You are on page 1of 69

‫جامعة دمحم خيضر بسكرة‬

‫كلية اآلداب واللغات‬


‫قسم اآلداب واللغة العربية‬

‫مذكرة ماستر‬
‫لغة وأدب عريب‬
‫دراسات نقدية‬
‫نقد حديث ومعارص‬
‫رمق‪:‬ن‪52/‬‬

‫اعداد الطالبة‪:‬‬
‫منى تابتورت‬

‫جماليات اللغة الشعرية في ديوان "الصراخ" لـــ هاجر علي‬

‫لجنة المناقشة‬

‫مشرفا و قررا‬ ‫جامعة دمحم خيضر بسكرة‬ ‫أ‪ .‬مح أ‬ ‫بلقاسم رفرافي‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة دمحم خيضر بسكرة‬ ‫أ‪.‬مح‪.‬أ‬ ‫نبيةل اتوريريت‬

‫مناقشا‬ ‫جامعة دمحم خيضر بسكرة‬ ‫أ‪.‬مح‪.‬أ‬ ‫قط نس مية‬

‫‪0202 - 0202‬‬ ‫الس نة اجلامعية ‪:‬‬


‫كر وعرفان‬ ‫ش‬
‫صدق من قال " من علمني حرفا صرت له عبدا"‬
‫لا يسعني ها هنا إلا أن أتقدم بوافر الشكر‬
‫والتقدير إلى أستاذي الفاضل‬
‫"بلقاسم رفرافي "‬
‫كما أتقدم بالشكر الجزيل لكل أساتذة قسم‬
‫اللغة العربية وآدابها‬
‫كما اشكر كل من ساهم في هذه الدراسة من‬
‫قريب أو بعيد‬
‫والشكر موصول سلفا إلى أعضاء لجنة‬
‫المناقشة الموقرة الذين تفضلوا بقبول مناقشة‬
‫هذا البحث وتقييمه‪.‬‬
‫احلمد هلل وكفي والصالة على احلبيب املصطفي وأهله ومن وىف‬
‫اما بعد‪ :‬أهدي مثرة جهدي وتعيب‪:‬‬
‫إىل قدويت يف احلياة والذي ضمنا حتت جناحيه اىل‬
‫أطال هللا يف عمره وأمده بدوام الصحة والعافية‪.‬‬ ‫أيب احلنون "امساعيل"‬
‫إىل من كانت وال تزال منبع للحنان واجلنة اليت حتت االقدام‬
‫اىل أمي الغالية "مجيلة" أطال هللا يف عمرها وآمدها بدوام الصحة والعافية‬
‫إىل گل أفراد عائليت الصغرية وسندي يف هذه احلياة‬
‫إىل اخي "صالح " وإىل اخيت "سارة" حفظهما هللا من كل شر‬
‫إىل براعم بيتنا وهبجته هبة الرمحان واالء الرمحان‬
‫إىل زوج اخيت نور الدين عجوج‬
‫إىل خاليت او أبحرى أمي الثانية فطيمة قرابزي اطال هللا يف عمرها‬
‫إىل عمي دمحم االمني وزوجته حبيبة مقاوسي وبناته مروة ومنال‬
‫إىل بنات عمي الطاهر رمحه هللا عبري و بثينة وخلنساء وبلقيس وهند ومرمي‬
‫إىل كل صديقايت اللوايت شاركوين املرحلة اجلامعية حسينة تركي عائشة بركات ونوارة الومشة‬
‫إىل صديقات طفوليت ‪ :‬رانيا هوام واكرام عشور وخلود بن عيشي‬
‫إىل عائليت اتبتورت وقرابزي‬
‫إىل من اشرف على طباعة هذه املذكرة جزاه هللا خريا‬
‫اليكم أهدي جهدي وتعيب‬
‫مىن اتبتورت‬
‫مقدمة‬
‫مقدمـــة‬

‫تعتبر اللغة أهم وسائل التفاهم واالحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة وبدون‬
‫اللغة يتعذر نشاط الناس المعرفي‪ .‬ترتبط اللغة بالتفكير ارتباطا وثيقا‪ ،‬فأفكار اإلنسان تصاغ‬
‫دوما في قالب لغوي‪ ،‬حتى في حال تفكيره الباطني‪ .‬ومن خالل اللغة تحصل الفكرة فقط على‬
‫وجودها الواقعي‪ ،‬كما ترمز اللغة إلى األشياء المنعكسة فيها‪ .‬فاللغة هي القدرة على اكتساب‬
‫واستخدام نظام معقد للتواصل وخاصة قدرة اإلنسان على القيام بذلك‪ .‬واللغة هي احد األمثلة‬
‫المحددة من هذا النظام‪.‬‬
‫لقد حظيت اللغة خاصة أو بالتحديد اللغة الشعرية باهتمام كبير من قبل الشعراء الغرب‬
‫والعرب‪ ،‬القدماء والمحدثين‪ ،‬منذ أقدم العصور كونها هي األساس في عملية التواصل آن ذاك‬
‫كذلك في وقتنا الراهن‪ .‬فاللغة الشعرية هي لغة خاصة بالمبدعين فقط سواء أكانوا قدماء أو‬
‫محدثين‪ .‬فهي بمثابة العمود الفقري أو الركيزة األساسية التي تقوم عليها القصيدة العمودية أو‬
‫الحر أو النثرية‪.‬‬
‫من خالل دراستي لموضوع جماليات اللغة الشعرية في ديوان "الصراخ" لهاجر علي‪ ،‬وجب‬
‫علي الوقوف والكشف عن مميزاتها وخصائصها وكذلك معرفة مدى تطورها‪ ،‬كونها ذات أهمية‬
‫بالغة‪ ،‬وهذا ما دفعني الختيار هذا الموضوع إضافة إلى قلة الدراسات السابقة التي تطرقت إليه‬
‫إلى جانب اإلشادة بالشعر العربي المعاصر وخاصة الشعر العراقي‪.‬‬
‫وقد تم اختيار هذا الموضوع المعنون بـ " جماليات اللغة الشعرية" في ديوان "الصراخ"‬
‫"لهاجر علي" لجملة من األسباب منها‪:‬‬
‫_ الميول الشخصي للنص الشعري بدل النص النثري‪.‬‬
‫_ محاولة استنتاج واستنباط الجماليات الفنية التي يمتاز بها الشعر العربي‪.‬‬
‫_ البحث عن سمات وخصائص شعر هاجر علي وبالتحديد في ديوان "الصراخ"‪.‬‬
‫ولإلحاطة أكثر بالموضوع طرحنا اإلشكاالت األتية‪:‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمـــة‬

‫ما مفهوم اللغة الشعرية؟ وما هي ابرز مكوناتها؟ وكيف تجلت هذه المكونات في ديوان‬
‫"الصراخ" لهاجر علي؟‬
‫لإلجابة عن اإلشكاالت السابقة تم االعتماد على الخطة التالية‪ :‬مقدمة عرضت فيها هيكل‬
‫العمل‪ ،‬مدخل ممهد للغة الشعرية وفصلين الفصل األول نظري والثاني تطبيقي‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬عنوانه‪ :‬اللغة الشعرية‪ ،‬قسمته إلى ثالثة مباحث‪ ،‬كل مبحث بمطلبين‪،‬‬
‫فالمبحث األول عنوانه ماهية اللغة الشعرية أوردته في مطلبين‪ ،‬المطلب األول‪ :‬تطرقت فيه إلى‬
‫ماهية اللغة لغة واصطالحا‪ ،‬أما المطلب الثاني‪ :‬فتطرقت فيه إلى ماهية الشعرية لغة‬
‫واصطالحا‪ ،‬أما المبحث الثاني فكان بعنوان إرهاصات اللغة الشعرية‪ :‬تناولت فيه مطلبين األول‬
‫يتحدث عن إرهاصات اللغة الشعرية عند الغرب‪ ،‬و المطلب الثاني يتحدث عن إرهاصات اللغة‬
‫الشعرية عند العرب‪ .‬وفي المبحث الثالث واألخير تناولت سمات اللغة الشعرية‪ ،‬هذا فيما يخص‬
‫الجانب النظري‪.‬‬
‫أما الجانب التطبيقي أو الفصل الثاني ف تطرقت فيه إلى مكونات اللغة الشعرية في ديوان‬
‫"الصراخ" لهاجر علي‪ .‬فقسمته إلى ثالثة مباحث أيضا‪ ،‬كل مبحث بثالثة مطالب‪ ,‬فالمبحث‬
‫األول عنوانه المعجم الشعري‪ :‬قسمته إلى ثالثة مطالب‪ ،‬المطلب األول تطرقت فيه إلى حقل‬
‫الحزن والمطلب الثاني تطرقت فيه إلى حقل المرأة أما المطلب الثالث واألخير تطرقت فيه إلى‬
‫حقل الوطن‪ ،‬أما المبحث الثاني فكان بعنوان‪ :‬مكونات التراكيب‪ ،‬تناولت فيه ثالثة مطالب‪،‬‬
‫المطلب األول يتحدث عن األساليب الخبرية‪ ،‬والمطلب الثاني يتحدث عن األساليب اإلنشائية‬
‫أما المطلب الثالث واألخير فورد فيه التناص‪ ،‬أما المبحث الثالث واألخير فتناولت فيه الصورة‬
‫الشعرية حيث قسمته إلى ثالثة مطالب أيضا‪ .‬ففي المطلب األول تناولت الصورة التشبيهية‬
‫والمطلب الثاني الصورة االستعارية أما المطلب الثالث واألخير فتناولت فيه الصورة الكنائية‪ ،‬هذا‬
‫فيما يخص الجانب التطبيقي‪.‬‬

‫‌ب‬
‫مقدمـــة‬

‫الخاتمة تناولت أهم النتائج التي تم التوصل إليها‪.‬‬


‫أما بالنسبة للمنهج المتبع فقد فرضت علينا هذه الدراسة إتباع المنهج األسلوبي لمحاولة‬
‫الكشف عن مميزات وخصائص األسلوب الذي اعتمدته الشاعرة "هاجر علي" في كتابة "ديوان‬
‫الصراخ"‪.‬‬
‫وقد استعان البحث بمجموعة من المصادر والمراجع منها ما كان أساسيا في انجازه‬
‫كديوان "الصراخ" لهاجر علي‪" ،‬اللغة الشاعرة" لعباس محمود العقاد‪" ،‬الشعرية" لطودوروف‬
‫‪...‬الخ‪.‬‬
‫أما الصعوبات والعراقيل التي واجهتني فهي ‪:‬‬
‫_ ضيق الوقت الممنوح النجاز هذا البحث‪.‬‬
‫_ الظروف الصعبة التي تشهدها البالد نتيجة فيروس كورونا‪.‬‬
‫_ قلة الدراسات السابقة التي اعتنت بهذا الموضوع ‪ .....‬الخ‪.‬‬
‫وفي األخير اسأل هللا الحي القيوم أن يكتب في هذه الرسالة النفع والبركة‪.‬‬

‫‌ج‬
‫مدخل‬
‫مدخل‪:‬‬

‫اللغة هي وسيلة للتواصل بين الشاعر والقارئ‪« ،‬تقوم على إظهار الجانب اإلبداعي‪،‬‬
‫فالقصيدة بمضمونها تظهر في شكل فني‪ ،‬توجد عالقات لغوية غير اعتيادية تخرق النظام‬
‫المألوف وهي صورة وجود األمة بأفكارها ومعانيها وحقائق نفوسها وجودا متمي از قائما‬
‫(‪)1‬‬
‫بخصائصه»‪.‬‬
‫يظهر أن اللغة من أبرز وسائل التواصل في حياتنا القديمة والمعاصرة وقد أصبح االهتمام‬
‫بها اكبر بحيث أقيمت عليها دراسات وأجريت عليها بحوث في جميع الجوانب‪ ،‬فقد عنى العرب‬
‫والغرب منذ القدم باللغة‪ ،‬وذلك في الدراسات اللسانية التي قامت على نصوص الشعر والنثر‬
‫بغية الوقوف على بنية اللغة الشعرية فيها‪.‬‬
‫ويعد األدب الوجه العاكس لصورة الشعوب في مرآة التراث اإلنساني‪ ،‬إذا ال يتسم وجودها‬
‫الحضاري إال به‪ ،‬وال يمكن لها أن ترتقي مراتب الحضارة من دونه‪« ،‬انه يشكل معالم الثقافة‬
‫وركائزها‪ ،‬ويكون عناصر الذات اإلنسانية وشمائلها‪ ،‬لهذا تجد عند كل شعب من شعوب األرض‬
‫(‪)2‬‬
‫زادا منه يؤثث به وجوده الرمزي»‪.‬‬
‫ليس األدب إذن مكونا من مكونات الممارسة الخطابية التي يمكن االستغناء عنها‪ ،‬فهو‬
‫يحفظ خصوصية الشعوب تماما مثل اللغة التي يعدها كثيرون التوأم الروحي للوجود‪ ،‬أي وجود‬
‫الشعب من عدمه‪ ،‬ومن ثمة فاألدب هو الظل المالزم للغة‪ ،‬بوصفه أن األدب ذاته هو استعمال‬
‫مخصوص للغة‪.‬‬
‫فمما ال شك فيه أن الشكل األدبي يمثل لحظة مهمة من لحظات هيمنة الخطابات لكونه‬
‫«يسجل تاريخية األدب إذ التاريخ الممكن لألدب هو تاريخ األشكال وهذا التاريخ أو الشكل‬

‫(‪ )1‬احمد حاجي‪ ،‬مصطلح اللغة الشعرية(المفهوم والخصائص)‪ ،‬مجلة مقاليد‪ ،‬العدد‪ ،9‬ورقلة (الجزائر)‪ ،‬ديسمبر‪،5102‬‬
‫ص‪90‬‬
‫(‪ )2‬مبارك اباعزي‪ ،‬مدخل إلى األدب االمازيغي الحديث‪ ،‬مكتبة الفهد الوطنية للنشر‪ ،‬الرياض‪0349 ،‬ه‪ ،‬ص‪05‬‬

‫‪5‬‬
‫مدخل‪:‬‬

‫األدبي عند إنتاجه بصفاته وسماته ومالمحه يكون خاضعا لعملية مراقبة من المؤسسات‬
‫والفعاليات والنشاطات والرغبات والصراعات القوى حتى تمنحه شرعية و إمكانية للوجود‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بوصفه وثيقة تاريخية تعكس أو تعبر عن تاريخ األفكار»‪.‬‬
‫العمل األدبي تطابق بين الشعر والتعبير‪ ،‬حيث تخضع هذه األعمال للتجارب المستوحاة‬
‫من الواقع أو تتجاوزه إلى ما ابعد من ذلك‪ ،‬فتكون الحاالت النفسية ما تنطوي عليه من انفعاالت‬
‫ومشاعر‬
‫يرى السيد قطب « أن العمل األدبي وحدة مؤلفة بين الشعور والتعبير‪ ،‬وهي وحدة ذات‬
‫مرحلتين متعاقبتين في الوجود بالقياس الشعري‪ ،‬ولكنهما بالقياس األدبي متحدتان في ظرف‬
‫الوجود‪،‬يرى أيضا انه ال وجود للتجربة الشعرية في العالم األدبي‪ ،‬قبل أن يعبر عنها في صورة‬
‫لفظية»(‪ ،)2‬أما اآلمدي «فقد حصر جودة الشعر في البالغة وما تتضمنه من اإلصابة في‬
‫المعنى وإدراك الغرض باأللفاظ سهلة عذبة سليمة‪ ،‬معنى هذا أن للشاعر القدرة على تكثيف هذه‬
‫اللغة ومدها بما يحقق جمالياتها‪ ،‬ويراد بالكثافة تحميل اللغة شحنات من الفكر والعاطفة‬
‫(‪)3‬‬
‫واستخدام الصور والتدفق الشعري»‪.‬‬
‫يعد الشعر العربي الحر انعطافة شعرية لم يعرف الشعر العربي مثيال لها في مسيرته من‬
‫قبل ذلك انه لم يتغير على مستوى المضمون فحسب بل على مستوى الشكل أيضا‪ ،‬وهذا ما لم‬
‫يستطيع الشعر العربي تحقيقه وحتى إن مهد له‪.‬‬
‫حيث تختص المعرفة األدبية‪ ،‬وخاصة الشعرية منها دون غيرها من المعارف اإلنسانية‬
‫بطبيعة تميزها عن غيرها من المعارف األخرى‪ ،‬فتحدد على «أنها العلة المميزة والفعالة في‬

