You are on page 1of 19

64 - 82 :‫الصفحات‬

8282 ‫ أكتوبر‬،1 :‫ العـــدد‬،82 :‫المجلد‬

‫الع َربِ ِّي ال َق ِدي ِم‬ ِ ِ ِ ‫ال ومعايِير الح ْك ِم َعلَى النُّص‬
َ ‫وص في النَّ ْقد‬ ُ
ِ
ُ ُ َ َ َ ُ ‫االنْت َح‬
The plagiarism And the criteria for judging texts in the old Arab criticism

‫طارق زيناي‬.‫د‬
zinaitarek@gmail.com .‫ اجلزائر‬-‫ أم البواقي‬،‫جامعة العريب بن مهيدي‬

8484/04/04 :‫تاريخ النشر‬ 8484/40/04 :‫تاريخ القبول‬ 8484/40/82 :‫تاريخ اإلرسال‬

:‫ملخص‬
،‫إن ادلطالع لتاريخ األمم والشعوب يدرك أن ظاىرة االنتحال قد كان ذلا حضور يف آداهبم وثقافاهتم وأدياهنم‬ َّ
‫وستستمر ما دام ىناك من‬
ُّ ‫ بل إن ىذه الظاىرة كانت وما زالت‬،‫ولعل العرب قد ضربوا من ذلك بسه ٍم كغَتىم‬ َّ
‫ ولكن مع ىذا فقد استطاع النقاد العرب أن يضعوا معايَت استطاعوا من خالذلا كش‬،‫يقول قوال وينسبو إىل غَته‬
. ‫ وىذا ادلقال ىو زلاولة لرصد ىذه الظاىرة يف النقد القدمي‬،‫صحيح النصوص من منحوذلا‬
ِ ُّ ِ‫ال؛ احلكْم؛ النَّصوص؛ النَّ ْقد العر‬ ِ
ُ‫يب؛ ال َقدمي‬ ََ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ‫ االنْت َح‬:‫كلمات مفتاحية‬
Abstract:
Reading the history of nations and peoples is aware that the phenomenon of
plagiarism has been present in their literature, cultures and religions, The Arabs
may have been hit by this with an arrow like others, and this phenomenon has
been and will continue as long as there are those who say it and attribute it to
others, but nevertheless the Arab critics were able to set standards through which
they were able to reveal the correct texts from their turn, and this article is an
attempt to monitor this phenomenon in the old criticism.
Keywords: Plagiarism; judgment; texts, criticism Arabic; old.

__________________________________________
‫طارق زيناي‬.‫ د‬:‫المؤلف المراسل‬

82
‫د‪ .‬طارق زيناي‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعد قضية االنتحال من أوائل القضايا اليت تنبو ذلا الدرس النقدي القدمي‪ ،‬حيث أوالىا‬ ‫ُّ‬
‫باالىتمام لتعلقها بالشعر؛ الذي ىو ديوان العرب اخلالد‪ ،‬وضلن إذ نتكلم عن االنتحال فال يسعنا‬
‫ٕتاىل السبب ادلباشر يف بروز ىذه الظاىرة‪ ،‬وىي أن العرب يف اجلاىلية كانت َّأمةً أمية ال تكتب‬
‫وال تقرأ إال يف النادر القليل‪ ،‬وذلذا كان شعرىم وأيامهم وأنساهبم وقصصهم ٖتفظ يف الصدور‬
‫وتروى شفاىة من جيل جليل‪.‬‬
‫ومعلوم أن احلفظ ليس كالتدوين والكتابة‪ ،‬خاصة وأن مرحلة اجلمع والتدوين قد تأخرت‬
‫إىل ما بعد عصر صدر اإلسالم‪ ،‬يقول بروكلمان مقررا ىذه احلقيقة ‪ « :‬مل يبدأ ‪ٚ‬تع الشعر العريب‬
‫إال يف عصر األمويُت‪ ،‬وإن مل يبلغ ىذا اجلمع ذروتو إال على أيدي العلماء يف عصر العباسيُت »‬
‫(‪ ، )1‬وكان أول من بدأ يف ‪ٚ‬تعها ىو ‪ٛ‬تاد الراوية‪ ،‬كما يقول ابن سالم ‪َ « :‬وَكا َن أول من ‪ٚ‬تع‬
‫(‪)2‬‬
‫وساق أحاديثها َ‪ٛ‬تَّاد الراوية »‬ ‫أشعار الْ َعَرب َ‬
‫اىلِيَّة ِعْند‬ ‫اجل ِ‬
‫ِّعر ىف َْ‬‫وذلذا ضاع كثَت من الشعر اجلاىلي‪ ،‬كما يقول أيضا ‪َ « :‬كا َن الش ْ‬
‫فجاء ِْ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫اإل ْس َالم فتشاغلت‬ ‫علمهم ومنتهى حكمهم بو يَأْ ُخ ُذو َن َوإلَْيو يصَتون (‪َ )...‬‬ ‫ْ‬ ‫ديوان‬
‫الْ َعَرب َ‬
‫اجلِ َه ِاد وغزو فَارس َوالروم وذلت َعن ّ‬
‫الش ْعر َوِرَوايَتو‪ ،‬فَلَ َّما كثر ِْ‬
‫اإل ْس َالم‬ ‫َعنوُ الْ َعَرب وتشاغلوا بِ ْ‬
‫ديوان مدون َوَال‬ ‫ِ‬ ‫َو َجاءَت الْفتُوح واطمأنت الْ َعَرب باالمصار راجعوا ِرَوايَة ّ‬
‫الش ْعر فَلم يؤولوا إ َىل َ‬
‫ت َوالْ َقْتل فحفظوا أقل َذلِك‬ ‫كتاب مكْتوب وألفوا َذلِك وقد ىلك من الْعرب من ىلك بِالْمو ِ‬
‫َْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َوذىب َعلَْي ِهم ِمْنوُ كثَت » (‪ )3‬ويورد قول أيب عمرو بن العالء كذلك ‪َ « :‬ما انْتهى إِلَْي ُكم ِشلَّا‬
‫(‪)4‬‬
‫قَالَت الْ َعَرب إَِّال أَقَلو َولَو َجاءَ ُكم وافرا جلاءكم علم َوشعر كثَت »‬
‫وزيادة على ذلك فقد دخلو االضطراب واخللط والزيادة والنقصان وأدرك كثَتا منو النسيان‬
‫واإلمهال‪ ،‬وذلك لعدة أسباب‪ ،‬ما جعل الرواة ادلوثوقُت يستشعرون ىذا اخلطر على تراث اآلباء‬
‫واألجداد فعال النكَت فيهم‪ ،‬خاصة بعدما ظهر من ينتحل األشعار وينسبها إىل غَت قائليها‪ ،‬فأنكر‬
‫استمر األمر‬
‫ادلفضل الضيب على ‪ٛ‬تاد الراوية صنيعو‪ ،‬واألمر نفسو‪ ،‬بُت األصمعي وخل األ‪ٛ‬تر‪ ،‬و َّ‬
‫ىكذا حىت جاء ابن سالم فوضع ىذه القضية يف إطارىا العلمي الصحيح‪ ،‬وتبعو النقاد بعد ذلك‬
‫‪29‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫يف اإلشارة إىل ىذه القضية‪ ،‬ويأيت ىذا ادلقال زلاوال تسليط الضوء عليها من خالل رلموع ما قالو‬
‫ادلنتحل من الشعر من غَته‪ ،‬وقبل ذلك نعرض دلفهوم االنتحال‬ ‫أصلوه يف سبيل كش‬ ‫نقَّادنا‪ ،‬وما َّ‬
‫يف اللغة واالصطالح ‪:‬‬
‫ال‪:‬‬‫وم االنْتِ َح ِ‬
‫‪َ .1‬م ْف ُه ُ‬
‫‪ 1.1‬لُغَة‪:‬‬
‫الن إِذا َّاد َعاهُ أَنَّوُ قائِلُو » (‪)5‬‬
‫جاء يف هتذيب اللغة ‪ « :‬ي َقال‪ :‬انْتَحل فَُال ُن ِشعر فُ ٍ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫القول أ َْضلَلُو َْضل ًال‪ ،‬بِالْ َفْت ِح‪ :‬إِذا‬
‫وضلَْلتُو َ‬ ‫القول يَْن َحلُو َْضل ًال‪ :‬نَ َسبو إِليو‪َ ،‬‬ ‫وجاء يف لسان العرب ‪َ « :‬ضلَلَو َ‬
‫ب إِليو‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مذىب َك َذا وقبيلةَ َك َذا إذا انْتَ َس َ‬ ‫َ‬ ‫قوال قَالَوُ َغْي ُرهُ و َّاد َعْيتَو َعلَْي ِو‪َ ،‬وفَُال ٌن يَْنتَ ِح ُل‬
‫ت إِليو ً‬ ‫َض ْف َ‬
‫أَ‬
‫ال األَعشى ِيف االنْتِ َحال‪:‬‬ ‫يد ًة إِذا نُ ِسبَت إِليو َوِى َي ِم ْن قِ ِيل َغ َِْتِه؛ َوقَ َ‬ ‫صَ‬ ‫ال‪ُِ :‬ضلل الشاعر قَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َويُ َق ُ َ‬
‫عد ادل ِشيب‪ ،‬ك َفى ذَ َاك َع َارا‬ ‫ف‪ ،‬بَ َ‬ ‫ِ‬ ‫فكي َ أَنا وانْتِ َح ِاِل ال َقوا‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ات احلِمارا » (‪)6‬‬ ‫ُسر ُ‬
‫َك َما قَيَّد األ ُ‬ ‫ِّع ُر ِيف بيتِو‪،‬‬ ‫وقَيَّ َدين الش ْ‬
‫م َّما سبق يتبُت لنا أن االنتحال لغ ًة يقصد بو أحد معنيُت ‪:‬‬
‫حق‪.‬‬
‫‪َّ -‬إما ىو ِّادعاء شيء الغَت للنفس دون وجو ٍّ‬
‫‪ -‬نسبة الشيء إىل الغَت‪ ،‬ومنو ضللو الشعر؛ أي نسبو إليو وألصقو بو‪ ،‬وىو ليس لو‪.‬‬
‫أن ىذين ادلعنيُت قد أتت هبما كتب النقد‪ ،‬وقصدت هبما مفهومي االنتحال والنحل‪-‬‬ ‫وادلالحظ َّ‬
‫على التواِل‪ -‬يف ارتباطو بالشعر‪.‬‬

