You are on page 1of 31

‫األسلوبية‬

‫دراسة يف قصيدة «ملحة الصمود» لسمري العمري‬


‫من إ عداد وتقدمي‪:‬‬
‫منرية حفصة‪ ،‬اإلدرييس رقية‪ ،‬هيبة إ ميان ‪،‬ظافر فاطمة الزهراء‪ ،‬الكشتاف سفيان‬
‫األسلوب لغة واصطالحا‪:‬‬
‫‪‬من حيث اللغة‪:‬‬
‫يعرفه ابن منظور بقوهل‪" :‬يقال للسطر من النخيل أسلوب" ولک طريق ممتد فهو أسلوب‪ ،‬األ سلوب الطريق والوجه‪ ،‬واملذهب‪ ،‬يقال أنمت‬
‫يف أسلوب سوء‪ ،‬وجيمع أســاليب واألسلوب الطريق تأخذ فيه‪ ،‬واألسلوب الفن‪ ،‬يقال أخذ فالن أساليب من القول أي‪ :‬أفانني منه وإ ن‬
‫أنفه ألســلوب إ ذا اکن متكربا‪ .‬فاألسلوب من زاوية هذا الطرح لفظ استعمل يف غري ما وضع هل أصًال من قبيل اجملاز فانتقل مفهومه عن‬
‫املدلول املــادي اذلي يوازي "ســطر النخيل" أو "الطريق" إ یل معناه املعنوي املتعلق بأســاليب القــول وأفانينه‪ ».‬ابن منظور‪١٩٩٤ ،‬م‪:‬‬
‫‪ ،١٧٨‬لقد أفیض تعريف ابن منظور لأل ســلوب إ یل معان كثرية تصب يف حقل داليل واحد هو‪« :‬التآلف املفيض إ یل الانسجام والنسق‬
‫املفيض إ یل حسن الانتظام والامتداد املفيض إ یل طول النفس‪ ،‬ووراء معین األسلوب‪ ،‬والكهام من مودلات التآلف والنسق والامتداد‪».‬‬
‫‪:‬األسلوب لغة واصطالحا‬
‫‪‬من حيث الاصطالح‪:‬‬
‫ولعل أدق تعريف لأل سلوب يرجع إ یل "ابــن خدلون" اذلي يقول يف مقدمته عن األسلوب‪« :‬إ ّنه عبارة عن‬
‫املنوال اذلي تنسج فيه الرتاكيب أو القالب اذلي يفــرغ فيه‪ ،‬وال يرجع إ یل الالکم ابعتبار إ فادته کامل املعىن من‬
‫خواص الرتکيب اذلي هو وظيفة البالغة والبيان‪ ،‬وال ابعتبار الوزن کام اســتعمهل العرب فيه اذلي هو وظيفة‬
‫العروض‪ ،‬وإ منا يرجع إ یل صورة ذهنية للرتاكيب املنتظمة ابعتبار انطباقها عیل ترکيب خاص‪».‬‬
‫مفهوم األسلوبية‪:‬‬

‫يعرف «بيري جريو» األسلوبية بقوهل‪ « :‬فاألســلوبية اليوم يه‪ :‬دراسة للغة‪ ،‬ويه أيضًا دراســة للاكئن املتحول ابللغة ويه‬
‫كذكل دراسة للعمل اإلبداعي‪».‬‬
‫يقول أبو العدوس عن األسلوبية إ هنا‪« :‬مدرسة لغوية تعاجل النص األديب من خالل عنارصه‪ ،‬ومقوماهتا الفنية‪ ،‬وأدواهتا‬
‫اإلبداعية‪ ،‬متخذة من اللغة والبالغة جرسًا تصف به النص األديب‪ ،‬وقد تقوم أحياًان بتقيميه من خالل مهنجها القامئ عیل‬
‫الاختيار والتوزيع‪ ،‬مراعية يف ذكل اجلانب النفيس والاجامتعي للمرسل واملتلقي‪».‬‬
‫وقد أمجع الباحثون رمغ اختالف تعاريفهم عىل أن األسلوبية’’ طريقة التعبري اخلاصة بأديب من األدابء‪ ’’.‬ويعىن املهنج‬
‫األســلويب بدراســة املوضوع مضن مســتوايت التحليل األسلويب "الصويت‪ ،‬والنحوي‪ ،‬والبالغي‪.‬‬
