You are on page 1of 152

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة الشهيد حمه لخضر بالوادي‬

‫قسم اللغة واألدب العربي‬ ‫كلية اآلداب واللغات‬

‫المتخيل السردي‬
‫في رواية "عايشة" ل ـحواء حنكة ‪ -‬أنموذجا‪-‬‬

‫تخرج مقدمة لنيل شهادة الماستر في اللغة العربية وآدابها تخصص أدب حديث ومعاصر‬
‫مذكرة ّ‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬

‫حمزة حمادة‬ ‫مفيدة سلطاني‬ ‫‪‬‬

‫نوال غربي‬ ‫‪‬‬

‫لجنة المناقشة‬

‫السنة الجامعية‪1431 :‬هـ‪1431-‬هـ‪2012 /‬م‪2011-‬م‬


‫شكر وعرفاى‬
‫شكر وعرفان‬

‫الشكر و احلوذ هلل أوال صاحب كل فضل وعطاء فله‬

‫احلوذ أى وفقنا يف اجناز هز ا العول‪.‬‬

‫ونتىجه بالشكر و االهتناى إىل األستار املشرف‬

‫"محسة محادة" الزي مل يبخل علينا بتىجهاته و نصحائه القيوت اليت‬

‫كانت عىنا لنا يف إمتام هزا املزكرة‪.‬‬

‫وال يفىتنا أى نعرتف جبويل الشكر و العرفاى للكاتبت‬

‫" حنكت حىاء" على تقذين يذ العىى‪.‬‬


‫مقدمة‬

‫يمذيح‬
‫يمذيح‬

‫يعترب ا‪٠‬تياؿ وسيلة لتنمية قدرات اإلنساف وتفكَته ‪,‬حيث ساعد ا‪٠‬تياؿ اإلنساف ُب تطوير‬
‫حياتو وأسلوب عيشو ‪,‬فا‪٠‬تياؿ جزء ال يتجزأ من تكوين البشر ‪,‬وقوة دافعة لئلبداع وخلق عوادل‬
‫إبداع جديدة ‪ُ,‬ب عدة فنوف كالنحت وا‪١‬توسيقى‪ ,‬والرسم‪ ,‬واألدب بصفة عامة والسرد بصفة خاصة‪,‬‬
‫و‪٨‬تصره ُب الرواية‪.‬‬
‫فالرواية سرد نثري وعمل ٗتيّلي‪٘ ,‬تثل الواقع ٘تثيبل فنيا‪ ,‬تتمحور حوؿ موضوع معُت ‪,‬تسلط‬
‫الضوء على قضية أو سلوؾ‪ ,‬أو فئة معينة من اجملتمع‪ ,‬باعتبارىا تعطي الكاتب مساحة أكرب‬
‫الستعماؿ خيالو ‪,‬فا‪٠‬تياؿ عنصر أساسي ُب العمل الروائي‪.‬‬
‫ْتكم أف األدب يتطور بتطور العصر ‪,‬ىذا ما أدى إذل ظهور جنس جديد أطلق عليو "الرواية‬
‫القصَتة" ‪,‬وىي ما بُت القصة والرواية الطويلة ‪,‬ولكنها أقرب إذل الرواية ُب ‪ٝ‬تااها الفنية‪.‬‬
‫إذا ما و‪ٞ‬تنا األدب ا‪ٞ‬تزائري ‪٧,‬تد أنو ال يذخر بنماذج كثَتة من ىذا النوع ‪ْ,‬تكم أف الروائيُت‬
‫جل اىتمامهم على الرواية الطويلة ‪,‬ولكن ُب السنوات األخَتة ‪٧‬تده أخذ طفرة نوعية‬
‫ا‪ٞ‬تزائريُت صبوا ّ‬
‫‪,‬وبرز على الساحة األدبية بشكل جلي‪ ,‬وأثبت وجوده كفن جديد ينافس الرواية الطويلة واألجناس‬
‫األدبية األخرى ‪,‬بالرغم من قلة الدراسات حولو‪.‬‬
‫ونظرا لوعينا بأ‪٫‬تية ا‪١‬تتخيل ُب صناعة العمل اإلبداعي إضافة إذل أف الدراسات األكادٯتية جد‬
‫‪٤‬تتشمة ُب تناوؿ ىذا النوع من اإلبداع بالدراسة‪.‬‬
‫األسباب اليت جعلتنا نفضل دراسة ىذا النموذج من الرواية القصَتة ‪,‬األوؿ شغفنا بدراسة‬
‫ا‪١‬تتخيل السردي ‪ ,‬وثانيا تسلط الضوء على ىذا ا‪ٞ‬تنس األديب الناشئ ‪,‬فوقع اختيارنا على رواية‬
‫حواء(‬ ‫"عايشة" للروائية الصاعدة )حنكة‬
‫جاء عنواف ْتثنا موسوما بػػ" ا‪١‬تتخيل السردي ُب رواية "عايشة" ل ػ ‪":‬حنكة حواء" ‪,‬انطلقت‬
‫ىذه الدراسة من اإلشكالية ا‪١‬تتبلورة ُب األسئلة التالية‪ :‬ػ ما مفهوـ ا‪١‬تتخيل ؟ وما ىي ا‪١‬تفاىيم األخرى‬
‫اليت يتقاطع معها ؟ وكيف شكلت حنكة حواء متخيلها السردي؟‪.‬‬
‫ولئلجابة عن ىذه التساؤالت ‪,‬انتهجنا خطة فحواىا‪ :‬مقدمة ‪,‬مدخل نظري تناولنا فيو‪ :‬تعريف‬
‫الرواية لغة واصطبلحا وتطرقنا فيو أيضا ‪١‬تفهوـ الرواية القصَتة ىذا الفن ا‪ٞ‬تديد وآفاقو ُب ا‪ٞ‬تزائر ‪.‬‬
‫أ‬
‫يمذيح‬

‫جاء الفصل األوؿ معنوف بػ ا‪١‬تتخيل وتداخل ا‪١‬تفاىيم ‪ ,‬تناولنا فيو أوال مفهوـ ا‪٠‬تياؿ وما‬
‫يتشاكل معو من مصطلحات ‪,‬وثانيا تطرقنا للمتخيل مفهومو وعبلقتو بالواقع‪.‬‬
‫أما الفصل الثاين فصل نظري تطبيقي ‪,‬جاء بعنواف ٕتليات ا‪١‬تتخيل السردي ُب رواية "عايشة"‬
‫تعرضنا فيو أوال كيف تناولت حنكة حواء لشخصيااها ا‪١‬تتخيلة ُب ىذا ا‪١‬تسرود‪ ,‬و ثانيا البنية الزمنية‬
‫ا‪١‬تتخيلة وثالثا الفضاء ا‪١‬تكاين وأ‪٪‬تاطو ‪,‬لننهي البحث ٓتا٘تة عبارة عن ‪ٚ‬تلة من ا‪١‬تبلحظات ا‪١‬تستنبطة‬
‫من القراءة وتعاملنا مع مادة البحث‪.‬‬
‫واتبعنا ُب سبيل إ‪٧‬تاز ىذه الدراسة ا‪١‬تنهج الوصفي التحليلي‪١ ,‬تبلئمتو طبيعة ا‪١‬توضوع‪,‬معتمدين‬
‫على ‪٣‬تموعة من ا‪١‬تراجع القيمة أ‪٫‬تها‪ :‬رواية عايشة ‪ٟ‬تنكة حواء ‪ ,‬لساف العرب البن منظور‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ‬
‫مفهوماتو ووظائفة لعاطف جوده نصر ‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية آلمنة بلعلى‪ُ ,‬ب نظرية الرواية لعبد‬
‫ا‪١‬تلك مرتاض‪.‬‬
‫وىذا وقد وجهتنا عدة صعوبات منها تداخل مفهوـ ا‪٠‬تياؿ مع مصطلحات أخرى وتعدد‬
‫مفاىيمو واختبلفها ْتسب النقاد والباحثُت والدارسُت وا‪١‬تذاىب وا‪١‬تدارس والفبلسفة‪.‬وأيضا عدـ‬
‫توفر دراسات سابقة للمدونة فهي مدونة حديثة ‪,‬وإف وجدت دراسات مشاهبة أخرى تناولت الشعر‬
‫خاصة‪.‬‬
‫وُب األخَت ‪٨‬تمد اهلل ورل كل نعمة وا‪١‬تعُت على كل أمر ‪ٍ ,‬ب نقدـ شكرنا وامتناننا وتقديرنا‬
‫و‪٤‬تبتنا لؤلستاذ ا‪١‬تشرؼ ‪ٛ‬تزة ‪ٛ‬تادة الذي كاف لنا عونا وسندا ُب إ‪٧‬تاز ىذا البحث‪.‬‬

‫‌ب ‌‬
‫يذخم‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬
‫مدخل ‪ :‬مفاهيم حول الرواية القصيرة‬

‫‌‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم الرواية لغة و اصطالحا‬


‫تزايد االىتماـ بالنصوص السردية من قبل الدارسُت والنقاد خاصة بعد وضع "فبلدمَت بروب "‬
‫منهجو الوظائفي للدراسة ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬فأخذوا األشكاؿ السردية القصة ‪ ,‬ا‪١‬تسرحية ‪ ,‬الرواية بالدراسة‬
‫والتحليل والتنقيب ‪ ,‬لكن الرواية أخذت نصيب األسد من ىذه الدراسات كوهنا ملحمة العصر‬
‫ا‪ٟ‬تديث ‪ ,‬و سجل اجملتمع ‪ ,‬فهي اهتم ْتياة اإلنساف والقضايا اليت تشغلو ‪ ,‬طرحت وعا‪ٞ‬تت العديد‬
‫من القضايا االجتماعية والسياسية والفكرية والنفسية‪...‬اخل اليت اهتم باإلنساف بآمالو وآالمو و ما‬
‫يشغلو ُب ىذه ا‪ٟ‬تياة من ىنا نتساءؿ‪ :‬ما الرواية ُب اللغة واالصطبلح ؟‪.‬‬
‫‪ -1‬نغح ‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪ 1‬في انًعاجى انعزتيح ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.‬رَوى‬
‫ورَوى وتَػَرَّوى و ْارتَػ َوى ‪ٔ,‬تعٌت َ‬‫"رِوي من ا‪١‬تاء واللنب ‪,‬كرضي‪َ ,‬ريِّا وريَّا َ‬ ‫جاء ُب احمليط َ‬
‫ِّعَر‪َٛ ,‬تَلْتُو على ِرَو‬
‫ايتو‪,‬كأرَويْػتُو‪,‬وُب‬
‫ْ‬ ‫‪,‬ورَّويْتو الش ْ‬ ‫ِ‬
‫ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬يَػ ْرِوي روايَةً وتَػَرَّواه‪ٔ ,‬تعٌت وىو َرا ِويَوٌ للمبالغة َ‬
‫الرِويَّةُ" ‪.1‬‬ ‫نظرت َّ‬
‫رت ‪,‬و االسمُ ‪ّ :‬‬
‫وفك ُ‬ ‫األمر‪ُ :‬‬
‫"روي‪ :‬قاؿ ابن سيدة ُب معتل األلف‪:‬‬ ‫ويورد "ابن منظور" ُب لساف العرب معٌت روي إذ يقوؿ َ‬
‫ِ‬
‫اللنب يَػ ْرَوي‬
‫ي من ا‪١‬تاء بالكسر ‪ ,‬ومن َّ‬ ‫‪:‬رِو َ‬‫ُرواوةُ موضع من قبَل ببلد بٍت ُمَزيْػنَة ‪.‬وقاؿ ُب معتل الياء َ‬
‫ورِوي النَّْب ُ‬
‫ت‬ ‫ت ُش ْربًا َرِويَّا ‪.‬ابن سيدة‪َ :‬‬ ‫وي أيضا مثل ِر ّ‬
‫ضا وتَػَرَّوى و ْارتَػ َوى كلو ٔتعٌت‪ ,‬ويقاؿ ش ِربْ ُ‬ ‫َريَّا وِر ُّ‬
‫ت القوـ ْأرِويهم‬
‫ت على أىلي ْأرِوي َريَّةً وقاؿ ابن السكيت ‪:‬يقاؿ َرَويْ ُ‬‫ت‪.‬ويقاؿ‪َ :‬رويْ ُ‬
‫وتَػَرَّوى تَػنَػ َّعم ونَػْب ٌ‬
‫استَػ َقْيت ‪٢‬تم ‪.‬‬ ‫إذا ْ‬
‫السحاب َروايا الببلد و من اإلبل‪ :‬ا‪ٟ‬تَو ِامل‬
‫في الحديث‪ :‬أنو عليو الصبلة والسبلـ ‪ٝ‬تّى َّ‬
‫تستقي‬ ‫ٍ‬
‫الروايا ‪,‬قاؿ أبو منصور‪ :‬وىي ‪ٚ‬تع رِواية تَػ ْروي ‪:‬معناه ْ‬ ‫للماء‪.‬ابن األعرايب يقاؿ لسادةِ القوـ َّ‬
‫الش ْعَر يَػ ْرويو ِرواية َترّواه وُب حديث عائشة‬
‫الراوية وروى ا‪ٟ‬تديث و ّ‬ ‫استَقى على ّ‬ ‫يقاؿ‪ :‬قد َروى معناه ْ‬
‫عُت على ِ‬ ‫ضَّر ِ‬ ‫ِ‬
‫الرب وقد َوَّرِاين إياه ‪.‬‬ ‫ب فإنو يُ ِ ُ‬ ‫رضي اهلل عنها أهنا قالت‪َ :‬ترَّوْوا ش ْعر ُح َجيَّة بن ا‪١‬ت َ‬
‫ُ‬

‫‪ 1‬الفَتوز أبادي ‪ ,‬القاموس احمليط ‪,‬تح‪ /‬أنس ‪٤‬تمد الشامي ‪,‬زكريا جابر أ‪ٛ‬تد ‪ ,‬دار ا‪ٟ‬تديث ‪ ,‬القاىرة ‪,‬د ط ‪ , 2008,‬ص‪685‬‬
‫‪4‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫شعرا‬ ‫ِ‬
‫و راويَة كذلك إذا كثرت روايتُو وا‪٢‬تاء للمبالغة ُب صفة الرواية ‪,‬و يقاؿ " َّروى فبلف فبلنًا ً‬
‫للرواية عنو‪ ,‬قاؿ ا‪ٞ‬توىري ‪َ :‬رَويْت ا‪ٟ‬تديث والشِّعر ِرواية فأنا َرا ِو ‪ُ ,‬ب ا‪١‬تاء‬ ‫إذا رواه لو حىت َح ِفظو ِّ‬
‫وي‪ :‬حرؼ القافية ؛‬ ‫الشعر من قوة ُرواة ‪,‬و َرَّويْتو الشِّعر ْتروية أي ‪ٛ‬تلتو على ِروايتِو و ْأرَويْتو أيضا‪ .‬و َّ‬
‫الر ُّ‬ ‫و ّ‬
‫الرِويَّةُ‬
‫الرِوي ا‪ٟ‬ترؼ الذي تُػْبٌت عليو القصيدة ويلزـ ُب كل بيت منها ُب موضع واحد ‪.‬و َّ‬ ‫قاؿ األخفش‪َّ :‬‬
‫‪1‬‬
‫الرِويَّة‪ :‬التَّػ َف ُّكَت باألمر" ‪.‬‬
‫ُب األمر‪ :‬أف تنظُر ال ْتع َجل ‪.‬و َّ‬
‫من خبلؿ ما ذكرناه نبلحظ أف معٌت َرِوي ُب ا‪١‬تعاجم العربية يتغَت بتغَت السياؽ الذي وردت‬
‫فيو وأصلها جرياف ا‪١‬تاء وجوده ُب أي شكل من األشكاؿ ‪.‬‬
‫‪1‬ـ ‪ 2‬في انًعاجى انغزتيح‪:‬‬
‫متصورة أو متخيَّلة ‪.‬و‬
‫ُب القاموس الفرنسي‪" :‬حكاية لقصة َّ‬ ‫‪Roman‬‬ ‫وتعٌت لفظة "رواية"‬
‫ٔتقارنة أصل االشتقاقيُت نبلحظ أف "رواية" ٔتعٌت " حكاية "‪,‬دل تعرؼ ُب القواميس العربية على‬
‫‪2‬‬
‫عكس القواميس الغربية"‬
‫‪ 2‬ـ اصطالحا‬
‫ُب االصطبلح ‪٧‬تد العديد من التعريفات للرواية منها أ ّف" الرواية تتخذ لنفسها ألف وجو‪,‬‬
‫وترتدي ُب ىيئتها ألف رداء ‪ ,‬وتتشكل أماـ القارئ ‪ٖ ,‬تت ألف شكل ؛‪٦‬تا يعسر تعريفها تعري ًفا‬
‫مانعا‪ ,‬ذلك ألننا نلفي الرواية تشًتؾ مع األجناس األدبية األخرى ٔتقدار ما تستميز عنها‬
‫جامعا ً‬
‫ً‬
‫ٓتصائصها ا‪ٟ‬تميمة‪ ,‬وأشكا‪٢‬تا الصميمة"‪ 3.‬أي أف الرواية لديها عدة أشكاؿ ‪٦‬تا يصعب تعريفها‬
‫ْتكم تداخلها مع العديد من األجناس األدبية األخرى ‪.‬‬
‫نثرا يتيح ‪٣‬تاالً أوسع للتعبَت عن ا‪ٟ‬تياة وواقع‬
‫وىناؾ من يعرفها بقولو‪ ":‬إف فرصة الكتابة ً‬
‫اجملتمعات ألهنا تعمل على تقريب ا‪١‬تتخيل من الواقع كما ٘تنح للراوي حرية أكرب ألنو يبتعد عن قيود‬

‫‪ 1‬ابن منظور ‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬دار الصادر ‪ ,‬بَتوت ‪,‬د ط ‪ ,‬د ت ‪ ,‬ج ‪, 14‬مادة )روي (‪ ,‬ص ‪.350, 345‬‬
‫‪2‬كلثوـ حاج ىٍت ‪ٝ,‬تيائية السرد ُب رواية "دماء ودموع " لعبد ا‪١‬تك مرتاض –أ‪٪‬توذجا– ‪٤‬تمد سي أ‪ٛ‬تد ‪ ,‬مذكرة ليسانس ‪,‬اللغة العربية وآداهبا ‪ ,‬جامعة‬
‫حسيبة بن بوعلي )شلف(‪,2012/2011,‬ص‪.3‬‬
‫‪ 3‬عبد ا‪١‬تلك مرتاض ‪ُ ,‬ب نظرية الرواية ْتث ُب تقنيات السرد ‪,‬اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف واآلداب ‪ ,‬الكويت ‪,‬د ط‪ ,‬ديسمرب‪, 1998 ,‬ص ‪.11‬‬
‫‪5‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫الشعر "‪ 1.‬معٌت أف الرواية تعطي قدر من ا‪ٟ‬ترية للراوي على عكس الشعر ‪,‬وتسلط الضوء على واقع‬
‫اجملتمع ‪.‬‬
‫وتُعرؼ أيضا بأهنا‪":‬سرد قصصي نثري طويل يصور شخصيات فردية من خبلؿ سلسلة من‬
‫‪2‬‬
‫األحداث و األفعاؿ و ا‪١‬تشاىد"‬
‫أما مفهوـ الرواية ُب اللغة الفرنسية فقد" كاف يعٍت عمبل خياليا سرديا شعريا ‪ٚ‬تيعا‪ ,‬قبل أف‬
‫يستحيل ىذا ا‪١‬تفهوـ ُب القرف السادس عشر إذل إبداع خيارل نثري طويل نسبيا يقوـ على رسم‬
‫شخصيات ٍب ٖتليل نفسيااها وأىوائ ػػها ‪ ,‬وتقتضي مصَتىا ووصف مغامرااها" ‪ 3.‬أي أف الرواية ُب‬
‫بادئ األمر كانت تعٍت عمبل ٗتيلي سواء كاف سردا أو شعرا ‪ ,‬مع تطور األدب حصل تغَت ‪١‬تفهومها‬
‫وأصبح يدؿ على إبداع نثري طويل‪.‬‬
‫ُب ىذا الصدد يقوؿ أحد النقاد‪ ":‬الرواية من حيث ىي جنس أديب ر ٍاؽ‪ ,‬ذات بنية شديدة‬
‫التعقيد مًتاكبة التشكل ؛تتبلحم فيما بينها وتتضافر لتشكل ‪ ,‬لدى هناية ا‪١‬تطاؼ شكبل أدبيا ‪ٚ‬تيبل‬
‫ِ‬
‫ي ‪,‬فاللغة ىي مادتو األوذل ‪,‬كمادة كل جنس أديب‬ ‫الس ِر ّ‬
‫ال يعتزي إذل ىذا ا‪ٞ‬تنس ا‪ٟ‬تظ ّي واألدب َ‬
‫آخر ُب حقيقة األمر وا‪٠‬تياؿ كما ىو ا‪١‬تاء الكرمي الذي يسقي ىذه اللغة ا‪١‬تشبعة با‪٠‬تياؿ ٍب تشكيلها‬
‫على ‪٨‬تو معُت ‪4 "...‬معٌت ىذا أف الرواية جنس معقد اللغة مادتو األوذل ‪,‬وا‪٠‬تياؿ ىو الذي يغذي‬
‫ىذه اللغة ‪,‬لتتشكل لنا ُب هناية ا‪١‬تطاؼ بشكل معُت‪.‬‬
‫ومن ىذه التعريفات نتبُت صعوبة ٖتديد مفهوـ موحد لدى الباحثُت والنقاد للرواية كوهنا‬
‫شديدة التماىي ‪ ,‬ولكنها رغم ذلك تتمحور حوؿ كوهنا سرد نثري خيارل أو واقعي متخيل ‪ ,‬يعرب‬
‫من خبل‪٢‬تا الكاتب عن الواقع بطريقة فنية متخيلة وتعترب أكثر مرونة وحرية من الشعر‪.‬‬

‫‪٤ 1‬تمد كامل ا‪٠‬تطيب ‪ ,‬الرواية والواقع ‪ ,‬دار ا‪ٟ‬تداثة ‪ ,‬بَتوت ‪,‬ط‪, 1981, 1‬ص ‪.107‬‬
‫‪ 2‬ابراىيم فتحي ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ‪,‬التعاضدية العمالية للطباعة و النشر‪ ,‬تونس ‪,‬ط‪,1986 ,1‬ص ‪.176‬‬
‫‪3‬عبد ا‪١‬تلك مرتاض ‪ُ,‬ب نظرية الرواية‪ ,‬ص ‪.25‬‬
‫‪4‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص‪.27‬‬
‫‪6‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الرواية القصيرة في الجزائر البداية واآلفاق‬


‫لقيت الرواية رواجا كبَتا ُب الساحة األدبية العربية‪,‬وُب وسط القراء ُب اآلونة األخَتة‪,‬حىت‬
‫طغت على الشعر الذي سيطر قرونا على الذائقة العربية واحتلت مقدمة األجناس األكثر انتشارا‬
‫واىتماما بُت الدارسُت والباحثُت والقراء‪ ,‬حىت عدىا الكثَت من الدارسُت والنقاد ديواف العرب ا‪ٞ‬تديد‬
‫‪ ,‬وىذا الرواج ُب الوطن العريب عامة وُب ا‪ٞ‬تزائر خاصة‪ ,‬وىناؾ اختبلؼ ُب أوؿ رواية عربية بُت‬
‫"حسن العواقب " لػ "زينب فواز" ‪ 9677‬ورواية " زينب" لػ"‪٤‬تمد حسُت ىيكل" ‪,9792‬أما ُب‬
‫ا‪ٞ‬تزائر تعترب "ريح ا‪ٞ‬تنوب" "البن ىدوقة" أوؿ رواية جزائرية مكتوبة باللغة العربية‪ 9759‬ناضجة‬
‫فنيا‪ ,‬ىذه الروايات وغَتىا ٘تتاز بالطوؿ ‪,‬ومع زمن التكنولوجيا والسرعة وتطور الزمن ‪,‬ىذا التغَت‬
‫ا‪ٟ‬تاصل كاف لزاما أف يرمي بظبللو على األدب باعتباره يتطور ويتغَت مع تطور العصر ‪,‬إضافة إذل‬
‫نفور القراء من السرد الطويل وغَتىا ‪ُ .‬ب خضم ىذه الظروؼ ظهر فن جديد مابُت القصة والرواية‬
‫يواكب ىذا التغَت أطلق على "ىذا ا‪ٞ‬تنس ا‪٢‬تجُت العديد من التسميات واحملاوالت ا‪١‬تختلفة باختبلؼ‬
‫أصحاهبا ‪ ,‬واليت ما تزاؿ ‪٣‬ترد ‪٤‬تاوالت ا‪٬‬تابية بناءة تساىم كاقًتاحات ُب ‪٤‬تاولة وضع مصطلح موحد‬
‫يضع حدا للغلط وكثرة التسميات اليت تنقص من شرعية النوع وتساىم ُب تضخيم ضبابية ا‪٠‬تلط‬
‫وعشوائية التسمية "‪.1‬‬
‫"ويبدو أف أصوؿ تداخل ا‪١‬تصطلح تعود إذل األدب الغريب باعتباره احملضن األوؿ الذي نشأ فيو‬
‫ىذا النوع األديب ‪ ,‬وفيما يلي عرض ‪٢‬تذا التداخل ُب بعض اللغات األجنبية السباقة للنوع ‪.‬‬
‫‪long‬‬ ‫ُب اللغة اإل‪٧‬تليزية استعملت مصطلحات عدة للداللة على النوع األقصر من الرواية ومنها‬
‫‪ ,Long short story ,Short Novel, story‬والواضح من خبلؿ ىذه ا‪١‬تصطلحات أهنا اعتمدت الطوؿ‬
‫كمعيار أساس ُب إطبلؽ منحية ا‪٠‬تصائص النوعية جانبا وىذا مايزيد من حدة ا‪٠‬تلط والتداخل ‪.‬‬

‫‪ 1‬المية بوداود‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب ا‪١‬تيٍت روائي ُب ا‪ٞ‬تزائر رواية )أوشاـ بربرية( ‪ٞ‬تميلة زنَت ػ أ‪٪‬توذجاػ‪ ,‬يوسف وغليسي ‪,‬مذكرة ماجستَت ‪,‬اللغة العربية وآداهبا ‪,‬‬
‫جامعة منتوري ػ قسنطينةػ د ت‪ ,‬ص ‪.27‬‬
‫‪7‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫إالّ أف اللغة اإل ‪٧‬تليزية وتفاديا للخلط الذي عرفو ا‪١‬تصطلح استعارت من االيطالية لفظة‬
‫)‪:Novella‬النوفيبل( واليت تعٍت ا‪١‬تتوسط ‪,‬وقد استعملت مصطلحات مقاربة ‪٢‬تا ُب اللغات األخرى‬
‫‪1‬‬
‫كاإلسبانية‪ ,Novela:‬الفرنسية‪ , Nouvelle:‬واأل‪١‬تانية‪"Novlle:‬‬
‫أما ُب اللغة العربية ‪,‬فقد وقع فيها ا‪٠‬تلط نفسو ا‪١‬تلموس ُب اللغة اال‪٧‬تليزية‪ ,‬نتيجة الًت‪ٚ‬تة ا‪ٟ‬ترفية‬
‫عنها فتعددت االستعماالت االصطبلحية ‪٢‬تذا النوع ا‪١‬تتوسط بُت القصة الطويلة ‪,‬الرواية القصَتة‬
‫‪,‬القصة القصَتة الطويلة‪ ,‬الرواية ا‪١‬تضغوطة‪ ,‬القصراوية ‪,‬القصيصة‪ ,‬ا‪١‬تيٍت رواية ‪,‬وإف بدا أف كل واحد‬
‫أف كل واحد من ىذه ا‪١‬تصطلحات مناسب نسبيا للداللة على النوع إال أهنا ْتاجة لبلحتفاظ‬
‫ٔتصطلح واحد و‪٤‬تو بقية ا‪١‬تصطلحات وىي خطوة أساسية للتقليل من حدة ا‪٠‬تلط وا‪١‬تسا‪٫‬تة ُب‬
‫وضوح ا‪ٟ‬تدود بُت األجناس واألنواع"‪.2‬‬
‫كما أف "التسميات الدالة على ىذا النوع األديب تبدو غَت مستقرة وثابتة ا‪ٟ‬تدود وا‪٠‬تصائص‬
‫‪,‬فغالبا ما يدمج ىذا النوع ضمن نوعي القصة والرواية ‪٦,‬تا يزيد من حدة التداخل وغياب مصطلح‬
‫يناسب العمل األديب"‪.3‬‬
‫وىذا ا‪٠‬تلط ُب ا‪١‬تصطلحات يتأكد أيضا من خبلؿ االستعماالت والدراسات األكادٯتية ُب‬
‫ا‪٠‬تطاب السردي العريب عامة وا‪ٞ‬تزائري خاصة اليت ٘تارس ىذا ا‪٠‬تلط ا‪١‬تستمد ‪,‬ومن بُت ىذه‬
‫االستعماالت ا‪١‬تضببة قوؿ أحد الكتاب مؤكدا ىذه ا‪١‬تمارسة ا‪٠‬تاطئة ومعمما إياىا على ا‪ٞ‬تميع‬
‫ليحيلها بذلك إذل شيء بديهي متفق عليو رغم ما فيو من تداخل واختبلط"كلنا يعرؼ أف القصة‬
‫أنواعا وأشكاال ‪٥‬تتلفة منها القصة ا‪١‬تطولة ‪".‬الرواية" ‪,‬والقصة ا‪١‬تتوسطة وٯتكن إدخا‪٢‬تا ُب نطاؽ الرواية‬
‫‪4‬‬
‫والقصة القصَتة‪".‬‬
‫كما ىو واضح من قوؿ الكاتب أف النوع ا‪١‬تتوسط ىو نوع من أنواع القصة وىو القصة‬
‫ا‪١‬تتوسطة ‪,‬اليت ىي حسب رأيو ٯتكن أف تدمج ضمن الرواية ‪,‬وىو بذلك ينفي عنو إمكانية تشكلو‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق‪,‬ص‪27‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪,‬ص‪.28‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ,‬ص‪.28, 29‬‬
‫‪8‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫كنوع سردي مستقل لو خصائصو وتقنياتو ا‪ٞ‬تديدة ا‪١‬تميزة لو عن سواه من األنواع ‪,‬بل ‪٣‬ترد امتداد‬
‫للقصة عن حجمها ا‪١‬تعروؼ‪.‬‬
‫ووقع "شريبط" ُب ىذا ا‪٠‬تلط إذ ‪٧‬تده يضع ىذا النوع ضمن أنواع القصة باسم "القصة‬
‫الوسطى"إذا يقوؿ‪ ":‬ىي شكل أديب قصصي ‪ ,‬ٯتكن وضعو بُت القصة القصَتة والرواية ألنو يتضمن‬
‫‪ٝ‬تات كثَتة من فن الرواية ‪ ,‬كتعدد الشخصيات ‪ ,‬وتنوع األحداث وكثرة التفاعل وتناولو لقطاع‬
‫حياٌب أوسع من القطاع ا‪١‬تتاح ُب القصة‪ .‬ويًتاوح عدد كلمااها " القصة الوسطى" بُت ‪ٜ‬تسة عشر‬
‫ألفا ‪,‬وثبلثُت ألفا ‪ ,‬وقد شاء بعض النقاد أف يطلقوا على ىذا الشكل القصصي مصطلح " ا‪١‬تيٍت‬
‫‪1‬‬
‫رواية" أو" الرواية القصَتة" ‪".‬‬
‫على الرغم من ىذا التداخل ُب وعي ْتدود ا‪ٞ‬تنس وخصائصو ‪,‬ال ينفي البعض أحقية ىذا‬
‫النوع بالنهوض بطقوسو وخصوصياتو الداللية وا‪ٞ‬تمالية ا‪٠‬تاصة بو‬
‫ومن بُت ىؤالء "عبد اهلل الركيبي" باعتباره من األوائل الذين حاولوا تتبع مسار األنواع السردية‬
‫وتطورىا فإنو أطلق على ىذا النوع ا‪١‬تتوسط مصطلح "الرواية ا‪١‬تضغوطة" وقد اعتربىا ىو اآلخر نوعا‬
‫‪2‬‬
‫من أنواع القصة ُب قولو ‪ ...":‬كما ظهرت مثبل القصة اليت ىي عبارة عن رواية مضغوطة"‬
‫كما أشار"الطاهر أحمد مكي" إذل تقسيمات متباينة للفن القصصي ‪,‬حيث حاوؿ وضع‬
‫والرواية يقابلها مصطلح‬ ‫)‪(Conte‬‬ ‫مصطلح لكل نوع فالقصة يقابلها ُب اللغة الفرنسية مصطلح‬
‫( و٭تاوؿ حصر اجملاؿ الذي ينتمي إليو النوع‬ ‫لفظة)‪Nouvelle‬‬ ‫)‪,(Romon‬أما ما يتوسطها فيطلق عليو‬
‫ا‪١‬تتوسط فَتى أنو من السهل اإلمساؾ ْتدوده وخصائصو اليت تقع ُب الوسط بُت الرواية والقصة‬
‫حيث يكوف ا‪ٟ‬تجم ا‪ٟ‬تد الفاصل ُب التبلقي واالمتزاج ‪٢,‬تذا يرادؼ بُت مصطلحي القصة الطويلة‬
‫‪3‬‬
‫والرواية القصَتة معتربا كبل ا‪١‬تصطلحُت دالة على مدلوؿ واحد"‬

‫‪ 1‬شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط‪ ,‬تطور البنية الفنية ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪,1985/1947‬دار احملور األديب ‪,‬دط‪,2018,‬ص‪.63, 62‬‬
‫‪2‬المية بوداود‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب ا‪١‬تيٍت روائي ُب ا‪ٞ‬تزائر رواية )أوشاـ بربرية( ‪ٞ‬تميلة زنَت ػ أ‪٪‬توذجاػ‪,‬ص‪.29‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع السابق ‪.29,‬‬
‫‪9‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫ومن التعريفات أيضا ‪٢‬تذا النوع األديب ‪٧‬تد ىي‪":‬رواية أطوؿ من القصة القصَتة وأقصر من‬
‫الرواية ‪,‬٭تاوؿ فيو الكاتب ا‪ٟ‬تفاظ على شكل الرواية الفٍت واألسلويب ‪ ,‬ولكن بصورة أقصر مثل‪:‬‬
‫"الشيخ والبحر" ألرنست ‪٫‬تينغواي ‪,‬و"كانديدا" لفولتَت "‪.1‬‬
‫وىي كذلك الرواية القصَتة()‪"Novelette‬تعبَت يدؿ على سرد قصصي نثري ٭تتفظ ٓتصائص‬
‫الرواية الفنية ولكنو أقصر طوال مثل "كانديد" "لفولتَت" و"جاتسيب العظيم"لػ"فيتزجرالد"و "الدكتور‬
‫‪2‬‬
‫جيكل ومسًت ىايد" لػ "ستيفنسوف" و" العجوز والبحر"لػ "‪٫‬تنجواي"‬
‫أو األقصوصة الطويلة " ىي الرواية اليت‬ ‫‪NOVELETTE‬‬ ‫وأيضا الرواية القصَتة باإل‪٧‬تليزية‬
‫يًتاوح عدد كلمااها مابُت‪ 910111‬كلمة و‪ 010111‬أو أكثر من ذلك تبعا لعدد كلمااها أو عدد‬
‫فإذا كانت من نوع األقصوصة الطويلة غلبت عليها تقنية األقصوصة ومن أحسن األمثلة‬ ‫صفحااها‬
‫على الرواية القصَتة "موت ُب البندقية "عاـ ‪ 9790‬للكاتب األ‪١‬تاين" توماس ماف" و "الشيخ‬
‫والبحر" عاـ ‪ 9730‬للكاتب األمريكي "أرنست ‪٫‬تنغواي "‪ 3‬و" الغجرية" للكاتب اإلسباين "ميغيل‬
‫‪4‬‬
‫دي ثَتبانتس" نشرت عاـ ‪ 9491‬على يد "خواف دي ال كويستا"‬
‫"مشكلة التجنيس وبالتحديد التمييز بُت الرواية والقصة وا‪١‬تيٍت رواية أو القصة الطويلة دل تقتصر‬
‫على األدب ا‪ٞ‬تزائري فحسب وإ‪٪‬تا أثَتت من قبل الكثَت من الدارسُت العرب ‪,‬فهي مشكلة مشًتكة‬
‫ُب األدب العريب عامة"‪.5‬‬
‫ىذ ا ما "يفسر الًتدد ُب تصنيف بعض األعماؿ األدبية ضمن ا‪١‬تيٍت رواية حيث ‪٧‬تد أغلب‬
‫ىذه النصوص توضع بداية ضمن ‪٣‬تموعات قصصية ٍب يعاد النظر فيها على أهنا نصوص ميٍت روائية‬

‫‪٤ 1‬تمد التو‪٧‬تي‪ ,‬ا‪١‬تعجم ا‪١‬تفصل ُب األدب ‪,‬دار الكتب العلمية‪,‬بَتوت ‪,‬لبناف‪,‬ج‪,1‬ط‪,1999,َ 2‬ص‪.495‬‬
‫‪ 2‬ابراىيم فتحي ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ‪.185,‬‬
‫‪ www.m.ar.wikipedai.org3‬يوـ ‪ 2018/03/30‬على الساعة ‪. 17:05‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬ترجع نفسو‪.‬‬
‫‪ 5‬المية بوداود‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب ا‪١‬تيٍت روائي ُب ا‪ٞ‬تزائر رواية )أوشاـ بربرية( ‪ٞ‬تميلة زنَت ػ أ‪٪‬توذجاػ‪,‬ص‪.34‬‬
‫‪10‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫مستقلة بذااها عن القصة القصَتة ومن أمثلة ذلك الرواية القصَتة ) رمانة( للطاىر وطار ظهرت أوؿ‬
‫مرة ضمن ‪٣‬تموعة "الطعنات "عاـ ‪ٍ,9759‬ب الحقا ظهرت مستقلة"‪.1‬‬
‫وكذلك األمر بالنسبة ‪١‬تيٍت رواية "أوشاـ بربرية" فقد أصدرت ضمن ‪٣‬تموعة قصصية‬
‫بعنواف"دائرة ا‪ٟ‬تلم والعواطف" سنة ‪ٖ 9761‬تت عنواف "ثقوب ُب دائرة الزمن "‪ٍ,‬ب أعيد إصدارىا‬
‫‪2‬‬
‫سنة ‪ 0111‬مستقلة ٖتت عنواف "أوشاـ بربرية"‪".‬‬
‫و"من ‪٪‬تاذج ىذا النوع ُب أدبنا ا‪ٞ‬تزائري ا‪١‬تعاصر" ىنا ٖتًتؽ األكواخ" ‪ 9755‬لػ "‪٤‬تمد زنيلي"‬
‫و"حُت يربعم الرفض" ‪ 9756‬لػ "إدريس بوذيبة" و" ناموسة " لػ" شريف شناتيلة "‪,‬و"لقاء ُب‬
‫‪ 9761‬لػ "حساف ا‪ٞ‬تيبلين "‪,3‬ورواية "حورية" لػ "عبد العزيز عبد اجمليد"سنة‬ ‫الريف"‬
‫‪, 9754‬ورواية"يوميات مدرسة حرة "لػ "زىور وينسي "ورواية "٘تاسيح ا‪١‬تدف ا‪١‬تنسية "لػ "خليفة‬
‫قرطي"‪ ,4‬إضافة إذل رواية ما "تشتهية الروح" ‪ 0194‬لػ " عبد الرشيد ‪٫‬تيسي "الفائزة با‪١‬ترتبة األوذل ‪,‬‬
‫و"عايشة" لػ "حنكو حواء" ا‪ٟ‬تاصلة ا‪١‬ترتبة الثانية ‪ ,‬ورواية "زوايا الصفر" لػ "أسيا بودخانا" ا‪١‬تتحصلة‬
‫على ا‪١‬ترتبة الثالثة ُب مسابقة الوطنية للرواية القصَتة بالوادي لسنة ‪.0194‬‬
‫وأما عن خصائص "الرواية القصَتة" فيحدد الدكتور "أبو المعاطي الرمادي" خصائصها ُب‬
‫أطروحتو اليت ناؿ هبا درجة الدكتوراه ُب عاـ‪ 0111‬وىي ‪:‬‬
‫حجم متوسط ال ٯتكن النظر إليو على أنو حجم لقصة قصَتة‪ ,‬وال ٯتكن النظر إليو على أنو‬ ‫‪9‬‬
‫حجم لرواية طويلة ‪ ,‬وىو حجم غَت ‪٤‬تكوـ بعدد ‪٤‬تدد من الكلمات ‪.‬‬
‫استهبلؿ ذو طبيعة خاصة‪ :‬فتميل الروايات القصَتة لبلستهبلالت ا‪١‬تركزة ا‪١‬تكثفة ؛بسبب‬ ‫‪0‬‬
‫اعتمادىا على شخصية ‪٤‬تورية واحدة ‪ ,‬وحدث ‪٤‬توري واحد ‪ ,‬وال يتعدى استهبل‪٢‬تا الفقرة‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص‪.34‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪,‬ص‪.34‬‬
‫‪ 3‬شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط‪ ,‬تطور البنية الفنية ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪, ,1985/1947‬ص‪..63‬‬
‫‪4‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص‪.47‬‬
‫‪11‬‬
‫يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج‬ ‫يذخم ‪:‬‬

‫األوذل ‪ ,‬وأحيانا السطر األوؿ ‪ ,‬ويتميز بشيوع ا‪ٟ‬تس الكوميدي ‪ ,‬أو الًتاجيدي والتأريخ للبطل‬
‫وا‪١‬تكاف‪.‬‬
‫لغة مكثفة تقًتب بالسرد من الشعر‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫ازدواجية الداللة ‪ ,‬فالكاتب ال يصرح بل يلمح ‪ ,‬ويًتؾ الكثَت لعقلية ا‪١‬تتلقي اإلستشفافية ‪,‬‬ ‫‪2‬‬
‫ودائما لسرده أكثر داللة‪.‬‬
‫بطل ‪٤‬توري واحد‪ :‬تقوـ الرواية القصَتة على أكتاؼ بطل ‪٤‬توري واحد ‪ ,‬وبقية الشخصيات‬ ‫‪3‬‬
‫فيها ملحقة با‪١‬تركز‪.‬‬
‫حدث مركزي واحد‪ :‬تقوـ الرواية القصَتة على حدث مركزي واحد يستقطب كل مكونات‬ ‫‪4‬‬
‫العمل ‪.‬‬
‫وجهة نظر للواقع‪٘ :‬تيل الروايات القصَتة إذل ٖتويل مدركات الواقع البسيطة إذل فعل مرئي‬ ‫‪5‬‬
‫‪٤‬تسوس ‪ ,‬وتغلب ا‪١‬تألوؼ واليومي والنادر والثانوي على األساسي وا‪١‬تباشر‪.‬‬
‫وصف موجز ‪:‬تعتمد الرواية القصَتة على الوصف ا‪١‬توجز والفعاؿ ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫ملمح السخرية‪ :‬من العبلمات ا‪١‬تميزة للرواية القصَتة ملمح السخرية ‪ ,‬ويكوف أحيانا بأسلوب‬ ‫‪7‬‬
‫االستفزاز‪ ,‬وأحيانا بالرسم الكاريكاتَتي ‪ ,‬وبا‪١‬تواقف الكوميدية والتعليقات ا‪١‬تضحكة‪.‬‬
‫‪ 91‬فضاء خاص يتسم باحملدودية ‪ ,‬ويستمد رحابتو ا‪١‬تكانية والزمانية من القفزات والوثبات النإتة‬
‫عن توارد ا‪٠‬تواطر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 99‬إثارة األسئلة‪ :‬النص الروائي القصَت يثَت كما من األسئلة دوف االىتماـ بطرح أية إجابات‪.‬‬
‫من خبلؿ ما تقدـ نبلحظ أف الرواية القصَتة فن جديد حديث النشأة ‪,‬وسط بُت القصة‬
‫والرواية بدأ ‪٧‬تمها يلوح ُب ‪ٝ‬تاء اإلبداع رغم أهنا دل ٖتض باالىتماـ والدراسة الكافية لدى النقاد‬
‫والدارسُت ‪,‬ألهنا مازالت ُب بديااها ٖتبو ُب انتظار أف تقف على قدميها وتثبت ذااها وتسَت جنبا إذل‬
‫جنب مع األجناس األدبية األخرى‪.‬‬

‫‪www.m.ar.wikipedai.org 1‬يوـ ‪ 2018/03/30‬على الساعة ‪17:05‬‬


‫‪12‬‬
‫انفصم األول‬
‫انًرخيم وذذاخم‬
‫انًفاهيى‬

‫‌‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫الفصل األول‪ :‬المتخيل وتداخل المفاهيم ‪.‬‬


‫أوال‪ :‬مفهوم الخيال و التخيل ‪:‬‬
‫حضي ا‪٠‬تياؿ باىتماـ واسع بُت الفبلسفة والنقاد منذ وقت مبكر أل‪٫‬تية ىذا األخَت ُب ‪ٚ‬تيع‬
‫اجملاالت ا‪١‬تعرفية والثقافية مثل الشعر‪ ,‬ا‪١‬توسيقى ‪ ,‬الرسم‪ ,‬القصة‪ ,‬الرواية‪ ,‬ا‪١‬تسرحية ‪ ...‬اخل ‪,‬واختلف‬
‫مفهوـ ا‪٠‬تياؿ على مر العصور بُت الفبلسفة والنقاد والكتاب‪ ,‬ونظريات ا‪١‬تعرفية ‪ ,‬غَت أف ال احد‬
‫ينكر أ‪٫‬تية ا‪٠‬تياؿ ُب األدب خاصة ‪.‬‬
‫‪ -1‬الخيال في اللغة‪:‬‬
‫‪ -1-1‬في المعاجم العربية ‪:‬‬
‫وخْيبلنًا‪٤ ,‬تََّركة‪,‬‬ ‫ِ‬
‫وخْيػلَة‪ ,‬وي ْك َسراف‪ ,‬وخاالً َ‬
‫اؿ َخْيبلً َ‬ ‫اؿ الشيء َٮتَ ُ‬
‫جاء ُب لساف العرب ‪َ ":‬خ َ‬
‫ُّه َمة إليو أي أف ا‪٠‬تياؿ ىو الظن‬ ‫وجو التػ ْ‬
‫وٗتيُّبلً‪َّ :‬‬
‫وخيَّل عليو ٗتْييبلً َ‬
‫وخيُػلُولَةً ‪:‬ظنَّو‪َ .‬‬
‫و‪٥‬تالَةً َ‬
‫و‪٥‬تيلَةً َ‬
‫َ‬
‫والتوىم "‪.1‬‬
‫وو ِّجو إليو الوىم ‪.‬واختالت األرض‬
‫وشبِّو ُ‬
‫"خيِّل إليو أنو كذا‪ :‬لُبِّس ُ‬
‫كما ورد ُب معجم الوسيط‪ُ :‬‬
‫‪:‬تشبَّوَ‪ ,‬يقاؿ ٗتيّل رل خيالو‪ ,‬والشيء ٘تثّلو وتصوره‪ ,‬يقاؿ َٗتَيَّلو‬
‫بالنبات‪ :‬ازدانت‪ ,‬وٗتايَ َل لو الشيء َ‬
‫فتَخيَّل لو ‪.‬‬
‫ا‪٠‬تياؿ‪ :‬الشخص والطيف ‪ ,‬وما تشبو لك ُب اليقظة وا‪١‬تناـ من صور‪ ,‬وصورة و٘تثاؿ الشيء ُب‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬ترآة‪ ,‬وكل شيء‪ :‬ما تراه كالظل "‬
‫كما وردت لفظة ٗتيل ُب القرآف الكرمي‪ُ ,‬ب قولو تعاذل‪ :‬ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭼ‬
‫سورة طو‪,‬اآلية ‪.44‬‬

‫‪٦‬تا سبق نستخلص أف ا‪٠‬تياؿ ُب ا‪١‬تعاجم العربية يدور ُب فلك الظن والتوىم والتشبو ‪,‬والصورة‬
‫ا‪١‬تتخيلة لدى اإلنساف ُب اليقظة وا‪١‬تناـ ‪,‬وكلها متعلقة با‪ٞ‬تانب البصري‪.‬‬

‫‪1‬ابن منظور ‪ ,‬لساف العرب ‪,‬مج ‪,, 11‬مادة ) خيل(‪ ,‬ص‪. 518‬‬
‫‪٣ 2‬تمع اللغة العربية‪ ,‬معجم الوسيط‪ ,‬مكتبة الشروؽ الدولية‪ ,‬مصر ط‪ 2004, 4‬ـ‪ ,‬ص ‪. . 266‬‬
‫‪14‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫‪ -2-1‬في المعاجم األجنبية ‪:‬‬


‫" خياؿ ُب اللغة الفرنسية ُب القرف الثاين عشر وىي تدؿ ُب‬ ‫‪imagination‬‬ ‫"ظهرت كلمة "‬
‫ىذه اللغة على عدة معاف ‪:‬‬
‫‪ -9‬ىو ملكة يتوافر عليها الذىن لتمثل صور ‪.‬‬
‫‪ -0‬ىو ملكة يتوافر عليها الذىن للتخيل‪ ,‬الستعادة صور أو إبداعها ومنو ٯتكن ا‪ٟ‬تديث عن ا‪٠‬تياؿ‬
‫ا‪١‬تعيد وا‪٠‬تياؿ ا‪١‬تبدع ‪.‬‬
‫‪ -1‬وىو أيضا ملكة الذىن على ٘تثل أشياء أو وقائع غَت واقعية أو غَت قابلة ا‪ٟ‬تدوث واإلدراؾ‪ ,‬أو‬
‫ىو ػ أي ا‪٠‬تياؿ ػ استحضار الذاكرة ‪١‬تدركات أو ٕتارب داخلية كما أنو ىو القدرة على‬
‫االخًتاع أ و على اإلبداع أو اإلدراؾ ‪,‬و ُب ‪٣‬تاؿ األدب قد يعد ا‪٠‬تياؿ بناء و‪٫‬تي يقوـ بو‬
‫اعتمادا على االخًتاع واإلبداع ‪.‬‬
‫ً‬ ‫الذىن‬
‫يتضح من خبلؿ ىذا العرض ‪١‬تفردة ا‪٠‬تياؿ " ‪ " imagination‬وُب بعض ا‪١‬تعاجم األجنبية أهنا‬
‫تعٍت تلك ا‪١‬تلكة الذىنية اليت تقوـ باستعادة بعض الصور‪ ,‬أو إبداع صور جديدة "‪. 1‬‬
‫نستخلص ‪٦‬تا سبق ذكره أف معٌت ا‪٠‬تياؿ ُب ا‪١‬تعاجم األجنبية معناه قدرة الذىن على إبداع‬
‫واخًتاع صور دل تكن موجودة أو دعوة واستحضار صورة ‪٤‬تزنة ُب الذاكرة مسبقا ‪.‬‬
‫‪ -2‬اصطالحا‪:‬‬
‫مفهوـ ا‪٠‬تياؿ مفهوـ متموه وزئبقي‪ ,‬وٮتتلف باختبلؼ وجهات نظر الدارسُت والباحثُت‬
‫والفبلسفة والنقاد سواء عند العرب أو عند الغرب وىذا ما سنبينو فيما يأٌب ‪:‬‬
‫‪ -1-2‬عند الغرب ‪:‬‬
‫ينبع مفهوـ ا‪٠‬تياؿ والتخيل لدى "أفالطون‪" "Platon.‬من نظرتو العامة للشعر‪ ,‬فكل الفنوف‬
‫عنده قائمة على احملاكاة و الشعر من بينها إال أنو يرى أف احملاكاة الشعرية " تفسد افهاـ السامعُت‬

‫‪ 1‬رشيد كبلع‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ والتخيل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ‪,‬العلمي لراوي ‪,‬مذكرة ماجستَت‪ ,‬اللغة العربية وآداهبا ‪,‬جامعة منتوري‪,‬‬
‫قسنطينة ‪, 2005/2004,‬ص ‪.12‬‬

‫‪15‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫" لكوهنا معارؼ غَت حقيقية‪ ,‬ومزيفة العتمادىا على احملسوسات ىذه األخَتة جزئية ال ترقى إذل‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة اليت ال ٯتكن إدراكها إال عن طريق العقل "‪. 1‬‬
‫لذلك "فأفبلطوف باسم ا‪ٟ‬تقيقة والفضيلة ٭تقر احملاكاة‪ ,‬و‪ٚ‬تيع الفنوف اليت تعتمدىا وخصوصا‬
‫الشعر موجبا طردىا من دولتو ا‪١‬تثالية‪ :‬دولتو عقلية منظمة والشعر عاطفي قلق فضبل عن أنو ضار‬
‫‪2‬‬
‫حقَت"‪.‬‬
‫ويرفض "أفبلطوف" الشعر ألنو ُب نظره بعيد عن ا‪ٟ‬تقيقة وال يبلمس حقيقة األشياء ‪,‬حيث‬
‫يقوؿ " احملاكاة بعيدة عن ا‪ٟ‬تقيقة‪ ,‬ويظهر أهنا تتمكن من صنع ‪ٚ‬تيع األشياء ألهنا تلمس جانبا‬
‫صغَتا منها فقط وليس ىذا ا‪ٞ‬تانب إال شبها منها "‪ 3‬أي أف احملاكاة تبعدنا عن حقيقة‬
‫األشياء‪,‬وٖتاكي جانب صغَت من ىذه األشياء‪.‬‬
‫ويرى أف الشعراء تابعُت آل‪٢‬تة الشعر‪ ,‬فاآل‪٢‬تة ىي اليت تلهمهم قوؿ الشعر‪ ,‬وبذلك ال يكونوف‬
‫أحرار ُب قولو ففي نظره أف اآل‪٢‬تة تبث حديثها على ألسنتهم‪ ,‬إذ يقوؿ " منشد تبث اآل‪٢‬تة‬
‫حديثها على لسانو "‪. 4‬أي أف الشعراء ليسوا أحرار ُب قو‪٢‬تم الشعر بل اآل‪٢‬تة ىي من ٘تلي عليهم‪.‬‬
‫ويرى أيضا أف الشعر مفسد للعقوؿ " ‪ٚ‬تيع شعر احملاكاة فيما يظهر رل يفسد عقوؿ الذين‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬‬ ‫يسمعونو "‬
‫ظنا‬ ‫الفنطاسيا )‪(phantasia‬‬ ‫و"كأف أفبلطوف ُب بادئ األمر يشك ُب قيمة ا‪١‬تخيلة اليت ‪ٝ‬تاىا‬
‫منو أهنا وظيفة من وظائف ما ‪ٝ‬تاه بالنفس السفلي وىي ا‪١‬تسؤولية عن خلق األوىاـ الكاذبة واألىواء‬
‫اعًتؼ للمخيلة بالقدرة على استحضار‬ ‫)‪( timaeuse‬‬ ‫ا‪٠‬تاطئة إال أنو ُب ‪٤‬تاورتو ا‪١‬تسماة تيمايوس‬
‫ا‪١‬تتصوفة اليت تسمو على ما يتناولو ‪٣‬ترد العقل" ‪. 6‬‬
‫الرؤيا ِّ‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص ‪. 13,14‬‬


‫‪ 2‬مصطفى ا‪ٞ‬توزو ‪,‬نظريات الشعر عند العرب ) ا‪ٞ‬تاىلية والعصور اإلسبلمية (‪ ,‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ,‬بَتوت‪ ,‬ط‪, 1991, 1‬ج ‪ ,1‬ص ‪90‬‬
‫‪ 3‬أ‪ٛ‬تد ا‪١‬تيناوي ‪ٚ,‬تهورية أفبلطوف‪ ,‬تح ‪/‬طو عبد الرؤوؼ سعد‪ ,‬دار الكتاب العرب ‪,‬دمشق ‪,‬ط‪,2010, 1‬ص ‪.170‬‬
‫‪ 4‬أفبلطوف ‪ٚ,‬تهورية أفبلطوف‪ ,‬تر ‪/‬حنا خباز‪ ,‬بَتوت‪ ,‬دط‪,1969,‬ص‪.19‬‬
‫‪ 5‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص‪.169‬‬
‫‪٣ 6‬تدي وىبو ‪,‬كامل ا‪٠‬تطيب ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب‪ ,‬مكتبة لبناف‪ ,‬بَتوت ط‪,1984 ,2‬ص‪.91‬‬
‫‪16‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫وُب ىذا الصدد نورد القوؿ التارل‪ ":‬لكنو ما لبث ُب ‪٤‬تاورة "طيماوس" أف اعًتؼ للخياؿ‬
‫بالقدرة على استحضار الرؤية الصوفية تلك اليت تسمو على ما يتناولو العقل وُب ‪٤‬تاورة "تثيت"‬
‫ذىب أفبلطوف إذل أف التخيل والتذكر‪ ,‬وإدراؾ احملسوسات ا‪١‬تشًتكة وظائف للعقل ال ا‪ٟ‬تس‪ ,‬وأف‬
‫أعضاء ا‪ٟ‬تس ال تدرؾ ا‪٠‬تصائص ا‪١‬تشًتكة بُت ا‪١‬توضوعات ا‪ٟ‬تس‪ ,‬وإ‪٪‬تا يدرؾ ذلك العقل والتخيل‬
‫عنده يرسم ُب موضوعاتو اليت تصبح مادة التفكَت وىكذا يؤدي التخيل وظيفتُت ‪:‬استعادة صور‬
‫احملسوسات واستخداـ الصور ا‪ٟ‬تسية ُب التفكَت " ‪1.‬ؤتا أف العقل ىو ا‪١‬تسطر عند "أفبلطوف "‪,‬‬
‫‪٧‬تده ‪٬‬تعل ا‪٠‬تياؿ مصدر للوىم ألنو يعتمد على ا‪ٟ‬تواس‪ ,‬اليت ٖتاكي الواقع الذي ىو غَت حقيقي‬
‫ُب نظره ألف احملاكاة تكوف لعادل ا‪١‬تثل الذي ىو ا‪ٟ‬تقيقة والكليات ‪.‬‬
‫من خبلؿ ما سبق ال ‪٧‬تد مفهوما واضحا للخياؿ عند أفبلطوف فهو يعتربه وسيلة تظليل وإيهاـ‬
‫للمتلقي ‪.‬‬
‫أما "أرسطوا‪"Aristotle‬فنظرتو كانت ‪٥‬تالفة لنظرة أستاذه "أفبلطوف "فهو يرى أف احملاكاة ىي‬
‫من تولد الشعر لدى الشعراء عكس ما ذىب إليو "أفبلطوف" أف الشعر ناتج من الوحي واإل‪٢‬تاـ‪.‬‬
‫وا‪٠‬تياؿ عند" أرسط و"" حركة يسببها اإلحساس‪ْ ,‬تيث ال يتأتى للخياؿ أف يوجد بدونو و‪٫‬تا‬
‫‪conception‬‬ ‫أي اإلحساس وا‪٠‬تياؿ ‪٥‬تتلفاف ومىت دل يوجد ا‪٠‬تياؿ واإلحساس دل يتأت وجود التصور‬
‫وليس ا‪٠‬تياؿ والتصور ٔتتطابقُت "‪. 2‬أي أف أرسطو يرى أف اإلحساس ىو الذي يسبب ا‪٠‬تياؿ‬
‫وبدوهنا ال وجود لتصور‪.‬‬
‫و يقوؿ ُب كتابو " النفس "‪ ":‬أما التخيل فهو شيء متميز عن اإلحساس والتفكَت‪ ,‬ولو أنو ال‬
‫ٯتكن أف يوجد بدوف اإلحساس‪ ,‬وأنو بدوف التخيل ال ٭تصل االعتقاد ‪ ....‬وأف التخيل ليس إال قوة‬
‫أو حالة ‪٨‬تكم هبا‪ ,‬ونستطيع أف نكوف على صواب أو خطأ " ‪ 3.‬ٯتيز أرسطو بُت التخيل‬

‫‪ 1‬ا‪ٟ‬تسُت ا‪ٟ‬تايل ‪,‬ا‪٠‬تياؿ أداة اإلبداع ‪,‬مطبعة ا‪١‬تعارؼ ا‪ٞ‬تديدة ‪,‬ا‪١‬تغرب‪,‬ط‪,1988 ,1‬ص‪.23‬‬
‫‪ 2‬عاطف جودة نصر ‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ مفهوماتو ووظائفو‪ ,‬ا‪٢‬تيئة ا‪١‬تصرية العامة للكتاب ‪ ,‬د ط ‪, 1984,‬ص ‪.09‬‬
‫‪٣ 3‬تدي وىبة ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب‪ ,‬ص ‪. 91‬‬
‫‪17‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫واإلحساس والتفكَت غَت أنو ال يتواجد إال باإلحساس‪ ,‬وىو القوة اليت ‪٨‬تكم هبا إف كونا على خطأ‬
‫أو صواب‪.‬‬
‫وكذلك يرى أف األقاويل الشعرية ىي األقاويل ا‪١‬تخيلة وذلك عن طريق ‪٤‬تاكااها إذ يقوؿ "‬
‫وكما أف الناس بالطبع قد ٮتيلوف و٭تاكوف بعضهم بعضا باأللواف واألشكاؿ واألصوات " ‪ . 1‬أي أف‬
‫الشعر عنده ‪٤‬تاكاة ‪,‬وأف الناس يتخيلوف ويتواصلوف مع بعضهم بعدة طرؽ منها إما عن طريق األلواف‬
‫أو األشكاؿ أو األصوات‪.‬‬
‫‪٦‬تا أسلفنا ذكره تبينا أف ا‪٠‬تياؿ عند أرسطو يتولد عن اإلحساس ‪,‬وال ٯتكن وجود ا‪٠‬تياؿ بدوف‬
‫إحساس‪.‬‬
‫أما "دانتي‪ُ " Dante Alighieri.‬ب العصور الوسطى األوروبية فكاف ٯتيز بُت ‪٣‬ترد ا‪٠‬تياؿ‬
‫"‪ " fantasia‬الذي ىو مصدر الوىم وخداع النفس وبُت ما ‪ٝ‬تاه با‪٠‬تياؿ السامي "‪"fantasia alta‬‬
‫الذي يرادؼ لديو فكرة اإلبداع الفٍت أو الشعري " ‪. 2‬‬
‫أما ُب العصر ا‪ٟ‬تديث تعدد مفهوـ ا‪٠‬تياؿ والتخيل بتعدد ا‪١‬تذاىب األوروبية ‪,‬نتناوؿ بعض‬
‫اآلراء ُب ىذا العصر ونبدأ بػ "ديفيد هيوم ‪ " D.HUME‬حيث يعترب " الصور واألفكار ‪٣‬ترد نسخ‬
‫لبلنطباعات األصلية على أعضاء ا‪ٟ‬تس‪ ,‬وإ‪٪‬تا عدىا نسخا تبدو ُب وضع انفصاؿ ‪,‬كما اعترب‬
‫وىو قصور جعلو يتجو إتاىا توكيديا ينفي‬ ‫قاصرا إذا ما قورف با‪ٟ‬تس ا‪٠‬تالص‬
‫‪meresensa‬‬
‫ا‪٠‬تياؿ ً‬
‫قدرتنا على ٗتيل ‪٤‬تسوسات جديدة" ‪ 3‬أي أنو يرى أف ا‪٠‬تياؿ يكوف نتيجة ا‪ٟ‬تس‪.‬‬
‫أما "آدم فيرجسون ‪ "Adam forguson‬فيذىب إذل أف ا‪٠‬تياؿ "يتصور الشيء بكل خصائصو‬
‫ومبلبساتو‪ ,‬وذلك من خبلؿ عبلقات التشابو ‪ smilitude‬والتمثيل ‪ analogy‬أو التضاد ‪ُ opposition‬ب‬
‫حُت أننا ُب التجريد نتناوؿ ا‪١‬توضوع من وجهة نظر ‪٤‬تدودة يتجو إليها فهمنا ُب ‪ٟ‬تظة معطاة "‪4‬يرى‬