‫‪ 8.1‬اصطالحا‪:‬‬
‫لقد ارتبط استحضار مصطلح االنتحال يف الدراسات النقدية القددية وادلعاصرة َّ‬
‫ليدل على‬
‫قضية الشك الذي طُر َِح حول الشعر اجلاىلي‪ ،‬من ىذا ادلنطلق أضحى مصطلح االنتحال على‬
‫حسب أ‪ٛ‬تد مطلوب « ضرب من السرقة‪ ،‬وىو أن يأخذ الشاعر قصيد ًة أو أبياتاً لشاعر آخر‪،‬‬

‫‪30‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫ىذا ادلفهوم بأنو وضع‬ ‫وينتحلها لنفسو » (‪ )7‬ولكن ىناك من الدارسُت من جيعل االنتحال خيال‬
‫قصيدة ما أو بيت من األبيات وإسناد ذلك لغَت قائلو‪.‬‬
‫االدعاء‪ ،‬بقولو‪ « :‬وإن َّادعاه ‪ٚ‬تلة فهو انتحال‪،‬‬
‫وقد َّفرق ابن رشيق بُت االنتحال هبذا ادلفهوم وبُت َّ‬
‫َّع‬
‫وال يقال منتحل إال دلن ادعى شعراً لغَته وىو يقول الشعر‪ ،‬وأما إن كان ال يقول الشعر فهو مد ٍ‬
‫( ‪)8‬‬
‫ٍ‬
‫منتحل »‬ ‫غَت‬
‫ونسخ‪ ،‬يقول يف ىذا ادلعٌت‬
‫واالدعاء ىنا بغض النظر عن صاحبو أكان شاعرا أم ال ىو سرقةٌ ٌ‬
‫اخلطيب القزويٍت ‪ « :‬فإذا كان ادلأخوذ كلو من غَت تغيَت لنظمو‪ ،‬فهو مذموم مردود؛ ألنو سرقة‬
‫(‪)9‬‬
‫ويسمى نسخا وانتحاال »‬
‫زلضة‪َّ ،‬‬
‫ط بينو وبُت االنتحال عند أكثر الدارسُت – فهو « أن يُنسب إىل‬ ‫َّأما النحل‪ -‬الذي ُخيْلَ ُ‬
‫األديب أعمالو إىل غَته » (‪ )10‬وديكن أن نلحق بو أن ينسب الرجل‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫شاعر ما ليس لو‪ ،‬أو يَْنس َ‬
‫شعر شاعر إىل آخر‪.‬‬
‫من ىنا ديكننا إجياز مفهوم االنتحال والنحل بأنو نسبة الشعر لغَت قائلو سواء أكان ذلك بنسبة‬
‫شعر رجل إىل آخر أم أن يدعي الرجل شعر غَته لنفسو‪ ،‬أم أن ينظم شعرا وينسبو لشخص شاعر‬
‫أو غَت شاعر ‪.‬‬

‫الم ْنتَ َح ِل ِم َن ِّ‬


‫الش ْع ِر‪:‬‬ ‫الص ِح ِ‬
‫يح َو ُ‬
‫‪ .2‬ابْ ِن س َّالٍم وب واكِير الت ِ‬
‫َّميي ِز بَ ْي َن َّ‬ ‫َ َََ ُ‬
‫يعد احلقبة اليت إتو فيها النقد األديب من األحكام العامة‬ ‫أن العصر العباسي ُّ‬ ‫إن ادلالحظ َّ‬ ‫َّ‬
‫والتأثُّرية‪ ،‬وبدء ظهور أحكام علمية مؤسسة‪ ،‬اليت مل تكد تظهر قبلها‪َّ ،‬أما ما يتعلق بقضية االنتحال‬
‫شك أن زلمدا بن سالم اجلمحي (ت ‪231‬ه) ليس ىو َّأو ُل من أثار ىذه الفكرة‪ ،‬فكل‬ ‫فال َّ‬
‫الشواىد تبُت أهنا عرفت قبلو‪ ،‬وتكلم عنها معاصروه‪ ،‬يقول ناصر الدين األسد ‪ « :‬قلما صلد رواية‬
‫نصا صرحيًا على أن بيتًا‬
‫نص ِّ‬
‫عادلا من القرن الثاين والقرن الثالث ال تذكر لنا األخبار ادلروية عنو أنو َّ‬
‫ً‬
‫أو أبيات بعينها موضوعة منحولة » (‪ )11‬إال أن ابن سالم يرجع إليو الفضل يف عرضها عرضا علميا‬
‫رصينا بالنظر إىل معطيات الدرس النقدي آنذاك‪ ،‬وذلك يف مقدمة كتابو الشهَت ‪ " :‬طبقات فحول‬
‫‪31‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫الشعراء "‪ ،‬والذي ُّ‬


‫يعد النواة األوىل‪ -‬تقريبا ‪ -‬للدراسات األدبية والنقدية‪ ،‬والذي يهمنا فيو منهجو‬
‫منحوذلا من صحيحها‪ ،‬واالنتقال من‬ ‫العلمي يف النظر وٖتقيق وتوثيق النصوص الشعرية‪ ،‬وكش‬
‫األحكام الذوقية إىل األحكام التعليلية‪.‬‬

‫وقد أشار طو أ‪ٛ‬تد إبراىيم إىل أن تناول ابن سالم لقضية االنتحال يف عصره كان أمرا‬
‫طبيعيا‪ ،‬وذلك َّ‬
‫ألن عصره قد « كادت تنتهي فيو الرواية‪ ،‬وأقبل فيو العلماء على تدوين الشعر‬
‫(‪ )...‬فنبو بعض العلماء على أن ىناك شعرا مصنوعا كخل وادلفضل الضيب‪ ،‬وكان ابن سالم‬
‫ٖترجا من ىذا الشعر‪ ،‬وأنفذىم صوتا يف ىذا ادلقام‪ ،‬أراد أن حيمل الذين يدونون الشعر‬
‫أشدىم ُّ‬
‫على التنقية‪ ،‬ويدعوىم أال يًتكوا للخل إال الثابت الصحيح‪ ،‬وأراد أن يشعر اآلتُت ٔتا جيب عليهم‬
‫التبصر فيما يسند إىل اجلاىليُت؛ بل أراد أبعد من ىذا ‪ :‬أراد خدمة الروح العلمية بإسناد‬
‫من احلذر و ُّ‬
‫(‪)12‬‬
‫كل قول إىل صاحبو‪ ،‬وكل شعر إىل عصره »‬