‫مفهوم األسلوبية‪:‬‬
‫عمل يريم إىل ختليص النص األديب من األحاكم املعيارية واذلوقية‪ ،‬وهيدف إىل علمنة الظاهرة األدبية والزنوع ابألحاكم النقدية ما أمكن عن الانطباع غري‬
‫املعلل‪ ،‬و اقتحام عامل اذلوق وهتك احلجب دونه‪ ،‬و كشف الرس يف رضوب الانفعال اليت خيلقها األثر األديب يف متقبهل‪ .‬أما "شارل ابيل" و هو مؤسس‬
‫األسلوبية ‪ ،‬فيعرفها عىل أهنا دراسة األفعال التعبريية للغة من خالل حمتواها العاطفي‪ ،‬أي تعبري أفعال احلساسية عن العاطفة انطالقا من سلوك اللغة و‬
‫أفعاهل‪ .‬واألسلوبية عند "جاكبسون" يه ادلراسة العلمية ألسلوب األعامل األدبية‪ ، .‬مفن املهم إذن اإلشارة إىل أن التناول األسلويب إمنا ينصب عىل اللغة‬
‫األدبية‪ ،‬ألهنا متثل التنوع الفردي املمتزي يف األداء مبا فيه من وعي واختيار‪ ،‬ومبا فيه من احنراف عىل املستوى العادي املألوف‪ ،‬خبالف اللغة العادية اليت‬
‫تمتزي ابلتلقائية واليت يتبادلها األفراد بشلك دامئ وغري ممتزي‪ ، ،‬وليس معىن هذا أننا نقمي حاجزا صلبا بني اللغة األدبية ولغة التخاطب‪ ،‬ألن األوىل تسمتد‬
‫وجودها بال شك من الثانية‪ ،‬فتقمي مهنا أبنية وتراكيب جديدة يف الصوت واللكمة وامجلةل مث القطعة بأمكلها‪ ،‬ومبعىن آخر ميكننا القول‪ :‬إن لغة األدب يه اليت‬
‫حتدد اإلماكانت التعبريية امجلالية اليت توجد بشلك اعتباطي يف لغة اخلطاب فتفيد مهنا يف إبداعات جديدة ال تنهتي‪.‬‬
‫صةل األسلوبية ابلنقد األديب‪:‬‬

‫توجد يف ادلراسـات األسلوبية عالقـات وطيـدة بني األسلوبية والنقـد األديب‪ ،‬فهام متشـاباكن هيامن ابلتحليـل والتفسري وسرب‬
‫أغـوار النتــاج األديب ومن هنــا يشرتاكن يف جمال دراســة األدب والنصــوص األدبيــة املبدعة‪ ،‬إ ال أن األسلوبية تقــوم بتحليــل‬
‫النصــوص بغض النظــر عام أّثر يف تكويهنا ونشــأهتا من ظــروف سياســية واجامتعيــة واقتصــادية‪ ،‬مفجال معل األســلوبية‬
‫ينحرص يف النص‪ ،‬أمـا النقـد فال يغفـل يف أثنـاء القامئة أصًال عیل النص األديب يف تركيباتـه اللغوية للكشـف عن قميهتا امجلاليـة‪.‬‬
‫نستنتج من خالل العالقــة بني األسلوبية والنقــد أن األسلوبية تعمتد يف معظم األحيــان عیل نظــام اللغــة وقواعدها‪ ،‬حيث‬
‫تتسـم هـذه ادلراسـة ابلضيق وعدم الاتسـاع‪ ،‬بيامن تعـد ادلراســة النقديـة للغـة خطـوة ومرحةل اثنيـة حيث تصري العالقـة بيهنام‬
‫ســطحية دون أي تعميق‪.‬‬
‫نبذة عن الشاعر‪:‬‬
‫يعترب ادلكتور’’ مسري العمـري’’ أحد شعراء العـرب اذلي ميازج بني األسلوب وحداثـة املضمون‪ ،‬وهو مفكـر عـريب ذومه إنسـاين ممتـد وهل‬
