You are on page 1of 10

‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................

‬للدكتور رضا عامر‬

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬


‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية‬
‫المركز الجامعي عبد الحفيظ بو الصوف‪ -‬ميلة‪.‬‬

‫محاضرات في (مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر)‬


‫السنة األولى ماستر تخصص أدب جزائري (السداسي األول)‬
‫المحاضرة رقم‪6+5+4 :‬‬
‫تقديم ‪:‬‬
‫د‪ /‬رضا عامر‬

‫السنة الجامعية‪2021 /2020 :‬م‬

‫‪1‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫المحاضرة رقم (‪ )04‬الشعر المغاربي التقليدي‬


‫شعر األمير عبد القادر الجزائري‬
‫‪ -1‬األنساق الرمزية‪ 5‬الصوفية في قصيدة(تجلي المحبوب) وإ شكالية القراءة‪:‬‬
‫تبدو األنساق الرمزية الصوفية التي طرحها الشعر الصوفي لدى األمير عبد القار‪،‬‬
‫وم ا يحمل ه ديوان ه من تيم ات وأنس اق ثقافي ة متع ددة ت دل على نب وغ الش اعر في ت اريخ‬
‫التصوف والسير على خطى المبدعين األوائل نحو الحالج وابن عربي و عمر الخيام في‬
‫رباعياته ‪،‬وتقمص تلكم الحاالت النفسية من اإللهام والتحلل في ذات المحبوب ‪،‬والنهل من‬
‫مدام ة العش ق‪ ،‬فك ل ه ذا ك ان ل ه األث ر الكب ير " الت أثر بمقام ات الطري ق الص وفي وآداب‬
‫مريديه"(‪،)1‬وهذا التصور المقامي ساهم بشكل كبير في إطّالع األمير عبد القادر الجزائر‬
‫على الفك ر الص وفي الع ربي ‪،‬ومعرف ة هويت ه الفكري ة والحض ارية كف رد يبحث عن هويت ه‬
‫التاريخي ة واألدبي ة رغم التب اين الكب ير بين ه‪،‬وبين ال تراث الع ربي الص وفي وإ نتمائ ه القبلي‬
‫المغاربي "ليقف الشعر الصوفي على نقل معاناة تأملية مجردة تجري داخل الذات‪،‬فوصف‬
‫أحوال الجذب التي تتعاور هذه الذات وهي في طريقها إلى اهلل" (‪.)2‬‬
‫‪ -‬أوالً‪ -‬نص القصيدة الصوفية( تجلي المحبوب)‪:‬‬
‫فأعجبه أراه من حيث ال أرى‬ ‫"تجلى له المحبوب من حيث يرى‬
‫وزال حجاب البين وانحسم المرا‬ ‫وغيبتي به فغاب رقيبنا‬
‫وقد كان غائبا وقد كان حاضرا‬ ‫فصرت أراه كل حين ولحظة‬
‫تنافرا‬
‫لضدين من كل الوجوه ً‬ ‫وماعرف الخالق إال يجمعه‬
‫سمعا وباصرا‬
‫وقربني فكان ً‬‫ّ‬ ‫وواصلني فال تناكر بعد‬
‫بسر حكى لطف النسيم إذا سرا‬ ‫أسر إلى حيث البين بيننا‬
‫ّإني قد اخنرت قد اصطفيت بال أمترا‬ ‫والطفني بقوله الحق معلنا‬
‫تمتع وكحل بالجمال نواظرا‬ ‫وباسطني باما ألذه قائال‬
‫‪ )1‬عدنان حسني العوادي‪ ،‬الشعر الصويف حىت أفول مدرسة بغداد وظهور ‪ ،‬ص‪.259‬‬
‫‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪2‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫وكان جمالي بالحجاب مسترا‬ ‫فقد طالما قد كنت تصبو إلى اللقا‬
‫وكم من شهيد مات بالشوق وألفنا محب لذاك الحسن لو كان قدرا‬
‫لبعض الذي شاهدت مات فأقبرا‬ ‫وكم من شهيد للغرام مشاهد‬
‫في ليلي فمات والها متحيرا‬ ‫وذا قيس عامر تخيل نورنا‬
‫إليك فحدث عن عطاي مخبرا‬ ‫لقد سبقت بالفضل منا عناية‬
‫وكن فرحا بالوصل هلل شاكرا‬ ‫وغن ودندن التمل لمفند‬
‫أبحنا لك الذي ترى جل ماترى‬ ‫تمل وقر عينا وأنعم بوصلنا‬
‫فمن له مثل ذا يكن بذا أجدرا‬ ‫وته وتدلل أنت أهل لكل ذا‬
‫فكان الذي قد كان من مسطرا‬ ‫وقد شرب الحالج كاس مدامة‬
‫وكأسا وكأسا شيا ما أنا حاضرا‬ ‫وإ ني شربت الكأس والكأس بعده‬
‫له زدني ماينفك قلبي مسعرا‬ ‫ومازال يسقيني وما زلت قائال‬
‫وصلت إلى ال أين حقا والورا‬ ‫وفي الحال حال السكر والمحو والفنا‬
‫(‪)3‬‬
‫صقت ودك طورنا جرى ماجرى"‬ ‫أنا المسوي األحمدي وراثة‬
‫لقد تعددت األنساق الرمزية الصوفية في قصيدة (تجلي المحبوب)‪،‬حيث كانت تدور‬
‫المحب(العاشق) وذات‬
‫ّ‬ ‫ح ول األنس اق الص وفية الروحاني ة المترامي ة األط راف بين ذات‬
‫المحب وب(المعش ‪55‬وق)‪ ،‬وك ّل تل ك األنس اق الص وفية ظاهره ا وباطنه ا تجس دت في متن‬
‫أن أدب‬
‫معا‪،‬كما ّ‬
‫القصيدة حيث كان "شعر الصوفية يمثل واقعهم‪،‬فهو شعر وجداني وفلسفي ً‬
‫الصوفية يمتزج بالفلسفة مثلما الفلسفة الصوفية تجنح لألدب"(‪)4‬وعليه بقيت مسألة األنساق‬
‫الص وفية في الثقاف ة العربي ة اإلس المية داخ ل النص الش عري متع ددة فني ة وجمالي ة‬
‫متباين ة‪،‬وم ا تحملت ه تلكم األنس اق من حم والت متداخل ة داخ ل بني ة النص األدبي لتش كل‬
‫مفارق ة كب يرة في التلقي له ذا ال تراث المش حون بتع دد ثق افي إنس اني كب ير‪،‬وه ذا ماجس دته‬
‫يجا‬
‫"أن التش كيالت الجمالي ة والص ور الفني ة ال تي تمث ل نس ً‬
‫قص يدة(تجلي المحب‪55‬وب) إ ْذ نج د ّ‬
‫كلي ا لتل ك النص وص‪،‬ليس ت س وى مظه ر وهمي خ ادع يض مر في جوانيت ه أنس اقًا مخاتل ة‬ ‫ً‬

