Professional Documents
Culture Documents
مق ّدمة
للمرة األخرية" ،وأسلم الروح" ،كان قد مضى على عندما أغمض العالّمة كورنيليوس فان دايك عينيهّ ،
عام ا ونيّ ف .ويف أثناء االحتفال مبراسيم جنازته ،1تلي املزمور ،90والفصل 15 إقامته يف الشرق األوسط ً 55
"الليرتجي" ،على
ّ تأمل رهيب .لقد جاء هذا الرتتيب من الرسالة األوىل إىل الكورنثيّني ،مثّ لزم احلضور الصمت يف ّ
وفق ملتمس ال دكتور فان دايك نفس ه ،فأوص ى ب ه كتابة ،كما يُعت َق د .هذا م ا وقعت عليه ،عند مط العيت سرية
لتوي فكرة ،انطلقت من حمبستها كأهّن ا شرارة؛ أهم بوضع هذه الدراسة املتواضعة .فراودتين ّالرجل ،فيما كنت ّ
العلَم قد اختار املزمور ،90حىت يُتلى يف صالة جنازته ،فلم ال أختار االختيار نفسه،
قلت يف نفسي :إن كان هذا َ
ملناسبة إحياء ذكراه؟ ومل أتل ّك أ حلظة يف إرساء قراري ،بل أعددت الع ّدة للقيام بالعمل ،مبوجب هذه الفكرة .إمّن ا
معتربا الوقت املتاح ،من جهة ،إللقاء هذه الدراسةحصرت اهتمامي يف حدود اآليات اخلمس األوىل من املزمورً ،
على احلضور ،ووعورة اجلدل فيها ،من جهة مقابلة.
األول
املهم ة ،فآليت على نفسي النظر يف أمرين :األمر ّ ّأم ا يف ما يتعلّ ق بالطريقة اليت سلكت فيها إلجناز ّ
لغة الرتمجة ،اليت استعان الدكتور فان دايك املعلّم بطرس البستاين على إمتامها؛ واألمر الثاين الدقّة يف الرتمجة ،اليت
تآزرت ثلّة من خرية العلماء يف ذلك احلني ،من أجل بلوغها .إيّن أعتقد أ ّن السري يف هذه الطريقة يفي املبتغى من
أيض ا ،يف ال وقت نفس ه ،أن ين أقحمت نفس ي يف اختب ار جلي ل ،لرفع ة ش أن أظن ً
عق د املؤمتر ح ّق ه ووط ره؛ ولكيّن ّ
1
الذين أعملوا الفكر ،وأجهدوا العلم حىت يأتوا برتمجة عربيّ ة للكتاب املق ّدس ،حيسب البعض وكلّهم اقتناع أ ّن هلا
مكانة عالية الشأن يف ما بني الرتمجات إىل اللغة العربيّة ،بل أ ّن هلا املنزلة العليا.
تام ة
على ص عيد آخ ر ،الرتمجة عم ل تُن َق ل في ه الفك رة من لغ ة إىل لغ ة أخ رى ،بأمان ة .إنّ ه يقتض ي معرف ة ّ
بكلت اا اللغ تني ،اللغ ة املنق ول منه ا ،واللغ ة املنق ول إليه ا .إنّ ه ،إذًا ،اجمليء ب املفردة املوازي ة ،يف ق الب مناس ب ،م ع
مراعاة القواعد .وكلّما بدا النقل أمينًا ،غدت الرتمجة سليمة .األمانة ،من جهة ،إذًا ،وجالء املعىن ،من ٍ
جهة ثانية،
كل عمل ترمجة.مها ركنان أساسيّان يف ّ
تعظم املشكلة ،عند القيام برتمجة شعر ،من ٍ
لغة إىل أخرى .احلدود ،يف هذه احلالة ،خُت َرق ،بسبب الضرورة
وغين عن البيان أ ّن الناقل إيّاه
شعري ،يف العربيّةّ .
ّ الشعريّة .إ ّن املزمور ،90الذي جعلناه هدفًا لدراستنا ،هو نظم
إىل العربيّة ُم َلزم باحملافظة على شيء من اإليقاع ،يف ترمجته.
على ضوء هذه املالحظات ،السريعة واملتقضبة ،دعونا نطرق اآلن باب الرتمجة العربيّة اليت حتمل اسم فان
خصوصا .ماذا ترانا جند يف متنها؟
ً شيوعا ،واسم مسيث وفان دايك
دايك ً
2
أـ مز 1:90ب
رب ،ملجأ كنت لنا ،في َد ْو ٍر ف َد ْور" .هكذا ترجم فان دايك
نصه" :يا ّ
نقرأ ،يف الشطر الثاين من اآلية ،1ما ّ
تفرد ،باحلقيقة ،برتمجته هذه ،يف ما بني سائر الرتمجات العربيّة .2لن
وفريق عمله اآلية األوىل من املزمور .90وقد ّ
أخ وض هن ا يف مناقش ة لغويّ ة ،تتّخ ذ من املقارن ة بني الرتمجات مي دانًا هلا ،رغم أمهيّ ة مث ل ه ذا البحث ،واهتم امي
به .3ولك ين س أويل ترمجة ف ان داي ك 4حص ًرا عن اء املناقش ة ،نظ ًرا إىل ال وقت ،من جه ة ،كم ا ق ّدمنا أعاله،
واملوضوع ،من جهة مقابلة.
تف ّرد ف ان داي ك ،إذًا ،بكتابت ه "من َد ْو ٍر إلى َد ْو ٍر" ،فيم ا أمجعت س ائر الرتمجات على ت دوين "من جي ٍل إلى
أيض ا .إ ّن القاموس احمليط يسقط من اعتباره لفظ "دور"؛ فال نقع فيه على حتديد للفظة. جيل" ،أو "جيالً فجيالً"ً ،
ويذهب ،كذلك ،لسان العرب ،مذهبهّ .أما املنجد فينزل للفظة يف قائمته مكانًا ،وجيعل هلا تعري ًف ا ما يأيت" :الدور
املرة" .ال يفيد هذا التعريف معىن أيض ا ّ
هو احلركة .وهو عود الشيء إىل حيث كان ،أو إىل ما كان عليه .وهو ً
املشتق من الفعل
ّ حصرا مبعىن املصدر
اخلَلَف ،أو معىن الساللة البشريّة ،اليت تعقب ساللةً َسبَقتها .إنّه تعريف يأخذ ً
رب ،"...
