Professional Documents
Culture Documents
المتخيل السردي
في رواية "عايشة" ل ـحواء حنكة -أنموذجا-
تخرج مقدمة لنيل شهادة الماستر في اللغة العربية وآدابها تخصص أدب حديث ومعاصر
مذكرة ّ
لجنة المناقشة
يمذيح
يمذيح
يعترب ا٠تياؿ وسيلة لتنمية قدرات اإلنساف وتفكَته ,حيث ساعد ا٠تياؿ اإلنساف ُب تطوير
حياتو وأسلوب عيشو ,فا٠تياؿ جزء ال يتجزأ من تكوين البشر ,وقوة دافعة لئلبداع وخلق عوادل
إبداع جديدة ُ,ب عدة فنوف كالنحت وا١توسيقى ,والرسم ,واألدب بصفة عامة والسرد بصفة خاصة,
و٨تصره ُب الرواية.
فالرواية سرد نثري وعمل ٗتيّلي٘ ,تثل الواقع ٘تثيبل فنيا ,تتمحور حوؿ موضوع معُت ,تسلط
الضوء على قضية أو سلوؾ ,أو فئة معينة من اجملتمع ,باعتبارىا تعطي الكاتب مساحة أكرب
الستعماؿ خيالو ,فا٠تياؿ عنصر أساسي ُب العمل الروائي.
ْتكم أف األدب يتطور بتطور العصر ,ىذا ما أدى إذل ظهور جنس جديد أطلق عليو "الرواية
القصَتة" ,وىي ما بُت القصة والرواية الطويلة ,ولكنها أقرب إذل الرواية ُب ٝتااها الفنية.
إذا ما وٞتنا األدب اٞتزائري ٧,تد أنو ال يذخر بنماذج كثَتة من ىذا النوع ْ,تكم أف الروائيُت
جل اىتمامهم على الرواية الطويلة ,ولكن ُب السنوات األخَتة ٧تده أخذ طفرة نوعية
اٞتزائريُت صبوا ّ
,وبرز على الساحة األدبية بشكل جلي ,وأثبت وجوده كفن جديد ينافس الرواية الطويلة واألجناس
األدبية األخرى ,بالرغم من قلة الدراسات حولو.
ونظرا لوعينا بأ٫تية ا١تتخيل ُب صناعة العمل اإلبداعي إضافة إذل أف الدراسات األكادٯتية جد
٤تتشمة ُب تناوؿ ىذا النوع من اإلبداع بالدراسة.
األسباب اليت جعلتنا نفضل دراسة ىذا النموذج من الرواية القصَتة ,األوؿ شغفنا بدراسة
ا١تتخيل السردي ,وثانيا تسلط الضوء على ىذا اٞتنس األديب الناشئ ,فوقع اختيارنا على رواية
حواء( "عايشة" للروائية الصاعدة )حنكة
جاء عنواف ْتثنا موسوما بػػ" ا١تتخيل السردي ُب رواية "عايشة" ل ػ ":حنكة حواء" ,انطلقت
ىذه الدراسة من اإلشكالية ا١تتبلورة ُب األسئلة التالية :ػ ما مفهوـ ا١تتخيل ؟ وما ىي ا١تفاىيم األخرى
اليت يتقاطع معها ؟ وكيف شكلت حنكة حواء متخيلها السردي؟.
ولئلجابة عن ىذه التساؤالت ,انتهجنا خطة فحواىا :مقدمة ,مدخل نظري تناولنا فيو :تعريف
الرواية لغة واصطبلحا وتطرقنا فيو أيضا ١تفهوـ الرواية القصَتة ىذا الفن اٞتديد وآفاقو ُب اٞتزائر .
أ
يمذيح
جاء الفصل األوؿ معنوف بػ ا١تتخيل وتداخل ا١تفاىيم ,تناولنا فيو أوال مفهوـ ا٠تياؿ وما
يتشاكل معو من مصطلحات ,وثانيا تطرقنا للمتخيل مفهومو وعبلقتو بالواقع.
أما الفصل الثاين فصل نظري تطبيقي ,جاء بعنواف ٕتليات ا١تتخيل السردي ُب رواية "عايشة"
تعرضنا فيو أوال كيف تناولت حنكة حواء لشخصيااها ا١تتخيلة ُب ىذا ا١تسرود ,و ثانيا البنية الزمنية
ا١تتخيلة وثالثا الفضاء ا١تكاين وأ٪تاطو ,لننهي البحث ٓتا٘تة عبارة عن ٚتلة من ا١تبلحظات ا١تستنبطة
من القراءة وتعاملنا مع مادة البحث.
واتبعنا ُب سبيل إ٧تاز ىذه الدراسة ا١تنهج الوصفي التحليلي١ ,تبلئمتو طبيعة ا١توضوع,معتمدين
على ٣تموعة من ا١تراجع القيمة أ٫تها :رواية عايشة ٟتنكة حواء ,لساف العرب البن منظور ,ا٠تياؿ
مفهوماتو ووظائفة لعاطف جوده نصر ,ا١تتخيل ُب الرواية اٞتزائرية آلمنة بلعلىُ ,ب نظرية الرواية لعبد
ا١تلك مرتاض.
وىذا وقد وجهتنا عدة صعوبات منها تداخل مفهوـ ا٠تياؿ مع مصطلحات أخرى وتعدد
مفاىيمو واختبلفها ْتسب النقاد والباحثُت والدارسُت وا١تذاىب وا١تدارس والفبلسفة.وأيضا عدـ
توفر دراسات سابقة للمدونة فهي مدونة حديثة ,وإف وجدت دراسات مشاهبة أخرى تناولت الشعر
خاصة.
وُب األخَت ٨تمد اهلل ورل كل نعمة وا١تعُت على كل أمر ٍ ,ب نقدـ شكرنا وامتناننا وتقديرنا
و٤تبتنا لؤلستاذ ا١تشرؼ ٛتزة ٛتادة الذي كاف لنا عونا وسندا ُب إ٧تاز ىذا البحث.
ب
يذخم
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج
مدخل :مفاهيم حول الرواية القصيرة
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
1الفَتوز أبادي ,القاموس احمليط ,تح /أنس ٤تمد الشامي ,زكريا جابر أٛتد ,دار اٟتديث ,القاىرة ,د ط , 2008,ص685
4
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
شعرا ِ
و راويَة كذلك إذا كثرت روايتُو وا٢تاء للمبالغة ُب صفة الرواية ,و يقاؿ " َّروى فبلف فبلنًا ً
للرواية عنو ,قاؿ اٞتوىري َ :رَويْت اٟتديث والشِّعر ِرواية فأنا َرا ِو ُ ,ب ا١تاء إذا رواه لو حىت َح ِفظو ِّ
وي :حرؼ القافية ؛ الشعر من قوة ُرواة ,و َرَّويْتو الشِّعر ْتروية أي ٛتلتو على ِروايتِو و ْأرَويْتو أيضا .و َّ
الر ُّ و ّ
الرِويَّةُ
الرِوي اٟترؼ الذي تُػْبٌت عليو القصيدة ويلزـ ُب كل بيت منها ُب موضع واحد .و َّ قاؿ األخفشَّ :
1
الرِويَّة :التَّػ َف ُّكَت باألمر" .
ُب األمر :أف تنظُر ال ْتع َجل .و َّ
من خبلؿ ما ذكرناه نبلحظ أف معٌت َرِوي ُب ا١تعاجم العربية يتغَت بتغَت السياؽ الذي وردت
فيو وأصلها جرياف ا١تاء وجوده ُب أي شكل من األشكاؿ .
1ـ 2في انًعاجى انغزتيح:
متصورة أو متخيَّلة .و
ُب القاموس الفرنسي" :حكاية لقصة َّ Roman وتعٌت لفظة "رواية"
ٔتقارنة أصل االشتقاقيُت نبلحظ أف "رواية" ٔتعٌت " حكاية ",دل تعرؼ ُب القواميس العربية على
2
عكس القواميس الغربية"
2ـ اصطالحا
ُب االصطبلح ٧تد العديد من التعريفات للرواية منها أ ّف" الرواية تتخذ لنفسها ألف وجو,
وترتدي ُب ىيئتها ألف رداء ,وتتشكل أماـ القارئ ٖ ,تت ألف شكل ؛٦تا يعسر تعريفها تعري ًفا
مانعا ,ذلك ألننا نلفي الرواية تشًتؾ مع األجناس األدبية األخرى ٔتقدار ما تستميز عنها
جامعا ً
ً
ٓتصائصها اٟتميمة ,وأشكا٢تا الصميمة" 3.أي أف الرواية لديها عدة أشكاؿ ٦تا يصعب تعريفها
ْتكم تداخلها مع العديد من األجناس األدبية األخرى .
نثرا يتيح ٣تاالً أوسع للتعبَت عن اٟتياة وواقع
وىناؾ من يعرفها بقولو ":إف فرصة الكتابة ً
اجملتمعات ألهنا تعمل على تقريب ا١تتخيل من الواقع كما ٘تنح للراوي حرية أكرب ألنو يبتعد عن قيود
1ابن منظور ,لساف العرب ,دار الصادر ,بَتوت ,د ط ,د ت ,ج , 14مادة )روي ( ,ص .350, 345
2كلثوـ حاج ىٍت ٝ,تيائية السرد ُب رواية "دماء ودموع " لعبد ا١تك مرتاض –أ٪توذجا– ٤تمد سي أٛتد ,مذكرة ليسانس ,اللغة العربية وآداهبا ,جامعة
حسيبة بن بوعلي )شلف(,2012/2011,ص.3
3عبد ا١تلك مرتاض ُ ,ب نظرية الرواية ْتث ُب تقنيات السرد ,اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف واآلداب ,الكويت ,د ط ,ديسمرب, 1998 ,ص .11
5
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
الشعر " 1.معٌت أف الرواية تعطي قدر من اٟترية للراوي على عكس الشعر ,وتسلط الضوء على واقع
اجملتمع .
وتُعرؼ أيضا بأهنا":سرد قصصي نثري طويل يصور شخصيات فردية من خبلؿ سلسلة من
2
األحداث و األفعاؿ و ا١تشاىد"
أما مفهوـ الرواية ُب اللغة الفرنسية فقد" كاف يعٍت عمبل خياليا سرديا شعريا ٚتيعا ,قبل أف
يستحيل ىذا ا١تفهوـ ُب القرف السادس عشر إذل إبداع خيارل نثري طويل نسبيا يقوـ على رسم
شخصيات ٍب ٖتليل نفسيااها وأىوائ ػػها ,وتقتضي مصَتىا ووصف مغامرااها" 3.أي أف الرواية ُب
بادئ األمر كانت تعٍت عمبل ٗتيلي سواء كاف سردا أو شعرا ,مع تطور األدب حصل تغَت ١تفهومها
وأصبح يدؿ على إبداع نثري طويل.
ُب ىذا الصدد يقوؿ أحد النقاد ":الرواية من حيث ىي جنس أديب ر ٍاؽ ,ذات بنية شديدة
التعقيد مًتاكبة التشكل ؛تتبلحم فيما بينها وتتضافر لتشكل ,لدى هناية ا١تطاؼ شكبل أدبيا ٚتيبل
ِ
ي ,فاللغة ىي مادتو األوذل ,كمادة كل جنس أديب الس ِر ّ
ال يعتزي إذل ىذا اٞتنس اٟتظ ّي واألدب َ
آخر ُب حقيقة األمر وا٠تياؿ كما ىو ا١تاء الكرمي الذي يسقي ىذه اللغة ا١تشبعة با٠تياؿ ٍب تشكيلها
على ٨تو معُت 4 "...معٌت ىذا أف الرواية جنس معقد اللغة مادتو األوذل ,وا٠تياؿ ىو الذي يغذي
ىذه اللغة ,لتتشكل لنا ُب هناية ا١تطاؼ بشكل معُت.
ومن ىذه التعريفات نتبُت صعوبة ٖتديد مفهوـ موحد لدى الباحثُت والنقاد للرواية كوهنا
شديدة التماىي ,ولكنها رغم ذلك تتمحور حوؿ كوهنا سرد نثري خيارل أو واقعي متخيل ,يعرب
من خبل٢تا الكاتب عن الواقع بطريقة فنية متخيلة وتعترب أكثر مرونة وحرية من الشعر.
٤ 1تمد كامل ا٠تطيب ,الرواية والواقع ,دار اٟتداثة ,بَتوت ,ط, 1981, 1ص .107
2ابراىيم فتحي ,معجم ا١تصطلحات األدبية ,التعاضدية العمالية للطباعة و النشر ,تونس ,ط,1986 ,1ص .176
3عبد ا١تلك مرتاض ُ,ب نظرية الرواية ,ص .25
4ا١ترجع نفسو ,ص.27
6
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
1المية بوداودٖ ,تليل ا٠تطاب ا١تيٍت روائي ُب اٞتزائر رواية )أوشاـ بربرية( ٞتميلة زنَت ػ أ٪توذجاػ ,يوسف وغليسي ,مذكرة ماجستَت ,اللغة العربية وآداهبا ,
جامعة منتوري ػ قسنطينةػ د ت ,ص .27
7
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
إالّ أف اللغة اإل ٧تليزية وتفاديا للخلط الذي عرفو ا١تصطلح استعارت من االيطالية لفظة
):Novellaالنوفيبل( واليت تعٍت ا١تتوسط ,وقد استعملت مصطلحات مقاربة ٢تا ُب اللغات األخرى
1
كاإلسبانية ,Novela:الفرنسية , Nouvelle:واأل١تانية"Novlle:
أما ُب اللغة العربية ,فقد وقع فيها ا٠تلط نفسو ا١تلموس ُب اللغة اال٧تليزية ,نتيجة الًتٚتة اٟترفية
عنها فتعددت االستعماالت االصطبلحية ٢تذا النوع ا١تتوسط بُت القصة الطويلة ,الرواية القصَتة
,القصة القصَتة الطويلة ,الرواية ا١تضغوطة ,القصراوية ,القصيصة ,ا١تيٍت رواية ,وإف بدا أف كل واحد
أف كل واحد من ىذه ا١تصطلحات مناسب نسبيا للداللة على النوع إال أهنا ْتاجة لبلحتفاظ
ٔتصطلح واحد و٤تو بقية ا١تصطلحات وىي خطوة أساسية للتقليل من حدة ا٠تلط وا١تسا٫تة ُب
وضوح اٟتدود بُت األجناس واألنواع".2
كما أف "التسميات الدالة على ىذا النوع األديب تبدو غَت مستقرة وثابتة اٟتدود وا٠تصائص
,فغالبا ما يدمج ىذا النوع ضمن نوعي القصة والرواية ٦,تا يزيد من حدة التداخل وغياب مصطلح
يناسب العمل األديب".3
وىذا ا٠تلط ُب ا١تصطلحات يتأكد أيضا من خبلؿ االستعماالت والدراسات األكادٯتية ُب
ا٠تطاب السردي العريب عامة واٞتزائري خاصة اليت ٘تارس ىذا ا٠تلط ا١تستمد ,ومن بُت ىذه
االستعماالت ا١تضببة قوؿ أحد الكتاب مؤكدا ىذه ا١تمارسة ا٠تاطئة ومعمما إياىا على اٞتميع
ليحيلها بذلك إذل شيء بديهي متفق عليو رغم ما فيو من تداخل واختبلط"كلنا يعرؼ أف القصة
أنواعا وأشكاال ٥تتلفة منها القصة ا١تطولة ".الرواية" ,والقصة ا١تتوسطة وٯتكن إدخا٢تا ُب نطاؽ الرواية
4
والقصة القصَتة".
كما ىو واضح من قوؿ الكاتب أف النوع ا١تتوسط ىو نوع من أنواع القصة وىو القصة
ا١تتوسطة ,اليت ىي حسب رأيو ٯتكن أف تدمج ضمن الرواية ,وىو بذلك ينفي عنو إمكانية تشكلو
1ا١ترجع السابق,ص27
2ا١ترجع نفسو ,ص .28
3ا١ترجع نفسو ,ص.28
4ا١ترجع نفسو ,ص.28, 29
8
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
كنوع سردي مستقل لو خصائصو وتقنياتو اٞتديدة ا١تميزة لو عن سواه من األنواع ,بل ٣ترد امتداد
للقصة عن حجمها ا١تعروؼ.
ووقع "شريبط" ُب ىذا ا٠تلط إذ ٧تده يضع ىذا النوع ضمن أنواع القصة باسم "القصة
الوسطى"إذا يقوؿ ":ىي شكل أديب قصصي ,ٯتكن وضعو بُت القصة القصَتة والرواية ألنو يتضمن
ٝتات كثَتة من فن الرواية ,كتعدد الشخصيات ,وتنوع األحداث وكثرة التفاعل وتناولو لقطاع
حياٌب أوسع من القطاع ا١تتاح ُب القصة .ويًتاوح عدد كلمااها " القصة الوسطى" بُت ٜتسة عشر
ألفا ,وثبلثُت ألفا ,وقد شاء بعض النقاد أف يطلقوا على ىذا الشكل القصصي مصطلح " ا١تيٍت
1
رواية" أو" الرواية القصَتة" ".
على الرغم من ىذا التداخل ُب وعي ْتدود اٞتنس وخصائصو ,ال ينفي البعض أحقية ىذا
النوع بالنهوض بطقوسو وخصوصياتو الداللية واٞتمالية ا٠تاصة بو
ومن بُت ىؤالء "عبد اهلل الركيبي" باعتباره من األوائل الذين حاولوا تتبع مسار األنواع السردية
وتطورىا فإنو أطلق على ىذا النوع ا١تتوسط مصطلح "الرواية ا١تضغوطة" وقد اعتربىا ىو اآلخر نوعا
2
من أنواع القصة ُب قولو ...":كما ظهرت مثبل القصة اليت ىي عبارة عن رواية مضغوطة"
كما أشار"الطاهر أحمد مكي" إذل تقسيمات متباينة للفن القصصي ,حيث حاوؿ وضع
والرواية يقابلها مصطلح )(Conte مصطلح لكل نوع فالقصة يقابلها ُب اللغة الفرنسية مصطلح
( و٭تاوؿ حصر اجملاؿ الذي ينتمي إليو النوع لفظة)Nouvelle ),(Romonأما ما يتوسطها فيطلق عليو
ا١تتوسط فَتى أنو من السهل اإلمساؾ ْتدوده وخصائصو اليت تقع ُب الوسط بُت الرواية والقصة
حيث يكوف اٟتجم اٟتد الفاصل ُب التبلقي واالمتزاج ٢,تذا يرادؼ بُت مصطلحي القصة الطويلة
3
والرواية القصَتة معتربا كبل ا١تصطلحُت دالة على مدلوؿ واحد"
1شريبط أٛتد شريبط ,تطور البنية الفنية ُب القصة اٞتزائرية ا١تعاصرة ,1985/1947دار احملور األديب ,دط,2018,ص.63, 62
2المية بوداودٖ ,تليل ا٠تطاب ا١تيٍت روائي ُب اٞتزائر رواية )أوشاـ بربرية( ٞتميلة زنَت ػ أ٪توذجاػ,ص.29
3ا١ترجع السابق .29,
9
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
ومن التعريفات أيضا ٢تذا النوع األديب ٧تد ىي":رواية أطوؿ من القصة القصَتة وأقصر من
الرواية ,٭تاوؿ فيو الكاتب اٟتفاظ على شكل الرواية الفٍت واألسلويب ,ولكن بصورة أقصر مثل:
"الشيخ والبحر" ألرنست ٫تينغواي ,و"كانديدا" لفولتَت ".1
وىي كذلك الرواية القصَتة()"Noveletteتعبَت يدؿ على سرد قصصي نثري ٭تتفظ ٓتصائص
الرواية الفنية ولكنو أقصر طوال مثل "كانديد" "لفولتَت" و"جاتسيب العظيم"لػ"فيتزجرالد"و "الدكتور
2
جيكل ومسًت ىايد" لػ "ستيفنسوف" و" العجوز والبحر"لػ "٫تنجواي"
أو األقصوصة الطويلة " ىي الرواية اليت NOVELETTE وأيضا الرواية القصَتة باإل٧تليزية
يًتاوح عدد كلمااها مابُت 910111كلمة و 010111أو أكثر من ذلك تبعا لعدد كلمااها أو عدد
فإذا كانت من نوع األقصوصة الطويلة غلبت عليها تقنية األقصوصة ومن أحسن األمثلة صفحااها
على الرواية القصَتة "موت ُب البندقية "عاـ 9790للكاتب األ١تاين" توماس ماف" و "الشيخ
والبحر" عاـ 9730للكاتب األمريكي "أرنست ٫تنغواي " 3و" الغجرية" للكاتب اإلسباين "ميغيل
4
دي ثَتبانتس" نشرت عاـ 9491على يد "خواف دي ال كويستا"
"مشكلة التجنيس وبالتحديد التمييز بُت الرواية والقصة وا١تيٍت رواية أو القصة الطويلة دل تقتصر
على األدب اٞتزائري فحسب وإ٪تا أثَتت من قبل الكثَت من الدارسُت العرب ,فهي مشكلة مشًتكة
ُب األدب العريب عامة".5
ىذ ا ما "يفسر الًتدد ُب تصنيف بعض األعماؿ األدبية ضمن ا١تيٍت رواية حيث ٧تد أغلب
ىذه النصوص توضع بداية ضمن ٣تموعات قصصية ٍب يعاد النظر فيها على أهنا نصوص ميٍت روائية
٤ 1تمد التو٧تي ,ا١تعجم ا١تفصل ُب األدب ,دار الكتب العلمية,بَتوت ,لبناف,ج,1ط,1999,َ 2ص.495
2ابراىيم فتحي ,معجم ا١تصطلحات األدبية .185,
www.m.ar.wikipedai.org3يوـ 2018/03/30على الساعة . 17:05
4ا١ترجع نفسو.
5المية بوداودٖ ,تليل ا٠تطاب ا١تيٍت روائي ُب اٞتزائر رواية )أوشاـ بربرية( ٞتميلة زنَت ػ أ٪توذجاػ,ص.34
10
يفاهيى حىل انزوايح انمصيزج يذخم :
مستقلة بذااها عن القصة القصَتة ومن أمثلة ذلك الرواية القصَتة ) رمانة( للطاىر وطار ظهرت أوؿ
مرة ضمن ٣تموعة "الطعنات "عاـ ٍ,9759ب الحقا ظهرت مستقلة".1
وكذلك األمر بالنسبة ١تيٍت رواية "أوشاـ بربرية" فقد أصدرت ضمن ٣تموعة قصصية
بعنواف"دائرة اٟتلم والعواطف" سنة ٖ 9761تت عنواف "ثقوب ُب دائرة الزمن "ٍ,ب أعيد إصدارىا
2
سنة 0111مستقلة ٖتت عنواف "أوشاـ بربرية"".
و"من ٪تاذج ىذا النوع ُب أدبنا اٞتزائري ا١تعاصر" ىنا ٖتًتؽ األكواخ" 9755لػ "٤تمد زنيلي"
و"حُت يربعم الرفض" 9756لػ "إدريس بوذيبة" و" ناموسة " لػ" شريف شناتيلة ",و"لقاء ُب
9761لػ "حساف اٞتيبلين ",3ورواية "حورية" لػ "عبد العزيز عبد اجمليد"سنة الريف"
, 9754ورواية"يوميات مدرسة حرة "لػ "زىور وينسي "ورواية "٘تاسيح ا١تدف ا١تنسية "لػ "خليفة
قرطي" ,4إضافة إذل رواية ما "تشتهية الروح" 0194لػ " عبد الرشيد ٫تيسي "الفائزة با١ترتبة األوذل ,
و"عايشة" لػ "حنكو حواء" اٟتاصلة ا١ترتبة الثانية ,ورواية "زوايا الصفر" لػ "أسيا بودخانا" ا١تتحصلة
على ا١ترتبة الثالثة ُب مسابقة الوطنية للرواية القصَتة بالوادي لسنة .0194
وأما عن خصائص "الرواية القصَتة" فيحدد الدكتور "أبو المعاطي الرمادي" خصائصها ُب
أطروحتو اليت ناؿ هبا درجة الدكتوراه ُب عاـ 0111وىي :
حجم متوسط ال ٯتكن النظر إليو على أنو حجم لقصة قصَتة ,وال ٯتكن النظر إليو على أنو 9
حجم لرواية طويلة ,وىو حجم غَت ٤تكوـ بعدد ٤تدد من الكلمات .
استهبلؿ ذو طبيعة خاصة :فتميل الروايات القصَتة لبلستهبلالت ا١تركزة ا١تكثفة ؛بسبب 0
اعتمادىا على شخصية ٤تورية واحدة ,وحدث ٤توري واحد ,وال يتعدى استهبل٢تا الفقرة
األوذل ,وأحيانا السطر األوؿ ,ويتميز بشيوع اٟتس الكوميدي ,أو الًتاجيدي والتأريخ للبطل
وا١تكاف.
لغة مكثفة تقًتب بالسرد من الشعر. 1
ازدواجية الداللة ,فالكاتب ال يصرح بل يلمح ,ويًتؾ الكثَت لعقلية ا١تتلقي اإلستشفافية , 2
ودائما لسرده أكثر داللة.
بطل ٤توري واحد :تقوـ الرواية القصَتة على أكتاؼ بطل ٤توري واحد ,وبقية الشخصيات 3
فيها ملحقة با١تركز.
حدث مركزي واحد :تقوـ الرواية القصَتة على حدث مركزي واحد يستقطب كل مكونات 4
العمل .
وجهة نظر للواقع٘ :تيل الروايات القصَتة إذل ٖتويل مدركات الواقع البسيطة إذل فعل مرئي 5
٤تسوس ,وتغلب ا١تألوؼ واليومي والنادر والثانوي على األساسي وا١تباشر.
وصف موجز :تعتمد الرواية القصَتة على الوصف ا١توجز والفعاؿ . 6
ملمح السخرية :من العبلمات ا١تميزة للرواية القصَتة ملمح السخرية ,ويكوف أحيانا بأسلوب 7
االستفزاز ,وأحيانا بالرسم الكاريكاتَتي ,وبا١تواقف الكوميدية والتعليقات ا١تضحكة.
91فضاء خاص يتسم باحملدودية ,ويستمد رحابتو ا١تكانية والزمانية من القفزات والوثبات النإتة
عن توارد ا٠تواطر.
1
99إثارة األسئلة :النص الروائي القصَت يثَت كما من األسئلة دوف االىتماـ بطرح أية إجابات.
من خبلؿ ما تقدـ نبلحظ أف الرواية القصَتة فن جديد حديث النشأة ,وسط بُت القصة
والرواية بدأ ٧تمها يلوح ُب ٝتاء اإلبداع رغم أهنا دل ٖتض باالىتماـ والدراسة الكافية لدى النقاد
والدارسُت ,ألهنا مازالت ُب بديااها ٖتبو ُب انتظار أف تقف على قدميها وتثبت ذااها وتسَت جنبا إذل
جنب مع األجناس األدبية األخرى.
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
٦تا سبق نستخلص أف ا٠تياؿ ُب ا١تعاجم العربية يدور ُب فلك الظن والتوىم والتشبو ,والصورة
ا١تتخيلة لدى اإلنساف ُب اليقظة وا١تناـ ,وكلها متعلقة باٞتانب البصري.
1ابن منظور ,لساف العرب ,مج ,, 11مادة ) خيل( ,ص. 518
٣ 2تمع اللغة العربية ,معجم الوسيط ,مكتبة الشروؽ الدولية ,مصر ط 2004, 4ـ ,ص . . 266
14
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
1رشيد كبلع ,ا٠تياؿ والتخيل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ,العلمي لراوي ,مذكرة ماجستَت ,اللغة العربية وآداهبا ,جامعة منتوري,
قسنطينة , 2005/2004,ص .12
15
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
" لكوهنا معارؼ غَت حقيقية ,ومزيفة العتمادىا على احملسوسات ىذه األخَتة جزئية ال ترقى إذل
اٟتقيقة اليت ال ٯتكن إدراكها إال عن طريق العقل ". 1
لذلك "فأفبلطوف باسم اٟتقيقة والفضيلة ٭تقر احملاكاة ,وٚتيع الفنوف اليت تعتمدىا وخصوصا
الشعر موجبا طردىا من دولتو ا١تثالية :دولتو عقلية منظمة والشعر عاطفي قلق فضبل عن أنو ضار
2
حقَت".
ويرفض "أفبلطوف" الشعر ألنو ُب نظره بعيد عن اٟتقيقة وال يبلمس حقيقة األشياء ,حيث
يقوؿ " احملاكاة بعيدة عن اٟتقيقة ,ويظهر أهنا تتمكن من صنع ٚتيع األشياء ألهنا تلمس جانبا
صغَتا منها فقط وليس ىذا اٞتانب إال شبها منها " 3أي أف احملاكاة تبعدنا عن حقيقة
األشياء,وٖتاكي جانب صغَت من ىذه األشياء.
ويرى أف الشعراء تابعُت آل٢تة الشعر ,فاآل٢تة ىي اليت تلهمهم قوؿ الشعر ,وبذلك ال يكونوف
أحرار ُب قولو ففي نظره أف اآل٢تة تبث حديثها على ألسنتهم ,إذ يقوؿ " منشد تبث اآل٢تة
حديثها على لسانو ". 4أي أف الشعراء ليسوا أحرار ُب قو٢تم الشعر بل اآل٢تة ىي من ٘تلي عليهم.
ويرى أيضا أف الشعر مفسد للعقوؿ " ٚتيع شعر احملاكاة فيما يظهر رل يفسد عقوؿ الذين
5
. يسمعونو "
ظنا الفنطاسيا )(phantasia و"كأف أفبلطوف ُب بادئ األمر يشك ُب قيمة ا١تخيلة اليت ٝتاىا
منو أهنا وظيفة من وظائف ما ٝتاه بالنفس السفلي وىي ا١تسؤولية عن خلق األوىاـ الكاذبة واألىواء
اعًتؼ للمخيلة بالقدرة على استحضار )( timaeuse ا٠تاطئة إال أنو ُب ٤تاورتو ا١تسماة تيمايوس
ا١تتصوفة اليت تسمو على ما يتناولو ٣ترد العقل" . 6
الرؤيا ِّ
وُب ىذا الصدد نورد القوؿ التارل ":لكنو ما لبث ُب ٤تاورة "طيماوس" أف اعًتؼ للخياؿ
بالقدرة على استحضار الرؤية الصوفية تلك اليت تسمو على ما يتناولو العقل وُب ٤تاورة "تثيت"
ذىب أفبلطوف إذل أف التخيل والتذكر ,وإدراؾ احملسوسات ا١تشًتكة وظائف للعقل ال اٟتس ,وأف
أعضاء اٟتس ال تدرؾ ا٠تصائص ا١تشًتكة بُت ا١توضوعات اٟتس ,وإ٪تا يدرؾ ذلك العقل والتخيل
عنده يرسم ُب موضوعاتو اليت تصبح مادة التفكَت وىكذا يؤدي التخيل وظيفتُت :استعادة صور
احملسوسات واستخداـ الصور اٟتسية ُب التفكَت " 1.ؤتا أف العقل ىو ا١تسطر عند "أفبلطوف ",
٧تده ٬تعل ا٠تياؿ مصدر للوىم ألنو يعتمد على اٟتواس ,اليت ٖتاكي الواقع الذي ىو غَت حقيقي
ُب نظره ألف احملاكاة تكوف لعادل ا١تثل الذي ىو اٟتقيقة والكليات .
من خبلؿ ما سبق ال ٧تد مفهوما واضحا للخياؿ عند أفبلطوف فهو يعتربه وسيلة تظليل وإيهاـ
للمتلقي .
أما "أرسطوا"Aristotleفنظرتو كانت ٥تالفة لنظرة أستاذه "أفبلطوف "فهو يرى أف احملاكاة ىي
من تولد الشعر لدى الشعراء عكس ما ذىب إليو "أفبلطوف" أف الشعر ناتج من الوحي واإل٢تاـ.
وا٠تياؿ عند" أرسط و"" حركة يسببها اإلحساسْ ,تيث ال يتأتى للخياؿ أف يوجد بدونو و٫تا
conception أي اإلحساس وا٠تياؿ ٥تتلفاف ومىت دل يوجد ا٠تياؿ واإلحساس دل يتأت وجود التصور
وليس ا٠تياؿ والتصور ٔتتطابقُت ". 2أي أف أرسطو يرى أف اإلحساس ىو الذي يسبب ا٠تياؿ
وبدوهنا ال وجود لتصور.
و يقوؿ ُب كتابو " النفس " ":أما التخيل فهو شيء متميز عن اإلحساس والتفكَت ,ولو أنو ال
ٯتكن أف يوجد بدوف اإلحساس ,وأنو بدوف التخيل ال ٭تصل االعتقاد ....وأف التخيل ليس إال قوة
أو حالة ٨تكم هبا ,ونستطيع أف نكوف على صواب أو خطأ " 3.ٯتيز أرسطو بُت التخيل
1اٟتسُت اٟتايل ,ا٠تياؿ أداة اإلبداع ,مطبعة ا١تعارؼ اٞتديدة ,ا١تغرب,ط,1988 ,1ص.23
2عاطف جودة نصر ,ا٠تياؿ مفهوماتو ووظائفو ,ا٢تيئة ا١تصرية العامة للكتاب ,د ط , 1984,ص .09
٣ 3تدي وىبة ,معجم ا١تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب ,ص . 91
17
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
واإلحساس والتفكَت غَت أنو ال يتواجد إال باإلحساس ,وىو القوة اليت ٨تكم هبا إف كونا على خطأ
أو صواب.
وكذلك يرى أف األقاويل الشعرية ىي األقاويل ا١تخيلة وذلك عن طريق ٤تاكااها إذ يقوؿ "
وكما أف الناس بالطبع قد ٮتيلوف و٭تاكوف بعضهم بعضا باأللواف واألشكاؿ واألصوات " . 1أي أف
الشعر عنده ٤تاكاة ,وأف الناس يتخيلوف ويتواصلوف مع بعضهم بعدة طرؽ منها إما عن طريق األلواف
أو األشكاؿ أو األصوات.
٦تا أسلفنا ذكره تبينا أف ا٠تياؿ عند أرسطو يتولد عن اإلحساس ,وال ٯتكن وجود ا٠تياؿ بدوف
إحساس.
