You are on page 1of 20

‫بواعـــث التجربة الشعرية عــند آدم عبد اهلل اإللوري‬

‫مستخلص‪:‬‬
‫البواعث جمع الباعث‪ ،‬وهي الدواعي التي تدفع الشاعر وتحثّه على االنفعال بأي‬
‫موضوع من الموضوعات‪ .‬يتناول البحث بواعث التجربة الشعرية عند الشاعر آدم‬
‫عب د اهلل اإلل وري‪ ،‬بغي ة التع ّرف عليه ا‪ ،‬والوق وف على دوره ا وم دى تأثيره ا في‬
‫خلق تجربته؛ معتمدا على المنهج الوصفي والتحليلي في إجراء البحث‪.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫الحمد لـله رب العالمين‪ ،‬باعث الخلق يوم الدين‪ ،‬والصالة والسالم على المبعوث‬
‫رحمة للعالمين‪ .‬وبعد؛‬

‫ويعدونه من المعايير التي يميز بها‬


‫فالتجربة الشعرية مصطلح ّفن ّي يهتم به النقاد ّ‬
‫جي د الش عر عن زائف ه‪ .‬وه ذا البحث يع رض في إيج از كلم ة عن الش اعر‪ ،‬وعن‬‫ّ‬
‫مفهوم التجربة الشعرية‪ ،‬وبواعثها‪ ،‬ثم يدرس تلك البواعث عند الشاعر أدم عبد اهلل‬
‫اإللوري‪.‬‬

‫التعريف بالشاعـــــر‪:‬‬

‫ولد آدم عبد الباقي بن حبيب اهلل بن عبد اهلل اإللوري يوم الجمعة بقرية واسا في‬
‫جمهوري ة ب نين(‪ )Benin‬المعروف ة ب داهومي س ابقا‪ ،‬ع ام ‪1917 – 1340‬م‪ .‬نش أ‬
‫ببيت العلم واألدب‪ ،‬إذ كان أخوه وإ خوانه وجده علماء‪ ،‬ولذلك‪ ،‬فقد كان أبوه معلمه‬
‫األول وش يخه ومربي ه‪ ،‬ال ذي غ رس في قلب ه حب العلم وروح المث ابرة في س بيل‬
‫مولع ا بتحصيله‪ .‬وبعد أخذ األساس من‬
‫ً‬ ‫تحصيله فترعرع وشب وشاب طالبا للعلم‬
‫أبي ه‪ ،‬تتلمذ للش يخ ص الح ْأي ِس ْننوبَِيوا(‪ )Esin Niyiobiwa‬اإلل وري‪ ،‬والش يخ عم ر‬
‫األربجي اإلل وري والش يخ آدم نمعجي الكن وي‪ .‬ولم ينت ه األم ر عن د ه ذا الح ّد ب ل‬
‫دفع ه ش غفه للعلم إلى أن يس تزيد عن د ع دد من علم اء الع رب‪ ،‬راحال في س بيل‬
‫تحصيل العلم إلى القاهرة والسودان العربي والمملكة العربية السعودية ‪1942‬م‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫تيس ر ل ه من العلم‪ ،‬ف ّك ر في أن ينف ع ب ه قوم ه‪،‬‬
‫وبع د أن جم ع اإلل وري م ا ّ‬
‫انطالق ا من فهم ه ال دقيق لق ول رس ول اهلل (ص)‪" :‬من كتم علم ا ألجم ه اهلل ي وم‬
‫القيامة بلجام من نار"‪ .2‬فأسس مركزه‪" :‬التعليم العربي اإلسالمي" عام ‪1952‬م‪ ،‬في‬
‫أبيكوتا(‪ )Abeokuta‬في أول األم ر‪ ،‬ثم انتق ل ب ه إلى أغيغي الغ وس(‪Agege,‬‬
‫‪ )Lagos‬ع ام ‪1955‬م‪ ،‬وق د تخ رج في ه آالف من أبن اء نيجيري ا خاص ة وغ رب‬
‫‪3‬‬
‫أفريقيا عامة‪.‬‬
‫ألّ ف اإلل وري م ا ين اهز مائ ة كت اب في فن ون مختلف ة‪ ،‬منه ا‪ :‬اللغ ة العربي ة‪،‬‬
‫واألدب الع ربي‪ ،‬وال دعوة‪ ،‬والتص وف‪ ،‬والسياس ة‪ ،‬والتربي ة اإلس المية‪ ،‬وغيره ا‪.‬‬
‫وك ان الش يخ يوج ه الن اس ويرش دهم ح ول أم ور دني اهم وأخ راهم من خالل خطب ه‬
‫المنبري ة في مس جد مرك زه‪ ،‬ومج الس تفس يره الرمض انية والمناس بات االجتماعي ة‬
‫ال تي ك ان يحض رها‪ .‬ولم يف تر اإلل وري في ال دعوة إلى اهلل تع الى إلى انتقال ه إلى‬
‫جوار ربه ‪1992‬م‪.4‬‬

‫مفهوم التجربة الشعرية‪ ،‬وبواعثها‪:‬‬

‫مفهومها‪:‬‬

‫تع رف التجرب ة الش عرية بأنه ا "الص ورة الكامل ة النفس ية أو الكوني ة ال تي يص ورها‬
‫الش اعر حين يفك ر في أم ر من األم ور تفك يرا ينم عن عمي ق ش عوره وإ حساسه‪.‬‬
‫وفيه ا يرج ع الش اعر إلى اقتن اع ذاتي‪ ،‬وإخالص ف ني‪ ،‬ال إلى مج رد مهارت ه في‬
‫ص ياغة الق ول ليعبث بالحق ائق أو يج اري ش عور اآلخ رين لين ال رض اهم‪ ،‬ب ل إن ه‬
‫ليغ ذي ش اعريته بجمي ع األفك ار النبيل ة‪ ،‬ودواعي اإليث ار ال تي تش ف عن جم ال‬
‫‪5‬‬
‫الطبيعة والنفس"‪.‬‬

‫فص احب التجرب ة يفك ر في أم ر نفس ي أو ك وني‪ ،‬يمل ك علي ه ك ل مش اعره‬


‫وأحاسيسه فيصوغه في صورة شعرية‪ ،‬ترضيه هو أوال بأن تكون معيرة عما في‬
‫نقسه‪ ،‬وترضي غيره بعد ذلك ألنها تكشف عن حقائق النفس والحياة وتبعث على‬
‫اإلحساس بالمتعة والجمال‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبعارة أخرى يمكن تعريف التجربة الشعرية بأنها "عملية اإلبداع في النظم‬
‫بدء من المثير الذي أثار الشاعر وجعله ينفعل‪ ،‬ثم ماتال ذلك من عمليات شعورية‬
‫ً‬
‫والش عورية في حناي اه ح تى صوّرت في قص يدة"‪ .6‬فال ب د من مث ير يبعث الش اعر‬
‫لالنفع ال وإ ال ك انت القص يدة مجتلب ة وف اترة العاطف ة‪ .‬والش عر الحقيقي المع بر عم ا‬
‫في نفس ص احبه ال ينش أ إال بع د تفاع ل الش اعر م ع الم ؤثرات النفس ية من حول ه‪،‬‬
‫والتي تدفعه إلنشاء هذا الشعر من خالل معاناة وجدانية فكرية تتولد منها القصيدة‬
‫‪7‬‬
‫معبرة عن التجربة الشعورية التى عاشها‪.‬‬

‫فالتجرب ة الش عربة إذن معان اة‪ ..‬معان اة على مس تويات متع ددة‪ :‬ص راع م ع‬
‫اللغة‪ ،‬وصراع مع نوازع النفس‪ ،‬وصراع مع جماليات الشعر‪ ،‬وهي صراع عقلي‬
‫‪8‬‬
‫روحي وجداني‪.‬‬