‫لقد أدرك ابن سالم يف مرحلة مبكرة َّ‬


‫أن ٘تييز الشعر من حيث صحيحو ومنتحلو وجيَّده‬
‫لعل ىذه اإلشارة يف مقدمة‬
‫وسقيمو لو جهابذة من النُّقاد الذين ذلم القدرة على كش ذلك‪ ،‬و َّ‬
‫كتابو ُّ‬
‫تعد تلميحا إىل أن ىذه العلم سلصوص بو قوم دون آخرين‪ْ ،‬تيث ليس كل أحد مؤىل للنظر‬
‫يف الشعر وتبيُت ما فيو من خلط وزيادة ونقصان ووضع وانتحال‪ْ ،‬تيث يكون قوذلم حجة يف‬
‫اختلفت ِيف َسائِر‬ ‫علماء بَ ْع ُد ِيف بعض ّ‬
‫الش ْعر َك َما ْ‬ ‫اختل الْ َ‬ ‫نفسو‪ ،‬يقول مبينا ىذا األمر ‪َ « :‬وقد ْ‬
‫(‪)13‬‬
‫س ألحد أَن خيرج ِمْنوُ »‬ ‫ِ‬
‫ْاألَ ْشيَاء فَأَما َما اتَّف ُقوا َعلَْيو فَلَْي َ‬
‫لقد أدرك ابن سالم يف زمنو ( بُت أواخر القرن الثاين اذلجري وبداية الثالث) َّ‬
‫أن الشعر‬
‫التغَت والزيادة والنقصان‪ ،‬بل واالنتحال ونسبة‬
‫اجلاىلي خاصة واإلسالمي بصفة أقل قد دخلو ُّ‬
‫الشعر لغَت قائلو‪ ،‬خاصة وأنو مل يكن بعيدا زمنيا عن زمن الوضاعُت كخل األ‪ٛ‬تر (ت ‪180‬ه)‬
‫و‪ٛ‬تاد الراوية (ت ‪155‬ه)‪ ،‬من ىذا ادلنطلق البد من ٘تحيصو وٗتليصو شلا حلق بو من قبل الرواة يف‬
‫ضوعٌ‬‫مفتعل َم ْو ُ‬
‫ٌ‬ ‫وع‬
‫صنُ ٌ‬
‫الش ْعر َم ْ‬
‫الغالب‪ ،‬يقول مربزا ىذه الورطة اليت وقع فيها الشعر العريب ‪ « :‬ويف ّ‬

‫‪32‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫يح‬ ‫ِ‬ ‫حجة يف عربِيَّ ٍ‬ ‫كثَت‪َ ،‬ال خَت فِ ِ‬
‫يضرب َوَال َمد ٌ‬
‫معٌت يُ ْستَ ْخرج َوَال َمثَ ٌل ْ‬
‫ً‬ ‫ال‬‫و‬
‫َ‬‫َ‬ ‫اد‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ُ‬‫ي‬ ‫أدب‬
‫ٌ‬ ‫ال‬
‫و‬
‫َ‬‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬‫و‬
‫َ‬‫َ‬ ‫يو‬ ‫ٌ‬
‫ف‪َ ،‬وقد تداولو قوم من كتاب إِ َىل كتاب‬ ‫نسيب ُم ْستَطَْر ٌ‬ ‫ب َوَال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫خر ُم ْعج ٌ‬ ‫ائع َوَال ىجاءٌ ُم ْقذعٌ َوَال فَ ٌ‬
‫رٌ‬
‫علماء » (‪ )14‬مث صلده يف صفحات الحقة يذكر طائفة‬ ‫ِ‬
‫مل يأخذوه َعن أىل الْبَاديَة َومل يعرضوه على الْ َ‬
‫من اعًتافات الرواة‪.‬‬

‫وال يعٍت ىذا الكالم أن قبلو مل تكن ىذه القضية مطروحة يف بيئات اللغويُت واألدباء‬
‫والشعراء‪ ،‬بل الشواىد ُّ‬
‫تدل على أهنم قد تنبهوا إىل قضية االنتحال‪ ،‬وذكروا كثَتا من الوضَّاعُت‬
‫الذين انتحلوا الشعر‪ ،‬وشواىد ذلك من شيوخ ابن سالم كاألصمعي وأيب عبيدة وعمرو بن العالء‬
‫األصمعي ‪ « :‬إن كثَتا من شعر امرئ القيس لصعاليك كانوا معو »(‪، )15‬‬
‫ُّ‬ ‫كثَتة‪ ،‬من ذلك ما قالو‬
‫يقول كذلك األصمعي عن رجز األغلب العجلي كما يقول عنو أبو ٍ‬
‫حامت ‪ « :‬ما أروي لألغلب إال‬
‫اثنتُت ونصفا‪ ،‬قلت‪ :‬وكي قلت نصفا؟ قال‪ :‬أعرف لو اثنتُت‪ ،‬وكنت أروي نصفا من اليت على‬
‫فطولوىا‪ ،‬مث قال‪ :‬كان ولده يزيدون ىف شعره حىت أفسدوه »(‪ )16‬ويذكر كذلك أبو عمرو بن‬ ‫القاف ّ‬
‫العالء أبياتا لذي األصبع العدواين يرثي هبا قومو‪ ،‬اليت منها قولو (‪: )17‬‬

‫ِم َن اإلبْ َرِام َوالنَّ ْق ِ‬


‫ض‬ ‫س ادل ْرءُ ِيف َش ْي ٍء‬ ‫ولَي‬
‫َْ َ َ‬
‫ضي‬‫ضي وما ي ْق ِ‬ ‫ِ‬
‫لَوُ يَ ْق َ َ َ‬ ‫إذَا يَ ْفعُ ُل َشْيئًا َخا‬
‫ك أَ َن ي ْن ِ‬
‫ضي‬ ‫ِ‬ ‫العْي ِ‬ ‫ِ‬
‫َوقَ ْد يُوش ُ ُ‬ ‫وس‬
‫ش َم ْلبُ ٌ‬ ‫يد َ‬ ‫َجد ُ‬
‫مث يعلق عليها قائال ‪ « :‬اليصح من أبيات ذي األصبع الضَّاديَّة إال األبيات اليت أنشدىا‪ ،‬وأن‬
‫(‪)18‬‬
‫سائرىا منحول »‬

‫يعد ابن سالم الناقد األول الذي تناول ىذه القضية تناوال علميا ‪ /‬منهجيا‪،‬‬ ‫لكن مع ىذا ُّ‬
‫وذلك يف مقدمة كتابو ‪ " :‬طبقات فحول الشعراء "‪ ،‬حيث دون فيها كثَتا من ادلالحظات‬
‫والشواىد‪ ،‬اليت استقاىا ورواىا من غَته‪ ،‬أو اليت ىداىا إليو فكره وٖتليلو ذلذه القضية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫أسباب وعوامل جعلت العرب يقدمون عليو‪ ،‬ديكن‬


‫ٌ‬ ‫أن ظاىرة االنتحال ذلا‬ ‫وقد توصل إىل َّ‬
‫تلخيصها يف يلي‪:‬‬
‫السي ِ‬
‫اس ُّي‪:‬‬ ‫‪ 1.8‬العصبِيَّةُ ال َقبلِيَّةُ و َّ ِ‬
‫الداف ُع ِّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫خاف كي كانت حياة العرب يف اجلاىلية من حيث تنازعها على السؤدد والرياسة‬ ‫غَت ٍ‬
‫والشرف‪ ،‬وما كان بينها من خصومات ونزاعات عن موارد احلياة الضرورية من ماء وكأل وزرع‪ ،‬ول َّما‬
‫كان الشعر ىو ادلخلِّد ألرلادىم وبطوالهتم ومفاخرىم‪ ،‬اٗتذتو العرب وسيلة ىجوم ودفاع يف اآلن‬
‫نفسو‪ ،‬فتنافست القبائل يف مضماره إنشادا ورواية‪ ،‬فامتألت ألجل ذلك قصائدىم عصبية وفخرا‬
‫و‪ٛ‬تاسة‪ ،‬ومع رليء اإلسالم ودعوتو إىل اإلخوة‪ ،‬ونبذ وقطع دابر كل ما من شأنو أن يزرع العداوات‬
‫وينشر الكراىية بُت أبناء الدين الواحد‪ ،‬اضلسرت رواية شعر العصبية القبلية‪ ،‬والذي بقي منو مات‬
‫مع أصحابو الذين شاركوا يف الفتوحات اإلسالمية ويف حروب الردة‪ ،‬األمر الذي جعل كثَتا من‬
‫الش ْعر علم قوم مل‬‫شعر القبائل يضيع يف رلاىل الزمن‪ ،‬يقول بن سالم ملخصا ىذا ادلعٌت ‪َ « :‬كا َن ّ‬
‫اجلِ َه ِاد وغزو فَارس َوالروم‬ ‫يكن َذلُم علم أصح ِمْنوُ‪َ ،‬جاء ِْ‬
‫اإل ْس َالم فتشاغلت َعنوُ الْ َعَرب وتشاغلوا بِ ْ‬
‫اإل ْس َالم َو َجاءَت الْفتُوح واطمأنت الْ َعَرب باالمصار راجعوا ِرَوايَة‬
‫الش ْعر َوِرَوايَتو فَلَ َّما كثر ِْ‬
‫وذلت َعن ّ‬
‫ديوان مدون َوَال كتاب َمكْتُوب وألفوا ذَلِك َوقد ىلك من الْ َعَرب من ىلك‬ ‫ِ‬
‫الش ْعر فَلم يؤولوا إ َىل َ‬
‫ّ‬
‫(‪)19‬‬
‫ت َوالْ َقْتل فحفظوا أقل ذَلِك َوذىب َعلَْي ِهم ِمْنوُ كثَت »‬ ‫بِالْمو ِ‬
‫َْ‬
‫وبعد عصر النبوة واخلالفة الراشدة‪ ،‬وعودة العصبية القبلية يف العرب بقوة زمن بٍت أمية‪،‬‬
‫راجعت القبائل شعر شعرائها‪ ،‬فلم ٕتد ما يليب حاجتها منو‪ ،‬مع اندراس أكثره وموت ‪ٛ‬تلتو‪ ،‬ومع‬
‫اشتداد اخلالفات فيما بينها‪ ،‬خاصة بُت األحزاب السياسية ادلتنازعة على ادللك واخلالفة‪ ،‬فلم جيدوا‬
‫بدِّا من أن يقولوا شعرا على ألسنة قومهم تكثُّرا وافتخارا‪ ،‬يقول يف ابن سالم شارحا ىذه القضية ‪:‬‬
‫ب ِرَوايَة ّ‬ ‫ِ‬
‫استَقل بعض العشائر شعر شعرائهم َوَما‬ ‫امها ومآثرىا ْ‬ ‫الش ْعر َوذكر أَيَّ َ‬ ‫« فَلَ َّما راجعت الْ َعَر ُ‬
‫ذىب من ذكر وقائعهم‪َ ،‬وَكا َن قوم قلت وقائعهم وأشعارىم فأرادوا أَن ي ْلح ُقوا ِٔتن لَوُ الوقائع‬
‫الرواةُ بعد فزادوا ىف ْاألَ ْش َعار الَِّيت قيلت » (‪ُّ ،)20‬‬ ‫ِ‬
‫وتعد‬ ‫واألشعار فَ َقالُوا على أَلْسنَة شعرائهم‪ ،‬مثَّ َكانَت َ‬
‫‪34‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫قريش من أكثر القبائل انتحاال للشعر‪ ،‬حيث كانت أقلها يف اجلاىلية ل منزلتها عند العرب‪ ،‬فلم‬
‫تكن ْتاجة للفخر بنفسها‪ ،‬وىي موطن الفخر والشرف والسؤدد‪.‬‬