‫(‪ )1‬عبد هللا خضر دمحم‪ ،‬قضايا الشعر العربي الحديث‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )2‬السيد قطب‪ ،‬النقد األدبي( أصوله ومناهجه)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬سوريا‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫(‪ )3‬احمد حاجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.94‬‬

‫‪6‬‬
‫مدخل‪:‬‬

‫تمييز األدبي عن الالدبي واإلبداعي عن الالبداعي‪ ،‬وذلك ما أفضى إلى أن الشعرية تبحث عن‬
‫قوانين الخطاب األدبي في الشعر والنثر‪ ،‬بوصفهما ينطويان على خصائص أدبية على حد‬
‫سواء‪ ،‬فالشعرية إذا خصيصة جوهرية في أي نص أدبي فكل ما في األمر أن الشعرية خاصة‬
‫واألدبية عامة تستأثرها الشعرية‪ ،‬فال يكون النص أدبيا إال بشعريته وال يتلقاه بوصفه نصا أدبيا‬
‫(‪)1‬‬
‫إال لشعريته‪ ،‬ومن ثم فهي التي تميزه كما تتميز به»‪.‬‬
‫يترتب على ما سبق من موضوع الشعرية‪ ،‬إنها في أوضح تجلياتها واصدق مظاهرها تميز‬
‫النص األدبي من غيره‪ ،‬بتقنيات مختلفة قد تقل أو تكثر‪ ،‬تتقلص أو تتمدد‪ ،‬كما أنها هي المعيار‬
‫في قياس ح اررة النص وزئبقيته عند المتلقي ويكون ذلك وفق نشاط القراءة الشعرية لمكونات‬
‫الخطاب‪.‬‬

‫(‪ )1‬دمحم بلعباسي‪ ،‬شعرية القصيدة الجزائرية المعاصرة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في األدب العربي‪ ،‬إشراف‪ :‬عز‬
‫الدين الباي‪ ،‬جامعة احمد بن بلة ‪ ،‬وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،5102/5103،‬ص ‪02‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اللغة الشعرية‬
‫المبحث األول ‪ :‬ماهية اللغة الشعرية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إرهاصات اللغة الشعرية‬
‫المبحث الثالث‪ :‬سمات اللغة الشعرية‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اللغة الشعرية‬


‫المبحث األول ‪ :‬ماهية اللغة الشعرية‬
‫يتكون مصطلح اللغة الشعرية من مصطلحين مختلفين األول هو مصطلح اللغة والثاني‬
‫هو مصطلح الشعرية‪ ،‬فلكل منهما مفهوم خاص به وداللة تميزه عن غيره‪ ،‬فبجمعهما تتولد داللة‬
‫جديدة تماما مغايرة لدالالت األولى‪ ،‬لذا حاولت الفصل بين هذين المصطلحين وإعطاء لكل‬
‫منهما التعريف أو المفهوم الخاص به‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية اللغة‬
‫أوال‪ :‬تعريف اللغة لغة‬
‫إن اللغة كأي مصطلح أخر له تعريف من حيث اللغة وتعريف من حيث االصطالح كما هو‬
‫معلوم‪ .‬فهناك تعريفات للغة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫في مفهومها أو تعريفها اللغوي‪ :‬اللغة على وزن فعلة‪ :‬من لغوت أي تكلمت‪.‬‬
‫فاللغة من لغا في القول لغوا ‪ ،‬ورد مصطلح اللغة (لغو) في العديد من السور القرآنية نذكر‬
‫منها‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قوله تعالى " ‪."      -‬‬

‫وكذلك قوله تعالى‪          :‬‬

‫(‪)3‬‬
‫‪." ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وقال أيضا‪         " :‬‬

‫)‪(1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،0‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬باب الغاء‪ ،‬ط‪ ،4‬دت‪ ،‬ص‪. 515‬‬
‫(‪ )2‬المؤمنون‪.14/‬‬
‫(‪ )3‬المائدة‪.89/‬‬
‫(‪ )4‬الفرقان‪.25/‬‬

‫‪9‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تعريف اللغة اصطالحا‪:‬‬


‫اختلف العلماء قديما و حديثا في التعريف االصطالحي للغة‪ ،‬ومنهم‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬ابن خلدون‪،‬‬
‫ابن سينا وعبد القاهر الجرجاني وغيرهم‪ ،‬في إعطاء تعريف أو مفهوم محدد للغة‪ ،‬فهذا راجع‬
‫إلى ارتباطاتها بالعلوم الكثيرة األخرى‪.‬‬
‫لكن تعريف ابن جني للغة هو التعريف األنسب و األشمل والشائع واألوضح‪ ،‬حيث‬
‫يقول ابن جني في تعريفه للغة بأنها‪« :‬عبارة عن مجموعة من األصوات يعبر بها كل قوم عن‬
‫أغراضهم»(‪.)1‬‬
‫معنى ذلك أن اللغة هي نسق من األلفاظ والرموز المنظمة يتم من خاللها التواصل بين‬
‫الناس‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ماهية الشعرية‬
‫أوال‪ :‬تعريف اللغة الشعرية لغة‬
‫اهتم العديد من النقاد بهذا المصطلح اهتمام بالغا‪ ،‬فلكل منهما مفهومه الخاص‪.‬‬
‫الشعرية أو الشعر هما مصطلحان لهما نفس المعنى‪.‬‬
‫فالشعر في اللغة مأخوذ من قولهم ‪ :‬شعرت بالشيء إذ علمته وفطنت له‪ ،‬فاشتقاق لفظة‬
‫الشعر من العلم واإلدراك والفطنة‪،‬والشعر الرجل يشعر شع ار وشع ار وشعر‪ ،‬وقيل‪ :‬شعر قال‬
‫الشعر‪ ،‬وشعر أجاد الشعر‪ ،‬والرجل شاعر‪ ،‬والجمع شعراء(‪ ،)2‬وقد ورد هذا األخير في العديد من‬
‫اآليات القرآنية نذكر منها‪:‬‬

‫(‪ )1‬ابن جني‪ ،‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،0‬تحقيق دمحم علي النجار‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط‪ ،4‬دت‪ ،‬ص‪43‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪301‬‬

‫‪10‬‬
‫اللغة الشعرية‬ :‫الفصل األول‬

)1(
          :‫قوله تعالى‬

                ‫قاله تعالى‬

      

                 

)2(
     

‫ تعريف الشعرية اصطالحا‬:‫ثانيا‬


.‫تعددت اآلراء حول موضوع مفهوم الشعرية والشعر‬
:‫فالشعر في االصطالح هو‬
‫ وقال الشعر‬،"‫عرفه النقاد بتعريفات عديدة منها تعريف قدامه ابن جعفر في كتابه "نقد الشعر‬
)3(
.»‫هو « كالم موزون مقفى يدل على معنى‬
.‫فسمي الشعر بهذا االسم الن الشاعر يفطن له بما ال يفطن له غيره من معانيه‬
)4(
.»‫وجاء في لسان أو لسان العرب «الشعر منظوم القول غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية‬
         :‫وجاء محكم التنزيل في سورة الشعراء‬

)5(
       

.19/‫) البقرة‬1(
.019/‫) األنعام‬2(
52‫ ص‬،‫ دت‬،‫ دط‬،‫ لبنان‬، ‫ دار الكتب العلمية‬،‫ تحقيق عبد المنعم الخقافي‬،‫ نقد الشعر‬،‫) قدامة بن جعفر‬3(
.300‫ ص‬،‫ لسان العرب‬،‫) ابن منظور‬4(
.552/553/‫) الشعراء‬5(

11
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إرهاصات اللغة الشعرية‬


‫المطلب األول‪ :‬إرهاصات اللغة الشعرية عند الغرب‬
‫أوال‪ :‬الشعرية الغربية القديمة‬
‫اهتم فالسفة الغرب القدماء منذ زمن طويل اهتماما بالغا باللغة الشعرية‪ ،‬التي ولدت على يد‬
‫أفالطون(‪ 432/352‬ق م)‪ ،‬الذي يعتبر األب الروحي الذي أرسى قواعد المدينة الفاضلة‬
‫بتحديده لقائمة من الممنوعات لدى الرقابة التي فرضها على الشعراء‪ ،‬وهو أول من أثار قضية‬
‫الشعر والشع ارء‪ ،‬وكذلك أرسطو طاليس(‪ 455/483‬ق م)‪ ،‬الذي يعتبر هو كذلك من األوائل‬
‫الذين استعملوا مصطلح (الشعرية) في كتابه "فن الشعر" أو "البويطيقا" حيث يستند في تصوره‬
‫على ما هو معياري والقائم على مبدأ المحاكاة كقاعدة للتمييز بين األجناس الشعرية كالشعر‬
‫الغنائي‪ ،‬الدرامي ‪ ،‬الملحمي‪ ،‬حيث تطرق أرسطو في كتابه الشهير فن الشعر إلى نشأة الشعر‬
‫وأقسامه وعالقاته بالمحاكاة إذ يرى أن " الشعر نشأ عن سببين كالهما طبيعي فالمحاكاة غريزة‬
‫في اإلنسان تظهر منذ الطفولة‪ ،‬فاإلنسان يختلف عن سائر الحيوان في كونه أكثر استعدادا‬
‫(‪)1‬‬
‫فهنا‬ ‫للمحاكاة‪ ،‬وبالمحاكاة يكسب معارفه األولية كما أن الناس يجدون لذة في المحاكاة"‬
‫يحاول أرسطو أن يوضح بان المحاكاة هي نزعة إنسانية أو هي شيء فطري تولد مع اإلنسان‪.‬‬
‫يقول أرسطو « تسرنا ال بوصفها محاكاة‪ ،‬ولكن إلتقان صناعتها‪ ،‬أو أللوانها أو ما شاكل كل‬
‫(‪)2‬‬
‫معنى هذا أن الشعر أو المحاكاة هو صناعة ناتجة عن إرادة وإدراك و ميوالت اإلنسان‬ ‫ذلك»‬
‫اتجاه شيء ما‪.‬‬
‫هذا فيما يخص الشعرية الغربية القديمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ارسطو‪ ،‬فن الشعر‪ ،‬تر وتح‪ :‬عبد الرحمان بدوي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪05‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪،‬ص‪05‬‬

‫‪12‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشعرية الغربية الحديثة‬


‫بنسبة للشعرية الغربية الحديثة فتزعمها كل من طودوروف ورومان جاكبسون وجون كوهن‪.‬‬
‫‪1‬ــ تزفيطان طودوروف )‪:(Tzvetan Todorov‬‬
‫يعد من ابرز اللذين أسهموا في حركة " النقد الجديدة"‪ ،‬وكذلك من األوائل المتحدثين عن‬
‫الشعرية‪ « ،‬فهو يدرجها ضمن العلوم التي بالخطابات وتتخذ الدليل في مختلف تجلياته‪،‬‬
‫موضوعا لدراساتها»(‪ .)1‬حيث يؤكد طودوروف على صلة األدب من حيث هو خطاب متميز‪،‬‬
‫بالخطابات والممارسات الرمزية األخرى مثل الخطابات الفلسفية والسياسية والدينية‪ ،‬والمنطوق‬
‫اليومي والسينما والمسرح ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫لكي نفهم الشعرية‪ ،‬البد علينا أن ننطلق من صورة عامة وبطبيعة الحال مبسطة إلى حد‬
‫ما‪ ،‬عن الدراسات األدبية وليس من الضروري مع ذلك أن نصف التيارات والمدارس الموجودة‬
‫بل يكتفي أن نذكر بالمواقف المتخذة بشان عدة اختيارات أساسية‪.‬‬
‫معنى هذا أن طودوروف في كالمه يحاول أن يبين لنا أن هناك عنصرين مهمين في تشكيل‬
‫بينة العمل األدبي‪ ،‬فالعنصر األول هو عنصر داخلي ال يتعدي العمل األدبي ذاته‪ ،‬وعنصر‬
‫آخر خارجي عن جسم األدب‪ ،‬وهو ناتج عن طبيعة تأثر األدب بغيره من العلوم األخرى مثل‬
‫(‪)2‬‬
‫علم االجتماع وعلم النفس‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪2‬ـــ جون كوهن )‪:(John Cohen‬‬
‫أن اللغة الشعرية نوعان من الوظائف حيث يقول " أن الوظيفة األولى هي الوظيفة‬
‫العادية أو الذهنية أو اإلدراكية والوظيفة الثانية المسماة العاطفة‪ ،‬االنفعالية‪ ،‬ويصطلح على‬

‫(‪ )1‬تزفيطان طودوروف‪ ،‬الشعرية‪ ،‬تر‪ :‬شكري المبخوث ورجاء بن سالمة‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪،‬‬
‫‪ ،0991‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬

‫‪13‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫األول داللة المطابقة بينما يصطلح على الثانية داللة اإليحاء‪ ،‬والوظيفة الثانية األكثر تجليا في‬
‫(‪)1‬‬
‫الشعر"‬
‫معنى هذا أن الوظيفة عند جون كوهن نوعان‪ :‬هناك الوظيفة اإلدراكية وهناك الوظيفة‬
‫العاطفية األولى تتطابق مع الواقع والثانية تتطابق مع الذات فهي عكس الوظيفة األولى تماما‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إرهاصات اللغة الشعرية عند العرب‬
‫اهتم النقاد العرب اهتماما بالغا باللغة الشعرية ‪ ،‬حيث ذهب أكثرهم إلى اإلبداع في هذا‬
‫المجال نذكر من بينهم‪ :‬حازم القرطاجني‪ ،‬احمد الخليل الفراهيدي‪ ،‬عباس محمود العقاد و‬
‫ادونيس ‪...‬الخ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الشعرية العربية القديمة‬
‫‪1‬ــ حازم القرطاجني‪:‬‬
‫من بين النقاد العرب الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية حيث يقول في تعريفه للشعر « كالم‬
‫موزون مقفى من شأنه أن يحبب لنفسه ما قصد تحبيبه إليها ويكره إليها ما قصد تكريهه ‪ ....‬بم‬
‫يتضمن من حسن تخييل له ومحاكاة مستقلة بنفسها ‪ ....‬وكل ذلك يتأكد بما يقترن من إغراب‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فان االستغراب والتعجب حركة للنفس فإذا اقترنت بحركتها الخيالية قوى انفعالها وتأثرها»‪.‬‬
‫لقد جمع هذا التعريف بين الرؤية العربية واليونانية للشعر‪ ،‬فالعربية تتجسد في كونه موزون‬
‫مقفى أما المحاكاة فهي ناجمة عن ترجمات ابن سينا والفرابي لكتاب فن الشعر ألرسطو‪ ،‬ويؤكد‬
‫حازم عملية المحاكاة تكتمل في عناصر أربعة‪:‬‬