‫‪ 1‬أ‪ٝ‬تاء بالفار‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب النقد الروائي ا‪ٞ‬تزائري من خبلؿ كتاب ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية آلمنة بلعلى ‪,‬أحبلـ معمري ‪,‬مذكرة ماجستَت‪ ,‬اللغة العربية‬
‫و األدب العريب ‪,‬جامعة قاصدي مرباح‪,‬ورقلة‪,2015/2014,‬ص‪.11‬‬
‫‪ 2‬ا ‪٣‬تدي وىبة ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب ‪ ,‬ص ‪. 91‬‬
‫‪ 3‬عاطف جودة نصر‪,‬ا‪٠‬تياؿ مفهوماتو ووظائفو‪,‬ص ‪15‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص ‪20‬‬
‫‪18‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫أف ا‪٠‬تياؿ يكوف من خبلؿ ‪٤‬تاكاة الشيء بكل خصائصو ومبلبساتو عن طريق التشابو والتمثيل‬
‫والتضاد‪.‬‬
‫تغَت مفهوـ ا‪٠‬تياؿ عند "كانت‪ "Immanuel Kant.‬عن سابقيو حيث أصبح عنصرا فعاال ُب‬
‫العملية اإلبداعية‪ ,‬فهو الذي ينقل ما ُب الذىن إذل الواقع و‪٬‬تعلو ‪٦‬تكن يقوؿ "كانت" ٖتت عنواف "‬
‫ا‪٠‬تياؿ ُب االستنباط ا‪١‬تتعارل " إف اإلدراكات ا‪١‬تختلفة توجد ُب العقل على ‪٨‬تو منفصل ويبدو‬
‫ربطها على ‪٨‬تو ٮتالف وجودىا ُب ا‪ٟ‬تس مطلبا ضروريا ‪ ,‬ومن ٍب ينبغي أف توجد فينا قدرة فعالة‬
‫تركب الكثرة اليت يبديها ا‪١‬تظهر وليست ىذه القدرة شيئا آخر سوى ا‪٠‬تياؿ " ‪.1‬‬
‫أج ُّل قوى اإلنساف وأنو ال غٌت ألية قوة أخرى من قوى اإلنساف عن‬
‫ويقوؿ أيضا " ا‪٠‬تياؿ َ‬
‫ا‪٠‬تياؿ ‪ .‬وقلما وعي الناس قدر ا‪٠‬تياؿ وخطره "‪.2‬فا‪٠‬تياؿ عنده أجل قوى اإلنساف ‪,‬وأف كل قوى‬
‫اإلنساف األخرى ٖتتاج للخياؿ ‪,‬فهو يعترب ا‪٠‬تياؿ قدرة إنسانية ضرورية ال ٯتكن االستغناء عنها‬
‫وكثَت من الناس ال يدروف أ‪٫‬تية ا‪٠‬تياؿ وخطره ‪.‬‬
‫أما" سارتر‪ "Jean Paul Sartre.‬فقد انتهى ُب كتابو " ا‪٠‬تياؿ " إذل ضرورة التمييز بُت اإلدراؾ‬
‫حضورا فعليا‪ ,‬أو ىي حاضرة كما يقوؿ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ا‪ٟ‬تسي وا‪٠‬تياؿ ‪ ,‬فاإلدراؾ ا‪ٟ‬تسي ٯتثل األشياء حاضرة‬
‫"هوسرل‪ "Edmund Husserl.‬بلحمها وعظمها‪ ,‬أما ا‪٠‬تياؿ فإنو ٘تثل ‪٢‬تذه األشياء‪ ,‬وإ‪٪‬تا ُب غياهبا‬
‫غيابا حقيقيا وكأهنا غَت موجودة بالفعل" ‪. 3‬أي أنو ٯتيز بُت اإلدراؾ ا‪ٟ‬تسي الذي ٯتثل حقيقة األشياء‬
‫ا‪١‬توجودة فعبل وبُت ا‪٠‬تياؿ الذي ٯتثل األشياء وىي غائبة‪.‬‬
‫" صاحب نظرية ا‪٠‬تياؿ‪ " :‬إين أعترب ا‪٠‬تياؿ إذف إما‬ ‫"كوليردج‪Samuel Coleridge.‬‬ ‫ويقوؿ‬
‫أوليا أو ثانويا‪ ,‬فا‪٠‬تياؿ األورل ىو ُب رأي القوة ا‪ٟ‬تيوية أو األولية اليت ٕتعل اإلدراؾ اإلنساين‬
‫‪٦‬تكنا وىو تكرار ُب العقل ا‪١‬تتناىي لعملية ا‪٠‬تلق ا‪٠‬تالدة ُب اآلنا ا‪١‬تطلق‪ ,‬أما ا‪٠‬تياؿ الثانوي فهو عرُب‬
‫صدى للخياؿ األورل‪ ,‬غَت أنو الوظيفة اليت تؤديها‪ ,‬ولكنو ٮتتلف عنو ُب الدرجة وُب طريقة نشاطو إنو‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص ‪.22‬‬


‫‪٤ 2‬تمد غنيمي ىبلؿ ‪,‬النقد األديب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬دار النهضة ‪,‬د ط‪,1997 ,‬ص ‪. 388‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع السابق ‪ ,‬ص ‪.41‬‬
‫‪19‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫يذيب ويبلشي و٭تطم لكي ٮتلق من جديد وحينها ال تتسٌت لو ىذه العملية فإنو على األقل‬
‫يسعى إذل إ‪٬‬تاد الوحدة‪ ,‬وإذل ٖتويل الواقع إذل مثارل وأنو ُب جوىره حيوي ‪,‬بينما ا‪١‬توضوعات اليت‬
‫يعمل هبا باعتبارىا موضوعاتو ُب جوىرىا ثابتة ال حياة فيها‪ ,‬فا‪٠‬تياؿ نوعاف األوذل يتمتع بو كل‬
‫الناس وىو قوة ٘تكنو من معرفة األشياء أي ىو طريق الوصوؿ إذل ا‪١‬تعرفة أو ا‪ٟ‬تقيقة ‪ ,‬أما ا‪٠‬تياؿ‬
‫الثانوي فهو الذي يتمتع بو الشعراء فقط تابع للخياؿ األورل كما انو يشًتؾ معو ُب نوع الوظيفة‬
‫اليت تؤديها‪ ,‬أي ال ٮتتلف عنو ُب النوع وإ‪٪‬تا ٮتتلف عنو ُب الدرجة وُب الطريقة فهو ال يهتم‬
‫ّتزئيات الشيء ا‪١‬تدرؾ" ‪ 1‬أي أنو يُقسم ا‪٠‬تياؿ إذل نوعُت خياؿ أورل يتمتع بو كل الناس أما ا‪٠‬تياؿ‬
‫الثانوي فيتمتع بو الشعراء فقط‪.‬‬
‫ذىب "ريتشاردز‪ُ "I.A.Richards‬ب كتابو " مبادئ النقد األديب "إذل أف للخياؿ ستة "‪"4‬‬
‫معاين من خبلؿ ربطو لؤلدب بعلم النفس وتتمثل ىذه ا‪١‬تعاين ُب ‪:‬‬
‫‪ -9‬يأٌب ٔتعٌت توليد صور واضحة‪ ,‬صور مرئية األكثر شيوعا‬
‫‪ -0‬ا‪٠‬تياؿ ا‪١‬توجود ُب اللغة اجملازية سواء استعارة أو تشبيو‪ ,‬لذا يقاؿ عن الذين يستخدموف اللغة‬
‫‪2‬‬
‫اجملازية أناس ‪٢‬تم ملكة خيالية‬
‫‪ -1‬وقد يرد معٌت "خياؿ" ُب أضيق ا‪ٟ‬تدود حُت يقصد بو تصور ا‪ٟ‬تاالت الذىنية للغَت عن‬
‫طريق ا‪١‬تشاركة الوجدانية‪ ,‬ويظهر ىذا تصوير حاالاهم العاطفية‪ ,‬ويوجد ىذا الضرب من ا‪٠‬تياؿ‬
‫ُب ا‪١‬تسرحيات وتصوير الشخصيات‪ ,‬وىو ضروري لتحقيق عملية التوصيل ‪.‬‬
‫‪ -2‬يأٌب ا‪٠‬تياؿ ٔتعٌت اإلبداع واالخًتاع وا‪ٞ‬تمع بُت عناصر ‪٥‬تتلفة ال توجد بينها رابطة وعلى ىذا‬
‫يقاؿ أف "أدسوف ‪ "T.A.Edison‬لديو قسط كبَت من ا‪٠‬تياؿ ‪.‬‬

‫‪ 1‬زايدي العلجة‪ ,‬زياف وىيبة ‪ ,‬ا‪١‬تتخيل السردي ُب رواية "ْتثا عن آماؿ الغربيٍت " إلبراىيم سعدي ‪,‬إدريس سامية ‪,‬مذكرة ماسًت ‪,‬اللغة واألدب العريب‬
‫‪,‬جامعة عبد الر‪ٛ‬تاف مَتة ‪ّ,‬تاية‪,2015/2014 ,‬ص‪. 15‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ,‬ص ‪. 16‬‬
‫‪20‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫‪ -3‬ا‪٠‬تياؿ الذي ‪٬‬تمع بُت أشياء يظهر عادة أنو ال يوجد بينها رابطة ويتضح ىذا ا‪٠‬تياؿ العلمي ‪.‬‬
‫الذي تنظم فيو التجربة على طرؽ معروفة لتحقيق غاية معينة‪ ,‬وىذه العملية ليست واعية أو‬
‫مقصودة ‪.‬‬
‫‪ -4‬وأخَتا يصل إذل ا‪١‬تفهوـ الذي ارتضاه "رتشاردز "و يرى أنو أىم من كل ما ذكر سابقا‪ ,‬وىو‬
‫مفهوـ "كولردج" للخياؿ الثانوي‪ ,‬وىو القوة الًتكيبية السحرية اليت تعمل على خلق التوازف بُت‬
‫الصفات ا‪١‬تتضادة أو ا‪١‬تتقاربة ويصرح بأف تعريف "كولردج" ىذا ىو أصح تعريف للخياؿ‪ ,‬وأنو‬
‫ال ٯتكن أف يضيف جديد ُب ٖتديد معٌت ا‪٠‬تياؿ وأف تعريف "كولردج " وىو أكرب خدمة‬
‫‪1‬‬
‫أسداىا للنظرية النقدية ‪ ,‬ومن الصعب أف نضيف إذل قولو شيئا اللهم إال من باب التفسَت "‬
‫أما "باشالر‪ "Gaston Bachelard.‬فينفي أف يكوف التخيل إدراكا عدميا لغيبة األشياء‪,‬‬
‫ولكنو إدراؾ مباشر ‪ٞ‬توىر ا‪١‬توجودات‪ ,‬وُب ىذا السياؽ يستبعد "باشبلر" ربط الصورة بغياب‬
‫ا‪١‬توجودات‪ ,‬ذلك بأف كياف الصورة النفسي‪ ,‬بينما ٯتد كياف ا‪١‬توضوعات ا‪ٟ‬تقيقية جذوره ُب الواقع‬
‫الفعلي وا‪١‬توضوعي‪ ,‬وليست إ‪٬‬تابية الصورة عند "باشبلر" دليبل على واقعيتها أو رسوخها ُب عادل‬
‫الفعل‪ ,‬فهي ُب ا‪ٟ‬تقيقة ال تتعدى كوهنا ُب ىذا ا‪١‬تقاـ حكم قيمة أو تأكيد موفق نظري وخلقي‪,‬‬
‫و ٮتلص "باشبلر" من ذلك إذل معارضة سارتر واالختبلؼ معو حوؿ غيبة األشياء و ٕتلى ا‪١‬توضوع‬
‫ا‪٠‬تيارل كما لو دل يكن موجودا و ُب نفيو لغيبة ا‪١‬توضوع ُب التخيل و تأكيده على أف ا‪٠‬تياؿ يدرؾ‬
‫جوىر ا‪١‬توجودات ‪,‬و ٭تطم مفهوـ الغيبة و االحتجاب كما طرحو "يونج‪ُ "Carl Gung.‬ب النماذج‬
‫العليا‪.‬‬
‫و"فرويد‪ُ "Sigmund Freud.‬ب فكرة البلشعور الفردي‪ ,‬إف الصورة عنده ليست تعبَتا مقنعا‬
‫عن الرغبات ا‪١‬تكبوتة كما يرى "فرويد"‪ ,‬وليست كذلك ْتثا عن النماذج ا‪٠‬تيالية األولية عند يونج‪,‬‬
‫ويبدو تشبثو بالعبلقة بُت ا‪٠‬تياؿ وحلم اليقظة نقدا النظرية "فرويد" ُب العبلقة بُت ا‪٠‬تياؿ ودينامية‬
‫البلشعور‪ ,‬فحلم اليقظة ليس عملية اسًتخاء ‪,‬إنو على النقيض من ذلك يشد أوتار النفس ويلهب‬

‫‪ 1‬فاطمة سعيد أ‪ٛ‬تد ‪ٛ‬تداف‪ ,‬مفهوـ ا‪٠‬تياؿ ووظيفتو ُب النقد القدمي والببلغة‪ ,‬عبد ا‪ٟ‬تكيم حساف عمر ‪ ,‬رسالة دكتوراه الدراسات العليا العربية‪,‬‬
‫جامعة أـ القرى‪ ,‬السعودية ‪, 1989,‬ص ‪12 ,11‬‬
‫‪21‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫ا‪ٟ‬تواس ويفجر طاقات ا‪٠‬تياؿ الكامنة ‪,‬وىو جوىرة تدفق لصَتورة وانبثاؽ لرؤية مستقبلية فكيف‬
‫بو ل و أرجعناه ‪ٞ‬تدلية الكتب وإفراغو تلك اليت ٘تيز حلم النائم‪ ,‬وىكذا يبتعد ا‪٠‬تياؿ ُب ارتباطو ْتلم‬
‫اليقظة عن أغوار البلشعور ا‪١‬تعتمة‪ ,‬ويصبح ظاىرة مباشرة ٖتيا ُب مستوى السطح إلقناع لغويا‬
‫‪1‬‬
‫تلبسو الغريزة أو ٮتتفي وراءه الكبت "‬
‫من خبلؿ دراستنا مفهوـ ا‪٠‬تياؿ عند الغرب ُب القدمي والعصر ا‪ٟ‬تديث تبُت لنا أف مفهومو‬
‫متغَت ْتسب نظرة كل واحد وْتسب ا‪١‬تدارس واالٕتاىات فبل نستطيع اإلمساؾ ٔتفهوـ واضح‬
‫عندىم‪.‬‬
‫‪ -2-2‬عند العرب ‪:‬‬
‫ننتقل اآلف إذل الثقافة العربية ونرى كيف كانت نظرت النقاد والببلغيُت العرب للخياؿ والتخيل‬
‫وقبل أف نستعرض اآلراء ا‪١‬تختلفة ُب ىذه القضية ‪ ,‬ننوه أف مفهوـ التخيل يتقاطع مع مفهوـ ا‪٠‬تياؿ "‬
‫ا‪١‬تتخيل " " التخيل" " ا‪١‬تخيلة " وىي صيغ صرفية ‪٥‬تتلفة ‪١‬تعٌت واحد ‪ ,‬ونقلت للعرب عن طريق‬
‫الًت‪ٚ‬تة ‪.‬‬
‫" ودل تلبث كلمة التخيل ومشتقااها أف ٖتددت دالالاها االصطبلحية ا‪١‬تتميزة ُب القرف الثالث‬
‫نتيجة ا‪١‬تعارؼ الفلسفية اليت نقلها العرب عن اليوناف ‪ ,‬وإذا كاف مؤرخوا نظريات ا‪٠‬تياؿ ا‪١‬تتعاقبة ُب‬
‫الفكر األورويب يذىبوف إذل أف مصطلح ا‪٠‬تياؿ ىو أحد ا‪١‬تصطلحات اليت انتقلت من ‪٣‬تاؿ الفلسفة‬
‫إذل ‪٣‬تاؿ األدب بعد أف ٕتددت قسماتو ُب ظل مباحث فلسفية ‪٤‬تددة ‪ ,‬فإف ىذه ا‪ٟ‬تقيقة ٯتكن أف‬
‫مهد‬
‫تنطبق على الًتاث النقدي عند العرب وا‪ٟ‬تق أف الفارايب فسر ‪٤‬تاكاة األرسطية بالتخيل ‪,‬و ّ‬
‫بإ قاماتو نظرية احملاكاة على أساس سيكولوجي ‪ ,‬الطريق ‪١‬تن تبله من الفبلسفة أمثاؿ "مسكويو" ‪,‬‬
‫و"ابن سينا" ‪ ,‬و"ابن رشد" وأضح ‪٢‬تم الصلة بُت الشعر والتخيل ‪,‬ومن ٍب بدأت كلمة التخيل‬
‫ومشتقااها تدخل ُب دائرة ا‪١‬تصطلح النقدي والببلغي ‪ ,‬تقًتب منو على استحياء ُب النصف الثاين‬

‫‪ 1‬عاطف نصر جودة‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ مفهوماتو ووظائفو‪ ,‬ص ‪75, 74‬‬


‫‪22‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫من القرف الرابع ‪ٍ ,‬ب يتدعم وجودىا مع إضافات ابن سينا ُب القرف ا‪٠‬تامس وابن رشد ُب القرف‬
‫‪1‬‬
‫السادس حىت تصل إذل أقصى درجات القوة والوضوح عند حازـ القرطاجٍت ُب القرف السابع‪".‬‬
‫‪٧‬تد أف كبل من "الكندي" و "الفارايب" و "ابن سينا" يقرنوف التخيل بالوىم فػ "الكندي " متأثر‬
‫تأثَتا جليا بالثقافة اليونانية حيث جعل التخيل مرادؼ للتوىم وىو ما يقابل كلمة " فنطاسيا "‬
‫‪ُ PHANTASIA‬ب اللغة اليونانية اليت تعٍت النور ويرجع البعض ذلك إذل الًت‪ٚ‬تة‬
‫" التوىم ىو الفنطاسيا قوة نفسانية ومدركة للصور ا‪ٟ‬تسية مع غيبة طينتها ‪ ,‬ويقاؿ الفنطاسيا‬
‫‪2‬‬
‫وىو التخيل وىو حضور صورة األشياء احملسوسة مع غيبة طينتها "‬
‫"فالكندي قد سار على هنج سابقيو ‪,‬إذ جعل ا‪٠‬تياؿ مرادفا للوىم وقوة إنسانية مظللة ‪,‬ودل‬
‫ينظر إليو كقوة فعالة تتجاوز حفظ صورة األشياء الغائبة على ا‪ٟ‬تس إذل التصرؼ ُب ىذه الصور‬
‫بالفك والًتكيب بتكوين صورة جديدة‪ ,‬ومن ىنا أغفل الكندي ا‪ٟ‬تديث عن ا‪ٞ‬تانب ا‪ٞ‬تمارل للخياؿ‬
‫ودوره ُب عملية الشعرية أو العملية اإلبداعية بشكل عاـ وكذلك ما يًتكو ىذا العمل من تأثَت ُب‬
‫ا‪١‬تتلقي بتحريكو النفعاالتو وجعلو يتجاوب مع ىذا العمل أو ينفر منو وهبذا فقد أ‪٫‬تل ا‪ٟ‬تديث عن‬
‫العملية اإلبداعية وعن دعامتيها و‪٫‬تا ا‪٠‬تياؿ والتخيل "‪ 3.‬أي أف مفهوـ الكندي للخياؿ دل يتعد‬
‫ا‪١‬تفهوـ ا‪١‬تعجمي ‪.‬‬
‫وجاء ُب معجم السرديات أ ّف الفارايب وابن سينا قرنا ‪ ":‬التخيل بالوىم الذي ‪ٝ‬تّى قوة و‪٫‬تية‬
‫يستخدمها ا‪٠‬تياؿ ويعارضها العقل وٖتدث كل من الفارايب وابن سينا عن قوى اإلدراؾ الباطنية اليت‬
‫من ضمنها القوة ا‪١‬تتخيلة أو ا‪١‬تف ّكرة ‪ ,‬وتتوذل ىذه القوة استعادة صورة احملسوسات ا‪١‬تختزنة من ا‪٠‬تياؿ‬
‫ا‪١‬تصورة إال أف وظيفتها ال تقتصر على االستعادة فحسب ‪ ,‬وإ‪٪‬تا تتعدى ذلك إذل وظيفة ابتكارية‬
‫أو ّ‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق ‪ ,‬ص‪. 148‬‬


‫‪ 2‬رشيد كبلع ‪,‬ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ‪,‬ص ‪.15,16‬‬
‫‪3‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ,‬ص‪.16, 15‬‬
‫‪23‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫متميزة ٔتعٌت أف ىذه القوة تأخذ الصور ا‪١‬تختزلة ُب ا‪٠‬تياؿ وتعيد تشكيلها ُب ىيئات جديدة دل‬
‫ا‪ٟ‬تس من قبل "‪ 1.‬أي أف التخيل اإليهاـ بالشيء وابتك ػ ػ ػ ػػار صورة غَت مؤلوفة قببل‪.‬‬
‫يدركها ّ‬
‫يطلق "الفارايب" على "التخيل"اسم ا‪١‬تصورة ‪,‬وقد ربط "الفارايب" األدب بالفلسفة جاعبل‬
‫الشعر أحد أجزاء التفكَت الفلسفي ‪ .‬وكانت نظريتو إذل احملاكاة منطلقها نفسي ‪ ,‬حيث رأى أف‬
‫احملاكاة الشعرية عند أرسطو هبا بعض الثغرات وىو ما دفعو للحديث عن طبيعة التخيل الشعري‬
‫ومدى تأثَته ُب القوة النزوعية للمتلقي جاعبل التخيل جوىر الشعر وعماده "‪ 2.‬أي أف الفارايب‬
‫جعل الشعر جزء من أجزاء التفكَت الفلسفي ‪,‬والتخيل جوىر وعماد الشعر‪.‬‬
‫و‪٧‬تد "الفارايب" دل يعطي معٌت ‪٤‬تدد للتخيل وطبيعتو واكتفى بالتحدث عن األثر الذي يًتكو‬
‫العمل األديب ُب ا‪١‬تتلقي إذ يقوؿ‪ ":‬ويعرض لنا عند استماعنا األقاويل الشعرية عن التخيل الذي يقع‬
‫عنها ُب أنفسنا شبيو ٔتا يعرض عند نظرنا إذل الشيء الذي يشبو ما تعاؼ‪ :‬فإننا من ساعتنا ٮتيَّل لنا‬
‫ذلك الشيء إنو ‪٦‬تا يعاؼ فتنفر أنفسنا منو فنتجنبو وإف تيقنا أنو ليس ُب ا‪ٟ‬تقيقة كما خيّل لنا فنفعل‬
‫فيما ٗتيلو لنا األقاويل الشعرية ‪,‬وإف علمنا أف األمر ليس كذلك ‪ ,‬كفعلنا فيها ولو تيقنا أف األمر كما‬
‫خيلو لنا ذلك القوؿ ‪ ,‬فإف اإلنساف كثَتا ما تتبع أفعالو ٗتيبلتو أكثر ‪٦‬تا تتبع ظنو أو علمو ألنو كثَتا‬
‫ما يكوف ظنو أو علمو مضادا لتخيلو فيكوف فعلو الشيء ْتسب ٗتيلو ال ْتسب ظنو أو علمو‪ ,‬كما‬
‫‪3‬‬
‫يعرض عند النظر إذل التماثيل احملاكية للشيء وإذل األشياء الشبيهة باألمور" ‪.‬‬
‫وشبو أثر التخييل ُب ا‪١‬تتلقي باألثر الذي تًتكو احملاكاة ُب النفوس عند أرسطو ‪ ,‬ؤتا أف التخيل‬
‫٭تتوي على صور تأثر ُب ا‪١‬تتلقي وتثَت انفعاالتو ‪٦‬تا تؤدي إذل التطهَت‪ ,‬وُب ىذه النقطة يظهر تأثر‬
‫الفارايب بأرسطو‪.‬‬
‫ويرى أف على الشاعر أف يهيأ ا‪ٞ‬تو ا‪١‬تناسب الذي ٯتكنو من إحداث التأثَت ُب ا‪١‬تتلقي عن‬
‫طريق ما يسميو‬

‫‪٤ 1‬تمد القاضي وآخروف ‪ ,‬معجم السرديات ‪ ,‬دار ‪٤‬تمد علي للنشر ‪ ,‬تونس ‪,‬ط‪, 2010, 1‬ص‪74, 73‬‬
‫‪2‬رشيد كبلع ‪,‬ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق‪ ,‬ص‪16‬‬
‫‪3‬الفارايب ‪,‬إحصاء العلوـ‪ ,‬مركز اإلهناء القومي للًت‪ٚ‬تة النشر ‪ ,‬د ط ‪, 1991 ,‬ص ‪.19‬‬
‫‪24‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫" اإل٭تاء" "فالتأثَت ُب ا‪١‬تتلقي ىو الغاية اليت يسعى الشاعر لتحقيقها من خبلؿ عملو‪ ,‬وذلك‬
‫عن طريق أقواؿ ‪٥‬تيلو تثَت ما بذاكرة ا‪١‬تتلقي من أشياء تتناسب وموضوع القصيدة فينتج عنها موقفا‬
‫سلوكيا ما فيقف مع أو ضد موضوع التخيل الشعري الذي تطرحو القصيدة "‪ٔ1.‬تعٌت أف غاية الشعر‬
‫ىو التأثَت ُب ا‪١‬تتلقي من خبلؿ الشعر ا‪١‬تتخيل الذي يثَت انفعالو ‪.‬‬
‫ويضيف أيضا‪":‬األقاويل الشعرية ىي اليت تؤلف من أشياء من شأهنا أف ٗتيل ُب األمر الذي‬
‫قبحا أو جبللة أو ىوانا ‪ ,‬وغَت‬
‫فيو ا‪١‬تخاطبة وا‪٠‬تياالت أو شيئا أفضل وأحسن وذلك إما ‪ٚ‬تاال أو ً‬
‫ذلك ‪٦‬تا يشاكل ‪2"...‬أي أف الشعر يؤلف عن طريق ا‪٠‬تياؿ أشياء ‪ٚ‬تيلة أو قبيحة أو جليلة أو ىينة‬
‫أو غَت ذلك‪.‬‬
‫نتبُت ‪٦‬تا سبق أف التخيل الشعري عند الفارايب عبارة عن إ٭تاء وإيهاـ من قبل الشاعر يقوـ هبا‬
‫لتأثَت وخداع ا‪١‬تتلقي عن طريق األقاويل ا‪١‬تتخيلة ‪ ,‬فتأثر فيو وتثَت انفعاالتو وتقوـ بتطهَت ما بداخلو‬
‫وىذه الغاية اليت يسعى الشاعر إذل ٖتقيقها ‪ ,‬ألف نظرتو للمحاكاة كانت نظرة نفسية ‪.‬‬
‫أما "ابن سينا" فقد جعل التخيل ثاين قوى ا‪ٟ‬تس الباطن ومكػ ػ ػ ػ ػػاهنا مقدـ الدماغ ويسميو "‬
‫ا‪١‬تصورة " حيث أهنا "القوة اليت ٖتفظ ما قَبِلَو ا‪ٟ‬تس ا‪١‬تشًتؾ من ا‪ٟ‬تواس ا‪ٞ‬تزئية ‪ ,‬وتبقى فيو بعد غيبة‬
‫احملسوسات "‪3‬أي أنو يسمي ا‪٠‬تياؿ با‪١‬تصورة وىي ثاين قوى ا‪ٟ‬تس‪,‬اليت ٖتفظ الصور اليت تستقبلها‬
‫من ا‪ٟ‬تواس‪.‬‬
‫و"قصر دور ا‪١‬تصورة على حفظ الصورة ا‪١‬تقدمة من قبل ا‪ٟ‬تواس دوف التصرؼ فيها كما نظر إذل‬
‫التخيل الشعري على أنو نوع من " الفيض" أو الوحي " أو اإل‪٢‬تاـ الغامض " الذي ٭تدث ُب اليقظة‪,‬‬
‫فالشاعر يدرؾ أشياء ال يدركها غَته ‪,‬وىذا ْتسب ما تؤىلو لو استعداداتو الفطرية من قدرة على قوؿ‬
‫الشعر ‪ ,‬ويكوف بذلك الشاعر عند حدوث اإل‪٢‬تاـ أقرب من درجة النبوة ‪,‬والشبو بينهما ُب تلقي‬

‫‪ 1‬رشيد كبلع ‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ‪,‬ص ‪.16‬‬
‫‪2‬الفارايب ‪,‬إحصاء العلوـ‪,‬ص ‪.42‬‬
‫‪ 3‬ابن سينا ‪ ,‬النجاة ُب ا‪١‬تلكة ا‪١‬تنطقية والطبيعية واإل‪٢‬تية ‪ ,‬تقدمي ماجد فخري ‪ ,‬منشورات دار اآلفاؽ ا‪ٞ‬تديدة ‪ ,‬بَتوت لبناف ‪ ,‬د ط ‪ ,‬د ت ‪,‬ص ‪.201‬‬
‫‪25‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫الوحي واإل‪٢‬تاـ" ‪ 1.‬أي أف ابن سينا يقصر مهمة ا‪١‬تصور ُب حفظ الصور‪,‬وينظر إذل التخيل الشعري‬
‫على أنو إ‪٢‬تاـ أو فيض أو وحي وبذلك يكوف أقرب إذل النبوة عند حدوث اإل‪٢‬تاـ‪.‬‬
‫وينظر إذل التخيل من منظار سيكولوجي حيث اعتربه أثرا نفسيا يًتكو اإلبداع الشعري ُب‬
‫ا‪١‬تتلقي إعجابا أو نفورا "فهو انفعاؿ من تعجب أو تعظيم أو اهوين أو تصغَت أو نشاط من غَت أف‬
‫يكوف الغرض بالقوؿ إيقاع اعتقاده البتة"‪ 2.‬أي أف التخيل عنده مرتبط باالنفعاؿ وىي حالة شعوري ػ ػػة‬
‫ٖتدثها العملية التخيلية ُب ا‪١‬تتلقي ‪.‬‬
‫وُب ٖتديده ‪١‬تفهوـ الشعر اعتربه كبلما يتأسس على التخيل ‪ ,‬وىذا األخَت يكوف بالتأثَت ُب‬
‫النفس وُب العقل فهو‪:‬‬
‫" ‪٥‬تاطبة القوة ا‪١‬تتخيلة ُب النفس وىذه القوة تعمل ُب صورة ا‪١‬تدركات ا‪ٟ‬تسية اليت تصل إذل‬
‫قوة ا‪٠‬تياؿ و الفنطاسيا أو ا‪ٟ‬تس ا‪١‬تشًتؾ وتقوـ فيها با‪ٞ‬تمع و التفريق كما نشاء ‪ ,‬كما تقوـ هبذه‬
‫العملية أيضا مع ا‪١‬تعاين ا‪١‬تدركة من احملسوسات ا‪ٞ‬تزئية اليت تنا‪٢‬تا قوة الوىم "‪ 3‬أي أف الشعر ا‪ٞ‬تيد ُب‬
‫نظره الذي يقوـ فيو الشاعر بًتكيب صور شبيهة بتلك ا‪١‬تدركات ا‪ٟ‬تسية اليت ٖتتفظ هبا الصور ‪.‬‬
‫وما نستخلصو ُب األخَت أف "ابن سينا "يعترب الشعر كبلما أساسو ودعائمو األوذل التخيل‬
‫ىدفو وخاصة أثره ا‪١‬تتلقي وٖتريك انفعاالتو الستمالة وجذب القارئ إذل ما يريده أو ينفره عما يكره‬
‫وىنا تكمن عبقرية الشاعر ‪" ,‬إف الشعر يًتكب من كبلـ ‪٥‬تيل تذعن لو النفس ‪ ,‬فتنبسط عن أمور‬
‫وتنقبض عن أمور من غَت روية ‪ ,‬وفكر اختبار وبا‪ٞ‬تملة تنفعل لو انفعاال نفسيا غَت فكري "‪.4‬‬
‫ا‪٠‬تياؿ عنصر ضروري وجوىري وذو قوة فاعلة ُب عملية ا‪٠‬تلق األديب وعلى رغم من ذلك أف‬
‫النقاد والببلغيُت العرب ربطوه با‪٠‬تداع والكذب النطوائو على البلمعقوؿ و البلموجود ‪ ,‬يعرفو " عبد‬

‫‪1‬رشيد كبلع ‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ‪ ,‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 2‬ابن سينا ‪ ,‬كتاب اجملموع وا‪ٟ‬تكمة العروضية ُب كتاب معاين الشعر ‪ ,‬تح ‪٤ /‬تمد سليم سادل ‪ ,‬مركز ٖتقيق الًتاث والنشر ‪ ,‬د ط ‪, 1969 ,‬‬
‫ص‪.15‬‬
‫‪ 3‬سعد مصلوح‪ ,‬حازـ القرطاجٍت ونظرية احملاكاة والتخييل ُب الشعر‪ ,‬مطبعة دار التأليف ‪,‬القاىرة ‪,‬ط‪,1980 ,1‬ص‪.122, 121‬‬
‫‪ 4‬أرسطو طاليس ‪ ,‬كتاب ارسطو طاليس ُب الشعر ‪ ,‬تح وتر‪٤ /‬تمد شكري عياد ‪ ,‬دار الكتاب العريب للطباعة والنشر ‪ ,‬القاىرة ‪,‬د ط ‪, 1967,‬‬
‫ص‪. 197‬‬
‫‪26‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫القاىر ا‪ٞ‬ترجاين " بقولو‪..." :‬و‪ٚ‬تلة ا‪ٟ‬تديث الذي أريده بالتخيل ىا ىنا يثبت قيمة الشاعر أمرا ىو‬
‫غَت ثابت أصبل ويدعى دعوة ال طريق إذل ٖتصيلها ‪ ,‬ويقوؿ قوال ٮتدع فيو نفسو ويريها ما ال ترى‬
‫‪ 1"...‬وىذا يعٍت أف الشاعر يقوـ ٓتداع نفسو من خبلؿ استعمالو للتخيل ويو‪٫‬تها ما ىو ليس‬
‫حاصل ‪.‬‬
‫فهو يعترب التخيل " وسيلة لئل٭تاء باعتبار ىذا األخَت ىو األداة اليت ٘تكن الشاعر من خلق‬
‫صورة ومعاين جديدة وتنقل األلفاظ من ا‪١‬تدلوالت العادية إذل معٌت ا‪١‬تعٌت فالتخيل كالسحر ُب‬
‫تأليف ا‪١‬تتباينُت"‪.2‬‬
‫ويستمد عبد القاىر ا‪ٞ‬ترجاين مفهومو للخياؿ من اآلية القرآنية‪ :‬ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬

‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼسورة طو ‪,‬اآلية ‪.44‬‬

‫ويرى أف التخيل كذب وخداع و"أما القسم التخيلي فهو الذي ال ٯتكن أف يقاؿ أنو صدؽ‬
‫وإف ما أثبتو ثابت وما نفاه منفي" ‪.3‬‬
‫أما "حازم القرطاجني" فقد جعل من التخييل قوة الصناعة الشعرية وىو على صنفُت‪ :‬قوؿ‬
‫ٗتيل الشيء كما ُب الوجود واآلخر ٗتيل الشيء على غَت ما ىو عليو ُب الوجود ‪,‬وىو يربط قيمة‬
‫الشعر من حيث ىو شعر بقوتو التمثيلية وحسن احملاكاة وجودة التأليف ‪ 4"..‬أي أف التخييل ىو‬
‫األساس الذي يقوـ عليو الشعر وىو نوعُت ٗتيل الشيء على طبيعتو وعلى ما ىو عليو دوف إبداع‬
‫وابتكار كأنو صورة فوتوغرافية ‪ ,‬والثاين ٗتيل إبداعي مبتكر وتصوير الشيء على غَت ما ىو عليو ‪.‬‬

‫‪ 1‬مشري بن خليفة ‪ ,‬القصيدة ا‪ٟ‬تديثة ُب النقد العريب ا‪١‬تعاصر ‪ ,‬منشورات االختبلؼ ‪ ,‬ط ‪ , 2006, 1‬ص ‪.56‬‬
‫‪2‬ينظر ‪ ,‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪56.‬‬
‫‪ 3‬عبد القاىر ا‪ٞ‬ترجاين ‪ ,‬أسرار الببلغة قرأه وعلق عليو ‪٤‬تمود ‪٤‬تمد شاكر ‪ ,‬دار ا‪١‬تدين ‪ ,‬جدة ‪,‬د ط‪ ,‬د ت‪ ,‬ص‪. 245‬‬
‫‪4‬آمنة بلعلى‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية من ا‪١‬تتماثل إذل ا‪١‬تختلف ‪,‬دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع ‪,‬ط‪ ,2011 , 1‬ص‪.20‬‬
‫‪27‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫لذا ‪٧‬تده يعرؼ الشعر على أنو " الشعر كبلـ ‪٥‬تيل موزوف ‪٥‬تتص ُب لساف العرب بزيادة التقفية‬
‫إذل ذلك ‪ ,‬والتئامو من مقدمات ‪٥‬تيلة ‪,‬صادقة كانت أو كاذبة ‪ ,‬ال يشًتط فيها ػ ٔتا فيها الشعرػ ػ غَت‬
‫التخييل"‪1.‬فالتخيل عنده عمدة الشعر ‪ ,‬وال يكوف إال بو‪.‬‬
‫و‪٧‬تد التخيل عنده أيضا "تصور تنشئو ُب نفس السامع عناصر الشعر ا‪١‬تختلفة اللفظ ‪,‬‬
‫وا‪١‬تعٌت ‪ ,‬والوزف ‪ ,‬والنظم ‪ ,‬واألسلوب ‪,‬ويؤدي إذل انفعاؿ ال واع "‪2.‬أي أف التخيل يقع من جهة‬
‫ا‪١‬تعٌت ‪ ,‬ومن جهة األسلوب ومن جهة اللفظ ومن جهة النظم ومن جهة الوزف‪.‬‬
‫فالتخيل نوع من النشاط التصويري الذي ٮتاطب بواسطتو الشاعر ا‪ٞ‬تانب الوجداين االنفعارل‬
‫لدى ا‪١‬تتلقي و‪٢‬تذا فهو مرتبط ارتباطاً وثيق با‪١‬تتلقي وُب ىذا يقوؿ‪ " :‬والتخييل أف تتمثل للسامع من‬
‫لفظ الشاعر ا‪١‬تخيّل ‪ ,‬أو معانيو أو أسلوبو ونظامو وتقوـ ُب خيالو صورة أو صور ينفعل لتخيلها‬
‫‪3‬‬
‫وتصورىا أو تصور شيء آخر هبا ‪ ,‬انفعاال من غَت روية إذل جهة من االنبساط واالنقباض "‪.‬‬
‫وهبذا ا‪١‬تفهوـ فإف "التخيل فاعلية نفسية فنية ٘تس اللفظ وا‪١‬تعٌت واألسلوب والنظم بشكل عاـ‬
‫أي أنو ‪٪‬تط من التصوير الفٍت لو القدرة على ٖتريك ا‪١‬تتلقي والتأثَت فيو تأثَتا انفعاليا ‪ْ ,‬تيث يؤدي‬
‫وروية ‪ ,‬يًتاجع ليفسح اجملاؿ أماـ ا‪ٞ‬تانب‬
‫با‪١‬تتلقي إذل القياـ بعمل ما أو تركو ‪ ,‬وىذا من دوف تفكَت ّ‬
‫االنفعارل الوجداين "‪.4‬‬
‫أما مفهوـ ا‪٠‬تياؿ عند النقاد العرب احملدثُت ٮتتلف عن مفهوـ القدامى ‪,‬فالقدامى مفهومهم‬
‫للخياؿ كاف متأثر بالفلسفة اليونانية‪.‬‬

‫‪ 1‬خليفة ‪٤‬تمد ‪ ,‬فاعلية التخيل عند حازـ القرطاجٍت ُب كتابو منهاج الببلغة وسراج األدباء ‪٣ ,‬تلة جامعة اإلماـ ‪٤‬تمد بن مسعود اإلسبلمية ‪ ,‬العلوـ‬
‫العربية ‪ ,‬السعودية ‪ ,‬ع‪ , 2008, 9‬ص‪.294‬‬
‫‪٤2‬ت مد عزاـ ‪ ,‬ا‪١‬تصطلح النقدي ُب الًتاث األديب العريب ‪ ,‬دار الشرؽ العريب ‪,‬بَتوت لبناف ‪,‬د ط‪ ,‬د ت ‪ ,‬ص‪. 180‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص ‪. 294‬‬
‫‪4‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص‪.294‬‬
‫‪28‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫‪٧‬تد "محمد غنيمي هالل "يربط ا‪٠‬تياؿ بصورة إذ يقوؿ "التفكَت بالصور على حسب طرؽ‬
‫فنية ٗتتلف من مذىب فٍت إذل مذىب فٍت آخر‪1 "...‬أي أف ىذه الصور ا‪١‬تتخيلة ٖتدث بطرؽ‬
‫متنوعة ْتسب اختبلؼ ا‪١‬تذاىب الفنية ‪.‬‬
‫بينما "شوقي ضيف " ينظر للجماؿ على أنو ملكة فطرية إنسانية إذ يقوؿ‪ ":‬ا‪٠‬تياؿ ىو ا‪١‬تلكة‬
‫اليت يستطيع هبا األدباء أف يؤلفوا صورىم ‪ ,‬وىم ال يؤلفوهنا من ا‪٢‬تواء ‪,‬إ‪٪‬تا يؤلفوهنا من إحساسات‬
‫سابقة ال حصر ‪٢‬تا ‪ٗ,‬تتزهنا عقو‪٢‬تم وتظل كامنة ُب ‪٥‬تيلتهم حىت ٭تُت الوقت ‪,‬فيؤلفوا منها الصورة‬
‫اليت يريدوهنا ‪,‬صورة تصبح ‪٢‬تم من عملهم وخلقهم ‪ ,‬وا‪٠‬تياؿ عند األدباء يقوـ على شيئُت‪ :‬دعوة‬
‫احملسوسات وا‪١‬تدركات ‪ٍ,‬ب بناؤىا من جديد "‪ 2‬أي أنو يعترب ا‪٠‬تياؿ ا‪١‬تلكة اليت تدفع ا‪١‬تبدع ‪٠‬تلق صور‬
‫جديدة وىذا ا‪٠‬تلق واإلبداع للصور ال يكوف من البلشيء بل من خبلؿ استذكار واسًتجاع ما ىو‬
‫كامن ُب ‪٥‬تيلتهم سابقا ‪,‬لتصبح ىذه الصور فيما بعد من عملهم وابتكارىم‪.‬‬
‫‪ -3-2‬انخيال في األدب ‪:‬‬
‫للخياؿ أ‪٫‬تية بالغة ُب ‪٣‬تاؿ األدب ‪,‬فقد عرفو "ابن عربي "على أنو " حرارة أو طاقة مبدعة من‬
‫شأهنا أف ٕتابو ببلدة األشياء وببلىتها ‪ ,‬وافتقارىا إذل التوسيع ‪ ,‬وذلك بفضل قدرتو على بث الدؼء‬
‫‪3‬‬
‫ُب النفس والكائنات العيانية ُب آف واحد "‪.‬‬
‫ولقد دفع " ابن عريب" ا‪٠‬تياؿ إذل مرتبة العلم " وىو حس باطن بُت ا‪١‬تعقوؿ واحملسوس"‪ 4.‬أي‬
‫يدفع كل تعارض يقاـ بُت العقل وا‪١‬تتخيل ‪.‬‬
‫ويقوؿ أيضا‪" :‬ا‪٠‬تياؿ ال يكوف فاسدا قط ‪ ,‬وال ينتسب إليو ا‪٠‬تطأ "‪ 5‬أي أف لو صفة الرباءة‬
‫والعصمة ‪.‬‬

‫‪٤1‬تمد غنيمي ىبلؿ ‪,‬النقد األديب ا‪ٟ‬تديث‪,‬ص‪.389, 388‬‬


‫‪2‬شوقي ضيف ‪ُ,‬ب النقد األديب ‪,‬دار ا‪١‬تعارؼ ‪,‬القاىرة‪,‬ط‪, 2004 ,9‬ص‪.167‬‬
‫‪3‬زياف وىيبة ‪,‬ا‪١‬تتخيل السردي ُب رواية "ْتثا عن آماؿ الغربيٍت"‪ ,‬ص‪.16‬‬
‫‪ 4‬أ‪ٝ‬تاء بالفار ‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب النقد الروائي ا‪ٞ‬تزائري من خبلؿ كتاب ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية آلمنة بلعلى‪ ,‬ص ‪. 28‬‬
‫‪5‬ا‪١‬ترجع السابق ‪ ,‬ص ‪.16‬‬
‫‪29‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫وا‪٠‬تياؿ األديب ىو القدرة العقلية على اكتشاؼ ا‪ٞ‬تديد "‪ .‬الذي يوازي الواقع ‪ ,‬أو ينطلق منو‬
‫ليعيد ر‪ٝ‬تو ‪ ,‬أو تناولو عرب صور وأخيلة تًتى ُب نفس ا‪١‬تبدع ‪ ,‬وا‪٠‬تياؿ ُب الرواية أو القصة أو الشعر‬
‫أو ا‪١‬تسرح يكوف وراء خلق الصور ُب نصوص ‪٢‬تذه األنواع ‪,‬وبث الروح فيها وىو يتكوف كنتيجة لعمق‬
‫خاضعا لسيطرة صاحبو ‪ ,‬بيد أنو قد ال يكوف كذلك‬
‫ً‬ ‫ا‪١‬تعرفة وتراكمات الًت‪ٚ‬تة ُب ما إذا كاف معاَب‬
‫‪1‬‬
‫يضا ‪ ,‬يتحوؿ إذل " اهوٯتات وىذيانات "‪"...‬‬
‫ُب ما إذا كاف مر ً‬
‫وا‪٠‬تياؿ ىو " ا‪١‬تلكة اليت يؤلف هبا األديب صوره "‪,2‬أو ىو "القوة ٖتفظ الصور ا‪١‬ترتسمة ُب‬
‫ا‪ٟ‬تس ا‪١‬تشًتؾ إذا غابت تلك الصور عن ا‪ٟ‬تواس الباطنية "‪ 3‬أي ىو ا‪١‬توىبة اليت تعُت األديب على‬
‫على تأليف صور جديدة‪.‬‬
‫وإذا كاف ا‪٠‬تياؿ ىو" احملفز للمبدع على تصورات عملو اإلبداعي ‪ ,‬فإنو يسهم ُب إشادة عمارة‬
‫النص‪ ,‬من خبلؿ أدواتو اللغوية وبث روحو فيها ‪ ,‬ليًتؾ بصماتو ا‪٠‬تاصة على صعيدي الشكل‬
‫وا‪١‬تضموف ُب العمل‪.‬‬
‫ويكاد ال ٮتلو نص إبداعي أيًا كاف من ا‪٠‬تياؿ ‪ ,‬بل أصبح ا‪٠‬تياؿ أحد مقاييس اإلبداع وكأنو‬
‫الروح اليت يتوىج هبا اإلبد اع ‪ ,‬والنبع الذي ٯتده باأللق وا‪ٟ‬تياة ‪ ,‬وإف أي عمل أديب ػ ػ مهما عبل شأنو‬
‫ػ ػ ليحكم عليو با‪١‬توت إف دل ٖتلق بو أجنحة ا‪٠‬تياؿ عاليا‪ ,‬وطا‪١‬تا حكم على بعض النصوص بأهنا من‬
‫خلوا من ا‪٠‬تياؿ ‪.‬‬
‫دوف روح ما دامت ً‬
‫وا‪٠‬تياؿ عصب النص‪ ,‬وىو ما قسم األدب ٔتوجبو إذل خيارل وغَت خيارل‪ ,‬وواضح أف العمل‬
‫الذي ٭تضر فيو ا‪٠‬تياؿ بشكلو ا‪١‬تناسب ‪ ,‬فإنو يهيئ للمبدع رسم عوادل نصو برباعة ووفقا لقدرة‬
‫ملكاتو ‪ ,‬ولواله ‪١‬تا احتفلت األعماؿ اإلبداعية العظيمة ٔتقدراها العالية على التصوير الذي يرفع من‬
‫‪4‬‬
‫مكانة النص ضمن لعبة اإلبداع "‪.‬‬

‫‪www.alwaraq.net 1‬يوـ ‪ 2018/03/26‬على الساعة ‪.19:30‬‬


‫‪ 2‬أ‪ٛ‬تد مطلوب ‪ ,‬معجم مصطلحات النقد العريب القدمي ‪ ,‬مكتبة لبناف للنشر‪ ,‬ط‪ , 2001 , 1‬ص ‪.224‬‬
‫‪3‬حبيب اهلل علي ابراىيم‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ ُب النقد العريب ‪٣,‬تلة البحوث والدراسات‪,‬ع‪,3‬السوداف‪,2012,‬ص‪.269‬‬
‫‪ .www.alwaraq.net 4‬يوـ ‪ 2018/03/26‬على الساعة ‪19:30‬‬
‫‪30‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫‪ -4-2‬انًذاهة األدتيح وانخيال‪:‬‬


‫أما ا‪١‬تذاىب األدبية فكل مذىب نظر للخياؿ من زاوية ‪٥‬تالفة للمذىب اآلخر فمنهم من‬
‫حطت من قيمة ا‪٠‬تياؿ ومنهم من أعلت من شأنو‪ ,‬وىذا ما سنبلحظو فيما يأٌب‪:‬‬
‫اتسم ا‪٠‬تياؿ عند الكبلسيكيُت "بطابع احملافظة حيث قيدوا من حرية الشاعر وحدوا من‬
‫خيالو‪,‬وأخذوا يدعوف إذل ٗتليص الشعر من ا‪٠‬تياؿ وخاصة ا‪ٞ‬تامع ألهنم رأوا ُب ا‪٠‬تياؿ ا‪ٞ‬تانب ا‪٠‬تادع‬
‫ُب النفس الذي يقود إذل ا‪٠‬تطأ والزلل‪ ,‬وىذا يدؿ على تغليب جانب العقل على ا‪ٞ‬تانب‬
‫العاطفي"‪.1‬أي أف ا‪٠‬تياؿ ال قيمة لو عندىم وُب نظرىم ٮتادع النفس ‪.‬‬
‫فمفهوـ ا‪٠‬تياؿ ُب الكبلسيكية يتمثل ُب اعتباره "ىبة ال ٯتكن ٕتاوزىا ُب أي خطاب إبداعي‬
‫غَت أهنا ٗتضع لسلطاف العقل الذي يوجهها و٭تد من ‪ٚ‬توحها وانفبلاها"‪ 2‬أي أهنم قيدوا ا‪٠‬تياؿ‬
‫بسلطاف العقل ‪.‬‬
‫لذا ‪٧‬تد "درايدان‪ "John Dryden.‬٭تكم حكم جائرا على ا‪٠‬تياؿ و‪٬‬تعلو ُب درجة دنيا حيث‬
‫يقوؿ ‪":‬ال ٘تلك القصائد اليت تنتجها ا‪١‬تخيلة الشديدة سوى بريق يزوؿ ٔترور الزمن ‪,‬وأف الشعر‬
‫ا‪ٟ‬تكمي كقطعة ا‪١‬تاس ‪,‬كلما زداها صقبل ازدادت ‪١‬تعانا"‪ 3‬أي أف القصائد اليت فيها ا‪٠‬تياؿ أو ا‪١‬تتخيلة‬
‫تزوؿ سريعا وتندثر عكس الشعر ا‪ٟ‬تكم الذي يغذيو العقل يبقى ويدوـ بريق و‪١‬تعانو وتأثَته‪.‬‬
‫و"ىذا يوضح ا‪ٞ‬تانب السليب الذي جعل ا‪٠‬تياؿ ُب مرتبة أقل ما يوصف بو أنو غَت مرغوب ُب‬
‫الشعر وال يعوؿ عليو ‪,‬ألف ا‪٠‬تياؿ عندىم ليس أداة صحيحة للوصوؿ إذل ا‪ٟ‬تقيقة‪,‬الرتباطو بالعاطفة‬
‫اليت تستثار با‪ٟ‬تدس فتدفع ا‪٠‬تياؿ إذل التهومي ُب عوادل غَت واقعية"‪.4‬‬
‫لكن مع ظهور الرومانسية ظهر مفهوـ جديد للخياؿ ‪,‬فالرومانسيُت دعوا إذل كسر قيود‬
‫ا لكبلسيكية ‪,‬وإعطاء الشاعر حريتو وإطبلؽ العناف ‪٠‬تيالو ‪,‬حيث ‪٣‬تدوا العاطفة وتغنوا هبا وعربوا عنها‬

‫‪1‬فاطمة ‪ٛ‬تداف بن سعد‪ ,‬مفهوـ ا‪٠‬تياؿ ووظيفتو ُب النقد القدمي والببلغة ‪,‬ص‪.3, 2‬‬
‫‪ 2‬جهيدة بوطنة ‪,‬الرؤية النقدية ُب كتاب ا‪٠‬تياؿ الشعري عند العرب أليب القاسم الشايب ‪,‬عمار حبلسة‪ ,‬مذكرة ماسًت ‪,‬اللغة واألدب العريب‪ ,‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح ‪,‬ورقلة‪,2015/2014,‬ص‪.6‬‬
‫‪3‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص ‪.4‬‬
‫‪4‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪,‬ص‪.4‬‬
‫‪31‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫ُب فنهم‪,‬ونظروا للخياؿ على أنو "ا‪١‬تلكة األوذل لدى اإلنساف وعدوىا ا‪١‬تلكة ا‪٠‬تالقة القادرة على‬
‫الوصوؿ إذل ا‪ٟ‬تقيقة"‪ 1‬أف ا‪٠‬تياؿ ىو الذي يوصل اإلنساف للحقيقة‪.‬‬
‫يرى "بليك‪"William Blake .‬أف عادل ا‪٠‬تياؿ ىو عادل األبدية‪,‬كما ذىب إذل أبعد من ىذا‬
‫‪ُ,‬ب االىتماـ با‪٠‬تياؿ فسماه بالرؤية ا‪١‬تقدسة واعتربه القوة الوحيدة اليت ٗتلق الشاعر"‪. 2‬أي أف ا‪٠‬تياؿ‬
‫عنده ىو العادل البلهناية‪,‬وىو القوة اليت ٗتلق الشاعر‪.‬‬
‫أما الواقعيُت فقد عدوه "وسيلة للهروب من الواقع وابتعاد عن اإلنساف و‪٫‬تومو ومشكبلتو‬
‫ومدعاة للزيف واألحبلـ‪.3".‬‬
‫من خبلؿ ىذه النظرة ا‪٠‬تاطفة على مفهوـ ا‪٠‬تياؿ عند ا‪١‬تذاىب األدبية ‪,‬وجدنا أف كل مذىب‬
‫نظر للخياؿ من زاوية ‪٥‬تتلفة عن ا‪١‬تذىب اآلخر‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬المتخيل‬
‫‪ -1‬مفهوم المتخيل‬
‫إف ‪١‬تلكة ا‪٠‬تياؿ أو ا‪١‬تتخيل "أثر ىاـ ُب عملية ا‪٠‬تلق األديب وُب عملية تشكلو فكل التفاعبلت‬
‫مع الواقع االجتماعي أو األخبلقي أو ا‪١‬تعرُب ىي تعبَت عن متخيل معُت ٮتتلف باختبلؼ الواقع‬
‫وا‪١‬تضامُت ‪,‬فعملية اإلبداع وا‪٠‬تلق وطيدة الصلة با‪١‬تتخيل الذي تصدر عنو ‪,‬و‪٢‬تذا األخَت دور كبَت ُب‬
‫إدراؾ ا‪١‬تعرفة ا‪ٞ‬تمالية للنصوص ومن ٍب تأويلها وفتح مغاليقها وفهم أسرارىا وتذوؽ ‪ٚ‬تا‪٢‬تا‪ ,‬ولقد أدرؾ‬
‫‪4‬‬
‫األدباء منذ القدمي أ‪٫‬تية ا‪٠‬تياؿ أو ا‪١‬تتخيل ُب عملية ا‪٠‬تلق األديب"‬
‫فا‪١‬تتخيل ىو "مصدر إبداع للمبدع فوظيفتو تتحقق من خبلؿ اإلبداع بصورة دائمة ومنظمة ُب‬
‫ذىن ا‪١‬تبدع عن طريق ا‪ٟ‬تلم البناء‪ ,‬فكلمة ا‪١‬تتخيل تعرب عما ٯتاثلها من كلمة خياؿ غَت أف ىذه‬
‫األخَتة أوسع وأرحب منها ‪,‬إذف فا‪١‬تتخيل سواء ُب الثقافة العربية أو الغربية لو عبلقة وطيدة‬

‫‪ 1‬جهيدة بوطنو‪ ,‬الرؤية النقدية ُب كتاب ا‪٠‬تياؿ الشعري عند العرب أليب القاسم الشايب ‪,‬ص‪.6‬‬
‫‪٤ 2‬تمد زكي العشماوي ‪,‬قضايا النقد األديب بُت القدمي وا‪ٟ‬تديث ‪,‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر ‪,‬بَتوت ‪,‬د ط‪ ,‬د ت‪,‬ص‪.51‬‬
‫‪3‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص‪.6‬‬
‫‪4‬فائزة بن خليفة ‪,‬مصطلحا ا‪٠‬تط اب وا‪١‬تتخيل عند ‪٤‬تمد لطفي اليوسفي ‪,‬بلقاسم مالكبة ‪,‬مذكرة ماجستَت ‪,‬كلية اآلداب واللغات ‪,‬قسم اللغة واألدب‬
‫العريب ‪,‬جامعة قاصدي مرباح ‪,‬ورقلة‪,2012/2011 ,‬ص‪.156‬‬
‫‪32‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫با‪٠‬تياؿ‪,‬كيف ال وىو ٭تيل إذل ما يوجد ُب ا‪٠‬تياؿ ا‪١‬ترء ‪ ,‬من معارؼ ومعاين وأفكار وتصورات ٯتكن‬
‫‪1‬‬
‫تر‪ٚ‬تتها كوقائع فنية ومادية "‬
‫وتستعمل كلمة ا‪١‬تتخيل ُب اللغة بثبلث دالالت على األقل ‪:‬‬
‫‪ .9‬كصفة‪:‬وتعٍت ماال يوجد إال ُب ا‪١‬تخيلة ‪,‬الذي ليس لو حقيقة واقعية ‪.‬‬
‫‪ .0‬كاسم مفعول ‪:‬للداللة على ما ًب ٗتيلو‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .1‬كاسم ‪:‬وتعٍت الشيء الذي تنتجو ا‪١‬تخيلة كما تعٍت ميداف ا‪٠‬تياؿ ‪.‬‬
‫بداية نعرؼ ا‪١‬تتخيل "بأنو بناء ذىٍت ‪,‬أي أنو إنتاج فكري بالدرجة األوذل ‪,‬أي ليس إنتاجا‬
‫ماديا"‪ 3‬أي أف ا‪١‬تتخيل إنتاج عقلي وليس مادي‪.‬‬
‫وىناؾ من يقوؿ‪":‬ا‪١‬تتخيل لو قدرة ىائلة على استدعاء ا‪١‬تكبوت وا‪١‬تعطل‪,‬وتعرية رصانة الواقع‬
‫ا‪١‬تزعومة" ‪4‬أي أف ا‪١‬تتخيل ٯتتلك قدرة استحضار مكبوتات النفس ‪,‬ويقوـ بكشف الواقع وتعريتو ‪.‬‬
‫وا‪١‬تتخيل "يعطي للرواية أحيانا خصوصية تعرؼ بو ‪,‬ويتعاذل عنها أحيانا ‪ ,‬ليكوف وسيلة إلثارة‬
‫أشياء غَت موجودة بواسطة اللغة ‪,‬أو ‪٤‬تاكاة أشياء موجودة‪,‬أو بإثارة نوع من اإليهامات أو التمثبلت‬
‫اليت تتوجو إذل األشياء وتربطها باللحظة اليت تتمثلها فيها بالذات‪,‬فتصبح عمبل مقصودا ‪٬‬تسد وعيا‬
‫بغياب أو اعتقادا بإيهاـ"‪ .5‬فا‪١‬تتخيل بدوره ٭تقق عملية اإلبداع وا‪٠‬تلق ‪,‬ويعيد للذات ا‪١‬تتلقية دورىا‬
‫ُب إدراؾ ا‪١‬تعرفة ا‪ٞ‬تمالية وتأويلها ‪,‬أي أف ا‪١‬تتخيل ٭تقق أشياء قد ال تكوف ُب الواقع‪ ,‬أو حىت وإف‬
‫وجدت ىذه األشياء ‪ ,‬يزيد من حسنها وإبداعها ‪ .‬ومن خبلؿ ىذا ا‪١‬تتخيل يشعر ا‪١‬تتلقي باإلثارة‬
‫وينفعل مع ىذه الرواية‪.6‬‬

