ة‬
‫على ص عيد آخ ر‪ ،‬الرتمجة عم ل تُن َق ل في ه الفك رة من لغ ة إىل لغ ة أخ رى‪ ،‬بأمان ة‪ .‬إنّ ه يقتض ي معرف ة ّ‬
‫بكلت اا اللغ تني‪ ،‬اللغ ة املنق ول منه ا‪ ،‬واللغ ة املنق ول إليه ا‪ .‬إنّ ه‪ ،‬إذًا‪ ،‬اجمليء ب املفردة املوازي ة‪ ،‬يف ق الب مناس ب‪ ،‬م ع‬
‫مراعاة القواعد‪ .‬وكلّما بدا النقل أمينًا‪ ،‬غدت الرتمجة سليمة‪ .‬األمانة‪ ،‬من جهة‪ ،‬إذًا‪ ،‬وجالء املعىن‪ ،‬من ٍ‬
‫جهة ثانية‪،‬‬
‫كل عمل ترمجة‪.‬‬‫مها ركنان أساسيّان يف ّ‬
‫تعظم املشكلة‪ ،‬عند القيام برتمجة شعر‪ ،‬من ٍ‬
‫لغة إىل أخرى‪ .‬احلدود‪ ،‬يف هذه احلالة‪ ،‬خُت َرق‪ ،‬بسبب الضرورة‬
‫وغين عن البيان أ ّن الناقل إيّاه‬
‫شعري‪ ،‬يف العربيّة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الشعريّة‪ .‬إ ّن املزمور ‪ ،90‬الذي جعلناه هدفًا لدراستنا‪ ،‬هو نظم‬
‫إىل العربيّة ُم َلزم باحملافظة على شيء من اإليقاع‪ ،‬يف ترمجته‪.‬‬

‫على ضوء هذه املالحظات‪ ،‬السريعة واملتقضبة‪ ،‬دعونا نطرق اآلن باب الرتمجة العربيّة اليت حتمل اسم فان‬
‫خصوصا‪ .‬ماذا ترانا جند يف متنها؟‬
‫ً‬ ‫شيوعا‪ ،‬واسم مسيث وفان دايك‬
‫دايك ً‬

‫‪2‬‬
‫أـ مز ‪1:90‬ب‬

‫رب‪ ،‬ملجأ كنت لنا‪ ،‬في َد ْو ٍر ف َد ْور"‪ .‬هكذا ترجم فان دايك‬
‫نصه‪" :‬يا ّ‬
‫نقرأ‪ ،‬يف الشطر الثاين من اآلية ‪ ،1‬ما ّ‬
‫تفرد‪ ،‬باحلقيقة‪ ،‬برتمجته هذه‪ ،‬يف ما بني سائر الرتمجات العربيّة‪ .2‬لن‬
‫وفريق عمله اآلية األوىل من املزمور ‪ .90‬وقد ّ‬
‫أخ وض هن ا يف مناقش ة لغويّ ة‪ ،‬تتّخ ذ من املقارن ة بني الرتمجات مي دانًا هلا‪ ،‬رغم أمهيّ ة مث ل ه ذا البحث‪ ،‬واهتم امي‬
‫به‪ .3‬ولك ين س أويل ترمجة ف ان داي ك ‪ 4‬حص ًرا عن اء املناقش ة‪ ،‬نظ ًرا إىل ال وقت‪ ،‬من جه ة‪ ،‬كم ا ق ّدمنا أعاله‪،‬‬
‫واملوضوع‪ ،‬من جهة مقابلة‪.‬‬

‫تف ّرد ف ان داي ك‪ ،‬إذًا‪ ،‬بكتابت ه "من َد ْو ٍر إلى َد ْو ٍر"‪ ،‬فيم ا أمجعت س ائر الرتمجات على ت دوين "من جي ٍل إلى‬
‫أيض ا‪ .‬إ ّن القاموس احمليط يسقط من اعتباره لفظ "دور"؛ فال نقع فيه على حتديد للفظة‪.‬‬ ‫جيل"‪ ،‬أو "جيالً فجيالً"‪ً ،‬‬
‫ويذهب‪ ،‬كذلك‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مذهبه‪ّ .‬أما املنجد فينزل للفظة يف قائمته مكانًا‪ ،‬وجيعل هلا تعري ًف ا ما يأيت‪" :‬الدور‬
‫املرة"‪ .‬ال يفيد هذا التعريف معىن‬ ‫أيض ا ّ‬
‫هو احلركة‪ .‬وهو عود الشيء إىل حيث كان‪ ،‬أو إىل ما كان عليه‪ .‬وهو ً‬
‫املشتق من الفعل‬
‫ّ‬ ‫حصرا مبعىن املصدر‬
‫اخلَلَف‪ ،‬أو معىن الساللة البشريّة‪ ،‬اليت تعقب ساللةً َسبَقتها‪ .‬إنّه تعريف يأخذ ً‬
‫رب ‪،"...‬‬
‫الرب‪" :‬يا ّ‬
‫"دار"‪ .‬واحلال أ ّن صالة املزمور ‪ ،90‬املنسوب إىل "موسى‪ ،‬رجل اهلل"‪ ،‬تبغي يف مطلعها مناجاة ّ‬
‫والتذكري مبنزلته يف عيين بين إسرائيل‪ ،‬جيالً بعد جيل‪ :‬إنّه كان على الدوام "ملجأ" للشعب‪ .‬لذا‪ ،‬ال جند أ ّن اختيار‬
‫ف ان داي ك وفريق ه عب ارة "في َد ْو ٍر فَ َد ْو ٍر" موفّ ق‪ .‬إنّ ه ال يعكس لغويًّا املع ىن‪ّ .‬أم ا الس ؤال عن ح رص املرتجم على‬
‫النص‬
‫استخدام العبارة‪ ،‬فاجلواب عليه هو هذا‪ :‬لقد أراد فريق العمل األمانة اللفظيّة‪ ،‬والبقاء بالرتمجة على كثب من ّ‬
‫األصلي‪ .‬ومبا أ ّن هذا األخري يورد العبارة "بُ ُدور َو ُدور"‪ ،‬يف املنت‪ ،‬فقد حافظ فريق الرتمجة على العبارة حبرفيّتها‪.‬‬
‫ّ‬

‫الرتمجة العربيّة‪ ،‬اليت وضعها العالّمة كرنيليوس فان دايك‪ ،‬والرتمجة الدومينيكانيّة‪ ،‬اليت ظهرت يف املوصل‪ ،‬سنة ‪ ،1875‬تؤلّفان مفصالً أدبيًّا‬ ‫‪2‬‬

‫فكل ما سبق من ترمجات اعتمد ّإم ا اليونانيّة‪ ،‬أو الالتينيّة‪ ،‬وبعضه السريانيّة‪ ،‬ومل يلتفت إىل العربيّة يف ترمجة‬
‫يف تاريخ الرتمجات العربيّة للكتاب املق ّدس‪ّ .‬‬
‫نصوص العهد القدمي‪ .‬وما تالمها من ترمجات مل يتم ّكن من األسلوب والدقّة مت ّكن هاتني الرتمجتني منهما‪ ،‬رغم تق ّدم العلوم الكتابيّة‪.‬‬
‫المسرة‪ ،)2006(1،92 ،‬املكتبة البولسيّة‪ ،‬جونية‪ ،‬ص ‪60‬ي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫راجع مقاليت‪" :‬الفريد يف ترمجة األب جورج فاخوري للعهد اجلديد"‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫عُرفَت هذه الرتمجة مقرتنة هبذا االسم من باب الشيوع‪ ،‬غري أهّن ا ترمجة تعاون يف وضعها عايل مسيث‪ ،‬وبطرس البستاين‪ ،‬والشيخ يوسف‬ ‫‪4‬‬