أما "دانتيُ " Dante Alighieri.ب العصور الوسطى األوروبية فكاف ٯتيز بُت ٣ترد ا٠تياؿ
" " fantasiaالذي ىو مصدر الوىم وخداع النفس وبُت ما ٝتاه با٠تياؿ السامي ""fantasia alta
الذي يرادؼ لديو فكرة اإلبداع الفٍت أو الشعري " . 2
أما ُب العصر اٟتديث تعدد مفهوـ ا٠تياؿ والتخيل بتعدد ا١تذاىب األوروبية ,نتناوؿ بعض
اآلراء ُب ىذا العصر ونبدأ بػ "ديفيد هيوم " D.HUMEحيث يعترب " الصور واألفكار ٣ترد نسخ
لبلنطباعات األصلية على أعضاء اٟتس ,وإ٪تا عدىا نسخا تبدو ُب وضع انفصاؿ ,كما اعترب
وىو قصور جعلو يتجو إتاىا توكيديا ينفي قاصرا إذا ما قورف باٟتس ا٠تالص
meresensa
ا٠تياؿ ً
قدرتنا على ٗتيل ٤تسوسات جديدة" 3أي أنو يرى أف ا٠تياؿ يكوف نتيجة اٟتس.
أما "آدم فيرجسون "Adam forgusonفيذىب إذل أف ا٠تياؿ "يتصور الشيء بكل خصائصو
ومبلبساتو ,وذلك من خبلؿ عبلقات التشابو smilitudeوالتمثيل analogyأو التضاد ُ oppositionب
حُت أننا ُب التجريد نتناوؿ ا١توضوع من وجهة نظر ٤تدودة يتجو إليها فهمنا ُب ٟتظة معطاة "4يرى
1أٝتاء بالفار ,ا١تتخيل ُب النقد الروائي اٞتزائري من خبلؿ كتاب ا١تتخيل ُب الرواية اٞتزائرية آلمنة بلعلى ,أحبلـ معمري ,مذكرة ماجستَت ,اللغة العربية
و األدب العريب ,جامعة قاصدي مرباح,ورقلة,2015/2014,ص.11
2ا ٣تدي وىبة ,معجم ا١تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب ,ص . 91
3عاطف جودة نصر,ا٠تياؿ مفهوماتو ووظائفو,ص 15
4ا١ترجع نفسو ,ص 20
18
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
أف ا٠تياؿ يكوف من خبلؿ ٤تاكاة الشيء بكل خصائصو ومبلبساتو عن طريق التشابو والتمثيل
والتضاد.
تغَت مفهوـ ا٠تياؿ عند "كانت "Immanuel Kant.عن سابقيو حيث أصبح عنصرا فعاال ُب
العملية اإلبداعية ,فهو الذي ينقل ما ُب الذىن إذل الواقع و٬تعلو ٦تكن يقوؿ "كانت" ٖتت عنواف "
ا٠تياؿ ُب االستنباط ا١تتعارل " إف اإلدراكات ا١تختلفة توجد ُب العقل على ٨تو منفصل ويبدو
ربطها على ٨تو ٮتالف وجودىا ُب اٟتس مطلبا ضروريا ,ومن ٍب ينبغي أف توجد فينا قدرة فعالة
تركب الكثرة اليت يبديها ا١تظهر وليست ىذه القدرة شيئا آخر سوى ا٠تياؿ " .1
أج ُّل قوى اإلنساف وأنو ال غٌت ألية قوة أخرى من قوى اإلنساف عن
ويقوؿ أيضا " ا٠تياؿ َ
ا٠تياؿ .وقلما وعي الناس قدر ا٠تياؿ وخطره ".2فا٠تياؿ عنده أجل قوى اإلنساف ,وأف كل قوى
اإلنساف األخرى ٖتتاج للخياؿ ,فهو يعترب ا٠تياؿ قدرة إنسانية ضرورية ال ٯتكن االستغناء عنها
وكثَت من الناس ال يدروف أ٫تية ا٠تياؿ وخطره .
أما" سارتر "Jean Paul Sartre.فقد انتهى ُب كتابو " ا٠تياؿ " إذل ضرورة التمييز بُت اإلدراؾ
حضورا فعليا ,أو ىي حاضرة كما يقوؿ :
ً اٟتسي وا٠تياؿ ,فاإلدراؾ اٟتسي ٯتثل األشياء حاضرة
"هوسرل "Edmund Husserl.بلحمها وعظمها ,أما ا٠تياؿ فإنو ٘تثل ٢تذه األشياء ,وإ٪تا ُب غياهبا
غيابا حقيقيا وكأهنا غَت موجودة بالفعل" . 3أي أنو ٯتيز بُت اإلدراؾ اٟتسي الذي ٯتثل حقيقة األشياء
ا١توجودة فعبل وبُت ا٠تياؿ الذي ٯتثل األشياء وىي غائبة.
" صاحب نظرية ا٠تياؿ " :إين أعترب ا٠تياؿ إذف إما "كوليردجSamuel Coleridge. ويقوؿ
أوليا أو ثانويا ,فا٠تياؿ األورل ىو ُب رأي القوة اٟتيوية أو األولية اليت ٕتعل اإلدراؾ اإلنساين
٦تكنا وىو تكرار ُب العقل ا١تتناىي لعملية ا٠تلق ا٠تالدة ُب اآلنا ا١تطلق ,أما ا٠تياؿ الثانوي فهو عرُب
صدى للخياؿ األورل ,غَت أنو الوظيفة اليت تؤديها ,ولكنو ٮتتلف عنو ُب الدرجة وُب طريقة نشاطو إنو
يذيب ويبلشي و٭تطم لكي ٮتلق من جديد وحينها ال تتسٌت لو ىذه العملية فإنو على األقل
يسعى إذل إ٬تاد الوحدة ,وإذل ٖتويل الواقع إذل مثارل وأنو ُب جوىره حيوي ,بينما ا١توضوعات اليت
يعمل هبا باعتبارىا موضوعاتو ُب جوىرىا ثابتة ال حياة فيها ,فا٠تياؿ نوعاف األوذل يتمتع بو كل
الناس وىو قوة ٘تكنو من معرفة األشياء أي ىو طريق الوصوؿ إذل ا١تعرفة أو اٟتقيقة ,أما ا٠تياؿ
الثانوي فهو الذي يتمتع بو الشعراء فقط تابع للخياؿ األورل كما انو يشًتؾ معو ُب نوع الوظيفة
اليت تؤديها ,أي ال ٮتتلف عنو ُب النوع وإ٪تا ٮتتلف عنو ُب الدرجة وُب الطريقة فهو ال يهتم
ّتزئيات الشيء ا١تدرؾ" 1أي أنو يُقسم ا٠تياؿ إذل نوعُت خياؿ أورل يتمتع بو كل الناس أما ا٠تياؿ
الثانوي فيتمتع بو الشعراء فقط.
ذىب "ريتشاردزُ "I.A.Richardsب كتابو " مبادئ النقد األديب "إذل أف للخياؿ ستة ""4
معاين من خبلؿ ربطو لؤلدب بعلم النفس وتتمثل ىذه ا١تعاين ُب :
-9يأٌب ٔتعٌت توليد صور واضحة ,صور مرئية األكثر شيوعا
-0ا٠تياؿ ا١توجود ُب اللغة اجملازية سواء استعارة أو تشبيو ,لذا يقاؿ عن الذين يستخدموف اللغة
2
اجملازية أناس ٢تم ملكة خيالية
-1وقد يرد معٌت "خياؿ" ُب أضيق اٟتدود حُت يقصد بو تصور اٟتاالت الذىنية للغَت عن
طريق ا١تشاركة الوجدانية ,ويظهر ىذا تصوير حاالاهم العاطفية ,ويوجد ىذا الضرب من ا٠تياؿ
ُب ا١تسرحيات وتصوير الشخصيات ,وىو ضروري لتحقيق عملية التوصيل .
-2يأٌب ا٠تياؿ ٔتعٌت اإلبداع واالخًتاع واٞتمع بُت عناصر ٥تتلفة ال توجد بينها رابطة وعلى ىذا
يقاؿ أف "أدسوف "T.A.Edisonلديو قسط كبَت من ا٠تياؿ .
1زايدي العلجة ,زياف وىيبة ,ا١تتخيل السردي ُب رواية "ْتثا عن آماؿ الغربيٍت " إلبراىيم سعدي ,إدريس سامية ,مذكرة ماسًت ,اللغة واألدب العريب
,جامعة عبد الرٛتاف مَتة ّ,تاية,2015/2014 ,ص. 15
2ا١ترجع نفسو ,ص . 16
20
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
-3ا٠تياؿ الذي ٬تمع بُت أشياء يظهر عادة أنو ال يوجد بينها رابطة ويتضح ىذا ا٠تياؿ العلمي .
الذي تنظم فيو التجربة على طرؽ معروفة لتحقيق غاية معينة ,وىذه العملية ليست واعية أو
مقصودة .
-4وأخَتا يصل إذل ا١تفهوـ الذي ارتضاه "رتشاردز "و يرى أنو أىم من كل ما ذكر سابقا ,وىو
مفهوـ "كولردج" للخياؿ الثانوي ,وىو القوة الًتكيبية السحرية اليت تعمل على خلق التوازف بُت
الصفات ا١تتضادة أو ا١تتقاربة ويصرح بأف تعريف "كولردج" ىذا ىو أصح تعريف للخياؿ ,وأنو
ال ٯتكن أف يضيف جديد ُب ٖتديد معٌت ا٠تياؿ وأف تعريف "كولردج " وىو أكرب خدمة
1
أسداىا للنظرية النقدية ,ومن الصعب أف نضيف إذل قولو شيئا اللهم إال من باب التفسَت "
أما "باشالر "Gaston Bachelard.فينفي أف يكوف التخيل إدراكا عدميا لغيبة األشياء,
ولكنو إدراؾ مباشر ٞتوىر ا١توجودات ,وُب ىذا السياؽ يستبعد "باشبلر" ربط الصورة بغياب
ا١توجودات ,ذلك بأف كياف الصورة النفسي ,بينما ٯتد كياف ا١توضوعات اٟتقيقية جذوره ُب الواقع
الفعلي وا١توضوعي ,وليست إ٬تابية الصورة عند "باشبلر" دليبل على واقعيتها أو رسوخها ُب عادل
الفعل ,فهي ُب اٟتقيقة ال تتعدى كوهنا ُب ىذا ا١تقاـ حكم قيمة أو تأكيد موفق نظري وخلقي,
و ٮتلص "باشبلر" من ذلك إذل معارضة سارتر واالختبلؼ معو حوؿ غيبة األشياء و ٕتلى ا١توضوع
ا٠تيارل كما لو دل يكن موجودا و ُب نفيو لغيبة ا١توضوع ُب التخيل و تأكيده على أف ا٠تياؿ يدرؾ
جوىر ا١توجودات ,و ٭تطم مفهوـ الغيبة و االحتجاب كما طرحو "يونجُ "Carl Gung.ب النماذج
العليا.
و"فرويدُ "Sigmund Freud.ب فكرة البلشعور الفردي ,إف الصورة عنده ليست تعبَتا مقنعا
عن الرغبات ا١تكبوتة كما يرى "فرويد" ,وليست كذلك ْتثا عن النماذج ا٠تيالية األولية عند يونج,
ويبدو تشبثو بالعبلقة بُت ا٠تياؿ وحلم اليقظة نقدا النظرية "فرويد" ُب العبلقة بُت ا٠تياؿ ودينامية
البلشعور ,فحلم اليقظة ليس عملية اسًتخاء ,إنو على النقيض من ذلك يشد أوتار النفس ويلهب
1فاطمة سعيد أٛتد ٛتداف ,مفهوـ ا٠تياؿ ووظيفتو ُب النقد القدمي والببلغة ,عبد اٟتكيم حساف عمر ,رسالة دكتوراه الدراسات العليا العربية,
جامعة أـ القرى ,السعودية , 1989,ص 12 ,11
21
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
اٟتواس ويفجر طاقات ا٠تياؿ الكامنة ,وىو جوىرة تدفق لصَتورة وانبثاؽ لرؤية مستقبلية فكيف
بو ل و أرجعناه ٞتدلية الكتب وإفراغو تلك اليت ٘تيز حلم النائم ,وىكذا يبتعد ا٠تياؿ ُب ارتباطو ْتلم
اليقظة عن أغوار البلشعور ا١تعتمة ,ويصبح ظاىرة مباشرة ٖتيا ُب مستوى السطح إلقناع لغويا
1
تلبسو الغريزة أو ٮتتفي وراءه الكبت "
من خبلؿ دراستنا مفهوـ ا٠تياؿ عند الغرب ُب القدمي والعصر اٟتديث تبُت لنا أف مفهومو
متغَت ْتسب نظرة كل واحد وْتسب ا١تدارس واالٕتاىات فبل نستطيع اإلمساؾ ٔتفهوـ واضح
عندىم.
-2-2عند العرب :
ننتقل اآلف إذل الثقافة العربية ونرى كيف كانت نظرت النقاد والببلغيُت العرب للخياؿ والتخيل
وقبل أف نستعرض اآلراء ا١تختلفة ُب ىذه القضية ,ننوه أف مفهوـ التخيل يتقاطع مع مفهوـ ا٠تياؿ "
ا١تتخيل " " التخيل" " ا١تخيلة " وىي صيغ صرفية ٥تتلفة ١تعٌت واحد ,ونقلت للعرب عن طريق
الًتٚتة .
" ودل تلبث كلمة التخيل ومشتقااها أف ٖتددت دالالاها االصطبلحية ا١تتميزة ُب القرف الثالث
نتيجة ا١تعارؼ الفلسفية اليت نقلها العرب عن اليوناف ,وإذا كاف مؤرخوا نظريات ا٠تياؿ ا١تتعاقبة ُب
الفكر األورويب يذىبوف إذل أف مصطلح ا٠تياؿ ىو أحد ا١تصطلحات اليت انتقلت من ٣تاؿ الفلسفة
إذل ٣تاؿ األدب بعد أف ٕتددت قسماتو ُب ظل مباحث فلسفية ٤تددة ,فإف ىذه اٟتقيقة ٯتكن أف
مهد
تنطبق على الًتاث النقدي عند العرب واٟتق أف الفارايب فسر ٤تاكاة األرسطية بالتخيل ,و ّ
بإ قاماتو نظرية احملاكاة على أساس سيكولوجي ,الطريق ١تن تبله من الفبلسفة أمثاؿ "مسكويو" ,
و"ابن سينا" ,و"ابن رشد" وأضح ٢تم الصلة بُت الشعر والتخيل ,ومن ٍب بدأت كلمة التخيل
ومشتقااها تدخل ُب دائرة ا١تصطلح النقدي والببلغي ,تقًتب منو على استحياء ُب النصف الثاين
من القرف الرابع ٍ ,ب يتدعم وجودىا مع إضافات ابن سينا ُب القرف ا٠تامس وابن رشد ُب القرف
1
السادس حىت تصل إذل أقصى درجات القوة والوضوح عند حازـ القرطاجٍت ُب القرف السابع".
٧تد أف كبل من "الكندي" و "الفارايب" و "ابن سينا" يقرنوف التخيل بالوىم فػ "الكندي " متأثر
تأثَتا جليا بالثقافة اليونانية حيث جعل التخيل مرادؼ للتوىم وىو ما يقابل كلمة " فنطاسيا "
ُ PHANTASIAب اللغة اليونانية اليت تعٍت النور ويرجع البعض ذلك إذل الًتٚتة
" التوىم ىو الفنطاسيا قوة نفسانية ومدركة للصور اٟتسية مع غيبة طينتها ,ويقاؿ الفنطاسيا
2
وىو التخيل وىو حضور صورة األشياء احملسوسة مع غيبة طينتها "
"فالكندي قد سار على هنج سابقيو ,إذ جعل ا٠تياؿ مرادفا للوىم وقوة إنسانية مظللة ,ودل
ينظر إليو كقوة فعالة تتجاوز حفظ صورة األشياء الغائبة على اٟتس إذل التصرؼ ُب ىذه الصور
بالفك والًتكيب بتكوين صورة جديدة ,ومن ىنا أغفل الكندي اٟتديث عن اٞتانب اٞتمارل للخياؿ
ودوره ُب عملية الشعرية أو العملية اإلبداعية بشكل عاـ وكذلك ما يًتكو ىذا العمل من تأثَت ُب
ا١تتلقي بتحريكو النفعاالتو وجعلو يتجاوب مع ىذا العمل أو ينفر منو وهبذا فقد أ٫تل اٟتديث عن
العملية اإلبداعية وعن دعامتيها و٫تا ا٠تياؿ والتخيل " 3.أي أف مفهوـ الكندي للخياؿ دل يتعد
ا١تفهوـ ا١تعجمي .
وجاء ُب معجم السرديات أ ّف الفارايب وابن سينا قرنا ":التخيل بالوىم الذي ٝتّى قوة و٫تية
يستخدمها ا٠تياؿ ويعارضها العقل وٖتدث كل من الفارايب وابن سينا عن قوى اإلدراؾ الباطنية اليت
من ضمنها القوة ا١تتخيلة أو ا١تف ّكرة ,وتتوذل ىذه القوة استعادة صورة احملسوسات ا١تختزنة من ا٠تياؿ
ا١تصورة إال أف وظيفتها ال تقتصر على االستعادة فحسب ,وإ٪تا تتعدى ذلك إذل وظيفة ابتكارية
أو ّ
متميزة ٔتعٌت أف ىذه القوة تأخذ الصور ا١تختزلة ُب ا٠تياؿ وتعيد تشكيلها ُب ىيئات جديدة دل
اٟتس من قبل " 1.أي أف التخيل اإليهاـ بالشيء وابتك ػ ػ ػ ػػار صورة غَت مؤلوفة قببل.
يدركها ّ
يطلق "الفارايب" على "التخيل"اسم ا١تصورة ,وقد ربط "الفارايب" األدب بالفلسفة جاعبل
الشعر أحد أجزاء التفكَت الفلسفي .وكانت نظريتو إذل احملاكاة منطلقها نفسي ,حيث رأى أف
احملاكاة الشعرية عند أرسطو هبا بعض الثغرات وىو ما دفعو للحديث عن طبيعة التخيل الشعري
ومدى تأثَته ُب القوة النزوعية للمتلقي جاعبل التخيل جوىر الشعر وعماده " 2.أي أف الفارايب
جعل الشعر جزء من أجزاء التفكَت الفلسفي ,والتخيل جوىر وعماد الشعر.
و٧تد "الفارايب" دل يعطي معٌت ٤تدد للتخيل وطبيعتو واكتفى بالتحدث عن األثر الذي يًتكو
العمل األديب ُب ا١تتلقي إذ يقوؿ ":ويعرض لنا عند استماعنا األقاويل الشعرية عن التخيل الذي يقع
عنها ُب أنفسنا شبيو ٔتا يعرض عند نظرنا إذل الشيء الذي يشبو ما تعاؼ :فإننا من ساعتنا ٮتيَّل لنا
ذلك الشيء إنو ٦تا يعاؼ فتنفر أنفسنا منو فنتجنبو وإف تيقنا أنو ليس ُب اٟتقيقة كما خيّل لنا فنفعل
فيما ٗتيلو لنا األقاويل الشعرية ,وإف علمنا أف األمر ليس كذلك ,كفعلنا فيها ولو تيقنا أف األمر كما
خيلو لنا ذلك القوؿ ,فإف اإلنساف كثَتا ما تتبع أفعالو ٗتيبلتو أكثر ٦تا تتبع ظنو أو علمو ألنو كثَتا
ما يكوف ظنو أو علمو مضادا لتخيلو فيكوف فعلو الشيء ْتسب ٗتيلو ال ْتسب ظنو أو علمو ,كما
3
يعرض عند النظر إذل التماثيل احملاكية للشيء وإذل األشياء الشبيهة باألمور" .
وشبو أثر التخييل ُب ا١تتلقي باألثر الذي تًتكو احملاكاة ُب النفوس عند أرسطو ,ؤتا أف التخيل
٭تتوي على صور تأثر ُب ا١تتلقي وتثَت انفعاالتو ٦تا تؤدي إذل التطهَت ,وُب ىذه النقطة يظهر تأثر
الفارايب بأرسطو.
ويرى أف على الشاعر أف يهيأ اٞتو ا١تناسب الذي ٯتكنو من إحداث التأثَت ُب ا١تتلقي عن
طريق ما يسميو
٤ 1تمد القاضي وآخروف ,معجم السرديات ,دار ٤تمد علي للنشر ,تونس ,ط, 2010, 1ص74, 73
2رشيد كبلع ,ا٠تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ,ص16
3الفارايب ,إحصاء العلوـ ,مركز اإلهناء القومي للًتٚتة النشر ,د ط , 1991 ,ص .19
24
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
" اإل٭تاء" "فالتأثَت ُب ا١تتلقي ىو الغاية اليت يسعى الشاعر لتحقيقها من خبلؿ عملو ,وذلك
عن طريق أقواؿ ٥تيلو تثَت ما بذاكرة ا١تتلقي من أشياء تتناسب وموضوع القصيدة فينتج عنها موقفا
سلوكيا ما فيقف مع أو ضد موضوع التخيل الشعري الذي تطرحو القصيدة "ٔ1.تعٌت أف غاية الشعر
ىو التأثَت ُب ا١تتلقي من خبلؿ الشعر ا١تتخيل الذي يثَت انفعالو .
ويضيف أيضا":األقاويل الشعرية ىي اليت تؤلف من أشياء من شأهنا أف ٗتيل ُب األمر الذي
قبحا أو جبللة أو ىوانا ,وغَت
فيو ا١تخاطبة وا٠تياالت أو شيئا أفضل وأحسن وذلك إما ٚتاال أو ً
ذلك ٦تا يشاكل 2"...أي أف الشعر يؤلف عن طريق ا٠تياؿ أشياء ٚتيلة أو قبيحة أو جليلة أو ىينة
أو غَت ذلك.
نتبُت ٦تا سبق أف التخيل الشعري عند الفارايب عبارة عن إ٭تاء وإيهاـ من قبل الشاعر يقوـ هبا
لتأثَت وخداع ا١تتلقي عن طريق األقاويل ا١تتخيلة ,فتأثر فيو وتثَت انفعاالتو وتقوـ بتطهَت ما بداخلو
وىذه الغاية اليت يسعى الشاعر إذل ٖتقيقها ,ألف نظرتو للمحاكاة كانت نظرة نفسية .
أما "ابن سينا" فقد جعل التخيل ثاين قوى اٟتس الباطن ومكػ ػ ػ ػ ػػاهنا مقدـ الدماغ ويسميو "
ا١تصورة " حيث أهنا "القوة اليت ٖتفظ ما قَبِلَو اٟتس ا١تشًتؾ من اٟتواس اٞتزئية ,وتبقى فيو بعد غيبة
احملسوسات "3أي أنو يسمي ا٠تياؿ با١تصورة وىي ثاين قوى اٟتس,اليت ٖتفظ الصور اليت تستقبلها
من اٟتواس.
و"قصر دور ا١تصورة على حفظ الصورة ا١تقدمة من قبل اٟتواس دوف التصرؼ فيها كما نظر إذل
التخيل الشعري على أنو نوع من " الفيض" أو الوحي " أو اإل٢تاـ الغامض " الذي ٭تدث ُب اليقظة,
فالشاعر يدرؾ أشياء ال يدركها غَته ,وىذا ْتسب ما تؤىلو لو استعداداتو الفطرية من قدرة على قوؿ
الشعر ,ويكوف بذلك الشاعر عند حدوث اإل٢تاـ أقرب من درجة النبوة ,والشبو بينهما ُب تلقي
1رشيد كبلع ,ا٠تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ,ص .16
2الفارايب ,إحصاء العلوـ,ص .42
3ابن سينا ,النجاة ُب ا١تلكة ا١تنطقية والطبيعية واإل٢تية ,تقدمي ماجد فخري ,منشورات دار اآلفاؽ اٞتديدة ,بَتوت لبناف ,د ط ,د ت ,ص .201
25
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
الوحي واإل٢تاـ" 1.أي أف ابن سينا يقصر مهمة ا١تصور ُب حفظ الصور,وينظر إذل التخيل الشعري
على أنو إ٢تاـ أو فيض أو وحي وبذلك يكوف أقرب إذل النبوة عند حدوث اإل٢تاـ.
وينظر إذل التخيل من منظار سيكولوجي حيث اعتربه أثرا نفسيا يًتكو اإلبداع الشعري ُب
ا١تتلقي إعجابا أو نفورا "فهو انفعاؿ من تعجب أو تعظيم أو اهوين أو تصغَت أو نشاط من غَت أف
يكوف الغرض بالقوؿ إيقاع اعتقاده البتة" 2.أي أف التخيل عنده مرتبط باالنفعاؿ وىي حالة شعوري ػ ػػة
ٖتدثها العملية التخيلية ُب ا١تتلقي .
وُب ٖتديده ١تفهوـ الشعر اعتربه كبلما يتأسس على التخيل ,وىذا األخَت يكوف بالتأثَت ُب
النفس وُب العقل فهو:
" ٥تاطبة القوة ا١تتخيلة ُب النفس وىذه القوة تعمل ُب صورة ا١تدركات اٟتسية اليت تصل إذل
قوة ا٠تياؿ و الفنطاسيا أو اٟتس ا١تشًتؾ وتقوـ فيها باٞتمع و التفريق كما نشاء ,كما تقوـ هبذه
العملية أيضا مع ا١تعاين ا١تدركة من احملسوسات اٞتزئية اليت تنا٢تا قوة الوىم " 3أي أف الشعر اٞتيد ُب
نظره الذي يقوـ فيو الشاعر بًتكيب صور شبيهة بتلك ا١تدركات اٟتسية اليت ٖتتفظ هبا الصور .
وما نستخلصو ُب األخَت أف "ابن سينا "يعترب الشعر كبلما أساسو ودعائمو األوذل التخيل
ىدفو وخاصة أثره ا١تتلقي وٖتريك انفعاالتو الستمالة وجذب القارئ إذل ما يريده أو ينفره عما يكره
وىنا تكمن عبقرية الشاعر " ,إف الشعر يًتكب من كبلـ ٥تيل تذعن لو النفس ,فتنبسط عن أمور
وتنقبض عن أمور من غَت روية ,وفكر اختبار وباٞتملة تنفعل لو انفعاال نفسيا غَت فكري ".4
ا٠تياؿ عنصر ضروري وجوىري وذو قوة فاعلة ُب عملية ا٠تلق األديب وعلى رغم من ذلك أف
النقاد والببلغيُت العرب ربطوه با٠تداع والكذب النطوائو على البلمعقوؿ و البلموجود ,يعرفو " عبد
1رشيد كبلع ,ا٠تياؿ والتخييل عند حازـ القرطاجٍت بُت النظرية والتطبيق ,ص .16
2ابن سينا ,كتاب اجملموع واٟتكمة العروضية ُب كتاب معاين الشعر ,تح ٤ /تمد سليم سادل ,مركز ٖتقيق الًتاث والنشر ,د ط , 1969 ,
ص.15
3سعد مصلوح ,حازـ القرطاجٍت ونظرية احملاكاة والتخييل ُب الشعر ,مطبعة دار التأليف ,القاىرة ,ط,1980 ,1ص.122, 121
4أرسطو طاليس ,كتاب ارسطو طاليس ُب الشعر ,تح وتر٤ /تمد شكري عياد ,دار الكتاب العريب للطباعة والنشر ,القاىرة ,د ط , 1967,
ص. 197
26
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
القاىر اٞترجاين " بقولو..." :وٚتلة اٟتديث الذي أريده بالتخيل ىا ىنا يثبت قيمة الشاعر أمرا ىو
غَت ثابت أصبل ويدعى دعوة ال طريق إذل ٖتصيلها ,ويقوؿ قوال ٮتدع فيو نفسو ويريها ما ال ترى
1"...وىذا يعٍت أف الشاعر يقوـ ٓتداع نفسو من خبلؿ استعمالو للتخيل ويو٫تها ما ىو ليس
حاصل .
فهو يعترب التخيل " وسيلة لئل٭تاء باعتبار ىذا األخَت ىو األداة اليت ٘تكن الشاعر من خلق
صورة ومعاين جديدة وتنقل األلفاظ من ا١تدلوالت العادية إذل معٌت ا١تعٌت فالتخيل كالسحر ُب
تأليف ا١تتباينُت".2
ويستمد عبد القاىر اٞترجاين مفهومو للخياؿ من اآلية القرآنية :ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
ويرى أف التخيل كذب وخداع و"أما القسم التخيلي فهو الذي ال ٯتكن أف يقاؿ أنو صدؽ
وإف ما أثبتو ثابت وما نفاه منفي" .3
أما "حازم القرطاجني" فقد جعل من التخييل قوة الصناعة الشعرية وىو على صنفُت :قوؿ
ٗتيل الشيء كما ُب الوجود واآلخر ٗتيل الشيء على غَت ما ىو عليو ُب الوجود ,وىو يربط قيمة
الشعر من حيث ىو شعر بقوتو التمثيلية وحسن احملاكاة وجودة التأليف 4"..أي أف التخييل ىو
األساس الذي يقوـ عليو الشعر وىو نوعُت ٗتيل الشيء على طبيعتو وعلى ما ىو عليو دوف إبداع
وابتكار كأنو صورة فوتوغرافية ,والثاين ٗتيل إبداعي مبتكر وتصوير الشيء على غَت ما ىو عليو .
1مشري بن خليفة ,القصيدة اٟتديثة ُب النقد العريب ا١تعاصر ,منشورات االختبلؼ ,ط , 2006, 1ص .56
2ينظر ,ا١ترجع نفسو 56.
3عبد القاىر اٞترجاين ,أسرار الببلغة قرأه وعلق عليو ٤تمود ٤تمد شاكر ,دار ا١تدين ,جدة ,د ط ,د ت ,ص. 245
4آمنة بلعلى ,ا١تتخيل ُب الرواية اٞتزائرية من ا١تتماثل إذل ا١تختلف ,دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع ,ط ,2011 , 1ص.20
27
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
لذا ٧تده يعرؼ الشعر على أنو " الشعر كبلـ ٥تيل موزوف ٥تتص ُب لساف العرب بزيادة التقفية
إذل ذلك ,والتئامو من مقدمات ٥تيلة ,صادقة كانت أو كاذبة ,ال يشًتط فيها ػ ٔتا فيها الشعرػ ػ غَت
التخييل"1.فالتخيل عنده عمدة الشعر ,وال يكوف إال بو.
و٧تد التخيل عنده أيضا "تصور تنشئو ُب نفس السامع عناصر الشعر ا١تختلفة اللفظ ,
وا١تعٌت ,والوزف ,والنظم ,واألسلوب ,ويؤدي إذل انفعاؿ ال واع "2.أي أف التخيل يقع من جهة
ا١تعٌت ,ومن جهة األسلوب ومن جهة اللفظ ومن جهة النظم ومن جهة الوزف.
فالتخيل نوع من النشاط التصويري الذي ٮتاطب بواسطتو الشاعر اٞتانب الوجداين االنفعارل
لدى ا١تتلقي و٢تذا فهو مرتبط ارتباطاً وثيق با١تتلقي وُب ىذا يقوؿ " :والتخييل أف تتمثل للسامع من
لفظ الشاعر ا١تخيّل ,أو معانيو أو أسلوبو ونظامو وتقوـ ُب خيالو صورة أو صور ينفعل لتخيلها
3
وتصورىا أو تصور شيء آخر هبا ,انفعاال من غَت روية إذل جهة من االنبساط واالنقباض ".
وهبذا ا١تفهوـ فإف "التخيل فاعلية نفسية فنية ٘تس اللفظ وا١تعٌت واألسلوب والنظم بشكل عاـ
أي أنو ٪تط من التصوير الفٍت لو القدرة على ٖتريك ا١تتلقي والتأثَت فيو تأثَتا انفعاليا ْ ,تيث يؤدي
وروية ,يًتاجع ليفسح اجملاؿ أماـ اٞتانب
با١تتلقي إذل القياـ بعمل ما أو تركو ,وىذا من دوف تفكَت ّ
االنفعارل الوجداين ".4
أما مفهوـ ا٠تياؿ عند النقاد العرب احملدثُت ٮتتلف عن مفهوـ القدامى ,فالقدامى مفهومهم
للخياؿ كاف متأثر بالفلسفة اليونانية.
1خليفة ٤تمد ,فاعلية التخيل عند حازـ القرطاجٍت ُب كتابو منهاج الببلغة وسراج األدباء ٣ ,تلة جامعة اإلماـ ٤تمد بن مسعود اإلسبلمية ,العلوـ
العربية ,السعودية ,ع , 2008, 9ص.294
٤2ت مد عزاـ ,ا١تصطلح النقدي ُب الًتاث األديب العريب ,دار الشرؽ العريب ,بَتوت لبناف ,د ط ,د ت ,ص. 180
3ا١ترجع السابق ,ص . 294
4ا١ترجع نفسو ,ص.294
28
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
٧تد "محمد غنيمي هالل "يربط ا٠تياؿ بصورة إذ يقوؿ "التفكَت بالصور على حسب طرؽ
فنية ٗتتلف من مذىب فٍت إذل مذىب فٍت آخر1 "...أي أف ىذه الصور ا١تتخيلة ٖتدث بطرؽ
متنوعة ْتسب اختبلؼ ا١تذاىب الفنية .
بينما "شوقي ضيف " ينظر للجماؿ على أنو ملكة فطرية إنسانية إذ يقوؿ ":ا٠تياؿ ىو ا١تلكة
اليت يستطيع هبا األدباء أف يؤلفوا صورىم ,وىم ال يؤلفوهنا من ا٢تواء ,إ٪تا يؤلفوهنا من إحساسات
سابقة ال حصر ٢تا ٗ,تتزهنا عقو٢تم وتظل كامنة ُب ٥تيلتهم حىت ٭تُت الوقت ,فيؤلفوا منها الصورة
اليت يريدوهنا ,صورة تصبح ٢تم من عملهم وخلقهم ,وا٠تياؿ عند األدباء يقوـ على شيئُت :دعوة
احملسوسات وا١تدركات ٍ,ب بناؤىا من جديد " 2أي أنو يعترب ا٠تياؿ ا١تلكة اليت تدفع ا١تبدع ٠تلق صور
جديدة وىذا ا٠تلق واإلبداع للصور ال يكوف من البلشيء بل من خبلؿ استذكار واسًتجاع ما ىو
كامن ُب ٥تيلتهم سابقا ,لتصبح ىذه الصور فيما بعد من عملهم وابتكارىم.