‫‪ 1‬زايدي العلجة ‪ ,‬زياف وىيبة‪ ,‬ا‪١‬تتخيل السردي ُب رواية "ْتثا عن آلماؿ الغربيٍت" ‪,‬ص‪20‬‬
‫‪2‬فائزة بن خليفة ‪ ,‬مصطلحا ا‪٠‬تطاب و ا‪١‬تتخيل عند ‪٤‬تمد لطفي اليوسفي ‪,‬ص‪.157‬‬
‫‪3‬حسُت ‪ٜ‬تري‪ ,‬فضاء ا‪١‬تتخيل )مقاربات ُب الرواية(‪,‬منشورات االختبلؼ ‪,‬ط‪,2002 ,1‬ص ‪.43‬‬
‫‪٤ 4‬تمد رمصيص ‪,‬ا‪١‬تتخيل العجائيب والغربة)قراءة ُب التجربة القصصية أل‪ٛ‬تد بوزفور(‪٣,‬تلة الكلمة ‪,‬ع ‪ ,8‬د ب ‪ ,‬ديسمرب ‪,2012‬ص‪.1‬‬
‫‪5‬آمنة بلعلى‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية ‪,‬ص‪.17‬‬
‫‪ 6‬أ‪ٝ‬تاء بالفار ‪,‬ا‪١‬تتخيل ُب النقد الروائي ا‪ٞ‬تزائري من خبلؿ كتاب ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية لآلمنة بلعلى ‪,‬ص‪.27‬‬
‫‪33‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫‪"Gérard‬أف ىناؾ نوعُت من مفهوـ ا‪١‬تتخيل أي " ىناؾ‬ ‫‪Genette.‬‬ ‫ويرى "جيرار جنيت‬
‫متخيل قار مرتبط با‪١‬تضموف ‪ ,‬وىناؾ متخيل ظرُب تعرب عنو العبارة التالية‪ :‬أعترب أدبا كل نص يثَت ُب‬
‫ارتياحا ‪ٚ‬تاليا"‪1‬أي أف األدب عنده كل نص يثَت ُب نفسو أثرا ‪ٚ‬تاليا‪ ,‬وىو نوعاف متخيل مرتبط‬
‫با‪١‬تضموف واآلخر مرتبط با‪ٞ‬تماؿ وا‪١‬تتعة‪.‬‬
‫و فسر"إيدغارويبر" ا‪١‬تتخيل بػ"ا‪١‬تتخيل حالة تثَت ُب ا‪١‬توضوع ا‪٠‬تروج عن الذات من الذات من‬
‫خ بلؿ حالة االستغراب أو الذىوؿ اليت تنتج عن نقل العادي ‪٨‬تو النادر"‪ 2‬نفهم من ىذا أنا‬
‫"إدغارويرب" يؤكد أف ا‪١‬تتخيل ٯتثل القدرة على اإلبداع والتأويل من خبلؿ نقل العادي إذل غَت‬
‫ا‪١‬تألوؼ‪.‬‬
‫و"أدؿ التعريفات للمتخيل ىو أنو تأويل"‪3‬أي أنو وسيط لفعل القراءة والتأويل الذي يقوـ بو‬
‫القارئ للعمل األديب ‪.‬‬
‫" فقد عرفو من خبلؿ عبلقتو مع العقل وا‪١‬تعرفة "بأف ا‪١‬تتخيل مرتبط‬ ‫‪Lordi‬‬ ‫وأما "لوردي‪.‬‬
‫بشكل ‪ٛ‬تيمي بالعقل وا‪١‬تعرفة ‪ ,‬األمر الذي يعٍت أنو ال توجد معرفة ٗتييلية صرفة ‪,‬ألف كل معرفة ىي‬
‫معرفة عقلية ُب بنيتها أو طبيعتها ‪ ,‬وما ا‪١‬تتخيل إال وسيلة لتفعيل وٖتيُت تلك ا‪١‬تاىية"‪ 4‬معٌت ىذا‬
‫وجود عبلقة تكاملية وتبلزمية بُت العقل وا‪١‬تتخيل واستحالة الفصل بُت ا‪١‬تعرفة التخييلية وا‪١‬تعرفة‬
‫الذىنية العقلية‪,‬وىذا يدؿ على أف العقل وحده ليس لديو القدرة على إنتاج ا‪١‬تعرفة دوف ا‪١‬تتخيل‬
‫والعكس صحيح‪.‬‬
‫وعرؼ"جان بوركس‪"Jean Borax.‬ا‪١‬تتخيل بػػ"ا‪١‬تسار الذي يتماثل ويتشاكل فيو ٘تثيل ا‪١‬توضوع‬
‫بواسطة الضروريات الغريزية للذات‪ ,‬والذي تفسر فيو با‪١‬تقابل التمثيبلت الذاتية بواسطة التكيفات‬

‫‪1‬آمنة بلعلى‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية‪,‬ص‪26 ,25‬‬


‫‪2‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ,‬ص ‪18‬‬
‫‪3‬ا‪١‬ترجع نفسو‪,‬ص‪.205‬‬
‫‪4‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪,‬ص‪19‬‬
‫‪34‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫السابقة للذات ُب الوسط ا‪١‬توضوعي"‪1‬معٌت ىذا أف التفاعل الغريزي لئلنساف مع ‪٤‬تيطو ا‪١‬توضوعي ىو‬
‫نتاج ‪٢‬تذه الرغبات‪.‬‬
‫"باشالر ‪GastonBachelard‬‬ ‫وا‪١‬تتخيل ُب البداية كاف يعرب عنو ٔتفهومي ا‪٠‬تياؿ والتخييل ‪,‬يقوؿ‬
‫"‪" :‬أ ف كلمة متخيل ليست سوى مرادؼ يعرب بشكل أفضل عن كلمة ا‪٠‬تياؿ و‪٬‬تعل ىذه األخَتة‬
‫مفتوحة ومتمنعة" ‪ 2‬أي أف ا‪١‬تتخيل ما ىو إال مفهوـ مرادؼ للخياؿ والتخيل ولكنو أدؽ وأعمق‬
‫منهما‪.‬‬
‫‪ -2‬المتخيل السردي وعالقته بالواقع‪:‬‬
‫تث َت عبلقة ا‪١‬تتخيل بالواقع إشكالية كبَتة ُب مفهومهما ‪ْ,‬تيث تعترب العبلقة القائمة بينهما‬
‫عبلقة جدلية وإيديولوجية‪ْ ,‬تكم أف اجملتمع ىو ا‪١‬ترجع الرئيسي للخطاب الروائي من خبلؿ تأثر‬
‫األدب باجملتمع وتأثَت فيو ‪,‬ألف األدب يهتم بالواقع ويتطور بتطوره ‪,‬سنتطرؽ ُب ىذا عنصر إذل مفهوـ‬
‫كل منهما وعبلقة بينهما‪.‬‬
‫يعطي ا‪١‬تتخيل السردي للرواية خصوصية ليكوف ىو الوسيلة إلثارة أشياء دل تكن موجودة‬
‫بواسطة اللغة ‪ْ ,‬تيث يصور لنا ىذا ا‪١‬تتخيل الواقع بصور جديدة فيها إبداع وخلق جديد ‪,‬فا‪١‬تغامرة‬
‫السردية يتعالق فيها الواقع با‪١‬تتخيل الذي يكوف منطلق ‪٢‬تا ‪,‬فا‪٠‬تياؿ يعترب ا‪١‬تولد األساس لؤلدبية بل‬
‫"إف كل فلذة من األدب تكتسب أدبيتها بقدر ما ٖتتل من رقعة ا‪٠‬تياؿ‪ ,‬فأشكاؿ األدب ػ ُب حقيقة‬
‫األمرػ إ‪٪‬تا ىي قطع ُب خيمة التخيل قد تطوؿ أو تقصر‪ ,‬ترتفع أو تنخفض‪ ,‬تتجلى ُب ألواف هبيجة‬
‫أو باىتة لكنها ػ كي تصبح أدبا ػ البد ‪٢‬تا من تغطية سطح الواقع ‪ 3"...‬أي أف كل ما كاف النص‬
‫غٍت با‪٠‬تياؿ يكتسب أدبية أكثر‪ ,‬وليكوف األدب أدبا البد أف يستند إذل الواقع‪.‬‬
‫وللمتخيل عبلقة متينة بالعقل باعتباره عملية ذىنية ‪٢‬تا عبلقة بالواقع ىذا من جهة ‪,‬ومن جهة‬
‫أخرى باعتباره يبحث عن بديل وال ٭تاكيو‪ ,‬فهو" بناء ذىٍت ٭تيل على الواقع ويستند إليو ‪ ...‬وىو‬

‫‪ 1‬يوسف اإلدريسي ‪,‬ا‪٠‬تياؿ وا‪١‬تتخيل ُب الفلسفة والنقد ا‪ٟ‬تديثُت ‪,‬مطبعة النجاح ‪,‬الدار البيضاء ‪,‬ا‪١‬تغرب ‪,‬ط‪,2005 ,1‬ص‪.139‬‬
‫‪ 2‬أ‪ٝ‬تاء بالفار‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب النقد الروائي ا‪ٞ‬تزائري ‪,‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 3‬صبلح فضل ‪ ,‬أشكاؿ التخيل من فتات األدب والنقد ‪,‬الشركة ا‪١‬تصرية العا‪١‬تية للنشر ‪,‬لو‪٧‬تماف ‪,‬ط‪.1996 ,1‬ا‪١‬تقدمة‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫انًرخيم وذذاخم انًفاهيى ‪.‬‬ ‫انفصم األول‬

‫نوع من ا‪١‬تمارسة ‪٢‬تذا الواقع ‪,‬ىذه ا‪١‬تمارسة تكوف ُب شكل إعادة إنتاجو أو ترتيب عبلقاتو أو‬
‫تشكيلو من جديد "‪ 1‬فا‪١‬تتخيل مرجعيتو الواقع يستمد منو مادتو يقوـ بإعادة نسجو من جديد‪.‬‬
‫ٔتا أف "ا‪١‬تتخيل بناء ذىٍت ‪,‬أي إنتاج فكري بالدرجة األوذل ‪,‬أي ليس إنتاجا ماديا ‪ُ,‬ب حُت‬
‫الواقع معطى حقيقي حضوري موضوعي‪ ,‬فا‪١‬تتخيل ٭تيل إذل الواقع والواقع ٭تيل إذل ذاتو"‪ 2‬أي أف‬
‫ىناؾ تعارض بينهما ‪,‬ا‪١‬تتخيل ذىٍت‪/‬فكري والواقع حقيقي‪/‬حضوري‪/‬موضوعي‪ ,‬و ا‪١‬تتخيل مرجعو‬
‫الواقع أما الواقع يعود إذل ذاتو‪.‬‬
‫و منو "فالواقع ىو معطى وحضوري ٯتكن أف يدرؾ با‪ٟ‬تس ونلمس آثاره با‪١‬تبلحظة العينية ُب‬
‫‪3‬‬
‫أف ا‪١‬تتخيل بناء ذىٍت خفي ال يدرؾ إال بإعماؿ الفكر والنظر ‪"...‬‬
‫فا‪١‬تتخيل ىو" وسيلة حملاكاة الصور واألفكار يثَت اإليهامات و التمثبلت اليت تتواجد ُب ذىن‬
‫ا‪١‬تبدع ليحولو عرب ا‪١‬تنت الروائي إذل صور ٖتاكي الواقع حيث تتقارب أو تتقاطع معو"‪ 4‬فا‪١‬تتخيل يقوـ‬
‫بًت‪ٚ‬تة الصور وأفكار ا‪١‬تبدع على الرواية و‪٬‬تعلها تقارب الواقع أو تتقاطع معو‪.‬‬
‫"فالرواية بطبعها تستقي ماداها ا‪٠‬تاـ من الواقع لتحولو إذل متخيل يثري شغف وتأثَت اآلخر‪,‬‬
‫فا‪١‬تتخيل كعبلقة الداؿ با‪١‬تدلوؿ الذي ٖتكمها عبلقة اعتباطية‪ ,‬فالداؿ بكونو ا‪١‬تلموس ىو الواقع ‪ُ,‬ب‬
‫حُت أف ا‪١‬تتخيل ىو مدلوؿ أي الصورة الذىنية ‪٢,‬تذا يصعب بل يستحيل الفصل بينهما ألهنما وجها‬
‫‪5‬‬
‫لعملة واحدة‪".‬‬
‫وما تبيناه ُب األخَت أف عبلقة ا‪١‬تتخيل بالواقع عبلقة تكامل وتبلحم وترابط ‪,‬ألف ا‪١‬تتخيل‬
‫انعكاس للواقع ‪,‬فالرواية ابنة ا‪٠‬تياؿ والواقع ‪,‬فاإلنساف يتخذ الواقع منطلق لتخيل ‪,‬مثل )مدونة‬
‫‪.‬‬ ‫البحث(‬

‫‪1‬حسُت ‪ٜ‬تري ‪,‬فضاء ا‪١‬تتخيل ) مقاربات ُب الرواية(‪,‬ص‪.44, 43‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص‪.43, 42‬‬
‫‪3‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪.43,‬‬
‫‪ 4‬خد‪٬‬تة نادي ‪,‬سناء بن حدة‪ ,‬ا‪١‬ترجعيات الثقافية وبناء ا‪١‬تتخيل السردي ‪,‬رشيدة سلطاين ‪,‬مذكرة ماسًت ‪ ,‬اللغة واألدب العريب ‪,‬جامعة العريب التبسي‬
‫‪,2017/2016,‬ص‪.14‬‬
‫‪ 5‬سارة غشاـ ‪,‬جدلية الواقع وا‪١‬تتخيل ُب رواية "شاىد العتمة" لبشَت مفيت ‪,‬مباركي ‪ٚ‬تاؿ ‪,‬مذكرة ماسًت ‪ ,‬اآلداب واللغة العربية‪ ,‬جامعة ‪٤‬تمد خضَت ‪,‬‬
‫بسكرة ‪,2016/2015 ,‬ص‪.21‬‬
‫‪36‬‬
‫انفصم انثاني‬
‫ذجهياخ انًرخيم‬
‫انسزدي في روايح‬
‫"عايشح"‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تجليات المتخيل السردي في رواية "عايشة"‬

‫‌‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ملخص الرواية‪:‬‬
‫تستعرض لنا الكاتبة ُب أزيد من ستُت صفحة طبيعة ا‪ٟ‬تياة ُب البيئة الصحراوية احملافظة من‬
‫خبلؿ منطقة "اعميش" اليت دارت فيها أحدث الرواية وىو االسم القدمي ‪١‬تنطقة الرباح بوالية الوادي‬
‫‪,‬من خبلؿ تسليطها الضوء على عادات وتقاليد ىذه ا‪١‬تنطقة واستفاضتها ُب سرد طريقة عيشهم‬
‫وعادااهم وتقاليدىم وسلوكيااهم وعبلقااهم‪.‬‬
‫ٖتكي الرواية‪ ,‬واقع ا‪١‬ترأة ُب ‪٣‬تتمع ‪٤‬تافظ وما تعانيو من إ‪٫‬تاؿ ونظرة دونية ‪ ,‬حىت وىي بكامل‬
‫قواه العقلية فما بالك بإعاقة ذىنية مثل "عايشة"‪ ,‬وتشَت الكاتبة للعقلية الذكورية وما ٘تارسو من‬
‫سلطة قهرية ٕتاه األنثى ‪ ,‬فهذا ا‪١‬تسرود إدانة صر٭تة وواضحة لؤلسرة بدرجة األوذل وللمجتمع لتملصو‬
‫من واجبة ٕتاه ىذه الفئة )ذوي االحتياجات ا‪٠‬تاصة(من اجملتمع‪.‬‬
‫بدأت الرواية "عايشة" باستباؽ لؤلحداث ‪,‬إذ تسرد علينا الكاتبة ‪ٟ‬تظة والدة "عايشة" وما‬
‫تعانيو من آالـ ا‪١‬تخاض وحدىا ببل مؤنس وال حبيب ٖتت أشعة مشس ا‪ٟ‬تارقة‪,‬بعد أف زودىا ذلك‬
‫الغريب بصرة ٘تر واختفى ُب الصحراء وتاركاً إياىا وحدىا تنازع آالـ ا‪١‬تخاض ‪,‬كانت اهروؿ جيئتًا‬
‫وذىابا لعلها ترى طيفو دوف جدوى ‪,‬إذل أف خارت قواىا و٘تددت على األرض ‪ ,‬وفجأة أظلها‬
‫شيء ‪.‬فتحت عينيها إذ بالغريب عند رأسها يرش ا‪١‬تاء عليها ‪,‬بعد برىة اشتدت آالـ ا‪١‬تخاض عليها‪,‬‬
‫وصرخت صرخة واحدة وسكتت‪ ,‬ليتعاذل صوت الصغَت ُب األرجاء‪.‬‬
‫"عايشة" فتاة فتية ُب مقتبل العمر ‪ٝ ,‬تاىا والداىا هبذا االسم ألهنا الوحيد اليت عاشت ‪٢‬تم بعد‬
‫الفقد ا‪١‬تتكرر ألبنائهم حديثي الوالدة ‪,‬ولكن عاشت بعاىة ذىنية تطورت إذل ٗتلف عقلي نتيجة‬
‫‪ٟ‬تُ َّمى شديدة ‪ٗ,‬تلى عنها والداىا لصاحل العمل خارج الوطن عندما كانت ُب الثامنة من عمرىا‪,‬‬
‫"القادة "‪ ,‬حياة بائسة ألف ا‪ٞ‬تدة دل تكن ٖتبها وال اهتم هبا وتعايرىا‬
‫ّ‬ ‫لتعيش مع جداها ألمها‬
‫بقو‪٢‬تا‪:‬أىلك طيشوؾ ‪ ,‬ونايا واش اندير بعقونو ‪ ,‬كانت تضرهبا وتوٓتها و٘تطرىا بوابل من الشتائم‬
‫ألتفو األسباب‪٦ ,‬تا ‪٬‬تعلها تفر إذل الشارع ‪ ,‬لتجوب األزقة على صياح الصبية عايشة العقونو‪ ,‬عايشة‬
‫ٯتن عليها أىل‬
‫العقونو‪,‬كانت حُت ٖتس با‪ٞ‬توع دل تكن تسرؽ بل تقف أماـ البيوت وحوانيت حىت َّ‬
‫"اعميش " بقطعة خبز‪ .‬بعد ظهور عبلمات األنوثة عليها تتعرض لبلغتصاب من طرؼ حبلؽ القرية‬
‫‪38‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫يسمى "عباس" ليجعل منها حقل لتجارب ‪,‬ليتأكد من خبل‪٢‬تا على قدرتو على اإل‪٧‬تاب ويفلت من‬
‫العقاب ‪,‬بعد أف ضيع مالو على العبلج دوف جدوى‪,‬بعدما فعل فعلتو الشنيعة‪ ,‬بدأ "عباس" ٭تس‬
‫بندـ ويلوـ نفسو على ما اقًتفو ْتق "عايشة" ‪ ,‬لدرجة أف النوـ جفاه والحقتو الكوابيس خاصة بعد‬
‫ا‪ٞ‬تدة أف‬
‫علم "صاحل" و"حورية" زوجتو ْتادثة االغتصاب ‪٦‬تا دفعو لبلنتحار‪,‬بعد مدة تكتشف ّ‬
‫ا‪ٞ‬تدة ُب‬
‫"عايشة" حامل وتبدأ ُب ‪٤‬تاولة إجهاضها ‪,‬و لكن كل ‪٤‬تاوالاها باءت بالفشل‪ ,‬وأصبحت ّ‬
‫حَتة من أمرىا ىي دل تستطع االعتناء بعايشة وحدىا فما بالك "عايشة" وطفلها ‪ ,‬اتصلت ا‪ٞ‬تدة‬
‫باألـ كمحاولة أخَتة لعلها تأخذ ابنتها فما كاف من األـ إال أهنا قالت‪ :‬عادي مامي إديها لسبيطار‬
‫يطيحوه‪ ,‬فازداد غضب ا‪ٞ‬تدة‪,‬بينما ىي كذلك إذا بالباب يُطرؽ ‪,‬وكاف الطارؽ "صاحل "‪,‬صاحل رجل‬
‫ا‪ٞ‬تدة بدخوؿ ٍب روي ‪٢‬تا قصة االغتصاب‪ ,‬ويطلب يد‬
‫تريب ُب "اعميش" من أصل تشادي ‪ ,‬استأذف ّ‬
‫ا‪ٞ‬تدة ظنت أنو ىو الفاعل وجاء لطلب يدىا ليغطي عن فعلتو‪ ,‬وبعد ذىاب‬
‫عايشة للزواج ‪ ,‬ولكن ّ‬
‫وقصت‬
‫"صاحل" ٔتدة إذ بالباب يطرؽ من جديد ‪,‬الطارؽ ىذه ا‪١‬ترة "حورية" زوجة "عباس" جلست ّ‬
‫عليها كيف كانت شاىدة على واقعة اغتصاب‪ ,‬وأخرباها أف "عباس" يأتيها ُب مناـ كل ليلة ‪,‬ويطلب‬
‫"القادة" أف "عايشة" حامل‬
‫ّ‬ ‫منها االىتماـ باألمانة اليت عند "عايشة"‪ ,‬وال تعرؼ ما ىي فأخرباها‬
‫‪,‬وأف "صاحل" طلب يدىا لزواج ‪,‬و لكن حورية رفضت وطلبت منها أف تربط "عايشة" إذل أف تلد و‬
‫تأخد الطفل فغضبت ا‪ٞ‬تدة من ىذا الكبلـ وطرداها‪ٍ .‬ب ألقت ببصرىا ناحية مكاف "عايشة" فلم‬
‫ٕتدىا ‪ْ,‬تثت عنها فلم يظهر ‪٢‬تا أي أثر وطالت ا‪١‬تدة واختفت "عايشة" واختفى "صاحل"بعد الكبلـ‬
‫ا‪ٞ‬تارح الذي يسمعو من أىل "اعميش"‪,‬حىت عقونة ىربت منك ‪ ,‬ليعود بعد سنتُت بيده طفلة‬
‫صغَتة‪ ,‬ليلتقي حورية راجعة بطفلها من ا‪١‬تشفى تسأؿ "حورية" الفتاة ماا‪ٝ‬تك ‪٬ ,‬تيبها "صاحل"‬
‫"عايشة" ‪,‬و يدخبلف ُب حديث طويل ‪ ,‬بينما "عباس" و"عايشة" يلعباف وتنتهي القصة على ىذا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫أوال‪ :‬مفهوم السرد‪: " lanaration" :‬‬


‫‪ -1‬لغة‬
‫برجوع إذل ا‪١‬تعاجم العربية ألفينا ظبلؿ كلمة سرد تفيء على كثَت من ا‪١‬تعاين بداية ٔتا جاء ُب‬
‫لساف العرب ‪.‬‬
‫الس ْرُد ‪ ":‬تَػ ْقدمة شيء إذل الشيء ما تأٌب بو متس ًقا بعضو ُب أثر بعض متتابعا‪ ,‬وسرد ا‪ٟ‬تديث‬
‫َّ‬
‫سردا إذا كاف جيِّد السياؽ لو ُب صفة كبلمو‬
‫و‪٨‬توه وسرده سردا إذا تابعو‪ ,‬وفبلف يسرد ا‪ٟ‬تديث ً‬
‫صلى اهلل عليو وسلم‪ :‬دل يكن يسرد ا‪ٟ‬تديث سردا أي يتابعو ويستعجل فيو‪ ,‬وسرد القرآف‪ :‬تابع‬
‫قراءتو ُب حذر منو‪.‬‬
‫السرد‪ :‬ا‪١‬تتتابع وسرد فبلف الصوـ إذا وااله وتابعو " ‪1‬من خبلؿ ما ذكرنا نفهم أف السرد جاء‬
‫َّ‬
‫ٔتعٌت التنسيق والتتابع‪.‬‬
‫كالسر ِاد‬
‫الس ْرُد" ا‪٠‬تَْرز ُب األدمي‪ّ ,‬‬ ‫أما ُب القاموس احمليط فوردت ٔتعٌت النسخ والسبك‪َّ .‬‬
‫وج ْوَدةُ ِسياؽ‬ ‫يد فيهما ‪,‬و نسخ الدرع‪ ,‬واسم جامع للدروع وسائر ِ‬ ‫بالكسر‪,‬والثقب كالتسر ِ‬
‫ا‪٠‬تلق‪َ ,‬‬ ‫ْ‬
‫ا‪ٟ‬تديث وع بيبل ْأزِد ومتابعة الصوـ " ‪. 2‬‬
‫ك‬
‫‪:‬خَرَزه‪ ,‬والدرع‪ :‬نَ َس َجها فَ َش َّ‬ ‫ِ‬
‫"سَرَد الشيء َس ْرًدا‪ :‬ثػَ َقبَو وا‪ٞ‬تلْ َد َ‬
‫كما ورد ُب ا‪١‬تعجم الوسيط‪َ :‬‬
‫و‪ٝ‬تَّر‪٫‬تا‪ ,‬وُب التنزيل العزيز‪:‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙﭼسورة سبأ‪ ,‬اآلية‪,99:‬‬ ‫طرُب كل َحلَ َقتَػ ُْت َ‬
‫َ‬
‫اؽ‪.‬‬ ‫الصوـ‪ ,‬ويقاؿ‪ :‬سرد ا‪ٟ‬تديث‪ :‬أتى بو على والَء ِ‬
‫‪,‬جيِّد ال ِّسيَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫والشيء تابعو ووااله‪ ,‬يقاؿ‪َ :‬سَرَد َّ ْ َ‬
‫‪3‬‬
‫تابع خطاه"‬
‫وتسرد الدمع‪ ,‬وتَ َسَّرد ا‪١‬تاشي‪َ :‬‬ ‫تَ َسَرَد الشيء‪ :‬تتابع‪ ,‬يقاؿ‪ :‬تَ َسَّرَد الدُّر‪َّ ,‬‬
‫وما نستخلصو ُب األخَت أف َس َرد ُب ا‪١‬تعاجم اللغوية العربية جاءت ٔتعٌت نسج ا‪ٟ‬تديث متتابعا‬
‫ومتسقا‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور ‪,‬لساف العرب ‪,‬مج‪, 3‬مادة )سرد( ‪,‬ص ‪211‬‬


‫‪ 2‬الفَتوز آبادي ‪,‬القاموس احمليط‪ ,‬تج ‪/‬مكتب ٖتقيق الًتاث ‪٤,‬تمد نعيم العرقسوسي ‪,‬مؤسسة الرسالة ‪ ,‬ط‪, ,2005 , 8‬ص ‪288‬‬
‫‪٣ 3‬تمع اللغة العربية ‪ ,‬ا‪١‬تعجم الوسيط ‪,‬مكتبة الشروؽ الدولية مصر‪ ,‬ط‪, 4‬ص ‪426‬‬
‫‪40‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ -2‬اصطالحا‪:‬‬
‫ظهر السرد كعلم ُب العصر ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬ومنذ ذلك أخذتو األقبلـ النقدية بالدراسة وىذا ما‬
‫" معرفًا السرد بأنو‪" :‬‬ ‫‪Gérard Genette.‬‬ ‫أدى إذل تعدد ُب مفهوـ السرد يقوؿ" "جيرار جنيت‬
‫الفعل السردي ا‪١‬تنتج وبالتوسع على ‪٣‬تموع الوضع ا‪ٟ‬تقيقي أو التخييلي الذي ٭تدث فيو ذلك‬
‫الفعل"‪ 1‬أي أنو فعل منجز سواء كاف حقيقيا أو متخيبل ‪.‬‬
‫و بنفس ا‪١‬تفهوـ ورد تعريف آخر " السرد ىو مصطلح عاـ الذي يشتمل على قص حدث‬
‫أو أحداث أو خرب أو أخبار سواء كاف ذلك ُب صميم ا‪ٟ‬تقيقة أـ من ابتكار ا‪٠‬تياؿ " ‪ . 2‬أي أنو‬
‫سرد حدث أو خرب سواء كاف حقيقيا أو متخيبل‪.‬‬
‫أما "حميد لحميداني" فَتي "أف السرد ىو ا‪ٟ‬تكي الذي يقوـ على دعامتُت أساسيتُت‪:‬‬
‫‪ -‬أو‪٢‬تما‪ :‬أف ٭تتوي على قصة ما تضم أحداثا معينة ‪.‬‬
‫سردا ‪.‬ذلك أف‬
‫يعُت الطريقة اليت ٖتكي هبا القصة وتسمى ىذه الطريقة ً‬
‫‪ -‬وثانيهما‪ :‬أف ّ‬
‫السرد ىو الذي يعتمد‬
‫القصة واحدة ٯتكن أف ٖتكى بطرؽ متعددة‪ ,‬و‪٢‬تذا السبب فإف ّ‬
‫‪3‬‬
‫عليو ُب ٘تييز أ‪٪‬تاط ا‪ٟ‬تكي بشكل أساسي "‪.‬‬
‫و يضيف ‪ ":‬أف السرد ىو الكيفية اليت تروى هبا القصة عن طريق ىذه )القناة " الراوي‪-‬‬
‫القصة ا‪١‬تروي لو( نفسها‪ ,‬و ما ٗتضع لو من مؤثرات ‪,‬بعضها متعلق بالراوي وا‪١‬تروي لو والبعض‬
‫اآلخر متعلق بالقصة ذااها " ‪ . 4‬أي أف السرد ىو األسلوب الذي يتبعو الراوي ُب سرد أحداث‪.‬‬
‫وْتسب " سعيد يقطين" السرد ىو‪ :‬فعل ال حدود لو‪ ,‬يتسع ليشمل ‪٥‬تتلف ا‪٠‬تطابات سواء‬
‫‪5‬‬
‫السرد‬
‫ّ‬ ‫دائرة‬ ‫من‬ ‫يوسع‬ ‫أنو‬ ‫‪.‬أي‬ ‫كانت أدبية أو غَت أدبية يبدعو اإلنساف أينما وجد وحيثما كاف "‬
‫السرد األديب فقط‪.‬‬
‫وال يقصره على ّ‬

‫‪ 1‬جَتار جنيت‪ ,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية ْتث ُب ا‪١‬تنهج ‪ ,‬تر ‪٤ /‬تمد معتصم وآخرين‪ ,‬اجمللس األعلى للثقافة ‪,‬بالقاىرة ‪,‬ط‪, 1997 ,2‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ 2‬وجدي وىبة ‪,‬كامل ا‪١‬تهندسُت‪ ,‬معجم ا‪١‬تصطلحات ألدبية ُب اللغة واألدب‪, ,‬ص‪198‬‬
‫‪ٛ 3‬تيد ‪ٟ‬تميداين ‪,‬بنية النقد السردي من منظور النقد األديب ‪,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب بَتوت ‪,‬ط‪, 1991 ,1‬ص ‪. 45‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬ترجع نفسو‪,‬ص ‪45‬‬
‫‪ 5‬سعيد يقطُت ‪ ,‬الكبلـ وا‪٠‬ترب "مقدمة للسرد العريب "‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب‪ ,‬بَتوت ‪,‬دار البيضاء ‪ ,1997‬ص ‪. 19‬‬
‫‪41‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫وقد رأى "الشكالنيون الروس" "أف ّ‬


‫السرد وسيلة توصيل القصة إذل ا‪١‬تستمع أو القارئ بقياـ‬
‫‪1‬‬
‫السرد ما ىو إال أداة لتوصيل القصة‬ ‫وسيط بُت الشخصيات وا‪١‬تتلقي ىو الراوي" ‪.‬أي أف ّ‬
‫للمتلقي‪,‬والراوي ىو الوسيط ُب العملية السردية‪.‬‬
‫السرد مصطلح نقدي حديث يعٍت " نقل ا‪ٟ‬تادثة من صوراها الواقعية إذل صورة لغوية " ‪.2‬‬ ‫و ّ‬
‫أي ٖتويل حدث واقعي إذل متخيل عن طريق اللغة‪.‬‬
‫السرد أيضا "ىو الطريقة اليت ٮتتارىا الروائي أو القاص أو حىت ا‪١‬تبدع الشعيب‬
‫ومن تعريفات ّ‬
‫السرد إذا ىو نسج الكبلـ ولكن ُب صورة حكي‬
‫)ا‪ٟ‬تاكي ( ليقدـ هبا ا‪ٟ‬تديث إذل ا‪١‬تتلقي فكأ ّف ّ‬
‫‪3‬‬
‫وهبذا ا‪١‬تفهوـ يعود السرد إذل معناه القدمي ‪,‬حيث ٘تيل ا‪١‬تعاجم العربية إذل تقدٯتو ٔتعٌت النسج أيضا "‬
‫وخبلصة القوؿ السرد ىو ا‪ٟ‬تكي ‪,‬أو الكيفية والطريقة ا‪١‬تتبعة لقص حدث أو أحداث‬
‫متسلسلة سواء كانت واقعية أو خيالية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬الشخصيات المتخيلة في رواية عايشة وأبعادها‬
‫تعترب الشخصية دعامة وحجر األساس ُب العمل الروائي والعنصر احملوري ُب كل سرد ‪,‬فبل‬
‫ٯتكن أف نتصور أي عمل سردي بدوف شخصيات خاصة الرواية ‪.‬ألهنا مركز األفكار و‪٣‬تاؿ ا‪١‬تعاين‬
‫اليت تدور حو‪٢‬تا األحداث‪ ,‬فالشخصية ىي نقطة ارتكاز أفكار الراوي ‪,‬فهي ا‪١‬تعرب عن أفكاره‬
‫وحامل لتوجهاتو وأىدافو ‪ ,‬تعددت مفاىيمها وذىب النقاد واألدباء مذاىب متباينة ٓتصوصها‬
‫سنحاوؿ ضبط مفهومها فيما سيأٌب ‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص ‪.19‬‬


‫‪ 2‬آمنة يوسف ‪ ,‬تقنيات السرد ُب النظرية والتطبيق‪ ,‬دار الفارس للنشر والتوزيع ‪,‬األردف‪ ,‬ط‪, 2015, 2‬ص ‪.38‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ,‬ص ‪.39 ,38‬‬
‫‪42‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ -1‬مفهوم الشخصية لغة واصطالحا ‪:‬‬


‫‪ -1-1‬لغة ‪:‬‬
‫ص اإلنساف وغَته‪ ,‬مذكر‪ ,‬وا‪ٞ‬تمع‬ ‫شخ ِ‬
‫ص ‪ٚ:‬تاعة ْ‬ ‫الش ْخ ُ‬
‫جاء ُب لساف العرب ‪":‬شخص‪ّ :‬‬
‫ص‪ :‬سواء اإلنساف وغَته تراه من بعيد‪ ,‬تقوؿ ثبلثة‬ ‫ِ‬
‫َّخ ُ‬
‫وص وشخاص ‪,‬و الش ْ‬ ‫وشخ ٌ‬
‫أشخاص ُ‬
‫ٌ‬
‫صو وُب ا‪ٟ‬تديث‪ :‬ال َش ْخص أغَت من اهلل‪.‬‬
‫ص‪ ,‬وكل شيء رأيت ُج ْسمانَو‪ ,‬فقد رأيت َش ْخ َ‬ ‫شخ ٍ‬
‫أ ْ‬
‫ظ الش ِ‬
‫َّخص"‬ ‫فاستُعَت ‪٢‬تا لف ُ‬
‫إثبات الذات ْ‬
‫َّخص ‪:‬كل جسم لو ارتفاع وظهور‪ ,‬وا‪١‬تر ُاد بو ُ‬
‫الش ْ‬
‫‪1‬أي أف شخص جاءت ٔتعٌت الظهور والربوز ومقصورة على الذات الظاىرة للعياف أي الظهور‬
‫ا‪ٟ‬تِسي‪ ,‬وكل من رأيت شكلو أو جسمو فقد رأيت شخصو ‪.‬‬
‫ص‬‫َّخص ‪:‬سواء اإلنساف وغَته تراه من بُعد ‪,‬ج‪ :‬أ ْش ُخ ٌ‬ ‫وبالعودة للقاموس احمليط ‪٧‬تد أ ّف" الش ُ‬
‫وج َعل ال يَطْرؼ‪ ,‬ومن‬ ‫ِ‬
‫ص ُره ‪,‬فتح َعْيػنَػيَو َ‬
‫وصا ‪,‬ارتَػ َفع‪ ,‬وبَ َ‬
‫خ ً‬ ‫‪,‬ش ُ‬‫‪,‬كمنَ َع ُ‬
‫ص َ‬ ‫وشخ َ‬ ‫َ‬ ‫أشخاص‬
‫ٌ‬ ‫وص و‬‫وش ُخ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ؼ‪ ,‬والنّ ْج ُم‪ :‬طلع والكلمة من ال َفم‪:‬‬ ‫السهم‪ :‬ارتَػ َفع عن ا‪٢‬ت َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وسار ُب ْارت َف ٍاع ‪ ,‬و َّ ْ ُ‬ ‫ب‪َ ,‬‬ ‫بَػلَد إذل بَػلَد‪ :‬ذَ َى َ‬
‫خفض ِو‬
‫ِ‬ ‫بص ْوتِو ‪,‬فبل يَػ ْق ِد ُر على‬‫شخص َ‬
‫َ‬ ‫ورَّٔتا كاف ذلك خلقو أف يَ‬
‫ِ‬
‫ت ‪٨‬تو ا‪ٟ‬تَنَك األعلى‪ُ ,‬‬ ‫ارتَػ َف َع ْ‬
‫أمر أقْػلَ َقوُ و ْأز َع َجوُ ‪.‬‬ ‫ُِ‬
‫ص بو‪,‬كعٍت‪ :‬أتاهُ ٌ‬ ‫وشخ َ‬
‫ف وا‪١‬تتَػ َفا ِوت" ‪ 2.‬أي‬ ‫ِ‬ ‫وأشخصوُ ‪ :‬أزعجو وفبلف ‪,‬حاف سيػره وذىابو‪ ,‬و ِ‬
‫ص‪ :‬ا‪١‬ت ْختَل ْ‬‫ُ‬ ‫ا‪١‬تتشاخ‬ ‫ُُ‬ ‫َ ْ ُُ‬ ‫َ َُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ْتسب السياقالذي جاءت فيو ٮتتلف ا‪١‬تعٌت‪.‬‬
‫وُب ا‪١‬تقابل ىذه اللفظة ُب اللغة األجنبية وا‪١‬تنحدرة من أصوؿ التينية ‪٧,‬تد أف كلمة‬
‫شخصية ىي تر‪ٚ‬تة لكلمة "‪ "persona‬البلتينية حيث تعٍت " القناع الذي يرتديو ا‪١‬تمثلوف اليونانيوف‬
‫ُب احتفاالاهم و ٘تثيليااهم إلخفاء معادل شخصيااهم ا‪ٟ‬تقيقة "‪.‬أي أنو القناع الذي ٮتفي بو ا‪١‬تمثلوف‬
‫مبل‪٤‬تهم أثناء العرض‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور لساف العرب‪ ,‬مج‪ ,7 ,‬مادة )شخص ( ‪ ,‬ص ‪. 45‬‬


‫‪ 2‬الفَتوز آبادي ‪,‬القاموس احمليط ‪ ,‬ص ‪. 845‬‬
‫‪43‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫" و عن ىذه الكلمة جاء ا‪١‬تصطلح اإل‪٧‬تليزي "‪ " personality‬داال على الشخصية و صارت‬
‫كلمة "‪ "person‬تعٍت مصطلحا أدبيا ٔتعٌت ) القناع األديب ( ‪,‬أي صار ُب النقد يدؿ على الذات‬
‫‪1‬‬
‫أوجها متعددة رٔتا الروائي نفسو أحد تلك األوجو"‬
‫الفاعلة ضمن العمل األديب‪ ,‬فتتخذ ىذه الذات ً‬
‫"و ا‪ٟ‬تق أف اشتقاؽ اللغة العربية يعٍت من وراء اصطناع تركيب )ش خ ص( وذلك كما نفهم‬
‫‪٨‬تن ا للغة العربية على األقل من ضمن ما يعنيو‪ ,‬التعبَت عن قيمة حية عاقلة ناطقة ‪,‬فكأف ا‪١‬تعٌت‬
‫إظهار شيء وإخراجو و٘تثيلو وعكس قيمتو ‪ ...‬وال يعٍت أصل ا‪١‬تعٌت ُب اللغات الغربية إال شيئا من‬
‫ذلك "‪.2‬أي أهنا ٔتعٌت إظهار الشيء و إخراجو و ٘تثيلو و عكس قيمتو ‪,‬و ىي بنفس ا‪١‬تعٌت ُب اللغة‬
‫العربية و اللغات الغربية‪.‬‬
‫‪ -2-1‬اصطالحا‪:‬‬
‫تعدد تعريفات الشخصية ُب االصطبلح ‪ ,‬لذا ‪٧‬تد من يعرفها بأهنا‪ " :‬وغٍت عن البياف أف‬
‫الشخصية الروائية ليست ىي ا‪١‬تؤلف الواقعي وذلك لسبب بسيط ىو أف الشخصية ‪٤‬تض خياؿ‬
‫يبدعو ا‪١‬تؤلف لغاية فنية ‪٤‬تددة يسعى إليها‪,‬وتؤدي القراءة الساذجة ‪ ,‬من جانبها إذل سوء التأويل‬
‫ذاؾ حيث ٗتلط بُت الشخصيات التخيلية واألشخاص األحياء أو تتطابق بينهما " ‪ .3‬أي أف‬
‫الشخصية ىي من صنع خياؿ ا‪١‬تؤلف ‪,‬والشخصيات التخيلية ال ٘تثل األشخاص ا‪ٟ‬تقيقيُت‪,‬والقراءة‬
‫الساذجة وبسيطة ىي اليت تؤدي إذل ا‪٠‬تلط بُت الشخصيات التخيلية واألشخاص ا‪ٟ‬تقيقيُت‪,‬أو‬
‫التطابق بينهما‪.‬‬
‫ومن النقاد الغربيُت الذين اىتموا ٔتفهوـ الشخصية "تودوروف تزفيتان ‪"Tzvetan Todorov.‬‬
‫ْتيث يقوؿ ‪":‬إف قضية الشخصية ىي قبل كل شيء قضية لسانية‪ ,‬فالشخصيات ال وجود ‪٢‬تا خارج‬
‫الكلمات ألهنا ليست سوى )كائنات من ورؽ(‪ ,‬ومع ذلك فإف رفض وجود آية عبلقة بُت الشخصية‬

‫‪ 1‬سعد عودة حسن عدواف ‪,‬الشخصية ُب أعماؿ أ‪ٛ‬تد رفيق عوض الروائية دراسة ُب ضوء ا‪١‬تناىج النقدية ‪,‬نبيل خالد أبو علي ‪ ,‬مذكرة ماجستَت‪,‬‬
‫اللغة العربية‪ ,‬ا‪ٞ‬تامعة اإلسبلمية ‪,‬بغزة ‪,2014,‬ص ‪.6‬‬
‫‪ 2‬عبد ا‪١‬تلك مرتاض ‪ُ,‬ب نظرية الرواية ‪,‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ 3‬حسن ْتراوي‪ ,‬بنية الشكل الروائي) الفضاء الزمن الشخصية(‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب‪ ,‬ط‪ ,1990, 1‬ص‪. 213‬‬
‫‪44‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫و الشخص يصبح أمر ال معٌت لو‪ :‬و ذلك أف الشخصيات ٘تثل األشخاص فعبل و لكن ذلك يتم‬
‫طبقا لصياغات خاصة بالتخيل " ‪.1‬ىذا ا‪١‬تفهوـ عكس ا‪١‬تفهوـ األوؿ‪,‬إذ يرى أف الشخصية ىي قضية‬
‫لغوية ‪ ,‬أي أهنا كائنات من ورقة ‪ ,‬من صنع خياؿ ا‪١‬تؤلف‪ ,‬و ىذه الشخصيات تعرب عن األشخاص‪,‬‬
‫و‪٧‬تمل القوؿ أف " تودوروؼ" جعل الشخصية قضية لسانية‪ ,‬وتؤكد على عبلقة بُت الشخصية‬
‫والشخص ألف الشخصيات ُب نظره ٘تثل التشخيص ‪.‬‬
‫" أف الشخصية ‪":‬وحدة داللية تولد من‬ ‫هامون‪Philippe Hamon.‬‬ ‫ويؤكد " فيليب‬
‫ظ هبا عنها " ‪.2‬أي أف الشخصية ُب‬
‫ظ هبا أو يػُتَػلَ َف ُ‬
‫وحدات ا‪١‬تعٌت وال تبٌت إال من خبلؿ ‪ٚ‬تل تَػتَػلَ َف ُ‬
‫العمل الروائي تتشكل دالالاها شيئا فشيئا‪ ,‬وتنمو صورة الشخصية من خبلؿ ما يتم عرضو حو‪٢‬تا من‬
‫ا‪ٞ‬تمل ا‪١‬تتعلقة هبا ‪.‬‬
‫و لكوف الشخصية العمود الفقري الذي تقوـ عليو الرواية والقصة وا‪١‬تسرح ‪٧,‬تد من عرفها‬
‫بأهنا" مصدر إمتاع و تشويق ُب القصة لعوامل كثَتة "‪ 3‬أي أف الشخصية ىي مصدر ا‪١‬تتعة و‬
‫التشويق‪.‬‬
‫وىناؾ من يعترب الشخصية " مز‪٬‬تا من الواقع والوىم‪ ,‬فهي وىم واقعي أو واقع و‪٫‬تي "‪ 4‬أف‬
‫الشخصية ٕتمع بُت الواقع و ا‪١‬تتخيل‪.‬‬
‫و‪٩‬تتم كحوصلة جامعة ْتكم أف مفهوـ الشخصية ٮتتلف من ناقد إذل ناقد و من باحث إذل‬
‫آخر وتعدد زوايا النظر إليها و بتعدد األىواء و اإليديولوجيات و ا‪١‬تذاىب ‪ ...‬اخل ‪ ,‬هبذا ا‪١‬تفهوـ"‬
‫الشخصية ىذا العادل ا‪١‬تعقد الشديد الًتكيب ا‪١‬تتباين التنوع ‪ ...‬تتعدد الشخصية الروائية بتعدد األىواء‬
‫وا‪١‬تذاىب و اإليديولوجيات و الثقافات و ا‪ٟ‬تضارات و ا‪٢‬تواجس و الطبائع البشرية اليت ليس لتنوعها‬
‫‪5‬‬
‫وال الختبلفها من حدود "‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق ‪,‬ص‪. 213‬‬


‫‪ 2‬فيليب ىاموف‪ ,‬سيمويولوجية‪ ,‬الشخصيات الروائية ‪,‬تر ‪ /‬سعيد بنكراد ‪,‬دار كرـ اهلل‪ ,‬ا‪ٞ‬تزائر ‪,‬د ط ‪ 2012,‬ص ‪. 34‬‬
‫‪٤ 3‬تمد يوسف ‪٧‬تم‪ ,‬فن القصة‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬بَتوت ‪,‬د ط‪, 1996,‬ص ‪. 5‬‬
‫‪ 4‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي ‪,‬البنية السردية ُب الرواية ‪,‬عُت للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ ,‬ا‪ٞ‬تيزة ‪,‬ط‪ ,2009, 1‬ص ‪. 73‬‬
‫‪ 5‬عبد ا‪١‬تالك مرتاض‪ُ ,‬ب نظرية الرواية ‪,‬ص ‪. 73‬‬
‫‪45‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ -2‬تصنيفات الشخصية وأبعادها ‪:‬‬


‫الشخصية ىي احملور الرئيسي للرواية ‪,‬فهي اليت ُٖت ّي الرواية وتبث فيها الروح‪ ,‬وٕتعلها حية‬
‫وحيوية ومتحركة ومتطورة ‪.‬‬
‫قسم النقاد الشخصية إذل عدة تقسيمات ‪,‬تبعا الختبلؼ الرؤى وا‪١‬ترجعيات وا‪١‬تنطلقات لديهم‬
‫من ىذه التقسيمات الشخصية احملدودة الشخصية ا‪١‬تسطحة‪ ,‬الشخصية السليمة الشخصية اإل‪٬‬تابية‬
‫الثابتة‪ ,‬الشخصية النامية الشخصية الرئيسية والثانوية ‪ ,‬وىذا التصنيف األخَت يرتبط بتطور ا‪ٟ‬تدث‬
‫الروائي‪ ,‬وْتسب الوظيفة والفاعلية اليت تقوـ هبا وسيكوف ىذا التصنيف ا‪١‬تعتمد عندنا ُب ىذه‬
‫الدراسة ‪.‬‬
‫‪-1-2‬الشخصيات الرئيسية " المحورية " وأبعادها ‪:‬‬
‫نظرا أل‪٫‬تية ىذه الشخصية ُب العمل الروائي تلقفتها األقبلـ بالتعريف‪ ,‬فهناؾ من يرى أف‬
‫الشخصية الرئيسية يتوقف عليها فهم العمل الروائي‪.‬‬
‫نظرا لبلىتماـ الذي ٖتظى بو من طرؼ السارد‪ ,‬يتوقف عليها‬
‫" إف الشخصيات الرئيسية و ً‬
‫فهم التجربة ا‪١‬تطروحة ُب الرواية فعليها نعتمد حُت ‪٨‬تاوؿ فهم مضموف العمل الروائي "‪.1‬‬
‫و‪٧‬تد مفهوـ أخر ورد فيو‪ ":‬فالروائي يقيم روايتو حوؿ شخصية رئيسية ٖتمل الفكرة و‬
‫ا‪١‬تضموف الذي يريد نقلو إذل قارئو أو الرؤية اليت يريد أف يطرحها عرب عملو الروائي "‪ 2‬أي أف‬
‫الشخصية الرئيسية ىي الوسيلة اليت يستخدمها الروائي لبلوغ مراده ‪.‬‬
‫وتُعترب الشخصية الرئيسية أيضا ‪ ":‬الشخصية الفنية اليت يصطفيها القاص لتمثيل ما أراد‬
‫تصويره أو ما أراد التعبَت عنو من أفكار أو أحاسيس ‪,‬وتتمتع الشخصية الفنية احملكم بناؤىا‬
‫باستقبللية ُب الرأي‪ ,‬وحرية ُب ا‪ٟ‬تركة داخل ‪٣‬تاؿ النص القصصي وتكوف ىذه الشخصية قوية ذات‬
‫فاعلية كلما منحها القاص حرية‪ ,‬وجعلها تتحرؾ وتنمو وفق قدرااها وإراداها ‪ ,‬بينما ٮتتفي ىو بعيدا‬

‫‪٤ 1‬تمد بوعزة‪ٖ ,‬تليل النص السردي تقنيات ومفاىيم ‪,‬منشورات االختبلؼ ‪,‬ط‪ ,2010 1‬ص ‪. 57‬‬
‫‪٤ 2‬تمد علي سبلمة‪ ,‬الشخصية الثانوية ودورىا ُب ا‪١‬تعمار الروائي عند ‪٧‬تيب ‪٤‬تفوظ ‪,‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ‪,‬اإلسكندرية ‪,‬د ط‪,2007 ,‬‬
‫ص ‪. 25‬‬
‫‪46‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬
‫‪1‬‬
‫يراقب صراعها‪ ,‬و انتصارىا أو إخفاقها وسط احمليط االجتماعي أو السياسي الذي رمى هبا فيو "‬
‫أي ىي اليت ٮتتارىا القاص أو الراوي كوسيلة لتعبَت عما أراد تصويره ‪,‬و تكوف مستقلة و ال يتدخل‬
‫القاص فيها‪.‬‬
‫و "ىي اليت تقود الفعل وتدفعو إذل األماـ‪ ,‬وليس من الضروري أف تكوف الشخصية الرئيسية‬
‫بطل العمل دائما‪ ,‬و لكنها الشخصية احملورية و قد يكوف ىناؾ منافس ‪٢‬تذه الشخصية "‪ 2‬أي أهنا‬
‫ىي من تدفع العمل لؤلماـ ‪ ,‬ليست بضرورة أف تكوف الشخصية الرئيسية بطل العمل و لكنها تكوف‬
‫‪٤‬تورية ُب العمل ‪.‬‬
‫‪٦‬تا أسلفنا ذكره نستنتج أف الشخصية الرئيسية ىي احملور والركيزة اليت يقوـ عليها العمل‬
‫السردي‪ ,‬كوهنا مدار األحداث اليت تقود الفعل و تدفعو إذل األماـ‪ ,‬وقد تكوف شخصية واحدة‪ ,‬وقد‬
‫تكوف متعددة‪ ,‬كما ىو ا‪ٟ‬تاؿ ُب رواية "عايشة" مدونة البحث ‪.‬‬
‫بعدما أمعنا النظر ُب مفهوـ الشخصية الرئيسية من خبلؿ ا‪ٞ‬تانب النظري‪ ,‬ننتقل إذل الشق‬
‫التطبيقي و نتبُت الشخصيات الرئيسية ُب رواية " عايشة " ‪.‬‬
‫جل اىتمامها على أربع شخصيات‬
‫ت ّ‬ ‫صبَ ْ‬
‫من خبلؿ قراءتنا للرواية تبُت لنا أف الكاتبة َ‬
‫القادة ‪,‬عباس‪ ,‬وصاحل ( كبل من ىذه الشخصيات‬
‫السرد وىي‪) :‬عايشة‪ّ ,‬‬‫‪٤‬تورية فاعلة ُب سَت عملية ّ‬
‫ظهر بطابع منفرد وسلوؾ خاص وخصائص جسيمة ونفسية واجتماعية ٘تيزه عن غَته و ىذا ما‬
‫ستبينو فيما يلي ‪:‬‬
‫االسم يُعترب من السمات ا‪١‬تميزة للشخصية‪ ,‬وأحيانا ٭تيلنا إذل الشخصية مباشرة ‪,‬ألف من‬
‫ا‪١‬تعلوـ أف الروائي ال يسمى شخصياتو اعتباطا ‪,‬بل يتوخى أف يدؿ االسم على الشخصية ‪ ,‬و تكوف‬
‫ٔت ثابة معادؿ موضوعي ‪٢‬تا‪ ,‬وقد يطلق الكاتب على الشخصية ألقاب مهنية بدؿ أ‪ٝ‬تاء مثل‪,‬‬
‫الفبلح‪ ,‬ا‪١‬تهندس‪ ,‬ا‪١‬تعلم‪ ,‬أو ينسبهم إذل أوطاهنم مثل مصري مغريب ‪,‬جزائري ‪ ...‬أو يطلق عليهم‬

‫‪ 1‬شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط ‪,‬تطوير البنية الفنية ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪, 1985-1947,‬ص ‪. 32‬‬
‫‪ 2‬إبراىيم فتحي ‪ ,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ‪,‬ص ‪.212‬‬
‫‪47‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ٝ‬تات وصفية مثل القائد‪ ,‬ا‪ٞ‬تندي‪ ,‬األمَت‪ ,‬و‪٬‬تب أف تكوف األ‪ٝ‬تاء متناسبة مع مسميااها‪ْ ,‬تيث‬
‫يكوف ُب النص مصداقية فبل يسمى األمُت با‪٠‬تائن‪ ,‬وال الكرمي بالبخيل ‪ ...‬اللهم إال إذا أراد ا‪١‬تفارقة‪.‬‬
‫وما ‪ٟ‬تضنا من األ‪ٝ‬تاء اليت أطلقتها الكاتبة على شخصيااها ُب الرواية أف منها ما ٭تيلنا إذل‬
‫القادة وصاحل وحورية ومنها ما فيها مفارقة بُت االسم والشخصية مثل‬
‫الشخصية مباشرة مثل ّ‬
‫عايشة و عباس ‪.‬‬
‫أوال ‪ /‬عايشة‪) :‬بتخفيف الهمزة إلى "ياء" (‪:‬‬
‫بالعامية السوفية‪ٝ ,‬تاىا أىلها هبذا االسم تيمنِّا منهم أف تعيش ‪٢‬تم بعد الفقد ا‪١‬تتكرر ألبنائهم‬
‫حديثي الوالدة ‪,‬و ىي الشخصية احملورية اليت من أجلها نسج ىذا ا‪١‬تتخيل الروائي و االسم اختارتو‬
‫الكاتبة كصرخة منها أف من حق اإلنساف العيش الكرمي حىت و إف ولد بتخلف ذىٍت‪ ,‬فهذا ال‬
‫يعطي لآلخرين حق سلبو ا‪ٟ‬تياة الكرٯتة‪ ,‬و أيضا اختيار االسم كاف ٭تمل الصفات اليت ٗتدـ الدور‬
‫ا‪١‬تنوط إليها‪ ,‬فعايشة ُب اللغة من " عيش‪ :‬العيش ٔتعٌت ا‪ٟ‬تياة‪ ,‬والعائش ذو حالة حسنة" ‪ 1‬و‬
‫‪3‬‬
‫أيضا ٔتعٌت "حية" ‪,2‬و ىي "ذات حياة و حالة حسنة "‪.‬‬
‫و "عايشة" ُب الرواية اسم على غَت مسمى ‪,‬عاشت نعم‪ ,‬و لكنها دل ٖتيا عاشت بعاىة‬
‫ذىنية مستدٯتة ‪,‬دل يكف أهنا عاشت بعاىة سلبتها حق العيش بطريقة طبيعية بل زاد عليها جور و‬
‫ظلم البشر و استغبل‪٢‬تم ‪٢‬تا‪ ,‬بسبب ما جعلوىا تعانيو ُب حيااها من مصاعب و قسوة و فقداف‬
‫للحناف و الرعاية األبوية و حرماهنا من حضن األسرة الدافئ منذ نعومة أظافرىا ‪.‬‬
‫للشخصية عدة أبعاد‪ ,‬سنفصل ُب ىذه األبعاد فيما سيأٌب‪:‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪ ,‬لساف العرب ‪,‬ج‪ ,6‬مادة )قدر(‪,‬ص ‪. 322 ,321‬‬


‫‪2‬‬
‫ا‪ٟ‬تي ‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية و العربة وتفسَت معانيها‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بَتوت ‪,‬ط‪, 2003, 3‬ص ‪. 91‬‬
‫حنّا نصر ّ‬
‫‪ 3‬شفيق األرناؤوط‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية‪ ,‬دار العلم للمبليُت‪ ,‬بَتوت ‪,‬ط‪ , 1989 ,2‬ص ‪. 128‬‬
‫‪48‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪1‬ـ البعد الفيزيولوجي ) الجسمي( ‪:‬‬


‫ىو الوصف ا‪١‬تبلمح ا‪٠‬تارجية للشخصية ‪ ,‬إذ " يهتم القاص ُب ىذا البعد ‪,‬برسم شخصيتو من‬
‫قصرىا و ‪٨‬تافتُها و بدانتُها‪ ,‬و لوف بشراها و ا‪١‬تبلمح األخرى ا‪١‬تميزة" ‪.1‬أي كل مالو‬
‫حيث طوُ‪٢‬تا و ُ‬
‫عبلقة با‪١‬تبلمح و الصفات ا‪٠‬تارجية للشخصية‪ ,‬أي وصف ما ظهر من الشخصية‪.‬‬
‫ٖتدد ا‪١‬تبلمح و الصفات ا‪٠‬تارجية للشخصية ‪,‬حيث ‪٧‬تد ا‪ٞ‬تنس بنوعيو الذكر و األنثى‪ ,‬و‬
‫شكل اإلنساف من طولو أو قصره و حسنو و وسامتو أو ذمامتو ‪ 2"...‬أي وصف كل ما يتعقل‬
‫بالشخصية من ا‪١‬تظهر ا‪٠‬تارجي ‪.‬‬
‫عرضت الرواية ‪٣‬تموعة من الصفات اليت كانت تتميز هبا "عايشة"‪ ,‬فهي ‪ٚ‬تيلة كجداها‪ ,‬وجو‬
‫‪ٜ‬تري أقرب للطوؿ مع عيوف صغَتة المعة وأنف رقيق حاد ‪,‬عدا بعض البثور ا‪ٟ‬تديثة ا‪١‬تنبت اليت‬
‫تفسد صفاء بشراها‪ ,‬إال أف ابتسامتها البلهاء وحركة يديها الغبية ُب حك شعرىا كلما أدركت أنّك‬
‫٘تعن النظر فيها ‪٬,‬تعبلنك تغَت نظرتك سريعا‪ ,‬فتتبلشى كل مبلمح اإلعجاب اليت قد تكوف‬
‫ارتسمت ُب ‪٥‬تيلتك ‪.‬‬
‫تيسر بالشارع دوما عارية الرأس‪ُ ,‬ب الواقع دل يكن شعرىا وىو مفرود بوحشية مغريا ‪,‬بل من‬
‫غَت ا‪١‬تمكن تسميتو شعرا أصبل سيليق تصنيفو إذل باروكة قدٯتة تشابكت خيوط الشعر فيها‬
‫‪...‬وخصوصا وأف شيئا ما بأعلى ا‪ٞ‬تسد بدأ يظهر كحبيت زيتوف صغَتة‪ ,‬ما لبث أف ازداد حجمو‬
‫تدر‪٬‬تيا‪ ,‬فخاطت ‪٢‬تا فساتُت مغلقة من جهة الصدر‪ ,‬وزادت على ذلك أف جعلتها طويلة حىت‬
‫كعب قدميها ‪.3‬‬