‫(‪ )1‬جون كوهن‪ ،‬النظرية الشعرية(بناء لغة‪ ،‬اللغة العليا)‪ ،‬ج‪ ،0‬تر‪ :‬احمد درويش‪ ،‬دار غريب للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪، 5111 ،‬‬
‫ص‪588‬‬
‫(‪ )2‬حازم القرطاجني‪ ،‬منهاج البلغاء وسراج األدباء‪ ،‬تح‪ :‬دمحم الحبيب بن الخوجة‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪،0980 ،‬‬
‫ص‪20‬‬

‫‪14‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫«أولها العلم ‪ ....‬المبدع ‪ ....‬العمل الذي يشكه المبدع ‪ ....‬ورابعها المتلقي»‬
‫إضافة إلى ذلك فقد لمح حازم إلى بعض عناصر االتصال اللغوي قبل جاكبسون بسبعمائة‬
‫عام حيث ذكر أن األقاويل الشعرية تختلف مذاهبها وإنحاء االعتماد فيها ‪ ....‬وتلك الجهات‬
‫هي‪:‬‬
‫_ ما يرجع إلى القول نفسه (الرسالة)‪.‬‬
‫_ ما يرجع إلى القائل (المرسل)‪.‬‬
‫_ ما يرجع إلى المقول فيه (السياق)‪.‬‬
‫_ ما يرجع إلى المقول له (المرسل إليه)‪.‬‬
‫‪2‬ــ الخليل بن احمد الفراهيدي‪:‬‬
‫تتفق جميع المصادر التي جمعت للخليل الفراهيدي على انه هو الذي استنبط علم‬
‫العروض وأسس نظامه وقوانينه‪ ،‬ووضع مصطلحاته‪ .‬وعن الخليل اخذ النقاد العرب القدماء هذا‬
‫العلم وقيدوه في مؤلفاتهم‪ ،‬ونقدوا الشعر من خالل مفاهيمه‪ .‬وهكذا يكون الخليل أول من درس‬
‫(‪)2‬‬
‫أوزان الشعر العربي‪ ،‬وكشف طبيعة البحور وتكوينها كما ورد في الشعر العربي‪.‬‬
‫وعليه يعد كتاب (العروض) لبنة أساسية في صرح هذا العلم الذي يدرس إيقاع الشعر‬
‫وموسيقاه فيهدي إلى مواطن الصواب في بنية النص الشعري‪ ،‬ومواطن الخطأ فيه‪ .‬ويبدو أن‬
‫كتاب الخليل في العروض قد ضاع‪ ،‬واحتفظت بعض المصادر ببعض من نصوصه متفرقة هنا‬
‫وهناك‪.‬‬

‫(‪ )1‬حسن ناظم‪ ،‬المفاهيم الشعرية (دراسة مقارنة في األصول والمناهج)‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،0993 ،0‬‬
‫ص‪40/41‬‬
‫(‪ )2‬نور الدين السيد‪ ،‬الشعرية العربية( دراسة في التطور الفني للقصيدة العربية حتي العصر العباسي)‪،‬ج‪ ،0‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬ط‪ ،5102 ،0‬ص‪28‬‬

‫‪15‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وأوزان الخليل خمسة عشر وزنا‪ ،‬سمي كل منها بحرا‪ ،‬ألنه أشبه ببحر الذي ال يتناهي بما‬
‫يغترب منه في كونه يوزن به ماال يتناهي من الشعر‪ .‬فلما جاء االخفش أنكر وجود بحرين من‬
‫بحور الخليل‪ ،‬ألنها في رأيه لم يردا عن العرب‪ ،‬ثم زاد هو بح ار لم يذكره الخليل فيما ذكر‪.‬‬
‫وهكذا أصبحت بحور الشعر الستة عشر تامة بتنوعها الموسيقي وتشكيلها اإليقاعي‪ .‬واستمر‬
‫الشعراء ينسجون فيها قصائدهم ومقطعاتهم‪ ،‬وناد ار ما يخرجون على دوائر العروض التي حددها‬
‫الخليل‪ ،‬ال لقصور في ملكاتهم اإلبداعية‪ ،‬وإنما تنوع بحور الشعر‪ ،‬وكثرة إيقاعاتها‪ ،‬وهي التي‬
‫(‪)1‬‬
‫أتاحت لهم نظم قصائدهم ضمن هذه البحور‪.‬‬
‫وال نعرف إذا كانت العرب تعرف العروض قبل الخليل‪ ،‬وان كان ابن فارس يقر بمعرفة‬
‫العرب القديمة بالعروض في قوله " والذي نقوله في الحروف هو قولنا في اإلعراب‬
‫والعروض‪....‬الخ‪.‬‬
‫لقد سار على هدى الخليل مجموعة من العلماء األوائل‪ ،‬حيث ألفوا كتبا في علم العروض‬
‫والقوافي‪ ،‬وناقشوا بعض القضايا التي أغفلها الخليل من هؤالء‪ :‬االخفش‪ ،‬ابن جني‪ ،‬الجوهري‪،‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬الشنتريني‪ ،‬التبريزي‪ ،‬واسهم في التأليف حول هذا العلم كتاب‪ .‬أما المعاصرون‪.‬‬
‫تختلف وجهات نظرهم فيه باختالف ثقافاتهم‪ ،‬واتجاهاتهم الفكرية‪ ،‬ومن هؤالء‪ :‬دمحم النويهي و‬
‫شكري دمحم عياد وإبراهيم أنيس وكذلك كمال ابوديب وعبد هللا الطيب المجذوب ودمحم العلمي‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ......‬وسواهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬نور الدين السيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫‪16‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشعرية العربية الحديثة‬


‫‪1‬ـــ عباس محمود العقاد‪:‬‬
‫وجد الشعر في كل لغة من لغات القبائل البدائية واألمم المتحضرة ولكنه لم يوجد فنا كامال‬
‫مستقال عن الفنون األخرى في غير اللغة العربية‪.‬‬
‫والمقصود بالفن الكامل هو الشعر الذي توافرت له شروط الوزن والقافية وتقسيمات البحور‬
‫و األعاريض التي تعرف باألوزان وأسمائها وتطرد قواعدها في كل ما ينظم من قبلها‪.‬‬
‫« فالشعر في الكثير من اللغات قد يالحظ فيه اإليقاع وال تالحظ فيه القافية وال األوزان‬
‫المقررة‪ ،‬وقلما تالحظ القافية في األشعار التي تنشدها الجماعات‪ ،‬كالشعر المسرحي عند اليونان‬
‫(‪)1‬‬
‫وتراتيل الصالة و العبادة عند العبريين»‪.‬‬
‫يقول أن الشاعر البليغ هو «الشاعر ال ذي نعرفه من كالمه‪ ،‬ألنه يصف لنا شعوره بما‬
‫حوله من األحياء وسائر األشياء‪ ،‬ومتى عرفنا من كالمه ما يحب وما يكره وما يرضيه وما‬
‫(‪)2‬‬
‫ينكره‪ ،‬وما يحرك طبعه وفكره‪.»...‬‬
‫معنى هذا أن اللغة الشعرية أو كما أطلق عليها باللغة الشاعرة هي اللغة العربية وليس‬
‫في اللغات التي نعرفها‪ ،‬أو نعرف شيئا كافيا عن أدبها‪ ،‬لغة واحدة توصف بأنها لغة شاعرة غير‬
‫اللغات األخرى كلغة الضاد‪ ،‬أو لغة اإلعراب أو اللغة العربية‪.‬‬
‫يقصد باللغة الشاعرة (اللغة الشعرية) «بأنها هي اللغة التي يكثر فيها الشعر والشعراء‬
‫(‪)3‬‬
‫وان كثرة الشعراء تتوقف أحيانا على كثرة عدد المتكلمين باللغة»‪.‬‬

‫(‪ )1‬عباس محمود العقاد‪ ،‬اللغة الشاعرة‪ ،‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،0992،‬ص‪55‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.18‬‬

‫‪17‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إنما يريد باللغة الشاعرة أنها لغة بنيت على نسق الشعر في أصوله الفنية والموسيقية‪،‬‬
‫فهي في جملتها فن منظوم منسق األوزان واألصوات‪ ،‬ال تنفصل عن الشعر في الكالم تألفت‬
‫منه ولو لم يكن من كالم الشعراء‪.‬‬
‫ومن خصائص هذه اللغة البليغة (اللغة الشعرية)‪ ،‬في تغيراتها أن الكلمة الواحدة تحتفظ‬
‫(‪)1‬‬
‫بداللتها الشعرية المجازية وداللتها العلمية الواقعية في وقت واحد بغير لبس بين التعبيرين‪.‬‬
‫‪2‬ــ علي احمد السعيد‪:‬‬
‫المعروف باسم ادونيس ارتبطت شعرية عنده بالفضاء القرآني‪ ،‬حيث يعرض في كتابه‬
‫"الشعرية العربية" النقلة التي حدثت في رؤية النقد العربي انطالقا من قراءة النص القرآني الذي‬
‫فتح األفق على شعرية الكتابة‪ ،‬ومن ثم تأسست قراءتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬تمت في ضوء البيانية الشفوية الجاه لية تمسكا بالفطرة والقديم األصلي‪ ،‬وبذلك أصبح‬
‫األسلوب الشعري الجاهلي يرمز إلى الشعرية العربية المفردة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أضاف أصحابها إلى أساس الفطرة الشفافة التي تدعم هذه الفطرة وتحتضنها وهي‬
‫(‪)2‬‬
‫القراءة التي أسست لما يسمى بـ " شعرية الكتاب"‪.‬‬
‫وقد عبر ادونيس عن المنافرة ( االنزياح واالنحراف)‪ ،‬داخل الشعر بوصفه فعل خلخلة‪،‬‬
‫حين يقيم عالقات غير معهودة بين الكلمة والكلمة‪ ،‬وبين الكلمة والشيء‪ ،‬وبين اإلنسان والعالم‬
‫فيشوش "المعنى" و "اللفظ" معا‪ ،‬ويشوش المفهوم الموروث الشفوي‪ ،‬للشعر ذاته‪ ،‬فماهية الشعر‬
‫متشكلة من التنافر والفوضى‪ ،‬والتشويش‪ .‬وهي الخصائص التي تجعله متمي از من أصناف أخرى‬
‫من التعبير اللفظي‪ ،‬لهذا عد الباحث أن «سر الشعرية هو أن تظل دائما كالما ضد الكالم‪،‬‬

‫(‪ )1‬عباس محمود العقاد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.03‬‬


‫(‪ )2‬مشري بن خليفة‪ ،‬الشعرية العربية (مرجعيات وابداالتها النصية)‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪،‬‬
‫ص‪.53‬‬

‫‪18‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫لكي تقدر أن تسمى العالم وأشياءه أسماء جديدة‪ ،‬أي تراها في ضوء جديد‪ ،‬والشعر هو حيث‬
‫الكلمة تتجاوز نفسها منفلتة من حدود حروفها‪ ،‬وحيث الشيء يأخذ صورة جديدة‪ ،‬ومعنى أخر‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫هكذا يحتفي الشعر بالتناقضات واالنحرافات»‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬سمات اللغة الشعرية وخصائصها‬
‫تتمثل سمات وخصائص اللغة الشعرية في مجموعة من المميزات‪ ،‬تنفرد بها وتميزها عن‬
‫لغة النثر‪ ،‬وتنحصر هذه الخصائص في ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االختالف‬
‫وتجلى في رصد العالقات المتباينة في الخطاب وجعل األلفة بينها‪ .‬ويتضمن هذا‬
‫االختالف البعد عن التقليد والرتابة‪ .‬فيقوم الشعر بتنظيم األلفاظ وتنسيقها بطرائق تبعث على‬
‫الدهشة واالفتتان‪ .‬لما تحدثه من مفارقة وانزياح‪ ،‬وبما تتضمنه من انفعاالت ومشاعر تدفع‬
‫بالقارئ إلى االحتماء بألفتها ومجازيتها‪ .‬ذلك أن للغة الشعر القدرة على اإلحياء بما الستطيع‬
‫اللغة العادية أن تتوصل إليه‪ ،‬فاألدب يوجد بقدر ما ينجح في قول ما ال تستطيع اللغة العادية‬
‫(‪)2‬‬
‫أن تقوله‪ ،‬ولو كان يعنى ما تعنيه اللغة العادية لم يكن مبرر لوجوده‪.‬‬
‫وبقدر ما يتحقق هذا االختالف بقدر ما تكتسب اللغة الشعرية جوانب فنية ترقي بها إلى‬
‫درجة اإلبداع الحقيقي المتميز الذي يلقى القبول لدى المتلقي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المفارقة‬
‫فهي الخروج عن نمطية اللغة والتمرد على القيود والقواعد اللغوية والتراكيب الجاهزة‪،‬‬
‫واللجوء إلى أشكال االنزياح‪ ،‬حيث تكتسب اللغة حلة جديدة بما تحققه من دالالت‪.‬‬

‫(‪ )1‬مبارك اباعزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪21/39‬‬


‫(‪ )2‬احمد حاجي‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪92‬‬

‫‪19‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وتقوم المفارقة في أساسها على أساليب السخرية القولية‪ ،‬وإضحاك القارئ‪ ،‬مما يمنح‬
‫الكاتب مزيدا من المساحة غير المباشرة وإال مألوفة في اإلفصاح عما يجول في خاطره من‬
‫أفكار أدبية ويلجأ الكاتب إلى أسلوب المفارقة من اجل التخلص من المباشرة القولية‪ ،‬ومنح‬
‫(‪)1‬‬
‫النص مزيدا من الفنية والجمال‪.‬‬
‫يلجأ الشاعر إلى المفارقة للتخلص من الطبيعة التركيبية للغة‪ ،‬ولكي يصل إلى مستوى من‬
‫التحليل الذي يفي برغبته في إبداعه الشعري‪ ،‬وذلك من اجل إنتاج تركيب لغوي خاص من‬
‫خالل تلك الطبيعة التحليلية‪ ،‬وهذا كله يمثل نجاحا للشاعر‪ ،‬عالوة على أن اللغة الشعرية تمنحه‬
‫(‪)2‬‬
‫القدرة على ذلك‪ ،‬عكس اللغة النثرية‪.‬‬
‫وعليه فالمفارقة صيغة بالغية أو أسلوب يستعمله المرء ليقول قوال أو يتصرف تصرفا يحمل‬
‫معنيين احدهما ظاهري سطحي واآلخر باطني‪.‬‬
‫كذلك التخلص من القوالب اللفظية الجاهزة إلنتاج تراكيب جديدة كنوع من االنزياح وهذا ما‬
‫يكسب اللغة حلة جديدة بما تحققه من دالالت‪ ،‬وهي أيضا حصيلة «الطاقات اللغوية المتفجرة‬
‫تنبع من مجاوزة الواقع واالبتعاد عن المعجمية بحيث نكون أمام لغة شعرية لها كثافة تحجب‬
‫(‪)3‬‬
‫النظر عندها وال تسمح باختراقها»‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإليحائية‬
‫تتمثل وظيفة اللغة في اإلحياء‪ ،‬مما يحقق وظيفتها الشعرية‪ ،‬فهي تعبر عن الوجدان‬
‫وتسعى إلى الكشف عن معان جديدة‪ .‬وتتحقق اإليحائية في االبتعاد عن الدالالت المعجمية‬

‫(‪ )1‬شهيرة حمد المراحلة‪ ،‬جماليات اللغة الشعرية(دراسة في ديوان راشد عيسى)‪ ،‬رسالة مقدمة استكماال لمتطلبات الحصول‬
‫على درجة الماجستير‪ ،‬إشراف‪ :‬خليل الرفوع‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة مؤتة‪ ،‬الكرك‪ ،‬األردن‪ ،5102 ،‬ص‪.81‬‬
‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫(‪ )3‬إبراهيم عبد المنعم إبراهيم‪ ،‬بحوث في الشعرية وتطبيقها عند المتنبي‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬كلية األسن لآلداب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،5118‬ص‪58‬‬