الرب" :يا ّ
"دار" .واحلال أ ّن صالة املزمور ،90املنسوب إىل "موسى ،رجل اهلل" ،تبغي يف مطلعها مناجاة ّ
والتذكري مبنزلته يف عيين بين إسرائيل ،جيالً بعد جيل :إنّه كان على الدوام "ملجأ" للشعب .لذا ،ال جند أ ّن اختيار
ف ان داي ك وفريق ه عب ارة "في َد ْو ٍر فَ َد ْو ٍر" موفّ ق .إنّ ه ال يعكس لغويًّا املع ىنّ .أم ا الس ؤال عن ح رص املرتجم على
النص
استخدام العبارة ،فاجلواب عليه هو هذا :لقد أراد فريق العمل األمانة اللفظيّة ،والبقاء بالرتمجة على كثب من ّ
األصلي .ومبا أ ّن هذا األخري يورد العبارة "بُ ُدور َو ُدور" ،يف املنت ،فقد حافظ فريق الرتمجة على العبارة حبرفيّتها.
ّ
الرتمجة العربيّة ،اليت وضعها العالّمة كرنيليوس فان دايك ،والرتمجة الدومينيكانيّة ،اليت ظهرت يف املوصل ،سنة ،1875تؤلّفان مفصالً أدبيًّا 2
فكل ما سبق من ترمجات اعتمد ّإم ا اليونانيّة ،أو الالتينيّة ،وبعضه السريانيّة ،ومل يلتفت إىل العربيّة يف ترمجة
يف تاريخ الرتمجات العربيّة للكتاب املق ّدسّ .
نصوص العهد القدمي .وما تالمها من ترمجات مل يتم ّكن من األسلوب والدقّة مت ّكن هاتني الرتمجتني منهما ،رغم تق ّدم العلوم الكتابيّة.
المسرة ،)2006(1،92 ،املكتبة البولسيّة ،جونية ،ص 60ي.
ّ راجع مقاليت" :الفريد يف ترمجة األب جورج فاخوري للعهد اجلديد"، 3
عُرفَت هذه الرتمجة مقرتنة هبذا االسم من باب الشيوع ،غري أهّن ا ترمجة تعاون يف وضعها عايل مسيث ،وبطرس البستاين ،والشيخ يوسف 4
3
ولكن يف هذا الشطر الثاين من اآلية 1مشكلة ثانية ،على صعيد اللغة ،نَ َدر أن تنبّهت هلا الرتمجات العربيّة ّ
6 5
رب ،ملج أ كنت لن ا."... رب بامللجأ " :ي ا ّ بأس رها .فه ذه األخ رية نقلت ه ذا الش طر الث اين جممع ة على من اداة ال ّ
العربي 7يلحظ ما يأيت ،يقول" :قلّة هي املخطوطات اليت ورد فيها اللفظ املثبت ّ للنص
النقدي ّ
ّ واحلال أ ّن اإلصدار
نص السبعينيّة اليوناينّ لفظًا 8آخر ،يُ ْس تَ َد ّل به على أ ّن النقلة اليهود قرأوا يف املخطوط، العربي ،فيما يورد ّ
ّ النص
يف ّ
ظ ،ترمجته "ملجأ" .وبتعبري آخر ،إ ّن لفظ "ملجأ" ،الذي أورده فان نصا عربانيًّا ،يرد فيه لف ٌ
الذي كان بني أيديهمًّ ،
العربي،
ّ النص اليوناينّ ،ال
دايك يف ترمجته العربيّة ،مثّ حذا حذوه الباقون ،إذ أخذوا عنه ،إمّن ا هو لفظ منقول عن ّ
عريب غري لفظ "ملجأ" .وهذه املالحظة تعين ،إ ًذا ،أحد العربي لفظ جيب ترمجته بلفظ ّ ّ النص
ذلك أ ّن ما يرد يف ّ
العربي ،فأخذوا كلّهم ،الواحد عن اآلخر، ّ النص
أمرينّ :إما أ ّن املرتمجني إىل العربيّة أخطأوا ترمجة اللفظ املثبت يف ّ
فضلوا ترمجة اللفظة اليت جاءت هبا السبعينيّة اليونانيّة. وإما أهّن م ّ
غلطته؛ ّ
النص
ويف الواق ع أ ّن مثّ ة ش ًبها ح ًّادا ومض لّالً بني لفظني بالعربيّ ة يكمن وراء املش كلة :فاللف ظ املثبت يف ّ
"معُون" (מעון) ،ويعين "املسكن" ،و"املنزل" ،ال "امللجأ" ،و"املالذ"؛ فيما اللفظ العربي ،املعروف باملاسورايتّ ،هو َ
ّ
"معُ وز" (מעוז) ،وه ذا اللف ظ يع ين "امللج أ"، النص اليون اينّ ،املع روف بالس بعينيّة ،ه و َ
ف من ّ اآلخ ر ،املستش ّ
و"املوئل" ،و"املالذ" .ال خيتلف رسم حرف النون بالعربيّة ،عندما يُكتَب يف آخر الكلمة ،عن رسم حرف الزاي،
سوى مب ّدة حنو األسفل قيد أمنلة؛ ومن السهولة أن ختطئ العني 9يف متييز الواحد من اآلخر ،على صحيفة بردى
أبدا ،بالنسبة إىل صاحب املزمور ،بني هذه حد سواء .ليس من فرق ً نص املزمور " ،90إلوهيم" يدعى "أدوناي" ،و"إيل" ،على ٍّ
حبسب ّ
5
األديب على مرحلة تارخييّة حديثة العهد نسبيًّا ،انصهرت فيها األلفاظ املختلفة يف
يدل هذا الواقع ّ
األمساء .ويف اآلية ،13يرد لفظ "يهوه" باملعىن نفسهّ .