‫‪ 1‬شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط‪ ,‬تطور البنية الفنية ُب الفقو ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪ ,‬ص ‪. 35‬‬
‫‪ 2‬عبد القادر ابو شريفة ‪,‬مدخل إذل ٖتليل النص األديب دار الفكر العريب ‪,‬ط ‪,2008, ,4‬ص ‪. 23‬‬
‫‪ 3‬حواء حنكة ‪,‬عايشة‪ ,‬إصدار الرابطة الوالئية للفكر واإلبداع بوالية الوادي‪ ,‬سامي للطباعة والنشر والتوزيع ط‪, 2016 ,1‬ص‪. 13‬‬
‫‪49‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ 2‬البعد االجتماعي‪:‬‬
‫يظهر من خبلؿ عبلقة الشخصية بغَتىا من الشخصيات ‪ ,‬إذ يهتم السارد "بتصوير‬
‫الشخصية من حيث مركزىا االجتماعي‪ ,‬و ثقافتها و ميو‪٢‬تا و الوسط الذي تتحرؾ فيو" ‪ 1‬أي أف‬
‫السارد يهتم بكل ما يتعلق با‪ٞ‬تانب االجتماعي للشخصية‪.‬‬
‫كما يصور الروائي البعد االجتماعي للشخصية من خبلؿ مكانتها االجتماعية "حيث تتعلق‬
‫ٔتعلومات حوؿ وضع الشخصية االجتماعي وإيديولوجيتها وعبلقتها االجتماعية ) ا‪١‬تهنة ‪,‬طبقتها‬
‫االجتماعية ‪ :‬عامل ‪ /‬الطبقة ا‪١‬تتوسطة ‪ /‬برجوازية ‪ /‬إقطاعي ‪,‬وضعها االجتماعي‪ :‬فقر ‪/‬غٌت‬
‫‪2‬‬
‫أيديولوجيتها رأ‪ٝ‬تارل‪ ,‬أصورل ‪ ,‬سلطة ‪"...‬‬
‫حيث أنو "بإمكاننا أف نعرؼ من خبل‪٢‬تا كل ما يتعلق ْتياة الشخصية كا‪١‬تستوى التعليمي‪,‬‬
‫وأحوا‪٢‬تا ا‪١‬تادية وعبلقااها بكل من حو‪٢‬تا ‪ 3 "...‬أي كل ما لو عبلقة بالشخصية من ميوؿ‪ ,‬أفكار‬
‫الطبقة االجتماعية اليت تنتمي إليها‪ ,‬ا‪١‬تستوى التعليمي ‪...‬‬
‫ويتمثل البعد االجتماعي "لعايشة" ُب ا‪ٟ‬تالة االجتماعية اليت تعيشها‪ ,‬فعايشة من ذوي‬
‫االحتياجات ا‪٠‬تاصة‪ ,‬وىذا ما ذكرتو الرواية ُب ىذا ا‪١‬تقطع السردي "‪ ...‬لكن بعاىة مستدٯتة‪ٗ ,‬تلف‬
‫ذىٍت تطور فيما بعد إذل مرض عقلي‪ ,‬نتيجة تعرضها ‪ٟ‬تمى شديدة أفقداها التوازف بالذاكرة "‪ 4‬وُب‬
‫‪5‬‬
‫‪,‬ر‪ٝ‬تت الكاتبة ا‪١‬تعاناة‬ ‫مقطع آخر تقوؿ ‪ ":‬ولو كاف للبنت ذاكرة ْتجم حبة القمح ‪"...‬‬
‫واألوضاع االجتماعية اليت عاشتها من ٗتلي أىلها إذل إ‪٫‬تاؿ وعدـ عناية ورعاية ا‪ٞ‬تدة ‪٢‬تا وأيضا‬
‫طريقة تعامل اجملتمع مع ىذه الفئة‪ ,‬فلرٔتا أف ا‪ٟ‬تيوانات يرعوهنا ويهتموف هبا و٭تًتموهنا أكثر من‬
‫عايشة فهم ال يعتربوهنا إنساف من حقو أف ٭تًتـ ‪.‬‬

‫‪ 1‬شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط‪ ,‬تطور البنية الفنية ُب الفقو ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪ ,‬ص ‪. 35‬‬
‫‪٤ 2‬تمد بوعزة ‪ٖ ,‬تليل النص السردي تقنيات ومفاىيم ‪,‬ص ‪. 40‬‬
‫‪٤ 3‬تمد غنيمي ىبلؿ النقد األديب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬دار العودة‪ ,‬بَتوت ط‪ ,1982 ,1‬ص ‪. 614‬‬
‫‪ 4‬الرواية‪ ,‬ص ‪.08‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪,‬ص ‪.10‬‬
‫‪50‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫تقوؿ الكاتبة‪" :‬وما إف جاءاهما الفرصة للسفر خارج الببلد قصد العمل ‪ ....‬حىت تركاىا‬
‫‪1‬‬
‫وتضيف أيضا" كانت عايشة ُب الثامنة من‬ ‫‪ٞ‬تداها من أمها القادة لًتعاىا حىت يستقرا"‬
‫العمر‪,‬حيث تركها والداىا ورحبل إذل ديار الغربة ‪, 2 "..‬وأصبحت عايشة بعمر ا‪١‬تراىقة ودل يسأؿ‬
‫أىلها عنها تقوؿ الكاتبة ‪":‬وىا قد صارت اآلف با‪٠‬تامسة عشر إنو عمر ا‪١‬تراىقة يسميو علماء النفس‬
‫ب " عمر ا‪ٞ‬تنوف "‪.‬ما سيسمونو يا ترى ‪١‬تن ىم مثلها ؟ عمر ا‪ٞ‬تنوف مع ا‪ٞ‬تنوف" ‪3‬ىذه الفًتة من‬
‫العمر يكوف صعب التعامل فيها مع األسوياء فما بالك ٔتن ىم ٔتثل عايشة‪.‬‬
‫وتصف لنا الكاتبة كيف كانت "عايشة" تتصرؼ إذ تتقوؿ ‪ ":‬حُت ٕتوع دل تكن تسرؽ من‬
‫الدك اكُت ا‪٠‬تبز والفاكهة‪ ,‬بل تقف عند باب احملل مطوال إذل أف يتصدؽ عليها صاحبو أو‬
‫‪4‬‬
‫يطردىا‪,‬أيضا ال تدخل البيوت ‪,‬تنتظر عند عتبة الباب إذل أف ٯتنحوهنا شيئا ٖتنانا عليها ‪" ...‬‬
‫أي أهنا مسا‪١‬تة ال تؤذي أحدا‪.‬‬
‫عايشة دل ٖتض كباقي من ُب عمرىا باىتماـ ودؼء العائلة فهي تقضي معظم وقتها بالشارع‬
‫‪5‬‬
‫"‪ ...‬فهي طواؿ اليوـ بالشارع وإف حصل وعادت فهي تأٌب مسرعة‪ ,‬تتكور ُب فراشها ٍب تناـ "‬
‫وتضيف أيضا ‪ ....‬تسَت بالشارع دوما عارية الرأس ‪ 6"...‬أي أف عايشة تسكن الشارع ‪,‬كأهنا دوف‬
‫مأوى تذىب إليو‪,‬وىذا كلو ىروبا من معاملة ا‪ٞ‬تدة السيئة ‪٢‬تا‪.‬‬
‫وذكرت الكاتبة كيف كانت تػُ َع َامل عندما ٗترج من البيت كيف كانوا يعتربوهنا وسيلة تسلية‬
‫ولعب ‪ ... ":‬اهروؿ للشارع ٕتري‪ُ ,‬ب األزقة غَت عابئة بكم ا‪ٟ‬تجارة اليت تصيبها‪ ,‬و ال بصياح‬
‫الصبية خلفها ‪":‬عايشة العقونة‪ ,‬عايشة العقونة ‪,‬عايشة العقونة "‪,7‬و‪٧‬تد أيضا ُب موضع آخر ‪":‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.08‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪.08‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.09 , 08‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 14‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص‪.13‬‬
‫‪ 7‬الرواية‪ ,‬ص‪.14‬‬
‫‪51‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫مرت أمامو ٕتري والصبية خلفها يرموهنا با‪ٟ‬تجارة"‪ 1‬و تضيف ُب مقطع سردي آخر قائلة ‪ ":‬و ما إف‬
‫يها‪ٚ‬تها الصبية با‪ٟ‬تجارة ترفع ثوهبا وٕتري فارة منهم‪ ,‬يروهنا فيغرقوف بكركرة طويلة بينما يقف‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تراىقوف منهم ٓتشوع يتابعوف بدقة معاينة كل سنتمًت من جسدىا الظاىر للعياف بفضوؿ جامح"‬
‫أي أنو كانوا يعتربوهنا وسيلة لًتفيو عن أنفسهم‪.‬‬
‫وبعد تكفل صاحل ْتمايتها "دل يعد أي صيب قادر على االقًتاب منها حىت نسوىا وانشغلوا‬
‫باخًتاع العاب أخرى" ‪ 3‬أي أهنم كانوا يعتربوهنا وسيلة للعب والتسلية ‪ٍ,‬ب زىدوا فيها ‪,‬بعد تصدي‬
‫صاحل ‪٢‬تم ‪.‬‬
‫كل ما حصل لعايشة كاف ا‪١‬تتسبب فيو أوال أىلها الذين تركوىا ودل يسألوا عنها وثانيا معاملة‬
‫ا‪ٞ‬تدة القاسية لعايشة وعدـ االىتماـ هبا وال ما جرى معها ‪,‬إذ ‪٧‬تدىا ترد بكل برودة عندما جاءىا‬
‫الصبية ٮتربوهنا أف حصاف عمي جلوؿ عض عايشة ما كاف منها إال أف طرداهم وقالت ‪... ":‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬كانت تغضب من حركااها العفوية‪,‬تقوالكاتبة‪ٍ " :‬ب‬ ‫حصاف ‪٣‬تنوف عض ‪٣‬تنونة وين ا‪١‬تشكل "‬
‫ٕتلس تعد أصابعها‪ ,‬ىذه ا‪ٟ‬تركة بالذات ٕتعل القادة تستشيط غضبا "‪ .5‬و أيضا من ا‪١‬تقاطع‬
‫‪6‬‬
‫السردية اليت ذكرت فيها طريقة تعامل ا‪ٞ‬تدة مع عايشة ‪ ":‬اىلك طيشوؾ و أنا واش ندير بعقونة"‬
‫أي أف القادة كاف ترفض بقاء عايشو عندىا ‪,‬إذا كاف أىلها تركوىا و رحلوا ماذا تفعل ىي هبا‪.‬‬
‫و‪٧‬تد أيضا ‪ ...":‬فهي ال ٖتب ثرثرة النساء حوؿ إ‪٫‬تا‪٢‬تا للبنت ُب ا‪ٟ‬تقيقة ىي تعرؼ أهنا‬
‫‪7‬‬
‫اهملها "‬
‫تذكر الكاتبة أف سبب معاملة ا‪ٞ‬تدة لعايشة هبده ا‪١‬تعاملة اليت ال ر‪ٛ‬تة وال شفقة فيها ‪,‬ىي‬
‫القادة من ابنتها " الفتور و البلّمباالة ال ّذي تلقاه من ابنتها ا‪١‬تسافرة ‪,‬ىو‬
‫الفتور والبلّمباالة الذي تلقاه ّ‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.23‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.50‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪,‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 7‬الرواية ‪.11,‬‬
‫‪52‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الصراخ ُب وجهها لسبب ودوف سبب ‪,‬يقينا ‪٨‬تن ال‬


‫ما زود حقدىا وكرىها لعايشة ‪,‬كانت دائمة ّ‬
‫‪1‬‬
‫شخصا ما بقسوة إف كنا نكرىو‪"...‬‬
‫ً‬ ‫‪٨‬تتاج سببا لنعامل‬
‫دل تكن ا‪ٞ‬تدة وحدىا تغضب من حركااها ‪,‬أيضا عباس كاف يتقزز من حركااها ‪ٖ ":‬تدؽ فيو‬
‫‪2‬‬
‫بببلىة وٖتك رأسها بنفس ا‪ٟ‬تركة الغبية اليت تثَت تقززه ‪"...‬‬
‫وكأف عايشة دل يكفيها ما عانتو‪ ,‬لتكوف ضحية ألصحاب الغريزة ا‪ٟ‬تيوانية ‪,‬فقد تعرضت‬
‫لبلغتصاب من طرؼ عباس لتكوف العينة الصامتة تسرد الكاتبة حادثة االغتصاب إذ تقوؿ‪ ":‬فاقًتب‬
‫منها برغبة أكثر‪ ,‬وترؾ ا‪ٟ‬ترية ليده تسَت بأر٭تية با‪ٞ‬تزء العلوي من جسمها فإذا هبا تستسلم ‪ ...‬دل‬
‫كأي رجل أهنى معها باقي ا‪ٟ‬تكاية "‪ 3‬وُب مقطع سردي‬
‫يشأ أف يضع تفسَتات لؤلمر حىت يتأكد و ّ‬
‫آخر تقوؿ الكاتبة ‪ ":‬من حيث ال يدري كيف تناسى وجعو أغلق الباب بسرعة جحظت عيناه من‬
‫بكل‬
‫الرعب‪ ,‬فرمت قطعة ا‪٠‬تبز من يدىا وراحت جريا ناحية الباب لتفتحو‪ ,‬لكنو أمسك هبا ورماىا ّ‬
‫ما أوٌب من قوة على كرسي ا‪ٟ‬تبلقة‪ ,‬ارتطم رأسها بالطاولة‪ ,‬فسقطت على األرض مغشيا عليها‪,‬‬
‫استيقظت بعد فًتة‪ ,‬بدى العادل ُب عينيها ضبابيا‪ ,‬لكنها استطاعت أف ٘تيّز أف ىناؾ شيئا ما جار‬
‫‪4‬‬
‫على ساقيها ‪"...‬‬
‫من خبلؿ البعد االجتماعي نبلحظ أف عايشة عاشت حياة بائسة ‪٤‬ترومة من ابسط ا‪ٟ‬تقوؽ‪,‬‬
‫بداية من اختيار االسم ‪,‬فاسم عايشة دل ٮتًت إالّ لكوهنا جاءت بعد فقداف والداىا لعدة أطفاؿ‪,‬‬
‫ودؼء وحب وحناف واىتماـ ورعاية أىلها ‪ ,‬الذين تركوىا ورحلوا للعمل ُب ا‪٠‬تارج وما زاد الطُت بلو‬
‫أهنم دل يكفيهم الرحيل بل أ‪٫‬تلوىا ودل يسألوا عنها خاصة بعد إ‪٧‬تاهبم لولدين وتركوىا للقادة تعاين‬
‫األمرين قسوة القادة وإ‪٫‬تا‪٢‬تا‪.‬كانت تعاملها هبذه الفضاعة نكاية بأىلها و طريقة تعاملهم معها‪٦ ,‬تا‬
‫جل وقتها ‪ ,‬والشارع ال يرحم ‪ ,‬فقد كانت وسيلة للعب‬
‫دفع بعايشة للفرار للشارع الذي تقضي فيو ّ‬
‫والًتفيو وا‪١‬تتعة للصبية ا‪ٟ‬تي ‪ ,‬وكانت ضحية استغبلؿ ألصحاب الغرائز ا‪ٟ‬تيوانية ‪,‬إذ تعرضت‬

‫‪ 1‬الرواية‪,‬ص‪.9‬‬
‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص‪.30‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.33‬‬
‫‪53‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫لبلغتصاب من طرؼ حبلؽ القرية‪ .‬ىذا يبُت لنا سلبية اجملتمع ‪ ,‬وكيف أنو ‪٣‬تتمع يفتقد لثقافة احًتاـ‬
‫اآلخر مهما كاف ‪,‬وبالعكس الفئة اليت تنتمي إليها عايشة أكثر فئة ٖتتاج من اجملتمع االىتماـ وا‪ٟ‬تب‬
‫والتقدير ‪.‬فعايشة كانت ضحية إ‪٫‬تاؿ والداىا ومعاملة جداها‪ ,‬واجملتمع ‪.‬‬
‫‪ -3‬البعد النفسي )السيكولوجي(‪:‬‬
‫يهتم با‪ٟ‬تالة النفسية للشخصية ‪ ,‬ىي األوصاؼ الداخلية للشخصية اليت تتضمنها الرواية‬
‫‪":‬اليت يربع السارد ا‪٠‬تارجي ُب تقدميها بناء على قدرتو على معرفة ما يدور ُب ذىن الشخصية‬
‫وأعماقها " ‪ 1‬أي أف السارد ىو الذي يقوـ بإبراز ما يدور ُب ذىن الشخصية وأحوا‪٢‬تا النفسية من‬
‫مشاعر و عواطف و طبائع و سلوكيات و مواقف من القضايا اليت ٖتيط هبا ‪.‬‬
‫وأيضا " الشخصية من أصعب معاين علم النفس تعقيدا‪ ,‬وتركيبا وذلك ألهنا تشمل الصفات‬
‫ا‪ٞ‬تسمية و الوجدانية‪ ,‬وا‪٠‬تلقية ُب حالة تفاعلها مع بعضها البعض لشخص معُت يعيش ُب بيئة‬
‫اجتماعية معينة "‪ 2‬أي أف الشخصية تشمل الصفات ا‪ٞ‬تسمية والوجدانية وا‪٠‬تلقية لشخص يعيش‬
‫ُب بيئة اجتماعية معينة‪.‬‬
‫والبعد النفسي ‪٬‬تمع بُت البعدين السابقُت‪ ,‬و يتمثل أيضا ىذا البعد ُب ما ٯتيز الشخصية عن‬
‫باقي الشخصيات مثل الطيبة‪ ,‬ا‪ٟ‬تناف‪ ,‬القسوة‪ ,‬الثرثرة‪ ... ,‬أيضا ما يظهر عليها من انفعاالت‬
‫وأحاسيس وعواطف مثل الفرح‪ ,‬ا‪٠‬تزف‪ ,‬الغضب ‪ ,‬ا‪٠‬توؼ ‪.‬‬
‫من خبلؿ دراسة األبعاد ‪٧‬تد أهنا متداخلة فيما بينها وأف ىذه األبعاد ىي اليت تكوف‬
‫الشخصية‪ ,‬فالشخصية مركبة من ىذه األبعاد الثبلث األساسية " ا‪ٞ‬تسمية والنفسية واالجتماعية "‬
‫وال ٯتكن ألي شخصية أف تكوف معدومة منها ‪.‬‬
‫فافًتعن ثغرىا‬
‫أما البعد النفسي " لعايشة " فتصفها الكاتبة أهنا صاحبة ابتسامة ناعمة " ّ‬
‫ابتسامة ناعمة "‪ , 3‬وُب موضع آخر تضيف ‪ " :‬تراءت لو تلك االبتسامة الناعمة ‪.1 "...‬‬

‫‪ 1‬أ‪ٛ‬تد مرشد ‪,‬البنية والداللة ُب روايات نصر اهلل ‪,‬دار فارس للنشر والتوزيع‪ ,‬بَتوت‪ ,‬ت ط ‪,2003, 1‬ص ‪. 68‬‬
‫‪ 2‬عبد ا‪١‬تنعم ا‪١‬تيبلدي ‪,‬الشخصية و سيمااها‪ ,‬مؤسسة شباب ا‪ٞ‬تامعة اإلسكندرية ‪,‬د ط ‪, 2006,‬ص ‪. 25‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.25‬‬
‫‪54‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫كما تظهر مبلمح ا‪٠‬توؼ وا‪ٟ‬تزف على عايشة إذ تقوؿ الكاتبة‪ ":‬عادت عايشة مبكرا دوف‬
‫ضحكتها البلهاء ‪.2 "...‬‬
‫وتضيف"‪ ...‬صحيح أهنا تتسمر ىلعة كلما رأت عيناىا تتسع وٖتمر مع حركة شفتيها السريعة‬
‫إال أهنا ال ترد إال بابتسامتها البلهاء ا‪١‬تعهودة ‪ 3"...‬وأيضا ‪٧‬تد حالة خوؼ لعايشة "‪ ...‬فصاحت‬
‫‪4‬‬
‫عايشة فزعة ‪"...‬‬
‫‪5‬‬
‫وذكرت الكاتبة أف عايشة كانت مسا‪١‬تة وال تؤذي أحدا "‪ ..‬دل تكن عدائية مطلقا ‪"...‬‬
‫وتضيف قائلة " ‪ ...‬و٭تدث أحيانا أف ٯتنحها ا‪١‬تارة بعض الدنانَت‪ ,‬يفتكها األطفاؿ منها فبل‬
‫ا‪ٞ‬تدة ‪. 6 "...‬‬
‫تبدي أي نوع من ا‪١‬تقاومة سوى ا‪٢‬تروب فزعة إذل بيت ّ‬
‫و‪٧‬تد الكاتبة تصف حالة جنوف ىستَتي لعايشة بسبب حلم " ىبت عايشة من الكابوس‬
‫جالسة يغسلها العرؽ‪ ,‬فتحت عينيها على وجو ا‪ٞ‬تدة فصرخت والتصقت با‪ٞ‬تدار‪ ,‬اقًتبت ا‪ٞ‬تدة‬
‫منها بلطف لتسقيها ا‪١‬تاء‪ ,‬لكن عايشة ظلت اهرب منها وتصرخ بسملت ا‪ٞ‬تدة واقًتبت منها أكثر‬
‫بكل‬
‫فإذا هبا اها‪ٚ‬تها‪ :‬اختطفت عايشة إناء ا‪١‬تاء من يدىا فتناثر ما فيو بأرض الغرفة وراحت تضرهبا ّ‬
‫ما أوتيت من قوة ‪.‬القادة مطروحة أرضا تقاوـ الضربات ‪,‬وعايشة ْتالة جنوف ىستَتي ال تتوقف عن‬
‫‪7‬‬
‫الضرب حىت غابت القادة عن الوعي ‪"...‬‬
‫ّ‬
‫تبينا من خبلؿ البعد النفسي أف عايشة كأي إنساف طبيعي تشعر بالفرح وا‪ٟ‬تزف وا‪٠‬توؼ وال‬
‫دخل لتخلف الذىٍت هبذا ‪,‬ىذه فطرة اإلنساف‪ ,‬وأحيانا ‪٧‬تد مرضها يسطر عليها فتظهر حاالت من‬
‫العصاب الذىٍت وحالة من الثورة ا‪٢‬تستَتيّة ‪,‬كما ‪٧‬تد تذبذب ُب وصفها فكاتبة تصفها تارة أهنا‬
‫مسا‪١‬تة وال تؤذي أحدا ‪ ,‬ومرة تظهرىا لنا ُب قمة التوحش والعنف مع جداها! ‪.‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.31‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص‪. 10‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 5‬الرواية‪,‬ص‪.12‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.14‬‬
‫‪ 7‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 39 ,38‬‬
‫‪55‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫القادة‪:‬‬
‫ثانيا‪ّ /‬‬
‫جدة عايشة ألمها ‪,‬وىي من كانت ترعاىا ُب غياب أىلها والقادة اسم قدمي ٔتعٌت ا‪١‬ترأة القادرة‬
‫قادة‬
‫وشداها فيقاؿ بلهجة أىل "اعميش" ‪",‬امرأة ّ‬ ‫على ٖتمل أعباء ا‪ٟ‬تياة وىناؾ من تكٌت بو لغلطتها ّ‬
‫أو مقدودة"‪ ,1‬وىي ا‪١‬ترأة " القوية"‪, 2‬وأيضا ىي ا‪١‬ترأة "ا‪١‬تستطيعة ٖتس التقدير"‪,3.‬وُب اللغة القادة من‬
‫وم ْق ُد َرةٌ‪:‬أي‬ ‫ٔتعٌت ‪,‬ويقاؿ ‪:‬مارل عليو م ْق َدرةُ ِ‬
‫وم ْقد َرةُ َ‬
‫َ َ َ‬ ‫الفعل"قدر‪:‬قَ ْد ُر الشيء مبلَغُو وقَ َد َر اهلل وقَ ْد ُرهُ َّ‬
‫فبلف ليلةٌ ِ‬
‫قاد َرة ‪,‬إذا كانت ليِّػنَةَ السَت‬ ‫أرض ٍ‬‫قُ ْد َرةُ ‪,‬ورجل ذو قُ ْد َرةٍ أي ذو يسار‪,‬ويقاؿ ‪:‬بُت أرضك و ِ‬
‫‪,‬واالقتدار على الشيء‪ :‬ال ُق ْد َرةُ عليو"‪.4‬‬
‫‪1‬ـ البعد الجسمي ) الخارجي( ‪:‬‬
‫أوردت الكاتبة بعض ا‪١‬تظاىر والصفات ا‪٠‬تارجية ا‪١‬تتعلقة بشخصية " القادة " نتوضح ىذا‬
‫من قو‪٢‬تا ‪ ":‬امرأة ُب عقدىا السادس‪ ,‬أرملة مات زوجها منذ سنوات وىو عائد من ا‪ٟ‬تج "‪ 5‬وُب‬
‫مقطع سردي آخر تقوؿ ‪ ":‬ىي سيدة ‪ٚ‬تيلة ‪,‬دل تستطيع سنوات العمر الستُّت أف تسرؽ منها‬
‫‪ٚ‬تا‪٢‬تا البدوي األصيل‪ ,‬عيناف واسعتاف ذاتا نظرة َحادةَّ‪ ,‬ووجو مستدير‪ ,‬شفاه غليظة وأنف رقيق "‬
‫‪, 6‬وتضيف أيضا ‪ ":‬عجوز ستينية ال تقوى على ا‪ٟ‬تركة "‪.7‬‬
‫‪-2‬البعد االجتماعي‬
‫يقوـ ىذا البعد على إبراز ا‪٢‬تيئة االجتماعية‪ ,‬تعد شخصية " القادة" من الفئة ا‪١‬تتوسطة ُب‬
‫اجمل تمع‪ ,‬ومن كبار السن ‪,‬كانت امرأة اجتماعية وال تعاين من أي مشاكل صحية قبل رعاية‬
‫عايشة ولكن بعد رعايتها لعايشة تغَت حا‪٢‬تا فقد جاء على لساف الكاتبة‪" :‬كانت اجتماعية ُب‬
‫سابق عهدىا ودل تكن تعاين من أي مرض‪ ,‬بعد موافقتها لرعاية عايشة‪ ,‬عانت من ارتفاع الضغط‬

‫‪ 1‬الرواية‪,‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫ا‪ٟ‬تي‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية وا‪١‬تعربة‪,‬ص‪. 96‬‬
‫‪ 3‬جنّا نصر ّ‬
‫شفيق األرناؤوط قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية وا‪١‬تعربُت ‪,‬ص‪. 135 ,‬‬
‫‪4‬ا‪ٞ‬توىري‪ ,‬تاج اللغة وصحاح العربية‪ ,‬تح ‪٤ /‬تمد ‪٤‬تمد تامر وآخروف ‪,‬دار ا‪ٟ‬تديث ‪,‬دط‪ 2009,‬ص‪.920, 919‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 7‬الرواية ‪,‬ص ‪. 12‬‬
‫‪56‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الدموي‪ ,‬السكري و باتت انطوائية ال ٗترج إال لشيئُت التعزية إف مات أحد ا‪ٞ‬تَتاف أو لشراء لوازـ‬
‫‪1‬‬
‫البيت "‬
‫‪ -3‬البعد النفسي ‪:‬‬
‫ر‪ٝ‬تت لنا الكاتبة ُب عدة مقاطع سردية مبلمح و صفات لشخصية "القادة"‪ ,‬اىتمت كثَتا‬
‫إلبراز األبعاد النفسية ‪٢‬تذه الشخصية‪ ,‬وصفت الكاتبة "القادة" بأهنا تكن ا‪ٟ‬تقد والكره لعايشة إذ‬
‫تقوؿ‪ ...":‬ىو ما زود حقدىا وكرىها لعايشة كانت دائمة الصراخ ُب وجهها لسبب أو دوف سبب‪,‬‬
‫يقينا ‪٨‬تن ال ‪٨‬تتاج لنعامل شخص ما بقسوة إف كنا نكرىو ىي كانت كذلك ترميها دوما بعبارااها‬
‫" ليس‬ ‫ا‪١‬تعتادة أىلك طيشوؾ‪ ,‬ونايا واش ندير بعقونة " ‪ , 2‬وُب موضع آخر تضيف قائلة ‪:‬‬
‫ىناؾ من مربر لكل ىذا ا‪ٟ‬تقد عايشة دل تكن عدائية مطلقا "‪. 3‬‬
‫القادة دل تكن صدر األـ ا‪ٟ‬تنوف لعايشة ‪,‬وبدؿ أف تعوضها بعض من حناف أمها ‪ ,‬كانت‬
‫تغضب منها ألتفو األسباب ‪,‬وتكوف معها ُب قمة التوحش " ‪ ...‬ىذه ا‪ٟ‬تركة بالذات ٕتعل‬
‫القادة تستشيط غضبا "‪ .4‬االستياء الذي كانت تشعر بو القادة بسبب والدي عايشة‪٬ ,‬تعلها‬
‫تصب ‪ٚ‬تّا غضبها على عايشة كعقوبة ألىلها "ير٭تها عدـ االختبلط بالناس ‪,‬فهي ال ٖتب ثرثرة‬
‫النساء حوؿ إ‪٫‬تا‪٢‬تا للبنت ‪ُ,‬ب ا‪ٟ‬تقيقة ىي تعرؼ أهنا اهملها ‪,‬لكنها ٘تارسو كعقاب البنتها ووالدىا‬
‫) البنت ( تدعوه ىكذا مذ سافر ‪ ,‬ترى أنو لو كاف ٯتلك ذرة رجولة لعجل باستخراج الوثائق و حفظ‬
‫عاره ورىب ابنتو ُب بيتو ‪,‬وألنو ‪٥‬تنث طبعا فهو يًتكها لعجوز ستينية ال تقوى على ا‪ٟ‬تركة ‪ ,‬ىذا ما‬
‫كانت تردده دوما وٖتكيو بلهجة غاضبة‪ ,‬ينتهي األمر هبا غالبا إذل رمي عصاىا على عايشة ‪,‬فتفر‬
‫ىربا إذل الشارع"‪ , 5‬وصلت درجة حقد القادة على عايشة أهنا كانت تتمٌت أف ال تعود من الشارع‬
‫إال وىي ميتة تقوؿ الكاتبة‪" :‬وكم تتمٌت القادة حُت يشتد هبا الغضب أف ال تعود منو إال ميتة "‬

‫‪ 1‬الرواية ‪,‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪. 10 ,9‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪,‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 4‬الرواية‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪.11,12,‬‬
‫‪57‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪,1‬ويتواذل وصف الكاتبة للقادة حيث تقوؿ ُب مقطع سردي آخر‪ ...":‬تكوف القادة بقمة توحشها‬
‫ال تكفيها الشتائم اليت ترميها كالسهاـ كل ثانية ‪,‬بل تضرهبا بعكازىا إذل أف تشعر بالفتور و التعب‬
‫"‪ 2‬وىذا ليس غريب فالقادة كانت صاحبة لساف سليط " فهي تعرؼ لساهنا السليط ومقدراها‬
‫العجيبة ُب إطبلؽ الشتائم "‪.3‬‬
‫بعد عضت ا‪ٟ‬تصاف لعايشة ‪,‬ظهرت ُب القادة بذرة حناف نرى ىذا ُب رعايتها لعايشة ‪١‬تدة‬
‫‪ 1‬أياـ " ‪١‬تا رأاها ا‪ٞ‬تدة بتلك ا‪ٟ‬تاؿ ‪,‬شيء ما ٖترؾ بداخلها ‪ ...‬مسحت على رأسها بلطف‪...‬‬
‫وكأـ حنوف رؤوـ ضمدت جرحها ‪ ...‬ترسل نظرات لطيفة بُت الفينة واألخرى ‪4 " ...‬وُب اليوـ‬
‫الرابع للحادثة مشطت القادة شعر عايشة ألوؿ مرة تقوؿ الساردة‪":‬صحت عايشة صبيحة اليوـ‬
‫ا‪ٞ‬تدة عند رأسها حاملة بيدىا مشطا ‪.5"...‬‬
‫الرابع ‪...‬فوجدت ّ‬
‫وغنت ‪٢‬تا وىي ٘تشط شعرىا قائلة‪ ":‬ريت خد عايشة ضاوي ‪,‬وأما الشفايف وزد مفتح‬
‫راوي‪.6"...‬‬
‫بعد ىذه ا‪ٞ‬تولة ُب األبعاد النفسية للقادة تبُت لنا أهنا طيبة وحنونة ولكن ا‪ٞ‬تفى والقسوة‬
‫والبلمباالة اليت تلقتها القادة من أـ و والد عايشة أرجعتو قسوة وسوء معاملة لعايشة كعقوبة‬
‫لوالدىا ‪,‬رغم ىذا ليس ىناؾ مربرا لنعامل شخصا بقسوة مهما كانت األسباب‪.‬‬
‫ثالثا‪ /‬عباس ‪:‬‬
‫رجل أربعيٍت متزوج ليس لديو لو أوالد يعيش ُب "اعميش" مع زوجتو حورية وعباس من "أ‪ٝ‬تاء‬
‫األسد والشخص الكثَت العبوس" ‪7‬وٖتمل ىذه الشخصية أبعاد ‪٥‬تتلفة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ البعد الخارجي‪:‬‬

‫‪1‬الرواية ‪,‬ص ‪. 12‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪.14‬‬
‫‪3‬الرواية ‪,‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪,‬ص‪.18‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص‪.19‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 9‬‬
‫‪ 7‬ينظر حنا نصر حي‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية وا‪١‬تعربة وتفسَت معانيها‪ ,‬ص ‪. 51‬‬
‫‪58‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫مبلمح شخصية "عباس " غَت واضحة ‪,‬إال أننا ‪٧‬تد الروائية قدمت وصفا صغَتا ‪٢‬تا بقو‪٢‬تا ‪:‬‬
‫" عباس رجل أربعيٍت مبل‪٤‬تو دل تكن عابسة كا‪ٝ‬تو‪ ,‬فم ضاحك دوما ‪.1 " ...‬أي أف إنساف مرح‬
‫وضحوؾ عكس ا‪ٝ‬تو‪.‬و نفهم من ىذا الوصف أف عباس رجل كهل أي ُب مرحلة الكهولة ‪,‬دل‬
‫تعطي الكاتبة ىذه الشخصية حقها مورفولوجيا بل اىتمت ّتوانب أخرى من شخصيتو ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ البعد االجتماعي‪:‬‬
‫من خبلؿ قراءة الرواية توضحت لنا األبعاد االجتماعية لشخصية "عباس"‪ ,‬وىذا من خبلؿ‬
‫الكل يعرفو ‪.‬كيف وىو‬
‫الكل و ّ‬‫حد ا‪١‬تلل يعرؼ ّ‬ ‫عدة مقاطع سردية ‪,‬إذ تقوؿ الكاتبة‪":‬ثرثار إذل ّ‬
‫حبلقهم ‪ٚ‬تيعا‪ 2"...‬أي أنو كاف رجبل اجتماعيا يعرؼ الكل والكل يعرفو ‪,‬وساعدتو مهنتو ُب ىذا‪.‬‬
‫وعباس مرتبط ودل يرزؽ بأوالد تقوؿ السارة‪ ":‬متزوج منذ عشرين عاما ‪,‬لكنّو دل يرزؽ‬
‫‪3‬‬
‫باألوالد‪"...‬‬
‫أما ا‪ٟ‬تالة ا‪١‬تادية كاف متوسطة حالو حاؿ الناس ُب ا‪١‬تنطقة ‪,‬نبلحظ ىذا ُب قوؿ الكاتبة ‪":‬رغم‬
‫ا‪١‬تتعددة لؤلطباء وضياع ‪ٚ‬تيع موارده ا‪١‬تالية اليت يرْتها من احملل‪4"..‬ومن قو‪٢‬تا أيضا‪ٍ..":‬ب‬
‫زياراتو ّ‬
‫أخربىم إف م صلحة الكهرباء تطالبو بدفع الفاتورة ‪...‬من يسلفٍت مائيت ألف‪,‬نرجعها لو الشهر‬
‫ا‪ٞ‬تَت"‪٦...‬تدد ُب فراشو وعيناه مزروعتاف ُب‬
‫ّ‬ ‫ا‪ٞ‬تاي"‪, 5‬ومن حالة غرؼ البيت اليت يتساقط منها‬
‫السقف ‪,‬ال ينزعهما عنو إال حينما تتساقط بعض بقايا ا‪ٞ‬تَت عليو‪.6"..‬وأيضا لو ابنة غَت شرعية من‬
‫ّ‬
‫عايشة ‪ٙ,‬ترة االغتصاب‪.‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 21‬‬


‫‪2‬الرواية ‪.22, 21,‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪,‬ص‪.22‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪,‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪,‬ص‪.23‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪,‬ص‪.42‬‬
‫‪59‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪3‬ـ البعد النفسي ‪:‬‬


‫إف الوصف الداخلي للشخصيات ‪٬‬تب أف يكوف داخل الرواية ‪,‬حيث أف الكاتبة حاولت تسليط‬
‫الضوء على نفسية "عباس " الداخلية من خبلؿ ا‪١‬تونولوج الداخلي ُب قو‪٢‬تا ‪ ...":‬وأنت ألست‬
‫حثالة ؟! قاؿ عباس لنفسو نعم أنا حثالة‪ ,‬أنا ابن الشيطاف‪ ,‬أنا الشيطاف نفسو‪ّ ,‬ردد عباس ىذا‬
‫مطوال "‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫ا‪١‬تونولوج الداخلي ‪ ":‬ىو ا‪ٟ‬تديث الفردي الذي يدور بُت الشخصية وذااها ‪".‬‬
‫وتظهر صفة ا‪٠‬توؼ عنده إذ تقوؿ الكاتبة ‪ُ ":‬ب الواقع ىو ٮتاؼ احملاولة‪ ,‬أحيانا يتمٌت لو ينزع‬
‫عقدة ا‪٠‬توؼ عنو "‪.3‬‬
‫وُب مقطع سردي آخر ‪٧‬تد كناية للخوؼ "ما إف ‪ٝ‬تع االسم حىت كاد يغمى عليو‪ ,‬ارتعدت‬
‫فرائسو ‪,‬فلم يقوى على ٖتريك جسمو ‪, 4"...‬وُب مقطع آخر تقوؿ ‪ ":‬فكل ا‪٠‬توؼ أف بعد ىذا‬
‫التعب ال ينجب ‪ 5"...‬مات قبل أف يعرؼ أنو ٯتكنو اإل‪٧‬تاب‪.‬‬
‫وتضيف أيضا ‪...":‬فكل خوفو أف يشي صاحل بو ‪ ,‬٭تس أنو قد فتح على نفسو باب جهنّم‪,‬‬
‫لذا ىو طواؿ الوقت يفكر فيما سيؤوؿ إليو حالو‪ ,‬فهو يعلم ثرثرتو البلمتناىية ‪,‬ما يفعل لو أخرب‬
‫السلطات عن فعلتو وانتهى بو األمر سجينا عوض العار الذي سيلتصق بو حىت موتو‪,‬‬ ‫الناس و ّ‬
‫‪6‬‬
‫السامري ويقضي باقي عمره وحيدا‪ ,‬إذ ال مساس "‪.‬‬
‫ستكرىو حورية وسينبذه الناس ‪,‬كما نبذ ّ‬
‫كما يظهر لنا ا‪٠‬تطاب الروائي حاالت الغضب اليت تعًتي عباس " هنض من فراشو واعتدؿ‬
‫جالسا وعبلمات الغضب ٘تآل ‪٤‬تيّاه ‪ ,7"...‬وُب مقطع سردي آخر ‪٧‬تد " واش بيك واصلة ‪٢‬تنا راىوا‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص‪.32‬‬
‫‪ 2‬صبيحة عودة رغب ‪ٚ,‬تاليات السردي ُب ا‪٠‬تطاب الروائي عند غساف كتفاٌب ‪,‬دار ‪٣‬تدالوي ‪,‬عماف ‪,‬ط‪, 2006, 1‬ص ‪. 131‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪,‬ص‪.22‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪,‬ص ‪.40‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪,‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪,‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 7‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.43‬‬
‫‪60‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫مشَت إذل أرنبة انفو "‪ 1‬كناية للغضب ‪,‬وُب مقطع آخر ‪ ":‬فانكب عليها يضرهبا بكل الغضب الذي‬
‫٭تمل "‪ 2‬و تضيف أيضا " فكيٍت ‪,‬روحي فكيٍت )!!بغضب( "‪.3‬‬
‫وتنقلنا الكاتبة إذل ‪ٝ‬تة أخرى وىي ابتسامة عباس ا‪٠‬تبيثة وشقية و‪٧‬تد ىذا ُب وصفها إذ‬
‫"‬ ‫تقوؿ ‪ ":‬ابتسم ىو أيضا ٓتبث "‪ُ .4‬ب موضع آخر تقوؿ ‪ ":‬ضحك لشقاوتو ‪ ,5"...‬وتضيف‬
‫انزعج عباس لكنو حاوؿ رسم ابتسامة ‪,‬فجاءت رغما عنو ىجينة"‪.6‬‬
‫وتنتقل بنا الكاتبة إذل حالة الندـ والقلق والتعب النفسي الذي طاؿ عباس بعد ا‪ٞ‬ترـ الذي‬
‫ارتكبو ْتق عايشة‪.‬‬
‫تبدأ با‪ٟ‬تالة الضيق اليت غزت روحو‪ ,‬نفهم ىذا من قوؿ الكاتبة ‪ ":‬بعض من الضيق غزا روحو‪,‬‬
‫فأغلق الباب بعنف "‪, 7‬وأما عن شعوره بالندـ الذي جعل النوـ يفارقو فتقوؿ ‪ ":‬كيف للنوـ أف‬
‫يقًتب منو وشعور الندـ يعتصره "‪.8‬‬
‫وتقوؿ الكاتبة ُب حالة عباس الذي دل يعد يعي ٔتا ىو حولو وفقد طعم ا‪ٟ‬تياة "‪ ...‬وحده‬
‫‪٦‬تددا طواؿ‬
‫عباس ال يعلم كم يوما مضى ‪.‬فهو دل يغادر بيتو من يوـ الواقعة‪,‬بل دل يغادر غرفتو ‪ّ ,‬‬
‫الوقت ُب فراشو وعيناه مزروعتاف ُب السقف ‪,‬ال ينزعهما عنو إال حينما تتساقط بعض بقايا ا‪ٞ‬تَت‬
‫عليو ٭ت ّكهما دوف وعي كا‪١‬تغيّب‪.9"...‬‬
‫ومن شدة ندمو بكى و جرى الدمع على خديو تقوؿ الكاتبة‪ " :‬غلبو الدمع فبكى ىكذا ‪٨‬تن‬
‫وقت ال ‪٧‬تد ا‪١‬تربرات نبكي وقت الذنب نبكي"‪. 10‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.27‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.45‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪,‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪,‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.29‬‬
‫‪ 7‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 8‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 9‬الرواية ‪,‬ص‪.42‬‬
‫‪ 10‬الرواية ‪,‬ص ‪.44‬‬
‫‪61‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫تفاقم ال تعب النفسي وشعور الندـ بعد علم صاحل وزوجتو حورية لدرجة أف ينهي حياتو‬
‫بانتحار"‪ ...‬وإذا بعباس أمامها‪ ,‬غطّت وجهها بيديها وصرخت كاف‪ ,‬يلف رقبتو حبل معلّق با‪١‬تروحة‬
‫"‪ , 1‬بعد ىذا الطرح ألغوار نفس عباس انتهت حياتو بانتحار كجزاء على فعلو ‪.‬‬
‫ُب األخَت بعد دراسة أبعاد شخصية عباس تبينا أنو كاف يسيطر عليو ا‪٠‬توؼ من ٕتربة الزواج‬
‫مرة أخرى ‪,‬كاف ٮتاؼ أف يكوف العيب فيو ال ُب زوجتو ‪,‬ألف عدـ اإل‪٧‬تاب ُب ‪٣‬تتمع "اعميش" يعٍت‬
‫عدـ الرجولة‪,‬لذا اعتدى على عايشة لتكوف عينة اختبار إذا ‪ٛ‬تلت تزوج ‪,‬و إذا دل ٖتمل أبقى على‬
‫زوجتو‪,‬لكن علم بفعلتو ىذه صاحل وحورية زوجتو ‪٦‬تا شدد عليو ا‪٠‬تناؽ ‪,‬مع تأنيب الضمَت ‪٦‬تا جعلو‬
‫‪٬‬تعل حدا ‪ٟ‬تياتو باالنتحار‪.‬‬
‫رابعا ‪ /‬صالح‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫"خيِّػٌر‬
‫ذو "أصوؿ تشادية ‪,‬أحد أبناء "اعميش " ترىب فيو " وصاحل اسم على مسمى معناه َ‬
‫مستقيم ‪,‬جدير" ‪ 3‬و ُب لغة مشتق من "الصبلح والصبلح‪ :‬ضد الفساد "‪.4‬‬
‫‪1‬ـ انثعذ انجسًي‪:‬‬
‫دل تقدـ الكاتبة وصفا كثَتا ‪٢‬تذه الشخصية ألف جل اىتمامها نصب على أفعالو وليس‬
‫شكلو‪ ,‬تقوؿ الكاتبة ‪ ":‬صاحل رجل ز‪٧‬تي أسود‪ ,‬عائلتهم الوحيدة با‪١‬تنطقة اليت ٖتمل ىكذا بشرة‬
‫مع أنو ٭تمل نفس اللقب معهم "‪5‬وُب موضع آخر تقوؿ‪ " :‬أعزب دل يتزوج رغم أنو قد جاوز‬
‫‪6‬‬
‫األربعُت من عمره ال ألهنم يرفضوف تزويج بنااهم لرجل أسود بل لسبب جسماين يعلمو ىو وحده "‬
‫وُب مقطع سردي آخر توضح أف سبب ىذا العجز ىو حادث تعرض لو إذ تسرد ‪ ":‬ىو لن‬
‫يستطيع إال أف يكوف حاميا ‪٢‬تا ظل حائِ ٍط ٖتتمي بو ال أكثر فهو يعرؼ ٘تاما ا‪١‬تعرفة‪ ,‬أنو بعد تلك‬

‫‪ 1‬الرواية ‪,‬ص ‪.46‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 48‬‬
‫‪3‬‬
‫ا‪ٟ‬تي‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية و ا‪١‬تعربة ‪,‬ص ‪. 47‬‬
‫حنّا نصر ّ‬
‫‪ 4‬الفَتوز آبادي‪ ,‬القاموس احمليط‪ ,‬ص‪. 939‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.49‬‬
‫‪62‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ا‪ٟ‬تادثة اللعينة يوـ خرج فجرا للبيع الفوؿ قرب ا‪١‬تسجد وصدمتو تلك السيارة ا‪١‬تسرعة لن يكوف‬
‫ألي أنثى إال حاميا فقط "‪.1‬‬
‫‪2‬ـ البعد االجتماعي‪:‬‬
‫جده من أصل تشادي كاف عبدا‬
‫جاء على لساف الكاتبة أنو من تشاد " يقاؿ ُب حكاياىم أف ّ‬
‫الدبداب حُت كاف يقتٍت األسلحة والبارود‪ ,‬أعتقو فيما بعد‬
‫جدىم‪ ,‬جلبو من رحبلتو إذل ّ‬
‫عند ّ‬
‫ومنحو لقبو " ‪.2‬‬
‫وتصفو أنو كاف اجتماعيا ويعمل فواال " دل يكن صاحل انطوائيا بل اجتماعيا جدا وفضورل إذل‬
‫أبعد ا‪ٟ‬تدود‪ ,‬حىت ‪ٝ‬توه صاحل خنفور ‪,‬كونو ٭تشر أنفو ُب كل شيء "‪ ,3‬وُب موضع آخر تقوؿ ‪":‬‬
‫صاحل خنفور‪ ,‬يناديو "خنفور" ألنو ٭تشر أنفو ُب كل شيء "‪ , 4‬و تقوؿ عن عملو‪ " :‬يشتغل فواال‪,‬‬
‫ينادي كل صباح بالشوارع ‪:‬طااايب وذااايب ‪,‬هلل الناااايب"‪ , 5‬أيضا كاف صاحب أنفة و غَتة ‪":‬‬
‫ىذه ا‪١‬ترة دل يكن صاحل ذاؾ الرجل الفضورل الذي جلبو فضولو بل كاف رجبل ذو أنفة يغار على‬
‫شرؼ بنات ا‪١‬تنطقة"‪.6‬‬
‫‪ -3‬انثعذ اننفسي ‪:‬‬
‫نلج اآلف أغوار نفسية "صاحل" وما يعًتيها من تغَتات‪ ,‬فالبعد الداخلي النفسي " ملوف الشعور‬
‫ألنو يسلط على األشياء عدسة ا‪ٟ‬تدس و البصَتة ال البصر وفيو يتمكن الروائي من تصوير ووصف‬
‫ما يدور ُب العادل الداخلي للشخصية من أفكار وعواطف وانفعاالت وما تنوب عليها من خلجات‬
‫نفسية "‪.7‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.50‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص‪. 49‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 49‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 49‬‬
‫‪ 6‬الرواية ‪,‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 7‬شرجيل احملاسنة ‪,‬آلية التقدمي ا‪١‬تباشر للشخصية ُب روايات مؤنس الرزار‪٣ ,‬تلة الواحات للبحوث والدراسات‪ ,‬قسم اللغة العربية وآداهبا ‪,‬جامعة شعراء‬
‫األردف‪ ,‬ع‪, ,2010 , 10‬ص‪. 62‬‬
‫‪63‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ومن خبلؿ قراءة الرواية نبلحظ أف الكاتبة ر‪ٝ‬تت لنا ‪٣‬تموعة من الصفات والسيمات‬
‫وا‪١‬تبلمح الداخلية الشخصية " صاحل " ‪,‬فهو إنساف فيو حناف ودؼء وطيبة إذ تقوؿ‪ ...":‬رمقتو‬
‫الريب‬
‫بنظرة أدراؾ من خلف سيل الدمع أهنا تعاتبو فبكى مسح خدىا قائبل‪ :‬منعرفش ألمور الوالدة‪ّ ,‬‬
‫يا عايشة سا‪٤‬تيٍت ! ابتسمت لو ‪ ...‬فبتسم أيضا " ‪ ,1‬وتضيف أيضا ‪ ":‬فتح عينيو فإذا بو يرى‬
‫‪2‬‬
‫دموع صاحل تنهمر مطرا على خديو"‬
‫بكى شفقة على عايشة إذ تقوؿ ‪ ...":‬بكى كثَتا ٍب أرخى قبضة يده وابتعد ‪ ...‬مسح‬
‫ا ّلدمع من خده بظاىر يده و غادر" ‪ ,3‬من ىذه السمات اليت ذكرت يظهر لنا صاحل أنو إنساف‬
‫٭تمل بُت ضلوعو قلبا حنوف وحساس ‪.‬‬
‫وأبرزت الرواية أيضا أنو إنساف يرفض الظلم واالستغبلؿ من خبلؿ نظرة الكره اليت أصبح‬
‫ينظر هبا إذل عباس نتيجة فعلو الشنيع مع عايشة ‪.‬وىذا الفعل أيضا جعلو يشعر ْتزف وتأنيب‬
‫الضمَت العتقاده أنو ىو من أوصل عباس لبلنتحار‪ ,‬كل ىذا يبُت أف روحو نقية وصافية‪ ,‬ىذا ما‬
‫نفهمو من قوؿ الكاتبة "‪ ...‬ال يستطيع نسياف نظرة الكره ُب عينيو "‪.4‬‬
‫وُب قو‪٢‬تا أيضا شيء من ا‪ٟ‬تزف كاف يغزو قلبو إذ رٔتا ال يكوف عذاب الضمَت ىو من أوصل‬
‫عباس ‪٢‬تذه ا‪ٟ‬تاؿ إذ قد يكوف فعل ذلك خوفًا منو " ‪.5‬‬
‫وتظهر لنا أيضا ا‪١‬ت بلمح النفسية من خبلؿ ا‪١‬تونولوج الداخلي " عاد صاحل ىذه ا‪١‬ترة إذل بيتو‬
‫٘تٌت‬
‫ٯتشي بثقل يفكر ٔتا حدث وكيف أف عذاب الضمَت يؤدي ٓتيط العقل الذي ٭تمل‪ ,‬حىت أف ّ‬
‫كثَتا لو يرجع وقتها ودل ير عايشة ما انتفع من فضولو‪ ,‬وقد جعل عبّاس يقتل نفسو السيء باألمر‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 07‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 43‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 47‬‬
‫‪64‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫أنو كلما تناسى األمر‪ ,‬يتذكره حا‪١‬تا تستوقفو عايشة ألجل حبات من الفوؿ الذي اعتاد أف ٯتنحها‬
‫إياىا‪ ,‬إهنا ا‪٠‬تيط الواصل بُت الذكرى و الوجع "‪.1‬‬
‫وبعد ىذا الوجع و ا‪ٟ‬تزف وتأنيب الضمَت الذي شعر بو نتيجة النتحار عباس الذي كاف يعتقد‬
‫أنو كاف بسببو ‪,‬لكن بعد معرفتو أف حورية زوجتو كانت تعلم باألمر ىي األخرى شعر ببعض ا‪٢‬تدوء‬
‫يغزو روحو " أحس ببعض ا‪٢‬تدوء النفسي ٮتشى صدره‪ ,‬فتنهد طويبل و‪ٛ‬تد اهلل واستغفر"‪.2‬‬
‫كما ذكرنا سالفا أف صاحل لديو مشاعر إنسانية عالية ٕتعلو ٭تس باآلـ غَته ‪.‬من ىذا ا‪١‬تنطلق‬
‫نصب صاحل نفسو حاميا لعايشة من االستغبلليُت الذين سيأتوف بعد عباس وقرر الزواج هبا تقوؿ‬
‫الساردة ‪ ":‬وكحديث غريب قليبل قرر خطبتها‪ ,‬ال لشيء فقط ليحميها من كل الذئاب البشرية اليت‬
‫قد تأٌب بعد عباس "‪, 3‬وُب موضع آخر تقوؿ ‪ ":‬أهنى صاحل حديثو بأنو يريد الزواج هبا ‪ٟ‬تمايتها من‬
‫‪4‬‬
‫القادمُت الذين قد يستغلوهنا"‬
‫وُب خبلؿ البعد النفسي ‪ ,‬صاحل إنساف صاحب إحساس راقي وعاطفة جياشة ‪ ,‬ىذه العاطفة‬
‫والر‪ٛ‬تة جعلتو يتزوج عايشة ويكوف حاميا وكافبل ‪٢‬تا‪ ,‬ولكن من خبلؿ الوصف الذي قدمتو الكاتبة‬
‫لصاحل ‪٧‬تد فيو تناقض ُب الصفات مرة ثرثار وخنفور‪ ,‬و مرة يغار على بنات ا‪١‬تنطقة و٭تميهم ‪,‬ومرة‬
‫يرى عباس يدخل عايشة للمحل وال ٭ترؾ ساكنا ٍب يطلبها للزواج ‪ ,‬ويُنصب نفسو حاميا ‪٢‬تا ‪١,‬تاذا دل‬
‫يدفع عنها الببلء من البداية؟!‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ‪ - 2‬الشخصيات الثانوية وأبعادها‪:‬‬
‫ىي شخصيات مساعدة ٖتمل أدوارا قليلة ُب الرواية وىي أقل فاعلية وىيمنة وحضور ُب ا‪١‬تنت‬
‫الروائي من الشخصيات الرئيسية ‪,‬فهي اليت تشارؾ ُب ‪٪‬تو ا‪ٟ‬تدث القصصي و بلورة معناه واإلسهاـ‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 50 ,49‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 50‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص‪.50‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 59‬‬
‫‪65‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ُب تصوير ا‪ٟ‬تدث ‪ ,‬ويبلحظ أف وظيفتها أقل قيمة من وظيفة الشخصية الرئيسية ‪,‬رغم أهنا تقوـ‬
‫بأدوار مصَتية أحيانا ُب حياة الشخصية الرئيسية"‪.1‬‬
‫و"تقوـ الشخصيات الثانوية بدور ا‪١‬تساعد‪ ,‬و ٮتتلف ىذا الدور من شخصية ثانوية إذل أخرى‬
‫و يستخدـ القصاصوف ىذه الشخصيات لتقوـ بإدارة بعض األحداث ا‪ٞ‬تانبية لتسَت ا‪ٟ‬تدث الرئيسي‬
‫أو إلظهار شخصية البطل و توضيح بعض معا‪١‬تها و ‪ٝ‬تااها ‪ 2"...‬أي أف ىذه الشخصية ‪٢‬تا عدت‬
‫أدوار تقوـ هبا مرة مساعدة و مرة معارضة حسب ا‪٢‬تدؼ والغاية الكاتب من توظيفها ‪,‬فهي‬
‫شخصية ال ٯتكن االستغناء عنها ‪.‬‬
‫فالشخصية الثانوية ىي "الشخصية ا‪١‬تكتفية بوظيفة ىامشية ومرحلية"‪.3‬‬
‫من خبلؿ ىذه التعريفات نستخلص أف الشخصية الثانوية ‪ ,‬ىي شخصية أقل فاعلية ُب الرواية‬
‫من الشخصية الرئيسية و تكوف ُب مساعدة وخدمة الشخصية الرئيسية أو تكوف ضدىا حسب الدور‬
‫الذي ٮتتارىا ‪٢‬تا الكاتب ‪ ,‬مع أهنا شخصية ثانوية لكن ال ٯتكن االستغناء عنها ُب العمل السردي‪.‬‬
‫و من ىذه شخصيات ُب الرواية "عايشة " ‪":‬حورية" ‪,‬و "خضرة" و"جلوؿ" و"عزة الدرويش"‬
‫أوال ‪/‬حورية‪:‬‬
‫ىي ا‪١‬ترأة "ا‪ٞ‬تميلة"‪,4‬اليت "بشر هبا الصا‪ٟ‬توف ُب ا‪ٞ‬تنة"‪,5‬وقيل" للنساء ا‪ٟ‬توريات لبياضهن"‪.6‬‬
‫‪ 1‬ـ البعد الفزيولوجي‪:‬‬
‫دل تذكر الكاتبة لشخصية "حورية" أي صفات ومبلمح خارجية ‪.‬‬

‫‪ 1‬شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط ‪ ,‬تطور البنية الفنية ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪ ,‬ص‪.32‬‬
‫‪2‬عبد اللطيف السيد ا‪ٟ‬تديدي ‪ ,‬الفن القصصي ُب ضوء النقد األديب ‪,‬القاىرة ‪,‬مصر‪,‬ط‪,1996 ,1‬ص‪.158‬‬
‫‪3‬إدريس قصوري ‪,‬أسلوبية الرواية)مقاربة أسلوبية لرواية زقاؽ ا‪١‬تدؽ لنجيب ‪٤‬تفوظ(‪,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث ‪ ,‬األردف‪,‬ط‪ ,2008 ,1‬ص‪.316‬‬
‫‪4‬حنا نصر ا‪ٟ‬تي‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية وا‪١‬تعربة وتفسَت معانيها ‪,‬ص ‪.80‬‬
‫‪5‬شفيق األرناؤوط‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية ‪,‬ص‪.110‬‬
‫‪6‬ا‪ٞ‬توىري ‪,‬تاج اللغة وصحاح العربية ‪,‬ص ‪.293‬‬
‫‪66‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪2‬ـ البعد االجتماعي ‪:‬‬


‫ذكرت الكاتبة أهنا متزوجة من عباس ‪,‬ودل ترزؽ منو بأوالد ألنو كاف عقيم تقوؿ الكاتبة‪:‬‬
‫"‪...‬ماكانش حورية غَت مرت عباس!" ‪,1‬ولكن بعد انتحاره تزوجت وأ‪٧‬تبت ابنها عباس "‪...‬التقتو‬
‫حورية وىي عائدة من ا‪١‬تشفى بطفلها عباس"‪.2‬‬
‫‪-3‬البعد النفسي‪:‬‬
‫ركزت الكاتبة على ا‪ٞ‬تانب النفسي لشخصية "حورية" حيث وصفتها أهنا امرأة ذات عاطفة‬
‫جياشة وعطوفة جدا "‪...‬وٍب نادى على زوجة حورية أف تطعمها ‪,‬ففعلت دو‪٪‬تا ‪٣‬تادلة ‪,‬البنت‬
‫مسكينة ووجب الرأفة هبا ‪ ,‬أجزلت كرمها وقررت أف ٖتممها ‪,‬فسألتو‪ :‬ػ واش رايك لو ‪ٛ‬تمتها؟ ‪,‬‬
‫حك عباس رأسو بفرح ‪ ,‬و رد بسرعة ‪:‬ريب ياجرؾ!‪.‬أدخلتها حورية بلطف للحماـ ‪,‬وظلت عايشة‬ ‫َّ‬
‫ىادئة‪ ...‬تبسمت حورية قائلة هبمس ‪:‬سبحاف اهلل!!"‪.3‬‬
‫ُب مقطع آخر تقوؿ الكاتبة أف "حورية" كانت كرٯتة مع "عايشة" بعد ٖتميمها أكرمتها بقطعة‬
‫‪4‬‬
‫خبز فيها ا‪١‬ترؽ‪":‬منحت حورية لعايشة قطعة خبز ‪٤‬تشوة با‪١‬ترؽ ‪,‬فأخذاها منها و غادرت"‬
‫ُب مقطع سردي آخر تصفها الكاتبة أهنا طيبة جدا وبكلمة بسيطة تنسى كل شيء‬
‫"‪...‬فضحكت ‪ ,‬كانت حورية طيبة جدا ‪,‬لدرجة أف ‪ٚ‬تلة بسيطة ‪,‬تنسيها كل شيء"‪.5‬‬
‫وأي إنساف ٗتتلجها ‪ٟ‬تظات حزف وتتأدل من تصرفات األحبة وىذا ما حصل ‪ٟ‬تورية عندما‬
‫اكتشفت أنو اغتصب عايشة بكت ْترقة "‪...‬ىي أيضا بكت كثَتا‪ ,6"...‬وتقوؿ أيضا ‪":‬رفعت‬
‫عينيها الدامعة فيو‪, 7"..‬وتذكر أيضا ُب موضع آخر مدى حزهنا حىت بقي أثار الدمع مرسومة على‬