‫‪20‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ذلك أن لغة الشعر تتميز بالتداعي الوجداني‪ .‬فاللغة الشعرية تتضمن معارف وجدانية وليست‬
‫معارف ذهنية‪ .‬وهي بهذه التجليات تفتح أفاقا واسعة وتستثمرها في صورة وجدانية‪ ،‬إذ تمثل‬
‫دوافع التداعي جانبا مهما في ارتفاع النبرات االنفعالية وما تنطوي عليه من التوتر والقلق‬
‫فاإلحياء ينقل النص من صيغة التقريرية إلى أفق الشاعرية‪ ،‬فيتجاوز التواصل المباشر‪ ،‬فينفذ‬
‫إلى ذات القارئ‪ ،‬ويفتح مجاال أرحب الستنطاق الجوانب الخفية لإلبداع‪ ،‬و األبعاد الجمالية‬
‫للنتاج األدبي‪ .‬فاللغة في الشعر تتجانس مع مناخ القصيدة ومضمونها‪ ،‬وهي إشارية تعتمد على‬
‫الرمز واإليحاء واإليماء‪ .‬فهي بهذا تختلف عن لغة النثر التي تتميز بالنمطية والشفافية‬
‫(‪)1‬‬
‫والوضوح‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬االرتباط‬
‫وهو احد الركائز التي تقوم عليها اللغة الشعرية‪ ،‬بحيث يمزج بين الحاالت النفسية‬
‫والجوانب اللغوية بغية التأثير في المتلقي ونتيجة لذلك يتحقق اإليحاء واالختالف والبعد عن‬
‫التقرير‪ ،‬فاللغة هي األداة التي يتم من خاللها ربط األفكار ونقلها‪ ،‬أي أنها هي أداة التواصل‬
‫األولى ونجد بأنها من أكثر اآلليات المتفق على تعريفها بأنها «أصوات يعبر بها كل قوم عن‬
‫(‪)2‬‬
‫أغراضهم»‬
‫حيث تكتسي اللغة طابعا اجتماعيا‪ ،‬فهي أداة التواصل ونقل األفكار‪ ،‬وتعود خصوصيتها في‬
‫ارتباطها بالشعر‪ ،‬فاللغة عند الشاعر تصبح لغة شعرية عندما تخضع للتجربة‪ ،‬يتحقق فيها‬
‫اإليحاء واالختالف والبعد عن التقريرية والتقليد‪.‬‬

‫(‪ )1‬احمد حاجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫(‪ )2‬ابن جني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪44‬‬

‫‪21‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خامسا‪ :‬النسيج اإليقاعي‬


‫يمثل النسيج اإليقاعي عنص ار رئيسا في الشعر‪ .‬وقد عده القدماء من أهم أركانه‪ ،‬وهو يتجاوز‬
‫المظهر الخارجي المتمثل في الوزن والقافية إلى النسيج اإليقاعي الداخلي‪ ،‬حيث تتردد األصوات‬
‫والحروف وتتألف الكلمات فيما بينها‪ ،‬فيشكل اإليقاع صوت الشاعر ويعبر عن أفكاره و وجدانه‬
‫(‪)1‬‬
‫ومواقفه‪ .‬فيستدعي ذلك استخدام البحور الطويلة أو القصيرة حسب الحالة النفسية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التصوير‬
‫« تشمل الصورة الشعرية مجموعة من الكنايات واالستعارات والتشبيهات‪ .‬جمالية تشد القارئ‬
‫إليها و تثير فيه دوافع القراءة الجديدة‪ ،‬للربط بين الصور أو إيجاد مسوغات في كيفية ترابط هذه‬
‫الصور‪ ،‬أو في العالقات الناتجة عن دالالت الترابط بين الوجدان والمواقف من جهة‪ ،‬وطرق‬
‫تقديم الصور من جهة أخرى‪ .‬فالصور هي نوع من أنواع االنزياح‪ ،‬تدفع بالنص إلى البروز‬
‫بشكل يبعث الفكر على التأمل و االستقصاء‪ .‬فاللغة الشعرية غير اللغة العادية‪ ،‬إذ تكشف‬
‫(‪)2‬‬
‫باالستعمال الشعري عن درجة من التصوير والقوة والتنظيم يجعلها منفردة عن سواها»‪.‬‬
‫معنى هذا أن الصورة الشعرية ال تتحقق إال من خالل مجموعة من المكونات التي تفتح‬
‫النص على تعدد القراءات والتأويل‪ ،‬وتكمن هاته المكونات في الكناية‪ ،‬واالستعارة و التشبيه و‬
‫المجاز‪ ،‬وهنا يبرز إبداع الشاعر في توظيف هذه المكونات بحيث تنقل الصورة المادية أو‬
‫الوجدانية من طابعها المادي إلى طابعها المحسوس‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬خصوصية التركيب‬
‫«اللغة الشعرية لغة انزياحية‪ ،‬تخرج األلفاظ من معانيها المعجمية وتبعث فيها دالالت‬
‫خاصة تمنح الكالم سمة التميز‪ .‬أن اللغة العادية تتحول في الشعر إلى لغة غربية‪ ،‬ويتضح ذلك‬

‫(‪ )1‬احمد حاجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫(‪)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.98‬‬

‫‪22‬‬
‫اللغة الشعرية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من خالل األدوات الشكلية كالقافية واإليقاع والتراكيب‪ ،‬فيظهر التميز في الخطاب حيث الحذف‬
‫والذكر والتقديم والتأخير‪ ،‬وغير ذلك من الظواهر األسلوبية التي تحقق خصوصية اللغة الشعرية‪،‬‬
‫فيتسم التركيب في الشعر بالصياغة المخصوصة‪ ،‬واإليقاع الموسيقي واالنتظام في األلفاظ‬
‫والتآلف في األصوات والدالالت فيكون بوسع المتلقي إدراك المناحي الجمالية‪ ،‬وتساهم هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫الخصوصية في إضفاء جمالية الشعر‪ ،‬مما تميزه عن لغة الخطاب العادي»‪.‬‬
‫لكل لغة خصائص ومكونات خاصة بها وقانون معين يحكمها فاللغة العربية يختلف قانونها‬
‫ونظامها عن اللغة الفرنسية واالنجليزية وغيرها‪ .....‬الخ‪ ،‬ولكن خصوصية اللغة الشعرية تقوم‬
‫باستغالل جميع أساليب الطرق للرقي بها فهي تقوم على إخراج المفردات من معناها المعجمي‬
‫الذي ينتج لنا معنى جديدا وهنا تبرز أساليب مختلفة منها االنزياح والتفات والتقديم والتأخير‬
‫وغيرها من األساليب التي تخص اللغة‪.‬‬

‫(‪)1‬احمد حاجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬مكونات اللغة الشعرية في ديوان "الصراخ"‬
‫لـ ـ ـ هاجر علي‬
‫المبحث األول ‪ :‬المعجم الشعري‬
‫المبحث الثاني ‪:‬مكونات التراكيب‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الصورة الشعرية‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬
‫المبحث األول‪ :‬المعجم الشعري‬

‫يتكون من مجموعة حقول داللية وهي‪« :‬عبارة عن قطاع كامل من المادة يعبر عن‬
‫مجال الخبرة اللغوية أي قطاع لغوي متكامل مترابط وهو يعبر عن تصور لغوي ما أو فكرة ما‬
‫أو خبرة معينة‪ ،‬وال بد من ارتباط هذا الحقل الداللي بمجموعة من العالقات المنظمة له كعالقة‬
‫(‪)1‬‬
‫"الجزء بالكل" و "السبب بالمسبب" و "الضد بالضد" وغير ذلك من العالقات المنظمة له»‪.‬‬
‫عموما الحقول الداللية تهدف إلى جمع مجموعة من الكلمات التي تترابط مع بعضها‬
‫البعض ضمن الحقل الداللي الواحد والكشف عن مجموعة الكلمات التي تترابط مع بعضها‬
‫البعض والعالقات التي تصل كل منها باآلخر وصلة كل كلمة بالمفهوم العام للحقل ضف إلى‬
‫أن فهم أي كلمة بمعجمها يقوم على فهم عالقاتها بالحقل الداللي الذي تنطوي تحته ومعرفة‬
‫عالقتها بالعناصر المعجمية ذاتها‪.‬‬
‫وبعد تصفح ديوان "الصراخ" للشاعرة العراقية هاجر علي حددت الحقول البارزة في هذا‬
‫الديوان وهي حقول ملفته ألي قارئ متذوق للشعر‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حقل الحزن‬

‫ال تخرج المجموعة الشعرية "صراخ" للشاعرة العراقية هاجر علي‪ ،‬من إطار الحزن بحيث‬
‫صار الحزن ليس حالة انفعالية مؤقتة‪ ،‬بل هي سمة يوصف بها شعب بأكمله نتيجة الحروب‬
‫(‪)2‬‬
‫والكوارث والدمار‪.‬‬
‫والشاعرة هاجر علي مثال حي عن الشعراء الذين يعانون ويعشون ظروف مزرية‪ ،‬فاغلب‬
‫نصوصها عن الموت والوحدة‪ ،‬وعزلة الذات ال منكسرة‪ ،‬واألب الذي رحل مبك ار والفراغ‪ ،‬والذاكرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬دمحم عباس‪ ,‬األبعاد اإلبداعية في منهج عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ,‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،0999,‬ص‪82‬‬
‫(‪ )2‬هاجر علي‪ ،‬ديوان "صراخ"‪ ،‬طباعة دار الكتب والوثائق‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪ ،5109 ،‬ص‪.12‬‬

‫‪25‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫هذا العالم الذي تحياه الشاعرة "هاجر علي"‪ ،‬كل شيء فيه يتأزم ويكبر مع اإلحساس‬
‫بالخيبة من خالل استحالة تغلب اإلنسان على مشكالت الزمن وعجزه عن تحقيق ديمومة‬
‫(‪)1‬‬
‫معايشة مع العالم‪.‬‬
‫لقد ترك موت والدها أث ار بالغا في روح الشاعرة والتي أفردت له في هذا الديوان نصوصا‬
‫حزينة مخاطبة إياه حيث تقول‪:‬‬
‫ليت األمر‪ ،‬أننا تبادلنا األدوار‬
‫ؘ‬
‫فاألول مرة لم نكن معا‬
‫ؘ‬
‫لكن المرض كان أنانيا‬
‫واختارك من بيننا‬
‫*********‬
‫ؙ‬
‫أتعلم ‪ ...‬كم لعنت نفسي؟‬
‫ؙ‬
‫كلما وقفت أمامك بكامل قوتي‬
‫وأنت الممدد أمامي ‪..‬‬
‫ؙ‬
‫راهنت‪,‬‬
‫ؘ‬ ‫ؘ‬
‫أن باستطاعتي أن أعطيك من قوتي‬
‫ؘ‬
‫أن أرفعك عن سريرك‪ ,‬وآخذ عنك مرضك‬
‫ؙ‬
‫من دون أن يكون لك الحق بالكالم!‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫أبت‬
‫أتذكر نصائحك يا ؚ‬
‫فقد علمتني‬
‫أال أنحني وإن أثقلت ظهري األحمال‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.2‬‬

‫‪26‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أقف ‪ ..‬في منتصف الطريق‬


‫أنا ‪ ..‬اآلن‬
‫(‪)1‬‬
‫أبت‬
‫لوحدي يا ؚ‬
‫وألن غياب األب هذا الكائن المحبوب ال يشبهه أي غياب تعيد من خالل نصوص مهداة‬
‫إليه كما اشرنا استعادته شع ار وتنطلق بقوة اإلحساس العاطفي التواق لعودته حد إرسال أغنية له‬
‫لعله يسمعها في عالمه األخر‪ ,‬هي ليست أغنية ما‪ ,‬عط ار ما‪ ،‬زهرة ما ‪ ...‬فتقول ‪:‬‬
‫ؘ‬
‫عالم لم تعد‬
‫ؙ‬
‫حكاية وحكاية‬
‫ؚ‬ ‫وبانتظارك ألف‬
‫أو ‪ ..‬ما تسمعني؟‬
‫إني ‪ ..‬ؙ‬
‫أفتح الباب اآلن‬
‫ؙ‬
‫طل علي‬
‫دمعة‬ ‫فأنا ‪ ,‬ال أملك ؘ‬
‫غير‬
‫ؚ‬
‫أخفيها عنك‬
‫في الليل الجاثم‬
‫ؙ‬
‫غابات شجن‬
‫وطائر الشو ؚق‬
‫يحط ؘ‬‫ؙ‬
‫قرب نافذتي‬
‫ؘ‬
‫فأق أر قصيدة‬
‫هل تسمعني؟‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.09‬‬

‫‪27‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أم أنا أتكلم وحدي!‬
‫فالحزن لعب ا‬
‫دور هاما في قصائد ديوانها الن رحيل الوالد لم يكن بالشيء السهل والبسيط‬
‫كبير وأوجاعا كثيرة وغياب مر وقاتل لتقف في منتصف الطريق‬
‫ا‬ ‫بل ترك في نفسيتها فراغا‬
‫وحيدة وحزينة تقول أيضا‪:‬‬
‫ؙ‬
‫ليت الحزن قميص نخلعه‬
‫يا أبي‬
‫ؙ‬
‫زمان هذا ‪ ..‬؟‬
‫أي ؚ‬
‫مرة وحيدة‬
‫أنا ألول ؚ‬
‫وسهم يجوب أحشائي‬
‫و أيام ال أعرف كيف ألقاها‬
‫أشعلت نا ار في‬
‫و أحالمي ‪..‬‬
‫ؙ‬
‫قمر تأخر طلته!‬
‫ؙ‬
‫ما عدت أبالي!‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫ليل‬
‫ؚ‬ ‫خة‬‫منذ صرت أخشى صر‬
‫أعياد ستمر‬
‫ؚ‬ ‫و مواسم‬
‫ألب !‬
‫بين هم و غدر ‪ ،‬فقد ؚ‬
‫فتفتحت الظلمة مبكرة‬
‫(‪)2‬‬ ‫و كأني ؙ‬
‫أقتل كل يوم!‬

‫(‪)1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان ‪ ،‬ص‪.04‬‬


‫(‪)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.02‬‬

‫‪28‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫التوق الشديد للعزلة والخوف منه ولد نصوص في غاية اإلحساس بعدمية األشياء من‬
‫حولها حتى النهار المضيء تحول مثل ساحر اسود يتظاهر بالبراءة والمرح فيما الروح إلى‬
‫عنان السماء بالشكوى تقول هاجر علي‪:‬‬
‫ؙ‬
‫متى يؤذن لي بالرحيل‬
‫و تغلق عيني بإطمئان‬
‫منذ أن دب اليأس في‬
‫ؙ‬
‫ات صافية‬‫هربت إلى سماو ؚ‬
‫ؙ‬
‫حيث ال ضجيج‬
‫ؘ‬ ‫ؘ‬
‫اف المدينة‬
‫ؚ‬ ‫ر‬ ‫أط‬ ‫آخر‬
‫ؚ‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫منسي‬ ‫ر‬
‫ا‬ ‫و قب‬
‫فمتى ‪ ,‬أغلق عيني وتختفي الظلمة‬
‫و أجد مسكن هناك عند الرب‬
‫(‪)1‬‬
‫ؘ‬ ‫فأهيلوا التر ؘ‬
‫اب سريعا ‪ ,‬فوق قبري!‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حقل الوطن‬
‫لطالما تغنى الشعراء بأوطانهم قديما وحديثا‪ ،‬فليس غريبا على الشاعرة العراقية "هاجر‬
‫علي" أن تجعل لوطنها العظيم مساحة كبيرة في ديوانها بعد أبيها رحمه هللا‪ .‬فالعراق بالنسبة لها‬
‫اكبر وأرحب من كونه أرضا أوسع من الفضاء بل هو جزء من الذات‪ ،‬حيث تقول‪:‬‬
‫ألبس معطف الحنين !‬
‫وأعود إلى أيام خوال‬
‫اسمع صدى رنين األبيات‬
‫غلب الرجال فلم تنفعهم القلل*باتوا على قلل الجبال تحرسهم !‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.28‬‬