‫هجود رائــدة ـیف اـلهنوض ابملشــهـد األديب ورعايــة اإلبــداع ـوصقل املواهـب‪ .‬استـطاع الشــاعر ـعرب املعطيــات ـاأل ـدبيــة أنـ يربط بني التجربة‬
‫الشعرية واحلاةل الشعورية مما جيعل املتلقي يتفاعل معه تفاعال قواي‪.‬‬
‫ودل الشــاعر عام ‪١٩٦٤‬م يف قطــاعّ غــزة وهاجر وأرسته إ یل "الســويد" عام ‪١٩٩٨‬م‪ ،‬وحيمــل اجلنســية الفلســطينية‪ .‬يرأس الشــاعر‬
‫ويه منظمـة ثقافيـةـ ـعامليـة ـتســعی ـلبنـاءـ جســـو ـر التواصـل الثقـايف مـع اآلخـرينـ‪ ،‬وتقـدـمي الهوية‬ ‫حاليـًا الاحتاـد العاملـــي لإل بـداعـ الفکـرـي واأل ـ‬
‫ديب‪ ،‬ـ‬
‫ـإلسالمية ـمكنتج ـحضـاريـ راقـ ـومسـامه‪ .‬أصـدر الشـــاعر ديـوانـني شـــعريني معنـونني ـ"کـف وإ زميـل ـ" و"ُ شــــرفة ـال ـوجــدان ـ" حيث‬ ‫الثـقافيـة ا ـ‬
‫يمتحـــورانـ ـحـول ـالتجربـة الش ـعريـة والشعـورية معـا‪ ،‬خـاصـة ـفامي أصـاب ـالشـــعب الفلـسطيين املضطـهد من تقتيـل وتـشـ ـريد ـوتعـذـيب ـوهتجري‬
‫قســرـي‪ ،‬إ ذ ـحـاول الـشاعر عربهـام جتســيد مهومـه ومعاانته النفسية واـلروحية ـجتا ـه ـج ـرامئ ـاحلرب ضد ـالـشعبـ الفـلسطيين املقهـور‪.‬‬
‫نبذة عن القصيدة‪:‬‬

‫تعد هذه القصيدة النضالية من أبرز القصائد امحلاســية للشاعر حيث حاول عربها تصوير ما حل ابلشعب‬
‫الفلسطيين املقهور من غصب واحتالل وإ راقة دماء األبرايء‪ ،‬من أطفال وشيوخ ونساء‪ ،‬وترسمي املامرسات‬
‫اإلرهابية واجملازر البشعة اليت قام هبا الكيان الصهيوين يف فلسطني احملتةل‪.‬‬
‫يتضح للقارئ عرب إ معان النظر يف تضاعيف هذه اجملموعة الشعرية أهّن ا تمتزي بصدق التعبري ورهافة اإلحساس‬
‫وثراء التجربة الشعرية اليت تكسب هذا املنجز الشعري مصداقية دلى السامع أو املتلقي‪.‬‬
‫املستوى الصويت‬
‫األصـوات اجملهـورة ‪ :‬من أکرث األصـواتً تردادا یف هـذه القصيدة‪ ،‬األصـوات اجملهـورة الـیتّ تـدل عیل القـوة و الشـدة ‪ ,‬فالصـوت اجملهـور هـو اذلي هيزت‬
‫معه الوتران الصوتيان‪.‬‬
‫حيث ورد حـرف النـون ‪ 44‬مـرة و حـرف ادلال ‪ 34‬مـرة و الام ‪ 32‬و البـاء ‪ 15‬مـرة و اهلمـزة ‪ 21‬مـرة و الغني ‪ 17‬مـرة و العني ‪ 25‬مـرة ‪ ,‬فتعترب هـذه‬
‫األصـوات أكرث األصـوات توظيفـا و همينـة يف هـذه القصيدة فهي قوية و شـديدة و ظـاهرة بشـدة حيث تـدل عىل األمل و الوجع و املرارة و احلزن النـاجت‬
‫عن الاحتالل األجنيب للوطن األم‪.‬‬
‫و من أقـل األصـوات استخداما يف القصيدة يه حـرف ‪ :‬الضـاد اذلي ورد ‪ 6‬مـرات و حـرف الظـاد اذلي ورد ‪ 4‬مـرات فقـط و السبب يعـود اىل لك‬