‫باألزهري‪ ،‬والعالّمة فان دايك‪.‬‬


‫ّ‬ ‫األسري املكىن‬

‫‪3‬‬
‫ولكن يف هذا الشطر الثاين من اآلية ‪ 1‬مشكلة ثانية‪ ،‬على صعيد اللغة‪ ،‬نَ َدر أن تنبّهت هلا الرتمجات العربيّة‬ ‫ّ‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬
‫رب‪ ،‬ملج أ كنت لن ا‪."...‬‬ ‫رب بامللجأ ‪" :‬ي ا ّ‬ ‫بأس رها‪ .‬فه ذه األخ رية نقلت ه ذا الش طر الث اين جممع ة على من اداة ال ّ‬
‫العربي‪ 7‬يلحظ ما يأيت‪ ،‬يقول‪" :‬قلّة هي املخطوطات اليت ورد فيها اللفظ املثبت‬ ‫ّ‬ ‫للنص‬
‫النقدي ّ‬
‫ّ‬ ‫واحلال أ ّن اإلصدار‬
‫نص السبعينيّة اليوناينّ لفظًا‪ 8‬آخر‪ ،‬يُ ْس تَ َد ّل به على أ ّن النقلة اليهود قرأوا يف املخطوط‪،‬‬ ‫العربي‪ ،‬فيما يورد ّ‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫يف ّ‬
‫ظ‪ ،‬ترمجته "ملجأ"‪ .‬وبتعبري آخر‪ ،‬إ ّن لفظ "ملجأ"‪ ،‬الذي أورده فان‬ ‫نصا عربانيًّا‪ ،‬يرد فيه لف ٌ‬
‫الذي كان بني أيديهم‪ًّ ،‬‬
‫العربي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النص اليوناينّ‪ ،‬ال‬
‫دايك يف ترمجته العربيّة‪ ،‬مثّ حذا حذوه الباقون‪ ،‬إذ أخذوا عنه‪ ،‬إمّن ا هو لفظ منقول عن ّ‬
‫عريب غري لفظ "ملجأ"‪ .‬وهذه املالحظة تعين‪ ،‬إ ًذا‪ ،‬أحد‬ ‫العربي لفظ جيب ترمجته بلفظ ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫ذلك أ ّن ما يرد يف ّ‬
‫العربي‪ ،‬فأخذوا كلّهم‪ ،‬الواحد عن اآلخر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫أمرين‪ّ :‬إما أ ّن املرتمجني إىل العربيّة أخطأوا ترمجة اللفظ املثبت يف ّ‬
‫فضلوا ترمجة اللفظة اليت جاءت هبا السبعينيّة اليونانيّة‪.‬‬ ‫وإما أهّن م ّ‬
‫غلطته؛ ّ‬
‫النص‬
‫ويف الواق ع أ ّن مثّ ة ش ًبها ح ًّادا ومض لّالً بني لفظني بالعربيّ ة يكمن وراء املش كلة‪ :‬فاللف ظ املثبت يف ّ‬
‫"معُون" (מעון)‪ ،‬ويعين "املسكن"‪ ،‬و"املنزل"‪ ،‬ال "امللجأ"‪ ،‬و"املالذ"؛ فيما اللفظ‬ ‫العربي‪ ،‬املعروف باملاسورايتّ‪ ،‬هو َ‬
‫ّ‬
‫"معُ وز" (מעוז)‪ ،‬وه ذا اللف ظ يع ين "امللج أ"‪،‬‬ ‫النص اليون اينّ‪ ،‬املع روف بالس بعينيّة‪ ،‬ه و َ‬
‫ف من ّ‬ ‫اآلخ ر‪ ،‬املستش ّ‬
‫و"املوئل"‪ ،‬و"املالذ"‪ .‬ال خيتلف رسم حرف النون بالعربيّة‪ ،‬عندما يُكتَب يف آخر الكلمة‪ ،‬عن رسم حرف الزاي‪،‬‬
‫سوى مب ّدة حنو األسفل قيد أمنلة؛ ومن السهولة أن ختطئ العني‪ 9‬يف متييز الواحد من اآلخر‪ ،‬على صحيفة بردى‬

‫أبدا‪ ،‬بالنسبة إىل صاحب املزمور‪ ،‬بني هذه‬ ‫حد سواء‪ .‬ليس من فرق ً‬ ‫نص املزمور ‪" ،90‬إلوهيم" يدعى "أدوناي"‪ ،‬و"إيل"‪ ،‬على ٍّ‬
‫حبسب ّ‬
‫‪5‬‬

‫األديب على مرحلة تارخييّة حديثة العهد نسبيًّا‪ ،‬انصهرت فيها األلفاظ املختلفة يف‬
‫يدل هذا الواقع ّ‬
‫األمساء‪ .‬ويف اآلية ‪ ،13‬يرد لفظ "يهوه" باملعىن نفسه‪ّ .‬‬
‫مدلول واحد‪ .‬ملزيد من االطّالع على أمساء اهلل يف العهد القدمي‪ ،‬راجع‪Mary E. Mills, Images Of God In The Old Testament, Lynn, :‬‬
‫‪.London, 1998, Herbert Lockyer, All The Divine Names And Titles In The Bibles, Zondervan, Michigan, 1988‬‬
‫ولكن معىن اللفظ يف إر ‪ ،10:9‬ويف ‪ ،22:10‬و ‪ 37:51‬هو مأوى ابن آوى‪ ،‬واألماكن‬ ‫أيضا يف مز ‪3:71‬؛ ‪9:91‬؛ ‪8:26‬؛ ّ‬ ‫هكذا ً‬
‫‪6‬‬

‫اخلرب ة‪ .‬ل ذا‪ ،‬غلبت اإلض افة على اس تعمال الكلم ة‪ ،‬كي يُس تبان منه ا م دلوهلا بوج ه الدقّ ة‪ .‬وبالنس بة إىل‪Charles Augustus Briggs, Emilie :‬‬
‫‪ ،.Grace Briggs, The Book Of Psalms, vol. 2, ICC, Charles Scribner’s Sons, New York, 1907, p. 272‬يس تند صاحب‬
‫املزمور إىل تث ‪27:33‬؛ حز ‪.20-16 :11‬‬

‫)‪.Biblia Hebraica Stuttgartensia, Deutsche Bibelgeseschaft, Stuttgart, 19875 (1967/77 1‬‬ ‫‪7‬‬

‫حتصنًا فيه من خطر‪ ،‬على حنو ما نقرأه يف مز‬


‫باليونانيّة ‪ ،καταφυγη‬وبالعربيّة מﬠוֹז‪ .‬يعين كال اللفظني املالذ‪ ،‬وامللجأ‪ ،‬الذي يقصده املرء ّ‬
‫‪8‬‬

‫‪.3:52‬‬
‫النص ّي رصدها يف نصوص الكتاب املق ّدس‪ :‬األخطاء‬
‫أخطاء العني (‪ )Optical Errors‬هي إحدى األخطاء السبعة اليت أمكن علماء النقد ّ‬
‫‪9‬‬

‫اطي (‪)Repetition‬؛ تب ديل يف مواق ع‬‫الس تّة األخ رى هي‪ :‬ح ذف ح رف‪ ،‬أو كلم ة‪ ،‬أو س طر أو أك ثر من ذل ك ( ‪)Omission‬؛ تك رار اعتب ّ‬
‫احلروف‪ ،‬أو األلف اظ (‪)Transposition‬؛ أخط اء ال ذاكرة (‪)Mnemonic Errors‬؛ أخط اء الس مع (‪)Errors of hearing‬؛ أخط اء‬
‫االعتبار (‪ .)Errors of judgment‬راجع‪ ،‬يف هذا اخلصوص‪:‬‬
‫‪Edward D. Andrews, Your Guide For Defending The Bible, Christian Publishing House, Ohio, 2015, pp 241-284.‬‬

‫‪4‬‬
‫اليهودي‪ ،‬الذي ترجم إىل اليونانيّ ة بلفظ "ملجأ" ( ‪ )καταφυγη‬ما هو يف األصل‬
‫ّ‬ ‫وتكرارا‪ .‬فالناقل‬
‫ً‬ ‫طُ ِويَت ً‬
‫مرارا‬
‫األصلي االنتباه الكايف‪ ،‬يف ما يتعلّق برسم‬ ‫العربي‬ ‫النص‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربي لفظ يعين "املسكن"‪ ،‬إمّن ا وقع ضحيّة نظرة مل تُع ر ّ‬
‫ّ‬
‫"معُوز" (מעוז)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫"معُون" (מעון) وكأهنا ُكتبَت َ‬ ‫النون‪ ،‬فقرأ لفظة َ‬
‫النص ي؛ ولكنّ ه ال يق ّدم تفس ًريا لواق ع الرتمجة العربيّ ة‪ .‬وبتعب ٍري آخ ر‪ ،‬كي ف‬
‫يفس ر لن ا ه ذا التحلي ل الواق ع ّ‬
‫ّ‬
‫النص‬
‫نش رح أ ّن فان دايك وفري ق عمله ت رجم بلفظ "ملجأ" لفظة عربيّ ة معناها "المس كن"‪ ،‬وال سيّما وإنّ ه ينقل ّ‬
‫املق ّدس من العربيّة إىل العربيّة؟ لو س لّمنا جدالً بأ ّن فان دايك مل يلجأ إىل السبعينيّة‪ ،‬فيما كان ينقل املزمور ‪،90‬‬
‫اللفظي بني كلمة "معون" العربيّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ملم باليونانيّ ة‪ ،‬كما نعلم‪ ،‬ال شرح للمعضلة يُقدَّم سوى هذا‪ :‬إ ّن التشابه‬ ‫وهو ّ‬
‫و"املقر"‪ ،‬وكلمة "معونة" العربيّة‪ ،‬ذهب باملرتجم حنو انتقاء لفظة "ملجأ"‪ ،‬بفضل سياق العبارة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اليت تعين "املسكن"‬
‫رب معون ة"‪ ،10‬يف عي ين ب ين إس رائيل‪" ،‬من جي ٍل إىل جي ل"‪ ،‬أي على امت داد ت اريخ ه ذا الش عب‪ ،‬فق د‬ ‫إن ك ان "ال ّ‬
‫شر الغوائل‪.‬‬
‫دائما‪ ،‬ليتّقوا ّ‬
‫كان‪ ،‬بالنسبة إليهم‪ ،‬إ ًذا‪" ،‬ملجأ" يلوذون به ً‬