‫‪29‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫رائحة الوطن والبيت وذكرى األجداد‬
‫الشاعرة تشتاق إلى أيام خوال كانت تعيش فيها مع أبيها في بيت واحد وفي وطن واحد‬
‫باإلضافة إلى أنها تشتاق كذلك إلى رائحة الوطن أو باألحرى رائحة الحرية واألمن واالستقرار‬
‫التي صارت تفقدها في زمننا الراهن نتيجة الحروب التي تشهدها بالد الرافدين في السنوات‬
‫األخيرة‪.‬‬
‫تقول أيضا في قصيدة "نهار مشمس في مدينة مهجورة"‪:‬‬
‫تكفي أقل انتباهه‬
‫أنه يوم عادي ال غير‬
‫ظل شج ؚرة‬ ‫ؙ‬
‫اجلس فيه ‪ ..‬تحت ؚ‬
‫نهار مشمس‪ ,‬يكاد يحدثني!‬ ‫في ؚ‬
‫ؙ‬
‫وينظر بشو ؚق غر ؚ‬
‫يب للمارة‬
‫(‪)2‬‬
‫أتشكو الوحدة مثلي‪ ,‬في مدينة مهجورة؟‬
‫معنى هذا أن العالم الذي تحياه الشاعرة هاجر‪ ،‬كل شيء فيه يتأزم ويكبر مع اإلحساس‬
‫بالخيبة‪ ،‬من خالل استحالة تغلب اإلنسان على مشكالت الزمن وعجزه عن تحقيق ديمومة‬
‫معايشة مع العالم‪.‬‬
‫وفي مقابل عالم الحروب والقلوب الجامدة‪ ،‬تطلق الشاعرة "هاجر علي" ‪ ..‬إحساسها المفعم‬
‫بالخيبة‪ ,‬حيث تقول‪:‬‬
‫ؘ‬
‫ال براءة لألوهام‬
‫حين ظننا‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪. 53‬‬


‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪30‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ؙ‬
‫قابيل واحد‬ ‫أن‬
‫ؙ‬
‫و ها نحن‪ ,‬ندفن‬
‫ؘ‬
‫هابيل كل يوم‬
‫من دون أن يرف لنا جفن‬
‫الوسادة نفسها‬
‫ؚ‬ ‫ؙ‬
‫وننام على‬
‫الدماء اليوم‬
‫ؚ‬ ‫وهي تطوى في‬
‫(‪)1‬‬
‫زمن سحيق‬
‫فنفينا إلى الجحيم منذ ؚ‬
‫فالشاعرة تختزل في قصيدة "قابيل" تاريخ الموت‪ ،‬فيبدو العالم معزوال وباردا‪ .‬يتحول "قابيل" إلى‬
‫رمز تاريخي تضعه ضمن دائرة ضوء اإلنسانية التي تتصارع منذ أول جريمة قتل في التاريخ‬
‫(‪)2‬‬
‫لتبدأ معها رحلة تاريخ ملوث بالدم والرماد‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حقل المرأة‬
‫للمرأة حضور دائم وقوي في القصيدة العربية فقد كانت في أشعار الجاهليين المعشوقة‬
‫والحبيبة واألم وال صديقة وغير ذلك من الصور وانتشرت هذه الصور عبر عصور الشعر‬
‫العربي المتتالية واستمر حضور المرأة من عصر ألخر خاصة أن هذه العصور قد فتحت طرقا‬
‫جديدة وصو ار مبتكرة لها‪ .‬فلم تعد الحبيبة فحسب ‪ ،‬بل تحولت لرمزيات كثيرة ضمن أطر سياسية‬
‫و اجتماعية ذات عالقة بالواقع المعيش‪.‬‬
‫وعالقة المرأة بالحب والوطن عالقة وثيقة‪ .‬فهي الحبيبة والعشيقة واألم والصديقة أو‬
‫باألحرى هي الوطن الحنون ‪ ،‬وعليه فقد تشابكت الحقول الداللية وفقا للمعاني والرمزيات المكثفة‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ,‬الديوان‪ ,‬ص‪.41‬‬


‫)‪ (2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪31‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ضمن إطار القصيدة الشعرية‪ .‬وهذا ما يتجلى من خالل صور المرأة عند الشاعرة العراقية‬
‫"هاجر علي" التي اتخذت منها صديقة تارة و أما تارة أخرى حيث تقول‪:‬‬
‫النداء‬
‫ؘ‬
‫القلب للعتب‬ ‫ؙ‬
‫يدفع‬
‫وأكسر طوقي‬
‫إليك‬ ‫ؙ‬
‫وأجيء ؚ‬
‫بإبتسامة يشتهيها الورد‬
‫فمنذ رحيل الطائر الذهبي عنا‬
‫ونحن نفتقد النجوم‬
‫لذا ال تضعفي‬
‫ؘ‬
‫حتي وان كانت في أعماق العيون شهقة ذكرى‬
‫ؘ‬
‫وان أتيت ممسكة يديك أول مرة‬
‫ؘ‬ ‫ؘ‬
‫ودفة الريح تطوق غفوة ؚ‬
‫ليل‬
‫ؙ‬
‫(‪)1‬‬
‫وفي الط ؙرقات نركض مبتهجين‬
‫وقالت أيضا‪:‬‬
‫أماه‬
‫ما بر ؘح الهم يناديني‬
‫ؙ‬
‫ومرآة األي ؚام مكسورة‬
‫أماه‬
‫منعطف للطفولة‬
‫ؚ‬ ‫في أو ؚل‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪49‬‬

‫‪32‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫بأمان‪ ,‬معك يحل النهار‬


‫وال تستلمين‪...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ؘ‬
‫ي‬
‫رغم المدى يتراقص شماتة لقهر !‬
‫تستنجد هاجر علي بأمها الن األم هي نبع الحنان واألمان هذا راجع إلى األلم الشديدة التي‬
‫تعيشه الشاعرة نتيجة الضروف الصعبة التي تحيط بها ‪ ،‬فتقول أيضا‪:‬‬
‫أماه‬
‫أنخسر رهان اليوم واألمس؟‬
‫فمنذ كسر غصن‬
‫والشوق إليه‬
‫ات من اللؤلؤ‬ ‫ؙ‬
‫يطفر كحب ؚ‬
‫أماه‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫أبي الذي يشبه نخلة‬
‫ؘ‬
‫ال يريد حزنا‬
‫ؘ‬
‫بل صب ار‬
‫ؙ‬
‫كقالدة‬
‫ؚ‬ ‫نعلقه في صدورنا ‪...‬‬
‫فانهضي‬
‫(‪)2‬‬ ‫ؘ‬
‫أحملي هم األيام عنا‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪. 31‬‬


‫(‪ )2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪33‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫في هذا المقام مجموعة من الكلمات تمثل حقل المرأة الداللي وهي أماه فاألم هي مصدر‬
‫الحنان واألمان والجنة التي تحت األقدام‪ .‬فالشاعرة تستنجد بأمها من اجل أن تحمل عنها هم‬
‫األيام الصعبة التي تمر بها والوقوف بجنبها‪.‬‬
‫تقول أيضا ‪:‬‬
‫ظننتك لن تنسي‬
‫أم‬
‫نسيت يا صديقتي؟‬
‫ؚ‬
‫أننا مرآة لبعض‬
‫ؙ‬ ‫ؘ‬
‫جناحاه !‬ ‫وعاتبنا عصفور قد قص‬
‫كم من م ؚرة‪,‬‬
‫عاكستنا الريح ‪..‬‬
‫ؘ‬
‫فسحبنا شوكة من جسد الليل‬
‫ؘ‬ ‫ؘ‬
‫وندوس معا عشب السهول‬
‫ؙ‬
‫الظلمة‪ ,‬نخاف ونبكي‬
‫ؚ‬ ‫وفي‬
‫تطاردنا أشباح وتداهمنا ضوضاء!‬
‫ؘ‬ ‫ؘ‬
‫أتذكر أحيانا‪ ,‬ضحكتنا المكتوبة‬
‫حين حاصرتنا العيون‬
‫(‪)1‬‬
‫نسيت ‪.‬‬
‫ؚ‬ ‫يا صديقتي‪ ,‬لن أصدق أنك‬
‫في هذه األسطر الشعرية مجموعة من مفردات تدخل في حقل المرأة وهي "صديقتي"‬
‫فهي تمثل عالقة الحب والصداقة القوية التي تجمع بين الشاعرة وصديقتها‪" .‬فهاجر علي" تسرد‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.34‬‬

‫‪34‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫لنا في هذه القصيدة كل ما فات ومر عليها هي وصديقتها من أوجاع وآالم وأحزان نتيجة‬
‫الظروف المزرية والقاسية التي تشهدها بالد الرافدين (العراق)‪.‬‬
‫تقول أيضا في قصيدة "غرباء"‪:‬‬
‫ؙ‬ ‫ؙ‬
‫سأسير على مهل‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ؙ‬
‫الجميع ينظر إلي‬ ‫ما ؘ‬
‫دام‬
‫مدينة ألول م ؚرة‬
‫ؚ‬ ‫في‬
‫أرى الناس فيها غرباء!‬
‫ؘ‬
‫يق جيدا‬
‫أمشي كمن يعرف الطر ؚ‬
‫لكن ؘلم‬
‫ؘ‬
‫ينظرون إلي‬
‫العالم اآلخر‬
‫ؚ‬ ‫أنا الوحيدة اآلتية من‬
‫أعرف‬
‫ؘ‬
‫أنهم ذاهبون إلي!‬
‫ؙ‬
‫كغيمة من دخان‬
‫ؚ‬ ‫فتصاعدت الهموم‬
‫بالقرب من قبري‬
‫ؚ‬ ‫حين توقفوا‬
‫ؘ‬
‫ورد‬
‫وضعوا باقة ؚ‬
‫على قبر امرأة‬
‫(‪)1‬‬
‫في مقب ؚرة منسية !‬
‫وفي األخير يمكن إجمال القول أن أغلب مفردات المقاطع السابقة تعود إلى حقل المرأة‪.‬‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪35‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مكونات التركيب‬


‫للغة العربية مجموعة من الخصائص واألساليب التي تميزها عن غيرها من لغات العالم‪،‬‬
‫فمن المعروف بأنها لغة "الضاد" ولغة القرآن الكريم وأنها لغة أهل الجنة‪ ،‬نذكر بعضا من هذه‪:‬‬
‫األساليب اللغوية‪ .‬فقد مزجت الشاعرة العراقية في قصائدها بين األساليب اإلنشائية والخبرية مع‬
‫تنوع اضربه‪ ،‬مما أضفى على شعرها جانبا فنيا وزاد المعنى رونقا وجماال‪ ,‬وفيما يأتي سنعرض‬
‫بعض هذه األساليب وأغراضها البالغية التي تأتي حسب المعنى‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األسلوب الخبري‬
‫(‪)1‬‬
‫« هو قول يحتمل الصدق والكذب ويصح أن يقال لقائله انه صادق أو كاذب»‬
‫والحكم على صادق الخبر وكذبه يكون بمطابقته للواقع أو عدم مطابقته دون النظر إلى‬
‫بنية القائل أو اعتقاده أو غير ذلك‪.‬‬
‫الخبر عند ابن منظور في كتابه لسان العرب « فنجد عنده الخبير من أسماء هللا عز وجل‬
‫العالم بما كان وما يكون وخبرت باألمر أي علمته وخبرت ألمر اخبره إذا عرفته على حقيقته‬
‫والخبر بالتحريك واحد من األخبار والخبر ما أتاك من نبأ عمن تستخبر والجمع أخبار وجمع‬
‫(‪)2‬‬
‫الجمع اخابير واستخبره سأله عن الخبر ورجل خابر وخبير عالم الخبر»‬
‫أي باختصار ما يحتمل الصدق والكذب ويستثنى من هذا القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف‬
‫والحقائق العلمية لألسلوب الخبري مجموعة من األغراض نذكر منها‪ :‬التحسر‪ ،‬الضعف‪ ،‬الفخر‬
‫النصح ‪...‬الخ‪ .‬ويظهر هذا في العديد من قصائد هاجر علي‪.‬‬
‫يحث نجدها تقول الشاعرة في قصيدة "أماه"‪:‬‬
‫النداء‬

‫(‪ )1‬بكري شيخ األمين‪ ،‬البالغة العربية في ثوبها الجديد‪ ،‬ج‪ ،0‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،0929 ،0‬ص‪.24‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الصادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،5111 ،0‬ص‪.01‬‬

‫‪36‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ؘ‬
‫القلب للعتب‬ ‫ؙ‬
‫يدفع‬
‫واكسر طوقي‬
‫إليك‬ ‫ؙ‬
‫وأجيء ؚ‬
‫بابتسامة يشتهيها الورد‬
‫فمنذ رحيل الطائر الذهبي عنا‬
‫ونحن نفتقد النجوم‬
‫(‪)1‬‬
‫لذا ال تضعفي‬
‫تشجع الشاعرة العراقية والدتها حتى ال تضعف وال تحزن خاصة بعد رحيل الوالد‪« .‬فمنذ‬
‫رحيل الطائر الذهبي عنا ـ ـ ونحن نفتقد النجوم» ‪ ،‬الن رحيل والدها أو الطائر الذهبي كما‬
‫أطلقت عليه وهم في حالة نفسية مزرية‪.‬‬
‫تقول أيضا‪:‬‬
‫أماه‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫أبي الذي يشبه نخلة‬
‫ؘ‬
‫ال يريد حزنا‬
‫ؘ‬
‫بل صب ار‬
‫ؙ‬
‫كالقالدة‬
‫ؚ‬ ‫نعلقه في صدورنا ‪..‬‬
‫فانهضي‬
‫(‪)2‬‬ ‫ؘ‬
‫احملي هم األيام عنا‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬ص‪.49‬‬


‫(‪)2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪37‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫تطلب الشاعرة من أمها أن تتحلى بالصبر الن أبيها ال يريد حزنا‪ ،‬وال يريد ض ار لهم‪،‬‬
‫فهي تناشد أمها بان تحمل عليها هم األيام التي أثقلت كاهلها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬األسلوب اإلنشائي‬
‫وهو أسلوب أو مجوعة من األساليب التي ال تحمل التصديق وال التكذيب وهي نوعان‬
‫"طلبي" و "غير طلبي"‪:‬‬
‫ويعنى البالغيون باإلنشاء الطلبي ما يستلزم مطلوبا ليس حاصال وقت الطلب‪ .‬أما اإلنشاء غير‬
‫الطلبي فهو ما ال يستلزم مطلوبا ليس حاصال وقت الطلب‪ ،‬مثال ذلك نجد‪ :‬أفعال المقاربة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن النماذج الموجودة في ديوان‪:‬‬ ‫وأفعال التعجب‪ ،‬وكم الخبرية‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪1‬ــ النداء‪:‬‬
‫تعددت المفاهيم االصطالحية للنداء في جل مؤلفات البالغيين‪ ،‬فرغم هذا التعدد إال أنها‬
‫تتفق في معنى واحد‪.‬‬
‫هو نوع من أنواع اإلنشاء الطلبي‪ ،‬وهو طلب اإلقبال بحرف نائب فاعل مناب "أدعو" ملفوظا‬
‫(‪)2‬‬
‫به‪.‬‬
‫فهو عندهم‪ « :‬طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف نائب مناب " أنادي" المنقول من‬
‫(‪)3‬‬
‫الخبر إلى اإلنشاء»‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وهو أيضا‪« :‬طلب اإلقبال بحرف نائب مناب "أدعو"»‪.‬‬