‫الرَواة‪:‬‬
‫‪ُّ 8.8‬‬
‫الشك ابن سالم قد تنبَّو ىو ومن كان قبلو إىل صنيع الرواة الوضَّاعُت اجملروحُت يف الشعر‬
‫َّ‬
‫العريب‪ ،‬وىو ال جيعل الرواة طبقة واحدة يف حكمو عليهم من خالل انتحاذلم للشعر اجلاىلي‪ ،‬بل‬
‫دييِّز بُت طائفتُت ‪:‬‬
‫متمرسة على قول الشعر واإلجادة فيو‪ْ ،‬تيث يصل هبم التقليد وا﵀اكاة للقدامى َّ‬
‫حد‬ ‫أ‪ /‬طائفةٌ ِّ‬
‫االشتباه الذي ال يدركو إال الناقد النِّحرير‪ ،‬ويظهر يف ىذه الطائفة راويان مشهوران‪ ،‬متَّهمان‬
‫باالنتحال؛ أحدمها ‪ٛ‬تاد الراوية (ت‪150‬ه) زعيم الكوفيُت يف الرواية واحلفظ‪ ،‬ومعرفة أيام العرب‬
‫وأنساهبا ولغاهتا‪ ،‬تنتهي إليو كثَت من دواوين وأشعار اجلاىليُت كامرئ القيس وادلعلقات السبع‪ ،‬يقول‬
‫وساق أحاديثها َ‪ٛ‬تَّاد الراوية َوَكا َن غَت موثوق‬
‫عنو ابن سالم ‪َ « :‬وَكا َن أول من ‪ٚ‬تع أشعار الْ َعَرب َ‬
‫بِِو َوَكا َن يْنحل شعر الرجل َغَته وينحلو غَت شعره َوي ِزيد ِيف ْاألَ ْش َعار » (‪ )21‬وذلذا صلد يروي لو‬
‫شواىد على انتحالو يف كتابو‪ ،‬بل ينقل عن يونس بن حبيب قولو فيو ‪ « :‬الْعجب ِشلَّن يَأْ ُخذ َعن‬
‫(‪)22‬‬
‫َ‪ٛ‬تَّاد َوَكا َن يكذب ويلحن َويكسر »‬

‫واآلخر خل األ‪ٛ‬تر (ت‪180‬ه) زعيم أىل البصرة؛ وىو أحد الرواة الذين تنتهي إليهم رواية‬
‫إن ابن دريد يرى‬ ‫يعد من الشعراء اجمليدين‪ ،‬حيث َّ‬ ‫الشعر القدمي وصناعة دواوينو‪ ،‬وىو ٓتالف ٍ‬
‫‪ٛ‬تاد ُّ‬
‫أن المية الشنفرى من تأليفو‪ ،‬ولكن مع ذلك صلد ابن سالم يوثقو ويروي عنو يف كتابو‪ ،‬ويقول عنو‬
‫ِ‬
‫َص َحابنَا أَنو َكا َن أَفرس النَّاس بِبَ ْيت شعر وأصدقو ل َسانا ُكنَّا َال نباِل إِذا أَخذنَا َعنوُ‬
‫اجتمع أ ْ‬
‫‪ْ «:‬‬
‫(‪)23‬‬
‫صاحبو »‬
‫شعرا أَن َال نَ ْس َمعوُ من َ‬
‫َخربا أَو أنشدنا ً‬
‫ب‪ /‬وطائفةٌ أخرى ال عالقة ذلا بنظم الشعر‪ ،‬وإمنا كانت تروي لغَتىا أخبارا وسَتا وقصصا‬
‫وأشعارا مزيفة وغثة عن األمم‪ ،‬ويظهر على رأس ىذه الطائفة راوية السَتة النبوية وادلغازي األشهر‬

‫‪35‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫الش ْعر وىجنو‬ ‫ِ‬


‫واألبرز زلمد بن إسحاق (ت ‪151‬ه)‪ ،‬يقول عنو ابن سالم ‪َ « :‬وَكا َن شلَّن أفسد ّ‬
‫يسار (‪َ ،)...‬وَكا َن أَكثر علمو بادلغازي َوالسَت َوغَت ذَلِك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو‪ٛ‬تل كل غثاء مْنوُ ُزلَ َّمد بن إ ْس َحاق بن َ‬
‫فَقبل النَّاس َعنوُ ْاألَ ْش َعار َوَكا َن ْيعتَذر ِمْن َها َويَ ُقول َال علم ىل بالشعر أَتَْي نَا بِِو فأ‪ٛ‬تلو‪َ ،‬ومل يكن ذَلِك‬
‫الر َجال‬
‫ِّساء فضال َعن ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ط وأشعار الن َ‬ ‫شعرا ق ّ‬
‫الر َجال الذين مل يَ ُقولُوا ً‬ ‫السَت أشعار ِّ‬ ‫لَوُ عذرا فَكتب يف ّ‬
‫س بِشعر إَِّمنَا ُى َو َك َالم مؤل َم ْع ُقود بقواف‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫مثَّ َجاوز ذَلك إ َىل َعاد َوَ‪ٙ‬تُود فَكتب َذلُم أشعارا َكث ََتة َولَْي َ‬
‫(‪)24‬‬
‫»‬

‫وذلذا كان موق النقاد األثبات كاألصمعي وأيب عمرو بن العالء التثبت والتوق يف رواية كال‬
‫الطائفتُت من الرواة‪ ،‬مع تقدديهما واالعًتاف بفضلهما‪ ،‬إال أن يأتيهم عنهم من مصادر موثوق هبا‪.‬‬

‫وىنا البد من التنبيو إىل ابن سالم قد َّنوه على أن النُّقاد جيدون صعوبة يف التمييز بُت صحيح‬
‫الشعر ومنحولو‪ ،‬إذا كان األخَت صادرا عن عرب البادية األقحاح‪ ،‬أو من أوالد الشعراء ادلنحول‬
‫الرواة َوَال‬ ‫ِ‬
‫س يشكل على أىل الْعلم زيَ َادة َ‬ ‫عليهم‪ ،‬أو الراوية من غَت ولدىم‪ ،‬يقول ابن سالم ‪َ « :‬ولَْي َ‬
‫ِ‬
‫َما وضعُوا َوَال َما وضع ادلولدون َوإَِّمنَا عضل هبم أَن يَ ُقول الرجل من أىل الْبَاديَة من ولد الش َ‬
‫ُّعَراء أَو‬
‫(‪)25‬‬
‫الرجل لَْيس من ولدىم فيشكل ذَلِك بعض ِْ‬
‫اإل ْش َكال »‬ ‫َ‬
‫صَرة يف‬ ‫الشعر ألبيو ما رواه أبو عبيدة‪َّ « :‬‬ ‫وشاىد ِ ِ‬
‫أن َد ُاوود بَ َن متمم بَ َن نُ َويْ َرة قدم الْبَ ْ‬ ‫ضلل الولد َ‬
‫العطاردي فَ َسأَلْنَاهُ َعن‬
‫َّ‬ ‫بعض َما يقدم لَوُ البدوي من اجللب وادلَتة فَنزل النحيت فَأَتَْيتو أَنا َوابْن نوح‬
‫شعر أَبِيو جعل ي ِزيد ىف اْألَ ْش َعار ويصنعها‬ ‫شعر أَبيو متمم وقمنا لَوُ ْتاجتو وكفيناه ضيعتو فَلَ َّما نفد ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ذكرىا متمم والوقائع‬ ‫لنا َوإِذا َك َالم دون َك َالم متمم َوإِذا ُى َو حيتذى على َك َالمو فيذكر الْ َم َواضع الَِّىت َ‬
‫(‪)26‬‬
‫الَِّىت َش ِه َد َىا‪ ،‬فَلَ َّما تواىل َذلِك علمنَا أَنو يفتعلو »‬