‫مهنام حيتاج جملهود قليل يف النطق به ‪.‬‬
‫املستوى الصويت‬

‫• احلروف املهموسة ‪ :‬بعد المتعن يف القصيدة وجدان رضاب من التوظيف ادلقيق لبعض احلروف املهموسة اليت‬
‫تناسب األزمة الروحية اليت اعترصت نفس الشاعر و أاثرث أحاسيسه و عواطفه ادلفينة ‪ ,‬من بيهنا حرف‬
‫التاء اذلي ورد ‪ 56‬مرة و هذا يويح لتجسيد املواقف املتأزمة و املأساوية دلى الشاعر حيث تنسجم مع‬
‫ثمية احلزن و األمل و متثل تكل املشاهد املأساوية و احملزنة للوطن املعيق‪.‬‬
‫و قد مت توظيف حرف احلاء أيضا ‪ 39‬مرة ‪ ,‬و تويح ابإل عتاق و احلرية اليت جعلها الشاعر ملجأ ينفس به عن‬
‫آهاته اليت نرثها يف يف ثنااي قصيدته‪.‬‬
‫البنية االيقاعية‬
‫ان الحركة الموسيقية ضمن خارطة النص الشعري تنم عن تموج الذات الشاعرة‬
‫الموسيقى الخارجية اذا تاملنا في القصيدة نجد انها تم انشادها على بحر الكامل و تفعيالته هي متفاعلن‬
‫ست مرات‬
‫يقول الشاعر في مستهل هذه القصيدة‬
‫بك ال بغيرك لالبار يشار و بمثل كفك تكتب االقدار‬
‫بالنسبة للزحافات لدينا علة القطع في ضرب القصيدة و زحاف االضمار في التفعيلة االخيرة‬
‫روي القصيدة هو حرف الراء‬
‫البنية االيقاعية‬
‫الموسيقى الداخلية من اهم مظاهر الموسيقى الداخلية الجناس و التكرار اللذين يلعبان دورا بارزا في‬
‫بلورة الموسيقى و الداللة‬
‫الجناس يضفی الجناس علی المعطيات األدبيةً نمطا مــن الرونق والجمال خاصة عندماّ تم‬
‫توظيفه فی المکان الالئق به‪ .‬من نماذجه‬
‫حمم القضاء و سيقت االعذار‬ ‫قد اغلقوا سبل الفضاء و اطلقوا‬
‫منهم و ال شجر و ال اطيار‬ ‫و طغوا فما بشر و ال حجر نجا‬
‫و هذا لتاكيد الداللة و زيادة الحس االيقاعي للقصيدة‬
‫البنية االيقاعية‬
‫التكرار يوتى بالتكرار للتوكيد و هو ان يكرر المتكلم اللفظة الواحدة لتاكيد الوصف او المدح او الدم‬
‫من ابرزها ضمن هذه القصيدة‬
‫تكرار الحرف‬
‫و من جو كما الغربان فوقك طارو‬ ‫جاؤوك من بر و من بحر‬
‫لا السيل يقطعه و ال االعصار‬ ‫تسعى وال قوما لنصرك طاروا‬
‫هنا تكرار الحرف من الجارة تالت مرات و ال النافية خمس مرات معلومّ أن هذا النمط من التکرار لم يرد دون وعی من‬
‫‪،‬الشــاعر‬
‫بل کان الشــاعر يقصد إليه لتکوين صياغة جديدة للقصيدة ليســتطيع من خاللها إثارة‬
‫‪،‬انتباهّ المتلقی‬
‫‪:‬تكرار الكلمة من نماذج تکرار الکلمة فی المقطوعة‬
‫ان الليوث على العرين تغار‬ ‫و ابيت ان يطا العرين من افترى‬
‫هنا قام بتکرير المفردات النصية الموحية والمشحنة باإليحاء (العرين‪ ،‬حيثّ يؤدی هذا التکــرارإلی تکوين‬