‫فص راعها م ع اللغ ة يك ون في‪ :‬اختي ار الق والب الص ياغية المناس بة له ا دون أن‬
‫تقص ر عنه ا أو تط ول‪ ،‬أو بمع نى آخ ر في "اتس اق الث وب الش عري م ع التجرب ة‪،‬‬
‫وتفص يله على ق درها‪ ،‬فال يك ون ط ويال فضفاض ا وال قص يرا معري ا‪ ،‬وص راع م ع‬
‫نوازع النفس‪ :‬في التعرف على دواخلها وأسرارها واستبطان المشاعر واألحاس يس‬
‫ال تي تج ول به ا‪ ،‬وص راع م ع جمالي ات الش عر‪ :‬في التعب ير عن ه ذه التجرب ة على‬
‫أجمل صروة ممكنة باالستعانة بوسائل الشعر الجمالية كاألسلوب المتين والصور‬
‫‪9‬‬
‫البديعة وغير ذلك"‪.‬‬

‫بواعـــثها‪:‬‬

‫اهتم النقد القديم ببواعث الشعر ودواعيه‪ ،‬فعرض ألنواعها‪ ،‬وساق في ذلك أخبارا‬
‫لش عراء عرف وا بب اعهم الطوي ل في الش عر الع ربي‪ .‬وذل ك عن دما س ئل أرط أة بن‬
‫سهبة‪ :10‬أتقول الشعر اليوم؟ فقال‪ :‬واهلل ما أطرب‪ ،‬وال أغضب‪ ،‬وال أشرب‪ ،‬وال‬
‫أرغب‪ ،‬وإ نم ا يجيء الش عر عن د إح داهن "وق د قي ل للحطيئ ة‪ " :‬أي الن اس أش عر؟‬
‫‪11‬‬
‫فأخرج لسانا دقيقا كأنه لسان حية‪ ،‬فقل‪ :‬هذا إذا طمع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وبعض األحك ام النقدي ة تص ور استحض ارهم للب واعث الش عرية‪ ،‬فق د س ئل‬
‫ي ونس النح وي عن أش عر الش عراء فق ل‪ " :‬ام رؤ الفيس إذا غض ب‪ ،‬والنابغ ة إذا‬
‫‪12‬‬
‫رهب‪ ،‬وزهير إذا رغب‪ ،‬واألعشى إذا طرب‪".‬‬

‫وهم بذلك قد وضعوا أيديهم على قضية نقدية هامة‪ ،‬هي العالقة بين جودة‬
‫الش عر وبواعث ه‪ ،‬أو " الص لة بين األدب ونفس ية األديب"‪ .13‬إال أنهم توس عوا في‬
‫مفه وم الب اعث‪ ،‬ف ابن قتيبة‪ 14‬مثال يق ول‪ " :‬وللش عر دواع تحث البطيء وتبعث‬
‫المتكل ف منه ا الطم ع‪ ،‬ومنه ا الش وق‪ ،‬ومنه ا الش راب‪ ،‬ومنه ا الط رب‪ ،‬ومنه ا‬
‫الغضب"‪ .15‬فالطمع والشوق والغضب من البواعث بال شك‪ ،‬ألنها ملتصقة بالنفس‬
‫وصادرة عنها‪ ،‬أما الشرب والطرب فهما بمثابة اإلغراء والتحفيز لهذه البواعث‪.‬‬

‫ومحفزات البواعث كثيرة‪ ،‬وتختلف من شاعر إلى آخر باختالف النفسيات‬


‫وطرائق التفكير‪ .‬وقد ورد بعضها في وصية أبي تمام للبحتري حين قال‪" :‬يا أبا‬
‫عبادة تخيّ ر األوقات وأنت قلي ل الهموم‪ ،‬صفر من الغموم‪ ،‬واعلم أن الع ادة جرت‬
‫في األوق ات أن يقص د اإلنس ان لت أليف ش يء أو حفظ ه في وقت الس حر‪ ،‬وذل ك أن‬
‫النفس ق د أخ ذت حظّه ا من الراح ة‪ ،‬وقس طها من الن وم‪ ...‬وإ ذا عارض ك الض جر‬
‫فأرح نفسك‪ ،‬وال تعمل شعرك إال وأنت فارغ القلب‪ ،‬واجعل شهوتك لقول الشعر‬
‫‪16‬‬
‫الذريعة إلى حسن نظمه‪ ،‬فإن الشهوة نعم المعين"‪.‬‬

‫والب واعت نفس ها تتع دد وتتب اين ش أنها محفزاته ا‪ ،‬وذل ك لتب اين نفس يات الش عراء‪،‬‬
‫والمؤثرات المحيطة بهم‪ .‬كما أن "االنفعاالت الحصر لها‪ ،‬وكل موقف له انفعاله‬
‫‪17‬‬
‫الخاص من حيث القوة والضعف‪ ،‬والكثرة والقلة"‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى نجد أن البواعث مهما تضافرت وتوافرت فإنها لن تنتج لن ا شعرا‬
‫ما لم تلق الموهبة الفطرية لدى الشاعر‪ .‬وقد وصف النقد القديم الشعر بأنه " علم‬
‫من عل وم الع رب يش ترك في ه الطب ع والرواي ة وال ذكاء‪ ،‬ثم تك ون الدرب ة م ادة ل ه‪،‬‬
‫وقوة لكل واحد من أسبابه"‪ .18‬فالطبع والذكاء يمثالن الموهبة لدى الشاعر‪ ،‬والتي‬
‫تنمي بالدربة والرواية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وفي النقد الحديث نجد عناية بالغة بالبواعث وتأثيرها‪" ،‬فليس بشعر يستحق‬
‫الحي اة ما ليس ت ل ه ب واعث‪ ،‬والش عر ال يف نى إال إذا ف نيت بواعث ه‪ ،‬وم ا بواعث ه إال‬
‫محاس ن الطبيع ة ومخاوفه ا‪ ،‬وخ والج النفس وأمانيه ا‪ ،‬ف إذا حكمن ا بانقض اء ه ذه‬
‫‪19‬‬
‫البواعث فكأنما حكمنا بانقضاء اإلنسان"‪.‬‬

‫بواعــث التجربة الشعرية آدم عبد اهلل اإللوري‪.‬‬

‫ت وافرت الموهب ة الفطري ة لإلل وري وك ذلك رواف دها ال تي غذَْتها وص قلتها؛‬
‫ك الرحالت‪ ،‬واالطالع على األدب الع ربي الق ديم واآلداب المحلي ة‪ ،‬والتن وع في‬
‫المع ارف التاريخي ة واللغوي ة‪ ،‬وغ ير ذل ك‪ ،‬مم ا أمدّ ه ذه الموهب ة بأس باب الق وة‬
‫‪20‬‬
‫والنماء‪.‬‬

‫وق د تن وعت ب واعث الش عر ال تي دفعت ه ذه الموهب ة عن د اإلل وري‪ ،‬وتتمث ل‬


‫فيما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬حبه للوطن ووالؤه له‪:‬‬

‫لهذا الباعث مظاهر في شعر اإللوري تتمثل فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬البعد عن الوطن والحنين إليه‪:‬‬


‫يتضح هذا الباعث غاية الوضوح في شعره الذي أنشأه في سفره األول إلى‬
‫بالد العرب (جمهورية مصر العربية)‪ ،‬وهو يتشوق لوطنه وذويه وأحبابه‪.‬‬
‫يقول اإللوري في قصيدته بعنوان " كم ليلة قد بتها نابغية"‪ 21‬من الطويل‬
‫أبلغن سالم ـ ــي إلى أهـ ــلي بـها مت ـ ــراضـ ـ ـ ــيا‬
‫ْ‬ ‫أيا قاصدا أرض النيجـ ـ ــيريا‬

‫إذا عسعس اللـ ــيل تـ ـ ـرى الصبح آتــيا‬ ‫وقل لـهم إنـ ـ ــي أعـ ــود إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهم‬