‫‪ 1‬الرواية ‪,‬ص ‪.38‬‬


‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪.67‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪,‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 4‬الرواية‪,‬ص‪.25‬‬
‫‪ 5‬الرواية‪,‬ص‪.27‬‬
‫‪ 6‬الرواية‪,‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 7‬الرواية ‪,‬ص‪.43‬‬
‫‪67‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫وجهها"جلست حورية على ‪ٝ‬تت بصرىا بعيوف دامعة ‪,‬وخد جشو الدمع جشا حىت وشم ‪٣‬تراه‬
‫‪1‬‬
‫وجهها‪"...‬‬
‫بعد حادثة االغتصاب بقيت حورية صامتة مدة ودل تفاتح عباس ُب ا‪١‬توضوع ‪ٍ,‬ب انفجرت فيو‬
‫بصوت عاؿ تقوؿ الكاتبة‪ ":‬وألوؿ مرة تتكلم حورية بصوت عاؿ دوف خوؼ منو و من ردة فعلو‪,‬‬
‫انفجرت بو كربكاف ىادر‪....‬ارتعدت فرائسها لكنها ضحكت ٍب قهقهت بسخرية واضحة دل يطق ‪٢‬تا‬
‫‪2‬‬
‫صربا ‪"...‬‬
‫من خبلؿ ما ذكرنا عن شخصية "حورية" ‪ٟ‬تظنا أف الكاتبة دل تعطي اىتماما با‪١‬تبلمح ا‪٠‬تارجية‬
‫وال ا‪ٟ‬تالة االجتماعية ‪ٟ‬تورية ال كاف كل تركيزىا على ا‪ٞ‬تانب النفسي ‪٢‬تا وصفتها أهنا امرأة فيها حناف‬
‫ورأفة وطيبة ‪,‬و لكن ذكرت أيضا صمتها بعد علمها أف زوجها عباس اغتصب عايشة ‪,‬ىذا األمر‬
‫غَت طبيعي وليس من صفات ا‪١‬ترأة‪,‬وذكرت أيضا إصرارىا على أخد مولود عايشة الذي ىو من‬
‫عباس نتيجة االغتصاب ‪,‬ألنو الذكرى ا‪١‬تتبقية ‪٢‬تا من زوجها ‪,‬ويعترب ىذا نوع من ا‪١‬تثالية بالبعيدة عن‬
‫الواقع ‪.‬‬
‫ثانيا‪/‬خضرة‪:‬‬
‫ذات اللوف األخضر وخضراء يانعة‪, 3‬وذات نعومو‪ 4‬دل تذكر الكاتبة الكثَت من ا‪١‬تواصفات ‪٢‬تذه‬
‫الشخصية‬
‫‪1‬ـ البعد الفزيولوجي‪:‬‬
‫الصفة اليت ذكراها الكاتبة لشخصية "خضرة" أهنا طويلة وٖتب النوـ كالقطط إذ تقوؿ الساردة‪:‬‬
‫"‪...‬راحت تنادي على جاراها عساىا أف تكوف عندىا ‪,‬ػ ياااا خضرة ‪,‬يااا خضرة ‪,‬أطلت خضرة‬
‫بعيوف نصف مغمضة ‪,‬دل يكن الوقت متأخرا ‪,‬فا‪١‬تصلوف لتوىم عادوا من صبلة العشاء ‪,‬غَت أهنا‬

‫‪1‬الرواية ‪ ,‬ص‪.61‬‬
‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص‪.45‬‬
‫‪3‬حنا نصر ا‪ٟ‬تي‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية وا‪١‬تعربة وتفسَت معانيها ‪, ,‬ص‪.81‬‬
‫‪4‬شفيق األرناؤوط‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية ‪,‬ص‪.111‬‬
‫‪68‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫م عروفة ْتبها للنوـ كالقطط حىت أف الكل يرجع طو‪٢‬تا الفارع لكثرة استلقائها ‪,‬وبنربة يثقلها النعاس‬
‫ردت‪ :‬أنعم ‪,‬واش كاين!‬
‫ػ قورل ‪ ...‬عايشة عندؾ ؟‪,‬قالت ا‪ٞ‬تدة‬
‫‪1‬‬
‫ػ ال مش عندي ‪,‬وين راحت!!"‬
‫‪ 2‬ـ البعد االجتماعي‪:‬‬
‫دل تبُت الكاتبة ا‪ٟ‬تالة االجتماعية لشخصية "خضرة"‪ ,‬سوى أهنا ثرثارة و ىذا نتبينو من قوؿ‬
‫الكاتبة‪.. ":‬بينما كانت القادة وخضرة منهمكتاف ُب ثرثرة طويلة‪ 2"...‬أي أهنا إنسانة كثَتة الكبلـ‬
‫‪٦,‬تا يدؿ على أهنا اجتماعية‪.‬‬
‫‪3‬ـ البعد النفسي‪:‬‬
‫ذكرت الكاتبة بعض ا‪٠‬تلجات النفسية اليت تعًتي شخصية "خضرة " ‪,‬حيث ‪٧‬تد الكاتبة‬
‫تصفها أهنا حنونة و٘تلك القلب رحيم حيث أشفقت على عايشة عندما عضها حصاف جلوؿ بينما‬
‫جداها دل تبارل هبا إذ تقوؿ‪.." :‬ضربت خضرة صدرىا قائلة‪ :‬يا رب سًتؾ وعفوؾ!‪....‬رمتهم ا‪ٞ‬تدة‬
‫بعصاىا قائلة‪ :‬طَتوا ‪ ...‬حصاف ‪٣‬تنوف عض ‪٣‬تنونة ‪ ,‬وين ا‪١‬تشكل!‪ ...‬غَت أف خضرة دل تًتؾ ‪٢‬تا‬
‫فرصة إبداء أي إيضاح وقالت ‪:‬عيب عليك ‪...‬واهلل ىذه مسكينة!"‪.3‬‬
‫وُب موضع آخر تصف لنا انزعاج خضرة من تصرؼ القادة مع عايشة إذ تقوؿ"‪ٛ‬تلت خضرة‬
‫نفسها وغادرت منزعجة حىت ال يتطور الوضع ‪,‬فهي تعرؼ لساهنا السليط ومقدراها العجيبة ُب‬
‫‪4‬‬
‫إطبلؽ الشتائم ‪,‬لذا حافظت على ماء وجهها وانصرفت"‬

‫‪ 1‬الرواية ‪,‬ص‪.65‬‬
‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪.16‬‬
‫‪3‬الرواية ‪,‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪,‬ص‪.17‬‬
‫‪69‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫و‪٧‬تدىا تصف ُب عبارة أخرى دموع خضرة أثناء رؤية عايشة بدمها"‪ ,‬وىي مغادرة التقت‬
‫عايشة ُب عتبة الباب ‪ٖ,‬تركت عيناىا تلقائيا ناحية ا‪ٞ‬ترح فرأتو ينزؼ‪ ,‬مدت يدىا لتتحسسو ‪,‬فأوقفها‬
‫صوت القادة ‪:‬واش مازلت ىنا ؟!‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أعادت يدىا ٖتت اللحاؼ وغادراها مسرعة بعُت دامعة‪".‬‬
‫أما شخصييت "جلول "و"عزة الدرويش"كاف دورو‪٫‬تا ىامشيا‬
‫ثالثا‪/‬عزة الدرويش‪:‬‬
‫ذكرتو أنو كاف حكائي ٭تكي ا‪ٟ‬تكايات تقوؿ الكاتبة‪..":‬أو ٭تدث ‪٢‬تا كما ‪ٝ‬تعت ُب ا‪ٟ‬تكايا‬
‫اليت ٭تكيها عزة الدرويش‪.‬ىذا الرجل الذي ٖتفظ كبلمو كما ٖتفظ السورة الوحيدة من القرآف ‪,‬فهو‬
‫كثَت الزيارة ألىل اعميش ‪ ,‬يعرؼ كل شيء عنهم وىم با‪١‬تقابل ال ٮتفوف عنو حىت صغائر‬
‫األمور‪,‬٭تكوف أنو صار درويشا ألف عقلو دل يتحمل غزارة علمو ‪,‬حُت قدومو إليهم ٕتده دائم‬
‫الطواؼ بُت ا‪١‬تنازؿ ال تفارقو عصاه وبرنسو وصرة ا‪ٟ‬تلوى اليت يوزعها على األطفاؿ ُب األزقة ‪ ,‬يعشق‬
‫‪2‬‬
‫الناس كل ا‪ٟ‬تكايا اليت ٭تكيها ‪ ,‬وال يرٖتلوف لتنفيذ نذورىم لؤلولياء إال بو كدليل روحاين ‪"...,‬‬
‫رابعا‪/‬جلول‪:‬‬
‫فذكرتو ا‪١‬ترة األوذل مضافا إذل حصانو عندما قاـ ا‪ٟ‬تصاف بِ ِّ‬
‫عض "عايشة" و جاء الصبية إلخبار‬
‫‪3‬‬
‫"القادة" إذ تقوؿ الكاتبة ‪ ":‬عميت القادة ‪,‬عميت القادة ‪,‬عايشة عضها حصاف عمي جلوؿ ‪".‬‬
‫و ا‪١‬ترة الثانية اليت ذكر فيها "جلوؿ "مع صديقو "عباس تقوؿ الساردة‪...":‬رفع صوتو على ‪٨‬تو‬
‫‪ٚ‬تاعة ) مبتسما(‬ ‫ٮترجهم من انشغا‪٢‬تم‪ :‬يا‬
‫ػ ػ أوووؼ فجعتٍت ‪,‬قاؿ رفيقو جلوؿ واضعا يده على صدره"‪ 4‬الكاتبة دل تركز على ىذه‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫‪ 1‬الرواية‪,‬ص‪.17‬‬
‫‪ 2‬الرواية ‪,‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪,‬ص‪.16‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪,‬ص‪.23‬‬
‫‪70‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ثالثا‪ :‬الزمن وتقنياته (النظام الزمني ‪ /‬المفارقات الزمنية)‬


‫‪ -1‬مفهوم الزمن‪:‬‬
‫ٯتثل الزمن عنصرا أساسيا من العناصر اليت يقوـ عليها فن القص‪ ,‬فإذا كاف األدب يعترب فنا‬
‫زمنيا فإف القصة ىي أكثر األنواع األدبية التصاقا بو ‪.‬‬

‫الزَم ْن " "اليت شغلت فكر اإلنساف وجذبتو إليها ‪٤‬تاوال فقد ماىيتها‪ ,‬وخبلؿ رحلة‬
‫فكلمة " َ‬
‫الدراسة وجدنا أهنا متشعبة الدالالت ال ٮتلو منها ‪٣‬تاؿ من ‪٣‬تاالت ا‪١‬تعرفة وكانت للفلسفة األولوية‬
‫ُب تناوؿ مقولة الزمن ضمن انشغاالاهافاندفع الفبلسفة يقودىم العقل إذل التأمل ُب شىت ٕتليااها‬
‫اليومية والكونية وا‪١‬تنطقية وغَتىا من التجليات ا‪١‬تختلفة"‪ ,1‬والواقع أنو من الصعب أف ‪٧‬تد مفهوما‬
‫للزمن يتفق حولو أغلب ا‪١‬تنظرين والدارسُت‪ ,‬ألف‪" :‬الزمن خيط و‪٫‬تي مسيطر على كل التصورات‬
‫واألنشطة واألفكار فإذا لكل ىيئة من العلماء مفهوما للزمن خاص هبا"‪.2‬‬
‫ومن ىنا يتحتم علينا إلقاء نظرة نستوضح من خبل‪٢‬تا ىذا ا‪١‬تصطلح‪.‬‬
‫‪ -1-1‬لغة ‪:‬‬
‫الزَما ْف اسم لقليل الوقت وكثَتة"‪.3‬‬ ‫الزَم ُن و َ‬
‫"زَم ْن"‪" :‬أف َ‬
‫يرى ابن منظور ُب مادة َ‬
‫الزَما ْف على أ َْزَما ُف َوأ َْزُم ُن َوأ َْزِمنَةُ‬
‫أما ُب ‪٥‬تتار الصحاح للجوىري‪" :‬فيجمع َّ‬
‫الزْى ِد‪ " :‬الزىد ال ينقطع أبدا ُب حُت يكوف الزماف من شهرين‬ ‫الزَم ِن و ُ‬
‫يعقد الزبيدي مقارنة بُت َّ‬
‫إذل ستة أشهر"‪.4‬‬
‫الزَما َف ىو الوقت‪ ,‬غَت أف بعضها يلحظها ُب‬
‫من الواضح أف ىذه التعريفات ٕتمع على أف َّ‬
‫سكونو ونظامو‪ ,‬وبعضها يلحظها ُب حركتو وتعبَته‪ ,‬وكبل الطرفُت ينظر إليو باعتباره ظاىرة مستقلة‬
‫عن اإلنساف‪.‬‬

‫‪ 1‬الشريف جبيلة‪ ,‬بنية ا‪٠‬تطاب الروائي دراسة ُب روايات ‪٧‬تيب الكيبلين ‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديثة‪ ,‬أربد‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2010 ,1‬ـ‪ ,‬ص ‪.39‬‬
‫‪٤ 2‬تمد ٖتريشي‪ ,‬الرواية والقصة وا‪١‬تسرح قراءة ُب ا‪١‬تكونات الفنية وا‪ٞ‬تمالية السردية ‪,‬دار النشر حلب‪ ,‬د ط ‪ , 2007,‬ص‪.58‬‬
‫‪ 3‬ابن منظور‪,‬لساف العرب‪ ,‬مج‪ ,7‬مادة حسن ‪ ,‬ص ‪.349‬‬
‫‪ 4‬باديس فوغارل‪ ,‬الزماف وا‪١‬تكاف ُب الشعر ا‪ٞ‬تاىلي‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬أربد‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2008 ,1‬ـ‪ ,‬ص‪.55‬‬
‫‪71‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ -2-1‬إصالحا ‪:‬‬
‫الزَما ُف أو األ َْزِمنَةُ اليت ٖتدث ُب أثنائها ا‪١‬تواقف والوقائع ا‪١‬تقدمة‪ " .‬زمن‬
‫الزَم ُن بأنو َ‬
‫ؼ َّ‬‫لقد ُعِّر َ‬
‫‪1‬‬
‫القصة وزمن ا‪١‬تسرود‪ ,‬وزمن ا‪ٟ‬تكي‪ ,‬و٘تثيلها زمن ا‪٠‬تطاب‪ ,‬وزمن السرد والزمن الروائي‪".‬‬
‫كما ‪٧‬تد تعريفا آخر للزمن ُب االصطبلح السردي على أنو‪٣ " :‬تموعة العبلقات الزمنية‪,‬‬
‫السرعة‪ ,‬التتابع‪ ,‬البعد ‪......‬إخل بُت ا‪١‬تواقف وا‪١‬تواقع احملكية وعملية ا‪ٟ‬تكي ا‪٠‬تاصة هبما وبُت الزمن‬
‫‪2‬‬
‫وا‪٠‬تطاب وا‪١‬تسرود والعملية السردية‪".‬‬
‫الزَما ْف ٖتدث خبللو ‪٣‬تموعة من األحداث وا‪١‬تواقف تكوف مرتبطة بو إما‬
‫الزَم َن أو َ‬
‫ىذا يعٍت أف َ‬
‫ماضيا أو حاضر أو مستقببل‪.‬‬
‫وىو أيضا عبارة ع ن ‪٣‬تموعة من العبلقات الزمنية ا‪١‬تتمثلة ُب السرعة والتتابع والبعد وغَتىا‪.‬‬
‫فهذه العبلقات تكوف بُت ا‪١‬تواقف وا‪١‬تواقع احملكية‪ ,‬وعملية ا‪ٟ‬تكي وبُت الزمن وا‪٠‬تطاب وا‪١‬تسرود‬
‫والعملية السردية‪.‬‬
‫فالزمن يعد إحدى اإلشكاليات اليت استوقفت الباحثُت والنقاد والروائيُت ْتثا عن البنية السردية‬
‫للرواية‪ .‬وذلك العتبار الزمن مفهوـ ‪٣‬ترد‪.‬‬

‫وقد تعددت آراء النقاد حوؿ مفهوـ الزمن‪ ,‬ومن بُت اآلراء‪:‬‬

‫أ‪" /‬جيرار جينيت" الذي يرى‪" :‬أف من ا‪١‬تمكن أف نقص من دوف تعيُت مكاف ا‪ٟ‬تدث ولو‬
‫كاف بعيدا عن ا‪١‬تكاف الذي نرويها فيو‪ ,‬بينما قد يستحيل علينا أف ‪٨‬تدد زمنها بالنسبة إذل زمن فعل‬
‫السرد‪ ,‬ألف علينا روايتها‪" .‬أما بزمن ا‪ٟ‬تاضر أو ا‪١‬تاضي وأما ا‪١‬تستقبل ورٔتا سبب ذلك كاف تعيُت‬
‫مكانو"‪ 3‬أي أف لكل رواية ‪٪‬تطها الزمٍت ا‪٠‬تاص‪ ,‬باعتبار الزمن ‪٤‬تور البنية الزمنية وجوىر شكلها‪ ,‬و‪٢‬تذا‬
‫ال ٯتكن االستغناء عنو باعتباره عنصرا مهما ُب البناء الروائي‪.‬‬

‫‪ 1‬جَتالد برنس‪ ,‬ا‪١‬تصطلح السردي معجم ا‪١‬تصطلحات ‪,‬تر‪/‬عابد خزندار‪ ,‬اجمللس األعلى للثقافة‪ ,‬القاىرة‪ ,‬مصر‪,‬ط‪ ,1‬ص ‪.243‬‬
‫‪ 2‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي‪ ,‬البنية السردية ُب الرواية‪ ,‬عُت الدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ ,‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 3‬سعيد يقطُت‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب الروائي الزمن‪ ,‬السرد‪ ,‬التبئَت( ‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب‪ ,‬الدار البيضاء‪ ,‬ا‪١‬تغرب‪ ,‬ط‪ ,1997 ,3‬ص‪.61‬‬
‫‪72‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ويعرفو "‪ "André Lalande‬الزمن أنو‪ " :‬متصور على أنو ضرب من ا‪٠‬تيط ا‪١‬تتحرؾ الذي ‪٬‬تر‬
‫األحداث على مرأى من مبلحظ ىو أبدا ُب مواجهة ا‪ٟ‬تاضر‪1".‬أي أنو يشبو الزمن با‪٠‬تيط ا‪١‬تتحرؾ‪,‬‬
‫وكأنو يتحرؾ كما يتحرؾ ىذا األخَت‪ ,‬ومن خبلؿ ىذه ا‪ٟ‬تركة يتم سحب األحداث والوقائع‪.‬‬

‫ويقوؿ "عبد ا‪١‬تالك مرتاض"‪ " :‬الزمن ىو تلك ا‪١‬تادة ا‪١‬تعنوية اجملردة اليت يتشكل منها إطار كل‬
‫حياة وكل فعل وكل حركة وىي ليست ‪٣‬ترد إطار‪ ,‬بل ىي جزء ال يتجزأ من كل ا‪١‬توجودات‪ ,‬وكل‬
‫‪2‬‬
‫وجوه حركتها ومظاىر سلوكها لذلك ‪٧‬تد مفهوـ الزمن ُب كل الفلسفات تقريبا‪".‬‬
‫‪3‬‬
‫فالزمن لدى "أفالطون"‪ " :‬مرحلة ٘تضي من حدث سابق إذل حدث الحق‪".‬‬

‫كما يشَت "ابن رشد"ُب تعريفو للزمن‪ " :‬أنو عدد ا‪ٟ‬تركة بالتقدـ والتأخر الذي فيو "‪.4‬‬

‫ويرى أيضا أنو‪٥ " :‬تلوؽ من خلق األجساـ السماوية وحركتها‪ ,‬وىو يرى أف العادل ا‪١‬تتحرؾ لو‬
‫‪5‬‬
‫زمن فيو ماضي وحاضر ومستقبل‪".‬‬

‫وىذا األخَت ٭تيلنا إذل القوؿ على أف الزمن شيئا ماديا أو ملموسا‪ ,‬وىو مرتبط با‪١‬تاضي‬
‫وا‪ٟ‬تاضر وا‪١‬تستقبل‪.‬‬

‫أما "أرسطو" فعرؼ الزماف بقولو‪ " :‬وليس للزماف بداية وال هناية‪ ,‬ألف الزماف يرتد إذل اآلف‬
‫‪6‬‬
‫واآلف زمن مضى وبداية زمن مستقبل‪ ,‬فقبلو زماف وبعده زماف‪".‬‬

‫من خبلؿ ىذا التعريف يتضح أف الزماف ليس لو بداية وال هناية‪ ,‬وىو باؽ إذل اآلف وا‪ٟ‬تدث‬
‫الذي ينتهي ىو بداية ‪ٟ‬تدث جديد‪ ,‬ومن ىذا يكوف لكل حدث زمن قبلو وآخر بعده‪.‬‬

‫‪ 1‬لطيف زيتوين‪ ,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية نقد الرواية‪ ,‬دار النشر‪ ,‬ط‪ ,2‬د ‪2002‬ـ‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 2‬عبد ا‪١‬تالك مرتاض‪ ,‬مكونات السرد ُب الن ص القصصي ا‪ٞ‬تديد ْتث ُب ا‪٠‬تطاب عند جيل الثمانينيات‪ ,‬منشورات اٖتاد الكتاب العرب‪ ,‬دمشق‪ ,‬د‬
‫ط‪2001 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪.‬ص‪.76‬‬
‫‪ 4‬عبد الرزاؽ قسوـ‪ ,‬مفهوـ الزماف ُب فلسفة ابن الوليد بن الرشد‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة الوطنية للكتاب‪ ,‬ا‪ٞ‬تزائر‪ ,‬د ط‪ ,‬د ت ‪.‬ص‪.96‬‬
‫‪٤ 5‬تمد يوسف عبد الق ادر عوض‪ ,‬أ‪ٝ‬تاء الزمن ُب القرآف الكرمي دراسة داللية ‪٥ ,‬تطوط مذكرة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ‪ ,‬٭تِت عبد الرؤوؼ جرب‪ ,‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪ ,‬جامعة النجاح الوطنية‪ ,‬نابلس‪ ,‬فلسطُت‪2009 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.17 ,16‬‬
‫‪ 6‬ا‪١‬ترجع السابق ‪ ,‬ص ‪.09‬‬
‫‪73‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫فإنو يرى أف الزمن ال يتحقق إال حينما تكوف كل األشياء قد ىيئت وأصبحت على خط واحد‬
‫يفصل بينهما بعد فقط‪ ,‬وذلك البعد ىو الطوؿ‪.‬‬

‫وبناء على ىذا فإننا ‪٪‬تيز بُت ثبلثة أزمنة ُب الروائي وىي‪:‬‬

‫‪ ‬زمن القصة‪ :‬وىو الزمن "الذي وقعت فيو األحداث‪ ,‬ويكوف ىذا الزمن واسعا وشامبل‪ْ ,‬تيث‬
‫ٯتكن أف تقع فيو عدة أحداث ُب آف واحد‪ ,‬وىو خارج اإلطار التنظيمي ا‪١‬تنطقي‪ ,‬وىو الشكل‬
‫األورل للقص‪ ,‬واألحداث ىنا متغَتة ال يتدخل السارد ُب تنظيمها‪ ,‬وزمن القص ٮتضع بالضرورة‬
‫للتتابع ا‪١‬تنطقي لؤلحداث"‪.1‬‬
‫‪ ‬زمن السرد‪ :‬إف الراوي قد يبتدئ السرد ُب بعض األحياف بشكل يطابق زمن القصة‪ ,‬ولكنو يقطع‬
‫بعد ذلك السرد ليعود إذل وقائع تأٌب سابقو ُب ترتيب زمن القصة‪ ,‬فإذا كاف الواقع ُب زمن القصة‬
‫على الًتتيب التارل‪:‬‬
‫ج‬ ‫ب‬ ‫أ‬
‫فإف زمن السرد يأٌب على الشكل التارل ‪:‬‬

‫ب‬ ‫ج‬ ‫أ‬


‫‪ ‬زمن النص‪ :‬ىذا الزمن "ىو زمن قاـ السارد بتنظيمو‪ ,‬فبعد أف وقعت األحداث وانتهت جاء ىذا‬
‫الزمن لًتتيب األحداث فيو بشكل متسلسل ومنطقي‪ ,‬ٮتضع ىذا الزمن ‪١‬تزاجية السارد‪ ,‬فرٔتا يذكر‬
‫بعض األزماف‪ ,‬ورٔتا يتجاوز أخرى‪ ,‬وىذا الزمن ال ٮتضع للًتتيب ا‪١‬تنطقي"‪ .2‬نستنتج من ىذه‬
‫التعريفات بأف الزمن ىو الوقت أو الفًتة اليت تقع فيها األحداث ‪ ,‬وذلك باعتبار أف الزمن ظاىرة ال‬
‫ٯتكن االستغناء عنها ُب العمل الروائي‪ ,‬فهو من القواعد األساسية ُب الرواية‪ ,‬فالزمن عنصر مهم ُب‬
‫البناء السردي للرواية‪ ,‬فمن ا‪١‬تتعذر أف نعثر على سرد خاؿ من الزمن‪ ,‬وإذا جاز لنا افًتاضا أف‬
‫نفكر ُب زمن خاؿ من السرد فبل ٯتكن أف نلغي السرد‪ ,‬فالزمن ىو الذي يوجد ُب السرد وليس السرد‬

‫‪ 1‬نور مرعي ا‪٢‬تدروسي‪ ,‬السرد ُب مقامات السرقسطي‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪1430 ,1‬ىػ ‪ 2009 -‬ـ ‪,‬ص‪.104‬‬
‫‪ 2‬ينظر‪ ,‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص ‪.106 , 105‬‬
‫‪74‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ىو الذي يوجد ُب الزمن‪ ,‬أي أف لكل رواية ‪٪‬تطها الزمٍت ا‪٠‬تاص باعتباره ‪٤‬تور البنية الروائية ‪٢‬تذا ال‬
‫ٯتكن االستغناء عنو‪.‬‬
‫أصبحت الرواية العربية ‪٪‬توذجا ٯتثل الزمن أحسن التمثيل ُب النص األديب فالزمن ىو معيار ‪٦‬تيز‬
‫‪ٞ‬تميع األعماؿ األدبية‪ ,‬وذلك ألف السرد يعتمد عليو الزمن اعتمادا كليا‪ .‬كما يشكل الزمن ُب‬
‫الرواية عنصرا مهما يؤدي إذل التشويق وترتيب األحداث وتواترىا‪.‬‬
‫جاء الزمن عند"ريكور "ٔتعنيُت‪ " :‬األوؿ أنو زمن التفاعل بُت ‪٥‬تتلف الشخصيات والظروؼ‪,‬‬
‫والثاين‪ :‬أنو زمن ‪ٚ‬تهور القصة ومستمعيها‪ ,‬أو ما يسمى بالزمن السردي ُب النص وخارجو أيضا‪ ,‬ىو‬
‫زمن الوجود مع اآلخرين"‪.1‬‬
‫فالزمن عنده عبارة عن انسجاـ ‪ٚ‬تيع الشخصيات سواء كانت رئيسية أـ ثانوية مع ‪٣‬تموعة‬
‫األحداث ا‪١‬تتفاعلة ُب القصة أو خارجها‪ ,‬فهو عنصر أساسي و‪٤‬توري ُب الوجود‪.‬‬
‫يعد الًتتيب الزمٍت من أىم العناصر اليت تندرج ٖتت عنصر الزمن أي ترتيب وتتابع األحداث‬
‫ُب القصة‪ ,‬على عكس ما ىي ‪٤‬تكية بعشوائية ومروية دوف انتظاـ‪ ,‬والًتتيب حسب "حميد‬
‫لحميداني" ىو‪ " :‬أف ال يتقيد هبذا التتابع‪ ,‬فعندما ال يتطابق ىذين الزمنُت فإف الراوي سيحدث‬
‫مفارقات سردية"‪.2‬فالقا ص ىنا ال يتقيد بًتتيب األحداث وذكر الوقائع ُب روايتو حسب وقوعها‪,‬‬
‫وإ‪٪‬تا ىو يعتمد على ا‪١‬تفارقات الزمنية‪ .‬ففي رواية "عايشة" ‪٧‬تد الروائية قد قامت بسرد األحداث‪,‬‬
‫وىذا ما نستشفو ىنا ُب ىذا ا‪١‬تسرود وىو أف الزمن ا‪ٟ‬تقيقي ُب الرواية كاف ُب عز فصل الصيف‬
‫غوشت ما يسمى بالعامية شهر أوت فزمنها زمن طبيعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وباألخص ُب شهر‬
‫ويتضح لنا ىذا الزمن من خبلؿ قو‪٢‬تا‪... " :‬ورماؿ ‪٦‬تدة عارية ال اهاب حرقة الشمس بكر‬
‫تصارع آالـ ا‪١‬تخاض‪ 3"...‬فمن خبلؿ ىذا ا‪١‬تقطع السردي توضح لنا الكاتبة ‪ٟ‬تظة والدة "عايشة"‬
‫وما عانتو من اآلالـ ا‪١‬تخاض وحدىا ببل مؤنس وال حبيب ٖتت أشعة الشمس ا‪ٟ‬تارقة‪.‬‬

‫‪ 1‬بوؿ ريكور‪ ,‬الوجود والزماف والسرد‪ :‬تر‪ :‬سعيد الغا‪٪‬تي‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب‪ ,‬الدار البيضاء‪ ,‬بَتوت‪ ,‬د ط ‪. 1999,‬ص ‪.30 ,29‬‬
‫‪ٛ 2‬تيد ‪ٟ‬تميداين‪ ,‬بنية النص السردي‪ ,‬ص ‪.54‬‬
‫‪ 3‬الرواية‪ ,‬ص ‪.5‬‬
‫‪75‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫كما نلتمس أيضا زمن آخر ويتمثل ُب ا‪١‬تقطع السردي‪ " :‬ا‪٦‬تممم رٔتا ظهرا‪ ,‬ا‪ٞ‬تو حار والناس‬
‫تناـ القيلولة"‪ .1‬وىذا دليل على أف األحداث وقعت ُب فصل الصيف وباألخص وقت الظهر حينما‬
‫تناـ الناس القيلولة وىو الوقت ا‪١‬تناسب الذي يفكر فيو عباس لتنفيذ خطتو الشنيعة حُت فكر ُب‬
‫اغتصابو لػ"عايشة العقونة" ليجعل منها حقل ٕتارب ليتأكد من خبل‪٢‬تا على قدرتو على اإل‪٧‬تاب‬
‫ويفلت من العقاب بعد أف ضيع مالو على العبلج دوف جدوى‪.‬‬
‫و تقوؿ الروائية ُب موضوع آخر‪..." :‬حىت ثبت تفكَته على أف الظهر ىو التوقيت األنسب‪,‬‬
‫لكن ‪ 2"...‬فمن خبلؿ ىذا ا‪١‬تقطع السردي تبُت لنا الروائية بأف عباس قد ثبت فكرة على أف تكوف‬
‫وقت الظهر وأنو الوقت ا‪١‬تناسب لعدـ وجود الناس ُب تلك اللحظة ألنو ُب فصل الصيف‪.‬‬
‫و قد اختلفت األزمنة ُب الرواية أيضا‪ ,‬فالرواية أرادت أف توضح لنا بأف ىناؾ أزمنة متعددة‬
‫تعددت بُت أوقات الفجر والنهار والليل‪ ...‬وىذا يتضح لنا من خبلؿ الزمن ا‪١‬تسرود وىو زمن النهار‬
‫ُب قو‪٢‬تا‪..." :‬كانت تباشَت النهار قد أطلت‪ 3"...‬فمن خبلؿ ىذا ا‪١‬تقطع السردي يتضح لنا بأف‬
‫ا‪ٞ‬تدة القادة بعد صبلاها للفجر وىذا عندما كانت ٘تشي بثقل كبَت خوفا من النتيجة اليت ستجدىا‪,‬‬
‫ألف فكرىا كاف مشغوال هبا‪.‬‬
‫كما ‪٧‬تد أيضا زمن آخر وىو " زمن الفجر" و ىذا يتجسد لنا ُب قو‪٢‬تا‪... " :‬صلت الفجر‬
‫شاردة الذىن‪ 4"...‬أي أف الروائية أرادت أف توصل لنا فكرة بأف ا‪ٞ‬تدة القادة طيلة صبلاها كانت‬
‫شاردة الذىن ومنشغلة بالنتيجة اليت ستجدىا ُب ذلك اإلناء خبلؿ ا‪١‬تصيبة اليت حلت هبا‪.‬‬
‫وُب مقطع سردي آخر ‪٧‬تد زمن آخر ٮتتلف وىو "زمن ا‪١‬تغرب" من خبلؿ العبارة‪:‬‬
‫"‪...‬فاستيقظت فإذا بو ا‪١‬تؤذف يؤذف لصبلة ا‪١‬تغرب‪ 5"...‬فالروائية ىنا تبُت لنا بأف ‪ٟ‬تظة استيقاظ‬
‫ا‪ٞ‬تدة من حلمها الذي كانت ٖتلم بو كاف ‪ٟ‬تظة اآلذاف لصبلة ا‪١‬تغرب‪.‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص‪.25‬‬
‫‪ 2‬الرواية‪ ,‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص‪.52‬‬
‫‪ 4‬الرواية ‪ ,‬ص‪.52‬‬
‫‪ 5‬الرواية ‪ ,‬ص‪.56‬‬
‫‪76‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫وتقوؿ الروائية ُب موضع آخر‪..." :‬و ىي تغط ُب نوـ عميق حىت صبلة العشاء‪ ,‬صلتها‬
‫ّتانبها‪ 1"..‬فالزمن ىنا ُب ىذا ا‪١‬تقطع السردي ىو زمن العشاء حينما كانت عايشة تناـ نوما عميقا و‬
‫ىي ُب حلمها كانت ٖتلم ْتورية زوجة عباس ٖتممها‪ ,‬فا‪ٞ‬تّدة ظلت ُب مكاهنا تراقبها وىي غاطسة‬
‫ُب نومها‪ ,‬إذل أف أذف آذاف العشاء فصبلاها ُب نفس ا‪١‬تكاف بقرهبا دل تغَت مكاهنا ىذا من أجل أف‬
‫تسمع ما ٯتكن أف تقولو عايشة ُب حلمها‪.‬‬
‫وأيضا من خبلؿ عبارة‪... " :‬و‪٧‬تد أف الوقت قد صار ليبل‪ 2"...‬فالروائية توضح لنا بأف‬
‫عايشة عند خروجها للشارع ُب أي وقت ال ٗتاؼ ألهنا دائما فيو‪ ,‬إال أف وقت الليل ٗتاؼ منو أي‬
‫ال تستطيع ا‪٠‬تروج وحدىا ألهنا ٗتاؼ عتمة الليل‪ ,‬فهذه الغريزة‪ ,‬فهذا الوقت ىي زمن خروج عايشة‬
‫وْتث ا‪ٞ‬تدة عنها دوف جدوى‪.‬‬
‫كما ‪٧‬تد أيضا ُب ىذا ا‪١‬تسرود ُب عبارة‪٘... " :‬تارس طقوس حريتها الليلة‪ 3"..‬فمن خبلؿ ىذا‬
‫ا‪١‬تسرود توضح لنا الساردة بأف خروج "عايشة" من البيت وىروهبا أنو حىت ا‪٠‬تنافس اغتنمت الفرصة‬
‫وسكنت ُب مكاهنا لتمارس حريتها ليبل‪.‬‬
‫فمن خبلؿ كل ىذه األزمة ا‪١‬توجودة ُب الرواية أرادت الروائية أف توضح لنا بأف األزمنة ٗتتلف‬
‫باختبلؼ الوقت وىذا ما يؤدي بنا إذل التشويق وترتيب األحداث‬
‫‪ -2‬النظام الزمني (المفارقات الزمنية) ‪:‬‬
‫إف ا‪١‬تفارقات الزمنية ىي ا‪٠‬تروج عن الًتتيب الطبيعي للزمن‪ ,‬سواء بعودة األحداث إذل الوراء أو‬
‫‪٤‬تاولة استقراء ؿ ‪ٟ‬تظة ا‪١‬تستقبل‪ ,‬ويتجلى ىذا االنزياح ٔتوقع السرد منو‪ ,‬ويعٍت ىذا ا‪٠‬تروج الزمٍت‬
‫عن التسلسل ا‪١‬ت نطقي لؤلحداث إعادة ترتيب زمن القصة بشكل جديد‪ ,‬عن طريق قارئ واع‬
‫ٔتجريات الفعل القصصي‪ ,‬ولديو القدرة على تنظيم ا‪١‬تادة ا‪ٟ‬تكائية‪ ,‬ضمن مؤشرات زمنية ‪٤‬تددة تشَت‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص‪.58‬‬
‫‪ 2‬الرواية ‪ ,‬ص‪.64‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص‪.64‬‬
‫‪77‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫إذل أبعاد بدقة‪ ,‬وىو ما يدؿ على تعرض ىذا الزمن إذل ثغرات عميقة ُب النظاـ الزمٍت وينقسم ىذا‬
‫األخَت إذل نوعُت‪:‬‬

‫‪ -1-2‬االسرزجاع ‪ /‬االسرذكار‪:(retrospection) :‬‬


‫و ىو "سرد أحداث سابقة للفًتة الزمنية اليت بلغها السرد وا‪١‬تقصود بو تلك األحداث اليت يأٌب‬
‫هبا من أجل دعم مواقف القصة من طرؼ الراوي أو الشخصيات األخرى‪ ,‬فيًتؾ ا‪ٟ‬تديث مفتوحا‬
‫ليعود الراوي بذاكرتو إذل الوراء‪ ,‬ليقدـ لنا أحداث ومشاىد من ا‪١‬تاضي الذي ٯتتزج با‪ٟ‬تاضر"‪ ,1‬وىو‬
‫" من بُت العناصر الزمنية اليت ٖتفل هبا النصوص السردية وخاصة الرواية اليت ٘تيل إذل استدعاء ا‪١‬تاضي‬
‫فتوظفو عن طريق استعماؿ االسًتجاع ما بُت مدى زمٍت ٯتكن قياسو بالفًتة الزمنية الواضحة وا‪١‬تعلومة‬
‫بالسنوات‪ ,‬األشهر‪ ,‬واألياـ وبُت سعة زمنية معلومة ال تقاس بالسنوات‪ ,‬وإ‪٪‬تا بالسطور والصفحات‬
‫اليت يغطيها االستذكار من زمن السرد"‪.2‬‬

‫وىو" ‪٥‬تالفة صر٭تة ليسر السرد يكوف بعودة راوي السرد و‪٤‬تركو إذل حدث سابق‪ ,‬يهدؼ إذل‬
‫استعادة أىداؼ ماضية أ‪٫‬تلها السرد وذكرىا لسبب أو آلخر‪ ,‬وْتسب ا‪١‬تادة ا‪١‬تعاد إليها تنكشف‬
‫أنواع االسًتجاع أكانت داخلية أـ خارجية‪ ,‬إف كل عودة إذل ا‪١‬تاضي تشكل بالنسبة للسرد‬
‫استذكارا يقوـ بو ‪١‬تاضيو ا‪٠‬تاص‪ ,‬و٭تيلنا من خبلؿ إذل أحداث سابقة النقطة اليت وصلتها القصة‬
‫‪3‬‬
‫فاالسًتجاع ىو ذاكرة النص ومفكرة السرد"‬

‫فاالسًتجاع بنوعية ٯتثل جزءً ىاما من النص الروائي‪ ,‬ولو تقنياتو ا‪٠‬تاصة ومؤشراتو ا‪١‬تميزة‬
‫ووظيفتو اليت ٗتتلف من رواية إذل رواية ويقسمو "جيرار جينيت" إذل نوعُت‪ :‬االسًتجاع الداخلي‬

‫‪ 1‬ينظر‪ ,‬عبد ا‪ٟ‬تميد بورايو‪ ,‬منطق السرد‪ ,‬دراسات ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪ٟ‬تديثة‪ ,‬ديواف ا‪١‬تطبوعات ا‪ٞ‬تامعية‪ ,‬د ط ‪1995 ,‬ـ‪ ,‬ص‪.155‬‬
‫‪ 2‬ينظر‪ ,‬حسن ْتراوي‪ ,‬بنية الشكل الروائي )الفضاء – الزمن – الشخصية( ‪ ,‬ص‪.80‬‬
‫‪ 3‬نضاؿ الشمارل‪ ,‬الرواية والتاريخ‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬أربد‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2006 ,1‬ـ‪ ,‬ص‪.117‬‬
‫‪78‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫بأنو " االسًتجاع الذي يكوف حقلو الزمٍت متضمنا ُب ا‪ٟ‬تقل الزمٍت للحكاية األوذل‪ ,‬واالسًتجاع ىو‬
‫الذي تظل سعتو كلها خارجة سعة ا‪ٟ‬تكاية األوذل"‪.1‬‬

‫كما يعرفو على أنو‪" :‬كل ذكر الحق ‪ٟ‬تدث سابق للنقطة اليت ‪٨‬تن فيها من القصة‪ ,‬أي اليت‬
‫بلغها السرد"‪.2‬‬

‫أ‪ -‬االسرزجاع انخارجي‪(Externalanalopsis) :‬‬


‫ويعرفو " جيرار جينيت" بأنو‪ " :‬االسًتجاع الذي تظل سعتو كلها خارج سعة ا‪ٟ‬تكاية‬
‫األوذل‪ ,‬واالسًتجاعات ا‪٠‬تارجية ال توشك ُب أي ‪ٟ‬تظة أف تتداخل مع ا‪ٟ‬تكاية األوذل"‪ 3‬ألف وظيفتها‬
‫الوحيدة ىي إكماؿ ا‪ٟ‬تكاية األوذل عن طريق تنوير القارئ ٓتصوص ىذه السابقة أو تلك‪ٔ .‬تعٌت‬
‫آخر‪ :‬ىو ذكر أحداث ووقائع وحىت شخصيات ال عبلقة ‪٢‬تا بالقصة أو ا‪ٟ‬تكاية لسد الثغرات اليت‬
‫ٮتلقها السرد‪.‬‬

‫و يكوف أيضا ىذا االسًتجاع " تاما أو كامبل ٔتعٌت أنو متصل با‪ٟ‬تكاية األوذل دوف أي‬
‫حذؼ‪ ,‬وقد يكوف جزئيا أي ال يتم وصل حكايتو باللحظة األخَتة ويقطع بينهما ضرب من‬
‫ا‪ٟ‬تذؼ"‪.4‬‬

‫كما ٯتثل االسًتجاع ا‪٠‬تارجي" استعادة أحداث تعود إذل ما قبل بداية ا‪ٟ‬تكي‪ ,‬وٯتثل ذلك ُب‬
‫"ثبلثية األمارل " ما قاـ بو ا‪١‬تخاطب السردي‪ ,‬الذي عٍت بتدوين السَتة الذاتية‪ ,‬حيث بدأ بتقدمي‬
‫مضادات كاشفة حوؿ السارد‪ ,‬تعرؼ بو‪ ,‬وتلخص حياتو‪ ,‬و٘تهد بذلك لدخولو ُب بنية ا‪ٟ‬تكاية‪,‬‬
‫واستطاع ا‪١‬تخاطب السردي بذلك أف يعيد أرضية ا‪ٟ‬تكاية ا‪١‬تبلئمة للراوي ليمسك بزماـ السرد‪,‬‬
‫حيث تكونت لدى القارئ فكرة مبكرة عنو‪ ,‬وعن تكوينو ا‪٠‬تارجي والنفسي والسلوكي‪ ,‬ىذا‬

‫‪ 1‬صفاء احملمود‪ ,‬البنية السردية ُب روايات خَتي الذىيب الزماف وا‪١‬تكاف ‪ ,‬رسالة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ‪,‬غساف مرتاض‪ ,‬قسم اللغة العربية جامعة البعث‬
‫د ط ‪2009 ,‬ـ‪2010 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.120‬‬
‫‪ 2‬جَتار جينت‪ ,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬تر‪٤ /‬تمد معتصم وعبد ا‪ٞ‬تليل األزدي وعمر حلي‪ ,‬منشورات األخبلؽ‪ ,‬ط‪ ,3‬ا‪ٞ‬تزائر‪2003 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص ‪.61 ,60‬‬
‫‪ 4‬ينظر‪ ,‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي‪ ,‬البنية السردية ُب الرواية‪ ,‬ا‪٢‬تادي‪ ,‬ص ‪.111‬‬
‫‪79‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫يرسم اإلطار العاـ للحكاية‪ ,‬و٭تدد ا‪١‬تدة الزمنية اليت‬ ‫‪Flash back‬‬ ‫الفبلش باؾ‬ ‫االسًتجاع‬
‫‪‌ 01‬‬ ‫استغرقتها ا‪ٟ‬تكاية"‬

‫ب‪ -‬االسرزجاع انذاخهي‪(InternalAnalepsis) :‬‬


‫فهذا االسًتجاع ىو" الذي يستعيد أحداثا وقعت ضمن زمن ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬أي بعد بدايتها‪ ,‬وىو‬
‫الصيغة ا‪١‬تضادة لبلسًتجاع ا‪٠‬تارجي"‪.2‬‬

‫وىذا النوع من االسًتجاع حسب "جيرار جينيت" ىو أف‪" :‬حقلها الزمٍت متضمن ُب ا‪ٟ‬تقل‬
‫الزمٍت للحكاية األوذل"‪ .3‬وبعبارة أوضح ىو‪ " :‬استعادة أحداث وقعت ضمن زمن ا‪ٟ‬تكاية أي بعد‬
‫بدايتها‪ 4".‬أي اسًتجاع الذكريات اليت وقعت بعد بداية سرد ا‪ٟ‬تكاية أو القصة‪ .‬فاالسًتجاع ىنا‬
‫يعترب من أىم عناصر ا‪١‬تفارقة السردية حضورا ُب العمل الروائي‪ ,‬ومن خبللو ٭تاوؿ الراوي الرجوع‬
‫للماضي الذي مرت بو ذاكرتو‪ ,‬أي اسًتجاع ذكريات ا‪١‬تاضي‪ ,‬فهو ذكر أحداث ووقائع وحىت‬
‫لسد الثغرات اليت ٮتلفها السرد‪.‬‬
‫شخصيات ال عبلقة ‪٢‬تا بالقصة أو ا‪ٟ‬تكاية ّ‬
‫فالرواية مليئة هبذا النوع من السرد االسًتجاع ألنو سيطر على كامل ثنايا القصة‪ ,‬حيث‬
‫اٗتذت الروائية من ىذا األسلوب وسيلة تعارؼ بُت القارئ وأبطاؿ الرواية‪ ,‬فالقصة ُب حد ذااها‬
‫اسًتجاع‪ ,‬وا‪ٞ‬تدوؿ ا‪١‬توارل يربز بعض أىم مواضع االسًتجاع ا‪١‬توجودة ُب الرواية‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫موضع االسًتجاع‬ ‫تقنية االسًتجاع االستذكار‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬


‫استذكار ‪ٟ‬تظة ترؾ عايشة ‪ٞ‬تداها‬
‫‪ ...‬كانت عايشة ُب الثامنة من العمر‪,‬‬
‫من أمها القادة وىي ُب عمر‬
‫‪08‬‬ ‫حيث تركها والداىا ورحل إذل ديار‬ ‫‪01‬‬
‫الثامنة‪ ,‬حيث ٗتلى عنها والدىا‬
‫الغربة ‪...‬‬
‫لصاحل العمل خارج الوطن‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص ‪.111‬‬


‫‪ 2‬نضاؿ الشمارل‪ ,‬الرواية والتاريخ‪ ,‬دار الكتاب العا‪١‬تي‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2006 ,1‬ـ‪ ,‬ص ‪.158‬‬
‫‪ 3‬جَتار جينيت‪ ,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬ص ‪.61‬‬
‫‪ 4‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي‪ ,‬البنية السردية ُب الرواية‪ ,‬ص ‪.111‬‬
‫‪80‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الصفحة‬ ‫موضع االسًتجاع‬ ‫تقنية االسًتجاع االستذكار‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬


‫‪ ...‬آخر ‪٤‬تادثة بينهما كانت قبل أربعة قبل أربعة أشهر‪ ,‬القادة الزالت‬
‫أشهر ‪ ...‬وقتها أخرباها أهنا أ‪٧‬تبت تستذكر آخر ‪٤‬تادثة بينهما وبُت ‪09‬‬ ‫‪02‬‬
‫الذكر الثاين وىو سليم معاَب كأخيو‪ ...‬ابنتها‪ ,‬وما جاء ُب تلك احملادثة‪.‬‬
‫استذكار ا‪ٞ‬تدة القادة ‪١‬توت زوجها‬
‫‪ ...‬مات زوجها منذ سنوات وىو عائد‬
‫وىو عائد من ا‪ٟ‬تج‪ ,‬حيث كاف‬
‫من ا‪ٟ‬تج‪ ,‬حُت كاف الناس يسافروف‬
‫الناس يرٖتلوف إذل ا‪ٟ‬تج حيث‬
‫‪11‬‬ ‫با‪ٞ‬تماؿ‪ ,‬الشيء الذي ٭تزهنا أهنا دل تظفر‬ ‫‪03‬‬
‫وسائل النقل منعدمة عدا التقليدية‪,‬‬
‫منو سوى بابنة واحدة ومع ذلك حافظت‬
‫والواقع أف السياقات النصية توحي‬
‫على ذكراه ودل تتزوج بعده‪.‬‬
‫أننا أماـ واقعة معاصرة‪.‬‬
‫استذكار أف ا‪ٞ‬تدة كانت‬
‫اجتماعية أي ٗتالط الناس ‪ٚ‬تيعا‪,‬‬
‫‪ ...‬كانت اجتماعية ُب سابق عهدىا‪ ,‬وىي ُب صحة جيدة ال تعاين أي‬
‫‪11‬‬ ‫‪04‬‬
‫مرض ألف بعد موافقة لرعاية عايشة‬ ‫ودل تكن تعاين من أي مرض ‪...‬‬
‫أصبحت تعاين من الضغط الدموي‬
‫والسكري‪.‬‬
‫‪...‬تعلمت ىذا من أمها حُت كانوا‬
‫يرٖتلوف مع ماشيتهم و‪ٚ‬تا‪٢‬تم إذل الصحراء‬
‫استذكار ا‪ٞ‬تدة القادة أهنا تعلمت‬
‫ُب الربيع ‪ , ...‬لذا كانت تبحث دوما‬
‫ىذا من أمها حُت كانوا يرٖتلوف‬
‫بُت ا‪٠‬تضرة عن ىذه النبتة ونباتات أخرى‬
‫لوجود ىذه النبتة"ا‪٠‬تياطة" لتضميد‬
‫للتطبيب‪ ,‬وىي تتذكر جيدا أهنا‬
‫ا‪ٞ‬ترح وىذا ما فعلتو ا‪ٞ‬تدة بعايشة‪18 .‬‬ ‫‪05‬‬
‫استخدمت ىذه النبتة كثَتا‪ ,‬وقد أثبتت‬
‫وتستذكر أيضا بأهنا استخدمتها‬
‫‪٧‬تاعتها ُب خياطة ا‪٠‬تروج ‪ ...‬طيلة فًتة‬
‫للتطبيب وىي ما تسمى بػ "نبتة‬
‫تطبيب ا‪ٞ‬تدة ‪٢‬تا دل ٗترج عايشة للشارع‪.‬‬
‫ا‪٠‬تياطة"‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الصفحة‬ ‫موضع االسًتجاع‬ ‫تقنية االسًتجاع االستذكار‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬


‫اسًتجاع وٖتسر عباس على األياـ‬
‫وينك يا أياـ زماف‪ ,‬كنا نعرفوا الوقت ْتركة‬
‫ا‪١‬تاضية عندما كانوا يعرفوف الوقت ‪26‬‬ ‫‪06‬‬
‫الظل !!‬
‫ْتركة ا‪٠‬تياؿ أو الظل‪.‬‬
‫استذكار عباس بأف ىذه ا‪ٟ‬تركة اليت‬
‫‪ ...‬وتذكر أنو يغيظ هبا حورية حُت أعجبتو ألنو كاف يغيظ هبا حورية‬
‫‪29‬‬ ‫‪07‬‬
‫زوجتو حينما تريده أف يبقى معها‬ ‫تعانده للبقاء معها ُب البيت‪.‬‬
‫ُب البيت‪.‬‬
‫دل يراقب‬ ‫استذكار عباس بأنو‬
‫‪ ...‬وتذكر أنو دل يراقب الشارع وقت‬
‫عايشة من‬ ‫الشارع حُت خروج‬
‫خروجها‪ ,‬التفت من ا‪ٞ‬تانبُت دل يرى أحد‬
‫حينما رأت ‪-31‬‬ ‫عنده‪ ,‬كما أف عايشة‬
‫‪ ...‬الزالت بواقي كرمو وكرـ زوجتو‬ ‫‪08‬‬
‫وكرـ زوجتو ‪32‬‬ ‫عباس استذكرت كرمو‬
‫عالقة بلحاؼ ا‪١‬تخ دل تتبلعب بو عواصف‬
‫عليها‪ ,‬أي أهنا مازالت عالقة ُب‬
‫الذاكرة بعد ‪. ...‬‬
‫ذاكراها ‪ٟ‬تظة ٖتميمها‪.‬‬
‫‪ ...‬فتذكرت كبلـ أمها عن ا‪١‬توت‬
‫‪ ...‬ىي اآلف كذلك مرت بكل ا‪١‬تراحل استذكار الكاتبة سرد حالة اإلنساف‬
‫‪35‬‬ ‫‪09‬‬
‫وىروهبا من ا‪١‬توت ظلت تغالب رئتيها وقت ا‪١‬توت وكيف ٯتكن أف يكوف‪.‬‬
‫لتتنفس ‪. ...‬‬
‫تذكرت أهنا نسيت دواءىا‪ ,‬حيث حىت‬
‫استذكار ا‪ٞ‬تدة لعدـ تناو‪٢‬تا حبيت‬
‫‪37‬‬ ‫خزانتها‪ ,‬أخرجت كيس الدواء ٍب بلعت‬ ‫‪10‬‬
‫الدواء اليت كانت تعتادىا ُب أكلها‪.‬‬
‫حبيت ضغط ومثلهما للسكري ‪. ...‬‬
‫استذكار عايشة ‪ٟ‬تظة ٖتميم حورية‬
‫‪ ...‬كانت "عايشة" ٖتلم ىذه ا‪١‬ترة ‪٢‬تا وىي ُب بيتها‪ ,‬وكيف ٖتوؿ ‪٢‬تا‬
‫بلحظة ٖتميم حورية ‪٢‬تا ‪ ...‬وقد ٖتوؿ وجو عباس كوجو حصاف جلوؿ ‪38‬‬ ‫‪11‬‬
‫الذي عضها من قبل‪.‬‬ ‫وجهو إذل حصاف جلوؿ الذي عضها‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الصفحة‬ ‫موضع االسًتجاع‬ ‫تقنية االسًتجاع االستذكار‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬


‫استذكار الكاتبة بأف حورية وقت‬
‫تظاىرت بالنوـ ٍب تتبعتو تستطلع خروجو‬
‫خروج عباس من بيتو لتنفيذ خطتو‬
‫ا‪١‬تفاجئ ظهرا ‪ ...‬ورفعت عينيها الدامعة‬
‫دل تنم وقتها بل تظاىرت بالنوـ‪ُ ,‬ب‬
‫‪43‬‬ ‫فيو‪ ,‬استدركت الحقا أف وجهها كاف‬ ‫‪12‬‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة ىي تتبعت خروجو‬
‫عاريا‪ ,‬فتسًتت بلحافها وغادرت تتعثر بو‬
‫ا‪١‬تفاجئ ُب ذلك الوقت‪ ,‬و‪ٟ‬تظة‬
‫خجلة باكية ‪. ...‬‬
‫اصطدامها بصاحل ا‪١‬تفاجئ‪.‬‬
‫اسًتجاع صاحل ُب ذاكرتو أنو وحده‬
‫كاف صاحل يظن أنو وحده من يعرؼ بسر‬
‫من يعلم بسر عباس‪ ,‬إال أنو دل‬
‫‪47‬‬ ‫عباس ‪ ...‬أهنا زوجة عباس ‪ ...‬ىي‬ ‫‪13‬‬
‫يكن يعلم بأف ا‪١‬ترأة اليت اصطداـ‬
‫نفسها تلك ا‪١‬ترأة اليت رآىا وقت ا‪ٟ‬تادثة‪.‬‬
‫هبا ىي نفسها زوجة عباس‪.‬‬
‫‪ ...‬فهي مطلقا لن تنسى ما حصل‬
‫تلك الليلة‪ ,‬لوال أف عايشة أرخت قبضتها استذكار للحالة ا‪٢‬تستَتية اليت حلت‬
‫‪51‬‬ ‫‪14‬‬
‫بآخر ‪ٟ‬تظة ‪ ...‬كانت ماتت ‪٥‬تتنقة بعايشة عندما أرادت خنق جداها‪.‬‬
‫‪. ...‬‬
‫اسًتجاع القادة حينما ‪ٛ‬تلت ُب‬
‫طفلها األوؿ الذي مات ُب بطنها‬
‫‪ ...‬وتتذكر حُت غلت ‪٢‬تا اللة مرمي‬
‫قبل شهرين‪ ,‬فبللة مرمي تشهد على‬
‫‪53‬‬ ‫الشيح مع ا‪ٟ‬تلبة وكيف أهنا بنفس اليوـ‬ ‫‪15‬‬
‫ذلك‪ ,‬كما تتذكر أيضا حينما‬
‫أجهضت‪.‬‬
‫أجهضت مباشرة من ذلك الذي‬
‫شربتو‪.‬‬
‫‪ ...‬تذكرت قدٯتا حُت كانت بريعاف‬
‫اسًتجاع ذكريات القادة قدٯتا عندما‬
‫شباهبا وكيف كانت تتحدى النسوة‬
‫كانت ُب عز شباهبا‪ ,‬وكيف كانت ‪64‬‬ ‫‪16‬‬
‫اعميش أهنا قادرة على تبُت النجوـ بعز‬
‫قوية تتحدى النسوة ُب منطقتهم‪.‬‬
‫الظهر ‪. ...‬‬
‫‌‬

‫‪83‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫من خبلؿ دراستنا للًتتيب الزمٍت ُب ىاتو الرواية ‪٧‬تد أف االسًتجاع تواجد بكثرة ُب النص غَت‬
‫أننا دل نوُب بكل ما ىو موجود ُب الرواية‪ ,‬بل أخذنا بعض النماذج ا‪١‬تهمة‪ ,‬كما أف االسًتجاع عمل‬
‫وسد العديد من الثغرات ا‪ٟ‬تكائية‪ ,‬وملء الكثَت من الفجوات اليت كانت تًتكها الساردة‬
‫على ردـ ّ‬
‫لوقت الحق‪ ,‬وساىم أيضا ُب تقدمي ا‪١‬تعطيات ا‪ٟ‬تكائية ا‪١‬تتعلقة باألحداث السابقة‪ ,‬من خبلؿ‬
‫اضاءات لبعض ا‪١‬تاضي‪ ,‬وبعض ا‪ٞ‬توانب من حياة الشخصيات اليت دل تكن صوراها لتكتمل لوال ىذه‬
‫االسًتجاعات‬

‫‪ -2-2‬االسرثاق ( االسرشزاف)‪(anticipation) :‬‬


‫ىو الشق الثاين من ا‪١‬تفارقة واألقل حضورا قياسا باالسًتجاع ‪ ,‬واالستباؽ ىو حركة فردية‬
‫تتمثل ُب إيراد حدث آت أو اإلشارة إليها مسبقا سواء كاف ىذا ا‪ٟ‬تدث متحققا أو ‪٤‬تتمل‪.‬‬

‫فإذا كاف االسًتجاع ىو" العودة إذل ا‪١‬تاضي والذي يّزودنا ٔتعلومات ماضية سواء حوؿ‬
‫الشخصية أو ا‪ٟ‬تدث‪ ,‬أو خط القصة فإف االستباؽ يعد قفزا إذل ا‪١‬تستقبل من خبلؿ ‪٥‬تتلف‬
‫اإلشارات والتلميحات اليت يوظفها السارد‪ ,‬واليت تعمل على اإلفادة إمكانية ٖتقق أحداث أو وقوع‬
‫أفعاؿ ُب ا‪١‬تستقبل‪ ,‬فاالستباؽ إذا ىو "‪٪‬تط من أ‪٪‬تاط السرد يعمد إليو الراوي ُب عرضو لؤلحداث‪,‬‬
‫فيق دـ بعضها أو يشَت إليها كاسرا بذلك وتَتة السردا‪٠‬تطي مشوشا ترتيب الوقائع كما وردت ُب‬
‫ا‪ٟ‬تكاية‪ 1".‬أي أنو عبارة عن مناورة سردية تتمثل ُب إيراد حدث الحق أو اإلشارة إليو سابقا أي‬
‫أحداث قد تقع وقد ال تقع‪.‬‬

‫و يعترب االستباؽ "ظاىرة يتم فيها إيراد حدث دل يبلغو السرد بعد‪ ,‬وىذه الظاىرة أقل تواترا من‬
‫اللواحق‪ ,‬وٗتتلف درجات وجودىا وأ‪٫‬تيتها باختبلؼ األنواع القصصية وتكوف غالبا ُب شكل مشروع‬
‫أو وعد أو تكهن أو رؤية أو حلم أو خياؿ‪٦ 2".‬تا يعٍت أف االستباؽ ىو التكهن والتنبؤ ٔتستقبل‬
‫حدث ما‪ ,‬كما ٯتكن أف يكوف معرفة الرؤية الغيبية ‪ٟ‬تياة األشخاص ُب العمل األديب‪.‬‬

‫‪ 1‬كماؿ الرياحي‪ ,‬حركة السرد الروائي ومناخاتو ُب اسًتاتيجيات الشكل‪ ,‬دار ‪٣‬تدالوي للنشر والتوزيع‪ ,‬عماف‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2005 ,1‬ـ‪ ,‬ص ‪.110‬‬
‫‪‌2‬الصادؽ‌قسومة‪‌،‬طرائق‌تحليل‌القصة‌؛دار‌الجنوب‌للنشر‌تونس؛‌د‌ط؛‌د‌ت؛‌‌‌ص‪‌ 0114‬‬

‫‪84‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫"و االستباؽ أيضا ىو تقدمي األحداث البلحقة وا‪١‬تتحققة ُب امتداد بنية السرد الروائي وعلى‬
‫العكس من التوقع الذي قد يتحقق وقد ال يتحقق"‪ .1‬أي ىو تنبأ ٔتا سيصَت ويقع للشخصيات‬
‫واألحداث‪.‬‬