مدلول واحد .ملزيد من االطّالع على أمساء اهلل يف العهد القدمي ،راجعMary E. Mills, Images Of God In The Old Testament, Lynn, :
.London, 1998, Herbert Lockyer, All The Divine Names And Titles In The Bibles, Zondervan, Michigan, 1988
ولكن معىن اللفظ يف إر ،10:9ويف ،22:10و 37:51هو مأوى ابن آوى ،واألماكن أيضا يف مز 3:71؛ 9:91؛ 8:26؛ ّ هكذا ً
6
اخلرب ة .ل ذا ،غلبت اإلض افة على اس تعمال الكلم ة ،كي يُس تبان منه ا م دلوهلا بوج ه الدقّ ة .وبالنس بة إىلCharles Augustus Briggs, Emilie :
،.Grace Briggs, The Book Of Psalms, vol. 2, ICC, Charles Scribner’s Sons, New York, 1907, p. 272يس تند صاحب
املزمور إىل تث 27:33؛ حز .20-16 :11
).Biblia Hebraica Stuttgartensia, Deutsche Bibelgeseschaft, Stuttgart, 19875 (1967/77 1 7
.3:52
النص ّي رصدها يف نصوص الكتاب املق ّدس :األخطاء
أخطاء العني ( )Optical Errorsهي إحدى األخطاء السبعة اليت أمكن علماء النقد ّ
9
اطي ()Repetition؛ تب ديل يف مواق عالس تّة األخ رى هي :ح ذف ح رف ،أو كلم ة ،أو س طر أو أك ثر من ذل ك ( )Omission؛ تك رار اعتب ّ
احلروف ،أو األلف اظ ()Transposition؛ أخط اء ال ذاكرة ()Mnemonic Errors؛ أخط اء الس مع ()Errors of hearing؛ أخط اء
االعتبار ( .)Errors of judgmentراجع ،يف هذا اخلصوص:
Edward D. Andrews, Your Guide For Defending The Bible, Christian Publishing House, Ohio, 2015, pp 241-284.
4
اليهودي ،الذي ترجم إىل اليونانيّ ة بلفظ "ملجأ" ( )καταφυγηما هو يف األصل
ّ وتكرارا .فالناقل
ً طُ ِويَت ً
مرارا
األصلي االنتباه الكايف ،يف ما يتعلّق برسم العربي النص ِ
ّ ّ العربي لفظ يعين "املسكن" ،إمّن ا وقع ضحيّة نظرة مل تُع ر ّ
ّ
"معُوز" (מעוז). ِ
"معُون" (מעון) وكأهنا ُكتبَت َ النون ،فقرأ لفظة َ
النص ي؛ ولكنّ ه ال يق ّدم تفس ًريا لواق ع الرتمجة العربيّ ة .وبتعب ٍري آخ ر ،كي ف
يفس ر لن ا ه ذا التحلي ل الواق ع ّ
ّ
النص
نش رح أ ّن فان دايك وفري ق عمله ت رجم بلفظ "ملجأ" لفظة عربيّ ة معناها "المس كن" ،وال سيّما وإنّ ه ينقل ّ
املق ّدس من العربيّة إىل العربيّة؟ لو س لّمنا جدالً بأ ّن فان دايك مل يلجأ إىل السبعينيّة ،فيما كان ينقل املزمور ،90
اللفظي بني كلمة "معون" العربيّة،
ّ ملم باليونانيّ ة ،كما نعلم ،ال شرح للمعضلة يُقدَّم سوى هذا :إ ّن التشابه وهو ّ
و"املقر" ،وكلمة "معونة" العربيّة ،ذهب باملرتجم حنو انتقاء لفظة "ملجأ" ،بفضل سياق العبارة. ّ اليت تعين "املسكن"
رب معون ة" ،10يف عي ين ب ين إس رائيل" ،من جي ٍل إىل جي ل" ،أي على امت داد ت اريخ ه ذا الش عب ،فق د إن ك ان "ال ّ
شر الغوائل.
دائما ،ليتّقوا ّ
كان ،بالنسبة إليهم ،إ ًذا" ،ملجأ" يلوذون به ً
ب ـ مز 2:90
عندما نطالع اآلية الثانية من املزمور ،تواجهنا على الفور غرابة حنويّة ،ال تلبث أن تنحو بنا صوب التدقيق
األرض والمسكونة ."...تكمن الغرابة
َ أبدأت
َ الجبال ،أو
ُ يف الرتمجة .ترد هذه اآلية يف هذه الصياغة" :من ِ
قبل أن تولَد
دأت" ،على الفع ل املض ارع "تولد" ،بواس طة أداة عط ف ،هي "أو" .ه ذا العط ف غ ري يف عط ف الفع ل املاض ي "أب َ
11
العربي ال
ّ النص
ولكن الغرابة تعظم ،عندما نعرف أ ّن ّأيضا إىل اللغويّني ،إذ ال جيوز ّ .
مألوف ،بل هو غري حمبَّب ً
يُظ ِه ر أداة العط ف "أو" .ف أين رآه ا املرتجم؟ أتُراه ا خط أ مطبعيًّا ،أم هي ترمجة مقص ودة؟ ليس يف ّ
النص م ا ميكن
الظن إىل القول إ ّن
لنتقص ى عن دور هذه األداة يف شطر اآلية ،لذهب بنا ّ ترمجته بأو العاطفة .ولو أطلقنا اجملال لنا ّ
دأت" على الفع ل "تولد" ،وإمّن ا ارت أى ش كل عط ف آخ ر يف
ف الفع ل "أب َاملرتجم رمّب ا مل يش أ العط ف هبا ،أي عط َ
عطف جيعل من هذه األداة حرف استدراك للكالم .وهذا يعين أ ّن املرتجم اعترب صاحب املزمور كأنّه سياق اآليةٍ ،
أبدأت األرض والمس كونة ."...إ ّن "أو" االس تدراكيّة ه ذه تتّخ ذ
َ يق ول" :من قب ل أن تول د الجب ال] ،ب ل من قب ل أن[
كأداة يف هذا االستعمال معىن" :وحيي ،ماذا أقول؟ بل قبل أن أبدأت األرض والمسكونة".