-3-2انخيال في األدب :
للخياؿ أ٫تية بالغة ُب ٣تاؿ األدب ,فقد عرفو "ابن عربي "على أنو " حرارة أو طاقة مبدعة من
شأهنا أف ٕتابو ببلدة األشياء وببلىتها ,وافتقارىا إذل التوسيع ,وذلك بفضل قدرتو على بث الدؼء
3
ُب النفس والكائنات العيانية ُب آف واحد ".
ولقد دفع " ابن عريب" ا٠تياؿ إذل مرتبة العلم " وىو حس باطن بُت ا١تعقوؿ واحملسوس" 4.أي
يدفع كل تعارض يقاـ بُت العقل وا١تتخيل .
ويقوؿ أيضا" :ا٠تياؿ ال يكوف فاسدا قط ,وال ينتسب إليو ا٠تطأ " 5أي أف لو صفة الرباءة
والعصمة .
وا٠تياؿ األديب ىو القدرة العقلية على اكتشاؼ اٞتديد " .الذي يوازي الواقع ,أو ينطلق منو
ليعيد رٝتو ,أو تناولو عرب صور وأخيلة تًتى ُب نفس ا١تبدع ,وا٠تياؿ ُب الرواية أو القصة أو الشعر
أو ا١تسرح يكوف وراء خلق الصور ُب نصوص ٢تذه األنواع ,وبث الروح فيها وىو يتكوف كنتيجة لعمق
خاضعا لسيطرة صاحبو ,بيد أنو قد ال يكوف كذلك
ً ا١تعرفة وتراكمات الًتٚتة ُب ما إذا كاف معاَب
1
يضا ,يتحوؿ إذل " اهوٯتات وىذيانات ""...
ُب ما إذا كاف مر ً
وا٠تياؿ ىو " ا١تلكة اليت يؤلف هبا األديب صوره ",2أو ىو "القوة ٖتفظ الصور ا١ترتسمة ُب
اٟتس ا١تشًتؾ إذا غابت تلك الصور عن اٟتواس الباطنية " 3أي ىو ا١توىبة اليت تعُت األديب على
على تأليف صور جديدة.
وإذا كاف ا٠تياؿ ىو" احملفز للمبدع على تصورات عملو اإلبداعي ,فإنو يسهم ُب إشادة عمارة
النص ,من خبلؿ أدواتو اللغوية وبث روحو فيها ,ليًتؾ بصماتو ا٠تاصة على صعيدي الشكل
وا١تضموف ُب العمل.
ويكاد ال ٮتلو نص إبداعي أيًا كاف من ا٠تياؿ ,بل أصبح ا٠تياؿ أحد مقاييس اإلبداع وكأنو
الروح اليت يتوىج هبا اإلبد اع ,والنبع الذي ٯتده باأللق واٟتياة ,وإف أي عمل أديب ػ ػ مهما عبل شأنو
ػ ػ ليحكم عليو با١توت إف دل ٖتلق بو أجنحة ا٠تياؿ عاليا ,وطا١تا حكم على بعض النصوص بأهنا من
خلوا من ا٠تياؿ .
دوف روح ما دامت ً
وا٠تياؿ عصب النص ,وىو ما قسم األدب ٔتوجبو إذل خيارل وغَت خيارل ,وواضح أف العمل
الذي ٭تضر فيو ا٠تياؿ بشكلو ا١تناسب ,فإنو يهيئ للمبدع رسم عوادل نصو برباعة ووفقا لقدرة
ملكاتو ,ولواله ١تا احتفلت األعماؿ اإلبداعية العظيمة ٔتقدراها العالية على التصوير الذي يرفع من
4
مكانة النص ضمن لعبة اإلبداع ".
1فاطمة ٛتداف بن سعد ,مفهوـ ا٠تياؿ ووظيفتو ُب النقد القدمي والببلغة ,ص.3, 2
2جهيدة بوطنة ,الرؤية النقدية ُب كتاب ا٠تياؿ الشعري عند العرب أليب القاسم الشايب ,عمار حبلسة ,مذكرة ماسًت ,اللغة واألدب العريب ,جامعة
قاصدي مرباح ,ورقلة,2015/2014,ص.6
3ا١ترجع السابق ,ص .4
4ا١ترجع نفسو ,ص.4
31
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
ُب فنهم,ونظروا للخياؿ على أنو "ا١تلكة األوذل لدى اإلنساف وعدوىا ا١تلكة ا٠تالقة القادرة على
الوصوؿ إذل اٟتقيقة" 1أف ا٠تياؿ ىو الذي يوصل اإلنساف للحقيقة.
يرى "بليك"William Blake .أف عادل ا٠تياؿ ىو عادل األبدية,كما ذىب إذل أبعد من ىذا
ُ,ب االىتماـ با٠تياؿ فسماه بالرؤية ا١تقدسة واعتربه القوة الوحيدة اليت ٗتلق الشاعر". 2أي أف ا٠تياؿ
عنده ىو العادل البلهناية,وىو القوة اليت ٗتلق الشاعر.
أما الواقعيُت فقد عدوه "وسيلة للهروب من الواقع وابتعاد عن اإلنساف و٫تومو ومشكبلتو
ومدعاة للزيف واألحبلـ.3".
من خبلؿ ىذه النظرة ا٠تاطفة على مفهوـ ا٠تياؿ عند ا١تذاىب األدبية ,وجدنا أف كل مذىب
نظر للخياؿ من زاوية ٥تتلفة عن ا١تذىب اآلخر.
ثانيا :المتخيل
-1مفهوم المتخيل
إف ١تلكة ا٠تياؿ أو ا١تتخيل "أثر ىاـ ُب عملية ا٠تلق األديب وُب عملية تشكلو فكل التفاعبلت
مع الواقع االجتماعي أو األخبلقي أو ا١تعرُب ىي تعبَت عن متخيل معُت ٮتتلف باختبلؼ الواقع
وا١تضامُت ,فعملية اإلبداع وا٠تلق وطيدة الصلة با١تتخيل الذي تصدر عنو ,و٢تذا األخَت دور كبَت ُب
إدراؾ ا١تعرفة اٞتمالية للنصوص ومن ٍب تأويلها وفتح مغاليقها وفهم أسرارىا وتذوؽ ٚتا٢تا ,ولقد أدرؾ
4
األدباء منذ القدمي أ٫تية ا٠تياؿ أو ا١تتخيل ُب عملية ا٠تلق األديب"
فا١تتخيل ىو "مصدر إبداع للمبدع فوظيفتو تتحقق من خبلؿ اإلبداع بصورة دائمة ومنظمة ُب
ذىن ا١تبدع عن طريق اٟتلم البناء ,فكلمة ا١تتخيل تعرب عما ٯتاثلها من كلمة خياؿ غَت أف ىذه
األخَتة أوسع وأرحب منها ,إذف فا١تتخيل سواء ُب الثقافة العربية أو الغربية لو عبلقة وطيدة
1جهيدة بوطنو ,الرؤية النقدية ُب كتاب ا٠تياؿ الشعري عند العرب أليب القاسم الشايب ,ص.6
٤ 2تمد زكي العشماوي ,قضايا النقد األديب بُت القدمي واٟتديث ,دار النهضة العربية للطباعة والنشر ,بَتوت ,د ط ,د ت,ص.51
3ا١ترجع السابق ,ص.6
4فائزة بن خليفة ,مصطلحا ا٠تط اب وا١تتخيل عند ٤تمد لطفي اليوسفي ,بلقاسم مالكبة ,مذكرة ماجستَت ,كلية اآلداب واللغات ,قسم اللغة واألدب
العريب ,جامعة قاصدي مرباح ,ورقلة,2012/2011 ,ص.156
32
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
با٠تياؿ,كيف ال وىو ٭تيل إذل ما يوجد ُب ا٠تياؿ ا١ترء ,من معارؼ ومعاين وأفكار وتصورات ٯتكن
1
ترٚتتها كوقائع فنية ومادية "
وتستعمل كلمة ا١تتخيل ُب اللغة بثبلث دالالت على األقل :
.9كصفة:وتعٍت ماال يوجد إال ُب ا١تخيلة ,الذي ليس لو حقيقة واقعية .
.0كاسم مفعول :للداللة على ما ًب ٗتيلو.
2
.1كاسم :وتعٍت الشيء الذي تنتجو ا١تخيلة كما تعٍت ميداف ا٠تياؿ .
بداية نعرؼ ا١تتخيل "بأنو بناء ذىٍت ,أي أنو إنتاج فكري بالدرجة األوذل ,أي ليس إنتاجا
ماديا" 3أي أف ا١تتخيل إنتاج عقلي وليس مادي.
وىناؾ من يقوؿ":ا١تتخيل لو قدرة ىائلة على استدعاء ا١تكبوت وا١تعطل,وتعرية رصانة الواقع
ا١تزعومة" 4أي أف ا١تتخيل ٯتتلك قدرة استحضار مكبوتات النفس ,ويقوـ بكشف الواقع وتعريتو .
وا١تتخيل "يعطي للرواية أحيانا خصوصية تعرؼ بو ,ويتعاذل عنها أحيانا ,ليكوف وسيلة إلثارة
أشياء غَت موجودة بواسطة اللغة ,أو ٤تاكاة أشياء موجودة,أو بإثارة نوع من اإليهامات أو التمثبلت
اليت تتوجو إذل األشياء وتربطها باللحظة اليت تتمثلها فيها بالذات,فتصبح عمبل مقصودا ٬تسد وعيا
بغياب أو اعتقادا بإيهاـ" .5فا١تتخيل بدوره ٭تقق عملية اإلبداع وا٠تلق ,ويعيد للذات ا١تتلقية دورىا
ُب إدراؾ ا١تعرفة اٞتمالية وتأويلها ,أي أف ا١تتخيل ٭تقق أشياء قد ال تكوف ُب الواقع ,أو حىت وإف
وجدت ىذه األشياء ,يزيد من حسنها وإبداعها .ومن خبلؿ ىذا ا١تتخيل يشعر ا١تتلقي باإلثارة
وينفعل مع ىذه الرواية.6
1زايدي العلجة ,زياف وىيبة ,ا١تتخيل السردي ُب رواية "ْتثا عن آلماؿ الغربيٍت" ,ص20
2فائزة بن خليفة ,مصطلحا ا٠تطاب و ا١تتخيل عند ٤تمد لطفي اليوسفي ,ص.157
3حسُت ٜتري ,فضاء ا١تتخيل )مقاربات ُب الرواية(,منشورات االختبلؼ ,ط,2002 ,1ص .43
٤ 4تمد رمصيص ,ا١تتخيل العجائيب والغربة)قراءة ُب التجربة القصصية ألٛتد بوزفور(٣,تلة الكلمة ,ع ,8د ب ,ديسمرب ,2012ص.1
5آمنة بلعلى ,ا١تتخيل ُب الرواية اٞتزائرية ,ص.17
6أٝتاء بالفار ,ا١تتخيل ُب النقد الروائي اٞتزائري من خبلؿ كتاب ا١تتخيل ُب الرواية اٞتزائرية لآلمنة بلعلى ,ص.27
33
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
"Gérardأف ىناؾ نوعُت من مفهوـ ا١تتخيل أي " ىناؾ Genette. ويرى "جيرار جنيت
متخيل قار مرتبط با١تضموف ,وىناؾ متخيل ظرُب تعرب عنو العبارة التالية :أعترب أدبا كل نص يثَت ُب
ارتياحا ٚتاليا"1أي أف األدب عنده كل نص يثَت ُب نفسو أثرا ٚتاليا ,وىو نوعاف متخيل مرتبط
با١تضموف واآلخر مرتبط باٞتماؿ وا١تتعة.
و فسر"إيدغارويبر" ا١تتخيل بػ"ا١تتخيل حالة تثَت ُب ا١توضوع ا٠تروج عن الذات من الذات من
خ بلؿ حالة االستغراب أو الذىوؿ اليت تنتج عن نقل العادي ٨تو النادر" 2نفهم من ىذا أنا
"إدغارويرب" يؤكد أف ا١تتخيل ٯتثل القدرة على اإلبداع والتأويل من خبلؿ نقل العادي إذل غَت
ا١تألوؼ.
و"أدؿ التعريفات للمتخيل ىو أنو تأويل"3أي أنو وسيط لفعل القراءة والتأويل الذي يقوـ بو
القارئ للعمل األديب .
" فقد عرفو من خبلؿ عبلقتو مع العقل وا١تعرفة "بأف ا١تتخيل مرتبط Lordi وأما "لوردي.
بشكل ٛتيمي بالعقل وا١تعرفة ,األمر الذي يعٍت أنو ال توجد معرفة ٗتييلية صرفة ,ألف كل معرفة ىي
معرفة عقلية ُب بنيتها أو طبيعتها ,وما ا١تتخيل إال وسيلة لتفعيل وٖتيُت تلك ا١تاىية" 4معٌت ىذا
وجود عبلقة تكاملية وتبلزمية بُت العقل وا١تتخيل واستحالة الفصل بُت ا١تعرفة التخييلية وا١تعرفة
الذىنية العقلية,وىذا يدؿ على أف العقل وحده ليس لديو القدرة على إنتاج ا١تعرفة دوف ا١تتخيل
والعكس صحيح.
وعرؼ"جان بوركس"Jean Borax.ا١تتخيل بػػ"ا١تسار الذي يتماثل ويتشاكل فيو ٘تثيل ا١توضوع
بواسطة الضروريات الغريزية للذات ,والذي تفسر فيو با١تقابل التمثيبلت الذاتية بواسطة التكيفات
السابقة للذات ُب الوسط ا١توضوعي"1معٌت ىذا أف التفاعل الغريزي لئلنساف مع ٤تيطو ا١توضوعي ىو
نتاج ٢تذه الرغبات.
"باشالر GastonBachelard وا١تتخيل ُب البداية كاف يعرب عنو ٔتفهومي ا٠تياؿ والتخييل ,يقوؿ
"" :أ ف كلمة متخيل ليست سوى مرادؼ يعرب بشكل أفضل عن كلمة ا٠تياؿ و٬تعل ىذه األخَتة
مفتوحة ومتمنعة" 2أي أف ا١تتخيل ما ىو إال مفهوـ مرادؼ للخياؿ والتخيل ولكنو أدؽ وأعمق
منهما.
-2المتخيل السردي وعالقته بالواقع:
تث َت عبلقة ا١تتخيل بالواقع إشكالية كبَتة ُب مفهومهما ْ,تيث تعترب العبلقة القائمة بينهما
عبلقة جدلية وإيديولوجيةْ ,تكم أف اجملتمع ىو ا١ترجع الرئيسي للخطاب الروائي من خبلؿ تأثر
األدب باجملتمع وتأثَت فيو ,ألف األدب يهتم بالواقع ويتطور بتطوره ,سنتطرؽ ُب ىذا عنصر إذل مفهوـ
كل منهما وعبلقة بينهما.
يعطي ا١تتخيل السردي للرواية خصوصية ليكوف ىو الوسيلة إلثارة أشياء دل تكن موجودة
بواسطة اللغة ْ ,تيث يصور لنا ىذا ا١تتخيل الواقع بصور جديدة فيها إبداع وخلق جديد ,فا١تغامرة
السردية يتعالق فيها الواقع با١تتخيل الذي يكوف منطلق ٢تا ,فا٠تياؿ يعترب ا١تولد األساس لؤلدبية بل
"إف كل فلذة من األدب تكتسب أدبيتها بقدر ما ٖتتل من رقعة ا٠تياؿ ,فأشكاؿ األدب ػ ُب حقيقة
األمرػ إ٪تا ىي قطع ُب خيمة التخيل قد تطوؿ أو تقصر ,ترتفع أو تنخفض ,تتجلى ُب ألواف هبيجة
أو باىتة لكنها ػ كي تصبح أدبا ػ البد ٢تا من تغطية سطح الواقع 3"...أي أف كل ما كاف النص
غٍت با٠تياؿ يكتسب أدبية أكثر ,وليكوف األدب أدبا البد أف يستند إذل الواقع.
وللمتخيل عبلقة متينة بالعقل باعتباره عملية ذىنية ٢تا عبلقة بالواقع ىذا من جهة ,ومن جهة
أخرى باعتباره يبحث عن بديل وال ٭تاكيو ,فهو" بناء ذىٍت ٭تيل على الواقع ويستند إليو ...وىو
1يوسف اإلدريسي ,ا٠تياؿ وا١تتخيل ُب الفلسفة والنقد اٟتديثُت ,مطبعة النجاح ,الدار البيضاء ,ا١تغرب ,ط,2005 ,1ص.139
2أٝتاء بالفار ,ا١تتخيل ُب النقد الروائي اٞتزائري ,ص .19
3صبلح فضل ,أشكاؿ التخيل من فتات األدب والنقد ,الشركة ا١تصرية العا١تية للنشر ,لو٧تماف ,ط.1996 ,1ا١تقدمة.
35
انًرخيم وذذاخم انًفاهيى . انفصم األول
نوع من ا١تمارسة ٢تذا الواقع ,ىذه ا١تمارسة تكوف ُب شكل إعادة إنتاجو أو ترتيب عبلقاتو أو
تشكيلو من جديد " 1فا١تتخيل مرجعيتو الواقع يستمد منو مادتو يقوـ بإعادة نسجو من جديد.
ٔتا أف "ا١تتخيل بناء ذىٍت ,أي إنتاج فكري بالدرجة األوذل ,أي ليس إنتاجا ماديا ُ,ب حُت
الواقع معطى حقيقي حضوري موضوعي ,فا١تتخيل ٭تيل إذل الواقع والواقع ٭تيل إذل ذاتو" 2أي أف
ىناؾ تعارض بينهما ,ا١تتخيل ذىٍت/فكري والواقع حقيقي/حضوري/موضوعي ,و ا١تتخيل مرجعو
الواقع أما الواقع يعود إذل ذاتو.
و منو "فالواقع ىو معطى وحضوري ٯتكن أف يدرؾ باٟتس ونلمس آثاره با١تبلحظة العينية ُب
3
أف ا١تتخيل بناء ذىٍت خفي ال يدرؾ إال بإعماؿ الفكر والنظر "...
فا١تتخيل ىو" وسيلة حملاكاة الصور واألفكار يثَت اإليهامات و التمثبلت اليت تتواجد ُب ذىن
ا١تبدع ليحولو عرب ا١تنت الروائي إذل صور ٖتاكي الواقع حيث تتقارب أو تتقاطع معو" 4فا١تتخيل يقوـ
بًتٚتة الصور وأفكار ا١تبدع على الرواية و٬تعلها تقارب الواقع أو تتقاطع معو.
"فالرواية بطبعها تستقي ماداها ا٠تاـ من الواقع لتحولو إذل متخيل يثري شغف وتأثَت اآلخر,
فا١تتخيل كعبلقة الداؿ با١تدلوؿ الذي ٖتكمها عبلقة اعتباطية ,فالداؿ بكونو ا١تلموس ىو الواقع ُ,ب
حُت أف ا١تتخيل ىو مدلوؿ أي الصورة الذىنية ٢,تذا يصعب بل يستحيل الفصل بينهما ألهنما وجها
5
لعملة واحدة".
وما تبيناه ُب األخَت أف عبلقة ا١تتخيل بالواقع عبلقة تكامل وتبلحم وترابط ,ألف ا١تتخيل
انعكاس للواقع ,فالرواية ابنة ا٠تياؿ والواقع ,فاإلنساف يتخذ الواقع منطلق لتخيل ,مثل )مدونة
. البحث(
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
ملخص الرواية:
تستعرض لنا الكاتبة ُب أزيد من ستُت صفحة طبيعة اٟتياة ُب البيئة الصحراوية احملافظة من
خبلؿ منطقة "اعميش" اليت دارت فيها أحدث الرواية وىو االسم القدمي ١تنطقة الرباح بوالية الوادي
,من خبلؿ تسليطها الضوء على عادات وتقاليد ىذه ا١تنطقة واستفاضتها ُب سرد طريقة عيشهم
وعادااهم وتقاليدىم وسلوكيااهم وعبلقااهم.
ٖتكي الرواية ,واقع ا١ترأة ُب ٣تتمع ٤تافظ وما تعانيو من إ٫تاؿ ونظرة دونية ,حىت وىي بكامل
قواه العقلية فما بالك بإعاقة ذىنية مثل "عايشة" ,وتشَت الكاتبة للعقلية الذكورية وما ٘تارسو من
سلطة قهرية ٕتاه األنثى ,فهذا ا١تسرود إدانة صر٭تة وواضحة لؤلسرة بدرجة األوذل وللمجتمع لتملصو
من واجبة ٕتاه ىذه الفئة )ذوي االحتياجات ا٠تاصة(من اجملتمع.
بدأت الرواية "عايشة" باستباؽ لؤلحداث ,إذ تسرد علينا الكاتبة ٟتظة والدة "عايشة" وما
تعانيو من آالـ ا١تخاض وحدىا ببل مؤنس وال حبيب ٖتت أشعة مشس اٟتارقة,بعد أف زودىا ذلك
الغريب بصرة ٘تر واختفى ُب الصحراء وتاركاً إياىا وحدىا تنازع آالـ ا١تخاض ,كانت اهروؿ جيئتًا
وذىابا لعلها ترى طيفو دوف جدوى ,إذل أف خارت قواىا و٘تددت على األرض ,وفجأة أظلها
شيء .فتحت عينيها إذ بالغريب عند رأسها يرش ا١تاء عليها ,بعد برىة اشتدت آالـ ا١تخاض عليها,
وصرخت صرخة واحدة وسكتت ,ليتعاذل صوت الصغَت ُب األرجاء.
"عايشة" فتاة فتية ُب مقتبل العمر ٝ ,تاىا والداىا هبذا االسم ألهنا الوحيد اليت عاشت ٢تم بعد
الفقد ا١تتكرر ألبنائهم حديثي الوالدة ,ولكن عاشت بعاىة ذىنية تطورت إذل ٗتلف عقلي نتيجة
ٟتُ َّمى شديدة ٗ,تلى عنها والداىا لصاحل العمل خارج الوطن عندما كانت ُب الثامنة من عمرىا,
"القادة " ,حياة بائسة ألف اٞتدة دل تكن ٖتبها وال اهتم هبا وتعايرىا
ّ لتعيش مع جداها ألمها
بقو٢تا:أىلك طيشوؾ ,ونايا واش اندير بعقونو ,كانت تضرهبا وتوٓتها و٘تطرىا بوابل من الشتائم
ألتفو األسباب٦ ,تا ٬تعلها تفر إذل الشارع ,لتجوب األزقة على صياح الصبية عايشة العقونو ,عايشة
ٯتن عليها أىل
العقونو,كانت حُت ٖتس باٞتوع دل تكن تسرؽ بل تقف أماـ البيوت وحوانيت حىت َّ
"اعميش " بقطعة خبز .بعد ظهور عبلمات األنوثة عليها تتعرض لبلغتصاب من طرؼ حبلؽ القرية
38
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
يسمى "عباس" ليجعل منها حقل لتجارب ,ليتأكد من خبل٢تا على قدرتو على اإل٧تاب ويفلت من
العقاب ,بعد أف ضيع مالو على العبلج دوف جدوى,بعدما فعل فعلتو الشنيعة ,بدأ "عباس" ٭تس
بندـ ويلوـ نفسو على ما اقًتفو ْتق "عايشة" ,لدرجة أف النوـ جفاه والحقتو الكوابيس خاصة بعد
اٞتدة أف
علم "صاحل" و"حورية" زوجتو ْتادثة االغتصاب ٦تا دفعو لبلنتحار,بعد مدة تكتشف ّ
اٞتدة ُب
"عايشة" حامل وتبدأ ُب ٤تاولة إجهاضها ,و لكن كل ٤تاوالاها باءت بالفشل ,وأصبحت ّ
حَتة من أمرىا ىي دل تستطع االعتناء بعايشة وحدىا فما بالك "عايشة" وطفلها ,اتصلت اٞتدة
باألـ كمحاولة أخَتة لعلها تأخذ ابنتها فما كاف من األـ إال أهنا قالت :عادي مامي إديها لسبيطار
يطيحوه ,فازداد غضب اٞتدة,بينما ىي كذلك إذا بالباب يُطرؽ ,وكاف الطارؽ "صاحل ",صاحل رجل
اٞتدة بدخوؿ ٍب روي ٢تا قصة االغتصاب ,ويطلب يد
تريب ُب "اعميش" من أصل تشادي ,استأذف ّ
اٞتدة ظنت أنو ىو الفاعل وجاء لطلب يدىا ليغطي عن فعلتو ,وبعد ذىاب
عايشة للزواج ,ولكن ّ
وقصت
"صاحل" ٔتدة إذ بالباب يطرؽ من جديد ,الطارؽ ىذه ا١ترة "حورية" زوجة "عباس" جلست ّ
عليها كيف كانت شاىدة على واقعة اغتصاب ,وأخرباها أف "عباس" يأتيها ُب مناـ كل ليلة ,ويطلب
"القادة" أف "عايشة" حامل
ّ منها االىتماـ باألمانة اليت عند "عايشة" ,وال تعرؼ ما ىي فأخرباها
,وأف "صاحل" طلب يدىا لزواج ,و لكن حورية رفضت وطلبت منها أف تربط "عايشة" إذل أف تلد و
تأخد الطفل فغضبت اٞتدة من ىذا الكبلـ وطرداهاٍ .ب ألقت ببصرىا ناحية مكاف "عايشة" فلم
ٕتدىا ْ,تثت عنها فلم يظهر ٢تا أي أثر وطالت ا١تدة واختفت "عايشة" واختفى "صاحل"بعد الكبلـ
اٞتارح الذي يسمعو من أىل "اعميش",حىت عقونة ىربت منك ,ليعود بعد سنتُت بيده طفلة
صغَتة ,ليلتقي حورية راجعة بطفلها من ا١تشفى تسأؿ "حورية" الفتاة مااٝتك ٬ ,تيبها "صاحل"
"عايشة" ,و يدخبلف ُب حديث طويل ,بينما "عباس" و"عايشة" يلعباف وتنتهي القصة على ىذا.
39
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
-2اصطالحا:
ظهر السرد كعلم ُب العصر اٟتديث ,ومنذ ذلك أخذتو األقبلـ النقدية بالدراسة وىذا ما
" معرفًا السرد بأنو" : Gérard Genette. أدى إذل تعدد ُب مفهوـ السرد يقوؿ" "جيرار جنيت
الفعل السردي ا١تنتج وبالتوسع على ٣تموع الوضع اٟتقيقي أو التخييلي الذي ٭تدث فيو ذلك
الفعل" 1أي أنو فعل منجز سواء كاف حقيقيا أو متخيبل .
و بنفس ا١تفهوـ ورد تعريف آخر " السرد ىو مصطلح عاـ الذي يشتمل على قص حدث
أو أحداث أو خرب أو أخبار سواء كاف ذلك ُب صميم اٟتقيقة أـ من ابتكار ا٠تياؿ " . 2أي أنو
سرد حدث أو خرب سواء كاف حقيقيا أو متخيبل.
أما "حميد لحميداني" فَتي "أف السرد ىو اٟتكي الذي يقوـ على دعامتُت أساسيتُت:
-أو٢تما :أف ٭تتوي على قصة ما تضم أحداثا معينة .
سردا .ذلك أف
يعُت الطريقة اليت ٖتكي هبا القصة وتسمى ىذه الطريقة ً
-وثانيهما :أف ّ
السرد ىو الذي يعتمد
القصة واحدة ٯتكن أف ٖتكى بطرؽ متعددة ,و٢تذا السبب فإف ّ
3
عليو ُب ٘تييز أ٪تاط اٟتكي بشكل أساسي ".
و يضيف ":أف السرد ىو الكيفية اليت تروى هبا القصة عن طريق ىذه )القناة " الراوي-
القصة ا١تروي لو( نفسها ,و ما ٗتضع لو من مؤثرات ,بعضها متعلق بالراوي وا١تروي لو والبعض
اآلخر متعلق بالقصة ذااها " . 4أي أف السرد ىو األسلوب الذي يتبعو الراوي ُب سرد أحداث.
وْتسب " سعيد يقطين" السرد ىو :فعل ال حدود لو ,يتسع ليشمل ٥تتلف ا٠تطابات سواء
5
السرد
ّ دائرة من يوسع أنو .أي كانت أدبية أو غَت أدبية يبدعو اإلنساف أينما وجد وحيثما كاف "
السرد األديب فقط.
وال يقصره على ّ
1جَتار جنيت ,خطاب اٟتكاية ْتث ُب ا١تنهج ,تر ٤ /تمد معتصم وآخرين ,اجمللس األعلى للثقافة ,بالقاىرة ,ط, 1997 ,2ص . 39
2وجدي وىبة ,كامل ا١تهندسُت ,معجم ا١تصطلحات ألدبية ُب اللغة واألدب, ,ص198
ٛ 3تيد ٟتميداين ,بنية النقد السردي من منظور النقد األديب ,ا١تركز الثقاُب العريب بَتوت ,ط, 1991 ,1ص . 45
4ا١ترجع نفسو,ص 45
5سعيد يقطُت ,الكبلـ وا٠ترب "مقدمة للسرد العريب " ,ا١تركز الثقاُب العريب ,بَتوت ,دار البيضاء ,1997ص . 19
41
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
" و عن ىذه الكلمة جاء ا١تصطلح اإل٧تليزي " " personalityداال على الشخصية و صارت
كلمة " "personتعٍت مصطلحا أدبيا ٔتعٌت ) القناع األديب ( ,أي صار ُب النقد يدؿ على الذات
1
أوجها متعددة رٔتا الروائي نفسو أحد تلك األوجو"
الفاعلة ضمن العمل األديب ,فتتخذ ىذه الذات ً
"و اٟتق أف اشتقاؽ اللغة العربية يعٍت من وراء اصطناع تركيب )ش خ ص( وذلك كما نفهم
٨تن ا للغة العربية على األقل من ضمن ما يعنيو ,التعبَت عن قيمة حية عاقلة ناطقة ,فكأف ا١تعٌت
إظهار شيء وإخراجو و٘تثيلو وعكس قيمتو ...وال يعٍت أصل ا١تعٌت ُب اللغات الغربية إال شيئا من
ذلك ".2أي أهنا ٔتعٌت إظهار الشيء و إخراجو و ٘تثيلو و عكس قيمتو ,و ىي بنفس ا١تعٌت ُب اللغة
العربية و اللغات الغربية.
-2-1اصطالحا:
تعدد تعريفات الشخصية ُب االصطبلح ,لذا ٧تد من يعرفها بأهنا " :وغٍت عن البياف أف
الشخصية الروائية ليست ىي ا١تؤلف الواقعي وذلك لسبب بسيط ىو أف الشخصية ٤تض خياؿ
يبدعو ا١تؤلف لغاية فنية ٤تددة يسعى إليها,وتؤدي القراءة الساذجة ,من جانبها إذل سوء التأويل
ذاؾ حيث ٗتلط بُت الشخصيات التخيلية واألشخاص األحياء أو تتطابق بينهما " .3أي أف
الشخصية ىي من صنع خياؿ ا١تؤلف ,والشخصيات التخيلية ال ٘تثل األشخاص اٟتقيقيُت,والقراءة
الساذجة وبسيطة ىي اليت تؤدي إذل ا٠تلط بُت الشخصيات التخيلية واألشخاص اٟتقيقيُت,أو
التطابق بينهما.
ومن النقاد الغربيُت الذين اىتموا ٔتفهوـ الشخصية "تودوروف تزفيتان "Tzvetan Todorov.
ْتيث يقوؿ ":إف قضية الشخصية ىي قبل كل شيء قضية لسانية ,فالشخصيات ال وجود ٢تا خارج
الكلمات ألهنا ليست سوى )كائنات من ورؽ( ,ومع ذلك فإف رفض وجود آية عبلقة بُت الشخصية
1سعد عودة حسن عدواف ,الشخصية ُب أعماؿ أٛتد رفيق عوض الروائية دراسة ُب ضوء ا١تناىج النقدية ,نبيل خالد أبو علي ,مذكرة ماجستَت,
اللغة العربية ,اٞتامعة اإلسبلمية ,بغزة ,2014,ص .6
2عبد ا١تلك مرتاض ُ,ب نظرية الرواية ,ص . 75
3حسن ْتراوي ,بنية الشكل الروائي) الفضاء الزمن الشخصية( ,ا١تركز الثقاُب العريب ,ط ,1990, 1ص. 213
44
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
و الشخص يصبح أمر ال معٌت لو :و ذلك أف الشخصيات ٘تثل األشخاص فعبل و لكن ذلك يتم
طبقا لصياغات خاصة بالتخيل " .1ىذا ا١تفهوـ عكس ا١تفهوـ األوؿ,إذ يرى أف الشخصية ىي قضية
لغوية ,أي أهنا كائنات من ورقة ,من صنع خياؿ ا١تؤلف ,و ىذه الشخصيات تعرب عن األشخاص,
و٧تمل القوؿ أف " تودوروؼ" جعل الشخصية قضية لسانية ,وتؤكد على عبلقة بُت الشخصية
والشخص ألف الشخصيات ُب نظره ٘تثل التشخيص .
" أف الشخصية ":وحدة داللية تولد من هامونPhilippe Hamon. ويؤكد " فيليب
ظ هبا عنها " .2أي أف الشخصية ُب
ظ هبا أو يػُتَػلَ َف ُ
وحدات ا١تعٌت وال تبٌت إال من خبلؿ ٚتل تَػتَػلَ َف ُ
العمل الروائي تتشكل دالالاها شيئا فشيئا ,وتنمو صورة الشخصية من خبلؿ ما يتم عرضو حو٢تا من
اٞتمل ا١تتعلقة هبا .
و لكوف الشخصية العمود الفقري الذي تقوـ عليو الرواية والقصة وا١تسرح ٧,تد من عرفها
بأهنا" مصدر إمتاع و تشويق ُب القصة لعوامل كثَتة " 3أي أف الشخصية ىي مصدر ا١تتعة و
التشويق.