‫‪ )3‬العريب دحو‪،‬ديوان الشاعر األمري عبد القادر اجلزائري(مجع‪،‬حتقيق‪،‬شرح)‪ ،‬منشورات ثالة‪ -،‬اجلزائر‪،‬ط‪2007 ،1‬ص‬
‫‪121،122‬‬
‫والتصوف عند العرب‪ ،‬شركة املطبوعات للتوزبع‪ E‬والنشر‪،‬بريوت‪،‬لبنان‪،‬ط‪،1999 ،1‬ص‪.71‬‬
‫ّ‬ ‫اآللوسي‪،‬احلب‬
‫ّ‬ ‫‪ )4‬عادل كامل‬
‫‪3‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫تتعل ق ب المجتمع والثقاف ة واألي ديولوجيا"(‪،)5‬فعالً فنص القص يدة يض مر في طيات ه الكث ير من‬
‫أنساق ثقافة المجتمع الصوفي العربي اإلسالمي‪.‬‬
‫وعلي ه تبقى إش كالية تلقي ال تراث الن ثري الع ربي الق ديم من مؤسس ة النق د الع ربي‬
‫ديا كب ًيرا لماخلق ه من مفارق ات متباين ة بين النق اد‬
‫هاجس ا نق ً‬
‫ً‬ ‫تاريخي ا ش ّكل‬
‫ً‬ ‫الح ديث مأزقً ا‬
‫أن"الظ روف التاريخي ة الخاص ة بك ل ثقاف ة‬ ‫أنفس هم‪،‬وآلي ة التج اوب النق دي الس ليم خاص ة ّ‬
‫والنت ائج المترتب ة عليه ا ت ؤثّر في تش كيل المف اهيم والمن اهج"(‪،)6‬ال تي يجب أن تح دث فرقً ا‬
‫جوهريا في عملية قراءة التراث قراءة واعية تقوم على منهج سليم تتحدد من خالله العديد‬ ‫ً‬
‫من التج ارب النقدي ة المناس بة لعملي ة التلقي‪،‬وم ع ذل ك كل ه تبقى مس ألة المنهج ت ؤرق النق د‬
‫الع ربي بوج ه خ اص في عملي ة تلقي ال تراث الع ربي الق ديم‪،‬وتج اوب المنهج وأدوات ه‬
‫اإلجرائية في عملية القراءة‪.‬‬
‫‪-‬ثانيا‪ -.‬األنساق الرمزية‪/‬المقامية‪ 5‬في القصيدة‪:‬‬
‫ً‬
‫إن معضلة استخدام المنهج‪ ،‬وأدواته اإلجرائية تبقى مسألة بحاجة إلى إعادة النظر‬
‫ّ‬
‫من ط رف النق د الع ربي‪،‬والتنظ ير له ا بش كل يس مح له ا ب الخروج من م أزق الخ وف‪،‬‬
‫والتحجيم ال ذي ص احب عملي ة ق راءة ال تراث الن ثري على وج ه خ اص‪،‬وه ذا م ادفع بالنق د‬
‫قاطب ا بض رورة التف اؤل في ق راءة ال تراث الع ربي دون ه واجس تح ّد من قيم ة‬
‫الع ربي ً‬
‫الق راءة‪،‬ومرجعيته ا الفلس فية أو المعرفي ة بش كل ع ام‪،‬إذ يجب على الناق د الح اذق أن‬
‫ون"واعي ا وف اعالً وبش كل خ اص في تمثل ه لتض اريس ه ذا المش هد المنهجي ة واإلجرائي ة‬
‫ً‬ ‫يك‬
‫ومحاولته بلورة رؤيا نقدية‪-‬أو مجموعة رؤى نقدية‪ -‬تفصح عن خصوصيته وجديته في‬
‫إيص ال القطيع ة المعرفي ة ال تي ب دأت على أي دي المفك رين والنق اد النهض ويين الع رب إلى‬
‫نهايته ا المنطقي ة"(‪،)7‬وم ع ذل ك كل ه بقيت مس ألة التلقي مش كلة عويص ة في النق د الع ربي‬
‫المعاص ر ل تراث ض خم متن وع يس وده االختالف المتب اين في الش كل والمض مون‪،‬وعن د‬