اجلامعة األنطونيّة ،بريوت ،2007 ،ص ،1027نقال يف اهلامش ترمجة الكلمة بصيغة اسم الفاعل "كنت معينًا".
ال جيوز عطف فعل ٍ
ماض على فعل مضارع. 11
5
لكن واقع اآلية ،يف اجلملة العربيّة ،ال يذهب هذا املذهب يف املعىن! لدينا فعل أجوف ،يف العربيّة ،عينه
ّ
ِ
(ح ْول ْل חולל) ،وص رفه ه و الض مري ِ ِ
وأيض ا "ي اء" (حْي ْل חיל) .ص يغته هي وزن "بُ ْوع ل" ُ
(ح ْو ْل חול)ً ،"واو" ُ
املذ ّكر املف رد للمخ اطب (תחולל)؛ ّأم ا زمن ه فه و املض ارع .إ ّن ه ذا الفع ل ،بص يغته ،وص رفه ،وزمن ه ،مس بوق
املسماة يف القواعد العربيّة "واو القلب" (ו ההפוך) ،ألهّن ا تبدِّل يف زمن الفعل ،الذي تتّصل به.
حبرف الواو וّ ،
ونفض ل له لفظ
ف"؛ ّ يتحول عن زمن املض ارع ،وينقلب ماض يًا .ومع ىن الفع ل "طوى ،ل ّوعلي ه ،فالفع ل املذكور ّ
نظر ا إىل مفعوليه األرض واملسكونة .فالتكوير يعين إعطاء شكل كرة لألرض واملسكونة. "كور"ً ،ّ
ت" .وهذا اللفظ األخري هو الذي ينبغي "كو ْر َ
فعل يف العربيّة ترمجته َّ
اإلعرايب ،لدينا ٌ
ّ بناءً على هذا التحليل
أن يأخ ذ حملّ ه يف الرتمجة العربيّ ة .وإ ْن َف َع ْلن ا مبوجب ذل ك خ رجت إلين ا اآلي ة يف ه ذه الص ياغة" :من قب ل أن تول د
كورت األرض والمسكونة" ،وتتابع بشطرها اآلخر" :من األزل وإلى األبد ،أنت اهلل" .هذا الشطر هو مبثابة الجبالَّ ،
خالصة إميانيّة ،واستنتاج ،واعرتاف ،ال ميكن املصلّي أن ميتنع عن اللهج به .إنّه يشري إىل عمل اهلل العظيم ،منذ قبل
أن تولد اجلبال.
ال حاجة ،إ ًذا ،إىل ترمجة واو القلب ،بل ال ينبغي القيام بذلك.
ج ـ مز 3:90
أنوه هبما ،يف ما يتعلّ ق هبذه اآلية ،من غري إطالة يف الشرح .األوىل استعمال أداة مثّة مالحظتان لغويّتان ّ
النص
شك أ ّن لفظ "إنسان" خيلو ،يف ّ العربي خلو منها .ال ّّ النص
التعريف مع لفظ "غبار" ،يف الرتمجة العربيّة ،فيما ّ
العربي ،هو اآلخر ،من أداة التعريف .غري أ ّن استعماهلا مع اللفظ حُي بَّذ على عدم استعماهلا؛ ذلك بأ ّن جتريد االسم
ّ
جيرد ،يف الوقت نفسه ،اللفظ من التنويه بالتعميم ،الذي يرمي إليه كاتب املزمورّ .أم ا يف احلالة األوىل ،أي يف
منها ِّ
خيول ه ح ذف أداة التعري ف ،من غ ري أن ربي حبرفيّت ه ّ
النص الع ّ
حال ة لف ظ "غب ار" ،ف إ ّن ح رص املرتجم على مراع اة ّ
خلل .بل بالعكس ،فإ ّن حذف هذه األداة من لفظ "غبار" جيعل الرتمجة ال أكثر مقصد الكاتبٌ ، َ ميس املعىن ،أو
ّ
12
أيضا .
أمانة وحسب ،بل أكثر دقّة ً
6
املالحظ ة الثاني ة تتعلّ ق برتمجة الفع ل "وتق ول" يف زمن املض ارع ،فيم ا ال واو ال ذي تراف ق لفظ ة الفع ل ،يف
ربي ،هي واو القلب ،ال ذي س بق الكالم عليه ا .ومن مثّ ،من ش أن الرتمجة العربيّ ة أن تظه ر هك ذا " :وق د النص الع ّ
ّ
قلت".