‫ب ـ مز ‪2:90‬‬

‫عندما نطالع اآلية الثانية من املزمور‪ ،‬تواجهنا على الفور غرابة حنويّة‪ ،‬ال تلبث أن تنحو بنا صوب التدقيق‬
‫األرض والمسكونة‪ ."...‬تكمن الغرابة‬
‫َ‬ ‫أبدأت‬
‫َ‬ ‫الجبال‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫يف الرتمجة‪ .‬ترد هذه اآلية يف هذه الصياغة‪" :‬من ِ‬
‫قبل أن تولَد‬
‫دأت"‪ ،‬على الفع ل املض ارع "تولد"‪ ،‬بواس طة أداة عط ف‪ ،‬هي "أو"‪ .‬ه ذا العط ف غ ري‬ ‫يف عط ف الفع ل املاض ي "أب َ‬
‫‪11‬‬
‫العربي ال‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ولكن الغرابة تعظم‪ ،‬عندما نعرف أ ّن ّ‬‫أيضا إىل اللغويّني‪ ،‬إذ ال جيوز ‪ّ .‬‬
‫مألوف‪ ،‬بل هو غري حمبَّب ً‬
‫يُظ ِه ر أداة العط ف "أو"‪ .‬ف أين رآه ا املرتجم؟ أتُراه ا خط أ مطبعيًّا‪ ،‬أم هي ترمجة مقص ودة؟ ليس يف ّ‬
‫النص م ا ميكن‬
‫الظن إىل القول إ ّن‬
‫لنتقص ى عن دور هذه األداة يف شطر اآلية‪ ،‬لذهب بنا ّ‬ ‫ترمجته بأو العاطفة‪ .‬ولو أطلقنا اجملال لنا ّ‬
‫دأت" على الفع ل "تولد"‪ ،‬وإمّن ا ارت أى ش كل عط ف آخ ر يف‬
‫ف الفع ل "أب َ‬‫املرتجم رمّب ا مل يش أ العط ف هبا‪ ،‬أي عط َ‬
‫عطف جيعل من هذه األداة حرف استدراك للكالم‪ .‬وهذا يعين أ ّن املرتجم اعترب صاحب املزمور كأنّه‬ ‫سياق اآلية‪ٍ ،‬‬
‫أبدأت األرض والمس كونة‪ ."...‬إ ّن "أو" االس تدراكيّة ه ذه تتّخ ذ‬
‫َ‬ ‫يق ول‪" :‬من قب ل أن تول د الجب ال‪] ،‬ب ل من قب ل أن[‬
‫كأداة يف هذا االستعمال معىن‪" :‬وحيي‪ ،‬ماذا أقول؟ بل قبل أن أبدأت األرض والمسكونة"‪.‬‬

‫العبري‪ ،‬ترجمة بين السطور‪،‬‬


‫ّ‬ ‫العريب لكلمة "معون" العربيّة‪ ،‬في العهد القديم‬
‫ّ‬ ‫بعد أن أحسن األبوان بولس الفغايل وأنطوان عوكر اختيار اللفظ‬ ‫‪10‬‬

‫اجلامعة األنطونيّة‪ ،‬بريوت‪ ،2007 ،‬ص ‪ ،1027‬نقال يف اهلامش ترمجة الكلمة بصيغة اسم الفاعل "كنت معينًا"‪.‬‬
‫ال جيوز عطف فعل ٍ‬
‫ماض على فعل مضارع‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪5‬‬
‫لكن واقع اآلية‪ ،‬يف اجلملة العربيّة‪ ،‬ال يذهب هذا املذهب يف املعىن! لدينا فعل أجوف‪ ،‬يف العربيّة‪ ،‬عينه‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫(ح ْول ْل חולל)‪ ،‬وص رفه ه و الض مري‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأيض ا "ي اء" (حْي ْل חיל)‪ .‬ص يغته هي وزن "بُ ْوع ل" ُ‬
‫(ح ْو ْل חול)‪ً ،‬‬‫"واو" ُ‬
‫املذ ّكر املف رد للمخ اطب (תחולל)؛ ّأم ا زمن ه فه و املض ارع‪ .‬إ ّن ه ذا الفع ل‪ ،‬بص يغته‪ ،‬وص رفه‪ ،‬وزمن ه‪ ،‬مس بوق‬
‫املسماة يف القواعد العربيّة "واو القلب" (ו ההפוך)‪ ،‬ألهّن ا تبدِّل يف زمن الفعل‪ ،‬الذي تتّصل به‪.‬‬
‫حبرف الواو ו‪ّ ،‬‬
‫ونفض ل له لفظ‬
‫ف"؛ ّ‬ ‫يتحول عن زمن املض ارع‪ ،‬وينقلب ماض يًا‪ .‬ومع ىن الفع ل "طوى‪ ،‬ل ّ‬‫وعلي ه‪ ،‬فالفع ل املذكور ّ‬
‫نظر ا إىل مفعوليه األرض واملسكونة‪ .‬فالتكوير يعين إعطاء شكل كرة لألرض واملسكونة‪.‬‬ ‫"كور"‪ً ،‬‬‫ّ‬
‫ت"‪ .‬وهذا اللفظ األخري هو الذي ينبغي‬ ‫"كو ْر َ‬
‫فعل يف العربيّة ترمجته َّ‬
‫اإلعرايب‪ ،‬لدينا ٌ‬
‫ّ‬ ‫بناءً على هذا التحليل‬
‫أن يأخ ذ حملّ ه يف الرتمجة العربيّ ة‪ .‬وإ ْن َف َع ْلن ا مبوجب ذل ك خ رجت إلين ا اآلي ة يف ه ذه الص ياغة‪" :‬من قب ل أن تول د‬
‫كورت األرض والمسكونة"‪ ،‬وتتابع بشطرها اآلخر‪" :‬من األزل وإلى األبد‪ ،‬أنت اهلل"‪ .‬هذا الشطر هو مبثابة‬ ‫الجبال‪َّ ،‬‬
‫خالصة إميانيّة‪ ،‬واستنتاج‪ ،‬واعرتاف‪ ،‬ال ميكن املصلّي أن ميتنع عن اللهج به‪ .‬إنّه يشري إىل عمل اهلل العظيم‪ ،‬منذ قبل‬
‫أن تولد اجلبال‪.‬‬

‫ال حاجة‪ ،‬إ ًذا‪ ،‬إىل ترمجة واو القلب‪ ،‬بل ال ينبغي القيام بذلك‪.‬‬

‫ج ـ مز ‪3:90‬‬

‫أنوه هبما‪ ،‬يف ما يتعلّ ق هبذه اآلية‪ ،‬من غري إطالة يف الشرح‪ .‬األوىل استعمال أداة‬ ‫مثّة مالحظتان لغويّتان ّ‬
‫النص‬
‫شك أ ّن لفظ "إنسان" خيلو‪ ،‬يف ّ‬ ‫العربي خلو منها‪ .‬ال ّ‬‫ّ‬ ‫النص‬
‫التعريف مع لفظ "غبار"‪ ،‬يف الرتمجة العربيّة‪ ،‬فيما ّ‬
‫العربي‪ ،‬هو اآلخر‪ ،‬من أداة التعريف‪ .‬غري أ ّن استعماهلا مع اللفظ حُي بَّذ على عدم استعماهلا؛ ذلك بأ ّن جتريد االسم‬
‫ّ‬
‫جيرد‪ ،‬يف الوقت نفسه‪ ،‬اللفظ من التنويه بالتعميم‪ ،‬الذي يرمي إليه كاتب املزمور‪ّ .‬أم ا يف احلالة األوىل‪ ،‬أي يف‬
‫منها ِّ‬
‫خيول ه ح ذف أداة التعري ف‪ ،‬من غ ري أن‬ ‫ربي حبرفيّت ه ّ‬
‫النص الع ّ‬
‫حال ة لف ظ "غب ار"‪ ،‬ف إ ّن ح رص املرتجم على مراع اة ّ‬
‫خلل‪ .‬بل بالعكس‪ ،‬فإ ّن حذف هذه األداة من لفظ "غبار" جيعل الرتمجة ال أكثر‬ ‫مقصد الكاتب‪ٌ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ميس املعىن‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫‪12‬‬
‫أيضا ‪.‬‬
‫أمانة وحسب‪ ،‬بل أكثر دقّة ً‬