وىناؾ من يعترب الشخصية " مز٬تا من الواقع والوىم ,فهي وىم واقعي أو واقع و٫تي " 4أف
الشخصية ٕتمع بُت الواقع و ا١تتخيل.
و٩تتم كحوصلة جامعة ْتكم أف مفهوـ الشخصية ٮتتلف من ناقد إذل ناقد و من باحث إذل
آخر وتعدد زوايا النظر إليها و بتعدد األىواء و اإليديولوجيات و ا١تذاىب ...اخل ,هبذا ا١تفهوـ"
الشخصية ىذا العادل ا١تعقد الشديد الًتكيب ا١تتباين التنوع ...تتعدد الشخصية الروائية بتعدد األىواء
وا١تذاىب و اإليديولوجيات و الثقافات و اٟتضارات و ا٢تواجس و الطبائع البشرية اليت ليس لتنوعها
5
وال الختبلفها من حدود "
٤ 1تمد بوعزةٖ ,تليل النص السردي تقنيات ومفاىيم ,منشورات االختبلؼ ,ط ,2010 1ص . 57
٤ 2تمد علي سبلمة ,الشخصية الثانوية ودورىا ُب ا١تعمار الروائي عند ٧تيب ٤تفوظ ,دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ,اإلسكندرية ,د ط,2007 ,
ص . 25
46
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
1
يراقب صراعها ,و انتصارىا أو إخفاقها وسط احمليط االجتماعي أو السياسي الذي رمى هبا فيو "
أي ىي اليت ٮتتارىا القاص أو الراوي كوسيلة لتعبَت عما أراد تصويره ,و تكوف مستقلة و ال يتدخل
القاص فيها.
و "ىي اليت تقود الفعل وتدفعو إذل األماـ ,وليس من الضروري أف تكوف الشخصية الرئيسية
بطل العمل دائما ,و لكنها الشخصية احملورية و قد يكوف ىناؾ منافس ٢تذه الشخصية " 2أي أهنا
ىي من تدفع العمل لؤلماـ ,ليست بضرورة أف تكوف الشخصية الرئيسية بطل العمل و لكنها تكوف
٤تورية ُب العمل .
٦تا أسلفنا ذكره نستنتج أف الشخصية الرئيسية ىي احملور والركيزة اليت يقوـ عليها العمل
السردي ,كوهنا مدار األحداث اليت تقود الفعل و تدفعو إذل األماـ ,وقد تكوف شخصية واحدة ,وقد
تكوف متعددة ,كما ىو اٟتاؿ ُب رواية "عايشة" مدونة البحث .
بعدما أمعنا النظر ُب مفهوـ الشخصية الرئيسية من خبلؿ اٞتانب النظري ,ننتقل إذل الشق
التطبيقي و نتبُت الشخصيات الرئيسية ُب رواية " عايشة " .
جل اىتمامها على أربع شخصيات
ت ّ صبَ ْ
من خبلؿ قراءتنا للرواية تبُت لنا أف الكاتبة َ
القادة ,عباس ,وصاحل ( كبل من ىذه الشخصيات
السرد وىي) :عايشةّ ,٤تورية فاعلة ُب سَت عملية ّ
ظهر بطابع منفرد وسلوؾ خاص وخصائص جسيمة ونفسية واجتماعية ٘تيزه عن غَته و ىذا ما
ستبينو فيما يلي :
االسم يُعترب من السمات ا١تميزة للشخصية ,وأحيانا ٭تيلنا إذل الشخصية مباشرة ,ألف من
ا١تعلوـ أف الروائي ال يسمى شخصياتو اعتباطا ,بل يتوخى أف يدؿ االسم على الشخصية ,و تكوف
ٔت ثابة معادؿ موضوعي ٢تا ,وقد يطلق الكاتب على الشخصية ألقاب مهنية بدؿ أٝتاء مثل,
الفبلح ,ا١تهندس ,ا١تعلم ,أو ينسبهم إذل أوطاهنم مثل مصري مغريب ,جزائري ...أو يطلق عليهم
1شريبط أٛتد شريبط ,تطوير البنية الفنية ُب القصة اٞتزائرية ا١تعاصرة , 1985-1947,ص . 32
2إبراىيم فتحي ,معجم ا١تصطلحات األدبية ,ص .212
47
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
ٝتات وصفية مثل القائد ,اٞتندي ,األمَت ,و٬تب أف تكوف األٝتاء متناسبة مع مسميااهاْ ,تيث
يكوف ُب النص مصداقية فبل يسمى األمُت با٠تائن ,وال الكرمي بالبخيل ...اللهم إال إذا أراد ا١تفارقة.
وما ٟتضنا من األٝتاء اليت أطلقتها الكاتبة على شخصيااها ُب الرواية أف منها ما ٭تيلنا إذل
القادة وصاحل وحورية ومنها ما فيها مفارقة بُت االسم والشخصية مثل
الشخصية مباشرة مثل ّ
عايشة و عباس .
أوال /عايشة) :بتخفيف الهمزة إلى "ياء" (:
بالعامية السوفيةٝ ,تاىا أىلها هبذا االسم تيمنِّا منهم أف تعيش ٢تم بعد الفقد ا١تتكرر ألبنائهم
حديثي الوالدة ,و ىي الشخصية احملورية اليت من أجلها نسج ىذا ا١تتخيل الروائي و االسم اختارتو
الكاتبة كصرخة منها أف من حق اإلنساف العيش الكرمي حىت و إف ولد بتخلف ذىٍت ,فهذا ال
يعطي لآلخرين حق سلبو اٟتياة الكرٯتة ,و أيضا اختيار االسم كاف ٭تمل الصفات اليت ٗتدـ الدور
ا١تنوط إليها ,فعايشة ُب اللغة من " عيش :العيش ٔتعٌت اٟتياة ,والعائش ذو حالة حسنة" 1و
3
أيضا ٔتعٌت "حية" ,2و ىي "ذات حياة و حالة حسنة ".
و "عايشة" ُب الرواية اسم على غَت مسمى ,عاشت نعم ,و لكنها دل ٖتيا عاشت بعاىة
ذىنية مستدٯتة ,دل يكف أهنا عاشت بعاىة سلبتها حق العيش بطريقة طبيعية بل زاد عليها جور و
ظلم البشر و استغبل٢تم ٢تا ,بسبب ما جعلوىا تعانيو ُب حيااها من مصاعب و قسوة و فقداف
للحناف و الرعاية األبوية و حرماهنا من حضن األسرة الدافئ منذ نعومة أظافرىا .
للشخصية عدة أبعاد ,سنفصل ُب ىذه األبعاد فيما سيأٌب:
1شريبط أٛتد شريبط ,تطور البنية الفنية ُب الفقو اٞتزائرية ا١تعاصرة ,ص . 35
2عبد القادر ابو شريفة ,مدخل إذل ٖتليل النص األديب دار الفكر العريب ,ط ,2008, ,4ص . 23
3حواء حنكة ,عايشة ,إصدار الرابطة الوالئية للفكر واإلبداع بوالية الوادي ,سامي للطباعة والنشر والتوزيع ط, 2016 ,1ص. 13
49
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
2البعد االجتماعي:
يظهر من خبلؿ عبلقة الشخصية بغَتىا من الشخصيات ,إذ يهتم السارد "بتصوير
الشخصية من حيث مركزىا االجتماعي ,و ثقافتها و ميو٢تا و الوسط الذي تتحرؾ فيو" 1أي أف
السارد يهتم بكل ما يتعلق باٞتانب االجتماعي للشخصية.
كما يصور الروائي البعد االجتماعي للشخصية من خبلؿ مكانتها االجتماعية "حيث تتعلق
ٔتعلومات حوؿ وضع الشخصية االجتماعي وإيديولوجيتها وعبلقتها االجتماعية ) ا١تهنة ,طبقتها
االجتماعية :عامل /الطبقة ا١تتوسطة /برجوازية /إقطاعي ,وضعها االجتماعي :فقر /غٌت
2
أيديولوجيتها رأٝتارل ,أصورل ,سلطة "...
حيث أنو "بإمكاننا أف نعرؼ من خبل٢تا كل ما يتعلق ْتياة الشخصية كا١تستوى التعليمي,
وأحوا٢تا ا١تادية وعبلقااها بكل من حو٢تا 3 "...أي كل ما لو عبلقة بالشخصية من ميوؿ ,أفكار
الطبقة االجتماعية اليت تنتمي إليها ,ا١تستوى التعليمي ...
ويتمثل البعد االجتماعي "لعايشة" ُب اٟتالة االجتماعية اليت تعيشها ,فعايشة من ذوي
االحتياجات ا٠تاصة ,وىذا ما ذكرتو الرواية ُب ىذا ا١تقطع السردي " ...لكن بعاىة مستدٯتةٗ ,تلف
ذىٍت تطور فيما بعد إذل مرض عقلي ,نتيجة تعرضها ٟتمى شديدة أفقداها التوازف بالذاكرة " 4وُب
5
,رٝتت الكاتبة ا١تعاناة مقطع آخر تقوؿ ":ولو كاف للبنت ذاكرة ْتجم حبة القمح "...
واألوضاع االجتماعية اليت عاشتها من ٗتلي أىلها إذل إ٫تاؿ وعدـ عناية ورعاية اٞتدة ٢تا وأيضا
طريقة تعامل اجملتمع مع ىذه الفئة ,فلرٔتا أف اٟتيوانات يرعوهنا ويهتموف هبا و٭تًتموهنا أكثر من
عايشة فهم ال يعتربوهنا إنساف من حقو أف ٭تًتـ .
1شريبط أٛتد شريبط ,تطور البنية الفنية ُب الفقو اٞتزائرية ا١تعاصرة ,ص . 35
٤ 2تمد بوعزة ٖ ,تليل النص السردي تقنيات ومفاىيم ,ص . 40
٤ 3تمد غنيمي ىبلؿ النقد األديب اٟتديث ,دار العودة ,بَتوت ط ,1982 ,1ص . 614
4الرواية ,ص .08
5الرواية ,ص .10
50
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
تقوؿ الكاتبة" :وما إف جاءاهما الفرصة للسفر خارج الببلد قصد العمل ....حىت تركاىا
1
وتضيف أيضا" كانت عايشة ُب الثامنة من ٞتداها من أمها القادة لًتعاىا حىت يستقرا"
العمر,حيث تركها والداىا ورحبل إذل ديار الغربة , 2 "..وأصبحت عايشة بعمر ا١تراىقة ودل يسأؿ
أىلها عنها تقوؿ الكاتبة ":وىا قد صارت اآلف با٠تامسة عشر إنو عمر ا١تراىقة يسميو علماء النفس
ب " عمر اٞتنوف ".ما سيسمونو يا ترى ١تن ىم مثلها ؟ عمر اٞتنوف مع اٞتنوف" 3ىذه الفًتة من
العمر يكوف صعب التعامل فيها مع األسوياء فما بالك ٔتن ىم ٔتثل عايشة.
وتصف لنا الكاتبة كيف كانت "عايشة" تتصرؼ إذ تتقوؿ ":حُت ٕتوع دل تكن تسرؽ من
الدك اكُت ا٠تبز والفاكهة ,بل تقف عند باب احملل مطوال إذل أف يتصدؽ عليها صاحبو أو
4
يطردىا,أيضا ال تدخل البيوت ,تنتظر عند عتبة الباب إذل أف ٯتنحوهنا شيئا ٖتنانا عليها " ...
أي أهنا مسا١تة ال تؤذي أحدا.
عايشة دل ٖتض كباقي من ُب عمرىا باىتماـ ودؼء العائلة فهي تقضي معظم وقتها بالشارع
5
" ...فهي طواؿ اليوـ بالشارع وإف حصل وعادت فهي تأٌب مسرعة ,تتكور ُب فراشها ٍب تناـ "
وتضيف أيضا ....تسَت بالشارع دوما عارية الرأس 6"...أي أف عايشة تسكن الشارع ,كأهنا دوف
مأوى تذىب إليو,وىذا كلو ىروبا من معاملة اٞتدة السيئة ٢تا.
وذكرت الكاتبة كيف كانت تػُ َع َامل عندما ٗترج من البيت كيف كانوا يعتربوهنا وسيلة تسلية
ولعب ... ":اهروؿ للشارع ٕتريُ ,ب األزقة غَت عابئة بكم اٟتجارة اليت تصيبها ,و ال بصياح
الصبية خلفها ":عايشة العقونة ,عايشة العقونة ,عايشة العقونة ",7و٧تد أيضا ُب موضع آخر ":
مرت أمامو ٕتري والصبية خلفها يرموهنا باٟتجارة" 1و تضيف ُب مقطع سردي آخر قائلة ":و ما إف
يهاٚتها الصبية باٟتجارة ترفع ثوهبا وٕتري فارة منهم ,يروهنا فيغرقوف بكركرة طويلة بينما يقف
2
ا١تراىقوف منهم ٓتشوع يتابعوف بدقة معاينة كل سنتمًت من جسدىا الظاىر للعياف بفضوؿ جامح"
أي أنو كانوا يعتربوهنا وسيلة لًتفيو عن أنفسهم.
وبعد تكفل صاحل ْتمايتها "دل يعد أي صيب قادر على االقًتاب منها حىت نسوىا وانشغلوا
باخًتاع العاب أخرى" 3أي أهنم كانوا يعتربوهنا وسيلة للعب والتسلية ٍ,ب زىدوا فيها ,بعد تصدي
صاحل ٢تم .
كل ما حصل لعايشة كاف ا١تتسبب فيو أوال أىلها الذين تركوىا ودل يسألوا عنها وثانيا معاملة
اٞتدة القاسية لعايشة وعدـ االىتماـ هبا وال ما جرى معها ,إذ ٧تدىا ترد بكل برودة عندما جاءىا
الصبية ٮتربوهنا أف حصاف عمي جلوؿ عض عايشة ما كاف منها إال أف طرداهم وقالت ... ":
4
.كانت تغضب من حركااها العفوية,تقوالكاتبةٍ " :ب حصاف ٣تنوف عض ٣تنونة وين ا١تشكل "
ٕتلس تعد أصابعها ,ىذه اٟتركة بالذات ٕتعل القادة تستشيط غضبا " .5و أيضا من ا١تقاطع
6
السردية اليت ذكرت فيها طريقة تعامل اٞتدة مع عايشة ":اىلك طيشوؾ و أنا واش ندير بعقونة"
أي أف القادة كاف ترفض بقاء عايشو عندىا ,إذا كاف أىلها تركوىا و رحلوا ماذا تفعل ىي هبا.
و٧تد أيضا ...":فهي ال ٖتب ثرثرة النساء حوؿ إ٫تا٢تا للبنت ُب اٟتقيقة ىي تعرؼ أهنا
7
اهملها "
تذكر الكاتبة أف سبب معاملة اٞتدة لعايشة هبده ا١تعاملة اليت ال رٛتة وال شفقة فيها ,ىي
القادة من ابنتها " الفتور و البلّمباالة ال ّذي تلقاه من ابنتها ا١تسافرة ,ىو
الفتور والبلّمباالة الذي تلقاه ّ
1الرواية,ص.9
2الرواية ,ص.30
3الرواية ,ص .31
4الرواية ,ص .33
53
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
لبلغتصاب من طرؼ حبلؽ القرية .ىذا يبُت لنا سلبية اجملتمع ,وكيف أنو ٣تتمع يفتقد لثقافة احًتاـ
اآلخر مهما كاف ,وبالعكس الفئة اليت تنتمي إليها عايشة أكثر فئة ٖتتاج من اجملتمع االىتماـ واٟتب
والتقدير .فعايشة كانت ضحية إ٫تاؿ والداىا ومعاملة جداها ,واجملتمع .
-3البعد النفسي )السيكولوجي(:
يهتم باٟتالة النفسية للشخصية ,ىي األوصاؼ الداخلية للشخصية اليت تتضمنها الرواية
":اليت يربع السارد ا٠تارجي ُب تقدميها بناء على قدرتو على معرفة ما يدور ُب ذىن الشخصية
وأعماقها " 1أي أف السارد ىو الذي يقوـ بإبراز ما يدور ُب ذىن الشخصية وأحوا٢تا النفسية من
مشاعر و عواطف و طبائع و سلوكيات و مواقف من القضايا اليت ٖتيط هبا .
وأيضا " الشخصية من أصعب معاين علم النفس تعقيدا ,وتركيبا وذلك ألهنا تشمل الصفات
اٞتسمية و الوجدانية ,وا٠تلقية ُب حالة تفاعلها مع بعضها البعض لشخص معُت يعيش ُب بيئة
اجتماعية معينة " 2أي أف الشخصية تشمل الصفات اٞتسمية والوجدانية وا٠تلقية لشخص يعيش
ُب بيئة اجتماعية معينة.
والبعد النفسي ٬تمع بُت البعدين السابقُت ,و يتمثل أيضا ىذا البعد ُب ما ٯتيز الشخصية عن
باقي الشخصيات مثل الطيبة ,اٟتناف ,القسوة ,الثرثرة ... ,أيضا ما يظهر عليها من انفعاالت
وأحاسيس وعواطف مثل الفرح ,ا٠تزف ,الغضب ,ا٠توؼ .
من خبلؿ دراسة األبعاد ٧تد أهنا متداخلة فيما بينها وأف ىذه األبعاد ىي اليت تكوف
الشخصية ,فالشخصية مركبة من ىذه األبعاد الثبلث األساسية " اٞتسمية والنفسية واالجتماعية "
وال ٯتكن ألي شخصية أف تكوف معدومة منها .
فافًتعن ثغرىا
أما البعد النفسي " لعايشة " فتصفها الكاتبة أهنا صاحبة ابتسامة ناعمة " ّ
ابتسامة ناعمة " , 3وُب موضع آخر تضيف " :تراءت لو تلك االبتسامة الناعمة .1 "...
1أٛتد مرشد ,البنية والداللة ُب روايات نصر اهلل ,دار فارس للنشر والتوزيع ,بَتوت ,ت ط ,2003, 1ص . 68
2عبد ا١تنعم ا١تيبلدي ,الشخصية و سيمااها ,مؤسسة شباب اٞتامعة اإلسكندرية ,د ط , 2006,ص . 25
3الرواية ,ص .25
54
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
كما تظهر مبلمح ا٠توؼ واٟتزف على عايشة إذ تقوؿ الكاتبة ":عادت عايشة مبكرا دوف
ضحكتها البلهاء .2 "...
وتضيف" ...صحيح أهنا تتسمر ىلعة كلما رأت عيناىا تتسع وٖتمر مع حركة شفتيها السريعة
إال أهنا ال ترد إال بابتسامتها البلهاء ا١تعهودة 3"...وأيضا ٧تد حالة خوؼ لعايشة " ...فصاحت
4
عايشة فزعة "...
5
وذكرت الكاتبة أف عايشة كانت مسا١تة وال تؤذي أحدا " ..دل تكن عدائية مطلقا "...
وتضيف قائلة " ...و٭تدث أحيانا أف ٯتنحها ا١تارة بعض الدنانَت ,يفتكها األطفاؿ منها فبل
اٞتدة . 6 "...
تبدي أي نوع من ا١تقاومة سوى ا٢تروب فزعة إذل بيت ّ
و٧تد الكاتبة تصف حالة جنوف ىستَتي لعايشة بسبب حلم " ىبت عايشة من الكابوس
جالسة يغسلها العرؽ ,فتحت عينيها على وجو اٞتدة فصرخت والتصقت باٞتدار ,اقًتبت اٞتدة
منها بلطف لتسقيها ا١تاء ,لكن عايشة ظلت اهرب منها وتصرخ بسملت اٞتدة واقًتبت منها أكثر
بكل
فإذا هبا اهاٚتها :اختطفت عايشة إناء ا١تاء من يدىا فتناثر ما فيو بأرض الغرفة وراحت تضرهبا ّ
ما أوتيت من قوة .القادة مطروحة أرضا تقاوـ الضربات ,وعايشة ْتالة جنوف ىستَتي ال تتوقف عن
7
الضرب حىت غابت القادة عن الوعي "...
ّ
تبينا من خبلؿ البعد النفسي أف عايشة كأي إنساف طبيعي تشعر بالفرح واٟتزف وا٠توؼ وال
دخل لتخلف الذىٍت هبذا ,ىذه فطرة اإلنساف ,وأحيانا ٧تد مرضها يسطر عليها فتظهر حاالت من
العصاب الذىٍت وحالة من الثورة ا٢تستَتيّة ,كما ٧تد تذبذب ُب وصفها فكاتبة تصفها تارة أهنا
مسا١تة وال تؤذي أحدا ,ومرة تظهرىا لنا ُب قمة التوحش والعنف مع جداها! .
القادة:
ثانياّ /
جدة عايشة ألمها ,وىي من كانت ترعاىا ُب غياب أىلها والقادة اسم قدمي ٔتعٌت ا١ترأة القادرة
قادة
وشداها فيقاؿ بلهجة أىل "اعميش" ",امرأة ّ على ٖتمل أعباء اٟتياة وىناؾ من تكٌت بو لغلطتها ّ
أو مقدودة" ,1وىي ا١ترأة " القوية", 2وأيضا ىي ا١ترأة "ا١تستطيعة ٖتس التقدير",3.وُب اللغة القادة من
وم ْق ُد َرةٌ:أي ٔتعٌت ,ويقاؿ :مارل عليو م ْق َدرةُ ِ
وم ْقد َرةُ َ
َ َ َ الفعل"قدر:قَ ْد ُر الشيء مبلَغُو وقَ َد َر اهلل وقَ ْد ُرهُ َّ
فبلف ليلةٌ ِ
قاد َرة ,إذا كانت ليِّػنَةَ السَت أرض ٍقُ ْد َرةُ ,ورجل ذو قُ ْد َرةٍ أي ذو يسار,ويقاؿ :بُت أرضك و ِ
,واالقتدار على الشيء :ال ُق ْد َرةُ عليو".4
1ـ البعد الجسمي ) الخارجي( :
أوردت الكاتبة بعض ا١تظاىر والصفات ا٠تارجية ا١تتعلقة بشخصية " القادة " نتوضح ىذا
من قو٢تا ":امرأة ُب عقدىا السادس ,أرملة مات زوجها منذ سنوات وىو عائد من اٟتج " 5وُب
مقطع سردي آخر تقوؿ ":ىي سيدة ٚتيلة ,دل تستطيع سنوات العمر الستُّت أف تسرؽ منها
ٚتا٢تا البدوي األصيل ,عيناف واسعتاف ذاتا نظرة َحادةَّ ,ووجو مستدير ,شفاه غليظة وأنف رقيق "
, 6وتضيف أيضا ":عجوز ستينية ال تقوى على اٟتركة ".7
-2البعد االجتماعي
يقوـ ىذا البعد على إبراز ا٢تيئة االجتماعية ,تعد شخصية " القادة" من الفئة ا١تتوسطة ُب
اجمل تمع ,ومن كبار السن ,كانت امرأة اجتماعية وال تعاين من أي مشاكل صحية قبل رعاية
عايشة ولكن بعد رعايتها لعايشة تغَت حا٢تا فقد جاء على لساف الكاتبة" :كانت اجتماعية ُب
سابق عهدىا ودل تكن تعاين من أي مرض ,بعد موافقتها لرعاية عايشة ,عانت من ارتفاع الضغط
1الرواية,ص.11
2
اٟتي ,قاموس األٝتاء العربية وا١تعربة,ص. 96
3جنّا نصر ّ
شفيق األرناؤوط قاموس األٝتاء العربية وا١تعربُت ,ص. 135 ,
4اٞتوىري ,تاج اللغة وصحاح العربية ,تح ٤ /تمد ٤تمد تامر وآخروف ,دار اٟتديث ,دط 2009,ص.920, 919
5الرواية ,ص .11
6الرواية ,ص .11
7الرواية ,ص . 12
56
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
الدموي ,السكري و باتت انطوائية ال ٗترج إال لشيئُت التعزية إف مات أحد اٞتَتاف أو لشراء لوازـ
1
البيت "
-3البعد النفسي :
رٝتت لنا الكاتبة ُب عدة مقاطع سردية مبلمح و صفات لشخصية "القادة" ,اىتمت كثَتا
إلبراز األبعاد النفسية ٢تذه الشخصية ,وصفت الكاتبة "القادة" بأهنا تكن اٟتقد والكره لعايشة إذ
تقوؿ ...":ىو ما زود حقدىا وكرىها لعايشة كانت دائمة الصراخ ُب وجهها لسبب أو دوف سبب,
يقينا ٨تن ال ٨تتاج لنعامل شخص ما بقسوة إف كنا نكرىو ىي كانت كذلك ترميها دوما بعبارااها
" ليس ا١تعتادة أىلك طيشوؾ ,ونايا واش ندير بعقونة " , 2وُب موضع آخر تضيف قائلة :
ىناؾ من مربر لكل ىذا اٟتقد عايشة دل تكن عدائية مطلقا ". 3
القادة دل تكن صدر األـ اٟتنوف لعايشة ,وبدؿ أف تعوضها بعض من حناف أمها ,كانت
تغضب منها ألتفو األسباب ,وتكوف معها ُب قمة التوحش " ...ىذه اٟتركة بالذات ٕتعل
القادة تستشيط غضبا " .4االستياء الذي كانت تشعر بو القادة بسبب والدي عايشة٬ ,تعلها
تصب ٚتّا غضبها على عايشة كعقوبة ألىلها "ير٭تها عدـ االختبلط بالناس ,فهي ال ٖتب ثرثرة
النساء حوؿ إ٫تا٢تا للبنت ُ,ب اٟتقيقة ىي تعرؼ أهنا اهملها ,لكنها ٘تارسو كعقاب البنتها ووالدىا
) البنت ( تدعوه ىكذا مذ سافر ,ترى أنو لو كاف ٯتلك ذرة رجولة لعجل باستخراج الوثائق و حفظ
عاره ورىب ابنتو ُب بيتو ,وألنو ٥تنث طبعا فهو يًتكها لعجوز ستينية ال تقوى على اٟتركة ,ىذا ما
كانت تردده دوما وٖتكيو بلهجة غاضبة ,ينتهي األمر هبا غالبا إذل رمي عصاىا على عايشة ,فتفر
ىربا إذل الشارع" , 5وصلت درجة حقد القادة على عايشة أهنا كانت تتمٌت أف ال تعود من الشارع
إال وىي ميتة تقوؿ الكاتبة" :وكم تتمٌت القادة حُت يشتد هبا الغضب أف ال تعود منو إال ميتة "
,1ويتواذل وصف الكاتبة للقادة حيث تقوؿ ُب مقطع سردي آخر ...":تكوف القادة بقمة توحشها
ال تكفيها الشتائم اليت ترميها كالسهاـ كل ثانية ,بل تضرهبا بعكازىا إذل أف تشعر بالفتور و التعب
" 2وىذا ليس غريب فالقادة كانت صاحبة لساف سليط " فهي تعرؼ لساهنا السليط ومقدراها
العجيبة ُب إطبلؽ الشتائم ".3
بعد عضت اٟتصاف لعايشة ,ظهرت ُب القادة بذرة حناف نرى ىذا ُب رعايتها لعايشة ١تدة
1أياـ " ١تا رأاها اٞتدة بتلك اٟتاؿ ,شيء ما ٖترؾ بداخلها ...مسحت على رأسها بلطف...
وكأـ حنوف رؤوـ ضمدت جرحها ...ترسل نظرات لطيفة بُت الفينة واألخرى 4 " ...وُب اليوـ
الرابع للحادثة مشطت القادة شعر عايشة ألوؿ مرة تقوؿ الساردة":صحت عايشة صبيحة اليوـ
اٞتدة عند رأسها حاملة بيدىا مشطا .5"...
الرابع ...فوجدت ّ
وغنت ٢تا وىي ٘تشط شعرىا قائلة ":ريت خد عايشة ضاوي ,وأما الشفايف وزد مفتح
راوي.6"...
بعد ىذه اٞتولة ُب األبعاد النفسية للقادة تبُت لنا أهنا طيبة وحنونة ولكن اٞتفى والقسوة
والبلمباالة اليت تلقتها القادة من أـ و والد عايشة أرجعتو قسوة وسوء معاملة لعايشة كعقوبة
لوالدىا ,رغم ىذا ليس ىناؾ مربرا لنعامل شخصا بقسوة مهما كانت األسباب.
ثالثا /عباس :
رجل أربعيٍت متزوج ليس لديو لو أوالد يعيش ُب "اعميش" مع زوجتو حورية وعباس من "أٝتاء
األسد والشخص الكثَت العبوس" 7وٖتمل ىذه الشخصية أبعاد ٥تتلفة :
1ـ البعد الخارجي:
مبلمح شخصية "عباس " غَت واضحة ,إال أننا ٧تد الروائية قدمت وصفا صغَتا ٢تا بقو٢تا :
" عباس رجل أربعيٍت مبل٤تو دل تكن عابسة كاٝتو ,فم ضاحك دوما .1 " ...أي أف إنساف مرح
وضحوؾ عكس اٝتو.و نفهم من ىذا الوصف أف عباس رجل كهل أي ُب مرحلة الكهولة ,دل
تعطي الكاتبة ىذه الشخصية حقها مورفولوجيا بل اىتمت ّتوانب أخرى من شخصيتو .
2ـ البعد االجتماعي:
من خبلؿ قراءة الرواية توضحت لنا األبعاد االجتماعية لشخصية "عباس" ,وىذا من خبلؿ
الكل يعرفو .كيف وىو
الكل و ّحد ا١تلل يعرؼ ّ عدة مقاطع سردية ,إذ تقوؿ الكاتبة":ثرثار إذل ّ
حبلقهم ٚتيعا 2"...أي أنو كاف رجبل اجتماعيا يعرؼ الكل والكل يعرفو ,وساعدتو مهنتو ُب ىذا.
وعباس مرتبط ودل يرزؽ بأوالد تقوؿ السارة ":متزوج منذ عشرين عاما ,لكنّو دل يرزؽ
3
باألوالد"...
أما اٟتالة ا١تادية كاف متوسطة حالو حاؿ الناس ُب ا١تنطقة ,نبلحظ ىذا ُب قوؿ الكاتبة ":رغم
ا١تتعددة لؤلطباء وضياع ٚتيع موارده ا١تالية اليت يرْتها من احملل4"..ومن قو٢تا أيضاٍ..":ب
زياراتو ّ
أخربىم إف م صلحة الكهرباء تطالبو بدفع الفاتورة ...من يسلفٍت مائيت ألف,نرجعها لو الشهر
اٞتَت"٦...تدد ُب فراشو وعيناه مزروعتاف ُب
ّ اٞتاي", 5ومن حالة غرؼ البيت اليت يتساقط منها
السقف ,ال ينزعهما عنو إال حينما تتساقط بعض بقايا اٞتَت عليو.6"..وأيضا لو ابنة غَت شرعية من
ّ
عايشة ٙ,ترة االغتصاب.
1الرواية ,ص.32
2صبيحة عودة رغب ٚ,تاليات السردي ُب ا٠تطاب الروائي عند غساف كتفاٌب ,دار ٣تدالوي ,عماف ,ط, 2006, 1ص . 131
3الرواية ,ص.22
4الرواية ,ص .40
5الرواية ,ص .22
6الرواية ,ص .22
7الرواية ,ص .43
60
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
مشَت إذل أرنبة انفو " 1كناية للغضب ,وُب مقطع آخر ":فانكب عليها يضرهبا بكل الغضب الذي
٭تمل " 2و تضيف أيضا " فكيٍت ,روحي فكيٍت )!!بغضب( ".3
وتنقلنا الكاتبة إذل ٝتة أخرى وىي ابتسامة عباس ا٠تبيثة وشقية و٧تد ىذا ُب وصفها إذ
" تقوؿ ":ابتسم ىو أيضا ٓتبث "ُ .4ب موضع آخر تقوؿ ":ضحك لشقاوتو ,5"...وتضيف
انزعج عباس لكنو حاوؿ رسم ابتسامة ,فجاءت رغما عنو ىجينة".6
وتنتقل بنا الكاتبة إذل حالة الندـ والقلق والتعب النفسي الذي طاؿ عباس بعد اٞترـ الذي
ارتكبو ْتق عايشة.
تبدأ باٟتالة الضيق اليت غزت روحو ,نفهم ىذا من قوؿ الكاتبة ":بعض من الضيق غزا روحو,
فأغلق الباب بعنف ", 7وأما عن شعوره بالندـ الذي جعل النوـ يفارقو فتقوؿ ":كيف للنوـ أف
يقًتب منو وشعور الندـ يعتصره ".8
وتقوؿ الكاتبة ُب حالة عباس الذي دل يعد يعي ٔتا ىو حولو وفقد طعم اٟتياة " ...وحده
٦تددا طواؿ
عباس ال يعلم كم يوما مضى .فهو دل يغادر بيتو من يوـ الواقعة,بل دل يغادر غرفتو ّ ,
الوقت ُب فراشو وعيناه مزروعتاف ُب السقف ,ال ينزعهما عنو إال حينما تتساقط بعض بقايا اٞتَت
عليو ٭ت ّكهما دوف وعي كا١تغيّب.9"...
ومن شدة ندمو بكى و جرى الدمع على خديو تقوؿ الكاتبة " :غلبو الدمع فبكى ىكذا ٨تن
وقت ال ٧تد ا١تربرات نبكي وقت الذنب نبكي". 10
تفاقم ال تعب النفسي وشعور الندـ بعد علم صاحل وزوجتو حورية لدرجة أف ينهي حياتو
بانتحار" ...وإذا بعباس أمامها ,غطّت وجهها بيديها وصرخت كاف ,يلف رقبتو حبل معلّق با١تروحة
" , 1بعد ىذا الطرح ألغوار نفس عباس انتهت حياتو بانتحار كجزاء على فعلو .
ُب األخَت بعد دراسة أبعاد شخصية عباس تبينا أنو كاف يسيطر عليو ا٠توؼ من ٕتربة الزواج
مرة أخرى ,كاف ٮتاؼ أف يكوف العيب فيو ال ُب زوجتو ,ألف عدـ اإل٧تاب ُب ٣تتمع "اعميش" يعٍت
عدـ الرجولة,لذا اعتدى على عايشة لتكوف عينة اختبار إذا ٛتلت تزوج ,و إذا دل ٖتمل أبقى على
زوجتو,لكن علم بفعلتو ىذه صاحل وحورية زوجتو ٦تا شدد عليو ا٠تناؽ ,مع تأنيب الضمَت ٦تا جعلو
٬تعل حدا ٟتياتو باالنتحار.