‫‪ )5‬يوسف عليمات‪ ،‬النسق الثقايف(قراءة يف أنساق الشعر العريب القدمي)‪،‬منشورات وزارة الثقافة‪،‬عمان‪ -‬األردن‪،‬ط‪،1‬‬
‫‪،2013‬ص‪.111‬‬
‫‪ )6‬مسري سعيد‪،‬مشكالت احلداثة‪ ،‬الدار الثقافية للنشر‪،‬القاهرة‪،‬مصر‪،‬ط‪،2002 ،1‬ص‪.40‬‬
‫‪ )7‬فاضل ثامر‪،‬اللغة الثانية إشكالية املنهج والنظرية واملصطلح يف اخلطاب النقدي العريب احلديث‪،‬املركز الثقايف العريب ‪،‬الدار‬
‫البيضاء‪،‬املغرب‪،‬ط‪ ،1994، 1‬ص‪.82‬‬
‫‪4‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫عودتنا لقصيدة(تجلي المحبوب) لألمير عبد القادر الجزائر نجد هناك نسقين صوفين في‬
‫الحب)‪،‬ونسق(الخمر)‪.‬‬
‫القصيدة هما نسق( ّ‬
‫الحب‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ -‬نسق رمز‬
‫متوزاي ا م ع نس ق خ طّ‬
‫ً‬ ‫الحب في قص يدة (تجلى المحب‪55‬وب) نس قًا‬
‫ّ‬ ‫يب دو النس ق مق ام‬
‫القصيدة لما فيها من تعدد ثقافي صوفي‪ ،‬واجتماعي وثّقه الشاعر فهو شاعر عاشق مولع‬
‫يحب‪،‬حيث تم اهى في عش قه "فحب ّ أه ل التص وف‪ ،‬ارتح ال عن ال ذات‪،‬وخالص من‬
‫بمن ّ‬
‫نبيل‪،‬وجود بالنفس هو أسمى غاية الوجود"(‪،)8‬وهذا ماجسده الشاعر‬
‫ٌ‬ ‫سجن الجسد‪،‬وعذاب‬
‫األمير عبد القادر الجزائري في قصيدته حيث يقول‪:‬‬
‫تنافرا‬
‫لضدين من كل الوجوه ً‬ ‫***‬ ‫"وما عرف الخالق إال يجمعه‬
‫(‪)9‬‬
‫سمعا وباصرا"‬ ‫وقربني‪ 5‬فكان ً‬
‫ّ‬ ‫***‬ ‫و واصـــــــــلني فال تناكر بعد‬
‫سما زعافً ا مازال يؤرق‬
‫ولع ّل صورة العشق والهيام في ذات المحبوب قد أصبحت ً‬
‫الشاعر خاصة حين يزوره طيف المحبوب‪،‬ويتواصل معه‪،‬ومع ذلك نجد" الصوفي يعرف‬
‫الحب ال ذي ينتهي عن ده بالتوح د‬
‫ّ‬ ‫من أبن يب دأ لكن ه اليع رف إلى أين ينتهي‪ ،‬إالّ في‬
‫بالمحبوب"(‪،)10‬وهذه الصورة هي معادل موضوعي للحلول والذوبان في المحبوب وهو اهلل‬
‫الحب‪،‬وفي هذا يقول الشاعر‪:‬‬
‫ّ‬ ‫خالق البرية‪،‬وهي آخر مقامات‬
‫"وكم من شهيد مات بالشوق وألفنا *** محب لذاك الحسن لو كان قدرا‬
‫لبعض الذي شاهدت مات فأقبرا‬ ‫***‬ ‫وكم من شهيد للغرام مشاهد‬
‫(‪)11‬‬
‫في ليلي فمات والها متحيرا"‬ ‫***‬ ‫وذا قيس عامر تخيل نورنا‬
‫وهنا نجد األمير عبد القادر الجزائري مولع بحب الينتهي وصله لكون نار الجوى‬
‫فناءا‪،‬وتبقى مسألة عشق المحب وب‬ ‫تلفح روحه التي باتت بيد المعشوق الذي في قربه يزداد ً‬
‫وتجلي ص وره ع بر آه ات ال روح هي نقط ة الوص ل بين ع الم الواق ع والالواق ع فيص بح‬