‫ص ‪ 10‬ي‪.‬‬ ‫أنظر‪ ،‬أسفله‪،‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪6‬‬
‫املالحظ ة الثاني ة تتعلّ ق برتمجة الفع ل "وتق ول" يف زمن املض ارع‪ ،‬فيم ا ال واو ال ذي تراف ق لفظ ة الفع ل‪ ،‬يف‬
‫ربي‪ ،‬هي واو القلب‪ ،‬ال ذي س بق الكالم عليه ا‪ .‬ومن مثّ‪ ،‬من ش أن الرتمجة العربيّ ة أن تظه ر هك ذا‪ " :‬وق د‬ ‫النص الع ّ‬
‫ّ‬
‫قلت"‪.‬‬
‫َ‬

‫د‪ .‬مز ‪4:90‬‬

‫مرتني يف اجلملة العربيّة‪ .‬وقد نقل فان دايك‪ ،‬يف‬ ‫ِ‬


‫تشتمل اآلية ‪ 4:90‬على األداة "كي" (כי)‪ ،‬اليت تظهر ّ‬
‫املرة الثانية‪ ،‬لفظة "بعدما"‪.‬‬
‫املرة األوىل‪ ،‬هذه األداة إىل العربيّ ة‪ ،‬مرتمجً ا إيّاها بلفظة "أل ّن"‪ ،‬فيما جعل لرتمجتها‪ ،‬يف ّ‬
‫ّ‬
‫فج اءت اآلي ة‪ ،‬نتيج ة ل ذلك‪ ،‬على الش كل اآليت‪" :‬أل ّن أل ف س نة في عيني ك مث ل ي وم ِ‬
‫أمس‪ ،‬بع د م ا ع بر‪ ،‬وكهزي ع من‬
‫الليل"‪.‬‬

‫يقع جدالنا على شبه اجلملة "بعد ما عبر"‪ .‬يظهر‪ّ ،‬أوالً‪ ،‬الفعل "عرب" بصيغة املاضي‪ ،‬يف ترمجة السبعينيّة؛‬
‫ولكن القرار الذي اخّت ذه فان دايك وفريق عمله‪ ،‬يف شأن اللجوء إىل‬
‫أيضا‪ّ .‬‬ ‫وقد جرت البشيطو السريانيّة يف إثرها‪ً ،‬‬
‫املاضي‪ ،‬إمّن ا أرسي‪ ،‬بناء على اعتماد املرتجم وأعوانه على ترمجة "كي"‪ ،‬األداة العربيّة‪ ،‬الثانية‪ ،‬بلفظة الظرف "بعد‬
‫معرضا عن ترمجتها بلفظة "أل ّن"‪ .‬وواقع احلال أ ّن األداة "كي" هذه‪ ،‬يف العربي ة‪ ،‬ذات ٍ‬
‫معان عديدة‪ ،‬خُيْتار كلٌّ‬ ‫ما"‪ً ،‬‬
‫ّ‬
‫منه ا مبوجب الس ياق ال ذي ت رد في ه‪ .‬وم ا مع ىن التعلي ل‪ ،‬ال ذي تظه ر في ه‪ ،‬حبس ب املرتجم‪ ،‬يف مطل ع اآلي ة‪ ،‬ومع ىن‬
‫املرة الثانية‪ ،‬اليت تظهر فيها‪ ،‬يف جمرى اآلية نفسها‪ ،‬سوى معنيني اثنني ممّا يربو على‬‫الوقت‪ ،‬الذي يفيضه عليها‪ ،‬يف ّ‬
‫عشرة ٍ‬
‫معان تقريبًا‪ ،‬ميكنها أن تستأثر هبا‪.13‬‬

‫ينفك موسى ميتدح‪ ،‬منذ أن بدأ صالته‪ ،‬عظائم اهلل‬ ‫لنرجع إىل سياق اآلية‪ ،‬كما جيب علينا أن نفعل‪ .‬ال ّ‬
‫مر أجياهلم‪.‬‬‫مستقر‪ ،‬يقيم بنو إسرائيل يف كنفه‪ ،‬على ّ‬
‫ّ‬ ‫مقر‪ ،‬بل‬
‫اليت صنعها يف اخللق‪ .‬فيعرتف به‪ ،‬يف اآلية األوىل أنّه ّ‬
‫مثّ ينتقل‪ ،‬يف اآلية الثانية‪ ،‬إىل اإلشادة بتكويره األرض واملسكونة‪ ،‬فيعرتف به ثانية إهلًا‪ .‬وينكفئ‪ ،‬يف اآلية الثالثة‪،‬‬
‫اإلهلي‪ ،‬خبصوص اإلنسان‪ ،‬فإذا لسان حاله اعرتاف آخر جبالله‪ .‬ال حاجة البتّة‪ ،‬عند موسى‪ ،‬يف‬ ‫التأمل يف تدبريه ّ‬‫إىل ّ‬
‫يتفوه به؛ ففي عينيه الوقائع الثابتة اليت يستعرضها‬
‫مثل هذا السياق‪ ،‬إىل اللجوء إىل إقامة براهني على صدق ما ّ‬
‫بردهم إىل غبار‪ ،‬على‬ ‫تكفي حىت يعرتف بعظمة اإلله‪ ،‬ويشيد بعظائمه‪ .‬وكما سلطانه على "بين آدم" ظاهر للعيان ّ‬

‫نذكر منها‪ :‬إ ّن (بعد فعل قال)‪ ،‬أ ّن (بعد القسم)‪ ،‬أ ْن (مبعىن أي التفسرييّة)‪ ،‬إ ْن (مبعىن إذا)‪ ،‬أ ّن (يف قولنا "ذلك أ ّن"‪ ،‬مبعىن السبب)‪ ،‬أ ّن (بعد‬ ‫‪13‬‬

‫مبا‪ ،‬مبعىن التسليم باألمر) إخل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫اإلهلي‪ ،‬ك ذلك ال زمن‪" ،‬ف إ ّن أل ف س نة في عي ني[ه] كي وم أمس"‪ .‬لألداة "كي"‪ ،‬يف ه ذا املوض ع من‬
‫حس ب أم ره ّ‬
‫الرب‪.‬‬
‫الكالم‪ّ ،‬قوة اإلثبات‪ ،‬ال وسيلة الربهان‪ .‬إهّن ا للتوكيد على واقع‪ ،‬واقع نفالة الزمن يف عيين ّ‬
‫ليس األمر كذلك‪ ،‬يف املوضع الثاين‪ ،‬الذي تظهر فيه األداة "كي" (כי)‪ ،‬يف اآلية‪ .‬ففي هذا املوضع الثاين‪،‬‬
‫الرب يوم أمس‪ .‬ويف‬
‫حياول صاحب املزم ور تفس ري التشبيه الذي أس داه‪ ،‬كي ف عسى ألف سنة توازي يف عيين ّ‬
‫اعتق اده أ ّن ه ذا التش بيه ج ائز‪ ،‬أل ّن ي وم أمس يع رب‪ .‬األداة "كي"‪ ،‬إذًا‪ ،‬هن ا‪ ،‬يف ه ذا املوض ع‪ ،‬تفي د إظه ار الس بب‪،‬‬
‫ال ذي جع ل ص احب املزم ور يش بّه أل ف س نة بي وم أمس؛ وه ذا الس بب ه و أن ي وم أمس ينقض ي‪ .‬إنّ ه ي وم س ريع‬
‫الرب هو "من األزل وإلى األبد"‪.‬‬
‫الزوال‪ ،‬ال يثبت له حال‪ ،‬فيما ّ‬

‫هـ‪ .‬مز ‪5:90‬‬

‫ص عوبات من مس تويات خمتلف ة تف رتش عب ارة ه ذه اآلي ة‪ ،‬حبيث إ ّن ترمجته ا ال ختل و من غم وض‪ .‬الفع ل‬
‫األول هو يف‬
‫للمرة الثانية‪ ،‬يف كتاب املزامري‪ .‬الظهور ّ‬
‫"ز َرم" (זרם)‪ّ ،‬أوالً‪ ،‬يف رأس اآلية‪ ،‬فعل نادر‪ .‬يظهر هنا‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫"ذرى"‪ ،‬و"نثر"‪ .‬ويف‬
‫الزما‪" :‬اهنمر"؛ ّأما إذا جاء متع ّديًا فمعناه‪ّ :‬‬
‫اآلية مز ‪ .18:77‬معىن الفعل‪ ،‬إذا كان استعمالة ً‬
‫ما سوى هذين الظهورين‪ ،‬ليس للفعل موضع ثالث يظهر فيه‪ ،‬على امتداد الكتب األخرى‪.‬‬