رابعا /صالح:
2
"خيِّػٌر
ذو "أصوؿ تشادية ,أحد أبناء "اعميش " ترىب فيو " وصاحل اسم على مسمى معناه َ
مستقيم ,جدير" 3و ُب لغة مشتق من "الصبلح والصبلح :ضد الفساد ".4
1ـ انثعذ انجسًي:
دل تقدـ الكاتبة وصفا كثَتا ٢تذه الشخصية ألف جل اىتمامها نصب على أفعالو وليس
شكلو ,تقوؿ الكاتبة ":صاحل رجل ز٧تي أسود ,عائلتهم الوحيدة با١تنطقة اليت ٖتمل ىكذا بشرة
مع أنو ٭تمل نفس اللقب معهم "5وُب موضع آخر تقوؿ " :أعزب دل يتزوج رغم أنو قد جاوز
6
األربعُت من عمره ال ألهنم يرفضوف تزويج بنااهم لرجل أسود بل لسبب جسماين يعلمو ىو وحده "
وُب مقطع سردي آخر توضح أف سبب ىذا العجز ىو حادث تعرض لو إذ تسرد ":ىو لن
يستطيع إال أف يكوف حاميا ٢تا ظل حائِ ٍط ٖتتمي بو ال أكثر فهو يعرؼ ٘تاما ا١تعرفة ,أنو بعد تلك
اٟتادثة اللعينة يوـ خرج فجرا للبيع الفوؿ قرب ا١تسجد وصدمتو تلك السيارة ا١تسرعة لن يكوف
ألي أنثى إال حاميا فقط ".1
2ـ البعد االجتماعي:
جده من أصل تشادي كاف عبدا
جاء على لساف الكاتبة أنو من تشاد " يقاؿ ُب حكاياىم أف ّ
الدبداب حُت كاف يقتٍت األسلحة والبارود ,أعتقو فيما بعد
جدىم ,جلبو من رحبلتو إذل ّ
عند ّ
ومنحو لقبو " .2
وتصفو أنو كاف اجتماعيا ويعمل فواال " دل يكن صاحل انطوائيا بل اجتماعيا جدا وفضورل إذل
أبعد اٟتدود ,حىت ٝتوه صاحل خنفور ,كونو ٭تشر أنفو ُب كل شيء " ,3وُب موضع آخر تقوؿ ":
صاحل خنفور ,يناديو "خنفور" ألنو ٭تشر أنفو ُب كل شيء " , 4و تقوؿ عن عملو " :يشتغل فواال,
ينادي كل صباح بالشوارع :طااايب وذااايب ,هلل الناااايب" , 5أيضا كاف صاحب أنفة و غَتة ":
ىذه ا١ترة دل يكن صاحل ذاؾ الرجل الفضورل الذي جلبو فضولو بل كاف رجبل ذو أنفة يغار على
شرؼ بنات ا١تنطقة".6
-3انثعذ اننفسي :
نلج اآلف أغوار نفسية "صاحل" وما يعًتيها من تغَتات ,فالبعد الداخلي النفسي " ملوف الشعور
ألنو يسلط على األشياء عدسة اٟتدس و البصَتة ال البصر وفيو يتمكن الروائي من تصوير ووصف
ما يدور ُب العادل الداخلي للشخصية من أفكار وعواطف وانفعاالت وما تنوب عليها من خلجات
نفسية ".7
ومن خبلؿ قراءة الرواية نبلحظ أف الكاتبة رٝتت لنا ٣تموعة من الصفات والسيمات
وا١تبلمح الداخلية الشخصية " صاحل " ,فهو إنساف فيو حناف ودؼء وطيبة إذ تقوؿ ...":رمقتو
الريب
بنظرة أدراؾ من خلف سيل الدمع أهنا تعاتبو فبكى مسح خدىا قائبل :منعرفش ألمور الوالدةّ ,
يا عايشة سا٤تيٍت ! ابتسمت لو ...فبتسم أيضا " ,1وتضيف أيضا ":فتح عينيو فإذا بو يرى
2
دموع صاحل تنهمر مطرا على خديو"
بكى شفقة على عايشة إذ تقوؿ ...":بكى كثَتا ٍب أرخى قبضة يده وابتعد ...مسح
ا ّلدمع من خده بظاىر يده و غادر" ,3من ىذه السمات اليت ذكرت يظهر لنا صاحل أنو إنساف
٭تمل بُت ضلوعو قلبا حنوف وحساس .
وأبرزت الرواية أيضا أنو إنساف يرفض الظلم واالستغبلؿ من خبلؿ نظرة الكره اليت أصبح
ينظر هبا إذل عباس نتيجة فعلو الشنيع مع عايشة .وىذا الفعل أيضا جعلو يشعر ْتزف وتأنيب
الضمَت العتقاده أنو ىو من أوصل عباس لبلنتحار ,كل ىذا يبُت أف روحو نقية وصافية ,ىذا ما
نفهمو من قوؿ الكاتبة " ...ال يستطيع نسياف نظرة الكره ُب عينيو ".4
وُب قو٢تا أيضا شيء من اٟتزف كاف يغزو قلبو إذ رٔتا ال يكوف عذاب الضمَت ىو من أوصل
عباس ٢تذه اٟتاؿ إذ قد يكوف فعل ذلك خوفًا منو " .5
وتظهر لنا أيضا ا١ت بلمح النفسية من خبلؿ ا١تونولوج الداخلي " عاد صاحل ىذه ا١ترة إذل بيتو
٘تٌت
ٯتشي بثقل يفكر ٔتا حدث وكيف أف عذاب الضمَت يؤدي ٓتيط العقل الذي ٭تمل ,حىت أف ّ
كثَتا لو يرجع وقتها ودل ير عايشة ما انتفع من فضولو ,وقد جعل عبّاس يقتل نفسو السيء باألمر
أنو كلما تناسى األمر ,يتذكره حا١تا تستوقفو عايشة ألجل حبات من الفوؿ الذي اعتاد أف ٯتنحها
إياىا ,إهنا ا٠تيط الواصل بُت الذكرى و الوجع ".1
وبعد ىذا الوجع و اٟتزف وتأنيب الضمَت الذي شعر بو نتيجة النتحار عباس الذي كاف يعتقد
أنو كاف بسببو ,لكن بعد معرفتو أف حورية زوجتو كانت تعلم باألمر ىي األخرى شعر ببعض ا٢تدوء
يغزو روحو " أحس ببعض ا٢تدوء النفسي ٮتشى صدره ,فتنهد طويبل وٛتد اهلل واستغفر".2
كما ذكرنا سالفا أف صاحل لديو مشاعر إنسانية عالية ٕتعلو ٭تس باآلـ غَته .من ىذا ا١تنطلق
نصب صاحل نفسو حاميا لعايشة من االستغبلليُت الذين سيأتوف بعد عباس وقرر الزواج هبا تقوؿ
الساردة ":وكحديث غريب قليبل قرر خطبتها ,ال لشيء فقط ليحميها من كل الذئاب البشرية اليت
قد تأٌب بعد عباس ", 3وُب موضع آخر تقوؿ ":أهنى صاحل حديثو بأنو يريد الزواج هبا ٟتمايتها من
4
القادمُت الذين قد يستغلوهنا"
وُب خبلؿ البعد النفسي ,صاحل إنساف صاحب إحساس راقي وعاطفة جياشة ,ىذه العاطفة
والرٛتة جعلتو يتزوج عايشة ويكوف حاميا وكافبل ٢تا ,ولكن من خبلؿ الوصف الذي قدمتو الكاتبة
لصاحل ٧تد فيو تناقض ُب الصفات مرة ثرثار وخنفور ,و مرة يغار على بنات ا١تنطقة و٭تميهم ,ومرة
يرى عباس يدخل عايشة للمحل وال ٭ترؾ ساكنا ٍب يطلبها للزواج ,ويُنصب نفسو حاميا ٢تا ١,تاذا دل
يدفع عنها الببلء من البداية؟!.
2ـ - 2الشخصيات الثانوية وأبعادها:
ىي شخصيات مساعدة ٖتمل أدوارا قليلة ُب الرواية وىي أقل فاعلية وىيمنة وحضور ُب ا١تنت
الروائي من الشخصيات الرئيسية ,فهي اليت تشارؾ ُب ٪تو اٟتدث القصصي و بلورة معناه واإلسهاـ
ُب تصوير اٟتدث ,ويبلحظ أف وظيفتها أقل قيمة من وظيفة الشخصية الرئيسية ,رغم أهنا تقوـ
بأدوار مصَتية أحيانا ُب حياة الشخصية الرئيسية".1
و"تقوـ الشخصيات الثانوية بدور ا١تساعد ,و ٮتتلف ىذا الدور من شخصية ثانوية إذل أخرى
و يستخدـ القصاصوف ىذه الشخصيات لتقوـ بإدارة بعض األحداث اٞتانبية لتسَت اٟتدث الرئيسي
أو إلظهار شخصية البطل و توضيح بعض معا١تها و ٝتااها 2"...أي أف ىذه الشخصية ٢تا عدت
أدوار تقوـ هبا مرة مساعدة و مرة معارضة حسب ا٢تدؼ والغاية الكاتب من توظيفها ,فهي
شخصية ال ٯتكن االستغناء عنها .
فالشخصية الثانوية ىي "الشخصية ا١تكتفية بوظيفة ىامشية ومرحلية".3
من خبلؿ ىذه التعريفات نستخلص أف الشخصية الثانوية ,ىي شخصية أقل فاعلية ُب الرواية
من الشخصية الرئيسية و تكوف ُب مساعدة وخدمة الشخصية الرئيسية أو تكوف ضدىا حسب الدور
الذي ٮتتارىا ٢تا الكاتب ,مع أهنا شخصية ثانوية لكن ال ٯتكن االستغناء عنها ُب العمل السردي.
و من ىذه شخصيات ُب الرواية "عايشة " ":حورية" ,و "خضرة" و"جلوؿ" و"عزة الدرويش"
أوال /حورية:
ىي ا١ترأة "اٞتميلة",4اليت "بشر هبا الصاٟتوف ُب اٞتنة",5وقيل" للنساء اٟتوريات لبياضهن".6
1ـ البعد الفزيولوجي:
دل تذكر الكاتبة لشخصية "حورية" أي صفات ومبلمح خارجية .
1شريبط أٛتد شريبط ,تطور البنية الفنية ُب القصة اٞتزائرية ا١تعاصرة ,ص.32
2عبد اللطيف السيد اٟتديدي ,الفن القصصي ُب ضوء النقد األديب ,القاىرة ,مصر,ط,1996 ,1ص.158
3إدريس قصوري ,أسلوبية الرواية)مقاربة أسلوبية لرواية زقاؽ ا١تدؽ لنجيب ٤تفوظ(,عادل الكتب اٟتديث ,األردف,ط ,2008 ,1ص.316
4حنا نصر اٟتي ,قاموس األٝتاء العربية وا١تعربة وتفسَت معانيها ,ص .80
5شفيق األرناؤوط ,قاموس األٝتاء العربية ,ص.110
6اٞتوىري ,تاج اللغة وصحاح العربية ,ص .293
66
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
وجهها"جلست حورية على ٝتت بصرىا بعيوف دامعة ,وخد جشو الدمع جشا حىت وشم ٣تراه
1
وجهها"...
بعد حادثة االغتصاب بقيت حورية صامتة مدة ودل تفاتح عباس ُب ا١توضوع ٍ,ب انفجرت فيو
بصوت عاؿ تقوؿ الكاتبة ":وألوؿ مرة تتكلم حورية بصوت عاؿ دوف خوؼ منو و من ردة فعلو,
انفجرت بو كربكاف ىادر....ارتعدت فرائسها لكنها ضحكت ٍب قهقهت بسخرية واضحة دل يطق ٢تا
2
صربا "...
من خبلؿ ما ذكرنا عن شخصية "حورية" ٟتظنا أف الكاتبة دل تعطي اىتماما با١تبلمح ا٠تارجية
وال اٟتالة االجتماعية ٟتورية ال كاف كل تركيزىا على اٞتانب النفسي ٢تا وصفتها أهنا امرأة فيها حناف
ورأفة وطيبة ,و لكن ذكرت أيضا صمتها بعد علمها أف زوجها عباس اغتصب عايشة ,ىذا األمر
غَت طبيعي وليس من صفات ا١ترأة,وذكرت أيضا إصرارىا على أخد مولود عايشة الذي ىو من
عباس نتيجة االغتصاب ,ألنو الذكرى ا١تتبقية ٢تا من زوجها ,ويعترب ىذا نوع من ا١تثالية بالبعيدة عن
الواقع .
ثانيا/خضرة:
ذات اللوف األخضر وخضراء يانعة, 3وذات نعومو 4دل تذكر الكاتبة الكثَت من ا١تواصفات ٢تذه
الشخصية
1ـ البعد الفزيولوجي:
الصفة اليت ذكراها الكاتبة لشخصية "خضرة" أهنا طويلة وٖتب النوـ كالقطط إذ تقوؿ الساردة:
"...راحت تنادي على جاراها عساىا أف تكوف عندىا ,ػ ياااا خضرة ,يااا خضرة ,أطلت خضرة
بعيوف نصف مغمضة ,دل يكن الوقت متأخرا ,فا١تصلوف لتوىم عادوا من صبلة العشاء ,غَت أهنا
1الرواية ,ص.61
2الرواية ,ص.45
3حنا نصر اٟتي ,قاموس األٝتاء العربية وا١تعربة وتفسَت معانيها , ,ص.81
4شفيق األرناؤوط ,قاموس األٝتاء العربية ,ص.111
68
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
م عروفة ْتبها للنوـ كالقطط حىت أف الكل يرجع طو٢تا الفارع لكثرة استلقائها ,وبنربة يثقلها النعاس
ردت :أنعم ,واش كاين!
ػ قورل ...عايشة عندؾ ؟,قالت اٞتدة
1
ػ ال مش عندي ,وين راحت!!"
2ـ البعد االجتماعي:
دل تبُت الكاتبة اٟتالة االجتماعية لشخصية "خضرة" ,سوى أهنا ثرثارة و ىذا نتبينو من قوؿ
الكاتبة.. ":بينما كانت القادة وخضرة منهمكتاف ُب ثرثرة طويلة 2"...أي أهنا إنسانة كثَتة الكبلـ
٦,تا يدؿ على أهنا اجتماعية.
3ـ البعد النفسي:
ذكرت الكاتبة بعض ا٠تلجات النفسية اليت تعًتي شخصية "خضرة " ,حيث ٧تد الكاتبة
تصفها أهنا حنونة و٘تلك القلب رحيم حيث أشفقت على عايشة عندما عضها حصاف جلوؿ بينما
جداها دل تبارل هبا إذ تقوؿ.." :ضربت خضرة صدرىا قائلة :يا رب سًتؾ وعفوؾ!....رمتهم اٞتدة
بعصاىا قائلة :طَتوا ...حصاف ٣تنوف عض ٣تنونة ,وين ا١تشكل! ...غَت أف خضرة دل تًتؾ ٢تا
فرصة إبداء أي إيضاح وقالت :عيب عليك ...واهلل ىذه مسكينة!".3
وُب موضع آخر تصف لنا انزعاج خضرة من تصرؼ القادة مع عايشة إذ تقوؿ"ٛتلت خضرة
نفسها وغادرت منزعجة حىت ال يتطور الوضع ,فهي تعرؼ لساهنا السليط ومقدراها العجيبة ُب
4
إطبلؽ الشتائم ,لذا حافظت على ماء وجهها وانصرفت"
1الرواية ,ص.65
2الرواية ,ص .16
3الرواية ,ص .16
4الرواية ,ص.17
69
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
و٧تدىا تصف ُب عبارة أخرى دموع خضرة أثناء رؤية عايشة بدمها" ,وىي مغادرة التقت
عايشة ُب عتبة الباب ٖ,تركت عيناىا تلقائيا ناحية اٞترح فرأتو ينزؼ ,مدت يدىا لتتحسسو ,فأوقفها
صوت القادة :واش مازلت ىنا ؟!.
1
أعادت يدىا ٖتت اللحاؼ وغادراها مسرعة بعُت دامعة".
أما شخصييت "جلول "و"عزة الدرويش"كاف دورو٫تا ىامشيا
ثالثا/عزة الدرويش:
ذكرتو أنو كاف حكائي ٭تكي اٟتكايات تقوؿ الكاتبة..":أو ٭تدث ٢تا كما ٝتعت ُب اٟتكايا
اليت ٭تكيها عزة الدرويش.ىذا الرجل الذي ٖتفظ كبلمو كما ٖتفظ السورة الوحيدة من القرآف ,فهو
كثَت الزيارة ألىل اعميش ,يعرؼ كل شيء عنهم وىم با١تقابل ال ٮتفوف عنو حىت صغائر
األمور,٭تكوف أنو صار درويشا ألف عقلو دل يتحمل غزارة علمو ,حُت قدومو إليهم ٕتده دائم
الطواؼ بُت ا١تنازؿ ال تفارقو عصاه وبرنسو وصرة اٟتلوى اليت يوزعها على األطفاؿ ُب األزقة ,يعشق
2
الناس كل اٟتكايا اليت ٭تكيها ,وال يرٖتلوف لتنفيذ نذورىم لؤلولياء إال بو كدليل روحاين "...,
رابعا/جلول:
فذكرتو ا١ترة األوذل مضافا إذل حصانو عندما قاـ اٟتصاف بِ ِّ
عض "عايشة" و جاء الصبية إلخبار
3
"القادة" إذ تقوؿ الكاتبة ":عميت القادة ,عميت القادة ,عايشة عضها حصاف عمي جلوؿ ".
و ا١ترة الثانية اليت ذكر فيها "جلوؿ "مع صديقو "عباس تقوؿ الساردة...":رفع صوتو على ٨تو
ٚتاعة ) مبتسما( ٮترجهم من انشغا٢تم :يا
ػ ػ أوووؼ فجعتٍت ,قاؿ رفيقو جلوؿ واضعا يده على صدره" 4الكاتبة دل تركز على ىذه
الشخصية.
1الرواية,ص.17
2الرواية ,ص .12
3الرواية ,ص.16
4الرواية ,ص.23
70
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
الزَم ْن " "اليت شغلت فكر اإلنساف وجذبتو إليها ٤تاوال فقد ماىيتها ,وخبلؿ رحلة
فكلمة " َ
الدراسة وجدنا أهنا متشعبة الدالالت ال ٮتلو منها ٣تاؿ من ٣تاالت ا١تعرفة وكانت للفلسفة األولوية
ُب تناوؿ مقولة الزمن ضمن انشغاالاهافاندفع الفبلسفة يقودىم العقل إذل التأمل ُب شىت ٕتليااها
اليومية والكونية وا١تنطقية وغَتىا من التجليات ا١تختلفة" ,1والواقع أنو من الصعب أف ٧تد مفهوما
للزمن يتفق حولو أغلب ا١تنظرين والدارسُت ,ألف" :الزمن خيط و٫تي مسيطر على كل التصورات
واألنشطة واألفكار فإذا لكل ىيئة من العلماء مفهوما للزمن خاص هبا".2
ومن ىنا يتحتم علينا إلقاء نظرة نستوضح من خبل٢تا ىذا ا١تصطلح.
-1-1لغة :
الزَما ْف اسم لقليل الوقت وكثَتة".3 الزَم ُن و َ
"زَم ْن"" :أف َ
يرى ابن منظور ُب مادة َ
الزَما ْف على أ َْزَما ُف َوأ َْزُم ُن َوأ َْزِمنَةُ
أما ُب ٥تتار الصحاح للجوىري" :فيجمع َّ
الزْى ِد " :الزىد ال ينقطع أبدا ُب حُت يكوف الزماف من شهرين الزَم ِن و ُ
يعقد الزبيدي مقارنة بُت َّ
إذل ستة أشهر".4
الزَما َف ىو الوقت ,غَت أف بعضها يلحظها ُب
من الواضح أف ىذه التعريفات ٕتمع على أف َّ
سكونو ونظامو ,وبعضها يلحظها ُب حركتو وتعبَته ,وكبل الطرفُت ينظر إليو باعتباره ظاىرة مستقلة
عن اإلنساف.
1الشريف جبيلة ,بنية ا٠تطاب الروائي دراسة ُب روايات ٧تيب الكيبلين ,عادل الكتب اٟتديثة ,أربد ,األردف ,ط2010 ,1ـ ,ص .39
٤ 2تمد ٖتريشي ,الرواية والقصة وا١تسرح قراءة ُب ا١تكونات الفنية واٞتمالية السردية ,دار النشر حلب ,د ط , 2007,ص.58
3ابن منظور,لساف العرب ,مج ,7مادة حسن ,ص .349
4باديس فوغارل ,الزماف وا١تكاف ُب الشعر اٞتاىلي ,عادل الكتب اٟتديث ,أربد ,األردف ,ط2008 ,1ـ ,ص.55
71
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
-2-1إصالحا :
الزَما ُف أو األ َْزِمنَةُ اليت ٖتدث ُب أثنائها ا١تواقف والوقائع ا١تقدمة " .زمن
الزَم ُن بأنو َ
ؼ َّلقد ُعِّر َ
1
القصة وزمن ا١تسرود ,وزمن اٟتكي ,و٘تثيلها زمن ا٠تطاب ,وزمن السرد والزمن الروائي".
كما ٧تد تعريفا آخر للزمن ُب االصطبلح السردي على أنو٣ " :تموعة العبلقات الزمنية,
السرعة ,التتابع ,البعد ......إخل بُت ا١تواقف وا١تواقع احملكية وعملية اٟتكي ا٠تاصة هبما وبُت الزمن
2
وا٠تطاب وا١تسرود والعملية السردية".
الزَما ْف ٖتدث خبللو ٣تموعة من األحداث وا١تواقف تكوف مرتبطة بو إما
الزَم َن أو َ
ىذا يعٍت أف َ
ماضيا أو حاضر أو مستقببل.
وىو أيضا عبارة ع ن ٣تموعة من العبلقات الزمنية ا١تتمثلة ُب السرعة والتتابع والبعد وغَتىا.
فهذه العبلقات تكوف بُت ا١تواقف وا١تواقع احملكية ,وعملية اٟتكي وبُت الزمن وا٠تطاب وا١تسرود
والعملية السردية.
فالزمن يعد إحدى اإلشكاليات اليت استوقفت الباحثُت والنقاد والروائيُت ْتثا عن البنية السردية
للرواية .وذلك العتبار الزمن مفهوـ ٣ترد.
وقد تعددت آراء النقاد حوؿ مفهوـ الزمن ,ومن بُت اآلراء:
أ" /جيرار جينيت" الذي يرى" :أف من ا١تمكن أف نقص من دوف تعيُت مكاف اٟتدث ولو
كاف بعيدا عن ا١تكاف الذي نرويها فيو ,بينما قد يستحيل علينا أف ٨تدد زمنها بالنسبة إذل زمن فعل
السرد ,ألف علينا روايتها" .أما بزمن اٟتاضر أو ا١تاضي وأما ا١تستقبل ورٔتا سبب ذلك كاف تعيُت
مكانو" 3أي أف لكل رواية ٪تطها الزمٍت ا٠تاص ,باعتبار الزمن ٤تور البنية الزمنية وجوىر شكلها ,و٢تذا
ال ٯتكن االستغناء عنو باعتباره عنصرا مهما ُب البناء الروائي.
1جَتالد برنس ,ا١تصطلح السردي معجم ا١تصطلحات ,تر/عابد خزندار ,اجمللس األعلى للثقافة ,القاىرة ,مصر,ط ,1ص .243
2عبد ا١تنعم زكريا القاضي ,البنية السردية ُب الرواية ,عُت الدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ,ص .18
3سعيد يقطُتٖ ,تليل ا٠تطاب الروائي الزمن ,السرد ,التبئَت( ,ا١تركز الثقاُب ,الدار البيضاء ,ا١تغرب ,ط ,1997 ,3ص.61
72
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
ويعرفو " "André Lalandeالزمن أنو " :متصور على أنو ضرب من ا٠تيط ا١تتحرؾ الذي ٬تر
األحداث على مرأى من مبلحظ ىو أبدا ُب مواجهة اٟتاضر1".أي أنو يشبو الزمن با٠تيط ا١تتحرؾ,
وكأنو يتحرؾ كما يتحرؾ ىذا األخَت ,ومن خبلؿ ىذه اٟتركة يتم سحب األحداث والوقائع.
ويقوؿ "عبد ا١تالك مرتاض" " :الزمن ىو تلك ا١تادة ا١تعنوية اجملردة اليت يتشكل منها إطار كل
حياة وكل فعل وكل حركة وىي ليست ٣ترد إطار ,بل ىي جزء ال يتجزأ من كل ا١توجودات ,وكل
2
وجوه حركتها ومظاىر سلوكها لذلك ٧تد مفهوـ الزمن ُب كل الفلسفات تقريبا".
3
فالزمن لدى "أفالطون" " :مرحلة ٘تضي من حدث سابق إذل حدث الحق".
كما يشَت "ابن رشد"ُب تعريفو للزمن " :أنو عدد اٟتركة بالتقدـ والتأخر الذي فيو ".4
ويرى أيضا أنو٥ " :تلوؽ من خلق األجساـ السماوية وحركتها ,وىو يرى أف العادل ا١تتحرؾ لو
5
زمن فيو ماضي وحاضر ومستقبل".
وىذا األخَت ٭تيلنا إذل القوؿ على أف الزمن شيئا ماديا أو ملموسا ,وىو مرتبط با١تاضي
واٟتاضر وا١تستقبل.
أما "أرسطو" فعرؼ الزماف بقولو " :وليس للزماف بداية وال هناية ,ألف الزماف يرتد إذل اآلف
6
واآلف زمن مضى وبداية زمن مستقبل ,فقبلو زماف وبعده زماف".
من خبلؿ ىذا التعريف يتضح أف الزماف ليس لو بداية وال هناية ,وىو باؽ إذل اآلف واٟتدث
الذي ينتهي ىو بداية ٟتدث جديد ,ومن ىذا يكوف لكل حدث زمن قبلو وآخر بعده.
1لطيف زيتوين ,معجم ا١تصطلحات األدبية نقد الرواية ,دار النشر ,ط ,2د 2002ـ ,ص .12
2عبد ا١تالك مرتاض ,مكونات السرد ُب الن ص القصصي اٞتديد ْتث ُب ا٠تطاب عند جيل الثمانينيات ,منشورات اٖتاد الكتاب العرب ,دمشق ,د
ط2001 ,ـ ,ص .75
3ا١ترجع نفسو .ص.76
4عبد الرزاؽ قسوـ ,مفهوـ الزماف ُب فلسفة ابن الوليد بن الرشد ,ا١تؤسسة الوطنية للكتاب ,اٞتزائر ,د ط ,د ت .ص.96
٤ 5تمد يوسف عبد الق ادر عوض ,أٝتاء الزمن ُب القرآف الكرمي دراسة داللية ٥ ,تطوط مذكرة لنيل شهادة ا١تاجستَت ,٭تِت عبد الرؤوؼ جرب ,كلية
الدراسات العليا ,جامعة النجاح الوطنية ,نابلس ,فلسطُت2009 ,ـ ,ص .17 ,16
6ا١ترجع السابق ,ص .09
73
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
فإنو يرى أف الزمن ال يتحقق إال حينما تكوف كل األشياء قد ىيئت وأصبحت على خط واحد
يفصل بينهما بعد فقط ,وذلك البعد ىو الطوؿ.
وبناء على ىذا فإننا ٪تيز بُت ثبلثة أزمنة ُب الروائي وىي:
زمن القصة :وىو الزمن "الذي وقعت فيو األحداث ,ويكوف ىذا الزمن واسعا وشامبلْ ,تيث
ٯتكن أف تقع فيو عدة أحداث ُب آف واحد ,وىو خارج اإلطار التنظيمي ا١تنطقي ,وىو الشكل
األورل للقص ,واألحداث ىنا متغَتة ال يتدخل السارد ُب تنظيمها ,وزمن القص ٮتضع بالضرورة
للتتابع ا١تنطقي لؤلحداث".1
زمن السرد :إف الراوي قد يبتدئ السرد ُب بعض األحياف بشكل يطابق زمن القصة ,ولكنو يقطع
بعد ذلك السرد ليعود إذل وقائع تأٌب سابقو ُب ترتيب زمن القصة ,فإذا كاف الواقع ُب زمن القصة
على الًتتيب التارل:
ج ب أ
فإف زمن السرد يأٌب على الشكل التارل :
1نور مرعي ا٢تدروسي ,السرد ُب مقامات السرقسطي ,عادل الكتب اٟتديث ,األردف ,ط1430 ,1ىػ 2009 -ـ ,ص.104
2ينظر ,ا١ترجع نفسو ,ص .106 , 105
74
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
ىو الذي يوجد ُب الزمن ,أي أف لكل رواية ٪تطها الزمٍت ا٠تاص باعتباره ٤تور البنية الروائية ٢تذا ال
ٯتكن االستغناء عنو.
أصبحت الرواية العربية ٪توذجا ٯتثل الزمن أحسن التمثيل ُب النص األديب فالزمن ىو معيار ٦تيز
ٞتميع األعماؿ األدبية ,وذلك ألف السرد يعتمد عليو الزمن اعتمادا كليا .كما يشكل الزمن ُب
الرواية عنصرا مهما يؤدي إذل التشويق وترتيب األحداث وتواترىا.
جاء الزمن عند"ريكور "ٔتعنيُت " :األوؿ أنو زمن التفاعل بُت ٥تتلف الشخصيات والظروؼ,
والثاين :أنو زمن ٚتهور القصة ومستمعيها ,أو ما يسمى بالزمن السردي ُب النص وخارجو أيضا ,ىو
زمن الوجود مع اآلخرين".1
فالزمن عنده عبارة عن انسجاـ ٚتيع الشخصيات سواء كانت رئيسية أـ ثانوية مع ٣تموعة
األحداث ا١تتفاعلة ُب القصة أو خارجها ,فهو عنصر أساسي و٤توري ُب الوجود.
يعد الًتتيب الزمٍت من أىم العناصر اليت تندرج ٖتت عنصر الزمن أي ترتيب وتتابع األحداث
ُب القصة ,على عكس ما ىي ٤تكية بعشوائية ومروية دوف انتظاـ ,والًتتيب حسب "حميد
لحميداني" ىو " :أف ال يتقيد هبذا التتابع ,فعندما ال يتطابق ىذين الزمنُت فإف الراوي سيحدث
مفارقات سردية".2فالقا ص ىنا ال يتقيد بًتتيب األحداث وذكر الوقائع ُب روايتو حسب وقوعها,
وإ٪تا ىو يعتمد على ا١تفارقات الزمنية .ففي رواية "عايشة" ٧تد الروائية قد قامت بسرد األحداث,
وىذا ما نستشفو ىنا ُب ىذا ا١تسرود وىو أف الزمن اٟتقيقي ُب الرواية كاف ُب عز فصل الصيف
غوشت ما يسمى بالعامية شهر أوت فزمنها زمن طبيعي.
ّ وباألخص ُب شهر
ويتضح لنا ىذا الزمن من خبلؿ قو٢تا... " :ورماؿ ٦تدة عارية ال اهاب حرقة الشمس بكر
تصارع آالـ ا١تخاض 3"...فمن خبلؿ ىذا ا١تقطع السردي توضح لنا الكاتبة ٟتظة والدة "عايشة"
وما عانتو من اآلالـ ا١تخاض وحدىا ببل مؤنس وال حبيب ٖتت أشعة الشمس اٟتارقة.
1بوؿ ريكور ,الوجود والزماف والسرد :تر :سعيد الغا٪تي ,ا١تركز الثقاُب العريب ,الدار البيضاء ,بَتوت ,د ط . 1999,ص .30 ,29
ٛ 2تيد ٟتميداين ,بنية النص السردي ,ص .54
3الرواية ,ص .5
75
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
كما نلتمس أيضا زمن آخر ويتمثل ُب ا١تقطع السردي " :ا٦تممم رٔتا ظهرا ,اٞتو حار والناس
تناـ القيلولة" .1وىذا دليل على أف األحداث وقعت ُب فصل الصيف وباألخص وقت الظهر حينما
تناـ الناس القيلولة وىو الوقت ا١تناسب الذي يفكر فيو عباس لتنفيذ خطتو الشنيعة حُت فكر ُب
اغتصابو لػ"عايشة العقونة" ليجعل منها حقل ٕتارب ليتأكد من خبل٢تا على قدرتو على اإل٧تاب
ويفلت من العقاب بعد أف ضيع مالو على العبلج دوف جدوى.
و تقوؿ الروائية ُب موضوع آخر..." :حىت ثبت تفكَته على أف الظهر ىو التوقيت األنسب,
لكن 2"...فمن خبلؿ ىذا ا١تقطع السردي تبُت لنا الروائية بأف عباس قد ثبت فكرة على أف تكوف
وقت الظهر وأنو الوقت ا١تناسب لعدـ وجود الناس ُب تلك اللحظة ألنو ُب فصل الصيف.
و قد اختلفت األزمنة ُب الرواية أيضا ,فالرواية أرادت أف توضح لنا بأف ىناؾ أزمنة متعددة
تعددت بُت أوقات الفجر والنهار والليل ...وىذا يتضح لنا من خبلؿ الزمن ا١تسرود وىو زمن النهار
ُب قو٢تا..." :كانت تباشَت النهار قد أطلت 3"...فمن خبلؿ ىذا ا١تقطع السردي يتضح لنا بأف
اٞتدة القادة بعد صبلاها للفجر وىذا عندما كانت ٘تشي بثقل كبَت خوفا من النتيجة اليت ستجدىا,
ألف فكرىا كاف مشغوال هبا.
كما ٧تد أيضا زمن آخر وىو " زمن الفجر" و ىذا يتجسد لنا ُب قو٢تا... " :صلت الفجر
شاردة الذىن 4"...أي أف الروائية أرادت أف توصل لنا فكرة بأف اٞتدة القادة طيلة صبلاها كانت
شاردة الذىن ومنشغلة بالنتيجة اليت ستجدىا ُب ذلك اإلناء خبلؿ ا١تصيبة اليت حلت هبا.