‫فهو ‪٥‬تالفة ليسر زمن السرد‪ .‬تقوـ على ٕتاوز ا‪ٟ‬تكاية وذكر حدث دل ٯتض وقتو بعد وىو‬
‫مفارقة زمنية تتجو إذل األماـ تصور حدثا مستقبليا سيأٌب فيما بعد وىو على الضد من االسًتجاع‪,‬‬
‫واالستباؽ وىو القفز على فًتة زمنية معينة من زمن القصة‪ ,‬أي ٕتاوز النقطة اليت وصلها ا‪٠‬تطاب‬
‫واالستباؽ ُب نظر‬ ‫لبلستشراؽ ٔتستقبل األحداث والتطلع إذل ما سيحصل من مستجدات الرواية‪,‬‬
‫"جيرار جينيت" ىو" ا‪ٟ‬تكاية التكهنية بصيغة ا‪١‬تستقبل عموما ولكن ال شيء ٯتنع من إ‪٧‬تازىا بصيغة‬
‫ا‪ٟ‬تاضر"‪.2‬‬

‫حيث ٯتيز "جيرار جينيت" بُت صنفُت من االستباقات ‪:‬‬

‫)‪(Internalproplelsis‬‬ ‫أ‪ -‬االستباق الداخلي‬


‫٭تدث االستباؽ الداخلي ُب بنية ا‪ٟ‬تكاية من الداخل‪ ,‬وىو "الذي ال يتجاوز خا٘تة ا‪ٟ‬تكاية‬
‫وال ٮترج عن إطارىا الزمٍت‪ ".‬وتتعدد أشكاؿ االستباؽ الداخلي استجابة الستدعاء السارد ‪٣‬تمل‬
‫األحداث من ا‪١‬تاضي‪ٍ ,‬ب ينطلق بإتاه ا‪١‬تستقبل"‪.3‬‬

‫ويتشابو االستباؽ الداخلي مع االسًتجاع ُب "أف منو ما ىو غَت منتم إذل ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬ومنو‬

‫ما ىو منتم إليها"‪.4‬‬

‫‪ ,‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪ ,‬القاىرة‪ ,‬ط‪2014 ,1‬ـ‪ ,‬ص‪.95‬‬ ‫‪٧ 1‬تبلء مشعل‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب الروائي‪ ,‬النسوي أ‪٪‬توذجا‬
‫‪ 2‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي‪ ,‬البنية السردية ُب الرواية‪ ,‬ص ‪.117‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪,‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 4‬ينظر‪ ,‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص ‪.117‬‬
‫‪85‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫وٕتدر اإلشارة إذل أف االستباؽ "تقنية ٕتيء ُب بنية الرواية التقليدية على وجو ا‪٠‬تصوص‪.‬‬
‫فينتقل عنصري التشويق وا‪١‬تفاجأة لدى القارئ حيث يعلن الراوي التقليدي عن األحداث البلحقة‬
‫قبل وقوعها"‪.1‬‬

‫ب‪ -‬االسرثاق انخارجي‪(Externalproplelsis) :‬‬


‫تبدو " وظيفتها ختامية ُب أغلب األحياف ٔتا أهنا تصلح للدفع ٓتط عمل ما إذل هنايتو‬
‫ا‪١‬تنطقية"‪.2‬‬

‫ويتخذ االستباؽ ا‪٠‬تارجي موقعو ُب ‪ٟ‬تظتُت مهمتُت من ‪ٟ‬تظات السرد‪ ,‬اللحظة األوذل قبل‬
‫البدء ُب ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬حيث ٮتلق ا‪١‬تخاطب السردي استباقا مفتوحا على ا‪١‬تستقبل مشكبل حضورا بارزا‬
‫للمؤلف الضمٍت ‪ ,‬واللحظة الثانية ال تقل ُب أ‪٫‬تيتها على اللحظة الفائتة‪ٟ ,‬تظة النهاية‪ ,‬حيث يفتح‬
‫السارد الباب على مصرعيو للتأويبلت ا‪١‬تستقبلية‪ .‬أما االستباؽ أو السرد االستشراُب يأٌب با‪١‬تقابل‬
‫ليعرب عن مفارقة زمنية سردية تتجو ‪٨‬تو األماـ‪ ,‬وٗتتص القادـ‪ ,‬فهي ٘تثل تصويرا مستقبليا ‪ٟ‬تدث‬
‫سردي‪.‬‬
‫على الرغم من حضوره احملتشم ُب الرواية‪ ,‬فقد ساىم ُب شحن الرواية وملء فضاءااها بالتوقع‬
‫والًتقب‪ ,‬كما أنو لعب دورا كبَتا ُب جعل زمن الرواية ٮترج من سلطة ا‪١‬تاضي إذل فضاءات ا‪١‬تستقبل‬
‫الواسعة وا‪١‬تتعددة‪.‬‬
‫وا‪ٞ‬تدوؿ ا‪١‬توارل يربز أىم مواضع االستباؽ ا‪١‬توجودة ُب الرواية ‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫موضع االستباؽ‬ ‫تقنية االستباؽ االستشراؼ‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬
‫‪ ...‬عارية ال اهاب حرقة الشمس‪ ,‬بدأت القصة باستباؽ لؤلحداث‪,‬‬
‫‪-15-13‬‬
‫بكر تصارع آالـ ا‪١‬تخاض ‪ ...‬دل إذ تسرد علينا الكاتبة ‪ٟ‬تظة والدة‬ ‫‪19‬‬
‫‪14‬‬
‫‪٢‬تذا ا‪١‬تكاف ا‪١‬توحش طائر عايشة وما عانتو من اآلالـ‬ ‫‪٬‬تلبها‬

‫‪ 1‬آمنة يوسف‪ ,‬تقنيات السرد ُب النظرية والتطبيق‪ , ,‬ص‪.81‬‬


‫‪ 2‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي‪ ,‬البنية السردية ُب الرواية ‪ ,‬ص ‪.117‬‬
‫‪86‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الليل ‪ ...‬بل جلبها ىذا الغريب ‪ ...‬ا‪١‬تخاض وحدىا ببل مؤنس وال‬
‫من دلتها أف أدل ا‪١‬تخاض يسكن آخر حبيب ٖتت أشعة الشمس ا‪ٟ‬تارقة‬
‫الظهر ‪ ...‬وألف الشمس حارقة وقد بعد أف زودىا الغريب بصرة ٘تر‬
‫بلغ العطش منتهاه ‪ ...‬وصرخت واختفى ُب الصحراء‪ ,‬تاركا إياىا‬
‫صرخة مدوية ‪ ...‬تاركة صوتا صغَتا وحدىا تصارع اآلدل ا‪١‬تخاض‪.‬‬
‫وكانت اهروؿ لعلها ترى طيفو‬ ‫ناعما ‪ ...‬تتحدى بو صوت الريح‪.‬‬
‫وىذا دوف جدوى‪ ,‬حُت ٘تددت‬
‫على األرض فجأة أظلها شيء‬
‫فتحت عينيها فإذا بالغريب عند‬
‫رأسها يرشها با‪١‬تاء بعدىا اشتدت‬
‫عليها اآلالـ‪ ,‬إذ تصرخ صرخة‬
‫مدوية ليتعاذل صوت الصغَت ُب‬
‫األرجاء‪.‬‬
‫استباؽ عباس لؤلحداث والتنبؤات‬
‫ٖتجج عباس أف الزبائن يبدؤوف ُب اليت قد ٖتصل من خبلؿ بدء‬
‫‪05‬‬ ‫‪10‬‬
‫الزبائن يتوافدوف عليو بعد صبلة‬ ‫التوافد عليو بعد العصر ‪...‬‬
‫العصر لتنفيذ خطة‪.‬‬
‫استباؽ ألحداث حالة االغتصاب‬ ‫نادى عليها بصوت يشبو ا‪٢‬تمس‪:‬‬
‫اليت خطط ‪٢‬تا عباس ا‪ٟ‬تبلؽ وقت‬ ‫‪-‬عايشة‪ ,‬عايشة‪.‬‬
‫الظهر وىذا ليتأكد من خبل‪٢‬تا على‬ ‫‪ -‬دل تلتفت‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪11‬‬
‫قدرتو على اإل‪٧‬تاب و‪٬‬تعل منها‬ ‫أعاد ا‪١‬تناداة بصوت أعلى قليبل ‪:‬‬
‫حقل ٕتارب ‪....‬بعد أف وضع‬ ‫‪ -‬عايشة‪ ,‬عايشة‪.‬‬
‫مالو على العبلج دوف جدوى‪,‬‬ ‫‪ -‬دل تلتفت‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ ...‬استطلت ابتسامتو‪ ,‬فأشار ‪٢‬تا وىذا ما فعلو بفعلتو الشنيعة‪.‬‬


‫بيده أف تقًتب حامبل قطعة خبز‪,‬‬
‫فتقدمت منو لتأخذىا‪ ,‬وما إف وضعت‬
‫قدميها على عتبة الباب حىت جذهبا‬
‫بسرعة وأغلق احملل‪.‬‬
‫‪ -‬ىي اآلف ماثلة أمامو ٖتدؽ فيو‬
‫بببلىة‪...‬‬
‫‪ -‬أسس‪ ,‬أسس‪ ,‬قاؿ عباس غالقا‬
‫بيده فمها ‪.‬‬
‫‪ ...‬لذا ىو طواؿ الوقت يفكر فيما‬
‫سيؤوؿ إليو حالو‪ ,‬فهو يعلم ثرثرتو استشراؼ عباس ‪١‬تا سيقولو صاحل‪,‬‬
‫البلمتناىية‪ ,‬ما يفعل لو أخرب الناس وىو يعلم ثرثرتو وما سيخرب الناس‬
‫‪21‬‬ ‫‪12‬‬
‫والسلطات عن فعلتو وانتهى بو األمر والسلطات عن فعلتو‪ ,‬وأيضا عند‬
‫سجينا ‪ ...‬ستكرىو حورية وسينبذه ‪ٝ‬تاع حورية با‪٠‬ترب أهنا شكرتو‪.‬‬
‫الناس ‪ ...‬ويقضي باقي عمره وحيدا‪.‬‬
‫خوؼ القادة من أف يعلم فاقدي‬
‫‪ ...‬وماذا لو تبُت بعض فاقدي‬
‫الضمَت باألمر‪ ,‬أمر اغتصاب ‪33‬‬ ‫‪13‬‬
‫الضمَت األمر ‪...‬‬
‫عايشة ‪.‬‬
‫‌‬

‫فاالستشراؼ ىنا غطّى الرواية بأكملها حىت هنايتها‪ ,‬فالقارئ للرواية يبقى حائرا ُب مصَت‬
‫"عايشة" ىل ىي على قيد ا‪ٟ‬تياة‪ ,‬أـ أين يا ترى‪...‬؟ لقد جعلنا ىذا األمر حالة البلستقرار ُب مصَت‬
‫"عايشة العقونة" ُب خروجها وال أحد يعلم ذلك ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ -3‬تقنيات الحركة السردية ‪:‬‬


‫بعد أف تعرفنا على وجو من وجوه الزمن من حيث الًتتيب وعرفنا على أىم ما يتعلق ٔتفارقاتو‬
‫الزمنية‪ ,‬إما بالرجوع إذل بعض األحداث ا‪١‬تاضية اليت وقعت قبل بداية الرواية أو بعدىا‪ ,‬وإما بتقدمي‬
‫بعض األحداث البلحقة واحملتملة الوقوع سنتعرؼ عليو من زاوية أخرى ىي زاوية ا‪١‬تدة‪ ,‬أي الوتَتة‬
‫السريعة أو البطيئة‪ ,‬اليت تعرض خبل‪٢‬تا األحداث وذلك انطبلقا من أف درجة الصفر ا‪١‬ترجعية ىنا‬
‫ىي توافق دقيق بُت زمن ا‪ٟ‬تكاية والقصة‪ ,‬وتنقسم تقنيات زمن السرد تبعا لذلك إذل أربع تقنيات‬
‫منها ما يساىم ُب تسريع السرد وىي ا‪ٟ‬تذؼ وا‪٠‬تبلصة واألخرى تبطئ السرد وىي ا‪١‬تشهد والوقفة‪.‬‬

‫‪ -1-3‬تسريع السرد ‪:‬‬


‫وىي تقنية تدرس اإليقاع الزمٍت ُب النص من خبل‪٢‬تا وىي نوعاف‪:‬‬

‫)‪(sommaire‬‬ ‫أ‪ -‬الخالصة ‪ /‬المجمل‬


‫و قد اختلفت فيها التسميات و‪٢‬تا مصطلحات عديدة من بينها‪ :‬اإل‪٬‬تاز‪ ,‬اجململ‪ ,‬ا‪١‬تلخص‪...‬‬
‫فػ"حميد لحميداني" "يفضل تسميتها "ا‪٠‬تبلصة" و كلها تسميات ‪١‬تعٌت واحد يعتمد عليها الكاتب‬
‫ُب سرد أحداث الرواية"‪.1‬‬

‫" و ىي إ‪٬‬تاز األحداث وتلخيصها‪ ,‬أي عرض األحداث اليت تقع ُب فًتة زمنية طويلة ُب‬
‫مقاطع سردية قصَتة"‪ .2‬وا‪٠‬تبلصة ىي سرد موجز يكوف فيو زمن ا‪٠‬تطاب أصغر بكثَت من زمن‬
‫ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬وتتضمن البٌت السردية تلخيصها لؤلحداث ووقائع جرت دوف ا‪٠‬توض ُب تفاصيلها‪ ,‬فتجيء‬
‫ُب مقاطع سردية أو إشارات‪ ,‬وتعد ا‪٠‬تبلصة "تقنية زمنية يلجأ إليها الروائي ُب حالتُت‪ :‬ا‪ٟ‬تالة األوذل‬
‫حُت نتناوؿ أحداثا حكائية ‪٦‬تتدة ُب فًتة زمنية طويلة‪ ,‬فيقوـ بتلخيصها ُب زمن السرد وتسمى‬
‫ا‪٠‬تبلصة االسًتجاعية‪ ,‬وا‪ٟ‬تالة األخرى حيث يتم التلخيص ألحداث سردية ال ٖتتاج لتوقف زمٍت‬

‫‪ٛ 1‬تيد ‪ٟ‬تميداين‪ ,‬بنية النص السردي من منظور النقد األديب‪ ,‬ص‪.76‬‬
‫‪ٝ 2‬تَت فوزي حاج‪ ,‬مرايا جرب ابراىيم والفن الروائي‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ,‬بَتوت‪ ,‬لبناف‪ ,‬ط‪2005 ,1‬ـ‪ ,‬ص ‪.75‬‬
‫‪89‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫سردي طويل‪ ,‬وٯتكن تسميتها با‪٠‬تبلصة اآلنية ُب زمن السرد ا‪ٟ‬تاضر"‪ 1‬ونتيجة لطابع ا‪٠‬تبلصة‬
‫التكثيفي و االختزارل يقوـ الراوي با‪١‬ترور السريع على األحداث ا‪ٟ‬تكائية أو السردية‪ ,‬فيسرد "ُب بضع‬
‫فقرات أو بضع صفحات عدة أياـ أو شهور أو سنوات من الوجود دوف تفصيل أعماؿ وأقواؿ"‪.2‬‬
‫أي أف ا‪٠‬تبلصة تقتضي سرد ‪٣‬تموعة من الوقائع دوف ذكر التفاصيل وا‪ٞ‬تزئيات‪ ,‬كما أهنا ٗتتصر فًتة‬
‫طويلة من حياة الشخصيات ُب عدد ‪٤‬تدود من السطور‪.‬‬

‫من خبلؿ ا‪٠‬تبلصة استطاعت الروائية أف تتخلص من سرد الكثَت من األحداث وجعلها ُب‬
‫أسطر معدودة باختصار وإ‪٬‬تاز‪ ,‬وُب ا‪ٞ‬تدوؿ ا‪١‬توارل نوضح بعض مواطن ا‪٠‬تبلصة ا‪١‬توجودة ُب الرواية ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫القرنية‬ ‫ا‪٠‬تبلصة ُب الرواية‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬


‫نصف ساعة مرت وال شيء‪ ,‬ال عايشة وال غَتىا‪ ,‬أحست‬
‫‪07‬‬ ‫بأدل ُب ظهره‪ٍ ,‬ب داعبو الكرى‪ ,‬ففكر ماذا لو يرتاح قليبل نصف ساعة‬ ‫‪19‬‬
‫ويكمل فيما بعد ؟‬
‫نصف ساعة آخر ٯتضي‪ ,‬ىذا ما تشَت إليو ساعة احملل‪ ,‬نصف ساعة‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬
‫الساعة الثانية‬ ‫الساعة الثانية تدؽ وال شيء‪...‬‬
‫على غَت العادة عادت "عايشة" مبكرا‪ ,‬دوف ضحكتها‬
‫‪12‬‬ ‫مبكرا‬ ‫‪11‬‬
‫البلهاء‪.‬‬
‫الوقت غَت ‪٤‬تدد‪14 .‬‬ ‫مر الوقت وا‪ٞ‬تدة ُب عادل آخر‬ ‫‪12‬‬
‫مر أسبوع‪ ,‬العدد مضبوط اآلف‪ ,‬فحورية كانت ٖتسب‪ ,‬أسبوع‬
‫‪20‬‬ ‫‪13‬‬
‫يوما‪.‬‬ ‫وحده عباس ال يعلم كم يوما مضى‪...‬‬
‫لكنها ُب ا‪ٟ‬تقيقة مرت ساعتاف بالضبط‪...‬وكاف فقد أطلت ساعتاف‬
‫‪24‬‬ ‫‪14‬‬
‫الرابعة عصرا‪.‬‬ ‫على ساعة ىاتفها وكانت الرابعة عصرا‪.‬‬

‫‪ 1‬مها حسن القصراوي‪ ,‬الزمن ُب الرواية العربية‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ,‬بَتوت‪ ,‬ط‪2004 ,1‬ـ‪ ,‬ص ‪.224‬‬
‫‪ 2‬جَتا ر جينيت ‪ ,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬ص ‪.109‬‬
‫‪90‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫بعد مرور شهر من الواقعة‪ ,‬وثبلث أسابيع ضبطا على موت شهر‬
‫‪39‬‬ ‫‪15‬‬
‫ثبلث أسابيع‪.‬‬ ‫عباس بدأت مبلمح جديدة تظهر على عايشة‪...‬‬
‫على الساعة ا‪٠‬تامسة والربع عادت‪ ,‬الوقت مضبوط ألف ا‪٠‬تامسة والربع‬
‫‪31‬‬ ‫‪16‬‬
‫الساعة‬ ‫ا‪ٞ‬تدة كانت عينها على الساعة طواؿ الوقت‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫نصف ساعة‪.‬‬ ‫بعد نصف ساعة تقريبا من خروج صاحل‪..‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪45‬‬ ‫السنتُت‪.‬‬ ‫عاد اآلف وطفلة بعمر السنتُت تتشبث بيده‪...‬‬ ‫‪91‬‬
‫)‪(Ellipse‬‬ ‫ب‪ -‬الحذف‪ /‬القطع‪:‬‬
‫وىي تقنية" زمنية إذل جانب التلخيص لو دور حاسم ُب تسريع حركة السرد‪ ,‬فهي تقتضي‬
‫بإسقاط فًتة قصَتة أو طويلة من زمن القصة وعدـ التطرؽ ‪١‬تا جرى فيها من وقائع وأحداث"‪.1‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ٕ ":‬تاوز السارد أحيانا لبعض ا‪١‬تراحل من القصة دوف اإلشارة إليها يقوؿ مثبل‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫"مرت سنتاف أو انقض زمن فعاد البطل من غيبتو‪"...‬‬

‫أما من وجهة نظر "جيرار جينيت"‪" :‬يرتد ٖتليل ا‪ٟ‬تذوؼ إذل تفحص زمن القصة احملذوؼ"‪.3‬‬
‫كما ٯتكن القوؿ بأنو‪" :‬أقصى سرعة ‪٦‬تكنة يركبها السرد‪ ,‬ويتمثل ُب ٗتطيو للحظات ا‪ٟ‬تكائية‬
‫بأكملها دوف اإلشارة ‪١‬تا حدث فيها وكأهنا ليست جزء من ا‪١‬تنت ا‪ٟ‬تكائي"‪ .4‬أي أنو لو فرصة ٕتاوز‬
‫فًتة زمنية ىو ُب غٌت عنها‪ ,‬إذ يقفز عنها دوف التحدث عما ‪٬‬تري فيها‪.‬‬

‫ويذىب "جان ريكاردو"‪ :‬إذل أف "ا‪ٟ‬تذؼ" ىو نوع من " القفز على فًتات زمنية والسكوت‬
‫على وقائعها من زمن الق ص" ‪...‬ونوع يلحق القصة والسرد معا ُب حالة التنقل من فصل إذل فصل‬

‫‪ 1‬حسن ْتراوي ؛بنية الشكل الروائي‪ ,‬ص ‪.156‬‬


‫‪ٛ 2‬تيد ‪ٟ‬تميداين‪ ,‬بنية النص السردي‪ ,‬ص ‪.77‬‬
‫‪ 3‬جَتار جينيت‪,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية ‪ ,‬ص ‪.117‬‬
‫‪ 4‬عبد العارل بوطيب‪ ,‬مستويات دراسة النص الروائي مقاربة نظرية ‪ ,‬ط‪ ,1‬مطبعة األمنية‪ ,‬ا‪١‬تغرب ‪ ,199‬ص ‪.164‬‬
‫‪91‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫حيث ٖتدث فجوة ُب القصة"‪ 1‬نكاد نلمسها و‪٨‬تس بفراغها ُب البناء الروائي العاـ الذي يقوـ بتقدمي‬
‫ىذه ا‪١‬تادة ا‪ٟ‬تكائية‪.‬‬

‫فالروائي كثَتا ما يلجأ إذل استخداـ تقنية "ا‪ٟ‬تذؼ" عندما يصطدـ بصعوبة سرد األياـ أو‬
‫تقدمي األحداث بشكل متسلسل الستحالة القدرة على االلتزاـ بتتبع سرد الزمن الكرونولوجي‬
‫البلهنائي الصَتورة على مساحة نصية‪ ,‬ىذه ا‪١‬تساحة قد ال تكفي لتغطية ما ٭تدث بالتفصيل خبلؿ‬
‫ساعات يوـ واحد‪.‬‬

‫لذلك "‪٧‬تده يقفز على بعض الفًتات اليت ال يرى جدوى من سردىا كوهنا ال تتوفر على‬
‫أحداث تسهم ُب بعث السرد ودفع عجلة حركتو مكتفيا بًتكيزه على ما ‪٬‬تب أف يروي فقط‪.‬‬

‫فا‪ٟ‬تذؼ تقنية زمنية ال ٯتكننا االستغناء عنها‪ ,‬خاصة عندما يتعلق األمر بضرورة إسقاط بعض‬
‫الفًتات الزمنية ا‪١‬تيتة والقفز باألحداث بإتاه األماـ‪.‬‬

‫ويتحقق ىذا القفز بالسكوت عن ىذا ا‪ٞ‬تزء القصصي ُب السرد بشكل كلي أو باإلشارة إذل‬
‫مكانو بعبارات زمنية تدؿ على موضع الفراغ ا‪ٟ‬تكائي"‪.2‬‬

‫تكوف كفيلة بلفت انتباىنا إذل أف ىناؾ فًتة ٘تر ٕتاوزىا ُب ا‪ٟ‬تكي‪ ,‬وهبذا يساعدنا على فهم‬
‫وإدراؾ التحوالت الزمنية اليت تطرأ سَت األحداث ا‪ٟ‬تكائية‪.‬‬

‫وللحذؼ نوعاف ‪:‬‬

‫‪ -1‬الحذف الصريح‪ :‬أي أف" الروائي يصرح بالفًتة الزمنية احملذوفة"‪.3‬‬

‫‪ 1‬جاف ريكاردو‪ ,‬قضايا الروائية ا‪ٟ‬تديثة‪ ,‬ص ‪.265‬‬


‫‪ 2‬حسن ْتراوي‪ ,‬بنية الشكل الروائي‪ ,‬ص ‪.156‬‬
‫‪ 3‬نعيم بن أ‪ٛ‬تد ‪ ,‬سوسيونصية السرد‪ُ ,‬ب رواية ا‪٠‬ترب الكاُب حملمد شكري‪ ,‬مذكرة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ُب األدب العريب‪ٗ ,‬تصص سرديات عربية‪,‬‬
‫‪2010‬ـ‪2011 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.177‬‬
‫‪92‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪-2‬الحذف الضمني‪ :‬يعد ىذا ا‪ٟ‬تذؼ "من أىم التقنيات السردية ا‪١‬تستخدمة ‪٠‬تلق الزمن السردي‪,‬‬
‫فمن خبللو يتم االنتقاؿ من فًتة زمنية إذل أخرى من دوف اإلشارة إذل ذلك"‪.1‬‬
‫وتأٌب ىذه األ‪٫‬تية لكوف النص السردي عاجزا على االلتزاـ بالتتابع الزمٍت الطبيعي لؤلحداث‪,‬‬
‫ومضطر إذل القفز بُت ا‪ٟ‬تُت وا‪ٟ‬تُت على الفًتات ا‪١‬تيتة من القصة‪ .‬قد يلجأ الراوي إذل ىذه التقنية‬
‫وىو مرغم‪ ,‬ألهنا تتيح لو فرصة ٕتاوز فًتة زمنية ىو ُب غٌت عنها‪ ,‬إذ يقفز عنها دوف التحدث عما‬
‫‪٬‬تري فيها‪ ,‬ويبد أ ُب الغالب ىذه ا‪١‬تقاطع اليت تتوفر فيها التقنية كعبارة‪ " :‬مرت سنوات‪ ,‬بعد ‪ٜ‬تس‬
‫سنوات دقائق‪ ,‬انقضت أشهر ‪...‬وغَتىا‪.‬‬
‫فا‪ٟ‬تذؼ دل يرد كثَتا ُب الرواية‪ ,‬وما ورد منو طاؿ واقتصر حسب حاجة الرواية وغرضو من‬
‫ذلك ا‪ٟ‬تذؼ‪ ,‬وا‪ٞ‬تدوؿ التارل يبُت أىم مواضع ا‪ٟ‬تذؼ ا‪١‬توجودة ُب الرواية ‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫القرنية‬ ‫ا‪ٟ‬تذؼ الوارد ُب الرواية‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬
‫ومرت األياـ‪ ,‬وطالت ا‪١‬تدة‪ ,‬شهر‪ ,‬شهراف‪ ,‬شهر‪ ,‬شهراف‪ ,‬سنة‪ ,‬سبع ‪16‬‬ ‫ّ‬ ‫‪19‬‬
‫سنوات‪.‬‬ ‫سنة‪ ,‬سبع سنوات بعمر الزمن ودل يعودا‪.‬‬
‫كانت عايشة ُب الثامنة من العمر حُت تركها الثامنة من العمر‪.‬‬
‫والداىا ورحبل إذل ديار الغربة‪ ,‬وىا قد صارت ا‪٠‬تامسة عشر‪.‬‬
‫اآلف با‪٠‬تامسة عشر‪..‬‬
‫‪99‬‬ ‫ىي سيدة ‪ٚ‬تيلة‪ ,‬دل تستطع سنوات العمر سنوات العمر الستُت‪.‬‬ ‫‪10‬‬
‫الستُت أف تسرؽ منها ‪ٚ‬تا‪٢‬تا البدوي األصيل‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫وكأي بنت طبيعية مرت ّتميع مراحل التطور شهر‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫ا‪ٞ‬تسمي والفيزيولوجي‪ ,‬لذا صارت جداها ىلعة‬
‫كلما أىل شهر‪.‬‬
‫‪00‬‬ ‫ويبدو أهنا شفيت من عضة ا‪ٟ‬تصاف‪ ,‬فمنذ منذ ثبلثة أياـ‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص ‪.177‬‬


‫‪93‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ثبلثة أياـ دل ٯتر طيفها أمامو‪.‬‬


‫‪03‬‬ ‫‪...‬وبعد فًتة ليست بالطويلة أطلت كعصفور بعد فًتة‪.‬‬ ‫‪13‬‬
‫مبلل فاندىش‪...‬‬
‫‪03‬‬ ‫ظّل عباس يتقلب ُب فراشو ويعيد كل ثانية وزف كل ثانية‪.‬‬ ‫‪14‬‬
‫األمور ويضع االحتماالت‪...‬‬
‫‪11‬‬ ‫استيقظت بعد فًتة‪ ,‬بدى العادل ُب عينيها بعد فًتة‪.‬‬ ‫‪15‬‬
‫ضبابيا‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫مر الوقت وا‪ٞ‬تدة ُب عادل آخر‪ ,‬دل تصح إال الوقت غَت ‪٤‬تدد‪.‬‬ ‫‪16‬‬
‫صبلةالعشاء‪.‬‬ ‫على صوت ا‪١‬تؤذف لصبلة العشاء‪.‬‬
‫‪24‬‬ ‫ساعتاف‪.‬‬ ‫‪...‬لكنها ُب ا‪ٟ‬تقيقة مرت ساعتاف بالضبط‪.‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪44‬‬ ‫مر أسبوع‪ٍ ,‬ب شهر‪ٍ ,‬ب سنة بعمر الغياب ودل أسبوع ‪.‬‬ ‫‪91‬‬
‫شهر‪.‬‬ ‫تعد‪ ,‬ا‪ٞ‬تدة من فرط ما أهنكها القلق وا‪ٟ‬تزف‪.‬‬
‫سنة‪.‬‬

‫‪ -2-3‬تعطيل السرد ‪:‬‬


‫وىو ا‪١‬تصطلح ا‪١‬تقابل لتسريع السرد‪ ,‬ويعٍت اإلبطاء والتمديد ُب وتَتة السرد فالروائي مىت‬
‫أحسن برتابة السرد و٘تطيط الزمن يلجأ إذل كسر ىذه الرتابة حىت يوىم القارئ بتوقف حركة‬
‫السرد وذلك من خبلؿ تقنيتُت و‪٫‬تا‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫)‪(Scene‬‬ ‫أ‪ -‬المشهد ‪ /‬الحوار‪:‬‬


‫يرمز لو زمن ا‪ٟ‬تكاية‪ :‬زمن ا‪ٟ‬تكي‪ .‬٭تتل ا‪١‬تشهد موقعا متميزا صمن ا‪ٟ‬تركة الزمنية للرواية‪,‬‬
‫وذلك‪ " :‬بفضل وظيفتو الدرامية ُب السرد وقدرتو على تكسَت رتابة ا‪ٟ‬تكي بضمَت الغائب الذي‬
‫ظل يهيمن‪ ,‬وال يزاؿ على أساليب الكتابة الروائية"‪.1‬‬
‫فا‪١‬تشهد ىو " الذي ٭تقق تقاببل بُت وحدة من زمن القصة ووحدة مشاهبة من زمن الكتابة‪,‬‬
‫وبذلك يكوف ىناؾ نوعا من التساوي بُت ا‪١‬تقطع السردي وا‪١‬تقطع التخيلي‪٦ ,‬تا ٮتلق حالة من التوازف‬
‫بينهما"‪ .2‬ويكوف أحيانا كردود أفعاؿ ٖتدث بُت الشخصيات النإتة عن احملاورة األوذل فيما بينهما‬
‫فا‪١‬تشهد يكوف عادةحواريا أين تتداخل احملاورة بُت الشخصيات‪ ,‬أو ردود األفعاؿ اليت ٖتدث‬
‫فيما بينها‪ ,‬ففي ا‪١‬تشهد يتساوى زمن القصة مع زمن ا‪٠‬تطاب‪.‬‬
‫من خ بلؿ ىذه التقنية ٘تكن الروائية من أف تبُت ما ٮتتلج نفوس شخصيات الرواية‪ ,‬وذلك‬
‫من خبلؿ ا‪ٟ‬توار الداخلي‪ ,‬أما ا‪ٟ‬توار ا‪٠‬تارجي فكاف بُت األبطاؿ والشخصيات األخرى أو بُت‬
‫الشخصيات األخرى مع بعضها البعض‪ ,‬وا‪ٞ‬تدوؿ ا‪١‬توارل يربز أىم مواضع ا‪ٟ‬توار ُب الرواية‪:‬‬
‫الصحة‬ ‫طرؽ ا‪ٟ‬توار‬ ‫ا‪١‬تشهد ُب الرواية‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬
‫ماذا!‬ ‫ػ‬
‫ػ مامي جاكوب‪ ,‬جاكوب يعٍت يعقوب ‪.‬‬
‫طيب‬ ‫!!‬ ‫أ ىاااا‪...‬سيدنا يعقوب صار جاكوب‬
‫حوار خارجي ين ا‪ٞ‬تدة‬
‫‪17‬‬ ‫؟!‬ ‫وعائشة‬ ‫‪19‬‬
‫وابنتها ‪.‬‬
‫مامي ‪.‬‬
‫بصوت أجش قورل على‬ ‫!!‬ ‫ػ مامي ؟! مامي‬
‫األقل أمي يا ‪...‬‬

‫‪ 1‬حسن ْتراوي‪ ,‬بنية الشكل الروائي‪ ,‬ص ‪.166‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص ‪.166‬‬
‫‪95‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫؟!‬ ‫ػ واش رايك لو ‪ٛ‬تمتها‬


‫حوار خارجي بُت عباس‬
‫ػ حك عباس رأسو بفرح‪ ,‬ورد بسرعة‪:‬‬ ‫‪10‬‬
‫وزوجتو حورية ‪.‬‬
‫ػ ريب ياجرؾ! ‪.‬‬
‫ػ لكن مىت ياعباس ؟‬
‫ػ أ‪٦‬تم رٔتا ظهرا‪ ,‬ا‪ٞ‬تو حار والناس تناـ القيلولة ‪..‬‬
‫ػ ماذا لو دل تظهر وقت الظهر ُب الشارع ؟‬
‫حوار داخلي عباس مع‬
‫‪03‬‬ ‫ػ ماذا لومرت وكاف ىناؾ بعض من الناس دل‬ ‫‪11‬‬
‫نفسو ‪.‬‬
‫يناموا القيلولة ؟‬
‫ػ ال ال ال ال قاؿ عباس‪ ,‬ما من أحد قادر على‬
‫ٖتمل ىذا ا‪ٟ‬تر‪ ,‬الكل ٖتت ا‪١‬تكيفات ‪.‬‬
‫ػ كم الساعة اآلف ‪.‬‬
‫ػ ا‪ٟ‬تادي عشر ‪.‬‬
‫ػ فبل قليل قلت ا‪ٟ‬تادية عشر‪ ,‬كيفاش ؟ ‪.‬‬
‫ىل ثبت الوقت ؟‬
‫ػ ال قلت العاشرة ‪.‬‬
‫ػ اىاااا ‪ ...‬ضننتك قلت ا‪ٟ‬تادية عشر بعد دقائق‬
‫حوار خارجي بُت عباس‬
‫‪05-04‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪12‬‬
‫وزوجتو حورية ‪.‬‬
‫ػ كم الساعة اآلف ؟‪.‬‬
‫ػ ا‪ٟ‬تادية عشر وعشر دقائق ‪.‬‬
‫ال ساعتك غَت صحيحة ‪.‬‬
‫ػ ال صحيحة‪ ,‬صححتها على اإلذاعة ‪.‬‬
‫ػ اىااا اإلذعة فهمت ! ‪...‬‬
‫؟!‬ ‫ػ من وقتاش اإلذاعة ساعتهم صحيحة ىآااا‬
‫‪96‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫من وقت عرفتوا اإلذاعة والدنيا فسدت ‪.‬‬


‫ػ ىات الغذاء‪ ,‬يرحم الراقدة ُب ا‪ٞ‬تبانة ‪...‬‬
‫ػ وينك يا أياـ زماف‪ ,‬كنا نعرفوا الوقت ْتركة الظل‬
‫!!‪...‬‬
‫ػ واش بيك ؟‬
‫!‬ ‫ػ حىت شيء‬
‫ػ واش بيك واصلة ‪٢‬تنا راىو مشَتة أرنبة أنفو ‪.‬‬
‫ػ حىت شيء قتلك !! قالت حورية ‪......‬‬
‫ػ خبلص يالسمحة‪ ,‬ساعتك صحيحة‪ ,‬واالذاعة‬
‫صحيحة‪ ,‬وأنا غالط !‪.‬‬
‫ػ نظفو بعد العصر‪ ,‬الدنيا مش ىاربة ! قالت‬
‫حورية ‪...‬‬
‫ػ ا‪ٟ‬تمد هلل على نعمو ظاىره وباطنة ‪.‬‬
‫ػ صحة ‪ .‬قالت حورية هبمس‬
‫ػ كم الساعة اآلف ؟‬
‫؟!‬ ‫ػ واش بيك اليوـ تسأؿ على الساعة‬
‫ػ أي قورل ؟! ْتدة‬
‫حوار خارجي أيضا بُت‬ ‫ػ الواحدة ‪.‬‬
‫‪06‬‬ ‫‪13‬‬
‫عباس وزوجتو حورية ‪.‬‬ ‫ػ مليح ! قاؿ عباس ‪.‬‬
‫ػ واش اللي مليح‪ ,‬قالت حورية ‪.‬‬
‫‪ ,‬انت طبعا يالسمحة ‪ ,‬أرقدي أرقدي‪ ,‬قاؿ‬
‫عباس‪.‬‬
‫ػ أىبل يا ولد عمي ‪.‬شايفك جاي القايلة حوار خارجي بُت عباس ‪07-06‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪97‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫وصاحل خنفور ‪.‬‬ ‫ا‪ٟ‬تانوت ‪...‬‬


‫ػ عندي تنظيف ابتسامة ‪٣‬تزاة على فمو ‪.‬‬
‫ػ انعاونك إذا حبيت‪ ,‬قاؿ صاحل ‪.‬‬
‫ػ ال ال ال ريب اٮتليك ‪.‬‬
‫ػ واهلل غَت انعاونك‪ ,‬فاؿ صاحل بإصرار ‪...‬‬
‫ػ ايلحقٍت لعرس والدؾ ! ‪.‬‬
‫حوار داخلي بُت عباس‬ ‫ػ ال ال انكمل قاؿ عباس‬
‫‪11-07‬‬ ‫‪15‬‬
‫ونفسو ‪.‬‬ ‫!!‬ ‫ػ ‪ٛ‬تار‪ ,‬أنا ‪ٛ‬تار‬
‫!!‬ ‫ػ أييييو الست الوحيد يا عباس‬
‫؟!‬ ‫ػ حثالة يتجنوف على طفلة كهذه‬
‫ػ وأنت ألست حثالة ؟! قاؿ عباس لنفسو‬
‫ػ نعم‪ ,‬أنا حثالة‪ ,‬أنا ابن الشيطاف‪ ,‬أنا الشيطاف‬
‫نفسو‪ ,‬ردد عباس ىذا مطوال ‪...‬‬
‫‪10‬‬ ‫ػ معقوؿ ىذا كاف حلما ؟! قاؿ عباس ‪....‬‬ ‫‪16‬‬
‫ػ أتفووو ‪ ....‬انظن لو كنت طبيعية‪ ,‬وقتها ‪٪‬توت‬
‫قبل ما ‪٩‬تطط الغتصابك !‪....‬‬
‫ػ واش ؟! ىي عباس واهلل غَت ىي ‪ .‬بفرحة غامرة‬
‫‪.‬‬

‫حوار خارجي بُت ا‪ٞ‬تدة‬ ‫؟!‬ ‫ػ منو ىو قورل‬


‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬
‫وعائشة ‪.‬‬ ‫ػ قورل يبل ؟؟‬
‫حوار خارجي بُت عباس ‪29-21‬‬ ‫ػ راين عارفك ىنايا افتح‬ ‫‪91‬‬

‫‪98‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫وصاحل‬ ‫ػ ‪٦‬تممن ؟ قاؿ عباس مرتبكا‬


‫ػ افتح نايا ‪.‬‬
‫ػ من ىو أنت ؟‬
‫ػ افتح صاحل ‪.......‬‬
‫!!‬ ‫ػ عطاؾ خاطرؾ يا ولد عمي‬
‫راجل!‬ ‫ػ واش بيك يا‬
‫ػ حىت شيء ‪.‬‬
‫!‬ ‫حىت شيء‬
‫ػ كيفاش ّ‬
‫ػ فكيٍت‪ ,‬روحي ف ّكيٍت بغضب‬
‫ػ عبلش يا عباس ‪ ...‬ما لقيت غَت عقونة! ‪....‬‬
‫عقونة!‬ ‫ػ عبلش يا عباس ‪ ...‬ما لقيت غَت‬
‫حوار خارجي أيضا بُت ‪22‬ػ‪23‬‬
‫قللّي‪....‬‬ ‫‪99‬‬
‫‪24‬‬ ‫عباس وزوجتو حورية‬
‫ػ سا‪٤‬تيٍت‪ ,‬الريب سا‪٤‬تيٍت ‪....‬‬
‫ػ نايا راجل غصبا عن أىلك‪ ,‬فهميت وال ال ؟‬
‫‪....‬‬
‫وحق العشرة اللّي بيناتنا‬
‫ػ سا‪٤‬تيٍت يا حورية‪ّ ,‬‬
‫سا‪٤‬تيٍت !!‬

‫ػ ألو مامي ‪....‬‬


‫!!‬ ‫ػ عايشة حامل‪ ,‬أراحي ىزي بنتك‬
‫حوار خارجي بُت ا‪ٞ‬تدة‬
‫‪33‬‬ ‫!‬ ‫ػ مامي عارفو مشكلة األوراؽ‬ ‫‪90‬‬
‫وابنتها‬
‫ػ دايرتٍت عقونة ىاااا‪ ,‬سبع سنوات وما قدرتيش‬
‫!!‬ ‫على األوراؽ‬
‫‪99‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ػ عادي مامي اديّها لسبيطار ايطيحوه ‪.‬‬


‫ػ عادي !! عادي !! بصوت ٗتنقو العربة ‪.‬‬
‫وكعاداها أغلقت ا‪٢‬تاتف دوف أف تنتطر الرد ‪.‬‬

‫ػ كيف ٖتمل عايشة من عباس وىو عاقر ؟ أـ أف‬


‫ىناؾ شخص أخر غَت عباس‬
‫ػ أمن ا‪١‬تمكن أف يكوف صاحل نفسو ؟ وطلبو‬
‫للزواج منها ليس إال تكفَتا عن ذنبو ىو ال ذنب‬
‫حوار داخلي بُت ا‪ٞ‬تدة‬
‫‪41‬ػ‪49‬‬ ‫عباس ؟‬ ‫‪91‬‬
‫ونفسها‬
‫ػ ما الذي دعاه إذل الزواج من عايشة إذف وىو‬
‫يعلم أهنا عقونة!! ‪...‬‬
‫ػ أيكوف صاحل قد غَت رأيو ؟‬
‫‪!!....‬‬ ‫ػ أيكوف‬
‫وحدنا‬
‫ػ ادخلي ّ‬
‫أطل كائن أسود ٯتشي على عجل قادما ‪٨‬توىا‬
‫ػ ّ‬
‫فاستعاذت باهلل منو ‪.‬‬
‫حوار خارجي بُت ا‪ٞ‬تدة‬
‫وتكلمت بفم يرٕتف ‪.‬‬
‫وحورية زوجة عباس‬
‫‪49‬‬ ‫ػ ‪٦‬تممن ؟‬
‫‪92‬‬
‫‪40‬‬ ‫ػ أنا يا خاليت ‪.‬‬
‫؟!‬ ‫ػ من أنت‬
‫عرت عن وجهها‪ ,‬فإذا هبا حورية‬
‫ػ أووووؼ فجعتيٍت‪ ,‬قالت القادة واضعة يدىا‬
‫على صدرىا‬

‫‪100‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ػ واش جابك وانت رابطة العدة !!‪...‬‬


‫ػ قبلك كاف صاحل عندي‬
‫ػ واش قالك !! قالت حورية‬
‫ػ كل اللي قلتيو‪ ,‬لكن عايشة حامل‬
‫!‬ ‫ػ ىذه ىي األمانة إذف يا خاليت‪ ,‬ىذه األمانة‬
‫‪....‬‬
‫!‬ ‫خطبها صاحل الفواؿ ونايا وافقت‬
‫ػ جحظت عينا حورية وردت فزعة‪:‬‬
‫ػ ال الال مستحيل‬
‫ػ كيفاش!! قالت ا‪ٞ‬تدة ‪.‬‬
‫ػ مستحيل تتزوج من صاحل‪ ,‬قالت حورية‬
‫ػ وبطنها والناس واش يقولوا !! قالت ا‪ٞ‬تدة‬
‫ونأخذ أنا‬ ‫ػ متخافيش ‪,‬اربطيها حىت تولد‪,‬‬
‫الطفل وهنرب بيو‬
‫ػ عطيت كلمة للراجل ! قالت ا‪ٞ‬تدة‬
‫ػ قوليلو بطلت ‪....‬‬
‫ػ ‪٣‬تنونة أنت تسعة أشهر ونايا رابتها‪ ,‬عايشة‬
‫ميهمنيش!‬ ‫تتزوج صاحل‪ ,‬ووقت تولد ىزي ولدؾ‬
‫ػ اخرجي يبل‪ ,‬وسكري الباب وراؾ !!‪.....‬‬
‫)‪(Pause‬‬ ‫ب‪ -‬الوقفة الوصفية‪:‬‬
‫وتسمى أيضا االسًتاحة و"تبتدئ ُب القصة على ىيئة قص الراوي وصفا‪ ,‬وٗتتلف الوقفات‬
‫الوصفية من حيث العدد ُب القصة الواحدة‪ ,‬إذا ينقطع سَت األحداث ليتوقف الراوي عند زاوية معينة‬

‫‪101‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫فيصف مكانا أو شخصا"‪ 1‬ويكوف "فيها زمن السرد أكرب بصورة هنائية من زمن القصة‪ ,‬ألف األخَت‬
‫‪2‬‬
‫يكوف متوقفا"‬

‫تعمل الوقفة الوصفية مع ا‪١‬تشهد على إبطاء زمن السرد الروائي‪ ,‬حيث يتم تعطيل زمن ا‪ٟ‬تكاية‬
‫باالسًتاحة الزمنية ليتسع بذلك زمن ا‪٠‬تطاب وٯتتد‪ ,‬فالوصف وقوؼ بالنسبة إذل السرد‪ ,‬ولكنو‬
‫تواصل وامتداد بالنسبة للخطاب‪ ,‬وٯتكن ٖتديد وعُت أساسيُت من الوقفة يتمثل النوع األوؿ ُب كوف‬
‫الوصف يرتبط ْتركة الشخصية وا‪ٟ‬تدث‪ ,‬وبالتارل تعد الوقفة الوضعية جزءا أساسيا من سياؽ لسرد‪,‬‬
‫والنوع اآلخر من الوصف حيث ال يرتبط بعبلقة جدلية متفاعلة مع عناصر السرد األخرى‪ ,‬فيشبو‬
‫بذلك ‪٤‬تطات اسًتاحة يستعد فيها السرد أنفاسو‪ .‬أ‪ٚ‬تع أغلب النقاد والدارسُت على أننا حُت نواجو‬
‫ىذه ا‪ٟ‬تركة السردية‪ ,‬ال تكوف ىنا أي سرعة ُب عرض األحداث وىي ٖتدث عادة عند انقطاع‬
‫السَتورة الزمنية لؤلحداث‪ ,‬ف هذه التقنية تلعب دورا مهما داخل النص السردي‪ ,‬رغم أهنا توقف مسار‬
‫ا‪ٟ‬تركة السردية‪ ,‬إال أهنا توفر مساحة أو فضاءً الستعادة النفس‪ ,‬فهي تعد ٔتثابة ‪ٟ‬تظة خاطئة ٖتدث‬
‫خارج زمن القصة‪ ,‬وتوفر االسًتاحة للقارئ لكي يتوقف للحظة معينة ليواصل فيما بعد القراءة‪ ,‬كما‬
‫للوقفة عمل يتمظهر ُب ا‪ٞ‬تماؿ بدرجة أوذل ‪.‬‬
‫فالوصف ذو أ‪٫‬تية بالغة داخل العمل الروائي‪ ,‬والروائية "حواء حنكة" ُب ىاتو الرواية اىتمت‬
‫بالوصف كثَتا‪ ,‬فمن خبللو استطعنا أف نتعرؼ على صفات كل شخصية‪ ,‬إضافة إذل وصف األماكن‬
‫ا‪١‬توجودة ُب الرواية‪ ,‬وا‪ٞ‬تدوؿ ا‪١‬توارل يبُت أىم مواضع الوصف ا‪١‬توجودة داخل الرواية ‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫موضع الوقفة الوصفية‬ ‫الوقفة الوصفية ُب الرواية‬ ‫ا‪١‬تثاؿ‬
‫اغرورقت عيناىا بالدموع وخنقتها العربة‪ ,‬وصف الروائية لنا حالة ا‪ٞ‬تدة القادة‬
‫الرد‪ ,‬عند اتصا‪٢‬تا بابنتها ا‪١‬تسافرة إذل ديار ‪17‬‬
‫فأغلقت ا‪٢‬تاتف دوف أف تًتؾ ‪٢‬تا فرصة ّ‬ ‫‪19‬‬
‫وضعتو جانبا ٍب مسحت سيل الدمع ا‪ٞ‬تاري الغربة حوؿ موضوع ابنتها "عايشة "‬

‫‪ 1‬ناىضة ستار‪ ,‬بنية السرد ُب القصص الصوُب‪ ,‬ا‪١‬تكونات والوظائف والتقنيات‪ ,‬منشورات اٖتاد الكتاب العرب‪ ,‬دمشق‪ ,‬سوريا‪ ,‬د ط‪2003 ,‬ـ‪ ,‬ص‬
‫‪.229‬‬
‫‪ 2‬عمر عبد الواحد‪ ,‬شعرية السرد ٖتليل ا‪٠‬تطاب السردي ُب مقامات ا‪ٟ‬تريري ‪ ,‬دار ا‪٢‬تدى للنشر والتوزيع‪ ,‬ط‪2003 ,1‬ـ‪ ,‬ص‪.50‬‬
‫‪102‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫على خديها بظاىر يدىا ‪ ...‬وبصقت عليها اليت تركتها ‪ٞ‬تداها من أمها لًتعاىا‬
‫حىت يستقرا ‪.‬‬ ‫بكل ما ٭تتوي فمها من لعاب ‪.‬‬
‫ىي سيدة ‪ٚ‬تيلة‪ ,‬دل تستطع سنوات العمر‬
‫الستُت أف تسرؽ منها ‪ٚ‬تا‪٢‬تا البدوي األصيل‪ ,‬وصف الروائية للجدة‬
‫عيناف واسعتاف ذاتا نظرة حادة‪ ,‬ووجو مستدير‪ ,‬القادة و‪ٚ‬تا‪٢‬تا بأدؽ التفاصيل وأخذ ‪99‬‬ ‫‪10‬‬
‫شفاه غليظة وأنف رقيق أخذتو عنو عايشة‪ ,‬عايشة منها التفصيل ا‪١‬تفصل‬
‫فكاف التفصيل األوحد الذي تشًتكاف فيو‬
‫وأنت ترى عايشة للوىلة األوذل تبدو لك‬
‫‪ٚ‬تيلة كجداها‪ ,‬وجو ‪ٜ‬تري أقرب للطوؿ مع‬
‫عيوف صغَتة المعة وأنف رقيق حاد عدا وصف الروائية لنا تفاصيل ومبلمح‬
‫بعض البثور ا‪ٟ‬تديثة ا‪١‬تنبت اليت تفسد صفاء عايشة من خبلؿ ‪ٚ‬تا‪٢‬تا الذي ‪91‬‬ ‫‪11‬‬
‫بشراها إال أف ابتسامتها ا البلهاء وحركة يديها أخذتو عن جداها القادة‬
‫‪٬‬تعبلنك‬ ‫ُب حك شعرىا ‪....‬‬ ‫الغريبة‬
‫تغَت نظرتك سريعا ‪.‬‬
‫تسَت بالشارع دوما عارية الرأس‪ُ ,‬ب الواقع دل‬
‫يكن شعرىا وىو مفرود بوحشية مغريا‪ ,‬بل من‬
‫عايشة وكيف‬ ‫غَت ا‪١‬تمكن تسميتو شعرا أصبل ‪ ...‬دل اهتم وصف الروائية حياة‬
‫ا‪ٞ‬تدة بتغطيتو اىتمت فقط بثوهبإتنبا ‪٢‬تمز دائما ىي بالشارع عارية الرأس وكذا‬
‫‪91‬‬ ‫‪12‬‬
‫الناس خصوصا وأف شيئا ما بأعلى ا‪ٞ‬تسد بدأ ما ظهر ُب جسدىا الذي يظهر ألي‬
‫فخاطت ‪٢‬تا بنت ُب سن البلوغ‬ ‫يظهر كحبة زيتوف صغَتة‪,‬‬
‫فساتُت مغلقة من جهة الصدر‪ ,‬وزادت على‬
‫ذلك أف جعلتها طويلة حىت كعب قدميها ‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪١‬تا رأاها بتلك ا‪ٟ‬تاؿ شيء ما ٖترؾ بداخلها‪,‬‬


‫دل يكن يهمها التفسَت األصح لؤلمر‪ ,‬ا‪١‬تهم أهنا‬
‫اقًتبت منها‪ ,‬فالتصقت عايشة با‪ٞ‬تدار رافعة‬
‫يدىا فوؽ رأسها ‪ ....‬صار ا‪ٞ‬ترح اآلف على‬
‫مرمى عيٍت ا‪ٞ‬تدة عاينتو بيد ترتعش فأدركت أنو‬
‫وصف الروائية لنا بداية ضم ا‪ٞ‬تدة‬
‫‪95‬‬ ‫دل يكن عميقا مسحت على رأسها بلطف‪,‬‬ ‫‪13‬‬
‫القادة جرح عايشة‪ ,‬وعطفها عليها‬
‫رفعت عايشة عينيها غ فيها ٍب جرت اذل‬
‫فراقها وتكورت فيو‪ .‬غالبت ا‪ٞ‬تدة الوجع الدائم‬
‫بركبتها وراحت تسَت أسرع من ا‪١‬تعتاد‬
‫نظرااها فتوسدت‬ ‫استشعرت عايشة دؼء‬
‫يدىا السليمة ونامت‬
‫ظلت ا‪ٞ‬تدة تضمد ا‪ٞ‬ترح وترش عليو كل ليلة‬
‫دقيق نبتة ا‪٠‬تياطة تعلمت ىذا من أمها حُت‬
‫وصف ا‪ٞ‬تدة لنبتة "ا‪٠‬تياطة " اليت‬
‫كانوا يرٖتلوف مع ماشيتهم و‪ٚ‬تا‪٢‬تم إذل‬
‫كانت سابقا قد تعلمتها من أمها ُب ‪96‬‬ ‫‪14‬‬
‫الصحراء ُب الربيع ‪ ...‬وحُت ٕتمعها تضع كل‬
‫خياطة ا‪ٞ‬تروح‪.‬‬
‫نوع ُب خرقة وتدقو ْتجر حىت يصَت رطبا ٍب‬
‫تريلي ا‪٠‬ترقة وتعلقها بأعلى ا‪٠‬تيمة ‪.‬‬
‫لكل من ىم فيو‪ ,‬خصوصا تلك العيوف وصف الروائية حالة اجملتمع البسيط‬
‫ال اهتم ّ‬
‫الشبيهة ٔتنظار القناصة‪ ,‬الدائمة التواجد متكئة وطبيعة ا‪ٟ‬تياة ُب البيئة الصحراوية من‬
‫على جدراف البيوت ا‪ٞ‬تبسية ا‪١‬تتآكلة‪ ,‬إما من خبلؿ منطقة اعميش االسم القدمي‬
‫‪09‬‬ ‫‪15‬‬
‫أثر وجود دورة مياه ملتصقة بالواجهة األمامية ‪١‬تنطقة الرباح بوالية الوادي ُب سرد‬
‫للحوش ‪ ,‬أو لتشريها ٔتياه الغسيل اليت ترميها طريقة عيشهم وعاداهم وتقاليدىم‬
‫النسوة بسرعة خوفا من استهدافهن بنظرااهم وسلوكااهم وطريقة وصف بيواهم‬
‫‪104‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫يكن عازمات على رميها برمل الشارع القدٯتة اليت يعيشوف فيها ‪.‬‬
‫والضطراهبن يرش با‪٠‬تطأ ا‪ٞ‬تدار ‪.‬‬
‫‪٬‬تلس أصحاب ىذه العيوف ومؤخرااهم برماؿ‬
‫الشارع ‪ ...‬ا‪١‬تهم أهنم ٯتارسوف عمل ا‪١‬تراقبة‬
‫اليومي للنسوة ُب غدوىن ورواحهن ‪ ...‬مهم‬
‫حاولن التسًت باللحاؼ‪ ,‬يصيبهم العمى فقط‬
‫حُت ٘تر عايشة‪ ,‬عدا عباس ا‪ٟ‬تبلؽ فقد كاف‬
‫٭تفظ كل تفاصيلها ‪.‬‬
‫عباس رجل أربعيٍت‪ ,‬مبل‪٤‬تو دل تكن عايشو‬
‫كا‪ٝ‬تو‪ ,‬فم ضاحك دوما‪ ,‬ثرثار إذل حد ا‪١‬تلل‪,‬‬
‫الكل والكل يعرفو‪ ,‬كيف وىو حبلقهم‬
‫يعرؼ ّ‬
‫‪ٚ‬تيعا‪ ,‬يعجبو ىذا األمر ويتباىى بو دوما ُب‬
‫جلساتو الصباحية مع رفافو ٖتت ظل جدار وصف لشخصية عباس ا‪ٟ‬تبلؽ‬

‫وحياتو الزوجية اليت ضاعت سدا دوف ‪09‬‬ ‫بيتو ‪...‬‬


‫‪16‬‬
‫عشرين عاما لكنو دل يرزؽ جدوى ُب التفكَت بأنو "عقيم" ال ‪00‬‬ ‫متزوج منذ‬
‫باألوالد‪ ,‬ورغم زياراتو ا‪١‬تتعددة لؤلطباء وضياع ينجب أوالدا ‪.‬‬
‫‪ٚ‬تيع موارده ا‪١‬تالية‪ .....‬إال أف النتيجة دوما‬
‫نفسها "عقيم" أو "عاقر" ‪ ...‬ورفاقو يعلموف‬
‫أنو ىو ‪ ...‬فيجيبهم بطنب أنو ٭تب زوجتو ‪.‬‬
‫لذا فهو راض ‪.‬ما قسمو اهلل لو ‪.‬‬
‫أطلّت كعصفور مبلّل فاندىش‪ ,‬انتبهت إليو وصف الروائية لنا ابتسامة عايشة بعد‬
‫فافًت عن ثغراها ابتسامة ناعمة‪ ,‬ألوؿ مرة ٭تس عملية ٖتميمها من قبل حورية زوجة ‪03‬‬ ‫‪17‬‬
‫عباس‬ ‫عباس أف عايشة أنثى ْتق ‪...‬‬
‫‪105‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ُب ا‪ٟ‬تقيقة كاف متقززا منها ُب أوؿ األمر‪ ,‬لذا‬


‫رأى أنو أحسن االختيار حُت قرر تنفيذ ا‪٠‬تطة‬
‫اليوـ ‪.‬‬
‫هنض من فراشو واعتدؿ جالسا وعبلمات وصف حالة عباس وىو غاضب من‬
‫‪04‬‬ ‫‪91‬‬
‫عدـ مرور الوقت لتنفيذ خطتو الشنيعة‬ ‫الغضب ٘تؤل ‪٤‬تياه ‪.‬‬
‫تبدأ الرجلُت‪ٍ ,‬ب تسري بكامل ا‪ٞ‬تسد‬
‫كا‪٠‬تدر الذي يصيبنا وقت ا‪ٞ‬تلوس ا‪١‬تطوؿ‪ٍ ,‬ب وصف الروائية سرد حالة اإلنساف‬
‫‪13‬‬ ‫‪99‬‬
‫ٖتسُت بعدىا باالختناؽ‪ ,‬ويستمر االختناؽ وقت ا‪١‬توت‬
‫حىت تقبض روحك‬
‫ىذه ا‪١‬ترة دل يكن صاحل ذاؾ الرجل الفضورل‬
‫ال ّذي جلبو فضولو‪ ,‬بل كاف رجبل ذو أنفة يغار‬
‫على شرؼ بنات منطقتو‪ ,‬وعى عباس على‬
‫نفسو مرميا على األرضية وصاحل واضع يديو‬
‫على ُب رقبتو‪ ,‬٭تكي كيف إف احساسا غريبا وصف الكاتبة ‪ٟ‬تقيقة شخصية صاحل‬
‫٘تلكو أف ىناؾ أمر ما‪ ,‬وكيف عاد بعد فًتة أنو الرجل الذي يغار على شرؼ بنات‬
‫عايشة ٗترج من عنده‪ ,‬ورآه يراقبها منطقة ال غَت ذلك ووضحت لنا ندـ ‪29‬‬ ‫ليلحظ‬ ‫‪90‬‬
‫وىي ٘تر‪ ,‬وكيف أف األرض مادت بو‪ ,‬بكى وحسرة عباس ولوـ نفسو على ما فعلو‬
‫كثَتا ٍب أرخى قبضة يده وابتعد وقاؿ بصوت ْتق عايشة ا‪١‬تسكينة ‪.‬‬
‫!!‬ ‫أجش‪ :‬عطاؾ خاطرؾ ياولد عمي‬
‫مسح الدمع من على خده بظاىر يده وغادر‪,‬‬
‫٘تٌت عباس ا‪١‬توت ُب تلك اللحظة ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫يتزوج رغم أنو قد جاوز األربعُت من‬


‫أعزب دل ّ‬
‫عمره‪ ,‬ال ألهنم يرفضوف تزويج بنااهم لرجل‬
‫وصف الروائية لشخصية صاحل‬
‫أسود بل لسبب جسماين يعلمو ىو وحده‪,‬‬ ‫ّ‬
‫ا‪ٟ‬تقيقية وعرض حياتو السطحية بغض‬
‫‪27‬‬ ‫يسكن وحيدا ‪ ....‬ىناؾ من يقوؿ أنو متزوج‬ ‫‪91‬‬
‫النظر عن حياة العميقة اليت ال يعملها‬
‫ّتنية ‪ ....‬با‪١‬تقابل دل يكن صاحل انطوائيا بل‬
‫إال ىو ‪.‬‬
‫اجتماعيا جدا وفضورل إذل أبعد ا‪ٟ‬تدود حىت‬
‫‪ٝ‬توه صاحل خنفور‪ ,‬يشتغل فواال ‪. ....‬‬
‫بدت مبلمح جديدة تظهر على عايشة القيء‪,‬‬
‫النوـ الكثَت‪ ,‬أكلها لفحم ا‪١‬توقد ولعقها ‪ٞ‬ترار وصف الروائية ‪١‬تبلمح ا‪ٟ‬تمل عند‬
‫‪39‬‬ ‫‪92‬‬
‫ا‪١‬تاء استمتاعا بالطُت‪ ,‬العبلمات واضحة ىذا عايشة فهذا ما زاد خلع ا‪ٞ‬تدة‬
‫ما أفزع ا‪ٞ‬تدةّ‬
‫رابعا‪ :‬الفضاء المكاني وأنماطه ‪:‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المكان ‪:‬‬
‫يعد ا‪١‬تكاف مفتاحا من مفاتيح إسًتاتيجية القراءة بالنسبة إذل ا‪٠‬تطاب النقدي‪ ,‬ويشكل ‪٤‬تورا‬
‫من احملاور الرئيسية اليت تدور حو‪٢‬تا نظرية األدب‪.‬‬