َ
يقع جدالنا على شبه اجلملة "بعد ما عبر" .يظهرّ ،أوالً ،الفعل "عرب" بصيغة املاضي ،يف ترمجة السبعينيّة؛
ولكن القرار الذي اخّت ذه فان دايك وفريق عمله ،يف شأن اللجوء إىل
أيضاّ . وقد جرت البشيطو السريانيّة يف إثرهاً ،
املاضي ،إمّن ا أرسي ،بناء على اعتماد املرتجم وأعوانه على ترمجة "كي" ،األداة العربيّة ،الثانية ،بلفظة الظرف "بعد
معرضا عن ترمجتها بلفظة "أل ّن" .وواقع احلال أ ّن األداة "كي" هذه ،يف العربي ة ،ذات ٍ
معان عديدة ،خُيْتار كلٌّ ما"ً ،
ّ
منه ا مبوجب الس ياق ال ذي ت رد في ه .وم ا مع ىن التعلي ل ،ال ذي تظه ر في ه ،حبس ب املرتجم ،يف مطل ع اآلي ة ،ومع ىن
املرة الثانية ،اليت تظهر فيها ،يف جمرى اآلية نفسها ،سوى معنيني اثنني ممّا يربو علىالوقت ،الذي يفيضه عليها ،يف ّ
عشرة ٍ
معان تقريبًا ،ميكنها أن تستأثر هبا.13
ينفك موسى ميتدح ،منذ أن بدأ صالته ،عظائم اهلل لنرجع إىل سياق اآلية ،كما جيب علينا أن نفعل .ال ّ
مر أجياهلم.مستقر ،يقيم بنو إسرائيل يف كنفه ،على ّ
ّ مقر ،بل
اليت صنعها يف اخللق .فيعرتف به ،يف اآلية األوىل أنّه ّ
مثّ ينتقل ،يف اآلية الثانية ،إىل اإلشادة بتكويره األرض واملسكونة ،فيعرتف به ثانية إهلًا .وينكفئ ،يف اآلية الثالثة،
اإلهلي ،خبصوص اإلنسان ،فإذا لسان حاله اعرتاف آخر جبالله .ال حاجة البتّة ،عند موسى ،يف التأمل يف تدبريه ّإىل ّ
يتفوه به؛ ففي عينيه الوقائع الثابتة اليت يستعرضها
مثل هذا السياق ،إىل اللجوء إىل إقامة براهني على صدق ما ّ
بردهم إىل غبار ،على تكفي حىت يعرتف بعظمة اإلله ،ويشيد بعظائمه .وكما سلطانه على "بين آدم" ظاهر للعيان ّ
نذكر منها :إ ّن (بعد فعل قال) ،أ ّن (بعد القسم) ،أ ْن (مبعىن أي التفسرييّة) ،إ ْن (مبعىن إذا) ،أ ّن (يف قولنا "ذلك أ ّن" ،مبعىن السبب) ،أ ّن (بعد 13
7
اإلهلي ،ك ذلك ال زمن" ،ف إ ّن أل ف س نة في عي ني[ه] كي وم أمس" .لألداة "كي" ،يف ه ذا املوض ع من
حس ب أم ره ّ
الرب.
الكالمّ ،قوة اإلثبات ،ال وسيلة الربهان .إهّن ا للتوكيد على واقع ،واقع نفالة الزمن يف عيين ّ
ليس األمر كذلك ،يف املوضع الثاين ،الذي تظهر فيه األداة "كي" (כי) ،يف اآلية .ففي هذا املوضع الثاين،
الرب يوم أمس .ويف
حياول صاحب املزم ور تفس ري التشبيه الذي أس داه ،كي ف عسى ألف سنة توازي يف عيين ّ
اعتق اده أ ّن ه ذا التش بيه ج ائز ،أل ّن ي وم أمس يع رب .األداة "كي" ،إذًا ،هن ا ،يف ه ذا املوض ع ،تفي د إظه ار الس بب،
ال ذي جع ل ص احب املزم ور يش بّه أل ف س نة بي وم أمس؛ وه ذا الس بب ه و أن ي وم أمس ينقض ي .إنّ ه ي وم س ريع
الرب هو "من األزل وإلى األبد".
الزوال ،ال يثبت له حال ،فيما ّ
ص عوبات من مس تويات خمتلف ة تف رتش عب ارة ه ذه اآلي ة ،حبيث إ ّن ترمجته ا ال ختل و من غم وض .الفع ل
األول هو يف
للمرة الثانية ،يف كتاب املزامري .الظهور ّ
"ز َرم" (זרם)ّ ،أوالً ،يف رأس اآلية ،فعل نادر .يظهر هناّ ،
ُ
"ذرى" ،و"نثر" .ويف
الزما" :اهنمر"؛ ّأما إذا جاء متع ّديًا فمعناهّ :
اآلية مز .18:77معىن الفعل ،إذا كان استعمالة ً
ما سوى هذين الظهورين ،ليس للفعل موضع ثالث يظهر فيه ،على امتداد الكتب األخرى.
يف النص وص القدمية ،الس ريانيّة حتدي ًدا ،الم الفع ل ،أي ح رف امليم في ه ،أُب ِدلت حبرف آخ ر ،ه و ح رف
البديهي أن ينعكس أثر ذلك على الرتمجة
ّ "ز َر ْع" (זרע) .فأصبح معناه" :غرس" ،أو "بذر" ،و"زرع" .ومن العنيُ ،
أيضا.
ً
ولكن الفعل ال ذي على صعيد النحو ،يرد الفعل املذكور يف صيغة املاضي ،يف آيتنا مز َ " :5:90ذ َّر ْيَت ُهم"؛ ّ
يعقبه ،يف شطر هذه اآلية نفسها ،ال يرد يف الصيغة عينها .إنّه بصيغة املستقبل .ومن غري املناسب أالّ تُظْ ِه َر الرتمجة
هذا االنقالب يف أزمنة الفعل ،داخل اآلية.
دعون ا ننظ ر اآلن ،على ض وء ه ذه اإليض احات ،يف الرتمجة ال يت ق ّدمها ف ان داي ك وفري ق عمل ه ،كتب:
"ز َرم" ،كلٌّ من الرتمجة " َج َر ْفَت ُهمَ .ك ِس نَ ٍة يكونون" .لقد تبع فان َ
دايك ،يف اختياره الفعل "ج رفتهم" كرتمجة للفظ ُ
املشرتكة ،والرتمجة بني السطور .وال أحسب أ ّن هذا اخليار صائب يف منظوره ،بسبب السياق .لقد تكلّم صاحب
8
الرب اإلله أن يرجعوا إليه .ال ميكن
املزمور يف اآلية الثالثة على "غبار" .والغبار هو كناية عن بين آدم ،الذين أمرهم ّ
ذرى الرماد.
"ذراهم" ،كما يُ ّ
احلديث عنهم ،يف بداية اآلية ،5باختيار لفظ "جرف" .مل جيرفهم اهلل ،وإمّن ا ّ
خربا 14لفعل "يكونون" .وقد وقع اخليار ِ
من ناحية أخرى ،اختار املرتجم لفظ "سنَة" ،ليكون ،يف العبارةً ،
"ش نا" (שנה) ،وجمانسة هلا يف اللفظ ،لش ّدة هاجس املرتجم يف األمانة لألصل .تعين اللفظة مطاب َق ة للّفظة العربي ة ِ
ّ َ
العريب ،يف يومنا احلاضر، النص ِ
ّ العربيّ ة "س نَة" ،الرقاد ،والنوم ،والغفوة .ولست على يقني البتّ ة بأ ّن املستمعني إىل ّ
يفهمون الكلمة ،عندما تتلى اآلية على مسامعهم.