‫وظيفةتعبيرية وإيحائية‬
‫تكرارالجملة ان تكرار الجملة ال يمنح القصيدة النغم فقط بل يمنحها امتدادا و تناميا و انتشارا‬
‫مما رايت مما راك فرار‬ ‫فرت قلوب الناضرين مهابة‬
‫هذا النمط من التكرار يعد تعبيرا عن االنفعال الذي يرافق التعبير عن الحالة الوجدانية مما يخلق ايقاعا داخليا‬
‫ينبه حاسة السمع لدى المتلقي‬
‫املستوى الرتکييب‪:‬‬
‫إ ن املمعن يف هذه القصيدة يالحظ أن الشــاعر يف معظم األحيان معد إ یل توظيف امجلةل الفعلية ‪ 129‬مرة‪ ،‬أكرث من‬
‫امجلل الامسية اليت كررت ‪ 85‬مرة‪ ،‬سواء اكن فعلها ماضيا أم مضارعا‪ ،‬وهذا يعود إ یل ما حيمهل النص من رغبة يف احلرکة‬
‫عرب الزمن‪ ،‬فالشــاعر ال حيب السكون والوقوف‪ ،‬کام يتطلب الزمن احلاضــر احلضور والتواتر‪ ،‬وهذا ميثل أزمة الشاعر‬
‫اليت تمتثل مضن جتربته الشعرية‪ .‬ومن أمثةل ذكل قوهل‪:‬‬
‫غارت هبا األنفاس حني أغاروا‬ ‫رموا صواريــخ اجلنون خبدعة‬
‫وطغى الردى فالبيت ال يهنار‬ ‫من أسس البيت األيب عیل الهدی‬
‫‪:‬املستوى الرتكييب‬
‫أن يسحقوك من الوجود فباروا‬ ‫إ ذ أسلموك إ یل العدو وقد رجوا‬
‫تدل کثــرة امجلل الفعلية يف النــص عیل جتدد الرغبة يف إ دانة هذه الظروف التعســة اليت جتسد هشاشة الفکر‬
‫والتفريق بني أبناء فلسطني‪ ،‬ومنّ مث مل يأت توظيف هذا المنط من امجلةل بشلک عفوی وال شعوري‪ ،‬بل‬
‫دقيق وحمسوب‪ ،‬إ ذ وفق الشاعر من خالهل تصوير الوظيفــة امجلالية وادلاللية عرب امجلةل الیت يتعامل الشــاعر‬
‫معهــا بوعي عال ورؤية معيقة وإ حساس مرهف‪.‬‬
‫احلذف‬
‫يستشف احلذف يف ادلراسات األسلوبية عالقة من عالقات الاتساق املعجمية النحوية داخل النص‪ ،‬ومن‬
‫مناذجه يف القصيدة قول الشاعر‪:‬‬
‫وتساقطت عن توته األزهار‬ ‫والليل همام طال زال وإ ن دجا‬
‫وقوهل أيضا‪:‬‬
‫وقضوا بذكل يوم طال حصار‬ ‫ظنوك يوم سغبت أ نك خائر‬
‫‪:‬احلذف‬
‫يف املثال األول قام الشاعر حبذف جواب الرشط لفعل الرشط دجا‪ ،‬إ ذ للك رشط جواب سواء ذكر أو حذف‪ ،‬ويف املثال‬
‫الثاين معد إ یل حذف املفعول به الثاين للفعل (ظن) ‪ ،‬إ ذا جاء ماكنه قوهل( أن وصلهتا) لتسد مسد املفعول به الثاين‪ ،‬ومع ذكل‬
‫مل حيدث حذف يف بنية القصيدة أي التباس معلية فهم املعىن حيث يستطيع املتلقي أن يقدر احملذوف‪ ،‬ومن فقد ترك هل‬
‫مساحة املشاركة مضن النص اإلبداعي‪ .‬وبذكل يمت حسن الســبك للتأثري يف نفسية املتلقي‪ ،‬ليک يســتخدم آلياته القرائية إلفراغ‬
‫هذه الفجوة عرب استحضار القوی اذلهنية للربط بني مكوانت القصيدة وعنارصها الفنية‪ ،‬وقد ساعدت الشــاعر عیل التعبري‬