‫الع ِام ُل الدِّينِ ُّي‪:‬‬


‫‪َ 3.8‬‬
‫وىذا العامل متعلِّق برواة الطائفة الثانية من العامل السابق‪ ،‬وىم اإلخباريون و َّ‬
‫القصاصون‪،‬‬
‫الذين يضعون شعرا على ألسنة األمم السابقة والقبائل البائدة‪ ،‬يف تفسَتىم للقرآن الكرمي استئناسا بو‬
‫‪36‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫واستقطابا للناس‪ ،‬حىت َّ‬
‫ترق قلوهبم‪ ،‬ويستوثقوا شلا يقال ذلم‪ ،‬وأكثر مرويات أولئك ترجع للجاىلية‬
‫الثانية؛ أي قبل ‪ 150‬أو ‪ 200‬قبل البعثة النبوية‪ ،‬وبالتحديد القصص واألشعار اليت تُروى عن قوم‬
‫عاد و‪ٙ‬تود وطسم وجديس وعمالق‪ ،‬وعلى رأس ىذه الطائفة صلد زلمد بن إسحاق الذي سبق‬
‫ذكره‪ ،‬وقد أبطل ابن سالم ىذا النوع من الشعر ّتموعة من األدلة ديكن إ‪ٚ‬تاذلا فيما يلي ‪:‬‬

‫يستدل ابن سالم على بطالن ىذه األشعار ادلنسوبة إىل أقوام بادوا بأنَّو‬ ‫ُّ‬ ‫النقلي ‪ :‬حيث‬‫ُّ‬ ‫أ‪ .‬الدليل‬
‫ين ظَلَ ُمواْ ﴾[األنعام ‪،]45 :‬‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫سلال لصريح القرآن‪ ،‬حيث يقول تعاىل‪ ﴿ :‬فَ ُقط َع َداب ُر الْ َق ْوم الذ َ‬
‫ود فَ َما أَبْ َقى ﴾ [النجم ‪ ،]51-50:‬وقولو كذلك يف‬ ‫ُوىل (‪َ )5‬وَ‪ٙ‬تُ َ‬ ‫﴿وأَنَّوُ أ َْىلَ َ‬
‫ك َعاداً ْاأل َ‬ ‫وقولو ‪َ :‬‬
‫تدل على انقطاع ذكر‬ ‫عاد ‪ ﴿ :‬فَ َهل تَرى َذلُم ِّمن بَاقِيَ ٍة ﴾ [احلاقة ‪ ،]8 :‬وغَتىا من اآليات اليت ُّ‬ ‫ٍ‬
‫ْ َ‬
‫أولئك األقوام اجملرمُت‪ ،‬فيقول ابن سالم متسائال ‪ « :‬أَفال يرجع إِ َىل نَفسو فَيَ ُقول من ‪ٛ‬تل َى َذا‬
‫(‪)27‬‬
‫الش ْعر َومن أ ََّداهُ ُمْن ُذ َآالف من السنُت؟»‬
‫ّ‬
‫أن اللغة العربية اليت جاءت هبا األشعار ادلنسوبة إىل أولئك‬ ‫يخي ‪ :‬ويتمثل يف َّ‬ ‫ب‪ .‬الدليل التار ُّ‬
‫األقوام‪ ،‬مل تكن ىي لغتهم؛ ألن العربية أول من تكلم هبا إمساعيل بن إبراىيم عليو السالم أو بنوه‬
‫عاد‪ ،‬يروي ابن سالم عن يونس بن حبيب قولو ‪ « :‬أول من‬ ‫من بعده‪ ،‬وىم باالتفاق كانوا بعد ٍ‬
‫صلوات ا﵁ َعلَْي ِه َما » (‪ ،)28‬ويروي كذلك عن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫تكلم بالْ َعَربيَّة ونسى ل َسان أَبيو إ ْمسَاعيل بن إبْ َراىيم َ‬
‫اعيل إَِّال ‪ٛ‬تَت وبقايا جرىم » (‪ ،)29‬بل َّ‬
‫إن‬ ‫أيب عمرو بن العالء قولو كذلك ‪ « :‬الْعرب كلها ولد إِ ْمس ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫وسى َو َعاد َوَ‪ٙ‬تُود‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫عمران صلي ا﵁ َعلَْيو أَو قبلو قَليال َوبَُت ُم َ‬ ‫وسى بن َ‬ ‫معد بن عدنان كان « بإ َزاء ُم َ‬
‫أن الشعر الناضح وادلكتمل مل‬ ‫سالم‪ ،‬وكذا َّ‬ ‫َّىر الطَّ ِويل واألمد الْبعيد »(‪ )30‬كما يقول ابن ٍ‬ ‫الد ْ‬
‫يعرف َّإال يف عهد قريب من العصر اجلاىلي‪ ،‬فأين مثل ىذه القصائد اليت تُروى عن عاد و‪ٙ‬تود‪،‬‬
‫الش ْعر إَِّال األبيات يَ ُقوذلَا الرجل ىف َحاجتو‬
‫يقول ابن سالم يف ىذا ‪َ « :‬ومل يكن ألوائل الْ َعَرب من ّ‬
‫ِ‬ ‫الشعر على عهد عبد الْمطلب وى ِ‬
‫ك يدل‬ ‫اشم بن عبد منَاف‪َ ،‬وذَل َ‬ ‫َ‬ ‫َوإَِّمنَا قصدت القصائد َوطول ّ ْ‬
‫(‪)31‬‬
‫على إِ ْس َقاط شعر َعاد َوَ‪ٙ‬تُود و‪ٛ‬تَت َوتبع »‬

‫‪37‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫بيعة التغليب‬ ‫ٍ‬


‫ويقول يف موضع ثان ‪َ « :‬وَكا َن أول من قصد القصائد َوذكر الوقائع ادلهلهل بن ر َ‬
‫ِيف قتل أ َِخيو ُكلَيب وائِل »(‪ ، )32‬ويقول يف موضوع ٍ‬
‫ثالث‪َ « :‬كا َن ْام ُرؤ الْ َقْيس بن حجر بعد‬ ‫ْ َ‬
‫فإذا ثبت أن‬ ‫(‪)33‬‬
‫احد »‬ ‫مهلهل ومهلهل خالو وطرفة وعبيد وعمرو بن قميئة وادلتلمس ِيف عصر و ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫ىؤالء ىم من طالت القصائد يف عصرىم‪ ،‬فالبد من القطع يف استحالة نسبة قصائد إىل من ىم‬
‫قبلهم‪ ،‬وبالتاِل إسقاط مرويات ابن إسحاق‪.‬‬

‫أن عادا عرب من اليمن تكلموا العربية‪َّ ،‬‬


‫فإن عربيتهم ىذه ىي‬ ‫اللغوي ‪ :‬ومع افًتاض َّ‬
‫ُّ‬ ‫ج‪ .‬الدليل‬
‫غَت العربية اليت قيلت هبا األشعار اليت تنسب إليهم‪ ،‬ويستدل ابن ٍ‬
‫سالم على ذلك بقول أيب عمرو‬
‫(‪)34‬‬
‫بن العالء ‪ « :‬ما لسان ‪ٛ‬تَت وأقاصي اليمن بلساننا وال عربيتهم بعربيتنا »‬

‫ادلروي ولينو وضعفو‪ ،‬وانقطاع سنده‪ ،‬يقول يف ىذا ‪« :‬‬ ‫الفني ‪ :‬وىو هتافت ىذا الشعر ِّ‬ ‫د‪ .‬الدليل ُّ‬
‫عريب ِمْن ها ب يتا و ِ‬
‫اح ًدا َوَال راوية للشعر‪َ ،‬م َع ضع أسره َوقلة‬ ‫اخلَبيث َومل يرو ُّ‬
‫قط ُّ َ َْ َ‬ ‫فَ َه َذا الْ َك َالم الواىن ْ‬
‫(‪)35‬‬
‫طالوتو »‬