‫وا‪١‬تكاف الروائي ىو ا‪١‬تكاف ا‪١‬تتخيل والفضاء الروائي ٭تتاج إذل أمكنة عديدة ذات بنية نابضة‬
‫با‪ٟ‬تركة والعقل‪ ,‬ويكتسب ا‪١‬تكاف ُب الرواية أ‪٫‬تية كبَتة وداللة خاصة فهو ليس فقط مكانا فنيا وليس‬
‫فقط عنصر من عناصر الرواية‪.‬‬

‫ال ٗتتلف ا‪١‬تعاجم العربية ُب ‪٣‬تملها على ما أسند للقصة "مكاف" من معٌت فيعد لساف العرب‬
‫البن منظور أكثر ىذه ا‪١‬تعاجم عرضا وتفصيبل ‪٢‬تذه الصيغة وأغلب ا‪١‬تعاجم العربية وحىت القواميس‬
‫تستند إليو ُب تعريفها للمكاف‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ومن ا‪١‬تفاىيم ىذه ُب مقدمتها لساف العرب‪.‬‬

‫‪ -1-1‬لغة ‪:‬‬
‫تعددت تعريفات ا‪١‬تكاف من الناحية اللغوية ُب معظم ا‪١‬تعاجم منها‪:‬‬

‫يقوؿ "ابن منظور" ُب لساف العرب‪ " :‬أف ا‪١‬تكاف ىو ا‪١‬توضع‪ ,‬و‪ٚ‬تع ْأمكنػة و‪ٚ‬تع أماكن‬
‫والعرب تقوؿ كن مكانك وأقعد مقعدؾ فقد دؿ ىذا على انو مصدر من مكاف أو موضع منو"‪.1‬‬
‫فيقصد با‪١‬تكاف ىنا ا‪١‬توضع الذي ٭تتل مساحة معينة تشتغل ُب وضع األشياء‪.‬‬

‫ويرى "مختار الصحاح"‪" :‬أف ا‪١‬ت َكا ُف لفظ مشتق من كلمة ـ‪ ,‬ؾ‪ ,‬ف وىو ا‪١‬ت ْو ِض ُع‪ ,‬و‪٬‬توز‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫أف يراد بو علو أمكنتها أي على مواضعها" ‪.‬‬

‫أما "الزبيدي" يقوؿ على أنو‪" :‬اشتقاقو من كاف يكوف ولكنو ‪٢‬تا كثرة ُب الكبلـ‪ ,‬صارت ا‪١‬تيم‬
‫كأهنا أصلية"‪.3‬‬

‫وُب القاموس احمليط‪" :‬وردت الكلمة ٖتت مادة ؾ‪ ,‬و‪ ,‬ف ‪ ,‬ا‪١‬ت َكا ُف‪ :‬ا‪١‬ت ْو ِض ْع كا‪١‬تكانة‪ :‬أ َْم ِكنَة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأ ََماكِ ُن‪ :‬وٖتت مادة ـ‪ ,‬ؾ‪ ,‬ف يقوؿ‪ :‬ا‪١‬تكانة‪ :‬ا‪١‬تنزلة التكوف‪ ,‬ونقوؿ للبغيض ال كاف وال تكن" ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ﭽﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬ ‫وقد تناوؿ القرآف الكرمي كلمة "ا‪١‬ت َكا ُف" فنجده ُب قولو تعاذل‪:‬‬
‫َ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ سورة الزمر اآلية‪ , 17 :‬ىي ٔتعٌت ا‪١‬توضع ‪.‬‬

‫كما ‪٧‬تده أيضا ُب قولو تعاذل‪ :‬ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ سورة مرمي اآلية‪ 00 :‬وا‪١‬تكاف ىنا‬
‫ىو ا‪١‬توضع كوف الشيء وحصولو‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬مادة مكن ‪ ,‬ص ‪.83‬‬


‫‪٤ 2‬تمد عبد القادر الرازي‪٥ ,‬تتار الصحاح‪ ,‬باب الكاؼ‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة ا‪ٟ‬تديثة للكتاب‪ ,‬طرابلس‪ ,‬لبناف‪ ,‬ط‪1979 ,1‬ـ‪ ,‬ص ‪.630‬‬
‫‪ 3‬الزبيدي‪ ,‬تاج العروس‪ ,‬مج‪ , 18‬باب النوف‪ ,‬تح‪ :‬علي بشري‪ ,‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ,‬د ط‪1994 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.488‬‬
‫‪ 4‬الفَتوز أبادي‪ ,‬القاموس احمليط‪ , ,‬مادة كوف ‪ ,‬ج‪ , 4‬ص ‪.07‬‬
‫‪108‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ -2-1‬اصطالحا ‪:‬‬
‫حظي ا‪١‬تكاف بدراسة كبَتة لدى النقاد والدارسُت‪ ,‬كما ظهرت لو العديد من الدراسات اليت‬
‫قاـ هبا الباحثوف والدارسوف ُب ‪٣‬تالو نذكر من بُت ىذه التعاريف‪" :‬ىو ا‪٠‬تلفية اليت تقع فيها أحداث‬
‫الرواية واجملاؿ الذي تشَت فيو األحداث من ٖتوالت على مستوى الشخصيات من أفعاؿ وأقواؿ"‪.1‬‬

‫كذلك فإف‪ " :‬مكاف رواية ليس ىو ا‪١‬تكاف الطبيعي‪ ,‬فالنص ٮتلق عن طريق الكلمات مكانا‬
‫خياليا لو مقوماتو ا‪٠‬تاصة وأبعاده ا‪١‬تميزة"‪.2‬‬

‫فا‪١‬تكاف الروائي ليس مكاف معتاد كالذي نعيش فيو‪ ,‬ولكنو مكاف ٗتيلي غَت واقعي يتشكل لنا‬
‫عن طريق اللغة الروائية‪ ,‬فيحقق ا‪١‬تؤلف باللغة عا‪١‬تة الروائي بكل تصوراتو‪ ,‬و٘تنحو ا‪ٟ‬ترية ا‪ٟ‬تق ُب‬
‫تشكيل فضائو بعيدا عن كل القوانُت ا‪٢‬تندسية ٔتشاركة الشخصيات ووظائفها ا‪١‬تختلفة ‪.‬‬

‫فا‪١‬تكاف‪" :‬ىو الذي يؤسس ا‪ٟ‬تكي ُب معظم األحياف ألنو ‪٬‬تعل القصة ا‪١‬تتخيلة ذات مظهر‬
‫‪٦‬تاثل ‪١‬تظهر ا‪ٟ‬تقيقة"‪.3‬‬

‫فا‪١‬تكاف ىنا مرتبط بالتعبَت عن ا‪١‬تشاعر والتصورات ا‪١‬تكانية فهو ‪٬‬تمع بُت احملسوس وا‪١‬تلموس‬
‫وىو أساسي ُب الرواية وال ٯتكن االستغناء عنو‪.‬‬

‫وقد أكد العديد من النقاد على أ‪٫‬تية ا‪١‬تكاف ُب العمل السردي‪ ,‬فمثبل "يوري لوتمان‬
‫‪ "yourilotman‬يعرؼ ا‪١‬تكاف فيقوؿ‪" :‬ا‪١‬تكاف ىو ‪٣‬تموعة من األشياء ا‪١‬تتجانسة من الظواىر‬
‫وا‪ٟ‬تاالت والوظائف أو األشكاؿ ا‪١‬تتغَتة ‪...‬اخل اليت تقوـ بينها عبلقات شبيهة بالعبلقات ا‪١‬تكانية‬
‫ا‪١‬تألوفة العادية مثل االتصاؿ‪ ,‬ا‪١‬تسافة‪...‬اخل ‪.‬‬

‫‪ 1‬سيزا قاسم ‪ ,‬بناء الرواية دراسة مقارنة ُب ثبلثية ‪٧‬تيب ‪٤‬تفوظ ‪ ,‬مكتبة األسرة ‪,‬د ط ‪2004 ,‬ـ‪ ,‬ص‪.75‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص ‪.75‬‬
‫‪ٛ 3‬تيد ‪ٟ‬تميداين‪ ,‬بنية النص الروائي‪ ,‬ص ‪.53‬‬
‫‪109‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫و‪٬‬تب أف نضيف إذل ىذا التعريف ملحوظة عامة وىي أننا إذا نظرنا إذل ‪٣‬تموعة من األشياء‬
‫ا‪١‬تعطاة على أهنا مكاف ‪٬‬تب أف ٕترد ىذه األشياء من ‪ٚ‬تيع خصائصها‪.‬‬

‫ما عدا تلك اليت ٖتددىا العبلقات ذات الطابع ا‪١‬تكاين اليت ندخل ُب ا‪ٟ‬تساب"‪.1‬‬
‫مثل‪:‬‬ ‫فا‪١‬تكاف ىنا يتكوف من ‪٣‬تموعة أشياء ٕتمعها عبلقة فهذه العبلقة ىي عبلقة ٕتانس‬
‫االتصاؿ‪ ,‬ا‪١‬تسافة ‪ ....‬فهذه األشياء ا‪١‬تعطاة ‪٬‬تب علينا أف ‪٧‬ترد من خصائصها حىت تصبح طابعا‬
‫مكانيا‪.‬‬
‫أما "غاستون باشالر‪ "gaston Bachelard‬يرى أف‪" :‬ا‪١‬تكاف الذي ينجذب ‪٨‬تو ا‪٠‬تياؿ ال ٯتكن‬
‫أف يبقى مكانا ال مباليا‪ ,‬ذا أبعاد ىندسية وحسب‪ ,‬فهو مكاف قد عاش فيو بشر ليس بشكل‬
‫‪2‬‬
‫موضوعي فقط بل بكل ما ُب ا‪٠‬تياؿ من ٖتيز‪".‬‬
‫ا‪١‬تكاف ىنا ليس عبارة عن مكاف ىندسي ٭تمل أبعاد ومقياسا وإ‪٪‬تا ىو مكاف عاش فيو البشر‬
‫ٮتبؤوف فيو ذكريااهم وحركااهم وأحزاهنم وأفراحهم‪.‬‬
‫أما النقاد الذين أولوه عناية خاصة ُب ‪٥‬تتلف الدراسات اليت أ‪٧‬تزوىا ُب ٖتليل ا‪٠‬تطاب الروائي‬
‫فنذكر منهم على وجو ا‪٠‬تصوص‪:‬‬
‫الناقد ا‪١‬تغريب "حميد لحميداني" ُب كتابو‪ ":‬بنية النص السردي" الذي يعتربه مثابة العمود‬
‫‪3‬‬
‫الفقري ألي نص بدونو تسقط تلقائيا العناصر ا‪١‬تشكلة لو"‪.‬‬
‫ويرى أف‪" :‬الفضاء ُب الرواية أوسع وأمشل من ا‪١‬تكاف‪ ,‬أنو ‪٣‬تموع األمكنة اليت تقوـ عليها ا‪ٟ‬تركة‬
‫الروائية ا‪١‬تتصلة ُب سَتورة ا‪ٟ‬تكي وعلى ىذا فا‪١‬تكاف الروائي ىو ا‪ٟ‬تيز فيو أحداث الرواية اليت يلفها‬
‫الفضاء ‪ٚ‬تيعا غذ ىو األفق والرحب واألمشل"‪.4‬‬

‫‪ 1‬صاحل ولعة‪ ,‬ا‪١‬تكاف وداللة‪ ,‬رواية ا‪١‬تلح لعبد الر‪ٛ‬تاف منيف‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬أربد‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2010 ,1‬ـ‪ ,‬ص‪.40‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو‪ ,‬ص‪.41‬‬
‫‪ٛ3‬تيد ‪ٟ‬تميداين‪ ,‬بنية النص السردي‪ ,‬ص‪.61‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪,‬ص ‪.60‬‬
‫‪110‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ث ال ٯتكن أف يتصور وقوعو األضمن إطار‬


‫حد ٌ‬
‫فهو يرى بأف الفضاء أوسع من ا‪١‬تكاف‪ ,‬أي َ‬
‫مكاين معُت‪ ,‬فالراوي دائم ا‪ٟ‬تاجة إذل التأطَت ا‪١‬تكاين لضرورتو ُب الرواية‪.‬‬
‫أما الناقد ا‪ٞ‬تزائري "عبد المالك مرتاض" الذي أعطى ا‪١‬تكاف أ‪٫‬تية قصوى ُب العديد من‬
‫دراساتو يعرفو ُب كتابو‪ٖ :‬تليل السردي بقولو‪" :‬ىو كل ما غٌت حيزا جغرافيا حقيقا من حيث نطاؽ‬
‫ا‪ٟ‬تيز ُب حد ذاتو على كل فضاء خراُب أو أسطوري‪ ,‬أو كل ما يدؿ عن ا‪١‬تكاف احملسوب كا‪٠‬تطوط‬
‫واألبعاد واألحجاـ واألثقاؿ واألشياء اجملسمة مثل‪ :‬األشجار واألهنار من ا‪١‬تظاىر ا‪ٟ‬تيزية من حركة‬
‫وتغَت"‪.1‬‬
‫وا‪١‬تكاف با‪١‬تفهوـ العاـ ىو ا‪ٟ‬تيز والفضاء‪ ,‬وُب ىذا الصدد أيضا يقوؿ عبد ا‪١‬تالك مرتاض "لقد‬
‫خضا ُب أمر ىذا ا‪١‬تفهوـ وأطلقنا عليو مصطلح ا‪ٟ‬تيز مقاببل للمصطلحُت الفرنسي واإل‪٧‬تليزي‬
‫‪ ......‬ولعل ما ٯتكن إعادة ذكره ىنا أنا مصطلح الفضاء من الضرورة أف يكوف‬ ‫‪espacespace‬‬

‫معناه جاريا ُب ا‪٠‬تواء والفراغ وبينما ا‪ٟ‬تيز لدينا ينصرؼ استعمالو النتوء والوزف والثقل وا‪ٟ‬تجم‬
‫والشكل‪ ,‬وعلى حُت أف ا‪١‬تكاف نريد أف ننقل ُب العمل الروائي على مفهوـ ا‪ٟ‬تيز ا‪ٞ‬تغراُب وحده"‪.2‬‬
‫وبناءً على ما سبق يستخلص على أف ا‪١‬تكاف يشمل حيزا واسعا ُب ‪٣‬تاؿ دراسة السردية‪ ,‬فهو‬
‫من ا‪ٟ‬توافز اليت تدفع الكتاب إذل إظهار قدرااهم اإلبداعية ولكل واحد طريقتو ُب رسم مكاف الرواية‬
‫والتفتت فيو‪ .‬وذلك من أجل إظهار إمكانيااهم وإبداعااهم‪ .‬من خبلؿ ىذه التعريفات ‪٧‬تد أف ىناؾ‬
‫مصطلحات وؿ معدلة ‪١‬تصطلح ا‪١‬تكاف وىي مصطلحا الفضاء وا‪ٟ‬تيّز وىذا راجع إذل اختبلؼ‬
‫وجهات النظر بُت الباحثُت والدارسُت‪ ,‬وعموما نقوؿ أف عنصر ا‪١‬تكاف ليس عنصرا زائد ُب الرواية‪ ,‬إذ‬
‫يكوف ُب بعض األحياف ىو ا‪٢‬تدؼ أو العمل الفٍت ‪ٚ‬تيعا‪ ,‬فهو ا‪٠‬تلفية اليت تقع فيها أحداث الرواية‬
‫واجملاؿ الذي تسَت فيو األحداث من ٖتويبلت على مستوى الشخصيات من أفعاؿ وأقواؿ‬
‫‪:‬‬ ‫‪-2‬أهمية المكان‬

‫‪ 1‬عبد ا‪١‬تالك مرتاض‪ُ ,‬ب نظرية الرواية ْتث ُب تقنيات السرد ‪ ,‬ص‪.121‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ,‬ص‪.121‬‬
‫‪111‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫يكتسب ا‪١‬تكاف ُب الرواية أ‪٫‬تية كبَتة ال ألنو أحد عناصرىا البنائية أو الفضاء الذي تتحرؾ‬
‫بداخلو األحداث والشخصيات فحسب‪ ,‬بل ألنو يتحوؿ ُب بعض األعماؿ ا‪١‬تتميزة إذل فضاء ٭تتوي‬
‫على عناصر ا‪٠‬تطاب السردي‪ ,‬باعتبار ا‪١‬تساحة اليت ٕتسد وعي الكاتب ووجهة نظره من جهة وألنو‬
‫اإلطار الذي تتجسد داخلها الصيغة البنائية اليت يأٌب وفقها ا‪٠‬تطاب ُب سَت أحداثو من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫فا‪١‬تكاف‪ " :‬ليس عنصر زائد‪ ,‬فهو يتخذ أشكاال ويتضمن معاين عديدة‪ ,‬بل ألنو قد يكوف ُب‬
‫‪1‬‬
‫بعض األحياف ىو ا‪٢‬تدؼ من وجود العمل كلو‪".‬‬
‫فا‪١‬تكاف ىنا ٯتثل ُب كل ا‪ٟ‬تاالت بؤرة مركزية لؤلحداث ا‪ٟ‬تاصلة ُب العمل السردي كما يتسم‬
‫بالسطحية والسهولة قياسا مع البنيات األخرى الزمن‪ ,‬والشخصيات لسيولة ىذه البنيات وحيويتها‬
‫وسطحية ا‪١‬تكاف باعتباره أرضية وفضاء ‪٢‬تا‪.‬‬
‫ونستخلص من ىذه األ‪٫‬تية بأف ا‪١‬تكاف ُب العمل الروائي يتجاوز كونو ‪٣‬ترد خلفية تقع عليها‬
‫أحداث الرواية‪ ,‬فهو العنصر الغالب فيها وال ٯتكننا االستغناء عنو‪ ,‬باعتباره ‪٤‬تور أساسي من‬
‫‪٤‬تاور اليت تدور حو‪٢‬تا عناصر الرواية ‪.‬‬
‫‪ -3‬أنواع المكان‪:‬‬
‫اٗتذ مفهوـ ا‪١‬تكاف أشكاال وتصنيفات متعددة عند النقاد وا‪١‬تهتمُت‪ ,‬ومن أبرز ىذه‬
‫التصنيفات‪:‬‬
‫‪ -1-3‬المكان المجازي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وىو ا‪١‬تكاف " الذي ‪٧‬تده ُب رواية األحداث ا‪١‬تتتالية‪ ,‬حيث ‪٧‬تد ا‪١‬تكاف ساحة األحداث"‬
‫و‪ٝ‬تي بذلك ألف وجوده افًتاضي غَت مؤكد وىو مكمل لؤلحداث وليس عنصرا أساسيا ُب العمل‬
‫الروائي مثل‪ :‬األشجار اليت تتعرض البطل ُب الطريق وٗتيفو‪.‬‬

‫‪ 1‬حسن ْتراوي‪ ,‬بنية الشكل الروائي‪,‬ص‪.33‬‬


‫‪٤ 2‬تمد عزاـ‪ ,‬شعرية ا‪٠‬تطاب السردي‪ ,‬منشورات اٖتاد الكتاب العريب‪ ,‬دمشق‪ ,‬د ط‪ 2005 ,‬ـ‪ ,‬ص ‪.74 ,73‬‬
‫‪112‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪:‬‬ ‫‪ -2-3‬المكان الهندسي‬


‫وىو" ا‪١‬تكاف الذي تعرضو الرواية بدقة من خبلؿ وصف أبعاده ا‪٠‬تارجية"‪ 1‬حيث يتحوؿ‬
‫الكاتب إذل مهندس كل ا‪ٞ‬تزئيات بدقة واتقاف‪٦ :‬تا ‪٬‬تعل الكتاب ‪٣‬تموعة من األجزاء ا‪١‬تنفصلة ٖتاوؿ‬
‫العُت ا لتقاطها‪ ,‬ففي ىذا يتطرؽ الروائي إذل وصف ا‪١‬تكاف بكل تفاصيلو البسيطة الظاىرة على‬
‫الطبيعة ‪.‬‬
‫‪ -3-3‬المكان كتجربة معاشة ‪:‬‬
‫وىو" قادر على إثارة ذكرى ا‪١‬تكاف عند ا‪١‬تلتقى"‪ 2‬وىو ا‪١‬تكاف ا‪١‬تمسوؾ بواسطة ا‪٠‬تياؿ أي‬
‫حقيقي يعيشو ا‪١‬تؤلف ٍب يبتعد عنو ٓتيالو ‪.‬‬
‫كما يرى " حميد لحميداني " أف مصطلح الفضاء أوسع من ا‪١‬تكاف وأف "‪٣‬تموعة ىذه‬
‫األمكنة الواردة ُب الرواية ىو ما يبدو منطقيا أف نطلق عليو اسم‪ :‬فضاء الرواية أمشل وأوسع من معٌت‬
‫‪3‬‬
‫ا‪١‬تكاف‪ ,‬وا‪١‬تكاف هبذا ا‪١‬تعٌت ىو مكاف الفضاء‪".‬‬
‫فػػ"حميد لحميداني" ىنا يصرح بأف الفضاء أعم وأمشل من ا‪١‬تكاف وأف كل األمكنة اليت يتم‬
‫ذكرىا ُب الرواية ىي اليت تطلق عليها اسم الفضاء الروائي‪ ,‬ألف الفضاء أمشل وأوسع من ا‪١‬تكاف‪,‬‬
‫وىكذا يكوف ا‪١‬تكاف جزءا ال يتجزأ عن الفضاء‪ .‬فالفضاء ا‪ٞ‬تغراُب ىو ا‪١‬تكاف الذي تقدـ فيو إشارات‬
‫جغرافية بأنو ا‪١‬تساحة اليت يتحرؾ فيها األبطاؿ أو يفًتض أهنم يتحركوف فيها ‪.‬‬
‫ولقد دارت أحداث رواية "عايشة" ُب ‪٤‬تطة مكانية وىي منطقة "اعميش" وىو االسم القدمي‬
‫‪١‬تنطقة الرباح بوالية الوادي ‪ .‬من خبل‪٢‬تا تسليط الضوء على عادات وتقاليد ىذه ا‪١‬تنطقة من خبلؿ‬
‫استفاضتها ُب سرد طريقة عيشهم وعاداهم وتقاليدىم‪.‬‬
‫‪ -4-3‬المكان المفتوح‪:‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬ترجع السابق‪ ,‬ص‪.71‬‬


‫‪2‬ينظر ‪ :‬عبد العزيز بشيل‪ ,‬الفن الروائي عند غادة السماف‪ ,‬دار ا‪١‬تعارؼ للطباعة والنشر‪ ,‬ط‪1,1987‬ـ‪ ,‬ص‪.49 ,48‬‬
‫‪ٛ 3‬تيد ‪ٟ‬تميداين‪ ,‬نية النص السردي من منظور النقد األديب ‪ ,‬ص‪.61‬‬
‫‪113‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫يشمل التشخيص ا‪١‬تكاين على أنظمة ‪ٚ‬تالية دقيقة وىي ألفة ا‪١‬تتناىي ُب الكبَت والعمق‬
‫والفخامة ا‪٢‬تائلة‪ ,‬ويواجو انفتاحية ا‪١‬تكاف ْتركة التقاببلت اليت تنتهي بعكس السمات الشعورية على‬
‫النسق ا‪١‬تكاين‪ ,‬معٌت ذلك أف الشاعر يستوقفو ا‪١‬تكاف ا‪١‬تفتوح ا‪١‬تتسع مثل الغابة‪ ,‬البحر‪ ,‬الصحراء‬
‫‪.....‬إخل فيضيق عليو بعدا نفسيا يتداخل وأشياء العادل الواسع‪ ,‬فيشبو الروح ا‪١‬تتمردة على الضيق ُب‬
‫ذرات ا‪١‬تكاف الساكنة‪ ,‬و٭تاوؿ اشتقاؽ العمق والفخامة ا‪١‬تتخفية ُب حدود ا‪١‬تكاف الكبَت ليعيش ‪ٟ‬تظة‬
‫نف سية مغروسة بالزوايا اليت تعرؼ النهاية واالنغبلؽ‪ .‬إهنا ‪ٟ‬تظة تبادؿ بُت ‪٪‬تطُت من العوادل‪" :‬العادل‬
‫الكبَت ا‪١‬توضوعي‪ ,‬وعادل االنفعاالت"‪ 1‬يتضح من ىنا أف ا‪١‬تكاف ا‪١‬تفتوح ا‪١‬تتمثل ُب‪ :‬الغابة‪ ,‬الصحراء‪,‬‬
‫البحر‪....‬إخل ‪.‬‬
‫ىو ا‪١‬تكاف الذي يتميز باالتساع و الشساعة حيث ال يتقيد فيو الشخص وال يشعر بالضيق‬
‫فيتحسس من خبللو بأنو حر طليق يسبح ُب فضاء ال حدود فيو‪.‬‬
‫فا‪١‬تكاف "حيّز مكاين خارجي ال ٖتده حدود ضيقة يشكل فضاء رحبا وغالبا ما يكوف لوحة‬
‫طبيعة ُب ا‪٢‬تواء الطلق"‪.2‬‬
‫فهو مكاف خارج ا‪١‬تدينة أو القرية يكوف بعيدا عنها‪ ,‬حيث يشكل مساحة شاسعة يكوف على‬
‫اتصاؿ با‪٢‬تواء والطبيعة‪.‬‬
‫ىذا يعٍت أف ىذه األمكنة باستطاعة ا‪ٞ‬تميع االلتحاؽ هبا‪ ,‬فهي أماكن عامة يسمح للناس‬
‫بااللتقاء فيو والتواصل‪ ,‬ويساعد الشخصيات ُب مسايرة ا‪ٟ‬تدث والتحرؾ بطبلقة وحرية‪ .‬فاٗتذت‬
‫رواية "عايشة " بعض األماكن ا‪١‬تفتوحة إطارا ألحداثها‪ ,‬وىي أماكن منفتحة على طبيعتو ‪٦‬تا يسمح‬
‫ىذا ا‪١‬تكاف للفرد بالًتدد عليو ُب أي وقت شاء من دوف قيد أو شرط‪ ,‬مع عدـ اإلخبلؿ بالعرؼ‬
‫االجتماعي‪ ,‬أي ‪٦‬تارسة سلوؾ غَت سوي يرفضو اجملتمع كالسرقة وغَتىا ‪.‬‬
‫ويسمح ا‪١‬تكاف ا‪١‬تفتوح أيضا باالتصاؿ ا‪١‬تباشر مع اآلخرين فتخضع ىذه األماكن الختبلفات‬
‫ُب شكلها ا‪٢‬تندسي تفرضو طبيعة تكوينها ‪٦‬تا ‪٬‬تعلها متنوعة من رواية ألخرى وُب رواية واحدة ‪.‬‬
‫واألماكن ا‪١‬تفتوحة اليت كاف ‪٢‬تا حضور ُب الرواية ٯتكن حصرىا فيما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ الشارع واألزقة (األحياء) ‪:‬‬

‫‪ 1‬سحر ىادي شرب‪ ,‬الصورة ُب شعر نزار قباين دراسة ‪ٚ‬تالية دار ا‪١‬تنهج للنشر والتوزيع‪ ,‬عماف‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪2011‬ـ‪ ,‬ص ‪.140‬‬
‫‪2‬أوريدة عبود‪ ,‬ا‪١‬تكاف ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية الثورية دراسة بنيوية لنفوس ثائرة لعبد اهلل الركييب‪ www.edusa‬يوـ ‪ 2014/11/20‬على الساعة‬
‫‪.20:14‬‬
‫‪114‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫الشارع‪ :‬من شرع‪ ,‬يشرع‪ ,‬شروع‪ ,‬والشارع ىو الطريق وا‪١‬تمشى ‪.‬‬


‫ا‪ٟ‬تي‪" :‬فهو مكاف ‪٣‬تموعة مساكن تتخللها شوارع‪ ,‬أف األحياء ىي األماكن ا‪١‬تفتوحة على‬
‫ا‪٠‬تارج أو باألحرى اليت ٘تثل جزءا من العادل ا‪٠‬تارجي أو قطعة من الفضاء دوف أف تكوف ‪٢‬تا حدود‬
‫أو موانع ٖتوؿ بينهما وبُت ا‪٠‬تارج عنها وىي األحياء والشوراع"‪ .1‬فهو ا‪١‬تكاف الذي يلتقي فيو الناس‪,‬‬
‫فنجد ُب كل ا‪١‬تظاىر اليت تعرب عن وجو ا‪١‬تدينة فنجد أف الشارع تقصده كل فئات اجملتمع فيمشي‬
‫الفرد ُب الشارع لتحقيق مقاصده اللعب‪ ,‬ا‪١‬ترح‪ , ,‬قضاء ا‪ٟ‬تاجبات ‪...‬‬
‫وقد أشارت الروائية إذل ىذه اللفظة ُب الرواية وىذا ما ٕتسده ُب قو‪٢‬تا ‪:‬‬
‫" ‪....‬ينتهي األمر هبا غالبا إذل رمي عصاىا على عايشة‪ ,‬فتفر ىربا منها للشارع‪ ,‬وكم تتمٌت‬
‫القادة حُت يشتد هبا الغضب أف ال تعود منو إال ميتة "‪. 2‬‬
‫وُب قو‪٢‬تا أيضا‪ " :‬ىذا الرجل الذي ٖتفظ كبلمو ‪ ...‬٭تكوف أنو صار درويشا‪ ,‬ألف عقلو دل‬
‫يتحمل غزارة علمو‪ ,‬حُت قدومو إليهم ٕتده دائم الطواؼ بُت ا‪١‬تنازؿ ال تفارقو عصاه وبرنسو وصرة‬
‫"‪3‬‬
‫ا‪ٟ‬تلوى اليت يوزعها على األطفاؿ ُب األزقة‪ ,‬يعشق الناس كل ا‪ٟ‬تكايا اليت ٭تكيها ‪.....‬‬
‫كما ‪٧‬تدىا أيضا ُب عبارة‪ ..." :‬وألنو من غَت ا‪١‬تمكن منعها من الشارع‪ ,‬فقد عادت كسابق‬
‫عهدىا إليو‪ ,‬با‪ٝ‬تة تسابق الريح‪ ,‬ال اهتم لكل من ىم فيو‪ ,‬خصوصا تلك العيوف الشبيهة ٔتنظاره‬
‫القناصة‪ ,‬الدائمة التواجد متكئة على جدراف البيوت ا‪ٞ‬تبسية ا‪١‬تتآكلة ‪ 4"...‬وغَتىا ‪.‬‬
‫ووردت كلمة "الشارع" ُب الرواية عدة مرات‪ ,‬فبسمتو اليت ٘تيز هبا الشارع ٕتعلو منفردا عن‬
‫أماكن أخرى‪ ,‬فهو عبارة عن النقطة اليت تفصل البطلة عن ا‪١‬تدينة ‪.‬‬
‫وا‪١‬تكاف الذي عرب عليو ‪١‬تبلقات حذفو فيو‪ ,‬والشارع بعكس وضعية ا‪١‬تدينة ا‪ٟ‬تضرية‪ ,‬ويعكس‬
‫حالة األفراد ‪.‬‬

‫‪ 1‬برة فاطمة الزىراء وآخروف ‪ ,‬البنية ا‪١‬تكانية ُب رواية الزقاؽ ا‪١‬تدؽ " لنجيب ‪٤‬تفوظ" ‪ ,‬مذكرة لنيل شهادة ليسانس ‪,‬قسم اللغة واألدب العريب ‪,‬جامعة‬
‫الوادي ‪2016,‬ـ‪2017-‬ـ‪,‬ص‪.27‬‬
‫‪ 2‬الرواية‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫‪3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 4‬الرواية‪ ,‬ص ‪. 21‬‬
‫‪115‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫كما ٘تثل "األزقة" أيضا أماكن عبور‪ ,‬وقد وردت ُب الرواية كلفظة معربة عن ا‪١‬ترور داخل ا‪١‬تبٌت‪,‬‬
‫فهذه األزقة تنتهي بغرؼ وغَتىا‪ ,‬كما جاءت اللفظة ُب قو‪٢‬تا "‪ ...‬يلتفت كل ثانية وراءه‪ ,‬أكمل‬
‫"‪1‬‬
‫الزقاؽ األوؿ‪ٍ ,‬ب أطلق تنهيدة طويلة ألنو دل ‪٬‬تد أحدا ‪ ...‬يقطع الزقاؽ الثاين‬
‫فاألبطاؿ كانوا يقطعوف مسافات للوصوؿ إذل اجمللس الذي يعترب فضاء ا‪ٟ‬تكي فأماكن العبور‬
‫تعترب ٔتثابة ا‪٠‬تط الذي يعربه الراوي للغوص ُب ثنايا روايتو‪.‬‬
‫‪2‬ـ انصحزاء‪:‬‬
‫من اجملهوؿ إذل اجملهوؿ‪ ,‬تنطلق الراوية إذل رحلة وفضاء مفتوحا آخر وىو "الصحراء" وكل‬
‫ما٘تلكو ىذه اللفظة من دالالت ‪٥‬تتلفة فهي تتسم بالسفر وا‪٠‬تروج والذىاب واالنطبلؽ ‪٨‬تو اجملهوؿ‪,‬‬
‫فهي عادل ال حدود لو ٖتدىا الفضاءات ا‪١‬تفتوحة من كل جانب كما ٖتده الشساعة واالنفتاح إذل‬
‫عادل ‪٣‬تهوؿ ‪٤‬تفوفا بالغموض ‪.‬‬
‫فالصحراء معلم بارز ُب الذاكرة العربية‪ ,‬فهي مرتبط ّتذور قدٯتة تراثية‪ ,‬مرتبط بالعروبة العربية‬
‫واألخبلؽ السامية والفصاحة اللغوية واللفظية ‪.‬‬
‫ولقد أشارت الروائية ُب شكل وحدات داللية مرتبطة ْتقل الصحراء‪ ,‬وىي ألفاظ تتسم هبا‬
‫الصحراء ال غَتىا فذكر‪ :‬الرمل‪ ,‬الواحة‪ ,‬النخيل ‪ ...‬وغَتىم من األلفاظ‪ ,‬وىذا ما أشارت إلية‬
‫الروائية ُب قو‪٢‬تا‪ ":‬ىناؾ ‪..‬حيث ال يوجد غَت السراب‪ ,‬ورماؿ معددة عارية ال اهاب حرقة الشمس‪,‬‬
‫"‪2‬‬
‫بكر تصارع آال ا‪١‬تخاض ‪...‬‬
‫وُب قو‪٢‬تا أيضا‪ ..." :‬اهاوت على األرض تلهث من العطش‪٘ ,‬تددت على ظهرىا ٍب بسطت‬
‫"‪3‬‬
‫ذراعيها ‪ ...‬فإذا بشيء أصفر ٯتيل لونو للسواد ‪٬‬تري ٓتفة على الرمل ‪...‬‬

‫‪ 1‬الرواية‪ ,‬ص ‪. 28‬‬


‫‪ 2‬الرواية‪ ,‬ص ‪. 05‬‬
‫‪ 3‬الرواية‪ ,‬ص ‪. 06‬‬
‫‪116‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫كما للفظة "صحراء" حقوال داللية وألفاظ تدؿ عليها‪ ,‬فنجد ُب الرواية‪ :‬ا‪ٞ‬تماؿ ‪ ,‬القافلة ‪,...‬‬
‫وىذا ما أشارت إليو ُب قو‪٢‬تا‪ ... " :‬مات زوجها منذ سنوات‪ ,‬وىو عائد من ا‪ٟ‬تج‪ ,‬حُت كاف الناس‬
‫"‪1‬‬
‫يسافروف با‪ٞ‬تماؿ‪ ,‬غرؽ ُب هنر بأرض "تونس" ‪...‬‬
‫وقد برزت داللة ا‪١‬تكاف الصحراوي من خبلؿ االمتداد وا‪٠‬تبلء وا‪ٞ‬تفاؼ والشساعة بدوف رسم‬
‫معُت ‪٢‬تا ‪.‬‬
‫فجمالية ا‪١‬تكاف ال تتجسد من خبلؿ ا‪ٝ‬تو وصفاتو فقط‪ ,‬بل من خبلؿ الطريقة الفنية اليت‬
‫تسرد هبا ‪.‬والروائية ُب وصفها ‪٢‬تذه األماكن‪ ,‬حاولت اخًتاقها ومعرفة ما فيها من خبلؿ الشخصيات‬
‫ا‪١‬تعروضة ُب الرواية‪ ,‬وتربطها مع أماكن أخرى مقهورة ُب اجملتمع ‪.‬‬
‫‪3‬ـ انًمثزج‪:‬‬
‫" قرب‪ :‬القرب ‪ ,‬مدفن االنساف و‪ٚ‬تعو قبور ‪ ,‬وا‪١‬تقرب ا‪١‬تصدر ‪ ,‬وا‪١‬تقربة بفتح الباء وضمها موضع‬
‫القبور "‪. 2‬‬
‫سر عباس معو ألنو دل يكن يعلم بأنو ليس‬ ‫جاءت ىده اللفظة ُب الرواية حُت قرر صاحل دفن ّ‬
‫السر ‪ ,‬ألف ا‪١‬ترأة اليت اصطدـ هبا يوـ ا‪ٟ‬تادثة ىي امرأة أخرى عابرة وألنو دل‬
‫وحده الذي يعرؼ هبذا ّ‬
‫للسر وبعد دفنهم لعباس الحظ تلك ا‪١‬ترأة نفسها اليت‬
‫يفكر ابدا بأهنا زوجة عباس إال أنو أثناء دفنو ّ‬
‫رآىا يوـ ا‪ٟ‬تادثة وىو ُب ا‪١‬تقربة وجاءت ىذه العبارة ُب قوؿ الروائية‪... " :‬تنهد طويبل ٍب انتظر مرور‬
‫القلة من الناس الذين جاءوا للصبلة عليو ‪ ,‬رفع يديو بالدعاء طالبا لو ا‪١‬تغفرة ‪ٍ ,‬ب مسح على قربه‬
‫وحفر حفرة صغَتة كما يفعل الصبية حُت ٮتفوف أسرارىم ‪...‬وقاؿ‪ :‬ىاىو سرؾ يا عباس دفنتو ؟ ٍب‬
‫ردـ ا‪ٟ‬تفرة الصغَتة بكلتا يديو ومضى ‪ ...‬وبينما ىو مغادر ‪١‬تح تلك ا‪١‬ترأة اليت ارتطم هبا ‪ ,‬يلتف‬
‫حو‪٢‬تا بعض النسوة ‪٦‬تن جئن لتوديع عباس ٕتلس بينهن منتحبة باكية ‪ .‬ىي عادة النساء بأرض‬
‫اعميش ‪ .‬تتبع النسوة ا‪ٞ‬تنازة الفقيد ويبقُت حىت هنايتها خارج السور ‪ ,‬وبعد مغادرة آخر رجل‬
‫يزرف قرب ويبللن تربتو بالعطر ‪..‬وتكوف أغلب الزيارات اليت تلي يوـ الدفن بعد انببلج ا‪٠‬تيط األوؿ‬

‫‪ 1‬الرواية‪ ,‬ص ‪. 11‬‬


‫‪2‬برة فاطمة الزىراء وآخروف ‪,‬البنية ا‪١‬تكانية ُب رواية الزقاؽ ا‪١‬تدؽ "لنجيب ‪٤‬تفوظ" ‪,‬ص‪27‬‬
‫‪117‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫من الفجر ‪...‬و تزور قربه حاملة ماء غسلها وثياهبا اليت كانت تلبسها ‪ٍ ,‬ب ترميها با‪١‬تقربة كدليل‬
‫"‪.1‬‬
‫للفقيد أهنا قد بدأت با‪ٟ‬تداد‪...‬‬
‫‪ -5-3‬المكان المغلق‪:‬‬
‫وىو الذي ٯتثل تلك ا‪١‬تساحة احملدودة والضيقة‪ ,‬وىو ا‪١‬تعزوؿ عن العادل ا‪٠‬تارجي كما أف ‪٤‬تيطو‬
‫أضيق بكثَت مقارنة با‪١‬تكاف ا‪١‬تفتوح‪.‬‬
‫"قد يكوف للمكاف ا‪١‬تغلق ‪ٚ‬تالية تستشري ُب دقائق الذكريات القافية على األركاف وا‪٠‬ترائف‬
‫‪2‬‬
‫والصناديق وا‪١‬تقاىي واألكواخ وغَتىا ‪".‬‬
‫فا‪١‬تكاف ا‪١‬تغلق ىنا ىو عبارة عن مكاف ضيق ‪٤‬تدود يقتصر على األركاف والصناديق واألشياء‬
‫الضيقة اليت ‪٢‬تا حدود‪.‬‬
‫وىناؾ من يقوؿ بأنو‪" :‬ٯتكن أف نفسر أكثر ا‪١‬تكاف ا‪١‬تغلق بالتقيد إذل درجة قد ٭تمل معها‬
‫خاصية أساسية تتمثل ُب صعوبة أو استحالة اخًتاقو‪ ,‬وىذا النوع من ا‪١‬تكاف ‪٧‬تده بشكل متنوع‬
‫‪3‬‬
‫وبصورة جالية ُب قصة دل تتم ‪".‬‬
‫فا‪١‬تكاف ا‪١‬تغلق ىنا لديو طابع متميز عن باقي األمكنة‪ ,‬فهو يتميز بعدـ االنفتاح واالتساع‪ ,‬ولو‬
‫عبلقة مباشرة بعدـ االتصاؿ والتوازف‪ ,‬كما تربطو عبلقة مباشرة بالفقداف‪.‬‬
‫فهو ا‪١‬تكاف ال ذي يتميز بالضيق‪ ,‬وتكوف حدوده معلومة غَت قابلة لبلتساع وىو الذي يرتاده‬
‫اإلنساف ليبقى فيو سواء كاف ذلك بإرادتو أـ بإرادة غَته فهو عبارة عن شكل ىندسي يقيد حياة‬
‫األشخاص وتصرفااهم ضمنو‪.‬‬
‫ومن أمثلة ىذا النوع من األماكن نذكر ‪:‬‬

‫‪1‬الرواية‪ ,‬ص‪.48 ,47‬‬


‫‪ 2‬سحر ىادي شرب‪ ,‬الصورة ُب شعر نزار قباين دراسة ‪ٚ‬تالية ‪ ,‬ص ‪141‬‬
‫‪3‬أوريدة عبود‪ ,‬ا‪١‬تكاف ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية الثورية‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪.1‬انثيىخ‪:‬‬
‫يعد البت من األماكن ا‪١‬تغلقة‪ ,‬ألنو ذو حدود ىندسية‪ ,‬تفصلو عن العادل ا‪٠‬تارجي ويلجأ إليو‬
‫اإلنساف كمكاف للراحة واألماف والطمأنينة وا‪ٟ‬تماية ‪ ,‬حيث يقيو من حر الصيف وبرد الشتاء ‪,‬‬
‫وكما يواجو من أخطار ُب ا‪٠‬تارج ‪ ,‬فالبيت ىو ركننا ُب العادل إنو كما قيل مررا كوننا األوؿ ‪.‬‬
‫ومن األماكن ا‪١‬تغلقة ُب الرواية ‪:‬‬
‫‪.1-1‬تيد انجذج انمادج وعايشح ‪:‬‬
‫فهو ا‪١‬تكاف الذي انطلقت منو األحداث ُب زمنو ا‪ٟ‬تاضر ‪ْ ,‬تيث تسًتجع فيو ا‪ٞ‬تدة أوجاعها‬
‫وفجائعها وانكسارااها اليت عاشتها عمرا طويبل مع عايشة ألهنا منذ رعايتها لعايشة أصبحت تعاين‬
‫من كل األمراض خاصة الضغط الدموي والسكري وىذا ُب قو‪٢‬تا‪ " :‬كانت اجتماعية ُب سابق عهدىا‬
‫‪ ,‬ودل تكن تعاين من أي مرض بعد موافقتها رعاية عايشة ‪ ,‬عانت من ارتفاع الضغط الدموي‬
‫والسكري وباتت انطوائية ال ٗترج إال لشيئُت ‪:‬‬
‫‪-‬القادة‪ :‬ىو اسم قدمي ٔتعٌت ا‪١‬ترأة القادرة على ٖتمل أعباء ا‪ٟ‬تياة ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬التعزية‪ :‬إذا مات احد ا‪ٞ‬تَتاف ‪ ,‬أو لشراء لوازـ البيت ‪" ..‬‬
‫‪ .2-1‬تيد عثاس وحىريح ‪:‬‬
‫ىو ا‪١‬تكاف الذي خطط فيو عباس لفعلتو الشنيعة وا‪ٟ‬تادثة اليت وقعت عليو‪ ,‬وىذا من خبلؿ‬
‫ىذا ا‪١‬تقطع السردي الوارد ُب الرواية ُب قو‪٢‬تا‪ " :‬أدخلها لبيتو ٍب نادى زوجتو حورية أف تطعمها‪,‬‬
‫ففعلت دو‪٪‬تا ‪٣‬تادلة‪ ,‬البنت مسكينة‪ ,‬ووجب الرأفة هبا‪ ,‬أجزلت كرمها وقررت أف ٖتممها "‪ ,2‬لذا‬
‫يتضح لنا أف بيت عباس وحورية ىو ا‪١‬تكاف الذي خطط فيو عباس ‪٠‬تطتو الشنيعة بتنفيذىا ُب ذلك‬
‫الوقت الذي قرر فيو بأف الظهر ىو الوقت األنسب‪ ,‬واختياره لعايشة بأنو قد أحسن االختيار‪ ,‬وىذا‬
‫يعد ٖتميمها من طرؼ زوجتو حورية ‪.‬‬

‫‪1‬الرواية ‪ ,‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬الرواية‪ ,‬ص ‪. 24‬‬
‫‪119‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫‪ .2‬انغزفح (انحجزج) ‪:‬‬


‫ا‪ٟ‬تجرة ُب اللغة‪" :‬ىي الغرفة ُب أسفل البيت وحظَتة ا‪ٟ‬تيواف‪ٚ ,‬تع "حجر" وحجرتا العسكر‬
‫جانباه‪ ,‬من ا‪١‬تيمنة وا‪١‬تيسرة "‪ ,1‬و‪ٝ‬تيت بذلك ألهنا ٘تنع من بداخلها من ا‪ٟ‬تجرة وأي منع‪ ,‬و‪٢‬تذا يقاؿ‬
‫بأف ىناؾ فرؽ بُت ا‪ٟ‬تجرة والغرفة حيث قاؿ الراغب األصفهاين ُب ا‪١‬تفردات "الغرفة علية من البناء‬
‫ﯖ ﭼ الفرقاف‪:‬اآلية ‪ . 53‬وقولو‬ ‫ﭽﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬ ‫و‪ٝ‬تي منازؿ ا‪ٞ‬تنة غرفا‪ ,‬قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫أيضا‪ :‬ﭽ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﭼ سبأ‪:‬اآلية ‪. 15‬‬
‫إذ فالغرفة ال تكوف إال ُب علو‪ ,‬أما ا‪ٟ‬تجرة فبل تكوف كذلك‪ ,‬لذلك ال ٯتكننا تسمية الغرفة‬
‫‪١‬تكاف غَت مرتفع‪ ,‬فالغرفة ىي ا‪١‬تكاف للنوـ والذي ٕتد فيو ا‪ٞ‬تدة القادة وعايشة راحتهما‪ ,‬فهو‬
‫مكاف لبل سًتاحة وا‪٢‬تدوء ا‪١‬تناسب للتفكَت ا‪١‬تلي ففيها ٯتكنها اسًتجاع ذكريااها ويوميااها‪ ,‬وىذا ما‬
‫يؤكد مكوث ا‪ٞ‬تدة وعايشة ُب الغرفة‪ ,‬ألف عايشة دائما بالشارع وعند عوداها منو تذىب مسرعة إذل‬
‫فراشها ا‪١‬توجود بالغرفة وتتكور فيو ألنو ال مكاف عندىا غَته وذلك من خبلؿ قوؿ الروائية‪ " :‬وألف‬
‫الغرفة واسعة‪ ,‬فقد كاف لعايشة وقت ألف تست وعب قدومها ‪٨‬توىا‪ ,‬فتفر منها كرد فعل طبيعي‪ٍ ,‬ب‬
‫تتكور كعاداها ُب فراشها ٖتمي رأسها بيدىا ووجهها لصيق با‪ٞ‬تدار انقاء ضرب العصا‪ ,‬دائرة الدـ‬
‫"‪2‬‬
‫استطاعت الروائية من خبلؿ ىذا‬ ‫اآلف اليت تلطخ فستاهنا صارت على مرمى عيٍت ا‪ٞ‬تدة ‪...‬‬
‫ا‪١‬تقطع السردي أف توضح لنا ردت فعل ا‪ٞ‬تدة عندما رأت عايشة بتلك ا‪ٟ‬تالة وثياهبا ملطخة ببقعة‬
‫الدـ ُب فستاهنا جن جنوهنا ‪ .‬فعايشة ىربت منها فزعة وتكورت كعاداها وبدأت ٖتمي نفسها من‬
‫ضرب ا‪ٞ‬تدة ‪٢‬تا نتيجة فعلتها اليت غصبت عليها ‪ .‬وُب قو‪٢‬تا أيضا‪... " :‬خافت عايشة من تلك‬
‫"‪3‬‬
‫النظرة‪ ,‬فعادت لفراشها وتكورت فيو‪ ,‬واضعة يدىا على رأسها كعاداها ٖتميو من ضرب مفاجئ‪...‬‬
‫فلفظة "الغرفة" وردت عدة مرات ُب الراوية‪ ,‬كما ‪٧‬تد أيضا "غرفة عباس وحورية " من خبلؿ‬
‫ىذا ا‪١‬تقطع السردي‪ٍ ..." :‬ب ٘تدد على الكنبة وظل يتقلب ٯتنة ويسرة‪ٍ ,‬ب يسرة وٯتنة‪ ,‬وعيناه معلقتُت‬

‫‪1‬ػ برة فاطمة الزىراء وآخروف‪ ,‬النية ا‪١‬تكانية ُب رواية الزقاؽ ا‪١‬تدؽ "‪٧‬تيب ‪٤‬تفوظ"‪ ,‬ص‪.28‬‬
‫‪2‬الرواية ‪ ,‬ص‪35‬‬
‫‪3‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.27‬‬
‫‪120‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫بسطح الغرفة يفكر ُب خطة ‪٤‬تكمة‪ ,‬حىت ثبت تفكَته أف الظهر ىو التوقيت األنسب‪,‬‬
‫لكن!!‪1"...‬يتضح لنا من سرد الروائي ة بأف ‪ٟ‬تظة وجود عباس ُب بيتو وعيناه معلقتُت بسطح الغرفة‬
‫يفكر ُب خطة ‪٤‬تكمة إذل أف وجدىا وثبت تفكَته فيها بأف وقت الظهر ىو الوقت ا‪١‬تناسب‬
‫لتنفيذىا‪.‬‬
‫‪ -3‬الدكان (الحانوت)‪:‬‬
‫اندؾ الرمل تَليّ َذ ‪ ,‬والدكاف من البناء ا‪١‬تشتق منو‪,‬‬
‫الدكاكُت‪ ,‬الد ّكة‪ :‬لغة‪" :‬بناء يسطح أعبله‪ ,‬و ّ‬
‫ذلك الليث‪ ,‬اختلفوا ُب الدكاف‪ ,‬فقاؿ بعضهم من الد ّكن‪ ,‬وقاؿ ا‪ٞ‬توىري‪ :‬الد ّكة وىو فعاؿ منو‬
‫الدكن وىو مفرد دكاف و‪ٚ‬تع دكاكُت‪ :‬حانوت مذكر "‪.2‬‬
‫وىو مكاف مغلق‪ ,‬وىو عبارة عن بقالة‪ ,‬يقع ّتانب بيت عباس‪ ,‬فهو دكاف صغَت يستقبل فيو‬
‫عباس ا‪ٟ‬تبلؽ الزبائن ‪ٟ‬تبلقة رؤوسهم ليسًتزؽ من وراءه نستشف ذلك من خبلؿ قو‪٢‬تا‪... " :‬‬
‫‪3‬‬
‫عباس ا‪ٟ‬تبلؽ فقد كاف ٭تفظ كل تفاصيلها ‪" ...‬‬
‫فعباس الوحيد الذي كاف يرى عايشة عن غَت رفاقو الذين كانوا ‪٬‬تلسوف ّتانب حيط دكانو‬
‫يشيعوف النساء بعيوهنم فهو عملهم اليومي الذي ٯتارسونو ‪.‬‬
‫كما ‪٧‬تد أيضا ُب ا‪١‬تقطع السردي ُب قو‪٢‬تا‪ " :‬حُت ٕتوع دل تكن تسرؽ من الدكاكُت ا‪٠‬تبز‬
‫والفاكهة‪ ,‬بل تقف عند باب احملل مطوال إذل أف يتصدؽ عليها صاحبو أو يطردىا‪ ,‬أيضا ال تدخل‬
‫البيوت‪ ,‬تنتظر عند عتبة الباب إذل أف ٯتنحوىا شيئا ٖتنانا عليها‪ 4",...‬ويتضح لنا خبلؿ ىذا‬
‫ا‪١‬تقطع بأف عايشة حُت ٖتس با‪ٞ‬توع ال تسرؽ‪ ,‬بل تقف أماـ البيوت والدكاكُت حىت ٯتن عليها أىل‬
‫"اعميش" بقطعة خبز ‪.‬‬
‫وقو‪٢‬تا أيضا‪ ..." :‬أخربىا أنو سيقوـ بتنظيف احملل فهو من أياـ دل يفعل ذلك ‪.‬‬

‫‪ 1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.28‬‬


‫‪ 2‬برة فاطمة الزىراء وآخروف‪ ,‬النية ا‪١‬تكانية ُب رواية الزقاؽ ا‪١‬تدؽ "‪٧‬تيب ‪٤‬تفوظ" ‪,‬ص ‪. 27‬‬
‫‪ 3‬الرواية ‪ ,‬ص‪.28‬‬
‫‪‌4‬الرواية‌‪،‬ص‪‌ 011‬‬
‫‪121‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫ػ ػ نظفو بعد العصر‪ ,‬الدنيا مش ىاربة ! قالت حورية‪ٖ ,‬تجج عباس أف الزبائن سيبدؤوف ُب‬
‫التوافد عليو بعد العصر‪ ,‬فكيف بو سيقوـ بالتنظيف ‪ ...‬موافقة كبلمك "‪.1‬‬
‫ٖتجج عباس بالزبائن الذين يتوافدوف عليو أثناء التنظيف بعد العصر ىذا إلقناع زوجتو حورية‬
‫بأف يذىب وقت الظهر وينفذ خطتو الشنيعة اليت خطط ‪٢‬تا ‪.‬‬
‫وكما يتجسد أيضا ُب قو‪٢‬تا‪...« :‬أىبل يا ولد عمي‪ ,‬شايفك جاي القايلة للحانوت ‪.‬‬
‫ود عباس لو ينفجر فيو‪... ,‬لكنو رد برضى‪ ,‬ػ عندي تنظيف ‪ ....‬ػ ػ انعاونك إذا حبيت‪ ,‬وىذا‬
‫من خبلؿ مبلقاة صاحل بعباس اليت ازعجت عباس عندما رآه‪ ,‬ودل يتحمل حواره معو ‪.‬‬
‫‪ .4‬انحًاو‪:‬‬
‫اسم وا‪ٞ‬تمع "‪ٛ‬تامات" فهو مكاف يغتسل فيو‪ ,‬وغرفة ا‪ٟ‬تماـ ىي غرفة االستحماـ با‪١‬تنزؿ وقد‬
‫جاء ا‪١‬تعجم الغٍت ‪ٛ‬تّاـ وا‪ٞ‬تمع ‪ٛ‬تّامات ‪٧‬تد ُب كل حي من األحياء وا‪١‬تدينة ‪ٛ‬تاما للنساء‬
‫وآخر للرجاؿ ‪٤" .‬تل عمومي لبلستحماـ و االغتساؿ»‪.‬‬
‫أخذت ‪ٛ‬تاـ مشسي أي عرضت جسمها ‪ٟ‬ترارة الشمس ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ٛ‬تاـ السباحة حوض كبَت معد للسباحة"‬
‫لذا دل يرد لفظة "ا‪ٟ‬تماـ" ُب الرواية كثَتا فهو عبارة عن مكاف مغلق يستعمل لبلستحماـ‬
‫واالغتساؿ‪ ,‬ويكوف عادة داخل البيت‪ ,‬وىناؾ أيضا ‪ٛ‬تامات خارج البيوت توجد ُب األحياء‪ ,‬لذا‬
‫‪٧‬تد أف ىذه اللفظة " ا‪ٟ‬تماـ " قد جاءت ُب موضوع واحد ُب الرواية من خبلؿ دخوؿ عايشة إذل‬
‫بيت عباس‪ ,‬وىذا ٖتنانا من زوجتو حورية وتكرٯتا منها حُت قررت ٖتميمها عطفا عليها‪ .‬وٕتسد‬
‫ذلك من خبلؿ ا‪١‬تقطع السردي ُب قو‪٢‬تا‪ " :‬أدخلتها حورية بلطف للحماـ‪ ,‬وظلت عايشة ىادئة دل‬
‫تبد أي نوع من ا‪١‬تقاومة‪ ,‬وىي ٗتلع عنها ثوهبا‪ ,‬لكنها أخفت ما ٮتجل أي بنت بيدىا‪ ,‬تبسمت‬
‫حورية قائلة هبمس‪ :‬سبحاف اهلل !! ‪.‬‬

‫‪‌1‬الرواية‌‪،‬ص‌‪‌ 72‬‬
‫‪2‬ػ الرائد جرباف مسعود‪ ,‬معجم الوسيط‪ ,‬صدر ‪1384‬ىػ ‪ 1965 /‬ـ ‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫طيبتها بالصابوف وغسلت ‪٢‬تا شعرىا‪ٍ ,‬ب تركتها با‪ٟ‬تماـ وأقفلتو من ا‪٠‬تارج ومضت باحثة عن‬
‫"‪1‬‬
‫منشفة قدٯتة ٯتكنها رميها‪ ,‬ألهنا حتما لن تستعملها بعدما استخدمتها ىذه العقونة‬
‫يتضح لنا من خبلؿ ىذا ا‪١‬تسرود مدى طيبة وجزؿ وكرـ حورية زوجة عباس حينما قررت‬
‫ٖتميمها‪ ,‬وألف البنت مسكينة ووجب الرأفة هبا‪ ,‬لذا طيلة فًتة ٖتميمها وىي ىادئة دل ٖتدث أي‬
‫صوت أو حركة مثل أي بنت طبيعية سوية إذل أف أهنت ذلك ‪.‬‬
‫كما يظهر أيضا من خبلؿ قو‪٢‬تا‪ " :‬كاف عباس جالسا ينتظر خروجها من ا‪ٟ‬تماـ بشغف‪,‬‬
‫تشاغل ٔتشاىدة األخبار ‪....‬فكره كاف عند عايشة‪ ,‬وبعد فًتة وليست بالطويلة أطلت كعصفور‬
‫مبلل فاندىش ‪ ...‬ألوؿ مرة ٭تس عباس أف عايشة أنثى ْتق‪ .... ,‬وىي تنشف شعرىا تاركا ا‪ٟ‬ترية‬
‫لعينيو ٕتري فحصا شامبل ‪٢‬تذا ا‪ٞ‬تسد البض ا‪١‬تهمل"‪ . 2‬أي أف طيلة الفًتة وىي ُب ا‪ٟ‬تماـ‪ ,‬وىو‬
‫جالسا يفكر وفكره مشغوال بعايشة ينتظر خروجها حىت أطلت كعصفور مبلل فلم يصدؽ عباس‬
‫حينما رآىا بذلك الشكل‪ ,‬ألنو دل يكن ٭تس بأهنا أنثى حقا من قبل‪ ,‬فهي كانت على غَت عاداها ‪.‬‬
‫‪ .5‬انحىش‪:‬‬
‫ىو "اسم ويعٍت الفناء ا‪٠‬تارجي للمنزؿ‪ ,‬وىي كلمة تعٍت حرفيا ا‪١‬تساحة ُب ا‪١‬تنزؿ اليت دل يبٌت‬
‫عليها‪ ,‬وتعٍت أيضا الفراغ ا‪١‬توجود بُت حوائط ا‪١‬تنزؿ‪ ,‬وا‪١‬تنزؿ نفسو"‪.3‬‬
‫حوش‪ :‬على حسب ا‪ٟ‬تركات اليت يتم وضعها‪:‬‬
‫حوش‪ :‬بضم ا‪ٟ‬تاء وفتح الواو معناه الضيق وا‪٢‬تم ‪.‬‬
‫حوش‪ :‬بضم ا‪ٟ‬تاء وسكوف الواو معناه‪ :‬ا‪ٟ‬تديقة ا‪٠‬تلفية للمنزؿ أو ا‪١‬تساحة الشاسعة للمنزؿ‬
‫وٖتوي األشجار‪ ,‬حياة ا‪ٟ‬توش‪ ,‬حىت الدار واسع ‪.‬‬
‫‪-‬الفناء ا‪٠‬تارجي للمنزؿ ‪ - .‬حضَتة لًتبية ا‪١‬تاشية‪.‬‬

‫‪1‬الرواية ‪ ,‬ص ‪. 24‬‬


‫‪2‬الرواية ‪ ,‬ص ‪.25‬‬
‫‪٣3‬تمع اللغة العربية ‪ ,‬معجم الوسيط ‪ ,‬ص‪.41‬‬
‫‪123‬‬
‫ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح‬ ‫انفصم انثاني‬