وُب مقطع سردي آخر ٧تد زمن آخر ٮتتلف وىو "زمن ا١تغرب" من خبلؿ العبارة:
"...فاستيقظت فإذا بو ا١تؤذف يؤذف لصبلة ا١تغرب 5"...فالروائية ىنا تبُت لنا بأف ٟتظة استيقاظ
اٞتدة من حلمها الذي كانت ٖتلم بو كاف ٟتظة اآلذاف لصبلة ا١تغرب.
1الرواية ,ص.25
2الرواية ,ص .25
3الرواية ,ص.52
4الرواية ,ص.52
5الرواية ,ص.56
76
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
وتقوؿ الروائية ُب موضع آخر..." :و ىي تغط ُب نوـ عميق حىت صبلة العشاء ,صلتها
ّتانبها 1"..فالزمن ىنا ُب ىذا ا١تقطع السردي ىو زمن العشاء حينما كانت عايشة تناـ نوما عميقا و
ىي ُب حلمها كانت ٖتلم ْتورية زوجة عباس ٖتممها ,فاٞتّدة ظلت ُب مكاهنا تراقبها وىي غاطسة
ُب نومها ,إذل أف أذف آذاف العشاء فصبلاها ُب نفس ا١تكاف بقرهبا دل تغَت مكاهنا ىذا من أجل أف
تسمع ما ٯتكن أف تقولو عايشة ُب حلمها.
وأيضا من خبلؿ عبارة... " :و٧تد أف الوقت قد صار ليبل 2"...فالروائية توضح لنا بأف
عايشة عند خروجها للشارع ُب أي وقت ال ٗتاؼ ألهنا دائما فيو ,إال أف وقت الليل ٗتاؼ منو أي
ال تستطيع ا٠تروج وحدىا ألهنا ٗتاؼ عتمة الليل ,فهذه الغريزة ,فهذا الوقت ىي زمن خروج عايشة
وْتث اٞتدة عنها دوف جدوى.
كما ٧تد أيضا ُب ىذا ا١تسرود ُب عبارة٘... " :تارس طقوس حريتها الليلة 3"..فمن خبلؿ ىذا
ا١تسرود توضح لنا الساردة بأف خروج "عايشة" من البيت وىروهبا أنو حىت ا٠تنافس اغتنمت الفرصة
وسكنت ُب مكاهنا لتمارس حريتها ليبل.
فمن خبلؿ كل ىذه األزمة ا١توجودة ُب الرواية أرادت الروائية أف توضح لنا بأف األزمنة ٗتتلف
باختبلؼ الوقت وىذا ما يؤدي بنا إذل التشويق وترتيب األحداث
-2النظام الزمني (المفارقات الزمنية) :
إف ا١تفارقات الزمنية ىي ا٠تروج عن الًتتيب الطبيعي للزمن ,سواء بعودة األحداث إذل الوراء أو
٤تاولة استقراء ؿ ٟتظة ا١تستقبل ,ويتجلى ىذا االنزياح ٔتوقع السرد منو ,ويعٍت ىذا ا٠تروج الزمٍت
عن التسلسل ا١ت نطقي لؤلحداث إعادة ترتيب زمن القصة بشكل جديد ,عن طريق قارئ واع
ٔتجريات الفعل القصصي ,ولديو القدرة على تنظيم ا١تادة اٟتكائية ,ضمن مؤشرات زمنية ٤تددة تشَت
1الرواية ,ص.58
2الرواية ,ص.64
3الرواية ,ص.64
77
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
إذل أبعاد بدقة ,وىو ما يدؿ على تعرض ىذا الزمن إذل ثغرات عميقة ُب النظاـ الزمٍت وينقسم ىذا
األخَت إذل نوعُت:
وىو" ٥تالفة صر٭تة ليسر السرد يكوف بعودة راوي السرد و٤تركو إذل حدث سابق ,يهدؼ إذل
استعادة أىداؼ ماضية أ٫تلها السرد وذكرىا لسبب أو آلخر ,وْتسب ا١تادة ا١تعاد إليها تنكشف
أنواع االسًتجاع أكانت داخلية أـ خارجية ,إف كل عودة إذل ا١تاضي تشكل بالنسبة للسرد
استذكارا يقوـ بو ١تاضيو ا٠تاص ,و٭تيلنا من خبلؿ إذل أحداث سابقة النقطة اليت وصلتها القصة
3
فاالسًتجاع ىو ذاكرة النص ومفكرة السرد"
فاالسًتجاع بنوعية ٯتثل جزءً ىاما من النص الروائي ,ولو تقنياتو ا٠تاصة ومؤشراتو ا١تميزة
ووظيفتو اليت ٗتتلف من رواية إذل رواية ويقسمو "جيرار جينيت" إذل نوعُت :االسًتجاع الداخلي
1ينظر ,عبد اٟتميد بورايو ,منطق السرد ,دراسات ُب القصة اٞتزائرية اٟتديثة ,ديواف ا١تطبوعات اٞتامعية ,د ط 1995 ,ـ ,ص.155
2ينظر ,حسن ْتراوي ,بنية الشكل الروائي )الفضاء – الزمن – الشخصية( ,ص.80
3نضاؿ الشمارل ,الرواية والتاريخ ,عادل الكتب اٟتديث ,أربد ,األردف ,ط2006 ,1ـ ,ص.117
78
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
بأنو " االسًتجاع الذي يكوف حقلو الزمٍت متضمنا ُب اٟتقل الزمٍت للحكاية األوذل ,واالسًتجاع ىو
الذي تظل سعتو كلها خارجة سعة اٟتكاية األوذل".1
كما يعرفو على أنو" :كل ذكر الحق ٟتدث سابق للنقطة اليت ٨تن فيها من القصة ,أي اليت
بلغها السرد".2
و يكوف أيضا ىذا االسًتجاع " تاما أو كامبل ٔتعٌت أنو متصل باٟتكاية األوذل دوف أي
حذؼ ,وقد يكوف جزئيا أي ال يتم وصل حكايتو باللحظة األخَتة ويقطع بينهما ضرب من
اٟتذؼ".4
كما ٯتثل االسًتجاع ا٠تارجي" استعادة أحداث تعود إذل ما قبل بداية اٟتكي ,وٯتثل ذلك ُب
"ثبلثية األمارل " ما قاـ بو ا١تخاطب السردي ,الذي عٍت بتدوين السَتة الذاتية ,حيث بدأ بتقدمي
مضادات كاشفة حوؿ السارد ,تعرؼ بو ,وتلخص حياتو ,و٘تهد بذلك لدخولو ُب بنية اٟتكاية,
واستطاع ا١تخاطب السردي بذلك أف يعيد أرضية اٟتكاية ا١تبلئمة للراوي ليمسك بزماـ السرد,
حيث تكونت لدى القارئ فكرة مبكرة عنو ,وعن تكوينو ا٠تارجي والنفسي والسلوكي ,ىذا
1صفاء احملمود ,البنية السردية ُب روايات خَتي الذىيب الزماف وا١تكاف ,رسالة لنيل شهادة ا١تاجستَت ,غساف مرتاض ,قسم اللغة العربية جامعة البعث
د ط 2009 ,ـ2010 ,ـ ,ص .120
2جَتار جينت ,خطاب اٟتكاية ,تر٤ /تمد معتصم وعبد اٞتليل األزدي وعمر حلي ,منشورات األخبلؽ ,ط ,3اٞتزائر2003 ,ـ ,ص .51
3ا١ترجع السابق ,ص .61 ,60
4ينظر ,عبد ا١تنعم زكريا القاضي ,البنية السردية ُب الرواية ,ا٢تادي ,ص .111
79
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
يرسم اإلطار العاـ للحكاية ,و٭تدد ا١تدة الزمنية اليت Flash back الفبلش باؾ االسًتجاع
01 استغرقتها اٟتكاية"
وىذا النوع من االسًتجاع حسب "جيرار جينيت" ىو أف" :حقلها الزمٍت متضمن ُب اٟتقل
الزمٍت للحكاية األوذل" .3وبعبارة أوضح ىو " :استعادة أحداث وقعت ضمن زمن اٟتكاية أي بعد
بدايتها 4".أي اسًتجاع الذكريات اليت وقعت بعد بداية سرد اٟتكاية أو القصة .فاالسًتجاع ىنا
يعترب من أىم عناصر ا١تفارقة السردية حضورا ُب العمل الروائي ,ومن خبللو ٭تاوؿ الراوي الرجوع
للماضي الذي مرت بو ذاكرتو ,أي اسًتجاع ذكريات ا١تاضي ,فهو ذكر أحداث ووقائع وحىت
لسد الثغرات اليت ٮتلفها السرد.
شخصيات ال عبلقة ٢تا بالقصة أو اٟتكاية ّ
فالرواية مليئة هبذا النوع من السرد االسًتجاع ألنو سيطر على كامل ثنايا القصة ,حيث
اٗتذت الروائية من ىذا األسلوب وسيلة تعارؼ بُت القارئ وأبطاؿ الرواية ,فالقصة ُب حد ذااها
اسًتجاع ,واٞتدوؿ ا١توارل يربز بعض أىم مواضع االسًتجاع ا١توجودة ُب الرواية:
81
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
82
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
83
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
من خبلؿ دراستنا للًتتيب الزمٍت ُب ىاتو الرواية ٧تد أف االسًتجاع تواجد بكثرة ُب النص غَت
أننا دل نوُب بكل ما ىو موجود ُب الرواية ,بل أخذنا بعض النماذج ا١تهمة ,كما أف االسًتجاع عمل
وسد العديد من الثغرات اٟتكائية ,وملء الكثَت من الفجوات اليت كانت تًتكها الساردة
على ردـ ّ
لوقت الحق ,وساىم أيضا ُب تقدمي ا١تعطيات اٟتكائية ا١تتعلقة باألحداث السابقة ,من خبلؿ
اضاءات لبعض ا١تاضي ,وبعض اٞتوانب من حياة الشخصيات اليت دل تكن صوراها لتكتمل لوال ىذه
االسًتجاعات
فإذا كاف االسًتجاع ىو" العودة إذل ا١تاضي والذي يّزودنا ٔتعلومات ماضية سواء حوؿ
الشخصية أو اٟتدث ,أو خط القصة فإف االستباؽ يعد قفزا إذل ا١تستقبل من خبلؿ ٥تتلف
اإلشارات والتلميحات اليت يوظفها السارد ,واليت تعمل على اإلفادة إمكانية ٖتقق أحداث أو وقوع
أفعاؿ ُب ا١تستقبل ,فاالستباؽ إذا ىو "٪تط من أ٪تاط السرد يعمد إليو الراوي ُب عرضو لؤلحداث,
فيق دـ بعضها أو يشَت إليها كاسرا بذلك وتَتة السردا٠تطي مشوشا ترتيب الوقائع كما وردت ُب
اٟتكاية 1".أي أنو عبارة عن مناورة سردية تتمثل ُب إيراد حدث الحق أو اإلشارة إليو سابقا أي
أحداث قد تقع وقد ال تقع.
و يعترب االستباؽ "ظاىرة يتم فيها إيراد حدث دل يبلغو السرد بعد ,وىذه الظاىرة أقل تواترا من
اللواحق ,وٗتتلف درجات وجودىا وأ٫تيتها باختبلؼ األنواع القصصية وتكوف غالبا ُب شكل مشروع
أو وعد أو تكهن أو رؤية أو حلم أو خياؿ٦ 2".تا يعٍت أف االستباؽ ىو التكهن والتنبؤ ٔتستقبل
حدث ما ,كما ٯتكن أف يكوف معرفة الرؤية الغيبية ٟتياة األشخاص ُب العمل األديب.
1كماؿ الرياحي ,حركة السرد الروائي ومناخاتو ُب اسًتاتيجيات الشكل ,دار ٣تدالوي للنشر والتوزيع ,عماف ,األردف ,ط2005 ,1ـ ,ص .110
2الصادؽقسومة،طرائقتحليلالقصة؛دارالجنوبللنشرتونس؛دط؛دت؛ص 0114
84
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
"و االستباؽ أيضا ىو تقدمي األحداث البلحقة وا١تتحققة ُب امتداد بنية السرد الروائي وعلى
العكس من التوقع الذي قد يتحقق وقد ال يتحقق" .1أي ىو تنبأ ٔتا سيصَت ويقع للشخصيات
واألحداث.
فهو ٥تالفة ليسر زمن السرد .تقوـ على ٕتاوز اٟتكاية وذكر حدث دل ٯتض وقتو بعد وىو
مفارقة زمنية تتجو إذل األماـ تصور حدثا مستقبليا سيأٌب فيما بعد وىو على الضد من االسًتجاع,
واالستباؽ وىو القفز على فًتة زمنية معينة من زمن القصة ,أي ٕتاوز النقطة اليت وصلها ا٠تطاب
واالستباؽ ُب نظر لبلستشراؽ ٔتستقبل األحداث والتطلع إذل ما سيحصل من مستجدات الرواية,
"جيرار جينيت" ىو" اٟتكاية التكهنية بصيغة ا١تستقبل عموما ولكن ال شيء ٯتنع من إ٧تازىا بصيغة
اٟتاضر".2
ويتشابو االستباؽ الداخلي مع االسًتجاع ُب "أف منو ما ىو غَت منتم إذل اٟتكاية ,ومنو
,مصر العربية للنشر والتوزيع ,القاىرة ,ط2014 ,1ـ ,ص.95 ٧ 1تبلء مشعلٖ ,تليل ا٠تطاب الروائي ,النسوي أ٪توذجا
2عبد ا١تنعم زكريا القاضي ,البنية السردية ُب الرواية ,ص .117
3ا١ترجع نفسو ,ص .118
4ينظر ,ا١ترجع نفسو ,ص .117
85
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
وٕتدر اإلشارة إذل أف االستباؽ "تقنية ٕتيء ُب بنية الرواية التقليدية على وجو ا٠تصوص.
فينتقل عنصري التشويق وا١تفاجأة لدى القارئ حيث يعلن الراوي التقليدي عن األحداث البلحقة
قبل وقوعها".1
ويتخذ االستباؽ ا٠تارجي موقعو ُب ٟتظتُت مهمتُت من ٟتظات السرد ,اللحظة األوذل قبل
البدء ُب اٟتكاية ,حيث ٮتلق ا١تخاطب السردي استباقا مفتوحا على ا١تستقبل مشكبل حضورا بارزا
للمؤلف الضمٍت ,واللحظة الثانية ال تقل ُب أ٫تيتها على اللحظة الفائتةٟ ,تظة النهاية ,حيث يفتح
السارد الباب على مصرعيو للتأويبلت ا١تستقبلية .أما االستباؽ أو السرد االستشراُب يأٌب با١تقابل
ليعرب عن مفارقة زمنية سردية تتجو ٨تو األماـ ,وٗتتص القادـ ,فهي ٘تثل تصويرا مستقبليا ٟتدث
سردي.
على الرغم من حضوره احملتشم ُب الرواية ,فقد ساىم ُب شحن الرواية وملء فضاءااها بالتوقع
والًتقب ,كما أنو لعب دورا كبَتا ُب جعل زمن الرواية ٮترج من سلطة ا١تاضي إذل فضاءات ا١تستقبل
الواسعة وا١تتعددة.
واٞتدوؿ ا١توارل يربز أىم مواضع االستباؽ ا١توجودة ُب الرواية :
الصفحة موضع االستباؽ تقنية االستباؽ االستشراؼ ا١تثاؿ
...عارية ال اهاب حرقة الشمس ,بدأت القصة باستباؽ لؤلحداث,
-15-13
بكر تصارع آالـ ا١تخاض ...دل إذ تسرد علينا الكاتبة ٟتظة والدة 19
14
٢تذا ا١تكاف ا١توحش طائر عايشة وما عانتو من اآلالـ ٬تلبها
الليل ...بل جلبها ىذا الغريب ...ا١تخاض وحدىا ببل مؤنس وال
من دلتها أف أدل ا١تخاض يسكن آخر حبيب ٖتت أشعة الشمس اٟتارقة
الظهر ...وألف الشمس حارقة وقد بعد أف زودىا الغريب بصرة ٘تر
بلغ العطش منتهاه ...وصرخت واختفى ُب الصحراء ,تاركا إياىا
صرخة مدوية ...تاركة صوتا صغَتا وحدىا تصارع اآلدل ا١تخاض.
وكانت اهروؿ لعلها ترى طيفو ناعما ...تتحدى بو صوت الريح.
وىذا دوف جدوى ,حُت ٘تددت
على األرض فجأة أظلها شيء
فتحت عينيها فإذا بالغريب عند
رأسها يرشها با١تاء بعدىا اشتدت
عليها اآلالـ ,إذ تصرخ صرخة
مدوية ليتعاذل صوت الصغَت ُب
األرجاء.
استباؽ عباس لؤلحداث والتنبؤات
ٖتجج عباس أف الزبائن يبدؤوف ُب اليت قد ٖتصل من خبلؿ بدء
05 10
الزبائن يتوافدوف عليو بعد صبلة التوافد عليو بعد العصر ...
العصر لتنفيذ خطة.
استباؽ ألحداث حالة االغتصاب نادى عليها بصوت يشبو ا٢تمس:
اليت خطط ٢تا عباس اٟتبلؽ وقت -عايشة ,عايشة.
الظهر وىذا ليتأكد من خبل٢تا على -دل تلتفت.
11 11
قدرتو على اإل٧تاب و٬تعل منها أعاد ا١تناداة بصوت أعلى قليبل :
حقل ٕتارب ....بعد أف وضع -عايشة ,عايشة.
مالو على العبلج دوف جدوى, -دل تلتفت.
87
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
فاالستشراؼ ىنا غطّى الرواية بأكملها حىت هنايتها ,فالقارئ للرواية يبقى حائرا ُب مصَت
"عايشة" ىل ىي على قيد اٟتياة ,أـ أين يا ترى...؟ لقد جعلنا ىذا األمر حالة البلستقرار ُب مصَت
"عايشة العقونة" ُب خروجها وال أحد يعلم ذلك .
88
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
" و ىي إ٬تاز األحداث وتلخيصها ,أي عرض األحداث اليت تقع ُب فًتة زمنية طويلة ُب
مقاطع سردية قصَتة" .2وا٠تبلصة ىي سرد موجز يكوف فيو زمن ا٠تطاب أصغر بكثَت من زمن
اٟتكاية ,وتتضمن البٌت السردية تلخيصها لؤلحداث ووقائع جرت دوف ا٠توض ُب تفاصيلها ,فتجيء
ُب مقاطع سردية أو إشارات ,وتعد ا٠تبلصة "تقنية زمنية يلجأ إليها الروائي ُب حالتُت :اٟتالة األوذل
حُت نتناوؿ أحداثا حكائية ٦تتدة ُب فًتة زمنية طويلة ,فيقوـ بتلخيصها ُب زمن السرد وتسمى
ا٠تبلصة االسًتجاعية ,واٟتالة األخرى حيث يتم التلخيص ألحداث سردية ال ٖتتاج لتوقف زمٍت
ٛ 1تيد ٟتميداين ,بنية النص السردي من منظور النقد األديب ,ص.76
ٝ 2تَت فوزي حاج ,مرايا جرب ابراىيم والفن الروائي ,ا١تؤسسة العربية للدراسات والنشر ,بَتوت ,لبناف ,ط2005 ,1ـ ,ص .75
89
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
سردي طويل ,وٯتكن تسميتها با٠تبلصة اآلنية ُب زمن السرد اٟتاضر" 1ونتيجة لطابع ا٠تبلصة
التكثيفي و االختزارل يقوـ الراوي با١ترور السريع على األحداث اٟتكائية أو السردية ,فيسرد "ُب بضع
فقرات أو بضع صفحات عدة أياـ أو شهور أو سنوات من الوجود دوف تفصيل أعماؿ وأقواؿ".2
أي أف ا٠تبلصة تقتضي سرد ٣تموعة من الوقائع دوف ذكر التفاصيل واٞتزئيات ,كما أهنا ٗتتصر فًتة
طويلة من حياة الشخصيات ُب عدد ٤تدود من السطور.
من خبلؿ ا٠تبلصة استطاعت الروائية أف تتخلص من سرد الكثَت من األحداث وجعلها ُب
أسطر معدودة باختصار وإ٬تاز ,وُب اٞتدوؿ ا١توارل نوضح بعض مواطن ا٠تبلصة ا١توجودة ُب الرواية :
1مها حسن القصراوي ,الزمن ُب الرواية العربية ,ا١تؤسسة العربية للدراسات والنشر ,بَتوت ,ط2004 ,1ـ ,ص .224
2جَتا ر جينيت ,خطاب اٟتكاية ,ص .109
90
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
بعد مرور شهر من الواقعة ,وثبلث أسابيع ضبطا على موت شهر
39 15
ثبلث أسابيع. عباس بدأت مبلمح جديدة تظهر على عايشة...
على الساعة ا٠تامسة والربع عادت ,الوقت مضبوط ألف ا٠تامسة والربع
31 16
الساعة اٞتدة كانت عينها على الساعة طواؿ الوقت.
49 نصف ساعة. بعد نصف ساعة تقريبا من خروج صاحل.. 17
45 السنتُت. عاد اآلف وطفلة بعمر السنتُت تتشبث بيده... 91
)(Ellipse ب -الحذف /القطع:
وىي تقنية" زمنية إذل جانب التلخيص لو دور حاسم ُب تسريع حركة السرد ,فهي تقتضي
بإسقاط فًتة قصَتة أو طويلة من زمن القصة وعدـ التطرؽ ١تا جرى فيها من وقائع وأحداث".1
وبعبارة أخرىٕ ":تاوز السارد أحيانا لبعض ا١تراحل من القصة دوف اإلشارة إليها يقوؿ مثبل:
2
"مرت سنتاف أو انقض زمن فعاد البطل من غيبتو"...
أما من وجهة نظر "جيرار جينيت"" :يرتد ٖتليل اٟتذوؼ إذل تفحص زمن القصة احملذوؼ".3
كما ٯتكن القوؿ بأنو" :أقصى سرعة ٦تكنة يركبها السرد ,ويتمثل ُب ٗتطيو للحظات اٟتكائية
بأكملها دوف اإلشارة ١تا حدث فيها وكأهنا ليست جزء من ا١تنت اٟتكائي" .4أي أنو لو فرصة ٕتاوز
فًتة زمنية ىو ُب غٌت عنها ,إذ يقفز عنها دوف التحدث عما ٬تري فيها.
ويذىب "جان ريكاردو" :إذل أف "اٟتذؼ" ىو نوع من " القفز على فًتات زمنية والسكوت
على وقائعها من زمن الق ص" ...ونوع يلحق القصة والسرد معا ُب حالة التنقل من فصل إذل فصل
حيث ٖتدث فجوة ُب القصة" 1نكاد نلمسها و٨تس بفراغها ُب البناء الروائي العاـ الذي يقوـ بتقدمي
ىذه ا١تادة اٟتكائية.
فالروائي كثَتا ما يلجأ إذل استخداـ تقنية "اٟتذؼ" عندما يصطدـ بصعوبة سرد األياـ أو
تقدمي األحداث بشكل متسلسل الستحالة القدرة على االلتزاـ بتتبع سرد الزمن الكرونولوجي
البلهنائي الصَتورة على مساحة نصية ,ىذه ا١تساحة قد ال تكفي لتغطية ما ٭تدث بالتفصيل خبلؿ
ساعات يوـ واحد.
لذلك "٧تده يقفز على بعض الفًتات اليت ال يرى جدوى من سردىا كوهنا ال تتوفر على
أحداث تسهم ُب بعث السرد ودفع عجلة حركتو مكتفيا بًتكيزه على ما ٬تب أف يروي فقط.
فاٟتذؼ تقنية زمنية ال ٯتكننا االستغناء عنها ,خاصة عندما يتعلق األمر بضرورة إسقاط بعض
الفًتات الزمنية ا١تيتة والقفز باألحداث بإتاه األماـ.
ويتحقق ىذا القفز بالسكوت عن ىذا اٞتزء القصصي ُب السرد بشكل كلي أو باإلشارة إذل
مكانو بعبارات زمنية تدؿ على موضع الفراغ اٟتكائي".2
تكوف كفيلة بلفت انتباىنا إذل أف ىناؾ فًتة ٘تر ٕتاوزىا ُب اٟتكي ,وهبذا يساعدنا على فهم
وإدراؾ التحوالت الزمنية اليت تطرأ سَت األحداث اٟتكائية.
-2الحذف الضمني :يعد ىذا اٟتذؼ "من أىم التقنيات السردية ا١تستخدمة ٠تلق الزمن السردي,
فمن خبللو يتم االنتقاؿ من فًتة زمنية إذل أخرى من دوف اإلشارة إذل ذلك".1
وتأٌب ىذه األ٫تية لكوف النص السردي عاجزا على االلتزاـ بالتتابع الزمٍت الطبيعي لؤلحداث,
ومضطر إذل القفز بُت اٟتُت واٟتُت على الفًتات ا١تيتة من القصة .قد يلجأ الراوي إذل ىذه التقنية
وىو مرغم ,ألهنا تتيح لو فرصة ٕتاوز فًتة زمنية ىو ُب غٌت عنها ,إذ يقفز عنها دوف التحدث عما
٬تري فيها ,ويبد أ ُب الغالب ىذه ا١تقاطع اليت تتوفر فيها التقنية كعبارة " :مرت سنوات ,بعد ٜتس
سنوات دقائق ,انقضت أشهر ...وغَتىا.
فاٟتذؼ دل يرد كثَتا ُب الرواية ,وما ورد منو طاؿ واقتصر حسب حاجة الرواية وغرضو من
ذلك اٟتذؼ ,واٞتدوؿ التارل يبُت أىم مواضع اٟتذؼ ا١توجودة ُب الرواية :
الصفحة القرنية اٟتذؼ الوارد ُب الرواية ا١تثاؿ
ومرت األياـ ,وطالت ا١تدة ,شهر ,شهراف ,شهر ,شهراف ,سنة ,سبع 16 ّ 19
سنوات. سنة ,سبع سنوات بعمر الزمن ودل يعودا.
كانت عايشة ُب الثامنة من العمر حُت تركها الثامنة من العمر.
والداىا ورحبل إذل ديار الغربة ,وىا قد صارت ا٠تامسة عشر.
اآلف با٠تامسة عشر..
99 ىي سيدة ٚتيلة ,دل تستطع سنوات العمر سنوات العمر الستُت. 10
الستُت أف تسرؽ منها ٚتا٢تا البدوي األصيل.
91 وكأي بنت طبيعية مرت ّتميع مراحل التطور شهر. 11
اٞتسمي والفيزيولوجي ,لذا صارت جداها ىلعة
كلما أىل شهر.
00 ويبدو أهنا شفيت من عضة اٟتصاف ,فمنذ منذ ثبلثة أياـ. 12
94
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
98
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
100
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
101
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
فيصف مكانا أو شخصا" 1ويكوف "فيها زمن السرد أكرب بصورة هنائية من زمن القصة ,ألف األخَت
2
يكوف متوقفا"
تعمل الوقفة الوصفية مع ا١تشهد على إبطاء زمن السرد الروائي ,حيث يتم تعطيل زمن اٟتكاية
باالسًتاحة الزمنية ليتسع بذلك زمن ا٠تطاب وٯتتد ,فالوصف وقوؼ بالنسبة إذل السرد ,ولكنو
تواصل وامتداد بالنسبة للخطاب ,وٯتكن ٖتديد وعُت أساسيُت من الوقفة يتمثل النوع األوؿ ُب كوف
الوصف يرتبط ْتركة الشخصية واٟتدث ,وبالتارل تعد الوقفة الوضعية جزءا أساسيا من سياؽ لسرد,
والنوع اآلخر من الوصف حيث ال يرتبط بعبلقة جدلية متفاعلة مع عناصر السرد األخرى ,فيشبو
بذلك ٤تطات اسًتاحة يستعد فيها السرد أنفاسو .أٚتع أغلب النقاد والدارسُت على أننا حُت نواجو
ىذه اٟتركة السردية ,ال تكوف ىنا أي سرعة ُب عرض األحداث وىي ٖتدث عادة عند انقطاع
السَتورة الزمنية لؤلحداث ,ف هذه التقنية تلعب دورا مهما داخل النص السردي ,رغم أهنا توقف مسار
اٟتركة السردية ,إال أهنا توفر مساحة أو فضاءً الستعادة النفس ,فهي تعد ٔتثابة ٟتظة خاطئة ٖتدث
خارج زمن القصة ,وتوفر االسًتاحة للقارئ لكي يتوقف للحظة معينة ليواصل فيما بعد القراءة ,كما
للوقفة عمل يتمظهر ُب اٞتماؿ بدرجة أوذل .
فالوصف ذو أ٫تية بالغة داخل العمل الروائي ,والروائية "حواء حنكة" ُب ىاتو الرواية اىتمت
بالوصف كثَتا ,فمن خبللو استطعنا أف نتعرؼ على صفات كل شخصية ,إضافة إذل وصف األماكن
ا١توجودة ُب الرواية ,واٞتدوؿ ا١توارل يبُت أىم مواضع الوصف ا١توجودة داخل الرواية :
الصفحة موضع الوقفة الوصفية الوقفة الوصفية ُب الرواية ا١تثاؿ
اغرورقت عيناىا بالدموع وخنقتها العربة ,وصف الروائية لنا حالة اٞتدة القادة
الرد ,عند اتصا٢تا بابنتها ا١تسافرة إذل ديار 17
فأغلقت ا٢تاتف دوف أف تًتؾ ٢تا فرصة ّ 19
وضعتو جانبا ٍب مسحت سيل الدمع اٞتاري الغربة حوؿ موضوع ابنتها "عايشة "
1ناىضة ستار ,بنية السرد ُب القصص الصوُب ,ا١تكونات والوظائف والتقنيات ,منشورات اٖتاد الكتاب العرب ,دمشق ,سوريا ,د ط2003 ,ـ ,ص
.229
2عمر عبد الواحد ,شعرية السرد ٖتليل ا٠تطاب السردي ُب مقامات اٟتريري ,دار ا٢تدى للنشر والتوزيع ,ط2003 ,1ـ ,ص.50
102
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
على خديها بظاىر يدىا ...وبصقت عليها اليت تركتها ٞتداها من أمها لًتعاىا
حىت يستقرا . بكل ما ٭تتوي فمها من لعاب .
ىي سيدة ٚتيلة ,دل تستطع سنوات العمر
الستُت أف تسرؽ منها ٚتا٢تا البدوي األصيل ,وصف الروائية للجدة
عيناف واسعتاف ذاتا نظرة حادة ,ووجو مستدير ,القادة وٚتا٢تا بأدؽ التفاصيل وأخذ 99 10
شفاه غليظة وأنف رقيق أخذتو عنو عايشة ,عايشة منها التفصيل ا١تفصل
فكاف التفصيل األوحد الذي تشًتكاف فيو
وأنت ترى عايشة للوىلة األوذل تبدو لك
ٚتيلة كجداها ,وجو ٜتري أقرب للطوؿ مع
عيوف صغَتة المعة وأنف رقيق حاد عدا وصف الروائية لنا تفاصيل ومبلمح
بعض البثور اٟتديثة ا١تنبت اليت تفسد صفاء عايشة من خبلؿ ٚتا٢تا الذي 91 11
بشراها إال أف ابتسامتها ا البلهاء وحركة يديها أخذتو عن جداها القادة
٬تعبلنك ُب حك شعرىا .... الغريبة
تغَت نظرتك سريعا .
تسَت بالشارع دوما عارية الرأسُ ,ب الواقع دل
يكن شعرىا وىو مفرود بوحشية مغريا ,بل من
عايشة وكيف غَت ا١تمكن تسميتو شعرا أصبل ...دل اهتم وصف الروائية حياة
اٞتدة بتغطيتو اىتمت فقط بثوهبإتنبا ٢تمز دائما ىي بالشارع عارية الرأس وكذا
91 12
الناس خصوصا وأف شيئا ما بأعلى اٞتسد بدأ ما ظهر ُب جسدىا الذي يظهر ألي
فخاطت ٢تا بنت ُب سن البلوغ يظهر كحبة زيتوف صغَتة,
فساتُت مغلقة من جهة الصدر ,وزادت على
ذلك أف جعلتها طويلة حىت كعب قدميها .
103
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
يكن عازمات على رميها برمل الشارع القدٯتة اليت يعيشوف فيها .
والضطراهبن يرش با٠تطأ اٞتدار .
٬تلس أصحاب ىذه العيوف ومؤخرااهم برماؿ
الشارع ...ا١تهم أهنم ٯتارسوف عمل ا١تراقبة
اليومي للنسوة ُب غدوىن ورواحهن ...مهم
حاولن التسًت باللحاؼ ,يصيبهم العمى فقط
حُت ٘تر عايشة ,عدا عباس اٟتبلؽ فقد كاف
٭تفظ كل تفاصيلها .
عباس رجل أربعيٍت ,مبل٤تو دل تكن عايشو
كاٝتو ,فم ضاحك دوما ,ثرثار إذل حد ا١تلل,
الكل والكل يعرفو ,كيف وىو حبلقهم
يعرؼ ّ
ٚتيعا ,يعجبو ىذا األمر ويتباىى بو دوما ُب
جلساتو الصباحية مع رفافو ٖتت ظل جدار وصف لشخصية عباس اٟتبلؽ
106
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
وا١تكاف الروائي ىو ا١تكاف ا١تتخيل والفضاء الروائي ٭تتاج إذل أمكنة عديدة ذات بنية نابضة
باٟتركة والعقل ,ويكتسب ا١تكاف ُب الرواية أ٫تية كبَتة وداللة خاصة فهو ليس فقط مكانا فنيا وليس
فقط عنصر من عناصر الرواية.
ال ٗتتلف ا١تعاجم العربية ُب ٣تملها على ما أسند للقصة "مكاف" من معٌت فيعد لساف العرب
البن منظور أكثر ىذه ا١تعاجم عرضا وتفصيبل ٢تذه الصيغة وأغلب ا١تعاجم العربية وحىت القواميس
تستند إليو ُب تعريفها للمكاف.