‫اآللوسي‪،‬احلب والتصوف عند العرب‪،‬ص‪.77‬‬


‫ّ‬ ‫‪ )8‬عدل كامل‬
‫‪ )9‬الديوان‪،‬ص‪.121‬‬
‫والتصوف عند العرب‪،‬ص‪.75‬‬
‫ّ‬ ‫اآللوسي‪،‬احلب‬
‫ّ‬ ‫‪ )10‬عادل كامل‬
‫‪ )11‬الديوان‪،‬ص‪.122‬‬
‫‪5‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫العاش ق في حال ة تش ظي لذات ه ال تي تبقى تت أرجح بين اآله ات ت ارة والم نى والتم ني في‬
‫المحب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الوصل والتحلل في‬
‫ب ‪ -‬نسق رمز(الخمرة) السكر‪:‬‬
‫إن نسق التعلق برمز بالخمر هي صورة نفسية وتنفسية في اآلن نفسه لكون شهيد‬ ‫ّ‬
‫الغ رام مع ادل موض وعي لن ديم الخم ر‪،‬ف الخمرة ال تي فتن به ا الش عراء واألم راء‪،‬وتل ذذ في‬
‫وصفها الشعراء والغانيات خاصة شاعر الخمريات أبي نواس من خمرة حمراء وصفراء‬
‫ب في ال راح ت ارة وفي األق داح ت ارة أخ رى لينتهي بالص وفي إلى‬
‫دنيوي ة فاني ة ل ذاتها تُص ّ‬
‫البحث عن خم رة روحي ة ليس له ا وج ود م ادي‪،‬هي خم رة أه ل الجن ان تفوقه ا ل ذة‬
‫وفتنة‪،‬وهي المقصودة في ذاتها ولذاتها عند المتصوفة‪،‬ولع ّل نسق مقام الخمر عند األمير‬
‫عبد القادر الجزائري نجده"اليخلو من الشطح الصوفي‪،‬فهي خمر خاصة بالقوم‪،‬ألنها من‬
‫مدامة خالصة صرفة لم تختلط بأية مادة تحيلها إلى خمر مادية(‪ )...‬فهي من النوع الذي‬
‫(‪)12‬‬
‫اليعرف له مصدر وال أصل"‬
‫وفي هذا المقام يقول األمير عبد القادر‪:‬‬
‫وكأسا وكأسا شيا ما أنا حاضرا‬ ‫" وإ ني شربت الكأس والكأس بعده ***‬
‫له زدني ماينفك قلبي مسعرا‬ ‫***‬ ‫ومازال يسقيني وما زلت قائال‬
‫(‪)13‬‬
‫وفي الحال حال السكر والمحو والفنا *** وصلت إلى ال أين حقا والورا‪" ‬‬
‫وفي نهاي ة األم ر نج د الص وفي يعيش ح االت من الالوعي والفن اء ال ذاتي بحثً ا عن‬
‫الخالص مثل ه مث ل المس يحي ال ذي يتجلى ل ه الس يد المس يح ليخلص ه من آثام ه وذنوب ه‬
‫تدريجيا للتطهير واألمر نفسه عند المتصوفة فالحلول في ذات المحب والذات اإللهية هو‬
‫ً‬
‫نوع من الخالص الروحي والنفسي لكل األسقام‪.‬‬
‫*‪ -‬خاتمة‪:‬‬
‫جانب ا‬
‫وتبقى ج ّل تل ك المقام ات الص وفية ال تي ذكره ا نص (تجلي المحب‪5‬وب) يمث ل ً‬
‫هام ا من الثقاف ة الص وفية العربي ة اإلس المية عام ة والثقاف ة الص وفية الجزائري ة المغاربي ة‬