‫(‪ )1‬عبد السالم دمحم هارون‪ ،‬األساليب اإلنشائية في النحو العربي‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،5110 ،2‬ص‪. 04‬‬
‫(‪ )2‬بدوي طبانة‪ ،‬معجم البالغة العربية‪ ،‬دار المنارة‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪ ،0988 ،4‬ص‪.221‬‬
‫(‪ )3‬السيد احمد الهاشمي‪ ،‬جواهر البالغة‪ ،‬تع‪ :‬سليمان الصالح‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،5112 ،5‬ص‪.92‬‬
‫(‪ )4‬علي الجارم ومصطفي أمين‪ ،‬البالغة الواضحة (البيان‪ ،‬المعاني‪ ،‬البديع)‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،0999 ،4‬‬
‫ص‪.500‬‬

‫‪38‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫كما قيل فيه أيضا‪ « :‬توجيه الدعوة إلى المخاطب وتنبيهه لإلصغاء‪ ،‬وسماع ما يريده‬
‫(‪)1‬‬
‫المتكلم‪ ،‬أو هو طلب اإلقبال بالحرف "يا" أو إحدى أخواتها»‪.‬‬
‫فهذه التعريفات متفقة جميعا على معاني‪ :‬الطلب واإلقبال والدعوة والتنبيه‪.‬‬
‫و نرى أن الشاعرة "هاجر علي" اعتمدت على غرض النداء في عدد كبير من اسطر‬
‫قصائدها وقد اختلفت أغراضه بين التشبيه والتحسر والحزن كما ورد في المقطع التالي‪:‬‬
‫مخطئون ‪ ....‬يا أبي‬
‫ؘ‬
‫أنك غبت عنا‬
‫ؙ‬
‫تلويحة وداع‬
‫ؚ‬ ‫منذ‬
‫تشير إلى أقصى النور اإللهي‬ ‫ويدك ؙ‬

‫سماء ممطر ‪...‬‬


‫ؚ‬ ‫في‬
‫ؘ‬
‫كنت حينها أعبر ذاكرتي‪ ،‬مطمئنة‬
‫كقوس‬ ‫ؙ‬
‫أعبر السور الممتد‬
‫ؚ‬
‫ؘ‬
‫أراك هناك فوق الغيوم‬
‫أذان الفجر‬
‫مع صوت ؚ‬
‫وصدى االبتهال‬
‫ألم أقل‬
‫(‪)2‬‬
‫أنهم مخطئون ‪ ...‬يا أبي؟‬
‫فالشاعرة تدعو أباها الذي وافته المنية ليقول لها أنهم مخطئون وانه مازال على قد‬
‫الحياة‪ .‬هذا راجع إلى حزنها وألمها الشديدة نتيجة فقدان الوالد‪ .‬ففقدان والدها ولد لها فراغا نفسيا‬
‫كبير‪.‬‬
‫ا‬

‫(‪ )1‬إبراهيم عبود‪ ،‬السامرائي‪ ،‬األساليب اإلنشائية‪ ،‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،5118 ،0‬ص‪.20‬‬
‫(‪)2‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.08‬‬

‫‪39‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪2‬ــ االستفهام‪:‬‬
‫«هو استعالم ما في ضمير المخاطب‪ ,‬وقيل‪ :‬هو طلب حصول صورة الشيء في‬
‫الذهن‪ ،‬فان كانت تلك الصورة وقوع نسبة بين الشيئين‪ ،‬أو ال وقوعها‪ ،‬فحصولها هو التصديق‬
‫(‪)1‬‬
‫وإال فهو التصور»‪.‬‬
‫فيكون هذا بواسطة أداة من أدواته وهي‪ :‬الهمزة‪ ،‬هل‪ ،‬من‪ ،‬ما‪ ،‬متى‪ ،‬أين وأيان‪ ،‬أنى‪ ،‬كيف‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫كم‪ ،‬وأي‪.‬‬
‫كان لالستفهام البالغي حضور كبير في ديوان صراخ لهاجر علي ويبرز ذلك في مجموعة من‬
‫القصائد نذكر منها‪:‬‬
‫هل تسمعني؟‬
‫(‪)3‬‬
‫أم أنا أتكلم وحدي!‬
‫تسأل الشاعرة أباها الذي فارق الحياة وتركها لوحدها في هذه الحياة‪ ،‬هل يسمعها لكي‬
‫تشكو له همها وحزنها وشوقها ‪...‬الخ‪.‬‬
‫تقول أيضا في قصيدة "إلى عمي الراحل (عباس هاشم بداي)"‪:‬‬
‫أصحيح؟‬
‫(‪)4‬‬
‫رحلت إلى الال منتهى‪ ،‬ارض الوعيد؟‬
‫فالشاعرة تسأل عمها الراحل "عباس هاشم بداي" أصحيح انه رحل‪ ،‬الن رحيله ولد لها‬
‫صدمة كبيرة وحزنا عميقا‪.‬‬

‫(‪ )1‬يحي بن حمزة العلوي‪ ،‬الطراز المتضمن إلسرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز‪ ،‬ج‪ ،4‬دار الكتب الخدوية‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪ ،0903‬ص‪.582‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرحمان بن دمحم بن عبد هللا‪ ،‬أسرار العربية‪ ،‬تح‪ :‬دمحم حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪ ،0992‬ص‪.094‬‬
‫(‪ )3‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫(‪ )4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪40‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪3‬ــ التمني‪:‬‬
‫« في لغة العرب تمني حصول شيء مثل محبة شخص أو مجيء شخص ‪ ،‬أو طلب‬
‫الشيء المستبعد الوقوع»(‪.)1‬‬
‫وهو طلب وهذا ال يختصر على كلمة (ليت) بل يتضمن كلمتي (لعل وعسى) وأمثلة التمني‬
‫(‪)2‬‬
‫وقوله تعالى" ‪‬‬ ‫كثيرة‪ ،‬كقوله تعالى "‪"       ‬‬

‫(‪)3‬‬
‫‪"      ‬‬

‫فكثي ار ما أوردت الشاعرة غرض التمني في قصائدها‪ ،‬نذكر منه ما ورد في قصيدة "قميص‬
‫الحزن"‪:‬‬
‫ؙ‬
‫ليت الحزن قميص نخلعه‬
‫(‪)4‬‬
‫يا أبي‬
‫جاء التمني ليؤدي حاجة في نفسية الشاعرة‪ ،‬حيث استخدمت كلمة "ليت" لطلب شيء‬
‫صعب المنال والمستحيل‪ .‬والغاية من ذلك هو التخلص من األلم الشديد الذي يسكن داخلها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التناص‬
‫ظهر مصطلح التناص للمرة األولى في الغرب على يد "جوليا كريستيفا" عام ‪0922‬م‬
‫في مجلة "تال كال" الفرنسية‪ ،‬وهي ترى‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرحمان بن احمد المقري‪ ،‬أسلوب النداء في القران الكريم ( دراسة تطبيقية في السور المكية)‪ ،‬رسالة مقدمة الستكمال‬
‫متطل بات الحصول على درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬جامعة مؤتة‪ ،‬الكرك‪ ،‬األردن‪ ،5112 ،‬ص‪.40‬‬
‫(‪ )2‬سورة الفرقان ‪.52 /‬‬
‫(‪ )3‬سورة الفرقان ‪.58 /‬‬
‫(‪ )4‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪02‬‬

‫‪41‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫« أن كل نص هو عبارة عن فسيفساء من االقتباسات‪ ،‬وكل نص هو تشرب وتحويل لنصوص‬


‫(‪)1‬‬
‫أخرى»‪.‬‬
‫كما ترى أيضا أن التناص « إنما هو تقطيع عبارات مأخوذة من نصوص أخرى‪ ،‬وفي‬
‫كتابها "نص الرواية" عادت فكتبت عن التناص انه هو التقاطع والتعديل المتبادل بين وحدات‬
‫عائدة إلى نصوص مختلفة‪ ،‬ثم وصلت بعد حين إلى أن نص هو تشرب وتحويل نص‬
‫(‪)2‬‬
‫آخر»‪.‬‬
‫إذن كل نص هو نتيجة لتجمع العديد من النصوص‪ ،‬وان لكل نص مرجعية من نص‬
‫آخر يأخذ منه ويعيد نسيجه في شكل جديد‪ ،‬مثال أن هناك نصوص مقتبسة من األساطير‬
‫فنقول أنها نصوص أسطورية‪ ،‬هذا يعني انه استند الى مرجعية وهي النصوص األسطورية فاخذ‬
‫منها‪.‬‬
‫فالتناص آلية من اآلليات التي يلجأ إليها عن قصد بهدف نقل القارئ من زمان آلخر ومن‬
‫مكان آلخر لمعايشة الحدث‪ ،‬فالنصوص األدبية مأخوذة من نصوص وعمال أخرى‪ ،‬فقد يأخذ‬
‫الشاعر من أعمال روائية والعكس كذلك‪ ،‬الن األجناس األدبية باتت تأخذ من بعضها البعض‪.‬‬
‫أنواع التناص‪:‬‬
‫ومن اجل معرفة أكثر واكتشاف أعمق قمت بدراسة هذه الظاهرة التي شهدت حضو ار‬
‫كثيفا في ديوان " الصراخ" مركزة على التناص الديني والتناص التاريخي ألنهم األكثر استخدام‬
‫في ديوان ‪.‬‬

‫(‪)1‬دمحم مفتاح‪ ،‬تحليل الخطاب الشعري إستراتيجية التناص‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،0982 ،5‬ص‪.051‬‬
‫(‪ )2‬حصة عبد هللا البادي‪ ،‬التناص في الشعر العربي الحديث‪ ،‬دار كنوز المعرفة العلمية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،5119 ،‬ص‪.51‬‬

‫‪42‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪1‬ــ التناص الديني‪:‬‬


‫لقد كان للقرآن الكريم حضور بارز في كتابات األدباء عبر العصور لما له من اثر عظيم‬
‫في التوجيه والتقويم‪ ،‬ولما في آياته من إشراق وإشعاع‪ ،‬أضف إلى ذلك أن القرآن الكريم ليس‬
‫(‪)1‬‬
‫وهو استحضار الكاتبة‬ ‫كغيره من الكتب السماوية لما يحتويه من قيم روحية وميزات جمالية‪.‬‬
‫لبعض آيات القرآن الكريم وتوظيفها توظيفا جماليا يعطي للنص مكانة ويزيده حسنا وجماال‪.‬‬
‫و«يعد القرآن رافدا غنيا ونهال عذبا للشعراء‪ ،‬فاستقى منه الشعراء واستثمروا طاقاته بما يدعم‬
‫ويساند تجاربهم الشعرية ومواقفهم الفكرية»(‪.)2‬‬
‫فالقرآن الكريم مصدر مهم وأولى لكل كاتب وقارئ‪ ،‬ولقد كان المتصوفة أشد أنواع‬
‫الكتاب انجذابا للنص القرآني‪ ،‬ذلك أن القرآن ال كريم يمثل أهم الدعامات الرئيسية في فكرهم‪،‬‬
‫وبما أن القرآن خطاب إلهي فإن الصوفي يعلم أن هللا يخاطبه في كل شيء‪.‬‬
‫لقد عمدت الشاعرة في قصائدها إلى التناص من القرآن الكريم لتقوية شعرها وهذا أن دل‬
‫على شيء فهو يدل على مدى تمسك الشاعرة بدينها الحنيف‪ ،‬فنجدها تقول في قصيدة "رحلة‬
‫لقطار الذكريات"‪:‬‬
‫صمتي سكون‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫ويهيج فوق المنتهى بعال‬
‫كبحر مصطفي بهدوء‬ ‫ؚ‬
‫ؙ‬
‫يخدع الن ؘ‬
‫اظر إذ رأى‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫فيهيج قس ار‪،‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬علجية مودع‪ ،‬النص الصوفي وفضاءات التأويل‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في النقد العربي‪ ،‬إشراف‪:‬‬
‫صالح مفقودة‪ ،‬جامعة دمحم خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،5101 ،‬ص‪.008‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.009‬‬

‫‪43‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫كطفل بريء‬
‫ؚ‬
‫ؘ‬
‫أدرك يوما‪ ،‬انه ؘ‬
‫ليس سوى هللا‬
‫(‪)1‬‬
‫يء كن فيكون!‬ ‫ؙ‬
‫يقول للش ؚ‬
‫في السطر األخير تناصا من سورة يس اآلية ‪ 85‬في قوله تعالي ‪   :‬‬

‫(‪)2‬‬
‫صدق هللا العظيم‬ ‫‪"       ‬‬

‫‪2‬ــ التناص التاريخي‪:‬‬


‫إن اللجوء إلى أسفار التاريخ المضيئة بالمواقف المجيدة والشخصيات الفاعلة‪ ،‬خير‬
‫عمل يقوم به من انتهج سبيل الكتابة الشعرية منها‪ ،‬فلطالما كان التاريخ العربي واإلسالمي‬
‫محو ار وضاءا في تجربة الشعراء وملهما ذا شأن ينقل الشاعر من موقف آلخر‪.‬‬
‫والقصيدة الصوفية خير تعبير نستدل به عن ذلك الزخم المعرفي والفكري‪ ،‬نجد الشاعرة في‬
‫بعض قصائدها قد استحضرت شخصيات تاريخية وإسالمية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قولها في قصيدة‬
‫"قابيل"‪:‬‬
‫ؘ‬
‫ال براءة لألوهام‬
‫حين ظننا‬
‫ؙ‬
‫قابيل واحد‬ ‫أن‬
‫ؙ‬
‫وها نحن‪ ،‬ندفن‬
‫ؘ‬
‫هابيل كل يوم‬
‫من دون أن يرف لنا جفن‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫(‪ )2‬سورة يس‪.85 /‬‬

‫‪44‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫الوسادة نفسها‬
‫ؚ‬ ‫وننام على‬
‫الدماء اليوم‬
‫ؚ‬ ‫وهي تطوى في‬
‫(‪)1‬‬
‫زمن سحيق‪.‬‬
‫فنفينا إلى الجحيم منذ ؚ‬
‫لقد استحضرت الشاعرة "هاجر علي" في أبيات قصيدتها شخصية تاريخية مرموقة‪ ،‬كان‬
‫لها ذاع كبير في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬إنه البطل "قابيل" من القادة البارزين سجلوا اسمهم في‬
‫صفحات التاريخ اإلسالمي ليتحول اسمه بعد ذلك إلى رمز تاريخي‪.‬‬
‫فمن خالل العالقات اللغوية داخل النص وتنوع األساليب فيه‪ ،‬بين األساليب اإلنشائية‬
‫والخبرية نجد الشاعرة العراقية "هاجر علي" قد أبدعت‪ ،‬ولذلك نجدها عمدت الستظهار الداللة‬
‫وضدها من خالل طرحها للعديد من المظاهر المختلفة التي عصفت بالمجتمع العراقي من‬
‫حروب ودمار ناهيك عن وفاة أبيها الذي كان هو السبب الرئيسي لكتابة هذا الديوان‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الصورة الشعرية‬
‫اعتنت الدراسات النقدية القديمة والحديثة بالصورة الشعرية‪ ،‬وأسهمت في الحديث عن‬
‫طبيعتها ووسائل بنائها وخصائصها الفنية‪ ،‬ولعل ذلك يرجع إلى أهميتها‪ .‬ومن تعاريفها‪.‬‬
‫فالصورة الشعرية هي‪:‬‬
‫«فن جديد في النقد هذا الشعر والموازنة بين الشعراء أي اثر الشاعر الذي يصف المرئيات‬
‫وهنا يجعل قارئ شعره ال يدري أيق أر قصيدة أم يشاهد منظ ار من مناظر الوجود‪ ،‬والذي يصف‬
‫(‪)2‬‬
‫الوجدانيات وصفا يخيل للقارئ انه يناجي نفسه ويحاور ضميره»‪.‬‬
‫فالشعر هو الذي يعبر عن الصورة وهي لبه‪ ،‬وهي الوسيلة الفنية الجوهرية التي ينقل بها‬
‫الشاعر حدسه إلى غيره‪ .‬فهي إحدى المكونات األصلية للقصيدة األدبية‪ .‬و هي سمة بارزة فيه‬