مؤداه يف
بشكل خاطف ،إىل أ ّن هذا الشطر من اآلية ،كسائر الشطور ،حيصر ّ ٍ يف اخلتام ،علينا أن نشري،
داخل ه ،أي يقبض على املراد تبليغ ه يف ح دود ألفاظ ه .فم ا ه و ه ذا املراد ،عن دما نط الع الش طر ،على حس ب م ا
جاءت ترمجته؟ "جرفتهم كسنة يكونون" عبارة ضائعة املضمون ،بالنسبة إىل األذن العربيّ ة ،وكلمة ال تبلّغ السامعني
البشرى .غري أ ّن لصاحب املزمور ،بالتأكيد ،بال ًغا يريد أن يصل به إىل قلوب املستمعني إليه.
كالمي،
ّ زمين .15إنّه لغة ،يف قالب
أديب ،وبالغ ّ ثقايف ،ونوع ّ
نص ،بوجه العموم ،هو نتاج ّ
كل ّ النصّ ، ّ
ملخاطب ة عص ر معنّي .إ ّن نص وص الش عوب كلّه ا حمص ورة ،ض من ه ذا اإلط ار املثلّث األبع اد .ك ذلك ه و ش أن
النص وص الدينيّ ة :إهّن ا حص يلة حض ارة من احلض ارات؛ وتُع َرف ،ل دى الش عوب والثقاف ات األخ رى ،ع رب انتقاهلا وف ق
اخلاصة ،إىل ارتباط اإلنسان واجملتمع باحلياة.
خاصة ،هي نظرهتا ّ
متنوعة ،حاملة معها نظرة ّ قوالب أدبيّة ّ
Ekphrasis, Imagination And Persuasion In Ancient Rhetorical Theory And Practice, Ashgate Publishing, United
Kingdom, 2013.
9
األديب ،أو قالب ه ،الش عرّ .أم ا
نص أفرزت ه حض ارة الع ربانيّني .نوع ه ّ
أديب ،أي ّ
نص ّ أيض ا ّ
واملزم ور 90ه و ً
النص .ال يكفي املرتجم، يتوخى ترمجة هذا ّ
كل من ّ يلم ّ
موضوعه فاإلعالن عن اإلميان باهلل .هبذا اإلطار ينبغي أن ّ
يتذوق ذهنيّ ة الكاتب فيها ،وطريقته يف التعبري عنأيض ا فوق هذا أن ّ
النص ،وإمّن ا عليه ً
إ ًذا ،أن يعرف العربيّة ،لغة ّ
الشعري،
ّ النص
أيض ا ،عالو ًة على هذا ،أن جييد قراءة ّ أفكاره ،حىت يتم ّكن من نقل هذا إىل لغة أخرى .وعليهً ،
كل منهما. حىت يعرف عدد الكلمات يف الصدر والعجز ،وحمطّات الكالم يف ّ
للنص الذي ينقله ،حبيث إنّه ال يدع جانبً ا َهنَ ة من غري أن يأخذ هبا .فإ ْن فعل
يُطلَب من املرتجم األمانة ّ
يضحي مبلكة
احلريف ّ
ّ نص ه املنقول غري مألوف ،لدى أذن من يقرأ ترمجته ،عُ ّد عمله نقالً حرفيًّا .النقل
هذا ،وجاء ّ
األصلي.
ّ للنص
طمعا باألمانة ّ
اللغة املنقول إليها ،ويقتحم عنوة أصوهلاً ،
تنم عن حرص شديد على األمانة؛ ولكنّها تقع إ ّن ترمجة فان دايك لآليات اخلمس األوىل من املزمور ّ 90
ريف للمف ردة العربيّ ة ،على ِ
لفظي ح ّ
احلريف ،أحيانً ا .إ ّن اختي اره لفظي " َد ْور" و"س نَة" ه و اختي ار ّ
ّ يف ش رك النق ل
األول يأنفه املعجم ،والثاين االستعمال .كذلك ،يظهر هذا امليل إىل قبل أ ّن اللفظ ّ
حساب العربيّة .وقد بينّا من ذي ُ
وجب علي ه نقل ه بص يغة املاض ي ،يف م ا يتعلّ ق
احلرفيّ ة يف الرتمجة ،يف اآلي ة ،3:90عن دما ينق ل إىل املض ارع م ا يت ّ
بالفعل "وتقول " .ولكن ،يا للغرابة! فيما عمد املرتجم إىل إدخال أل التعريف على عدد من األمساء ،اليت استخدمها
صاحب املزمور بصيغة النكرة ،كما هو احلال يف اآلية "( 2:90األرض والمسكونة") ،واآلية "( 3:90اإلنسان"،
"الغبار") ،مصيبًا يف صياغته ،جنده يُعرض عنها حيث جلأ صاحب املزمور إليها ،يف اآلية "( 5:90الشعب") .وهذا
يتزمت يف أمانته،
مرة ّ التقلّب ،على ما يبدو ،يف اتّباع اجلملة العربيّة يرمي بالباحث يف حرية من أمره :فالناقل تراه ّ
مرة مراعيًا األصول العربيّة ،وأخرى مهمالً هلا!
بتحرره من قيودها! كذلك ،تراه ّ مثّ ال تلبث أن تفاجأ ّ
الج ْرس الموقّع
بـ َ
10
كل
مع ا ،يف اآلية الواحدة ،ويف ّ العربي ،هو توقيع القراءة يف النطق بعدد من الكلمات ً ّ الوزن ،يف الشعر
شطر من شطريها .16ال يقع الوزن على اتّباع تقطيع للمفردات ،وفق منط واحد ،على غرار ما يأخذ به الشعر
مساعي،
ّ ريب ،على امت داد القص يدة .وال ينحص ر بتفعيل ة معيّن ة ،يل تزم هبا الش اعر .الش عر ،يف اللغ ة العربيّ ة ،ه و
الع ّ
والشطر خيالف الشطر ،يف اآلية عينها ،وزنًا وطوالً .ولكنّه ،رغم ذلك ،حيتفظ له بإيقاع.