‫تقـ ــدمها أضحى عـ ـ ــن الديـ ـ ــن نائ ـ ــيا‬ ‫رأيت بالدي بالتـ ـ ـ ـ ـ ــقاليد أرهـ ـ ـ ــقت‬
‫ُ‬

‫وال عالـ ـ ـ ـ ــما إال عـ ــن الـ ـح ــق الهـ ــيا‬ ‫ولم تر فيها غير من كان حاسدا‬

‫ولست إذا ما ضاق صدري بما به ب ــتارك فعل الخـ ـ ــير ما دمت باقـ ـ ــيا‬

‫‪5‬‬
‫ُيـ ـ ـ ــرى غير مبل ـ ـ ـ ٍّـو وكان مـ ـ ـن ـ ــاديــا‬ ‫ـالح‬
‫فما من نبي أو ولي وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬

‫بدا‬
‫إلس ـ ــقاط ري ـ ـ ـ ــب القلب م ّـما َ‬ ‫لهذا خرجنا قاص ـ ـ ـ ـ ـ ــدين أزاه ـرا‬
‫لـيا‬

‫ولكن قلـبي للع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال كان نــاويـا‬


‫ّ‬ ‫ويوم تركت البيت يوم مكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـدٌر‬

‫محـ ـ ـ َّـمد سعد وابــن سل ـ ـ ــمان ثان ـ ــيا‬ ‫محـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمد راجي آدم ذو قصيدة‬

‫ركبنا قطارا مثل فردوس في الهنا ورحلتنا "َب ْس" مـ ــن لغ ــوس وزاري ـ ــا‬

‫أسامر أفالك السـ ـ ــما والضـ ــواريـ ــا‬ ‫ليلة قد بتُّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها نابغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـي ٍة‬
‫وكم ٍ‬
‫ْ‬
‫انفع ل الش اعر هن ا ب الحنين والش وق إلى األه ل واألق ارب واألحب اء‪ ،‬وبظروف ه‬
‫وتمس ك‬
‫ّ‬ ‫الضيقة في الغربة‪ ،‬وما يعانيه من حقد الحاقدين عليه في وطنه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الشخصية‬
‫الش عب بع ادات غ ير ش رعية وتقالي د جاهلي ة‪ ،‬وجهال ة العلم اء؛‪ 22‬األم ر ال ذي جعل ه‬
‫هو وبعض أصحابه وأصدقائه مضطرين إلى السفر طلبا لتسلية النفس وتخفيفا من‬
‫أعبائها‪.‬‬

‫وعلى الرغم من كون تجربة الشاعر هنا تجربة شخصية ذاتية‪ ،‬فإن ما فيها‬
‫صادقة‪ ،‬قد أخرج صدقها من نطاق الفردية إلى‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجدانية‬ ‫ٍ‬
‫ومعاناة‬ ‫قوي‬
‫من انفعال ٍّ‬
‫أف ق اإلنس انية ال رحب الواس ع يجع ل ك َّل مغ ترب يش عر ب الحنين إلى وطن ه أين م ا‬
‫ك ان‪ ،‬ويجعلن ا نش ارك الش اعر في حزن ه وش وقه وس خطه على أس باب ودواف ع‬
‫تمس ك قومه بالتقاليد الجاهلية وحقد الحاقدين عليه من‬
‫خروجه من وطنه وأكبرها ّ‬
‫علماء معاصريه‪.‬‬

‫‪ -2‬وصف تقاليد الشعب السيئة وتصوير حالته والحث على تطويره‪:‬‬


‫كان من مهام الشعراء إجالء الحقيقة لشعوبهم وإ صالح أحوالهم السلبية كلما‬
‫بدا لهم‪ ،‬فهم كالشموس ينيـ ــرون لغيرهم بينما يحترقون من الداخل‪ ،‬فكم من‬
‫ش اعر أع دم وس جن ونفي عن ال وطن بس بب آرائ ه ومواقف ه تج اه أم ور‬
‫وقض ايا حساس ة في المجتم ع‪ ،‬يق ول آدم اإلل وري في قص يدته "ويح ق ومي"‬

‫‪6‬‬
‫مت أثرا ب أحوال قوم ه تج اه موض وع" التواض ع والحي اء" اللذين أس اء قوم ه‬
‫‪23‬‬
‫فيهما الفهم (من الرمل)‪:‬‬
‫وأسـ ـ ــاءوا فــيه ختـ ـ ـ ـ ــما وابت ـ ـ ـ ــداء‬ ‫ويح قومي جهلوا معنى ال ـ ــحياء‬

‫وبن ـ ـ ـ ـ ـ ــوه في س ـ ـ ـ ـجـ ــود وانح ـ ــناء‬ ‫هكذا قد ج ـ ـ ــهلوا التـ ـ ـ ــواض ـ ـ ـ ـ ـ ــعا‬

‫لـ ـ ـ ـ ــهم قبل وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول لل ـ ــفن ـ ــاء‬ ‫خلع ن ـ ــعل جع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلوه واجـ ـ ـ ـ ـ ــبا‬

‫وبـ ـ ــروك لهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم عـ ــند اللـ ـ ـ ـ ـ ــقاء‬ ‫وانب ـ ـ ــطاح لـ ـ ــهم عند الس ـ ـ ـ ــالم‬

‫وأباحوا الكذب والق ـ ــول اله ـ ـ ـ ـ ــراء‬ ‫في مقام الحق أوجبوا السكوت‬

‫صـ ـ ـ ّـيروها مذه ـ ـ ـ ـ ــبا للـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعلم ـ ـ ــاء‬ ‫والغرور والـ ـ ــدعاوي الك ـ ـ ـ ــاذبة‬

‫بطع ـ ـ ـ ـ ــام وش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراب وكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــساء‬ ‫علماء السـ ـ ــوء من قد ابتـ ـ ـ ـ ــلوا‬

‫أصبـ ـ ــحوا ط ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ــا عبيد األمراء‬ ‫قط ـ ـ ــعت ألسنهم عند المـ ـ ـ ــلوك‬

‫فانب ـ ـ ــروا يمت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدحون األغـ ــنياء‬ ‫كممت أفـ ـ ـ ــواههم بالص ـ ـ ـ ــدقات‬

‫أفض ـ ـ ـ ـ ـ ــل الخلق وريثوا األنبيـ ـ ـ ـ ــاء‬ ‫مــع ه ــذا يزع ـ ـ ــمون أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهم‬

‫وص ـ ـ ـ ـ ــفوه بال ـ ـ ـ ـ ــذي منـ ـ ـ ـ ــه بـ ـ ـ ـ ــراء‬ ‫ك ــل مـن خالفهم في هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه‬

‫واس ـ ـ ـتــعدوا لنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــضال واعتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداء‬ ‫جع ــلوه كـافـ ـ ــرا لـ ـ ــديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ــهم‬

‫وداء يحتاج‬
‫يبدو أن الشاعر اعتبر هذه العادات والتقاليد التي كان عليها قومه عل ةً ً‬
‫‪24‬‬
‫إلى دواء‪ ،‬ومشكلةً تستدعي حاًّل ‪ ،‬ولذلك نراه يتابع تلك األبيات السابقة بما يلي‪:‬‬

‫مثل ما في العقل أو شرع الس ـ ـ ـ ــماءْ‬ ‫وال ـ ـتواضـ ـ ـ ـ ــع الـ ـ ـ ـ ـ ــذي نعرفـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫واجت ـ ـ ـ ــناب جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـر ثـ ـ ـ ـوب الخــيالءْ‬ ‫ق من ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـل أح ـ ــد‬
‫بقبول الحـ ـ ـ ّ‬
‫كالحمقاء‬
‫ْ‬ ‫واحتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقار النـ ـ ـ ـفس ال‬ ‫واحترام الغـ ـ ـير في حـ ـد النـ ـ ـ ـ ــهى‬
‫ما يقي ـ ـ ــك العار عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـند الع ـ ـقـ ـ ــالءْ‬ ‫الحق إن تـ ـ ــسأل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــني‬ ‫ّ‬ ‫والحياء‬
‫ـياء‬
‫غير هذا ال يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـمى بالح ْ‬ ‫ـش وخـ ـ ــنا‬ ‫ويقي م ـ ــن ِّ‬
‫كل فح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬

‫‪7‬‬
‫ت دور القص يدة في نط اق قض ايا خلقي ة اجتماعية؛ ألن موض وعها أص ال يع الج م ا‬
‫انخرط في نفوس الناس من اإلفراط واإلسراف في رذائل األخالق ومفاسدها‪ ،‬ولم‬
‫يستجب ِلنداء الداعي إلى بدائلها من فضائل وقيم عليا‪.‬‬

‫ك واص فا حال ة الق وم‪" :‬والواق ع أن المجتم ع النيج يري في‬


‫أغ ا َ‬
‫يق ول األس تاذ َ‬
‫عص ر الش اعر (اإلل وري) ق د اختلت موازين ه في المث ل اإلس المية‪ ،‬واختلطت‬
‫ــبدعها‪ ،‬وتصور الناس حقائق التوقير واإلجالل في أساليب تحايا جاهلية شنيعة‬ ‫بـــ َ‬
‫ال عالقة لها بالشريعة الحنفية إذ لم يأذن بها اهلل ج ّل شأنه من سلطان‪ ،‬فح ّل الخجل‬
‫السطحي الضعيف على‬ ‫محل الحياء والتواضع والصراحة‪ ،‬وسطا االعتقاد‬ ‫والكسل َّ‬
‫ّ‬
‫الشخص ية‪ ،‬وص رف ال وهم النفس ي عن ارتي اد مع الي األم ور‪ ،‬فقع دت الع زائم عن‬
‫‪25‬‬
‫العظائم‪ ،‬وخرست الصراحة عن الحق‪ ،‬وفترت الحرية‪ ،‬ومات الضمير‪.‬‬

‫فقام اإللوري يعارض ويحارب هذا المنظر القبيح بسالح شعري واضح إلصالح‬
‫ه ذا الوض ع أو الحال ة الجاهلي ة ال تي ب نى علي ه قوم ه أس س الحي اء واالح ترام‬
‫والتواضع‪.‬‬
‫الحب الخ الص لل وطن‪ ،‬وباعث ا على‬
‫ّ‬ ‫تـمثِّل القص يدة مظه را من مظ اهر‬
‫محب لوطنه يكره أن يرى ما يدنسه‪ ،‬أو يحقّر شأن شعبه‪ ،‬فيبذل‬
‫ّ‬ ‫االنفعال؛ ألن كل‬
‫كل ما يملكه لينفي ويبعد عنه ذلك‪ ،‬كما يسعى وراء كل ما يرفع قيمته ومكانته في‬
‫العالم‪.‬‬
‫‪-‬حبه لمركزه للتعليم وطالبه‪:‬‬
‫‪ّ 2‬‬

‫أس س اإلل وري مرك زا للتعليم الع ربي واإلس المي ع ام ‪1952‬م في أبيكوتا(‬
‫ّ‬
‫‪ )Abeokuta‬في أول األمر‪ ،‬ثم انتقل به إلى أغيغي الغوس(‪)Agege, Lagos‬‬
‫عام ‪1955‬م‪ ،‬وقد تخرج فيه آالف من أبناء نيجيريا خاصة وغرب أفريقيا عامة‪.‬‬
‫جما تشهد عليه بعض قصائده وأراجيزه‪ .‬ومن‬
‫حبا ّ‬
‫ولهذا كان الشاعر يحب المركز ّ‬
‫‪26‬‬
‫أشهرها قصيدته بعنوان "مركزي أفديك روحي" من مجزوء الرمل‪:‬‬

‫في حـ ـ ـ ـ ــياتي وم ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــاتي‬ ‫مركزي أفـ ـ ــدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك روحي‬

‫‪8‬‬
‫منقذي مـ ـ ـ ـ ــن جـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ــالتي‬ ‫مركزي أنت ط ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيبي‬
‫كعجيب الم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــجزات‬ ‫مـ ـ ــرك ـ ـ ـ ـ ــزي جاء ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعلم‬
‫أدع ـ ـ ـ ـ ــيه ف ـ ـ ـ ــي ح ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــاتي‬
‫ّ‬ ‫ليس لي في الجهل فـ ـ ـ ـ ــضل‬
‫وزمـ ـ ـ ـ ـ ــام المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــكات‬ ‫إنما ال ـ ـ ـ ــجه ـ ـ ـ ـ ــل ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالل‬
‫بأحـ ـ ـ ــب ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوات‬ ‫أسـ ــأل اهلل ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلم في كل الج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهات‬ ‫لرجال يخدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون العـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫بن ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ــر ك ــات‬ ‫أن ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــديم الن ـ ــصر في ـ ـ ــهم‬

‫فداء له ليعيش هذا‬


‫بحب الشاعر العميق لمركزه‪ ،‬فقد جعل نفسه ً‬
‫تنبض هذه األبيات ّ‬
‫المركز في هناء وسعادة وسالمة في حياته وبعد مماته‪.‬‬

‫يعب ر عن ذل ك أيض ا قص يدته بعن وان "مرك زي" من مج زوء‬


‫ومم ا ّ‬
‫‪27‬‬
‫المتدارك‪:‬‬

‫كنتَ أنت المنى مـ ـركزي‬ ‫مركزي م ـ ـ ـ ـ ــركزي مـ ـرك ــزي‬

‫قومنا من ع ـ ـ ــمى‬
‫أنق ــذنْ َ‬ ‫ج ــئـ ـ ـ ـ ـ ـتنا بال ــهدى والسـ ـ ــنا‬

‫واحمــنا تحت كل الحِمى‬ ‫ن قومــنا مـ ـ ـ ـن ردى‬


‫خل ــصَ ْ‬

‫س ــما‬
‫خذ بأيدي الورى للـ ـ ّ‬ ‫رقي والــعال‬
‫سر بــنا ل ــل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ‬

‫للسـ ــما لل ـ ـسمـ ــا لل ـ ـ ـ ـ ـسما‬ ‫في العلوم والنـ ـ ـ ـظام والعمل‬

‫التخرج لفوج من طالب المركز‬


‫ّ‬ ‫ويدخل في هذا الباب قصيدته التي ألقاها يوم حفلة‬
‫أي ن وع من‬
‫يحث طالب ه على االس تعداد الت ام لمواجه ة ّ‬
‫تعدوا"‪ ،‬وفيه ا ّ‬
‫بعن وان "اس ّ‬
‫ويشجعهم على الثبات والبطولة‪ ،‬وعدم المباالة بالمصاعب‪ ،‬والعمل‬
‫ّ‬ ‫تحديات الحياة‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪28‬‬
‫على نشر علوم الدين‪ .‬فيقول من مجزوء الرمل‪:‬‬

‫است ـ ـع ــدوا للنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــضـ ـ ـ ـ ــال‬ ‫است ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدوا للن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ــالْ‬

‫ـ ـ ـ ــدين قد حان الن ـ ـ ـ ــضال‬ ‫إي ــه يا أب ـ ــطالَ عـ ـ ـ ـ ـ ـلم الـ ـ ـ ـ‬

‫‪9‬‬
‫ـ ـ ــبال وامضوا الت ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ــالوا‬ ‫اذهبوا في األرض كاألش ـ ـ ـ‬

‫ل ـ ـ ـ ـيس ي ـ ــدري ـ ــها رجـ ـ ـ ـ ــال‬ ‫علمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا النـ ـ ــاس عـ ــلوم ـ ــا‬