‫(‪)1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.41‬‬


‫(‪ )2‬عسى إبراهيم السعدي‪ ،‬جماليات الشعر العربي على مر العصور‪ ،‬دار المعتز‪ ،‬ط‪ ،5119 ،0‬ص‪.049‬‬

‫‪45‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫فال يخلو عمل شعر من التصوير‪ ،‬و يذهب الباحثون والمتخصصون في مجال األدب‪ ،‬أن أهم‬
‫ما يميز الشعر عن بقية الفنون األخرى عنصران اثنان ( الموسيقى‪ ،‬الصورة)‪ ،‬وذهب معظمهم‬
‫(‪)1‬‬
‫أن الشعر في جوهره تعبير صوري‪.‬‬
‫والصورة ثابتة في كل القصائد وكل قصيدة هي في حد ذاتها صورة " وان ذهبت‬
‫االتجاهات وتغير األسلوب كما يتغير نمط الوزن فالموضوع الجوهري يمكن أن يتغير بدون‬
‫(‪)2‬‬
‫إدراك ولكن المجاز يأتي كمبدأ للحياة في القصيدة وكمقياس الشاعر"‪.‬‬
‫نفهم من هذا التعريف أن الصورة الشعرية تعتمد بشكل كبير على خيال الشاعرة وقدرتها‬
‫على الربط بين األشياء وهذا اإلبداع الذهني‪ ،‬ولكن هنا ال يمكننا أن نتجاهل إحساس الشاعرة‬
‫ألنها في كل صورة تحاول أن تدخل فيها بصماتها ونبضها‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صورة التشبيه‬
‫عرف النقد العربي القديم و الحديث مجموعة من األدوات البالغية التي لها الدور الفعال‬
‫في عملية التصوير الفني ‪ ،‬ومعرفة قيمتها في تشكيل الصورة الشعرية‪ ،‬وإظهار أهميتها البالغية‬
‫والداللية في عملية الت صوير‪ ،‬بدءا باألدوات التي استعانت بها هاجر علي في رسم صورتها‬
‫سواء إلظهار الحقيقة كما تراها أو تقريب صورة الحال في لحظة زمنية معينة‪ ،‬فنجد التشبيه‬
‫على رأس هذه األدوات البالغية التي اعتنت بها الشاعرة بشكل كبير‪ ،‬فهي لم تنظر إليه على‬
‫أساس انه أداة من أدوات رسم الصورة الشعرية فحسب بل كان عندها أداة من أدوات تقريب‬
‫المعنى وإيضاحه من خالله إلى توصيل الفكرة إلى المتلقي‪ ،‬فتخلق بذلك فضاء تسيح فيه اللغة‬
‫في أجواء مفعمة باإلثارة والدهشة فيصور األحاسيس الغائرة وانتشالها وتجسيدها والكشف عن‬
‫ماهيتها على نحو يجعلنا ننفعل انفعاال عميقا‪.‬‬

‫(‪ )1‬جابر احمد عصقور‪ ،‬الصورة الفنية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،0995 ،4‬ص‪2‬‬
‫(‪)2‬جابر احمد عصقور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪2‬‬

‫‪46‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫معنى هذا أن التشبيه هو أداة توصيل تربط الشاعرة بالمتلقي وتصور ما يجيش في صدرها‬
‫بغية اإلثارة فيه (المتلقي)‪.‬‬
‫فمن تشبيهاتها ما نالحظه في قولها‪:‬‬
‫اشعر وال أشعر‬
‫حزينة أنا لكن ال أعرف‪ ,‬لماذا!‬
‫ؘ‬
‫أشعر أن هنالك فراغا في داخلي‪,‬‬
‫ؘ‬ ‫ؘ‬ ‫ؘ‬
‫يصير أحيانا بركانا هائال ‪..‬‬
‫هو بداخلي‬‫متعب ما ؘ‬

‫بإنتظار‬
‫أن انشر ذراعي لريح الغياب‬
‫لكن محاصرة أنا‬
‫كالنجمة حيث تسهر فوق ؚ‬
‫قمة‬
‫أجلس هكذا حتى‪ ،‬يتعب الص ؙبر مني‬
‫(‪)1‬‬
‫فكل ما يحيط بي ‪ ...‬فراغ!‬
‫شبهت "هاجر علي" نفسها كالنجمة التي تسهر فوق القمم والتي تحاصرها النجوم من‬
‫كل مكان‪ .‬فرسمت هذه الصورة مع إظهار األداة التي استخدمتها للتشبيه‪ ،‬فهي حرف " الكاف"‬
‫فالتشبيه هذا زاد الخاصية الفنية أهمية كبيرة‪ .‬جعلت منها أعظم أداة من أدوات رسم الصورة‬
‫الشعرية‪ ،‬وما نجدها فيه من تكثيف عاطفي وما يستدعيه ذلك من خيال لتحقيق أغراض نفسية‬
‫تحقيقا جماليا مع زيادة المعنى جماال ووضوحا كذلك‪.‬‬
‫كما نجدها تتضم صورة تشبيهية في قولها‪:‬‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.42‬‬

‫‪47‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫ؙ‬ ‫ؙ‬
‫سأسير على مهل‬ ‫قلت‪:‬‬
‫ؙ‬
‫الجميع ينظر إلي‬ ‫ؘ‬
‫مادام‬
‫مدينة ألول م ؚرة‬
‫ؚ‬ ‫في‬
‫أرى الناس فيها غرباء!‬
‫ؘ ؘ‬
‫يق جيدا‬
‫أمشي كمن يعرف الطر‬
‫لكن ؘلم‬
‫ينظرون ؘ‬
‫إلي‬
‫العالم اآلخر‬
‫ؚ‬ ‫أنا الوحيدة اآلتية من‬
‫أعرف‬
‫ؘ‬
‫أنهم ذاهبون إلي !‬
‫(‪)1‬‬ ‫ؙ‬
‫كغيمة من دخان‬
‫ؚ‬ ‫فتصاعدت الهموم‬
‫شبهت الشاعرة "هاجر علي" همومها كالغيمة المتصاعدة إلى أعناق السماء‪ ،‬هذا راجع إلى‬
‫كثرة الهموم واألوجاع واألحزان التي بداخلها نتيجة وفاة والدها واألثر الذي خلفه في نفسيتها‬
‫كذلك شعورها بالوحدة ‪...‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الصورة االستعارية‬
‫ما دامت االستعارة أقوى إيحاء من التشبيه لما تتضمنه من سعة الداللة وقوة التصوير‬
‫وذلك بطبيعة الحال إذا أحسن استعمالها للداللة على الصورة‪ .‬فإننا نجد "هاجر علي" قد وظفت‬
‫صور استعارية في ديوانها‪ ،‬وولت هذا النوع من ا لصورة الفنية اهتماما كبي ار تفننت في تصوير‬
‫ا‬
‫هذه األخيرة بشكل مميز ليكون أكثر فنية وجمالية وأكثر قوة وتأثير في نفسية المتلقي‪.‬‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪48‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫حيث نجد الشاعرة تلجأ إلى ذكر أحد طرفي التشبيه مدعية دخول المشبه في جنس المشبه‬
‫به‪ ،‬داال عليه بإثباته للمشبه ما يخص المشبه به من اسم جنسه أو الزمه أو لفظ يستعمل فيه‪.‬‬
‫كما أنها نوعت من الصورة االستعارية‪ ،‬فعمدت إلى الصور االستعارية المكنية ليكن‬
‫بالمشبه به‪ ،‬وعمدت أيضا إلى الصور االستعارية التصريحية‪ ،‬لتصرح من خاللها بالمشبه به‪.‬‬
‫ولعل هذه الفنية التي تميزت بها صورة الشاعرة العراقية تعكس بوجه عام سعة خيالها‪،‬‬
‫حيث حاولت التعبير عن عواطفها وأحاسيسها بطريقة حية ومتجددة فخلق تآلفا وانسجاما‪ ،‬تتيح‬
‫للمتلقي أن ينسج خياله في منطقة أكثر اتساعا وأرحب أفقا من المنطقة التي يتيحها التشبيه‪.‬‬
‫تقول الشاعرة العراقية "هاجر علي" ‪:‬‬
‫ليت األمر‪ ,‬أننا تبادلنا األدوار‬
‫ؘ‬
‫فألول مرة لم نكن معا‬
‫ؘ‬
‫لكن المرض كان أنانيا‬
‫(‪)1‬‬
‫واختارك من بيننا‬
‫حيث نجدها هنا تشبه المرض باإلنسان األناني الذي يمسك الشيء بالقوة وال يتركه‬
‫فالمرض هنا امسك بابيها إلى أن أخذه من بين أيديهم‪ .‬فحذفت المشبه به لهو اإلنسان‪ ،‬ورمزت‬
‫للمشبه به المحذوف بالزمة من لوازمه وهو صفة األنانية على سبيل االستعارة المكنية‪.‬‬
‫لم تتوقف الشاعرة العراقية "هاجر علي" عند هذا الحد‪ ،‬بل وظفت الكثير من االستعارات‬
‫في الكثير من قصائد ديوانها "الصراخ" فانا اكتفيت بذكر بعض من النماذج فقط‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصورة الكنائية‬
‫من خالل قراءتي في ديوان "صراخ" لهاجر علي‪ ،‬تبين لي أنها استخدمت الصور الكنائية‬
‫بشكل كبير قصد إيصالها إلى المتلقي رغبة في حمله على البحث عن معانيه التي تتخفي‬

‫(‪)1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.09‬‬

‫‪49‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫وتختبئ وراء المعنى الظاهر‪ .‬ولعل هذا هو السبب في تواجد الصور الكنائية في شعرها‬
‫المصورة في قوالب جمالية مميزة تعكس براعتها وفطنتها وجمال أسلوبيها الخالق لتبرير موقف‬
‫أو بقصد إيضاح مقام أو حال من األحوال‪ ،‬أو تريد أن تدل بذلك على قيمتها الن "الكناية ابلغ‬
‫(‪)1‬‬
‫من التصريح"‪.‬‬
‫وقد تفاوت توظيفها للكناية بحسب المقام والحال‪ ،‬واكتفيت من خالل هذا ببعض الصور‬
‫الكنائية المعدودة‪ ،‬وكان هدفي منها هو تبيين مدى استغالل الشاعرة لهذا النوع البالغي والبياني‬
‫في رسم صورها‪ ،‬الن للكناية دو ار مهما وفعال في بنية الشعر‪.‬‬
‫فمن الصور الكنائية التي وظفتها الشاعرة العراقية قولها‪:‬‬
‫ؘ‬ ‫ؙ‬
‫أبي الذي يشبه نخلة‬
‫ؘ‬
‫ال يريد حزنا‬
‫ؘ‬
‫بل صب ار‬
‫(‪)2‬‬ ‫ؙ‬
‫كالقالدة‬
‫ؚ‬ ‫نعلقه في صدورنا‪......‬‬
‫فالشاعرة بصورتها هذه أرادت التعبير عن شدة الحزن‪ ،‬وكثرة المحن التي حلت بها‪ .‬فهي‬
‫كناية عن األلم والحزن الذي يسري بداخلها وقلة الصبر‪ «.‬أبي الذي يشبه النخلة‪ ....‬نعلقه في‬
‫صدورنا ‪ ....‬كالقالدة» وبهذه تكون الصورة مرآة عاكسة لمعاناة الشاعرة وما كبدته النفسية‬
‫اتجاه أبيها الذي وافته المنية‪ .‬وهي بذلك تعبير عن صرخة الشاعرة ونفسيتها المضطربة‬
‫الجريحة لما تحمله من أحزان ومأساة فيظهر لنا الجمال األسلوبي "لهاجر علي" من خالل‬
‫اتخاذها صفة الواقفة بين الحقيقة والمجاز‪ ،‬مما أعطى صورتها هذه بعدا معرفيا عميقا‪ ،‬اعتمدت‬

‫(‪ )1‬عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز في علم المعاني‪ ،‬شك وشر‪ :‬غامضة ياسين األيوبي‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫دط‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪.002‬‬
‫(‪ )2‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.30‬‬

‫‪50‬‬
‫مكونات اللغة الشعرية في ديوان الصراخ لـــــ هاجر علي‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫فيه على ترك التصريح بذكر الشيء‪ ،‬واالعتماد على ذكر ما يلزم معناه أو بتعبير دقيق انتقلت‬
‫بنا من الواجب ذكره إلى ما ال يهم تركه‪ ،‬فببراعة وضعت أمام المتلقي معنيين‪ ،‬المعنى األول‬
‫حقيقي والمعنى الثاني مجازي‪ .‬مما زاد المعنى جماال ووضوحا‪.‬‬
‫تقول أيضا في قصيدة في "وحدتي"‪:‬‬
‫اشتدت غربتي‬
‫ليس لبعدي عن الوطن‬
‫أو الفتقادي لحنين أمي‬
‫لكن ‪...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أخذتني الدنيا إلى أحضان وحشتي‬
‫كما نالحظ في هذه القصيدة وبالتحديد في السطر األخير منها‪ ،‬صورة كنائية أخرى وهي‬
‫كناية عن الشوق والحنين‪ ،‬بحيث تتج أر الشاعرة العراقية في التعبير عن شوقها ووحشتها وحنينها‬
‫ولهفتها التي تسكن بداخلها‪ .‬فهذا الشوق والحنين ليس المها أو لوطنها بل ألبيها الذي فارق‬
‫الحياة‪ .‬فهي تتحصر كذلك على الزمن الذي صرنا نعيش فيه‪ .‬نحس بالغربة والوحدة ونحن في‬
‫وطننا وبين أهلينا ‪ ،....‬عكس ما كنا نعيشه في السابق‪.‬‬
‫استغلتها أحسن استغالل‬ ‫بال نظر والتدقيق في كنايات الشاعرة العراقية "هاجر علي"‬
‫كأسلوب بالغي وبياني‪ ،‬دليل عن الفهم والمقدرة والسيطرة اللغوية الجيدة التي تبنتها الشاعرة‬
‫إليصال المعنى بالطريقة المناسبة‪ ،‬باإلضافة إلى صعوبة الوصول إلى مقصدية الشاعرة في‬
‫بعض األحيان‪ .‬ولعل المرد من ذلك أن الكناية تبدو صعبة المنال عند تأمل جزئياتها‪ ،‬رغم ما‬
‫يخيل إلينا من بساطتها الهينة‪ ،‬ذلك أنها تندغم في الكالم والتركيب اللغوي‪ ،‬ويظل السياق هو‬
‫الكفيل بإضاءتها بشكل أساسي‪.‬‬