‫‪ )12‬نور الدين صدار‪،‬البطولة‪ ،‬اإلنسان‪،‬والتصوف‪،...‬جملة دراسات للعلوم‪ E‬اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬مج‪،37‬ع‪ ،2‬اجلامعة‬
‫األردنية‪ ،‬األردن‪ ،‬سنة‪،2010‬ص‪.387‬‬
‫‪ )13‬الديوان‪،‬ص‪.122‬‬
‫‪6‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫على وج ه الخص وص‪ ،‬فك انت ص وفية الش اعر الجزائ ري األم ير عب د الق ادر هي امت داد‬
‫صريح للثقافة العربية اإلسالمية بشكل ملفت للنظر من طرف النقاد‪ ،‬فقد شرب هو اآلخر‬
‫من راح التصوف نفسها حتى الثمالة‪.‬‬

‫*‪ -‬المحاضرة رقم (‪-)05‬الشعر المغاربي الرومانسي‬

‫شابي‪ :‬تحليل نصوص‬


‫شاعر أبو القاسم ال ّ‬
‫ال ّ‬

‫كانت ج ّل قصائد الشابي تفوح منها رائحة الحزن والكآبة واأللم‪،‬فهو شاعر الحزن‬
‫بال من ازع فج ّل حيات ه ك انت‪» ‬مليئ ة بالش قاء واأللم‪،‬ع امرة ب األحزان واألت راح‪،‬طافح ة‬
‫بالحرمان والتعاسة مغمورة بالكآبة واألسى(‪ 5،« )1‬ومن ذلك نسوق بعض األبيات الشعرية‬
‫التي تشير إلى مظاهر الحزن بشكل أوضح نحو‪ :‬قص يدة"أغنية األحزان" من ديوان ه"أغ‪55‬اني‬
‫الحياة" حيث يقول فيها‪:‬‬

‫طمت ُّ‬
‫كف األسى قيثارتي‬ ‫حّ‬

‫في يدي األحالم‬

‫الغر ْام‬
‫أناشيد َ‬
‫َ‬ ‫فقضت صمتًا‬

‫ِ‬
‫أزهار الخريف الذاويه‬ ‫بين‬

‫االكتئاب‬
‫ْ‬ ‫وتالشت في سكون‬
‫ْ‬
‫(‪)2‬‬
‫الغريد‬
‫كصدى ِّ‬

‫يحب‪،‬فيقول‪:‬‬
‫وفي قصيدة "مأتم القلب" نجده يصرخ باكيا لفقده من ّ‬

‫‪» ‬فأنادي‬

‫يافؤادي‬

‫‪7‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫الحبيب‬
‫ْ‬ ‫ضم‬
‫حد قد ّ‬
‫مات من تهوى وهذا اللّ ُ‬