‫يف النص وص القدمية‪ ،‬الس ريانيّة حتدي ًدا‪ ،‬الم الفع ل‪ ،‬أي ح رف امليم في ه‪ ،‬أُب ِدلت حبرف آخ ر‪ ،‬ه و ح رف‬
‫البديهي أن ينعكس أثر ذلك على الرتمجة‬
‫ّ‬ ‫"ز َر ْع" (זרע)‪ .‬فأصبح معناه‪" :‬غرس"‪ ،‬أو "بذر"‪ ،‬و"زرع"‪ .‬ومن‬ ‫العني‪ُ ،‬‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ً‬

‫ولكن الفعل ال ذي‬ ‫على صعيد النحو‪ ،‬يرد الفعل املذكور يف صيغة املاضي‪ ،‬يف آيتنا مز ‪َ " :5:90‬ذ َّر ْيَت ُهم"؛ ّ‬
‫يعقبه‪ ،‬يف شطر هذه اآلية نفسها‪ ،‬ال يرد يف الصيغة عينها‪ .‬إنّه بصيغة املستقبل‪ .‬ومن غري املناسب أالّ تُظْ ِه َر الرتمجة‬
‫هذا االنقالب يف أزمنة الفعل‪ ،‬داخل اآلية‪.‬‬

‫دعون ا ننظ ر اآلن‪ ،‬على ض وء ه ذه اإليض احات‪ ،‬يف الرتمجة ال يت ق ّدمها ف ان داي ك وفري ق عمل ه‪ ،‬كتب‪:‬‬
‫"ز َرم"‪ ،‬كلٌّ من الرتمجة‬ ‫" َج َر ْفَت ُهم‪َ .‬ك ِس نَ ٍة يكونون"‪ .‬لقد تبع فان َ‬
‫دايك‪ ،‬يف اختياره الفعل "ج رفتهم" كرتمجة للفظ ُ‬
‫املشرتكة‪ ،‬والرتمجة بني السطور‪ .‬وال أحسب أ ّن هذا اخليار صائب يف منظوره‪ ،‬بسبب السياق‪ .‬لقد تكلّم صاحب‬
‫‪8‬‬
‫الرب اإلله أن يرجعوا إليه‪ .‬ال ميكن‬
‫املزمور يف اآلية الثالثة على "غبار"‪ .‬والغبار هو كناية عن بين آدم‪ ،‬الذين أمرهم ّ‬
‫ذرى الرماد‪.‬‬
‫"ذراهم"‪ ،‬كما يُ ّ‬
‫احلديث عنهم‪ ،‬يف بداية اآلية ‪ ،5‬باختيار لفظ "جرف"‪ .‬مل جيرفهم اهلل‪ ،‬وإمّن ا ّ‬
‫خربا‪ 14‬لفعل "يكونون"‪ .‬وقد وقع اخليار‬ ‫ِ‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬اختار املرتجم لفظ "سنَة"‪ ،‬ليكون‪ ،‬يف العبارة‪ً ،‬‬
‫"ش نا" (שנה)‪ ،‬وجمانسة هلا يف اللفظ‪ ،‬لش ّدة هاجس املرتجم يف األمانة لألصل‪ .‬تعين اللفظة‬ ‫مطاب َق ة للّفظة العربي ة ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫العريب‪ ،‬يف يومنا احلاضر‪،‬‬ ‫النص‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫العربيّ ة "س نَة"‪ ،‬الرقاد‪ ،‬والنوم‪ ،‬والغفوة‪ .‬ولست على يقني البتّ ة بأ ّن املستمعني إىل ّ‬
‫يفهمون الكلمة‪ ،‬عندما تتلى اآلية على مسامعهم‪.‬‬

‫مؤداه يف‬
‫بشكل خاطف‪ ،‬إىل أ ّن هذا الشطر من اآلية‪ ،‬كسائر الشطور‪ ،‬حيصر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫يف اخلتام‪ ،‬علينا أن نشري‪،‬‬
‫داخل ه‪ ،‬أي يقبض على املراد تبليغ ه يف ح دود ألفاظ ه‪ .‬فم ا ه و ه ذا املراد‪ ،‬عن دما نط الع الش طر‪ ،‬على حس ب م ا‬
‫جاءت ترمجته؟ "جرفتهم كسنة يكونون" عبارة ضائعة املضمون‪ ،‬بالنسبة إىل األذن العربيّ ة‪ ،‬وكلمة ال تبلّغ السامعني‬
‫البشرى‪ .‬غري أ ّن لصاحب املزمور‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬بال ًغا يريد أن يصل به إىل قلوب املستمعني إليه‪.‬‬

‫‪2‬ـ الدقّة في الترجمة‬

‫يهتم عادة سوى بالنواحي النظريّة‪،‬‬


‫كالم ا فلسفيًّا‪ ،‬ال ّ‬
‫نتوخى مطل ًقا‪ ،‬هنا‪ ،‬الكالم على الدقّة يف الرتمجة ً‬
‫ال ّ‬
‫فيغوص يف أحباث سحيقة األغوار‪ ،‬وبعيدة امليادين‪ .‬حاشى وكالّ! ما نتطلّ ع إليه‪ ،‬باملقابل‪ ،‬هو التثبّت من مطابقة‬
‫العربي‪ .‬ولكن‪ ،‬دعونا َن ُق ْل كلمة مقتضبة‪ ،‬يف هذا‬
‫ّ‬ ‫للنص‬
‫العريب‪ ،‬الذي وضعه فان دايك وزمالؤه‪ ،‬كرتمجة ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬
‫اخلصوص‪ ،‬قبل الشروع يف حتقيقنا عن دقّة املرتجم يف عمله‪.‬‬

‫كالمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫زمين‪ .15‬إنّه لغة‪ ،‬يف قالب‬
‫أديب‪ ،‬وبالغ ّ‬ ‫ثقايف‪ ،‬ونوع ّ‬
‫نص‪ ،‬بوجه العموم‪ ،‬هو نتاج ّ‬
‫كل ّ‬ ‫النص‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ملخاطب ة عص ر معنّي ‪ .‬إ ّن نص وص الش عوب كلّه ا حمص ورة‪ ،‬ض من ه ذا اإلط ار املثلّث األبع اد‪ .‬ك ذلك ه و ش أن‬
‫النص وص الدينيّ ة‪ :‬إهّن ا حص يلة حض ارة من احلض ارات؛ وتُع َرف‪ ،‬ل دى الش عوب والثقاف ات األخ رى‪ ،‬ع رب انتقاهلا وف ق‬
‫اخلاصة‪ ،‬إىل ارتباط اإلنسان واجملتمع باحلياة‪.‬‬
‫خاصة‪ ،‬هي نظرهتا ّ‬
‫متنوعة‪ ،‬حاملة معها نظرة ّ‬ ‫قوالب أدبيّة ّ‬

‫العربي ال يقول بذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫النص ّ‬‫خربا للفعل الناقص "يكونون"‪ ،‬إذ أتبعه بكاف التشبيه‪َ " :‬كسنَة"‪ ،‬مع أ ّن ّ‬
‫ولكن املرتجم مل يدع اللفظ "سنَة" يقع ً‬
‫‪14‬‬
‫ّ‬
‫املرة من "وسن"‪ ،‬أي نعس ونام‪ّ .‬أما حنن فآثرنا على اللفظة كلمة "غفوة"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫و"سنَة" هي اسم ّ‬
‫تطرقوا إىل هذه العناصر "البالغيّة"‪ ،‬راعوت ويب يف كتاهبا‪:‬‬
‫من املؤلّفني اجلدد‪ ،‬الذين ّ‬
‫‪15‬‬

‫‪Ekphrasis, Imagination And Persuasion In Ancient Rhetorical Theory And Practice, Ashgate Publishing, United‬‬
‫‪Kingdom, 2013.‬‬