عند مطالعة املقطع مز ،5-1:90برتمجته املمهورة باسم فان دايك ،جند أ ّن هذا الرجل تنبّه لألمر جدًّا،
تام ة ،مراعاة منه رمّب ا للجملة
موسيقي ،قلّما يتنبّ ه له الق ارئ؛ ولكن ،ال بصورة ّ ّ وأتى بصياغة عربيّ ة ذات جرس
رب /ملج أً
العربي؛ يكتب مرتمجً ا" :يا ّ
ّ ولنر أثر فان دايك ،يف مراعاته الشعر العربيّ ة .لنأخذ لنا مثالً اآلية األوىلَ ،
ور" .//حذف فان دايك الضمري كنت لنا /في َد ْو ٍر َو َد ْور" .//ويف العربيّة نقرأ" :أدونايَ /معُ ْون أتّا َهيِ َ
يت لَنُو /بُ ُد ْ
ور َو ُد ْ َ
املوسيقي فيها ،صونًا هلا من ختلخل يف اإليقاع ،إذا ما ّ "أتّا" (أنت) ،يف مجلته العربيّة ،لكي حيافظ على جرس اآلية
دي ،عن د تالوةالتهج ّ
عري .وأخ ذ بالط ابع ّ أقحم الض مري فيه ا .فه و أملّ بالض رورة اإليقاعيّ ة .وع رف الن وع الش ّ
املزمور .وعمل على إظهار هذا كلّه ،يف ترمجته.
ويف اآلية الثانية ،جند االهتمام عينه لدى املرتجم ،رغم اتّساع اإليقاع يف اآلية" :من قبل أن تولد الجبال /أو
دأت األرض والمس كونة /من ذ األزل إلى األب د أنت اهلل" .//ويف العربي ة" :ب ِط ِرم ه اريم يولَّ ُدوا /وتُّوحلِ ل إِ ِرص و ِ
تيف ْل/ أب َ
َ ُ ْ ْ ُ ْ ُْ ّ ُ ْ
ُو ُمعُولَم َع ْد عُولَم أتّا إل".//
ريب
بنص ع ّ ك ذلك األم ر ،بالنس بة إىل األبي ات الالحق ة ،حيث ي ربز ه ذا احلرص من املرتجم على اإلتي ان ّ
يول الطباعة الشكل املؤايت ،على حنو ما موقّع ،شديد اللحمة بالصياغة العربية ،متني وسليم ،يف العربية .ومع أنّه مل ِ
ّ ّ
نص متتابع ،إالّ أ ّن القراءة املتأنّية
فعلت الطبعات األخرى ،حىت يظهر البيت الواحد يف شطرين ،بل اكتفى بإعطاء ّ
توقيعا موزونًا.
نصه ً تلتمس يف ّ
ج ـ ترجمة مقترحة
16
;Georges Buchanan Gray, The Forms Of Hebrew Poetry, Hodder and Stoughton, London, 1915, 123-155
Robert Alter, The Art Of Biblical Poetry, Basic Books, New York, 2011.
11
ربي ،تركن ا في ه جماالً
ين على األص ل الع ّ
ونص مب ّ
وب انني علي ه ،لرص انته .إ ّن حماولتن ا ه ذه ،إمّن ا هي اق رتاح نق ّدم هّ ،
والنصي.
اللغوي ّ ّ اجلاد،
واسعا للنقد ّ
ً
1ـ صالةٌ /ملوسى َ /ر ُج ِل اإلله :
ألنّه ميضي / ،وكهجعة من الليل // 4ـ إ ّن ألف سنة / ،يف عينيك / ،كيوم أمس،
األول من اآلية مز 1:90جزءًا من اآلية نفسها ،بل هو ملحوظة صدَّر فيها صاحب املزمور
ليس الشطر ّ
النص ،الذي ألّفه ،صالة ،وضعها هو ،ونسبها إىل "موسى ،رجل اإلله" ،ال
وعرف نوعه إىل القارئ .هذا ّ
نص هّ ،
ّ
عرف باأللف والالم اسم اجلاللة "إلوهيم" ،وملضروري يف الرتمجة ،أل ّن صاحب املزمور ّ
ّ اهلل .والفرق بني اللفظتني
علم ا ،كم ا فع ل يف اآلي ة التالي ة م ز ،2:90يف آخ ر ال بيت ،حيث ذك ره باس م "إل" .ال ف رق ،عن د
يَ َد ْع ه امسًا ً
فاملسمى واحد ،كما بالنسبة إلينا حنن املسيحيّني،
ّ وطورا "إل".
صاحب املزمور ،بأن يُدعى "اإلله" تارة "إلوهيم"ً ،
ملسمى واحد ،هو يسوع ،ابن اهلل.
و"الرب" امسان ّ
ّ إذ "املسيح"
ربي يع ين "املق ّر ،املس كن" ،كم ا س بق إيض احه ،أي املك ان ال ذي يقص ده ام رؤ
"معُ ون" (מעון) لف ظ ع ّ َ
ألجل العيش فيه .ال يريد صاحب املزمور استذكار التاريخ القدمي ،الذي عرب بنو إسرائيل فيه ،حىت بلغوا الوقت
الرب ،أكثر
صح ،لكان معىن "الملجأ" ،الذي يطلقه صاحب املزمور على ّ الذهين ،لو ّ
ّ احلاضر .إ ّن مثل هذا السبياق
ولكن اآليات الالحقة تثري عظمة اهلل ،وجالل قدرته البارئة الكون .ويغلب عليها ذكر السنوات ،اليت احتماالًّ .