‫الكئيب‬ ‫الح ِّب‬ ‫ِ‬


‫ْ‬ ‫فيك من ُ‬
‫ياقلب‪ ! ‬بما َ‬
‫ُ‬ ‫فابك‬

‫(‪)3‬‬
‫وحيد‪ « ‬‬
‫ْ‬ ‫ياقلب‪! ‬‬ ‫ِ‬
‫إبك‬
‫ُ‬

‫أما في قصيدة "قلب الشاعر" نجده يصور الوجود وك ّل معالم الطبيعة و يختصرها‬
‫ّ‬
‫في قلبه الصغير الذي يحمل العديد من اآلالم‪،‬واآلهات التي تصور تلكم الصور والمشاهد‬
‫المتراكمة في قلبه المثْخن بالجراحات فيقول‪:‬‬

‫الوجود‬
‫ْ‬ ‫حام على هذا‬
‫قام أو َ‬
‫َ‬ ‫***‬ ‫دب وما‬
‫ماهب وما َّ‬
‫َّ‬ ‫ك ّل‬

‫تميد‬
‫وينابيع وأغـــــــــــــــــــــصان ْ‬ ‫***‬ ‫من طيور وزهور وشذى‬

‫الوجود‬
‫ْ‬ ‫وأطياف‬
‫ُ‬ ‫الموت‬
‫ُ‬ ‫ص‬
‫يرقُ ُ‬ ‫***‬ ‫هاهنا في قلبي الرحب العمي ِ‬
‫ق‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫الورود‬
‫ْ‬ ‫آالم‬
‫تــــــــــــخفق ُ‬
‫ُ‬ ‫ها ه َنا‬ ‫***‬ ‫تعصف أهوا ُل الدجى‬
‫ُ‬ ‫هاهنا‬
‫ُ‬

‫لق د مثلت قص ائد "أب ‪55‬و القاس ‪55‬م الش ‪55‬ابي" كم ا أورد "ش ‪55‬لتاغ عب ‪55‬ود" « قم ة التط ور‬
‫(‬
‫الرومانس ي في الش عر الح ديث‪ ،‬من حيث الموض وعات واألداء اللّغ وي والتص ويري«‬
‫‪،)5‬وي ورد "علي علي مص‪55‬طفى ص‪55‬بح" في كتاب ه "من األدب الح‪55‬ديث" مجموع ة من أه داف‬
‫مدرسة أبولو الشعرية‪،‬والتي منها‪ «:‬السمو بالشعر العربي (‪ )...‬ومناصرة النهضات الفنية‬
‫في عالم الشعر‪ ،‬وترقية مستوى الشعراء ماديا وأدبيا واجتماعيا‪ ،‬والدفاع عن ك رامتهم«(‪،)6‬‬
‫كال ومض مونًا‪ ،‬فمن حيث‬
‫وق د ظه رت مع الم الرومانس ية جلي ا في ش عر "جماع‪55‬ة أبولو" ش ً‬
‫أهمها‪ :‬اهتمامهم ب المرأة والحبّ‪،‬‬
‫المحتوى يذكر "إبراهيم خليل" مجموعة من المالمح كان ّ‬
‫وإ ض فاء الط ابع ال روحي على ه ذا الحبّ‪ ،‬ومنهم أب و القاس م الش ابي‪،‬كم ا يتص ل ش عرهم‬
‫مم ا جعله يتميز بكثرة الشكوى والتشاؤم‪ ،‬حيث عادوا إلى‬
‫بالحنين إلى موطن الذكريات‪ّ ،‬‬
‫(‬
‫ظموا ألجل فلسطين‪ ،‬الشعر الوطني‬
‫شعر الريف‪ ،‬واقترب بعضهم من الشعر الصوفي‪ ،‬ون ّ‬
‫‪.)7‬‬

‫‪8‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫أم ا من ناحية الشكل‪ ،‬فيذكر أيضا التوسع في نقل األلفاظ من مجال استعمالها القريب‬
‫ّ‬
‫المألوف إلى مجاالت أخرى عن طريق االنزياح‪ ،‬إضافة إلى نزوعهم للتشخيص والتجسيم‬
‫بنقل األمر المعنوي من مجاله التجريدي إلى مجال آخر حسي‪ ،‬كما اعتمدوا على إحالة‬
‫اللغة الشعرية إلى تعبير بالصور‪،‬هذا ناهيك عن ظهور التعابير الرمزية في شعرهم‬
‫خاصة ما يتصل منها بالطبيعة (‪،)8‬وكيفية التواصل معها‪،‬والذوبان في جنانها‪.‬‬