‫‪9‬‬
‫األديب‪ ،‬أو قالب ه‪ ،‬الش عر‪ّ .‬أم ا‬
‫نص أفرزت ه حض ارة الع ربانيّني‪ .‬نوع ه ّ‬
‫أديب‪ ،‬أي ّ‬
‫نص ّ‬ ‫أيض ا ّ‬
‫واملزم ور ‪ 90‬ه و ً‬
‫النص‪ .‬ال يكفي املرتجم‪،‬‬ ‫يتوخى ترمجة هذا ّ‬
‫كل من ّ‬ ‫يلم ّ‬
‫موضوعه فاإلعالن عن اإلميان باهلل‪ .‬هبذا اإلطار ينبغي أن ّ‬
‫يتذوق ذهنيّ ة الكاتب فيها‪ ،‬وطريقته يف التعبري عن‬‫أيض ا فوق هذا أن ّ‬
‫النص‪ ،‬وإمّن ا عليه ً‬
‫إ ًذا‪ ،‬أن يعرف العربيّة‪ ،‬لغة ّ‬
‫الشعري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫أيض ا‪ ،‬عالو ًة على هذا‪ ،‬أن جييد قراءة ّ‬ ‫أفكاره‪ ،‬حىت يتم ّكن من نقل هذا إىل لغة أخرى‪ .‬وعليه‪ً ،‬‬
‫كل منهما‪.‬‬ ‫حىت يعرف عدد الكلمات يف الصدر والعجز‪ ،‬وحمطّات الكالم يف ّ‬

‫أـ الدقّة الحرفيّة‬

‫للنص الذي ينقله‪ ،‬حبيث إنّه ال يدع جانبً ا َهنَ ة من غري أن يأخذ هبا‪ .‬فإ ْن فعل‬
‫يُطلَب من املرتجم األمانة ّ‬
‫يضحي مبلكة‬
‫احلريف ّ‬
‫ّ‬ ‫نص ه املنقول غري مألوف‪ ،‬لدى أذن من يقرأ ترمجته‪ ،‬عُ ّد عمله نقالً حرفيًّا‪ .‬النقل‬
‫هذا‪ ،‬وجاء ّ‬
‫األصلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للنص‬
‫طمعا باألمانة ّ‬
‫اللغة املنقول إليها‪ ،‬ويقتحم عنوة أصوهلا‪ً ،‬‬
‫تنم عن حرص شديد على األمانة؛ ولكنّها تقع‬ ‫إ ّن ترمجة فان دايك لآليات اخلمس األوىل من املزمور ‪ّ 90‬‬
‫ريف للمف ردة العربيّ ة‪ ،‬على‬ ‫ِ‬
‫لفظي ح ّ‬
‫احلريف‪ ،‬أحيانً ا‪ .‬إ ّن اختي اره لفظي " َد ْور" و"س نَة" ه و اختي ار ّ‬
‫ّ‬ ‫يف ش رك النق ل‬
‫األول يأنفه املعجم‪ ،‬والثاين االستعمال‪ .‬كذلك‪ ،‬يظهر هذا امليل إىل‬ ‫قبل أ ّن اللفظ ّ‬
‫حساب العربيّة‪ .‬وقد بينّا من ذي ُ‬
‫وجب علي ه نقل ه بص يغة املاض ي‪ ،‬يف م ا يتعلّ ق‬
‫احلرفيّ ة يف الرتمجة‪ ،‬يف اآلي ة ‪ ،3:90‬عن دما ينق ل إىل املض ارع م ا يت ّ‬
‫بالفعل "وتقول "‪ .‬ولكن‪ ،‬يا للغرابة! فيما عمد املرتجم إىل إدخال أل التعريف على عدد من األمساء‪ ،‬اليت استخدمها‬
‫صاحب املزمور بصيغة النكرة‪ ،‬كما هو احلال يف اآلية ‪"( 2:90‬األرض والمسكونة")‪ ،‬واآلية ‪"( 3:90‬اإلنسان"‪،‬‬
‫"الغبار")‪ ،‬مصيبًا يف صياغته‪ ،‬جنده يُعرض عنها حيث جلأ صاحب املزمور إليها‪ ،‬يف اآلية ‪"( 5:90‬الشعب")‪ .‬وهذا‬
‫يتزمت يف أمانته‪،‬‬
‫مرة ّ‬ ‫التقلّب‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬يف اتّباع اجلملة العربيّة يرمي بالباحث يف حرية من أمره‪ :‬فالناقل تراه ّ‬
‫مرة مراعيًا األصول العربيّة‪ ،‬وأخرى مهمالً هلا!‬
‫بتحرره من قيودها! كذلك‪ ،‬تراه ّ‬ ‫مثّ ال تلبث أن تفاجأ ّ‬
‫الج ْرس الموقّع‬
‫بـ َ‬

‫‪10‬‬
‫كل‬
‫مع ا‪ ،‬يف اآلية الواحدة‪ ،‬ويف ّ‬ ‫العربي‪ ،‬هو توقيع القراءة يف النطق بعدد من الكلمات ً‬ ‫ّ‬ ‫الوزن‪ ،‬يف الشعر‬
‫شطر من شطريها‪ .16‬ال يقع الوزن على اتّباع تقطيع للمفردات‪ ،‬وفق منط واحد‪ ،‬على غرار ما يأخذ به الشعر‬
‫مساعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ريب‪ ،‬على امت داد القص يدة‪ .‬وال ينحص ر بتفعيل ة معيّن ة‪ ،‬يل تزم هبا الش اعر‪ .‬الش عر‪ ،‬يف اللغ ة العربيّ ة‪ ،‬ه و‬
‫الع ّ‬
‫والشطر خيالف الشطر‪ ،‬يف اآلية عينها‪ ،‬وزنًا وطوالً‪ .‬ولكنّه‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬حيتفظ له بإيقاع‪.‬‬

‫عند مطالعة املقطع مز ‪ ،5-1:90‬برتمجته املمهورة باسم فان دايك‪ ،‬جند أ ّن هذا الرجل تنبّه لألمر جدًّا‪،‬‬
‫تام ة‪ ،‬مراعاة منه رمّب ا للجملة‬
‫موسيقي‪ ،‬قلّما يتنبّ ه له الق ارئ؛ ولكن‪ ،‬ال بصورة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأتى بصياغة عربيّ ة ذات جرس‬
‫رب‪ /‬ملج أً‬
‫العربي؛ يكتب مرتمجً ا‪" :‬يا ّ‬
‫ّ‬ ‫ولنر أثر فان دايك‪ ،‬يف مراعاته الشعر‬ ‫العربيّ ة‪ .‬لنأخذ لنا مثالً اآلية األوىل‪َ ،‬‬
‫ور"‪ .//‬حذف فان دايك الضمري‬ ‫كنت لنا‪ /‬في َد ْو ٍر َو َد ْور"‪ .//‬ويف العربيّة نقرأ‪" :‬أدوناي‪َ /‬معُ ْون أتّا َهيِ َ‬
‫يت لَنُو‪ /‬بُ ُد ْ‬
‫ور َو ُد ْ‬ ‫َ‬
‫املوسيقي فيها‪ ،‬صونًا هلا من ختلخل يف اإليقاع‪ ،‬إذا ما‬ ‫ّ‬ ‫"أتّا" (أنت)‪ ،‬يف مجلته العربيّة‪ ،‬لكي حيافظ على جرس اآلية‬
‫دي‪ ،‬عن د تالوة‬‫التهج ّ‬
‫عري‪ .‬وأخ ذ بالط ابع ّ‬ ‫أقحم الض مري فيه ا‪ .‬فه و أملّ بالض رورة اإليقاعيّ ة‪ .‬وع رف الن وع الش ّ‬
‫املزمور‪ .‬وعمل على إظهار هذا كلّه‪ ،‬يف ترمجته‪.‬‬

‫ويف اآلية الثانية‪ ،‬جند االهتمام عينه لدى املرتجم‪ ،‬رغم اتّساع اإليقاع يف اآلية‪" :‬من قبل أن تولد الجبال‪ /‬أو‬
‫دأت األرض والمس كونة‪ /‬من ذ األزل إلى األب د أنت اهلل"‪ .//‬ويف العربي ة‪" :‬ب ِط ِرم ه اريم يولَّ ُدوا‪ /‬وتُّوحلِ ل إِ ِرص و ِ‬
‫تيف ْل‪/‬‬ ‫أب َ‬
‫َ ُ ْ ْ ُ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫ّ ُ ْ‬
‫ُو ُمعُولَم َع ْد عُولَم أتّا إل"‪.//‬‬

‫ريب‬
‫بنص ع ّ‬ ‫ك ذلك األم ر‪ ،‬بالنس بة إىل األبي ات الالحق ة‪ ،‬حيث ي ربز ه ذا احلرص من املرتجم على اإلتي ان ّ‬
‫يول الطباعة الشكل املؤايت‪ ،‬على حنو ما‬ ‫موقّع‪ ،‬شديد اللحمة بالصياغة العربية‪ ،‬متني وسليم‪ ،‬يف العربية‪ .‬ومع أنّه مل ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نص متتابع‪ ،‬إالّ أ ّن القراءة املتأنّية‬
‫فعلت الطبعات األخرى‪ ،‬حىت يظهر البيت الواحد يف شطرين‪ ،‬بل اكتفى بإعطاء ّ‬
‫توقيعا موزونًا‪.‬‬
‫نصه ً‬ ‫تلتمس يف ّ‬