‫ـ ـعــلم أق ـ ـ ـ ـط ــاب جـ ـ ـ ـ ـب ــال‬ ‫ع ـلّـ ـ ـ ـ ـم ــوهم أن ـكــم فـ ـ ـي الـ ـ ـ ـ‬

‫‪-‬حسه الديني‪:‬‬
‫‪ّ 3‬‬
‫تظهر العاطفة الدينية عند اإللوري في كثير من قصائده‪ .‬وهي عاطفة يبعثها الحس‬
‫أجل الموض وعات ال تي طرقها اإلل وري‪ ،‬وأحبها إلي ه‪،‬‬
‫ال ديني عن ده‪ .‬ولعل من ّ‬
‫وأكثرها هيمنة على شعره‪ ،‬الشعر اإلسالمي؛ مما حدا بعض النقاد والدارسين إلى‬
‫‪29‬‬
‫اعتباره شاعرا غيريا أو شاعرا إسالميا‪.‬‬
‫تتجلى فيما يأتي‪:‬‬
‫ومظاهر هذا الباعث ّ‬

‫‪ -1‬شعر المدائح اإللهية‪:‬‬

‫عز وجل وتمجيده وتحميده‪.‬‬


‫يكثر في شعر اإللوري حديثه عن الثناء على اهلل ّ‬
‫وعاطفته في هذا الباب فياضة‪ ،‬تشارك صاحبها في كل حاالته وتصرفاته سواء‬
‫‪30‬‬
‫في المسرة أو الحزن‪ .‬ومن ذلك قصيدته " أنت أنت اهلل من مجزوء الرمل‪:‬‬

‫ـ ـ ـ ــرق في أفق يقيني‬ ‫*‬ ‫أنت أنت اللـه من أشـ‬

‫ــحل بالنور جفوني‬ ‫*‬ ‫أنت أنت الـله من كـ‬

‫أنت أنت اهلل‬

‫ـ ـ ـُنو له ح ــر جبيني‬ ‫*‬ ‫أنت أنت الـله من يع ـ‬

‫ـ ــجر بالخير قنـ ــوني‬ ‫*‬ ‫أنت أنت الـله من ف ـ ـ ـ ـ‬

‫وهو في الروع يقيني‬ ‫*‬ ‫ويقيني بك ذخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري‬

‫أنت أنت اهلل‬


‫‪10‬‬
‫واجعل الخير قريني‬ ‫*‬ ‫فاجعل الحق رفيقــي‬

‫ــمى وبالروح األمين‬ ‫*‬ ‫بالذي أرس ـ ـ ـ ـلته رح ـ ـ‬

‫أنت أنت اهلل‬

‫‪31‬‬
‫ومنه كذلك قوله في قصيدته "يا من يراني" حيث يقول من مجزوء الرجز‪:‬‬
‫وهو يـجيب الـمضـ ـ ـ ـط ـ ـ ــريـ ــن‬ ‫يا من ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراني وال أراه ‪#‬‬

‫ـين‬
‫يا رازق الطـ ـ ـير والـجـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ْ‬ ‫يا خالق األرض والسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـماء ‪#‬‬

‫نون‬
‫يا قاب ــض الروح بالـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫يا واه ـ ــب الع ـ ـمر بالح ـ ـ ـ ـ ــياة ‪#‬‬

‫ـين‬
‫اخـ ـ ـ ــتارني في العالـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫يا خالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقي يـ ـ ـا رازق ـ ـ ــي ‪#‬‬

‫‪ -2‬شعر العقيدة وشعائر اإلسالم‪:‬‬


‫نابعا عن اعتق اد‬
‫ونقصد به ا الش عر ال ذي يتن اول ال دين أو إح دى جزئياته تن اوال ً‬
‫دي ني‪ ،‬من ذلك ‪-‬مثال‪-‬أرجوزته ال تي قالها مش جعا الق وم على أداء الزك اة‪،‬‬
‫باعتبارها مفروضة تمثّ ل الركن الثاني من أركان اإلسالم الخمسة‪ ،‬وتحقّ ق اإلخاء‬
‫‪32‬‬
‫في المجتمع‪ ،‬وترضي الخالق المعطاء‪ ،‬وهي من مجزوء الرجز‪:‬‬
‫أسنـ ــى ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـروض العباده‬ ‫َز ُّك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا فَ ـِإ َّن ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزكاةَ‬

‫ما دمتَ تـ ـرضـ ـ ـ ـ ـ ـي عب ــاده‬ ‫أرض ــيتَ عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ــك اإللهَ‬

‫رعايـ ـ ـ ــة الفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقــراء‬ ‫ح ــقٌّ ع ـ ـ ـ ـ ـ ـلى األغ ـ ـ ـنــياء‬

‫على أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاس اإلخـ ــاء‬ ‫حتى ي ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـون البـ ـ ـ ـ ــناءُ‬

‫لـله فـ ــيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـما ح ـ ـب ـ ــاكـا‬ ‫واجعل زكـات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ش ـ ــكرا‬

‫مثل ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـذي أعطـاكـا‬ ‫لو شاء أع ـ ـ ـ ـ ـطى الفـ ـ ــقير‬

‫‪11‬‬
‫ول ه أيض ا في الص يام حيث ي دعو الش عب المس لم إلى أدائ ه‪ ،‬وي ذكر بعض فوائ ده‬
‫‪33‬‬
‫تشجيعا لهم‪ ،‬من مجزوء المتدارك (ركض الخيل)‪:‬‬

‫من ضعف ال ـ ـنفــس البشرية‬ ‫َّو ُم دواء اإلن ـ ـ ـ ـســانــية‬


‫الص ْ‬

‫ويه ـ ـ ـي ـئـ ــها للـ ــح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرية‬ ‫َّو ُم يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـّوي الحــيوية‬


‫الص ْ‬

‫ويهـ ـ ــيّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـئـ ــها لل ـ ـقـ ــدسية‬ ‫َّو ُم يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزكي النــفـ ـ ـس‬
‫الص ْ‬

‫ويه ـ ـ ـي ـئـ ــها للـ ــخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ــرية‬ ‫َّو ُم يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ـ ــي أنــفسنا‬
‫الص ْ‬

‫كـ ــرياضاتـ ــنا الج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــسمية‬ ‫وينشط منا األجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــساما‬

‫يعطي األسـ ــباب األن ـ ـ ـس ــية‬ ‫ويقوي اله ـ ـ ـ ـ ـ ـمة في النفس‬

‫من ذي الحضرات الروحية‬ ‫وينمِّ ـ ــي العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ــل بأنوار‬

‫ج‪ -‬شعر الزهد والوعظ واإلرشاد‪ :‬من ذلك قصيدته " التوكل"؛ إذ يقول (من بحر‬
‫‪34‬‬
‫المتقارب)‪:‬‬
‫مع اهلل كونوا أيا مسلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمون ‪ #‬لـكي ال تكونوا مع المجرمين‬

‫وشر‬
‫ون ْع َمى ‪ #‬مع اهلل في ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّل خير ْ‬
‫مع اهلل في كل بؤسى ُ‬

‫أمر‬
‫مع اهلل في نـ ـ ـ ــبذ ما قــد نهـى ‪ #‬مـع اهلل بالس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمع فيما ْ‬

‫والمؤتمر‬
‫ْ‬ ‫مع اهلل في بي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعكم والشراء ‪ #‬مع اهلل في الـفـ ـ ـ ـ ــرد‬

‫ـجر‬ ‫مع اهلل في ِّ‬


‫حب أهل الـ ـ ـ ـ ــتقى ‪ #‬مع اهلل في كره من قد فـ ْ‬

‫ـتر‬
‫مع اهلل بالع ـ ـ ـ ـ ــدل في حكمكـم ‪ #‬مع اهلل فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيمـا بـدا واست ْ‬