‫عن الهواجس واملكنوانت القلبية يف مجل قليةل هادفة مقصودة‪ ،‬جند الشــاعر عرب معلية احلــذف جينح إ یل تكثيف ادلاللــة‬
‫ومتطيط املعىن عرب الاكتفاء ابأللفاظ القليةل والعبارات املوجزة ملتجأ إ ىل ختزين املعاين يف إ طار ما يتسم ابإلجياز غري اخملل‪،‬‬
‫ليضفی عیل خارطةّ النص الشعري منطًا من اللون امجلايل واإلبداع الفين‪.‬‬
‫التقدمي والتأخري‪:‬‬
‫من مناذجه يف القصيدة قول الشاعر‪:‬‬
‫ما أوجزت يف وصفها األسفـار‬ ‫‪ -1‬و عىل مالحمك البطوةل فصلت‬
‫ودمــا نزفت وما أجارك جـار‬ ‫فردا وقفت وحوكل األرشار‬
‫• نرى يف الشطر األول أنه قدم شبه امجلةل (وعىل مالحمك) عىل الفعل املبين للمجهول (فصلت) و يف الشطر الثاين‬
‫قدم احلال (فردا) عىل صاحهبا (مضري املتلكم يف الفعل وقفت ) ‪ ,‬و اخلرب (حوكل) عىل املبتدأ (األرشار) ‪ ,‬و املفعول‬
‫به (دما) عىل الفعل املتعدي (نزفت) و املفعول به (مضري اخملاطب الاكف) عىل الفعل املايض (أجارا)‪.‬‬
‫التقدمي والـتأخري‬
‫قدم الشــاعر بعض الوحدات عن األخــرى ليخــرج الالكم عن اإلطــار العــادي واملألوف خالفــا ملا يتواجد يف‬
‫النحـو العـريب من قواعد وأسـس‪ ،‬من الواحض أن هـذا العـدول عن المنط املعهـود يعـد مزية جامليـة ال تتحصـل‬
‫املراد منــه التخصيص و العنايــة بـأمر املتقــدم وشد الانتبــاه‪ ،‬وجذب املتلقي ملا يف هــذا األمــر من قمي اكمنــة‬
‫تعترص نفسية الشاعر‪.‬‬
‫النفي‬
‫مهنم وجشر وال أطـــيـــــــار‬ ‫و طغوا مفا برش وال جحر جنــا‬
‫أملت حاةل انعـدام األمن والاستقرار الـيت عاشها الشـاعر منطـا حمددا من الرتكيب الشعري اذلي يتـأرحج معظمـه‬
‫بني إثب ــات اذلات ومواهجة الع ــدو الصهيوين ‪ .‬فص ــار النفي أداة إلثب ــات الهوية والبحث عن الكينونة معد‬
‫الشاعر إ ىل توظيف أدوات النفي (ال النافية مرتني و ما النافية مرة ) مضن هذا النص املبدع ‪.‬ذ‬
‫النفي‪:‬‬

‫ويقول يف بيت آخر‪:‬‬


‫ال السيل يقلعه وال اإلعصار‬ ‫وبأن جدرك يف ترابك راخس‬
‫الشـاعر اكن وال يزال عىل وعي وتبرص بـأن املستقبل ميضء وسمير الشعب الفلسطيين من هـذه األزمة ‪ ،‬ومنـه‬
‫فقــد معد إ ىل توظيــف النفي بال النافيــة مـرتني ليثبت أن هــذه املامرسات اإلجراميــة مل ولن تزعزع الشعب‬
‫الفلسطيين و ال وطنيهتم ولن ت ـؤثر البتــة يف نضــاهلم‪ ،‬مل يكن توظيــف النفي مضن بنيــة القصيدة جمرد مفهــوم‬
‫مرجعي ‪ ,‬عرب عهنا الشاعر ‪ ,‬بل أصبح األساس اذلي ينطلق منه اإلبداع و المتزي ‪.‬‬
‫التشبيه‬
‫ابلطائرات وليس مث قرار‬ ‫جلج من املوت الزؤام وسطوة‬