‫ج ـ ترجمة مقترحة‬

‫واعتبارا كذلك خلطّة الربوفسور فان دايك‪،‬‬


‫ً‬ ‫بناء على الدراسة اللغويّة اليت أجريناها‪ ،‬يف بدء هذا البحث‪،‬‬
‫النص مز ‪ ،5-1:90‬مستفيدين من عمل الربوفسور‪،‬‬‫اليت اعتمدها يف وضع ترمجته‪ ،‬ها حنن نق ّدم حماولة لرتمجة ّ‬

‫‪16‬‬
‫;‪Georges Buchanan Gray, The Forms Of Hebrew Poetry, Hodder and Stoughton, London, 1915, 123-155‬‬
‫‪Robert Alter, The Art Of Biblical Poetry, Basic Books, New York, 2011.‬‬

‫‪11‬‬
‫ربي‪ ،‬تركن ا في ه جماالً‬
‫ين على األص ل الع ّ‬
‫ونص مب ّ‬
‫وب انني علي ه‪ ،‬لرص انته‪ .‬إ ّن حماولتن ا ه ذه‪ ،‬إمّن ا هي اق رتاح نق ّدم ه‪ّ ،‬‬
‫والنصي‪.‬‬
‫اللغوي ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلاد‪،‬‬
‫واسعا للنقد ّ‬
‫ً‬
‫‪1‬ـ صالةٌ ‪ /‬ملوسى ‪َ /‬ر ُج ِل اإلله‪ :‬‬

‫كنت لنا‪ / ،‬جيالً بعد جيل ‪//‬‬


‫رب‪ / ،‬مسكنًا َ‬
‫يا ّ‬
‫ومنذ األزل‪ / ،‬حىّت األبد‪ / ،‬أنت اهلل‪//‬‬ ‫األرض واملسكونة‪ ،‬‬
‫َ‬ ‫رت‬
‫كو َ‬
‫تولد اجلبال‪َّ / ،‬‬
‫قبل أن َ‬
‫‪2‬ـ َ‬
‫ت‪" / :‬عودوا‪ ،‬يا بين‬
‫وقد ُقْل َ‬ ‫‪‬‬ ‫‪3‬ـ تعيد اإلنسان ‪ /‬إىل رماد‬
‫البشر ‪//‬‬

‫ألنّه ميضي‪ / ،‬وكهجعة من الليل ‪//‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪4‬ـ إ ّن ألف سنة‪ / ،‬يف عينيك‪ / ،‬كيوم أمس‪،‬‬

‫كالعشب‪ / ،‬يف الصباح‪ / ،‬يذوي ‪//‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪17‬‬


‫‪5‬ـ ذَ َّر ْيَت ُهم ‪ /‬فإذا هم غفوة‬

‫األول من اآلية مز ‪ 1:90‬جزءًا من اآلية نفسها‪ ،‬بل هو ملحوظة صدَّر فيها صاحب املزمور‬
‫ليس الشطر ّ‬
‫النص‪ ،‬الذي ألّفه‪ ،‬صالة‪ ،‬وضعها هو‪ ،‬ونسبها إىل "موسى‪ ،‬رجل اإلله"‪ ،‬ال‬
‫وعرف نوعه إىل القارئ‪ .‬هذا ّ‬
‫نص ه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫عرف باأللف والالم اسم اجلاللة "إلوهيم"‪ ،‬ومل‬‫ضروري يف الرتمجة‪ ،‬أل ّن صاحب املزمور ّ‬
‫ّ‬ ‫اهلل‪ .‬والفرق بني اللفظتني‬
‫علم ا‪ ،‬كم ا فع ل يف اآلي ة التالي ة م ز ‪ ،2:90‬يف آخ ر ال بيت‪ ،‬حيث ذك ره باس م "إل"‪ .‬ال ف رق‪ ،‬عن د‬
‫يَ َد ْع ه امسًا ً‬
‫فاملسمى واحد‪ ،‬كما بالنسبة إلينا حنن املسيحيّني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وطورا "إل"‪.‬‬
‫صاحب املزمور‪ ،‬بأن يُدعى "اإلله" تارة "إلوهيم"‪ً ،‬‬
‫ملسمى واحد‪ ،‬هو يسوع‪ ،‬ابن اهلل‪.‬‬
‫و"الرب" امسان ّ‬
‫ّ‬ ‫إذ "املسيح"‬

‫ربي يع ين "املق ّر‪ ،‬املس كن"‪ ،‬كم ا س بق إيض احه‪ ،‬أي املك ان ال ذي يقص ده ام رؤ‬
‫"معُ ون" (מעון) لف ظ ع ّ‬ ‫َ‬
‫ألجل العيش فيه‪ .‬ال يريد صاحب املزمور استذكار التاريخ القدمي‪ ،‬الذي عرب بنو إسرائيل فيه‪ ،‬حىت بلغوا الوقت‬
‫الرب‪ ،‬أكثر‬
‫صح‪ ،‬لكان معىن "الملجأ"‪ ،‬الذي يطلقه صاحب املزمور على ّ‬ ‫الذهين‪ ،‬لو ّ‬
‫ّ‬ ‫احلاضر‪ .‬إ ّن مثل هذا السبياق‬
‫ولكن اآليات الالحقة تثري عظمة اهلل‪ ،‬وجالل قدرته البارئة الكون‪ .‬ويغلب عليها ذكر السنوات‪ ،‬اليت‬ ‫احتماالً‪ّ .‬‬
‫ميض يها اإلنس ان يف احلياة (أأ ‪ .)12-9:90‬فاملقطع‪ ،‬إ ًذا‪ ،‬هو ص الة شخصيّة‪ ،‬ص الة يرفعها صاحب املزم ور إىل‬
‫"معُ ون" (מעון) معىن "املسكن"‪ ،‬و"املنزل"‪ ،‬أي حيث‬ ‫الذهين‪ ،‬يتّخذ اللفظ َ‬
‫ّ‬ ‫الرب‪ ،‬لتمجيده‪ .‬ويف مثل هذا السياق‬
‫ّ‬
‫ينزل املرء‪ ،‬للمبيت‪.‬‬
‫ترمجة ممكنة أخرى‪ :‬إ ْن تُ ّذ ِّرهم يغدوا غفوة‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪12‬‬
‫م ا جيد بن ا التنوي ه ب ه‪ ،‬يف ال بيت الث اين‪ ،‬ه و الكالم على "األزل" و"األبد"‪ ،‬يف الش طر الث اين من ال بيت‪ .‬يف‬
‫فثم ة لفظ ان‪ :‬األزل‪ ،‬للداللة على البدء غ ري احملدود‪ ،‬واألب د‪ ،‬للداللة‬
‫العربيّ ة اللفظ واحد‪" :‬عُ ْومَل "؛ ّأم ا يف العربيّ ة ّ‬
‫امي "ال دهور"‪ ،‬أو "ال دهر"‪ ،‬مبع ىن ع وامل تتع اقب‪ .‬الع امل‬
‫ص ر ب وقت‪ .‬ال يع رف الع امل الس ّ‬ ‫على النهاي ة‪ ،‬ال يت ال حُتْ َ‬
‫واحد‪ ،‬هو العامل الذي برأه اهلل‪ ،‬منذ البدء‪ ،‬والذي سيقاضي فيه الناس‪ ،‬عند النهاية‪ .‬كذلك‪ ،‬يدعى اهلل يف هذا‬
‫وعرف موسى إىل القارئ بأنّه "رجل‬ ‫البيت الثاين "إل"‪ .‬ويف مطلع اآلية السابقة‪ ،‬مسّاه صاحب املزمور "أدوناي"‪ّ .‬‬
‫اإللوهيم"‪ .‬ما من حرية قط‪ ّ،‬لدى صاحب املزمور‪ ،‬إذا ما جلأ إىل ع ّدة أمساء للجاللة اإلهليّة؛ بل‪ ،‬بالعكس من هذا‪،‬‬
‫ملسمى واحد‪.‬‬
‫جند عنده موروثًا غنيًّا‪ ،‬تثبّت عرب األجيال‪ ،‬يف أشكال خمتلفة‪ّ ،‬‬
‫من ناحي ة أخ رى‪ ،‬يف الش طر الث اين من اآلي ة ‪ 3:90‬ح ذف للج ار واجملرور "إلي ه"‪ ،‬بع د فع ل األم ر‪:‬‬
‫تعم ده رمّب ا صاحب املزم ور‪ ،‬إلض فاء ش يء من اإلهبام على الفع ل‪ .‬فاجلار واجملرور احملذوفان يشريان إىل‬‫"عودوا"‪ّ ،‬‬
‫عمال يف اجلملة‪ .‬واألذن العربيّة هبا ميل إىل استعماهلما‪ .‬ولكنّنا آثرنا اإلبقاء على الغموض‪ ،‬وصرفنا‬‫"الرماد"‪ ،‬لو استُ ِ‬
‫حيًزا لصاحب املزمور يف محل القارئ على التفكري بالعودة إىل ربّه‪ ،‬عرب‬ ‫النظر عن إقحامهما يف الرتمجة‪ ،‬حىت نرتك ّ‬
‫املتعمد‪ ،‬ال إىل الرماد‪.‬‬
‫حذفهما ّ‬
‫أخريا‪ ،‬ثالث استعارات يلجأ إليها كاتب املزمور‪ ،‬حيسن بنا جالء صورها‪ .‬االستعارة‬ ‫يف اآلية ‪ً ،5:90‬‬
‫مصوبتان إىل "بين آدم"‪ .‬املقصود بالفعل هو بنو آدم؛ ّأم ا الفعل‬
‫"ذرى"‪ ،‬وعيناه ّ‬ ‫األوىل هي جلوء الكاتب إىل فعل ّ‬
‫ولكن ضمري الكاتب ال يلتفت باحلقيقة إىل احلدث يف املاضي‪ ،‬رغم إيراده صيغة‬ ‫مستلهم من "الرماد"‪ّ .‬‬‫َ‬ ‫نفسه فلفظه‬
‫موج ه إىل إبراز عظمة اهلل‪ ،‬من خالل الكالم على بين آدم‪ .‬ومن مثّ‪ ،‬فالفكرة‪ ،‬اليت‬ ‫الفعل يف الزمن املاضي؛ بل هو ّ‬
‫جتول يف ذهن الك اتب‪ ،‬تتوقّ ع احلدث ل و وق ع‪ ،‬م ا تُ راه حيص ل لب ين آدم‪ ،‬يف ذل ك ال وقت‪ .‬ويف الرتمجة‪ ،‬أبقين ا على‬
‫ذرهم"‪.‬‬ ‫"ذريتهم"‪ ،‬مع أ ّن املقصود هو "إن تُ ِّ‬
‫صيغة املاضي ّ‬
‫االس تعارة الثاني ة يف اآلي ة ‪ 5:90‬هي الغف وة‪ .‬وق د اس توحاها ك اتب املزم ور من اآلي ة الس ابقة (‪،)4:90‬‬
‫تنويه ا ب اخللق‪ ،‬وعلى ب ين‬
‫ذرى" ً‬ ‫حيث حت ّدث عن "هجع ة من الليل"‪ .‬بي د أ ّن احلديث عن "غف وة" يلقي على الفع ل " ّ‬
‫يذره اهلل‪ .‬أما هذه احلياة عينها اليت‬
‫يدب فيه احلياة ما إن ّ‬
‫آدم مسحة من احلياة‪ .‬فالرماد هو جوهر بين آدم؛ ولكنّه ّ‬
‫حيياها بنو آدم فإ ْن هي إالّ "غفوة"‪ ،‬يف عيين الكاتب‪.‬‬