107
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
-1-1لغة :
تعددت تعريفات ا١تكاف من الناحية اللغوية ُب معظم ا١تعاجم منها:
يقوؿ "ابن منظور" ُب لساف العرب " :أف ا١تكاف ىو ا١توضع ,وٚتع ْأمكنػة وٚتع أماكن
والعرب تقوؿ كن مكانك وأقعد مقعدؾ فقد دؿ ىذا على انو مصدر من مكاف أو موضع منو".1
فيقصد با١تكاف ىنا ا١توضع الذي ٭تتل مساحة معينة تشتغل ُب وضع األشياء.
ويرى "مختار الصحاح"" :أف ا١ت َكا ُف لفظ مشتق من كلمة ـ ,ؾ ,ف وىو ا١ت ْو ِض ُع ,و٬توز
َ َ
2
أف يراد بو علو أمكنتها أي على مواضعها" .
أما "الزبيدي" يقوؿ على أنو" :اشتقاقو من كاف يكوف ولكنو ٢تا كثرة ُب الكبلـ ,صارت ا١تيم
كأهنا أصلية".3
وُب القاموس احمليط" :وردت الكلمة ٖتت مادة ؾ ,و ,ف ,ا١ت َكا ُف :ا١ت ْو ِض ْع كا١تكانة :أ َْم ِكنَة
َ َ
وأ ََماكِ ُن :وٖتت مادة ـ ,ؾ ,ف يقوؿ :ا١تكانة :ا١تنزلة التكوف ,ونقوؿ للبغيض ال كاف وال تكن" .
4
ﭽﯭ ﯮ ﯯ ﯰ وقد تناوؿ القرآف الكرمي كلمة "ا١ت َكا ُف" فنجده ُب قولو تعاذل:
َ
ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ سورة الزمر اآلية , 17 :ىي ٔتعٌت ا١توضع .
كما ٧تده أيضا ُب قولو تعاذل :ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﭼ سورة مرمي اآلية 00 :وا١تكاف ىنا
ىو ا١توضع كوف الشيء وحصولو.
-2-1اصطالحا :
حظي ا١تكاف بدراسة كبَتة لدى النقاد والدارسُت ,كما ظهرت لو العديد من الدراسات اليت
قاـ هبا الباحثوف والدارسوف ُب ٣تالو نذكر من بُت ىذه التعاريف" :ىو ا٠تلفية اليت تقع فيها أحداث
الرواية واجملاؿ الذي تشَت فيو األحداث من ٖتوالت على مستوى الشخصيات من أفعاؿ وأقواؿ".1
كذلك فإف " :مكاف رواية ليس ىو ا١تكاف الطبيعي ,فالنص ٮتلق عن طريق الكلمات مكانا
خياليا لو مقوماتو ا٠تاصة وأبعاده ا١تميزة".2
فا١تكاف الروائي ليس مكاف معتاد كالذي نعيش فيو ,ولكنو مكاف ٗتيلي غَت واقعي يتشكل لنا
عن طريق اللغة الروائية ,فيحقق ا١تؤلف باللغة عا١تة الروائي بكل تصوراتو ,و٘تنحو اٟترية اٟتق ُب
تشكيل فضائو بعيدا عن كل القوانُت ا٢تندسية ٔتشاركة الشخصيات ووظائفها ا١تختلفة .
فا١تكاف" :ىو الذي يؤسس اٟتكي ُب معظم األحياف ألنو ٬تعل القصة ا١تتخيلة ذات مظهر
٦تاثل ١تظهر اٟتقيقة".3
فا١تكاف ىنا مرتبط بالتعبَت عن ا١تشاعر والتصورات ا١تكانية فهو ٬تمع بُت احملسوس وا١تلموس
وىو أساسي ُب الرواية وال ٯتكن االستغناء عنو.
وقد أكد العديد من النقاد على أ٫تية ا١تكاف ُب العمل السردي ,فمثبل "يوري لوتمان
"yourilotmanيعرؼ ا١تكاف فيقوؿ" :ا١تكاف ىو ٣تموعة من األشياء ا١تتجانسة من الظواىر
واٟتاالت والوظائف أو األشكاؿ ا١تتغَتة ...اخل اليت تقوـ بينها عبلقات شبيهة بالعبلقات ا١تكانية
ا١تألوفة العادية مثل االتصاؿ ,ا١تسافة...اخل .
1سيزا قاسم ,بناء الرواية دراسة مقارنة ُب ثبلثية ٧تيب ٤تفوظ ,مكتبة األسرة ,د ط 2004 ,ـ ,ص.75
2ا١ترجع نفسو ,ص .75
ٛ 3تيد ٟتميداين ,بنية النص الروائي ,ص .53
109
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
و٬تب أف نضيف إذل ىذا التعريف ملحوظة عامة وىي أننا إذا نظرنا إذل ٣تموعة من األشياء
ا١تعطاة على أهنا مكاف ٬تب أف ٕترد ىذه األشياء من ٚتيع خصائصها.
ما عدا تلك اليت ٖتددىا العبلقات ذات الطابع ا١تكاين اليت ندخل ُب اٟتساب".1
مثل: فا١تكاف ىنا يتكوف من ٣تموعة أشياء ٕتمعها عبلقة فهذه العبلقة ىي عبلقة ٕتانس
االتصاؿ ,ا١تسافة ....فهذه األشياء ا١تعطاة ٬تب علينا أف ٧ترد من خصائصها حىت تصبح طابعا
مكانيا.
أما "غاستون باشالر "gaston Bachelardيرى أف" :ا١تكاف الذي ينجذب ٨تو ا٠تياؿ ال ٯتكن
أف يبقى مكانا ال مباليا ,ذا أبعاد ىندسية وحسب ,فهو مكاف قد عاش فيو بشر ليس بشكل
2
موضوعي فقط بل بكل ما ُب ا٠تياؿ من ٖتيز".
ا١تكاف ىنا ليس عبارة عن مكاف ىندسي ٭تمل أبعاد ومقياسا وإ٪تا ىو مكاف عاش فيو البشر
ٮتبؤوف فيو ذكريااهم وحركااهم وأحزاهنم وأفراحهم.
أما النقاد الذين أولوه عناية خاصة ُب ٥تتلف الدراسات اليت أ٧تزوىا ُب ٖتليل ا٠تطاب الروائي
فنذكر منهم على وجو ا٠تصوص:
الناقد ا١تغريب "حميد لحميداني" ُب كتابو ":بنية النص السردي" الذي يعتربه مثابة العمود
3
الفقري ألي نص بدونو تسقط تلقائيا العناصر ا١تشكلة لو".
ويرى أف" :الفضاء ُب الرواية أوسع وأمشل من ا١تكاف ,أنو ٣تموع األمكنة اليت تقوـ عليها اٟتركة
الروائية ا١تتصلة ُب سَتورة اٟتكي وعلى ىذا فا١تكاف الروائي ىو اٟتيز فيو أحداث الرواية اليت يلفها
الفضاء ٚتيعا غذ ىو األفق والرحب واألمشل".4
1صاحل ولعة ,ا١تكاف وداللة ,رواية ا١تلح لعبد الرٛتاف منيف ,عادل الكتب اٟتديث ,أربد ,األردف ,ط2010 ,1ـ ,ص.40
2ا١ترجع نفسو ,ص.41
ٛ3تيد ٟتميداين ,بنية النص السردي ,ص.61
4ا١ترجع نفسو ,ص .60
110
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
معناه جاريا ُب ا٠تواء والفراغ وبينما اٟتيز لدينا ينصرؼ استعمالو النتوء والوزف والثقل واٟتجم
والشكل ,وعلى حُت أف ا١تكاف نريد أف ننقل ُب العمل الروائي على مفهوـ اٟتيز اٞتغراُب وحده".2
وبناءً على ما سبق يستخلص على أف ا١تكاف يشمل حيزا واسعا ُب ٣تاؿ دراسة السردية ,فهو
من اٟتوافز اليت تدفع الكتاب إذل إظهار قدرااهم اإلبداعية ولكل واحد طريقتو ُب رسم مكاف الرواية
والتفتت فيو .وذلك من أجل إظهار إمكانيااهم وإبداعااهم .من خبلؿ ىذه التعريفات ٧تد أف ىناؾ
مصطلحات وؿ معدلة ١تصطلح ا١تكاف وىي مصطلحا الفضاء واٟتيّز وىذا راجع إذل اختبلؼ
وجهات النظر بُت الباحثُت والدارسُت ,وعموما نقوؿ أف عنصر ا١تكاف ليس عنصرا زائد ُب الرواية ,إذ
يكوف ُب بعض األحياف ىو ا٢تدؼ أو العمل الفٍت ٚتيعا ,فهو ا٠تلفية اليت تقع فيها أحداث الرواية
واجملاؿ الذي تسَت فيو األحداث من ٖتويبلت على مستوى الشخصيات من أفعاؿ وأقواؿ
: -2أهمية المكان
1عبد ا١تالك مرتاضُ ,ب نظرية الرواية ْتث ُب تقنيات السرد ,ص.121
2ا١ترجع نفسو ,ص.121
111
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
يكتسب ا١تكاف ُب الرواية أ٫تية كبَتة ال ألنو أحد عناصرىا البنائية أو الفضاء الذي تتحرؾ
بداخلو األحداث والشخصيات فحسب ,بل ألنو يتحوؿ ُب بعض األعماؿ ا١تتميزة إذل فضاء ٭تتوي
على عناصر ا٠تطاب السردي ,باعتبار ا١تساحة اليت ٕتسد وعي الكاتب ووجهة نظره من جهة وألنو
اإلطار الذي تتجسد داخلها الصيغة البنائية اليت يأٌب وفقها ا٠تطاب ُب سَت أحداثو من جهة
أخرى.
فا١تكاف " :ليس عنصر زائد ,فهو يتخذ أشكاال ويتضمن معاين عديدة ,بل ألنو قد يكوف ُب
1
بعض األحياف ىو ا٢تدؼ من وجود العمل كلو".
فا١تكاف ىنا ٯتثل ُب كل اٟتاالت بؤرة مركزية لؤلحداث اٟتاصلة ُب العمل السردي كما يتسم
بالسطحية والسهولة قياسا مع البنيات األخرى الزمن ,والشخصيات لسيولة ىذه البنيات وحيويتها
وسطحية ا١تكاف باعتباره أرضية وفضاء ٢تا.
ونستخلص من ىذه األ٫تية بأف ا١تكاف ُب العمل الروائي يتجاوز كونو ٣ترد خلفية تقع عليها
أحداث الرواية ,فهو العنصر الغالب فيها وال ٯتكننا االستغناء عنو ,باعتباره ٤تور أساسي من
٤تاور اليت تدور حو٢تا عناصر الرواية .
-3أنواع المكان:
اٗتذ مفهوـ ا١تكاف أشكاال وتصنيفات متعددة عند النقاد وا١تهتمُت ,ومن أبرز ىذه
التصنيفات:
-1-3المكان المجازي:
2
وىو ا١تكاف " الذي ٧تده ُب رواية األحداث ا١تتتالية ,حيث ٧تد ا١تكاف ساحة األحداث"
وٝتي بذلك ألف وجوده افًتاضي غَت مؤكد وىو مكمل لؤلحداث وليس عنصرا أساسيا ُب العمل
الروائي مثل :األشجار اليت تتعرض البطل ُب الطريق وٗتيفو.
يشمل التشخيص ا١تكاين على أنظمة ٚتالية دقيقة وىي ألفة ا١تتناىي ُب الكبَت والعمق
والفخامة ا٢تائلة ,ويواجو انفتاحية ا١تكاف ْتركة التقاببلت اليت تنتهي بعكس السمات الشعورية على
النسق ا١تكاين ,معٌت ذلك أف الشاعر يستوقفو ا١تكاف ا١تفتوح ا١تتسع مثل الغابة ,البحر ,الصحراء
.....إخل فيضيق عليو بعدا نفسيا يتداخل وأشياء العادل الواسع ,فيشبو الروح ا١تتمردة على الضيق ُب
ذرات ا١تكاف الساكنة ,و٭تاوؿ اشتقاؽ العمق والفخامة ا١تتخفية ُب حدود ا١تكاف الكبَت ليعيش ٟتظة
نف سية مغروسة بالزوايا اليت تعرؼ النهاية واالنغبلؽ .إهنا ٟتظة تبادؿ بُت ٪تطُت من العوادل" :العادل
الكبَت ا١توضوعي ,وعادل االنفعاالت" 1يتضح من ىنا أف ا١تكاف ا١تفتوح ا١تتمثل ُب :الغابة ,الصحراء,
البحر....إخل .
ىو ا١تكاف الذي يتميز باالتساع و الشساعة حيث ال يتقيد فيو الشخص وال يشعر بالضيق
فيتحسس من خبللو بأنو حر طليق يسبح ُب فضاء ال حدود فيو.
فا١تكاف "حيّز مكاين خارجي ال ٖتده حدود ضيقة يشكل فضاء رحبا وغالبا ما يكوف لوحة
طبيعة ُب ا٢تواء الطلق".2
فهو مكاف خارج ا١تدينة أو القرية يكوف بعيدا عنها ,حيث يشكل مساحة شاسعة يكوف على
اتصاؿ با٢تواء والطبيعة.
ىذا يعٍت أف ىذه األمكنة باستطاعة اٞتميع االلتحاؽ هبا ,فهي أماكن عامة يسمح للناس
بااللتقاء فيو والتواصل ,ويساعد الشخصيات ُب مسايرة اٟتدث والتحرؾ بطبلقة وحرية .فاٗتذت
رواية "عايشة " بعض األماكن ا١تفتوحة إطارا ألحداثها ,وىي أماكن منفتحة على طبيعتو ٦تا يسمح
ىذا ا١تكاف للفرد بالًتدد عليو ُب أي وقت شاء من دوف قيد أو شرط ,مع عدـ اإلخبلؿ بالعرؼ
االجتماعي ,أي ٦تارسة سلوؾ غَت سوي يرفضو اجملتمع كالسرقة وغَتىا .
ويسمح ا١تكاف ا١تفتوح أيضا باالتصاؿ ا١تباشر مع اآلخرين فتخضع ىذه األماكن الختبلفات
ُب شكلها ا٢تندسي تفرضو طبيعة تكوينها ٦تا ٬تعلها متنوعة من رواية ألخرى وُب رواية واحدة .
واألماكن ا١تفتوحة اليت كاف ٢تا حضور ُب الرواية ٯتكن حصرىا فيما يلي:
1ـ الشارع واألزقة (األحياء) :
1سحر ىادي شرب ,الصورة ُب شعر نزار قباين دراسة ٚتالية دار ا١تنهج للنشر والتوزيع ,عماف ,األردف ,ط2011ـ ,ص .140
2أوريدة عبود ,ا١تكاف ُب القصة اٞتزائرية الثورية دراسة بنيوية لنفوس ثائرة لعبد اهلل الركييب www.edusaيوـ 2014/11/20على الساعة
.20:14
114
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
1برة فاطمة الزىراء وآخروف ,البنية ا١تكانية ُب رواية الزقاؽ ا١تدؽ " لنجيب ٤تفوظ" ,مذكرة لنيل شهادة ليسانس ,قسم اللغة واألدب العريب ,جامعة
الوادي 2016,ـ2017-ـ,ص.27
2الرواية ,ص .12
3الرواية ,ص .12
4الرواية ,ص . 21
115
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
كما ٘تثل "األزقة" أيضا أماكن عبور ,وقد وردت ُب الرواية كلفظة معربة عن ا١ترور داخل ا١تبٌت,
فهذه األزقة تنتهي بغرؼ وغَتىا ,كما جاءت اللفظة ُب قو٢تا " ...يلتفت كل ثانية وراءه ,أكمل
"1
الزقاؽ األوؿٍ ,ب أطلق تنهيدة طويلة ألنو دل ٬تد أحدا ...يقطع الزقاؽ الثاين
فاألبطاؿ كانوا يقطعوف مسافات للوصوؿ إذل اجمللس الذي يعترب فضاء اٟتكي فأماكن العبور
تعترب ٔتثابة ا٠تط الذي يعربه الراوي للغوص ُب ثنايا روايتو.
2ـ انصحزاء:
من اجملهوؿ إذل اجملهوؿ ,تنطلق الراوية إذل رحلة وفضاء مفتوحا آخر وىو "الصحراء" وكل
ما٘تلكو ىذه اللفظة من دالالت ٥تتلفة فهي تتسم بالسفر وا٠تروج والذىاب واالنطبلؽ ٨تو اجملهوؿ,
فهي عادل ال حدود لو ٖتدىا الفضاءات ا١تفتوحة من كل جانب كما ٖتده الشساعة واالنفتاح إذل
عادل ٣تهوؿ ٤تفوفا بالغموض .
فالصحراء معلم بارز ُب الذاكرة العربية ,فهي مرتبط ّتذور قدٯتة تراثية ,مرتبط بالعروبة العربية
واألخبلؽ السامية والفصاحة اللغوية واللفظية .
ولقد أشارت الروائية ُب شكل وحدات داللية مرتبطة ْتقل الصحراء ,وىي ألفاظ تتسم هبا
الصحراء ال غَتىا فذكر :الرمل ,الواحة ,النخيل ...وغَتىم من األلفاظ ,وىذا ما أشارت إلية
الروائية ُب قو٢تا ":ىناؾ ..حيث ال يوجد غَت السراب ,ورماؿ معددة عارية ال اهاب حرقة الشمس,
"2
بكر تصارع آال ا١تخاض ...
وُب قو٢تا أيضا ..." :اهاوت على األرض تلهث من العطش٘ ,تددت على ظهرىا ٍب بسطت
"3
ذراعيها ...فإذا بشيء أصفر ٯتيل لونو للسواد ٬تري ٓتفة على الرمل ...
كما للفظة "صحراء" حقوال داللية وألفاظ تدؿ عليها ,فنجد ُب الرواية :اٞتماؿ ,القافلة ,...
وىذا ما أشارت إليو ُب قو٢تا ... " :مات زوجها منذ سنوات ,وىو عائد من اٟتج ,حُت كاف الناس
"1
يسافروف باٞتماؿ ,غرؽ ُب هنر بأرض "تونس" ...
وقد برزت داللة ا١تكاف الصحراوي من خبلؿ االمتداد وا٠تبلء واٞتفاؼ والشساعة بدوف رسم
معُت ٢تا .
فجمالية ا١تكاف ال تتجسد من خبلؿ اٝتو وصفاتو فقط ,بل من خبلؿ الطريقة الفنية اليت
تسرد هبا .والروائية ُب وصفها ٢تذه األماكن ,حاولت اخًتاقها ومعرفة ما فيها من خبلؿ الشخصيات
ا١تعروضة ُب الرواية ,وتربطها مع أماكن أخرى مقهورة ُب اجملتمع .
3ـ انًمثزج:
" قرب :القرب ,مدفن االنساف وٚتعو قبور ,وا١تقرب ا١تصدر ,وا١تقربة بفتح الباء وضمها موضع
القبور ". 2
سر عباس معو ألنو دل يكن يعلم بأنو ليس جاءت ىده اللفظة ُب الرواية حُت قرر صاحل دفن ّ
السر ,ألف ا١ترأة اليت اصطدـ هبا يوـ اٟتادثة ىي امرأة أخرى عابرة وألنو دل
وحده الذي يعرؼ هبذا ّ
للسر وبعد دفنهم لعباس الحظ تلك ا١ترأة نفسها اليت
يفكر ابدا بأهنا زوجة عباس إال أنو أثناء دفنو ّ
رآىا يوـ اٟتادثة وىو ُب ا١تقربة وجاءت ىذه العبارة ُب قوؿ الروائية... " :تنهد طويبل ٍب انتظر مرور
القلة من الناس الذين جاءوا للصبلة عليو ,رفع يديو بالدعاء طالبا لو ا١تغفرة ٍ ,ب مسح على قربه
وحفر حفرة صغَتة كما يفعل الصبية حُت ٮتفوف أسرارىم ...وقاؿ :ىاىو سرؾ يا عباس دفنتو ؟ ٍب
ردـ اٟتفرة الصغَتة بكلتا يديو ومضى ...وبينما ىو مغادر ١تح تلك ا١ترأة اليت ارتطم هبا ,يلتف
حو٢تا بعض النسوة ٦تن جئن لتوديع عباس ٕتلس بينهن منتحبة باكية .ىي عادة النساء بأرض
اعميش .تتبع النسوة اٞتنازة الفقيد ويبقُت حىت هنايتها خارج السور ,وبعد مغادرة آخر رجل
يزرف قرب ويبللن تربتو بالعطر ..وتكوف أغلب الزيارات اليت تلي يوـ الدفن بعد انببلج ا٠تيط األوؿ
من الفجر ...و تزور قربه حاملة ماء غسلها وثياهبا اليت كانت تلبسها ٍ ,ب ترميها با١تقربة كدليل
".1
للفقيد أهنا قد بدأت باٟتداد...
-5-3المكان المغلق:
وىو الذي ٯتثل تلك ا١تساحة احملدودة والضيقة ,وىو ا١تعزوؿ عن العادل ا٠تارجي كما أف ٤تيطو
أضيق بكثَت مقارنة با١تكاف ا١تفتوح.
"قد يكوف للمكاف ا١تغلق ٚتالية تستشري ُب دقائق الذكريات القافية على األركاف وا٠ترائف
2
والصناديق وا١تقاىي واألكواخ وغَتىا ".
فا١تكاف ا١تغلق ىنا ىو عبارة عن مكاف ضيق ٤تدود يقتصر على األركاف والصناديق واألشياء
الضيقة اليت ٢تا حدود.
وىناؾ من يقوؿ بأنو" :ٯتكن أف نفسر أكثر ا١تكاف ا١تغلق بالتقيد إذل درجة قد ٭تمل معها
خاصية أساسية تتمثل ُب صعوبة أو استحالة اخًتاقو ,وىذا النوع من ا١تكاف ٧تده بشكل متنوع
3
وبصورة جالية ُب قصة دل تتم ".
فا١تكاف ا١تغلق ىنا لديو طابع متميز عن باقي األمكنة ,فهو يتميز بعدـ االنفتاح واالتساع ,ولو
عبلقة مباشرة بعدـ االتصاؿ والتوازف ,كما تربطو عبلقة مباشرة بالفقداف.
فهو ا١تكاف ال ذي يتميز بالضيق ,وتكوف حدوده معلومة غَت قابلة لبلتساع وىو الذي يرتاده
اإلنساف ليبقى فيو سواء كاف ذلك بإرادتو أـ بإرادة غَته فهو عبارة عن شكل ىندسي يقيد حياة
األشخاص وتصرفااهم ضمنو.
ومن أمثلة ىذا النوع من األماكن نذكر :
.1انثيىخ:
يعد البت من األماكن ا١تغلقة ,ألنو ذو حدود ىندسية ,تفصلو عن العادل ا٠تارجي ويلجأ إليو
اإلنساف كمكاف للراحة واألماف والطمأنينة واٟتماية ,حيث يقيو من حر الصيف وبرد الشتاء ,
وكما يواجو من أخطار ُب ا٠تارج ,فالبيت ىو ركننا ُب العادل إنو كما قيل مررا كوننا األوؿ .
ومن األماكن ا١تغلقة ُب الرواية :
.1-1تيد انجذج انمادج وعايشح :
فهو ا١تكاف الذي انطلقت منو األحداث ُب زمنو اٟتاضر ْ ,تيث تسًتجع فيو اٞتدة أوجاعها
وفجائعها وانكسارااها اليت عاشتها عمرا طويبل مع عايشة ألهنا منذ رعايتها لعايشة أصبحت تعاين
من كل األمراض خاصة الضغط الدموي والسكري وىذا ُب قو٢تا " :كانت اجتماعية ُب سابق عهدىا
,ودل تكن تعاين من أي مرض بعد موافقتها رعاية عايشة ,عانت من ارتفاع الضغط الدموي
والسكري وباتت انطوائية ال ٗترج إال لشيئُت :
-القادة :ىو اسم قدمي ٔتعٌت ا١ترأة القادرة على ٖتمل أعباء اٟتياة ...
1
-التعزية :إذا مات احد اٞتَتاف ,أو لشراء لوازـ البيت " ..
.2-1تيد عثاس وحىريح :
ىو ا١تكاف الذي خطط فيو عباس لفعلتو الشنيعة واٟتادثة اليت وقعت عليو ,وىذا من خبلؿ
ىذا ا١تقطع السردي الوارد ُب الرواية ُب قو٢تا " :أدخلها لبيتو ٍب نادى زوجتو حورية أف تطعمها,
ففعلت دو٪تا ٣تادلة ,البنت مسكينة ,ووجب الرأفة هبا ,أجزلت كرمها وقررت أف ٖتممها " ,2لذا
يتضح لنا أف بيت عباس وحورية ىو ا١تكاف الذي خطط فيو عباس ٠تطتو الشنيعة بتنفيذىا ُب ذلك
الوقت الذي قرر فيو بأف الظهر ىو الوقت األنسب ,واختياره لعايشة بأنو قد أحسن االختيار ,وىذا
يعد ٖتميمها من طرؼ زوجتو حورية .
1الرواية ,ص.11
2الرواية ,ص . 24
119
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
1ػ برة فاطمة الزىراء وآخروف ,النية ا١تكانية ُب رواية الزقاؽ ا١تدؽ "٧تيب ٤تفوظ" ,ص.28
2الرواية ,ص35
3الرواية ,ص .27
120
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
بسطح الغرفة يفكر ُب خطة ٤تكمة ,حىت ثبت تفكَته أف الظهر ىو التوقيت األنسب,
لكن!!1"...يتضح لنا من سرد الروائي ة بأف ٟتظة وجود عباس ُب بيتو وعيناه معلقتُت بسطح الغرفة
يفكر ُب خطة ٤تكمة إذل أف وجدىا وثبت تفكَته فيها بأف وقت الظهر ىو الوقت ا١تناسب
لتنفيذىا.
-3الدكان (الحانوت):
اندؾ الرمل تَليّ َذ ,والدكاف من البناء ا١تشتق منو,
الدكاكُت ,الد ّكة :لغة" :بناء يسطح أعبله ,و ّ
ذلك الليث ,اختلفوا ُب الدكاف ,فقاؿ بعضهم من الد ّكن ,وقاؿ اٞتوىري :الد ّكة وىو فعاؿ منو
الدكن وىو مفرد دكاف وٚتع دكاكُت :حانوت مذكر ".2
وىو مكاف مغلق ,وىو عبارة عن بقالة ,يقع ّتانب بيت عباس ,فهو دكاف صغَت يستقبل فيو
عباس اٟتبلؽ الزبائن ٟتبلقة رؤوسهم ليسًتزؽ من وراءه نستشف ذلك من خبلؿ قو٢تا... " :
3
عباس اٟتبلؽ فقد كاف ٭تفظ كل تفاصيلها " ...
فعباس الوحيد الذي كاف يرى عايشة عن غَت رفاقو الذين كانوا ٬تلسوف ّتانب حيط دكانو
يشيعوف النساء بعيوهنم فهو عملهم اليومي الذي ٯتارسونو .
كما ٧تد أيضا ُب ا١تقطع السردي ُب قو٢تا " :حُت ٕتوع دل تكن تسرؽ من الدكاكُت ا٠تبز
والفاكهة ,بل تقف عند باب احملل مطوال إذل أف يتصدؽ عليها صاحبو أو يطردىا ,أيضا ال تدخل
البيوت ,تنتظر عند عتبة الباب إذل أف ٯتنحوىا شيئا ٖتنانا عليها 4",...ويتضح لنا خبلؿ ىذا
ا١تقطع بأف عايشة حُت ٖتس باٞتوع ال تسرؽ ,بل تقف أماـ البيوت والدكاكُت حىت ٯتن عليها أىل
"اعميش" بقطعة خبز .
وقو٢تا أيضا ..." :أخربىا أنو سيقوـ بتنظيف احملل فهو من أياـ دل يفعل ذلك .
ػ ػ نظفو بعد العصر ,الدنيا مش ىاربة ! قالت حوريةٖ ,تجج عباس أف الزبائن سيبدؤوف ُب
التوافد عليو بعد العصر ,فكيف بو سيقوـ بالتنظيف ...موافقة كبلمك ".1
ٖتجج عباس بالزبائن الذين يتوافدوف عليو أثناء التنظيف بعد العصر ىذا إلقناع زوجتو حورية
بأف يذىب وقت الظهر وينفذ خطتو الشنيعة اليت خطط ٢تا .
وكما يتجسد أيضا ُب قو٢تا...« :أىبل يا ولد عمي ,شايفك جاي القايلة للحانوت .
ود عباس لو ينفجر فيو... ,لكنو رد برضى ,ػ عندي تنظيف ....ػ ػ انعاونك إذا حبيت ,وىذا
من خبلؿ مبلقاة صاحل بعباس اليت ازعجت عباس عندما رآه ,ودل يتحمل حواره معو .
.4انحًاو:
اسم واٞتمع "ٛتامات" فهو مكاف يغتسل فيو ,وغرفة اٟتماـ ىي غرفة االستحماـ با١تنزؿ وقد
جاء ا١تعجم الغٍت ٛتّاـ واٞتمع ٛتّامات ٧تد ُب كل حي من األحياء وا١تدينة ٛتاما للنساء
وآخر للرجاؿ ٤" .تل عمومي لبلستحماـ و االغتساؿ».
أخذت ٛتاـ مشسي أي عرضت جسمها ٟترارة الشمس .
2
ٛتاـ السباحة حوض كبَت معد للسباحة"
لذا دل يرد لفظة "اٟتماـ" ُب الرواية كثَتا فهو عبارة عن مكاف مغلق يستعمل لبلستحماـ
واالغتساؿ ,ويكوف عادة داخل البيت ,وىناؾ أيضا ٛتامات خارج البيوت توجد ُب األحياء ,لذا
٧تد أف ىذه اللفظة " اٟتماـ " قد جاءت ُب موضوع واحد ُب الرواية من خبلؿ دخوؿ عايشة إذل
بيت عباس ,وىذا ٖتنانا من زوجتو حورية وتكرٯتا منها حُت قررت ٖتميمها عطفا عليها .وٕتسد
ذلك من خبلؿ ا١تقطع السردي ُب قو٢تا " :أدخلتها حورية بلطف للحماـ ,وظلت عايشة ىادئة دل
تبد أي نوع من ا١تقاومة ,وىي ٗتلع عنها ثوهبا ,لكنها أخفت ما ٮتجل أي بنت بيدىا ,تبسمت
حورية قائلة هبمس :سبحاف اهلل !! .
1الرواية،ص 72
2ػ الرائد جرباف مسعود ,معجم الوسيط ,صدر 1384ىػ 1965 /ـ .
122
ذجهياخ انًرخيم انسزدي في روايح عايشح انفصم انثاني
طيبتها بالصابوف وغسلت ٢تا شعرىاٍ ,ب تركتها باٟتماـ وأقفلتو من ا٠تارج ومضت باحثة عن
"1
منشفة قدٯتة ٯتكنها رميها ,ألهنا حتما لن تستعملها بعدما استخدمتها ىذه العقونة
يتضح لنا من خبلؿ ىذا ا١تسرود مدى طيبة وجزؿ وكرـ حورية زوجة عباس حينما قررت
ٖتميمها ,وألف البنت مسكينة ووجب الرأفة هبا ,لذا طيلة فًتة ٖتميمها وىي ىادئة دل ٖتدث أي
صوت أو حركة مثل أي بنت طبيعية سوية إذل أف أهنت ذلك .
كما يظهر أيضا من خبلؿ قو٢تا " :كاف عباس جالسا ينتظر خروجها من اٟتماـ بشغف,
تشاغل ٔتشاىدة األخبار ....فكره كاف عند عايشة ,وبعد فًتة وليست بالطويلة أطلت كعصفور
مبلل فاندىش ...ألوؿ مرة ٭تس عباس أف عايشة أنثى ْتق .... ,وىي تنشف شعرىا تاركا اٟترية
لعينيو ٕتري فحصا شامبل ٢تذا اٞتسد البض ا١تهمل" . 2أي أف طيلة الفًتة وىي ُب اٟتماـ ,وىو
جالسا يفكر وفكره مشغوال بعايشة ينتظر خروجها حىت أطلت كعصفور مبلل فلم يصدؽ عباس
حينما رآىا بذلك الشكل ,ألنو دل يكن ٭تس بأهنا أنثى حقا من قبل ,فهي كانت على غَت عاداها .
.5انحىش:
ىو "اسم ويعٍت الفناء ا٠تارجي للمنزؿ ,وىي كلمة تعٍت حرفيا ا١تساحة ُب ا١تنزؿ اليت دل يبٌت
عليها ,وتعٍت أيضا الفراغ ا١توجود بُت حوائط ا١تنزؿ ,وا١تنزؿ نفسو".3
حوش :على حسب اٟتركات اليت يتم وضعها:
حوش :بضم اٟتاء وفتح الواو معناه الضيق وا٢تم .
حوش :بضم اٟتاء وسكوف الواو معناه :اٟتديقة ا٠تلفية للمنزؿ أو ا١تساحة الشاسعة للمنزؿ
وٖتوي األشجار ,حياة اٟتوش ,حىت الدار واسع .
-الفناء ا٠تارجي للمنزؿ - .حضَتة لًتبية ا١تاشية.
فهو مكاف مغلق ومنحصرٔ ,تعٌت "حوش الدار" أي فناؤىا .فالساردة دل تذكر ىذه اللفظة
"اٟتوش" ُب الرواية إال مرة واحدة أثناء حلم اٞتدة القادة حينما كانت ٖتلم بعايشة وىي تغط ُب
نومها ٖتت ظل النخلة ا١تتواجدة وسط اٟتوش ,وىذا ما حدث للجدة حينما رأاها ُب نومها كأ٪تا
يعتربوف بأنو أىلو جياع ,ألف من عاداهم رأاها ُب ذلك اٟتلم ,فاٟتوش الذي ٮتلو من ٩تلة
وتقاليدىم ُب "اعميش" أف كل بيت ٭توي ٩تلة تتوسط اٟتوش .وذلك ٕتسد من خبلؿ قو٢تا" :
فإذا هبا ترى عايشة بنفس ا١تكاف تغط ُب نوـ عميقٖ ,تت ظل النخلة اليت تتوسط اٟتوش٘ ,تاما كما
ُب اٟتلم ,كل حوش ُب "اعميش" ْتوي ٩تلة ,وىم مقتنعوف جدا أف البيت الذي ٮتلو منها أىلو
جياع ,لذا كاف منطقيا أف ٖتوي حوش القادة ٩تلة ,لكن الشيء الغَت ا١تنطقي ىو صمتها دوف أف
تطلق العناف ...وتركت اٟترية ليديها تتحسس شعرىا ". 1
1الرواية ,ص.57,56
124
انخاذًح
انخاذًح
الخاتمة
ىا ٨تن اآلف نصل إذل اللمسات األخَتة ُب ىذا البحث ,الذي سطرناه ُب الصفحات السابقة
ُب مدخل وفصلُت فصل نظري وفضل نظري تطبيقي ,حاولنا أف نعطي حملة موجزة عن ا١تتخيل
السردي ُب رواية "عايشة".