‫ول ِم َن ِّ‬
‫الش ْع ِر‪:‬‬ ‫يح والم ْن ُح ِ‬
‫الصح ِ َ َ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫‪ .3‬م ْن هج الج ِ‬
‫اح ِظ فِي التَّميِي ِز ب ين َّ ِ‬
‫ََُ َ‬
‫الذي يظهر من منهج اجلاحظ ترجيح إمكانية تأثَّره بأطروحات ابن سالم ادلعاصر لو تقريبا أو‬
‫بآخرين م من كانوا قبلو‪ ،‬حيث ال ديكن يف الغالب رسم مالمح منهج إال ٔتقدمات مساعدة‪ ،‬من‬
‫ىنا وىناك‪ ،‬وقبل تناول ‪ٚ‬تلة من ادلعايَت اليت اعتمدىا اجلاحظ يف نقد صحة ادلرويات الشعرية من‬
‫عدمها‪ ،‬نشَت إىل سببُت ‪ -‬مل يذكرمها ابن سالم كما رأينا ‪ -‬يرى أهنما العلة يف ظهور االنتحال ‪:‬‬

‫‪ -‬جس النبض من طرف أديب أو شاعر دلعرفة قيمة منجزه األديب وذلك بنسبتو إىل غَته‪ ،‬يقول‬
‫اجلاحظ يف ىذا السبب ‪ « :‬فإن أردت أن تتكل ىذه الصناعة‪ ،‬وتُْن َسب إىل ىذا األدب‪،‬‬
‫ت خطبة‪ ،‬أو ألَّفت رسالة‪ ،‬فإيَّاك أن تدعوك ث ُقتك بنفسك‪ ،‬أو يدعوك‬
‫حرب َ‬
‫فقرضت قصيدة‪ ،‬أو َّ‬
‫َ‬
‫ك بثمرة عقلك إىل أن تنتحلو وتدَّعيو‪ ،‬ولكن اعرضو على العلماء يف عرض رسائل أو أشعار‬ ‫عُ ْجبُ َ‬

‫‪38‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫أو خطب‪ ،‬فإن رأيت األمساع تصغي لو‪ ،‬والعيون ٖتدج إليو‪ ،‬ورأيت من يطلبو ويستحسنو‪ ،‬فانتحلو‬
‫(‪)36‬‬
‫»‬

‫‪ -‬نشر اآلثار األدبية ونسبتو إىل غَت صاحبها‪ ،‬طلبا لشيوعها واالستفادة منها بسبب حسد‬
‫األقران‪ ،‬أو عدم شهرة صاحبها بالقياس مع غَته‪ ،‬وىذا األمر ىو ما دعا اجلاحظ نفسو أن ينحل‬
‫بعض كتبو مؤلفُت آخرين‪ ،‬يف بداية تأليفو‪ ،‬فيقول‪ « :‬ورّٔتا ألّفت الكتاب الذي ىو دونو يف معانيو‬
‫وس ْل ٍم‬
‫وألفاظو‪ ،‬فأتر‪ٚ‬تو باسم غَتي‪ ،‬وأحيلو على من تقدَّمٍت عصره مثل ابن ادلق ّفع واخلليل‪َ ،‬‬
‫َّايب‪ ،‬ومن أشبو ىؤالء من مؤلّفي الكتب‪ ،‬فيأتيٍت أولئك‬
‫صاحب بيت احلكمة‪ ،‬وحيِت بن خالد‪ ،‬والعت ِّ‬
‫القوم بأعياهنم الطاعنون على الكتاب الذي كان أحكم من ىذا الكتاب‪ ،‬الستنساخ ىذا الكتاب‬
‫ويتأدبون بو‪،‬‬
‫ويصَتونو إماما يقتدون بو‪ ،‬ويتدارسونو بينهم‪ّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫علي‪ ،‬ويكتبونو ٓتطوطهم‪،‬‬
‫وقراءتو َّ‬
‫طالب ذلك اجلنس فتثبت‬ ‫عٍت لغَتىم من َّ‬
‫ويستعملون ألفاظو ومعانيو يف كتبهم وخطاباهتم‪ ،‬ويروونو َّ‬
‫(‪)37‬‬
‫ذلم بو رياسة‪ ،‬ويأمتُّ هبم قوم فيو؛ ألنو مل يًتجم بامسي‪ ،‬ومل ينسب إىل تأليفي »‬

‫يرى إحسان عباس من خالل زلاولة تتبع منهج اجلاحظ العلمي واجتهاداتو النقدية فيما‬
‫خيص قضية االنتحال أنو قد أكمل « منهج ابن سالم يف التمييز بُت الصحيح وادلنحول يف الشعر‪،‬‬
‫ُّ‬
‫فيستخدم شهادة الرواة‪ ،‬ويتخذ تفاوت الشعر ‪ -‬كما اٗتذه ابن سالم ‪ -‬وسيلة يثبت هبا االنتحال‬
‫(‪)38‬‬
‫»‬

‫أن إحسان عباس مل يُوفَّق يف نسبة استخدم دليل شهادة الرواة على االنتحال‬‫وأنا أظن َّ‬
‫ٍ‬
‫قصيدة ألوس بن حجر ‪ « :‬وما وجدنا أحدا من الرواة يشك يف‬ ‫للجاحظ أوال؛ وذلك يف قولو عن‬
‫أن القصيدة مصنوعة » (‪ ) 39‬ألن ابن سالم قبلو قد ذكر اعًتاف زلمد بن إسحاق بأنو يؤتى إليو‬
‫بشعر منحول ِّبُت النحل فَتويو وينسبو إىل غَته‪ ،‬كما سل ذكره‪.‬‬

‫ونظَت اعًتاف الراوي بوضع الشعر وضللو‪ ،‬ما يرويو را ٍو عن اعًتاف غَته‪ ،‬كما نقل اجلاحظ عن‬
‫أيب إسحاق قولو يف بيت بشر بن أيب خازم (‪: )40‬‬
‫‪39‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫الع ِقي َق ِة ُجْن َج لَْي ٍل ُمظْلِ ِم‬


‫لَ ْم َع َ‬ ‫ي ٍم ْن ُمتَ َح ِّد ٍر‬
‫الد ِر ِّ‬
‫ض َك ُّ‬
‫فَانْ َق َّ‬
‫« فخربين أبو إسحاق أن ىذا البيت يف أبيات أخر كان أسامة صاحب روح بن أيب مهام‪ ،‬ىو الذي‬
‫كان ولَّدىا »(‪ )41‬أما تفاوت شعر الشاعر‪ ،‬فإنَّو يروي بيتُت منسوبُت ألوس بن حجر‪:‬‬

‫ور َٗتَالُوُ طُنُبَا‬


‫نَ ْق ٌع يَثُ ُ‬ ‫الد ِر ِّ‬
‫ي يَْتبَ عُوُ‬ ‫ض َك ُّ‬‫فَانْ َق َّ‬
‫رفَع ال م ِشَت بِ َكف ِ‬
‫ِّو َذلبَا‬ ‫وح َك َما‬
‫ََ ُ ُ‬ ‫َحيَانَاً يَلُ ُ‬
‫َخيْ َفى َوأ ْ‬
‫ألوس َّإال من ال يفصل بُت شعر أوس بن حجر‬ ‫مث يقول معلِّقا عليو‪ « :‬وىذا الشعر ليس يرويو ٍ‬
‫وشريح بن أوس »(‪ ، )42‬فاجلاحظ ىنا يشَت إىل قضية التمرس والثقافة الشعرية الوازنة للنقاد‪ ،‬اليت‬
‫يستطيع من خالذلا ٘تييز شعر الشاعر من غَته‪ ،‬اعتمادا على قرائن لغوية وأسلوبية وبيانية خاصة‬
‫يفسر بيت‬
‫بشعره‪ ،‬ال تكاد ٕتتمع يف شعر غَته‪ ،‬ويف ىذه النقطة صلد أن ناصر الدين األسد ِّ‬
‫الفرزدق ادلشهور(‪:)43‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الموُ ال يُْن َح ُل‬
‫ُحلَ ُل ادلُْلوك َك ُ‬ ‫َوال َف ْح ُل َع ْل َق َمةُ الَّذي َكانَ ْ‬
‫ت لَوُ‬
‫الفرزدق علقمةَ الفحل من أن شعره ال‬ ‫ُ‬ ‫بقولو ‪ « :‬وشلا يدخل يف ىذا الباب أيضا ما وص بو‬
‫يستطيع أح ٌد أن ينحلو‪ ،‬فكأنو يقصد أن على شعره طابعو وميسمو فإذا ما ادعاه غَته عرف الناس‬
‫(‪)44‬‬
‫أنو ليس دلن ادعاه‪ ،‬وإمنا ىو لصاحبو علقمة »‬

‫أما اإلضافة النقدية للجاحظ يف ٖتقيق النصوص الشعرية وبيان صحيحها من منحوذلا‪ ،‬فهو‬
‫الدليل الداخلي؛ الذي يعتمد على اإلتيان ٔتا ال يعرف يف وقتو‪ ،‬أو وسلالفة معهود كالم العرب‬
‫األودي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫وتشبيهاهتم‪ ،‬فمن النوع األول ما استشهد بو اجلاحظ من قول األفوه‬

‫ِّو لِْلحر ِ‬
‫ِ‬ ‫اب ال َق ْذ ِ‬
‫ف يَ ْرِمي ُك ْم بِِو‬ ‫َك ِشه ِ‬
‫ب نَ ُار‬ ‫س ِيف َكف َ ْ‬
‫فَا ِر ٌ‬ ‫َ‬