‫(‪ )1‬هاجر علي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫‪51‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫من خالل دراسة ديوان "الصراخ" لهاجر علي توصلت إلى ما يلي‪:‬‬
‫ـ ـ ـ الشعرية تقوم على دراسة العمل اإلبداعي الشعري‪ ،‬من خالل أجزاء تشكله المتمثلة في البنية‬
‫المعجمية والتركيبية والداللية ‪.‬‬
‫_ اعتمدت الشاعرة العراقية على اللغة الفصيحة مبنية على اإلشارة واستخدام الرموز‪ ،‬وهذا ما‬
‫يميز اللغة الشعرية القائمة على مبدأ االنحراف الذي زادها جماال ورونقا فنيا‪.‬‬
‫_ كشف التناص عن تنوع الروافد الثقافية للشاعرة وثراء مخزونها اللغوي والفكري‪.‬‬
‫_ الجمالية في ديوان "الصراخ" تقوم على التناص الديني والتاريخي باعتبارها إثراء لتجربة‬
‫الشاعرة كما أنها دليل على خلفيتها الثقافية ومستواها المعرفي النابع من تواصلها مع مختلف‬
‫النصوص إلعطاء قيمة لقصائدها‪.‬‬
‫_ ندرك مدى التنسيق والتجانس الذي يتحلى به العمل الذي قامت به الشاعرة العراقية هاجر‬
‫علي في ديوانها "الصراخ"‪.‬‬
‫_ فاللغة الشعرية عند هاجر علي كانت عميقة اإليحاءات والدالالت بالتعبير عن عالمها‬
‫النفسي وحزنها العميق الذي خلفه وفاه والدها‪ ،‬حيث كان ديوان "الصراخ" بمثابة المرآة العاكسة‬
‫للواقع الذي تعيشه الشاعرة في فترة ما‪.‬‬
‫_ تنوع وتعدد الصور الشعرية في ديوان "الصراخ" لهاجر علي وكذلك اشتماله على مختلف‬
‫أنواع التصوير‪.‬‬
‫_ سهولة وبساطة الصور الشعرية في ديوان هاجر علي العتمادها على األنماط البالغية‬
‫المعروفة والمألوفة التي ينقلب عليها طابع التقليد ويسيطر عليها حقل الحزن‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫اعتمادها على مرجعيات فنية وجماليه ساعدتها على إضفاء طابعا خاصا في تجربتها الشعرية‪.‬‬
‫ـ ـ ـ لقد جعلت الشاعرة هاجر علي الحقول الداللية سببا في إيجاد عالقات ناظمة جديدة بين‬
‫عناصر الحقل الداللي الواحد فتلك العناصر ترتبط بين الحقول الداللية فلم تكتف بإيواء‬
‫‪53‬‬
‫خاتمة‬

‫العالقات األساسية ضمن هذا الحقل بل خلق ت عالقات جديدة وهذا ما وقفت عليه من خالل‬
‫األمثلة الشعرية الموجودة في ديوان "الصراخ" ‪.‬‬
‫_ وفي الختام أملي أن يكون هذا البحث أفاد ولو بالنزر اليسير‪ ،‬محاولة في ذلك اإللمام‬
‫واإلحاطة بجمالية اللغة الشعرية في هذا الديوان‪ ،‬علما أني لم أتمكن من محاصرة هذه الجمالية‬
‫محاصرة تامة وكاملة‪ ،‬الن موضوع اللغة متشعب ومتسع‪ ،‬وقد تكون هذه النتائج بداية لطرق‬
‫أبواب أخرى وخوض مغامرات جديدة في ميدان جمالية اللغة الشعرية عند "هاجر علي"‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫قائمة املصادر‬
‫واملراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫_ القرآن الكريم (برواية ورش عن اإلمام نافع)‪.‬‬


‫أوال المصادر‪:‬‬
‫‪ _0‬هاجر علي‪ ،‬ديوان "الصراخ"‪ ،‬طباعة دار الكتب والوثائق‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‪.5109 ،‬‬
‫ثانيا المراجع‪:‬‬
‫‪ _1‬العربية‪:‬‬
‫‪ .0‬إبراهيم عبد المنعم إبراهيم‪ ،‬بحوث في الشعرية وتطبيقها عند المتنبي‪ ،‬جامعة عين شمس‪،‬‬
‫كلية األسن لألدب‪ ،‬القاهرة‪.5118 ،‬‬
‫‪ .5‬إبراهيم عبود السامرائي‪ ،‬األساليب اإلنشائية‪ ،‬دار المناهج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫ط‪.5118 ،0‬‬
‫‪ .4‬ابن جني‪ ،‬الخصائص‪ ،‬ج‪ ،0‬تح‪ :‬دمحم علي النجار‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫دت‪.‬‬
‫‪ .3‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،0‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬باب الغاء‪ ،‬ط‪ ،4‬دت‪.‬‬
‫‪ .2‬بدوي طباته‪ ،‬معجم البالغة العربية‪ ،‬دار المنارة‪ ،‬جدة‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪.0988 ،4‬‬
‫‪ .2‬بكري شيخ األمين‪ ،‬البالغة العربية في ثوبها الجديدة‪ ،‬ج‪ ،0‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪.0929 ،0‬‬
‫‪ .2‬جابر احمد عصقور‪ ،‬الصورة الفنية في التراث النقدي البالغي عند العرب‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.0995 ،4‬‬
‫‪ .8‬حازم القرطاجني‪ ،‬مناهج البلغاء وسراج األدباء‪ ،‬تح‪ :‬دمحم الحبيب بن الخوجة‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬لبنان‪ ،‬دط‪.0980 ،‬‬
‫‪ .9‬حسن ناظم‪ ،‬المفاهيم الشعرية (دراسة مقارنة في األصول والمناهج)‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪.0993 ،0‬‬
‫‪56‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .01‬حصة البادي‪ ،‬التناص في الشعر العربي الحديث‪ ،‬دار الكنوز المعرفة العلمية‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪.5119 ،‬‬
‫‪ .00‬السيد احمد الهاشمي‪ ،‬جواهر البالغة‪ ،‬تح‪ :‬سليمان الصالح‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪.5112 ،5‬‬
‫‪ .05‬السيد قطب‪ ،‬النقد األدبي (أصوله ومناهجه)‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬سوريا‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .04‬عباس محمود العقاد‪ ،‬اللغة الشاعرة‪ ،‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪.0992‬‬
‫‪ .03‬عبد الرحمان بن دمحم بن عبد هللا‪ ،‬أسرار العربية‪ ،‬تح‪ :‬دمحم الحسين شمس الدين‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.0992 ،0‬‬
‫‪ .02‬عبد السالم دمحم هارون‪ ،‬األساليب اإلنشائية في النحو العربي‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪.5110 ،2‬‬
‫‪ .02‬عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز في علم المعاني‪ ،‬شك و شر‪ :‬غامضة ياسين‬
‫األيوبي‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .02‬عبد هللا خضر دمحم‪ ،‬قضايا الشعر العربي الحديث‪ ،‬دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .08‬علي الجارم ومصطفي امين‪ ،‬البالغة الواضحة (البيان‪ ،‬المعاني‪ ،‬البديع)‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.0999 ،4‬‬
‫‪ .09‬عيسى إبراهيم السعدي‪ ،‬جماليات الشعر العربي على مر العصور‪ ،‬دار المعتز‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪.5119‬‬
‫‪ .51‬قدامة بن جعفر‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬تح‪ :‬عبد المنعم الخقافي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .50‬مبارك اباعزي‪ ،‬مدخل إلى األدب االمازيغي الحديث‪ ،‬مكتبة الفهد الوطنية للنشر‪،‬‬
‫الرياض‪.0349 ،‬‬
‫‪ .55‬دمحم مفتاح‪ ،‬تحليل الخطاب إستراتيجية التناص‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫‪.0982‬‬
‫‪ .54‬مشري بن خليفة‪ ،‬الشعرية العربية (مرجعيات وابداالتها النصية)‪ ،‬دار الحامد للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ .53‬نور الدين السيد‪ ،‬الشعرية العربية (دراسة في التطور الفني للقصيدة العربية حتي العصر‬
‫العباسي)‪ ،‬ج‪ ،0‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ط‪.5102 ،0‬‬
‫‪ .52‬يحي بن حمزة العلوي‪ ،‬الطراز المتضمن ألسرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫دار الكتب الخدوية‪ ،‬مصر‪ ،‬دط‪.0903 ،‬‬
‫ب‪ /‬الغربية‪:‬‬
‫‪ _0‬ارسطو‪ ،‬فن الشعر‪ ،‬تح‪ :‬عبد الرحمان بدوي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ _5‬تزفيطان طودوروف‪ ،‬الشعرية‪ ،‬تر‪ :‬شكري المبخوث ورجاء بن سالمة‪ ،‬دار توبقال للنشر‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.0991 ،‬‬
‫‪ _4‬جون كوهن‪ ،‬النظرية الشعرية (بناء اللغة‪ ،‬اللغة العليا)‪ ،‬ج‪ ،0‬تر‪ :‬احمد درويش‪ ،‬دار غريب‬
‫للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دط‪.5111 ،‬‬
‫ثالثا الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ .0‬شهيرة حمد المراحلة‪ ،‬جماليات اللغة الشعرية (دراسة في ديوان راشد عيسى)‪ ،‬رسالة مقدمة‬
‫الستكمال متطابات الحصول على درجة الماجستير‪ ،‬إشراف‪ :‬األستاذ خليل الرفوع‪ ،‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬جامعة مؤتة‪ ،‬الكرك‪ ،‬األردن‪.5102 ،‬‬

‫‪58‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .5‬عبد الرحمان بن احمد المقري‪ ،‬أسلوب النداء في القرآن الكريم (دراسة تطبيقية في السور‬
‫المكية) ‪ ،‬رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في اللغة العربية‬
‫وآدابها‪ ،‬جامعة مؤتة‪،‬الكرك‪ ،‬األردن‪.5112 ،‬‬
‫‪ .4‬علجية مودع‪ ،‬النص الصوفي وفضاءات التأويل‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫النقد العربي‪ ،‬إشراف‪ :‬صالح مفقودة‪ ،‬جامعة دمحم خيضر‪ ،‬بسكرة‪.5101 ،‬‬
‫‪ .3‬دمحم بلعباسي‪ ،‬شعرية القصيدة الجزائرية المعاصرة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫األدب العربي‪ ،‬إشراف‪ :‬عز الدين الباي‪ ،‬جامعة احمد بن بلة‪ ،‬وهران‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.5102/5103‬‬
‫رابعا المجالت‪:‬‬
‫‪ .0‬احمد حاجي‪ ،‬مصطلح اللغة الشعرية (المفهوم والخصائص)‪ ،‬مجلة مقاليد‪ ،‬العدد‪،9‬‬
‫ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديسمبر‪.5102‬‬

‫‪59‬‬
‫فهرس‬
‫املوضعات‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫شكر وتقدير‬
‫االهداء‬

‫مقدمة‪.......................................................... ........................‬أ‪-‬ج‬

‫مدخل‪2-2........................................ .........................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اللغة الشعرية ‪54-9 ........................................................‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬ماهية اللغة الشعرية ‪9 .....................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية اللغة ‪9 ..............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف اللغة لغة ‪9 ...................................................................‬‬
‫تعريف اللغة اصطالحا‪01 ............................................................... :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ماهية الشعرية ‪01 .........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف اللغة الشعرية لغة ‪01 .........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف الشعرية اصطالحا ‪00 .......................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إرهاصات اللغة الشعرية ‪05 ................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إرهاصات اللغة الشعرية عند الغرب ‪05 .....................................‬‬
‫أوال‪ :‬الشعرية الغربية القديمة ‪05 ...........................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشعرية الغربية الحديثة ‪04 ..........................................................‬‬
‫‪ 0‬ـ تزفيطان طودوروف )‪04 ....................................... :(Tzvetan Todorov‬‬
‫‪5‬ـ ـ جون كوهن )‪04 ..................................................... :(John Cohen‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ارهاصات اللغة الشعرية عند العرب‪03....................................................‬‬

‫‪61‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬الشعرية العربية القديمة ‪03 ...........................................................‬‬


‫‪ 0‬ـ حازم القرطاجني‪03 .................................................................. :‬‬
‫‪ 5‬ـ الخليل بن احمد الفراهيدي‪02 ......................................................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشعرية العربية الحديثة ‪02 ..........................................................‬‬
‫‪0‬ـ ـ عباس محمود العقاد‪02 .............................................................. :‬‬
‫‪ 5‬ـ علي احمد السعيد‪08 ................................................................. :‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬سمات اللغة الشعرية وخصائصها ‪09 .......................................‬‬
‫أوال‪ :‬االختالف ‪09 ........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬المفارقة ‪09 .........................................................................‬‬
‫ثلثا‪ :‬اإليحائية‪51 .........................................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬االرتباط ‪50 ........................................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬النسيج اإليقاعي‪55 ...............................................................‬‬
‫سادسا‪ :‬التصوير ‪55 ......................................................................‬‬
‫سابعا‪ :‬خصوصية التركيب ‪55 ............................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مكونات اللغة الشعرية في ديوان "الصراخ" للهاجر علي ‪20-52...............‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المعجم الشعري ‪52 ........................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حقل الوطن ‪59 ...........................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حقل المرأة ‪40 ............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مكونات التركيب ‪42 .......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األسلوب الخبري ‪42 .......................................................‬‬

‫‪62‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األسلوب اإلنشائي ‪48 .....................................................‬‬


‫‪ 0‬ـ النداء‪48 ............................................................................ :‬‬
‫‪ 5‬ـ االستفهام‪31 ......................................................................... :‬‬
‫‪ 4‬ـ التمني‪30 ............................................................................ :‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التناص ‪30 ...............................................................‬‬
‫أنواع التناص‪35 ........................................................................ :‬‬
‫‪ 0‬ـ التناص الديني‪34 .................................................................... :‬‬
‫‪ 5‬ـ التناص التاريخي‪33 .................................................................. :‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الصورة الشعرية ‪32 .......................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صورة التشبيه ‪32 ..........................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الصورة االستعارية ‪38 ....................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الصورة الكنئاية ‪39..........................................................‬‬

‫خاتمة ‪23-24.............................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع ‪29-22............................................................‬‬

‫فهرس الموضوعات ‪24-20.................................................................‬‬

‫‪63‬‬
:‫الملخص‬
‫في هذه الدراسة تناولت جماليات اللغة الشعرية عند شاعرة من شاعرات بالد‬
‫ محاولة الوصول للمكون الجمالي‬،"‫الرافدين(العراق) هي هاجر علي من خالل ديوان "الصراخ‬
‫ باإلضافة‬.‫ قديما وحديثا‬،‫ انطالقا من ضبط مصطلح الشعرية ومعانيها عربيا وغربيا‬،‫في عملها‬
‫ بعدها بينت العالقات التي تجمع وحدات الكالم المختلفة من‬،‫إلى إبراز سماتها وخصائصها‬
‫ كما تطرقت إلى مكونات التراكيب‬،‫خالل الحقول الداللية ودورها في خلق العناصر الشعرية‬
‫ وفي األخير توجت بحثي بخاتمة حوت على‬،‫ التناص‬،‫ أساليب إنشائية‬،‫من أساليب خبرية‬
.‫مجموعة من األفكار األساسية التي استخلصتها من هذه الدراسة‬

Resume:
in this study , I dealt with aesthetics of the poetic language of one of
the poets without AlRafidain (Iraq), hajar Ali, through the Scream book,
an attempt to reach the aesthetic component in her work, based on the
control of the term poetic and its Arab and western meanings, ancient
and modern, in addition to highlighting its features and characteristics,
then showed the relationships that combine the different units of
speech the different units of speech through semantic fields and their
role in creating poetic elements, and also touched on the components
of structures from declarative methods, components methods,
intertextuality, and finally my research culminated in a conclusion on a
set of basic ideas that l extracted from this study.

You might also like