‫شبه الشاعر املناضل يف هذا البيت كرثة القتىل و اجلرىح إ ثر القصف اجلوي بكرثة املياه الزاخرة يف البحر ‪ ,‬و‬
‫أراد من خالل التشبيه جذب انتباه املتلقي ملا يقوم به الكيان الصهيوين من قتل األبرايء من نساء و أطفال‬
‫و شيوخ إ ثر القصف و التدمري بغية هتويد القدس ‪.‬‬
‫التشبيه‬
‫جو كام الغرابن فوقك طاروا‬ ‫• جاؤك من بر و من حبر و من‬
‫• يف المنوذج اخلامس نالحظ عرب هذا البيت أن الشاعر يشبه طائرات الكيان الصهيوين ابلغرابن اليت تقتحم‬
‫الناس من لك صوب و جف‪.‬‬
‫• حاول الشاعر عرب توظيف التشبيه أن يتجاوز جمال الرؤية البرصية رمغ ما ختلقه املشاهد احلسية من آاثر‬
‫نفسية عىل اخملاطب ‪ .‬اختذه الشاعر املقاوم أداة طبيعة للتخلص من راتبة القول العادي و املألوف ليصبح‬
‫دليه حافزا من حوافز اإلبداع و التخييل‪.‬‬
‫اإل ستعارة‬
‫تقفو الشموس و تتبع األمقار‬ ‫و عىل مدارك يف اعتناقك للعال‬
‫معد الشاعر إ ىل توظيف تقنية الاستعارة التعبريية حيث جعلته قادرا عن اإل ابنة عن الواقع و ما يعيشه من‬
‫أزمة روحية و توتر نفيس ‪ ,‬فرنته يصور الشمس و القمر إك نسان حيتذي و يسري عىل األقدام ‪ .‬نالحظ عرب‬
‫هذه الاستعارة أن الشاعر حال مضن توظيفها أن يعطي خارطة النص الشعري دالالت نفسية و روحية‬
‫معيقة خامرت كيانه و أاثرت يف نفسيته لواجع الشوق إ ىل الوطن األم و األرض املسلوبة‪.‬‬
‫اإل ستعارة‬
‫و غدوا من اآلفاق و يه غبار‬ ‫• ركبوا جناح الرحي و يه غريرة‬
‫• وظيف الشاعر (جناح الرحي) حيث شبه الرحي بطائر ذي جناح ‪ ,‬مث حذف الطائر و رمز إليه بيشء من‬
‫لوازمه و يه اجلناح ‪ .‬و مل يعمد الشاعر إ ىل توظيف هذه املكونة اللغوية بصورة مبارشة ‪ .‬و الشاعر أراد‬
‫من خالل توظيف الاستعارة أن خيلص النص من السطحية و العادية ليجعهل أكرث معقا و دالةل عرب بث‬
‫احلياة و ادليناميكية يف الصورالشعرية و النجاة من اإلطناب و اإلسهاب يف الالكم و نقل املعىن من اإلطار‬
‫الضيق إ ىل ادلالةل الواسعة‪.‬‬
‫اإل ستعارة‬
‫و الغيظ ألهب ما أغل أوار‬ ‫• انر أكن احلقد جسر سيلها‬
‫• نرى أن الشاعر أسند الفعلني (جسر و ألهب) إ ىل احلقد و الغيط الذلين يعدان من السامت اإلنسانية ‪ ,‬مفن مث حذف‬
‫اإلنسان و رمز بيشء من لوازمه و يه التسجري و اإللهاب ‪ .‬قام الشاعر بأنسنة الصفات و تشخيصها اليت تساعده عىل‬
‫إ قامة الصالت الوثيقة بني املايض و الراهن و الانسجام بني التجربة الشعرية و التجربة امجلاعية ليدفع اخملاطب إ ىل إ عادة‬
‫القراءة للعثور عىل ادلالةل املطلوبة و توسيع الرؤية الفنية اليت تكسب العمل اإلبداعي فنيته و جدته اليت جتذب املتلقي‬