من خبلؿ خوضنا غمار ىذا البحث رصدنا ٚتلة من ا١تبلحظات وىي اآلٌب :
-الرواية عبارة عن البحث ُب ا١تناطق ا١تظلمة ُب اجملتمع ,وىي الرسالة اليت أرادت الكاتبة أف توصلها
,ومن أجلها كتب ىذا ا١تسرود وىي رد االعتبار وحق ا١ترأة ُب اجملتمع الذكوري ,خاصة إذا كانت
ا١ترأة من فئة ذوي االحتياجات ا٠تاصة.
-على الرغم من ا٬تابيات الرواية ,إال أنا فيها زالت وخلل على مستوى اللغة واألحداث ووصف
األشخاص
-الرواية القصَتة جنس مهضوـ حقو ومهمش دل ٭تظ بالدراسة النقدية واألدبية الكافية .
-مفهوـ ا٠تياؿ والتخييل عند الغرب تفاوت واختلف على مر العصور وأيضا من فيلسوؼ إذل آخر
ومن ناقد إذل آخر ,كبلّ على حسب معرفتو ومذىبو وإيديولوجيتو الثقافية.
-مفهوـ ا٠تياؿ والتخييل عند العرب قدٯتا متأثر بالفلسفة اليونانية وخاصة أرسطو .
-نضج واستقرار مفهوـ ا٠تياؿ عند النقاد العرب احملدثُت.
-مصطلحا التخيّل والتخييل عند العرب أسبق من ا٠تياؿ.
-أخد مفهوـ ا٠تياؿ والتخيل عند الفبلسفة بعدا سيكولوجيا ,وركزوا على دور ا١تتلقي ُب العملية
اإلبداعية.
-ارتبط مفهوـ ا٠تياؿ والتخييل عند العرب بالوىم والتظليل وا٠تداع.
-يعترب ا١تتخيل ركيزة أساسية ُب العملية اإلبداعية ,ألنو حلقة الوصل بُت العادل الواقعي والعادل
ا٠تيارل .
-ا١تتخيل مرادؼ للخياؿ والتخييل ولكنو أفضل وأدؽ وأعمق وأوسع منهما.
-عبلقة ا١تتخيل بالواقع عبلقة ترابط وتبلحم ,فالواقع ىو ا١تنبع الذي ينهل منو ا١تتخيل مادتو.
126
انخاذًح
-الشخصية ىي إحدى التقنيات اليت تقوـ عليها الرواية ,فهي دعامة وركيزة أساسية لكل عمل
سردي.
جل اىتمامها بالشخصيات الرئيسية ,اليت قدمت من خبل٢تا أفكارىا وآرائها
-صبت الكاتبة ّ
وٗتيبلاها ودل تورل اىتماما بالشخصيات الثانوية سوى شخصية حورية.
-ركزت الكاتبة ُب بنائها لشخصيااها ا١تتخيلة على األبعاد الثبلثة )اٞتسمي واالجتماعي والنفسي(.
-اختارت الكاتبة لعملها الروائي شخصيات كلها متخيلة ال ٘تت للواقع بصلة.
-تناولت الكاتبة أحداث مسرودىا الروائي بطريقة متخيلة بعيدة عن الواقع ,على رغم من أف الواقع
ا١تنبع األوؿ الذي استقت منو لتكوف عا١تها التخيلي .
-الزمن الروائي يتجلى ُب عناصر الرواية كافة ,وذلك من خبلؿ مفارقات زمن السرد وداللتها ُب
النص اسًتجاع واستباؽ .
-أما ُب فيما ٗتص الزمن ُب ىاتو الرواية فقد قامت الكاتبة باستعماؿ تقنية االسًتجاع بشكل مبالغ
فيو ,ألف الرواية تروي أحداثا وقعت ُب ا١تاضي ,كما ٞتأت إذل استخداـ تقنية االستباؽ أو ما يعرؼ
بالسرد االستشراُب استخداما فنيا عمل على تنسيق أحداث الرواية وإضفاء صبغة فنية وٚتالية ,على
الرغم من حضوره احملتشم ُب الرواية فقد تساىم ُب شحن الرواية وملء فضاءااها بالتوقع والًتقية ,كما
لعب دورا كبَتا ُب جعل زمن الرواية ٗ,ترج عن سلطة ا١تاضي إذل ا١تستقبل.
-البنية الزمنية ُب الرواية تستدعي ٖتليل إيقاع زمن السرد من خبلؿ تقنيات تعمل على إبطاء اٟتركة
السردية وتسريعها ,لذا ٞتأت الكاتبة غلى تقنية "تسريع السرد" من بينها "ا٠تبلصة" اليت وظفتها
بشكل كبَت على مستوى ا١تتخيل ُب الرواية يفًتض أهنا وقعت ُب فًتة طويلة ُب عدة أسطر ,فلم
تذكر األحداث بالتفصيل واكتفت بتحديد بعض العبارات الدالة على وجودىا.
-كما أف غرض الرواية من استخدامها ٢تذه التقنية ُب روايتها جاءت تأدية لبعض الوظائف كمرورىا
السريع على بعض الفًتات الزمنية الطويلة ,تلك اليت ال تسع النص لتفصيلها كما اعتمدت أيضا على
بعض تقنية "اٟتذؼ" الذي كاف حضوره ُب الرواية دل يتوفر بكثرة لعدـ حاجة الروائية لكثرة تقليص
الفًتات الزمنية ,ورغبة الراوي ُب الغوص والتعمق ُب رد األحداث ا١تتخيلة.
127
انخاذًح
-كما ٞتأت أيضا إذل تقنية أخرى اليت تعمل على إبطاء السرد من بينها "ا١تشهد اٟتواري" فقد
كاف موجودا بكثرة ,فقد وظفت الكاتبة ا١تشهد اٟتواري الداخلي وا٠تارجي بُت الشخصيات ُب
الرواية ,فمن خبللو استطاعت الروائية أف تصور األحداث بكل تفاصيلها وجزئيااها وعرضها ّتميع
أحوا٢تا.
-إذل جانب ا١تشهد اٟتواري ٧تد أف الكاتبة قد وظفت أيضا تقنية "الوقفة الوصفية" اليت كانت تقنية
أساسية ُب بناء الرواية ,لتفسح اجملاؿ للسارد أو الشخصية ُب مقطعها الوصفي ,فيمتد بذلك
ا٠تطاب وتزداد سعتو ُب صفحات النص.
-كما ٕتلت أ٫تيتها من خبلؿ عبلقتها بالعناصر النصية األخرى.
-وٕتدر اإلشارة إذل أف "الوصف" ُب الرواية اٞتديدة دل يعد وسيلة لتزيُت النص ,إ٪تا أصبح غاية
إبداعية تؤمن بعمق العبلقة بُت ا١تكاف واألشياء ,فالوصف واٟتوار عمبل على إبطاء حركة السرد.
-فحضور الزمن ُب النص كاف فاعبل يكتسب بذلك شأنا كبَتا بسبب براعة الروائية ُب ٖتويلها من
مادة طبيعية نقلت مز٬تا من األحداث ا٠تيالية والواقعية.
-ٯتثل ا١تكاف اٟتقل الذي ٕتري فيو وقائع وأحداث الرواية.
-دل يأت ا١تكاف معزوال عن بقية العناصر األخرى ,بل ىو مرتبط دائما ببقية العناصر ا١تشكلة
للرواية ,والسيما الشخصيات والزمن واٟتدث.
-تشكل فضاء الرواية من نوعُت من األمكنة وىي :ا١تفتوحة وا١تغلقة.
-وكاف الربوز األكثر لؤلماكن ا١تغلقة ُب ىذه الرواية ,مثل :البيت ,الغرفة ,الدكاف ...,وغَتىا.
مقارنة باألماكن ا١تفتوحة :منها الشارع ,الصحراء ,ا١تقربة ,والسبب يرجع إذل تقنية االستباؽ الذي من
خبل٢تا استطاعت الروائية التنقل ُب تلك األماكن بالذىاب والعودة بدوف أي حواجز .
وختاما نقوؿ ,وكأي عمل البد أف ٭توي على نقائص ,وىو ليس هناية البحث بل بذرة انطبلؽ
لبحث جديد يضيف ويعطي نظرة أخرى قصرنا ٨تن على رؤيتها ,وما كاف من توفيق فمن اهلل
وحده.
128
ملحق
يهحك
يهحك
ذعزيف انكاذثح:
حنكة حواء بن مسعود مواليد 9757بالرباح الكاتبة الصاعدة وا١تتألقة ُب ٝتاء اإلبداع,
زاولت تعليمها ا البتدائي بابتدائية اإلماـ الغزارل بالزاوية أكملت تعليمها ا١تتوسط ٔتتوسطة آؿ ياسر
بالرباح ,وأ٘تت دراستها الثانوية بثانويةكركوبية خليفة بذات ا١تنطقة ,التحقت ّتامعة الوادي ٖتصلت
فيها على شهادة ليسانس تاريخ ,وىذه السنة أوذل ماسًت ٗتصص تاريخ معاصر ,إطار بقطاع
الشباب والرياضة كمريب رئيسي لتنشيط ,تعترب "غصة الروح" أوؿ ٣تموعة قصصية ٢تا من إصدار دار
ٍب تلتها رواية "عايشة" بذات الشهر عن رابطة الفكر واإلبداع وىي 2016 الثقافة بالوادي ديسمرب
أوؿ رواية ٢تا حاصلة على ا١ترتبة الثانية ُب ا١تسابقة الوطنية للرواية القصَتة ,من مؤلفااها أيضا ٣تموعة
قصصية بعنواف "عصافَت اٞتنة" اليت شاركت هبا ُب مسابقة الوطنية للقصة ُب سطيف وأيضا "تساقط
ا١توت جليا" ,شاركت ُب العديد ا١تهرجانات والتفاعبلت من بينها :
ػ مشاركتها ُب مهرجاف القلم اٟتر ٔتصر بقصة "أضغاث ذاكرة" وفوزىا با١ترتبة الرابعة ,وطبعت
ىذه الرواية ُب ٣تلة القباب 2016وحضورىا ككاتب شرُب للمهرجاف ىذا العاـ .2018
ػ مشاركتها ٔتعرض الكتاب الدورل سيبل بالعاصمة نوفمرب.2017
ػ مشاركتها ُب التظاىرة الكتاب اليت يقيمها نادي اإلشراؽ األديب ّتامعة الوادي 28جانفي إذل
7فيفري .2018
3 ػ مشاركتها ُب ا١تعرض الوطٍت بالوادي حياٌب كتاب بدار الثقافة ٤تمد األمُت العمودي من
إذل 17فيفري .2018
حصلت على العديد من التكرٯتات نذكر منها :
ػ تكرٯتها ككاتب نشط لسنة ُ 2016ب جائزة السناـ الذىيب اليت تقيمو ا١تكتبة الرئيسية بالزقم.
ػ تكرٯتها ُب مهرجاف ٫تسة الدورل ّتمهورية مصر العربية ُب .2016
130
قائمةالمصادروالمراجع
لائًح
انًصادر
وانًزاجع
لائًح انًصادر وانًزاجع
137
لائًح انًصادر وانًزاجع
حسُت ْتراوي ,بنية الشكل الروائي الفضاء الزمن الشخصية ,ا١تركز الثقاُب العريب ,ط9 99
.9771,
حسُت ٜتري ,فضاء ا١تتخيل)مقاربات ُب الرواية ,منشورات االختبلؼ ,ط.0110 ,9 90
ٛتيد ٟتميداين ,بنية النقد السردي من منظور النقد األديب ,ا١تركز الثقاُب العريب بَتوت 91
,ط. 9779 ,9
اٟتي ,قاموس األٝتاء العربية والعربة وتفسَت معانيها ,دار الكتب العلمية ,بَتوت
92حنا نصر ّ
,ط. 0111, 1
سحر ىادي شرب ,الصورة ُب شعر نزار قباين)دراسة ٚتالية ,دار ا١تنهج للنشر والتوزيع, 93
عماف ,األردف ,ط0199ـ.
سعد مصلوح ,حازـ القرطاجٍت ونظرية احملاكاة والتخييل ُب الشعر ,مطبعة دار التأليف 94
,القاىرة ,ط.9761 ,9
سعيد يقطُت ,الكبلـ وا٠ترب "مقدمة للسرد العريب " ,ا١تركز الثقاُب العريب ,بَتوت ,دار 95
البيضاء .9775
,ا١تركز الثقاُب ,الدار سعيد يقطُتٖ ,تليل ا٠تطاب الروائي )الزمن ,السرد ,التبئَت 96
البيضاء ,ا١تغرب ,ط.9775 ,1
ٝتَت فوزي حاج ,مرايا جرب ابراىيم والفن الروائي ,ا١تؤسسة العربية للدراسات والنشر, 97
بَتوت ,لبناف ,ط0113 ,9ـ.
01سيزا قاسم ,بناء الرواية )دراسة مقارنة ُب ثبلثية ٧تيب ٤تفوظ ,مكتبة األسرة ,د ط ,
0112ـ.
شريبط أٛتد شريبط ,تطور البنية الفنية ُب القصة اٞتزائرية ا١تعاصرة ,9763/9725دار 09
احملور األديب ,دط.0196,
الشريف جبيلة ,بنية ا٠تطاب الروائي دراسة ُب روايات ٧تيب الكيبلين ,عادل الكتب 00
اٟتديثة ,أربد ,األردف ,ط0191 ,9ـ,
133
لائًح انًصادر وانًزاجع
شفيق األرناؤوط ,قاموس األٝتاء العربية ,دار العلم للمبليُت ,بَتوت ,ط9767 ,0 01
شوقي ضيف ُ,ب النقد األديب ,دار ا١تعارؼ ,القاىرة,ط.0112 ,7 02
الصادؽ قسومة ,طرائق ٖتليل القصة ,دار اٞتنوب للنشر ,تونس ,د ط ,د ت ,ص .997 03
صاحل ولعة ,ا١تكاف وداللة ,رواية ا١تلح لعبد الرٛتاف منيف ,عادل الكتب اٟتديث ,أربد, 04
األردف ,ط0191 ,9ـ.
صبلح فضل ,أشكاؿ التخيل من فتات األدب والنقد ,الشركة ا١تصرية العا١تية للنشر 05
,لو٧تماف ,ط.9774 ,9ا١تقدمة.
عاطف جودة نصر ,ا٠تياؿ مفهوماتو ووظائفو ,ا٢تيئة ا١تصرية العامة للكتاب ,د ط 06
. 9762,
07عبد اٟتميد بورايو ,منطق السرد ,دراسات ُب القصة اٞتزائرية اٟتديثة ,ديواف ا١تطبوعات
اٞتامعية ,د ط 9773 ,ـ.يوسف اإلدريسي ,ا٠تياؿ وا١تتخيل ُب الفلسفة والنقد اٟتديثُت
,مطبعة النجاح ,الدار البيضاء ,ا١تغرب ,ط.0113 ,9
عبد الرزاؽ قسوـ ,مفهوـ الزماف ُب فلسفة ابن الوليد بن الرشد ,ا١تؤسسة الوطنية للكتاب, 11
اٞتزائر ,د ط ,د ت .
عبد العارل بوطيب ,مستويات دراسة النص الروائي مقاربة نظرية ,ط ,9مطبعة األمنية, 19
ا١تغرب .9777
10عبد العزيز بشيل ,الفن الروائي عند غادة السماف ,دار ا١تعارؼ للطباعة والنشر,
ط9765,9ـ.
عبد القادر ابو شريفة ,مدخل إذل ٖتليل النص األديب دار الفكر العريب ,ط .0116, ,2 11
12عبد القاىر اٞترجاين ,أسرار الببلغة قرأه وعلق عليو ٤تمود ٤تمد شاكر ,دار ا١تدين ,جدة
,د ط ,د ت.
عبد اللطيف السيد اٟتديدي ,الفن القصصي ُب ضوء النقد األديب ,القاىرة ,مصر,ط,9 13
.9774
131
لائًح انًصادر وانًزاجع
14عبد اللطيف زيتوين ,معجم ا١تصطلحات األدبية نقد الرواية ,دار النشر ,ط.0110 ,0
عبد ا١تالك مرتاض ,مكونات السرد ُب النص القصصي اٞتديد )ْتث ُب ا٠تطاب عند جيل 15
الثمانينيات( ,منشورات اٖتاد الشخصية وسيمااها ,مؤسسة شباب اٞتامعة اإلسكندرية ,د ط
. 0114,
16عبد ا١تلك مرتاض ُ ,ب نظرية الرواية ) ْتث ُب تقنيات السرد ,اجمللس الوطٍت للثقافة والفنوف
واآلداب ,الكويت ,د ط ,ديسمرب. 9776 ,
17عبد ا١تنعم ا١تيبلدي ,صبيحة عودة رغب ٚ,تاليات السردي ُب ا٠تطاب الروائي عند غساف
كتفاٌب ,دار ٣تدالوي ,عماف ,ط. 0114, 9
21عبد ا١تنعم زكريا القاضي ,البنية السردية ُب الرواية ,عُت للدراسات والبحوث اإلنسانية
واالجتماعية ,اٞتيزة ,ط.0117, 9
عمر عبد الواحد ,شعرية السرد )ٖتليل ا٠تطاب السردي ُب مقامات اٟتريري ,دار ا٢تدى 29
للنشر والتوزيع ,ط.9
20الفارايب ,إحصاء العلوـ ,مركز اإلهناء القومي للًتٚتة النشر ,د ط . 9779 ,
كماؿ الرياحي ,حركة السرد الروائي ومناخاتو ُب إسًتاتيجيات الشكل ,دار ٣تدالوي للنشر 21
والتوزيع ,عماف ,األردف ,ط0113 ,9ـ.
٤تمد بوعزةٖ ,تليل النص السردي تقنيات ومفاىيم ,منشورات االختبلؼ ,ط.0191 9 22
٤ 23تمد ٖتريشي ,الرواية والقصة وا١تسرح قراءة ُب ا١تكونات الفنية واٞتمالية السردية ,دار النشر
حلب ,د ط .0115,
٤تمد زكي العشماوي ,قضايا النقد األديب بُت القدمي واٟتديث ,دار النهضة العربية للطباعة 24
والنشر ,بَتوت ,د ط ,د ت.
٤تمد عبد القادر الرازي٥ ,تتار الصحاح ,باب الكاؼ ,ا١تؤسسة اٟتديثة للكتاب ,طرابلس, 25
لبناف ,ط9757 ,9ـ.
131
لائًح انًصادر وانًزاجع
٤ 26تمد عزاـ ,ا١تصطلح النقدي ُب الًتاث األديب العريب ,دار الشرؽ العريب ,بَتوت لبناف ,د
ط ,د ت .
٤تمد عزاـ ,شعرية ا٠تطاب السردي ,منشورات اٖتاد الكتاب العريب ,دمشق ,د ط, 27
0113ـ
٤تمد علي سبلمة ,الشخصية الثانوية ودورىا ُب ا١تعمار الروائي عند ٧تيب ٤تفوظ ,دار 31
الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ,اإلسكندرية ,د ط. 0115 ,
٤تمد غنيمي ىبلؿ ,النقد األديب اٟتديث ,دار النهضة ,د ط.9775 , 39
٤تمد غنيمي ىبلؿ النقد األديب اٟتديث ,دار العودة ,بَتوت ط.9760 ,9 30
٤ 31تمد كامل ا٠تطيب ,الرواية والواقع ,دار اٟتداثة ,بَتوت ,ط. 9769, 9
٤تمد يوسف عبد القادر عوض ,أٝتاء الزمن ُب القرآف الكرمي )دراسة داللية . 32
٤تمد يوسف ٧تم ,فن القصة ,دار الثقافة ,بَتوت ,د ط. 9774, 33
مشري بن خليفة ,القصيدة اٟتديثة ُب النقد العريب ا١تعاصر ,منشورات االختبلؼ ,ط 9 34
. 0114,
مصطفى اٞتوزو ,نظريات الشعر عند العرب ) اٞتاىلية والعصور اإلسبلمية ,دار الطليعة 35
للطباعة والنشر ,بَتوت ,ط, 9779, 9ج.9
36مها حسن القصراوي ,الزمن ُب الرواية العربية ,ا١تؤسسة العربية للدراسات والنشر ,بَتوت,
ط0112 ,9ـ.
ناىضة ستار ,بنية السرد ُب القصص الصوُب ,ا١تكونات والوظائف والتقنيات ,منشورات 37
اٖتاد الكتاب العرب ,دمشق ,سوريا ,د ط0111 ,ـ.
٧ 41تبلء مشعلٖ ,تليل ا٠تطاب الروائي) ,النسوي أ٪توذجا ,مصر العربية للنشر والتوزيع,
القاىرة ,ط0192 ,9ـ.
49نضاؿ الشمارل ,الرواية والتاريخ ,دار الكتاب العا١تي ,عادل الكتب اٟتديث ,األردف ,ط,9
0114ـ.
131
لائًح انًصادر وانًزاجع
40نور مرعي ا٢تدروسي ,السرد ُب مقامات السرقسطي ,عادل الكتب اٟتديث ,األردف ,ط,9
9211ىػ 0117 -ـ.
ثانيا :المراجع المعربة
41أرسطو طاليس ,كتاب ارسطو طاليس ُب الشعر ,تح وتر٤ /تمد شكري عياد ,دار الكتاب
العريب للطباعة والنشر ,القاىرة ,د ط . 9745,
42أفبلطوف ٚ,تهورية أفبلطوف ,تر /حنا خباز ,بَتوت ,د ط.9747,
43بوؿ ريكور ,الوجود والزماف والسرد :تر/سعيد الغا٪تي ,ا١تركز الثقاُب العريب ,الدار البيضاء,
بَتوت9777 ,ـ.
44جَتار جنيت ,خطاب اٟتكاية ْتث ُب ا١تنهج ,تر ٤ /تمد معتصم وآخرين ,اجمللس األعلى
للثقافة ,بالقاىرة ,ط. 9775 ,0
45جَتار جينت ,خطاب اٟتكاية ,تر٤ /تمد معتصم وعبد اٞتليل األزدي وعمر حلي ,منشورات
األخبلؽ ,ط ,1اٞتزائر0111 ,ـ.
46جَتالد برنس ,ا١تصطلح السردي معجم ا١تصطلحات ,تر/عابد خزندار ,اجمللس األعلى
للثقافة ,القاىرة ,مصر,ط.9
47فيليب ىاموف ,سيمويولوجية ,الشخصيات الروائية ,تر /سعيد بنكراد ,دار كرـ اهلل ,اٞتزائر
,د ط . 0190,
ثالثا :المعاجم والقواميس
51اٞتوىري ,تاج اللغة وصحاح العربية ,تح ٤/تمد ٤تمد تامر وآخروف ,دار اٟتديث ,القاىرة
,دط.0117,
59ابن منظور ,لساف العرب ,دار الصادر ,بَتوت ,د ط,د ت.
50ابراىيم فتحي ,معجم ا١تصطلحات األدبية ,التعاضدية العمالية للطباعة و النشر ,تونس ,ط,9
.9764
51أٛتد مطلوب ,معجم مصطلحات النقد العريب القدمي ,مكتبة لبناف للنشر ,ط.0119 , 9
132
لائًح انًصادر وانًزاجع
52الرائد جرباف مسعود ,معجم الوسيط ,صدر 9162ىػ 9743 /ـ .
53الزبيدي ,تاج العروس ,مج ,96باب النوف ,تح/علي بشري ,دار الفكر للطباعة والنشر
والتوزيع ,د ط9772 ,ـ.
54الفَتوز آ بادي ,القاموس احمليط ,تح /أنس ٤تمد الشامي ,زكريا جابر أٛتد ,دار اٟتديث ,
القاىرة ,د ط . 0116,
الفَتوز آبادي ,القاموس احمليط ,تح /مكتب ٖتقيق الًتاث ٤,تمد نعيم العرقسوسي ,مؤسسة 55
الرسالة ,ط.0113 , 6
٣تدي وىبو ,كامل ا٠تطيب ,معجم ا١تصطلحات األدبية ُب لغة واألدب ,مكتبة لبناف, 56
بَتوت ط.9762 ,0
٣تمع اللغة العربية ,معجم الوسيط ,مكتبة الشروؽ الدولية ,مصر ,ط,2د ت. 57
٣ 61تمع اللغة العربية ,معجم الوسيط ,مكتبة الشروؽ الدولية ,مصر ط 0112, 2ـ.
٤تمد التو٧تي ,ا١تعجم ا١تفصل ُب األدب ,دار الكتب العلمية ,بَتوت ,لبناف ,ج ,9ط,0 69
.9777
٤ 60تمد القاضي وآخروف ,معجم السرديات ,دار ٤تمد علي للنشر ,تونس ,ط. 0191, 9
رابعا :المجالت والدوريات
حبيب اهلل علي ابراىيم ,ا٠تياؿ ُب النقد العريب ٣,تلة البحوث والدراسات ,ع,1 61
السوداف. 0190,
62خليفة ٤تمد ,فاعلية التخيل عند حازـ القرطاجٍت ُب كتابو منهاج الببلغة وسراج األدباء ,
٣تلة جامعة اإلماـ ٤تمد بن مسعود اإلسبلمية ,العلوـ العربية ,السعودية ,ع. 0116, 7
63شرجيل احملاسنة ,آلية التقدمي ا١تباشر للشخصية ُب روايات مؤنس الرزار٣ ,تلة الواحات
للبحوث والدراسات ,قسم اللغة العربية وآداهبا ,جامعة شعراء األردف ,ع.0191 , 91
٤تمد رمصيص ,ا١تتخيل العجائيب والغربة)قراءة ُب التجربة القصصية ألٛتد بوزفور ٣,تلة 64
الكلمة ,ع ,6دب ,ديسمرب .0190
133
لائًح انًصادر وانًزاجع
134
لائًح انًصادر وانًزاجع
صفاء احملمود ,البنية السردية ُب روايات خَتي الذىيب الزماف وا١تكاف ,رسالة لنيل شهادة 73
ا١تاجستَت ,غساف مرتاض ,قسم اللغة العربية جامعة البعث د ط .0191 /0117 ,
فاطمة سعيد أٛتد ٛتداف ,مفهوـ ا٠تياؿ ووظيفتو ُب النقد القدمي والببلغة ,عبد اٟتكيم 74
حساف عمر ,رسالة دكتوراه الدراسات العليا العربية ,جامعة أـ القرى ,السعودية . 9767,
فائزة بن خليفة ,مصطلحا ا٠تطاب وا١تتخيل عند ٤تمد لطفي اليوسفي ,بلقاسم مالكبة , 75
مذكرة ماجستَت ,كلية اآلداب واللغات ,قسم اللغة واألدب العريب ,جامعة قاصدي مرباح ,
ورقلة.0190/0199 ,
كلثوـ حاج ىٍت ٝ,تيائية السرد ُب رواية "دماء ودموع " لعبد ا١تك مرتاض –أ٪توذجا– ٤تمد 76
سي أٛتد ,مذكرة ليسانس ,اللغة العربية وآداهبا ,جامعة حسيبة بن بوعلي
شلف .0190/0199,
المية بوداودٖ ,تليل ا٠تطاب ا١تيٍت روائي ُب اٞتزائر رواية )أوشاـ بربرية ٞتميلة زنَت ػ 77
أ٪توذجاػ ,يوسف وغليسي ,مذكرة ماجستَت ,اللغة العربية وآداهبا ,جامعة منتوري ػ قسنطينةػ
دت.
٤تمد يوسف عبد القادر عوض ,أٝتاء الزمن ُب القرآف الكرمي دراسة داللية ٥ ,تطوط 911
مذكرة لنيل شهادة ا١تاجستَت ,٭تِت عبد الرؤوؼ جرب ,كلية الدراسات العليا ,جامعة النجاح
الوطنية ,نابلس ,فلسطُت0117 ,ـ.
نعيم بن أٛتد ,سوسيونصية السردُ ,ب رواية ا٠ترب الكاُب حملمد شكري ,مذكرة لنيل 919
شهادة ا١تاجستَت ُب األدب العريبٗ ,تصص سرديات عربية0191 ,ـ0199 ,ـ.
910برة فاطمة الزىراء وآخروف ,البنية ا١تكانية ُب رواية الزقاؽ ا١تدؽ " لنجيب ٤تفوظ" ,مذكرة
لنيل شهادة ليسانس ,قسم اللغة واألدب العريب ,جامعة الوادي .0195/0194,
سادسا :المواقع االلكترونية
يوـ 0196/11/04على الساعة 103) www.alwaraq.net. 97:11
يوـ 0196/11/11على الساعة 104) www.m.ar.wikipedai.org. 95:13
111
لائًح انًصادر وانًزاجع
أوريدة عبود ,ا١تكاف ُب القصة اٞتزائرية الثورية دراسة بنيوية لنفوس ثائرة لعبد اهلل )105
يوـ 0196/99/01على الساعة www.edusa92801الركييب
111
فهزس انًحرىياخ
انفهزس
فهرس المحتويات
شكر وعرفان3 ......................................................................
مقدمة .............................................................................أ
أوال :مفهوـ الرواية لغة و اصطبلحا 1 ................................................
-9لغة 2 .................................................................... :
9ػ ُ 9ب ا١تعاجم العربية 2 ...................................................... :
9ػ ُ 0ب ا١تعاجم الغربية3 ....................................................... :
ثانيا :الرواية القصَتة ُب اٞتزائر البداية واآلفاؽ 5 ......................................
الفصل األول :المتخيل وتداخل المفاهيم 14 ........................................
أوال :مفهوـ ا٠تياؿ و التخيل 92 .................................................. :
-9ا٠تياؿ ُب اللغة92 ........................................................... :
ُ -9-9ب ا١تعاجم العربية 92 .................................................... :
ُ -0-9ب ا١تعاجم األجنبية 93 ...................................................:
-0اصطبلحا93 ................................................................:
-9-0عند الغرب 93 .......................................................... :
-0-0عند العرب 00 .......................................................... :
-1-0ا٠تياؿ ُب األدب 07 ...................................................:
-2-0ا١تذاىب األدبية وا٠تياؿ19 ............................................. :
ثانيا :المتخيل32 ...................................................................
-1مفهوم المتخيل 32 .............................................................
-2المتخيل السردي وعالقته بالواقع35 ...........................................:
الفصل الثاني :تجليات المتخيل السردي في رواية "عايشة" 32 .......................
113
انفهزس
111
انفهزس
112
ملخص المذكرة
تنكة حواء مدخل حاولناٟ "تتخيل السردي ُب رواية "عايشة١توسوـ بػ"ا١تناولنا ُب ْتثنا ا
تياة اجملتمعٟاإلحاطو ٔتفهوـ الرواية رغم اختبلؼ تعاريفها تبقى نوعا أدبيا حديثا راؽ يصور الواقع وا
.ومفهوـ الرواية القصَتة ىذا النوع الناشئ ومشكلة ٕتنيسو
تياؿ والتخيل ُب اللغة٠تفاىيم" تناولنا فيو مفهوـ ا١تتخيل و تداخل ا١وفصل أوؿ عنواناه " ا
.تتخيل بالواقع١تتخيل وعبلقة ا١واالصطبلح ومفهومهما عند الغرب والعرب ومفهوـ ا
تتخيل السردي ُب رواية١أما الفصل الثاين فصل نظري تطبيقي جاء ٖتت عنواف "ٕتليات ا
تكاف واستخراج اال٭تاءات الكامنة بُت ثنايا النص١عايشة" ق منا فيو بتحليل الشخصيات والزمن وا
. الروائي
تظلة١تناطق ا١أف الرواية ْتث ُب ا: تبلحظات منها١تلة من اٚ وُب األخَت توصلنا إذل ضبط
. للمجتمع وتسليط الضوء على قضية حساسة فيو
وتسليط الضوء على أعماؿ, وأخَتا نرجو أف تفتح ىذه الدراسة أفاؽ جديدة للبحث
. الروائيُت الصاعدين أمثاؿ حنكة حواء
. تتخيل١ا, تياؿ٠ ا, الرواية القصَتة, الرواية:تفتاحية١الكلمات ا
Résumé :
Nous avons entrepris dans notre recherche sur le récit qui s'intitule " l'histoire de Aicha ".
On a abordé tout d'abord la sagesse d'Eve au début de notre travail, tout cela pour avoir une
idée sur le roman, ainsi que ses différentes définitions. Il demeure un genre raffiné
contemporain qui reflète la réalité de la société et le concept de l'histoire brève, et les
contraintes des naturalisations.
Dans le premier chapitre qui s'intitule " le chevauchement des concepts dans le récit ".
Dans laquelle nous avons traité les concepts de la fantaisie et de l'imagination en linguistique,
ainsi que la terminologie chez les Arabes et en occident et la relation de l'imaginaire avec la
réalité.
Dans le deuxième chapitre, nous avons concentré notre recherche sur la partie théorique et
en même temps pratique qui est la plus importante dans notre travail et qui s'intitule: " les
manifestations du récit dans le roman de Aicha ". Nous avons ensuite élaboré une analyse
critique approfondie sur les caractères de personnalités, et le spatio-temporel des textes afin
d'extraire les significations cachées dans le texte narratifs.
Finalement, nous avons trouvé un certain nombre d'observations qui sont: le roman qui
s'intéresse aux sociétés en faisant la lumière sur les sujets sensibles.
Enfin, nous espérons que cette modeste étude ouvrira de nouveaux horizons pour la
recherche et mettre en lumière le travail des romanciers émergents, tels que, la sagesse d'Eve.
Mots clés: Roman, histoire brève, récit, imaginaire.