‫‪40‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫مث قال معقبا عليو‪ ،‬بل وحاكما على القصيدة كلها اليت ورد فيها البيت بالوضع واالنتحال ‪ « :‬وبعد‬
‫فمن أين علم األفوه أن الشهب اليت يراىا إمنا ىي قذف ورجم وىو جاىلي‪ ،‬ومل يدِّع ىذا أحد قط‬
‫(‪)45‬‬
‫إال ادلسلمون ! فهذا دليل آخر على أن القصيدة مصنوعة »‬
‫(‪)46‬‬
‫ومن النوع الثاين ما قالو اجلاحظ عن بيت بشر بن أيب خازم ‪:‬‬

‫اض ال َكوَك ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫َوالعَِتُ يُْرِى ُق َها احلِ َم ُار َو َج ْح ُش َها‬
‫ض َ ْ‬ ‫ض َخ ْل َف ُه َما انْق َ‬
‫يَْن َق ُّ‬
‫« فزعموا أنو ليس من عادهتم أن يصفوا ع ْد َو احلمار بانقضاض الكوكب‪ ،‬وال بدن احلمار ببدن‬
‫(‪)47‬‬
‫الكوكب »‬

‫السابقُت يتبُت لنا منهج اجلاحظ يف نقد النصوص الشعرية‪ ،‬انطالقا من‬ ‫فمن الشاىدين َّ‬
‫النصوص ذاهتا‪ ،‬وليس ىذا متيسرا إال للمتمرس يف الشعر العامل بو وٓتفاياه‪ ،‬وادلطلع على اخلصائص‬
‫الفنية واألسلوبية للشعراء ادلراد ٘تحيص أشعارىم‪.‬‬

‫ويف ىذا الصدد البد من اإلشارة إىل أن ناصر الدين األسد من خالل تتبعو لنصوص اجلاحظ‬
‫اليت تناول فيها الوضع والنحل‪ ،‬قد توصل إىل رسم مالمح موقفو من الوضع واالنتحال‪ ،‬وذلك يف‬
‫قولو ‪ « :‬وأما اجلاحظ فهو يشَت إىل ادلوضوع وادلنحول على ثالث طرق‪ :‬فهو حينًا ينسب الشعر‬
‫جازما بأن ىذا الشعر‬
‫قطعا ً‬‫إىل شاعر بعينو‪ ،‬مث يعقب عليو ٔتا يفيد شكو فيو‪ ،‬وىو حينًا ثانيًا يقطع ً‬
‫إرساال‪ ،‬وىو حينًا يقطع‬
‫أو ذاك منحول مصنوع وكل ذلك من غَت دليل أو حجة وإمنا يرسل القول ً‬
‫(‪)48‬‬
‫كفيال بدعم رأيو »‬
‫بأن الشعر منحول مث يورد من احلجج ما يراه ً‬

‫مث ذىب ناصر الدين األسد يدلل على كل طريق من الطرق الثالثة السابقة (‪:)49‬‬

‫الضرب األول أنو يقول‪ :‬قال فالن ‪ -‬وبذكر اسم شاعر بعينو‪ -‬مث يعقب عليو بقولو‪ :‬إن كان‬
‫قاذلا‪ ،‬وقد تكرر منو ذلك يف مواطن متفرقة من كتاب احليوان‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬

‫الضرب الثاني قولو ‪ :‬ويف منحول شعر النابغة(‪: )50‬‬

‫ِ‬
‫وح َال َخيُو ُن‬
‫ك َكا َن نُ ٌ‬
‫َك َذل َ‬ ‫األمانََة َملْ َٗتُْن َها‬
‫ت َ‬ ‫فَأَلْ َفْي ُ‬
‫الضرب الثالث ‪ :‬فقد سبقت اإلشارة إليو‪ ،‬حيث يورد أبياتًا زعم بعض الرواة أهنا جاىلية يف ذكر‬
‫النقضاض الكواكب‪ ،‬واجلاحظ ينكر ذلك ويرى أن انقضاض الكواكب مل يكن يف اجلاىلية البعيدة‬
‫عن مولد رسول ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم بل حدث أول مرة عند مولده أو قبيلتو‪ ،‬فهو بذلك من‬
‫أعالم ميالده أو إرىاص لو‪.‬‬

‫أن االنتحال ليس‬ ‫أن اجلاحظ‪ -‬خالف ابن سالم ‪ -‬قد أشار إىل َّ‬ ‫وىنا البد من التنبيو إىل َّ‬
‫مقصورا على الشعر فقط‪ ،‬بل إنو جاوزه إىل اخلطب كذلك‪ ،‬فيقول يف ىذا ‪ « :‬وللسل الطيّب‬
‫وخطب كثَتة‪ ،‬صحيحة ومدخولة‪ ،‬ال خيفى شأهنا على نقَّاد األلفاظ وجهابذة ادلعاين‪ ،‬متميزة‬‫ٌ‬ ‫حكم‬
‫ٌ‬
‫(‪)51‬‬
‫عند الرواة اخللَّص »‬

‫ال َخاتِ َمةُ ‪:‬‬


‫من خالل ما سبق ديكن ٖتصيل نتائج ادلقال يف النقاط التالية‪:‬‬
‫*‪ /‬تعد ظاىرة االنتحال من القضايا احلاضرة بقوة يف الدرس النقدي القدمي تنظَتا و٘تثيال‪ ،‬وىي يف‬
‫حقيقة األمر معطى إنساين‪ ،‬صلده عند كل األمم األخرى‪.‬‬

‫لعل أقرب ٖتديد ذلذه ادلصطلحات ادلتقاربة ىو‬


‫*‪ /‬ىناك ضبابية حول مصطلح االنتحال والنحل‪ ،‬و َّ‬
‫أن االنتحال والنحل نسبة الشعر لغَت قائلو سواء أكان ذلك بنسبة شعر رجل إىل آخر أم أن‬
‫يدعي الرجل شعر غَته لنفسو‪ ،‬أم أن ينظم شعرا وينسبو لشخص شاعر أو غَت شاعر‪.‬‬
‫*‪ُّ /‬‬
‫يعد ابن السالم أول ناقد وصلتنا عنو دراسة منهجية ‪ /‬علمية لقضية االنتحال يف النقد العريب‬
‫القدمي‪ْ ،‬تيث إنو أتى ٔتعايَت يُعرف من خالذلا صحيح الشعر من منحولو‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫*‪ /‬قدَّم ابن سالم رلموعة من األسباب وادلقتضيات اليت سامهت يف ظهور االنتحال عند العرب‬
‫منذ العصر اجلاىلي؛ وىي ترجع إىل العصبية القبيلة وادلعطى السياسي‪ ،‬والرواة‪ ،‬والعامل الديٍت‪.‬‬
‫*‪ /‬استطاع اجلاحظ أن يكمل ما بدأه ابن سالم من خالل تقدديو معايَت لنقد النصوص الشعرية‪،‬‬
‫وفحصها فحصا علميا دقيقا‪.‬‬