‫العبر‬
‫مع اهلل في عون كل ضعيف ‪ #‬مع اهلل في نصر أهل ْ‬

‫‪12‬‬
‫ـتقر‬
‫مع اهلل دومـا وال تغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـلوا ‪ #‬مع اهلل حقـا إلى المس ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬

‫والقدر‬
‫ْ‬ ‫مع اهلل وفـق نوام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيسـه ‪ #‬مع اهلل رهـ ـ ـ ــن القضا‬

‫وزر‬
‫مع اهلل ط ـ ـ ـ ــوعا مع اهلل سوقا ‪ #‬فما من مالذ وال م ـ ـ ــن ْ‬

‫فال ترجعوا عن سلوك الهدى ‪ #‬وفي قص ـ ــص األولين العبر‬

‫لنحيا به ثم نف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنى ونبقى ‪ #‬ونحيا ونح ـ ـ ـ ــيا ونحيا الدهر‬

‫تن درج األبي ات الس ابقة في الزه ديات والمواعظ واإلرش ادات‪ ،‬وقد أجمل‬

‫الش اعر للمتلقي موعظته وإ رش اده في ال بيت األول‪ ،‬ناديا المس لمين أن يكون وا مع‬

‫خالقهم في كل شيء ويت ذكروه دائما قبل القي ام ب أي شيء في تحرك اتهم ومع امالتهم‬

‫وتصرفاتهم كلها‪ ،‬ثم شرع يفصل لهم القول فيما يدعوهم إليه في بقية األبيات‪ ،‬وهو‬

‫أن يكونوا مع اهلل ويخشوه عند نزول النعمة أو المصيبة (النقمة)‪ ،‬وعند وقوع الخير‬

‫أو الشر‪ ،‬فال يتجاوزوا حدود ما أنزل اهلل‪.‬‬

‫والتضرع‪:‬‬
‫ّ‬ ‫د‪-‬شعر الدعاء‬

‫والتضرع إليه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تضمن شعر الإلوري‪-‬بشكل ظاهر‪-‬الدعاء إلى اهلل سبحانه وتعالى‬ ‫ّ‬
‫فك ان يختتم أغلب قص ائده في المناج اة والرث اء والم دح بال دعاء‪ ،‬كما أن ه أحيان ا‬
‫يفتتحها بالدعاء‪ .‬هذا باإلضافة إلى بعض قصائده وأراجيزه التي يأخذ الدعاء منها‬
‫حيزا كبيرا أو يكون غرضها الدعاء‪ .‬و من ذلك أرجوزته المشهورة من مشطور‬
‫‪35‬‬
‫المديد‪:‬‬
‫واهـ ـ ـ ـب العــطايا‬ ‫خالـ ـ ــق الـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ــرايا‬

‫فاستجب دعائي‬ ‫دافـ ـ ـ ـ ـ ـع المصائب‬

‫‪13‬‬
‫أن ـ ـت ذو الكمال‬ ‫أنت ذو الج ـ ـ ـالل‬

‫أنـ ـ ـ ـت ذو النوال‬ ‫أنت ذو الفـضائل‬

‫تس ـ ـ ـ ـ ـمع كالمي‬ ‫أنت من تـ ـ ـ ـ ـراني‬

‫ال تن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــساني‬ ‫تع ـ ــلم مكاني ثـ ــم‬

‫اغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفر الذنوب‬ ‫ب‬


‫استـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر العيو َ‬

‫من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك يا إل ـ ــهي‬ ‫التؤاخذني فضال‬

‫اج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبر الكسير‬ ‫ارحم الف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقير‬

‫يا مـ ـجيب الداعي‬ ‫أطلق األسير لطفا‬

‫ألهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل السالم‬ ‫أوصل الس ـ ـ ـ ـ ـ ـالم‬

‫تحية وسـ ـ ـ ـ ــالم ــا‬ ‫بدار السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالم‬


‫‪ -4‬معايشةـ معاناة المجتمع وآالمه‪:‬‬

‫س ّبب احتالل اإلنكل يز لنيجيري ا ص دمة عنيف ة‪ ،‬وجثمت به على ص دور‬


‫المسلمين كارثة رهيبة‪.‬ومرد ذلك أن المسلمين في نيجيريا كونوا بأنفسهم صيتا‬
‫قويا‪ ،‬وسمعة عالية‪ ،‬وعاشوا على ذري شرف من األمجاد والمآثر الخالدة قبل‬
‫‪36‬‬
‫حلول االستعمار البريطاني الغاشم في بالدهم‪.‬‬

‫وبع د حلول ه ( أي االس تعمار) جع ل أع زة أه ل البالد (أي نيجيري ا) أذل ة‪،‬‬


‫وش تت ش مل المس لمين‪ ،‬فأص بحوا عناص ر متن احرة ال يك اد بعض هم يتف اهمون م ع‬
‫بعض‪ ،‬وبهذا حاولت عصابة االستعمار إحالل الكنائس مح ّل المساجد‪ ،‬والقساوسة‬
‫مك ان الفقه اء‪ ،‬والق انون الوضعي موض ع الش ريعة اإلس المية‪ ،‬واإلنجليزي ة م وطن‬

‫‪14‬‬
‫العربي ة‪ .‬والداهي ة الك برى أن مظ اهر الحي اة الحض ارية ال تي أتى به ا االس تعمار لم‬
‫تكن حق ا إال رواف د غربي ة مس توردة لت دمير األرض‪ ،‬والش عب‪ ،‬وال تراث‪ .‬وق د‬
‫ن اهض علم اء البالد ه ذه األوبئ ة‪ ،‬وح اربوا األوض اع الحزين ة المت دهورة‪ ،‬حس ب‬
‫المستويات واألقدار‪ ،‬وما اقتضته الظروف والمواقف؛ فمنهم من قاوموا الطغيان‪،‬‬
‫وحمل وا الس الح‪ ،‬ولق وا حتفهم ش هداء‪ 37.‬ومنهم من م الوا إلى الص مت ولم يتكلم وا‪،‬‬
‫‪38‬‬
‫مع ضجرهم من المستعمر وكراهتهم للسياسة الخبيثة التي ينتهجها‪:‬‬

‫ولج أ آخ رون إلى فن الق ول باعتب اره أخل د أثرا وأق وى عارض ة لتهيـــيج‬
‫المش اعر وإ ث ارة عواط ف الش عب المنك وب‪ ،‬وفعال انطل ق األدب اء لتس جيل ه ذه‬
‫الحقيقة في صورها األليمة؛ تنفيسا لكربهم واستشفاء ألمراضهم النفسية‪ ،‬وعلى هذه‬
‫الشاكلة نلقي اإللوري في قصيدته الالمية "هل أجبروك؟" يصور ما عايشه هو وما‬
‫عاناه المجتمع اإلسالمي النيجيري‪ -‬إبان فترة االستعمار‪ -‬من بؤس حياة حاملي‬
‫الثقاف ة العربي ة والدراس ات اإلس المية‪ ،‬وم ا يعانون ه من ض يق العيش ومذلت ه‪،‬‬
‫أشد الكراهية ‪ .‬يقول الشاعر مناجيا ربه شاكيا إليه‬
‫وكراهية النصارى واليهود لهم ّ‬
‫‪39‬‬
‫همومه وهموم اآلخرين مثله‪ ،‬وقد بلغ به السخط أقصى مداه (من البسيط)‪:‬‬

‫ـوت فضـ ـ ـ ـ ـ ــلك أصالً ثم لم ِ‬


‫أزل‬ ‫يا رب قد ضقت ذرعا بالهموم وقد ‪ #‬رج ـ ـ ـ ُ‬

‫ِ‬
‫والعطل‬ ‫أرجوك والحال ال يخفى عليك على ‪ #‬ما كان لي من حياة البؤس‬

‫ِ‬
‫والمثل‬ ‫ـت علم الدي ـ ـ ــن في لغة ‪ #‬أنزلت فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها كتاب الذكر‬
‫لقد تعلمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫فت فيها حيات ـ ـ ــي من بداي ـ ـ ـ ـ ـ ــتها ‪ #‬إلى أواسطها والنف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس في شغـ ِـل‬
‫صر ُ‬
‫ّ‬