‫‪*-‬الهوامش‪:‬‬

‫‪ )1‬أبو القاسم محمد كرو‪ :‬الشابي( حياته وشعره)‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬ط‪ ،1954 ،1‬ص‪.35‬‬
‫‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪..214‬‬ ‫‪)4‬‬

‫شراد‪ :‬تطور الشعر العربي الحديث‪،‬الدوافع المضامين الفن‪ ،‬دار مجدالوي للنشر‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬
‫شلتاغ عبود ّ‬
‫‪)5‬‬

‫‪ ،‬ط‪ ،2000 ، 1‬ص‪.155‬‬


‫علي علي مص طفى ص بح ‪ :‬من األدب الح ديث في ض وء الم ذاهب األدبي ة والنقدي ة‪ ،‬دي وان المطبوع ات الجامعي ة‪ ،‬بن‬ ‫‪)6‬‬

‫عكنون ‪ ،‬الجزائر‪،‬ط‪ ،1984 ،1‬ص‪. 53‬‬


‫‪ )7‬إبراهيم خليل‪ :‬مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث ‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬األردن‪،‬ط‪.2003 ،1‬ص‬
‫‪. 184 ،183‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.184‬‬ ‫‪)8‬‬

‫‪9‬‬
‫محاضرات مقياس األدب المغاربي الحديث والمعاصر‪...............................‬للدكتور رضا عامر‬

‫*‪-‬المحاضرة (‪ )06‬الشعر المغاربي الثوري‬

‫شاعر الليبي (علي الفزاني)‬


‫‪ -‬ال ّ‬

‫الش عري في القص يدة‬


‫الش اعر اللّي بي (علي الف‪55‬زاني) ص ورة أخ رى للتج ريب ّ‬
‫يع ّد ّ‬
‫كليا عن تجربة ال ّشعر المشرقي لكون الهم وم‬
‫المعاصرة‪ ،‬ومع ذلك تجربته ال ّشعرية تختلف ً‬
‫والمآس ي في بالد المغ رب الع ربي له ا طابعه ا الخ اص‪ ،‬حيث غلبت الن برة الص وفية على‬
‫والحس الثّ وري ت ارة ثاني ة ‪،‬وه ذا م ا خل ق عن ده هال ة من القداس ة وج د فيه ا‬
‫ّ‬ ‫ش عره ت ارة‪،‬‬
‫المب دع‪ ،‬والمتلقي ض الته‪،‬وق د ص ور(على الف‪55‬زاني) مأس اة اإلنس انية بع د خس ارتها للبط ل‬
‫الثائر (جيفارا) قاهر األمبريالية األمريكية في العالم‪ ،‬في قصيدة ( موت جيفارا)‪،‬إ ْذ يقول‪:‬‬
‫" بندقية‬
‫وحمامه‬
‫الدع ِل على ُغ ِ‬
‫صن خميله‬ ‫المصلوب في ْ‬
‫ُ‬ ‫وأخي‬
‫عار هذا العصر‪ :‬أن تبكي‪ ...‬ولكن‪...‬‬
‫ُ‬
‫داعر عالمنا يا صاحبي‬
‫ٌ‬
‫(الفزاني‪،1975،‬ص‪)125‬‬
‫واألرض مألى بالفضائح‪" !! ‬‬
‫ُ‬ ‫داعر عالمنا‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وميضا من المشاهد الطيفية‬
‫ً‬ ‫لقد تطورت القصيدة العربية المعاصرة ‪،‬وباتت‬
‫الفلسفية‪،‬والصور الصوفية والرموز واألساطير واألقنعة التي أصبحت تشكل في النهاية‬
‫فسيفساء للنص المعاصر المحمول بمختلف المرجعيات والفلسفات والرؤى الفكرية التي‬
‫ارتسمت في هذه التجربة الرائدة ‪،‬فأعطتها الدهشة‪،‬الحيرة ‪ ،‬الغرائبية الخرق‪،‬وقد سرى في‬
‫هذه الموجة نخبة من شعراء‬

‫‪10‬‬

You might also like