‫الهوامش واإلحاالت‪:‬‬
‫‪ -1‬كارل بروكلمان‪ ،‬تاريخ األدب العريب‪ ،‬ج‪ ، 01‬نقلو إىل العربية‪ :‬عبد احلليم النجار‪ ،‬دار ادلعارف‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،04‬‬
‫‪ ،1983‬ص‪.65‬‬
‫‪ -2‬زلمد بن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ج‪ ،01‬شرحو ‪ :‬زلمود زلمد شاكر‪ ،‬دار ادلدين‪ ،‬السعودية‪ ،‬دط ‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -3‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.25 – 24‬‬
‫‪ -4‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -5‬أبو منصور زلمد‪ ،‬هتذيب اللغة بن األزىري‪ ،‬ج‪ ،05‬تح‪ :‬زلمد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪،01‬‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -6‬أبو الفضل ‪ٚ‬تال الدين زلمد بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج ‪ 11‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1414 ،3‬ى ‪ ،‬ص ‪،186‬‬
‫ص‪ .651‬مادة ‪َ " :‬ضلَ َل"‬
‫‪ -7‬أ‪ٛ‬تد مطلوب‪ ،‬معجم مصطلحات النقد العريب القدمي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2001 ،01‬ص‪.108‬‬
‫‪ -8‬ابن رشيق القَتواين‪ ،‬العمدة يف زلاسن الشعر وآدابو ونقده‪ ،‬ج‪ ،02‬تح ‪ :‬زلمد زلي الدين عبد احلميد‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ ،1981 ،05‬ص ‪.282‬‬
‫‪ -9‬اخلطيب القزويٍت‪ ،‬اإليضاح يف علوم البالغة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.412‬‬
‫‪ -10‬أ‪ٛ‬تد مطلوب‪ ،‬معجم مصطلحات النقد العريب القدمي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪ -11‬ناصر الدين األسد‪ ،‬مصادر الشعر اجلاىلي وقيمتها التارخيية‪ ،‬دار ادلعارف‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1978 ،05‬ص ‪-325‬‬
‫‪.326‬‬
‫‪ -12‬طو أ‪ٛ‬تد إبراىيم‪ ،‬تاريخ النقد األديب عند العرب من العصر اجلاىلي إىل القرن الرابع اذلجري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ ،2006 ،01‬ص ‪.75‬‬
‫‪ -13‬زلمد بن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ج‪ ،01‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫‪ -14‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ -15‬أبو عبد ا﵁ زلمد ادلرزباين‪ ،‬ادلوشح يف مآخذ العلماء على الشعراء‪ ،‬تح ‪ :‬زلمد حسُت مشس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1995 ،01‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -16‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.250‬‬
‫‪43‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬
‫‪ -17‬أبو الفرج علي بن احلسُت األصفهاين‪ ،‬األغاين‪ ،‬ج‪ ،03‬تح ‪ :‬إحسان عباس وآخرون‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،03‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.74‬‬
‫‪ -18‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،03‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -19‬زلمد بن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ج‪ ،01‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.25 -24‬‬
‫‪ -20‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -21‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -22‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -23‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -24‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.08 - 07‬‬
‫‪ -25‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -26‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.48 – 47‬‬
‫‪ -27‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.08‬‬
‫‪ -28‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص‪.09‬‬
‫‪ -29‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ -30‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -31‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -32‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -33‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -34‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،01‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -35‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ -36‬أبو عثمان عمرو بن ْتر اجلاحظ‪ ،‬البيان والتبيُت‪ ،‬ج‪ ،01‬تح ‪ :‬عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مكتبة اخلاصلي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫ط‪ ،1998 ،07‬ص‪.203‬‬
‫‪ -37‬أبو عثمان عمرو بن ْتر اجلاحظ‪ ،‬الرسائل‪ ،‬تح ‪ :‬عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مكتبة اخلاصلي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،1964 ،‬ص‬
‫‪.351‬‬
‫‪ -38‬إحسان عباس‪ ،‬تاريخ النقد األديب عند العرب‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1983 ،04‬ص ‪.100‬‬
‫‪ -39‬أبو عثمان عمرو بن ْتر اجلاحظ‪ ،‬احليوان‪،‬ج ‪ ، 06‬تح ‪ :‬عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪ ،1965 ،02‬ص ‪.280‬‬
‫‪ -40‬ادلصدر نفسو‪،‬ج ‪ ،06‬ص ‪.278‬‬
‫‪ -41‬بعد البحث يف ديوان بشر بن أيب خازم األسدي مل أجد البيت مثبتا يف ميميتو ادلسكورة الوحيدة‪ ،‬يُنظر‪ :‬بشر بن أيب خازم‬
‫األسدي‪ ،‬الديوان‪ ،‬قدم لو وشرحو ‪ :‬رليد طراد‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ 1994 ،01‬ص‪140- 135‬‬

‫‪44‬‬
‫د‪ .‬طارق زيناي‬
‫‪ -42‬ادلصدر نفسو‪،‬ج ‪ ،06‬ص ‪.279‬‬
‫‪ -43‬أبو عبيدة معمر بن ادلثٌت‪ ،‬شرح نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬ج‪ ،02‬تح ‪ :‬زلمد إبراىيم حور ووليد زلمود خالص‪ ،‬اجملمع الثقايف‪،‬‬
‫أبو ظيب‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬ط‪ ،1998 ،02‬ص‪.374‬‬
‫‪ -44‬ناصر الدين األسد‪ ،‬مصادر الشعر اجلاىلي وقيمتها التارخيية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.325‬‬
‫‪ -45‬أبو عثمان عمرو بن ْتر اجلاحظ‪ ،‬احليوان‪،‬ج ‪ ،06‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.281 – 280‬‬
‫‪ -46‬بشر بن أيب خازم األسدي‪ ،‬الديوان‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪40‬‬
‫‪ -47‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ج‪ ،06‬ص ‪.279‬‬
‫‪ -48‬ناصر الدين األسد‪ ،‬مصادر الشعر اجلاىلي وقيمتها التارخيية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪ -49‬يُنظر ‪ :‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.334 – 332‬‬
‫‪ -50‬البيت غَت مثبت يف ديوان الشاعر‪ ،‬يُنظر‪ :‬النابغة الذبياين‪ ،‬الديوان‪ ،‬اعتٌت بو وشرحو‪ٛ :‬تدو طماس‪ ،‬دار ادلعرفة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪.2005 ،02‬‬
‫‪ -51‬أبو عثمان عمرو بن ْتر اجلاحظ‪ ،‬البيان والتبيُت‪ ،‬ج‪ ،04‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫قَائِمةُ الم ِ‬
‫اد ِر والمر ِ‬
‫اج ِع ‪:‬‬ ‫ص َ ََ‬ ‫َ َ َ‬
‫‪ -01‬إحسان عباس‪ ،‬تاريخ النقد األديب عند العرب‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1983 ،04‬‬
‫‪ -02‬أ‪ٛ‬تد مطلوب‪ ،‬معجم مصطلحات النقد العريب القدمي‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2001 ،01‬‬
‫‪ -03‬بشر بن أيب خازم األسدي‪ ،‬الديوان‪ ،‬قدم لو وشرحو ‪ :‬رليد طراد‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1994 ،01‬‬
‫‪ -04‬اخلطيب القزويٍت‪ ،‬اإليضاح يف علوم البالغة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ -05‬ابن رشيق القَتواين‪ ،‬العمدة يف زلاسن الشعر وآدابو ونقده‪ ،‬ج‪ ،02‬تح ‪ :‬زلمد زلي الدين عبد احلميد‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪.1981 ،05‬‬
‫‪ -06‬طو أ‪ٛ‬ت د إبراىيم‪ ،‬تاريخ النقد األديب عند العرب من العصر اجلاىلي إىل القرن الرابع اذلجري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪.2006 ،01‬‬
‫‪ -07‬أبو عبد ا﵁ زلمد ادلرزباين‪ ،‬ادلوشح يف مآخذ العلماء على الشعراء‪ ،‬تح ‪ :‬زلمد حسُت مشس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1995 ،01‬‬
‫‪ -08‬أبو عبيدة معمر بن ادلثٌت‪ ،‬شرح نقائض جرير والفرزدق‪ ،‬ج‪ ، 02‬تح ‪ :‬زلمد إبراىيم حور ووليد زلمود خالص‪ ،‬اجملمع الثقايف‪،‬‬
‫أبو ظيب‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬ط‪.1998 ،02‬‬
‫أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ‪:‬‬
‫‪ -09‬البيان والتبيُت‪ ،‬ج‪ ،01‬تح ‪ :‬عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مكتبة اخلاصلي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1998 ،07‬‬
‫‪ -10‬الرسائل ‪ ،‬تح ‪ :‬عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مكتبة اخلاصلي‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪1964 ،‬‬
‫‪ -11‬احليوان‪،‬ج ‪ ،06‬تح ‪ :‬عبد السالم زلمد ىارون‪ ،‬مطبعة مصطفى البايب احلليب وأوالده‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1965 ،02‬‬
‫‪45‬‬
‫الع َربِ ِّي ال َق ِد ِيم‬ ‫ِ‬ ‫ْم َعلَى النُّص ِ ِ‬
‫وص في النَّ ْقد َ‬ ‫ُ‬ ‫االنْتِ َح ُ‬
‫ال َوَم َعايِ ُير ُ‬
‫الحك ِ‬
‫‪ -12‬أبو الفرج علي بن احلسُت األصفهاين‪ ،‬األغاين‪ ،‬ج‪ ،03‬تح ‪ :‬إحسان عباس وآخرون‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،03‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ -13‬أبو الفضل ‪ٚ‬تال الدين زلمد بن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج ‪ 11‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1414 ،3‬ى ‪.‬‬
‫‪ -14‬كارل بروكلمان‪ ،‬تاريخ األدب العريب‪ ،‬ج‪ ،01‬نقلو إىل العربية‪ :‬عبد احلليم النجار‪ ،‬دار ادلعارف‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،04‬‬
‫‪.1983‬‬
‫‪ -15‬زلمد بن سالم اجلمحي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬ج‪ ،01‬شرحو ‪ :‬زلمود زلمد شاكر‪ ،‬دار ادلدين‪ ،‬السعودية‪ ،‬دط‪.‬‬
‫‪ -16‬أبو منصور زلمد‪ ،‬هتذيب اللغة بن األزىري‪ ،‬ج‪ ،05‬تح‪ :‬زلمد عوض مرعب‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪،01‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ -17‬النابغة الذبياين‪ ،‬الديوان‪ ،‬اعتٌت بو وشرحو‪ٛ :‬تدو طماس‪ ،‬دار ادلعرفة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2005 ،02‬‬
‫‪ -18‬ناصر الدين األسد‪ ،‬مصادر الشعر اجلاىلي وقيمتها التارخيية‪ ،‬دار ادلعارف‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1978 ،05‬‬

‫‪46‬‬

You might also like