‫ِ‬
‫الفشل‬ ‫لكن على غير جدوى في الحياة وقد ‪ #‬ظلت معـيش ـ ـ ـ ــتُنا ضن ًكا على‬

‫ِ‬
‫والخطل‬ ‫رت عيش بني اإلسالم يا صمد ‪ #‬كأنهم في ض ـ ـ ـ ـ ـ ــالل الـ ـ ـدين‬
‫كد َ‬
‫ّ‬

‫‪15‬‬
‫وه اك ق وم النص ارى واليهـ ـ ـ ـ ـ ـــود ل ـ ـــقد ‪ #‬ن الوا حظ ـ ـ ـــوظ حي ٍاة قسـ ـ ـ ـ ـ ـــمةَ‬
‫ِ‬
‫األزل‬

‫قرآن وحكم ـ ـ ـ ـ ـ ــته ‪ #‬ونقل ك ـ ـ ـ ّل حدي ـ ــث الخاتـ ـ ــم الرس ـ ِـل‬
‫فما لنا غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــير ٍ‬

‫ومنـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـعنا ح ـظّنا ح ـ ـ ـتى مـ ــن العمل؟‬


‫ـهم ‪ْ #‬‬
‫هل أجبروك على توفير حظّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫رب ه ع ز وجل‪ ،‬كاش ف الهم وم والغم وم والك روب‬ ‫وأخ يرا اس تغاث الش اعر ّ‬
‫واألح زان‪ ،‬متوس ال ببعض بأس مائه وص فاته‪ ،‬راجي ا من ه الف رج واليسر وكش ف‬
‫‪40‬‬
‫غمومه وهموم اآلخرين مثله من األمة اإلسالمية‪ .‬وعلى هذه الشاكلة نرى قوله‪:‬‬
‫ِ‬
‫الجمل‬ ‫يا خالق الخلق يا رحـ ـ ـمان قاطـ ـ ــبةً ‪ #‬يا من يرى ما خفى يا عالم‬

‫ِ‬
‫بالوجل‬ ‫إني قصدتك بالنجوى التي ُكتـ ـ ـ ـبت ‪ #‬على الرجاء ال ـذي قد شيب‬

‫ِ‬
‫الزلل‬ ‫إن كنت من قال‪:‬ادعوا أستجب لكمُ ‪ #‬فارحم ُعَب ْيدك ذا النجوى وذا‬

‫أصلح له الحال وارفـ ــع مسـ ــتواه إلى ‪ #‬أعلى مكانات من أعليت في ُز ِ‬
‫حل‬

‫يسِّر له العيـ ــش واألرزاق مسـ ـ ــرعة ‪ #‬يا خالق الخلق أدرك صاحب األمـ ِـل‬
‫‪ -5‬اتّصافه بخلق الوفاء‪:‬‬
‫وقد عبر عنه في شعره‪ ،‬من ذلك قصيدته " سفير أهل الدين" التي أنشدها لصديقه‬
‫وحبيب ه الس فير للمغ رب الع ربي عم ر به اء ال دين األم ير ش كرا وم دحا واعتراف ا‬
‫بالجميل‪ ،‬ومكافئ ة لم ا أس دى المم دوح إلى الش اعر من المع روف‪ ،‬ق ائال (من‬
‫‪41‬‬
‫البسيط)‪:‬‬
‫عمر األمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بـ ـ ــهاء الدين والنـ ـ ـ ِ‬
‫ـسب‬ ‫من لي بشكر السفير الشاعر الحلبي‬

‫يسـ ـ ـ ـ ــعى لراح ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهم دوما على ك ـ ِ‬


‫ـثب‬ ‫هو السفير ألهل الدين ينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــصرهم‬
‫ً‬

‫الـم ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ــرب‬ ‫وفاس‬ ‫الرب ــاط‬ ‫إلى‬ ‫أحد يـ ـ ـ ــدري بـمق ـ ـ ـ ــدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنا‬
‫لواله ال ٌ‬
‫العربـِـ ــي‬

‫‪16‬‬
‫ِ‬
‫واألدب‬ ‫أهل الكـ ـ ـ ـ ــرامة واإلح ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان‬ ‫خيار الــمؤمن ـ ـ ـ ــين بـه ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫بــه عرفنا َ‬

‫وزال ما ب ـ ـ ــي مـ ــن هـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـم ّومـ ـ ـ ـ ـ ــن ِ‬


‫تعب‬ ‫ـهم فأحاطوني بلطـ ـ ــفهـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم‬
‫َ‬ ‫قابلتُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬

‫ما كان يسعى لنجح الغـ ـ ــير فـي األرب‬ ‫ـي خيـ ًـرا بالـ ـ ـ ـ ـ ــوفاق ع ـ ــلى‬
‫جزاه ربـ ـ ـ ـ َ‬
‫الذاتـي ولو َّ‬
‫ظل في أقصى ُدجى الكرب‬ ‫يكن ساعيا في نجح مقـ ـ ـ ـ ـصده‬
‫إذ لم ْ‬

‫ودين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه حيث ساءت ثـ ـ ـ ـ ـ ــم لم ِ‬


‫تطب‬ ‫كروبه كلُّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها في حال أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـته‬

‫إال إلي ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانك ال ـ ـ ـ ـ ـصافـي بال ريـَـب‬ ‫هل صرت يا عمر الفاروق مضطهدا‬

‫والنج ِب‬
‫ُ‬ ‫والصالح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين من األبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرار‬ ‫ـداء برسل اهلل قاطب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً‬
‫لك اقت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬

‫ِ‬
‫بالسبب‬ ‫للمحـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنين فأمـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـ ـله‬ ‫تيأسن من رحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة قربـ ـ ـ ْ‬
‫ـت‬ ‫ْ‬ ‫باهلل ال‬

‫رب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك يأتــي منه كالعـ ـ ـ ِ‬


‫ـجب‬ ‫ب ــنصر ِّ‬ ‫وردت‬
‫ْ‬ ‫آيات ٍ‬
‫وعد من الق ـ ـ ـ ـ ـ ــرآن قـ ــد‬

‫يتـ ــبين للقارئ – من خالل هذه األبيات‪ -‬أن الشاعر مسرور ومادح صديقه‬
‫الس فير على أخالق ه النبيل ة‪ ،‬يش كر س عيه ويع ترف بم ا ق دم إلي ه من إحس ان وإ ك رام‬
‫واهتمام ومساعدة عندما زاره في المغرب العربي‪ ،‬فشكره ومدحه ودعا له بحسن‬
‫الجزاء والنصر والرحمة من اهلل عز وجل‪ .‬وقد أعجب الشاعر صنيع صديقه هذا‬
‫مر بهذه التجربة‪.‬‬
‫فتحركت عاطفته وتأثر وجدانه حينما ّ‬
‫ّ‬
‫ويل وح وف اؤه في مدائحه ألم ير إل ورن في قص يدة ل ه بعن وان "أم والي ذا‬
‫ودرب وه‬
‫درس وه ّ‬‫الق رنين"‪ .‬كم ا يل وح في مرثياته لمعارف ه وأحبائ ه وأس اتذته ال ذين ّ‬
‫أمثال‪ :‬وزير بدا‪ ،‬والشيخ آدم نماج الكنوي‪ ،‬فقد رثاهم اإللوري بقصائده‪" :‬يا عين‬
‫‪42‬‬
‫وفاء لهم‪.‬‬
‫و"بلـ ــينا"؛ ً‬
‫ال تبك"‪ ،‬و"هم ــومي"‪ُ ،‬‬
‫الخاتمة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ت ّبين للق ارئ من خالل ه ذا البحث تل ك الب واعث ال تي أث ارت انفع االت األديب‬
‫الشاعر آدم عبد اهلل اإللوري إلى خلق تجاربه الذاتية وغيرها في صياغة شعرية‬
‫أهمها ما يلي‪:‬‬
‫توصل البحث إلى نتائج ّ‬
‫ّ‬ ‫واضحة‪.‬‬
‫حب ه‬
‫أهمها‪ّ :‬‬
‫‪ -‬هناك بواعث تدفع الشاعر آدم عبد الإللوري إلى قول الشعر‪ّ ،‬‬
‫الوطن ووالؤه له‪ ،‬حبه لمركزه‪ ،‬معايشته معاناة المجتمع وآالمه‪.‬‬
‫‪ -‬بعض ه ذه الب واعث يش ّكل عنص ًرا أساس ًيا في شخص يته‪ ،‬ك الحسّ ال ديني‪،‬‬
‫وصفة الوفاء‪.‬‬
‫جلي ا من خالل‬
‫‪ -‬يبدو تأثر الش اعر بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ًّ‬
‫معاني شعره‪.‬‬
‫الهوامش والمراجع‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪-11‬اإللوري‪ ،‬آدم عبد اهلل‪ :‬من هنا نشأت وهكذا تعلمت حتى تخرجت ‪ ،‬مطبعة الثقافة اإلسالمية‪ ،‬أغيغي‪ ،‬الغوس‪ ،‬نيجيريا‪ ،‬ص‪.5 :‬‬