ميض يها اإلنس ان يف احلياة (أأ .)12-9:90فاملقطع ،إ ًذا ،هو ص الة شخصيّة ،ص الة يرفعها صاحب املزم ور إىل
"معُ ون" (מעון) معىن "املسكن" ،و"املنزل" ،أي حيث الذهين ،يتّخذ اللفظ َ
ّ الرب ،لتمجيده .ويف مثل هذا السياق
ّ
ينزل املرء ،للمبيت.
ترمجة ممكنة أخرى :إ ْن تُ ّذ ِّرهم يغدوا غفوة. 17
12
م ا جيد بن ا التنوي ه ب ه ،يف ال بيت الث اين ،ه و الكالم على "األزل" و"األبد" ،يف الش طر الث اين من ال بيت .يف
فثم ة لفظ ان :األزل ،للداللة على البدء غ ري احملدود ،واألب د ،للداللة
العربيّ ة اللفظ واحد" :عُ ْومَل "؛ ّأم ا يف العربيّ ة ّ
امي "ال دهور" ،أو "ال دهر" ،مبع ىن ع وامل تتع اقب .الع امل
ص ر ب وقت .ال يع رف الع امل الس ّ على النهاي ة ،ال يت ال حُتْ َ
واحد ،هو العامل الذي برأه اهلل ،منذ البدء ،والذي سيقاضي فيه الناس ،عند النهاية .كذلك ،يدعى اهلل يف هذا
وعرف موسى إىل القارئ بأنّه "رجل البيت الثاين "إل" .ويف مطلع اآلية السابقة ،مسّاه صاحب املزمور "أدوناي"ّ .
اإللوهيم" .ما من حرية قط ّ،لدى صاحب املزمور ،إذا ما جلأ إىل ع ّدة أمساء للجاللة اإلهليّة؛ بل ،بالعكس من هذا،
ملسمى واحد.
جند عنده موروثًا غنيًّا ،تثبّت عرب األجيال ،يف أشكال خمتلفةّ ،
من ناحي ة أخ رى ،يف الش طر الث اين من اآلي ة 3:90ح ذف للج ار واجملرور "إلي ه" ،بع د فع ل األم ر:
تعم ده رمّب ا صاحب املزم ور ،إلض فاء ش يء من اإلهبام على الفع ل .فاجلار واجملرور احملذوفان يشريان إىل"عودوا"ّ ،
عمال يف اجلملة .واألذن العربيّة هبا ميل إىل استعماهلما .ولكنّنا آثرنا اإلبقاء على الغموض ،وصرفنا"الرماد" ،لو استُ ِ
حيًزا لصاحب املزمور يف محل القارئ على التفكري بالعودة إىل ربّه ،عرب النظر عن إقحامهما يف الرتمجة ،حىت نرتك ّ
املتعمد ،ال إىل الرماد.
حذفهما ّ
أخريا ،ثالث استعارات يلجأ إليها كاتب املزمور ،حيسن بنا جالء صورها .االستعارة يف اآلية ً ،5:90
مصوبتان إىل "بين آدم" .املقصود بالفعل هو بنو آدم؛ ّأم ا الفعل
"ذرى" ،وعيناه ّ األوىل هي جلوء الكاتب إىل فعل ّ
ولكن ضمري الكاتب ال يلتفت باحلقيقة إىل احلدث يف املاضي ،رغم إيراده صيغة مستلهم من "الرماد"ّ .َ نفسه فلفظه
موج ه إىل إبراز عظمة اهلل ،من خالل الكالم على بين آدم .ومن مثّ ،فالفكرة ،اليت الفعل يف الزمن املاضي؛ بل هو ّ
جتول يف ذهن الك اتب ،تتوقّ ع احلدث ل و وق ع ،م ا تُ راه حيص ل لب ين آدم ،يف ذل ك ال وقت .ويف الرتمجة ،أبقين ا على
ذرهم". "ذريتهم" ،مع أ ّن املقصود هو "إن تُ ِّ
صيغة املاضي ّ
االس تعارة الثاني ة يف اآلي ة 5:90هي الغف وة .وق د اس توحاها ك اتب املزم ور من اآلي ة الس ابقة (،)4:90
تنويه ا ب اخللق ،وعلى ب ين
ذرى" ً حيث حت ّدث عن "هجع ة من الليل" .بي د أ ّن احلديث عن "غف وة" يلقي على الفع ل " ّ
يذره اهلل .أما هذه احلياة عينها اليت
يدب فيه احلياة ما إن ّ
آدم مسحة من احلياة .فالرماد هو جوهر بين آدم؛ ولكنّه ّ
حيياها بنو آدم فإ ْن هي إالّ "غفوة" ،يف عيين الكاتب.
االس تعارة الثالث ة واألخ رية يف اآلي ة 5:90هي العش ب .التأوي ل ،بال ريب ة ،ه و أ ّن ب ين آدم يغ دون
ذراهم اهلل؛ ال ه ذا فق ط ،ب ل كالعش ب ال ذي ي ذوي يف الص باح ،دالل ةً على هشاش ة حي اهتم،كالعش ب ،إذا م ا ّ
13
وسرعة زواهلا .العشب نضر ،وال سيّما يف الصباح؛ فإذا كان ذابالً ،يف ساعات طلوعه األوىل ،فال خري يؤمل منه،
ذراهم اهلل.
وال رجاء فيه .هكذا بنو آدم ،إذا ما ّ
خاتمة
حاولن ا جه دنا أن ن ربز ،يف ه ذا البحث ،مع امل الرتمجة ،ال يت ق ام هبا الربوفس ور ف ان داي ك ومس اعدوه
بديهي،
ّ ط ،وهذا أمر قوة وصالبة ،كما مواطن ضعف .ال ميكننا ق ّ للمزمور .5-1:90وقد تبنّي لنا فيها مواقع ّ
نستدل بدراستنا على بعض املميّ زات ،اليت
ّ أن نستخلص ممّا قمنا به نتائج تتعلّق بالرتمجة كاملة .غري أنّنا نستطيع أن
تتّصف هبا هذه الرتمجة .وقد جئنا على ذكر بعض منها ،خالل البحث.
14