‫االس تعارة الثالث ة واألخ رية يف اآلي ة ‪ 5:90‬هي العش ب‪ .‬التأوي ل‪ ،‬بال ريب ة‪ ،‬ه و أ ّن ب ين آدم يغ دون‬
‫ذراهم اهلل؛ ال ه ذا فق ط‪ ،‬ب ل كالعش ب ال ذي ي ذوي يف الص باح‪ ،‬دالل ةً على هشاش ة حي اهتم‪،‬‬‫كالعش ب‪ ،‬إذا م ا ّ‬

‫‪13‬‬
‫وسرعة زواهلا‪ .‬العشب نضر‪ ،‬وال سيّما يف الصباح؛ فإذا كان ذابالً‪ ،‬يف ساعات طلوعه األوىل‪ ،‬فال خري يؤمل منه‪،‬‬
‫ذراهم اهلل‪.‬‬
‫وال رجاء فيه‪ .‬هكذا بنو آدم‪ ،‬إذا ما ّ‬
‫خاتمة‬

‫حاولن ا جه دنا أن ن ربز‪ ،‬يف ه ذا البحث‪ ،‬مع امل الرتمجة‪ ،‬ال يت ق ام هبا الربوفس ور ف ان داي ك ومس اعدوه‬
‫بديهي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ط‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫قوة وصالبة‪ ،‬كما مواطن ضعف‪ .‬ال ميكننا ق ّ‬ ‫للمزمور ‪ .5-1:90‬وقد تبنّي لنا فيها مواقع ّ‬
‫نستدل بدراستنا على بعض املميّ زات‪ ،‬اليت‬
‫ّ‬ ‫أن نستخلص ممّا قمنا به نتائج تتعلّق بالرتمجة كاملة‪ .‬غري أنّنا نستطيع أن‬
‫تتّصف هبا هذه الرتمجة‪ .‬وقد جئنا على ذكر بعض منها‪ ،‬خالل البحث‪.‬‬

‫العربي‪ ،‬إىل ح ّد كبري‪ .‬وقد شحذ‬


‫ّ‬ ‫للنص‬
‫تتمتّع ترمجة فان دايك حبرص صاحبها‪ّ ،‬أوالً‪ ،‬على الدقّة واألمانة ّ‬
‫كل احملاكاة األصل‪ ،‬مع إيالء األفضليّة‬
‫عريب حياكي ّ‬
‫بنص ّ‬ ‫هوس ا لديه‪ ،‬إذ جعل مهّه اإلتيان ّ‬
‫حرصه هذا‪ ،‬حىت بات ً‬
‫للنص‬
‫كل فعل ترمجة ّ‬ ‫النص كامن وراء هذا اهلوس؛ ومعرفة املرتجم خبيانة ّ‬ ‫للرتكيب يف األصل‪ .‬إ ّن اإلميان بقدسيّة ّ‬
‫األصلي ماثلة لديه‪ ،‬أمام عينيه‪ .‬فعمل وفق إميانه‪ ،‬وجانب مشكلة الرتمجة‪ ،‬لئال تأخذه بفخاخها‪.‬‬
‫ّ‬
‫لق د وض ع الربوفس ور ف ان داي ك ترمجت ه يف زمن مل تكن العل وم النقديّ ة ق د بلغت في ه‪ ،‬من ش وط تق ّدمها‬
‫واكتش افاهتا‪ ،‬ش ًأوا بعي ًدا‪ .‬وه ذا يع ين أ ّن كث ًريا من املالحظ ات‪ ،‬ال يت اعتم دنا عليه ا لوض ع دراس تنا ه ذه‪ ،‬مل تكن‬
‫ترديدا علميًّا‪ ،‬ويعكس مقدرة‬
‫يردد صدى النصوص ً‬ ‫النص‪ ،‬الذي خرج من بني أنامله‪ّ ،‬‬ ‫معروفة إليه‪ .‬ومع هذا‪ ،‬فإ ّن ّ‬
‫ومستمرا يف النقل‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫وجهدا رصينًا‬
‫ً‬ ‫قل نظريها‪،‬‬
‫فكريّة جديرة بالتقدير‪ ،‬وألفة مع املعىن ّ‬
‫يبقى أن نذكر‪ ،‬يف هذه العجالة‪ ،‬أمهيّ ة التحديث‪ ،‬أي إعادة النظر يف صياغة بعض النصوص‪ ،‬على أسس‬
‫العل وم الكتابيّ ة والنقديّ ة احلديث ة‪ ،‬ح ىت ختاطب الرتمجة أن اس العص ر‪ .‬لق د بيّنت دراس تنا احلاج ة إىل مث ل ه ذا‬
‫النص‬
‫يتحول عمل ترمجة‪ ،‬لئال يفقد ّ‬ ‫التحديث‪ .‬ولكنّنا نشري إىل أ ّن عمل التحديث‪ ،‬الذي ندعو إليه‪ ،‬ال ينبغي أن ّ‬
‫النص‪ ،‬ال ذي جرى‬
‫فل ّ‬ ‫األول‪ .‬ونب دي‪ ،‬يف ه ذا اخلص وص‪ ،‬رأيً ا‪ ،‬وه و أن يُ ذ َكر‪ ،‬يف حاش ية‪ ،‬أس َ‬
‫بص مات ص احبه ّ‬
‫تعديل على صياغته‪ ،‬ما كان الربوفسور فان دايك قد وضعه يف ترمجته األوىل‪.‬‬
‫البولسي‬
‫ّ‬ ‫خوام‬
‫األب جورج ّ‬
‫العام على جمعيّة المرسلين البولسيّين‬
‫الرئيس ّ‬
‫ومدير معهد الق ّديس بولس للفلسفة والالهوت‬
‫‪2015‬‬ ‫السبت‪ 01 ،‬آب‪،‬‬
‫حريصا (لبنان)‬

‫‪14‬‬

You might also like