‫‪-22‬النيسابوري‪ ،‬محمد عبد اهلل الحاكم‪ :‬المستدرك على الصحيحينـ‪ ،‬تحقيق مصطفى عبد القادر عطاء‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دت‪ .‬ص‪.86 :‬‬

‫‪ -33‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪( ،‬أ‪.‬د)‪ :‬األدب اإلسالمي في ديوان اإللوري‪ ،‬مطبعة ألبي جمبا‪ ،‬إلورن‪ ،‬ط‪2003 ،2‬م‪ ،‬ص‪.45 :‬‬

‫‪ -44‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.48 :‬‬

‫‪ -55‬شبرو‪ ،‬عبد الكريم‪ :‬التجربة الشعرية عند أبي القاسم سعد اهلل‪ ،‬رسالة مقدمة لنبل درجة الماجستير في األدب العربي الحديث‪ ،‬قسم اللغة العربية وآدابها‬
‫بجامعة الحاج الخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪2006/2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.27 :‬‬

‫‪ -66‬شبرو‪ ،‬عبد الكريم‪ :‬التجربة الشعرية عند أبي القاسم سعد اهلل‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.28 :‬‬

‫‪ -77‬الورقي‪ ،‬السعيد‪ :‬لغة الشعر العربي الحديث‪ :‬مقوماتها الفنية وطاقاتها اإلبداعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬طا‪ .1984 ،3‬ص‪.34 :‬‬
‫‪ -88‬الورقي‪ ،‬السعيد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.38 :‬‬

‫‪ -99‬الورقي‪ ،‬السعيد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.39 :‬‬

‫‪ -1010‬هو أرطاة بن زفر بن عبد اهلل المري‪ ،‬ابن سهية‪-‬وهي أمه‪-‬بنت زامل‪ .‬ش اعر من فرسان الجاهلية‪ ،‬عاش قريبا من نصف عمره في اإلسالم‪ ،‬وأدرك‬
‫خالفة عبد الملك وعمره ‪ ،130‬وأنشده من شعره‪ ،‬مات سنة ‪65‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬األعالم‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1997 ،12‬م‪ .‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.288 :‬‬

‫‪ -1111‬ابن قتيبة‪ ،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ ،‬الشعر والشعراء‪ :‬دار الحديث‪ ،‬ط‪1418 ،2‬هـ‪ .‬ج‪ ،1‬ص‪.57 :‬‬

‫‪ -1212‬الرحيلي‪ ،‬ماهر بن مهل‪ :‬التجربة بين أحمد شوقي وأحمد الغزاوي‪ ،‬مكتبة كنوز المعرفة‪ ،‬المدينة المنورة‪1427 ،‬هـ‪ ،‬ص‪.42 :‬‬

‫‪ -1313‬الرحيلي‪ ،‬ماهر بن مهل‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.44 :‬‬

‫‪ -1414‬هو عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪ ،‬من أئمة األدب ومن المصنفين المكثرين‪ .‬ولي قضاء الدينور مدة فنسب إليها‪ .‬توفي ببعداد سنة ‪ 276‬هـ‪ .‬من‬
‫كتبه‪ :‬أدب الكاتب‪ ،‬والمعارف‪ ،‬والمعاني‪ ،‬و عيون األخبار‪ ،‬والشعر والشعراء‪ ،‬وتأويل مشكل القرآن‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬األعالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.127 :‬‬

‫‪ -1515‬ابن قتيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54 :‬‬

‫‪ 16-16‬الرحيلي‪ ،‬ماهر بن مهل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47 :‬‬

‫‪17-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.48 :‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪ -1818‬الورقي‪ ،‬السعيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68 :‬‬

‫‪ -1919‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.70:‬‬

‫‪ -2020‬أغاك عبد الباقي شعيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59:‬‬

‫‪ -2121‬عبد اهلل‪ ،‬ثوبان آدم‪ :‬ديوان العالمة اإللوري ‪ ،‬مطبعة مركز العلوم العربية واإلسالمية‪ ،‬أوتوبو‪ ،‬أغيغي‪ ،‬الغوس‪ ،‬نيجيريا‪ ،‬ط‪ ،2‬هـ‪2012 – 1433‬م‪،‬‬
‫ص‪.47:‬‬
‫‪ -2222‬وهذا من أسباب تأليف كتابه المسمى‪" :‬اإلسالم والتقاليد الجاهلية في نيجيريا"‪ ،‬ففيه ذكر هذه العادات السيئة بالتفصيل‪ ،‬ومعاتبة أهلها‪ ،‬وذكر موقف‬
‫الشرع منها‪ .‬راجع اإللوري‪ ،‬آدم عبد اهلل‪ :‬اإلسالم والتقاليد الجاهلية في نيجيريا‪ ،‬مطبعة المدني بمصر‪ ،‬ط‪1991 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ -2323‬عبد اهلل‪ ،‬ثوبان أدم‪ :‬ديوان العالمة اإللوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18:‬‬

‫‪ -2424‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.19 – 18:‬‬

‫‪ -2525‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89:‬‬

‫‪ -2626‬عبد اهلل‪ ،‬ثوبان آدم‪ :‬ديوان العالمة اإللوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23:‬‬

‫‪ -2727‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54:‬‬

‫‪ -2828‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.33:‬‬

‫‪ -2929‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.109:‬‬

‫‪ -3030‬عبد اهلل‪ ،‬ثوبان آدم‪ :‬ديوان العالمة اإللوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26:‬‬

‫‪ -3131‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.44:‬‬

‫‪ -3232‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.56:‬‬

‫‪ -3333‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.57:‬‬

‫‪ -3434‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25:‬‬

‫‪ -3535‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54 – 53:‬‬

‫‪ -3636‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.209:‬‬

‫‪ -3737‬منهم الخليفة الطاهر األول‪ ،‬والشيخ عيسى في صكتو‪ ،‬وآدم كرا وبنوه من قوات إمارة إلورن‪ ،‬انظر‪ :‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.216‬‬

‫‪ -3838‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.216:‬‬

‫‪ -3939‬أغاك‪ ،‬عبد الباقي شعيب‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.218:‬‬

‫‪ -4040‬عبد اهلل‪ ،‬ثوبان آدم‪ :‬ديوان العالمة اإللوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32:‬‬

‫‪ -4141‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32:‬‬

‫‪ -4242‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ ،19:‬و‪ ،34 – 33‬و‪.44 – 43 ،42 – 40‬‬

You might also like