‫و تأرسه ‪.‬‬
‫•‬
‫اإل ستعارة‬
‫غارت هبا األنفاس حني أغاروا‬ ‫• و من صوارخي اجلنون خبدعة‬
‫• هنا شبه الشاعر الصوارخي إب نسان مث حذفه و رمز إليه بيشء من لوازمه أال و يه اجلنون ‪ ,‬فالصاروخ ال‬
‫يعمل إ ال يف التدمري و الهتدمي ‪ ,‬و هكذا يفعل الكيان الصهيوين عىل الكرة األرضية من أجل البقاء و‬
‫التشبث ابحلياة ‪ .‬إ ن البعد النفيس احمليط ابلشاعر يؤثر يف تشكيل هذا اإلطار األسلويب اخلاص‪.‬‬
‫•‪.‬‬
‫اإل ستعارة‬
‫ما ال يطيق اجلحفل اجلرار‬ ‫• فهنضت حتمل من نوائب بأسهم‬
‫• هنا أسند الشاعر معىن عدم اإلطاقة إ ىل اجلحفل ‪ .‬لك هذه اإلسنادات من السامت اإل نسانية و من خاللها‬
‫حاول عرب النص املبدع التعبري عن عواطفه و مشاعره ادلفينة و ترسمي الواقع املزري و احملزن ألبناء‬
‫فلسطني و ما عاشوه من واقع مأساوي مزري ‪ .‬اكن توظيف اإلستعارة دليه استجابة لتصوير تكل التجربة‬
‫الواقعية املعيشة و ما أحاط هبا من أحداث و رصاعات متتالية و متابعة ‪ ,‬جفاءت مصورة لطبيعة هذه‬
‫الرؤية الشعرية ‪.‬‬
‫الكناية‬
‫‪ :‬أما ابلنسبة للكناية فقد وردت يف بعض الرتاكيب اللفظية ومن مناذهجا ما يقول الشاعر‬
‫ومبثل كفك تکتــب األقدار‬ ‫بــك ال بغريك لإل ابء يشــار‬
‫حياول الشاعر يف هذا البيت إثبات الصمود اذلي يتحىل به الشعب الفلسطيين كناية عن الصفة و الثبات و اإل سمترارية لإل نسان الفلسطيين املعذب و‬
‫املرشد‪ .‬تكسب هذه الصورة الكنائية مسحة جاملية و أسلوبية ابرزة مؤثرة بذكل يف املتلقي‬
‫و يف مثال آخر‪:‬‬
‫إن الليوث عىل العرين تغار‬ ‫و أبيت أن يطأ العرين من افرتى‬
‫كین الشــاعر عن الـوطن و املناضـل أو الثـائر بلفظـيت العـرين و الليـوث (كنايـة عن املوصوف) فاملناضلون بوصفهم أسـودا جشعاان يـذبون عن األمجة أال و يه‬
‫الوطن و مل و لن يتنا ـزلوا عنه ‪ ,‬تكتظ هذـه الصور ـة الكنائـية ـابإلحياء و ـ‬
‫ادلالةل عرب مسحة املقاومة و الصمود اليت تفوح راحئهتا من ـالنص ـالشعري ‪.‬‬
‫الكناية‬
‫و يف منوذج آخر‪:‬‬
‫تسعی وال قوما لنرصك اثروا‬ ‫ورأيت ال سيفاُ يذب والُ خطی‬
‫يستخدم الشاعر عبارة ” ال سيفا يذب و ال خطى تسعى“ كناية عن إثبات صفة اخليانة و الغدر لبعض األمم‬
‫اإلسالمية و العربية اجتاه هذا الشعب املضطهد و ما حل ابلشعب من مؤامرات و دسائس تفرده يف ساحة‬
‫احلرب لإل فصاح عن المتزق و السقوط اذلي تعانيه األمة اإلسالمية العربية ‪ .‬تدل هذه الصور اللغوية املشبعة‬
‫ابدلالالت النفسية عىل إ اثرة داخلية يف نفسية اخملاطب ‪.‬‬

You might also like