‫فهو مكاف مغلق ومنحصر‪ٔ ,‬تعٌت "حوش الدار" أي فناؤىا ‪ .‬فالساردة دل تذكر ىذه اللفظة‬
‫"ا‪ٟ‬توش" ُب الرواية إال مرة واحدة أثناء حلم ا‪ٞ‬تدة القادة حينما كانت ٖتلم بعايشة وىي تغط ُب‬
‫نومها ٖتت ظل النخلة ا‪١‬تتواجدة وسط ا‪ٟ‬توش‪ ,‬وىذا ما حدث للجدة حينما رأاها ُب نومها كأ‪٪‬تا‬
‫يعتربوف بأنو أىلو جياع‪ ,‬ألف من عاداهم‬ ‫رأاها ُب ذلك ا‪ٟ‬تلم‪ ,‬فا‪ٟ‬توش الذي ٮتلو من ‪٩‬تلة‬
‫وتقاليدىم ُب "اعميش" أف كل بيت ٭توي ‪٩‬تلة تتوسط ا‪ٟ‬توش ‪ .‬وذلك ٕتسد من خبلؿ قو‪٢‬تا‪" :‬‬
‫فإذا هبا ترى عايشة بنفس ا‪١‬تكاف تغط ُب نوـ عميق‪ٖ ,‬تت ظل النخلة اليت تتوسط ا‪ٟ‬توش‪٘ ,‬تاما كما‬
‫ُب ا‪ٟ‬تلم‪ ,‬كل حوش ُب "اعميش" ْتوي ‪٩‬تلة‪ ,‬وىم مقتنعوف جدا أف البيت الذي ٮتلو منها أىلو‬
‫جياع‪ ,‬لذا كاف منطقيا أف ٖتوي حوش القادة ‪٩‬تلة‪ ,‬لكن الشيء الغَت ا‪١‬تنطقي ىو صمتها دوف أف‬
‫تطلق العناف ‪ ...‬وتركت ا‪ٟ‬ترية ليديها تتحسس شعرىا "‪. 1‬‬

‫‪1‬الرواية ‪ ,‬ص‪.57,56‬‬
‫‪124‬‬
‫انخاذًح‬

‫‌‬
‫انخاذًح‬

‫الخاتمة‬
‫ىا ‪٨‬تن اآلف نصل إذل اللمسات األخَتة ُب ىذا البحث ‪,‬الذي سطرناه ُب الصفحات السابقة‬
‫ُب مدخل وفصلُت فصل نظري وفضل نظري تطبيقي ‪,‬حاولنا أف نعطي حملة موجزة عن ا‪١‬تتخيل‬
‫السردي ُب رواية "عايشة"‪.‬‬
‫من خبلؿ خوضنا غمار ىذا البحث رصدنا ‪ٚ‬تلة من ا‪١‬تبلحظات وىي اآلٌب ‪:‬‬
‫‪ -‬الرواية عبارة عن البحث ُب ا‪١‬تناطق ا‪١‬تظلمة ُب اجملتمع ‪,‬وىي الرسالة اليت أرادت الكاتبة أف توصلها‬
‫‪,‬ومن أجلها كتب ىذا ا‪١‬تسرود وىي رد االعتبار وحق ا‪١‬ترأة ُب اجملتمع الذكوري ‪,‬خاصة إذا كانت‬
‫ا‪١‬ترأة من فئة ذوي االحتياجات ا‪٠‬تاصة‪.‬‬
‫‪ -‬على الرغم من ا‪٬‬تابيات الرواية ‪,‬إال أنا فيها زالت وخلل على مستوى اللغة واألحداث ووصف‬
‫األشخاص‬
‫‪ -‬الرواية القصَتة جنس مهضوـ حقو ومهمش دل ٭تظ بالدراسة النقدية واألدبية الكافية ‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوـ ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند الغرب تفاوت واختلف على مر العصور وأيضا من فيلسوؼ إذل آخر‬
‫ومن ناقد إذل آخر ‪,‬كبلّ على حسب معرفتو ومذىبو وإيديولوجيتو الثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوـ ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند العرب قدٯتا متأثر بالفلسفة اليونانية وخاصة أرسطو ‪.‬‬
‫‪ -‬نضج واستقرار مفهوـ ا‪٠‬تياؿ عند النقاد العرب احملدثُت‪.‬‬
‫‪ -‬مصطلحا التخيّل والتخييل عند العرب أسبق من ا‪٠‬تياؿ‪.‬‬
‫‪ -‬أخد مفهوـ ا‪٠‬تياؿ والتخيل عند الفبلسفة بعدا سيكولوجيا ‪,‬وركزوا على دور ا‪١‬تتلقي ُب العملية‬
‫اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ -‬ارتبط مفهوـ ا‪٠‬تياؿ والتخييل عند العرب بالوىم والتظليل وا‪٠‬تداع‪.‬‬
‫‪ -‬يعترب ا‪١‬تتخيل ركيزة أساسية ُب العملية اإلبداعية ‪,‬ألنو حلقة الوصل بُت العادل الواقعي والعادل‬
‫ا‪٠‬تيارل ‪.‬‬
‫‪ -‬ا‪١‬تتخيل مرادؼ للخياؿ والتخييل ولكنو أفضل وأدؽ وأعمق وأوسع منهما‪.‬‬
‫‪ -‬عبلقة ا‪١‬تتخيل بالواقع عبلقة ترابط وتبلحم ‪,‬فالواقع ىو ا‪١‬تنبع الذي ينهل منو ا‪١‬تتخيل مادتو‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫انخاذًح‬

‫‪ -‬الشخصية ىي إحدى التقنيات اليت تقوـ عليها الرواية ‪,‬فهي دعامة وركيزة أساسية لكل عمل‬
‫سردي‪.‬‬
‫جل اىتمامها بالشخصيات الرئيسية ‪,‬اليت قدمت من خبل‪٢‬تا أفكارىا وآرائها‬
‫‪ -‬صبت الكاتبة ّ‬
‫وٗتيبلاها ودل تورل اىتماما بالشخصيات الثانوية سوى شخصية حورية‪.‬‬
‫‪ -‬ركزت الكاتبة ُب بنائها لشخصيااها ا‪١‬تتخيلة على األبعاد الثبلثة )ا‪ٞ‬تسمي واالجتماعي والنفسي(‪.‬‬
‫‪ -‬اختارت الكاتبة لعملها الروائي شخصيات كلها متخيلة ال ٘تت للواقع بصلة‪.‬‬
‫‪ -‬تناولت الكاتبة أحداث مسرودىا الروائي بطريقة متخيلة بعيدة عن الواقع ‪,‬على رغم من أف الواقع‬
‫ا‪١‬تنبع األوؿ الذي استقت منو لتكوف عا‪١‬تها التخيلي ‪.‬‬
‫‪ -‬الزمن الروائي يتجلى ُب عناصر الرواية كافة‪ ,‬وذلك من خبلؿ مفارقات زمن السرد وداللتها ُب‬
‫النص اسًتجاع واستباؽ ‪.‬‬
‫‪ -‬أما ُب فيما ٗتص الزمن ُب ىاتو الرواية فقد قامت الكاتبة باستعماؿ تقنية االسًتجاع بشكل مبالغ‬
‫فيو‪ ,‬ألف الرواية تروي أحداثا وقعت ُب ا‪١‬تاضي‪ ,‬كما ‪ٞ‬تأت إذل استخداـ تقنية االستباؽ أو ما يعرؼ‬
‫بالسرد االستشراُب استخداما فنيا عمل على تنسيق أحداث الرواية وإضفاء صبغة فنية و‪ٚ‬تالية‪ ,‬على‬
‫الرغم من حضوره احملتشم ُب الرواية فقد تساىم ُب شحن الرواية وملء فضاءااها بالتوقع والًتقية‪ ,‬كما‬
‫لعب دورا كبَتا ُب جعل زمن الرواية ‪ٗ,‬ترج عن سلطة ا‪١‬تاضي إذل ا‪١‬تستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬البنية الزمنية ُب الرواية تستدعي ٖتليل إيقاع زمن السرد من خبلؿ تقنيات تعمل على إبطاء ا‪ٟ‬تركة‬
‫السردية وتسريعها‪ ,‬لذا ‪ٞ‬تأت الكاتبة غلى تقنية "تسريع السرد" من بينها "ا‪٠‬تبلصة" اليت وظفتها‬
‫بشكل كبَت على مستوى ا‪١‬تتخيل ُب الرواية يفًتض أهنا وقعت ُب فًتة طويلة ُب عدة أسطر‪ ,‬فلم‬
‫تذكر األحداث بالتفصيل واكتفت بتحديد بعض العبارات الدالة على وجودىا‪.‬‬
‫‪ -‬كما أف غرض الرواية من استخدامها ‪٢‬تذه التقنية ُب روايتها جاءت تأدية لبعض الوظائف كمرورىا‬
‫السريع على بعض الفًتات الزمنية الطويلة‪ ,‬تلك اليت ال تسع النص لتفصيلها كما اعتمدت أيضا على‬
‫بعض تقنية "ا‪ٟ‬تذؼ" الذي كاف حضوره ُب الرواية دل يتوفر بكثرة لعدـ حاجة الروائية لكثرة تقليص‬
‫الفًتات الزمنية‪ ,‬ورغبة الراوي ُب الغوص والتعمق ُب رد األحداث ا‪١‬تتخيلة‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫انخاذًح‬

‫‪ -‬كما ‪ٞ‬تأت أيضا إذل تقنية أخرى اليت تعمل على إبطاء السرد من بينها "ا‪١‬تشهد ا‪ٟ‬تواري" فقد‬
‫كاف موجودا بكثرة‪ ,‬فقد وظفت الكاتبة ا‪١‬تشهد ا‪ٟ‬تواري الداخلي وا‪٠‬تارجي بُت الشخصيات ُب‬
‫الرواية‪ ,‬فمن خبللو استطاعت الروائية أف تصور األحداث بكل تفاصيلها وجزئيااها وعرضها ّتميع‬
‫أحوا‪٢‬تا‪.‬‬
‫‪ -‬إذل جانب ا‪١‬تشهد ا‪ٟ‬تواري ‪٧‬تد أف الكاتبة قد وظفت أيضا تقنية "الوقفة الوصفية" اليت كانت تقنية‬
‫أساسية ُب بناء الرواية‪ ,‬لتفسح اجملاؿ للسارد أو الشخصية ُب مقطعها الوصفي‪ ,‬فيمتد بذلك‬
‫ا‪٠‬تطاب وتزداد سعتو ُب صفحات النص‪.‬‬
‫‪ -‬كما ٕتلت أ‪٫‬تيتها من خبلؿ عبلقتها بالعناصر النصية األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬وٕتدر اإلشارة إذل أف "الوصف" ُب الرواية ا‪ٞ‬تديدة دل يعد وسيلة لتزيُت النص‪ ,‬إ‪٪‬تا أصبح غاية‬
‫إبداعية تؤمن بعمق العبلقة بُت ا‪١‬تكاف واألشياء‪ ,‬فالوصف وا‪ٟ‬توار عمبل على إبطاء حركة السرد‪.‬‬
‫‪ -‬فحضور الزمن ُب النص كاف فاعبل يكتسب بذلك شأنا كبَتا بسبب براعة الروائية ُب ٖتويلها من‬
‫مادة طبيعية نقلت مز‪٬‬تا من األحداث ا‪٠‬تيالية والواقعية‪.‬‬
‫‪ -‬ٯتثل ا‪١‬تكاف ا‪ٟ‬تقل الذي ٕتري فيو وقائع وأحداث الرواية‪.‬‬
‫‪ -‬دل يأت ا‪١‬تكاف معزوال عن بقية العناصر األخرى‪ ,‬بل ىو مرتبط دائما ببقية العناصر ا‪١‬تشكلة‬
‫للرواية‪ ,‬والسيما الشخصيات والزمن وا‪ٟ‬تدث‪.‬‬
‫‪ -‬تشكل فضاء الرواية من نوعُت من األمكنة وىي‪ :‬ا‪١‬تفتوحة وا‪١‬تغلقة‪.‬‬
‫‪ -‬وكاف الربوز األكثر لؤلماكن ا‪١‬تغلقة ُب ىذه الرواية‪ ,‬مثل‪ :‬البيت‪ ,‬الغرفة‪ ,‬الدكاف‪ ...,‬وغَتىا‪.‬‬
‫مقارنة باألماكن ا‪١‬تفتوحة‪ :‬منها الشارع‪ ,‬الصحراء‪ ,‬ا‪١‬تقربة‪ ,‬والسبب يرجع إذل تقنية االستباؽ الذي من‬
‫خبل‪٢‬تا استطاعت الروائية التنقل ُب تلك األماكن بالذىاب والعودة بدوف أي حواجز ‪.‬‬
‫وختاما نقوؿ ‪,‬وكأي عمل البد أف ٭توي على نقائص ‪,‬وىو ليس هناية البحث بل بذرة انطبلؽ‬
‫لبحث جديد يضيف ويعطي نظرة أخرى قصرنا ‪٨‬تن على رؤيتها ‪ ,‬وما كاف من توفيق فمن اهلل‬
‫وحده‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ملحق‬

‫يهحك‬

‫‌‬
‫يهحك‬

‫ذعزيف انكاذثح‪:‬‬
‫حنكة حواء بن مسعود مواليد ‪ 9757‬بالرباح الكاتبة الصاعدة وا‪١‬تتألقة ُب ‪ٝ‬تاء اإلبداع‪,‬‬
‫زاولت تعليمها ا البتدائي بابتدائية اإلماـ الغزارل بالزاوية أكملت تعليمها ا‪١‬تتوسط ٔتتوسطة آؿ ياسر‬
‫بالرباح ‪ ,‬وأ٘تت دراستها الثانوية بثانويةكركوبية خليفة بذات ا‪١‬تنطقة ‪,‬التحقت ّتامعة الوادي ٖتصلت‬
‫فيها على شهادة ليسانس تاريخ ‪,‬وىذه السنة أوذل ماسًت ٗتصص تاريخ معاصر ‪,‬إطار بقطاع‬
‫الشباب والرياضة كمريب رئيسي لتنشيط ‪,‬تعترب "غصة الروح" أوؿ ‪٣‬تموعة قصصية ‪٢‬تا من إصدار دار‬
‫ٍب تلتها رواية "عايشة" بذات الشهر عن رابطة الفكر واإلبداع وىي‬ ‫‪2016‬‬ ‫الثقافة بالوادي ديسمرب‬
‫أوؿ رواية ‪٢‬تا حاصلة على ا‪١‬ترتبة الثانية ُب ا‪١‬تسابقة الوطنية للرواية القصَتة ‪ ,‬من مؤلفااها أيضا ‪٣‬تموعة‬
‫قصصية بعنواف "عصافَت ا‪ٞ‬تنة" اليت شاركت هبا ُب مسابقة الوطنية للقصة ُب سطيف وأيضا "تساقط‬
‫ا‪١‬توت جليا" ‪ ,‬شاركت ُب العديد ا‪١‬تهرجانات والتفاعبلت من بينها ‪:‬‬
‫ػ مشاركتها ُب مهرجاف القلم ا‪ٟ‬تر ٔتصر بقصة "أضغاث ذاكرة" وفوزىا با‪١‬ترتبة الرابعة ‪ ,‬وطبعت‬
‫ىذه الرواية ُب ‪٣‬تلة القباب ‪ 2016‬وحضورىا ككاتب شرُب للمهرجاف ىذا العاـ ‪.2018‬‬
‫ػ مشاركتها ٔتعرض الكتاب الدورل سيبل بالعاصمة نوفمرب‪.2017‬‬
‫ػ مشاركتها ُب التظاىرة الكتاب اليت يقيمها نادي اإلشراؽ األديب ّتامعة الوادي ‪ 28‬جانفي إذل‬
‫‪ 7‬فيفري ‪.2018‬‬
‫‪3‬‬ ‫ػ مشاركتها ُب ا‪١‬تعرض الوطٍت بالوادي حياٌب كتاب بدار الثقافة ‪٤‬تمد األمُت العمودي من‬
‫إذل ‪ 17‬فيفري ‪.2018‬‬
‫حصلت على العديد من التكرٯتات نذكر منها ‪:‬‬
‫ػ تكرٯتها ككاتب نشط لسنة ‪ُ 2016‬ب جائزة السناـ الذىيب اليت تقيمو ا‪١‬تكتبة الرئيسية بالزقم‪.‬‬
‫ػ تكرٯتها ُب مهرجاف ‪٫‬تسة الدورل ّتمهورية مصر العربية ُب ‪.2016‬‬

‫‪130‬‬
‫قائمةالمصادروالمراجع‬

‫لائًح‬
‫انًصادر‬
‫وانًزاجع‬

‫‌‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫‪ ‬القرآف الكرمي برواية حفص عن عاصم‬


‫أوال‪ :‬المصادر‬
‫حواء حنكة ‪,‬عايشة‪ ,‬إصدار الرابطة الوالئية للفكر واإلبداع بوالية الوادي‪ ,‬سامي للطباعة‬ ‫‪9‬‬
‫والنشر والتوزيع ط‪.0194 ,9‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع العربية‬
‫ابن سينا ‪ ,‬النجاة ُب ا‪١‬تلكة ا‪١‬تنطقية والطبيعية واإل‪٢‬تية ‪ ,‬تقدمي ماجد فخري ‪ ,‬منشورات دار‬ ‫‪0‬‬
‫اآلفاؽ ا‪ٞ‬تديدة ‪ ,‬بَتوت لبناف ‪ ,‬د ط ‪ ,‬د ت ‪.‬‬
‫ابن سينا ‪ ,‬كتاب اجملموع وا‪ٟ‬تكمة العروضية ُب كتاب معاين الشعر ‪ ,‬تح ‪٤ /‬تمد سليم سادل ‪,‬‬ ‫‪1‬‬
‫مركز ٖتقيق الًتاث والنشر ‪ ,‬د ط ‪.1969 ,‬‬
‫أ‪ٛ‬تد مرشد ‪,‬البنية والداللة ُب روايات نصر اهلل ‪,‬دار فارس للنشر والتوزيع‪ ,‬بَتوت‪ ,‬ت ط‬ ‫‪2‬‬
‫‪.0111, 9‬‬
‫أ‪ٛ‬تد ا‪١‬تيناوي ‪ٚ,‬تهورية أفبلطوف‪ ,‬تح ‪/‬طو عبد الرؤوؼ سعد‪ ,‬دار الكتاب العرب ‪,‬دمشق‬ ‫‪3‬‬
‫‪,‬ط‪.0191, 9‬‬
‫ادريس قصوري ‪,‬أسلوبية الرواية)مقاربة أسلوبية لرواية زقاؽ ا‪١‬تدؽ لنجيب ‪٤‬تفوظ ‪,‬عادل‬ ‫‪4‬‬
‫الكتب ا‪ٟ‬تديث ‪ ,‬األردف‪,‬ط‪. 0116 ,9‬‬
‫‪,‬دار األمل للطباعة‬ ‫آمنة بلعلى‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية) من ا‪١‬تتماثل إذل ا‪١‬تختلف‬ ‫‪5‬‬
‫والنشر والتوزيع ‪,‬ط‪.0199 , 9‬‬
‫آمنة يوسف ‪ ,‬تقنيات السرد ُب النظرية والتطبيق‪ ,‬دار الفارس للنشر والتوزيع ‪,‬األردف‪ ,‬ط‪0‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪. 0193,‬‬
‫باديس فوغارل‪ ,‬الزماف وا‪١‬تكاف ُب الشعر ا‪ٞ‬تاىلي‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬أربد‪ ,‬األردف‪,‬‬ ‫‪7‬‬
‫ط‪0116 ,9‬ـ‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تسُت ا‪ٟ‬تايل ‪,‬ا‪٠‬تياؿ أداة اإلبداع ‪,‬مطبعة ا‪١‬تعارؼ ا‪ٞ‬تديدة ‪,‬ا‪١‬تغرب‪,‬ط‪.9766 ,9‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪137‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫حسُت ْتراوي‪ ,‬بنية الشكل الروائي الفضاء الزمن الشخصية‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب‪ ,‬ط‪9‬‬ ‫‪99‬‬
‫‪.9771,‬‬
‫حسُت ‪ٜ‬تري‪ ,‬فضاء ا‪١‬تتخيل)مقاربات ُب الرواية ‪,‬منشورات االختبلؼ ‪,‬ط‪.0110 ,9‬‬ ‫‪90‬‬
‫‪ٛ‬تيد ‪ٟ‬تميداين ‪,‬بنية النقد السردي من منظور النقد األديب ‪,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب بَتوت‬ ‫‪91‬‬
‫‪,‬ط‪. 9779 ,9‬‬
‫ا‪ٟ‬تي ‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية والعربة وتفسَت معانيها‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بَتوت‬
‫‪ 92‬حنا نصر ّ‬
‫‪,‬ط‪. 0111, 1‬‬
‫سحر ىادي شرب‪ ,‬الصورة ُب شعر نزار قباين)دراسة ‪ٚ‬تالية ‪,‬دار ا‪١‬تنهج للنشر والتوزيع‪,‬‬ ‫‪93‬‬
‫عماف‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪0199‬ـ‪.‬‬
‫سعد مصلوح‪ ,‬حازـ القرطاجٍت ونظرية احملاكاة والتخييل ُب الشعر‪ ,‬مطبعة دار التأليف‬ ‫‪94‬‬
‫‪,‬القاىرة ‪,‬ط‪.9761 ,9‬‬
‫سعيد يقطُت ‪ ,‬الكبلـ وا‪٠‬ترب "مقدمة للسرد العريب "‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب‪ ,‬بَتوت ‪,‬دار‬ ‫‪95‬‬
‫البيضاء ‪.9775‬‬
‫‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب‪ ,‬الدار‬ ‫سعيد يقطُت‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب الروائي )الزمن‪ ,‬السرد‪ ,‬التبئَت‬ ‫‪96‬‬
‫البيضاء‪ ,‬ا‪١‬تغرب‪ ,‬ط‪.9775 ,1‬‬
‫‪ٝ‬تَت فوزي حاج‪ ,‬مرايا جرب ابراىيم والفن الروائي‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة العربية للدراسات والنشر‪,‬‬ ‫‪97‬‬
‫بَتوت‪ ,‬لبناف‪ ,‬ط‪0113 ,9‬ـ‪.‬‬
‫‪ 01‬سيزا قاسم ‪ ,‬بناء الرواية )دراسة مقارنة ُب ثبلثية ‪٧‬تيب ‪٤‬تفوظ ‪ ,‬مكتبة األسرة ‪,‬د ط ‪,‬‬
‫‪0112‬ـ‪.‬‬
‫شريبط أ‪ٛ‬تد شريبط‪ ,‬تطور البنية الفنية ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪١‬تعاصرة ‪,9763/9725‬دار‬ ‫‪09‬‬
‫احملور األديب ‪,‬دط‪.0196,‬‬
‫الشريف جبيلة‪ ,‬بنية ا‪٠‬تطاب الروائي دراسة ُب روايات ‪٧‬تيب الكيبلين ‪ ,‬عادل الكتب‬ ‫‪00‬‬
‫ا‪ٟ‬تديثة‪ ,‬أربد‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪0191 ,9‬ـ‪,‬‬
‫‪133‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫شفيق األرناؤوط‪ ,‬قاموس األ‪ٝ‬تاء العربية‪ ,‬دار العلم للمبليُت‪ ,‬بَتوت ‪,‬ط‪9767 ,0‬‬ ‫‪01‬‬
‫شوقي ضيف ‪ُ,‬ب النقد األديب ‪,‬دار ا‪١‬تعارؼ ‪,‬القاىرة‪,‬ط‪.0112 ,7‬‬ ‫‪02‬‬
‫الصادؽ قسومة‪ ,‬طرائق ٖتليل القصة‪ ,‬دار ا‪ٞ‬تنوب للنشر‪ ,‬تونس‪ ,‬د ط‪ ,‬د ت‪ ,‬ص ‪.997‬‬ ‫‪03‬‬
‫صاحل ولعة‪ ,‬ا‪١‬تكاف وداللة‪ ,‬رواية ا‪١‬تلح لعبد الر‪ٛ‬تاف منيف‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬أربد‪,‬‬ ‫‪04‬‬
‫األردف‪ ,‬ط‪0191 ,9‬ـ‪.‬‬
‫صبلح فضل ‪ ,‬أشكاؿ التخيل من فتات األدب والنقد ‪,‬الشركة ا‪١‬تصرية العا‪١‬تية للنشر‬ ‫‪05‬‬
‫‪,‬لو‪٧‬تماف ‪,‬ط‪.9774 ,9‬ا‪١‬تقدمة‪.‬‬
‫عاطف جودة نصر ‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ مفهوماتو ووظائفو‪ ,‬ا‪٢‬تيئة ا‪١‬تصرية العامة للكتاب ‪ ,‬د ط‬ ‫‪06‬‬
‫‪. 9762,‬‬
‫‪ 07‬عبد ا‪ٟ‬تميد بورايو‪ ,‬منطق السرد‪ ,‬دراسات ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية ا‪ٟ‬تديثة‪ ,‬ديواف ا‪١‬تطبوعات‬
‫ا‪ٞ‬تامعية‪ ,‬د ط ‪9773 ,‬ـ‪.‬يوسف اإلدريسي ‪,‬ا‪٠‬تياؿ وا‪١‬تتخيل ُب الفلسفة والنقد ا‪ٟ‬تديثُت‬
‫‪,‬مطبعة النجاح ‪,‬الدار البيضاء ‪ ,‬ا‪١‬تغرب ‪ ,‬ط‪.0113 ,9‬‬
‫عبد الرزاؽ قسوـ‪ ,‬مفهوـ الزماف ُب فلسفة ابن الوليد بن الرشد‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة الوطنية للكتاب‪,‬‬ ‫‪11‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر‪ ,‬د ط‪ ,‬د ت ‪.‬‬
‫عبد العارل بوطيب‪ ,‬مستويات دراسة النص الروائي مقاربة نظرية ‪ ,‬ط‪ ,9‬مطبعة األمنية‪,‬‬ ‫‪19‬‬
‫ا‪١‬تغرب ‪.9777‬‬
‫‪ 10‬عبد العزيز بشيل‪ ,‬الفن الروائي عند غادة السماف‪ ,‬دار ا‪١‬تعارؼ للطباعة والنشر‪,‬‬
‫ط‪9765,9‬ـ‪.‬‬
‫عبد القادر ابو شريفة ‪,‬مدخل إذل ٖتليل النص األديب دار الفكر العريب ‪,‬ط ‪.0116, ,2‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪ 12‬عبد القاىر ا‪ٞ‬ترجاين ‪ ,‬أسرار الببلغة قرأه وعلق عليو ‪٤‬تمود ‪٤‬تمد شاكر ‪ ,‬دار ا‪١‬تدين ‪ ,‬جدة‬
‫‪,‬د ط‪ ,‬د ت‪.‬‬
‫عبد اللطيف السيد ا‪ٟ‬تديدي ‪ ,‬الفن القصصي ُب ضوء النقد األديب ‪,‬القاىرة ‪,‬مصر‪,‬ط‪,9‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪.9774‬‬
‫‪131‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫‪ 14‬عبد اللطيف زيتوين‪ ,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية نقد الرواية‪ ,‬دار النشر‪ ,‬ط‪.0110 ,0‬‬
‫عبد ا‪١‬تالك مرتاض‪ ,‬مكونات السرد ُب النص القصصي ا‪ٞ‬تديد )ْتث ُب ا‪٠‬تطاب عند جيل‬ ‫‪15‬‬
‫الثمانينيات( ‪ ,‬منشورات اٖتاد الشخصية وسيمااها‪ ,‬مؤسسة شباب ا‪ٞ‬تامعة اإلسكندرية ‪,‬د ط‬
‫‪. 0114,‬‬
‫‪ 16‬عبد ا‪١‬تلك مرتاض ‪ُ ,‬ب نظرية الرواية ) ْتث ُب تقنيات السرد ‪,‬اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف‬
‫واآلداب ‪ ,‬الكويت ‪,‬د ط‪ ,‬ديسمرب‪. 9776 ,‬‬
‫‪ 17‬عبد ا‪١‬تنعم ا‪١‬تيبلدي ‪ ,‬صبيحة عودة رغب ‪ٚ,‬تاليات السردي ُب ا‪٠‬تطاب الروائي عند غساف‬
‫كتفاٌب ‪,‬دار ‪٣‬تدالوي ‪,‬عماف ‪,‬ط‪. 0114, 9‬‬
‫‪ 21‬عبد ا‪١‬تنعم زكريا القاضي ‪,‬البنية السردية ُب الرواية ‪,‬عُت للدراسات والبحوث اإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪ ,‬ا‪ٞ‬تيزة ‪,‬ط‪.0117, 9‬‬
‫عمر عبد الواحد‪ ,‬شعرية السرد )ٖتليل ا‪٠‬تطاب السردي ُب مقامات ا‪ٟ‬تريري ‪ ,‬دار ا‪٢‬تدى‬ ‫‪29‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ ,‬ط‪.9‬‬
‫‪ 20‬الفارايب ‪,‬إحصاء العلوـ‪ ,‬مركز اإلهناء القومي للًت‪ٚ‬تة النشر ‪ ,‬د ط ‪. 9779 ,‬‬
‫كماؿ الرياحي‪ ,‬حركة السرد الروائي ومناخاتو ُب إسًتاتيجيات الشكل‪ ,‬دار ‪٣‬تدالوي للنشر‬ ‫‪21‬‬
‫والتوزيع‪ ,‬عماف‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪0113 ,9‬ـ‪.‬‬
‫‪٤‬تمد بوعزة‪ٖ ,‬تليل النص السردي تقنيات ومفاىيم ‪,‬منشورات االختبلؼ ‪,‬ط‪.0191 9‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪٤ 23‬تمد ٖتريشي‪ ,‬الرواية والقصة وا‪١‬تسرح قراءة ُب ا‪١‬تكونات الفنية وا‪ٞ‬تمالية السردية ‪,‬دار النشر‬
‫حلب ‪,‬د ط ‪.0115,‬‬
‫‪٤‬تمد زكي العشماوي ‪,‬قضايا النقد األديب بُت القدمي وا‪ٟ‬تديث ‪,‬دار النهضة العربية للطباعة‬ ‫‪24‬‬
‫والنشر ‪,‬بَتوت ‪,‬د ط‪ ,‬د ت‪.‬‬
‫‪٤‬تمد عبد القادر الرازي‪٥ ,‬تتار الصحاح‪ ,‬باب الكاؼ‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة ا‪ٟ‬تديثة للكتاب‪ ,‬طرابلس‪,‬‬ ‫‪25‬‬
‫لبناف‪ ,‬ط‪9757 ,9‬ـ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫‪٤ 26‬تمد عزاـ ‪ ,‬ا‪١‬تصطلح النقدي ُب الًتاث األديب العريب ‪ ,‬دار الشرؽ العريب ‪,‬بَتوت لبناف ‪,‬د‬
‫ط‪ ,‬د ت ‪.‬‬
‫‪٤‬تمد عزاـ‪ ,‬شعرية ا‪٠‬تطاب السردي‪ ,‬منشورات اٖتاد الكتاب العريب‪ ,‬دمشق‪ ,‬د ط‪,‬‬ ‫‪27‬‬
‫‪ 0113‬ـ‬
‫‪٤‬تمد علي سبلمة‪ ,‬الشخصية الثانوية ودورىا ُب ا‪١‬تعمار الروائي عند ‪٧‬تيب ‪٤‬تفوظ ‪,‬دار‬ ‫‪31‬‬
‫الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ‪,‬اإلسكندرية ‪,‬د ط‪. 0115 ,‬‬
‫‪٤‬تمد غنيمي ىبلؿ ‪,‬النقد األديب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬دار النهضة ‪,‬د ط‪.9775 ,‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪٤‬تمد غنيمي ىبلؿ النقد األديب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬دار العودة‪ ,‬بَتوت ط‪.9760 ,9‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪٤ 31‬تمد كامل ا‪٠‬تطيب ‪ ,‬الرواية والواقع ‪ ,‬دار ا‪ٟ‬تداثة ‪ ,‬بَتوت ‪,‬ط‪. 9769, 9‬‬
‫‪٤‬تمد يوسف عبد القادر عوض‪ ,‬أ‪ٝ‬تاء الزمن ُب القرآف الكرمي )دراسة داللية ‪.‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪٤‬تمد يوسف ‪٧‬تم‪ ,‬فن القصة‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬بَتوت ‪,‬د ط‪. 9774,‬‬ ‫‪33‬‬
‫مشري بن خليفة ‪ ,‬القصيدة ا‪ٟ‬تديثة ُب النقد العريب ا‪١‬تعاصر ‪ ,‬منشورات االختبلؼ ‪ ,‬ط ‪9‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪. 0114,‬‬
‫مصطفى ا‪ٞ‬توزو ‪,‬نظريات الشعر عند العرب ) ا‪ٞ‬تاىلية والعصور اإلسبلمية ‪ ,‬دار الطليعة‬ ‫‪35‬‬
‫للطباعة والنشر‪ ,‬بَتوت‪ ,‬ط‪, 9779, 9‬ج‪.9‬‬
‫‪ 36‬مها حسن القصراوي‪ ,‬الزمن ُب الرواية العربية‪ ,‬ا‪١‬تؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ,‬بَتوت‪,‬‬
‫ط‪0112 ,9‬ـ‪.‬‬
‫ناىضة ستار‪ ,‬بنية السرد ُب القصص الصوُب‪ ,‬ا‪١‬تكونات والوظائف والتقنيات‪ ,‬منشورات‬ ‫‪37‬‬
‫اٖتاد الكتاب العرب‪ ,‬دمشق‪ ,‬سوريا‪ ,‬د ط‪0111 ,‬ـ‪.‬‬
‫‪٧ 41‬تبلء مشعل‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب الروائي‪) ,‬النسوي أ‪٪‬توذجا ‪ ,‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪,‬‬
‫القاىرة‪ ,‬ط‪0192 ,9‬ـ‪.‬‬
‫‪ 49‬نضاؿ الشمارل‪ ,‬الرواية والتاريخ‪ ,‬دار الكتاب العا‪١‬تي‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪,9‬‬
‫‪0114‬ـ‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫‪ 40‬نور مرعي ا‪٢‬تدروسي‪ ,‬السرد ُب مقامات السرقسطي‪ ,‬عادل الكتب ا‪ٟ‬تديث‪ ,‬األردف‪ ,‬ط‪,9‬‬
‫‪9211‬ىػ ‪ 0117 -‬ـ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع المعربة‬
‫‪ 41‬أرسطو طاليس ‪ ,‬كتاب ارسطو طاليس ُب الشعر ‪ ,‬تح وتر‪٤ /‬تمد شكري عياد ‪ ,‬دار الكتاب‬
‫العريب للطباعة والنشر ‪ ,‬القاىرة ‪,‬د ط ‪. 9745,‬‬
‫‪ 42‬أفبلطوف ‪ٚ,‬تهورية أفبلطوف‪ ,‬تر ‪/‬حنا خباز‪ ,‬بَتوت‪ ,‬د ط‪.9747,‬‬
‫‪ 43‬بوؿ ريكور‪ ,‬الوجود والزماف والسرد‪ :‬تر‪/‬سعيد الغا‪٪‬تي‪ ,‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب‪ ,‬الدار البيضاء‪,‬‬
‫بَتوت‪9777 ,‬ـ‪.‬‬
‫‪ 44‬جَتار جنيت‪ ,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية ْتث ُب ا‪١‬تنهج ‪ ,‬تر ‪٤ /‬تمد معتصم وآخرين‪ ,‬اجمللس األعلى‬
‫للثقافة ‪,‬بالقاىرة ‪,‬ط‪. 9775 ,0‬‬
‫‪ 45‬جَتار جينت‪ ,‬خطاب ا‪ٟ‬تكاية‪ ,‬تر‪٤ /‬تمد معتصم وعبد ا‪ٞ‬تليل األزدي وعمر حلي‪ ,‬منشورات‬
‫األخبلؽ‪ ,‬ط‪ ,1‬ا‪ٞ‬تزائر‪0111 ,‬ـ‪.‬‬
‫‪ 46‬جَتالد برنس‪ ,‬ا‪١‬تصطلح السردي معجم ا‪١‬تصطلحات ‪,‬تر‪/‬عابد خزندار‪ ,‬اجمللس األعلى‬
‫للثقافة‪ ,‬القاىرة‪ ,‬مصر‪,‬ط‪.9‬‬
‫‪ 47‬فيليب ىاموف‪ ,‬سيمويولوجية‪ ,‬الشخصيات الروائية ‪,‬تر ‪ /‬سعيد بنكراد ‪,‬دار كرـ اهلل‪ ,‬ا‪ٞ‬تزائر‬
‫‪,‬د ط ‪. 0190,‬‬
‫ثالثا‪ :‬المعاجم والقواميس‬
‫‪ 51‬ا‪ٞ‬توىري ‪,‬تاج اللغة وصحاح العربية ‪,‬تح ‪٤/‬تمد ‪٤‬تمد تامر وآخروف ‪ ,‬دار ا‪ٟ‬تديث ‪,‬القاىرة‬
‫‪,‬دط‪.0117,‬‬
‫‪ 59‬ابن منظور ‪ ,‬لساف العرب‪ ,‬دار الصادر ‪ ,‬بَتوت ‪,‬د ط‪,‬د ت‪.‬‬
‫‪ 50‬ابراىيم فتحي ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ‪,‬التعاضدية العمالية للطباعة و النشر‪ ,‬تونس ‪,‬ط‪,9‬‬
‫‪.9764‬‬
‫‪ 51‬أ‪ٛ‬تد مطلوب ‪ ,‬معجم مصطلحات النقد العريب القدمي ‪ ,‬مكتبة لبناف للنشر‪ ,‬ط‪.0119 , 9‬‬
‫‪132‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫‪ 52‬الرائد جرباف مسعود‪ ,‬معجم الوسيط‪ ,‬صدر ‪9162‬ىػ ‪ 9743 /‬ـ ‪.‬‬
‫‪ 53‬الزبيدي‪ ,‬تاج العروس‪ ,‬مج‪ ,96‬باب النوف‪ ,‬تح‪/‬علي بشري‪ ,‬دار الفكر للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ,‬د ط‪9772 ,‬ـ‪.‬‬
‫‪ 54‬الفَتوز آ بادي ‪ ,‬القاموس احمليط ‪,‬تح‪ /‬أنس ‪٤‬تمد الشامي ‪,‬زكريا جابر أ‪ٛ‬تد ‪ ,‬دار ا‪ٟ‬تديث ‪,‬‬
‫القاىرة ‪,‬د ط ‪. 0116,‬‬
‫الفَتوز آبادي ‪,‬القاموس احمليط‪ ,‬تح ‪/‬مكتب ٖتقيق الًتاث ‪٤,‬تمد نعيم العرقسوسي ‪,‬مؤسسة‬ ‫‪55‬‬
‫الرسالة ‪ ,‬ط‪.0113 , 6‬‬
‫‪٣‬تدي وىبو ‪,‬كامل ا‪٠‬تطيب ‪,‬معجم ا‪١‬تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب‪ ,‬مكتبة لبناف‪,‬‬ ‫‪56‬‬
‫بَتوت ط‪.9762 ,0‬‬
‫‪٣‬تمع اللغة العربية ‪ ,‬معجم الوسيط ‪,‬مكتبة الشروؽ الدولية ‪ ,‬مصر ‪,‬ط‪,2‬د ت‪.‬‬ ‫‪57‬‬
‫‪٣ 61‬تمع اللغة العربية‪ ,‬معجم الوسيط‪ ,‬مكتبة الشروؽ الدولية‪ ,‬مصر ط‪ 0112, 2‬ـ‪.‬‬
‫‪٤‬تمد التو‪٧‬تي‪ ,‬ا‪١‬تعجم ا‪١‬تفصل ُب األدب ‪,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بَتوت ‪ ,‬لبناف‪ ,‬ج‪ ,9‬ط‪,0‬‬ ‫‪69‬‬
‫‪.9777‬‬
‫‪٤ 60‬تمد القاضي وآخروف ‪ ,‬معجم السرديات ‪ ,‬دار ‪٤‬تمد علي للنشر ‪ ,‬تونس ‪,‬ط‪. 0191, 9‬‬
‫رابعا‪ :‬المجالت والدوريات‬
‫حبيب اهلل علي ابراىيم‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ ُب النقد العريب ‪٣,‬تلة البحوث والدراسات‪ ,‬ع‪,1‬‬ ‫‪61‬‬
‫السوداف‪. 0190,‬‬
‫‪ 62‬خليفة ‪٤‬تمد ‪ ,‬فاعلية التخيل عند حازـ القرطاجٍت ُب كتابو منهاج الببلغة وسراج األدباء ‪,‬‬
‫‪٣‬تلة جامعة اإلماـ ‪٤‬تمد بن مسعود اإلسبلمية ‪ ,‬العلوـ العربية ‪ ,‬السعودية ‪ ,‬ع‪. 0116, 7‬‬
‫‪ 63‬شرجيل احملاسنة ‪,‬آلية التقدمي ا‪١‬تباشر للشخصية ُب روايات مؤنس الرزار‪٣ ,‬تلة الواحات‬
‫للبحوث والدراسات‪ ,‬قسم اللغة العربية وآداهبا ‪,‬جامعة شعراء األردف‪ ,‬ع‪.0191 , 91‬‬
‫‪٤‬تمد رمصيص ‪,‬ا‪١‬تتخيل العجائيب والغربة)قراءة ُب التجربة القصصية أل‪ٛ‬تد بوزفور ‪٣,‬تلة‬ ‫‪64‬‬
‫الكلمة ‪,‬ع ‪,6‬دب ‪ ,‬ديسمرب ‪.0190‬‬
‫‪133‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫خامسا‪ :‬الرسائل واألطاريح‬


‫أ‪ٝ‬تاء بالفار‪ ,‬ا‪١‬تتخيل ُب النقد الروائي ا‪ٞ‬تزائري من خبلؿ كتاب ا‪١‬تتخيل ُب الرواية ا‪ٞ‬تزائرية‬ ‫‪65‬‬
‫آلمنة بلعلى ‪,‬أحبلـ معمري ‪,‬مذكرة ماجستَت‪ ,‬اللغة العربية و األدب العريب ‪,‬جامعة قاصدي‬
‫مرباح‪,‬ورقلة‪.0193/0192,‬‬
‫‪ 66‬جهيدة بوطنة ‪,‬الرؤية النقدية ُب كتاب ا‪٠‬تياؿ الشعري عند العرب أليب القاسم الشايب ‪,‬عمار‬
‫حبلسة‪ ,‬مذكرة ماسًت ‪,‬اللغة واألدب العريب‪ ,‬جامعة قاصدي مرباح ‪,‬ورقلة‪.0193/0192,‬‬
‫خد‪٬‬تة نادي ‪,‬سناء بن حدة‪ ,‬ا‪١‬ترجعيات الثقافية وبناء ا‪١‬تتخيل السردي ‪,‬رشيدة سلطاين‬ ‫‪67‬‬
‫‪,‬مذكرة ماسًت ‪,‬كلية اآلداب واللغات ‪,‬قسم اللغة واألدب العريب ‪,‬جامعة العريب التبسي‬
‫‪.0195/0194,‬‬
‫رشيد كبلع‪ ,‬ا‪٠‬تياؿ والتخيل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ‪,‬العلمي لراوي‬ ‫‪71‬‬
‫‪,‬مذكرة ماجستَت‪ ,‬اللغة العربية وآداهبا ‪,‬جامعة منتوري‪ ,‬قسنطينة ‪. 0113/0112,‬‬
‫زايدي العلجة‪ ,‬زياف وىيبة ‪ ,‬ا‪١‬تتخيل السردي ُب رواية "ْتثا عن آماؿ الغربيٍت " البراىيم‬ ‫‪79‬‬
‫سعدي ‪,‬ادريس سامية ‪,‬مذكرة ماسًت ‪,‬اللغة واألدب العريب ‪,‬جامعة عبد الر‪ٛ‬تاف مَتة ‪ّ,‬تاية‪,‬‬
‫‪.0193/0192‬‬
‫سارة غشاـ ‪,‬جدلية الواقع وا‪١‬تتخيل ُب رواية "شاىد العتمة" لبشَت مفيت ‪,‬مباركي ‪ٚ‬تاؿ‬ ‫‪70‬‬
‫‪,‬مذكرة ماسًت ‪ ,‬اآلداب واللغة العربية‪ ,‬جامعة ‪٤‬تمد خضَت ‪ ,‬بسكرة ‪.0194/0193 ,‬‬
‫سعد عودة حسن عدواف ‪,‬الشخصية ُب أعماؿ ا‪ٛ‬تد رفيق عوض الروائية دراسة ُب ضوء‬ ‫‪71‬‬
‫ا‪١‬تناىج النقدية ‪,‬نبيل خالد أبو علي ‪ ,‬مذكرة ماجستَت‪ ,‬اللغة العربية‪ ,‬ا‪ٞ‬تامعة اإلسبلمية ‪,‬بغزة‬
‫‪.0192‬‬
‫سهاـ سديرة‪ ,‬بنية الزماف وا‪١‬تكاف ُب قصص ا‪ٟ‬تديث النبوي الشريف‪ ,‬مذكرة مقدمة لنيل‬ ‫‪72‬‬
‫شهادة ا‪١‬تاجستَت ُب األدب العريب‪ ,‬قسم اللغة واألدب العريب ‪ٗ,‬تصص السرد العريب القدمي‪,‬‬
‫جامعة منتوري‪ ,‬قسنطينة‪0114 ,‬ـ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫صفاء احملمود‪ ,‬البنية السردية ُب روايات خَتي الذىيب الزماف وا‪١‬تكاف ‪ ,‬رسالة لنيل شهادة‬ ‫‪73‬‬
‫ا‪١‬تاجستَت ‪,‬غساف مرتاض‪ ,‬قسم اللغة العربية جامعة البعث د ط ‪.0191 /0117 ,‬‬
‫فاطمة سعيد أ‪ٛ‬تد ‪ٛ‬تداف‪ ,‬مفهوـ ا‪٠‬تياؿ ووظيفتو ُب النقد القدمي والببلغة‪ ,‬عبد ا‪ٟ‬تكيم‬ ‫‪74‬‬
‫حساف عمر ‪ ,‬رسالة دكتوراه الدراسات العليا العربية‪ ,‬جامعة أـ القرى‪ ,‬السعودية ‪. 9767,‬‬
‫فائزة بن خليفة ‪,‬مصطلحا ا‪٠‬تطاب وا‪١‬تتخيل عند ‪٤‬تمد لطفي اليوسفي ‪,‬بلقاسم مالكبة ‪,‬‬ ‫‪75‬‬
‫مذكرة ماجستَت ‪,‬كلية اآلداب واللغات ‪,‬قسم اللغة واألدب العريب ‪,‬جامعة قاصدي مرباح ‪,‬‬
‫ورقلة‪.0190/0199 ,‬‬
‫كلثوـ حاج ىٍت ‪ٝ,‬تيائية السرد ُب رواية "دماء ودموع " لعبد ا‪١‬تك مرتاض –أ‪٪‬توذجا– ‪٤‬تمد‬ ‫‪76‬‬
‫سي أ‪ٛ‬تد ‪ ,‬مذكرة ليسانس ‪,‬اللغة العربية وآداهبا ‪ ,‬جامعة حسيبة بن بوعلي‬
‫شلف ‪.0190/0199,‬‬
‫المية بوداود‪ٖ ,‬تليل ا‪٠‬تطاب ا‪١‬تيٍت روائي ُب ا‪ٞ‬تزائر رواية )أوشاـ بربرية ‪ٞ‬تميلة زنَت ػ‬ ‫‪77‬‬
‫أ‪٪‬توذجاػ‪ ,‬يوسف وغليسي ‪,‬مذكرة ماجستَت ‪,‬اللغة العربية وآداهبا ‪ ,‬جامعة منتوري ػ قسنطينةػ‬
‫دت‪.‬‬
‫‪٤‬تمد يوسف عبد القادر عوض‪ ,‬أ‪ٝ‬تاء الزمن ُب القرآف الكرمي دراسة داللية ‪٥ ,‬تطوط‬ ‫‪911‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ‪ ,‬٭تِت عبد الرؤوؼ جرب‪ ,‬كلية الدراسات العليا‪ ,‬جامعة النجاح‬
‫الوطنية‪ ,‬نابلس‪ ,‬فلسطُت‪0117 ,‬ـ‪.‬‬
‫نعيم بن أ‪ٛ‬تد ‪ ,‬سوسيونصية السرد‪ُ ,‬ب رواية ا‪٠‬ترب الكاُب حملمد شكري‪ ,‬مذكرة لنيل‬ ‫‪919‬‬
‫شهادة ا‪١‬تاجستَت ُب األدب العريب‪ٗ ,‬تصص سرديات عربية‪0191 ,‬ـ‪0199 ,‬ـ‪.‬‬
‫‪ 910‬برة فاطمة الزىراء وآخروف ‪ ,‬البنية ا‪١‬تكانية ُب رواية الزقاؽ ا‪١‬تدؽ " لنجيب ‪٤‬تفوظ" ‪ ,‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة ليسانس ‪,‬قسم اللغة واألدب العريب ‪,‬جامعة الوادي ‪.0195/0194,‬‬
‫سادسا‪ :‬المواقع االلكترونية‬
‫يوـ ‪ 0196/11/04‬على الساعة ‪103) www.alwaraq.net. 97:11‬‬
‫يوـ ‪ 0196/11/11‬على الساعة ‪104) www.m.ar.wikipedai.org. 95:13‬‬
‫‪111‬‬
‫لائًح انًصادر وانًزاجع‬

‫أوريدة عبود‪ ,‬ا‪١‬تكاف ُب القصة ا‪ٞ‬تزائرية الثورية دراسة بنيوية لنفوس ثائرة لعبد اهلل )‪105‬‬
‫يوـ ‪ 0196/99/01‬على الساعة ‪www.edusa92801‬الركييب‬

‫‪111‬‬
‫فهزس انًحرىياخ‬

‫‌‬
‫انفهزس‬

‫فهرس المحتويات‬
‫شكر وعرفان‪3 ......................................................................‬‬
‫مقدمة ‪ .............................................................................‬أ‬
‫أوال‪ :‬مفهوـ الرواية لغة و اصطبلحا ‪1 ................................................‬‬
‫‪ -9‬لغة ‪2 .................................................................... :‬‬
‫‪9‬ػ ‪ُ 9‬ب ا‪١‬تعاجم العربية ‪2 ...................................................... :‬‬
‫‪9‬ػ ‪ُ 0‬ب ا‪١‬تعاجم الغربية‪3 ....................................................... :‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الرواية القصَتة ُب ا‪ٞ‬تزائر البداية واآلفاؽ ‪5 ......................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المتخيل وتداخل المفاهيم ‪14 ........................................‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوـ ا‪٠‬تياؿ و التخيل ‪92 .................................................. :‬‬
‫‪ -9‬ا‪٠‬تياؿ ُب اللغة‪92 ........................................................... :‬‬
‫‪ُ -9-9‬ب ا‪١‬تعاجم العربية ‪92 .................................................... :‬‬
‫‪ُ -0-9‬ب ا‪١‬تعاجم األجنبية ‪93 ...................................................:‬‬
‫‪ -0‬اصطبلحا‪93 ................................................................:‬‬
‫‪ -9-0‬عند الغرب ‪93 .......................................................... :‬‬
‫‪ -0-0‬عند العرب ‪00 .......................................................... :‬‬
‫‪ -1-0‬ا‪٠‬تياؿ ُب األدب ‪07 ...................................................:‬‬
‫‪ -2-0‬ا‪١‬تذاىب األدبية وا‪٠‬تياؿ‪19 ............................................. :‬‬
‫ثانيا ‪:‬المتخيل‪32 ...................................................................‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المتخيل ‪32 .............................................................‬‬
‫‪ -2‬المتخيل السردي وعالقته بالواقع‪35 ...........................................:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تجليات المتخيل السردي في رواية "عايشة" ‪32 .......................‬‬

‫‪113‬‬
‫انفهزس‬

‫ملخص الرواية‪31 ................................................................. :‬‬


‫أوال‪ :‬مفهوم السرد‪40 ............................................. : " lanaration" :‬‬
‫‪ -1‬لغة‪40 .........................................................................‬‬
‫‪ -2‬اصطالحا‪41 ................................................................. :‬‬
‫ثانيا ‪:‬الشخصيات المتخيلة في رواية عايشة وأبعادها ‪42 ..............................‬‬
‫‪ -9‬مفهوـ الشخصية لغة واصطبلحا ‪21 .......................................... :‬‬
‫‪ -9-9‬لغة ‪21 ................................................................. :‬‬
‫‪ -0-9‬اصطبلحا‪22 ............................................................ :‬‬
‫‪ -0‬تصنيفات الشخصية وأبعادىا ‪24 ............................................ :‬‬
‫‪-9-0‬الشخصيات الرئيسية " احملورية " وأبعادىا ‪24 ............................... :‬‬
‫أوال ‪ /‬عايشة‪) :‬بتخفيف ا‪٢‬تمزة إذل "ياء" (‪26 .......................................:‬‬
‫‪9‬ػ البعد الفيزيولوجي ) ا‪ٞ‬تسمي( ‪27 ...............................................:‬‬
‫‪ 0‬البعد االجتماعي‪31 ........................................................... :‬‬
‫‪ -1‬البعد النفسي )السيكولوجي(‪32 ...............................................:‬‬
‫القادة‪34 .................................................................. :‬‬
‫ثانيا‪ّ /‬‬
‫‪9‬ػ البعد ا‪ٞ‬تسمي ) ا‪٠‬تارجي( ‪34 ................................................. :‬‬
‫‪-0‬البعد االجتماعي ‪35 ...........................................................‬‬
‫‪ -1‬البعد النفسي ‪35 ............................................................:‬‬
‫ثالثا‪ /‬عباس ‪37 ................................................................. :‬‬
‫‪ 9‬ػ البعد ا‪٠‬تارجي‪37 .......................................................... :‬‬
‫‪ 0‬ػ البعد االجتماعي‪37 ....................................................... :‬‬
‫‪1‬ػ البعد النفسي ‪41 .......................................................... :‬‬
‫رابعا ‪ /‬صاحل‪40 ................................................................. :‬‬
‫‪111‬‬
‫انفهزس‬

‫‪9‬ػ البعد ا‪ٞ‬تسمي‪40 ...........................................................:‬‬


‫‪0‬ػ البعد االجتماعي‪41 ........................................................ :‬‬
‫‪ -1‬البعد النفسي ‪42 ......................................................... :‬‬
‫‪ 0‬ػ‪ - 0‬الشخصيات الثانوية و أبعادىا‪44 ......................................... :‬‬
‫أوال ‪/‬حورية‪45 ................................................................ :‬‬
‫ثانيا‪/‬خضرة‪47 ................................................................ :‬‬
‫ثالثا‪/‬ػعزة الدرويش‪51 .......................................................... :‬‬
‫ثالثا‪ :‬الزمن وتقنياته (النظام الزمني ‪ /‬المفارقات الزمنية) ‪21 ...........................‬‬
‫‪ -1‬مفهوم الزمن‪21 ............................................................... :‬‬
‫‪ -9-9‬لغة ‪59 ................................................................. :‬‬
‫‪ -0-9‬إصبلحا ‪50 .............................................................:‬‬
‫‪ -0‬النظاـ الزمٍت ا‪١‬تفارقات الزمنية ‪56 ........................................... :‬‬
‫‪ -9-0‬االسًتجاع ‪ /‬االستذكار‪56 ............................:(retrospection) :‬‬
‫أ‪ -‬االسًتجاع ا‪٠‬تارجي‪57 ................................. (Externalanalopsis) :‬‬
‫ب‪ -‬االسًتجاع الداخلي‪61 .............................. (InternalAnalepsis) :‬‬
‫االستشراؼ ‪62 .............................(anticipation) :‬‬ ‫‪ -0-0‬االستباؽ‬
‫أ‪ -‬االستباؽ الداخلي )‪64 ...................................... (Internalproplelsis‬‬
‫ب‪ -‬االستباؽ ا‪٠‬تارجي‪64 ................................ (Externalproplelsis) :‬‬
‫‪ -3‬تقنيات الحركة السردية ‪11 ....................................................:‬‬
‫‪ -1-3‬تسريع السرد ‪11 ..........................................................:‬‬
‫أ‪ -‬الخالصة ‪ /‬المجمل )‪11 ............................................. (sommaire‬‬
‫ب‪ -‬الحذف‪ /‬القطع‪11 ................................................. (Ellipse) :‬‬
‫‪ -0-1‬تعطيل السرد ‪73 .........................................................:‬‬
‫‪111‬‬
‫انفهزس‬

‫أ‪ -‬ا‪١‬تشهد ‪ /‬ا‪ٟ‬توار‪73 ................................................... (Scene) :‬‬


‫ب‪ -‬الوقفة الوصفية‪910 ..................................................(Pause) :‬‬
‫رابعا‪ :‬الفضاء المكاني وأنماطه ‪102 ................................................ :‬‬
‫‪ -1‬مفهوم المكان ‪101 ........................................................... :‬‬
‫‪ -1-1‬لغة ‪101 .................................................................. :‬‬
‫‪ -2-1‬اصطالحا ‪101 ............................................................ :‬‬
‫‪-2‬أهمية المكان‪112 ..............................................................:‬‬
‫‪ -3‬أنواع المكان‪113 ............................................................. :‬‬
‫‪ -1-3‬المكان المجازي‪113 ......................................................:‬‬
‫‪ -2-3‬المكان الهندسي‪113 ...................................................... :‬‬
‫‪ -3-3‬المكان كتجربة معاشة ‪113 ................................................:‬‬
‫‪ -4-3‬المكان المفتوح‪114 .......................................................:‬‬
‫‪9‬ػ الشارع واألزقة األحياء ‪993 .................................................. :‬‬
‫‪0‬ػ الصحراء‪994 ...............................................................:‬‬
‫‪1‬ػ ا‪١‬تقربة‪996 ................................................................. :‬‬
‫‪ -3-1‬ا‪١‬تكاف ا‪١‬تغلق‪996 ........................................................ :‬‬
‫‪.9‬البيوت‪997 ................................................................ :‬‬
‫‪ .0‬الغرفة ا‪ٟ‬تجرة ‪901 ....................................................... :‬‬
‫‪ .2‬ا‪ٟ‬تماـ‪901 ................................................................ :‬‬
‫‪ .3‬ا‪ٟ‬توش‪902 ................................................................:‬‬
‫الخاتمة‪122 ........................................................................‬‬
‫ملحق ‪130 .........................................................................‬‬

‫‪111‬‬
‫انفهزس‬

‫قائمةالمصادروالمراجع ‪132 .........................................................‬‬


‫فهرس المحتويات ‪144 ..............................................................‬‬
‫ملخص المذكرة ‪141 ................................................................‬‬

‫‪112‬‬
‫ملخص المذكرة‬
‫تنكة حواء مدخل حاولنا‬ٟ "‫تتخيل السردي ُب رواية "عايشة‬١‫توسوـ بػ"ا‬١‫تناولنا ُب ْتثنا ا‬
‫تياة اجملتمع‬ٟ‫اإلحاطو ٔتفهوـ الرواية رغم اختبلؼ تعاريفها تبقى نوعا أدبيا حديثا راؽ يصور الواقع وا‬
.‫ومفهوـ الرواية القصَتة ىذا النوع الناشئ ومشكلة ٕتنيسو‬
‫تياؿ والتخيل ُب اللغة‬٠‫تفاىيم" تناولنا فيو مفهوـ ا‬١‫تتخيل و تداخل ا‬١‫وفصل أوؿ عنواناه " ا‬
.‫تتخيل بالواقع‬١‫تتخيل وعبلقة ا‬١‫واالصطبلح ومفهومهما عند الغرب والعرب ومفهوـ ا‬
‫تتخيل السردي ُب رواية‬١‫أما الفصل الثاين فصل نظري تطبيقي جاء ٖتت عنواف "ٕتليات ا‬
‫تكاف واستخراج اال٭تاءات الكامنة بُت ثنايا النص‬١‫عايشة" ق منا فيو بتحليل الشخصيات والزمن وا‬
. ‫الروائي‬
‫تظلة‬١‫تناطق ا‬١‫أف الرواية ْتث ُب ا‬: ‫تبلحظات منها‬١‫تلة من ا‬ٚ ‫وُب األخَت توصلنا إذل ضبط‬
. ‫للمجتمع وتسليط الضوء على قضية حساسة فيو‬
‫ وتسليط الضوء على أعماؿ‬, ‫وأخَتا نرجو أف تفتح ىذه الدراسة أفاؽ جديدة للبحث‬
. ‫الروائيُت الصاعدين أمثاؿ حنكة حواء‬
. ‫تتخيل‬١‫ا‬, ‫تياؿ‬٠‫ ا‬, ‫ الرواية القصَتة‬, ‫ الرواية‬:‫تفتاحية‬١‫الكلمات ا‬
Résumé :
Nous avons entrepris dans notre recherche sur le récit qui s'intitule " l'histoire de Aicha ".
On a abordé tout d'abord la sagesse d'Eve au début de notre travail, tout cela pour avoir une
idée sur le roman, ainsi que ses différentes définitions. Il demeure un genre raffiné
contemporain qui reflète la réalité de la société et le concept de l'histoire brève, et les
contraintes des naturalisations.
Dans le premier chapitre qui s'intitule " le chevauchement des concepts dans le récit ".
Dans laquelle nous avons traité les concepts de la fantaisie et de l'imagination en linguistique,
ainsi que la terminologie chez les Arabes et en occident et la relation de l'imaginaire avec la
réalité.
Dans le deuxième chapitre, nous avons concentré notre recherche sur la partie théorique et
en même temps pratique qui est la plus importante dans notre travail et qui s'intitule: " les
manifestations du récit dans le roman de Aicha ". Nous avons ensuite élaboré une analyse
critique approfondie sur les caractères de personnalités, et le spatio-temporel des textes afin
d'extraire les significations cachées dans le texte narratifs.
Finalement, nous avons trouvé un certain nombre d'observations qui sont: le roman qui
s'intéresse aux sociétés en faisant la lumière sur les sujets sensibles.
Enfin, nous espérons que cette modeste étude ouvrira de nouveaux horizons pour la
recherche et mettre en lumière le travail des romanciers émergents, tels que, la sagesse d'Eve.
Mots clés: Roman, histoire brève, récit, imaginaire.

You might also like